
تركيا وأبواب أوروبا الموصدة
– المصالح المتبادلة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
– المخاوف الأوروبية من انضمام تركيا
– دور الشعوب الأوروبية وآفاق إتمام الانضمام
– خيارات تركيا وتأثير الدور الأميركي
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
توفيق طه: السلام عليكم. أربعون عاما كاملة فصلت بين طلب تركيا لأول مرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عام 1959 وقبول طلبها رسميا عام 1999 واحتاج الأمر ست سنوات بعد ذلك لكي تبدأ بين الجانبين مفاوضات حول عشرة فصول فقط من بين 35 فصلا يجب الاتفاق حولها قبل الانضمام رسميا، وحتى هذه جمدت المفاوضات حولها لفترة في العام التالي 2006 بسبب رفض تركيا فتح موانئها ومطاراتها أمام سفن وطائرات القبارصة اليونانيين. طوال خمسين عاما إذاً من السعي لم تحصل تركيا إلا على عضوية الاتحاد الجمركي عام 1995، وعندما حث الرئيس الأميركي باراك أوباما الأوروبيين على قبول تركيا عضوا في اتحادهم لقيت دعوته رفضا فوريا من فرنسا واستقبالا فاترا من ألمانيا، فلماذا كل هذا الإصرار التركي على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟ ولماذا كل هذه المعارضة والعراقيل الأوروبية؟ وما هي الخيارات والبدائل المتاحة أمام تركيا في حال ظلت أبواب أوروبا موصدة أمامها؟ مشاهدينا الكرام أهلا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج أكثر من رأي والتي أعوض فيها الزميل سامي حداد، ضيوفنا لمناقشة هذه القضية في الأستوديو مدحت رندا سفير تركيا لدى دولة قطر، ومن باريس ماثيو قويدر الباحث في القضايا الأورومتوسطية، ومن اسطنبول الدبلوماسي العراقي السابق والمختص بالشأن التركي الدكتور هاشم الشبيب، أهلا بكم جميعا.
المصالح المتبادلة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
توفيق طه: أبدأ معك السيد السفير لماذا كل هذا الإصرار التركي على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ما الذي تستفيده تركيا من ذلك؟
مدحت رندا: شكرا لك. أولا الاتحاد الأوروبي هو مشروع سلام صمم لتأسيس السلام في أوروبا وصمم للتوصل إلى عملية تكامل اقتصادي وتعزيز الرخاء وأيضا يستند إلى الثقافات المشتركة ونؤمن أن تركيا جزء من هذا التراث الثقافي لأنها بدأت عملية تحديث لها بعد الإمبراطورية العثمانية وعام 1963 وقعنا اتفاقية أنقرة وذلك لنكون جزءا من هذه العملية وقد كنا أيضا عضوا من الناتو وعضوا من المجلس الأوروبي ومنظمات أوروبية أخرى ومؤسسات إذاً فأصبحنا هكذا جزءا من مجموعة القيم الأوروبية ونحن نسمي الاتحاد الأوروبي مجموعة أو منظومة القيم ونحن عملنا لتنظيم هذه القيم الأوروبية وساهمنا فيها واليوم العضوية الكاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي تعتبر أولوية قصوى لنا في تركيا..
توفيق طه (مقاطعا): ما الذي تستفيدونه؟
الاتحاد الأوروبي سيستفيد من انضمام تركيا إليه، فتركيا معترف بها كجسر ثقافي بين أوروبا والعالم الإسلامي، واقتصادها حيوي مهم وسوق مهم لدول الاتحاد ومركز قوي لتصدير المهارات البشرية |
مدحت رندا: سوف نستفيد وأوروبا أيضا ستستفيد، أولا دعوني أقل إنه عام 1999 عندما اجتمع الزعماء الأوروبيين في هلسينكي وقالوا إن تركيا يجب أن يعلن عنها كمرشح رسمي، هذا القرار استند إلى عوامل مهمة أولا تركيا اعترف بها وتم قبولها كجسر ثقافي بين أوروبا والعالم الإسلامي، ثانيا اعتبر وأقر بها كانطلاقة لأوروبا إلى القوقاز وجمهوريات آسيا الوسطى، وأيضا تركيا تم قبولها كاقتصاد حيوي مهم وكسوق مهم للاتحاد الأوروبي ومركز إنتاج وأيضا بسكانها المتعلمين وبفئة الشباب اعتبروا أيضا جزءا مهما كمصدر ومورد للأوروبيين، هذه كل الميزات الأوروبية ولهذا اتخذوا القرار الإستراتيجي عام 1999 بذلك، نحن كنا أيضا ننوي أن نستفيد وننتفع..
توفيق طه (مقاطعا): نعم، دعني هنا أنتقل إلى السيد قويدر في باريس، سيد قويدر إلى أي مدى توافق على أن انضمام تركيا إلى أوروبا هو لمنفعة الجانبين تركيا وأوروبا وأن تركيا هي بالفعل جزء من التراث الأوروبي كما قال السفير التركي هنا؟
ماثيو قويدر: أضن أن المسألة التركية، القضية التركية بصفة أخص قضية شائكة وعويصة ولا يمكن أن نقول إنها يعني سهلة المنال، فالقضية التركية من مصلحة تركيا طبعا وأنا أفهم حضرة السفير عندما يقول إن من مصلحة تركيا أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، تركيا لها مصلحة اقتصادية أساسا ولكن من الجانب الأوروبي كل هذه ليس هناك مصلحة خاصة، هناك قلق أوروبي من الانضمام الكامل لتركيا إلى الاتحاد الأوروبي، هذا القلق، لن أدخل في المسائل السياسية والمتاهات السياسية لتواجد تركيا داخل أو خارج أوروبا جغرافيا، ما يجب أن نثيره الآن هو أن هذه القضية الإستراتيجية على الأمد البعيد لو دخلت تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بمسألة كاملة لأصبحت تركيا هي العضو الثاني في الاتحاد الأوروبي أي أنها تصبح بعد ألمانيا التي لها أكثر ممثلين وأكثر قوة وأكثر وجاهة في الاتحاد الأوروبي وهذا طبعا..
