قمة إسلامية في مرحلة خطرة
مقدم الحلقة: | غسان بن جدو |
ضيوف الحلقة: |
علي عبد الله صالح: الرئيس اليمني |
تاريخ الحلقة: | 18/10/2003 |
– جدوى القمم الإسلامية في زمن التقلبات الدولية
– إصلاح الجسد العربي إصلاح للأمة الإسلامية بأسرها
– أولويات العالم الإسلامي في ظل حالة الضعف الذي يعيشه
– أسباب الإحباط الذي تمر به الأمة الإسلامية
– موقع الملف الفلسطيني في قمة بوتراجايا
– مقاطعة الإعلام الأميركي لأخبار القمة الإسلامية
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين، سلام الله عليكم، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (حوار مفتوح).
هذه المرة أحدثكم من (بوتراجايا) العاصمة الإدارية لماليزيا.
بوتراجايا احتضنت القمة الإسلامية العاشرة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، قمة بدت قديمة جديدة.
الوجوه قديمة جديدة إلا ما ندر.
الخطاب قديم جديد إلا ما ندر.
الملفات قديمة جديدة إلا ما ندر.
التوصيات قديمة جديدة إلا ما ندر.
الإطار العام -باختصار شديد- قديم جديد إلا ما ندر.
النادر الأساسي في هذه القمة أن الزمن غير الزمن، والعالم غير العالم، والتقلُّبات الدولية غير التقلبات الدولية.
باختصار شديد العالم الإسلامي -كما يقول عدد كبير من القادة- يجد نفسه هذه المرة في واحدة من أخطر مراحل التاريخ الإسلامي انحطاطاً، ويقولون أيضاً تمزقاً.
هل أن الأولويات التي تطرحها الشعوب الإسلامية وجدت ذاتها في قمة بوتراجايا؟
هل أن الهموم التي يطرحها أي مواطن عربي ومسلم وجدت ذاتها في خطابات وتوصيات قادة الدول الإسلامية؟
هل أن الملفات الكبرى التي تعتبر تحديات أساسية للعالم الإسلامي كانت حاضرة، ولكن حتى وإن كانت حاضرة هل أن.. هل أن إجابتها كانت على مستوى هذا التحدي، ولاسيما ما يتعلق بالملف الفلسطيني والعراقي، طبعاً إذا أضفنا إلى ذلك قضايا الإرهاب ما يُسمى بالإرهاب، قضية الحريات العامة والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية، والرفاه الاجتماعي؟
هل أن هذه القضايا الأساسية وجدت ذاتها في قرارات عملية، أم هي مجرد توصيات كما كان في السابق؟
المهم من بوتراجايا ولأن فارق التوقيت يفرض علينا أداءً معيناً بين بوتراجايا بين ماليزيا ومكة المكرمة أكثر من خمس ساعات، أي في فجر هذا اليوم كان صعباً علينا أن نستضيف شخصيات أساسية، ونحن في.. في وقت تجاوز الثالثة بعد منتصف الليل، لذا حلقتنا استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، سجَّلنا عدة لقاءات مع شخصيات أساسية، ولكن مع ذلك سنحاول أيضاً أن نؤطِّر هذه الحوارات واللقاءات التي أجريناها مع بعض التحليل هنا في بوتراجايا.
[فاصل إعلاني]
جدوى القمم الإسلامية في زمن التقلبات الدولية
غسان بن جدو: أول من نتشرف باستضافته هو فخامة الرئيس اليمني الرئيس علي عبد الله صالح. فخامة الرئيس، أولاً: مرحباً بكم. سيدي، بصراحة، هل أن هكذا قمم.. قمم إسلامية لا تزال لها جدوى عالمية خاصة في زمن التقلبات الدولية؟
علي عبد الله صالح: أعتقد إن ما من شك إن القمة الإسلامية أو أي قمة عربية أو عدم الانحياز هو كل العالم أو الأمة تتطلع إلى أن تخرج بقرارات إيجابية، لكن للأسف الشديد هي نفس القرارات وهو نفس الخطاب القديم، ليس هناك شيء جديد، نحن كنا نتطلع من هذا المؤتمر أو من المؤتمر الذي سينعقد فيما بعد أن يخرج بجملة من القرارات، ألا وهو مقاطعة أو تجميد أو قطع علاقة مع الكيان الإسرائيلي من العالم الإسلامي بصفة خاصة، إنه إذا ما فُرضت عقوبات على إسرائيل من العالم العربي والإسلامي، كيف ننتظر أن تفرض عقوبات على المجتمع الصهيوني من المجتمع الدولي الآخر؟ إذا كان العرب والمسلمين وهم المتضررين من الكيان الصهيوني أرضهم محتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، والأقصى يرزح تحت وطأة الاحتلال، والإرهاب الصهيوني يجول.. يصول ويجول بطائرات الـ F16، والأباتشي على المواطنين الأبرياء في غزة، في القطاع، في كل مكان، الأراضي في سوريا، كيف.. ما هو الإرهاب؟ أي إرهاب أكبر من هذا الإرهاب الصهيوني؟ إذا كان هناك أعمال فردية للمتطرفين الإسلاميين والذين نسميهم بالإرهابيين هو حصيلة.. حصيلة من.. من.. من التعبئة الخاطئة التي تبناها الاستخبارات الدولية والمخابرات الإسرائيلية أثناء الحرب الباردة، فهادول همَّ ثمرة من ثمارهم، فنحن ندفع ثمن هذا التطرف، وهمَّ استقوا معلوماتهم وثقافتهم من الكيان الصهيوني، فنحن نتطلع إلى أن.. كنا نتطلع إلى الخروج بقرارات لمقاطعة إسرائيل، تجميد العلاقات مع إسرائيل، فرض عقوبات على إسرائيل، طرد إسرائيل من الأمم المتحدة، لأنه لماذا نقول طرد إسرائيل من الأمم المتحدة إذا كانت هذه المؤسسة الدولية التي تسمى الأمم المتحدة ويستظل الناس بظلها، واتخذت جملة من القرارات ضد إسرائيل لا يُنفَّذ منها قرار، الأرض مقابل السلام ما تمش، اجتماع مدريد لأ ما تمش، خارطة الطريق ما تمتش، المبادرة العربية ما تمتش، كلها ضربتها إسرائيل عرض الحائط، ماذا نتوقع؟ إذن لابد من فرض عقوبات لكي تردع إسرائيل، إحنا لا نقول الحرب، لا يُفهم من هذا الكلام إن إحنا نقول حرب، لكن الحرب هو أنواع، الحرب اقتصاد، الحرب سياسة.
غسان بن جدو: هي مواجهة.
علي عبد الله صالح: هي مواجهة، مش الحرب المدفعية والآليات، لكن هذا.. إذا كنا نتضرر من الكيان الصهيوني فلابد أن يكون لنا موقف عربي إسلامي واضح ودقيق، تجميد العلاقات، فرض عقوبات، مقاطعة الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، أولاً: نقاطع إسرائيل نحن كأمة عربية وإسلامية كيف ننتظر الاتحاد الأوروبي أم منظمة الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي، أو أي اتحاد منظمة دولية أن تقف معانا ضد إسرائيل في الوقت الذي إحنا نركض وراء التطبيع مع إسرائيل، وخاصة فيه دول إسلامية وعربية لا ينبغي أن تُطبع مع إسرائيل، يعني إذا عجزنا إنه الدول المجاورة للضرورة.. الدول المجاورة للضرورة وهو ما حدث حول اتفاقية (كامب ديفيد) أم حق وادي عربة، هذه هي ضرورة، أنا ليس بأقول أنها مهمة، هي ضرورة، لكن مثلاً سوريا لم تطبع علاقاتها، بتقول سوريا: حتى تنسحب إسرائيل من الجولان، وكذلك لبنان يقول: حتى تنسحب إسرائيل مما تبقى من.. من الجنوب، هذا هو الموقف الصحيح.
