إستراتيجية الأمن القومي الإيراني
مقدم الحلقة: | غسان بن جدو |
ضيوف الحلقة: |
حسن روحاني/ الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني |
تاريخ الحلقة: | 19/06/2004 |
– الملف النووي الإيراني
– الوضع العراقي من وجهة النظر الإيرانية
– العلاقات الإيرانية الأميركية
– العلاقات الإيرانية العربية
– الوضع الإيراني الداخلي
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم، من طهران نحييكم طهران التي تعيش حرارة على وقع ملفها النووي الساخن أمام المجتمع الدولي ولاسيما أمام الوكالة الدولية للطاقة النووية عندما نتحدث عن الملف النووي الإيراني مباشرة نتجه إلى الحديث عن استراتيجية الأمن القومي الإيراني هذه الاستراتيجية مباشرة يتبادر إلى أذهان البعض بأننا نتحدث فقط عن الجانب الأمني الاستخباراتي العسكري ربما هذا مفهوم تقليدي كلاسيكي للأمن القومي الآن عندما نتحدث عن هذه المسألة ينبغي أن نتحدث أيضا عن الثقافة وعن السياسة وعن الاقتصاد وعن الإعلام وعن القضاء إلى آخره من هذه المسائل كيف لا ونحن نتحدث أيضا هنا في طهران، حلقتنا من حوار مفتوح هذه متميزة لأنها تستضيف الدكتور حسن روحاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في أول حديث له إلى فضائية عربية وأجنبية استثمرنا هذه الفرصة لنحدثه عن الملف النووي وخاصة آفاق هذا المشروع النووي نحدثه أيضا عن استراتيجية الأمن القومي الإيراني بعد ربع قرن على الثورة ولنسأله أيضا كيف ينظر للتطورات الحاصلة في العراق ما صحة ما يقال عن علاقات أمنية واستخبارية مميزة بين السيد أحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي وبين الأجهزة الإيرانية؟ كيف تنظر إيران إلى مستقبل النظام الأمني الإقليمي في منطقة الخليج؟ هل تتحسب إيران إلى مواجهة محتملة بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية وحتى إلى ضربة إسرائيلية أم أن هذا الاحتمال مستبعد جدا لديها؟ هل أن إيران كيف تنظر إيران إلى التطورات السياسية الداخلية وعلاقتها الاستراتيجية الأمنية القومية لها بشكل عام طبعا نحن نعلم بأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة جاءت بالمحافظين ليحتلوا المناصب الكبرى في البرلمان فهل هذا سينعكس على الأمن القومي واستراتيجيته في إيران أم أنه هذا الخيار لا يزال ثابتا باعتباره جزءاً من المؤسسة الحاكمة بشكل عام؟ كيف ينظر السيد حسن روحاني إلى مستقبل الإصلاحات والإصلاحيين؟ هل هو مرشح للرئاسة العام المقبل؟ كل هذه الملفات وغيرها نناقشها مع السيد حسن روحاني في حوار كنا قد سجلناه لكننا في هذا اللقاء نستضيف أيضا السيد ماشاء الله شمس الواعظين المحلل السياسي والخبير في عدة قضايا هنا في داخل إيران لنعلق معه ونعمق أكثر في جزء مما تناوله السيد حسن روحاني مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا وقفة قصيرة نعود بعدها مباشرة إلى السيد حسن روحاني.
[فاصل إعلاني]
الملف النووي الإيراني
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلا بكم في هذه الحلقة الخاصة مع الدكتور حسن روحاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني مرحبا بكم سماحة حجة الإسلام والمسلمين وشكراً على تلبيتكم هذه الدعوة سيدي لنبدأ من أكثر العارفين بالمجلس الأعلى للأمن القومي هذه المؤسسة ما هي أهميتها مكانتها موقعها في النظام والدولة ما هي صلاحياتها كيف أو ما هي مجالات اتخاذها القرار فيما يتعلق بالقضايا الداخلية والخارجية؟
” |
حسن روحاني: بسم الله الرحمن الرحيم المجلس الأعلى للأمن القومي يتحمل مسؤولية اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالأمن القومي للبلاد وهو يمثل المؤسسة الأهم في النظام الجمهورية الإسلامية المخولة باتخاذ هذه القرارات وإضافة إلى رؤساء السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية فإن المجلس الأعلى للأمن القومي يضم في عضويته أيضا اثنين من ممثلي القائد ووزراء الخارجية والدفاع والاستخبارات والداخلية وكبار القادة العسكريين وهذا المجلس في الحقيقة عبارة عن مركز لتنسيق وضع القرارات المهمة بين السلطات الثلاث وكبار مسؤولي البلاد ولعل ما يمنح هذه القرارات أهمية أكبر هو كونها تحظى بتأييد القائد قبل أن تأخذ طريقها للتنفيذ.
غسان بن جدو: طيب بعد ربع قرن على الثورة الإسلامية وتأسيس الجمهورية الإسلامية هل نستطيع أن نفهم منكم الاستراتيجية العامة للأمن القومي الإيراني بعد ربع قرن؟
حسن روحاني: الاستراتيجية الأمنية للجمهورية الإسلامية ترتكز على دعامة القدرات الداخلية والحضور الجماهيري في الساحة وعلى مدى الخمسة والعشرين عاما الماضية كانت الاستراتيجية الإيرانية دفاعية وليست هجومية طبعا دفاعية رادعة، أما الأهداف الأساسية لهذه الاستراتيجية فهي المحافظة على استقلال البلاد وسيادتها الوطنية الكاملة ووحدة أراضيها إضافة إلى تحقيق التنمية في مختلف مناحي الحياة.
غسان بن جدو: دكتور روحاني الملف الأساسي المطروح بين يديكم الآن أمامكم وهو لا شك الملف النووي وأنتم شخصيا مشرفون على هذا الملف بعد كل هذه الفترة التي تتولون فيها هذا الملف هل أن بعد هذه التجربة وهذا المخاض إيران وصلت إلى قناعة بأن المجتمع الدولي عبر الوكالة الدولية للطاقة الدولية تتعاطى معها بشكل فني بحت؟ أي أن هناك خوف من امتلاك إيران لهذا السلاح النووي أم تعتقدون بأن الملف النووي مُسيَّس تجاهكم؟
” |
حسن روحاني: بدون شك فإن المؤسسات الدولية كافة بما فيها تلك المرتبطة بالأمم المتحدة ورغم أنها مطالبة بممارسة نشاطاتها بشكل تخصصي ومهني إلا أنها وللأسف ما تزال خاضعة للضغوط السياسية نحن نعتقد أن بقاء ملف إيران النووي مفتوحا لا علاقة له بحالة خوف أو قلق إزاء احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي لأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذاتها قد توصلت إلى نتيجة تضمنها تقريرها الصادر في نوفمبر عام 2003 وهي أنه ليس هناك أي دليل يشير إلى أن إيران تسعى لإنتاج أسلحة نووية، نشاطات إيران سلمية وقبل أيام قليلة صرح البرادعي نفسه أن هذه النشاطات سلمية لكننا نعتقد أن قلق البلدان الغربية سببه الخوف من التطور العلمي للعالم الإسلامي، إن الغرب لا يريد أن تحقق بلدان العالم الإسلامي أي تطور علمي وتكنولوجي إنهم يريدون إبقاء بلداننا متخلفة ولا يمكن أن يشعروا بارتياح إزاء أي تقدم علمي يحققه العالم الإسلامي لذلك فإنهم يحاولون بأي وسيلة منع هذا التقدم وخلاصة ما نريد قوله أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينبغي أن تمارس نشاطاتها بشكل علمي وقانوني لكنها للأسف ومن الناحية العملية تتعرض لضغوط وتداخلات من قبل القوى السياسية لذا نحن نطالب أن تمارس الوكالة عملها بعيدا عن هذه التدخلات ومتى ما حصل ذلك فسيُغلق ملف إيران النووي سريعا جدا علما بأن السيد البرادعي كان قد توقع مؤخراً أن يغلق هذا الملف خلال الأشهر المقبلة.
