قضية المرأة العربية في القرن المقبل
مقدم الحلقة: | جمانة نمور |
ضيوف الحلقة: | الدكتور زكي بدوي: عميد الكلية الإسلامية في لندن ورئيس مجلس الأئمة والمساجد في بريطانيا جيهان المير: استاذة في جامعة قطر خديجة صفوت: أستاذة الاقتصاد السياسي بجامعة ويلز-لندن |
تاريخ الحلقة: | 16/08/1999 |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
جمانة نمور: مساء الخير، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج(أكثر من رأي)، وهذه المرة مباشرة من الدوحة، بعد مرور ما يزيد على نصف قرن على ظهور أول حركة نسائية عربية بصورة رسمية،لم تأخذ المرأة-أو لنقل لم تمنح-حقوقها كاملة في كثير من المجالات، وخاصة في مجالات العمل والسياسة، المشاكل التي تواجهها المرأة العربية تختلف باختلاف بلدانها، والظروف السياسية والاجتماعية السائدة في تلك البلدان.
ففي حين أنه في بعض الأقطار العربية من أولويات الاهتمامات النسائية هو معترك الحياة السياسية، والاعتراف بحقها في المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً، نجد المرأة في دول عربية أخرى تناضل من أجل مجرد منحها الحق في قيادة السيارة، على أنه مهما كانت المشاكل التي تواجهها المرأة العربية والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، إلا أن المعوقات التي تعترض الحركات النسائية تكاد تكون متشابهة.
ففي مجتمعات تخضع –بالمطلق- لهيمنة الرجل تبقى مشاركة المرأة في الحياة العامة -بصورة فعالة-مشاركة محدودة، تحجيم دور المرأة إلى منظومات العادات والتقاليد السائدة، فيما يرى آخرون أن الموروثات الثقافية والدينية لا تسمح بالخروج إلى الحياة العامة إلا في حدود ضيقة.
ولمناقشة قضية المرأة العربية على مشارف القرن المقبل، نستضيف في الاستديو الدكتورة جيهان المير (من كلية العلوم بجامعة قطر، والناشطة في مجال الحياة العامة في قطر)، ومن لندن عبر الأقمار الاصطناعية الدكتورة خديجة صفوت (أستاذة الاقتصاد السياسي بجامعة ويلز، والناشطة في مجالات حقوق المرأة العربية)، وأيضاً الدكتور زكي بدوي (عميد الكلية الإسلامية)، وذلك لبحث هذه القضية الشائكة نوعاً ما.
أما للمشاركة.. فيمكنكم الاتصال على الأرقام التالية:من خارج قطر نبدأ طبعاً بـ 97488841 أو 42، أما من داخل قطر فالرقم هو 88840، أما رقم الفاكس فهو 974885999.
وأود أن أبدأ بالحقيقة هذه الحلقة بسؤال إلى الدكتورة خديجة صفوت، دكتور خديجة ما هو أبرز ما حققته المرأة العربية خلال هذا القرن؟ وهل يتم التحضير –مثلاً- للقرن المقبل؟
د. خديجة صفوت: يعني بالنسبة للمرأة المتعلمة اللي هي –غالباً- من الطبقات الوسيطة وعندها امتيازات معينة، أعتقد أنها حققت بعض الانتصارات في مجالات العمل، على الأقل الأجر المتساوي في بعض البلدان العربية، ودخول الحياة السياسية، ولو حتى بنسب ضئيلة، حققت في مجال الأسرة علاقة أعتقد بدرجة ما ديمقراطية، فيما يختص بعلاقة الزوج والزوجة، حققت –أيضاً- نسبة من تبادل المسؤولية في تربية الأطفال، بصورة برضو متشاركة.
أما بالنسبة للمرأة العربية بصورة عامة، المرأة العربية أغلبية النساء العاديات، الفقيرات التقليديات، بيتفاوت ما حققنه، وأعتقد إذا.. إذا فيه تحقق لما كانت المرأة قد سعت إليه يكون غالباً في مجال التعليم، والصحة، وبعض الإمكانات البسيطة، ده طبعاً بيتفاوت في المقياس المدرج من بلد عربي لآخر، وأحياناً في المقياس المدرج برضه بيتدنى بشكل يصبح فيه من الصعب الحديث عن منجزات للمرأة، في الواقع أحياناً ممكن الواحد لو كان موضوعي، يتكلم عن فقدان بعض المكتسبات اللي اكتسبتها المرأة، (الانتصارات) اللي اكتسبتها المرأة مثلاً في الستينات، حتى فيما يخص المرأة المتعلمة، أصبحنا –أحياناً- نناضل من أجل مكتسبات كنا قد حصلنا عليها في مرحلة ما بعد الاستقلال، ودا طبعاً برضو ممكن يجمع المرأة والرجل، يعني في الحديث عن المكتسبات الاجتماعية، والقانونية، والاقتصادية والسياسية، يصبح من الممكن جمع المرأة والرجل –أحياناً- في إنه حصل نوع من النكوص -في تقديري- فيما يخص المكتسبات اللي الناس كانوا بيناضلوا فيها.. بيها عشية الاستقلال السياسي وبعد الاستقلال السياسي في المجتمعات العربية.
جمانة نمور: ننتقل إلى الاستديو، ومعنا من الدوحة الدكتورة جيهان المير، ماذا عن وضع المرأة العربية في الخليج مقارنة مع باقي الدول؟
د. جيهان المير: بسم الله الرحمن الرحيم، أعتقد وضع المرأة الخليجية يختلف نوعاً ما من دولة إلى دولة، بالرغم من التجانس الواضح في الحياة السياسية، والحياة الاجتماعية، أو التجانس الظاهري في هذا المجال، بالنسبة للتعليم المرأة البحرينية والكويتية سبقوا أخواتهم الخليجيات في التعليم، منتصف الخمسينات رأت فترة زيادة كبيرة في بعثات النساء للخارج إلى دول إلى مصر، ولبنان، وبغداد، وغيرها، بعد الطفرة النفطية وضع المرأة الخليجية تغير تماماً، هذه الطفرة أحدثت زيادة كبيرة في عدد النساء الذين دخلن مجال التعليم، ولكن في نفس الوقت -مثلما تفضلت الدكتورة- أخذوا نفس المنحى الذي أخذته المرأة الكويتية، والمرأة البحرينية، دخلوا مجال التعليم ومجال الصحة، ولكن هذا ما يمنع إن الطفرة النفطية كان لها آثار إيجابية كبيرة على المرأة الخليجية.
[فاصل إعلاني]
جمانة نمور: كنا قد بدأنا الحديث عن إنجازات المرأة التي استطاعت تحقيقها خلال هذا القرن، ونشير في هذا الصدد إلى أن نسبة مساهمة النساء في الاقتصادات الوطنية بلغت ما بين 18 إلى 29%، وذلك في بلدان مثل لبنان، وسوريا، ومصر، والكويت، والجزائر، وليبيا، وتونس، والسودان، واليمن، برأيك دكتور زكي بدوي هذه الأرقام إلى ماذا تشير؟
د. زكي بدوي: الأرقام التي تتحدث عن دور المرأة المعاصرة أو المرأة العربية تشير إلى نوع من التقهقر، لأن المشكلة بالنسبة للمرأة العربية ليست مشكلة الحياة العامة فحسب، وإن كانت مهمة، ولكن أعتقد أن بداية المشكلة تأتي في الأسرة، فعلاقة المرأة أو وضع المرأة في الأسرة العربية لا تتفق مع الشرع، بل تتفق مع العادات والتقاليد، والعادات والتقاليد تغلب على الشريعة، بالرغم من كل الكلام الكثير الذي نصيح به على الشريعة.. عن ضرورة تطبيق الشريعة، نحن لانطبق الشريعة في علاقة المرأة بالرجل في الأسرة، والأسرة هي الأساس، إذا كانت الأسرة تعطي المرأة حقها، وتعطي المرأة وضعها، عندئذ يمكن أن تجد المرأة وضعاً أقوى في الحالة في العمل السياسي الخارجي، وفي العمل الاجتماعي، وفي الحقيقة إن وضع الرجل العربي كوضع المرأة بالنسبة للعمل السياسي، لأن الأوضاع السياسية في بلادنا لابد أن نعترف بأنها لا تعطي المواطن حقوقاً كاملة، كما تعطي هذه الحقوق لأشخاص أو لرجال يعيشون.. لرجال ونساء يعيشون في الغرب، هذه نقطة.
النقطة الثانية:التعليم، تتعلم المرأة في كثير من بلادنا ولكن تحرم من العمل، فما فائدة هذا التعليم؟ولماذا تنفق الدولة وينفق المجتمع الجهد والمال لتعليم المرأة إذا بعد.. إذا لم يعطها الحق أو لم يعطها الفرصة لتطبيق أو للانتفاع بمجهودها وبعلمها؟ هذه ناحية.
الناحية الثانية:تعطيل المرأة، في الواقع المرأة معطلة في العالم العربي فهي لا تسهم بالإسهام الكامل في الإنتاج الصناعي، ولا الإنتاج الاجتماعي، وبالتالي فإن الأمة العربية تعيش ليست فقط بنصف مجهودها، بل بأقل من هذا النصف، لأن النساء غالبية في المجتمع الإسلامي والمجتمع العربي، ومهم.. من المهمات الأمور الهامة جداً، يقولون: إن المرأة يجب أن تتفرغ لتربية الأطفال، لكن إذا كانت المرأة ذليلة في أسرتها، وغير محترمة في مجتمعها، فبأي حق نطالب هذه المرأة أن تأتينا بجيل يشعر بالعزة، ويشعر بالكرامة، ويشعر بثقته بنفسه؟!
لابد إذن أن نبدأ أولاً: بتنظيم الأسرة على أسس إسلامية حقيقية، لا على أسس تقليدية، ولا على أسس فتاوى لا.. ليس ما أنزل الله بها من سلطان، هذه ناحية، وعندما تكون للمرأة وضع قوي في الأسرة عندئذ نستطيع أن نتكلم عن وضعها الاجتماعي العام.
