اكثر من راي / صورة عامة
أكثر من رأي

أزمة المياه والنتائج المحتملة

تناقش الحلقة أزمة المياه المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هل فعلا تشهد المنطقة واقعا مائيا مأسويا أم أن الأمر لا يعدو إطار التضخيم لبعض التقارير التي تصدرها مراكز عدة؟

– واقع المصادر المائية العذبة في المنطقة
– خصوصية بلاد الشام والعراق ووجود إسرائيل
– تأثير الإشكاليات السياسية على أزمة المياه
– السياسات العربية والجهود المطلوبة لحل مشكلة المياه

واقع المصادر المائية العذبة
في المنطقة

علي الظفيري
علي الظفيري
منذر حدادين
منذر حدادين
 

يحيى عبد المجيد
يحيى عبد المجيد
سيف بن علي الحجري 
سيف بن علي الحجري 

علي الظفيري: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا بكم إلى هذه الحلقة من برنامج أكثر من رأي. تقرير للبنك الدولي أعده خبراء الموارد المائية يقول التالي، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستواجهان أزمة مياه خطيرة بحلول منتصف القرن الحالي. التقرير ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير الذي يشير لخطر مائي محدق بالمنطقة وإن كانت هذه المنطقة قد ابتليت بنعمة النفط ووفرته التي أوجدت سببا لمعظم الحروب التي شهدتها فإن حربا أو حروبا قادمة بانتظارها حسب ما يقوله الخبراء وعنوانها المياه هذا هو العنوان الرئيسي. سنخصص هذه الحلقة من برنامج أكثر من رأي للنقاش في هذه القضية، ويسرنا أن نستضيف من الخرطوم الدكتور يحيى عبد المجيد وزير الري السوداني الأسبق وكذلك من عمان الدكتور منذر حدادين وزير المياه والري الأردني السابق، وهنا في الأستوديو الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس مركز أصدقاء البيئة في قطر، مرحبا بكم جميعا. وأبدأ الحوار من عمان الدكتور حدادين، نتساءل يا دكتور أولا هل فعلا تشهد المنطقة واقعا مائيا مأسويا كارثيا أم أن الأمر لا يعدو إلا في إطار التهويل أو التضخيم لهذه التقارير التي تصدرها منظمات ومراكز عدة؟


منذر حدادين: لا، في الواقع  المنطقة على إطلاقها تشهد أو تعيش حالة من الشح المائي أو حالة اختلال في معادلة الموارد المائية والسكان، ففي حين معدل نصيب الفرد من الماء في العالم حوالي سبعة آلاف متر مكعب سنويا نراه في منطقتنا 1200 متر مكعب سنويا، لكن هذا مشوب بعيب التعميم وأعني بذلك أن المعدلات هذه سواء كانت للمنطقة أو للعالم لا تدلنا على شيء فلا بد من فحص حالة كل بلد على حدى إما في المنطقة أو في العالم للوقوف على كنه وضعها بالنسبة لمعادلة الموارد المائية والسكان.


علي الظفيري: دكتور يحيى، يعني إلى أي مدى صورة الموارد المائية ووفرة الموارد المائية العذبة ووفرتها في المنطقة إلى أي درجة هي قاتمة وسوداوية برأيك؟


يحيى عبد المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم. أولا شكري للجزيرة لمبادرتها المستمرة في معالجة هذه القضايا الهامة وهذا الموضوع، ندرة المياه في المنطقة موضوع قديم وموضوع معقد، ليست هي ندرة فقط ولكن تتخللها تعقيدات سياسية صعبة ومعقدة، معظم المياه التي في هذه المنطقة مشتركة وتأتي من بلاد أخرى خارج المنطقة، وفي داخل المنطقة نفسها هناك تعقيدات سياسية هي بقيام الدولة الإسرائيلية والتي كان همها الأول هو الاستيلاء على الأرض والماء وهذه هي التعقيدات الأساسية، كيف نواجه هذه المشكلة؟ ظللنا نرسم الإستراتيجيات والسياسات ونحتفل بيوم الماء لسنين عدة والنتيجة لا زلنا نشتكي ونقول إن هناك مشكلة، أين الحل؟ أنا أعتقد ينبغي كفاية عمل إستراتيجيات وسياسات، ينبغي أن نبتدئ بالعمل، ولكن ينبغي الحلول السياسية يعني الحوار داخل الأنهار المشتركة تقدم تقدما كثيرا، يعني في وادي النيل مثلا..


علي الظفيري (مقاطعا): ولكن قبل ذلك..إذا سمحت لي دكتور ..


يحيى عبد المجيد (متابعا): بالماضي سنين طويلة، يعني مبادرة حوض النيل وبدأ الناس يتحدثوا إلى بعضهم البعض وأنا أعتقد أن هذا الحوار سيقود في النهاية إلى نهاية.. إلى تفاهم ودبلوماسية للمياه وليس حربا للمياه، أما المنطقة العربية بالذات فإن المشكلة معقدة أكثر، أعتقد أنه لا يمكن بدء الدبلوماسية والحوار قبل أن تحل المشاكل السياسية في هذه المنطقة..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب دكتور إذا سمحت لي، كما ذكرت الحديث عن الصراع حول الموارد المائية العذبة هو حديث تاريخي والصراع بدأ منذ بدء الخليقة والأمر معقد ومتشعب بشكل كبير ونريد في هذه الحلقة أن نشخص ربما واقع المنطقة العربية من خلال أمثلة واضحة. دكتور سيف نتحدث بدءا  بمحاولة تشخيص واقع هذه الموارد المائية العذبة في المنطقة العربية، عن الخليج مثال، نريد أن نتحدث عن أقاليم مثلا، إقليم الدول الخليجية متشابه ربما في طبيعتها بعد ذلك العراق وبلاد الشام، مصر والسودان، ونأتي إلى شمال أفريقيا، بلاد المغرب العربي، نتحدث عن الخليج أولا، ما هو واقع هذه الثروة المائية؟


سيف بن علي الحجري: بالحقيقة حبيت بس أضيف بعد ثالث بالإضافة إلى ندرة المياه والمشاكل السياسية هو أيضا تلوث المياه التي أيضا أصبحت في الواقع هناك أنهر ما ينفعن، حتى يمنع أن يستحم الإنسان فيها، إذاً هذا بعد آخر في..