غسان بن جدو: من هو المسؤول عن أن يكون الملف النووي الإيراني سياسيا وليس فنيا هل هي أميركا لا تزال في رأيكم أم من؟
حسن روحاني: في تَسييس الملف النووي الإيراني نعتبر الأميركيين مسؤولين عن ذلك كما أن الأوروبيين يتحملون المسؤولية فالأميركيون والأوروبيون يسعون في الواقع إلى هدف مشترك واحد وهو منع حصول أي بلد إسلامي على التكنولوجيا المتقدمة ورغم اختلاف أساليبهم إلا أن الأوروبيين لا يبتعدون كثيرا عن الأميركيين في السعي لتحقيق هذا الهدف.
غسان بن جدو: لكن ليس أنتم فقط الذين تنتقدون أن بعض الأطراف تتدخل في الوكالة الدولية للطاقة النووية حتى الغرب أو الولايات المتحدة الأميركية تحديدا تتهم إيران بأنها ليس فقط تتدخل ولكن تهدد الوكالة الدولية للطاقة النووية سيد ريتشارد باوتشر المتحدث باسم الخارجية الأميركية في الثامن والعشرين من الشهر الماضي قال.. أتهم إيران بتهديد الوكالة وبتخويفها وتخويف المجلس مجلس المحافظين مجلس الأمناء حتى يتغاضوا عن سقطات إيران العديدة في الوفاء بالتزاماتها.
حسن روحاني: الجمهورية الإسلامية لم تمثل في أي وقت من الأوقات تهديدا لأحد ولن تهدد أحد لا الوكالة ولا مجلس الحكام ولسبب بسيط هو أن ملف إيران النووي لا يشتمل على برامج مهمة حتى يستوجب الأمر أن تهدد إيران جهة معينة إن الذي يعمد إلى إطالة أمد الملف بحاجة إلى قدرات خاصة ليمارس ضغوطه على الطرف الآخر بينما الملف الإيراني لم تبقَ منه أي مسألة عالقة تتسم بالأهمية وهذا ما أقره التقرير الأخير للوكالة الدولية فما بقي من هذا الملف عبارة عن مسائل ثانوية لذا فإذا ما لوحظ أن الوكالة الدولية تتعرض لضغوط وتهديدات معينة فإن مصدر هذه الضغوط أميركا والآخرون وليس إيران ونحن في كل الأحوال لن نكون سببا في خلق مشكلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
غسان بن جدو: دكتور روحاني هل أن إيران اتخذت بالفعل قرار استراتيجي بعدم امتلاك السلاح النووي أم أن هذا خاضع للظروف وللتقلبات أكان في المنطقة أو على الصعيد الدولي خاصة وأن إيران تعتبر نفسها منذ الثورة بأنها بلد مهدد؟
حسن روحاني: إن قرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل ومنها الأسلحة النووية يعود لسنوات طويلة وليس للماضي القريب فحسب لذلك فنحن وحتى خلال حرب السنوات الثمان التي فرضها العراق علينا ورغم أن العراق استخدام السلاح الكيميائي ضد إيران فإننا لم نلجأ إلى صناعة الأسلحة النووية أو الكيميائية أو الجرثومية إن قرارنا بعدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل قرار استراتيجي لأننا نعتقد أن هذه الأسلحة لن توفر الأمن لإيران بل على العكس من ذلك ستُوجِد لها مشاكل كبيرة، لقد بذلت إيران خلال السنوات الأخيرة جهودا ضخمة لبناء جسور الثقة بينها وبين دول المنطقة ولا نرغب إطلاقا أن ننسف هذه الجسور بتسخير قدراتنا لإنتاج أسلحة الدمار الشامل ونحن على قناعة أن امتلاكنا لهذه الأسلحة سيعني اضطرار دول المنطقة إلى الاحتماء بالقوى الكبرى وبالتالي تأزيم الأمن الإقليمي وهذا لن يخدم أمننا القومي لذا فإن جهودنا كانت وما تزال تتركز على بناء جسور الثقة بين بلدان المنطقة قبل تركيزها على امتلاك أسلحة الدمار الشامل.
غسان بن جدو: في البداية دكتور روحاني قلتم إن الاستراتيجية الأمنية لإيران الجمهورية الإسلامية هي استراتيجية دفاعية الآن تبدو الولايات المتحدة.. القوات الأميركية تبدو تطوق إيران من كل جانب منذ سنوات في الخليج الآن في العراق في أفغانستان في آسيا الوسطى في القوقاز هل تعتبرون هذا الوجود هذا التطويق الأميركي تهديدا مباشرا للأمن الإيراني أم لا؟
حسن روحاني: وجود القوات الأجنبية في المنطقة يعتبر بحد ذاته تهديدا لكل دول المنطقة وليس لإيران وحدها إن منطقتنا وبسبب موقعها الجغرافي وثرواتها النفطية كانت وما تزال محط أنظار القوى الأجنبية لذا فنحن نعتقد أن افتعال أي أزمة أو منح أي ذريعة لوجود القوى الأميركية إنما يلحق الضرر بمصالح بلدان المنطقة وللأسف فإن ما فعله صدام حسين في غزوه الكويت وقبل ذلك شنُّه الحرب على إيران مثلت ذرائع للقوى الأميركية لعسكرة المنطقة كما أن الذين أوجدوا نظام حركة طالبان في أفغانستان مَهدوا الأجواء لوجودهم العسكري ونحن نرى أن العمل على تعزيز التعاون بين بلدان المنطقة هو الخيار الوحيد لجعل بلدان المنطقة تشعر بعدم حاجتها لقوات أجنبية.
غسان بن جدو: في هذا الإطار هل تتوقعون إمكانية ما لضربة أميركا أو حتى إسرائيلية لبعض المنشآت الاستراتيجية والعسكرية الإيرانية وإذا حصل هذا الأمر ماذا يمكن أن يكون ردكم؟
حسن روحاني: لا أعتقد أن هناك مبررا يجعل أميركا وإسرائيل تفكران في مثل هذه الضربة.
غسان بن جدو: حجتهم دكتور روحاني حجتهم أن إيران ليس فقط تشكل تهديد لأمن المنطقة ولكن تشكل تهديد حتى للأمن والاستقرار وضرب عملية السلام في المنطقة على الأقل هكذا تقول إسرائيل بشكل مباشر.
حسن روحاني: طيب إذا أردنا أن نتحدث عن إسرائيل فإن وقائع الأمور تؤكد أن إسرائيل نفسها تمثل تهديدا لبلدان المنطقة كافة وخاصة لتلك التي تقع على حدودها لاسيما سوريا ولبنان والأردن فضلا عن كونها تحتل الأراضي الفلسطينية كلها وبلدٌ محتلٌ كهذا لا يحترم سيادة الآخرين على أراضيهم هو الذي يشكل تهديدا للمنطقة أما الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي لم تعتدِ على أي بلدا كان على مدى خمسة وعشرين عاما ولم يكن لها نية الاعتداء على أحد لا يمكن أن تشكل تهديدا للمنطقة بطبيعة الحال إذا حصل في يوم ما وقامت أميركا أو إسرائيل بمهاجمة أحد الأهداف في إيران فإنها بالتأكيد ستواجه بردٍ حاسم من قبلنا وأنا أتصور أن كلا من أميركا وإسرائيل على علم بقدرتنا لذلك لا أعتقد أنهم بصدد اللجوء إلى مثل هكذا تصرف أحمق في هذه المنطقة.
غسان بن جدو: ما هو هذا الجواب القاطع؟
حسن روحاني: إذا ما حصل مثل هذا الهجوم سيكون معلوما آنذاك طبيعة ردنا القاطع لكنني أتصور أن أميركا وإسرائيل تعلمان جيدا ماهية قدرتنا وكيف سيكون ردنا.