جمانة نمور [مقاطعة]: دكتور.. دكتور زكي، أريد أن أضيف إلى حديثك بأن المرأة –بالإضافة إلى ما تفضلت به بالنسبة إلى الأسرة- قد استطاعت تحقيق هذه الأرقام مع العلم أنها في معظم هذه البلدان لا تستطيع السفر من دون إذن زوجها،أو أبيها، أو أخيها، كما أنها لا تستطيع منح الجنسية لأبنائها، في ظل هذا الحديث أريد أن أتوجه بالسؤال إلى الدكتورة خديجة صفوت، لقد تحدث دكتور بدوي عن الغرب وأجرى مقارنة سريعة بالنساء الغربيات وأنت تعيشين في بلد غربي، ماذا تقولين في ذلك؟
د. خديجة صفوت: والله أنا عندي ملاحظات، طبعاً كل الكلام اللي قاله الدكتور صحيح تماماً يعني، إنه فيه حالة تدني يعني قدرات كل من الرجال والنساء، أنا ما بأحب أفرق كثير يعني بين ما يحدث لنا جميعاً، لأنه يعني كلما نقصت أو تدنت الحقوق السياسية للرجال –طبعاً- أصبحت حقوق النساء بكاملها معرضة.
ملاحظتي الأولى: إنه أولاً إحنا مسألة العمل –يعني حق المرأة في العمل- من أنا إنسانة اشتركت في حركة تحرير المرأة من الستينات، وعاصرت حركة (الفيمينـزم) لما كانت في أوجها، وهي الآن في حالة يعني أفولها.
الآن أنا بأعتقد المرأة منتجة مش بس لأنها في المصنع، يعني تنتج في مصنع أو في المكتب، هي منتجة في البيت، ومنتجة في الحقل، ومنتجة في البادية، ودا إنتاج أساسي، وله وزن مهم جداً.. جداً في الناتج القومي الإجمالي، مع.. على الرغم من أنه لا يحسب، ودي حاجة مهمة جداً، النساء لم ينتبهن إلى حقيقة أنهن ينتجن، وكن ينتجن، وما برحن ينتجن، وإذا توقفن عن ذلك الإنتاج العالم دا كله بما فيه من مصانع، وأي شيء يخطر ببالك حتى الدولة ممكن تتوقف، فدي نقطة النساء لازم تتجمع حولها من أجل إعادة تعريف مفهوم العمل.
الناحية التانية: أن العمل ده -أكمل الجملة دي- العمل اللي إحنا بنتكلم عنه، اللي هي نسبة 18 إلى 29%، إحنا برضه ما عرفنا نوعه، يعني إيه طبيعة هذا العمل ما هي عمل، أنا.. أنا بأعرف لأن عندي علاقة قوية ببعض المجتمعات العربية زي فلسطين واليمن و.. يعني بأعمل معاهم بشكل متصل، النساء يدخلن هذا العمل -سوق العمل ذلك- وهو سوق عمل متدني تماماً، والأجور فيه منخفضة تماماً، وما عندهم حقوق تنظيمية، ولا مطلبية، ولا سياسية في هذا السوق، ولذلك هذه النسب لازم تؤخذ بحذر، وهي ليست مكتسبات للمرأة، أحياناً بعضها يكون خسائر على المرأة والرجل معاً يعني ما تأخذنا العزة بما يقوله الغرب.. ما تقوله النساء الغربيات من حق المرأة المطلق هذا، وإنما ينبغي أن نتأمله، وأنا أشك كثيراً في إنه هذه النسب بالذات بالنظر -مثلاً- للمرأة الفلسطينية- دا أنا شيء بأعرفه طبعاً، أو.. أو المغربية، أو التونسية أو المصرية في بعض المناطق اللي فيها هذه الصناعات اللي إحنا بنتكلم عنها.. اللي دخلت فيها المرأة، لا أعتبر أن ذلك مكسباً لها، ولذلك أتحفظ على اعتبار ذلك مكسباً.
جمانة نمور: لقد تمت الإشارة يا دكتورة جيهان المير إلى موضوع السياسة، ومشاركة المرأة في السياسة والحقوق السياسية، لقد مرت قطر بتجربة الانتخابات البلدية وشاركت فيها المرأة ناخبة ومرشحة -أيضاً- أنت كنت ممن ترشحن إلى هذه الانتخابات ولم يفزن، ماذا تقولين في هذه التجربة؟
د. جيهان المير: أعتقد نجاح المرأة أو فشلها بالنسبة لها التجربة قضية هامشية في الفترة يعني الفترة الأولية والفترة القصيرة المدى، مجرد حصول المرأة القطرية على حقوقها السياسية كناخبة ومرشحة كانت خطوة كبيرة بالنسبة للمرأة القطرية، ويكفيها أن آلاف النساء ذهبوا يوم الانتخاب واقترعوا في يوم الانتخاب..
جمانة نمور [مقاطعة]: ولكن هؤلاء النساء ليس لم ينتخبوا المرأة!! هل هذا يعكس نظرة نسائية إلى دور النساء في قطر، هل هذا ما يريدون؟
د. جيهان المير: أنا لا يهمني لا المرأة تنتخب المرأة الآن أو لا تنتخب المرأة الآن، أنا يهمني إن الرجل والمرأة في المجتمع يثقون في المرأة في المستقبل ويعطونها أصواتهم، وأنا كنت أفضل أن المرأة لا تعطي المرأة صوت لمجرد أنها تريد أن تؤيدها، ويكون نوع من التميز ضد.. ضد الرجل، أفضل إن المجتمع يأخذ الخطوات التدريجية التي يحتاجها أي مجتمع في ضمن التطور التاريخي اللي يمر بيه..
جمانة نمور [مقاطعة]: لكن ألا تلاحظين أن علاقات القربى هي التي لازالت تحكم هذه.. أي انتخابات عربية؟
د. جيهان المير [مستأنفة]: أعتقد علاقات القربى تؤثر على معظم الانتخابات في العالم العربي أو مراكز القوى وأين تكون في الانتخابات، وبالتالي إحنا ما نقدر نفصل المجتمع القطري عن علاقات السياسة، أثبتت يعني علاقات القرابة أنها أثرت في هذه الانتخابات، وقطر لم تكن استثناءً، ولكن وجودها أعتقد إنها حققت نفسها إنها ذهبت يوم الانتخابات وشاركت بنسبة 80%..
جمانة نمور [مقاطعة]: نريد الاستمرار في الحديث عن مشاركة المرأة القطرية في الانتخاب والترشيح، ونتحول إلى الدكتور زكي بدوي لنسأله، هل تعتقد أن المرسوم الأميري الكويتي الذي يتيح للمرأة المشاركة في الانتخابات عام 2003م كناخبة وكمرشحة –أيضا- هل سيمرر في البرلمان برأيك؟
د. زكي بدوي: أنا في اعتقادي إنه القرار.. هذا القرار كان في منتهى الذكاء، وأعتقد أيضاً أنه مطابق للشريعة في نظري، وأعتقد إن البرلمان الكويتي لابد أن يوافق عليه، إذا لم يوافق البرلمان الكويتي على هذا القرار فيسكون قد ارتكب خطيئة كبيرة جداً في حق نفسه، وفي حق وطنه، وفي حق الإسلام أيضاً.
أنا أعرف أن بعض الناس يثيروا قضية أن الإسلام يعارض مشاركة المرأة، ولا أعرف من أين جاؤوا بهذه المعارضة، لا أعرف على الإطلاق، أنا حاولت أن أقرأ ما كتبوه، وحاولت أن أفهمه فلم أستطع، فإخواننا لابد أن يدركوا أن المرأة شاركت في البيعة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- شاركت في الحروب، شاركت في كل الأمور التي كانت تدور و.. في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت تستشار، وإنما تردى وضع المرأة عندما تولى الأمويون الحكم، ومنذ ذلك الحين بدأ وضع المرأة ينحط إلى حد كبير في عالمنا، نحن الآن في عصر.
جمانة نمور [مقاطعة]: ولكنهم يقولون -عفواً دكتور بدوي- لكنهم يقولون إن من حق المرأة أن تترشح فليكن، إنما… أن تنتخب ولكن لا يجب عليها أن تترشح ويعودون إلى الولاية في ذلك!
د. زكي بدوي: لا، هذا كلام لا أساس له على الإطلاق!! الكلام الذي يرددونه بأن المرأة لا تتولى أمراً، هذا كلام لا أساس له على الإطلاق في نظري، تعرفين يعني بعضهم يقول: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، وهم يأخذون هذا الكلام بدون النظر للظروف كما يقال الأوضاع التي أثارت التي أثارت هذا الحديث، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعلق على حكومة أو على دولة الفرس التي تولت أمرها امرأة فقال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" يريد حالة الفرس ذاتها، وإلا فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يخبرنا كذباً، وقد نعلم ونحن نعلم أن أمماً كثيرة تولت أمرها تولى أمرها النساء، وأفلحت.. وأفلحت النساء، وأفلحت الدول كذلك.
فإذن لابد أن ننظر لأفكارهم، وهذه الأفكار والأحكام إنما جاءت بسبب التقاليد، والتقاليد في العادة تكتسب صفة دينية وصبغة دينية باستمرارها،لكن الدين -الحمد لله- الإسلام لا يمكن أن يكون ضد المرأة ولا ضد توليها لشؤون.. لشؤون البلد، وفي رأيي أن هذا سيحدث، أراد إخواننا هؤلاء أو لم يريدوا، لأن تطور المجتمع.. تطور المجتمع الإسلامي يسير نحو الفهم الحقيقي والفهم الصحيح للشريعة.
