الغارة الإسرائيلية على سوريا
مقدم الحلقة: | غسان بن جدو |
ضيوف الحلقة: |
باتريك كلوسون: نائب مدير معهد سياسات الشرق الأدنى-واشنطن |
تاريخ الحلقة: | 11/10/2003 |
– موقف سوريا من الاعتداء الإسرائيلي على أراضيها
– مباركة واشنطن للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
– مطالب الإدارة الأميركية من سوريا
– رد الفعل السوري إزاء تكرار هجمات إسرائيلية على أراضيها
– الموقف العربي من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا
– الخيارات المتاحة أمام سوريا لمواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين، سلام الله عليكم.
مَنْ يحاسب مَنْ؟
علَّه السؤال الذي يطرحه الرأي العام السوري والجزء الأكبر من الرأي العام العربي بعد أن بات مشروع قانون محاسبة سوريا في الكونجرس قاب قوسين أو أدنى من أن يتحوَّل من مجرد ورقة ترهيب أميركية بالتلويح إلى ترهيب بالتنفيذ.
المسألة هنا أن هذا الأمر أعقب غارة إسرائيلية على موقع في داخل الأراضي السورية، تل أبيب زعمت أنه مركز تدريب للفصائل الفلسطينية المقاومة، ودمشق نفت وأكدت أنه موقع مدني للاجئين الفلسطينيين، والحقيقة أنه بقطع النظر هل كان عسكرياً أم مدنياً، فالمحصِّلة أن إسرائيل اعتدت على سوريا، وهذا ما يجعل تكرار السؤال مَنْ يحاسب مَنْ مدخلاً لمقاربة حدث هذا العدوان ودلالاته وتداعياته.
وبإيجاز التساؤل قولٌ: إسرائيل قالت: إنها ردت على ما وصفته بعمل إرهابي للجهاد الإسلامي لضرب دولة مستقلة، فكان الرد إرهاب دولة، فمَنْ يحاسب مَنْ؟
الرئيس الأميركي (جورج بوش) منح (أرييل شارون) بشكل ما تغطية صريحة وضمنية للعدوان عندما قال إن واشنطن تتفهم ما حصل، وإن حذَّر الرئيس بوش من مغبة الانفجار، مَنْ يحاسب مَنْ؟
وهل مجرد التحذير من حريق هائل محتمل في المنطقة إذا تصاعدت الأمور بشكل غير مدروس وغير عقلاني وغير مسؤول هو تحذير كافٍ، سيَّما وأن الدلائل تشير إلى أن شارون لا يرد على أحد، فمَنْ يحاسب مَنْ آنذاك؟
صقور الإدارة الأميركية متهمون هنا في العالم العربي وحتى هناك في أوروبا، بأنهم يعاندون أو يرفضون القبول بالنتائج الرديئة والارتدادات السلبية لخياراتهم في المنطقة، وبدل إدراك الواقع كما هو في فلسطين، وسوريا، ولبنان، وحتى العراق والمنطقة عموماً ها هم يتقدمون إلى مزيد التصعيد، وبالتالي جلب مزيد من الأعداء والساخطين، فماذا إذا تحوَّل السخط إلى عنف أكثر؟ فمَنْ يحاسب مَنْ؟
في الوقت ذاته هناك من يوجِّه اللوم لدمشق في واشنطن قائلاً: كأن سوريا لم تستوعب درس العراق، وكأنها غير مبالية بنتائج دعمها للمقاومة في لبنان وفلسطين، وكأنها غير مدركة أن إسرائيل هي قوة الشرق الأوسط العظمى، وليس على سوريا أن تتساءل: مَنْ يحاسب مَنْ؟
لذا نسأل كيف تقرأ دمشق الاعتداء الإسرائيلي، وما هي فاعلة في المستقبل لو يتكرر العدوان؟
وهل تتحمَّل واشنطن -حامية إسرائيل شارون- تبعات.. تبعات تصعيدٍ مجنونٍ في المنطقة؟
في هذا الملف أين العالم العربي؟ وأين أوروبا مما يحصل وما يمكن أن يحصل أكثر؟
مَنْ يحاسب مَنْ في هذا الملف؟ نقف عليه في حلقتنا الجديدة من (حوار مفتوح) هنا في بيروت مع الدكتور مهدي دخل الله (رئيس تحرير صحيفة "البعث" السورية)، ومن لندن السيد عبد الباري عطوان (رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي")، ومن واشنطن الدكتور باتريك كلوسون (نائب مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى)، وكالعادة معنا أصدقاء برنامج (حوار مفتوح) ليشاركوننا بالرأي والتعليق والتساؤل.
[فاصل إعلاني]
موقف سوريا من الاعتداء الإسرائيلي على أراضيها
غسان بن جدو: دكتور مهدي دخل الله، أنتم في دمشق كيف تقرءون حدث هذا الاعتداء؟ هل تقرءون.. تقرءونه اختبار لمدى قدرتكم وقوتكم؟ هل هو مجرد استفزاز؟ هل هو تغيير في قواعد اللعبة؟ ما هو بالتحديد، سيما وأن هذا أول مرة يحصل في عمق الأراضي السورية منذ عشرين عاماً أو منذ عام 82؟
مهدي دخل الله: طبعاً هو ليس في عمق الأراضي السورية، هو قريب جداً من الحدود اللبنانية.
غسان بن جدو: يعني في داخل الأراضي السورية.
مهدي دخل الله: طبعاً.. طبعاً على كل حال أريد باختصار أن أجيب على سؤالك مَنْ يحاسب مَنْ؟ في الحقيقة هم يحاسبوننا بمنطق القوة، ونحن -فلنقل- نحاسبهم بمنطق الحق والعدل وبمنطق التاريخ، وللأسف نحن في عالم.. في عالم السيطرة فيه القوة وليست للحق والعدل.
كيف نقرأ في سوريا العدوان؟ يعني نقرأه كما يقرأه العرب جميعاً، هو محاولة لتصعيد وتوتير المنطقة وتفجيرها، يشير إلى أن إسرائيل بالذات لديها أزمة معينة تريد أن تصدِّرها، والأزمة معروفة يعني التعامل مع المقاومة الفلسطينية، لكن هناك عامل آخر يبدو أن الإعلام العربي قد تجاهله، وهو أن هناك خيبة أمل إسرائيلية من السياسة السورية، إسرائيل كانت تتوقع أنه بعد احتلال بغداد سينتقل الغزو الأميركي إلى دمشق إلى سوريا ليُخضع دمشق وتنتهي متاعب الصهاينة مرة واحدة، لكن الذي حصل أن الدبلوماسية السورية استطاعت أن تواجه هذا الاحتمال طوال الأشهر الماضية، ويبدو أن حتى الآن نجحت في مواجهة هذا الاحتمال مما أغضب الإسرائيليين وأغضب الرؤوس الساخنة في الكونجرس الأميركي، إذن التصعيد هو أحد أهداف..
غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكن عفواً عندما تقول إن إسرائيل تريد أن تصعِّد، ولكن حتى مكتب شارون اليوم.. اليوم عندما رد على السيدة بشرى كنفاني في تصريحاته، قال: إن إسرائيل شارون لا تريد التصعيد، ولا تريد حتى تصعيد الموقف مع سوريا.
مهدي دخل الله: طبعاً ولكنه أيضاً أضاف بأن إسرائيل ستضرب الإرهابيين.
غسان بن جدو: ولكنه في الوقت نفسه قال إن: أينما في سوريا إذا كانت في سوريا..
مهدي دخل الله: أينما كانوا…
غسان بن جدو: نعم، لأن سوريا ستصبح هدفاً مشروعاً.
مهدي دخل الله: طبعاً.. طبعاً هناك محاولة يعني إسرائيلية أعتقد أنها ساذجة نوعاً ما، هو شارون يريد أن يقول أنه نحن لا نعتدي على سوريا، ولكن نعتدي على -بين قوسين- الإرهابيين الفلسطينيين حيثما كانوا، يريد أن يوجِّه رسالة أن.. أن الاعتداء ليس على سوريا، طبعاً هذا كلام ساذج، الاعتداء هو على سوريا هو انتهاك للسيادة السورية، طبعاً من الناحية الميدانية الاعتداء ليس يعني.. ليس له أي آثار هامة، لكن من الناحية السياسية والمعنوية، ومن الناحية فلأقل النفسية هو انتهاك للسيادة السورية.
مباركة واشنطن للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
غسان بن جدو: دكتور باتريك كلوسون في واشنطن، الذي لفت انتباه الرأي العام العربي والأوساط الرسمية والسياسية هنا في العالم العربي بشكل عام أن الإدارة الأميركية تقريباً غطَّت هذا الاعتداء الإسرائيلي على سوريا في داخل أراضيها، هل هي رسالة أميركية جديدة لسوريا تقول لها باختصار شديد: إذا لم تسيري على السكة التي نريد فإن مصيرك سيكون بالوكالة عبر أرييل شارون، سيَّما وأن موقف الرئيس جورج بوش هذا تزامن مع تشريع قانون محاسبة سوريا في الكونجرس الأميركي؟
باتريك كلوسون: إن واشنطن تصبح غير مرتاحة وغير راضية مع سوريا، لأن الحكومة السورية وبشكل تكرر كذبت أمام وزير الخارجية (كولن باول) كذبت حول النفط العراقي الذي ادَّعت سوريا أنها لم تكن تتلقاه أثناء حكم صدام حسين، وكذبت أيضاً حول إغلاق معسكرات التدريب هذه، التي قالت سوريا أنها قامت به منذ سنوات، وأيضاً سوريا لم تساعد الولايات المتحدة في أمور أخرى أيضاً، ففي الأسبوع الماضي فقط اعتُقل جاسوس سوري في جوانتانامو، إذن بعد سلسلة العمليات العدوانية من قِبَل سوريا والتجسُّس على الولايات المتحدة والكذب مباشرة أمام وزير الخارجية، الولايات المتحدة ليست سعيدة بالموقف السوري، ولن تتدخل بالتأكيد مع الإسرائيليين لتقول لهم: إن عليهم أن لا يهاجموا معسكرات الإرهابيين في سوريا.
غسان بن جدو: قبل أن نتوجه إلى السيد عبد الباري عطوان، هل يمكن أن نجد توضيحاً، السيد باتريك كلوسون يقول بشكل صريح: سوريا كذبت على أميركا، خاصة على وزير الخارجية كولن باول، كذبت عليه فيما يتعلق بدخول المقاومين -أو ما تسمونهم بالمقاومين- للعراق، كذبت عليه في أنها لم تغلق معسكرات من وصفهم بالإرهابيين -أي الفلسطينيين- وأيضاً أخيراً: اكتُشف جاسوس سوري على واشنطن في جوانتانامو، باختصار سوريا تكذب على أميركا ولا تريد أن تتعاون؟
مهدي دخل الله: طبعاً في الحقيقة هي أميركا تكذب على سوريا عندما تقول أن الحكومة السورية والدولة السورية عندها معرفة على.. عن أي شخص يعبر حدود واسعة جداً، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية أيضاً هي لا تستطيع أن تراقب حدودها مع المكسيك، هناك كثير من المكسيكيين الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة الأميركية دون معرفة السلطات الأميركية، الحدود السورية العراقية هي حدود طويلة جداً، والحكومة السورية بالتأكيد لا تعرف، وأنا تحدثت مرة فقلت: ما دام هناك قوة أميركية قوية جداً أقوى من الجيش السوري في العراق، فلماذا لا تحمي هي حدود العراق من أي تسلل؟ التسلُّل بين الحدود في دول الشرق الأوسط ظاهرة كبيرة حتى بين الأردن وسوريا، حتى بين لبنان وسوريا، بين سوريا وتركيا، بين تركيا والعراق وإيران، جميع هذه الدول حدودها مفتوحة، وخاصة أن هناك عشائر مشتركة وشعب واحد مما يسهِّل هذا التدخُّل.