الوضع العراقي من وجهة النظر الإيرانية
غسان بن جدو: فيما يتعلق بالعراق بعد كل ما يحصل الآن هل تعتقدون دكتور روحاني بأن الأوضاع في العراق تتجه نحو الأمن والاستقرار والثبات أم أن المخاض العراقي لا يزال هناك مجال من الوقت أكثر حتى يستقر ويستتب الأمن بشكل كامل؟
” |
حسن روحاني: الوضع في العراق يتسم بتعقيدات بالغة وأتصور أن العراق ما زال يقف على مسافة طويلة من الاستقرار الكامل طبعا نحن نأمل ومع تشكيل الحكومة الانتقالية الشهر الجاري وتشكيل حكومة منتخبة العام المقبل أن يشهد العراق تحولا إيجابيا لكن في كل الأحوال فإن مشاكل العراق الراهنة ما تزال كثيرة وجذور هذه المشاكل تعود إلى الأهداف اللامشروعة التي يسعى لتحقيقها المحتلون في العراق وخاصة أميركا ومتى ما قرر الأميركيون التخلي عن مصالحهم الاقتصادية في العراق وتسليم الثروة النفطية إلى العراقيين بصورة حقيقية ومتى ما قرروا مشاركة جميع البلدان الراغبة ولاسيما دول المنطقة بعملية إعادة وإعمار بناء العراق ومتى ما قرروا عدم إطالة مدة بقائهم في العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وعدم التدخل في تشكيل حكومة عميلة فإننا سنشهد بالتأكيد تحرك العراق نحو الأمن والاستقرار الكامل ولكن وللأسف فإننا ومع ما نلمسه من سياسة أميركية في العراق لا يمكن توقع حلٍ لهذه المشاكل بالسرعة المنشودة وفي كل الأحوال فإن الشعب العراقي الذي دفع ثمنا باهظا في الماضي لا يمكن أن يتحمل رؤية بقاء ثروته النفطية بيدي أميركا ولا يمكن أن يقبل أن تقرر أميركا بدلا عنه كيفية عمليات إعادة البناء حيث لم تعد الإدارة الأميركية تسمح حتى للشركات الأوروبية بالمشاركة في هذه العمليات نحن نعتقد أن أميركا إذا ما تخلت عن أهدافها وتركت إدارة العراق للعراقيين الذين يتمتعون بكفاءة وثقافة عالية تمكنهم من إدارة بلدهم فإن الأمن سيحل في العراق.
غسان بن جدو: طيب ما هو موقفكم من القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بالعراق تحديدا الذي تحدث على أن العراق ستكون جمهورية ديمقراطية فدرالية وموحدة وكل هذه التفاصيل الذي تعرفونها ما هو موقفكم منها بالتحديد؟
حسن روحاني: أعتقد أن القرار الأخير الذي صادق عليه مجلس الأمن الدولي حول العراق أفضل بكثير من القرارات السابقة التي كانت تحتوي على إشكالات عديدة فالقرار الجديد منح الحكومة العراقية المؤقتة الحالية صلاحيات محددة لكن هذا القرار ما زال يتضمن إشكالات أساسية فنحن نرى أنه كان يفترض أن يشير إلى أن قوات الاحتلال ستكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة العراقية المؤقتة بينما نرى أن القرار الأخير لمجلس الأمن أطلق يد قوات الاحتلال رغم وجود عبارة تشير إلى أن هذه القوات ستتعاون مع الحكومة العراقية لكننا نعتقد أنها ليست كافية وغير ذلك فنحن نشك في أن أميركا ستنفذ البنود التي تضمنها القرار لكننا بشكل عام نرى أن تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة ربما يمثل خطوة إلى الأمام نحو استرداد العراق لسيادته الوطنية رغم أن هذه الحكومة غير منتخبة من الشعب وأن مشروعيتها ليست مشروعية وطنية لكنها خطوة للأمام.
غسان بن جدو: هذا إذا مشاهدينا الكرام الجزء الأول من هذا اللقاء نكمل الجزء الثاني من اللقاء مع الدكتور حسن روحاني بعد هذا الموجز من طهران إلى غرفة الأخبار في الدوحة.
[موجز الأنباء]
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلا بكم من جديد نكمل لقاءنا مع الدكتور حسن روحاني قبل أن نعود ونستكمله بمزيد من التعميق والتحليل مع المحلل السياسي السيد ماشاء الله شمس الواعظين.
طيب عفوا دكتور روحاني هل تعتقدون بأن تقسيم العراق كما كانت الخشية في السابق هذا التقسيم لا يزال وارداً أم انتهى إلى غير رجعة بعد هذا القرار الذي اعتبر العراق كما قلت جمهورية موحدة فدرالية ديمقراطية أم لا ربما التقسيم وراد خاصة وأن الأكراد ليسوا راضين بل عبروا عن عدم ارتياحهم البالغ لهذا القرار؟
” |
حسن روحاني: طبعا خطر تقسيم العراق لم ينتفِ بشكل كامل ربما مثل القرار الأخير لمجلس الأمن وتشكيل حكومة واحدة لكل العراق خطوة نحو عراق موحد وربما تراجع خطر التقسيم إلا أن الخطر سيظل قائما لحين المصادقة على الدستور الدائم المنبثق عن إرادة الشعب ولحين تشكيل حكومة وطنية منتخبة من قبل الشعب نحن نرى أن هناك دولا وقوى ترغب بتقسيم العراق وفي كل الأحوال فإن إسرائيل ستكون سعيدة جدا بتقسيم العراق لأنها لا يمكن أن تتحمل وجود بلد إسلامي قوي في المنطقة وسيكون أمرا غاية في الصعوبة بالنسبة لإسرائيل أن ترى بلدا قويا كالعراق أو السعودية أو مصر أو إيران أو حتى تركيا دون أن تسعى لتقسيمه وتجزئته من خلال إثارة الفتن والمؤامرات غير أنني أتصور أن بقاء العراق موحدا يمثل مطلبا للشعب العراقي كما أنه يمثل مطلبا للبلدان المجاورة للعراق ولبلدان المنطقة التي لا ترغب بإحداث أية تغيرات جغرافية في هذه المنطقة.
غسان بن جدو: دكتور روحاني هل نستطيع أن نفهم حقيقة استراتيجيتكم تجاه العراق لماذا هذا السؤال لأن ثمة من يعتقد وكُتِب هذا الأمر بأن إيران الجمهورية الإسلامية تتدخل في الشؤون الداخلية الآن للعراق كقوة هي الآن في الداخل وحتى تدعم الشيعة لحساب الأطراف الأخرى في العراق؟
حسن روحاني: حسنا أنا أدعو هؤلاء الذين يسقون مثل هذه التهم ويقولون أن الجمهورية الإسلامية تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية أن يقدموا دليلا واحدا على ادعائهم هذا آلاف الإيرانيين زاروا العراق خلال السنة الماضية أمام مرأى الأميركيين وغيرهم فإذا كان هناك تدخلا كما يقولون فلماذا لم يعلنوه؟ هذه ادعاءات لا أساس لها نحن ننظر إلى العراق كبلد إسلامي كبير وجار وليس كبلد شيعي أو سني أو كردي إن المهم لدينا هو أن نرى الشعب العراقي بعربه وأكراده بسُنَّته وشيعته وقد نال حقوقه المشروعة لقد كان لدينا دائما علاقات حسنة جدا مع الشيعة والسنة والأكراد في العراق وحتى في زمن حكم صدام كان لنا علاقات قوية مع الأكراد وفيما يتعلق بالمعارضة فإنها كانت سنية وشيعية وكردية أيضا وإيران كانت تدافع عن كل هذه المعارضة في زمن صدام وتقدم لها المساعدات اللازمة والآن أيضا فإن المسألة تتعلق بكل الشعب العراقي وليس بالسنة فقط أو الشيعة نحن نعتقد أن الحكومة في العراق يجب أن تنطلق من الشعب وتعمل من أجل العراق وشعبه ونحن لم نتدخل وليس لنا النية في التدخل بشؤون العراق وأملنا هو أن نرى إلى جانبنا عراقا آمناً ومزدهراً.
غسان بن جدو: كمسؤول رفيعا جدا في الأمن القومي الإيراني هل زودكم الدكتور أحمد الجلبي بمعلومات عسكرية سرية خاصة ما يتعلق بكشف القوات الأميركية للشفرة العسكرية الإيرانية؟
حسن روحاني: أنا أعتقد أن هناك حربا خفية بين الـ (CIA) والبنتاغون ولكي لا تنكشف هذه الحرب فإنهم يقحمون اسم الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بعض وسائل الإعلام لم تكن لدينا أي علاقة خاصة مع الجلبي وليس لدينا الآن مثل هذه العلاقة علاقتنا السابقة مع الجلبي كانت بصفته معارضا ولاحقا بصفته مسؤولا في مجلس الحكم الانتقالي في العراق وكانت علاقتنا مع الجلبي كعلاقتنا مع بقية المعارضين كالطالباني والبرزاني وآخرين غيرهم ليس هناك شيء خاص بيننا وبين الجلبي وكل ما قيل هو مجرد ادعاءات كاذبة.