علي الظفيري (مقاطعا):  نقص المياه، المشاكل السياسية..


سيف بن علي الحجري: نقص المياه، المشاكل السياسية، والبعد الثالث اللي هو تلويث هذه المصادر وتصبح خارج معدل الاستخدام..


علي الظفيري: يقلل الاستفادة منها.


سيف بن علي الحجري: نعم، بالنسبة لواقع المياه لحسن الحظ أن العالم العربي في الحقيقة جميع دول العالم العربي يطل على مياه مالحة وهذا لا شك له بعد إستراتيجي لأي قضية قد تحدث بقلة الموارد السطحية وتحت السطحية وبالتالي إذاً هذا مأمن عظيم للعالم العربي ونعمة عظيمة بأن هذه الدول جميعها تطل على بحار ومحيطات وأيضا مياه قد تصبح رخيصة في المستقبل في إعادة استخدامها وتحليتها للاستخدام في التنمية. إذا جئنا للخليج في الواقع نرى أن هذا المصدر والبعد الإستراتيجي الأوحد، دول مجلس التعاون لا توجد فيها مياه سطحية والمياه تحت السطحية هي في الحقيقة بدأت تصل إلى معدلات التملح نتيجة الضخ المتواصل وفقد الحوض الجوفي لهذا التوازن نتيجة لقلة الأمطار في هذه المنطقة بصفة عامة، إذاً ومن ذلك نرى أن السعودية فقط عملية تحلية المياه هي تعادل حوالي 20% من المعدل العالمي لتحلية المياه، لو جمعنا دول الخليج في الحقيقة نلاحظ بأن صناعة تحويل المياه إلى مياه عذبة من البحار تعد بعدا إستراتيجيا لا محالة.


علي الظفيري: هل هذه العملية يعني خففت كثيرا من قضية الخطورة، خطورة ندرة المياه العذبة وتوفرها واستخداماتها أيضا؟


سيف بن علي الحجري: طبعا هذا الحظ الوحيد أو البعد الإستراتيجي الوحيد بالإضافة إلى وجود مياه مثلا عمان توجد لها مياه الأفلاج التي لا شك أيضا لا تكفي للتنمية والانفتاح الموجود، السعودية وقطر..


علي الظفيري: مياه جوفية.


سيف بن علي الحجري: مياه جوفية، والمياه الجوفية مثل ما ذكرت حاليا هناك انخفاض للمستوى المائي الجوفي بشكل مستمر وتملح الآبار وأيضا دخول المياه المالحة إلى المناطق الداخلية وتلويث المياه الحلوة، إذاً الخليج هو يرى أن البعد الإستراتيجي لاستمرار التنمية هو الاعتماد على المياه المحلاة وترك المياه الحقيقة والمصادر للبعد الإستراتيجي لأي كارثة قد تحدث لهذه المحطات وبالتالي هناك مورد إستراتيجي اللي هو الحوض الجوفي أو المياه السطحية التي تأتي عن طريق الأفلاج أو طرق أخرى. لو تكلمنا عن منطقة بلاد الشام لا شك هذه المنطقة خاصة الأردن هي في الحقيقة في وضع حرج جدا كون أن الأردن في الواقع مواردها من المياه السطحية ليست بالكثير والتنمية مستمرة وأيضا قضية وجود المشاكل السياسية مع وجود..


علي الظفيري (مقاطعا): تتداخل السياسة والجغرافية أيضا معا..


سيف بن علي الحجري (متابعا):  نعم وخاصة يمكن بروز هذه في المنطقة هذه أكثر من أي منطقة أخرى لكون أن إسرائيل موجودة في المنطقة ومن ضمن الحديث اللي تكلم فيه الدكتور يحيى أنه بالواقع هي تخطط للاستحواذ على معظم المياه في تلك المنقطة الصغيرة.

خصوصية بلاد الشام والعراق ووجود إسرائيل


علي الظفيري: إذاً ربما يدفعنا هذا للتساؤل مع الدكتور منذر حدادين وزير المياه الأردني الأسبق، أعتقد أن العراق وبلاد الشام بشكل عام لديها خصوصية، هناك درجة من التوفر، توفر المياه العذبة ولكن هناك إشكاليات سياسية وجغرافية كثيرة، لك أن تطلعنا دكتور على واقع وفرة المياه والموارد المائية العذبة في هذه المنطقة تحديدا وخصوصيتها، تداخل السياسة والجغرافيا فيها بشكل معقد؟


"
صيحات حروب المياه والصراعات التي ستؤدي إلى الاشتباكات بسببها هي قفز فوق الخطوط المعقولة، فليس هناك في المنطقة العربية حرب بسبب المياه لكن هناك حروبا بسبب النفط
"
 منذر حدادين