غسان بن جدو [مقاطعاً]: ماذا حول ما يتعلق بمعسكرات التدريب؟
مهدي دخل الله: إذن هناك كذبة.. هناك كذبة أميركية بأن سوريا تسمح للمقاومين أو المقاتلين بالذهاب إلى العراق، هذه كذبة كبيرة.
الكذبة الثانية: تتعلق بالجاسوس الذي هو في.. في جوانتانامو، من قال أن هذا له أي علاقة بالحكومة السورية؟ أين الدلائل؟ فليأتوا ببرهانهم إن كنتم.. إن كانوا صادقين.
الكذبة الثالثة: أن في سوريا معسكرات لما يسمونهم بالإرهابيين، سوريا أكدت أن ليس لديها معسكرات لأي مقاومة فلسطينية، وأنا أريد أن أقول أن المقاومة الفلسطينية ليست بحاجة لأخذ أوامر من دمشق أو من أي بلد آخر، وخصوصاً أن هناك نوع من أنواع التضحية بالنفس، الذي يضحي بنفسه هذا لا يريد أمر ولا حتى تدريب من أي شخص آخر.
غسان بن جدو: أستاذ عبد الباري عطوان في لندن، لعلك سمعت هذا السجال القائم بين واشنطن ودمشق هنا في بيروت، سألت في البداية في المقدمة: مَنْ يحاسب مَنْ؟ ولكن أسألك مَنْ يكذب على مَنْ بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية؟
عبد الباري عطوان: والله أتمنى أن يكون الكذب السوري صحيح، أتمنى أن تكون سوريا فعلاً تسمح بتسلل المتطوعين المجاهدين إلى العراق للمشاركة في مقاومة مشروعة، أتمنى فعلاً لو أن سوريا بلد القومية، بلد الإسلام، بلد الأمويين أن تسمح فعلاً بمعسكرات لتدريب المقاومة الفلسطينية، لأن فلسطين هي جنوب سوريا، وهي جزء من سوريا، يعني أتمنى أن تكون سوريا يعني الكذب السوري هو كذب صحيح.
لكن يعني ما أريد أن أقوله أن الولايات المتحدة هي أكبر كذابة في التاريخ، والآن تواجه انتقادات عنيفة من جميع الحلفاء الأوروبيين، الإدارة الأميركية خاضت حرباً على العراق تحت كذبة كبرى اسمها: أسلحة الدمار الشامل، ولم تجد أي.. أي من هذه الأسلحة ولا دليل عليها، أيضاً كذبت على العالم كله عندما فرضت حصاراً تجويعياً على 22 مليون عراقي أدى إلى مقتل مليون ونصف أو استشهاد مليون ونصف عراقي تحت ذريعة وجود أسلحة دمار شامل، ولم نجد هذه الأسلحة.
يا سيدي، الأمر باختصار هذه الإدارة الأميركية تعرف أن العرب ضعفاء، تعرف أن سوريا ضعيفة، تعرف أن جميع الأنظمة العربية لا.. لا تتمتع بالتأييد الشعبي المطلوب، تعرف أن ما حصل في العراق.. فعلاً درس العراق درس مهم جداً، أن الشعوب والجيوش حتى لا تحمي أنظمة غير ديمقراطية، الشعوب تدافع عن أوطان، وتدافع عن ديمقراطية، وتدافع عن حقوق، تدافع عن واجبات، تدافع عن مساواة، تدافع عن حقوق إنسان، تدافع عن قضاء مستقل، تدافع عن يعني النقاء والشفافية، هذه هي الحقيقة، يعني أنا أتمنى فعلاً أن.. أن تقوم سوريا بدورها، يعني ما يجري حالياً من محاسبة لسوريا يعني هذا دليل على أن السياسات السورية التي كانت تحاول أن تسترضي الولايات المتحدة الأميركية كانت سياسات خاطئة سواءً تجاه العراق أو سواء التعاون مع الولايات المتحدة بالكامل فيما يسمى بالحرب ضد الإرهاب، لو أن سوريا يعني كانت فعلاً لها مواقف مختلفة ربما لتغير رد الفعل الأميركي، حتى لتغير رد الفعل الإسرائيلي، يعني شارون الذي يعيش مأزقاً، شارون لا يعيش مأزق في الوقت الحالي بسبب القوات السورية، أو بسبب التهديدات المصرية، أو بسبب الحشود الأردنية، أو بسبب الجيوش العربية ومؤتمرات القمة، شارون يعيش مأزقاً حالياً بسبب العمليات الاستشهادية التي ينفذها أبطال من.. من داخل فلسطين، هؤلاء ليسوا بحاجة فعلاً إلى تدريب، من يريد أن يزنر نفسه بالمتفجرات ويفجر نفسه في داخل الأهداف الإسرائيلية، هذا لا يحتاج إلى معسكرات تدريب في دمشق، أو في لبنان، أو في غيرها، سوريا ولبنان والدول العربية لا تقدم شيئاً للمقاومة الفلسطينية، فأنا هذا.. هذا هو وجهة نظري يعني.
غسان بن جدو: سيد عبد الباري.. سيد عبد الباري، بالمنطق السياسي الاستراتيجي خاصة ما أعقب الحرب الأميركية على العراق، أنت لعلك لاحظت بأن الولايات المتحدة الأميركية قامت بهجوم دبلوماسي سلمي على سوريا، وكولن باول كان في دمشق وطلب تعاوناً سورياً، بالمنطق السياسي الاستراتيجي، هل تعتقد بأن الولايات المتحدة الأميركية حريصة على أن تكون سوريا إلى جانبها، سيما وأنكم تقولون بأن أميركا غارقة الآن في المستنقع العراقي، وإذا كان الأمر كذلك كيف تفسر هذا.. هذه التغطية الأميركية للاعتداء والعدوان الأميركي.. إسرائيلي الأخير على سوريا؟ كيف تفسره سياسياً واستراتيجياً؟
عبد الباري عطوان: يا سيدي، أميركا تعيش حالياً مأزقين، مأزق في فلسطين بسبب العمليات الاستشهادية، وفشل خارطة الطريق وفشل إرهاب المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وممثلي الشعب الفلسطيني بحيث يقبلوا بأن يتروضوا ويقبلوا بالاحتلال الإسرائيلي، وتعيش مأزقاً آخر في العراق، هذا المأزق يتنامى يتفاقم يومياً، فقتلى وجرحى أميركيين، حالة فوضى، فشل في تصدير أنابيب النفط، في تصدير النفط العراقي، كل يوم حريق في أنابيب النفط، نحن نعرف أن أميركا ذهبت إلى العراق لهدفين، الهدف الأول: تعزيز إسرائيل، الهدف الثاني: الاستيلاء على النفط العراقي 190 مليار برميل كاحتياط، هذا في.. غير.. غير مثبت في المستقبل 125 احتياط مثبت، فحتى النفط العراقي الذي ذهبوا إليه لا يتدفق حالياً مثلما شاءوا حتى يمولوا خسائرهم في العراق.
النقطة الأخرى التي أود أن أشير إليها: يعني إنه الإدارة الأميركية حتى هذه اللحظة لم تستطع فتح مطارات وتطبيع الحياة في العراق رغم مرور ست شهور على هذا الاحتلال، يعني تأييد إسرائيل يهدف إلى إرهاب سوريا، وإرهاب إيران في مرحلة لاحقة، إرهاب سوريا بمعنى الإدارة الأميركية تعرف أن سوريا حالياً أغلقت الحدود بالكامل في وجه المتطوعين الإسلاميين والمتطوعين أيضاً القوميين الذين يريدون أن يقاتلوا أميركا في بلد عربي محتل وهو العراق، وعندما أغلقت هذه الحدود، يعني الإدارة الأميركية تعرف جيداً بأن صحيح سوريا لا.. لا تسيطر بالكامل على ها الحدود، لكن تريد منها أن تبذل جهوداً أكبر، بمعنى آخر تريد أن تعمل ضربة استباقية لسوريا بحيث أن تهددها ترهبها، وتمنعها حتى من مجرد التفكير بغض النظر عما يحدث في العراق، تريد من سوريا أن تتحول إلى شرطي أميركي يقمع المقاومة العراقية داخل العراق نفسه، هذا هو المطلب الأميركي، والرسالة واضحة جداً: عليكم ألا تتدخلوا في العراق، لا أعتقد أن هجوم شارون له علاقة بالعمليات الاستشهادية أو عملية حيفا أو ما يجري في فلسطين المحتلة، كله له علاقة بالعراق، فلسطين.. أميركا تعرف جيداً أن سوريا ليس لها أي نفوذ داخل فلسطين المحتلة، ليس لها أي نفوذ على العمليات الاستشهادية، حتى زعماء المقاومة الفلسطينية في دمشق أو غير دمشق ليس لهم هذا النفوذ المباشر على الأجنحة العسكرية والأذرعة العسكرية سواء لحماس، أو الجهاد، أو كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، يعرفون هذا جيداً، لأنه هاي نبت..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: دكتور باتريك.. نعم.
عبد الباري عطوان [مستأنفاً]: نبت طيب ظهر بالأرض المحتلة بدون قيادات.
مطالب الإدارة الأميركية من سوريا
غسان بن جدو: دكتور باتريك كلوسون في واشنطن، سمعت ما قاله السيد عبد الباري عطوان، إذا أردنا أن نسألك ببساطة وبإيجاز شديد: ما الذي تريده الإدارة الأميركية في هذه اللحظة بالتحديد من سوريا؟ هل تريدها أن تكون شرطي للولايات المتحدة الأميركية أمام من تصفهم بالإرهابيين؟ هل تريد أن تنخرط في عملية التسوية بطريقة أخرى، ما الذي تريده الآن بهذه.. بهذه اللحظة من سوريا؟
باتريك كلوسون: إن الرئيس الأسد.. الرئيس السوري الأسد شخصياً وعد رئيس المتحدة الأميركية ووزير خارجيتها بأن مكاتب حماس وحزب الله في دمشق سوف تغلق، وأيضاً معسكرات التدريب التي يستخدمها.. تستخدمها سلسلة من المجموعات بما فيها حماس، وحزب الله، وأيضاً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سيتم إغلاقها، الولايات المتحدة تريد من السيد الأسد أن يفي بوعده هذا، ولو أن السيد الأسد يقرر أنه لا يريد عمل ذلك عليه أن يخبرنا بذلك، ولكن الرئيس الأسد يجب أن يفي بوعوده، ولو أن السيد الأسد قَبِلَ بمشورة بعض المعلقين الآخرين، ويقرر إنه بدل من ذلك سوف يقدم مساعدة عسكرية للذين يقاتلون ضد الأميركيين في العراق ولأولئك الذي يقاتلون الإسرائيليين، إذن لو أن السيد الأسد يريد أن يدخل إلى.. إلى حرب عسكرية أو نزاع عسكري فسيحصل على ذلك، لكنه قال: إنه لا يريد ذلك، ووعد بإغلاق هذه المكاتب، ويجب أن يفي بما وعد أن يفعله.