جمانة نمور: وهذا ما أشار إليه –ربما- الرئيس الإيراني محمد خاتمي، عندما دعا النساء إلى لعب دور أكبر في السياسة قائلاً:إن الإسلام لا يفرق بين المرأة والرجل في هذا الموضوع، أريد أن أسأل الدكتورة خديجة صفوت عن مشاركة المرأة في السياسة بالنسبة إلى الغرب، يقال إن انهيار ثقة النساء بقدرة الرجال على معالجة هموم بلادهم -مثلاً في اليابان- هو الذي يدفعهم الآن إلى المشاركة السياسية، ما رأيك في ذلك؟
د. خديجة صفوت: والله اليابان ما بأعرف عنها كثير، لكن عموماً مشاركة النساء في السياسة في هذا الزمان –يعني الكلام لازم يوضع في سياقه-إذا نظرنا الآن إلى السياسة في الغرب أو حتى في اليابان بمعنى أنها نتاج لممارسات ديمقراطية بيطمح إليها.. يعني تؤلف غاية المنى لبعضنا، دا إذا نظرنا إليه بإمعان نجد إنه الممارسات الديمقراطية-نتيجة لعدة عوامل-طبعاً إذا دخلنا في مناقشة حناخد وقت طويل، لكن هي عائدة في المحل الأول لما يسمى بـ (الكوننة)، وبأنه القرار القومي والمشروع القومي يعني أصبح خارج يد الدولة القومية، ومنتزع حتى من.. من الناس اللي.. بتعود عليهم نتائج ذلك القرار، نجد إنه العملية الديمقراطية عموماً أصبحت شديدة الضمور بالرغم إن مظاهرها المظاهر.. الموجودة الآن يعني مؤسساتها، والأصوات العالية، وتجدي في آخر الأمر أن –مثلاً- النسب.. ودا يعود لـ.. يعني عايزة أوصله لحتت إنه في الآخر حيستوي الأمر إذا كانت الحكومات للنساء أو للرجال، بمعنى إنه في آخر الأمر لو نظرت إلى الاقتراع مثلاً تجدي إن النسب متدنية جداً، نسب مثلاً بريطانيا (ميجور) انتخب 24%، (بوش) مش عارفة أظن 26%، نسب ضئيلة لأن الناس أصبحت عندها درجة اللامبالاة، لا مبالاة حيال نتايج الانتخابات، لأن شيئاً في الحقيقة لن يتغير، يعني الفرق بين الأحزاب أصبح قليل جداً صراحة، فلا يعني إذا نظرت للأحزاب في الغرب، وهي –طبعاً- أحزاب لها علاقة قوية بمسألة الديمقراطية، مسألة الحكم، ومسألة السياسات، ومسألة حتى المجتمع المدني نفسه اللي هو عنده أبعاد شعبية وأوسع من عملية الاقتراع بشكل محدد يعني.
إذا نظرت إلى الأحزاب تلقيها متساوية، بحيث إنها حتى أصبحت تتنافس فيما بينها على (المنافستو) والبرنامج المطروح للخطط الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا أنا أعتقد مسألة.. أنا طبعاً أؤيد جداً كل خطوة تؤدي إلى ما حتى قد يشبه انتصار للنساء والرجال.. يعني لا أفرق أنا، لأنه في الآخر القضية بتاعة الاستقطاب العنيف دية، أنا واحدة من الناس أصبح عندي حساسية منه يعني، إنه المواجهات بين النساء والرجال دي أصبحت ما عندها.. يعني مش ما عندها قيمة، أصبحت في الحقيقة ضارة بالاثنين معاً، إنه في آخر الأمر.. إذا كان..
[موجز الأخبار]
جمانة نمور: دكتورة جيهان المير، كنت قد أردت التعليق على ما تفضلت به الدكتور زكي بدوي والدكتورة خديجة صفوت، تفضلي.
د. جيهان المير: نعم، أنا أوافق الدكتور زكي بدوي على قضية أننا بحاجة إلى إعادة النظر في التشريع الإسلامي، وأعتقد أن هذه ليست مهمة فقط لوضع المرأة في المجتمع العربي، أعتقد أنه هي مهمة –أيضاً- لوضع العالم العربي كله، إذا كنا نريد-كأمة- أن نقفز قفزة نوعية إلى الأمام في القرن القادم، فنحن بحاجة لإعادة النظر في الفقه الإسلامي -بشكل عام- آخذين في عين الاعتبار دراسة النص القرآني بمنهج علمي صحيح، آخذين -أيضاً- بعين الاعتبار التطور الهائل الذي حصل في فقه اللغة، ونشوء اللسانيات العربية، إلى آخره.
بالإضافة إلى هذا أعتقد إذا حققنا هذا التغير النوعي في فهم الشريعة الإسلامية، وفي الإسلام بشكل عام، سيؤدي هذا –أيضاً- إلى فهم أفضل، وربما تشجيع وتعزيز دور المؤسسات المدنية في المجتمع، ونحن بحاجة إلى ها.. نقطتين هذا النقطتين، حتى تستطيع المرأة أن تتقدم إلى الأمام، لأن المرأة بحاجة إلى آليات لمجتمع مدني تساعدها أمام القانون، أمام.. في التوظيف… إلى آخره، وأيضاً بحاجة إلى تشريع يعزز دورها في المجتمع، من غير ها الجزئيتين أعتقد بيكون صعب على المرأة ا لعربية أن تتطور، فالنقطة اللي طرحها الدكتور زكي كانت مهمة جداً في هذا المجال.
جمانة نمور: نعم، دكتور زكي بدوي، لقد تابعت معنا ما ذكرته الدكتورة جيهان المير، ونحن نعلم أنه لكي تحصل المرأة على حقوقها يجب عليها أن تتوجه إلى جانب الفقه الذي تحدثت عنه إلى القوانين والتشريعات، وهل تستطيع ذلك دون أن تصل إلى دور فعال في البرلمانات؟
د. زكي بدوي: لا يمكن، لأن لابد من أن تكون هناك قدرة على صياغة، أو المشاركة على.. في صياغة القوانين، وهذا يتأتى عندما تصبح المرأة –ليس فقط- لا حاجة لها أن تكون عضواً في البرلمان، ولكن تكون ناخبة، لأن الناخب يؤثر على العضو، فرأي الناخب يؤثر على العضو، ولسنا بحاجة إلى نساء كثيرات في في البرلمانات، لأن حتى في أوروبا مع وجود الانتخابات ومشاركة المرأة عدد النساء مازال قليل.. مازال صغيراً!!
لكن بالرغم من هذا فإن تأثيرهن في.. على التوجيه.. على التوجه السياسي القوي بسبب وجود أصوات لهن، وقدرتهن على توجيه على وضع أو على صياغة مشروعات الأحزاب، ففي رأيي أن المرأة إذا شاركت في الانتخابات، وأصبح لها حق الانتخاب، وحق الاختيار، وأيضاً حق الترشيح حتى تتحدى للوصول إلى المناصب التأثيرية في الدولة، فعندئذ تستطيع أن توجه سفينة الدولة إلى الطريق الرشيد وهو الرجوع إلى تقاليدنا، وأعرافنا، وفقهنا بالدراسة الموضوعية التي تنظر لمقاصد الشريعة، الأبعاد.. الأشياء التي تقصدها الشريعة، والتي هي أبعد من النصوص التي جاءت لنا من من الفقهاء، هذه.. هذا النظر لمقاصد الشريعة يستطيع أن يطور المجتمع، ويستطيع بالتالي أن يعطي المرأة حقوقاً، وأن يجعل دورها أكثر فاعلية في المجتمع العربي والمجتمع الإسلامي عامة.
[فاصل إعلاني]
جمانة نمور: ومعنا الآن فكرية أحمد من هولندا، مساء الخير أهلاً بك وتفضلي.
فكرية أحمد: أهلاً، مساء الخير، في الواقع أنا عندي مداخلة بسيطة، أنه من الملاحظ أن المرأة العربية في بعض الدول، اللي هي حصلت على حقوق لها متميزة بالمقارنة بدول عربية أخرى، إنها انخرطت في العمل السياسي التقليدي اللي بيمارسه الرجل.. الرجل العادي، وكأن كل همها هو منافسة الرجل في هذه الوظائف، فنذكر –مثلاً- وعلى سبيل المثال مصر، وصلت المرأة لوزيرة، وعضوة برلمانية إلخ، لكن لم تكن قضيتها المرأة في حد ذاتها، لكن كل قضيتها كان في منافسة الرجل في وظيفته، فلم نسمع –مثلاً- إن المرأة العربية نجحت في ممارسة ضغوط لتغيير تشريعات قديمة -مثلاً- بتنتقص من حقوقها أو إقامة منظمات، أو مؤسسات تحمي حقوق المرأة داخل الأسرة، أو حتى حمايتها من الاستغلال في سوق العمل -عفواً- في سوق العمل أو في المنزل، أو في غيرها.
جمانة نمور: دكتورة خديجة صفوت.. تفضلي.
فكرية أحمد [مستأنفة]: أنا أقيم في أوروبا منذ عدة سنوات وألاحظ هنا العديد من المؤسسات والجمعيات التي تحمي المرأة، جسد المرأة، حمايتها من استغلال تجار الرقيق الأبيض، حمايتها حتى من زوجها إذا أساء معاملتها، لذلك أنا أناشد المرأة العربية إن هي.. ألا تسعى لمنافسة الرجل فقط في وظائفه، ولكن تسعى إلى تحقيق الحماية لحقوقها، ولا تنخرط وراء المنافسة السياسية أو الاجتماعية فقط.
جمانة نمور: على كل حال سوف نأتي إلى ذكر هذه الموضوعات، ولكن نتوجه إليك دكتورة خديجة صفوت معنا من لندن، لقد تحدثت السيدة فكرية عن أن المرأة لم تستطع تحقيق ما يلزم،حتى لو وصلت إلى المشاركة السياسية، برأيك هل على المرأة إذا ما وصلت أو هل هي قادرة –فعلاً- على تغيير المفهوم السائد في السياسة التقليدية، وأن تأتي بمفاهيم جديدة أكثر ربما تعطيها حقوقاً أكثر؟
د. خديجة صفوت: يعني برضه بنرجع لـ.. يعني هي المراة لأنها امرأة تشريحياً، لازم بالضرورة تكون متعاطفة مع النساء، ماهو فيه نساء بيعصفن بالنساء، يعني مين كان أشرس من حيث سن التشريعات، ويعني إعادة النظر في بعض المكتسبات اللي كانت اكتسبتها المرأة البريطانية من (مارجريت تاتشر)، فدا يعني أنا موافقة الأستاذة فكرية على إنه مش بالضرورة إن المرأة ما إن تصل إلى منصب سياسي حتى توظف هذا المنصب السياسي من آجل الحصول على مكاسب للمرأة، بل أحياناً كثيرة هي تكون يعني مش بس متنافسة مع الرجل، وإنما تتحول إلى تكون يمكن أحياناً نسخة مشوهة من الرجل.