غسان بن جدو: طيب عفوا هل لديكم أنت هل اكتشفتم أنتم في إيران بأن القوات الأميركية كشفت الشفرة العسكرية الإيرانية أم لا؟
حسن روحاني: ليس لدينا شيء خاص بهذا الصدد طبعا إنهم يسعون دائما إلى كشف الرموز والأسرار والبلدان أيضا تسعى دائما ألا تكون مكشوفة أمام الآخرين.
غسان بن جدو: منذ سنوات ونحن نسمع تصريحات لمسؤولين كبار هنا في إيران بأنكم تدعون لإقامة نظام إقليمي نظام أمني إقليمي في الخليج والآن نود أن أفهم هل أن إيران الجمهورية الإسلامية لا تزال مقتنعة بضرورة إيجاد نظام إقليمي في الخليج خاصة بعد التطورات التي حصلت في العراق؟
حسن روحاني: نحن كنا ومازلنا نعتقد أن استتاب أمنٍ دائمٍ في المنطقة يأتي عبر تعاون وتنسيق دول المنطقة نفسها طبعا وكما تعلم فإن القرار الدولي رقم 598 وفي المادة الثامنة منه نص على أن استقرار نظام أمني في المنطقة يتم من خلال مشاركة ثماني دول فيها بإشراف الأمم المتحدة الدول الست في مجلس تعاون الخليج الفارسي وإيران والعراق ونحن نعتقد أن الوقت مناسب الآن خاصة وأن حكومة منتخبة من الشعب ستتسلم مقاليد الأمور في العراق السنة المقبلة كما نرى أن الاتفاقية الأمنية بين إيران والسعودية ومثيلاتها مع الدول الأخرى والتي هي الآن قيد المباحثات يمكن أن تهيئ الأرضية لنظام تعاون إقليمي والذي سيكون بدوره أفضل الطرق للوصول إلى استقرار أمني في المنطقة.
العلاقات الإيرانية الأميركية
غسان بن جدو: دكتور روحاني دائما عندما يتم الحديث مع مسؤول إيراني إلا وهناك سؤال ثابت تقريبا لماذا العلاقات الإيرانية الأميركية لا تزال معطلة وفي طريق مسدود أنا سأسألكم بطريقة أخرى إذا سمحتم لي لماذا.. ما الذي تطلبه منكم الولايات المتحدة الأميركية تحديدا وترفضونه وهذا يعطل الحوار والتطبيع أو بالعكس ما الذي أنتم تطلبونه من أميركيا وهي ترفضه إذا أردنا أن نحدد نقطة اثنين ثلاثة إلى آخره؟
” |
حسن روحاني: في الواقع الأمر ليس بهذه الصورة فأميركا تدّعي أنها مستعدة دائما لإجراء مباحثات مع إيران وإن إيران ترفض ذلك هذا هو ظاهر الأمر والواقع هو أن أميركا إذا أرادت التفاوض مع إيران فعليها أن تهيئ الظروف المناسبة لذلك فعليها مثلا أن تكف عن لهجة التهديد والوعيد ضد إيران لماذا قررت عدم شراء النفط الإيراني ولماذا حرمت على الشركات العالمية التعامل مع إيران في مجالي النفط والغاز، إذا أرادت أميركا التباحث مع إيران فعليها أن تقدم دليلا عمليا على حسن نيتها وستجد طهران مستعدة أيضا للتباحث إننا لم نشعر لحد الآن بأن أميركا تريد فعلا حل كل المسائل العالقة مع إيران وأن ما تدعيه بهذا الصدد هو للاستهلاك الإعلامي.
غسان بن جدو: طيب في هذه اللحظة بالتحديد ما الذي يمكن أن تعتبروه إشارة حسن نية من قبل واشنطن وهل أنتم شخصيا دكتور روحاني مع الحوار مع واشنطن؟
حسن روحاني: مثلا إنهاء الحصار الاقتصادي والإفراج عن الودائع الإيرانية في البنوك الأميركية والتراجع عن الإعلان الخاطئ لبوش بأن إيران تشكل أحد محاور الشر وكذلك الاعتذار للشعب الإيراني عن تدخلاتها في شؤونه الداخلية منذ عهد النظام السابق وحتى الآن.
غسان بن جدو: لكن هذا حصل في عهد كلينتون يعني كلينتون يعني قال إنه الولايات المتحدة الأميركية تدخلت في السابق وكان أمر سلبيا.
حسن روحاني: (عبارة بلغة أجنبية).
غسان بن جدو: لا أولبرايت ثم حتى كلينتون شخصيا.
حسن روحاني: إنهم لم يعتذروا أبدا اعترفوا بتدخلهم ولكنهم لم يعتذروا للشعب الإيراني فالاعتذار الأميركي يمكن أن يكون أحد علامات حسن النية.
غسان بن جدو: كيف تنظرون إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير أو ما سمته قمة جورجيا مشروع الشرق الأوسط الموسع؟
” |
حسن روحاني: فيما يتعلق بمشروع الشرق الأوسط الكبير فإن لأميركا وأوروبا أفكار بهذا الشأن أميركا فشلت في أفغانستان والعراق كما أنها لم تتقدم بأي خطوة إيجابية في فلسطين فكيف يمكن لها أن تتبنى مشروعاً كبيراً كهذا المشروع باعتقادي موضوع الشرق الأوسط الكبير هو إدعاء لا يتناغم مع الواقع وأهداف أميركا من وراء هذا المشروع هو تنفيذ رغبة صهيونية في الضغط على دول المنطقة كي يصل الإسرائيليون في النهاية إلى أهدافهم بالإضافة إلى ذلك فإن هذا المشروع غير متكامل ولا أعتقد أنه سيكون قابلا للتنفيذ كبقية المشاريع الأخرى التي تطرح بين فترة وأخرى.
غسان بن جدو: إيران تشكوا منذ سنوات طويلة بأنها كانت ضحية الإرهاب وأعلنت أكثر من مرة بأنها على استعداد للتعاون مع المجتمع الدولي على مكافحة هذا الإرهاب الآن في ضوء التطورات الحاصلة في العالم وخاصة في منطقتكم وكل طرف له تعريف خاص للإرهاب أود أن أفهم منكم دكتور روحاني كيف يمكن أن تتعاونوا مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وكيف تنظرون لهذا العنف الموجود في المملكة العربية السعودية هل تنظرون إليه بقلق ومهدد للجميع لا؟
حسن روحاني: إن الإرهاب برأينا يعتبر تهديدا للأمن العالمي وتهديدا جديا لمنطقتنا أيضا والجمهورية الإسلامية كانت منذ تأسيسها عرضة لهذا التهديد في وقت لم تواجه فيه بعض بلدان المنطقة هذا التهديد إلا مؤخرا، الإرهاب خطر جدي على الأمن ودَفْعُه يقتضي تعاونا وتنسيقا إقليميا ودوليا على المستوى الدولي ينبغي للأمم المتحدة أن تتصدى لهذه المسؤولية وليس أميركا كما يجب التفكير في جذور هذا الإرهاب وأسبابه ومعالجتها قبل التفكير في سبل التصدي لها أما على المستوى الإقليمي فنحن نعتقد أن تبادل المعلومات بيننا وبين دول المنطقة ضروري ونحن لدينا الرغبة في هذا التعاون الأمني الإقليمي لمكافحة الإرهاب.
غسان بن جدو: هذا مهم دكتور روحاني يمكن أول مرة نسمع من مسؤول إيراني الرغبة في التعاون الإقليمي هنا في المنطقة على مكافحة الإرهاب كيف يمكن أن تتعاونوا عليه بالتحديد وأعود وأقول ما هو رأيكم في العنف الذي يحصل في السعودية؟
حسن روحاني: يمكن أن نبدأ أولا بتبادل المعلومات الأمنية بين دول المنطقة وإيران وكما تعلمون فإن منظمة المؤتمر الإسلامي صادقت على مادة تدعو إلى التعاون والتنسيق في مواجهة الإرهاب وهذا يمكن أن يكون إطار مناسب للتعاون بين دول العالم الإسلامي ونحن في إيران على استعاد كامل للقيام بهذا الأمر إننا ندين ما يجري من إرهاب في العربية السعودية خلال الأشهر الأخيرة وهذا خطر لا يهدد السعودية فحسب بل دول المنطقة كلها إن قتل الأبرياء وتفجير المناطق السكنية وإيجاد الخوف والرعب لدى الناس الآمنين هو فاجعة للأمن ليس في السعودية فقط بل في كل المنطقة لذا علينا جميعا التعاون للوقوف بوجه هذا الإرهاب.