غسان بن جدو: دكتور كلوسون، نحن نفهم ما تطالب به واشنطن سوريا فيما يتعلق بالعراق، لكن فيما يتعلق بحماس والجهاد الإسلامي وهذه المنظمات الفلسطينية، بصراحة هل أن هذا المطلب هو أميركي أم مطلب إسرائيلي؟ أنت تتحدث الآن من واشنطن، هل هو مطلب أميركي أم إسرائيلي هذا؟
باتريك كلوسون: إنه وعد من سوريا، سوريا دولة ذات سيادة قررت أنها سوف تفعل ذلك لأسباب خاصة بها، ووعدت سوريا أنها ستغلق هذه المكاتب، ولهذا السبب يجب أن تقوم سوريا بذلك، لأن سوريا هي التي قررت إغلاق هذه المكاتب، لأن ذلك في مصلحتها القومية، ولهذا السبب أعطى رئيسها وعده الشخصي بأنه سوف يغلق هذه المكاتب، والسيد الأسد عليه أن يقرر، هذه كلمة شرف يجب أن يلتزم بها ويحترمها أم لا، فهو الذي قرر إغلاق هذه المكاتب، ووعد بأنه سيفعل ذلك، ويجب أن يفعل ذلك، لو يقرر إنه غير رأيه عليه أن يخبر الولايات المتحدة بذلك، ولكنه ليس موقفاً نبيلاً ومشرفاً أن يعد بشيء ولا يفي بوعده.
غسان بن جدو: هذه الإجابة.. الرد أو الإجابة على ما تفضلت به من الدكتور مهدي دخل الله نسمعه بعد حين، وأسأله بعد موجز الأنباء ماذا لو يتكرر عدوان إسرائيلي جديد على سوريا، ما دمشق فاعلة؟ هل تتحمل واشنطن تبعات تصعيد إقليمي جديد في المنطقة؟
أين العالم العربي إذا حصل تطور ما؟
[موجز الأخبار]
غسان بن جدو: دكتور مهدي دخل الله، ثمة موقفان سمعناهما الآن، واحد من السيد عبد الباري عطوان الذي يقول ويجزم: ما يحصل من قانون محاسبة سوريا هو نتيجة طبيعية لهذا المسار الخاطئ للسياسة السورية تجاه الولايات المتحدة الأميركية، ربما لأنها تعاونت أكثر مما هو كان مطلوب، وهذا الذي حصل لكم، تجنون ثمار سياسة خاطئة، خاصة وأنك بدأت -هو ربما لم يقله أنا أضيفه من عندي- خاصة وأنك بدأت في البداية ثمة منطقان هنا، منطق القوة ومنطق العدل والحق، ولكن أنت جزمت بأن منطق القوة هو المنطق الغالب، لكن الملاحظة التي قالها الدكتور.. ساقها الدكتور باتريك كلوسون، وأظن أنه لا يتحدث باسمه الشخصي، هذه قناعة لدى الإدارة الأميركية يشعرون بأن الرئيس الدكتور بشار الأسد لم يكن صادقاً في تعاطيه مع الإدارة الأميركية، وهذه ربما بالنسبة لهم خط أحمر؟
مهدي دخل الله: يعني أنا أعتقد أن هناك مشكلة، فلنتفق على تحديد هذه المشكلة، المشكلة فلنسميها المشكلة السورية في المنطقة، ما هي عناصرها؟ ما هي أبعادها؟ ما هي خلفياتها؟
بالتأكيد أن المقاومة الفلسطينية ليست بحاجة إلى تدريب، الآن قبل قليل رأينا أطفال يحملون الحجارة، ويركضون خلف أو يطاردون دبابة إسرائيلية، هؤلاء ليسوا بحاجة إلى تدريب في أي مكان كان، إذن أين هي المشكلة السورية؟ المشكلة السورية هي في موقف سوري مؤيد للمقاومة، بالعكس فيه.. هي في حالة مقاومة في المنطقة، هذه الحالة التي..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: يعني كيف تؤيدون المقاومة عفواً حتى أكون.. حتى نقف على هذه المسألة؟ كيف تؤيدون المقاومة؟
مهدي دخل الله: نعم، هناك حالة مقاومة في المنطقة بكاملها سوريا جزء فيها وعنصر فيها، في هذه الحالة هناك مناخ مقاوم، هناك حالة ردع سورية موجودة بدليل أن.. بدليل أن إسرائيل لم تعتدِ على سوريا طوال ثلاثة عقود مما يعني أن هناك حالة ردع، لأن إسرائيل لا تحترم المواثيق، هي تتمنى أن تعتدي على سوريا في أي وقت كان، ولكن هناك حالة ردعية، هذه الحالة بحد ذاتها، إضافة إلى موقف سياسي قوي..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: إسرائيل لم تعتدِ على سوريا لأنها تشعر بأن سوريا تردعها؟
مهدي دخل الله: أن هناك حالة ردع..
غسان بن جدو: كيف؟
مهدي دخل الله: حالة ردع سورية.
غسان بن جدو: كيف؟ أوضح لي هذه النقطة؟
مهدي دخل الله: لها عناصر عديدة.
غسان بن جدو: كيف؟
مهدي دخل الله: منها عناصر القوة السورية، إضافة إلى.. إلى عنصر الاحترام السوري في العالم، الدور السوري في العالم، الدبلوماسية السورية، العلاقات السورية اللبنانية، العلاقات السورية مع المقاومة، العلاقات السورية العربية، أريد أن أشير إلى أن سوريا اليوم ليس لها أي مشكلة مع أي دولة عربية أو أي دولة في العالم، إضافة إلى أن سوريا عضوة في مجلس الأمن.
غسان بن جدو: لكن هذا لا يقدم ولا يؤخر شيء بالنسبة لإسرائيل؟ لا يقدم ولا يؤخر شيء.
مهدي دخل الله: هذه حالة نفسية، هذه حالة.. حالة كاملة من الردع، حالة ردعية كاملة، لها -كما قلت- لها عناصر.. عناصر متعددة منها: عنصر القوة السورية العسكرية، إضافة إلى عنصر المقاومة الموجود، يعني هي قضية واحدة، نحن لا نستطيع أن نفصل القضية السورية عن القضية اللبنانية عن القضية الفلسطينية، هناك قضية واحدة، وللأسف هم لا يفصلونها، هم يحاسبون سوريا ولبنان مثلاً عن.. عن المقاومة الفلسطينية في كثير من الأحيان، إذن أين المشكلة؟ هي مشكلة موقف سياسي أثبتت سوريا أنها لن تتخلى عنه رغم كل الضغوط التي كانت بالأشهر السابقة.
تحدث السيد باتريك عن.. عن وعود أعطتها سوريا، وماذا عن الوعود اللي أعطتها أميركا لسوريا؟ باول لم يأتِ إلى دمشق ليتحدث، بل كان عليه أن يستمع أيضاً، وهو استمع جيداً وأنصت، أن هناك وعود أميركية منذ التسعينات بإحلال السلام العادل والشامل.
غسان بن جدو: هل نستطيع أن نعرفها هذه الوعود؟ عنوان السلام العادل؟
مهدي دخل الله: هذه.. العمل.. العمل من أجل السلام هو.. هو يقول الأميركيون دائماً، أنا أريد أن أشير أن الأميركيين عندما يأتون إلى دمشق يتحدثون بلسان آخر، هم يقولون أن نحن نتعامل مع سوريا بلغة الحوار فقط، وأن سوريا تفهم لغة الحوار، هناك وعود أميركية منذ التسعينات بحل قضية الصراع العربي الإسرائيلي على أساس السلام العادل والشامل، نحن في سوريا لا يمكن أن نكون حياديين في هذه المشكلة، الجولان المحتل هو يبعد عن عاصمتنا 40 ميل فقط، أنا أسأل السيد باتريك إذا كان هناك عدو محتل 40 ميل عن واشنطن، كيف سيتصرفوا؟
غسان بن جدو: كيف ستتصرفون في الولايات المتحدة الأميركية؟ سمعت هذا السؤال، لو كان لديكم عدو على بعد 40 ميل كيف ستتصرفون دكتور؟
مهدي دخل الله: محتل وليس فقط عدو، محتل أرضهم.
غسان بن جدو: محتل طبعاً..
باتريك كلوسون: سوف أفعل ما آمل أن يفعله السوريون، وهو فتح المفاوضات مع ذلك المحتل حول عرضه لينسحب من ذلك.. من تلك الأرض، والحكومة الإسرائيلية في عهد (إيهود باراك) كانت مستعدة للانسحاب من الجولان، والرئيس (كلينتون) التقى مع الرئيس السوري -حينذاك- حافظ الأسد في جنيف، ليقدم له المقترحات الإسرائيلية للانسحاب من الجولان، والسوريون قالوا: لأ، هذا ليس كافياً، نريد أكثر من ذلك قليلاً، نريد أكثر هنا وأكثر هناك، والإسرائيليون كانوا مستعدين للانسحاب إلى حدود عام 67، لو أن هناك محتلا كان.
مهدي دخل الله [مقاطعاً]: ماذا كان هناك؟ يا سيد باتريك، ماذا تريد سوريا؟ ماذا طلبت سوريا؟ ومتى عَرض الإسرائيليون الانسحاب من الجولان كاملاً حتى حدود 67؟ متى؟ في أي قمة؟
غسان بن جدو: أجبه أنت قل؟
مهدي دخل الله: لم يعرض.. لم يعرض أبداً الإسرائيليين الإسرائيليون الانسحاب من الجولان..
باتريك كلوسون: نعم.. نعم، في جنيف.. في جنيف.
مهدي دخل الله: الإسرائيليون حتى الآن لم يعترفوا ولم يعلنوا أنهم مستعدون للانسحاب إلى حدود 67 على أي جبهة كانت؟
باتريك كلوسون: أنه للأسف لو أن السوريين يعتقدون ذلك.
غسان بن جدو: للأسف يقول لك، للأسف أنكم تعتقدون ذلك، على كل حال أنا سأذهب إلى..
مهدي دخل الله: إذن أين هي المشكلة؟
باتريك كلوسون: أنه من دواعي الأسف حقيقة أن يعتقد السوريون ذلك، لأن الحقيقة مختلفة..
مهدي دخل الله: نحن مستعدون أن نوقع الاتفاق الآن إذا الإسرائيليين قالوا أنهم سينسحبون إلى حدود الـ 67.
غسان بن جدو: دكتور كلوسون، هل سمعت ما قاله الدكتور مهدي دخل الله؟
باتريك كلوسون: عندما انسحبت إسرائيل من أرض لبنان، فإن رد سوريا كان هذا ليس كافياً، وأن تشجع حزب الله على الاستمرار في العمليات الإرهابية ضد إسرائيل، رغم أن الأمم المتحدة…
مهدي دخل الله [مقاطعاً]: نحن نتحدث عن سوريا وليس عن لبنان، يا سيدي باتريك نتحدث عن سوريا.