منذر حدادين: من حيث وفرة المياه في منطقة المشرق منطقة بلاد الشام والعراق، سمها منطقة الهلال الخصيب، العراق لديه حدود 120 % من احتياجاته من المياه، سوريا لديها 106%من احتياجاتها من المياه، لبنان أيضا عنده ما ينوف قليلا عن 100% من احتياجاته للمياه، بيضل منطقة الهلال الخصيب الجنوبية هي المنطقة المضغوطة بالنسبة لوفرة المياه فيها. بحب أطمئن الأخوان والصحفيين على الإطلاق أن صيحات حروب المياه والصراعات التي ستؤدي إلى الاشتباكات بسبب المياه وحدها هذه يعني قفز فوق الخطوط المعقولة فليس هناك في المنطقة، لم يكن هناك في المنطقة أي حرب بسبب المياه ولكن كانت هناك أكثر من حرب بسبب النفط، وجدير بنا أيضا مثلما تفضل الدكتور الحجري أن نمزج ما بين وفرة الطاقة ووفرة المياه فبوفرة الطاقة يمكن تأمين احتياجات المياه المنزلية والصناعية بالتحلية لأن الطاقة هي مدخلها الرئيسي مضافا إليها التكنولوجيا إلا أنه في الجزء الجنوبي من الهلال الخصيب موارده المائية بالنسبة للسكان مختلة ولا يوجد به بتلك المنطقة لا يوجد بها أي مصادر للطاقة ما خلا ما يستورد منها من الأقطار المجاورة أو من الأسواق العالمية، هذا الموضوع بالنسبة لوفرة المياه ومعادلة الموارد المائية والسكان. لكن أعود للنقطة الرئيسية وهي أن المعدلات التي نقول بها ونتحدث فيها لا تفيد شيئا، فما الذي يفيد تونس، على سبيل المثال، وفرة المياه في العراق أو وفرتها في السودان في غياب نظام عربي يجعل من التجارة في المواد الغذائية شبكة عنكبوتية تتصل بها كافة الأعضاء في جامعة الدول العربية؟ هناك يمكن أن نقول إن وفرة المياه في وادي النيل في السودان مثلا تنفع عمان وهي أيضا تنفع موريتانيا إذا كان التبادل التجاري والإنتاج الزراعي في السودان يخدم المناطق شحيحة موارد المياه.


علي الظفيري: طيب دكتور مسألة أن مصادر الأنهار في هذه المنطقة في الهلال الخصيب خاصة وتحدثنا عن دجلة والفرات، مصادرها التي تنطلق من تركيا وربط ذلك بأي توتر سياسي، هل نحن نتحدث عن إشكالية حقيقية أم أن ثمة اتفاقات ربما يا إما اتفاقات قائمة أو اتفاقات مستقبلية تحمي الاستقرار المائي؟


منذر حدادين: أخي علي، هناك إشكالات لا شك وهناك بسبب المياه احتكاكات وهناك اختلاف في وجهات النظر تصل في بعض الأحيان إلى حد الجفاء لكن لا يوجد إمكانية للدخول في حروب بسبب المياه وحدها، دجلة والفرات تأتي معظم مياه دجلة من جنوب شرق الأناضول وكذلك الفرات، توجد هناك اتفاقية ثنائية بين العراق وسوريا بالنسبة للفرات في غياب تركيا وتوجد أيضا علاقات تاريخية بين تركيا والعراق حيال دجلة ولو أن سوريا أيضا لها نصيب من دجلة بسبب مرور ذلك النهر على الحدود بينه وبين تركيا لمسافة بسيطة، هناك أيضا نهر العاصي الذي ينبع في لبنان ويسير في سوريا ثم يتجه إلى تركيا الحالية التي تعتبر ذلك الجزء منها، سوريا تعتبر ذلك الجزء اللي هو الإسكندرون منطقة سورية مغتصبة، هذا النهر الدولي أيضا عليه من المشاكل لكن لم تؤد في أي وقت من الأوقات إلى حرب، لا احتجاز مياه الفرات من قبل تركيا ولا البخل على تركيا من مياه العاصي إنما كان هناك وشك حرب بسبب الدعم السوري السابق لثوار الأكراد داخل تركيا وهذه إشكالات لما تجمع مع بعضها البعض قد تؤدي بالاعتبارات الإستراتيجية النهائية إلى طريق مسدود يؤدي إلى إشعال نار الفتنة أو حتى إشعال نار الحرب.


علي الظفيري: هذا ما يتعلق ربما في مسألة المنابع التي تكون للأنهار التي تكون خارج هذه البلدان، ولكن هناك إشكالية رئيسية..


منذر حدادين(مقاطعا): ممكن أجيك أخي علي على نهر الأردن، أنا أعتقد الأخوان..


علي الظفيري: جميل، سنعود له دكتور..


منذر حدادين: ok.


علي الظفيري (متابعا): ونشير أيضا إلى الإشكاليات الكبيرة المرتبطة بإسرائيل، دكتور يحيى هل ثمة تشريعات وقوانين كافية تحمي هذا الاستقرار المائي خاصة لما تحدثنا عن نهر النيل والإشكاليات الكبيرة التي تطرأ بين حين وآخر بين السودان ومصر من جهة وبين دول حوض النيل الأفريقية من جهة أخرى؟