توفيق طه (مقاطعا): وهناك من يقول سيد قويدر إنها في عام 2015 قد تصبح العضو الأول من حيث عدد السكان؟
ماثيو قويدر: نعم، المسألة الديموغرافية ننساها والمسألة الديموغرافية مهمة جدا بما أن لها تمثيلها، فمهما تحدثنا عن المسائل السياسية لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار مسألة التمثيل الديمقراطي داخل الاتحاد الأوروبي وأظن أن دخول تركيا في هذه الحالة -وهذا القلق يعني يشعر به كل الأوروبيين تقريبا- سوف يغير تماما التوازن الأوروبي الداخلي دون أن ننسى أن الفارق الاقتصادي وفارق مستوى المعيشة بين الأتراك وبين بقية أوروبا سوف يجعل الهجرة كاملة وسوف يغير تماما المسائل، التوازنات الاقتصادية داخل أوروبا في حد ذاتها.
توفيق طه: سنأتي إلى هذه المسائل بالتفصيل، دعني أسمع من الدكتور الشبيب في اسطنبول، يعني تركيا عندما تنضم إلى أوروبا ستكون الدولة الثانية وربما الأولى بعد فترة لذلك هناك من يرى أنها ستكون داعما قويا للقضايا الإسلامية والعربية داخل أوروبا، ما رأيك في ذلك؟
هاشم الشبيب: الحقيقة أنا أحب أن أضيف شيئا جديدا، مثلما تفضل السيد السفير والأخ الخبير، تركيا لم ترغب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو إلى أن تكون أوروبية منذ عام 1963، في أواخر الدولة العثمانية بدأ الصراع شديدا بين المحافظين القدامي وبين من يدعو إلى أوروبا التركية ومن أسباب سقوط الدولة العثمانية هو الصراع بين القديم والجديد، فتركيا كانت منذ العهد العثماني تطمح لأن تصبح أوروبية وكان كثير من المراقبين المحليين والخارجيين يعتبرونها أوروبية، بعد الثورات الأخيرة التي جرت..
توفيق طه (مقاطعا): وربما هذا ما قاله السيد السفير حين أشار إلى أن تركيا أرادت أن تكون جزءا من التراث الأوروبي منذ نحو مائتي سنة، لندخل في مسألة الدعم للقضايا الإسلامية والعربية في أوروبا إذا ما انضمت تركيا إليه.
هاشم الشبيب: أنا أعتقد أن ما تفضل به السفير صحيح، الرغبة التركية قديمة والموقف الأخير من حزب العدالة والتنمية سواء رئيس الدولة الرئيس عبد الله غل أو رئيس الوزراء السيد أردوغان مواقفه الأخيرة كلها أوضحت للعالم وللأوروبيين أن تركيا لن تكون ضيفا ثقيلا على أوروبا ولكنها ستحقق مزجا حضاريا فاعلا بين الديانات وأن تركيا دولة علمانية ديمقراطية ستدافع وستكون جسرا حقيقيا بين الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وأوروبا، وهذا ما قاله الرئيس أوباما عندما جاء إلى تركيا وما دعا إليه، فهنا ليس شيئا جديدا، هناك تخوف نعم من الأوروبيين وتخوف من الأتراك أيضا، لن تكون تركيا هي الرابحة فقط من أوروبا وإنما أوروبا أيضا ستكون رابحة لأنها تحقيق لتآخي حضاري بين الأديان وتخلص أوروبا نفسها من تهمة أنها نادمة..
توفيق طه (مقاطعا): دكتور الشبيب، ما رأيك في من يتحدث عن مخاوف في أن تصبح تركيا في هذه الحال مركزا أكثر أمنا واستقرارا من إسرائيل لتأمين مصالح أوروبا والغرب في الشرق الأوسط وفي الشرق عموما؟
هاشم الشبيب: لا أعتقد أن لنا أن نقارن بين الوضع الإسرائيلي والوضع التركي، تركيا دولة إسلامية شعبها أكثر من 95% منهم مسلم، دولة لها تاريخ قديم في المنطقة، حكمت كل المنطقة لأكثر من ستة قرون وهي دولة أصيلة في المنطقة وشعبها أصيل في المنطقة، إسرائيل طريقة ظهورها وبنيانها أصلا تختلف عن الوجود التركي لأنها افتعلت بصناعة معينة وجمعت لتكون دولة أو الأرض الموعودة أو ما تسميها أما تركيا فهي الأرض الموجودة فعلا وشعبها الشعب الموجود، لا أثر للمقارنة بين تركيا وإسرائيل أبدا..
توفيق طه (مقاطعا): دكتور الشبيب دعني أنتقل مرة أخرى إلى السفير مدحت رندا يعني هل توافق على أن تركيا ستكون أقدر على تأمين مصالح الغرب وأوروبا في الشرق الأوسط من إسرائيل وربما تحل محلها؟
مدحت رندا: أولا أود أن أقول إن تركيا سوف تسهم وبشكل كبير لأوروبا وللاتحاد الأوروبي لتحقيق الأهداف الإستراتيجية وإن أوروبا كانت لتصبح دولة عظمى لا يمكن أن تتوصل إلى ذلك دون أن تندمج تركيا معها وإن أرادت أن تبقى قوة إقليمية ربما لا تحتاج تركيا، ولكن أقول إن موقف تركيا كجسر بين القارات وبين الحضارات وقامت بأمور كثيرة لبسط الاستقرار والأمن في أوروآسيا بشكل عام، فنحن بذلك نعمل لصالح الأوروبيين ونعمل لصالح أمم أخرى، إذاً فأوروبا إستراتيجيا بحاجة إلى تركيا لأمن أوروبا ولأمن المنطقة وأيضا على سبيل المثال للتوصل إلى أمن الطاقة فإن أوروبا بحاجة إلى تركيا، وأيضا نحن نعتبر سوقا كبيرة ونحن نؤمن أنه من خلال الاندماج بشكل كلي مع أوروبا سوف ننتفع أيضا، إذاً على مدى 46 عاما كانت هذه عملية طويلة والجانبان انتفعا، لا نرى أي خاسر من هذه العملية فهذه العملية طويلة بالطبع وكلانا انتفع من هذه العملية ونأمل أن الأوروبيين سيتفهموا على سبيل المثال بأننا لن نغرق أوروبا بشعبنا وأود أن أتحدث عما قاله السيد الشبيب فتركيا قامت بتصنيع اقتصادها ونحن الاقتصاد السادس صناعيا في أوروبا والتاسع عشر عالميا ولدينا أيضا صادرات كثيرة معظمها صدرناها إلى أوروبا.
