أكثر من رأي

حقيقة الخلاف بين السعودية والإمارات

يبدو أن دور الجامعة العربية في قيادة العمل العربي المشترك أصبح أضغاث أحلام, فهي لم تستطع فض النزاعات الداخلية ومنع الحروب الأهلية التي اشتعلت في أكثر من قطر عربي, ومنها الخلاف بين السعودية والإمارات على العلاقة مع إيران.
مقدم الحلقة سامي حداد
ضيوف الحلقة – صباح المختار، عضو المعهد الملكي للدراسات الدولية بلندن ورئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا
– محمد العوام، نائب رئيس تحرير الشرق الأوسط
– د. أحمد يوسف أحمد، مدير معهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية
تاريخ الحلقة 25/06/1999

undefined
undefined
undefined
undefined

سامي حداد: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم في حلقة اليوم من برنامج (أكثر من رأي)، تأتيكم على الهواء مباشرة من لندن.

الخلاف الإماراتي السعودي بشأن العلاقات مع إيران، أثار من جديد مسألة غياب آلية لفض النزاعات بين الدول العربية، فبعد نصف قرن على قيام الجامعة العربية، يبدو أن موقفها المرجو في قيادة العمل العربي الموحد قد أصبح أضغاث أحلام، أكثر من ذلك فإنها لم تستطع فض النزاعات الداخلية، ومنع الحروب الأهلية التي اشتعلت في أكثر من قطر عربي، وعندما قامت تجمعات إقليمية عربية استبشر المواطن العربي خيرا، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو توحيد سياسات عربية لعدد من الدول المتجاورة حدوداً والمشابهة نظماً، فكان مجلس التعاون الخليجي في مطلع الثمانينات والاتحاد المغاربي الذي لم يفعل بعد، ومجلس التعاون العربي الذي انفرط عقده بعد الاجتياح العراقي للكويت، وهكذا يبقي حلم القوميين بالوطن العربي الواحد شعاراً غير قابل للتحقيق، ما لم تسبقه خطوات عملية على مستوى كل قطر، من ترسيخ الوحدة الاجتماعية، وتقوية علاقات الجوار، وحل المشاكل الحدودية، وإشاعة الديمقراطية والتعددية السياسية، والآن ما الذي حققته التجمعات العربية؟ وما هو القاسم المشترك بينها؟

هل تستطيع حل مشاكلها، أم أن اللجوء إلى الخارج هو السبيل الوحيد؟

وهل سياسة (تقبيل اللحى) كافية لحل الخلافات، أم أنها نوع من التخدير قبل استفحال الداء؟

معي اليوم في الإستوديو المحامي صباح المختار (عضو المعهد الملكي للدراسات الدولية)، والأستاذ محمد العوام (نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط)، وعبر الأقمار الصناعية من القاهرة نرجو أن يشاركنا بعد لحظات الدكتور أحمد يوسف أحمد (مدير معهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية ومؤلف كتاب "الصراعات العربية- العربية") للمشاركة في البرنامج يمكن الاتصال من خارج بريطانيا بالأرقام التالية: 439310، 4393903 (44171) أو فاكس من خارج بريطانيا 441714787607، أهلاً بالضيوف الكرام، ونأمل أن يكون لدينا اتصال مع القاهرة في القريب العاجل، أستاذ محمد العوام.. الآن بعد هذا الزوبعة في الفنجان، أو سحابة الصيف، أو الخلاف بين دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، يعني وصف البعض هذا الخلاف بأنه بداية انفراط عقد مجلس التعاون الخليجي، وطبل المطبلون، وزمر المزمرون بذوبان وانفراط عقد هذا المجلس، هل تعتقد أن هذا المجلس صامد راسخ، يستطيع أن يتجاوز مثل هذا الخلاف؟

إعلان

محمد العوام: أعتقد أن مجلس التعاون لديه فرصة قوية جداً في الاستمرار، باعتبار أن القواسم المشتركة التي أقيم من أجلها أقوى من أن تؤثر فيها الخلافات الثنائية، فالمجلس عندما أنشئ في أوائل الثمانينات، أنشئ في ظل عدم حل مجموعة من الخلافات الثنائية بين الأقطار الخليجية، وهذا يعني تجاوز لأية مشكلة ثنائية بين قطرين في الخليج، والقفز عليها إلى مصلحة عامة مشتركة للجميع، المصلحة الأساسية هي تكوين هذا الدول تكوين هذه الدول إلى.. بعمق اقتصادي قوي قادر على تفعيل دوره على الساحة الدولية والعربية أيضاً.

سامي حداد: نحن نعرف أن يعني هنالك معظم الدول في مجلس تعاون دول نفطية، ذكرت العامل الاقتصادي معاً، وبعد 18 عاماً من نشوء هذا المجلس لازالت هنالك خلافات من الناحية الاقتصادية -على الأقل- فيما يتعلق بالتعريفة الجمركية فكيف بعد 18 عاماً لا زالت الخلافات قائمة؟

محمد العوام بالطبيعي لا تزال قائمة، لأنه تذليل العقبات، المشكلة الرئيسية إن إحنا دائماً ننظر إلى الهرم من أعلى، ونتوقع إن إحنا نبالغ في التصور إن إحنا نعتقد أن كل المشاكل يجب أن تعالج من أول يوم، فمعالجة المشاكل، وبناء المجتمعات يستغرق وقت طويل جداً ويأخذ زمن كبير جداً في.. ودول الخليج ما زالت في طور البناء، جميعها ما زالت تطور في بنيتها التحتية، ما زالت تطور في قوانينها، ما زالت تطور في أنظمتها،لم تتكون بعد الأطر العالية الكافية لتفعيل القرارات التي تتخذ في الإطار الجماعي.

سامي حداد: ولكن ألا تعتقد أن هذا المجلس الذي أنشئ ضحاة أو فجر اندلاع الحرب العراقية -الإيرانية، يعني طبطبوا على مشاكلهم وخلافتهم الداخلية، ووضعوا ستاراً بينهم وبين هذا (البعبع) الكبير إيران والعراق في هذه الحرب، وكأنما وضعوا ستاراً يخفي مشاكل العالم العربي عن هذا المجلس؟

محمد العوام: لا أعتقد، بالعكس.. أنا أعتقد أن كان قيام مجلس التعاون الخليجي سد فراغ كبير جداً في الوطن العربي، تأثر الوطن العربي بعد نكسة 1967م تقسم إلى.. إلى فئات متباعدة جداً وأصبحت ما يجمعها مع بعضها صعب، ويحتاج إلى عمل طويل، وسنوات من البناء الاقتصادي الضخم الذي لن يتم في عقدين أو ثلاثة أو خمسة حتى، ولذلك كانت فرص دول الخليج أنها تبني نفسها، لما كانت استطاعت أن تبني نفسها في عقدين بنت بنية تحتية كافية لتكوين مجتمع حضاري حديث يستطيع أن يواجه مشاكله بذاته بعيداً عن أن يكون مرتبط بأي قوي أخرى.

سامي حداد: ومع أنه عندما كانت هنالك مشاكل تهدد هذا المجلس، خلافات داخل المجلس حتى الآن لم تحل، النزاعات الحدودية لم تحل، مشاكل أقوى من طاقة هذا الإقليم الخليجي لجأوا إلى الخارج لحل مشاكلهم، لحمايتهم، وليس يعني الاعتماد على النفس، أليس كذلك؟

محمد العوام: طبيعي فيه بعض المواقف لابد أنه يكون هناك مرجع قانوني يقوم بمعالجة المشاكل الناشئة بين أي دولة وأخرى، ولكن لأن المجلس يعتبر حديث في.. في حديث التجربة من الناحية القانونية في معالجة مشاكل معقدة مثل هذه المشكلة لا تتوافر إمكانية معالجتها وفق القانونية الدولية المتعمقة والدراسة المتعمقة، فبالتالي لابد أنه يكون فيه مكان، مرجع معين لمعالجة هذه المشاكل، وطبيعي مثلاً لما تحدث خلاف تجاري -مثلاً- بين أميركا وبريطانيا فهما ما يعلجونه بينهما بنفسهم رغم الحلف السياسي والاقتصادي العسكري بينهم، وإنما يحلانه من خلال منظمة التجارة العالمية، فما فيه ما فيه أي تضارب..

إعلان

سامي حداد [مقاطعاً]: تتحدث عن موضوع حرب الموز تتحدث عن موضوع بسيط حرب الموز، ولكن هنا فيه إحنا نريد أن نركز على موضوع مجلس التعاون الخليجي، ولكن دعني أنتقل إلى الأستاذ صباح المختار سمعت ما قاله الأستاذ محمد العوام فيما يتعلق بهذا المجلس، 18 عاماً وهو لازال في طور البناء، على الأقل يعني بقي تجمعاً إقليمياً عربياً متماسكاً بعكس ما كانت عليه الحال مثل مجلس التعاون العربي الذي كان يضم العراق، مصر اليمن، الأردن، وانفرط عقده بعد اجتياح العراق للكويت، وكذلك التجمع المغاربي العربي الذي لا زال -إلى حد ما- حبراً على ورق لم.. لم يفعل بعد؟

صباح المختار: أعتقد أن المشكلة حقيقة تنشأ من أن هذه التجمعات نشأت ليست لم تنشأ بهدف استراتيجي رئيسي وهو التعاون بين الدول الأعضاء أو بين المجموعات، وإنما كان لأسباب تكتيكية ومرحلية في مراحل مختلفة، لذلك تنظر إلى التجمعات بالرغم من القرب الجغرافي، حقيقة هذه التجمعات نشأت لأنها هناك تعاون بين السلطات الحاكمة في هذه الدول، وتشابه في أنظمة الحكم، لم يدعى الشعب للمشاركة في أي مستوى من المستويات، لا في مستوى القرار، ولا مستوى التنفيذ، ولا مستوى التعامل مع الاتحاد، أكثر من ذلك نجد أنه مثلاً عند الاجتياح العراقي للكويت، دول مجلس التعاون ثلاثة أيام الكويت محتلة، ودول مجلس التعاون لم تشير بكلمة واحدة إلى ما جري لإحدى دول الاتحاد، إذن نجد أيضاً في نفس الوقت التعاون العربي…

سامي حداد [مقاطعاً]: ولكن من ناحية أخرى أستاذ صباح.. من ناحية أخرى عندما نشأت الحرب العراقية- الإيرانية هبت دول الخليج مجتمعة لمساعدة الأخ الجار العراقي ضد إيران.