باتريك كلوسون [مستأنفاً]: قالت إن إسرائيل التزمت بكامل ما عليها من التزامات في لبنان، إذن درس لبنان هو.. درس لبنان هو أن إسرائيل انسحبت من تلك الأرض، أنت قلت أن إسرائيل لن تنسحب، إنها انسحبت في لبنان وسوريا شجعت استمرار الهجمات الإرهابية على إسرائيل، وهذا أمر أو سابقة تدعو للأسف، وأظهرت سوريا أنها حتى عندما تنسحب إسرائيل وتقول الأمم المتحدة إنها أدت ما عليها من التزامات كاملة وفق قرارات في مجلس الأمن، سوريا تشجع استمرار الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل، هذه مشكلة كبيرة، لو أن سوريا أرادت حقيقة الجولان عليها أن تعيد المفاوضات.. مفاوضات السلام مع إسرائيل حول انسحاب إسرائيل من الجولان، وأيضاً إظهار رغبة سورية للاعتراف بحق إسرائيل في العيش بسلام، وأيضا أن تتخلى سوريا عن أي دعم للإرهاب، هذا ستكون خطوة أولى جيدة في هذه الاتجاه.
مهدي دخل الله: أريد.. أريد أن أشير على أن الإسرائيليين لم ينسحبوا من لبنان، وإنما هزموا تحت ضربات المقاومة، هذا أولاً، ثانياً: هم لم ينسحبوا من كل الأرض اللبنانية، مازالت أراضي لبنانية محتلة، هذا ثانياً، ثالثاً: أنتهز هذه الفرصة بأن أسأل السيد باتريك، هل يستطيع هو أن يتعهد الآن بأن تنسحب إسرائيل من الجولان إلى حدود الـ 67؟ والمشكلة هي منتهية إذا يستطيع أن يتعهد بذلك الآن؟
غسان بن جدو: المسألة لا طبعاً هذا السؤال أطرحه بشكل آخر، لأن الدكتور باتريك كلوسون لا يستطيع أن يتعهد بشيء، السؤال هو التالي: هل أن الولايات المتحدة الأميركية التي تقول إنها تريد سلاماً في المنطقة، في هذه اللحظة بالتحديد قادرة على أن تفرض على الأقل أمراً ما على إسرائيل أرييل شارون، وبالتالي تقول له: انسحب من هذه الأراضي حتى تكون هناك تسوية ما؟ هل أن أميركا قادرة على أن تفرض شيئاً على إسرائيل أم لا؟ دكتور باتريك.
باتريك كلوسون: لو أن الولايات المتحدة الأميركية أجبرت إسرائيل على الانسحاب من الجولان، هل توقف سوريا الهجمات الإرهابية؟ إن ما حدث في لبنان يوحي بأن الإجابة هي لا، سوريا سوف تجد عذراً ما للقول إنه حتى لو أن الأمم المتحدة راضية عما عملته إسرائيل، فإن سوريا سوف تستمر في دعم الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل، هذه هي.. هذا هدف ونموذج سيئ جداً ما حدث في لبنان نموذج سيئ لما حدث إزاء انسحاب إسرائيل من لبنان، وسيكون حاجزاً قوياً أمام السلام في المنطقة، الولايات المتحدة لن تشجع إسرائيل على الانسحاب لو أن ذلك سوف يؤدي فقط إلى تحريك سوريا لقواتها إلى ما هو أقرب من الحدود وتستمر في دعم الهجمات الإرهابية.
غسان بن جدو: أستاذ عبد الباري عطوان، لعلك استمعت إلى هذا السجال، هناك انعدام ثقة تقريباً بين الجانبين، حتى وإن جزمت في البداية بأن على الأقل في مرحلة من المراحل تم التعاون بين دمشق وواشنطن، هل من خلال قراءتك تعتقد بأن ثمة إمكانية لتصعيد حقيقي في المنطقة، رئيس الوزراء الماليزي اليوم قال (مهاتير محمد): إسرائيل تهيئ لاجتياح سوريا، هل تعتقد بأن المنطقة مقبلة على تصعيد من هذا القبيل؟ هل أن الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تتحمل تبعات هكذا تصعيد أم لا برأيك؟
عبد الباري عطوان: أستاذ غسان، دعني أعلق على ما سألته للدكتور كلوسون، عندما قلت له ماذا تفعل واشنطن لو كانت قوات محتلة لأراضيها على بعد 40 ميلاً أو كيلو متراً من واشنطن، أنا أود أن أذكر الدكتور كلوسون -وهو لا.. وهو لا يقول الحقيقة على الإطلاق- أود أن أذكره بأن الولايات المتحدة الأميركية شنت حرب تحرير بقيادة (جورج واشنطن) ولم تقبل باحتلال بريطاني أنجلو.. اللي هو الأنجلو سكسوني على وجه التحديد، لم تقبل باحتلال إنجليزي لأراضيها، وخاضت حرب تحرير، ولما زال جورج واشنطن مخلدا عند.. في أذهان جميع الأميركيين، هذه نقطة.
أنا أتمنى أيضاً لو أن سوريا تحذو حذو الولايات المتحدة الأميركية، وتحرر هضبة الجولان، وهي أراضي محتلة، وتفعل ما فعله الأميركان.
النقطة الأخرى: أتمنى أيضاً أن تحذو سوريا حذو الأميركان وترد على هذا العدوان الإسرائيلي، يعني عندما تعرضت نيويورك لهجمة من قِبَل تنظيم القاعدة، ماذا فعلت الولايات المتحدة الأميركية؟ الولايات المتحدة الأميركية أعلنت حرب عالمية ضد أفغانستان وضد العالم الإسلامي بأسره، لأن بعض لأن أراضيها أو سيادتها تعرضت لانتهاك، ومازالت تخوض هذه الحرب، فعلينا أن نقول الحقيقة، وأن نكف عن القول بالحوار وما شابه ذلك، يعني يريدون من سوريا ويريدون من العرب الانبطاح بالكامل أمام هذه المطالب الأميركية، وأمام هذا يعني العدوان الفاجر الأميركي الإسرائيلي الذي يستهدف هذه الأمة، يعني هذه هي.. هي الحقيقة، أما القول بمفاوضات سلام والقول.. يعني أميركا لا تريد من سوريا السلام، أميركا تدرك جيداً أن العرب انهزموا، يعني بقرة وطاحت وكترت السكاكين، يريدون من سوريا أن.. أن.. أن تحقق لهم كل ما يريدونه في العراق.. (تريد) أن تفعل سوريا مثلما فعلت تركيا، مثلما فعلت بعض الدول الأخرى، بولندا وغيرها أن ترسل قوات إلى العراق، وأن تسيطر على المقاومة، وأن تمنع المقاومة، لو فعلت سوريا هذا ربما لتغيرت الصورة، تماماً في الحرب ضد الإرهاب سوريا تعاونت بالكامل، قدمت 26 ألف وثيقة للولايات المتحدة، واعترف كولن باول بأن سوريا فعلاً حمت مواطنين أميركيين من هجمات تنظيم القاعدة وتنظيمات أصولية وغيرها، يريدون نفس الدور أن يستمر، عندما لم تستطع سوريا الاستمرار في الدور نفسه، بدءوا يخلقون المشاكل لها، بدءوا يعني.. يعني يطالبون سوريا بما هو أكثر، يلوحون بورقة شارون، وشارون قادر على اجتياح سوريا، يعني شارون يعني إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية لم تستطع السيطرة على العراق، إذا كان شارون لم يستطع حتى هذه اللحظة السيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة، هل سيستطيع شارون السيطرة على هذه السوريا العظيمة، هذه سوريا البطلة، هذا الشعب السوري العظيم؟ يعني علينا أن نكون واقعيين، ما نحتاجه هو وقفه رجولة في دمشق حقيقة تقول كفى، يعني نحن لا نخاف القتال، لا نخاف الدفاع عن النفس، لا نخاف مواجهة إسرائيل، هذا ما نريده من الأستاذ مهدي، وما نريده من القيادة السورية، أما أن تضرب سوريا.. أن تتعرض سوريا للعدوان والانتهاك ونسمع عن هذا العدوان من إسرائيل، والإعلان يأتي من إسرائيل وسوريا تصمت، والدكتور مهدي يقول إنه قرب الحدود اللبنانية، لا يريد أن يقول إنه 12 كيلو متراً شمال دمشق، يعني هذا.. هذا.. هذا الأسلوب غير مطلوب، سوريا.. السفير السوري في.. في مدريد يقول: بأننا إذا تكرر العدوان سنرد وسندافع عن أنفسنا، تصدر الحكومة السورية بياناً تقول إنه لا يمثل سوريا، إذا سفير سوريا في مدريد لا يمثل سوريا، يمثل من؟ سيريلانكا؟ يمثل الفلبين؟ يعني هذه.. نريد من سوريا أن تقول: والله هذا كفى، نحن لا نقبل مثل هذه الإهانة، لا نقبل مثل هذا الابتزاز، يعني تريدون الحرب: أهلاً وسهلاً، تريدون السلام نحن مستعدون وهذه شروطنا، هذا ما نريده من سوريا، إذا قالت سوريا ذلك ستفكر إسرائيل ألف مرة قبل أن.. أن تحاول أن تشن غارة على سوريا، وعلينا أن نتذكر في الماضي عندما كانت سوريا تتخذ مواقف عربية، مواقف قومية، مواقف تصدي وصمود، لم يجرؤ شارون أو غير شارون الاقتراب من الحدود السورية.
غسان بن جدو: طيب فيما يتعلق بـ..
مهدي دخل الله: بس تعليق صغير يعني بالتأكيد هذا ما تقوله سوريا.
غسان بن جدد: تفضل.
مهدي دخل الله: وسوريا تقف موقف تصدي وصمود بالتأكيد، وهذا أيضاً ما يغيظ الإسرائيليين، وهذا الاعتداء هو في الحقيقة دليل على أن إسرائيل منزعجة جداً من موقف سوريا، وما تحدث عنه زميلي في لندن هو واقع وحقيقي وفعلي، وسوريا لا يمكن لا يمكن أن تتنازل عن مواقفها أبداً، وهذا ما أثبتته.
رد الفعل السوري إزاء تكرر هجمات إسرائيلية على أراضيها
غسان بن جدو: طيب عفواً دكتور ماذا لو يتكرر اعتداء إسرائيلي جديد على سوريا؟ ما سوريا فاعلة؟
مهدي دخل الله: يعني هناك حالة ردع سورية لإسرائيل، هناك تعامل دائم مع.. مع العدوان الإسرائيلي، ولكل.. لكل عدوان له ظروفه، وهناك خيارات عديدة وأعتقد أن منها الخيار العسكري أيضاً، وخيار ردع آخر، والخيارات الدبلوماسية، كلها خيارات متكاملة، ونحن نجد.. نجد الآن أن هناك حتى تأييد أوروبي للمرة الأولى، هذا التأييد الأوروبي بهذه.. بهذه القوة لموقف سوريا، سوريا دولة مسؤولة، سوريا ليس.. ليست دولة مغامرة، سوريا ليست دولة عدوانية، سوريا دولة مسؤولة، فإذا كان المفروض أن تستجر سوريا لتفجير المنطقة، وإنقاذ إسرائيل من أزمة هائلة فيها، فسوريا لن تقوم بهذا بالتأكيد، هناك سياسة في سوريا حكيمة تحاول أن تتصرف حسب أفضل الظروف، وأفضل الوسائل من أجل قضيتها والقضية العربية.