ولذلك أتصور إنه المرأة لازم يكون عندها برنامج، يكون عندها يعني أولويات محددة، ويكون فيه حركة حول هذه الأولويات وهذا الخطاب، ويكون يخص بالمرأة العربية تحديداً، يعني المرأة العربية برغم الخلافات اختلافات، يعني هي اختلافات مش بكمية كبيرة يعني يمكن تكون اختلافات ممكن تجاوزها، لكن على الأقل فيه اتفاق بالحد الأدنى حول بعض القضايا والأولويات العربية للمرأة العربية، فإذا تم اتفاق بهذا النوع، أو تم نشر نوع من هذه الثقافة اللي تنفطم من الفكر الذي يصدر عما يأتينا من الغرب، يعني أنا يمكن أنا أكون عندي نوع كده من الحرقة ضد الغرب –تصدر من كلامي- لكن أنا شايفة إنه القضية بالطريقة اللي تمت بيها اللي هي وضعت المرأة في مواجهة الرجل في حرب مستمرة بحيث إنه أصبح لازم المرأة تخش الجيش لأن الرجال في الجيش، لازم تكون مصارعة حاملة أثقال لأن الرجال بيحملوا الأثقال، أصبح نوه من المنافسة…
جمانة نمور [مقاطعة]: أصبح موضوع هو التماثل وليس تكامل كما هو مفترض، الآن نأخذ.. نعم.
د. خديجة صفوت [مستأنفة]: التماثل بالظبط وبعدين.. صحيح، ولذلك أنا يعني بأتفق تماماً مع هذا الكلام إنه..، بعدين النساء اللي بيخشوا في الحكومات دي يا إما يكونوا معينات، أو يكونوا من أحزاب السلطة الموجودة، ومصر واحدة من الأمثلة المهمة يعني، مصر من أوائل الدول اللي كان فيها نساء في مناصب مختلفة بما فيها الوزارة، لكن في آخر الأمر هي عضو في وزارة محكومة ببرنامج حزبي معين، يمكن دورها يكون فيه تزيين، يعني عملية تجميل، عملية Cosmetics يعني الحزب بحيث يقول شوف إزاي إحنا عندنا، لأن الأحزاب السياسية في أوروبا لو تلاحظي بيتباروا في كم عدد النساء في الأحزاب، يعني هي نوع من الموضة ليست مشكلة حقوق..
جمانة نمور [مقاطعة]: ديكور.. كديكور، دكتورة ابق معنا سوف.. نعم.
د. خديجة صفوت [مستأنفاً]: بالظبط، يعني في آخر الأمر بيمرروا السياسات اللي بيضعوها الرجال، وأنا ما بأقول كل الرجال، فيه نوع من الرجال تحديداً يعني، مش كلهم، لأن فيه طبعاً رجال بيخدموا..
جمانة نمور [مقاطعة]: دكتور، أبق معنا لأننا سوف.. نعم.
د. خديجة صفوت [مستأنفة]: فيه رجال بيخدموا قضية المرأة بنفس القدر ويمكن أكتر من الـ.. أكتر من النساء..
جمانة نمور: دكتورة، أرجو منك أن تبقي معنا لأننا سوف نأخذ اتصالاً من سوريا ومن عمر كوسا، مساء الخير وتفضل سيد عمر.
عمر كوسا: مساء الخير، بأحب أوجه سؤالي للأنسة اللي كانت عم تحكي هلا، إنه تتصور إذا وصل البرلمان عدد النساء فيه أكثر من الرجال، تجي توصف لي شو شكل البرلمان، ما بدي أحكي أنا كوننا على الهواء، شكراً كتير إلك.
جمانة نمور: يا هلا فيك، دكتورة خديجة أعتقد أنه توجه بالسؤال إليك، ولكن هنا أحب أن أضيف شيئاً، ربما النظرية التي يتحدث عنها الغرب كثيراً هذه الأيام، يتحدث عما كتبه (فرانسيس فوكوياما) في هذا الموضوع، وتحدث عنه العديد من العلماء بأن القرن المقبل في الغرب هو قرن المرأة، وسوف تهيمن المرأة –فعلاً- على السياسة، ويتحدثون عن نسونة السياسة في هذا الإطار، ماذا تقولين في ذلك؟
د. خديجة صفوت: والله شوفي كويس السؤال دا، أنا بيعجبني لأن أنا أكتب يعني أنا أقوم ببحث لي سنين طويلة في بحث حول عملية ما أسميه بـ (تأنيث التاريخ وسوق العمل)، ودي عملية تحتاج لتأمل شديد وتنبه عليها، لأنه هذا لا يعني سوى إحلال نساء برجال، فيما تستمر السياسات الموجودة دي من (كوننة) كل شيء، وتبضيع كل شيء، واستهلاكية كل شيء بمعرفة المرأة، وتكون المرأة –طبعاً باحتفالية شديدة قد انتصرت –بين قوسين- يعني في قضية تحرير بعض النساء لاحظي بعض النساء، أقلية قليلة جداً من النساء حيحتلوا مواقع الرجال، وتكون حتى علاقتهم بالسلطة لأنه يعني تقليدياً ما عندهم تراث للممارسة، ممارسة السلطة، تكون علاقتهم بالسلطة يمكن أشرس من مارجريت تاتشر، وأشرس من نساء كثيرات، وأعتقد إنه باسمه ودا اللي حصل، لو تنبهنا على الأعداد و الأرقام اللي عندنا إحنا تحديداً يعني لو تنبهنا عليها نجد إنه النساء دول صوغوا فكرة دخول النساء لسوق العمل، لو تتذكري الكلام اللي أنا قلته في البداية إن السوق هذا يعني هذا السوق للعمل اللي تم تأنيثه كان سوق عمل ما عنده حقوق، وهو بالوردية part time يعني وهو ما عنده حقوق مطلبية –زي ما قلت لك- ولذلك أصبح فكرة تأنيثه، وأنا (فوكاياما) أشك فيه جداً بالمناسبة، لاحظي إنه هو ياباني عايش في سان فرانسيسكو، وعندي فيه قولاً يعني.. وأتحفظ يعني، فهذا القول يؤخذ.. لا يؤخذ على أنه انتصار للمرأة وإنما أنا أجزم، ودي واحدة من فرضياتي، وأرجو أن أكون أثبتها بشكل كويس في كتاب بالعربي والإنجليزي اسمه "النسوقرات ووأد البنات"، والنسوقرات دي كلمة أنا اخترعتها.
جمانة نمور [مقاطعة]: طب، دكتورة سوف نأخذ اتصال جديد هذه المرة.. باختصار لو سمحت باختصار.. باختصار شديد.
د. خديجة صفوت [مستأنفة]: وأقول فيه.. أكمل الجملة دي، وأقول في الكتاب دا إنه –فرضيتي يعني-: إن هذا الإبدال هو عملية انكسار لكل من الرجل والمرأة، ولن تكسب فيه إلا أقلية قليلة جداً من النساء، تكسب بمعنى المكاسب المادية، مكاسب النجاح المعرفة غربياً.
جمانة نمور: سوف نتحول الآن إلى السعودية، ومعنا اتصال من هناك من السيد ناصر الباز، ناصر دعني أنا أبدأ بسؤالك هذا السؤال قبل إعطاء رأيك بما يحدث، لقد قال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله منذ فترة مؤخراً: إن السعودية لن تسمح لأي كائن كان أن يقلل من شأن المرأة السعودية أو يهمش دورها الفاعل في دينها أو بلادها، هذا ما أثار النقاش –الآن- حالياً حول عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة، برأيك هل سيسمح للمرأة قيادة السيارة في السعودية؟
ناصر الباز: الحقيقة، يعني أعذروني أعتقد إنه كان عندي –حقيقة- رأي مفصل في قضية معينة حقيقة، بشكل عام سنتكلم، أعتقد مشاركة المرأة في العمل السياسي إشكالية كبيرة يعني يقع فيها بعض الإخوة في العالم الإسلامي، وأعذروني لأني أتكلم بصراحة، الحقيقة أعتقد إنه القضية ليس متعلقة بتعاليم إسلامية بقدر ما هي متعلقة بإن إحنا كرجال لا نتحمل –أحياناً- مزاحمة المرأة في القضية السياسية يعني.
نقطة أخرى: على كل حال أتفق مع الدكتور حقيقة زكي بدوي بأغلب الطرح اللي ذكره ولكن طبعاً في حدود معينة، نقطة.. نقطتان.. إن الدكتورة جيهان ذكرت قضية مهمة جداً هي قضية إنه القفزة النوعية للمرأة العربية -بشكل عام-متعلقة بالنظر للفقه الإسلامي، الفقه الإسلامي يعني هناك أمور محسومة، ما فيها… ليس ليها مجال نقاش فيها إطلاقاً، القضية –الحقيقة- متعلقة بالتطبيق والاجتهاد في بعض الأمور الخلافية، يعني هناك أمور محسومة تماماً، مثل قضية ولاية المرأة، مثل قضايا أخرى، قضية ننظر للفقه الإسلامي بها النظرة التي.. يعني أنا أتمنى ننظر لنواحي أخرى، ندركها من قبل أن نطلق الأحكام جزافاً وشكراً.
جمانة نمور: قبل أن أنتقل إليك دكتورة جيهان للتعليق على هذا الموضوع أريد أن أسأل هيك -سريعاً- الدكتور زكي بدوي، هل قضية الولاية –فعلاً- محسومة؟
د. زكي بدوي: لا، ليست محسومة على الإطلاق، الواقع أن الطبري وهو أحد كبار الفقهاء، وكان مذهبه هو المذهب الرابع لمدة مائتي سنة قبل أن يحل محله المذهب الحنبلي، والطبري –كما تعرفون- محدث، ومؤرخ، وفقيه، وجليل، وهو لم ير أن الأنوثة حاجز، لم يرى أن الأنوثة كحاجز بين المرأة وبين تولي المناصب، في الواقع أن هذه الأمور تقليدية وهي من التقاليد أكثر منها من الدين.
ثم ناحية أخرى مهمة جداً يجب أن ندرك أن الدين الإسلامي يدور على المصلحة، وعلى ما ينفع الناس، وليست المسألة مسألة إن أمور تمت وجرت عليها العادة، وقد أصبحت هذه العادة تسيء إلى مستقبل الأمة، وتسيء إلى حتى وجودها، فعندئذ لابد من النظر في هذه الأمور، تعطيل المرأة ومنعها تماماً من أن تسهم مساهمة حقيقية أو إسهاماً حقيقياً في المجتمع هو ضار على حياة المجتمع وعلى مستقبله، فهذه المسائل ليست محسومة على الإطلاق، وأبسط هذا نجد علماء وفقهاء الآن يتحدثون عن هذا، وأنا أذكر عندما تولت (بناظير بوتو) رئاسة الوزارة في باكستان اجتمع مائة عالم من علماء باكستان وأفتوا بأن ولايتها باطلة، فبعد ذلك لما عادت للولاية مرة أخرى اجتمع نفس هؤلاء العلماء وقالوا لا بأس من أن تكون رئيسة للوزراء، ولكن نمنعها أن تتولى رئاسة للجمهورية، فأذكر أن أحد الإخوان قابلني، وقال: ماذا ترى في رأي هؤلاء؟ قلت: انتظر فإذا تولت رئاسة الجمهورية فسوف يفتون بقبولها، المسألة هي مسألة عادة، وليست مسألة دين.