صباح المختار: أكيد.. هذه هذا ما أشرت إليه: العملية التكتيكية، لأنه عندما تهددت، طبعاً إذا كان الهدف هو حماية العراق أو مساعدة العراق يمكن هذا، لكن بالدرجة الأولى كان لحماية دول الخليج، وهذا عن أمر مشروع، إلا أن الاتحاد قام لهذا الغرض، كما حصل مثلاً نجد أن اتحاد مجلس دول مجلس التعاون العربي، الحركة الأولى التي حدثت انفرط الاتحاد بين اليمن، والأردن، ومصر، والعراق في أول امتحان لهذا.. إذن هذه التجمعات.. تجري إقامتها من قبل الأنظمة الحاكمة لهذه الدول، بمعزل عن الشعوب، لأغراض تكتيكية، ولأغراض مرحلية دون استراتيجية…

سامي حداد [مقاطعاً]: حتى لو.. لو فرضنا -على سبيل الجدال- أن يعني الحكام هم الذين قاموا بهذه العملية دون استشارة الشعوب، ولكن الشعوب الخليجية يعني مستفيداً من هذا التقارب، فيه هنالك العمالة، تنقل العمالة، تنتقل المواطنون بدون فيزات.. بدون جوازات سفر، الاستثمار فيه من بلد لآخر، يعني المواطن الخليجي استفاد من هذا التجمع يعني ليس كله خلافات؟

صباح المختار: لا.. لا.. لا.. لأ أكيد.. يفترض أن يستفيد المواطن في دول التعاون، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق في المجلس المغاربي، لم يتحقق في التعاون في مجلس التعاون، وبالتأكيد لا يزال ضمن حدود جداً بسيطة،لم يتحقق ضمن مجلس التعاون هناك -كما ذكرت المثل- عند الاجتياح العراقي، هناك مشاكل لا زالت قائمة حتى الآن، حتى مواضيع الجمرك التي هي من أبسط المسائل لم يستطيعوا التوحيد، أكثر من ذلك محاولة تصوير أن المواطن السعودي سيذهب للاستثمار في الإمارات، أو القطري يذهب للاستثمار في البحرين، دي عبارة عن شئ غير حقيقي، لأن هذه الدول فيها مجال كلها لاستثمار المواطن، لكن نجد أيضاً أن الخلاف الآن، قطر الحكومة القطرية تحاول خلق نوع من التسوية بين الإمارات والسعودية فيما يتعلق بالخلاف حول إيران، مع ذلك لحد الآن الاستجابة تبدو قليلة، هناك مثلاً شخصنة النزاع حينما تقوم المملكة العربية السعودية، أو الحكم، أو.. أو سمو الأمير عبد الله باتهام نصف سكان الإمارات بكونهم إيرانيون، والنصف الآخر يتاجر مع إيران هذا…

إعلان

محمد العوام [مقاطعاً]: عفواً، ما لم يكن الأمير عبد الله.

صباح المختار: عفواً، الأمير سلطان وزير…

سامي حداد: هذا يقود إلى نقطة أخرى أستاذ.

محمد العوام: أولاً أنا أريد أن أعقب على كلام المحامي..

سامي حداد: تفضل.

محمد العوام: أولاً، بناء قاعدة من العمل المشترك تحتاج لـ.. تنعكس على مصالح الناس العاديين تحتاج إلى زمن طويل، وأنا أعطيك أنا على سبيل المثال.. لنقل مثلاً شبكة الكهرباء الموحدة التي أشهرت قبل نحو أسبوعين من الآن هذه الشبكة لإقامة مثل هذه الشبكة التي تفيد.. تفيد جميع المواطنين، لابد من استكمال البنية التحتية لكل دولة على حدة أولاً، وبالتالي يمكن وقتها ربط الباقيين، وبناء البنية التحتية يستغرق ما.. في بعضها يحتاج إلى 3 سنوات، وبعضها إلى 5 سنوات، وبعضها يحتاج إلى 12 سنة بعضها..، فبناء البنية التحتية يحتاج إلى وقت طويل جداً، وهذا يدعونا إلى الكلام في موضوع الاتحاد الجمركي، السعودية مثلاً استهلكت أكثر من 12 سنة في تدريب موظفين الجمارك في الولايات المتحدة لتطوير شامل لمصلحة الجمارك على مدى 20 سنة كاملة، الآن تتمتع المرافق الموانئ أو المطارات السعودية بمنشآت متكاملة، وبأنظمة تمكنها من التعاطي مع الآخرين، العملية عملية بناء طويلة المدى…

سامي حداد [مقاطعاً]: يمكن القول بعبارة أخرى عملية التقارب، بناء البنية التحتية لدول هذا المجلس أو هذا التجمع العربي بحاجة لوقت، ولو أنه مر 18 عاماً، أشار الأستاذ صباح المختار إلى نقطة قصة اللهجة الدبلوماسية، أو في القاموس السياسي الخليجي التي تعني تبدو جديدة على المواطن العربي، يعني مر المجلس بأزمات كثيرة..، يعني مثلاً القمة الخليجية 1996م التي لم تحضرها البحرين بسبب الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر ، قطر انسحبت عام 1995م من في الجلسة الختامية من قمة عمان، ولكن في هذه الفترة بالذات هذا الكلام الحاد النافذ الذي صدر عن مسؤولين بين الإمارات، وفي المملكة العربية السعودية يعني يستغربه المراقب، يعني لهجة جديدة يعني في الكلام لا يعرفها جيل هذه المرحلة، ليه؟

محمد العوام: لا أعتقد إنه يعني تجاوز هو كان هناك اختلاف في وجهات النظر فيما يتعلق بقضايا معينة، الإمارات كانت عاتبت فيها، وبالتالي كان السعودية أخذت اللوم الكامل على ما.. ما حدث، والحقيقة إن هذا موقف يشترك فيه الجميع، هو موقف.. موقف السعودية هو موقف الكويت، وموقف الكويت هو موقف البحرين، هو موقف مشترك ولم يكن هناك الذي حدث إنه السعودية لم تغير موقفها من قضية الجزر، السعودية ما زالت تقول أن الجزر أماراتية، وما زالت تدعو إلى حل سلمي لقضية الجزر، وبالتالي الفهم الخاطئ لموقف السعودية ترتب عليه يعني موقف آخر استدعى يعني تغير في لهجة الكلام، ولكنها أعيدت إلى.. إلى.. إلى إطارها الصحيح في وقت قصير.

سامي حداد: أستاذ صباح..

صباح المختار: في تقديري أنه بالتأكيد أن الموقف السعودية لها الحق أن تتصرف في سياستها الخارجية بدون أدنى شك.

سامي حداد: كل الدول في مجلس التعاون لها حق السيادة..

صباح المختار: كل دولة.. بدون أدني شك، إلا أن الملاحظ هو الآتي: عندما تكون علاقات بين الدول علاقات اتحادية -كما هو الحال في مجلس التعاون- من المفترض أن تقوم الدول الأعضاء في سياساتها الخارجية -على الأقل- بالتنسيق، في حين أننا نجد أن الموضوع ما يتعلق إلا أنها بموضوع، طبعاً إحنا ما بنتكلم فقط على موضوع الجزر، أن الموضوع ما يتعلق إلا أنها كقضية للدراسة.

أن هذا الخلاف الذي حصل نجد أن المملكة العربية السعودية في سياستها الخارجية فيما يتعلق بإيران مثلاً تغيرت سياساتها، قبل كم سنة كنا نتكلم عن إيران والمشاكل، والحج، والمظاهرات… إلى آخره، وأن إيران تهدد.. هناك كان موضوع الشيعة في المنطقة الشرقية، هناك كثير من الأمور التي كانت المملكة تأخذ موقفاً معادياً لإيران، فجأة هذا الموقف انقلب.

طبعاً أنا لست.. لست ضد التعاون بين الدول العربية، والخليج، والمملكة العربية السعودية مع إيران، بالعكس أنا أدعو لتحسين العلاقات، لكن هذا يجب أن لا يكون على حساب مصالح دول الأعضاء، حينما تكون إحدى الدول في المجلس -مثل الإمارات- تعاني من مشكلة مع دولة مثل إيران فيما يتعلق بالجزر، يفترض أن تقوم الدول الأعضاء في المجلس باتخاذ موقف على الأقل ساند لها، حتى ولو كان ساند دبلوماسياً، حتى ولو كانت هناك -خلف الستار- علاقات بالتعامل بين الأطراف تختلف عما هو معلن في الوسائل الإعلام.

إعلان

سامي حداد: الآن حصل الاتصال -أخيراً- مع القاهرة، مع الدكتور أحمد يوسف أحمد دكتور.. هل تسمعنا؟

د. أحمد يوسف أحمد: نعم، الآن أسمعكم.

سامي حداد: أهلاً بيك.

د. أحمد يوسف أحمد: وللأسف لم أتمكن من سماع الجزء السابق..

سامي حداد [مقاطعاً]: الحديث حتى الآن دار حول الخلاف السعودي- الإماراتي فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، مجلس التعاون الخليجي 18 عاماً مرت حقق بعض الشيء، الحديث عن هذه التجمعات العربية ما حققته، ولم تحققه، الآن نحن في سبيل الانتقال إلى موضوع إنه لكل دولة الحق في السيادة في إقرار سياستها فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية لماذا السؤال الآن؟..

أريد أن أضعك في الصورة يا أستاذ.. الآن يعني مرت خلافات داخل دول مجلس التعاون الخليجي، الاتحاد المغاربي هنالك خلافات دائمة وغير مفعل، ومجلس التعاون العربي الذي انفرط عقده بعد الاجتياح العراقي للكويت، لماذا الآن تبرز هذه المشكلة دون أن يكون هنالك حل داخل الجامعة العربية، أو داخل دول المجلس نفسه، يعني لا توجد آلية لفض النزاعات بين الدول العربية؟

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة أن هذه الخلافات لم تبرز الآن فقط، وإنما هي لصيقة بظهور هذه التجمعات الإقليمية، وأنا من البداية كنت أتصور أن هذه التجمعات قد تكون غير مؤهلة لأن تسوي النزاعات بين أعضائها، لأنها تنطوي -وإن يكن بدرجات متفاوتة- على ذات التناقضات الموجودة في السياق العربي العام، وبالتالي نجد إنه على الرغم من أن بعض هذه التجمعات اشتمل في بنيته المؤسسية على عدد من المؤسسات التي يفترض أن تكون قادرة على تسوية المنازعات بين أعضائها، فنجد مثلاً أن الاتحاد المغاربي فيه محكمة لتسوية النزاعات تتكون من قاضيين لكل دولة من الدول الخمسة الأعضاء.

مجلس التعاون الخليجي فيه أيضاً هيئة لتسوية النزاعات صممت بشكل يمنع حساسية أية دولة من الدول الأعضاء أن تلجأ إليها، ومع ذلك فإنه على الرغم من تكرار الخلافات بين الدول الأعضاء في هذه التجمعات إلا أننا نجد أنه لم يتم اللجوء إلى أي من هذه البني المؤسسية الاتحاد المغاربي..