توفيق طه: إذاً هنا سيد قويدر في باريس ما رأيك في هذا الكلام، أوروبا تستفيد إذاً من انضمام تركيا إليها، أليس كذلك؟
ماثيو قويدر: طبعا الاستفادة موجودة في بعض المؤسسات التي تستغل اليد العاملة الرخيصة والبسيطة في تركيا والإنتاج التركي البسيط لاستيراده ولكن التخوفات هي على المستوى السياسي والاقتصادي في نفس الوقت، الفارق بين مستوى العيش مهم جدا فتركيا دخل الفرد في تركيا سبعة آلاف دولار سنويا بينما لو نظرنا إلى ألمانيا أين يريد كل الأتراك أن يشتغلوا حاليا؟ ألمانيا 26 ألف دولار الدخل الفردي، فمن الضروري أن تركيا لو صارت عضوا في الاتحاد الأوروبي سوف تغرق أوروبا بفضل عمالتها الرخيصة وهذا شيء طبيعي بما أن الأتراك سوف يصبحون أحرارا في الذهاب في أوروبا والمجيء..
توفيق طه (مقاطعا): يبدو سيد قويدر أن للسيد السفير هنا رأيا آخر، لو نستمع إليه، في مسألة الأجور وأن تركيا ستغرق أوروبا بالعمال بأجور رخيصة.
مدحت رندا: أنا أخالف هذه النقطة وباحترام لأن أولا تركيا لديها إمكانيات كبيرة وبدلا من إرسال عمالتنا وقوتنا العاملة إلى أوروبا من الأرجح، لرأس المال للاستثمارات المباشرة تصل إلى تركيا، على سبيل المثال العام الماضي حصلنا على عشرين مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة معظمها أتت من أوروبا، إذاً فالأوروبيون يستثمرون بقوة في تركيا إذاً بدلا من أن نرسل العمالة التركية لأوروبا بالعكس سوف تنتقل رؤوس الأموال إلى تركيا لأن هذا ينفع أكثر أن يكون هناك إنتاج في تركيا وليس في الصين ولذا لا أتفق بهذه النقطة بأننا سنغرق أوروبا بالبطالة الرخيصة، وهم أيضا قبلوا دولا من البلقان وعندما دمجوا بعض دول البلقان فإن الوضع الاقتصادي لهذه الدول في البلقان لم يكن بنفس الدرجة الجيدة بالنسبة لتركيا فنحن تقدمنا عليهم كثيرا في هذا المجال.
المخاوف الأوروبية من انضمام تركيا
توفيق طه: سيد قويدر إذاً ما رأيك في هذه النقطة، استثمارات أوروبية ستأتي إلى تركيا وليس العمال الأتراك سيذهبون إلى أوروبا، بالفعل هناك سيارات أوروبية الآن تنتج في تركيا، ثم لماذا قبلت دول أوروبا الشرقية وهي كانت في وضع أسوأ اقتصاديا من تركيا في الاتحاد الأوروبي؟
الأتراك عندما ينضمون إلى الاتحاد الأوروبي سيكونون أحرارا ككل المواطنين الأوروبيين في أن يذهبوا إلى البلد الذي يعجبهم للعمل والاستفادة من ارتفاع الأجور في بلدان الاتحاد، في المقابل ستكون هناك استثمارات أوروبية في تركيا |
ماثيو قويدر: فيما يخص النقطة الأولى، المسألة ليست أن ترسل وألا ترسل، الأتراك عندما ينضمون إلى الاتحاد الأوروبي سيكونون أحرارا ككل المواطنين الأوروبيين في أن يذهبوا إلى البلد الذي يعجبهم للاشتغال، ولا أرى الأتراك يقعدون في تركيا كلهم بينما الأجور في ألمانيا أو فرنسا أو في سويسرا أو في البلدان الأوروبية الأخرى ما عدا سويسرا، الأجور كلها عشر مرات تقريبا أكثر، فهذه مسألة يعني سياسية، طبعا ستكون هناك استثمارات أوروبية في تركيا ولكن هناك كثير من الأتراك سوف يغادرون تركيا ولسبب بسيط، المسألة هنا المقارنة مع أوروبا الوسطى غير جائزة لأن تركيا سبعون مليون نسمة، سبعون مليون نسمة، ليست المسألة سهلة يعني، ليست عشرة أو خمسة ملايين ساكن إلى آخره، وهذه السبعين مليون نسمة حتى ولو ذهب منهم 10% فهناك عشرة ملايين سوف يذهبون..
توفيق طه (مقاطعا): سبعة.
ماثيو قويدر (متابعا): فيما يخص أوروبا الوسطى وانضمامها ما حصل هو أن هذا الانضمام جاء لأسباب سياسية وهنا النقطة السياسية مهمة جدا، التخوفات الأوروبية حاليا من هذا الجيل، الجيل الحالي في تركيا جيل السياسيين الحالي هو يعتبره في أوروبا كوريث لكمال أتاتورك أي أنه حريص على اللائكية وحريص على الدولة إلى آخره بينما من يقول -هذه قضية إستراتيجية- من يقول إن الجيل الجديد الجيل الذي هو نشأ مع التيار الإسلامي نشأ مع كذا، من يقول إن الجيل الجديد سوف يبقى في هذا التيار اللائكي ولن يصبح هذا الجيل الذي سيصبح له وزنه في أوروبا من يقول إن هذا الجيل لن يكون إسلاميا مثلا؟
توفيق طه: نعم. لنستمع إلى الدكتور الشبيب من اسطنبول، إذاً ليست مسألة الاستفادة الاقتصادية بين الجانبين تركيا وأوروبا هي العامل، هناك أمور سياسية أشار إليها السيد قويدر، الخوف من هجرة لشباب تركي قد يكون يحمل أفكارا إسلامية، يعني هل نعود إلى مسألة اعتبار الاتحاد الأوروبي ناديا للدول المسيحية كما يقال لدى البعض في أوروبا؟
هاشم الشبيب: أخي العزيز هذا الحلم الذي يتصوره بعض الأوروبيين لتركيا هو غير وارد، ما قامت به تركيا في أواخر القرن الماضي أو في أيام الحكومة الأخيرة قبل حزب العدالة والتنمية أحدث تغييرات هائلة في الدستور التركي لتطوير المجتمع التركي لتطوير الديمقراطية في تركيا، تركيا ليست بحاجة ماسة إلى أوروبا، قد تكون أوروبا بحاجة ماسة إلى تركيا، تركيا عضو في حلف الناتو من الخمسينيات وجيشها يعتبر الجيش الاحتياطي في أوروبا، ألبانيا عندما دخلت إلى الاتحاد الأوروبي الآن الدول الأوروبية تعاني من الهجرة الألبانية إليها، حتى أن إنجلترا سنت قوانين معينة للحيلولة دون عمل الألبان الجدد في إنجلترا، فهذه النظرة العلوية الأوروبية غير واردة، تركيا محتاجة إلى أوروبا لتطور نفسها وأوروبا محتاجة إلى تركيا أيضا لتستعمل العمالة التركية..