جمانة نمور: نعم سوف نعود الآن إلى الدوحة، دكتورة جيهان المير لقد توجه إليك مباشرة السيد ناصر، ماذا تقولين؟
د. جيهان المير: الأخ ناصر أعتقد يمكن فهم كلامي بشكل خاطئ، أنا عندما أتكلم عن الفقه الإسلامي، أنا لا أقصد فقط وضع المرأة في الفقه الإسلامي، أنا أتكلم عن الفقه الإسلامي بشكل عام، الفقه من ناحية القضاء، ناحية حقوق الإنسان، ناحية إدارة الدولة، فأعتقد أن القضية ليست قضية محسومة، ونحن بحاجة إلى إعادة النظر، أعتقد أن الفقه الإسلامي يتطور.. يجب أن يتطور مع التاريخ، نحن لا نستطيع أن نلغي التاريخ، ونستطيع أن نلغي الجغرافيا، نقول أن هذه القضية محسومة من القرن السابع الميلادي ولا نناقشها، هناك قضايا يومية تحدث في الحياة، وأعتقد أن بعض كبار علماء الإسلام، محمد.. الشيخ محمد الغزالي –طيب الله ثراه- الشيخ شلتوت وآخرين، تكلموا عن ولاية المرأة، وهناك اختلاف بين علماء الدين أنفسهم، فعندما نقول عن الفقه الإسلامي نحن لا نرفضه تماماً، ولكن هناك بحاجة إلى إعادة نظر إذا كنا -كأمة- نريد أن نخطو خطوات إلى الأمام.
جمانة نمور: الآن نأخذ اتصالاً من السيد عز الدين عارم من الدانمارك، سيد عز الدين تفضل.
عز الدين عارم: نعم مساء الخير.
جمانة نمور: مساء النور.
عز الدين عارم: أريد تدخل بسيط.
جمانة نمور: تفضل.
عز الدين عارم: أريد أن.. أرى أن المشكلة إنه في الرجال، الرجال كمان لازم يدون النساء حقهن، هم كتير يعني متسلطين باسم الدين، باسم أشياء أخرى، بيقولوا هذا إنه المرأة لازم هيك تكون، أنا في رأيي المرأة كمان لازم تشتغل يعني تجتهد من شان تاخد حريتها، وطبعاً حسب تقاليدنا وكذا، ما نصير مثل أوروبا بدرجة كبيرة، يعني ما لقيت الكلمة اللي.. لكن أريد أن أقول إنه الرجال كمان لازم يدون للمرأة حقها، وشكراً.
جمانة نمور: شكراً لك سيد عز الدين، ما رأيك دكتورة خديجة في ذلك، إنه يطالب أن يعطي الرجل حقها للمرأة، وإذا عدنا بذلك إلى ما سألته للسيد ناصر ولم يجب عليه بالنسبة حتى إعطاء الحق في قيادة سيارة في السعودية يعني، باختصار لو سمحت.
د. خديجة صفوت: يعني هو طبعا دا وراد إنه بين الرجل المرأة، بس يعني في سياق معين، بين الزوجين، بين الأب والابنة، بين الأخ والأخت دا ممكن، إنما يعطي الرجل للمرأة حقها من موقع السياسي من السلطة دا، يعني مسألة برضه تعتمد على إنه المرأة نفسها تناضل، في نفس الوقت الرجل لا يشعر بعدم الأمان بتنازله عن بعض حقوقه، ما هي المسائل كلها مركبة يعني، إن الرجل إحساسه بعدم الأمان أحياناً يؤدي به لأن يتمسك مش بالسلطة إزاء المرأة وإنما إزاء الرجال الآخرين، ولذلك يُستلب النساء والرجال في مثل ذلك الموقف أو تلك الحالة يعني.
جمانة نمور: دكتور زكي بدوي، هل توافق أنه عدم إحساس الرجل بالأمان هو الذي يدفعه إلى عدم إعطاء المرأة حقوقها، وهنا أيضاً هناك سؤال سألته للمرة الثالثة، رجاء أن تجيبني أنت عليه، هل تعتقد أن هناك عائقاً دينياً أمام المرأة في قيادة السيارة مثلاً؟
د. زكي بدوي: لا، أنا كتبت عن هذا عندما ظهرت هذه الفتوى، وقلت إن القرآن الكريم ذكر أن الله عندما يؤتينا نعمة فنجعل منها حلالاً وحراماً، فالله –تعالي- يسألنا من أين جاءت هذه الفتوى، وهذا في سورة يونس، يعني الإنسان يجب أن يدرك أن الإفتاء باسم الدين بالتحريم والتحليل، هذه مهمة خطيرة جداً، ويجب أن يربأ الإنسان بنفسه عنها، فقيادة السيارة حق للمرأة كما كانت قيادة الجمل، وقيادة الحصان، وقيادة الحمار، وكل شيء، بالنسبة لوضع الرجل الواقع أن مجتمعنا مجتمع سلطوي، يعني الرجل في الأسرة هو في الواقع في معظم أسرنا ديكتاتور، وهذه هي المشكلة، الرجل حريص على هذه الديكتاتورية، لأن الديكتاتور لا يسلم.. لا يسلم سلطته بسهولة، ونحن مجتمع.. ومجتمعنا كله مبني على هذا الأساس، لدرجة أننا نسمي رئيس الدول أب للأسرة، يعني معناها نفس الوضع.. هذا التصور هذا التصور، يجعلني أشعر بأن الرجل –حقيقة- يريد أن يتمسك بحقوقه هذه التي أو بما يسمى بسلطته ولا يريد أن يتنازل عنها، ليس فقط لزوجته، بل لأبنائه أو بناته، فالقضية هي المجتمع السلطوي الموجود، وهذا يؤثر على جميع مؤسساتنا جميع مؤسساتنا حتى المجتمعات حتى الجمعيات المدنية، تجدين أن رئيس هذه الجمعية صاحب السلطة، بحيث لو خالفه شخص يطرد فوراً، فإذا كانت جماعة إسلامية يتهم بالكفر، إذا كانت جماعة وطنية يتهم بالخيانة، وإذا كانت جماعة اجتماعية يتهم بالفساد وما شابه، هذا المجتمع مجتمعنا يحتاج إلى حوار، وإلى نقاش، وإلى قبول الرأي الآخر.
جمانة نمور: دكتور زكي، ابق معنا نريد أن نتحول الآن إلى السعودية من جديد ومع الدكتور عبد المحسن، دكتور عبد المحسن مساء الخير، وتفضل.
د. عبد المحسن: السلام عليكم.
جمانة نمور: عليكم السلام.
د. عبد المحسن: مساء الخير يا إخوان، الحقيقة فيه الظاهر على ما أظن خطأ في الطرح في حد ذاته، يعني المسألة ها الآن -يا إخواني- مطروحة في الغرب على وضعها الحالي، أو ما يدعي إليه في أكثر من محفل ما هو بالظبط -إحنا لو نركز- ما هو بالظبط هو تدعيم المرأة وإعطاؤها دور نهضوي، اللي حاصل هو عملية متعمدة في إيجاد أي وسيلة للاختلاط، واللي هو صحيح -أنا معكم- فيه فعلاً الآن العصر القادم 70% من المهن تلائم المرأة أكثر من الرجل، وسوق العمل مثلاً.. يعني على سبيل المثال من أحد المطلبيات هو فعلاً بموائمة كبيرة للمرأة لكن المسألة… هذا النقاش، أمهاتنا وأجدادنا كانت المرأة تعمل أكثر من الرجل، وهذه ما هي المشكلة ولا كان فيه أي تعارض، المشكلة هناك الآن هجمة شرسة بطريقة اللي هي عملية الاختلاط وعملية تمييع المجتمع على صيغة غير مقبولة، وهذا هو يعني الوضع الغير المقبول، مسألة الآن ما يدعى إليه –مثلاً- من مساواة المرأة بالرجل في كل شيء مثلاً، المسألة ما هي بالمساواة المطلقة، يعني أنا مثلاً أتصور أنا ودي أسأل أي عاقل هل ممكن إنا نقول للرجل أحمل لك 9 شهور لأن المرأة تحمل 9 شهور…
جمانة نمور [مقاطعة]: لم يطلب أحد هذا من الرجل بعد دكتور عبد المحسن، أريد أن أتحول -شكراً لاتصالك- وأريد أن أتحول إلى الدكتورة جيهان المير في الاستديو، لقد تحدث وأثار موضوع مهم جداً وهو أكثر ما يثار في السعودية، هو موضوع الاختلاط بين الجنسين، وهذا ما شكل –ربما- أحد العقبات الرئيسية أمام المرأة السعودية، مع أننا نعلم أن هناك أكثر من خمسة آلاف امرأة معهم رخصة لإنشاء عمل خاص بهن في الرياض وحدها، وكذلك هناك عدد لا بأس به في جدة، ومع ذلك هن يمارسون.. يمارسن أعمالهن من خلال الكمبيوتر، فماذا تقولين في وضع المرأة في هذا الإطار؟
د. جيهان المير: أعتقد المرأة المسلمة من حقها أن تعمل، ومن واجب المجتمع المسلم أن يوفر لدى.. لها إمكانية العمل في ظل الحشمة الإسلامية وضمن متطلبات حياة المرأة المسلمة، المرأة المسلمة تستطيع أن تعمل وهي متحجبة، تستطيع أن تعمل وهي منقبة، وهي وظيفة الدولة أن توفر لها هذه الإمكانية، وأن تساعدها على أداء عملها حتى لو هي منقبة، فأنا يعني لا أجد أن النقاب أو الحجاب وسيلة منع أمام المرأة، أنا ذهبت في شهر 5 إلى إيران، وكنت مستغربة من وضع المرأة الإيرانية هناك، كنت أناقش القضية هذه مع (فاطمة رافسنجاني)، فأقول لها شوف المرأة الإيرانية محجبة، لابسة (البالطو) اللي يسمونه في إيران (منطو) وهي راكبة على الدراجة، المرأة الإيرانية يعني تعيش في ظل مجتمع إسلامي، ولكنها تؤدي عملها في الحياة العامة بكل نشاط وإيجابية، وأنا أتمنى أن أرى ذلك في العالم العربي، أن تكون مسلمة، محتشمة، وتكون ملتزمة بتعاليم دينها، وفي نفس الوقت تعيش في المجتمع بشكل إيجابي، وتكون فعالة في هذا المجتمع.