سامي حداد [مقاطعاً]: إذن باعتقادك يا دكتور ما هو السبب في عدم اللجوء إلى هذه البني القاضيين في الاتحاد المغاربي أو هيئة فض المنازعات أو النزاعات داخل مجلس التعاون.. لماذا؟

د. أحمد يوسف أحمد: والله الأسباب تتفاوت.. مثلاً بالنسبة للاتحاد المغاربي فإنه لم يقدر له أن تشهد بناه المؤسسية أي تفعيل، يعني لم نشهد تفعيلاً لمجلس الشورى، أو للمحكمة أو أي مؤسسة من المؤسسات، بينما الوضع في مجلس التعاون الخليجي يختلف، لأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد شهد انتظاماً مؤسسياً: مؤتمر القمة يجتمع، المجالس الوزارية تجتمع، ولكن الشىء اللافت للنظر أن هيئة تسوية المنازعات لم تدع في أي وقت من الأوقات إلى تسوية نزاع من المنازعات…

سامي حداد [مقاطعاً]: ومع ذلك دكتور ولكن عفواً دكتور ومع ذلك ومع ذلك يعني هناك بعض النزاعات الحدودية بشكل خاص يعني تم الاتفاق عليها بشكل ثنائي دون اللجوء إلى هيئة فض النزاع، وهذا شئ جيد ما دام أن الدولتين تتفقان فيما بينهما، فلا مجال أو ضرورة للذهاب إلى لجنة حل النزاعات أليس كذلك، كما حدث الآن بين الإمارات وعمان.

د. أحمد يوسف أحمد: ولكن بعض النزاعات أيضاً.. نعم، ولكن في نفس الوقت أيضاً فإن بعض النزاعات شبه المزمنة بين الدول الأعضاء لم يتم اللجوء إلى هيئة تسوية النزاعات، بينما قبل أطرافها -وربما طرف- طرفاها- أن يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، أو إلى الأمم المتحدة -كما في حالة الصحراء الغربية في الاتحاد المغاربي، أو النزاع القطري- البحريني، وأنا هنا أرجع هذه المسألة -في الواقع- إلى هذه الظاهرة المتعلقة بالحساسية الموجودة لدي دول العالم جميعاً وليس دول مجلس التعاون الخليجي فقط تجاه التسوية القضائية للمنازعات المتعلقة بأمور تتعلق بالسيادة، ومع ذلك إحنا.. هنالك..

[موجز الأخبار]

سامي حداد: أستاذ صباح المختار .. يلاحظ أنه عندما يكون هنالك خلاف داخل الدول العربية على قضية.. قضية الصحراء، قضية الجزر، قضية حدودية،… يحدث هناك نوع من الاستقطاب، أي دول تساند دولة أخرى، الجزائر تساندها دول.. دول أخرى وتساند المغرب فيما يتعلق بصحراء، هكذا دواليك، وكأننا يعني ابتعاداً على القضية، لا تحل القضية ومن ثم يعني تذهب القضية إلى الأمم المتحدة، مثل الصحراء، قصة اجتياح العراق للكويت ذهبت إلى الأمم المتحدة، مجلس الأمن وأميركا، البحرين وقطر ذهبت إلى محكمة العدل الدولية، يعني هل فشلت.. أفلست الدبلوماسية العربية لحل النزاعات العربية- العربية؟

صباح المختار: أعتقد أن هناك مشكلتين رئيسيتين، المشكلة الأولى هي أن الدول العربية ليست لديها الثقة بالمؤسسات التي خلقتها، وبالتالي لا تلجأ إليها، هذا من حيث المبدأ، من الناحية الثانية أن الدول العربية في هذا المجال تشخصن الخلاف، أي أن الخلاف ينتقل من قضية موضوعية حول الجزر، أو حول الجغرافيا، أو حول الصحراء، أو حول أو حول حقوق السكان المدينين، ننتقل إلى العلاقة بين الحاكم في هذه الدولة والحاكم في الدولة الأخرى.

من هنا يصبح حتى الحل يشخصن أيضاً.. وبالتالي بدل أن يتم الاتفاق على الذهاب إلى مؤسسة لحل الخلاف، والكل كخشى من ذلك إلى أنها ستصبح ملتزمة، يلجؤون إلى أسلوب (بوس) اللحى -كما ذكرت في المقدمة-ويلجئون إلى أسلوب الاتفاق الشخصي بين الحاكم والحاكم الآخر، يسبب أنه يسمح للدولتين بعد فترة أن يعودا إلى الخلاف إذا ما أرادوا، أي إمكانية التراجع عن هذا الاتفاقيات التي تعقد بين الدول في حالة نشوب مشكلة جديدة لا علاقة لها بالمشكلة التي اتفق عليها، يتفقون على موضوع الحدود أو تحدث خلافات اقتصادية، ثم تحدث خلافات فيما يتعلق بأعمال الإرهاب، وهنا تنقطع العلاقات ويعاد حتى النظر في الاتفاقيات التي تم الاتفاق عليها بين الدوليتين، أو بالأصح-في حقيقة الأمر- بين الحاكمين.

سامي حداد: إذن.. إذن.. إذن -أستاذ محمد العوام- هل نفهم من ذلك إنه يعني شخصنة القضية، وإذا استطاع زعيمان عربيان أن يحلاها ثم يختلفان فتعاد القضية إلى الحجر إلى ما كانت عليه سابقاً.

محمد العوام: دعنا نتحدث عن طبيعة هذه الخلافات، طبيعة هذه الخلافات ليست خلافات من البساطة بمكان بحيث يمكن أربعة أشخاص جالسون على طاولة ممكن يتناقشوا فيها ويطلعوا بحل قضية معينة، لنأخذ مثلاً مشكلة الحدود السعودية- القطرية مثلاً، اتفق البلدان على أسس معينة، هذه الأسس لم يكن من الممكن تنفيذها من قبل الطرفين ذاتهم، لأنه معقدة جداً، وتحتاج إلى تقنيات وآليات عالية جداً، ثم الاتفاق على.. على.

سامي حداد [مقاطعاً]: لم يبدو للسعودية مشاكل مع كل الدول اللي حوالها حدود يا يعني موضوع..

محمد العوام [مستأنفاً]: لحظة استدعى.. استدعى البلدان شركة لمعالجة المشاكل الطبوغرافية لتحديد الحدود.

سامي حداد: وترسيم الحدود وهذه مشاكل ما تحل على طاولة المفاوضات أو..، تحتاج إلى دراسات متعمقة، تحتاج إلى تقنيات متقدمة جداً لمعالجتها، وكون أنه يتم الاتفاق على الإطار العام لها في إطار شخصي، هذا لا.. هذا لا يلغي أنه لابد من وجود آلية قانونية قوية، ومعها مساعدة تقنية متقدمة جداً لحلها…

سامي حداد [مقاطعاً]: يا (…) عندي تقنية بتقولي، يعني عندك صحراء بطالع الجزيرة العربية معظمها صحراء مثل الكف سهلة، شو بتقولي فيهال طبغرافية وأنهر وجبال..

محمد العوام: لا.. لا.. بالعكس، أنت لما تحدد المشاكل لما تحدد الحدود معناها أنك إنت ترسم مصالح مستقبلية لـ 200 سنة، لـ 300 سنة هذه ما هي لينا، وتحدد.. تضع الحد لمشاكل كبيرة جداً ممكن تكون علها مستوي شخصي صغير جداً، خلاف بين شخصين، وممكن تكون بين دولتين..

سامي حداد: ألا يدل ذلك على نوع من التشرذم داخل الوطن العربي الواحد بين الدول.. بين الزعامات؟

محمد العوام: الدول العربية…

صباح المختار [مقاطعاً]: يعني الحدود مصطنعة.. هذا هو السبب الرئيسي…

سامي حداد [مقاطعاً]: وندافع عنها.

صباح المختار: وندافع عنها، وبالتالي أصلاً لم تكن توجد حدود في الأوقات السابقة، خلقنا حدود، ثم كل واحد عنده خريطة من.. من البحرية البريطانية، أو أي جهة أخرى ويقول عندهم، وبريطانيا عندهم خريطتان وحدة ترسم الحدود على.. على الشمال وواحدة على الجنوب، وبالتالي الطرفين يتنازع ومع ذلك يمكن حلها..

محمد العوام [مقاطعاً]: هل هذا منطق يعني.

صباح المختار: لا.. لا.. لأ بالعكس عن طريق أساليب حل الخلاف المنصوص عليها بموجب الاتفاقيات.

محمد العوام [مقاطعاً]: هذا رأي مثالي ومبني على من العواطف المشتقة إن إحنا.. إحنا عربيين وإحنا قوميين، أمة واحدة وإن إحنا، هذه مثاليات لا تستطيع أن تكون إطار عمل مشترك بين المجموعات العربية، نحن في حاجة إلى مؤسسات أقوي -مثلاً- قانونياً من محكمة أو في مثل قوة محكمة العدل الدولية تستطيع ليست لدينا حتى الكفاءات التي تستطيع دراسة هذه المشاكل ومعالجتها، من الناحية النظرية من السهل أن إن إحنا إن والله هذه حدود لا وجود لها، وأن…

سامي حداد [مقاطعاً]: مع أن مع أن العرب سابقاً والقبائل العربية في الشرق الأوسط كان يجيء الشيخ بحد السيف هذه حدودك وهذه حدودي وانتهي الموضوع، دعني أنتقل إلى القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، دكتور.. هذا التشرذم والاستقطاب فيما يتعلق بالخلافات العربية- العربية، والحروب العربية- العربية، ألا يعزز مقولة المفكر (برنارد لويس) من أن نظرية الأمة الواحدة، والدين الواحد، والتاريخ الواحد هي عبارة عن.. عن يعني منظومة غير قابلة للتطبيق، يعني منظومة غير سائغة، وهذا طبعاً عكس ما يدعو إليه القوميون العرب؟ دكتور أحمد.

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة لأ، أختلف مع هذا.. يعني أولاً أريد أن أقول في هذا الصدد ملاحظتين، إن التشرذم بشأن الصراعات العربية- العربية لم يكن ظاهرة عامة، في بعض الأحيان كان العرب كلهم في فريق واحد فيما عدا دولة محددة، يعني مثلاً حلف بغداد 1955م العرب كلهم في كفة وبغداد في كفة، الأحداث الخاصة بالمقاومة الفلسطينية سنة 1970م كان هناك إجماع عربي، مطالبة عبد الكريم قاسم بالكويت في 1961م كان هناك إجماع عربي بمواجهة هذه المطالبة، إذن التشرذم لم يكن ظاهرة عامة، ولكن.. الثاني..

سامي حداد [مقاطعاً]: عفواً.. عفواً ولماذا لا تذكر، ولماذا -يا دكتور- لا تذكر اجتياح العراق للكويت في الثاني من شهر (آب) عام 1990م، وأصبح العرب عربين؟لم يكن هناك إجماع إذن.