توفيق طه (مقاطعا): إذاً كيف يا دكتور الشبيب كيف تبرر كل هذه العراقيل الأوروبية أمام تركيا؟
هاشم الشبيب: لأكثر من سبب أخي العزيز، أولا هناك الشوفينية الدينية، ليست الشوفينية قومية فقط، هناك الشوفينية الدينية لدى بعض الأوروبيين، فرنسا إدارتها تتغير بعد سنة وألمانيا تتغير كذلك أما تركيا منذ عشرات السنين تعمل بجدية للدخول إلى أوروبا، يوما الأوروبيين يرحبون ويوما يزعلون، عندما حدث الخلاف الأخير بين رئيس وزراء الدنمارك لما رشح لرئاسة حلف شمال الأطلسي كثير من الأوروبيين قالوا إننا أخطأنا ويجب أن نعيد النظر، حزب العدالة والتنمية هو أكثر حزب أثبت بأعماله أنه أكثر من سار بطريق العلمانية والديمقراطية في تركيا..
توفيق طه (مقاطعا): ومعظم التعديلات الدستورية للانضمام إلى أوروبا حدثت أثناء حكم حزب العدالة والتنمية.
هاشم الشبيب: بالضبط، لا، قبلها بدأت واستمرت، قبل حزب العدالة والتنمية الحكومة الائتلافية في عام 2000 و2001، 1999 أحدثت تغييرات كثيرة في الدستور ولكن مجيء السيد أردوغان والسيد غل أصبحت الإجراءات متوافقة مع التعديل الفعلي في الأرض، يعني مثلا أعطيك مثالا، كان في كل سنة في تركيا يصير مشاكل كثيرة في احتفالات 1 مارس، الآن المجتمع التركي هو مجتمع عثماني ليس مجتمعا أوروبيا وليس مجتمعا قمريا، إنه ما زال يعيش في القيم العثمانية ولا بد من تطويره لمواكبة القيم الإنسانية الجديدة ولذلك رئيس الوزراء أصدر قبل أيام تعليمات في التعامل مع أحداث 1 مارس، القضية الكردية كانت مغلقة جدا ويخاف منها أما الآن أكو انفتاح كبير جدا على القضية الكردية وأكو إذاعة باللغة التركية وأكو تغييرات كبيرة في هذا الموضوع. حقوق الإنسان وضع الأمن التركي والشرطي التركي ليس قديما، هذا شيء لمصلحة تركيا ولتكون أقرب إلى المجتمع الأوروبي لأن تركيا ليست أوروبية فعليهم أن يهيئوا هذا المجتمع ليصبح أوروبيا، أما..
توفيق طه (مقاطعا): سنرى إلى أي مدى تغيرت تركيا لتتحول إلى أوروبا لكن أريد أن أسمع من السيد قويدر في باريس رأيه في مسألة الشوفينية الدينية وما إذا كانت هي بالفعل السبب وراء رفض تركيا حتى الآن في الاتحاد الأوروبي يعني الأوروبيين يريدون الاستفادة من الموقع الإستراتيجي لتركيا اقتصاديا وسياسيا ولكنهم لا يريدون أي التزام نحو تركيا بحيث تكون عضوا كاملا في أوروبا.
ماثيو قويدر: نعم. الاستفادة الإستراتيجية من الموقع موجود داخل الناتو وداخل حلف شمال الأطلسي. فيما يخص المسألة الدينية، لا أظن أن المسألة الدينية تدخل في عين الاعتبار هنا تماما وخاصة من ناحية الموقف الفرنسي، الموقف الفرنسي يتعلق والموقف الألماني أيضا باحترام العلمانية واللائكية والدراسات الأخيرة التي أجريت في ألمانيا تدل على أن الجالية التركية الموجودة في ألمانيا لها صعوبات، هي أكثر الجاليات صعوبة في الاندماج في المجتمع الأوروبي والمجتمع الألماني..
توفيق طه (مقاطعا): هذا يؤكد أن السبب ربما يعود إلى الثقافة الدينية المختلفة؟
ماثيو قويدر: لا، ليست المسألة ثقافة دينية، المسألة مسألة ثقافة بصفة بسيطة، ليست مسألة ثقافة دينية، الثقافة ليست فقط دينية..
توفيق طه (مقاطعا): طيب سيد قويدر، أليس هناك موقف من الفاتيكان يعارض انضمام تركيا إلى أوروبا؟
ماثيو قويدر: الفاتيكان ما دخل له في الاتحاد الأوروبي، الفاتيكان ليس له حتى، الفاتيكان لا دخل له في أوروبا، الاتحاد الأوروبي له ممثلوه هم رؤساء الدول الأوروبية يمثلونه في المجلس الأوروبي وهؤلاء الرؤساء لهم نظرة لائكية علمانية، لا يريدون أن يدخل العامل الديني في السياسة، فمتى فصلت تماما السياسة عن الدين فمرحبا وأهلا بتركيا، هذا ما تقوله كل الشعوب يعني التخوفات فقط من أن يصبح للدخول التركي أن تأتي تركيا بالمسألة الدينية بالمسألة الطائفية وأن تجعلها مطروحة في النقاش الأوروبي بينما المسألة الدينية غائبة تماما من النقاش الأوروبي ولا تعتبر، الأوروبيون هم أنفسهم حاربوا حتى لا تكون هناك أية اعتبار للدين في الدستور الأوروبي وحتى لا يكون هناك حتى أية لفظة دينية في..