غسان بن جدو: طيب في هذا الإطار دكتور روحاني وأتمنى أن تجيبني ببعض من الشفافية في هذا الأمر لأنه ملف القاعدة لديكم ملف غامض جدا منذ فترة ونحن نسمع عن ملف القاعدة في إيران هناك تصريح رسمي من قبلكم أن هناك عناصر من القاعدة هنا في إيران نود أن نسألكم أولا هل سلمتم بعض العناصر لبعض الدول العربية؟ هل صحيح ما سمعناه من أن بعض الدول العربية لا تريد أن تتسلم منكم أشخاص منسوبين للقاعدة وثانيا من هم من القاعدة هنا؟
” |
حسن روحاني: أنت تعلم جيدا من أسَّس تنظيم القاعدة ومن دعمها أنا لا أريد الخوض في تاريخ هذا التنظيم ولكن ولأننا لم نسمح لعناصر القاعدة بدخول الأراضي الإيرانية فإننا ألقينا القبض على بعض عناصر التنظيم الذين دخلوا إيران بصورة غير قانونية عبر الحدود مع أفغانستان وباكستان وقمنا بتسليم هؤلاء إلى بلدانهم ومعظمهم كانوا من أتباع الدولة العربية سواء في المنطقة أو إفريقيا كما أن هناك عددا من تنظيم القاعدة أعتقل وسجن وسيحاكم لأنه أقدم على خطوات تخل بأمن الجمهورية الإسلامية وأعداد وأسماء الذين سلموا إلى بلدانهم أو الموجودين في السجن حاليا مسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة.
غسان بن جدو: لا تستطيع أن تكشف لنا ولو اسم شخص واحد من هؤلاء؟ الناطق الرسمي يقال موجود هنا ابن بن لادن موجود هنا من بالتحديد يعني أنت المسؤول الأمن الرفيع في البلد عندما نسأل وزير الخارجية يقول لا علم لنا نسأل مسؤول في أي مكان آخر يقول لا علم لنا لا أعتقد بأن لا علم لك أنت أمين عام مجلس الأمن القومي في إيران.
حسن روحاني: أنا لا أريد أن أقول أنني أعلم الأسماء أو لا أعلم لكننا ولحد الآن لا نعلم الهوية الحقيقية لبعض الأفراد أسمائهم مثبتة في جوازات سفرهم ولكننا لم نطمئن بعد إلى صحة هذه الأسماء كما أن إعلان بعض الأسماء الآن ليس في صالح أمننا القومي ولكننا سنعلن عن الأسماء عند محاكمتهم.
غسان بن جدو: متى يمكن أن يحاكموا؟
حسن روحاني: أنا لا أستطيع تحديد زمن محاكمتهم لأنهم الآن تحت التحقيق ومتى ما انتهت أعمال التحقيق وأخْذ المعلومات عندها سيتم تحويلهم إلى القضاء.
غسان بن جدو: دكتور روحاني الحقيقة لم أفهم ما الذي قاموا به ضد أمن الجمهورية الإسلامية قلت هؤلاء معتقلون لأنهم قاموا بأعمال ضد الجمهورية الإسلامية الأمنية ما هي بالتحديد لم نسمع بها سابقا؟
حسن روحاني: مثلا عملهم على جمع معلومات عن بعض المراكز في إيران واعترافهم فيما بعد بتخطيطهم لتفجيرها كان عملا ضد أمن البلاد وعليه تجب محاكمتهم.
العلاقات الإيرانية العربية
غسان بن جدو: دكتور روحاني لماذا تعطل التطبيع الكامل مع مصر وصلتم إلى مرحلة ما كنا نعتقد أن الأمور خلال ساعات أو خلال أيام وهانحن الآن أشهر عديدة لماذا تعطل وهل لا تزال العلاقات بينكم وبين سوريا تصفونها بأنها استراتيجية؟
” |
حسن روحاني: في الحقيقة أنا أعتقد أن لكلا الشعبين في إيران ومصر رغبة أكيدة في أن تسود علاقات الأخوة والصداقة بين البلدين وهذه هي رغبة المسؤولين في الحكومتين أيضا ودليل ذلك اللقاء الودي بين السيدين مبارك وخاتمي المشكلة في الأجهزة الإجرائية والدبلوماسية الدنيا في البلدين ومن المؤسف أن هناك معوقات جزئية تعكر صفو العلاقات الثنائية وأنا منزعج من هذا الأمر إن رغبة الشعبين والحكومتين في إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي ستتغلب حتما وسريعا على تلك المعوقات الجزئية أما علاقاتنا مع سوريا فهي علاقات أخوية وقديمة وقوية ولسوريا أهمية خاصة في المنطقة نظرا إلى كونها أحد بلدان خط المواجهة مع إسرائيل.
غسان بن جدو: نحن نعلم أنها علاقات طيبة أنا أسألكم هل هي علاقات استراتيجية؟
حسن روحاني: السبب في أنني لم أستخدم هذه الكلمة هو أن هناك من يفسر عبارة علاقات استراتيجية تفسيرا خاصا لكنني أقول إن علاقاتنا مع سوريا علاقات أخوة وصداقة ونحن حريصون على هذه العلاقة وإذا أردت تسميتها بالاستراتيجية فهي كذلك وستبقى في المستقبل.
الوضع الإيراني الداخلي
غسان بن جدو: إذا دخلنا الملف الداخلي دكتور روحاني ثمة حصلت انتخابات برلمانية أخيرة من الواضح أن ما يسمى بالتيار المحافظ حقق فوزا كبيرا في هذه الانتخابات سؤالي دكتور روحاني هل أن نتائج هذه الانتخابات ستنعكس بشكل مباشر على الواقع السياسي سواء داخل المجتمع أو داخل النظام والدولة وهل يمكن أيضا أن تنعكس على نتائج الانتخابات الرئاسية العام المقبل؟
” |
حسن روحاني: لو نظرت في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية لوجدت أن الأمور تجري وفق مسار طبيعي وأن الناس في الواقع هم الذين يقررون أيا من الأحزاب أو المجموعات يمكن أن يحقق الأهداف الوطنية أفضل من غيره علينا أن ننتظر ونرى عمل مجلس الشورى الجديد خلال السنة المقبلة فإذا كان موفقا ونال رضى الشعب فقد ينعكس ذلك على انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة والعكس صحيح أيضا فمثلا في انتخابات المجلس الخامس فاز هذا الجناح الذي حصل على الأغلبية في المجلس السابع اليوم ولكن بعد سنة من انتخابات المجلس الخامس وفي انتخابات رئاسة الجمهورية فاز الجناح المقابل وانتُخب السيد خاتمي رئيسا للجمهورية لذا لا يمكننا القول أن الجناح الذي سيطر على المجلس السابع سيتمكن من الفوز برئاسة الجمهورية العام المقبل.
غسان بن جدو: ربما الفارق بأنه في ذلك الوقت هذا التيار الذي الآن فائز كان مطمئن بشكل كامل بأن الرئيس سيكون رئيسه يعني الشيخ ناطق نوري وحتى تصرف كما يقول البعض بطبيعة الحال هذا التيار البعض الغرور لكن يبدو إنه الآن أكثر براغماتية وأكثر واقعية النواب الموجودون الآن دكتور روحاني نتيجة لهذا الأمر هل تعتقد بأن الإصلاحيين فشلوا التيار الإصلاحي أنا أسمع أعلم جيدا بأن الجميع هنا يقول إن الإصلاحات مستمرة لكن أنا أتحدث عن الإصلاحيين هل فشلوا؟
حسن روحاني: مثلما قلتم فإن الإصلاحات مستمرة وقائد الثورة أكد أن الإصلاحات بدأت مع الثورة وستستمر الجناح الذي يسمى بجناح الإصلاحيين فشل في كسب الأكثرية في المجلس السابع ولكنه قد يتمكن من الفوز برئاسة الجمهورية وهذا مرهون بعمله خلال الفترة المقبلة والأمر الآن قد يبدو مشوقاً للناس عندما يروا المجلس بيد جناح والحكومة بيد جناح آخر وبإمكانهم بعد سنة من الآن انتخاب هذا الجناح أو ذاك.