د. أحمد يوسف أحمد: نعم هذا النموذج نعم هذا النموذج لا شك أنه تلقى ضربة قاصمة بأحداث الغزو العراقي للكويت سنة 1990م، في هذه الواقعة بالذات –فعلاً- حدث ما أشرت من التشرذم، ملاحظتي الثانية أنه بالإضافة إلى التشرذم الموجود ينبغي أن نذكر أمثلة أخرى، ينبغي أن تذكر مثلاً أن الأمة العربية نسيت خلافاتها البينية في أعقاب هزيمة 1967م، وصارت فيما بينها معادلة شبه مثالية للأمن القومي العربي: دولاً تعد للقتال العسكري، دولاً تمول هذا القتال، استخدام سلاح البترول في حرب أكتوبر 1973م، إذن على أولئك الذين يقولون أن التشرذم ظاهرة عامة في الوطن العربي أن يضيفوا أيضاً أن هناك بعض المواقف الحاسمة في عدد من التحديات الرئيسية استطاع العرب فيها أن يواجهوا مواجهة محددة للتحديات التي تواجههم، وأستطيع أن أسوق عدداً آخر من الأمثلة إذا شئت حضرتك.

سامي حداد: ومع ذلك -دكتور- يعني في الخمسينيات، في الستينيات، كانت القاهرة محج.. حاضرة المعارضة العربية، كانت تجمع وتؤلف بين قلوب العرب على خلافاتهم ونحن الآن يبدو بحاجة إلى عنصر دولة فاعلة، لشد أزر الأمة العربية لحل خلافاتها ويبدو إنه القاهرة قد فقدت -بكل أسف- هذا الدور.. كيف تقول في ذلك؟

د، أحمد يوسف أحمد: الحقيقة لابد أن أعلق على هذا السؤال بما يلي: حدث تغير بنيوي في النظام العربي في الفترة ما قبل 1967م وما بعد 1967م، ما قبل 1967م كانت القاهرة -كما تفضلت- لا تقود فقط النظام العربي، وإنما تكاد أن تحتكر وظيفة القيادة في النظام العربي، في أعقاب هزيمة 1967م حدث شئ مختلف، أولاً: احتاجت القاهرة إلى دعم عربي لمواصلة النضال ضد إسرائيل، ثانياً: الثورة الهائلة في أسعار النفط خلقت مراكز قوى جديدة في النظام العربي، إذن علينا أن نعترف بأن بنياناً جديداً لميزان القوى في المنطقة قد ظهر وتبلور، ولم يعد بمقدور القاهرة -أو غيرها- أن تحتكر وظيفة القيادة في النظام العربي.. ظل الدور القيادي لمصر موجوداً، ولكنه لم يعد كما كان في السابق: كن فيكون…

سامي حداد [مقاطعاً]: يعني بعبارة أخرى بعبارة أخرى.. بعبارة أخرى -كما تفضلت- ظهر لاعبون جدد في المنطقة العربية قبل اجتياح العراق في 1990م، ربما كانت العراق الآن، ربما أصبحت السعودية بسبب العامل الاقتصادي، هل توافق على ذلك يا أستاذ صباح المختار؟

صباح المختار: نعم إلى حد ما.. لأن هذا الخلاف الذي، أو نشوء مراكز القوى بحد ذاته أصبح من العوامل المفتتة للسياسة العربية، لأن هناك صراع بين القوى التي تريد القيادة، هناك العلاقات الخاصة مع أميركا، هناك العلاقات مع الدول الأخرى، هناك العلاقات الاقتصادية، هناك العلاقات مع إسرائيل، وكل.. فهناك أكثر من مركز يتجاذب، وبالتالي ازداد التشرذم العربي حالياً نتيجة لمحاولة بعض الدول أن تستأثر بالقيادة، أو تحاول أن تسبق دولاً أخرى في قيادة المنطقة، وهذا مما يزيد التفرقة ومما يعقد مشاكل حل المشاكل القائمة بين الدول العربية.

سامي حداد: محمد العوام..

محمد العوام: أنا أختلف معك إلى حد ما، يعني الاستقطابات أو التجاذب بين الأقطار العربية من شأنه إن هو يفيد.. المفروض أنه يكون أن ينعكس على قوة الأمة العربية، كلما كان عندها دولة.. أكثر من دولة قوية، وعندها القدرة أن تتدخل لمعالجة خلافات معينة، أو لبناء علاقات جديدة أخرى، هذا من شأنه إنه يساعد على تقوية العالم العربي المفروض إنه يكون.. لكن علينا أولاً أن نطور مفهوم فهمنا للعلاقات ذاتها، علينا أن نطور وعينا فيما يتعلق بمستقبل الأمة العربية و…

سامي حداد [مقاطعاً]: حتى لما نتحدث عن مستقبل الأمة العربية بشكل عام، لنأخذ هذه التجمعات، لأن الجامعة العربية بشكل عام 22 دولة بالكاد أنه يعني يجتمعوا حتى يجتمعوا في قوميات القمة خماسية.. يعني لا يستطيعون أن يفعلوها، لو أخذنا هذه التجمعات -الاتحاد المغاربي أو مجلس التعاون الخليجي- ما الذى يجمع هذه التكتلات.، مصالح قومية، مصالح اقتصادية، مصالح آنية، مصالح إستراتيجية، مستقبلية ما الذي يجمعها؟

محمد العوام: هو المفروض أنه يكون تجمعها مصالح اقتصادية بدرجة أساسية، من السهل أنك تربط المغرب، مع الجزائر، مع تونس، مع ليبيا كهربائياً مع بعض، من السهل أنك توجد نظمهم الاقتصادية مع بعض، لكن من الصعب إنك تربط مثلاً.. مثلاً الجزائر مع السعودية مثلاً بالطاقة أو بالغاز أو..

سامي حداد [مقاطعاً]: ذلك إقليمية في العالم العربي، ولكن ذكرت أنه المصالح المؤتمرات الاقتصادية تجمع هذه الدول يعني مثل مجلس التعاون الخليجي، إذن كيف تفسر أنه يعني الانفتاح المفاجئ على إيران، بين المملكة العربية السعودية وإيران؟ فهنالك من يعزون –بالإضافة إلى أسباب سياسية أخرى- انفتاح اقتصادي، بعبارة أخرى دائماً كانت إيران والسعودية تلعبان دوراً رئيسياً فيما يتعلق بتحديد حصص إنتاج النفط مما يؤثر على الأسعار، فوجدت إن السعودية لصالحها أن تغازل إيران من هذا المنطلق يعني مصالح اقتصادية فقط مع إيران طغت على مصالحها الاقتصادية مع الدول الخليجية الثانية.

محمد العوام: لأ هذا… المملكة العربية السعودية تمتعت بعلاقات قوية جداً مع إيران قبل الثورة، وكان هناك تبادل اقتصادي، وتعاون اقتصادي، وتفاهم سياسي قائم إلى وقت الحرب العراقية- الإيرانية، أو إلى وقت الثورة في إيران لما قامت الثورة في إيران حصل تغيرات وتبدلات داخل إيران ذاتها، أملت تبدل في المواقف على جميع الدول سواء العراق، سواء الإمارات، سواء البحرين، سواء مصر، سواء المغرب، جميعها تغيرت، ولكن عندما هدأت جذوة الثورة، وبدأ النظام يأخذ وضعه الطبيعي ويمارس مسؤولياته في طهران..

سامي حداد: التيارات المعتدلة في إيران.

محمد العوام [مستأنفاً]: ويمارس مسؤولية كدولة تقع على الخليج العربي، وعبر عن استعداد لتعاون اقتصادي مع الدول الخليجية، كان من الطبيعي إنه تستأنف العلاقات معهم، وإن تقوي العلاقات معها، فالعلاقات السعودية الإيرانية كانت قائمة لسنوات طويلة، وكونها عادت لأنه انتهت الظروف –إلى حد ما- انتهت الظروف الاستثنائية اللي تغيرت فيها.

سامي حداد: دعني آخذ هذه المكالمة من السيد أبو أمير موسى من السويد، اتفضل يا أبو أمير.

أبو أمير موسى: السلام عليكم.

سامي حداد: وعليكم السلام.

أبو أمير موسى: يا أهلاً وسهلاً أنا سؤالي بس يمكن -لو تكرم الأخوة- بالنسبة لمشكلة الحدود اللي بين العرب هي كبيرة طبعاً والواحد ما لا طبعا أول أو آخر، اليمن والسعودية من جهة، عندنا مثلاً البحرين وقطر من جهة، وهلم جراً، غير بس مشكلتي أنا أسأل فيها الأستاذ صباح المختار اللي هي مشكلة السودان ومصر في منطقة حلايب، هذه المنطقة طبعاً –زي ما إحنا نعرف سودانية هي وبإرادة قادر طبعاً مصر احتلتها بين ليلة وأخرى، سواء كان ضعفاً من السودان.. ما أدري، فانا عايز إيضاح بالنسبة للمشكلة هذا للأستاذ صباح مختار بالمناسبة.

سامي حداد: الواقع الأستاذ صباح مختار اختصاصاته شرق أوسطية وليس تحب تجاوب ولا أحولها على الدكتور أحمد يوسف.

صباح مختار: لأ دكتور أحمد يوسف.

سامي حداد: الدكتور أحمد يوسف أحمد..

د. أحمد يوسف: نعم موضوع النزاع الحدودي بين مصر والسودان فيما يتعلق بحلايب، وكما قال الأخ السائل احتلتها مصر، يعني النزاع هذا يعني حل، كيف يمكن أن يحل؟

د. أحمد يوسف أحمد: لأ، الحقيقة أنا لا أتصور أن.. أننا التقينا لنتحاور لنتحدث في تفاصيل المشكلات لأنه طبعاً -كما يعرف الأخ الكريم السائل- أنه هناك وجهة نظر لدي بعض الأخوة السودانيين بأحقية السودان في حلايب، ووجهة نظر مصرية تغاير هذا، وكان هذا سبباً متكرراً في توتير العلاقة بين البلدين، ولا أتصور أنني مطالب الآن بأن أنتصر لوجهة النظر المصرية أو أن أفند وجهة النظر السودانية، ولكن القضية التي تجمعنا الآن هي كيف، لأنه -كما تفضل الأخ الكريم السائل- هذه ظاهرة عامة في البلدان العربية.

وكما رأينا عبر عقود من السنين فإن هذه الظاهرة قد أحدثت من الشروخ في الجسد العربي، ما يتعين علينا معاً أن نجلس سوياً كمفكرين وباحثين وساسة لنعرف كيف يمكننا أن نفكر في مبادرة عربية كبرى لتسوية هذه الصراعات، إن يكن عن طريق المفاوضات الثنائية فهي ونعمت، إن يكن عن طريق وجود آلية تحكيم عربية، أو آليات إقليمية لتسوية المنازعات أو بدفع الدماء في هذا المشروع شبه الميت المسمى بمحكمة العدل العربية، لأنه إن أخذنا اليوم نتكلم عن تفاصيل هذه المنازعات فلن ننتهي، أما إن أحسسنا بخطرها الجسيم على الأمن العربي، بل وعلى أمن كل دولة عربية على حدا، وعلى مسيرتها في التنمية، فإن هذا يقتضي منا فعلاً أن نفكر في الكيفية العربية الشاملة التي تمكننا من تجاوز هذه الخلافات الحدودية الثنائية، أما أن نتحدث الآن في هذه الدقائق المحدودة عن التفاصيل فأعتقد أن هذا سوف يضيع وقتاً.