يحيى عبد المجيد: طبعا هي يعني التعليق القانوني كما الكثير من الاتفاقات الثنائية على بعض الأنهار المشتركة في المنطقة وكان في غياب كامل لقانون دولي إلى أن يعني بعد محاولات عديدة يمكن منذ انعقاد مؤتمر المياه في الأرجنتين في 1977، تمكنت الهيئة الدولية للأمم المتحدة لوضع قانون دولي يمكن أن يحد من التنازعات والحديث عن الحرب وأصبح الآن قانون دولي للمياه العذبة للاستعمالات غير الملاحية وهذا العمل أخذ عشرين سنة حتى اعتمد في الأمم المتحدة ولكن يعني هو يقدم فرص طيبة لتعاون بعض الدول لم حتى توافق حتى على بعض بنود هذا الاتفاق، ولكن هذه الظاهرة طيبة الآن في قانون دولي يحكم التعامل مع هذه الجهات الدولية، ولكن بعض الدول لا تزال تعتقد بالقانون الدولي العام أن المصادر المائية خاصة دول الأحباس العليا هي مسألة تتعلق بالسيادة على هذه المياه وهناك حتكون يعني في نزاعات، لا أقول إنها سترقى لدرجة الحرب، يعني في النيل أنا أعتقد أن مبادرة حوض النيل بعد تعاون استمر أكثر من عشرين أو ثلاثين عاما وصلنا إلى هذه المبادرة والتي بدأت دول حوض النيل وهي الدول العشرة بعضها في داخل الدول العربية وبعضها في الدول الأفريقية وهو وادي كبير وأعتقد أنه وضعت الأسس التي يمكن أن تقود إلى دبلوماسية مياه تتفادى أي حروب في المستقبل. وهناك موارد كثيرة..


علي الظفيري (مقاطعا): دكتور، مصطلح دبلوماسية المياه مصطلح مهم قد يكون أيضا، يعني فعلا هو يشكل لب المشكلة فيما يتعلق بالصراعات والتنازع حول المياه. دكتور سيف، قضية هذه التشريعات والقوانين هي يتم الاتفاق حولها في زمن ما في عهد ما في ظروف سياسية واقتصادية وسكانية ما تتغير كل هذه الأمور، هل يمكن الالتزام دائما بمثل هذه الاتفاقيات أما أنها تحتاج إلى عمليات تحديث مستمر حتى لا نصل إلى النزاعات أو الحروب أو الكوارث حول المياه العذبة؟


سيف بن علي الحجري: طبعا هذه الاتفاقيات في الواقع هي تتبدل وتتغير بتغير الظروف ولا شك هي ليست كافية في الواقع لمنع أي نزاع عسكري ولكن أيضا لا أعتقد أن الحروب هي في الحقيقة ستحل أي قضية ليس في المياه فقط، يعني الحروب هي لم ولن تكون حلولا لأي قضية وخاصة المياه لأنها مكلفة جدا وأيضا حتكون تدمير لهذه الثروة الموجودة بين..


علي الظفيري: طيب، القانون الدولي اللي هو قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، هل ينظم فعلا قضية السيادة على هذه الأنهار الدولية؟


سيف بن علي الحجري: طبعا القوانين الدولية لا شك هي لها أثرها الطيب في عدم طغيان دولة على الأخرى، على الأقل في احترام هذه المواثيق، لأنها المواثيق هي تحاول فعلا من تقليل هذه النزاعات وتحاول هذه القوانين أن تكون منصفة أيضا لمنع أي اشتباك أو تدمير لهذه الموارد في بعض الأحيان، لا شك لها قوتها ولها بعدها ولكن لا تكفي في الواقع، دول كثيرة في التجارب الماضية هي تعارض هذه القوانين وتتصرف حتى تصرف من باب القوة في الواقع ولكن في مسائل المياه في الواقع هذه القوانين أكثر قدرة على أن الدول تطبقها لأن مثلما أقول لك هي النزعات لا تكون هي الحلول الأمثل.


علي الظفيري: دكتور منذر يعني فيما يتعلق ببلاد الشام ووجود إسرائيل وكثير من الشبهات والاستفهامات التي يعني تحوم حول أداء إسرائيل فيما يتعلق بقضية المياه الظاهر منها والباطن، أنت لك خبرة كبيرة في هذه الملف وفي التعامل أيضا في المفاوضات التي جرت ربما بين الأردن وإسرائيل فيما يتعلق بالمياه العذبة واستخداماتها وتوزيعها؟


منذر حدادين: صحيح، هذا صحيح، وأنا أضم صوتي إلى صوت زميلي وأخي الدكتور يحيى عبد المجيد في إبداء التفاؤل بإمرار قانون مجاري المياه للأغراض غير الملاحية في الأمم المتحدة، قد كان لي أيضا شرف الدفع بهذا في اللجنة السادسة للجمعية العامة للأمم المتحدة إلا أن التباطؤ في التوقيع على هذا القانون يجعله حتى الآن ينتظر أغلبية أعضاء هيئة الأمم المتحدة للتصديق عليه فهو الآن لا أعتبره ساري المفعول قبل أن توقع عليه الدول وخاصة الدول ذات العلاقة. وبالنسبة للسيادة المطلقة على موارد المياه في دول الحبس الأعلى هذه نظرية ومبدأ سنه المدعي العام الأميركي في القرن التاسع عشر وكان بخصوص الملاحة ولم يكن بخصوص الاستعمالات للمياه العذبة وقد عفا عليه الزمن وهجر حتى في الأرض التي أنتجته. أعود الآن إلى حوض نهر الأردن، أنا أتفق مع الأخوة ومع جميع المراقبين العرب منهم وغير العرب أن أطماع إسرائيل في فلسطين بدأت منذ القرن التاسع عشر ولم تنته بعد، ونظرتهم إلى السيطرة على منطقة فلسطين كاملة نظرة لم تعرف الكلل وقد سمعناها أيضا في المسار الفلسطيني في التفاوض الثنائي الإسرائيلي الفلسطيني والتي فيها قالوا إن الفلسطينيين في أرض إسرائيل، كما يسمون ويزعمون، هم مقيمون في تلك الأرض وليسوا أصحاب أرض وسيادة فيها، ولكن مثلما قال الدكتور سيف الحجري لا يمكن أن يكون العدوان أو الحرب وسيلة لحل النزاع على المياه فإذا كنا جوار، نحن هنا لنبقى ولا يمكن حل النزاع الذي أنشب الحرب إلا بعودة الحقوق إلى أصحابها، فاستنادا إلى ذلك لا يمكن لحرب أن تنتج مياه إضافية يستفيد منها الطرف المنتصر لأنه رح يتخلى..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب يا دكتور، في العلاقة مع إسرائيل هذه الدول المجاورة لإسرائيل هل فعلا تستفيد من هذه الثروات المائية العذبة؟