جمانة نمور: دكتور زكي بدوي، أريد أن أسأل سؤال يهم جداً المرأة المسلمة، وهو هل هناك ما يمنع المرأة المسلمة من أن تصبح مفتي؟ هذا.. واجهته الدكتورة سعاد إبراهيم صالح في مصر وقد حاولت أن تكون مفتي امرأة!!
د. زكي بدوي: أنا لا أرى.. إن الإفتاء وظيفة العلم وظيفة يعني نتيجة عن العلم وليست.. وليست الذكورة شرطاً في المفتي، وما حدث أبداً أن قال إنسان: إن لابد أن يكون المفتي ذكراً أو المجتهد ذكراً، بل الاجتهاد والإفتاء كان موجوداً في العالم الإسلامي من النساء، ونحن نعلم أن السيدة عائشة كانت تفتي، وهناك فتاوى موجودة لها، فإذن إذا كانت السيدة عائشة كانت تفتي فلماذا لا تفتي النساء في هذا العصر؟
أنا لا أرى –أبداً- مانعاً من تولي المرأة منصب الإفتاء إذا كان لديها العلم الكافي والمؤهلات الكافية، لأن وظيفة الإفتاء هي وظيفة تقوم على العلم، وعلى القدرة، وعلى التقوى –طبعاً- والورع، فهذه أمور أنا أعتقد إثارتها هي إثارة للشغب فقط.
جمانة نمور: الآن نأخذ اتصال جديد من بريطانيا، ومعنا الآن دكتور رضوان الخياط دكتور رضوان، تفضل.
د. رضوان الخياط: نعم أهلاً.
جمانة نمور: أهلاً بك.
د. رضوان الخياط: الموضوع الذي أشارت إليه الدكتور صفوت باختصار هو أن المرأة عليها الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية، مشكلات التخلف واللافاعلية والفساد، ضياع الحريات على مستوى الأسرة والمجتمع، هذه الأمور يعني على المرأة أن تهتم بها كما يهتم بها الرجل، فالقضية هي مشكلة اجتماعية، وأنا أرى أنه تقصير من قيمة المرأة أن تحد من نشاطاتها على مشكلات النساء فقط، فهناك مشكلة عامة عليها المرأة أن تهتم وتشعر أنها مسؤولة عن هذا المجتمع ومشكلات تقصيره وتخلفه، كما أن الرجل مهتم فيها، فهو الحركات النسائية المتعصبة أرى أن فيها تقصير لقيمتها وقدراتها.
النقطة الثانية أن المكانة في المجتمع تكتسب باستحقاق وليس بالجنس أو بالوراثة أو باللون، أو ما إلى ذلك، فالمرأة إذا أرادت أن تكتسب مكانة في المجتمع ينبغي أن تكون تستحق هذا الأمر، وهذا الأمر يتعلق بأي منصب اجتماعي بغض النظر عن الجنس.
جمانة نمور: نعم دكتور رضوان شكراً جزيلاً لك، دكتورة خديجة لقد لاحظنا أن ما طرحه الدكتور رضوان الخياط من بريطانيا يصب في نفس خانة ما كنت تنادين به من بداية الحلقة، أن التحديات هي تحديات يجب أن يواجهها الرجل والمرأة معاً، وأنهما يجب أن يتكاملان لبناء مجتمع أفضل، وهي تحمل مسؤولية المجتمع، ولكننا نلاحظ في الناحية العملية والواقعية –مثلاً- في العراق لقد تحملت المرأة مسؤولية كبيرة جداً -خاصة- إبان الحرب الإيرانية وهي لازالت تتحمل الآن، تذهب لأخذ الحصة والمساعدات الغذائية، هي التي تنتظر في الصف بينما زوجها قابع في المنزل، ولكن يصدر قرار رسمي في العراق بمنع تعيين النساء -مثلاً- سكرتيرات!!
د. خديجة صفوت: دي مسائل تتصل بالسياسات أكتر منها يعني.. دي سياسات عندما كانت.. كان الرجال في الحرب، ودائماً عندما يذهب الرجال إلى الحرب تستخدم طاقات النساء دا حصل في الغرب، وحصل في العراق، وحصل في إيران، وفي أماكن كثيرة في جنوب السودان وإلى آخره، تستقطب النساء من فيما يسمى بمجهودات الحرب، حتى إذا ما وضعوا في المصانع أو في المكاتب يستقطبن بجوار الجيوش في التمريض… إلى آخره.
دا معروف عبر الجيوش في التاريخ المسجل أو غير المسجل يعني، وعندما يعود الرجال من الميدان يستغنى عن النساء، وغالباً طبعا أنا لما كنت بأقول إن الجهد أو المساهمة أو القضية هي قضية النساء والرجال، والأطفال كنت أقصد إنه عدم المواجهة، عدم وصول قضية المرأة إلى حرب بين الجنسين، ودا طبعاً التطرف النسوي والتطرف اللي أسميه أنا ما بعد التقليدي برضه عندنا، يعني فيه تنويعات منه في العالم كله مش بس النسوي، فيه نوع من التطرف بيضع يعني يوجد ظرف أو شرط به يتواجه الرجال والنساء، وطبعاً في آخر الأمر يبقى الأنظمة ما حد يمسها يعني، يعني الناس ينشغلوا بأنفسهم.
المسألة إنه في نفس الوقت توجد فئات اجتماعية استضعفت تاريخياً، الواحد ما ينسى منها النساء والأطفال، وخاصة في ظروف الشدة كالحرب، والحروب الأهلية، والجفاف، والمجاعات، والهجرات العنيفة –اللي هي تمنى بها الأوطان العربية- زيها زي غيرها في هذا العالم، وأنا بأتكلم من موقع يعني الاختبار الطويل للحرب الأهلية في السودان، وطبعاً برضه في الجزائر، وفي مناطق أخرى من الأوطان العربية ومن الأوطان المسلمة، لهذا السبب أعتقد إنه لازم يكون فيه تحفظ صغير -ولو شرح على المتون- بيقول: إن هذه الفئات في لحظات معينة، يعني الإطلاق برضه صعب والتعميم صعب ولا يؤدي إلى نتيجة، في لحظات معينة من التحولات اللي هي أحياناً تكون سياسية أو مسيسة، يعني عملية الاستغناء عن النساء أو الحرب، وأوقات الشدة يجب أن توضع اعتبارات للفئات المستهدفة، وهي النساء غالباً يعني، والواقع أنه مش بس الحروب، لو تلاحظي مثلاً السياسات اللي تسمى التكيف الهيكلي، والإصلاح الاقتصادي، والقضايا الأخرى المتصلة بالكوننة يعني أو العولمة -إذا عايزة- غالباً تستهدف هذه الفئات الضعيفة!! وعشان كده من المهم جداً مراعاة في أي برنامج –طبعاً دا كله تمني يعني- إحنا ما بنتكلم عن الواقع، بنتكلم عما ينبغي أن يكون ودا نوع من التمني، إذا كان فيه برنامج أو فيه أجندة أو فيه أولويات ستوضع لقضية تخص النساء والرجال- هذا المجتمع الذي تحدث عنه هذا الأخ المستمع الأخير- إذا كان فيه برنامج بهذا النوع ينبغي أن يضع في الاعتبار إنه برضه فيه فئات مستهدفة هي تلك الفئات، وخاصة النساء العاديات الأميات اللي ما عندهم حد يتكلم نيابة عنهم إلا إحنا، إحنا اللي بنعبر عن هاتيك النساء وبنعتبر أنفسنا بنمثلهم يعني.
جمانة نمور: دكتورة خديجة، أريد أن أقرأ أنا وإياكم بعض مقتطفات أو باختصار من فاكس وصلنا من السيدة سمية علي وقد وصلنا في الحقيقة في بداية البرنامج، وتحدثت فيه عن دور المرأة في العالم العربي، وقالت بأنها ليست أحسن حالاً من أخيها الرجل، وهي لا تحتاج للإسهاب -في هذا الباب- وقالت إنها تعيش وسط مجتمع ذكوري وموروث تراكمي من المحرمات التي فرضها الرجل على المرأة تحت شعار العادات والتقاليد، ولكنها قالت: بالنسبة إنه تفعيل.. تفعيل عمل المرأة لن يتم عن طريق تركيب (دينامو)، وإنما عن طريق التعليم وشددت على ذلك، التعليم، التعليم، التعليم، عندما تتعلم المرأة ويتعلم الرجل يدخل القرن أولاً ستدخل المرأة معه.
في هذا الإطار دكتورة جيهان المير أرد أن أتحدث إليك، تحدثت وركزت على موضوع التعليم، ولكننا نلاحظ مثلاً إذا تناولنا موضوع العنف ضد المرأة يطرح الآن أكثر ما يطرح في الكثير من المجتمعات، وربما تونس أكثر من تتكلم عن هذا الموضوع على الرغم من قانون الأحوال الشخصية الذي توصلت إليه، ومن الملاحظ أن هذا العنف يتركز -أيضاً وبشكل مكثف- عند فئة المثقفين وهم تعلموا، لماذا برأيك؟
د. جيهان المير: أنا أعتقد قضية العنف الجسدي أو العنف كما يسمى العنف المحلي Domestic Violence تواجهه المرأة في أي مجتمع، سواء في المجتمع الأميركي يشتكي منه بكثرة، المجتمع الإنجليزي يشتكي منه، فالمجتمع العربي مجتمع ككل المجتمعات، أعتقد –أيضاً- أنها نابعة من ثقافة العنف ربما عند بعض الرجال الذين يجدون صعوبة في التعايش أو الحوار مع المرأة فيستخدمون القوة الجسدية لإثبات وجهات نظرهم أو غيرها.