توفيق طه (مقاطعا): نعم لكن أعتقد أن للسيد السفير هنا رأيا آخر في المسألة الدينية وما إذا كان الدين يقف وراء الرفض الأوروبي لتركيا، هناك من يقول إن الأوروبيين يخشون أن تتحول تركيا الدولة الكبيرة إلى مرجع للمسلمين أو الجالية الإسلامية الموجودة في أوروبا؟
مدحت رندا: قبل الإجابة عن سؤالك أود أن أؤكد على حقيقة وهي أن إسهامات تركيا الاقتصادية والعسكرية والأمنية تم الاعتراف بها من الاتحاد الأوروبي وفي وثائق الاتحاد الأوروبي تم التعبير عن ذلك ولذا معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي يدعمون انضمام تركيا وعضويتها الكاملة في الاتحاد الأوروبي، بعض الدول الأوروبية وللأسف ليس لأسباب اقتصادية ولكن لأسباب سياسية ولأسباب أخرى..
توفيق طه (مقاطعا): الأسباب الأخرى هي الأسباب الدينية؟
مدحت رندا: أنا أعتقد أن الخوف من الإسلام هو في حالة متصاعدة والقومية أيضا في تصاعد في بعض الدول الأوروبية وخاصة بعد 11 سبتمبر ولكن ينبغي أن لا ننسى أن الإثنية القومية إن زادت فإن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سوف يكون صعبا ليس فقط أمام تركيا ولكن التكامل الأوروبي بحد ذاته سوف يصبح يواجه صعوبات، إذاً هذه القومية كانت أساس كل صراع في أوروبا وللأسف في الشرق الأوسط ولذا فإننا نؤمن أن الخوف من الإسلام في تزايد في بعض الدول والقومية أيضا في تصاعد وازدياد. ولكن هناك عاملان آخران وهما أولا وللأسف ولخيبة أمل الشعب التركي فإن العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي استخدمت لأغراض سياسية محلية ولمصالح ضيقة، ثانيا ارتبط هذا الأمر بقضايا لا علاقة لها بالمسألة.
توفيق طه: مثل؟
مدحت رندا: هناك بعض القضايا والتي لا ترتبط بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي أحدها قضية قبرص على سبيل المثال وهي لا علاقة لها بالأمر وقضايا أخرى لا أريد أن أذكرها الآن ولكن هذه القضايا كلها لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي وذلك لأن تركيا ليست عضوا كاملا من أوروبا على الأقل ليس غدا، ونحن نحاول أن نصحح تشريعاتنا وأن نقوم بكل الإصلاحات الضرورية وأن..
توفيق طه (مقاطعا): هذا ما سنأتي إليه بعض الفاصل الذي سننتقل إليه الآن ونعود إليكم مشاهدينا بعد هذا الفاصل لنكمل هذه الحلقة من أكثر من رأي.
[فاصل إعلاني]
دور الشعوب الأوروبية وآفاق إتمام الانضمام
توفيق طه: أهلا بكم مجددا مشاهدينا في هذه الحلقة من أكثر من رأي وموضوعنا هو تركيا على أبواب أوروبا الموصدة. قبل أن أنتقل إلى ما فعلته تركيا لكي تتأهل للانضمام أو لشروط العضوية في الاتحاد الأوروبي أريد أن أتوجه إلى السيد قويدر في باريس عن ربما يعني إشارة أخيرة لبعض الأسباب التي تقف وراء الرفض والعراقيل الأوروبية. هناك من يقول إن أوروبا تخشى أن تصبح سوقا للبضائع الأوروبية الرخيصة كما هي الولايات المتحدة ومعظم دول العالم الآن بالنسبة للبضائع الصينية، هل هذا السبب في رأيك من أسباب رفض تركيا في الاتحاد الأوروبي؟
ماثيو قويدر: نعم، أظن أن السبب الاقتصادي مهم جدا ولا يجب أن نتركه هكذا، ولا ننسى هنا آراء الشعوب سوف أعود إليها، آراء الشعوب مهمة جدا ولا يمكن أن تصبح تركيا عضوا كاملا في الاتحاد الأوروبي ما لم ننزع هذه التخوفات عن الشعوب، الشعوب الأوروبية المتقدمة اقتصاديا وسياسيا وصناعيا متخوفة من اليد العاملة التركية الرخيصة ومن البضائع التركية الرخيصة طبعا، والبضائع التركية رخيصة لماذا؟ لأن اليد العاملة رخيصة في تركيا ولأن النظام الاجتماعي في تركيا ليس هو نفسه ولأن هذه المنظومة الاقتصادية..
توفيق طه (مقاطعا): سيد قويدر هل لهذا السبب حاولت فرنسا أو حاول الرئيس ساركوزي أن يحصل على موافقة البرلمان على إحالة انضمام تركيا إلى استفتاء وفشل في ذلك؟
ماثيو قويدر: موافقة البرلمان تم إدخالها في عهد الرئيس شيراك وليس في عهد الرئيس ساركوزي..
توفيق طه (مقاطعا): لم تعتمد هذه على حد علمي، هل اعتمدت؟
ماثيو قويدر: نعم، اليوم حاليا لا بد من استفتاء حتى لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي والمسألة ليست مسألة أن السياسيين هم الذين أرادوا ذلك، هي أن الشعوب الأوروبية، الشعب الفرنسي الشعب الألماني غالبيتهم -كل استطلاعات الرأي تدل على ذلك- غالبيتهم لا يوافقون على دخول تركيا لهذا السبب، فرنسا مثلا عاشت التجربة مع بولونيا وعاشت التجربة مع بلدان أوروبا الوسطى فما حصل هو أن اليد العاملة لهذه البلدان التي هي مستوى معيشتها تقريبا هو نفس مستوى معيشة تركيا ذهبت إلى فرنسا وإلى ألمانيا لتشتغل وبالتالي جعلت الأجور تنحط يعني بصفة سريعة وطويلة مما أخل بالتوازن الاقتصادي والاجتماعي.