سامي حداد: وليس هذا الواقع من أهداف البرنامج، نأخذ المكالمة من السيدة الأستاذة الدكتورة [أم موسى] من لندن.. حالو.

أم موسى: آلو.

سامي حداد: مساء الخير.

أم موسى: مساء النور عفواً أنا مش أم موسى [أم وائل] من لندن.

سامي حداد: أهلاً بيكي يا ستي اتفضلي.

أم وائل: لو سمحت عندي مداخلة على برنامجكم.

سامي حداد: تفضلي.

د. أم وائل: مع احترامي يا أخ سامي لحضرتك كونك مسيحي، كل الأخوة المسيحيين وأصحاب أي دين آخر، بس دعني أخبرك أن تاريخ العرب خلافاً لما يدعيه القوميون العرب، وعلى رأسهم ميشيل عفلق مثلاً، يشهد على أنه لا يجمعهم -ولن يجمعهم- سوي الإسلام، انظر -إن شئت- إلى ما كانوا عليه في جاهليتهم قبل الإسلام، كانوا يتناحرون كقبائل واليوم يتناحرون كدول، يعني أن الصورة واحدة، ولكن الزمن وأدواته فقط هو الذي تغير.

قال ابن خلدون في [المقدمة] تأييداً لما أقول يعني لو سمحت لي.

سامي حداد: تفضلي أن شعوب حوض البحر المتوسط لا يجمعهم سوى الإسلام، هذا ما يخص يعني الموضوع الذي تتكلمون عنه، ولقد قال الله سبحانه وتعالي (إن هذه أمتكم أمة واحدة).. لفظ الأمة في اللغة العربية لا يطلق إلا على التجمعات الدينية فقط، ولا يمكن أن يطلق على التجمع العرقي أبداً، في اللغة يطلق كلمة الأمة على التجمع الديني، وقد قال الله تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة).

ثانياً يا سيدي يا سيدي -لو سمحت لي- عندي بملاحظة، إذا كنا نطالب الحكومات بالديمقراطية فدعني يعني أطالب حضرتك بأن تسمح لي أنصحك بأن تكون أكثر ديمقراطية في إدارة حواراتك..

سامي حداد: فاتح لك المجال، اتفضلي يا سيدتي.

د.أم وائل: مجرد نصيحة بحيث لا تمتعص -لو تكرمت- من أي شخص يتصل مثلاً علاناً على الهواء.

سامي حداد: أهلاً بيك وأن تفسح المجال لأي متكلم، ويكون هناك هامش من الحرية.

سامي حداد: نرحب.. نرحب فيك في أي لحظة يا أخت أم وائل، وشكراً جزيلاً لمعلوماتك إنه عرب المشرق هم عرب أن مسيحيي العرب هم عرب قبل الصليبيين، وعندما أتى الفتح الإسلامي كانوا الغساسنة وقلبوا ظهر المجن إلى البيزنطيين، وانتصروا لإخوانهم العرب المسلمين في معركة اليرموك، شكراً للمداخلة على كل حال، أستاذ صباح المختار إلى أي حد يجب أن تتطور علاقة أي دولة ضمن هذه التجمعات العربية؟ يعني كل دولة لها سيادة.. إلى أي حد يجب أن نصل هذه العلاقات الدولة مع الدول الإقليمية على حساب المصالح الإقليمية، أو على حساب المصالح الدول المجاورة داخل الاتحاد؟ يعني لحد قد إية ممكن تتمادى في تطوير علاقاتها مع الدول الإقليمية؟

صباح المختار: أولاً من حيث المبدأ للدول الحق المطلق أن تتعامل مع العالم الخارجي، ومع الدول الأخرى…

سامي حداد [مقاطعاً]: لو كان ذلك على.. على حساب المصالح القومية؟

صباح المختار: هنا.. هنا نتحدث عن الخط الدقيق.. أين يرسم هذا الخط؟ هناك تجارب لمجموعات إقليمية مختلفة في أميركا اللاتينية، في أوروبا، في الشرق الأقصى، هناك تجارب سابقة، التجارب السابقة تشير إلى أنه من حيث المبدأ على هذه الدول أن توازن بين المصلحة الإقليمية والمصلحة الفردية للدولة بعلاقتها مع دول أخرى خارج المجموعة، ما دامت هناك استراتيجية واضحة تستطيع هذه الدول جميعها أن تحدد الخط المعقول.

المشكلة اللي عندنا أن التجمعات العربية ليست لديها استراتيجية واضحة، هذه الدول لا تعتبر نفسها –حقيقة- أن هناك التزام يتجاوز ما مسموح به لوسائل الإعلام، واجتماعات، وشكليات.. إلخ، في حين عندما.. عندما يشعر أحد.. أحد القيادات أن الدولة الأخرى هي من الصغر بحيث لا يمكن الاستماع إلى كلامه، لأنه نحن أكبر ونحن أمنهم ونحن أغنى هذه لا تدل على أن هناك استراتيجية في العمل.. العلاقات يجب أن تكون مفتوحة، إلا أنها يجب أن تكون ضمن الاستراتيجية…

سامي حداد [مقاطعاً]: إذن من ذلك، من هذا المنطلق هل أفهم إنه يعني هذه التطبيل والتزمير فيما يتعلق بالانفتاح السعودي على إيران يعني ليس في محله فيما يتعلق بدولة الإمارات العربية؟

صباح المختار: المشكلة.. إذا رجعنا إلى هذه المشكلة بالذات، المشكلة تكمن في عدم قيام المملكة العربية السعودية بدفع وجهة نظر المجموعة الخليجية وبالذات الإمارات تجاه إيران.. نعم وافقت، من حق السعودية، ومن مصلحة السعودية، ومن مصلحة إيران أن تجرى علاقات جيدة، إلا أنه يجب ألا تتخلى السعودية.. على ما يبدو من الناحية الظاهرية السعودية امتنعت.. امتنعت عن أخذ موقف فيما يتعلق بالجزر.

محمد العوام [مقاطعاً]: أ،ا أختلف معك السعودية لم تمتنعولكن..

صباح المختار [مستأنفاً]: وهذا ما أشار إليه.. إليه.

سامي حداد [مقاطعاً]: موقف السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي واضحة فيما يتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث إن هذه يجب أن تحل، تقر كل دولة.. دول مجلس التعاون المشترك بحق الإمارات في هذه الجزر.

محمد العوام [مقاطعاً]: إذا كنا.. إذا كنا سننظر للأمور بمستوى الحساسية الحساس فيها فلن تتحرك الأمور.. إذا كنا..

صباح المختار [مقاطعاً]: من الناحية المبدئية نعم، تقر الدول.. هناك سياسة إلا أن الممارسة التي جرت وهذا ما شكت منه الإمارات، الإمارات لم تقل يجب ألا تكون للسعودية علاقات مع إيران، ولم تقل يجب أن تكون علاقات سيئة،لم تقل أياً من هذا الكلام، كل الذي قالت.. قالت: كنت أتوقع من الشقيقة الكبرى أن تأخذ موقفاً أكثر وضوحاً مع إيران.

محمد العوام [مقاطعاً]: أنا أعطيك عشر، عندما قامت الإمارات بمد خط ملاحي مع العراق وفي إطار تطوير علاقات تجارية قوية جداً، لماذا الكويت ما آخذت الموضوع بهذه الحساسية واحتجت لدي دول مجلس التعاون، وقالت إنتو الإمارات لماذا تقيمون علاقات مع العراق؟ ونحن في ما نزال في خلاف معهم؟ في وقت من أحرج الأوقات، كان هناك توتر على الحدود، وفي الوقت في نفس الوقت فتحت الإمارات خط ملاحي مع العراق.. ليس الكويت ما آخذت الموضوع بهذه الحساسية…

سامي حداد [مقاطعاً]: إذن ألا يدل ألا يدل يا أخ محمد ألا يدل.

محمد العوام [مستأنفاً]:

الموضوع كان فيه سوء فهم لسبب شخصي غير.. غير متوافق مع الموقف الرسمي، وأنا أؤكد على هذا الشيء لأنه لم يصدر رسمياً يعني من دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مجلس الوزراء، أو عبر القنوات الرسمية.. هناك أراء شخصية حملت أكثر مما تحتمل، وأنا أستغرب يعني النظر بحساسية لما يحدث في الخليج، والباقيين لا ينطبق عليهم هذا الشىء، اليمن وإريتريا حدثت بينهم اشتباك حربي، نقل هذا الاشتباك إلى محكمة العدل الدولية وعولج في محكمة العدل الدولية، وهلل له العالم العربي ولا أحد، بينما تلام قطر والعراق قطر والبحرين على أنهما راحوا إلى لمحكمة العدل الدولية! لماذا ننظر بحساسية إلى ما يجري في الخليج…

سامي حداد [مقاطعاً]: إذن.. إذن ألا يدل ذلك يا أستاذ محمد العوام -قبل ما أنتقل إلى القاهرة- إن هذا الموقف الخليجي الذي كان حاسماً وموحداً أثناء الاجتياح العراقي إلى الكويت، الآن وبعد تسع سنوات أصبح هذا الموقف -إلى حد ما- فضفاضاً.. حديث عن تطبيق قرارات الأمم المتحدة، الإعراب عن مشاعر التعاطف مع الشعب العراقي ومعاناة الشعب العراقي، هنالك دعوات المصالحة، دعوات لرفع العقوبات، يعني لا يوجد بهذا المجلس الآن -بسبب الخلافات الداخلية ضمن أعضائه- استراتيجية موحدة تجاه إما العراق أو إيران، أليس كذلك؟

محمد العوام: المبادئ الأساسية القائمة على القرارات الدولية ما زالت دول التعاون محتفظة بها وهو لابد من تنفيذ القرارات الدولية التي صدرت في خصوص أزمة العراق والكويت، هذا ما زال الموقف الأساسي والثابت، فيما يتعلق فيما عداه من الجوانب الأخرى هي جوانب متغيرة، تتغير طبقاً لمجريات الأحداث يمكن أن يكون فيها أحد يقرها أحد، يختلف معها أحد يتفق معها، هذه يعني ينبغي ألا ننظر لها بحساسية مفرطة أيضاً، وعلينا إن إحنا يعني ننظر لها بحسن النية، ما ننظر لها يعني من وجهة نظر ضيقة أنه لابد إما أن يتم هذا الشىء بكامل الإطار، أو أنه لا يتم شئ إطلاقاً.

صباح المختار: يعني هذا تأكيد للكلام اللي ذكرته أنه لا توجد استراتيجية محددة، نجد مثلاً أن السعودية والكويت تطلع منها الطائرات الأميركية لقصف العراق يومياً، في الوقت الذي تقوم قطر والإمارات بعلاقات…

محمد العوام [مقاطعاً]: أنا أختلف معك، قصف العراق قصف العراق يأتي من القواعد التركية..