منذر حدادين: خليك معي، خليك معي، يعني الحديث عن المياه لوحدها مع إسرائيل هو حديث تنقصه الكمولية أو الكمالية، العلاقة مع إسرائيل علاقة متكاملة المياه جزء منها، الحدود جزء منها، حقوق الشعب الفلسطيني جزء منها، اللاجئين، القدس وما إلى ذلك من  البنود المدرجة على جدول..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب نحن يا دكتور نحصر الحديث في جزئية المياه يا دكتور لو سمحت، يعني نحصر الحديث في هذه الجزئية المتعلقة بالمياه.


منذر حدادين: بجزئية المياه هو بيكون الحديث ناقص، لكن خليني أطمئنك أعطيك إياها من الآخر، لأنه في التفاوض مع إسرائيل الأردن انتزع منها كافة ما يستحقه من المياه المشتركة وهي في نهر اليرموك وكذلك الأمر في توقعي سيكون عند المباحثات والتفاوضات بين إسرائيل والجوار الآخرين، فهي الآن تستأثر بحصة سوريا في حوض نهر الأردن كما تستأثر بمعظم حصة لبنان وتستأثر بكامل الحصة الفلسطينية، هذه تأتي الحلول فيها في التفاوض مع الفلسطينيين في مفاوضات الوضع النهائي إذا حصلت، ومع  سوريا مع استئناف المباحثات الثنائية متى حدثت، وكذلك الأمر مع لبنان، أنا لا أتوقع أن تكون المياه عائقا أو حاجزا في التوصل إلى معاهدة سلام بين جوار إسرائيل من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، هذه هي خبرتي.


علي الظفيري: جميل، نحن مضطرين أن نتوقف الآن مع فاصل بعده سنقرأ أيضا في هذه الجزئية، هل عملية الصراع على الموارد المائية العذبة هي عقبة أمام أي تقارب بين دول المنطقة أما أنها هي السبب الرئيسي ربما في هذا التباعد؟ كيف تؤثر في الجانب السياسي من هذا الأمر؟ ونقرأ أيضا في حجم الاستثمارات العربية الحقيقة في التعاطي مع هذه الموارد المهمة والتي ينظر لها أن الصراع حولها سيكون هو الصراع القادم في هذا القرن. فاصل قصير تفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

تأثير الإشكاليات السياسية على أزمة المياه


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة من برنامج أكثر من رأي والتي نخصص النقاش فيها لتقارير تشير إلى أزمة مياه عذبة خطيرة ربما تواجه المنطقة، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أرحب مجددا بكم وبضيوفي الكرام الدكتور منذر حدادين وزير المياه الأسبق في الأردن، الدكتور يحيى عبد المجيد وزير الري الأسبق السوداني من الخرطوم، والدكتور سيف الحجري رئيس مركز أصدقاء البيئة في قطر. دكتور يحيى، إسرائيل تكمن في تفاصيل كثيرة فيما يتعلق بالموارد المائية العذبة، ليس فقط في الهلال الخصيب وفي الدول المجاورة لها وفي الحروب التي قامت وكانت أسبابها الخفية مرتبطة بالمياه وتوزيع هذه المياه والسيطرة عليها لكن حتى أيضا فيما يتعلق بنهر النيل والعلاقة الإسرائيلية بدول حوض النيل الأفريقية إثيوبيا وغيرها، هل فعلا يمكن ربط إسرائيل بتلك الإشكالات التي تطرأ بين فترة وأخرى حول نهر النيل والاستفادة منها والعلاقة بين الدول العشرة المطلة عليها؟


"
هناك سياسات دولية ترسم الآن لمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، لذا ينبغي أن نكون مدركين لهذه التعقيدات، وللأسف نحن ما زلنا لا نتعامل معها بسياسات قوية
"
يحيى عبد المجيد

يحيى عبد المجيد: شكرا أخي العزيز وهذا موضوع طويل وأنا الحقيقة في الرد على هذا السؤال الهام أتطرق أولا إلى ما ذكره الأخ العزيز منذر حدادين حول، وأنا لا أتحدث عن قضايا سياسية غير المياه الآن ولا أود أن أخوض في القضية الفلسطينية لتعقيداتها، ولكن التجربة في مدريد وخلط المياه بالعملية السياسية أن تحل مشاكل المياه ومشاكل الدولة وماشاكله، أنا أعتقد أنه لو لا حل المشكلة الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية الحرة الندة، لها كامل السيادة على أراضيها حتى بعد ذلك يمكن أن يتحدثوا مع بعض الآخرين في شؤون المياه. الاتفاقات الثنائية التي تمت على المياه بين الأردن وبين الفلسطينيين وبين بعض الاتفاقات التي تمت هي لا تعمر كثيرا لأن.. نحن لا تزال إسرائيل تسعى حتى في هجومها على لبنان 82 كانت تسعى.. المبرر كان هو وضع يدها على الليطاني، كان هذا، وأنا أعتقد أنه نحن لسنا معزولين، هناك سياسات دولية ترسم الآن لمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، ينبغي أن نكون مدركين لهذه التعقيدات ونحن لا زلنا لا نتعامل معها بسياسات قوية يعني نتأكد فيها.. لا أحد لدينا يتحدث عن التجارة بين الدول العربية وكنا تخطينا الاكتفاء الذاتي..