توفيق طه: نعم دكتور الشبيب في اسطنبول، هل المخاوف الاقتصادية لدى الشعوب هي ما يمكن أن يمنع تركيا من الانضمام إلى أوروبا أم الإسلاموفوبيا كما قال السيد السفير هنا؟
هاشم الشبيب: أنا أعتقد الآن كما يتحدث الأستاذ المختص أن أوروبا غارقة بالبضائع الرخيصة التي تأتي من جنوب شرق آسيا ومن الهند ومن الصين، إذاً ليست موضوع أن البضاعة التركية رخيصة، البضاعة التركية قد تناقش، أنا أعيش في أوروبا منذ عشرين سنة وأجد أن البضاعة التركية لدينا أغلى من البضاعة التي تأتي من هونغ كونغ أو من الصين أو من جنوب شرق آسيا، هذه أسباب أعتقد تعود لتفسير مدرسة لا تريد التآخي بين الأديان لا تريد الانفتاح على الحضارات، هناك مدرسة ترفض، ما جرى قبل فترة قصيرة جدا قبل أيام عندما صار الخلاف بين السيد أردوغان ورئيس وزراء الدنمارك، ماذا قال وزير خارجية فرنسا؟ قال إنني فوجئت بموقف أردوغان لأنه يدافع عن قيم إسلامية. طيب وهل معنى أن الديمقراطية والحرية والعلمانية يجب أن تكون كفرنسا مع الإسلام وليس مع المسيحية؟ هذا الموضوع الحقيقة ليس من الصحيح أن نطرقه ولكن هناك نظرة شوفينية فرنسية للإسلام، الإسلام المعتدل ليس ضد فرنسا وإنما فرنسا وبعض الدول الأوروبية، المدارس في هذه الدول تدعم الإرهاب الإسلامي لكي تشوه صورة الإسلام، هناك إذاعات مثلا في الدنمارك لحزب الـ PKK وهو حزب ليس إسلاميا ولكن حتى يظهر أن الدول الإسلامية تعاني يبرزون أخبار الـ PKK الإرهابي، وكذلك أخبار..
توفيق طه (مقاطعا): طيب دعني هنا أعد إلى السيد قويدر مرة أخرى وبالاعتذار للسيد السفير لأنه ربما تغيبنا عنك قليلا، السيد قويدر لماذا نلمح في مقاربة الأوروبيين للحالة الإسلامية في تركيا شيئا من التناقض؟ مثلا المحاكم الأوروبية رفضت التدخل لمنع التضييق على المحجبات في تركيا بحجة أنها مسألة داخلية ولكن الأوروبيين تدخلوا عندما حاولت الحكومة التركية تمرير قانون في البرلمان يجرم الزنا وهددوا بمنع انضمام تركيا، أليست هذه مقاربة متناقضة؟
ماثيو قويدر: لا، لا، هذه ليست مقاربة متناقضة، المسألة أعوص من ذلك وأشوك من ذلك..
توفيق طه (مقاطعا): الحرية الشخصية هناك والحرية الشخصية هنا، إذا كان هذا هو المقياس.
ماثيو قويدر: لا، لا والله، المسألة ليست هذه المسألة، انظر إلى الشعوب ماذا ترى الشعوب، الشعوب ما تعرفه عن تركيا تعرفه عن طريق الجاليات التركية الموجودة داخل بلدانها فالفرنسيون يعرفون الأتراك عن طريق الأتراك الذين هم في بلادهم والألمان عن طريق الأتراك الذين هم في ألمانيا والسويد عن طريق الأتراك الذين هم في السويد إلى آخره، فالنظرة إلى الأتراك حاليا في أوروبا هي عن طريق الجاليات المهاجرة التركية، وهذا هو المشكل هو أن هذه الجاليات مطالبها ومواقفها ومتطلباتها وكل ما تقوم به هو مخالف لما يحصل في تركيا وأحيانا مخالف حتى لما تقوم به تركيا من لائكية ومن علمانية ومخالف للسياسات التركية تماما وهذه هي المشكلة..
توفيق طه (مقاطعا): نعم، دعني هنا أنتقل مرة أخرى إلى السيد السفير مدحت رندا، هل توافق على أن الأوروبيين لا يقاربون الحالة الإسلامية في تركيا بشيء من التناقض؟
مدحت رندا: أود أن أوضح بعض النقاط، أولا العمالة ليست بذلك الرخص في تركيا والكثير من الدول الأوروبية تنتج في أوروبا الشرقية وتبيع في تركيا فإذاً ربما هذا الأمر لم يتم تناوله بشكل سليم، المنتجات التركية هي من أعلى الأنواع جودة ونحن نتنافس معهم في عدة أسواق ونحن ننتج أيضا بضاعة ذات جودة عالية و 93% من الصادرات التركية هي مصنعة، إذاً فصنعت نفسها تركيا. أما بالنسبة لقضية الدين والمعتقدات، الأوروبيون عليهم أن يقرروا إن كانوا يريدون أن يبقوا مع التعريف الضيق لأوروبا أو التعريف الواسع وإن كانوا يريدون التعريف الضيق لأوروبا وأن يجعلوا أوروبا كنوع من الغابة المحصنة إذاً فلا مكان لتركيا ولا مكان لأي مسلم ولكن إن كانت أوروبا تريد أن تكون أوروبا القيم ومجتمع القيم وإن آمنت أوروبا بأن التنوع والوحدة والتعدد هو المبدأ في أوروبا إذاً فسيكون هناك مكان للمسلمين هناك ومكان للطائفة المسلمة، ولدينا طائفة مسلمة تركية قوية في أوروبا هناك أكثر من ستة ملايين مسلم في فرنسا و ثلاثة ملايين تركي في ألمانيا فقط، إذاً عليهم أن يقرروا وهذه تعتبر مشكلة يجب حلها داخل الاتحاد الأوروبي من قبل الشعب الأوروبي.
توفيق طه: بناء على هذا هل تعتقد أن الأوروبيين كما بدا حتى الآن جادون في مسألة ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من خلال مفاوضات؟ ومتى تتوقع أن ينتهي هذا المشوار؟
مدحت رندا: في ديسمبر 2004 اجتمعوا في بروكسل واتخذوا قرارا تاريخيا وكان قانونا مهما تاريخيا ليس لأوروبا ولكن للعالم العربي أيضا لأننا سررنا أن نرى ثلاثمائة صحفي عربي اجتمعوا في بروكسل لكي يغطوا هذا القرار إعلاميا وذلك بقبول تركيا لمفاوضات الانضمام، إذاً فقد كان بالفعل قرارا تاريخيا وكان ذلك قرارهم، وأود أن أتحدث عن الموضوع الأساسي في الشؤون الدولية وهو باكتسون سرفندا إذاً فالأوروبيون عليهم أن يلتزموا ويحترموا بالتزاماتهم التي يقدمونها.