في وجهة نظري إن الدولة هي مسؤولة عن سلامة مواطنيها رجالاً ونساءً،أنا أعتقد إنه في أي دولة مدنية من حق المرأة إذا ترى أن العنف الجسدي ناحيتها عنيف أو قوي جداً إنها تستطيع أن تتوجه إلى عائلتها لطلب المساعدة، وإذا عائلتها رفضت أن تساهم أو تساعد أن.. تستطيع أن تتجه إلى القضاء وإلى الدولة للتحكيم بينهم، وعلى حسب علمي إن بعض الدول الإسلامية إذا المرأة كان لديها إثبات إن الرجل عنيف معها من ناحية الضرب أو غيرها، إن القاضي يصر على تطليقها في هذه الحالة بسبب الضرر، فمهم جداً، الدكتورة خديجة كانت تتكلم عن المرأة والوعي، أعتقد وعي المرأة بحقوقها في المجتمع مهم جداً، بعض النساء حتى في أميركا المرأة تتقبل العنف الجسدي من الرجل نتيجة وعيها تتقبل إنه يعاملها بشكل جيد، المرأة يجب أن تعلم، وتثق بنفسها، وتشعر أنها إنسانة تستحق الاحترام وتستحق..
جمانة نمور [مقاطعة]: ولكن ربما يكون هذا الموضوع وحده لا يكفي، سوف نتابع الحديث عن العنف ضد المرأة، ولكن سوف نأخذ الآن اتصالاً من السيدة نعيمة عماشة من فلسطين مساء الخير.
نعيمة عماشة: مساء الخير.
جمانة نمور: أهلاً.
نعيمة عماشة: عندي أربع نقاط، أولا: أصحاب القرار هم رجال، القضاة هم رجال، أولئك الذين يسنون القوانين هم رجال، فكيف الإفلات من بين فكي قانون واضعه رجل؟!
وثانياً: هل من رحم الجواري يولد الملوك؟ وكيف الغرب وصل إلى الأقمار وعند بعض العرب لم يزل النقاش دائراً حول حق المرأة في الانتخاب أو لعل أو لعل حول حقها في الحياة؟!
وثالثاً: نلاحظ في هذه الأيام التجارة بجسد المرأة، أغاني، إعلانات، ملكات جمال، وهذا هو سوق النخاسة، رق القرن العشرين، ولماذا يقف البعض مكتوفي الأيدي؟!
ورابعاً: أقول أن كل القضايا –كلها- أخفق الرجل بالعقل بعقله الراجح كما
يدعي بحلها، فماذا لا تعطي المرأة فرصة أن تحل هذه القضايا بالعقل وبالعاطفة معاً؟!
وأخيراً همسة في آذانهم، النساء لآلئ، ومنطق الرجال لا يفهم إلا بالصفيح وبالزجاج، وشكراً.
جمانة نمور: شكراً لك، والآن نتوجه بهذا الموضوع إلى الدكتور زكي بدوي، لقد قالت: إن الرجل أخفق بالعقل، على المرأة أن تجرب العقل والعاطفة، ودائماً يتم التركيز على المرأة بأنها في هذا السوق وهي معروضة، ويتم استغلالها، مع أن المرأة حققت نجاحات كبيرة في مختلف الميادين إن كانت في الغرب أم إن كانت في الشرق، ومعي لائحة طويلة فيها أسماء مئات من النسوة اللواتي حققن إنجازات مهمة، وأخذن جوائز نوبل، تفضل.
د. زكي بدوي: نعم، الاتجار بجسد المرأة أمر -بطبيعة الحال- موجود، وهو أمر مرفوض، وينبغي أن تقف النساء وكثير من النساء يقفن ضد هذا، بل إن الحركة النسائية كان أحد أغراض الحركة النسائية في الغرب هو الوقوف في وجه استغلال أجساد النساء في الإعلان عن سيارات، عن أي شيء كان جسد امرأة يعلن به، أنا مع الأخت تماماً في أن النزول بجسد المرأة إلى السوق كسلعة هذه مصيبة كبيرة، يجب أن يقف أمامها الرجال كالنساء تماماً، بالنسبة لإخفاق الرجال في حل المشاكل، واقع الأمر أن هذا الإخفاق ناتج عن أن المشاكل عميقة وعويصة، النساء ينبغي أن يشتركن، لكن أنا بكل أسف لا أستطيع أن أقول: النساء سيكن خيراً من الرجال كثيراً ونحن وجدنا، هنا مثلاً مسز (تاتشر) عندما كانت في بريطانيا لم تحل مشاكل بريطانيا، بل أوجدت مشكلات لازالت.. لازال المجتمع البريطاني يعاني منها، فالمرأة ليست بالضرورة أفضل من الرجل، هي مساوية له، وهي بالتأكيد مساوية له في هذا الاتجاه، لأنني لا أدعو للمساواة حتى لا يثور بعض الإخوة علينا، وإنما أقول: المرأة لها حق الإسهام، وبالتأكيد إسهامها يفيد كثيراً.
أنا أحب أن أضيف هنا نقطة هامة جداً، في بريطانيا هنا عندنا جمعيات نسائية إسلامية، وجمعيات رجال -جمعيات رجالية كما يقال- الجمعيات النسائية ناجحة نجاحاً غريباً وقوياً جداً، جمعيات الرجال تنفق معظم جهدها في الخلاف بين هؤلاء الرجال على من يكون الرئيس، ومن يكون السكرتير.
جمانة نمور [مقاطعة]: بماذا يطالبون.. بماذا يطالبون هؤلاء الرجال يعني؟ ما هي مطالبهم؟
د. زكي بدوي: يطالبون بالرئاسة والقيادة، هم الآن يطالبون على حقوق يعني حقوق المجتمع حقوقنا كجالية في وجودنا في بريطانيا، نحن نحاول أن نحصل على حقوقنا لنتساوى مع غيرنا من الذين يعيشون في بريطانيا، فتجدي النساء.. تجدين النساء يقمن بمجهود أقوى ويقمن بمجهودات جيدة في المجتمع المدني، يعني مثلاً هناك بيت للأطفال…
جمانة نمور [مقاطعة]: عفواً أريد هنا.. أريد أن أشير إلى نقطة، هؤلاء هذه الجمعيات ألا تتناول –مثلاً- مسألة اتجار وسائل الإعلام أيضاً بجسد الرجل؟! لأن هذا يحصل ليس المرأة فقط.
د. زكي بدوي: الواقع الاتجار بجسد الرجل قليل جداً.. والرجل بصريح العبارة أقبح..
جمانة نمور [مقاطعة]: موجود في الإعلانات، نراه يومياً.
د. زكي بدوي [مستأنفاً]: يعني بدنه قبيح لا يصلح للإعلان، وأذكر كاتب كتب…
جمانة نمور [مقاطعة]: مع هذا نراه، إذا كان هذا رأيك –يعني هذا رأي شخصي- ولكن الإعلانات، ملأى، إن كان من إعلانات العطر إلى ما هنالك منها يعني.
د. زكي بدوي: نعم، لا هو… يعني صور.. الرجال لا يظهرون بالمظهر الذي تظهر به المرأة، المرأة تظهر عارية، الرجال قلما ظهروا في صورة العري، هذه نقطة مهمة جداً، يعني الرجال يظهر الشخص كرجل وكشخصية كأنه يعني بطل، شهم، لكن المرأة تظهر كأنوثة أو كأنها موضوع للجنس، فهذا هو الفارق، فاستعمال بدن الرجل أو شكل الرجل في الإعلان ليس على النمط الذي توجد فيه أو تستعمل فيه المرأة هذا هو السبب وأنا في اعتقادي..
جمانة نمور [مقاطعة]: دكتور زكي، أرجو أن تبقى معنا.. أرجو أن تبقى معنا لأننا نريد نأخذ اتصالاً –أيضاً- من السعودية ومن الأخ أشرف أبو زيد، السلام عليكم وتفضل.
أشرف أبو زيد: عليكم السلام ورحمة الله، مرحباً يا أخت جمانة.
جمانة نمور: يا هلا.
أشرف أبو زيد: بنشكركم على هذا البرنامج وفتح هذا الموضوع –الحقيقة- الهام جداً في مجتمعاتنا العربية -بالذات- والحقيقة يعني لعلي أذكر هنا بعض النقاط، إذا سمحت لي بالوقت.
جمانة نمور: تفضل.
أشرف أبو زيد: النقطة الأولى: أن طرح موضوع المرأة بالصورة الموجودة الآن في الغرب فيه ارتباط شديد جداً بالحياة الغربية والسلوك الغربي في هذا الطرح، وهذا الطرح لا يناسبنا إطلاقاً كمجتمعات إسلامية أو عربية، وهذا يضر قضية المرأة أكثر مما ينفعها، ولذلك الحقيقة نحن نحتاج إلى جهود نسائية في العالم العربي تعتمد على الثقافة الإسلامية والثقافة التي ترتبط بحياتنا وبسلوكنا، وبأفكارنا، هذا يفيد المرأة أكثر.
الأمر الثاني: أن نحن نعاني من موروثات ثقافية في مجتمعاتنا العربية فيها كثير من العادات والتقاليد لا علاقة لها بالإسلام فيما يتعلق بالمرأة، وبالتالي نحن نحتاج إلى أن تتحرك الجمعيات النسائية قائمة على الفكر الإسلامي في تصحيح هذه الموروثات، لأن هذا يفيد المرأة أكثر، الحقيقة عندما نراجع الفكر الإسلامي، ونراجع الحركة النسائية في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفيما بعده من عهود نجد أن المرأة كانت لها إسهامات واسعة جداً، المرأة الآن في عصرنا لا تستطيع أن تمارسها، ولا تستطيع أن تقوم بها نتيجة هذه العادات والتقاليد البعيدة عن الإسلام.
الأمر الثالث.
جمانة نمور [مقاطعة]: الرابع!!
أشرف أبو زيد [مستأنفاً]: أن الوضع في عالمنا العربي ليس بهذا السوء الذي دائماً يثار في الإعلام الغربي، ويثار عندما تطرح هذه القضية، إنما هناك عدة محاور أعتقد أننا نحتاج أن نتوجه إليها: المحور الأول هو محور القوانين، القوانين الموجودة فيه كثير منها قوانين جيدة، ولكنها تحتاج إلى مراجعة، وتصحيح، وبعض التنقيح حتى تفيد أكثر في قضايا المرأة فيما يتعلق بالزواج وفيما يتعلق بممارساتها الاجتماعية والسياسية، الأمر الثاني هي…
جمانة نمور [مقاطعة]: باختصار شديد لو سمحت لقد أصبح الأمر الخامس.