علي الظفيري (مقاطعا): دكتور يحيى إذا سمحت لي، هل هناك فعلا إشكاليات حول الاستفادة من نهر النيل بين الدول المحيطة فيه وأيضا سؤالي الرئيسي كان عن علاقة إسرائيل بالدول الأفريقية وما يقال عن أنها تؤثر على مواقف وسياسات هذه الدول الأفريقية فيما يرتبط بمصر من جهة والسودان من جهة أخرى؟


يحيى عبد المجيد: أنا أقول لك إن إسرائيل عندها سياسات مائية وسعات مادية يعني بتشترك فيها وسياسات متقدمة، هي الآن تضع يعني هي مقتنعة أن منطقة الندرة حتى بعد الحلول ستظل المياه نادرة في هذه المنطقة، وهي تضع عينها على شيئين على البحر أولا وعلى wetlands يعني مناطق الوفرة المائية في المنطقة مثل أعالي منطقة المستنقعات في السودان أو في تركيا، حتى أنه بمال عربي وبمال من المنطقة تخطط الآن لرسم موارد إضافية من البحر، تحلية، ومن الاستفادة من wetlands  الموجودة في  المنطقة  باسم العولمة وباسم التجارة الدولية في أن الناس يتعاونوا وهي تخطط الآن مع دوائر كثيرة لاستعمال المال العربي والتكنولوجيا الغربية والإسرائيلية لمثل هذه المشروعات..


علي الظفيري (مقاطعا): أي مال عربي يا دكتور؟


يحيى عبد المجيد: والله لا يوجد دور عربي في هذا مع الأسف الشديد، نحن نجتمع ونقرر وهناك غياب كامل للتقييم السياسي، الأخ حدادين يتحدث عن التيار الآن داخل المنطقة العربية لتقسيم المياه، يعني كان.. ونحن في عهد العولمة، نحن الآن نتحدث عن التجارة الحرة في العالم ولا يمكن أن ندخل هذا المحتوى إلا أصبحنا مؤهلين لهذا، في هذا، وهناك عقبات كثيرة في هذا، أنا أعتقد أنه يعني نتحدث عن التجارة، هناك تخطيط الآن وأنا أقول لك أنه مثلا إسرائيل تركت زراعة البرتقال، توزيع المياه لم يعد يعني توزيع سياسي وتوزيع اقتصادي، إسرائيل تركت البرتقال الذي كان يستهلك كميات كبيرة من المياه والآن هي تتجه نحو بدل البرتقال إنتاج computers  وإنتاج تكنولوجيا عالية، تبيعه للمنطقة..


علي الظفيري (مقاطعا): أوفر وأفضل يعني، طيب دكتور يحيى سامحني أقاطعك لضيق الوقت، دكتور سيف هنا نتحدث الآن عن السياسات العربية، بعيدا عن الإشكاليات السياسية الكبيرة التي ترتبط بشكل مباشر، نتحدث عن هل هناك سياسات عربية حقيقية فيما يتعلق بهذه المواد المائية العذبة وتنميتها والمحافظة عليها، استغلالها استغلالا جيدا يعني؟


سيف بن علي الحجري: في الواقع لا توجد سياسة واضحة عربية وهذا في الحقيقة المأساة وعلى ما أعتقد الإنفاق اليوم على هذه الثروة المائية هو أو استثمار على المدى البعيد للعالم العربي ولا محال فيه، وبالتالي على ما أعتقد أيضا التكامل في هذا الجانب لا يوجد أيضا التكامل، فأيضا المطلوب في الواقع أن نربط هذا التكامل، مثلا في الخليج اللي من ضمن منطقة الخليج اليوم، مثلا دولة قطر قريبا ستصبح المياه فائضة بكمية هائلة بعد إنجاز هذه المحطات الجديدة التي في الخطة، لو وجود التكامل مع دول المنطقة ممكن أن تعطي لدولة  قريبة تحتاج لمياه..


علي الظفيري (مقاطعا): الآن دول الخليج يعني على سبيل المثال وهي الدول المتماثلة كل دولة تنتج مياهها على حدى؟


سيف بن علي الحجري: وسيحدث لبعض الدول عندها فائض وبعض الدول تحتاج وبالتالي إذا لم توجد شبكة تكاملية هذه المياه تصبح إما أن تستخدم في الزراعة وبطريقة أيضا فيها نوع من الهدر نتيجة أن المجال أو الطقس هنا لا يسمح لكثير من المنتوجات، أو أنها تضخ من جديد إلى الحوض الجوفي لرفع المنسوب ومحاولة عمل توازن بين الحوض الجوفي نتيجة لفقد الكثير من هذا التوازن، إذاً على ما أعتقد العالم العربي لا بد في الواقع أن ينظر للمستقبل حتى يستطيع أن يبني هذه التنمية التي لا شك هي أيضا مطلب اليوم. أن تصبح جزء من العالم ومن العولمة, وهي تحتاج لأن تنفق اليوم ليصبح هذا الإنفاق هو في الواقع استثمار حقيقي..