غسان بن جدو: لكن الإصلاحيين يقولون إنه بقطع النظر عمن يحكم طالما أن هناك مجلس صيانة الدستور يعني (كلمة بلغة أجنبية) فلن يسمح مطلقا لأي إصلاحي له إمكانية أن يفوز بأنه يترشح من الأساس وأن تجربة خاتمي لن تتكرر أبدا.
حسن روحاني: لا يمكننا قول ذلك ففي الانتخابات الأخيرة للمجلس السابع ألم يصادق مجلس صيانة الدستور على ترشيح بعض شخصيات الجناح الإصلاحي ولكنهم لم يحصلوا على الأصوات المطلوبة بالرغم من مشاركتهم في كل المناطق الانتخابية صحيح أن مجلس صيانة الدستور رفض مرشحين لكنه رفض المتشددين في الجناح الإصلاحي وقَبِلَ المعتدلين منهم، إنني أرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة لهؤلاء كي يرشحوا ممثلين عنهم مع العلم أن القول الفصل في المرشحين سيكون لأبناء الشعب.
غسان بن جدو: جميل تحييدكم الآن حول المعتدل وغير المعتدل هل تعتقدون بأن المستقبل في إيران هو فقط للمعتدلين أكان من التيار اليمين المحافظ أو من تيار الإصلاحي؟
حسن روحاني: أنا أتمنى أن يكون كذلك ففي الانتخابات البلدية لم يتدخل مجلس صيانة الدستور ومع ذلك فقد انتخب الناس أفراد معتدلين وفي انتخابات المجلس شاهدنا كذلك مثل هذه الحالة ونحن نأمل أن يُنتخب شخص معتدل لرئاسة الجمهورية وسيكون هذا في صالح البلاد وكل المنطقة.
غسان بن جدو: دكتور روحاني معروف بأنه شخص معتدل وسمعتك طيبة هنا داخل إيران وأعتقد حتى ممارستك الآن بإشرافك على الملف النووي حسب متابعتنا نحن كمراقبين أعطاك بُعْد دولي إيجابي هل أنتم مرشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
حسن روحاني: في الحقيقة إنني لم أفكر في هذا الأمر وليس لدي الآن برنامج لذلك فهناك وقت طويل يفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية سنة كاملة تقريبا.
غسان بن جدو: نعم هل هناك إمكانية أن تترشح أو أحد التيارات يدفعكم إلى هذا الأمر؟
حسن روحاني: لست أدري ولعل هذا الأمر سيكون مرهونا بالتطورات اللاحقة في البلاد.
غسان بن جدو: أنا أعرف أن في إيران كل شيء في الدقيقة التسعين يعني في الدقيقة الأخيرة كل هذا الأمر ولكن سؤالي شيخ.. سماحة الشيخ أسألكم الآن كشيخ تجربة الانتخابات البرلمانية الأخيرة عندما عُيِّن أو انتخب دكتور حداد عادل رئيس البرلمان ثمة من قال إنه لأول مرة بعد الثورة يأتي رئيس برلمان غير معمم يعني من غير المشايخ وكأن هذه إشارة أيضا إلى الرئيس الإيراني المقبل سيكون أيضا غير معمم هل توافق هذه القراءة أم لا؟
حسن روحاني: أنا أعتقد أنه يجب ألا نعطي أهمية لهذه المسألة أن يكون رئيس المجلس أو رئيس الجمهورية مُعمما أو غير مُعمم ففي المجلس هناك نحو أربعين نائبا معمما ولكن النواب انتخبوا نائبا غير مُعمم لرئاسة المجلس وقد ينتخب الشعب شخصا غير معمم أيضا لرئاسة الجمهورية المهم أن يتمتع الشخص المنتخب بكفاءة تؤهله لإدارة البلاد وأعتقد أن أبناء الشعب سيتجهون لانتخاب من هو الأصلح بغض النظر عما إذا كان هذا مُعمما أو غير مُعمم وأنا أعتقد أن انتخاب شخصا غير مُعمم لرئاسة المجلس لا يشكل أي قلق عند أي أحد من أفراد الشعب أو المسؤولين إنه أمر طبيعي جدا كما أنني لم أسمع لحد الآن أحدا تساءل عن سبب انتخاب شخص غير معمم لرئاسة المجلس.
غسان بن جدو: أخيرا دكتور روحاني ذكرتم قبل قليل أنكم تتمنون أن يكون الرئيس الإيراني المقبل معتدل برأيكم ما هي مواصفات أي رئيس إيراني مقبل ما هي أولويات وما هي البرنامج الرئيس الذي ينبغي أن يكون لأي رئيس مقبل؟
حسن روحاني: أنا أعتقد أن أبناء الشعب يولون أهمية للتنمية وخاصة التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية كما أنهم يطمحون للوصول إلى حالة من الرفاه الاقتصادي وأعتقد أن الشعب سيعطي رأيه لمن هو قادر على تحقيق هذه التنمية وتحقيق رفاه عام للبلاد وفي الوقت نفسه جدير بالرئيس المقبل أن يكون على إطلاع كامل بالقضايا العالمية والاستراتيجية وخاصة قضايا المنطقة.
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلا بكم من مقر الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حيث كان هذا الحوار مع الدكتور حسن روحاني إلى قلب العاصمة طهران مباشرة في الهواء الطلق مع السيد شمس الواعظين في أحد شوارع العاصمة الإيرانية سيد شمس الواعظين لعلك استمعت معي إلى ما قاله الدكتور حسن روحاني القضية التي أود أن أسألك إياها أولا هل هناك إجماع حول استراتيجية الأمن القومي الإيراني بشكل عام هنا في إيران تعلم هنالك محافظون وإصلاحيون وهنالك موالاة ومعارضة فيما يتعلق بالأمن القومي هل هناك إجماع حول هذه المسائل أم أيضا هناك خلافات؟
” |
ماشاء الله شمس الواعظين: ليس أدنى شك أن هناك إجماع حول كثير من القضايا والأمن القومي الإيراني إحدى الركائز الرئيسية في النظام السياسي الإيراني الذي توجد حولها إجماع سياسي واضح لكن هناك فروق أو اختلاف بالنظر بين التيارات المختلفة حول بعض المقولات التي تعتبر من الأمن القومي المحافظون مثلا يعتبرون كثير من القضايا الجزئية من الأمن القومي.
غسان بن جدو: على سبيل المثال لنحلل أكثر؟
ماشاء الله شمس الواعظين: المعارضة في الكُتَّاب المعارضين مثلا عندما ينشرون بعض المقالات يحاكمون على أساس إساءة للأمن القومي أو من هذا القبيل لكن هناك إجماع عارم وبشكل قاطع حول الأمن القومي فيما يتعلق بقضايا استراتيجية مثل حق إيران على امتلاك الطاقة النووية أو التكنولوجيا النووية أو قضية القوميات وكثير من القضايا.
غسان بن جدو: يعني سيد شمس الواعظين فيما يتعلق بالملف النووي لعلك استمعت إلى ما قاله الدكتور حسن روحاني عندما قال أولا خيارنا الاستراتيجي لا يدفع باتجاه امتلاك السلاح النووي وأنا عندما سألته هل تتوجسون خيفة أو ريبة من إمكانية تلقى إيران ضربة عسكرية ما سواء من أميركا أو إسرائيل الرجل بدا واثقا بأن هذا الأمر لن يحصل وإذا حصل فسيلقى ردا قاسيا أنت كمحلل سياسي هل تعتقد بأن الملف النووي يمكن أن يؤدي إلى مواجهة ما بين إيران والولايات المتحدة الأميركية؟
ماشاء الله شمس الواعظين: اسمح لي أن افترض افتراضيْن في هذا المجال الافتراض الأول إنه الأمور تجري على ما نراه في المرحلة الأخيرة أنا أتوقع ستكون هناك مواجهة بين الولايات المتحدة الأميركية وممكن إسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى أنا أتوقع هذا الشيء لكن الافتراض الثاني إنه إذا أدخلت إيران بعد التعديلات في التركيبة السياسية القائمة في البلاد لتصبح أكثر ديمقراطية خاصة في مجالات حيوية مثل المجال النووي هناك قرار يُتخذ حول المجال النووي بميكانزمات ديمقراطية أو بأشكال أخرى بهذا الافتراض أنا أتصور ستكون المواجهة غير حتمية أو ستكون تتعلق أو تشترط ببعض الظروف أيضا خاصة الموقف الصارم لإيران من النزاع العربي الإسرائيلي وما يسمى بمسار السلام في الشرق الأوسط ودعم الإرهاب أو ما يسمى دعم الإرهاب.