غسان بن جدو: طيب، أستاذ عبد الباري عطوان في لندن، عندنا تطالب سوريا برد ما، هل تعتقد بأن أولاً: المنطقة تحتمل تصعيداً جديداً على الأقل على المستوى الأميركي؟ وثانياً: هل ترى -بشكل صريح موضوعي- أن العالم العربي يحتمل الآن تصعيداً جديداً؟ هل تعتقد بأن أي تصعيد يمكن أن يكون في صالح العالم العربي وليس العكس؟
عبد الباري عطوان: يا سيدي، العالم العربي، أي عالم عربي تتحدث يا أستاذ غسان؟ هل العالم العربي يعيش مرحلة كرامة، يعيش سيادة؟ يعيش حتى يعني الحد الأدنى من الدفاع عن النفس؟ أو الحفاظ على الحقوق؟ الوطن العربي منتهك بالكامل، منتهكة سيادته، فهذا حتى يعني.. يعني بالعكس يعني أي وضع.. أي وضع لن يكون أسوأ من الوضع الحالي، ربما تبدأ مرحلة النهضة في الوطن العربي، يا أخي، نحن لا نطالب سوريا بأن ترسل صواريخ نووية أو صواريخ كيماوية أو صواريخ بيولوجية إلى إسرائيل، لا نطالب بأن تجيش الجيوش، لا نقول ذلك، يا أخي نطالب إنه عندما يعني تغير طائرات إسرائيلية على سوريا، يا أخي تتصدى لها الطائرات السورية، يا أخي تتصدى لها الصواريخ السورية، هذا حق مشروع، هذا دفاع عن النفس، يعني ضُربت القوات السورية في البقاع في لبنان، وقالوا: سنرد في الوقت المناسب والزمن المناسب، قلنا كويس، ضربت الآن محطات كهرباء في بيروت قالوا: سنرد في الزمن المناسب والمكان المناسب، الآن تعرضت سوريا نفسها إلى عدوان، دمشق نفسها 12 كيلو جنب دمشق، بكرة ستكون في القصر الجمهوري، ربما سوق الحامدية، ربما قلب دمشق سيضرب، طيب المطلوب يعني ما هو المطلوب؟ مطلوب على الأقل طب هذه الطائرات السورية موجودة لماذا؟ يعني إذا كانت لا تتصدى للدفاع عن سوريا وحماية أجواء سوريا، ما الفائدة منها؟ هذه الصواريخ السورية، 40% و50% من ميزانية سوريا كانت تصرف على الدفاع، يعني لا نطالب سوريا الآن بتحرير فلسطين، والله لا نطالبها بتحرير فلسطين ولا تحرير العراق، ولا تحرير أي.. لبنان، ولا تحرير الجولان يا سيدي، نطالبها بس حماية نفسها من ها الطائرات يعني حتى نقول والله إنه فيه دولة عربية عندها كرامة، تدافع عن نفسها، حق الدفاع عن النفس أمر مشروع في جميع المواثيق وجميع القوانين، هذه ليست جرة للمنطقة، عندما تطلع طائرات سورية حتى لو سقطت هذه الطائرات، يا أخي تسقط، نعرف إنه الفارق في التكنولوجيا كبيراً جداً، نعرف التوازن الاستراتيجي كبير جداً، بس يا أخي بس دفاع عن النفس، تطلع ها الطائرات وتسقط، تطلع صواريخ يا سيدي وما تسقطش الطائرات الإسرائيلية، بس حتى يعرف شارون إنه سوريا إذا تعرضت لعدوان تدافع عن نفسها، حتى يعرف الشعب السوري والله إنه إذا تعرض بلده لعدوان هناك من يدافع عنه، لكن حتى لا نجرؤ على إعلان هذا العدوان؟ يا أخي، والله العظيم كثير علينا.
غسان بن جدو: سيد عبد الباري عطوان.. سيد عبد الباري عطوان، طيب سيد عبد الباري عطوان، اليوم (وزير الخارجية السوري) فاروق الشرع في لقائه مع (وزير الإعلام اللبناني) ميشيل سماحة في دمشق قال التالي: ما يحصل في العراق مرتبط بفلسطين، وما الاعتداء الإسرائيلي الأخير على سوريا مرتبط بقانون محاسبة سوريا، وحتى أشار ضوء أخضر هناك وضوء أخضر هناك، كيف تقرأ هذه المقاربة السورية الجديدة اليوم؟
مهدي دخل الله: أنا أريد فقط أستاذ غسان لو سمحت تعليق صغير يعني.
عبد الباري عطوان: شفت المقاربة السورية اليوم يعني اليوم يعني إحنا..
د. مهدي دخل الله: أنا أشكر زميلي في لندن على حماسته هذه..
غسان بن جدو: من فضلك سيد عبد الباري عطوان.. سيد عبد الباري عطوان، سأعطيك الإجابة ولكن دكتور مهدي يريد فقط أن يعلق تعليقاً بسيطاً، تفضل يا سيدي.
مهدي دخل الله: لو سمحت فقط.. أشكره على حماسته وعلى غيرته على سوريا.
غسان بن جدو: وأتمنى أن نشاهد هذا الجدل الحي على الشاشة نعم.
مهدي دخل الله: نعم.. نعم، أشكره على حماسته وعلى غيرته على سوريا، وهو أكيد ينطلق من منطلق قومي، ومنطلق حماسي، وأنا أريد أن أشير إلى أن سوريا دولة مسؤولة، وسوريا تعرف كيف تدافع عن نفسها، وهي تدافع عن نفسها، وسوريا ترد.. دائماً ترد، عندما اعتدي عليها في لبنان أو في سوريا ترد، وعلى المراقب النبيه أن ينتبه كيف ترد سوريا؟ وبأي طريقة؟
وهذا وضع معروف، ربما الإسرائيليون يعرفون كيف ترد سوريا؟ لذلك هم لا يعتدون على سوريا بهذا الشكل، الآن ما حصل هو محاولات للتصعيد، سوريا لن تستدرج للتصعيد، لأن التصعيد الآن سوف يفجر المنطقة، وهو ما يناسب الإسرائيليين، هو يخرجهم من أزمة خانقة، ما دامت.. ما دامت اللعبة كما هي الآن مفيدة للجانب العربي، هناك مقاومة، الآن الفلسطيني يقاوم على أرضه، لم يعد.. لم يعد مشرداً يقاوم في لبنان أو في منطقة أخرى، وإنما على أرضه، أمام بيته، هذا تطور إيجابي، يجب تطويره، وليس الاندفاع بعمل ما قد يفيد إسرائيل بالمحصلة.
غسان بن جدو: أعود إلى السيد عبد الباري عطوان، ما تعليقك أو ما رأيك على هذه المقاربة التي ذكرها الوزير فاروق الشرع؟ ثمة ارتباط بين العراق وفلسطين وبين هذا الاعتداء الإسرائيلي مع قانون محاسبة سوريا، طبعاً ضمنياً.. ضمنياً الوزير الشرع حتى وإن لم يقله، هذا تحميل مسؤولية ضمنية للولايات المتحدة الأميركية.
عبد الباري عطوان: يا سيدي، نعم يعني نحن دائماً نقول بأنه هناك ارتباط بين سوريا، بين العراق، بين فلسطين، بين مصر، نحن أمة واحدة نحن عالم إسلامي واحد، يعني اللي بيحصل في أفغانستان يؤثر علينا في المنطقة، اللي بيحصل في إندونيسيا بيؤثر على المنطقة، اللي بيحصل طبعاً في العراق طبيعي أن يؤثر على سوريا وأن يؤثر على فلسطين، نحن نعرف أن الولايات المتحدة الأميركية غزت العراق لأسباب إسرائيلية وليس لأسباب أميركية فقط، نحن نعرف أن الولايات المتحدة الأميركية موجودة في العراق حتى تؤمن إسرائيل، حتى تحقق لها الاستقرار الذي تريده، حتى تهيمن على المنطقة، حتى تذل العرب، حتى تكسر شوكتهم، وستواصل عدوانها على إيران، وكل هذا التهديد بشأن المفاعل النووي العراقي.. النووي الإيراني، هو تمهيد أيضاً لممارسة نفس الضغوط، وربما تكرار نفس الغزو لإيران.
لكن أنا أرد على الدكتور مهدي إنه تفجير المنطقة، إسرائيل من مصلحتها تفجير المنطقة، يا سيدي إسرائيل طبعاً مصلحتها تفجير المنطقة، لكن من قال أن ضرب سوريا أو محاولة غزو سوريا سيخرج إسرائيل من أزمتها؟ بالعكس سيورط إسرائيل في أزمات أخرى إذا كانت إسرائيل لم تستطع ابتلاع الضفة الغربية وقطاع غزة، وكلهم بيجوش محافظة من المحافظات السورية، أقل، يعني هل تستطيع أن تبتلع سوريا مثلاً؟ نحن نعرف إسرائيل حاولت أن.. أن تصدر أزمتها إلى لبنان، وأقامت شريط.. شريط حدودي في لبنان، ودفعت ثمناً غالياً مقابل ذلك، وانسحبت مهزومة بفعل المقاومة البطلة، يعني بس إسرائيل تريد.. تريد من يردعها حقيقة، ويقول لها: نحن لا نخاف منك، طب تريد ضرب سوريا، احتلال سوريا، لأ.. لا تستطيع إسرائيل احتلال سوريا، أميركا نفسها لا تستطيع احتلال العراق، ولم تنجح في احتلال العراق، نريد فقط مواقف صلبة.
أنا طبعاً أنا ألتقي مع السيد الشرع في تحليله وفي قوله بأن ما يحدث في العراق هو أو تهديدات سوريا أو محاسبة سوريا، هو بسبب الموقف في العراق، نعم لأن أميركا تريد من سوريا أكثر، سوريا تعاونت بالكامل في الحرب ضد الإرهاب، يريدون منها أن تتعاون بالكامل في الحرب ضد المقاومة العراقية الباسلة، هذه هي الحقيقة، سوريا ترفض أن تلعب هذا الدور، أو حتى هذه اللحظة ترفض أن تلعب هذا الدور، أما كلام الدكتور مهدي بأن سوريا ترد، يا أخي مش محتاجة تحليل، سوريا كانت ترد من خلال حزب الله في جنوب لبنان، وكانت تلحق الأذى بإسرائيل، وهذا شيء جميل، وكانت ترد سوريا بضرب.. ترد إسرائيل بضرب القوات السورية في لبنان، الآن خرجت الأمور علناً، أصبحت سوريا نفسها تتعرض للعدوان، نريد من سوريا أن تدافع عن نفسها فقط، والدفاع عن النفس ليس جر للمنطقة إلى تفجيرات وإلى أزمات، هذا.. هذه الحقيقة من لو سوريا ضربت إسرائيل، ردت بضرب إسرائيل، نحن لا نطالب سوريا بأن تضرب إسرائيل، تدافع عن نفسها فقط.