توفيق طه: دكتور الشبيب في اسطنبول، هل تعتقد أن الأوروبيين جادون في ضم تركيا وأن المفاوضات ستنتهي فعلا بضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؟
هاشم الشبيب: في الحقيقة أنا أعتقد أن النتيجة النهائية سوف تكون لصالح التآخي الإنساني لصالح التوافق الحضاري. الأوروبيون أخي العزيز نشؤوا على فكرة مخيفة منذ طفولتهم وذلك من عهد الحروب العثمانية مع الأوروبيين والأوروبيون دائما يهددون أطفالهم إلى فترة قريبة أنه جاءك التركي أو جاءك العثماني، بينما الشعوب الإسلامية التي عاشت في ظل الحكم العثماني بالرغم مما عانته من الإمبريالية الغربية إلا أنها لم تنشئ أطفالها على الخوف من أوروبا، بالعكس..
توفيق طه (مقاطعا): والنتيجة، وإذاً..
هاشم الشبيب (متابعا): المثقفون العرب والمثقفون المسلمون والمثقفون الأتراك لا يدعون إلى..
توفيق طه (مقاطعا): النتيجة التي تريد أن تصل إليها دكتور، هل سيضمون تركيا في النهاية أم لا؟
هاشم الشبيب: سيقبلون حتما لأنها من صالحهم وسيعرفون كم هم محتاجون إليها، إذا استمرت تركيا في إصلاحاتها الحالية وغيرت من الكثير من نظمها التي تغيرها في الوضع الحاضر وغير الكثير من الأوروبيين من مواقفهم المستهدفة لمصالح بلدانهم، دخول تركيا الآن هي في حلف الناتو وهي في المجلس الأوروبي وهم يحتاجونها أكثر مما تحتاجهم، وضع تركيا الاقتصادي ليس سيئا.
توفيق طه: نعم، سيد قويدر هل تعتقد أن أوروبا ستضم تركيا إلى الاتحاد في نهاية المطاف أم لا؟
ماثيو قويدر: تركيا ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي عندما تقبل الشعوب الأوروبية وليس السياسيين، الشعوب الأوروبية تقبل بانضمام تركيا إليها، فعندما يتم استفتاء على المستوى الأوروبي وتقول الشعوب الأوروبية إنها قابلة لهذا الدخول التركي كدولة وكشعب -أؤكد على هذه الكلمة- أظن أنه في ذلك اليوم لن تصبح هناك أية مشكلة في الدخول التركي، المشكلة اليوم هي أن السياسيين..
توفيق طه (مقاطعا): ومتى تعتقد أن ذلك سيحدث؟
ماثيو قويدر: لن يحدث في الأمد القريب بحسب رأيي لأن العقليات ولأن حاليا الصورة التركية في داخل الشعوب الأوروبية ليست صورة إيجابية تماما هي بين بين، فلا بد أن يتم بعض الـ pedagogy وبعض، مسألة تربوية حتى ندخل في هذا المفهوم الأخوي للشعوب، الشعوب هي أهم، هي الأساس نحن في ديمقراطية والديمقراطية الأوروبية تقوم على الشعوب فلا بد أن يطلب من الشعب التركي هل يريد أن ينضم ومن الشعوب الأوروبية هل تريد أن تعيش مع بعضها على مبادئ متبادلة، على مبادئ يتفقون عليها.
توفيق طه: نعم، السيد السفير هل تعتقد أن هذا المشوار سيطور وأن الأمر سينتظر الشعوب الأوروبية؟ هل ستوافق الشعوب الأوروبية وهل سيريد أو يرغب الشعب التركي في الانضمام إلى أوروبا؟
مدحت رندا: نعم، مبدئيا قلت إن انضمام تركيا الكامل مع أوروبا والعضوية الكاملة هي هدف يعتبر ذو أولوية في سياستنا الخارجية ومدعوم من قبل الشعب التركي وهو لصالح الأتراك والأوروبيين..
توفيق طه (مقاطعا): وهل تعتقد أن الشعوب الأوروبية ستقبل ذلك؟
مدحت رندا: والشعب الأوروبي، أعتقد أن الشعوب الأوروبية والشعوب الأوروبية في النهاية ستتبنى تركيا وأن المنطق السليم سيسود، ربما سيستغرق الأمر وقتا ولكن رجب طيب أردوغان في بيان أتى مؤخرا عبر عن عزيمته وتصميمه ليقوم بكل ما هو ضروري من جانبه بغية تلبية والوفاء بالمعايير للانضمام الكامل، إذاً سنقوم بما علينا.
خيارات تركيا وتأثير الدور الأميركي
توفيق طه (مقاطعا): إلى متى ستصبرون؟ متى ستقفون وتقولون للأوروبيين كفى تلاعبا بنا لا بد من الوصول إلى نتيجة؟
مدحت رندا: على الأقل قررنا أن ندمج تشريعاتنا بشكل تام وذلك لتلبية الأهداف بعام 2013 وذلك من خلال تنسيق تشريعاتنا لتلبية معظم المعايير، ونحن في حالة تفاوض الآن وقد تفاوضنا إلى الآن بنجاح تام وأعتقد أن المنطق السليم سيسود لأن هذا المشروع مشروع سلام وإسهام تركيا أيضا حتى في أوروبا وخارج أوروبا وفي القوقاز وفي الشرق الأوسط إسهامات تركيا في دول المتوسط أيضا لا يمكن تجاهلها.
توفيق طه: دكتور الشبيب هل تعتبر أن الأمر سينتهي في 2013؟ وفي حال لم تضم تركيا إلى أوروبا في ذلك التاريخ ما هي الخيارات أمام تركيا؟
هاشم الشبيب: أنا أعتقد أن أوروبا ستقتنع بضرورة ضم تركيا لأنه من صالحها، هنالك مصالح مشتركة، انضمام تركيا..