سامي حداد [مقاطعاً]: تأتي القواعد البحرية والمساعدة اليومية التركية من الشمال، -على كل حال- دعني أنتقل إلى الأستاذ أحمد يوسف أحمد في القاهرة، د. أحمد.. هنالك يعني شبه معايير يمكن تسميتها مزدوجة، الكيل بمعايير مختلفة داخل العالم العربي، يعني سوريا – على سبيل المثال- تقاطع تندد بالدول التي تقيم علاقات تطبيعية مع إسرائيل في الوقت اللي لازالت فيه هناك أراضي عربية محتلة في فلسطين، في الجولان، وفي لبنان، في نفس الوقت دولة الإمارات تندد.. تنتقد الدول التي تطور علاقاتها -وسمتها إلى حد ما هرولة مع إيران التي تحتل جزراً عربية ثلاثة.. لا أريد أن أقارن بين جمهورية إيران الإسلامية وبين إسرائيل، ولكن يبقي الاحتلال احتلالاً.. أليس كذلك يا دكتور؟

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة أستاذ سامي أنك بسؤالك هذا تثير قضية بالغة الأهمية، لأني أود أن أنظر إلى المسألة التي نحن بصدد مناقشتها الآن من منظور معين، هو عدم وجود استراتيجية عربية، سواءً على المستوى الشامل، أو على المستوى الجزئي المتعلق بالتجمعات في إدارة علاقاتنا مع القوى الإقليمية، سواء -كما تفضلت- إسرائيل أو إيران مع الفارق الشاسع بينهما، لأننا عندما ننظر إلى الأزمة الأخيرة بين السعودية والإمارات -على سبيل المثال- من حق السعودية -طبعاً- أن تطور علاقاتها مع إيران كما تشاء، ومن حق الإمارات أيضاً أن تقلق على مصير الجزر المحتلة من قبل إيران.. إذن كيف نواجه هذه المسألة؟

مواجهة هذه المسألة تتم بأن نتفق داخل مجلس التعاون لدول الخليج العربية –قبل أن نقدم على تطوير علاقاتنا مع إيران أو غير إيران- على رؤية… مشتركة بهذا الصدد، والحقيقة أن هذه مهمة أتصور أن مجلس التعاون الخليجي صار مطالباً بها، لأنني وإن كنت لا أعتقد أنه مخول في أن يحدث تقدماً كبيراً في هذه الصدد، إنما أخشى عليه من هذه التمزقات الأخيرة لأنه نحن العرب –في الواقع- عانينا من هذه المشكلات في إدارة علاقاتنا، ليس فقط بقوى إقليمية، وإنما أيضاً بقوى دولية.

يعني –كما تفضلت- في إدارة علاقتنا بإسرائيل.. حدث اختلاف بين مناهج الدول العربية الآن في إدارة علاقتنا بإيران يحدث اختلاف بين المناهج.. سبق أن حدث اختلاف في المناهج في إدارة علاقتنا بأوروبا وأفريقيا، إذن نحن كعرب بصفة عامة، أو كعرب موجودين في تجمعات فرعية، مطالبون –حتى إذا كنا لم نف بهذه المهمة الآن- علينا أن نعتقد بجدية كاملة أننا إن لم نف بهذه المهمة بأسرع وقت ممكن فإننا سوف نواجه مشاكل متكررة في هذا الشأن بصدد علاقاتنا الثنائية فيما بيننا.

سامي حداد: دكتور أحمد.. هل تعتقد أن يعني التقارب من إيران هو اللي شريطة -كما يعتقد البعض-ألا يكون على حساب العلاقات العربية مع العراق هو لصالح المنطقة؟ دكتور…

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة -بصفة عامة- نحن في موقف نحن العرب في موقف يتعين علينا أن نسعى بكل جدية ممكنة إلى تطوير العلاقات مع إيران، لكن هذا من جانب آخر لا يعني أن ننسى أنه مازالت هناك صعوبات حقيقية تقتفي أو تعترض مسار هذا التطوير، ولا أريد أن أفصل في هذه الصعوبات، فهي معروفة لنا جميعاً، وإنما أريد أن أركز على المنهج، إن هذا المنهج يجب أن يتسم أولاً بما يلي: أن يكون نهجنا إلى تطوير العلاقات مع إيران -قدر المستطاع- نهجاً عربياً شاملاً، فإن لم نتمكن من هذا، أن يكون نهجاً إقليمياً شاملاً، كأن يكون خليجياً -مثلاً- فإن لم نتمكن من هذا على الأقل أن يحرص بعضنا على مصالح البعض الأخر..

النقطة الثانية في تطوير العلاقات مع إيران إن نحن نتحدث كثيراً عن العناوين، نتحدث عن قضية الجزر، نتحدث عن قضية العلاقات الاقتصادية، نتحدث عن قضايا أخرى، ولكني -للأسف- لا أصادف كثيراً بحثاً في العمق لكافة الأبعاد المتعلقة بهذه القضايا.. أنا أعتقد أنه آن الأوان لأن نجلس كعرب أولاً، ثم كعرب وإيرانيين ثانياً، لكي نبحث في التفاصيل المتعلقة بحل قضية الجزر، في التفاصيل المتعلقة بتطوير مواقف سياسية محددة، أو بتطوير التعاون الاقتصادي.. وهكذا وإلا سنعاني من ما عانينا فه منه في ي الأسابيع الأخيرة.

سامي حداد: إذن كيف تقول –دكتور- في من يدعي بأن يعني يجب على الدول العربية تشجع التيار المعتدل فبي إيران، ويجب كما قال يعني بعضهم يسوق ما قاله (كوف دي مورفيل) وزير خارجية [ديجول] عام 1961م، إنه يعني خلق سوق أوروبيةً مشتركةً لنضع فيها في ستكون أشبه بالقفص الذهبي لوضع النسر الألماني، لوضع حد لتطلعاته وطموحاته.. يعني هذا الحوار والتقارب مع إيران ألن يضع الطاووس الإيراني ضمن هذه المجموعة حتى لا يتطاول ويتمادى أكثر مما حدث في السابق؟

د. أحمد يوسف أحمد: لا شك أن في إيران الآن خطاً ينبغي على العرب تقويته والعمل على تشجيعه لأن هذه الخط المتمثل في خط السيد خاتمي رئيس الجمهورية مازال -دون شك-يواجه صعاباً داخلية، ولا أريد أن أبالغ في قدرتنا -نحن العرب- على أن نجلب النصر لهذا الخط أو ذاك داخل إيران، ولكن علينا -على الأقل- أن نعمل على تقوية وتشجيع هذا الخط. لكنني أنبه إلى نقطة مهمة إنه لا ينبغي أيضاً أن نتوقع أن مجرد تشجيعنا لخط السيد خاتمي يعني أن إيران في ظل حكم خاتمي قد تغير بالضرورة موقفها من قضايا تعتبر أنها شديدة الصلة بمصالحها الوطنية كقضية الجزر مثلاً، لأنه الخمينى، أو خامنئي، أو خاتمي، قد يكونون مشتركين بشأن موقف معين من قضية الجزر، فأنا أريد أن أفصل بين هذا وذاك.

النقطة المتعلقة بالجوانب.

سامي حداد: تفضل بالجوانب الاقتصادية أنا معك فيها، ولكن أيضاً أنبه إلى أننا لن نستطيع أن ندفع التعاون الاقتصادي العربي- الإيراني ما لم نحل الأبعاد الأساسية في التوترات السياسية، فأنا أزعم أن السوق الأوروبية المشتركة أو الاتحاد الأوروبي لم يتقدم إلا بعد أن كانت البنية الأساسية السياسية لهذا التقدم، سواءً في وجود نظم حكم ديمقراطية في كل أوروبا الغربية، أو في وجود حد أدني من العلاقات السياسية الجيدة، توفرت هذه البنية السياسية، وأمكن بناءً عليها أن تبني بنية اقتصادية عبر عشرات من السنين.

سامي حداد: شكراً دكتور أحمد واحد..

محمد العوام [مقاطعاً]: أود أن أعقب على كلام الدكتور أحمد.

سامي حداد: باختصار.. تفضل أيه..

محمد العوام: الحقيقة يعني مثلاً الدكتور أحمد يعبر عن فهم رغبة في فهم جديد لطبيعة العلاقات اللي المفروض تربط العالم العربي، أن تتجاوز على ما هو شخصي إلى ما هو عام، أو في مصلحة الجميع، ولنأخذ نموذجاً يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية.. مثلاً الولايات المتحدة الأميركية لم تقم على أساس عرقي،لم تقم على أساس جنس،لم تقم على أساس لون، كل الأديان مستوعبة فيها، ولكن أقيمت مؤسسات وأنظمة تجمع هذه الخمسين ولاية ما بعد بناء سياسي طويل أخذ زمن.. مدة طويلة، لكنه يتجاوز كل المعطيات الصغيرة إلى.. إلى الإنسان.. النظر إلى الإنسان كإنسان خليفة الله في الأرض، العمل على مصلحته، والعمل على تنمية وضعه العمل على…

سامي حداد [مقاطعاً]: هذا في الولايات المتحدة، ماذا تريد أن تقول عربياً؟

محمد العوام: هذا هو هذا هو الوعي العربي المفروض ألا ينطلق من الشعارات القومية والمثالية، والنموذجية، المفروض أن ننطلق في وعينا وفي نظرنا إلى مستقبلنا من واقع الرغبة في تطوير الإنسان، في المحافظة على مكتسباته، في حماية حياته، في تحسين صحته، نحوين.. تحسين أحواله، تطوير تعليمه، التركيز بشكل أساس على التعليم وعلى الاقتصاد بشكل أفضل..

سامي حداد [مقاطعاً]: تعزيز.. تعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية في العالم العربي.. أليس كذلك؟

محمد العوام: هذه من صورها ولكن ليست يعني بالضرورة هي…

سامي حداد [مقاطعاً]: هذا شئ أساسي، بتصور وشيء يعني ذكرت إن الولايات المتحدة الأميركية فيه ديمقراطية

محمد العوام: بناء المؤسسات يستغرق وقت طويل جداً، الولايات المتحدة الأميركية قبل أن تبني الديمقراطية ذهبت في حرب أهلية 40 سنة، ما: لا يعني نأخذ.. نأخذ الأمور هكذا…

سامي حداد [مقاطعاً]: يعني نحط الديمقراطية على الرف شوية!