أشرف أبو زيد: أنا أنهي الآن على طول، يعني في قضية الثقافة، وكما ذكرت الأخت من قبل في قضية التعليم، نحتاج إلى تعليم وإلى ثقافة تصحيحية منبنية على فكر إسلامي صحيح، وليست منبنية على الفكر الغربي، لأن الفكر الغربي يربط دائماً تحرر المرأة بانخلاعها من السلوكيات الإسلامية الصحيحة، وهذه مسألة في غاية الخطورة، الأمر الثالث أو المحور الثالث..
جمانة نمور [مقاطعة]: يكفي ألا تعتقد أنه يكفي سيد أشرف، نشكر لك مشاركتك هذه شكراً جزيلاً، ونتحول الآن إلى الدكتورة جيهان المير، لقد أثار بالفعل نقاط مهمة الأخ أشرف من السعودية، وتحدث عن القوانين فيما يتعلق بالزواج، وما إلى هنالك، وكنا قد تحدثنا أيضاً عن العنف الذي يمارس ضد المرأة، برأيك لماذا لا يعتبر هذا العنف جريمة في الدول العربية؟
د. جيهان المير: أعتقد أنه يجب أن يعتبر نوع من أنواع الجناية أو الجريمة،في مصر أعتقد هناك قانون تغير، قانون عندما يغتصب رجل فتاة أو امرأة تلغى عليه الجناية عندما يتزوجها وأعتقد ضمانة محسومة…
جمانة نمور [مقاطعة]: ليس منذ زمن، يعني من أبريل/ نيسان من أشهر معدودة.
د. جيهان المير [مستأنفة]: فترة قليلة، كانت يعني شيء كبير وجميل، حقيقة ليس فقط المرأة المصرية ولكن الحكومة المصرية، لأنه جاء بمساندة من الرئيس المصري نفسه، كنت أحب أن أعلق على كلام الأخ أشرف، أنا أعتقد أن لو إحنا في العالم العربي رجعنا إلى الإسلام الإسلام الحقيقي، إلى النص القرآني، الإسلام كدين متسامح جداً.. جداً مع المرأة، وهذا واضح يعني خاصة في الفترة الأولى… من بعثة الرسول -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين بعده.
الإسلام من النماذج الإنسانية الرائعة، اللي نادى بداية بقضية المحافظة على جسد المرأة والمحافظة على حياتها، بمحاربته لقضية وأد المرأة، وأعتقد أن المجتمع العربي سيستفيد جداً لو رجع إلى القرآن وإلى النصوص القرآنية التي تصر: إنه لا تفضيل لرجل.. أو لذكر على أنثى إلا بالعمل الصالح، فالعمل الصالح هو الذي يجب أن يكون الحكم بين الرجل والمرأة وليس الذكورة أو الأنوثة.
جمانة نمور: دكتور زكي بدوي، كيف سندخل القرن الواحد والعشرين والمرأة والرجل يتم التفريق بينهما حتى في القوانين، نذكر على سبيل المثال موضوع جرائم الشرف لماذا؟!
د. زكي بدوي: نعم، أنا أعتقد أن ما يسمى بجرائم الشرف هذه مصيبة كبيرة في العالم العربي، لأن في اعتقادي أن المرأة تتحمل المسؤولية دون أن يتحملها الرجل، وهذا ليس من الإسلام في شيء، أنا أذكر.. أنا أتفق مع الأخ الذي تحدث معنا أخيراً بأننا لا ينبغي لنا أن نأخذ النموذج الغربي.
وأنا أذكر عندما كنت في نيجيريا وكنت عميداً لكلية الشريعة، وكان هذا في الستينات، وقامت الفتيات المسلمات بحركة نسائية توازي الحركة النسائية في الغرب، فاتهمها الشباب.. اتهم الشباب العاملات فيها بأنهن سود وقلوبهن أوروبية وقلوبهن بيضاء، فاشتكين لي، فقلت لماذا لا تطالبن بحقوقكن الإسلامية؟ فلما فعلن هذا أحرج الرجال وكان هذا هو.. كانت حركة جيدة بالنسبة لهن.
القوانين في بلادنا جيدة في ذاتها، لكن لا تنفذ، مثلاً قانون الخلع، وهو موجود في الشريعة الإسلامية، معطل في جميع البلاد العربية والإسلامية معطل تماماً، مع أن حق الخلع وهو حق خروج المرأة وافتداء المرأة نفسها من الزواج، موجود في نصوص الشرع ونتعلمه نحن، وموجود في القرآن الكريم، وموجود في السنة النبوية، والآن مع ذلك لازالت هناك.. لازال هناك صراع حتى في مصر أخيراً يحاولون إيجاد وسيلة لإحياء هذا هذا القانون، فنحن في الواقع في العصر في القرن القادم لابد أن نقف موقفاً حاسماً من أن المرأة لا تعامل معاملة كأنها سلعة وتعامل كأنها رقيق إما في الأسرة تقتل ببساطة وسهولة وتهان، وحتى أن الرجل الذي يعتدي عليها، عندما تكون ضحية للعدوان هي تتحمل المسؤولية تقتل هي كشرف، مسألة الشرف في الأسرة، والذي اعتدى عليها يمر، وكأنه لم يفعل شيء..
جمانة نمور [مقاطعة]: إلا إذا تزوجها وحينها -عفواً- إلا إذا تزوجها وحينها تدفع الثمن، وليس مضاعفاً بل ثلاث مرات، الأول: عندما تعاني جسدياً، الثاني: عندما تتزوجه، المرة الثالثة: عندما يعود فيطلقها بعد أشهر من ذلك، نتحول إلى الدكتورة خديجة صفوت، نقول: إن الدول يجب عليها أن تصدر القوانين في مساعدة المرأة، في حين نرى أن هناك دول تمارس هي بنفسها العنف ضد المرأة، ونذكر ظروف الاعتقال السيئة والتعذيب في السجون، وأشير بشكل خاص إلى ما يحدث في السودان، وفي جنوب السودان، وفي أم درمان قرب الخرطوم، ماذا تقولين؟
د. خديجة صفوت: يعني ما هو نفس هذه القوانين برضه بدرجات متفاوتة بتطبق على الرجال، إذا كانت تتكلم عن الشريعة، يعني في جنوب السودان طبعاً دي قضية شديدة التركيب، وأعتقد إنه معظم الأطراف المشتركة في الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات يعني مسؤولة عما يحدث لمثل هؤلاء، دي قضية تلاحظي إنها مهملة ومتجاهلة من قبل حتى المرأة السودانية الشمالية، يعني نادراً ما يتم إلقاء الضوء عليها، ودي قصة دامية تماماً وتستغل فيها النساء والأطفال بشكل شديد العنف، فيما يخص تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان، وأنا ما عارفة النموذج.. المثال اللي ذكرته الأستاذة تحديداً في أم درمان، هل مثال حديث يعني؟ هل حدث هذا قريبة.. في فترة قريبة إنه فيه قضية معينة في ذهنك؟
جمانة نمور: هذا ما تشير إليه الوكالات، وهي موجودة عندي أستطيع.. ليس لدينا الوقت الكثير لكي نجد التاريخ ولكن…
خديجة صفوت [مقاطعة]: لا أنا ما بأغالطك أنا ما بأغالطك، إنما عايزة أذكر يعني أية واقعة تتحدثين عنها بصورة عامة إذا كانت قوانين الشريعة، وهذا…
جمانة نمور [مقاطعة]: بقي لدينا دقيقتين، أريد أن أريد منك أن تستخلصي ما نريد قوله في ختام هذا البرنامج، لذلك لن آخذ الوقت الكثير منك.
د. خديجة صفوت: حسناً، أنا أتصور إن التحدي القادم هو تحدى على مستويين: يعني على مستوى المرأة المتعلمة اللي عندها إمكانيات، اللي عندها قدرة، عندها صوت، عندها قلم تكتب به، على هذا المستوى قدامهم تحدي يبدو من الظاهر إنه خندقين، يا إما تمشي الأصولية في النسوية الغربية أو أصولية ما بعد الفكر التقليدي المتطرف اللي هو موجود في كل مكان مش بس عندنا إحنا، ودا شيء أنا بأعتقد إنه يعني أصبح من الواضح للنساء العربيات -لكثير منهن- إنه ينبغي لهن أن يأخذن طريقاً ثالثاً يخصهن يدل عليهن، يمثلهن، إلى آخره.
وعلى المستوى الثاني فيه فئة أخرى من النساء هم النساء العاديات البسيطات اللي هم منتجات المجتمع، مش منتجاته وبس بالتكاثر، وإنما منتجاته بالقطاع غير.. غير الرسمي، ودول أنا بأسميهم النساء الحقيقيات اللي هم عندهم المطالب والأولويات الأساسية جداً، وهذا هو التحدي الأساسي لنا نحن كنساء بنعتبر أنفسنا رائدات، أو قائدات، أو مفكرات، أو باحثات، إلى آخره، عندنا إمكانيات تسمح لنا بإن نحنا نتكلم باسم هاتيك النساء ونعبر عنهن، ونتعلم منهن يعني، وهذا التحدي ينبغي أن تأخذ -أعتقد أن واحد من المستمعين أشار إليه- ينبغي أن تأخذ به المرأة العربية، وتتقدم به إلى الأمام بالنسبة ممثلة يعني للرجل والمرأة والطفل في.. في القرن القادم.
جمانة نمور [مقاطعة]: نعم هذا ما نأمله، لقد أدركنا الوقت، هذا ما نأمله، وربما قد حان الوقت –فعلاً- لمحاولة جعل معاناة المرأة العربية جزءاً من قصص الماضي رغم أنها حديث الحاضر يعني، لتصبح هذه المرأة بكل إمكانياتها أملاً للمستقبل.
لم يتبق لنا الآن إلى أن نشكر ضيوف حلقة اليوم في الاستديو الدكتورة جيهان المير (الأستاذة بكلية العلوم بجامعة قطر)، ومن لندن الدكتورة خديجة صفوت (أستاذة الاقتصاد السياسي بجامعة ويلز)، والدكتور زكي بدوي (عميد الكلية الإسلامية في لندن)، مشاهدينا الكرام، حتى نلتقي مرة أخرى في برنامج (أكثر من رأي)، تحية لكم من فريق البرنامج، والسلام عليكم.