غسان بن جدو: دعني أتحدث معك بأكثر بصراحة ثمة من يقول أن إيران تخشى أن يكون العراق قويا وتريد أن يكون العراق ضعيفا لأنه عندما يكون العراق قويا فهذا سيهدد الأمن القومي الإيراني.
” |
ماشاء الله شمس الواعظين: قبل أن تخشى إيران أن يكون العراق قويا تخشى أو عندها هاجس أقوى من المخاوف تجاه قوة العراق وهو أن تنجح الولايات المتحدة الأميركية في المجال العراقي لإعطاء ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير الدفعة القوية من منطلق العراق لتشمل بعض الدول ومنها وكما يعلنون الغربيون وخاصة الأميركيون منهم لتشمل إيران وسوريا والعربية السعودية هناك طبعا مخاوف وتريد إيران من جهة ألا ينجح الأميركيون في العراق وألا ينجح النموذج الأميركي في العراق ومن جهة أخرى ترى إيران من ناحية بعيد الأمد إذا سياسة عدم الاستقرار في العراق سيؤثر سلبيا على مجال الأمن القومي الإيراني لذلك إيران هي في مفارقة في سياستين من جهة تريد أن لا ينجح الأميركيون ومن جهة سيؤثر سلبا أي توتر أو أي قضايا..
غسان بن جدو: عدم استقرار.
ماشاء الله شمس الواعظين: عدم استقرار في الساحة العراقية ليضرب الأمن القومي الإيراني في المستقبل وهذا هاجس كبير لذلك تتجه إيران نحو الاستقرار السياسي بعدما تكبد الأميركيون في العراق خسائر كبيرة وصلوا إلى نتيجة إنه أي ضربة عسكرية لأي دولة في الشرق الأوسط سيكون ثمنها عاليا جدا.
غسان بن جدو: طيب فيما يتعلق بهذا الأمن الإقليمي في الخليج في الآونة الأخيرة حصلت بعض الاحتكاكات البحرية بين قوارب صيد إيرانية والبحرية الإماراتية وأيضا مع البحرية القطرية ما لاحظناه هنا في وسائل الإعلام الإيرانية أن هذا الأمر احتل حيزا هاما وكبيرا جدا وهناك انتقادات ضخمة الحقيقة إذا حتى الرئيس محمد خاتمي قال ينبغي ألا نضخم كثيرا هذا الملف حدثني بصراحة عن هذه المسألة ما الذي يثيره بشكل أساسي لدى المواطن الإيراني صانع القرار الإيراني لدى أي إنسان هنا في إيران في نظرته للجانب الخليجي للضفة الأخرى من الخليج وما يتعلق بهذا الأمن الإقليمي الخليجي؟
ماشاء الله شمس الواعظين: القيادة الإيرانية العليا تتصرف تجاه هذه القضايا البسيطة بحنكة عالية جدا وأنا أعترف بحنكة المسؤولين بالتصرف لكن هناك بعض الإعلاميين خاصة الإعلام المحافظ يتجه نحو اتهام الرئيس محمد خاتمي أو حكومة الرئيس محمد خاتمي على أنها لم تتخذ مواقف صارمة تجاه هذه الأحداث التي ممكن حسب رأيهم أن تشكل بعض الخطورة للأمن القومي الإيراني لكن أنا لا أعتبر حتى أن نتطرق بهذا الحديث.
غسان بن جدو: لكن سيد شمس الواعظين ثمة من يقول العكس تماما إن المحافظين هم الأقرب إلى العرب هم الأقرب إلى الخليجين وهم الأقرب إلى أن يكونوا مع هذا النظام الإقليمي الخليجي على عكس الإصلاحيين بوصلة الإصلاحيين خاصة من وصفوا بالإصلاحيين المتطرفين أو المتشددين كما استمعت إلى السيد حسن روحاني بوصلتهم هؤلاء غربية أوروبية وأميركية.
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا لا أعتبر إنه حديث الدكتور روحاني حول المتطرفين من الإصلاحيين حديثا صائبا لأنه هذا الحديث أتى بعد الإخفاق بالإصلاحيين في عملهم السياسي ومرده إن هناك بعض الإصلاحيين المتطرفين هم الذين جروا..
غسان بن جدو: قاطرة الإصلاحات.
ماشاء الله شمس الواعظين: قاطرة الإصلاحات إلى الإخفاق هذه كلها أشياء هذه أنا أعتبر إنها أشياء بسيطة جدا وأكثر أنها اعتبارية إنه حسب انطباعات الرأي العام البعض يتصور أن هناك تطرفا والبعض يتصور إنه ليست تطرفا أو هذه سياسة محافظة أم هذه راديكالية هذه كلها أشياء اعتبارية وهذه أشياء تتعلق بانطباعات الرأي العام أنا أرى أن المصلحة العليا للبلاد نحو الإصلاح السياسي وهي إيران بدأت هذا الإصلاح من مايو عام 1997 عند وصول الرئيس محمد خاتمي هذا النموذج كان بإمكانه أن ينتشر في الشرق الأوسط قبل أن يأتي الأميركيون بمشروعهم الذي يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير وأنا أعتبر أن الإخفاق والإحباط الذي حصل في مجال الإصلاح السياسي في إيران مرده غير العامل الأساسي الداخلي وبل هناك بعض العوامل الرئيسية الخارجية التي أدت إلى الإخفاقات في عملية الإصلاح السياسي.
غسان بن جدو: لكن أجبني من فضلك حول ما يتعلق ببوصلة غالبية التيار الإصلاحي نحو الغرب وليس نحو العالم العربي هل هذا دقيقا؟
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا أعتبر إنه سياسة الرئيس محمد خاتمي وسياسة الإصلاحيين نحو الانفراجات في السياسة الخارجية كان مرده أو نتيجته الأولى كانت في العالم العربي هناك علاقات وطيدة بين إيران وبين مصر علاقات وطيدة بين إيران والعربية السعودية ولكن هناك أزمة بين إيران بين السياسة الخارجية وأوروبا وبعض. وهناك أزمة جدا معقدة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وهذا ليس صحيحا هناك علاقات جيدة بين إيران والكويت وقطر والبحرين والسعودية والعراق في هذه الظروف.
غسان بن جدو: هذا الوصف الحقيقة دقيق ولكنه يتعلق بالدولة ويتعلق بخاتمي الرئيس ويتعلق بالإصلاحيين الموجودين في الحكومة أنا أتحدث عن الطبقة السياسية الإصلاحية بشكل عام.
ماشاء الله شمس الواعظين: هذه صحيح إنه الطبقة السياسية هي تعتبر أنه يجب على إيران أن تنقل التوازن الإقليمي إلى التوازن الأوروبي في اتخاذ نموذجها الإصلاحي السياسي أو الديمقراطية وكل العرب وكل الشرق الأوسط يتجه نحو هذا الاتجاه وليس الإصلاحيون وحدهم الذين يتكلمون أو يعتبرون المجتمع الأوروبي هو النموذج الصحيح نحو دمقرطة المجتمع الإيراني..
غسان بن جدو: ليس الإصلاحيون الإيرانيون فقط الإصلاحيون في العالم العربي.
ماشاء الله شمس الواعظين: فقط حتى الإصلاحيون في العالم العربي.
غسان بن جدو: فيما يتعلق بالحوار مع الولايات المتحدة الأميركية سيد حسن روحاني قال الإشكالية لدى واشنطن وليست لدى طهران ثمة من يقول إن المرحلة المقبلة مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة العام المقبل لعلها ستشهد نوعا من الانفراج بين طهران وواشنطن سيما إذا استتب الأمر بشكل كامل للتيار المحافظ هل هذا الوصف أو هذا التحليل دقيق أم مبالغ فيه إن التيار المحافظ لا يزال متمسكا بشعاراته الراديكالية المواجهة للولايات المتحدة الأميركية وربما العام المقبل بعد الانتخابات الرئاسية سنشهد مزيد من الاحتكاك بين طهران وواشنطن ولعلنا نشهد حتى مواجهة كما تفضلت أنت في البداية في الإشارة.
” |
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا أعتبر إن الملف النووي هو النقطة الرئيسية الذي سيكون عاملا مؤشرا لمستقبل العلاقات بين إيران وواشنطن الذي أراه نحو المواجهة شبه الحتمية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية..