علي الظفيري (مقاطعا): هل هناك أرقام يا دكتور عن حجم الاستثمارات أو المبالغ التي توضع، الميزانيات في محاولة تنمية هذه الموارد المالية؟


سيف بن علي الحجري: في الواقع ما عندي رقم معين ولكن على ما أعتقد أن النموذج الموجود في دول الخليج، هنا استثمارات ضخمة جدا في كل دول المنطقة في عمليات استخدام الطاقة سواء المتجددة في المستقبل، الطاقة الحالية اللي هي، في تحلية المياه ولا شك لها أثرها البيئي القليل ولكن هناك لا بد من نظرة بالتوازن.

السياسات العربية والجهود المطلوبة لحل مشكلة المياه


علي الظفيري: طيب سنشير معك أيضا إلى قضية التلوث وهذه قضية ربما ترتبط بالمنطقة وقضية ناقلات النفط التي تخرج وربما تلوث حتى المصادر المائية الموجودة، دكتور منذر هل يمكن أن تلقي الضوء على حجم الاستثمارات العربية فيما يتعلق بتنمية الموارد المائية العذبة الموجودة ومحاولة استغلالها بشكل جيد والحفاظ عليها؟


منذر حدادين: المعدل في منطقتنا العربية خاصة في المشرق، دول مجلس التعاون الخليجي، منطقة بلاد الشام، ينفق إنفاقات رأسمالية تضاهي 20% من الدخل القومي، وتدعم استهلاك المياه بما معدله بين 1 إلى 3,5% من كلفة تشغيلها وإيصالها إلى المستهلكين، فهذا هو حجم الإنفاق والدعم الذي يلقاه مستهلكوا المياه في منطقتنا، إنما القول إن قطر أو غير قطر من دول الخليج سيكون عندها فائض مياه هو حديث جزئي فالمياه التي نحتاج إليها، نحتاج إلى الحاجات الأساسية الشرب والصناعة ثم إنتاج الغذاء وهذا الذي قصدته في التجارة البينية داخل النظام العربي أعضاء جامعة الدول العربية لأن إنتاج الغذاء في السودان بوفرة مياه الأمطار في جنوبه أو بوفرة مياه الري في شماله يمكن أن يفيد البلدان التي لا موارد لها لإنتاج الغذاء مثل تونس والأردن وفلسطين ومثل اليمن أيضا، هذه هي التجارة المقصودة في المواد الغذائية والتي أسميته بانتقال المياه على صيغة مياه الظلال، أنا في نواكشوط أستفيد من شغل المزارع السوداني، هذا الذي قصدته..


علي الظفيري (مقاطعا): دكتور يحيى..


منذر حدادين(متابعا): إنما، عفوك، عفوك، خليني أعرج لأن هذا مفهوم الخوف من إسرائيل مفهوم كمان عفا عليه الزمن، لا علاقة لحروبنا مع إسرائيل بالمياه وحدها ولم تكن المياه سببا في حرب 67 كما ادعى البعض، والذي يشكك في هذا فليعد إلى الوثائق الرسمية التي أصبحت اليوم في متناول العموم وليرجع إلى كتابين كتبتهما وإلى الوثائق التي عدت إليها لتثبت أن لا علاقة مباشرة للنزاع على المياه في الحروب..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب يا دكتور هذه مسألة جدلية طويلة، الآن فيما تبقى ..


منذر حدادين (متابعا): مش جدلية، هذه حقائق تلقى، حقائق تلقى، ما بيصير نترك ناسنا في وهم، لا علاقة لغزو لبنان بالليطاني والدليل على ذلك تقرير الحكومة اللبنانية، يا أخي ما بيصير أنتم الإعلاميين عندكم مسؤولية مهنية ومسؤولية أخلاقية لا تخلوا أمور من هذا النوع تمر.


علي الظفيري: نحن يا دكتور.. أنت ذكرت رأيك يا دكتور وكتبته ودعمته..


منذر حدادين: مو رأيي، هذه حقائق، هذه حقائق بقول لك..


علي الظفيري: أنت تراها حقائق وهي حقائق، ما قلنا شيء، ما عارضنا هذا الأمر..


منذر حدادين: يا أخي وثائق، استغفر الله العظيم.


علي الظفيري: ما عارضنا هذا الأمر، دكتور يحيى في الخرطوم، الآن حجم العمل العربي، حجم الاستثمارات العربية، حجم الجهود التي تبذلها الحكومات العربية في مواجهة هذا الخطر الكبير المحدق بالمنطقة هل يتواءم فعلا مع الإشكاليات المطروحة بوفرة المياه العذبة فيه؟


يحيى عبد المجيد: أنا أقول يعني بكل ثقة هناك مساهمات عربية كثيرة في مشاريع المياه، في مناطق لا أتمكن حتى الآن من حصرها ولكن أقول هي ليست خطة متكاملة، الخطة المتكاملة التي رسمت في عمان لتنمية الموارد المائية والزراعية والاكتفاء الذاتي العربي لم تنفذ، وأنا أعجبني حديث الأمين العام للأمم المتحدة هذا العام وهو يتحدث عن أن حوالي 2 مليون شخص في العالم لا يجدون حتى يعني الماء الصحي ليشربوه أو يستعملوه في الصرف الصحي، وأثبتت الدراسات إن استثمار دولار واحد في مثل هذه الأعمال العائدة بتاعتها سبعة دولار، ونحن نتحدث عكسا لما نعمل، أنا يعني أعتقد أن هناك سياسات ترسم لهذه المنطقة، سياسات دولية، الحديث عن المياه الافتراضية أن مصر والمغرب وشمال أفريقيا أن لا يزرعون قمحا ولا يروون قمح بل يشترون القمح من السوق العالمي حسب ما تفرضه الظروف بتاعة التجارة الدولية، هذه هي السياسات الدولة الآن وهذه السياسة الآن يعني تدعمها دوائر علمية وسياسية في إسرائيل ويمكن في جنوب أفريقيا وفي الغرب. كلها تسعى الآن فرض هذه المياه الإفتراضية، أن لا نزرع قمحا في مناطق الندرة المائية بل نشتريه من سوق العالم، والآن نحن نعرف التصاعد الفظيع لأسعار المواد الغذائية في العالم وهي رد فعل لارتفاع الطاقة وارتفاع أسعار البترول، أنا أعتقد القضية ليست هي قضية ماء أو يعني بس نكفي أنفسنا في الماء هذه قضية متشعبة على العالم العربي والجامعة العربية والمؤسسات المائية أن تعي حجم وأبعاد هذه القضية، هذه قضية خطيرة.