غسان بن جدو: شكراً سيد عبد الباري عطوان.
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو: الكلمة الآن للسادة الجمهور.. الأصدقاء تفضل.
علي مراد: يعطيكم العافية، علي مراد من طلاب شيوعيون، ما بدي كثير أضيع وقت، وأقعد أقيم العدوان الأميركي، كان واضح الصقور الأميركيين بأي جنون واصلين له، ومشروعهم وين واصل؟ إن كان بالعراق إن كان بالمنطقة على الصعيد العربي.
أنا لكن بدي أحكي بمسؤوليتنا نحنا كشعوب عربية، القول إنه إسرائيل مأزومة ممكن يكون صحيح، ولكن هل الأنظمة العربية مش مأزومة؟ هون السؤال، أنا رأيي هاي الأنظمة العربية لم تتعلم مما جرى في العراق، نتعرض لديكتاتوريات، لحكم.. لحكم ملكي وحكم.. وديكتاتوريات تحكمنا، وبعد ذلك هذه الديكتاتوريات تطلب منا عندما تتعرض للعدوان أن ننسى كل شيء، وأن نبايعها من جديد، الموضوع الأساسي للشعب السوري له الحق الوحيد أن نحاسب سوريا، ولكن النظام في سوريا غير قائم -وفي كل الأنظمة العربية- هو غير قائم على دعم شعبي حقيقي، وبالتالي مقومات المقاومة غير.. غير موجودة، عندما تكون الديمقراطية يجب أن تكون مطلب عربي، لأن المواجهة الوحيدة التي تكون بالمطالب اللي عم يطرحها الدكتور عبد الباري عطوان وأوافقه، تتطلب دعم شعبي وصمود شعبي، وكذلك لا تتطلب أنه أنظمة لا تستطيع هذه الأنظمة الغير مستندة على قوة شعبية أن تقاوم، من هون سيظل كرَشِّ الرماد في العيون، لأنه هذا النظام.. النظام العربي الذي قادنا من هزيمة لأخرى، لا يملك الشرعية الموضوعية والتاريخية أن يقاوم الاحتلال، وبالتالي نحن بحاجة لتغيير ولديمقراطية، لنستطيع أن نواجه بشكل جديد وسليم هذه الهجمة الأميركية والصهيونية، وغير ذلك هو خارج الموضوع.
غسان بن جدو: شكراً علي.. شكراً.. شكراً، تفضل.
خضر الغضبان: خضر الغضبان.. (منظمة الشباب التقدمية)، يعني صار من الواضح إنه أميركا عم ترسم خريطة جيوسياسية جديدة بالمنطقة، وهي عم تستفيد من تفوقها من جهة، ومن اختلال التوازن من جهة أخرى لتطويع شعوب العالم، وأكيدة إسرائيل حليفتها مأزومة بمواجهتها لها الشراسة المقاومة الفلسطينية وعم بتحاول نقل أزمتها للخارج، وهون تزامن إقرار الكونجرس لمحاسبة سوريا، وإطلاق يد شارون بالداخل الفلسطيني، مع الغطاء الأميركي للضربة على سوريا، هايدي كلها مدروجة بالأجندة الأميركية القادمة للمنطقة، يا اللي هي تصعيدية، ولكن أنا بدي أنطلق من ثابتة أساسية، نحنا ما فينا نفصل ما بين لبنان وفلسطين وسوريا والعراق وكل العرب، نحنا بحالة صراع مع الكيان الصهيوني، وبالتالي نحن صراعنا صراع وجود، وفلسطين هي جوهر الصراع، وهي قضيتنا المركزية، من هون أنا ما بدي أستغرب العدوان اللي صار على سوريا فيه دول بعدها ما خرجت من الصراع، وبالتالي نحنا إذا بدي أبسط الأمور، نحن من واجبنا أنه نتدخل لتخفيف الضغط على الشعب الفلسطيني بالداخل، إذا بدي أخذ ولا أي شيء حكيته بعين الاعتبار، إضافة لهيك يمكن نحنا من المطالبين بفتح الجبهات العربية، يعني بالنهاية أميركا صار لازم نفهم إنه أميركا وإسرائيل قررت الهجوم علينا، نحن صار لازم نقرر الدفاع والتصدي، ولكن كيف بدنا نواجه؟ فيه أنظمة خرجت من الصراع، وهذه أنظمة مطلوب منها الرحيل، ولكن مطلوب من الأنظمة اللي بعدها هي بتعتبر حالها بالصراع، إنه بالدرجة الأولى تتصالح مع شعوبها، وتردم الهوة بين هايدا النظام وبين شعبه، أنا ما فيَّ أواجه بتجويع الناس، وبسياسة إرهاب فكري وإرهاب سياسي، وبقمع حريات، أنا ما فيَّ أواجه بهايدي الطريقة، يمكن.. يمكن..
غسان بن جدو: تفضل.
مراد الغضبان: يمكن موازين القوة مختلة، ويمكن بيقولوا لنا: هتنتصروا، بأتصور أن التجربة اللي صارت بجنوب لبنان بتحرير القسم الأكبر منه هي بتؤكد إنه يمكن الانتصار صعب جداً، ولكن غير مستحيل.
غسان بن جدو: شكراً أخي العزيز، اتفضل، شكراً.
علي حجر: بسم الله الرحمن الرحيم. علي حجر (الجماعة الإسلامية).
غسان بن جدو: اتفضل.
علي حجر: أولاً: بالنسبة إلى الصراع نحنا ما فينا ننظر إلى الصراع بالضرب إلى سوريا ضربة منفردة، هي الضربة اللي عم بتكون ضربة إلى الأمة كلها، اللي عم بيصير بالعراق واللي عم بيصير في فلسطين، والضربة لسوريا و اللي بلبنان كله حلقات متسلسلة مع بعض، لذلك نحنا المطلوب أولاً من الأنظمة العربية كلياتها، إذا ما قدرانة هي تواجه، وعندها صعوبة تواجه، أولاً: إنه تسحب الجيوش من على الحدود اللي مع إسرائيل، أنا مؤكد إنه إذا الجيوش بتسحب حالها، والأنظمة بتطلب من جيوشها أن تنسحب من الحدود، إسرائيل يعني هتفكر ألف حساب من أن تضرب أي دولة عربية، هتصير تحشد أكثر على الحدود لتحمي حالها من أعمال المقاومة اللي هتصير.
ثاني شغلة: مطلوب من الأنظمة كلياتها أنه تتصارح وتمد خطوط الحوار مع الشعوب بتاعتها كلياتها.
غسان بن جدو: هذا.. هذا قيل.. هذا قيل، هل هناك نقطة أخرى؟
علي حجر: بالنسبة لضربات العراق، أميركا عم تحكي أنه على الكذب.. على الكذب.
غسان بن جدو: لا.. لا نترك العراق.
علي حجر: لأ، بس بدي أعلق.
غسان بن جدو: لا.. لا من فضلك.
علي حجر: بدي أعلق على شغلة الكذب.
غسان بن جدو: من فضلك لا نترك العراق، نحن نتحدث عن الملف السوري الأميركي.
علي حجر: مش.. مش على العراق
غسان بن جدو: نترك هذه المسألة، ما يتعلق بهذا الجانب أرجوك.
علي حجر: هذا الجانب أنا عم بأحكي إنه أميركا عم تقول على سوريا إنه هي كذبت.
غسان بن جدو: أي نعم.
علي حجر: مين اللي عم بيكذب على الثاني؟ أميركا عم بتخوض حرب طويلة عريضة على أسلحة دمار شامل غير موجودة من البعثات اللي هي أصلاً عم ترسلها على العراق، فمين اللي عم بيكذب على الثاني؟
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً جزيلاً، اتفضل.
علي رحي: علي رحي (الحزب السوري القومي الاجتماعي). بس أحب أقول أول شيء على عنوان الحلقة: مَن يحاسب مَن؟ إنه أميركا والدولة الصهيونية عم بتحاسبنا لأنه نحنا شعب مقاوم، عم.. عم تحاسب سوريا لأنه سوريا الدولة المقاومة اللي.. اللي موجودة حالياً بالمنطقة، وهايدا حق مشروع لإلها، وما بيحق لأي حدا يتهمها بالإرهاب، لأنه أرضها محتلة، وبيحق لها الدفاع عن أرضها بكل الوسائل.
وبس بدي أقول للسيد باتريك اللي كان عم يحكي إنه بده يتحاور مع اللي محتل أميركا إنه هو راح أكثر من عشرة آلاف كيلو متر ليحارب بأفغانستان أو بالعراق، وبده يتحاور مع اللي هو على بعد يمكن عشرين كيلو متر عن.. عن واشنطن.
وفيه شغلة ثانية بدي أقولها عن الشاب اللي حكي إنه بسوريا ما فيه.. ما فيه قائد أو ما فيه شعب حالياً هو مقاوم أو فيه مقومات مقاومة، أنا بدي أقول: إنه لأ، بالعكس الشعب السوري هو شعب كثير مقاوم، وإذا عم.. عم بيراهن على.. هو بالأول هاجم أميركا، بس بنفس الوقت في مفهوم الحرية، وهذه الديمقراطية اللي عم يستورد من أميركا عم يجربوا هلا بالعراق، وعم نشوف شو بيعملوا بالعراق، ما وصل لديمقراطية، ولا راح يوصل ولا لحرية، شكراً.
غسان بن جدو: شكراً أخي، تفضلي.
سارة سلمان: سارة سلمان (من الجامعة اللبنانية الأميركية). أنا بس بأحب أعلق على مداخلة يعني إنه قانون محاسبة سوريا هو بالأساس ضد الشرعية الدولية، لأنه ما بيحق لأي دولة أياً كانت تحاسب دولة ثانية تهددها أو تستعمل القوة ضدها، فمجرد هذا القانون هو خروج عن الشرعية الدولية، هذا بغض النظر عنalready الإشيا كانت كثير عم تعملها قبل الحرب على العراق والحرب مع.. يعني وهلا قانون المحاسبة، فما نمر نحنا..
غسان بن جدو: شكراً، هل هناك مداخلة أخرى؟ اتفضلي، خلي المايك، اتفضل.
أكرم المصري: بسم الله الرحمن الرحيم. أكرم المصري (رابطة الطلاب المسلمين)، بس بدي حابب أحكي بثلاث نقط، النقطة الأولى: إنه بأقول للدكتور باتريك رداً على نقطة الكذب السوري وعلى نقطة السلام مع إسرائيل إنه يتوقف عن هذا الأسلوب الإعلامي يا اللي ما بيمشي إلا مع الشعب الأميركي، نحنا كشعب عربي صرنا واعيين لكل اللي بيقولوه بالإدارة الأميركية، بيوقف كذب وافتراء ليتكلم جدية وصراحة.
النقطة الثانية: إنه ليس من الخطأ أن تدعم سوريا المقاومة ولو سياسياً، ولكن الخطأ والمذموم والمرفوض أن تتوقف الشعوب العربية والأنظمة العربية وتسكت هذا السكوت المهين عما يحصل في فلسطين والعراق.