غسان بن جدو: يعني ليست المواجهة السياسية فقط ربما حتى المواجهة العسكرية.
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا أعتبر أنها ستكون حتى تتجه نحو المواجهة العسكرية يعني ممكن أنا أتوقع ضرب المفاعل النووية في بوشهر من قبل الولايات المتحدة الأميركية حتى إسرائيل هذا شيء أو احتمال وارد جدا خاصة خلال المرحلة المقبلة التي من المفترض أن تبدأ المفاعل النووية في بوشهر..
غسان بن جدو: وبحسب معطياتك هل القيادة الإيرانية متحسبة لهذا الأمر تأخذه في الاعتبار؟
ماشاء الله شمس الواعظين: نعم متحسبة في هذا الأمر وبعض القيادات تعتبر إنه هذه القضية ستكون إحدى الصفحات الأولى لمواجهة شاملة ممكن أن تحصل بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
غسان بن جدو: إذا دخلنا أكثر في عمق الواقع السياسي هنا في إيران بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي حصل فيها المحافظين على الغالبية الكبرى في البرلمان الآن كل التطلعات إلى الانتخابات الرئاسية العام المقبل السيد حسن روحاني قال ليس بالضرورة نتائج هذه الانتخابات التي كانت لصالح المحافظين ستكون هي ذاتها في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأشار إلى ما حصل في عهد الرئيس محمد خاتمي سيد شمس الواعظين هل فعلا أنت تقرأ بهذه الطريقة أن من هنا منذ الآن إلى العام المقبل ثبت هامش من المناورة أمام التيار الإصلاحي ليعيد ترتيب صفوفه وإيجاد استراتيجية جديدة قد تُنجحه في الانتخابات الرئاسية العام المقبل أم أن الأمور استوت والتيار المحافظ يتجه بالفعل إلى الإمساك بكل مفاصل القرار في النظام الإيراني؟
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا أرى إنه القاعدة الاجتماعية بعد الإخفاق الذي حصل في عملية الإصلاحات في إيران بشكل عام ليس إصلاحيين ولا محافظين الشعب الإيراني كان يريد إصلاحا سياسيا بلا دفع أي ثمن باهظ نحو إيجاد أي ثورة مستقبلية أو ثورة أخرى بعد الثورة الإسلامية الرأي العام كان يطالب بالإصلاح السياسي لكن عملية الإصلاح السياسي أو الإخفاق أدى إلى الإحباط بين مختلف الأوساط الشعبية الإيرانية وخاصة الطبقة المتوسطة والنخب السياسية في البلاد والنخب الثقافية لذلك أنا أرى هذا الإحباط أدى إلى الانفصام بين هذه القاعدة وبين التركيبة السياسية القائمة الحالية في البلاد هذا الانفصام سيؤدي في المستقبل إلى الانعزال أو إلى تشكيل الطبقة المحذوفة مثل ما يسمى في إيران وفي العالم العربي تسمونها الطبقة..
غسان بن جدو: المهمشة.
ماشاء الله شمس الواعظين: المهمشة أو الطبقة التي (Marginal)..
غسان بن جدو: الهامشية نعم.
ماشاء الله شمس الواعظين: الهامشية أيضا هذا سيؤدي إلى توقعات خطيرة بالنسبة لمستقبل إيران أو تجديد العنف في المستقبل أو نحو حركة انفجارية أخرى مثل التي تشمل 23 مايو 1997 التي أدت إلى وصول الرئيس محمد خاتمي إلى سدة الحكم لذلك المشكلة هي تقع في كالتالي أنا أعتبر الأولى أنه النظام السياسي القائم حاليا في إيران بعد الدروس المريرة التي أخذها من الحركة الإصلاحية في إيران خلال الثمان سنوات الماضية يتجه نحو نموذجا آخراً في التركيبة السياسية في البلاد ليس هناك في المستقبل كما أرى نشاط أو مؤسسة سياسيا في العمل السياسي في التركيبة السياسية في البلاد ليس هناك في المستقبل كما أرى طبعا نشاط أو ممارسة مؤسساتية في العمل السياسي في التركيبة السياسية في السلطات الثلاث السلطة التنفيذية والقضائية والتقنينية بل هناك سيكون نموذج الولاءات السياسية لولاية الفقيه والمرشدية في إيران هي التي ستحدد مدى قرب أو بُعد التيارات السياسية بالنظام السياسي والولاء هو الذي سيشكل المعيار الوحيد نحو ضرب بعض التجارب السابقة في إيران وإسكات بعض التيارات السياسية التي تنادي بدمقرطة المجتمع الإيراني لذلك أنا أرى في المستقبل خاصة في الانتخابات المقبلة للرئاسة الجمهورية الولاء السياسي هو الذي سيحدد الشخصيات التي ستتبوأ المقعد الرئيسي في الرئاسة الجمهورية المقبلة في إيران.
غسان بن جدو: ربما جزء من القيادة الإيرانية سيختار سيُرشح سيُشجع سيحمي أشخاص يوالونه بشكل مباشر لكن حسب ما نفهم لا يزال هناك مجال أن يقول المواطن الإيراني كلمته في صندوق الاقتراع وعليه هل انتفت تماما أمام الإصلاحيين أبواب المناورة من هنا إلى انتخابات الرئاسية المقبلة؟
ماشاء الله شمس الواعظين: بالانتخابات البرلمانية للدور السابع رأينا اكتشفت حقيقة أنه 55 أو 60% من الرأي العام لم يشارك في الانتخابات هذا سيشكل الطبقة المهمشة أو الطبقة المحذوفة أو الطبقة الصامتة في الانتخابات المقبلة النظام السياسي يتجه نحو الأقلية الفاعلة أو النشطة من الناحية السياسية ويكفي 35% من الأصوات ليشكل أي حركة أو يتجه نحو أي اتجاه يريده لكن بالنسبة للإصلاحيين أنا أعتقد أن الإصلاحيين سيتجهون نحو القاعدة الاجتماعية لكي يتمكنوا من تشكيل العمق الاستراتيجي الاجتماعي لهذه الطبقة الصامتة والطبقة المحذوفة أو الطبقة المهمشة حتى تتمكن الحركة الإصلاحية في المستقبل من لعب الدور الرئيسي في المستقبل عندما تصطدم الأمور مع المحافظين في المرحلة المقبلة.
غسان بن جدو: هل انتهت الإصلاحات وتوفي الإصلاحيون؟
ماشاء الله شمس الواعظين: أنا لا أعتبر أن العملية الإصلاحية قد انتهت في إيران وستكون قضية ملحة جدا بالنسبة للمستقبل المنظور وأيضا أرى أن المحافظين هم الذين سيلعبون دورا أساسيا في قضية الإصلاح لكي يتمكنوا من أخذ المبادرة من يد الإصلاحيين في المستقبل.
غسان بن جدو: برأيك ما هي مواصفات الرئيس الإيراني المقبل؟
ماشاء الله شمس الواعظين: الولاء السياسي لولاية الفقيه بعبارة واحدة.
غسان بن جدو: ما هو برنامجه الأساسي الذي يمكن أن يقنع الرأي العام؟ هل كما قال السيد حسن روحاني التنمية الاقتصادية هذا الرفاه هو الذي يمكن أن يغري..
ماشاء الله شمس الواعظين: اسمعني أقول بصراحة أنه الازدواجية في السلطة السياسية الإيرانية التي طالت تقريبا خمسة وعشرين سنة ربع قرن أدى إلى ما أدى إليه من قضايا سياسية أو أزمات داخلية أنا أعتقد أنه ولاية الفقيه أو مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي سيتجه نحو الوحدانية في السلطة السياسية في المستقبل لكي لا تكون هناك أي أزمات وأن يتجه نحو بعض الاستحقاقات لتلبية بعض الاستحقاقات الرئيسية منها الملف النووي منها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية ومنها الرفاه الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
غسان بن جدو: شكرا لك سيد ماشاء الله شمس الواعظين على هذا اللقاء شكرا لكم مشاهدينا المحترمين على حسن المتابعة كان لقاء خاصا مع الدكتور حسن روحاني وتحليلا معمقا مع المحلل السياسي ماشاء الله شمس الواعظين من طهران أحييكم وألقاكم السبت المقبل بإذن الله مع تقديري لكم في أمان الله.