علي الظفيري: طيب دكتور يعني ما ذكرته مهم جدا. دكتور سيف إذا كان هناك، إذا افترضنا أن حربا قادمة حول المياه ستشتعل في المنطقة، إذا افترضنا ذلك، هناك من يثير هذا الأمر بشكل مستمر، منظمات وكما ذكرنا جهات كثيرة، كيف يمكن تلافي هذه الحرب أو تلافي هذه الإشكاليات التي أو الصراعات التي ستنشأ ربما حول الموارد؟


سيف بن علي الحجري: أنا في الحقيق لا أعتقد هناك حروب ستكون بسبب المياه ولكن قد تؤخذ المياه من ناحية العذر للدخول في الحروب، وهذا هو الخوف ولكن لا أجد أن هناك أي حكيم أو أي دولة في الواقع تنظر بمنظور صحيح أنها تدخل حرب من أجل مياه لأن الحروب مثلما ذكرت اليوم هي مكلفة بشكل كبير جدا، لو استغلت فقط بعض النسبة من هذه المبالغ التي تصرف كانوا حلوا قضية المياه في هذه الدول، وبالتالي لا أرى هذا هو حقيقة في الواقع ويمكن حتى التاريخ الماضي الحروب التي تمت هي ليست في الواقع بسبب المياه، قد تكون لأسباب أخرى وقد تكون المياه عذرا للدخول في الحروب.


علي الظفيري: أو سببا لذلك.


سيف بن علي الحجري: أو سببا.


علي الظفيري: دكتور حدادين في دقيقة إذا سمحت، ما الوجه الأمثل لتلافي أي إشكالية تقوم حول المياه أو الموارد المائية العذبة في المنطقة؟


منذر حدادين: حكاها الدكتور يحيى عبد المجيد أطال الله بقاءه، هي دبلوماسية المياه، والحديث والحديث المتواصل، نحن مثلا في الأردن لدينا إشكالات مياه مع الجوار والحديث فيها متواصل، وما أحد بيفكر أن يسحب سيفه على جاره، بس منقول، منقول دائما

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

على المرء من وقع الحسام المهند

أنا كنت أتمنى أخي علي لو تطرقنا إلى تقرير البنك الدولي ولا أريد أن نأخذه على علاته بأنه حقائق وبأنه منزل فهناك فيه من العيوب ما هو حري بالحديث فيها، وهذا كان أملي الحقيقة كان في حديثنا هذا المساء ولكنه انطلق في جهات أخرى لها علاقة بالمياه لا شك، فبيضل الحوار هو الوسيلة لحل الإشكالات.


علي الظفيري: يعني نحن أصلا خصصنا النقاش يا دكتور يعني ليس من باب أنه والله ما جاء في التقرير هو أمر ثابت ومن المسلمات، نحن خصصنا النقاش حول هذه القضية وهذا التقرير لنفهم يعني لكي يفهم المشاهد إذا كان هناك فعلا خطر حقيقي مرتبط بالموارد المائية العذبة في المنطقة أو لا، يعني هل الصورة سوداوية تماما أو أقل من ذلك وأعتقد أنت ساهمت في هذا النقاش بشكل جيد، دكتور يحيى أخيرا كيف يمكن تلافي الإشكاليات المرتبطة أو التي قد تنشأ حول الموارد المائية العذبة في المنطقة؟


يحيى عبد المجيد: يعني الحقيقة أنا كل ما أرجوه أن تعي حكوماتنا ودولنا أن القضية بتاعة المياه لا تحلها الحكومات، مجالسنا في الجامعة العربية وحتى مجلس المياه الذي تكون، المجلس العربي، أصبحت هي آليات حكومية، ينبغي أن يفتح الحوار على مصراعيه، الحديث عن قضية المياه ليس حديثا سريا، هي مسؤولية تاريخية ومسؤولية أجيال قادمة، أنا أعتقد أنه ينبغي أن نغير المنهج وأن كل المؤسسات العربية ينبغي أن تاخذ الشكل الديمقراطي والشكل الأهلي المساهمة الأهلية وليست تطغى عليها المساهمات الحكومية، هذا رأيي في حل مثل هذه الإشكاليات.


علي الظفيري: شكرا لك دكتور يحيى عبد المجيد وزير الري السوداني الأسبق، وكذلك الشكر للدكتور منذر حدادين وزير المياه الأردني السابق من عمان، ولضيفنا هنا في الأستوديو الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس مركز أصدقاء البيئة في قطر، شكرا لكم أنتم أيضا مشاهدينا الكرام على متابعتكم لنا في هذه الحلقة التي خصصنا النقاش فيها لتقارير تتحدث عن أزمة مياه ربما تواجهها المنطقة، لكم التحية من أحمد الشولي منتج هذه الحلقة من برنامج أكثر من رأي ومن مخرجه منصور الطلافيح، وبإذن الله الأسبوع القادم سيعود الزميل سامي حداد لاستئناف تقديم برنامج أكثر من رأي، دمتم بخير وإلى اللقاء.