توفيق طه (مقاطعا): لكن هناك من يطرح شراكة متميزة بدل العضوية كمخرج؟
هاشم الشبيب: نعم هو السبب في عدم قبول العضوية لأنها ستكون في تصوري مع الأسف الشديد علمانية وديمقراطية أكثر من الآخرين، يعني هي جاية برغبة، الآخرون يريدون أن يحافظوا على طريقتهم، الآن الاتحاد الأوروبي الكثير يقول إنه عجوز أنه منتهي إنه متوزم، أما تركيا تكون دولة حديثة قوية ديمقراطية مؤمنة ستكون جسرا ممتازا بين أوروبا والشرق الأوسط بين العالم المسيحي والعالم الإسلامي، أما إذا بقيت العقول مغلقة وهذا التصور للخوف والإسلاموفوبيا هذا لن يكون في صالح أوروبا ولن يكون في صالح العالم، أميركا عندما غيرت موقفها مع الرئيس أوباما في قبول تركيا لهذا السبب يعني..
توفيق طه (مقاطعا): دكتور الشبيب أنت أتيت على ذكر الرئيس أوباما، هل ستكن لدعوة الرئيس أوباما أي أصداء على أوروبا بحيث تشكل ضغطا عليها لقبول تركيا؟
هاشم الشبيب: أعتقد أن مجيء أوباما يمثل ثورة اجتماعية حضارية ثقافية في المجتمع الأميركي فأتمنى -وأسبابها تعرفونها- أتمنى أن يتوصل الكثير من الأوروبيين إلى هذا المنطق، أميركا جاء فيها رئيس من أصل أفريقي كان مضطهدا قبل خمسين سنة والآن رئيس الولايات المتحدة، هذا تطور حضاري مهم جدا في المجتمع الأميركي، أتمنى أن..
توفيق طه (مقاطعا): نعم، دعني أستمع إلى السيد قويدر لم يعد لدينا الكثير من الوقت، سيد قويدر هل تعتقد أن دعوة أوباما سيكون لها صدى في أوروبا أم أن الأوروبيين سيقولون له هذا شأن أوروبي لا تتدخل؟
ماثيو قويدر: طبعا رأي أوباما له أهميته ولكن أنا أدعو الأتراك أن يطلبوا من الرئيس أوباما أن يلغي التأشيرات عن الأتراك حتى يذهبوا إلى الولايات المتحدة بصفة مستقلة، فما طرحه الرئيس أوباما يخص أوروبا ومن السهل أن تطرح طبعا، كأن تأتي اليوم أوروبا وتقول لهم نريد أن تتحد تركيا مع الولايات المتحدة الأميركية، لماذا لا تتحد الولايات المتحدة الأميركية مع كوبا أو المكسيك؟ هذه مسألة هناك فيها خيارات ومسائل إستراتيجية أساسها هي الشعوب، ما يهمني هنا هو الشعوب، آراء الشعوب لأن الشعوب هي التي ستعيش مع بعضها ولا يجب أن يتم هناك إخلال بالتوازنات وبآراء الشعوب أن يتلاعب بها السياسيون.
توفيق طه: نعم، السيد السفير في حال طال المشوار أمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ما هي الخيارات الأخرى المتاحة أمام تركيا؟
مدحت رندا: في الحقيقة كما قلت إن المنطق السليم سيسود..
توفيق طه (مقاطعا): ولم تسد، لم يسد العقل والمنطق لنفترض، ما الذي سيحصل؟
مدحت رندا: تركيا والأتراك سوف يستمرون بالعمل للوفاء بالمعايير الأوروبية بشكل تام وعندما يقومون بذلك.
توفيق طه (مقاطعا): سيدي السفير.
مدحت رندا: دعني أفسر لو سمحت.
توفيق طه (متابعا): هناك من يقول إن تركيا الآن بتحركها في الشرق الأوسط سواء بين السوريين والإسرائيليين أو بين الفلسطينيين تريد أن تثبت لأوروبا أنها قادرة على لعب دور وقادرة على تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط بحيث تكون المصالح الدولية والتجارة الدولية ربما وكل شيء مستقرا، هل هذا ما تريد تركيا أن تقوله لأوروبا من خلال تحركها؟
مدحت رندا: هذا ليس من العدل لأن ما تحاول تركيا أن تفعله في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى ليس أن تظهر ما يمكن أن تفعله للأوروبيين، ما نفعله ليس لإرضاء الأوروبيين ولكن نتيجة لقناعاتنا، فقناعاتنا وسياساتنا في الشرق الأوسط تتمثل بهدف واحد وهو تعزيز الاستقرار والرخاء والأمن في الشرق الأوسط ولا علاقة لهذا الأمر بأوروبا أبدا، فنحن نود أن نكون قوة للخير في الشرق الأوسط وفي القوقاز ولذا كنا نشطين جدا في الشرق الأوسط وتوصلنا إلى قدر كبير من الإنجازات وقدرنا على إبقاء الحوار مع كل مجموعة وكل طرف وكل دولة ولهذا قمنا بالإسهام في السلام في لبنان وأيضا استطعنا أن نسهل الحوار بين سوريا وإسرائيل وكنا قادرين أيضا للحديث إلى كل طرف ومجموعة في العراق وعملنا أيضا وبشكل كبير لصالح الوحدة السياسية وللاستقرار في العراق وقد أتينا على سبيل المثال ولثلاث مرات أتينا بزعماء أفغانستان وباكستان إلى تركيا وأسسنا منتدى جديدا في القوقاز، إذاً فتركيا حقا تعمل هنا أيضا في الخليج لصالح الأمن والاستقرار.
توفيق طه: نعم السيد السفير مدحت رندا شكرا جزيلا لك. كنت أود أن أسمع رأي الدكتور الشبيب في هذا الموضوع ولكن لم يعد لدينا وقت، شكرا جزيلا دكتور هاشم الشبيب من اسطنبول، والخبير المختص بشؤون الأورومتوسطية في باريس ماثيو قويدر، شكرا لكم جميعا. وفي الختام لكم مشاهدينا تحيات فريق البرنامج، المعد أحمد الشولي والمخرج منصور الطلافيح وهذا توفيق طه يستودعكم الله من الدوحة، إلى اللقاء.