والنقطة الثالثة: أن أميركا هذا المارد الشرس لن.. لن ترضى بكل التنازلات العربية.
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً، اتفضل آخر مداخلة من فضلك.
غالب زيدان: غالب زيدان. اللي بدي أقوله إنه الحوار مع الأستاذ باتريك كلوسون حوار طرشان، يعني الأميركان عارفين شو بدهم من سوريا ومن الأنظمة العربية يا إما بتنفذوا، يا إما بينفذوا هم خطتهم المعدة سلفاً، وبدي أتأسف كانت المقاومة أيام عبد الناصر، والسبعينات كانت مقاومة مشرفة لأي دولة إنها تقول إنها عم تأوي المقاومة الفلسطينية، أو أي مقاومة بأي دولة عربية صارت تهمة بهايدي الأيام، بأتأسف لهايدي الأنظمة لوين وصلت.
ثالث شغلة حابب بدي أقولها: إن ما نقول إنه أي دولة عربية بتشكل ردع لإسرائيل، الدول العربية كلها.. كل الدول العربية بدون استثناء، كل الأنظمة العربية كانت وموجودة بعدها بغطاء أميركاني، شرعيتها ما إنها شرعية من شعوبها، الشرعية من الأميركاني، وبالتحديد من الأميركاني، وهايدي الأنظمة بس فقدت شرعية الأميركان، صارت خايفة على شرعيتها لأنه مو عندها شرعية شعبية.
غسان بن جدو: شكراً جزيلاً لك. أنا أتوجه إلى الدكتور باتريك كلوسون، شكراً لكم. دكتور باتريك كلوسون، لعلك استمعت إلى بعض المداخلات، جزء منها ينتقد الاستراتيجية الأميركية في تعاطيها مع سوريا والمنطقة العربية، كأنهم يريدون القول: إن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال مصرة على التعامل مع العالم العربي وبعض هذه الأنظمة بمنطق الهيمنة، ثمة سؤال آخر ذكرته إحدى الأخوات هنا: قانون محاسبة سوريا تعتقد هذه الأخت بأنه مخالف للشرعية الدولية، كيف يمكن أن توضح هذه النقاط؟
باتريك كلوسون: اعتقدت أن الجمهور كانوا قد قدموا نقطة مهمة جداً حول الكيفية التي العالم العربي فيها يفتقد الحكومات الديمقراطية، ولكن للأسف الحكام الديكتاتوريون في العالم العربي لا يريدون عقد سلام، فالكثيرين من العالم العربي -مثل السيد الأسد- يفضلون لو أن هناك نزاعاً مع إسرائيل، وهذا يفسر سبب استمرارهم في أنظمتهم الديكتاتورية، نحن لدينا من.. من يقول في.. في واشنطن إن السيد الأسد لا يريد انتهاء الصراع مع إسرائيل، ولا يريد استعادة الجولان، لأن استمرار الصراع سوف يفسر له استخدام القوة ضد شعبه للبقاء في الحكم، والقوة المستخدمة في العالم العربي هي من حيث الأساس هي قوة الحكومات العربية ضد شعوبها، وهذا يبرر باستمرار وجود حالة الحرب.
عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية) أعطى تعليقاً جيداً ومهماً جداً في العام الماضي، عندما قال أن أولئك الذين يريدون شنَّ الحرب مع إسرائيل دعهم يفعلون ذلك، مصر فعلت ذلك في سنوات وخسرت عشرات الآلاف من القتلى، ولكن عندما صنعت مصر السلام مع إسرائيل حصلت على أرضها.
وأخيراً: حول السيدة التي تذمرت من قانون محاسبة سوريا، وكونه منافياً للشرعية الدولية، إن قانون محاسبة سوريا سوف يجعل أميركا تفعل لسوريا كجزء صغير ما تفعله إسرائيل.. سوريا نفسها من حيث المقاطعة، سوريا تقول: إن المقاطعة العربية لإسرائيل مبررة حسب القانون الدولي، لو أن سوريا مستعدة للتخلي عن ذلك وأن تقول: لا، لن نقاطع المنتجات الإسرائيلية، إذن سوريا ستكون في موقع جيد لتقول إن قانون محاسبة سوريا هو خاطئ، لو أن سوريا ادعت إنها بإمكانها أن تفعل ذلك ضد إسرائيل، عليها أن تتوقع الآخرين يفعلوها تجاهها أيضاً.
غسان بن جدو: بلا شك دكتور باتريك، السياسة الحالية في الولايات المتحدة الأميركية، والتي نحن نتحدث فيها عن هذا الملف الأخير، يعني الملف الإسرائيلي السوري، ثمة من يقول في العالم العربي إن سياسة الإدارة الأميركية الخاضعة لهيمنة من.. من يوصفون بالصقور أو المحافظين الجدد تدفع دائماً باتجاه التصعيد، أنت تفضلت الآن واتهمت الرئيس السوري بشار الأسد بأنه لا يريد سلاماً مع إسرائيل، لأنه يريد أن يستمر كما وصفته بالديكتاتورية وقمع شعبه، لكن في المقابل هناك من يقول: إن الإدارة الأميركية الحالية لا يمكن أن تستمر إلا بتصعيد خارجي، وبالتالي هي تريد أيضاً تصعيد الأمور في المنطقة، كيف يمكن أن توضح لنا هذه النقطة؟
باتريك كلوسون: بمجرد ما انتهت الحرب مع العراق، الرئيس بوش بذل جهداً كبيراً من أجل إعادة أو استئناف جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الرئيس بوش أظهر أنه أراد استئناف عملية السلام والتفاوض بين الجانبين، وأعتقد إن ذلك يظهر إلى أي مدى الولايات المتحدة ملتزمة بإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، الآن وكما نعلم جميعاً أن هذا لم ينجح، ولا الإسرائيليين ولا الفلسطينيين كانوا مستعدين للقيام بالأمور الصعبة المطلوبة منهم لإحلال السلام، ولكن الولايات المتحدة كانت تضغط على الجانبين لفعل ذلك، والولايات المتحدة ستكون مسرورة بامتلاك فرصة لاستئناف مفاوضات السلام بين سوريا إسرائيل، لو كانت سوريا راغبة في ذلك، لكن لا توجد مؤشرات على رغبة الحكومة السورية بذلك.
غسان بن جدو: أبقى معك دكتور باتريك كلوسون من فضلك، هناك أحد الإخوان الذي تدخل هنا، وسألك بشكل واضح: كيف تعيبوا على سوريا مثلاً أن تدافع عن أرضها حتى وإن كانت قريبة من إسرائيل، وأنتم ذهبتم عشرات الآلاف من الأميال لضرب أفغانستان، تقولون: على سوريا أن تقبل بالحوار والتفاوض، لا أن تصعد عسكرياً، ولا حتى أن تدافع عن حقها كما ترى سوريا، لكن في المقابل عندما ضُربتم ذهبتم إلى أفغانستان لتضربوا من ضربكم كما يقول الأخ هنا من أصدقاء البرنامج، كيف ترد؟
باتريك كلوسون: اليوم الذي تلى مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية قلنا للحكومة الأفغانية: إنكم لو سلمتم أولئك المسؤولين عن الهجمات سوف نكون ممتنين لكم، وتكون هناك علاقات جيدة بين أفغانستان والولايات المتحدة، وعرضنا على أفغانستان يد السلام ممدودة إليهم، وقلنا لهم لو سلمتم إلينا من مسؤول عن من كان مسؤولاً عن تلك الهجمات ستكون هناك علاقات جيدة بين بلدينا، ولكن فقط عندما رفضت أفغانستان طلب الولايات المتحدة وطلب الأمم المتحدة أو أمر الأمم المتحدة لتسليم أولئك، الولايات المتحدة وعلى مضض اضطرت إلى مهاجمة أفغانستان، ولكن أولاً عرضنا السلام عليهم، ولكن فقط عندما حكومة طالبان الأفغانية رفضت اضطررنا إلى مهاجمتها، وكذلك الحال مع صدام حسين أيضاً، وعلى مدى اثني عشر عاماً علينا.. عرضنا عليه السلام والتعاون مع الأمم المتحدة، ولكنه رفض أيضاً.
غسان بن جدو: سؤالي الأخير لك دكتور باتريك كلوسون، مبدأ (رامسفيلد) الذي نقرأه وعرفناه يقوم على ثلاثة قواعد أو ثلاث قواعد أساسية، المهمة -يقول أولاً- المهمة تحدد طبيعة التحالفات، وباختصار لا صداقات ثابتة، إنما مصالح دائمة.
النقطة الثانية: أفضل دفاع هو الهجوم وتعزيز الآلة الحربية الأميركية.
أنا أود أن أتحدث معك حول النقطة الأولى، عندما يقول: لا صداقات ثابتة، إنما مصالح دائمة، العالم العربي يتساءل: هل هذه القاعدة تنطبق أيضاً على علاقاتكم مع إسرائيل، كأنكم في أميركا إسرائيل هي صديق دائم، مصلحة دائمة، حليف دائم في السراء والضراء مهما كانت التكاليف؟
باتريك كلوسون: إن القيادة الإسرائيلية كانت ذكية بما فيه الكفاية لتدرك أن عليها أن تغير سياساتها أحياناً لكي تلاقي بواعث القلق الأميركية، إسرائيل تعلم إن إسرائيل ليست صديقاً دائماً للولايات المتحدة، وإن إسرائيل والولايات المتحدة تتعاونان عن كثب، لأن إسرائيل راغبة لتغيير سياساتها، عندما تكون هناك حاجة لتلتقي بـ.. أو ببواعث القلق الأميركية، وسوريا لا.. من الحكمة لها أن تفعل ذلك وتتبع نفس الأسلوب، عندما تطلب الولايات المتحدة من سوريا إغلاق معسكرات الإرهابيين، ووافقت سوريا، ولكن سوريا لم تفعل ذلك، هذا لم يكن ذكياً، إذن العلاقة الأميركية، الإسرائيلية ترتكز على التحرك الذكي للقيادة الإسرائيلية بتغيير سياساتها كلما كان ذلك مطلوبٌ لمقابلة المصالح الأميركية.
غسان بن جدو: سيد عبد الباري عطوان، من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر بأن إسرائيل لأنها حليفتها وصديقتها لأنهم أذكياء ونحن أغبياء، كيف تعلق؟
عبد الباري عطوان: والله يعني لو كانت مطرح يعني أنا لو كانت مكان الولايات المتحدة الأميركية طبعاً أتحالف مع إسرائيل.
مهدي دخل الله: أظن السيد باتريك ليس ذكياً بما فيه الكفاية.