إصلاح الجسد العربي إصلاح للأمة الإسلامية بأسرها
غسان بن جدو: أنت محق -فخامة الرئيس – عندما تقول إنه ربما كيف.. بعبارة أخرى كيف نطالب من العالم الإسلامي أو حتى من العالم الغربي أن يتصرف هكذا مع إسرائيل، والحال أن الجسم الرئيسي للأمة العربية له علاقات مع إسرائيل، ولكن هذا يدفعنا إلى سؤال آخر: بصراحة فخامة الرئيس أنت أشرت الآن في خطابك إلى أن العالم العربي، حقيقة نحن سمعنا هنا من مسؤولين غير عرب في قمة ماليزيا في بوتراجايا هنا الذين تحدثوا إلينا بشكل صريح، العلة الأساسية في جسم الأمة الإسلامية هو الجسم العربي، قالوا لنا بشكل صريح: ليترك العرب خلافاتهم جانباً وستصلح أو سيصلح واقع أمتنا، هل توافق على هذه المسألة؟
علي عبد الله صالح: هذا صحيح، ليه؟ لأنه انعدام الثقة داخل الأسرة العربية، كل واحد يخاف من الآخر،كل واحد يخاف من جاره، لن توجد ثقة، لو صارت ثقة وتعمقت الثقة بين الأقطار العربية نفسها وأقلعوا.. وأقلعوا أقول أقلعوا عن تآمرهم على بعضاتهم البعض، والكبرياء على بعضاتهم البعض والاستهانة بالآخرين على بعضهم البعض لما وصل هذا الهوان في الوطن العربي، أنا دعوت إلى.. دعت اليمن إلى.. إلى.. إلى اتحاد عربي وتفعيل العمل العربي المشترك تطويراً لعمل الجامعة العربية في الوقت الحاضر، لأنه بهذه الآلية التي تمر بها الأمة العربية وآلية الجامعة أصبحت قديمة مثل الخطاب السياسي الذي سمعته في القمة العربية في شرم الشيخ، أو سمعته في الدوحة، أو سمعته في ماليزيا، هو نفس الخطاب السياسي الذي خاطبه بعد في الستينات، إدانة إسرائيل، الشجب، الإدانة، الاستنكار، شجب وإدانة واستنكار، أكثر من هذا ما فيش، ويطالب السلام، قدَّمنا مشروع عربي للسلام، ما حدش عبَّرنا ولا حد شافنا، ولا حد قال فين إحنا، على التو مباشرة ونحن خارجين من بيروت قامت إسرائيل باجتياح الأراضي العربية في فلسطين.
غسان بن جدو: طب اسمح لي..
علي عبد الله صالح: هذا كان الرد على مشروعنا العربي في بيروت.
غسان بن جدو: طب اسمح لي فخامة الرئيس طالما أنت تنتقد هؤلاء، ما الذي كان جديداً في خطابك؟
علي عبد الله صالح: خطابي أنا؟
غسان بن جدو: نعم.
علي عبد الله صالح: نفس الخطاب، ما.. ما إحنا متأثرين ببعضاتنا، تقدر أقول أكثر، لكن هذا خطابي الآخر، أما خطابي الروتيني فقد وزعته، فلأنه لم تُتح لي الفرصة نتيجة لضيق الوقت، فوزعت الخطاب، وهو نفس الخطاب نفسه الإدانة، الشجب، إسرائيل هي وراء الإرهاب، وهذا، هو نفس الخطاب، لكن خطابي الجديد الذي أقوله الآن (للجزيرة) هو خطاب يختلف عن ما هو مكتوب، وعبر التقليد المتعارف عليه.
غسان بن جدو: يعني أنتم فيما بينكم مجاملات؟
علي عبد الله صالح: هذا هو.. وليش وصلنا للهوان في الوطن العربي؟ هو نتيجة للمجاملات، يعني كل واحد يجامل الآخر وهو يضمر شيء ثاني، لو كان فيه وضوح وصراحة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
غسان بن جدو: لماذا أنت صريح فخامة الرئيس؟
علي عبد الله صالح: نعم؟
غسان بن جدو: لماذا أنت كثيراً صريح؟
علي عبد الله صالح: أنا أصلاً تعودت نفسي.. عودت نفسي أقول هذا الكلام، لأنه ما شيء أخاف عليه، لا منصب أنا أخاف عليه، ولا مال أخاف عليه، ولا شيء أخاف عليه، أخاف على هذه الأمة من هذا الوهن وما تروه تتعرض إليه من إساءة ومن إهانة من أعدائها، وهي بإمكانياتها البشرية والثقافية وتراثها الحضاري والسياسي والاقتصادي لتستطيع أن تكون أمة وهي خير أمة أخرجت للناس.
أولويات العالم الإسلامي في ظل حالة الضعف الذي يعيشه
غسان بن جدو: في هذا الإطار، ما الذي تراه أولويات للعالم الإسلامي؟ هل هي قضية الإصلاح السياسي بمعنى الديمقراطية والحريات، تنمية اقتصادية، إصلاح ثقافي، ما الذي تراه بالتحديد في الأولويات؟
علي عبد الله صالح: هي كلها منظومة متكاملة، ما.. ما يمكنش تكون ديمقراطية بدون اقتصاد، ولا يمكن اقتصاد بدون ديمقراطية، هي كلها وثقافة، لابد أن تكون كلها منظومة متكاملة، ما ينبغيش أننا نجد خطاب..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: لكن ما هي الضرورة العاجلة (..) لهذه الشعوب العربية والإسلامية؟
علي عبد الله صالح: خطاب.. أولاً: نؤسس.. أولاً: نبدأ بتأسيس التضامن العربي، الخطاب السياسي الموحَّد، ثم نأتي نبحث جملة من القضايا، التكامل الاقتصادي، السوق.. السوق.. السوق الإسلامية أو السوق العربية الإسلامية يعني أي، التكامل الاقتصادي لكن أولاً: ثبِّت المبادئ، ماذا تريد من هذه القمم؟ ماذا تريد من قمة.. القمة العاشرة في ماليزيا؟ ماذا تريد تخرج منها؟ نعم، نريد أن نخرج بقرارات إدانة إسرائيل، ومقاطعة إسرائيل، تجميد العلاقات مع إسرائيل، إيقاف أي تعامل مع إسرائيل هذا جزء من الضغط، مجرد أن العرب خذوا موقف تجميد النفط، تجميد النفط لمدة ثلاثين يوم عندما هددت إسرائيل باجتياح منزل أبو عمار انفرجت وراح الانفراج على أبو عمار، ما بالك إحنا طبعاً ناس تقول النفط إحنا المستفيدين وناس يقولوا هو سلاح من الأسلحة، هو.. هو.. هو سلاح من أسلحة المواجهة النفط.
غسان بن جدو: برأيكم ممكن الاستفادة الآن من هذا السلاح سلاح النفط؟
علي عبد الله صالح: يعني يستفاد منه، هو استفاد منه، هو..
غسان بن جدو: هل ممكن الاستفادة منه؟
علي عبد الله صالح: يستفاد منه، لكن آخر من نتكلم عنه النفط، أولاً: فيه المواجهة السياسية، المواجهة الاقتصادية مع إسرائيل، المواجهة السياسية عندما نقول المواجهة السياسية، المواجهة السياسية: إيقاف التطبيع وقطع العلاقات والتعامل مع الشركات ومع الكيان الصهيوني، أنا لا أقول قطع العلاقات، تجميدها وتوقيفها حتى تنصاع إسرائيل للقرارات الشرعية الدولية وللمبادرات التي قدمت سواء خارطة الطريق أو المبادرة العربية.
غسان بن جدو: عفواً فخامة الرئيس، أنت في سياق حديثك أشرت إلى ما سميته بظاهرة الإرهاب في العالم العربي، لاحظت بأنك صدَّرت قضية الإرهاب إلى جهات خارجية وربما حتى إسرائيلية، ولكن بشكل صريح ألا تعتبر بأن بيئتنا نحن العربية والإسلامية هي التي احتضنت وأوجدت هكذا عمليات يسمونها بالإرهابية؟
علي عبد الله صالح: تمام، لو تعود.
غسان بن جدو: يعني سياسات الحكومات في..
علي عبد الله صالح: لو تعود بذاكرتك إلى.. إلى.. إلى قبل انهيار الاتحاد السوفيتي الدفع شوية إلى الخلف، هذا كان الدفع من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، وذلك أثناء الحرب الباردة تربية هؤلاء الإسلاميين لمواجهة المد الشيوعي، وانتقلت هذه الفئات بدعم عربي وإسلامي وأوروبي وأميركي إلى أفغانستان، وذهبوا هؤلاء الشباب وتربُّوا هذه التربية الخاطئة تحت.. تحت مرأى واطِّلاع المخابرات الأميركية والأوروبية والإسرائيلية، وعادوا إلينا يعملوا لنا هذه المشاكل، فاقتلب السحر على الساحر.
غسان بن جدو: يعني تعتقد إنه غياب الديمقراطية والحريات..
علي عبد الله صالح: جزء.. جزء.. جزء.. جزء واحد.. واحد منها، هي واحدة من العوامل غياب الديمقراطية، لكن مش إنها هي الأساس.
غسان بن جدو: طيب هذا كلام للشعوب، ولكن كلمة للقادة من فضلك؟
علي عبد الله صالح: والله أنا أدعو أنفسنا كقادة عرب.. عرب ومسلمين أن نخاف الله في شعوبنا وأن نوحِّد كلمتنا، وأن نوحِّد صفنا، وأن نواجه هذا التحدي بتحدي، ولا ينبغي أن نطأطئ، ينبغي على العرب والمسلمين أن يرفعوا رؤوسهم أمام شعوبهم وأمام العالم الآخر لكي العالم الآخر يحترمنا نحترم أنفسنا. شكراً.
غسان بن جدو: شكراً فخامة الرئيس.
[موجز الأخبار]
غسان بن جدو: حقيقة في هكذا قمم ربما من الأمور الأساسية التي ينتظرها الرأي العام العربي والإسلامي، أي مواطن كان هو أن يجد ذاته في خطاب القادة، خطابات القادة عادة نسمعها عبر الشاشات، نقرأها عبر.. عبر الصحف، المواطن العربي، المواطن المسلم قد لا يجد فيها شيئاً جديداً، (الرئيس اليمني) علي عبد الله صالح كان صريحاً في هذه المسألة.
المشكلة هنا ما هي الأولويات، ثمة أولويات تختلف بين القادة وبين بعض الشعوب، تختلف بين بعض الحكام وبين بعض النخب، هنا في قمة بوتراجايا هل أن قادة الدول الإسلامية حددوا أولويات أكانت الأولويات السياسية بمعنى الحريات، الديمقراطية، حقوق الإنسان، أم هي التنمية الاقتصادية، أم هي الإصلاح الثقافي والمعرفي والتربوي، ربما الرئيس.. رئيس الوزراء الماليزي (مهاتير محمد) كان أكثر القادة صراحة في هذه المسألة، تحدث بصراحة تامة عن الأولوية الاقتصادية، عن التنمية الاقتصادية، لكنه في الوقت نفسه تحدث عن أن هذا الأمر ينبغي أن يكون متلازماً مع إصلاح سياسي حقيقي، لكن ما تميَّز به مهاتير محمد بشكل جريء هو حديث صريح، والواضح إذا جزء من الغرب ولاسيَّما الولايات المتحدة الأميركية قد.. ربما مهاتير محمد لم يسمِّها بشكل صريح لاعتبارات معينة مفهومة، ولكن بوصلته كانت واضحة، لنسمع رأي بعض الذين استضفناهم حول أولويات العالم الإسلامي في هذه المرحلة بالتحديد.
معالي الوزير جان عبيد، هل نحن بالفعل ممزقون، العالم الإسلامي ممزق في واحدة من أسوأ مراحل تاريخه من انحطاط، صحيح هذا أم لا؟
جان عبيد: يعني من.. يعني من باب الإنكار القول بأننا لا نعيش زمن انحطاط قياساً على ماضي هذه الأمة وقياساً على طموحاتها وعلى قدراتها، نحن في زمن تدهور وانهيارات كبرى، ولعلَّ جانباً مهماً من خطاب الرئيس مهاتير محمد وضع يده على أسباب هذا التخلف الذي هو كان في سوء التفسير للدين أكثر مما هو كامن في روح الدين، وفي الدين آيات وحالات لجميع الأحوال وجميع الأزمنة، وفيه أيضاً إعمال للعقل.
الذي سمعته من الرئيس مهاتير محمد هو محاولة للتوفيق بين أمرين يتضمنهما الدين، وهما: العقل والإيمان، العلم والعصر، الأصالة والحداثة، هذا الجانب في كلام الرئيس مهاتير محمد يضاف إليه جانب أعتقد أنه كان يمكن، يعني إضافته وهو نوافذ وأبواب الإسلام على سائر الأديان، هناك نقاط مشتركة عديدة وقيم مشتركة ومعاني مشتركة بين الإسلام وسائر الأديان، وهو.. وأساساً في الذكر الحكيم في أكثر من مكان: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُـلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)، لأنه هناك رسل ورسالات وكتب سماوية أخرى في أقطار ومذاهب وأديان وأزمنة أخرى يَلِجُ إليها الإسلام من.. من باب اللقاء ومن باب القضايا المشتركة والهموم المشتركة والأهداف المشتركة، أعتقد هذا الجانب يكمل ما أراده الرئيس مهاتير محمد من إعطاء صورة إلى واقعنا ومرتجانا إلى انحطاطنا وعناصر القوة والتقدُّم الكامنة فينا.
غسان بن جدو: إذا أردنا أن نتحدث عن الأولويات المطلوبة للعالم الإسلامي في المرحلة المقبلة، كيف يمكن أن نحددها، إصلاح سياسي، اقتصادي، ثقافي، تسلح؟
جان عبيد: أعتقد أنه لابد من التزويج بين أمرين، كما سبق وقلت: العلم والإيمان في آن واحد، وفي أكثر من مكان "العلماء هم ورثة الأنبياء"، وهنا عندما نتحدث عن.. عن العلوم تتحدث عن إعمال العقل وعن بقاء روح الإيمان والحمية والحرارة والبعد الإنساني في الدين.
لابد من توفيق آخر بين الحرية وهي مسألة الديمقراطية في غالبية الدول الإسلامية وبين العدالة، هذا الأمر التوفيق بين الحرية والعدالة كامن في الدين وفي روح الدين، إنما في الأنظمة التي ترفع أحياناً شعارات الدين أو يافطات الدين أو حتى في خلافها من الأنظمة الاستبدادية لا تقارب هذا الموضوع من باب كيفية التوفيق بين الديمقراطية السياسية وبين العدالة الاجتماعية وهي..، وكلاهما متمِّمان للآخر، إذ أنهما يعبِّران عن محتوى الروح الإنسانية من بعد روحي ومن.. من حالة مادية.
غسان بن جدو: طرحتم هنا بشبه إجماع تقريباً وبإجماع على قضية مكافحة الإرهاب، هناك من يتساءل أين المقاومة في هذا الطرح؟
جان عبيد: أعتقد أن هذا الأمر يلزمه خطٌّ فاصل بين الإرهاب الذي يتكسب ويتوثب للوصول إلى أي هدف من الأهداف بمرور.. في مروره بقتل النفس البريئة وبين المقاومة التي هي نتيجة.. نتيجة الظلم والاحتلال، حيثما هنالك احتلال وظلم الرد عليه يكون أحياناً من.. من صنفه من صنف التصدي، وهو ليس لا يستعمل وسائل الإقناع للرد عليه بوسائل الإقناع فقط، فالمقاومة هي التزام أدبي وأخلاقي في وجه قوة غاشمة ومتغطرسة سالبة للحقوق مقيمة على الظلم، وأما الإرهاب فهو الذي يستهدف الأنفس البريئة التي حرَّم الله قتلها في أي دين.. دين أو شرع.
غسان بن جدو: سيد هوشيار زيباري، ثمة من يقول إنه ما حصل في العراق جسَّد انحطاط وعدم جدوى العالم الإسلامي، هل توافق هذا الرأي؟
هوشيار زيباري: حقيقة أنا لا أوافق على هذا الرأي، لأنه فيه تجنِّي أيضاً على بعض الحقائق، نعم هناك أزمة في العالم الإسلامية تتعلق بوحدته، بقدرته على التأثير في الأوضاع العالمية والإقليمية والاقتصادية في العالم رغم هذه القوة الهائلة والكبيرة يعني مليار و300 ألف.. 300 مليون، تصور قوة هائلة جداً في هذا العالم، المشكلة ليست في العراق في الحقيقة، أعتقد إنها بدأت في.. قبل ذلك، لكن إذا رجعنا إلى التاريخ الحديث في رأيي الشخصي أعتقد بأن أزمة العالم الإسلامي بدأت في 11 أيلول/سبتمبر وذلك لإخفاق الدول الإسلامية والعلماء والمثقفين الإسلاميين على توضيح حقيقة الإسلام إلى العالم، هذا الدين دين التسامح والمحبة والألفة والتقدم والأخلاق، للأسف الشديد هناك محاولات تجري لتحريف هذا الدين الحنيف عن هذه القيم السامية، وتفسيرها بما يتناسب مع برامج وأجندات لهذه المجموعة أو تلك، في اعتقادي الأزمة بدأت هناك.
غسان بن جدو: لكن.. لكن..
هوشيار زيباري: وما حصل في العراق هو نتيجة كان لهذا الوضع. نعم.. نعم.
غسان بن جدو: يعني بمعنى آخر ليس العراق هو المتسبب في هذه الأزمة، لكن العالم الإسلامي لنكن.. لنكون صريحين يعني صريحين.. وقف عاجزاً تماماً عن أي تأثير فعلي فيما يتعلق بالملف العراقي.
هوشيار زيباري: كلام صحيح، لكن العالم الإسلامي وقف عاجزاً حول فلسطيني، يعني منذ 48 إلى الآن، يعني هذا لا يمكن أن نأخذه كمعيار، فأعتقد إنه الأزمة أعمق من هيك إنه تبسيطها واختصارها في أزمة العراق، لأن فيه.. فيه تجني في اعتقادي.
غسان بن جدو: هناك من يقول أن قضية حوار الأديان ربما كانت نقطة غائبة في هذه القمة، أنت ككردي ومسلم بطبيعة الحال، هل أنتم تجدون أنفسكم أكثر في العالم الإسلامي منه ربما في العالم العربي؟
هوشيار زيباري: لا.. لا، بلا شك نحن في العالم نعيش في العالم الإسلامي ونحن جزء منه، نحن نعيش في بيئة عربية بالتأكيد ونتفاعل معها، ونعيش في العراق الذي هو وطننا جميعاً، جميع العراقيين سواء عرب وكرد، نعم نحن أيضاً شعرنا -حقيقة- بغياب تأكيد أو تركيز على حوار الأديان، القادة في الجمهورية الإسلامية طرحوا حوار الحضارات قبل فترة ومدة أو حوار الأديان، هذه نقطة مهمة جداً، ولكن تحتاج حتى ضمن العالم الإسلامي أيضاً إلى عقد حوارات بين الطوائف والفئات المختلفة في العالم الإسلامي أيضاً.
نعم، كان هناك نقص في هذا الموضوع، نأمل أن يجري تدارك الأمر في.. في المؤتمرات القادمة إن شاء الله.
غسان بن جدو: سألنا البعض ما هي الأولويات المطلوبة للعالم الإسلامي، لكنا نسألكم ما هي الأولويات المطلوبة للعالم الإسلامي وللعراق؟
هوشيار زيباري: حقيقة الأولويات المطلوبة كما جرى التأكيد عليها في كثير من المداخلات والبيانات التي أُلقيت في المؤتمر على وحدة هذا العالم الإسلامي واستنهاض طاقاته وقدراته والعمل.. العمل على التوصَّل إلى صيغ للعمل المشترك وكيفية استخدام هذه القوة الهائلة، حالياً ماليزيا اللي هي تجربة رائدة وناجحة جداً في العالم الإسلامي من حيث التزاوج بين هذه القيم السمحاء للدين الإسلامي وبين العملية السياسية في البلاد في تحقيق نظام ديمقراطي، في تحقيق تقدُّم اقتصادي هائل وجبار في جميع المجالات التقنية والإعمارية والاقتصادية والفنية، حتى أصبح من الدول المتقدمة جداً وبنظام إسلامي حقيقي وملتزم، هذا ما ينقص العديد من الدول الإسلامية التي انشغلت -للأسف الشديد- بالحروب وتبديد الثروات على هؤلاء الطغاة وعلى هؤلاء الدكاترة والناس الذين يعتبرون بأنهم يحتكرون الحقيقة كلها…
غسان بن جدو [مقاطعاً]: أولويات العراق.
هوشيار زيباري: أولويات العراق حالياً هو توفير الأمن، وحقيقة البدء بالعملية الدستورية ووضع مسودة الدستور والموافقة عليه، وإجراء انتخابات، توفير الخدمات إلى الشعب العراقي، لكن الأولوية الأساسية بالنسبة للعراق هو توفير الأمن والنظام العام في البلاد..
غسان بن جدو: السؤال الأخير سيد هوشيار زيباري، هذا أول مؤتمر للعالم الإسلامي تحضرونه، ولكن بشكل صريح إضافة لكون هذه المؤتمرات وخاصة منظمة المؤتمر الإسلامي يجمعوا الناس والقادة ويتواصلون، لكن هل ترى بأن هكذا مؤتمرات لها جدوى فعلية ومؤثرة في العلاقات والتقلبات الدولية أم لا؟
هوشيار زيباري: لا، بلا شك الناس تهتم بمواقف الدول، خاصة عالم اليوم هو عالم التكتُّلات الإقليمية والمتخصصة، فلماذا الاتحاد الأوروبي يكون مؤثراً في.. في القرار العالمي، منظمة آسيان، ولا يكون منظمة.. لا تكون منظمة المؤتمر الإسلامي مؤثرة، مفيدة جداً، وهناك طاقات هائلة جداً أيضاً في.. لا لدى هذه الدول، لكن تحتاج إلى مبادرة وإلى قيادة وإلى برنامج وأولويات تتناسب وتنسجم مع تطور الوضع العالمي والدولي مع التعامل والتفاعل مع العولمة حالياً، كيف يمكن لهذا العالم الإسلامي أن يعمل كفريق في التأثير على القرارات السياسية في مجلس الأمن؟ هذه كلها مفقودة للأسف الشديد وبحاجة إلى مراجعة.
أسباب الإحباط الذي تمر به الأمة الإسلامية
غسان بن جدو: دكتور تويجري، هل يمكن القول إن العالم الإسلامي الآن في أسوأ مراحله في التاريخ المعاصر؟
د. عبد العزيز التويجري: نعم، في هذا العصر الذي نعيشه، هذه فترة جد خطيرة، وأعتقد أن وضع العالم الإسلامي وصل إلى مرحلة من التدني حضارياً ونفيساً، بحيث يمكن القول: إن هذه المشكلة التي يعانيها تمثل لا أقول انهيار وإنما إحباط كامل لكثير من التطلعات والآمال التي كنا نأمل أن.. أن توصلنا إلى.. إلى.. إلى ما.. إلى مستوى أفضل مما نحن فيه اليوم.
غسان بن جدو: من المتسبب بالإحباط؟ نحن الشعوب، نحن الأنظمة، نحن العالم الإسلامي، نحن الثقافة، من المتسبب؟
د. عبد العزيز التويجري: الشعوب ليس لها من الأمر شيء إلا ما ندر، المسؤول عن هذا الإحباط هم القيادات السياسية والفكرية وأصحاب القرار في المجتمعات الإسلامية الذين كانوا دائماً هم الذين يسيِّرون شؤون هذه المجتمعات، ويضعون الخطط لها، ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة من أمورها، ونحن اليوم نفاجأ بأننا عالم متفرق ضعيف، يواجه تحديات حضارية متنامية وخطيرة، وتتعرض ثقافته، بل يتعرض وجوده لأخطار لا نعرف مداها، ولذلك فإن معالجة هذا المشكل الخطير يتطلب وقفة تأمل جادة وإعادة نظر في كثير من الأوضاع التي نعيشها لنؤسِّس لأنفسنا مساراً جديداً نبني على ثوابت حضارتنا ونفيد كل الإفادة من معطيات هذا العصر بشكلٍ كامل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
غسان بن جدو: إعادة النظر لا شك أنها تتطلب تحديد أولويات، برأيكم ما هي أولويات العالم الإسلامي في المستقبل في المرحلة المقبلة، إصلاح سياسي، ديمقراطية، حريات، تنمية اقتصادية، إصلاح ثقافي أو نهضة ثقافية، ما هي بالتحديد؟
د. عبد العزيز التويجري: الإصلاح السياسي أو بشكل أعم إقامة نظام شوري أو ديمقراطي في المجتمعات الإسلامية يتطلب وعياً في أوساط الجماهير، ولذلك لابد من إعادة النظر في مناهجنا التعليمية وفي سياساتنا الثقافية، لأن التربية والثقافة هما اللذان يصنعان فكر الإنسان ووجدانه، ولذلك فنحن مطالبون بأن نعيد النظر في مناهجنا وفي سياساتنا الثقافية والتربوية، لكي نؤسس لبناء أجيال جديدة تؤمن بالانتماء إلى هذا الدين وهذه الحضارة بشكل متفتح وشكل بعيد عن التطرُّف أو بعيد عن الانفلات، وفي الوقت نفسه نعيش العصر بكل تعقيداته، ونفيد من كل ما فيه من عطاءات، وألا يكون هناك أي حاجز يحول بيننا وبين أن نبحث عن الحكمة في أي مكان ومن أي شخص جاءت هذه الحكمة.
غسان بن جدو: العلاقة بين العالم العربي والإسلامي الآن مع الغرب وتحديداً مع الولايات المتحدة الأميركية تبدو غير سوية، ثمة من يجزم بأنها حالة صراع وصدام للحضارتين، ثمة من يجزم بأنها حالة تبعية بالمطلق المرحلة المقبلة الأفق بماذا يوحي لكم؟ مزيد من الصدام أم حوار من نوع ما؟
د. عبد العزيز التويجري: أنا أعتقد أننا لسنا في مواجهة مع الغرب، الغرب متعدد الثقافات والانتماءات السياسية والأيديولوجية، ونحن أعتقد فيه مواجهة مع فئة متطرِّفة في الغرب تريد أن تهيمن على العالم وأن تتحكم في ثقافات ومصائر الشعوب وتوجِّهها لفائدتها فقط.. لفائدة مصالحها بغض النظر عن ما تستفيده هذه الشعوب أو ما تتطلع إليه من فائدة سواء..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: يعني هذه الفئة هي المهيمنة على العالم الآن.
د. عبد العزيز التويجري: نعم، لكن هذه الهيمنة ستزول، لأنها هيمنة وقتية في نظري، فنحن بحضارتنا وبإصرارنا على البقاء وبإصرارنا على أن نطور من أوضاعنا وأن نتجاوز الخلافات التي تمزق الجسد الإسلامي برؤية عقلانية وبروح متسامحة أعتقد أننا سنتجاوز هذه الأزمة، فالأمة مرت بفترات عصيبة في تاريخها، وكانت على وشك أن تُباد بحروب عاتية، وبغزو مباشر، وبتهديد لوجودها ولحضارتها ولثقافتها، ولكنها تجاوزت كل.. تجاوزت كل هذه التحديات وهذه.. هذه الأخطار، ونحن اليوم نستطيع أن.. أن نواجه هذا الخطر الذي نعيشه إذا ما أعدنا النظر في الوسائل التي نستخدمها لمواجهة هذا الخطر.
غسان بن جدو: بصراحة يعني الأفق المنظور الآن مع هذه الفئة هي مرحلة صدام، أم مرحلة تبعية، أم مرحلة حوار؟
د. عبد العزيز التويجري: لا أستطيع أن أجزم بأنها تبعية كاملة أو أنها صدام كامل، هناك تفاوت في المستويات، أعتقد أننا لازلنا ضعفاء، ونحن نحتاج إلى أن نستفيد من الدول الغربية لأنها تملك الصناعات المتقدمة، وتملك الخبرة العلمية والإدارية التي لا.. لا نجدها في كثير من مجتمعاتنا، والدول الغربية دول متقدمة بكل المقاييس، ونحن نحتاج إلى أن نتعاون معها لتطوير أوضاعنا في مجالات الحياة كافة، لكن الذي أراه هو أن هناك صداماً بين جهالات وصراعاً بين جهالات، هناك متطرفون في الجانب الإسلامي ومتطرفون في الجانب الغربي، وهؤلاء هم الذين يريدون أن يحولوا المعركة إلى معركة بين حضارتين وبين ديانتين، ولذلك فإنه من المطلوب السريع الطلب من المثقفين ومن الأحرار في جميع دول العالم مسلمين وغير مسلمين أن يبادروا إلى التعاون الجاد والفاعل لمواجهة هذا التطرف وهذه الجهالة من كلا الطرفين.
موقع الملف الفلسطيني في قمة بوتراجايا
غسان بن جدو: القضية الفلسطينية هي طبعاً قضية القضايا، ملف الملفات، كانت دائماً حاضرة في كل القمم الإسلامية، طبعاً قمة بوتراجايا لم تشذ عن هذه المسألة، لكن هل أن الملف الفلسطيني وجد ذاته في قمة بوتراجايا؟
هل أن الجديد القديم.. القديم الجديد كان أيضاً ما تعلق بالملف الفلسطيني؟
هل أن الشعب الفلسطيني وجد ذاته وأولوياته وما يعانيه بالفعل في قمة بوتراجايا، أم أنه سمع خطابات فقط؟
المهم لنستمع إلى رأي السيد فاروق القدومي (وزير خارجية فلسطين) في هذا الشأن بالتحديد وقضايا أخرى.
بشكل صريح هل أن قمة بوتراجايا وجدتم أنتم كقضية فلسطينية، كملف فلسطيني، كوفد فلسطيني ذاتكم فيها؟ بمعنى هل كانت حاضرة بقوة ولكم آمال في أن تجسد قمة بوتراجايا جزء من طموحاتكم على الأقل؟
فاروق القدومي: أولاً: إن الاهتمام الذي أبدته الوفود هو اهتمام نادر في حقيقة الأمر بعد هذه التطورات التي أخذت مجراها داخل الأراضي الفلسطينية وهذا الصمود الفلسطيني أمام الإرهاب الإسرائيلي.
ثم هناك القرارات التي تقدمنا بها، فكانت مرحبة من جميع الوفود وفد وافقوا عليها دون أي تحفُّظ وبدون أي مناقشة.
ثالثاً: الكلمة التي ألقاها كلمة الافتتاح الرئيس مهاتير محمد، كانت هذه الكلمة كاستراتيجية للعمل للدول الإسلامية، وخاصة خص القضية الفلسطينية بالأولوية في دعم هذه القضية ودعم كفاح الشعب الفلسطيني.
غسان بن جدو: لكن عفواً ما هو الجديد؟ يعني في كل القمم دائماً القضية الفلسطينية حاضرة أيضاً ويتحدثون عنها، حتى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح كنا نتحدث معه قبل قليل، وقال بشكل صريح أن الخطاب الذي سمعناه هنا هو خطاب قديم، يعني مكرر دائماً؟
فاروق القدومي: بالحقيقة على أن فيه هناك خطابات، ولكن يبدو من هذه الخطابات أن الاهتمام أصبح أكثر وخاصة بعد المعاناة المتصاعدة الذي يعانيها الشعب الفلسطيني، وبعد فشل المسيرة السلمية حقيقة الأمر، وهناك رغبة شديدة لدى الأعضاء وقد حدثونا في ذلك، ضرورة إرسال لجنة خاصة للضغط على السلام اللجنة الرباعية المشرفة على خريطة الطريق، ثم الحديث مع الولايات المتحدة ومع الدول الكبرى من أجل القيام بأعمال وبإجراءات تؤدي إلى دعم المسيرة السلمية وحماية الشعب الفلسطيني، وخاصة بالنسبة إلى إرسال قوات دولية من أجل الفصل بين القوتين.. يعني بين الطرفين.
غسان بن جدو: قلتم الآن إن فشل المسيرة السلمية، هل فشلت بالفعل؟
فاروق القدومي: الحقيقة حتى الآن هي مجمدة، وهي في طريق الفشل، عندما نقول فشل فقد مرت المرحلة الأولى، وها هي المرحلة الثانية قد مرت دون أن تُنجز، كان من المفروض على إسرائيل أن تعترف أنها تقبل المسيرة السلمية هذه التي سُميت خارطة الطريق شريطة أن تسحب قواتها هذه أولاً، وثانياً: أن تقوم بوقف الاغتيالات، بإزالة مستوطنات معيَّنة، هذه المعيقات الموجودة في الطرقات وغيرها إزالتها، وأن تعترف أن الحل يقوم على أساس دولتين، دولة فلسطين مستقلة قادرة على الحياة وذات سيادة، وهذا إسرائيل في البداية لم تعلن عنه، مع أننا في العقبة رئيس وزرائنا الأخ أبو مازن أعلن ذلك، ووقف إطلاق النار، وفي نفس الوقت أن يردوا على الهدنة بمثلها، ولكنهم مع الأسف لم يردوا، وهذا يعني على أنهم استمروا في بناء الجدار، بناء المستوطنات، اغتيال القيادات السياسية، إذن هذا دليل أنهم لا يريدون السلام.
غسان بن جدو: على ذكر الجدار أنتم لديكم خريطة هنا ربما كما وضحتوه في القمة، ولكن مفيد أن نستوضحها معكم.
فاروق القدومي: نعم، هذه هي الخريطة.
غسان بن جدو: يعني ربما نستوضح أكثر سيدي.
فاروق القدومي: نعم، انظر إلى هذه الخريطة وهذا هو الجدار، يبتدي من هنا هذه المنطقة البيضاء، بُني حوالي 145 كيلومتر، في المنطقة -أنت ترى- الغربية، هذه المساحات الصفراء هي.. هي يريدون أن يقتطعوها من الضفة الغربية، لأن هذه المناطق هي معروف عنها أن لديها مياه جوفية كثيرة، بالإضافة إلى القدس، كل هذه المنطقة وهذه المنطقة الأمنية أيضاً تحت إداراتهم، معنى ذلك بالإضافة إلى القدس -كما قلنا- أنهم سيأخذون من الضفة الغربية حوالي 58% والضفة الغربية 22% من فلسطين، فأخذوا عام (48) 26%، بالإضافة إلى حصتهم في التقسيم الظالم اللي هو 53، والآن يريدوا من 22 أن يأخذوا 58%..
غسان بن جدو: يعني يبقى لكم حوالي 10%.
فاروق القدومي: نعم. فقط، هذا كل ما.. وهم يريدون ذلك وليس دولة مترابطة، وقالوا ممكن أن تكون كأنما هي قطع متناثرة، أي أنها تربطها جسور وطرق فقط، وليست يعني دولة ملتصقة ببعضها جغرافياً.
غسان بن جدو: طيب سيد فاروق القدومي، كيف حقيقة تقيِّمون الدور الأميركي و(..) الأميركي الآن فيما يتعلق بالملف الفلسطيني؟
فاروق القدومي: الحقيقة أن الدور الأميركي يعطنا من طرف اللسان حلاوة، ولكن بالفعل لا ينفِّذ، فهو دائماً يخشى ألا ينفذ الإسرائيليون، ومن المؤسف أنه يتبنى المواقف الإسرائيلية، فهو يقول لابد أولاً الأمن، أي أننا لابد من تدمير البنية التحتية للمنظمات الفلسطينية حتى لا يبقى لدينا ورقة فنستسلم، بعد ذلك تكون هناك مفاوضات علماً أن خارطة الطريق -كما قلنا- قالت على إسرائيل بعد مؤتمر العقبة.. على إسرائيل أن تعلن قبولها للحل على أساس قيام دولتين، فلم تعلن إسرائيل هذا الأمر، عليها أن توقف العمليات .. الاغتيال، فبدأت باغتيال ليس فقط الناشطين، القيادات السياسية دون أي سبب، لم تقبل الهدنة، وقالت هذه هدنة بين المنظمات، كأن المنظمات هي المتصارعة، إذن هذا تقبله مع الأسف الشديد الولايات المتحدة ونرى خاصة (وولفويتس) هذا الصهيوني في الإدارة الأميركية رجل يكره العرب والمسلمين.
غسان بن جدو: يعني هل لديك أمل أو إمكانية بأن ما يسمى بالجناح اليميني المحافظ المتشدِّد والمتطرف الذي يسيطر على دواليب القرار في الإدارة الأميركية يمكن أن يتفاعل معكم يوماً من الأيام؟
فاروق القدومي: لا أعتقد ذلك، يعني.. يعني أنا متشائم من هذه الناحية، ولكن نقول على أن اليوم الإدارة الأميركية مقبلة على انتخابات، الإدارة الأميركية يعني الولايات المتحدة دخلت في مستنقع في العراق، ولهذا السبب مع قرب الانتخابات، والحملة الانتخابية، والمشاكل التي تجابهها الولايات المتحدة في العراق، فأعتقد أن المسار السلمي في المنطقة -مع الأسف- سوف لا يلقى الاهتمام اللازم لدفع المسيرة السلمية، بالإضافة إلى ذلك اغتنمت الفرصة إسرائيل، واعتدت على سوريا، سوريا التي تحتل أراضيها، تحتل الجولان بدلاً من أن تقوم بمفاوضات سياسية مع سوريا.
غسان بن جدو: هل برأيك المقاومة لا تزال لديها إمكانات على أن تحقق شيئاً للقضية الفلسطينية؟
فاروق القدومي: نعم، إذا نظرنا إلى الصحافة الإسرائيلية فنرى أن الاقتصاد الإسرائيلي قد انخفض 54%، ونرى أن الأحوال النفسية -حسب الصحف الإسرائيلية- بدأت فيها نوع من الاضطراب والقلق، حتى في نومهم، 65% من المجتمع الإسرائيلي، ليست هناك سياحة، وهذه السياحة هي مورد، مورد كبير لهم، بالإضافة إلى ذلك على أن إسرائيل فقدت الأمن تماماً، وأيضاً الهجرة المعاكسة، وقد استمرت هذه الهجرة المعاكسة مرات أكثر مما كانوا يعتقدونه، يعني عندما نقول تقارب المليون أنهم هاجروا، هذا شيء يعني بالفعل تذكره الصحف الإسرائيلية، وتضيف إلى حالة اليأس والإحباط، وهما مثلاً (ماركوس) هذا رجل من الصحافة، من الصحفيين المعروفين، هو و(شليف)، دائماً يكتبون الحقائق في الصحافة.
غسان بن جدو: سؤالي الأخير سيد فاروق القدومي، لا يمكننا صحيح ونحن نتحدث في بوتراجايا عن القمة الإسلامية، ولكن أنت جزء من الجسم الفلسطيني السياسي القائد، وإن كنت من الخارج، هناك من حدثني هنا في بوتراجايا على أنه مشكلتكم من غير العرب، مشكلتنا مع العرب أنهم دائماً يريدون إلقاء خلافاتهم العربية على أنه نحن جسم الغير العربي، هو ما.. ما أثار سلبيات عدة في.. في جسم الأمة الإسلامية، لكن أيضاً هناك داخل الجسم الفلسطيني بعض الخلافات، هناك من ينظر إليها على أنها جزء من التدافع والصراع السياسي الطبيعي والحيوي، ولكن أنت موجود في الخارج، قبل فترة حصلت مشكلة واستقال أبو مازن، الآن يبدو السيد أبو علاء أيضاً ليس راضي عما يحصل، طيب كيف تنظر إلى هذا المشهد الفلسطيني من الداخل وأنت من الخارج بشكل صريح؟
فاروق القدومي: أولاً: صحيح أنا في الخارج، ولكن أيضاً من.. في صلب السياسة الفلسطينية، البعض يعتقد على أن هناك خلافات، علماً بأن هذه منظمة واحدة هي منظمة فتح واللجنة المركزية لحركة فتح، والأخ أبو عمار هو الرجل الأول هذه، وإن كان محاصراً، أولاً: هذه الوزارة الكثير من الناس يعتقد على أن لدينا دولة وسيادة واستقلال، هذه الوزارة محدودة، أي أن المياه في يديهم، الكهرباء في يدهم، الغاز والبترول في يدهم، الاقتصاد في يدهم، الأمن في يدهم، محاصرين للشعب الفلسطيني، ماذا تريد أن تفعل هذه الوزارة؟ هي في إطار محاصر، نحن نريد.
غسان بن جدو: ومع ذلك هناك خلافات على هذا الإطار المحاصر.
فاروق القدومي: لم.. الخلافات ليست حقيقية، ولكن هذه تدخل.. تدل على الديمقراطية الفلسطينية..
غسان بن جدو: كيف ليست حقيقة؟ الخلافات هي ليست مشكلة، ولكن توجد خلافات، حتى يدل (…) ذلك.. اختلفت مع أبو مازن حول منصب وزير الخارجية، لكن ليست هناك مشكلة بالضرورة في جوهر الخلافات.
فاروق القدومي: لم نختلف مطلقاً، ولكن هناك أنظمة وطنية، مثلاً في عام 1988 قال المجلس الوطني أن اللجنة التنفيذية هي بمثابة حكومة في المنفى، واختير أبو عمار رئيساً لها، وفاروق القدومي وزيراً لخارجيتها، القول ولذلك لا يحق لأحد. لأحد.. منا أن يلغي -ولو كانت اللجنة التنفيذية – قرار المجلس الوطني، إلا المجلس الوطني.
غسان بن جدو: أبو عمار يدعمك سيد فاروق قدومي؟
فاروق القدومي: طبعاً نحن الاثنين المؤسسين، مش من السهل.
غسان بن جدو: لأ في هذه القضية بالتحديد يدعمك؟
فاروق قدومي: طبعاً، الأخ أبو عمار بالفعل هو الذي قال: لا.. لابد أن نعود إلى الأنظمة والقوانين والقرارات الأساسية، ولم تكن هناك مشكلة، كان هناك سوء تفاهم، فأفهمناهم على أن أوسلو لم تذكر شيء المعترف بين إسرائيل وبين فلسطين، السلطة الوطنية ليس لها اعتراف، وتقوم منظمة التحرير نيابة عنها، أما إذا كان الرئيس (بوش) يريد رئيس وزراء له صلاحيات، فقط بناءً على رغبته قلنا نعم، يا أخي أبو عمار، فأخي أبو عمار قدم له الصلاحيات من.. من أجل أن يدفع المسيرة السلمية، ولكن شارون -مع الأسف الشديد- وموفاز رفضوا أن يقدموا دعماً لهذا الرجل، وفي نفس الوقت كل ما استلمه من الرئيس بوش هي كلمات دون أن تكون هناك أفعال، وقالها بكل صراحة، فقال في ذلك: أنا لا أستطيع أن أقوم بهذه المهمة، لأن الطرفين الإسرائيلي والأميركان لم يقدموا لي الدعم اللازم، بمعنى أن يضغطوا على إسرائيل لتنفذ ما عليها من التزامات.
غسان بن جدو: شكراً لك سيد أبو اللطف.
فاروق قدومي: حياك الله.
[فاصل إعلاني]
مقاطعة الإعلام الأميركي لأخبار القمة الإسلامية
غسان بن جدو: الإعلام الأميركان يقاطع أخبار القمة الإسلامية العاشرة، خبر بدا مثيرا هنا في قمة بوتراجايا، هذا الخبر التي.. الذي تشاهدونه الآن يقول بشكل مختصر، أن نائب وزير الإعلام الماليزي قال لوكالة الأنباء الوطنية الماليزية إن الإعلام الأميركي لم ينشر أي خبر يتعلق بمؤتمر القمة الإسلامي على الرغم من دخول فعاليات الاجتماع التحضيري لكبار المسؤولين وزراء خارجية دول أعضاء المنظمة في يومها الثاني، فضلاً عن كلمة الدكتور مهاتير الهامة التي ألقاها في الندوة التجارية، إلا أن صحيفة الـ "هيرالد تريبيون" العالمية لم تذكر شيئاً على ذلك، ولو بجملة واحدة، يضيف: إنه لمن المثير للإعجاب أن يقوم الإعلام الأميركي بمقاطعة الأخبار التي تتعلق بمؤتمر منظمة المؤتمر القمة الإسلامي، الذي حضرته سبعة وخمسون دولة إسلامية، تمثل واحد أو مليار و300 مليون مسلم يشكلون ما مجموعه سدس العالم، وقال: هذا دليل واضح عن الموقف الحقيقي للإعلام الأميركي، الذي يدعي الحرية والديمقراطية للصحافة، ينادي بها وأضاف أن الواقع الذي يخيف الإعلام الأميركي هو حضور الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) ومشاركته للدول الإسلامية في مؤتمرها، وفي الوقت نفسه يعتبر الرئيس الأميركي بوش عدواً للدول الإسلامية، وأشار أنه في حالة حصول لقاء بين بوتين وبوش في أميركا فآنذاك سيكون حدثاً إعلامياً كبيراً بالنسبة لأميركا، في حين أن خبر مشاركة بوتين واجتماعه بزعماء العالم الإسلامي، وخاصة رئيس الوزراء الدكتور مهاتير محمد يعد حدثاً صحفياً لا قيمة له.
على كل معنا السيد مجدي بكير، وهو (موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط) سيد مجدي، ما تعليقك على هذا الخبر أولاً؟
مجدي بكير (صحفي): الحقيقة أنا شخصياً يعني لا أستغرب حدوث مثل هذا الأمر من جانب الإعلام الأميركي ضمن ما شهدناه في الفترة الأخيرة من تغيرات كثيرة، بعد أن كنا صباح مساء نسمع كثيراً عن الحرية الإعلامية في الولايات المتحدة، أصبحنا الآن وبعد خلال الفترة الأخيرة نرى ما لم يكن أحد أن يتوقعه، والذي ظلت الولايات المتحدة تلوم الكثير من دول العالم عندما يحدث في دولة.. إذن ما حدث من انقطاع -وفقاً لما قاله السيد نائب وزير الإعلام- هو أمر بالنسبة لي يبدو..
غسان بن جدو: طبيعياً.
مجدي بكير: طبيعياً ومتوقعاً، انسجاماً مع سلسلة ما حدث خلال الفترة الأخيرة من قرارات مماثلة، ومن تغطية الإعلام الأميركي الداخلي لقضايا تتعلق بالعالم العربي والإسلامي وما شابه ذلك.