محمد العوام: مش نحط على الرف، أنت.. البناء أولاً من الناحية التعليمية، ينبغي لنا أن نهيئ تعليم جيداً جداً للمجتمع، الانتقال بالمجتمع إلى مستوي حضاري معين يستطيع أنه هو يستوعب فيه واجباته، ومسؤولياته، حقوقه، ومن ثم تتطور العملية تدريجياً…

سامي حداد [مقاطعاً]: ومن هذا المنطلق إذا علمت المجتمع، وأبناء المجتمع ربما أخذوا يحاسبوا سياسات الدول، أليس كذلك؟

محمد العوام: إطلاقا.. إطلاقاً.. السعودية.. السعودية أرسلت ما يزيد…

سامي حداد [مقاطعاً]: لا.. لا نحن لا نتحدث عن السعودية ولا الإمارات، نتحدث بشكل عام يعني، العالم العربي.

محمد العوام: لا.. أنا أرد على النقطة اللي إنت قلتها، السعودية أرسلت ما يزيد على 300 ألف طالب إلى الخارج إلى أفضل المجتمعات الغربية ديمقراطيةً، للتعلم (…) والعودة للعمل في بلدهم، فمفيش شيء يمنع إطلاقاً، يعني التعليم هو العنصر الأساسي ولكن…

سامي حداد [مقاطعاً]: ما فيه شك: نأخذ أبو أحمد من بريطانيا، أسف يا أبو أحمد أخرناك على الخط آلو.. أبو أحمد.. راح أبو أحمد، صباح المختار.

صباح المختار: أريد أن أضيف كلمة واحدة للي اتفضل فيه الدكتور أحمد يوسف، وهي فعلاً تشخيصه لكيفية إدارة المنهجية في العمل، وخلق المؤسسات لحل المشاكل العربية يقتضي الأمر ألا يتصور الحاكم أن الدولة مملوكة له، ويجب على الحاكم أن يبدأ بمشاركة الناس ضمن الحدود التي.. حتى ضمن الحدود التي يريدها الحاكم، إلا أنه من المفروض أن تبدأ مشاركة المجتمع في القضايا التي توجد.. ليس من الصحيح أن تقوم الدول المغاربية، أز أي دولة أو الخليج بإعلان اتحاد، الحكام يجتمعون ويطالبون.

هناك اتحاد بين الدول، ثم لا يقوم الشعب الفرد على المستوى الفردي بالتوعية، هناك واجب على المثقفين، هناك واجب على مؤسسات الدولة، هناك واجب على المؤسسات الإعلامية، كل ذلك يتم بموافقة الحاكم، لأن الحاكم في العالم

العربي -حالياً- يشعر كما لو كان يدير إقطاعية تخصه شخصياً، في حين أن المجتمع هو الذي يقوم بتنفيذ الاتحاد، هو الذي يقوم بتنفيذ التعاون لأن العلاقة هي بين الأفراد أكثر من كونها بين الحكومات..

سامي حداد [مقاطعاً]: مع أن مع أن بعض الحكام في الخليج -دون ذكر دول يعني- هناك دولتان على الأقل أو ثلاث دول يعني أتت التطوير، الدعوة إلى الديمقراطية، إشراك المرأة في الانتخابات.. واوا.. إلى آخره من الحاكم وليس من الشعب، ليس من المجتمع، من الحاكم نفسه، يعني الحاكم سباق، كان على المثقفين المتعلمين اللي بيدرسوا في أميركا ومش عارف.

صباح المختار: صحيح.. باستثناء أنه هناك مشكلة فهمنا للديمقراطية يجب ألا يقتصر على العملية الآلية التصويت والانتخابات وخلاف هذا الكلام.. نوع من المجلس …

سامي حداد [مقاطعاً]: مشاركة في الحكم، وتداول السلطة.

صباح المختار: يجب أن تكون يجب أن تكون -أولاً- هناك مشاركة حقيقية في اتخاذ القرار، أن تخرج…

سامي حداد [مقاطعاً]: حتى لا نخرج عن إطار الموضوع.. طلعنا شوية بأتصور أنا سمحت في هذا بشكل عفوي، دعني أعود إلى القاهرة مع د. أحمد، د. أحمد يعني الجامعة العربية أكثر من نصف قرن مر عليها، أسست عام 1946م بعد إنشاء الأمم المتحدة، فشلت -إلى حد ما- بكل أسف من حل النزاعات العربية، والحروب الأهلية وإلى آخره، استبشر المواطن العربي خيراً عندما بدأت هذه المجالس، أو التجمعات الإقليمية.

هل باعتقادك يعني ما تبقى من هذه التجمعات العربية.. هل استفاد منها المواطن؟ هل حققت شيئاً من المرجو الذي كان مرجواً من الجامعة العربية في العمل العربي الموحد ولو على.. في قطاعات مختلفة؟ دكتور..

د. أحمد يوسف أحمد: أنا أريد بداية -أستاذ سامي- أن يعني أتحفظ قليلاً -رغم أنني قد لا أختلف معك في الحكم الأخير- على أن الجامعة العربية كان رصيدها هو الفشل على الدوام، لأنه قد نذكر مثلاً -وأكتفي هنا بمثال واحد- أن الجماعة العربية في عام 1961م نجحت بدرجة [100%] في حل الأزمة العراقية الكويتية فيما فشل مجلس الأمن في ذلك الوقت بدرجة [100%]..

فإذن ليس السجل دائماً هو سجل الفشل، ولكن هناك ظروف أملت النجاح حيناً، وأملت الفشل حيناً آخر.. تعلم سيادتك إنه مع بداية الثمانينات بدأت ظاهرة التجمعات الفرعية، أو التجمعات الإقليمية في الوطن العربي بدأً بمجلس التعاون الخليجي في 1981م، ثم مجلس التعاون العربي والاتحاد المغاربي في 1989م وقدمت هذه المجلس باعتبار أنها -كما تفضلت- سوف تقوم بسد الثغرة التي ترتبت على عدم استطاعة الجامعة العربية أن تقوم بكافة الوظائف المنوطة بها ولكن مع ذلك نلاحظ أن هذه المجالس أستطيع أن أفرق بين الثلاثة التي تبلورت فيها: مجلس التعاون العربي كان أكثرها احتواءً للتناقضات، وتفجر بعد وقت قصير للغاية بمناسبة الغزو العراقي للكويت، الاتحاد المغاربي -للأسف- أسس أصلاً مع الاحتفاظ بالنزاع الرئيسي فيه، وهو النزاع حول الصحراء، وبالتالي آل حتى الآن إلى التجمد التام اعتباراً من ديسمبر 1995م ونأمل من الله -سبحانه وتعالى- إنه الظروف الحالية تساعده على الخروج من هذا التجمد.. مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان هو أوفر هذه المجالس حظاً من النجاح.

وبالتأكيد هو الوحيد الذي استمر، الوحيد الذي استغرق بنيته المؤسسية، إلا أنني -كمواطن عربي وكباحث عربي- أرى أن سجل إنجازاته حتى الآن هو دون توقعات المواطن العربي، بل وأزعم والمواطن الخليجي بكثير، هو حافظ على بنيته المؤسسية، على وجهة نظر سياسية عامة تجاه القضايا المختلفة، قدر أو خطوات معينة من التكامل الاقتصادي والتكامل الدفاعي، لكنني أزعم أن هذا التكامل الاقتصادي دون المستوى المطلوب بكثير.

ولننظر -مثلاً- كيف كانت السوق الأوروبية المشتركة بعد 18 عامًا من إنشائها، أي في سنة 1975م، وأين مجلس التعاون الآن! هناك ما تحقق، ولكنه دون توقعاتي كمواطن عربي، ودون توقعات المواطن الخليجي.. لننظر أيضاً لقوة درع الجزيرة، لا أعتقد أن مواطناً خليجياً يعتبر أنها تعكس الرغبة في أن يكون لهذا المجلس درعه الدفاعي الحقيقي الذي يمكنه من أن تكون له بنية دفاعية حقيقة معتمدة عليه.. إذن المجلس نجح…

سامي حداد [مقاطعاً]: في الواقع دكتور.. دكتور.. الدكتور سيجيب الأخ محمد العوام هنا، ولكن لدي مكالمة من الإمارات منذ فترة.. السيد جاسم محمد تفضل يا أخ جاسم.

جاسم محمد: السلام عليكم.

سامي حداد: وعليكم السلام.

جاسم محمد: مساء الخير.

سامي حداد: مساء النور.

جاسم محمد: طب أنا ما عندي سؤال، بس أنا بس من وجهة نظري أقول أنا مثلاً إنتو تسون الخلاف يعني والصحف.. إحنا خلا هذا مثلاً رأي أو وجهة نظرهم، وإحنا إذا ما عتبنا على الإمارات، عفواً على السعودية لأنها الأخ اللي بينعتب على مين، الأخ بينعتب على أخيه، أنا ما بجيب واحد ليش ما عتبت على دولة ثانية، إحنا مجلس التعاون كونه أسرة واحدة أسرة واحدة في البيت نعتبره بيت واحد فإحنا من حقنا نعتب على السعودية أو ما فيه شك عل سوريا أو أي دولة، يعني بالطريقة هذه نعتب عليهم ومشكورين مع السلامة.

سامي حداد: شكراً.. شكراً.. الأخ محمد العوام.. سمعت ما قاله الدكتور أحمد فيما يتعلق بمجلس التعاون لم يحقق مطامح، أو الذي كان متوقع منه دون المستوى.. ربما لأسباب…

محمد العوام [مقاطعاً]: من الطبيعي.. من الطبيعي أن…

سامي حداد: خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد، وفض النزاعات، والحدود لازالت هذه المشاكل بكثرة، المموضوع بالنزاعات العربية- العربية.

محمد العوام: بكل تأكيد دعونا.. أول شئ يعني دعنا يعني بكل تأكيد إن أنا نشترك في وجهة النظر أن مجلس التعاون مازال يسير في اتجاه تحقيق أهداف معينة، ولكنه لم يحقق بالسرعة اللي نحتاجها، بالسرعة اللي كنا نتوقعها، أن يحقق ما كنا نتمناه، لكن ذلك يعود لأسباب معينة.. مجلس التعاون أولاً دول تعتبر هي الأحدث في العالم العربي، يعني هي ليست -مثلاً- استقلت مثلاً قبل مصر-مثلاً- فبالتالي هي مازالت في طور بناء نفسها من الداخل، هذا من ناحية..

الناحية الثانية مجلس التعاون واجه مشاكل أقوى بكثير أقوى.. أو أهم بكثير من التحديات الآنية، يعني التحديات.. التحديات الآنية التي واجهها كانت صعبة بحيث أنها أشغلت المجلس عن بعض همومه الداخلية، فلم يكن بالإمكان معالجة قضايا معينة في ظل الاهتمام بالحرب العراقية- الإيرانية، الحرب العراقية-الإيرانية أخذت من عمر مجلس التعاون الآن 8 سنوات، ومازالت قائمة استهلكت جزء كبير من الجهد والعطاء في معالجتها، والعمل على درء مخاطرها فيما.. درء مخاطرها المستقبلية.