الموقف العربي من الاعتداء الإسرائيلي على سوريا
عبد الباري عطوان: يعني لماذا أتحالف مع دول عربية، دول حقيقة غير ديمقراطية، دول غير قادرة على الدفاع عن نفسها، دول فاسدة، دول يعني تضطهد شعوبها، دول لا تحترم الحد الأدنى من حقوق الإنسان، يعني هذا أمر طبيعي، مشكلة الولايات المتحدة العربية.. الولايات المتحدة الأميركية أنها لا تجد خصماً عربياً، يعني معظم الدول العربية لا تشكل خطراً على الولايات المتحدة ولا على مصالحها في المنطقة، يعني عندما كان العراق يهدد هذه المصالح بطريقة أو بأخرى، شاهدنا الولايات المتحدة الأميركية تستهدف العراق، يعني مشكلة إنه.. إنه، ولو.. واستفردت في العراق دون أن يجد العراق أي دولة عربية تقف إلى جانبه، الآن سوريا تتعرض إلى جانبها، حتى ولا بمظاهرة حقيقية في أي دولة عربية، فأعتقد إن الولايات المتحدة الأميركية تختار إسرائيل، لأنه إسرائيل قوة، وقوة إقليمية كبرى ويعني تحافظ لها على بعض مصالحها تستخدمها ككلب حراسة في المنطقة، إذا استطعنا نحن كعرب إن نلجم كلب الحراسة الأميركي الإسرائيلي، وأن نضع حد لعدوانه، وأن نضع حد لغطرسته، أعتقد في هذه الحالة الولايات المتحدة الأميركية ستعيد التفكير في استراتيجيتها، وستأتي إلينا كعرب نحن نملك النفط، نحن نملك الجغرافيا، نحن نملك الشعوب حوالي 300 مليون نسمة، نحن نملك الطاقات الهائلة، يعني الولايات المتحدة الأميركية مصلحتها الحقيقية مع العرب، لكن للأسف إذا كان العرب لا يهددون هذه المصالح، ولا يتكلمون مع الولايات المتحدة بلغة المصالح، ولا يحاولون أن يتضامنوا مع بعضهم البعض، ويوقفوا ويكونوا بديلاً حقيقياً.. كتلة حقيقية في مواجهة إسرائيل، أعتقد الخيار الأميركي سيتغير، لكن طالما إن العرب كمٌّ مهمل لا.. بمثل الجثة الهامدة، لا حركة، لا مصالح، لا قدرة على الحوار، لا شيء على الإطلاق، يعني حتى الآن وزراء خارجية الدول العربية لم يجتمعوا بعد العدوان على سوريا، يعني الشعب الفلسطيني يذبح لا يتحرك العرب، في العراق معظم الدول العربية تقول لك: هذا ليست مقاومة، هذا تخريب، وأقول لك: هذا.. هذا تحرير، وليس احتلال، يعني أميركا تقول: نحن قوة محتلة في العراق، ومعظم الدول العربية لا تستطيع إن تقول: الاحتلال الأميركي للعراق، عندما تمتلك الدول العربية أو الحكومات العربية -ولا أقول الدول- الحكومات العربية والأنظمة العربية الجرأة لكي تقول إن هذا احتلال في هذه الحالة ربما الولايات المتحدة الأميركية تفكر، الآن أميركا تطالب الدول العربية والدول العربية الغنية على وجه التحديد -بأن تمول العدوان الأميركي على العراق، طلبت عشرين مليار دولار من دول الخليج لكي تشارك في الحرب اللي يعني اللي تشنها الولايات المتحدة على بلد عربي، فكيف ستحترمنا أميركا…
غسان بن جدو: إذا تركنا العراق جانباً سيد.. إذا تركنا العراق.. سيد عبد الباري، إذا تركنا العراق جانباً، لديَّ سؤال: أنت قلت: إن الأنظمة العربية لم تقف إلى جانب سوريا، سوريا الآن اعتُدي عليها عليها ولم تجد نظاماً عربياً، سؤالي: إذا تكرر أو استمر الاعتداء الإسرائيلية على سوريا، هل تعتقد بأن الرأي العام العربي يمكن أن يقف إلى جانب سوريا أم لا؟
عبد الباري عطوان: لأ، فيه حالة طبعاً الرأي العام العربي سيقف إلى جانب سوريا إذا سوريا وقفت إلى جانب الرأي العام العربي، إذا وقفت إلى جانب الرأي العام السوري، يعني أنا أتوقع من سوريا مثلاً أن تعلن تشكيل حكومة طوارئ سورية، أن تضم إليها مثلاً مأمون الحمصي، الدكتور عارف دليلة، مثلاً: رياض الترك، جميع القوى السورية، تشرك هذه القوى السورية في الحكومة، تقول: هذا عدوان على سوريا كشعب وكأمة وكتاريخ وكحضارة، لنتصدى لهذا العدوان سوياً، وتطلق الحريات، وأن تحاول أن توسع دائرة المشاركة في السلطة، إذا فعلت سوريا ذلك وتصدت فعلاً للعدوان الإسرائيلي ودفاعاً عن نفسها، في هذه الحالة ستجد كل الشعوب العربية إلى جانبها، وستجد حتى بعض الأنظمة العربية قد خجلت من نفسها بسبب هذا الموقف.
الخيارات المتاحة أمام سوريا لمواجهة الضغوط الأميركية والإسرائيلية
غسان بن جدو: شكراً سيد عبد الباري عطوان. دكتور مهدي دخل الله، الآن، في هذه اللحظة بالتحديد ثمة اعتداء، ثمة إمكانية لاعتداءات أخرى، ثمة إمكانية لتصعيد إسرائيلي، ما هي الخيارات المتاحة أمام سوريا، وسؤالي بشكل واضح: هل أن سوريا قد تضطر إلى تعديل مواقفها وسياساتها بسبب هذه الضغوط أم أن -كما تقولون- خياراتها الاستراتيجية ثابتة أياً كانت موازين القوى وأياً كانت موازين..؟
مهدي دخل الله: ومواقفها ثابتة، وأنا أعتقد أن بعد هذا التطور الخطير في الأحداث سوف يتعزز ثبات سوريا على مواقفها، يعني هناك.. هناك مبادئ أساسية ومواقف ثابتة هي المواقف التي لا يمكن أن تتغير، طبعاً أريد أن أتحدث باختصار على ما طُرح في هذه الجلسة لأنه يخص سوريا، حول هل الحكم في سوريا شعبي أو غير شعبي، أو هل هو حكم تعددي أو لا؟ أريد أن أشير -باختصار بما يسمح لنا الوقت به- أن جميع القوى الحية المنظمة في سوريا حتى وغير المنظمة تشارك في الحكمة، هناك سبع أحزاب تضمها الجبهة الوطنية التقدمية بالتأكيد ليست أحزاب متساوية القوة ومتساوية عدد الأعضاء، ثم هناك حتى في سوريا مجموعات المصالح تشارك في الحكم، ثلث مجلس الشعب من مجموعات المصالح الذين نسميهم المستقلون، ثم هناك ست وزراء من المستقلين، جميع هذه القوى تشارك، إضافة أن.. أن هناك منظمات شعبية ذات قواعد واسعة جداً هي تشارك في الحكم وفي القرار، وكل منظمة شعبية تتخذ القرار.
غسان بن جدو: ربما نخصص حلقة أخرى لهذا الموضوع، ولكن أنا سؤالي دكتور مهدي دخل الله.. دكتور مهدي دخل الله…
مهدي دخل الله: نعم.. نعم، ولكن أريد أن أشير يعني أريد أن أشير..
غسان بن جدو: من فضلك، يعني إذا.. إذا تم الاعتداء أكثر على سوريا هل تأمنون بأن شعبكم سيقف إلى جانبكم بشكل صريح، يعني انظر إلى الشعب ما حصل في..
مهدي دخل الله: إلى جانبنا من نحن؟
غسان بن جدو: جانب الحكم العراقي..
مهدي دخل الله: وهل شعبنا لا يقف..؟
غسان بن جدو: جانب الحكم السوري.
مهدي دخل اله: هل تعتقد أن الشعب السوري لا يقف إلى جانب الحكم؟
غسان بن جدو: هذا ما أسألك عنه؟
مهدي دخل الله: هل موقف الحكم السوري ليس شعبياً؟ وما هو الموقف الشعبي؟ يعني أنا أسأل أجيب.. أجيب بسؤال: هل الموقف السوري والسياسة السورية ليس موقفاً شعبياً؟ وما هو الموقف الشعبي إذن..
غسان بن جدو: إذا تعرض.
مهدي دخل الله: إذا كان هذا الصمود السوري..
غسان بن جدو: إذا تعرضت سوريا إلى عدوان هل أن الشعب السوري سيقف إلى جانب قيادته؟
مهدي دخل الله: بالتأكيد هو واقف، وهو الحكم حكم شعبي 100%، والموقف السوري لو لم يكن حكماً شعبياً، لو كان النظام معزول. ربما لاتخذ أي.. أي سياسات أخرى
غسان بن جدو: طيب سؤالي.. سؤالي الأخير لأن الوقت يداهمنا.
مهدي دخل الله: يعني بما أن هناك صمود فهو حكم شعبي.
غسان بن جدو: نعم، سؤالي الأخير لأن الوقت يداهمنا، وربما نخصص حلقة أخرى عن هل أن الحكم السوري شعبي أم لا..
مهدي دخل الله: طبعاً ولكن جاء هذا الموضوع..
غسان بن جدو: إلى السيد باتريك كلوسون كلمة هل أن ما استخلصته من كلامه تعتقد بأن الولايات المتحدة الأميركية ستستمر في تصعيدها ضد سوريا أم لا؟ هناك إمكانية لمساومات؟
مهدي دخل الله: أنا أتمنى.. طبعاً أنا أتمنى الآن لا يكون الدكتور أو تفكير الدكتور كلوسون هو التفكير الرسمي الأميركي، لأنه فعلاً شيء محزن ومخزي جداً أن يقول إنسان أن الرئيس الأسد لا يريد تحرير الجولان، ما هي مشكلتهم معه إذن؟ أين المشكلة إذا كان الرئيس الأسد لا يريد تحرير.. تحرير الجولان؟ يعني يتحدث عن ذكاء الإسرائيليين، لكن لم نر أي ذكاء في تحليل الدكتور باتريك.
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تريد تفجير المنطقة، نحن نسأل هل هذا لصالح الولايات المتحدة الأميركية أم لصالح إسرائيل؟ الولايات المتحدة الأميركية الآن بشكل أو بآخر أصبحت قوة شرق أوسطية، فماذا تريد من هذا الشرق الأوسط؟ هناك ثلاثمائة مليون عربي هل بينهم واحد يقول أن المقاوم إرهابي؟ كيف تُعرِّف الإرهاب؟
غسان بن جدو: نعم، لا نريد أن نختم هذه الحلقة بتساؤلات، ولكن ربما هذا التساؤل هو يستبطن إجابة واضحة، شكراً لك دكتور مهدي دخل الله، شكراً لك دكتور باتريك كلوسون من واشنطن، شكراً لك يا أستاذ عبد الباري عطوان من لندن، شكراً لكم أصدقاء برنامج (حوار مفتوح) هنا.
أود أن أتوجه بالشكر إلى فريق (الجزيرة) هنا في بيروت الذي ساعدنا مع.. فريق (الجزيرة) كله مع لينا رضوان والمخرج أنطوان عون، فريق (الجزيرة) بكامل أعضائه في.. في الدوحة، المترجمان: موفق فائق توفيق وسامان عبد المجيد، إسلام حجازي، رفاه صبح، منصور الطلافيح، محمد العجي، حسين شهاب وزين الزين، مع تقديري لكم غسان بن جدو، في أمان الله.