غسان بن جدو: طيب برأيك كيف كان الجانب الإعلامي في قمة بوتراجايا، هل كانت المعلومات مفتوحة أمام الجميع، أم فقط يعني اضطر الصحفيون أن يعتمدوا أو يتكئوا أكثر على التسريبات إن وجدت تسريبات؟
مجدي بكير: في الحقيقة يعني لا أستطيع أنه كان مفتوحاً 100%، لكنه في حدود ما هو مسموح في مثل هذه المؤتمرات، فأعتقد أن قدراً جيداً من الإتاحة بالنسبة للإعلاميين كانت متوفرة، كانت المادة متوفرة، وفرت ماليزيا مركزاً إعلامياً جيداً لخدمة الصحفيين والعاملين والذين يقومون بتغطية هذا الحدث الكبير، التليفزيون الماليزي كان يبث بعض النشرات باللغة الإنجليزية لخدمة الأجانب، فبشكل عام المعلومات متوفرة، لكن إذا كنت تتحدث عن مؤتمر مفتوح بالمعنى الذي قد يوجد في مؤتمرات أخرى، لا أعتقد أنه كان بهذا الشكل، كان هناك بعض الصعوبة في الوصول إلى المسؤولين والوفود المشاركة في المؤتمر من جانب الجهات المنظمة، وبالتالي كان الأمر يحتاج لصعوبات لتحقيق ما يرنو إليه أي إعلامي بالطبع من الاقتراب من المصدر صاحب الخبر يعني المقصود.
غسان بن جدو: سيد أنور ياسين (إعلامي كويتي)، فيما يتعلق بما قاله نائب وزير الإعلام الماليزي من مقاطعة الإعلام الأميركي لقمة بوتراجايا، كيف ترى هذه المسألة؟
أنور ياسين (صحفي): والله أنا يعني من خلال متابعتي القليلة للتليفزيون، وجدت أن C.N.N مثلاً عرضوا يعني بعض اللقطات، خاصة لتصريحات رئيس الوزراء، فيما يتعلق بإسرائيل ودعوة اليهود يعني ووصفهم أيضاً بالعنجهية و(بالكذب)، لكن بشكل عام يعني عادة يعني القنوات الأميركية أو التليفزيونات العالمية تعتقد إنه هذه المؤتمرات هي فقط يعني مؤتمرات رسمية وبروتوكولية أكثر منها مؤتمرات تتخذ قرارات، أو تستمع إلى رأي فيه موضوعية، لكن الحقيقة إن الماليزيين بذلوا جهد في تسهيل وصول الصحفيين والإعلاميين إلى تغطية هذا المؤتمر.
ولكن من الجانب الآخر الصحفيين أيضاً لهم طرقهم واعتمادهم على مصادرهم، واعتمادهم أيضاً على التسريبات اللي تتم من بعض الزعماء، وخاصة العرب يعني في المؤتمر، يبدو إنه الموضوع العراقي وموضوع أيضاً الاعتداء على سوريا والموضوع الفلسطيني لم يأخذ حتى الآن تصور كامل، وإن كان سيصدر في البيان بشكل عام، ولكن قرار يعني واضح وقرار يطمح إليه الناس، ويتوقعون من قمة استثنائية كقمة بوتراجايا، أن تتخذ قرار يسهل أو يساعد في الوصول إلى قرارات عملية، لم يتم هذا، ولم حى قرار العراق لم يتفق عليه، وجرى سحبه، وإضافته وعودته، ولكن بشكل عام القنوات العالمية أو القنوات الدولية تعتقد أن مثل هذه المؤتمرات هي مؤتمرات يعني بروتوكولية أكثر منها مؤتمرات فيها قرارات عملية يتابعها المشاهد، أو يحرص عليها، هم يبحثوا عن الأخبار الساخنة والأخبار، ولكن يبدو إن الهدوء اللي اتسمت فيه قمة بوتراجايا، وقلة الأخبار المهمة ساعد على إن التليفزيونات هذه لا تكثرت للتصريحات الرسمية.
غسان بن جدو: بالفعل السلطات الماليزية هنا وفرت مركزاً إعلامياً مهماً لمختلف الإعلاميين حتى يتابعوا عن كثب ما كان حاصلاً هنا في قمة بوتراجايا، ولكن وحتى حقيقة.. حتى نكون أكثر صراحة، إمكانية الاتصال بعدد كبير من المسؤولين في قمة بوتراجايا، كانت أحياناً متوفرة وسلسة، وكانت أحياناً أخرى صعبة، ولكن هذا لا يعود بالضرورة إلى الجهة المنظمة، يعود دائماً إلى أصحاب القرار أنفسهم، إلى صناع القرار أنفسهم إذا أرادوا الحديث إلى الصحفيين هم الذين يبادرون، لكن بالنسبة للصحفيين كان هناك صعوبة شديدة في الوصول إليهم، لا أقول.. المشكلة لم تكن أمنية، حتى نكون أكثر صراحة، لم تكن هناك مشكلة تنظيمية، ولكن المشكلة في الذين نريد أن نتصل بهم، هذا المركز الإعلامي الذي تشاهدونه هو الذي كان متوفراً، لكن ربما الآن مفيد أن نرى كيف كانت القنوات التليفزيونية تتعاطى مع هذا الحدث الكبير والضخم.
هنا هو المركز المخصص للقنوات الإعلامية التليفزيونية الفضائية إجمالاً بشكل عام، هذا المركز يجمع التليفزيون السعودي، والتليفزيون العُماني، والتليفزيون الأردني، والكويتي، والمغربي، وهنا مجموعة من القنوات العربية، على اليمين التليفزيون السوري هنا، هذا مركز -على ما أعتقد- يجمع التليفزيون السوري وحتى وكالة الأنباء السورية، وفد كبير، هذا مقر التليفزيون الباكستاني، وهنا.. هذا مركز الإرسال، إجمالاً مختلف القنوات التي ترسل عبر الأقمار الاصطناعية.
وهذا مركز هو مركز قناة (الجزيرة)، الذي اعتبر هنا بأنه كان المركز الأكبر، الأضخم، ومعنا الزملاء الآن الحقيقة الذين شاركونا في التغطية، تغطية كل فعاليات القمة الإسلامية، والذي أيضاً ساعدونا في برنامج (حوار مفتوح) في التنسيق الإخباري علي العلي، وفي الإخراج عماد بهجت.
عماد بهجت: أهلاً وسهلاً.
غسان بن جدو: وفي المونتاج.
عمران الصفدي: عمران الصفدي.
غسان بن جدو: عمران الصفدي
عمران الصفدي: يا هلا.
غسان بن جدو: وطبعاً زميلنا صهيب مراسل (الجزيرة) في ماليزيا الذي استضافنا واحتضننا، وساعدنا في كل شيء.
صهيب جاسم: أهلاً وسهلاً.
غسان بن جدو: هكذا إذن كانت فعاليات القمة الإسلامية العاشرة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، التي احتضنتها بوتراجايا، تناولنا في هذه الحلقة الخاصة من (حوار مفتوح) الأولويات التي يعتبرها العالم الإسلامي أو الشعوب الإسلامية أولوياته الأساسية، ناقشناها مع جزء من القادة وجزء من.. من أصحاب القرار وصناع القرار، الذين شاركوا في مؤتمر بوتراجايا، لاحظنا أيضاً الجانب الإعلامي، وكيف أنه عمل هل كانت الأمور سهلة وسلسة أمامهم، أم لا؟ في كل الأحوال قمة بوتراجايا كانت قمة جديدة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، كما قلنا في البداية ربما كل شيء فيها كان قديماً جديداً أو جديداً قديما.
في كل الأحوال مشاهدينا الكرام، شكراً لكم على حسن المتابعة، مع تقديري لكم غسان بن جدو من بوتراجايا، في أمان الله.