فالمشاكل اللي حدثت في ها الفترة، حدت من قدرة مجلس التعاون على السير قدماً في.. لتحقيق أهدافه، لكن العنصر الأساسي يظل هو البناء الاقتصادي، والبناء الاقتصادي عملية حيوية وقوية فيها تحتاج.. تتطلب قدر عالي من البنية التحتية القوية، وفهم تقنيات العمل الاقتصادي المتقدم، الاستثمار، تطوير الكهرباء، تطوير الغاز، تطوير البترول تطوير، عملية تبادل الاستفادة من الموارد بين دول مجلس التعاون في إطار اقتصادي معين.. هذه عملية بناء طويلة جداً، تحتاج إلى.. إلى أكثر من هذا الوقت.

صباح المختار [مقاطعاً]: أعتقد أن هناك -أحياناً- خطأً في تصوري أن التركيز على الجانب الاقتصادي، الجانب الاقتصادي مهم، إلا أنه يجب أن نفهم أن اقتصاد الدول العربية مجتمعةً لا يصل إلى اقتصاد إحدى الشركات الأميركية الكبيرة، ولا يصل إلى اقتصاد دولة مثل إيطاليا، الاقتصاد نعم مهم.. أنا أزعم أن المشكلة الرئيسية هي مشكلة ثقافية هي مشكلة سياسية، هي مشكلة اجتماعية في كل من هذه الدول، وبالتالي عندما يكون الفرق غير منتمي إلى هذه المجموعة البشرية التي سميت الاتحاد، لا يزال شعر بالانتماء إلى الوطن الصغير.

لازال المواطن يشعر أنه ليس له الحق في أن يسافر، ليس له الحق أن.. أن.. أن يصوت، ليس له الحق أن يشترك في الانتخابات، أو.. أو أي من المشاكل الموجودة.. يضاف إلى ذلك حرية التعبير عن الرأي، هناك في الوطن العربي.. نعم في دول الخليج هناك انتخابات وكذا.. إلخ، إلاً أن هذه الشكلية لا تزال -في الوقت الحاضر- لا تستطيع أن تأخذ فيديو وتذهب إلى إحدى الدول العربية، لا تستطيع أن تأخذ صحيفة معك..

محمد العوام [مقاطعاً]: أنا لست معك في هذا الرأي، هذه وجهة نظر مقيسة على واقع معين، أنت…

صباح المختار: هذا الواقع الحالي الموجود في دول الخليج…

سامي حداد [مقاطعاً]: فيه جمهوريات فيه جمهوريات ثورية ديكتاتورية، منذ 40 سنة لا يستطيع أحد أن يفتح فمه ليس أن تقابل وزيراً ليأخذ من رئيس الجمهورية..

محمد العوام [مقاطعاً]: هو ينطلق بوجهة النظر من هذه من هذه.. من هذه.

صباح المختار: الخطأ اللي موجود العفو خليني أتكلم خليني أتكلم الخلفية، لأنه في دول الخليج حرية الرأي موجودة، حرية الصحف، كل شئ مكفول لكل الناس.

صباح المختار: الخطأ الموجود هو قياس الوضع في الدول الخليجية على الدول الديكتاتورية إلى موجودة في العالم العربي، وهذا خطأ لا يمكن لا يمكن..

محمد العوام [مقاطعاً]: والخطأ.. والخطأ الأكبر أن.. أن تقيس أن تقيس دول الخليج بالدول الغربية.

صباح المختار: لا تستطيع أن ترسل جريده لا تستطيع أن ترسل صحيفة عربية -حالياً- من لندن من لندن إلى السعودية…

سامي حداد [مقاطعاً]: ننتظر مكالمة من السيد عبد الرحمن من السعودية آلو.

عبد الرحمن: آلو.

سامي حداد: نعم.

سامي حداد: مساء النور أستاذ.

عبد الرحمن: من الحجاز عبد الرحمن حجازي.

سامي حداد: أهلاً بيك.

عبد الرحمن حجازي: الأساسيات التي تتكون منها الدبلوماسية ليست وزير الخارجية فقط، إنما هي جملة أو عديد من السفراء أو الاختصاصين والدبلوماسيين الذين يمثلون السياسة الخارجية لأي بلد.. ففي السعودية كان أيام الملك فيصل كان هناك جملة من الدبلوماسيين ورجال السياسة عندهم من الحكمة، والتعقل، والتروي أكثر مما هو الآن، تلك الفئة قد أزيلت، وجاء التعيين القبلى، وجاء التعيين على أساس القبائل إرضاءً لهذه القبيلة أو تلك الدبلوماسية.

سامي حداد [مقاطعاً]: يا أستاذ، اسمح لي عفواً.. عفواً أستاذي يا أخ حجازي إحنا نتحدث عن الخلافات العربية- العربية، وفض نزاعات، لا نتحدث عن سياسات دول ووزارات الخارجية، مين عين فلان مين حط فلان، فيه عندك سؤال عن هذا الموضوع بالتحديد أم لا؟

عبد الرحمن حجازي: أريد أن أقول بخصوص أزمة مجلس التعاون الخليجي، والإمارات ما كان ممكن أن يصدر في أيام الملك فيصل من يتفوه أو يقول هذا اللفظ، هذا جاهل، وهذا لا يفهم، وهذا الشعب مكون من.. من أغراب،لم يكن يتفوه بهذا أحد، إنما الأمور تطورت الآن بحيث صارت الدبلوماسية هي لعبة لم تعد حكيمة كما كانت في السابق، كانت تحل الأمور بهدوء…

سامي حداد [مقاطعاً]: شكراً.. شكراً لهذه المداخلة.. دكتور أحمد يوسف أحمد في القاهرة.. الجامعة العربية -كما ذكرت وقبل قليل مع سيادتك- فض النزاعات فشلت في لبنان، في الأردن، سنة 1970م، الصومال، السودان، الصحراء.. إلى آخره.. يعني ما هو المطلوب الآن؟ وضع آلية ضمن الجامعة العربية، مرجعية كبرى، أم.. أم الذهاب إلى الخارج –دائماً- إلى الولايات المتحدة، إلى محكمة العدل.. العدل الدولية، لفض نزاعاتنا أو حل نزاعاتنا؟!

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة هذه قضية على درجة عالية من الأهمية.. مرةً أخرى أريد أن أتحفظ قليلاً فعلى سبيل المثال الحرب الأهلية في لبنان، وإن تكن قد سويت وانتهت بسبب ظروف دولية وإقليمية مواتية، إلا أنني أزعم أن الجامعة العربية كانت فاعلة في المرحلة الختامية لهذه الحرب، ولا أفصل في هذا الآن، لكني أصل إلى النقطة الأساسية في السؤال الذي تفضلت به.. أننا بحاجة –فعلاً- إلى تفعيل هذا الكيان الذي أشار إليه ميثاق جامعة الدول العربية، والذي… تنبه الآباء الأوائل المؤسسون للميثاق إلى ضرورته، وهو (محكمة العدل العربية) تغنينا عن اللجوء إلى هذه الأطر الدولية.. ما أشعر به -للأسف- من متابعتي لهذا المشروع الذي اكتمل من حيث صياغته القانونية، والذي عدل بناءً على ملاحظات الدول، أن هناك ممانعة من عديد من الدول العربية، وهناك نوع من أنواع التخوف من أن يظهر هذا المشروع إلى حيز الوجود، على الرغم من أن آخر قمة عربية في عام 1996م نصت صراحةً على ضرورة إنجاز هذا المشروع، وهنا أضع علامة استفهام…

سامي حداد [مقاطعاً]: ولكن هل تعتقد يا دكتور، عفواً عفواً على المقاطعة.. هل تعتقد أن هناك استقلالية للقرار العربي فيما يتعلق بفض النزاعات العربية- العربية، البينية- العربية مع دول الجوار؟ يعني فيه استقلالية للقرار العربي في رأيك؟ والتاريخ الحديث شاهد إنه لا يوجد استقلالية للقرار العربي!

د. أحمد يوسف أحمد: الحقيقة لا يوجد استقلالية تامة في العالم ككل، كل دولة تجد على إرادتها قيود، ولكن دعني أقول لحضرتك بمنتهى الصراحة أن ثمة نزاعات لا أتصور أنها تحتاج إلى استقلالية مطلقة في القرار السياسي، يعني نزاع ثنائي بين دولتين عربيتين.. ما هي المشكلة؟ يعني ما هي المشكلة في أن نزاع الصحراء الغربية، أو النزاع الحدودي القطري- البحريني، أو غير ذلك من النزاعات الثنائية يتم في إطار عربي؟

أنا أريد أن أنبه إلى أن الإطار العربي هو الذي سيكون كفيلاً بحفظ الحد الأقصى من مصالح هذه الدول، أما عندما تلجأ إلى آلية دولية فإن هذه الآلية الدولية قد لا تكون بالضرورة قيمة على هذه المصالح مثلنا، أو –على الأقل- نتصور أن الآلية العربية يمكن أن تكون أفضل.. ولكن ما يدهشني أن هناك ممانعة حقيقية الآن في أروقة اجتماعات الجامعة العربية، من قبل عدد لا بأس به من الأعضاء لظهور مشروع مثل مشروع محكمة العدل العربية إلى حيز الوجود، وهذا في الواقع يضع علامة استفهام حول توفر الإرادة السياسية بشأن حل عربي للمنازعات العربية، أي أن هناك خشية…

سامي حداد [مقاطعاً]: شكراً.. شكراً.. شكراً يا دكتور.. آخر كلمة من الأستاذ صباح.

صباح المختار: أعتقد أن القرار العربي ليس قراراً مستقلاً، والجامعة العربية ليست مؤسسة مستقلة عن صنع القرار في القاهرة، الجامعة العربية تخضع للقرار المصري، القرار المصري يخضع للتأثيرات الدولية، الدكتور أحمد يتكلم عن ليست مستقلة تماماً لا.. أنا أزعم أن القرارات في الدول العربية غير مستقلة، والدليل على ذلك أن القمة أعلن عن القمة لا يمكن أن تعقد، ثم بعد ثلاثة أيام أصبحت القمة ضرورية ثم أعيد الكلام أن القمة ضرورية، إلا أنه يجب التحضير لها، القمة الخماسية لم تعقد، ثم أجلت.. هناك…

سامي حداد [مقاطعاً]: وهذا قمة فيما يتعلق بالعدو الإسرائيلي.

محمد العوام: موضوع العدو الإسرائيلي.

سامي حداد: في حين مشاكلنا الخاصة.. تصور أن تعقد قمة أو يجتمع اثنان، وإنما ربما بوسة لحي.

مشاهدينا الكرام لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيوفنا في الأستديو الأستاذ صباح المختار من (عضو المعهد الملكي للدراسات الدولية)، والأستاذ محمد العوام (نائب رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط)، ومن القاهرة عبر الأقمار الصناعية الدكتور أحمد يوسف أحمد (مدير معهد البحوث والدراسات التابع للجامعة العربية)، ومؤلف كتاب "الصراعات العربية- العربية".

مشاهدينا الكرام حتى نلتقي في حلقة أخرى من برنامج (أكثر من رأي) تحية لكم، وإلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة