الدبلوماسية العراقية في مواجهة التهديدات الأميركية
مقدم الحلقة: | جمال ريان |
ضيوف الحلقة: | د. محمد السعيد إدريس: رئيس وحدة الدراسات الخارجية في الأهرام د. محسن خليل: ممثل العراق في الجامعة العربية – القاهرة فيتالي نعومكن: معهد الدراسات الاستراتيجية – موسكو |
تاريخ الحلقة: | 30/08/2002 |
– تغيير الخطاب العراقي وكبح جماح الحملة الأميركية ضد العراق
– الدبلوماسية العراقية النشطة وحشد التأييد العالمي لمواجهة التهديدات الأميركية
– الموقف التركي من التهديدات الأميركية ضد العراق
– حقيقة الموقف الروسي من احتمال ضرب العراق
– حقيقة الموقف العربي الرافض لضرب العراق
– الأهداف الحقيقية وراء التهديدات الأميركية بضرب العراق
جمال ريان: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج (أكثر من رأي) من الدوحة.
تزايدت في الآونة الأخيرة حدة المعارضة العربية والدولية للضربة الأميركية المحتملة للعراق، والدول التي يفترض أن تكون معنية بالضربة، وهي مصر، والأردن، وسوريا، وتركيا، وإيران، ودول الخليج، والسعودية خاصة، هذه الدولة تتخوف على وحدة العراق بقدر خوفها على استقرارها والاستقرار الإقليمي بشكل عام، في ضوء هذا التخوف يمكن فهم الضغوط والتهويلات الأميركية التي تواجهها الدول التي شاركت في حرب الخليج الثانية، والتي يقول وزير خارجية إحداها، وهو الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني (وزير الخارجية القطري)، والذي زار بغداد قبل أيام قال بأن "لا حول لها ولا قوة بوقف الضربة، وبأن مساعيها تتركز على تجنيب المنطقة ضربة محتملة".
أما الأوروبيون هذه المرة فهم متلكؤون في الانخراط، وهم يسجلون ملاحظات كبيرة على ضرب العراق، ومتخوفون من مرحلة ما بعد الحرب في ظل التزامات أميركية مشكوك فيها، قد لا تعود بالنفع على المصالح الأوروبية في العراق وفي دول الخليج بشكل عام.
تركيا أيضاً مترددة، بل قلقة من احتمال قيام دولة كردية في شمال العراق تهدد أمنها القومي، أما إيران والباكستان فتحذران أيضاً من احتمال اشتعال اضطرابات في العالم الإسلامي إذا ما شنت الولايات المتحدة هجوماً عسكرياً على العراق.
الآن العراق.. العراق في نظر المراقبين لم يقصر، فقد بدأ عملية مزج البعد الاقتصادي بالبعد السياسي عبر دبلوماسية نشطة شرقاً وغرباً، ولحشد التأييد العالمي، حيث أُعلن عن صفقة بين بغداد وموسكو بقيمة 40 مليار دولار، بالإضافة لاستعداد العراق توقيع اتفاقات مماثلة مع تركيا، و حتى مع العربية السعودية.
الآن السؤال الأهم: هل تغير الخطاب الرسمي العراقي؟ هل تستطيع الدبلوماسية العراقية كبح جماع الحملة الأميركية لضرب العراق وتغيير النظام؟ هل تستطيع دول تعارض الضربة وتخشى من تداعياتها، مثل مصر والأردن وسوريا ودول الخليج منح هذه الضربة؟ وإذا سلمنا بحقيقة أن العراق استطاع تحقيق انتصارات دبلوماسية طوال سنوات الحصار، وإبرام صفقات تجارية، هل يستطيع الاستمرار في دبلوماسيته هذه مع استثناء الأميركيين؟
للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها نرحب في القاهرة بالدكتور محسن خليل (ممثل العراق في الجامعة العربية)، والدكتور فيتالي نعومكن (رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية الشرق أوسطية) وهو متواجد معنا في موسكو، ومعنا في الأستوديو الدكتور محمد السعيد إدريس (رئيس وحدة الدراسات الخليجية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام).
بالطبع يمكن للسادة المشاهدين المشاركة بمداخلاتهم على رقم الهاتف 0974 وهو مفتاح الخط، والرقم 4888873، ورقم الفاكس، مفتاح الخط 4890865 (0974)، كذلك عبر البريد الإلكتروني: www.aljazeera.net
نبدأ حوارنا مع مندوب العراق في الجامعة العربية، دكتور محسن، السؤال المطروح على لسان كثير من المراقبين، هل تغير الخطاب الرسمي العراقي؟
تغيير الخطاب العراقي
وكبح جماح الحملة الأميركية ضد العراق
د. محسن خليل: أعتقد أن.. يعني هذه الملاحظات منشأها الأداء الدبلوماسي والنجاحات الدبلوماسية التي حققها العراق في السنوات الأخيرة، وهي حقيقة لا تعكس تغييرا في جوهر الخطاب السياسي بقدر ما تؤكد أن أساليب التعبير عن هذا الخطاب أصبحت يعني أكثر ديناميكية وأكثر حركية، وتواكب المتغيرات والمستجدات، ولا تنتظر ردود الفعل فقط على المبادات التي اعتادت الإدارة الأميركية في إطار الصراع أن تأخذها بيدها. العراق الآن يقود دبلوماسية ديناميكية متحركة، ويعتمد على أساليب أيضاً مرنة وشاملة في التعبير عن خطابه السياسي.
جمال ريان: نعم، أيضاً لا تغيير في الخطاب الرسمي العراقي، وإنما هو يقود دبلوماسية مرنة، دكتور، هل.. هل ترى بأن الخطاب الرسمي العراقي فعلاً لم يتغير وأن ما يقوم به العراق هو فعلاً عملية دبلوماسية مرنة، وفي اتجاهات مختلفة أيضاً؟
د. محمد السعيد إدريس: لا، بالعكس أنا بأعتقد أن الأزمات المتتالية على العراق منذ سنة 90 حتى الآن قد أكسبت القيادة السياسية في العراق وعيا بأهمية التعامل مع الآخر، بمعنى أن القرار السياسي العراقي لم يعد يعبر فقد عما يريده العراق، ولكن يأخذ الآن في اعتباره كيف يفكر الآخر؟ كيف يتدبر الآخر أموره، ولذلك فإن التحركات الدبلوماسية الجديدة في العراق تسعى لنزع كل مبررات الضربة الأميركية، تسعى لجذب قوى دولية وعربية للوقوف إلى جانب العراق، تسعى –يعني خلينا نقول- إلى وقيعة بين الولايات المتحدة وحلفائها، وأعتقد أن هذا موقف مهم جداً، يجب أن يكن محور الدبلوماسية العربية كلها.. يعني أنا لا أعتقد أن مهما قام العراق، ومهما فعل العراق فهو لن يستطيع أن يوقف الضربة الأميركية، لسبب أساسي هو عمق الاقتناع الأميركي بضرورة هذه الضربة، للتخطيط السياسي الأميركي المرتبط بها، بمعنى الولايات المتحدة الأميركية لا تريد فقط -كما تزعم- إسقاط الرئيس صدام حسن.. سنتحدث فيما بعد أكيد على ماذا تريد أميركا من ضرب العراق؟ ولكن أنا أعتقد أن هناك أسباب عميقة وجوهرية تهدف إلى ضرب العراق، ولذلك لن تتراجع الولايات المتحدة الأميركية إلا بعمل جماعي عربي، إلا بمشاركة دبلوماسية عربية، و مشاركة دبلوماسية من القوى الدولية التي ترى أن مصالحها في المنطقة سوف تكون مهددة بهذا الغزو الأميركي القادم للعراق.
جمال ريان: وأول من بدأ به بدأ في روسيا، في موسكو، أعلن عن توقيع اتفاق بحوالي 40 مليار دولار مع.. مع روسيا، هل هذا التوجه فيه بعد استراتيجي بالدرجة الأولى؟ ولمَّح قبل قليل الدكتور محمد السعيد وقال: "ربما وأن العراق يهدف من وراء ذلك إلى إحداث وقيعة بين الولايات المتحدة وحلفائها، هل يدخل هذا في ذلك الإطار؟ أم أنه عودة إلى التحالف القديم والقوي بين موسكو وبغداد؟
لا.. يبدو.. يبدو أن.. هل تسمعني سيد نعومكن؟ هل تسمعني سيد نعومكن في موسكو؟
فيتالي نعومكن: نعم.. نعم، الآن سامع.
جمال ريان: نعم.
فيتالي نعومكن: نعم، الآن أسمعكم.. نعم أسمعك.
جمال ريان: يعني الحديث.. الحديث يعني بدأ عن صفقات، وأولى هذه الصفقات مع روسيا بقيمة أربعين مليار دولار.
فيتالي نعومكن: نعم.. نعم.. نعم، صحيح.
جمالي ريان: هل.. هل ترى بأن هذا التوجه له بعد استراتيجي يهدف من ورائه العراق إلى محاصرة الولايات المتحدة الأميركية اقتصادياً مثلاً؟
فيتالي نعومكن: لا أظن إنه.. طبعاً أولاً هذا الاتفاق له طبعاً بعد استراتيجي من.. من الجانب العراقي ومن الجانب الروسي، وهذا أيضاً استمداد ومتابعة لكل الصفقات التي تمت بين روسيا والعراق أثناء هذه المدة الطويلة، فروسيا معروفة بأنها يعني ترى أهمية خاصة في بناء علاقات وطيدة تجارية وشعبية مع العراق، ولذلك أرى أن هذا البعد الاستراتيجي ليس في محاصرة الولايات المتحدة الأميركية، ولكن في بناء علاقات جيدة، وتعزيز هذه العلاقة الروسية العراقية، وأظن أن العراق.. الدبلوماسية العراقية ستستعمل هذه.. هذه العلاقة مع روسيا، طبعاً لمنع الولايات المتحدة الأميركية من ضربة العراق.. أو من ضرب العراق، أو من القيام بهذه العملية العسكرية.
جمال ريان: لكن لا نعلم إذا كانت يعني روسيا لم ترضخ لأية تهديدات أميركية، ولن تقدم تنازلات.
[فاصل إعلاني]
جمال ريان: الآن نبقى مع سيد نعومكن حقيقة، سيد نعومكن، يعني قلت بأن هذا الاتفاق له بعد استراتيجي، ولكن لابد وأن العراق ينتظر من موسكو بالمقابل شيئاً ما، مثلاً دعماً سياسياً، معنوياً، دبلوماسيا، داخل مجلس الأمن بصفة خاصة، هل ترى بأن روسيا باستطاعتها أن تقوم بذلك وأنها لن تخضع لأية تهديدات أو.. أي.. أي.. تقدم أية تنازلات في هذا المجال للولايات المتحدة؟
فيتالي نعومكن: أنا فقط آمل أن روسيا لن تخضع لأية تهديدات أميركية، لأن الدبلوماسية الروسية عبرت أكثر من مرة عن رأيها، مثلاً يمكن أن نشير إلى رأي الدبلوماسية الروس والسياسيين الروس بأن مثلاً ملفات.. الملف النووي والملف الكيمياوي والبيولوجي، كل هذه الملفات مغلقة في العراق، وليس هناك مبرر لأي مثلاً هجوم أميركي على العراق، أيضاً العراق لم يتورط بدعم أي نشاط إرهابي، مثلاً لا في الغرب ولا.. ولا في الشرق، ولذلك ليس هناك أي مبرر في رأي روسيا للقيام بهذه الضربة و.. بهذا الضربة، أو بهذه العملية، ولذلك أيضاً من ناحية القانون الدولي، القانون الدولي أيضاً لا يسمح بهذا العمل الأميركي دون أخذ الرأي.. رأي الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وأظن أن روسيا في مجلس الأمن عند مناقشة هذه القضية ستكون مصممة على يعني عدم دعم أي يعني قرار بهذا الصدد.
جمال ريان: نعم.. معنا طبعاً في.. في الأستوديو يعني الدكتور محمد السعيد إدريس، يعني هل ترى دكتور أن هذه الصفقة يمكن أن نقول بأنها عودة مرة أخرى إلى سنوات الحرب الباردة؟ لاعتبارات عدة، يعني إنه هذا التعاطي الروسي مع دول تسميها الولايات المتحدة دول محور الشر، العراق، إيران، كوريا، وغيرها، هل ترى بالتالي هذه الصفقة، وهذه الصفقات تشكل فعلاً صدمة لواشنطن وهي بداية تصدع التحالف الدولي ضد ما يسمى بالإرهاب أيضاً؟
د. محمد السعيد إدريس: أولاً خليني أقول لك يا ريت.. أحكي لك مصري يعني.
جمال ريان: نعم.
د. محمد السعيد إدريس: يعني يا ريت تكون هذه السياسات مدخل بعودة جديدة إلى سياسة الحرب الباردة، ولكن الواقع مختلف تماماً، الواقع الآن، في ناحية روسيا، روسيا أضعف من أن تتصدى للسياسة الأميركية، السياسة الأميركية وصلت إلى ما نسميه البطن الرخو لروسيا، إلى بحر قزوين، وعقدت صفقات، ليس فقط صفقات نفطية مع أذربيجان ومع ودول أخرى من دول كانت في ويوم من الأيام جزء من الاتحاد السوفيتي تحت القيادة الروسية، ولكن أيضاً أنشأت مراكز للمخابرات الأميركية في هذه الدول، وتتواجد عسكرياً في بعض هذه الدول منذ الحرب ضد طالبان، بمعنى أن هناك جنوب روسيا مباشرة نفوذ أميركي متصاعد يهدد الأهداف الوطنية لروسيا، أين روسيا من هذا كله؟ لا تستطيع أن تواجه، الرئيس الروسي عودنا أنه في كل مرة يضغط عليه يقدم تنازلات، هذا بالنسبة لروسيا، ربما روسيا حتى الآن صمدت إلى حد ما بالنسبة لإيران، هناك صفقات عسكرية مهمة جداً بالنسبة لإيران، هناك مفاعل نووي مدني يبنى في (بوشهر) روسيا، تبني هذا المفاعل، وعقدت صفقة كبيرة جداً مؤخراً مع إيران شبيهة بالصفقة العراقية.
ولكن الأمر من الجانب الآخر، الجانب الأميركي مختلف تماماً، بمعنى أن الولايات المتحدة هذه المرة تريد أن تدخل حرب ضد العراق لتحقيق الأهداف التي لم تستطع أن تحققها من حرب الخليج الثانية. الولايات المتحدة حريصة هذه المرة أن تدخل الحرب وحدها، وهذا هدف أميركي، بمعنى أن الدولة العظمى لا تكون عظمى أبداً إلا إذا استطاعت أن تفعل ما تريد، وقتما تريد، وأينما تريد، إذا عجزت الولايات المتحدة..
الدبلوماسية العراقية النشطة وحشد التأييد العالمي لمواجهة التهديدات الأميركية
جمال ريان [مقاطعاً]: من الواضح دكتور، عفواً أنك يعني أنت تصر على أن الضربة قادمة، ولكن يعني هذه الجهود التي يبذلها العراق، التعاطف الدولي، المواقف إن كانت عربية إقليمية، دولية ضد ضربة محتملة للعراق، هل تعتقد بأنها يعني ستنجح، أم أنها ستفشل، أم أنها ستؤجل مثلاً هذه الضربة؟
د. محمد السعيد إدريس: لأ، أنا لا أقول أن الضربة قادمة، وأن الولايات المتحدة الأميركية لا تعطي اهتماماً لما يحدث حولها، ولكن هناك ظروف معينة إذا حدثت لا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل هذا الجرم الذي ينتظر العراق، إذا استطاعت الدول النافذة في النظام العالمي أن تقف ضد الولايات المتحدة، بمعنى إذا استطاعت روسيا مع بريطانيا وفرنسا.. أقول دعنا من بريطانيا، مع فرنسا إلى أن تقود المعركة إلى داخل مجلس الأمن، وإذا استطاعت الدول العربية أن تدعم هذا الاتجاه، ووضع مجلس الأمن وكيان الأمم المتحدة كله أمام مسؤولية أن لا يصدر قرار بالحرب ضد العراق إلا بقرار من مجلس الأمن، هذه خطوة أولى.
الخطوة الثانية: أن تلتزم روسيا باستخدام الفيتو ضد إصدار قرار بتوجيه ضربات عسكرية للعراق، يجب أن نتذكر أن كل القرارات التي صدرت ضد العراق منذ سنة 90 حتى الآن صدرت بموافقة روسية، وموافقة فرنسية، وموافقة بريطانية، وحتى موافقة صينية..
علينا أن نسعى أولاً: تكتيك العراق يجب أن. العراقي العربي، أولاً يجب أن نقود المعركة من معركة التفرد الأميركي بقيادة النظام العالمي إلى معركة، العودة إلى الشرعية الدولية مرة أخرى، العودة إلى مؤسسة النظام الدولي، وهي الأمم المتحدة، بمعنى أن يصبح القرار قرار الأمم المتحدة، وليس قرار أميركا، أميركا ليست حكومة عالمية بأي حال من الأحوال.
الأمر الثاني أن يكون هناك علاقة قوية جداً وقرارات ستراتيجية مع روسيا ومع فرنسا بالذات، وأيضاً مع الصين، هناك مصالح يجب أن تلعبها كل الدول العربية، ليس فقط العراق، ولكن مصر، و السعودية، وتركيا أيضاً، وإيران، الموقف الإيراني موقف مهم جداً، علاقة قوية جداً مع الصين، مصالح استراتيجية عربية إقليمية مع الصين يجب أن تجعل القرار الصيني مع القرار الروسي مع القرار الفرنسي لرفض توجيه أي ضربة أن..
جمال ريان: والعراق يتحرك.. نعم.
د. محمد السعيد إدريس: عندئذٍ.. عندئذٍ يجب أن يكون للعراق مواقف أخرى، بمعنى إذا طلبت هذه الدول من العراق.. يعني الموقف الفرنسي الآن لا يدين إدانة كاملة إمكانية استخدام القوة ضد العراق، ويبقى القرار، يبقى إمكانية توجيه ضربة للعراق، و لكنه يقول يجب أن يسمح العراق بعودة المفتشين، يعني المطلب الأساسي الآن هو عودة المفتشين، إذا أمكن خلق تفاهم بين العراق وهذه الدول التي تقف الآن ضد الضربة العسكرية بأنه إذا وافق العراق على عودة المفتشين لن تكون هناك ضربة عسكرية، فأنا أقول أولاً يجب أن يصدر قرار من مجلس الأمن يجدد ضمانات واضحة ومحددة بأنه في حالة موافقة العراق على قرار عودة المفتشين يجب أن يؤمن مطلبين للعراق:
المطلب الأول: عدم توجيه ضربة عسكرية للعراق،
المطلب الثاني: فك الحصار المفروض على العراق.
جمال ريان: نعم و.. ونتوجه إلى مندوب العراق في الجامعة العربية الدكتور محسن، استمعت إلى ما قاله السيد محمد السعيد إدريس، ما هي تلك الجهود التي بذلها العراق حتى الآن؟ وكم هو مطمئن من موقف روسيا في مجلس الأمن؟ هل هو أيضاً مطمئن من موقف دول الجوار في أن تدعمه ضد أي ضربة محتملة قد توجه إليه في المستقبل؟
د. محسن خليل: نعم، حقيقة اللي اتفضل به الأخ الدكتور محمد سليم، وأنا أعتقد أن الجهود التي بذلها العراق هي جهود مهمة وأساسية في يعني طرح موقفه بشكل وضح ومقبول، والتركيز على فك التداخل الذي نجحت الإدارة الأميركية بين.. أقصد التداخل بين الخنادق الذي.. التي نجحت الإدارة الأميركية في تحقيقه في المرحلة السابقة، ومن هنا من بين.. نجد أن من بين أهداف التحرك الدبلوماسي العراقي هو أن يفك هذا التداخل في الخنادق، وأن يمنع خلط الأوراق مرة أخرى، وبالتالي أن يضع النقاط على الحروب أمام الرأي العام الدولي، هذا ما فعله في جولات الحوار التي دخلها مع الأمين العام للأمم المتحدة، وهي ثلاث جولات، وأعتقد تابعتم وتابعنا جميعاً هذه الجولات التي وضعها الأمين العام بأنها كانت بناءه ومفيدة وإيجابية، أهم ما في هذه الجولات أن الحوار.. أن العراق دخل الحوار مع الأمين العام على قاعدة أن يكون هذا الحوار شامل ومفتوح وغير مشروط، وأن يكون هدفه الوصول إلى تسوية شاملة، وإلى جانب ذلك أن تكون مرجعية هذا الحوار ميثاق الأمم المتحدة، القانون الدولي، قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأن لا تكون الأجندة السياسية لهذه الدولة أو تلك –وفي مقدمتها الولايات المتحدة- هي الأساس الذي تتصرف على أساسه الأمم المتحدة في حوارها مع العراق، وفقاً لهذه الأسس العراق استطاع..
جمال ريان: دكتور محسن سنتابع.. سنتابع يعني هذا المحور بالتحديد.
[موجز الأخبار]
جمال ريان: نواصل مع الدكتور محسن خليل، محسن.. دكتور محسن، يعني تحدثت عن جهود العراق التي تبذل على الصعيد الدولي، ولكن لم تقل لي إلى أي مدى العراق مطمئن إلى دول الجوار، إلى تركيا، إلى دول الخليج، إلى سوريا، إلى إيران في وقوف هذه الدول إلى جانب العراق لوقف.. لاحتمالات يعني قيام الولايات المتحدة.. في حال قيام الولايات المتحدة بضربة، هل العراق مطمئن إلى أن هذه الدول ستبقى ثابتة على مواقفها؟
د. محسن خليل: نعم أستاذ جمال، دعني بس أكمل العبارة اللي بدأت بيها حول الحوار مع الأمم المتحدة، وأضيف فقط هكذا باختصار شديد أن هذا الحوار طبقاً للمرجعيات التي أشرت إليها دعي الأمين العام إلى أن يتم تناول كل الملفات العالقة بين العراق والأمم المتحدة في إطار تسوية شاملة، بضمن ذلك قضية المفتشين، وفي إطار المفتشين العراق طرح موضوع على الأمين العام وعلى فريق الخبراء الذين معه وقال: أن هذا الموضوع فيه سابقة، فيه تجربة سبع سنوات وسبعة أشهر من عمل فرق التفتيش أنجزت مهامها خلال هذه الفترة، طيب بصرف النظر عن وجهة نظرنا، نحن نعتبر فرق التفتيش أنهت مهمتها في العراق، لكن بصرف النظر عن وجهة النظر هذه، قلنا للأمين العام: هناك تجربة مدتها 7 سنوات دعونا نقيم هذه التجربة، ما الذي أنجزته؟ وما الذي تبقى منه؟ ثم إذا كنتم تعتقدون أن هناك ما تبقى من مسائل تتعلق بنزع السلاح، دعونا نتفق على آلية لإنجاز ما تبقى وتحديد سقف زمني لذلك، هذا جانب.
الجانب الثاني: أن يتم تناول هذا الموضوع في إطار معالجة كل الموضوعات أو الملفات المعلقة مع الأمم المتحدة وألا تكون الأجندة.. أجندة الأمم المتحدة وأجندة المرجعية.. مرجعية القرارات أجندة سياسية أميركية، من هنا قلنا يجب أن نحرص على تطبيق القرارات بشكل شامل، ورغم قناعتنا أن القرارات فيها تعسف وفيها جور وظلم، وبعضها صدر على أساس باطل وفاسد باعتراف (جيمس بيكر) في كتابه الخاص في مذكراته، يقول برغم كل ذلك قلنا يجب أن تتم التسوية على أساس قرارات مجلس الأمن، في هذه القرارات فيها التزامات العراق، وفيها حقوق العراق، في مقدمة حقوق العراق رفع الحصار، وقف العدوان الجوي اليومي المسلح الأميركي على العراق، إلغاء مناطق حظر الطيران، وقف الأعمال التي تنتهك سيادة العراق، وهو نص أصرت عليه أكثر القرارات الصادرة من مجلس الأمن أنه يجب على الدول الأعضاء احترام سيادة العراق، أيضاً لابد من مراعاة الأمن الإقليمي، وأعني به أنه تطبيق الفقرة 14 من قرار 687 التي نصت على أن نزع سلاح العراق الشامل هو جزء من عملية جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، إذاً كل هذه العناصر هي التي تشكل أساس التسوية الشاملة بين العراق والأمم المتحدة، نحن حرصنا على التسوية لماذا الشاملة؟ ليس من منطلق الصفقات كما يروج البعض، أو من منطلق أن العراق يضع شروط، أبداً نحن حريصون على المنهج الشامل في التسوية، لأنه يضع نهاية للتدخل الأميركي في شؤون العراق الداخلية وفي شؤون المنطقة ويغلق الأبواب أمام الأميركان لكي لا يستمروا في ابتزاز دول المنطقة.
الانتقائية التي تحرص عليها الولايات المتحدة والتركيز على ملف المفتشين تارة وملف العراق تارة هو مقصود منها إبقاء هذا الملف العراقي مفتوح وبالتالي إبقاء الباب أمام التدخل الأميركي في شؤون العراق الداخلية وتهديد وحدته ثم تهديد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
أرجع إلى سؤالك الآخر وهو: إلى أي مدى نطمئن إلى روسيا وإلى دول الجوار؟ وإلى الدول العربية؟ بالنسبة لروسيا لا نستطيع أن تحدث نيابة عن الروس، نحن ننظر باحترام إلى أي موقف يصدر من روسيا أو من غيرها من الدول الأخرى الصديقة وفي العالم، ننظر إلى أي موقف يقترب من الشرعية الدولية ومن الإنصاف والعدل تجاه القضية العراقية، ولا نستطيع أن نطالب الدول بأن تتصرف بأكثر مما تتحمل أو أن تتصرف كما لو أنها وكيلة أو نائبة عنا، لكننا ننظر بتقدير واحترام إلى أي خطوة متقدمة تصدر من روسيا، وأنا أعتقد أن الموقف الروسي الرافض للضربة العسكرية موقف يحظى باحترامنا، وهو موقف مهم.
القول بأن الولايات المتحدة تستطيع أن تذهب إلى العدوان على العراق رغم المعارضة الدولية والعربية الشاملة هو قول يحتمل الكثير من الواقعية، نعم، تستطيع أن تذهب، لأنها تخضع لمنطق أشار له الدكتور محمد هو منطق الدولة الإمبراطورية والمنطق الإمبراطوري يتصرف على أساس أنه يأمر فيطاع، والدولة العظمى لا تمرر مصالحها عبر الحوار وعبر المشاركات، وإنما باستخدام القوى الشاملة والمسلحة، نعم، ولكن لا تستطيع العصر الإمبراطوري الروماني ليس هو كالقرن الحادي والعشرين وعلى الرغم من انفراد الولايات المتحدة بموقع الدولة الأولى لا تستطيع أن تملي رغبتها على الكرة الأرضية وعلى شعوب الأرض، شعوب صغيرة والعراق واحد منها وشعب فلسطين والشعب في صربيا ويوغسلافيا، شعوب تستطيع أن تقاوم، لو القول بأن القوة الغاشمة لا يمكن أن.. أن تجابه إلا بقوة بمستواها لوضعنا أنفسنا أمام منطق مختل وخالفنا حتى سنن التاريخ، القوى الصغيرة تستطيع أن ترتدع وتبتكر وسائلها في المقاومة وتستطيع أن تستنزف القوة العظمى، ومن هنا أقول أن الولايات المتحدة في هذه اللحظة المعروفة من تاريخ تطور العلم المعاصر، وفي ظل النضج الحضاري الذي وصله العالم لا تستطيع أن تتجاهل إرادات ومواقف دول العالم كاملةً، ولذلك أنا أعتقد بأن الموقف الروسي مهم.
الموقف التركي من التهديدات الأميركية ضد العراق
جمال ريان: ولكن لنرى يعني.. دكتور.. دكتور، يعني معنا الآن حسن كوني وهو (مستشار الأمن القومي التركي في أنقره). سيد حسن، ما هو موقف تركيا من احتمال توجيه ضربة إلى العراق وماذا بإمكان تركيا أن تفعل لوقف هذه الضربة؟
حسن كوني (مستشار الأمن القومي التركي – أنقره): إن تركيا هي ليس ضد.. هي تركيا أيضاً ضد التدخل العسكري وفي هذا التوقيت بالذات ولاعتقاد منها لأن مثل هذا التدخل العسكري سيزعزع الاستقرار في المنطقة، وتركيا وبلدان أخرى في المنطقة ستعاني من زعزعة الاستقرار هذه، وكذلك فبدلاً من التبادل والتعاون الاقتصادي هناك ميل لشن الحروب، وكما كان الحال على مدى خمسين عاماً كان هناك تعاون أيضاً، وهناك قضايا أخرى تدعو إلى احترام حرمة أراضي وسيادة العراق وأي إخلال بذلك سوف يخل بهذه المعادلة ويزعزع الاستقرار، وفي نفس الوقت إذا كان العراق يحترم ويمتثل لقرارات الأمم المتحدة لماذا لا نعمل من أجل إحلال السلام معه؟ فالآن كل شيء تغير وحتى العلاقات الدولية تتغير والمناطق المحيطة بإقليمنا ومنطقتنا تتطلع نحو السلام في هذه المنطقة.
جمال ريان: ولكن يُقال بأن مخاوف تركيا هي تنبع من احتمال قيام دولة كردية في شمال العراق، وأن هذا يضر بأمن تركيا القومي، من هنا تنطلق، هل هناك اعتبارات اقتصادية أيضاً؟ وهل في.. تعتقد أن في نية تركيا إبرام صفقات اقتصادية مع العراق، الآن أقصد؟
حسن كوني: أكيد، قبل حرب الخليج كانت صادرات تركيا بحدود 30 مليار دولار، بعد حرب الخليج انخفض ذلك إلى مليار ومائتي مليون دولار، والآن مقابل هذا الانخفاض نضطر إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ولو استمر هذا الوضع فإن صادرات تركيا ستتأثر، بينما إذا عاد الوضع إلى طبيعته السابقة ستزداد صادراتنا إلى 30 مليار، إذاً فبسبب الوضع الحالي خسرت تركيا أكثر من 35 مليار دولار كخسائر اقتصادية بسبب استمرار العقوبات ضد العراق، ولا يستطيع أحد أن يعوضنا عن مثل هذه الخسائر، وبهذا السبب نحن نعاني من الأزمة الاقتصادية، وبسبب وجود أنبوب.. أنابيب واحد فقط يمر عبر الأراضي التركية والذي كان شبه مغلق، والآن هو شبه مفتوح، فنحن إذاً نخسر الكثير بسبب فقدان مسألة الطاقة والنفط أيضاً، إذاً فإن من الناحية الاقتصادية الخسارة كانت كبيرة لتركيا.
جمال ريان: حسن.. حسن كوني (مستشار الأمن القومي التركي في أنقرة) شكراً لك.
نذهب إلى موسكو حيث معنا الدكتور نعومكن.
دكتور، يعني معروف بأن يعني النظام السياسي في.. في روسيا في هذه المرحلة، وهكذا يقول الكثيرون يتسم بالبراجمانية، علاقات المصالح، مبني على العلاقات المصلحة بالدرجة الأولى وليس لغة العواطف وغير ذلك، ما الذي يحفز تركيا فعلاً على الوقوف إلى جانب العراق في هذه المرحلة وفي حال فعلاً توجيه ضربة للعراق؟
حقيقة الموقف الروسي من احتمال ضرب العراق
فيتالي نعومكن: قبل كل شيء أريد أن أقول إنني وجدت خطأين في حوارنا هذا.
أولاً: لماذا نتكلم عن توجيه ضربة؟ يجب أن نتكلم عن إمكانية حدوث حرب، أميركا تهدد العراق بالحرب ليس بالضربة فقط، هذا حرب ضد العراق أولاً.
وثانياً: لماذا نتكلم فقط عن المصالح؟ يجب أن نتكلم عن المبادئ، فروسيا تنطلق من مبادئ وليس فقط من المصالح، ولو.. فلو لم.. ولو لم تكن هناك أي اتفاقية تجارية بين روسيا والعراق إطلاقاً لكانت روسيا ضد يعني هذه الضربة وضد هذه الحرب ضد العراق، لأن ليس هناك أي مبرر، ربما اليوم مثلاً العراق يتعرض لهذه الضربة أو لهذه الحرب، وغداً يعني أي دولة أخرى، وحقيقة هناك بعض.. بعض الاستراتيجيين.
جمال ريان: دكتور نعومكن.. الدكتور.. الدكتور محمد.
فيتالي نعومكن: نعم.
جمال ريان: دكتور نعومكن، يعني الدكتور محمد يهز برأسه لا يتفق معك بأن القضية هي قضية يعني مبادئ، القضية قضية مصالح، هل ترى ذلك دكتور؟
د. محمد السعيد إدريس: لأ.. يعني أنا.. أنا كنت أتمنى أن تكون القضية.
فيتالي نعومكن: مع بعض.. مع بعض.
د. محمد السعيد إدريس: أنا كنت أتمنى أن تكون القضية بالنسبة لروسيا قضية مبادئ، ولكن أعتقد أن القضية لم تعد منذ زمن طويل لها أي علاقة بالمبادئ وأن الأوضاع الداخلية في روسيا والأزمات الداخلية في روسيا جعلتها تنقلب حتى في الأيام الأخيرة من عمر الاتحاد السوفيتي انقلبت على كل المبادئ التي نحن كنا نشارك الاتحاد السوفيتي في هذه المبادئ، والدور اللي قام به الاتحاد السوفيتي في نهاية عمره، وثم دور روسيا فيما بعد هو دور يعني يعاني منه العراق الآن ويعاني منه الشعب الفلسطيني بمعنى أن لو أن هناك موقف روسي حقيقي كان يمكن أن يوقف الولايات المتحدة قدر ما عن سياسة التسلط العدوانية، وأنا لا أقول أن أميركا تريد تحارب العراق، تريد أن تغزو العراق وتضيع المنطقة كلية.
فيتالي نعومكن: ولماذا لا يوجد هناك رأي عربي حقيقي؟
جمال ريان: نعم دكتور نعومكن.
فيتالي نعومكن: لماذا لا يوجد هناك رأي عربي حقيقي؟ لماذا لا يوجد هناك بالمقابل رأي عربي حقيقي في رأي السيد محمد؟
د. محمد السعيد إدريس: لأ لأن.. لأن الوضع العربي ليس أفضل من الوضع الروسي للأسف، أنا لا أدافع، لأن الوضع العربي لا يستحق أن يُدافع عنه الآن لا على المستوى الرسمي ولا على المستوى الشعبي، بمعنى أن الخطر قادم على الأمة العربية، وسوف ندفع ثمناً غالياً إذا لم يكن لنا موقف، وأيضاً الخطر قادم على روسيا، إذا لم تعد روسيا إلى لغة المبادئ بشكل جاد، فيعني مصالح روسيا كلها يتم تقويضها من جنوب روسيا في جمهورية آسيا الوسطى، إلى تركيا، إلى الخليج، إلى الشرق الأوسط، بحيث إن كل المجال الحيوي للنفوذ الروسي والمصالح الروسية تتداعى أمام تآكل القوة الروسية العالمية وأمام يعني عدم التزام روسيا بمبادئ سبق أن روجت لها في العالم، وسبق أن صدقناها.
جمال ريان: ولكن يقال سيد نعومكن.. سيد نعومكن
فيتالي نعومكن: يا أستاذ محمد، روسيا الآن لا تسعى إلى النفوذ.
جمال ريان: سيد نعومكن، يعني يقال الآن بأن روسيا تراهن
فيتالي نعومكن: روسيا الآن، نعم.
جمال ريان: تراهن على تضخم موجة العداء العربي لواشنطن وكذلك تحول العرب والمسلمين في اتجاه أوروبا وروسيا وأن ذلك ربما أن الأميركيين لم يحسبوا حسابه، هل تتفق مع هذا الطرح؟
فيتالي نعومكن: لأ، أنا قبل كل شيء أظن أنه إذا عدنا إلى العراق لأننا نناقش قضية العراق الآن، لأن الوضع خطير جداً، وهناك إجماع لأول مرة ربما في السنوات الأخيرة هناك إجماع على هذه النقطة في النقطة للسياسة الخارجية، هناك إجماع على أن هذه الحرب ضد العراق ليس أي مبرر لها، وهناك إجماع على مستوى الرأي الشعبي وعلى مستوى الحكومة، ولذلك لماذا نقارن بين الموقف من العراق والموقف من الوجود الأميركي في آسيا الوسطى؟ الوجود الأميركي في آسيا الوسطى في مصلحة روسيا، لأنها.. لأن هذا الوجود يساعد على مثلاً.. مثلاً حرمة الحدود الخارجية لدول آسيا الوسطى، هي دول ليست دول تابعة لروسيا، روسيا لا تسعى إلى يعني بسط نفوذها إلى آسيا الوسطى، لم تعد تقوم بمثل هذا النفوذ
د. محمد السعيد إدريس: لماذا.. لماذا لو سمحت لي.. لماذا لا نقارن الموقف الروسي من العراق بالموقف الروسي من فلسطين؟ يعني لو هناك مبادئ حقيقية كانت روسيا وقفت مع الشعب الفلسطيني في نضاله ضد إسرائيل، ولكن روسيا ربطت ما يحدث من مقاومة وطنية للشعب الفلسطيني ضد الصهيونية في.. في فلسطين بقضيتها في الشيشان، لم تؤيد المقاومة الوطنية الفلسطينية ضد إسرائيل خشية أن تدفع الثمن في الشيشان، وهناك انتهازية شديدة في السياسة الروسية بالنسبة لهذا الموضوع، فأين المبادئ من روسيا؟
جمال ريان: إذاً القضية قضية مصالح، هل ترى ذلك وتسلِّم به سيد نعومكن.. دكتور نعومكن؟
فيتالي نعومكن: لأ.
جمال ريان: لا تسلِّم.
فيتالي نعومكن: أنا لا أتفق.. لا أتفق مع السيد محمد في هذا الرأي، وأظن أنه هناك آراء مختلفة في المجتمع الروسي.
جمال ريان: طيب العراق.. مندوب العراق في.. في.. في الجامعة العربية، يعني هذه المصلحة بين العراق.. وبين بغداد وموسكو ماذا يؤمل العراق من ورائها؟ يعني هناك الآن مصالح اقتصادية في طريقها ربما مع دول أخرى غير.. غير روسيا، ماذا يعوِّل العراق من وراء ذلك؟
د محسن خليل: يعني علينا أن نعترف أن العلاقات بين العراق وروسيا أساساً علاقات ذات بعد تاريخي وأن الصداقة والمصالح المشتركة قديمة وتمتد إلى عدة عقود سابقة على الظرف الخاص الذي يعيشه العراق على المستوى الدولي.
أما الأهداف الحقيقية أنا أقول لك أن المنهج العراقي الآن في تفعيل المسألة الاقتصادية في علاقاته الدولية هدفه أن ينتشر مع كل الفرص المتاحة أمامه على المستوى الدولي وعلى المستوى العربي بهدف أولاً يعني تفكيك الحصار من الناحية العملية، إضعاف الحصار من الناحية العملية، كلما اتسعت علاقات العراق الاقتصادية والتجارية وامتدت على مساحات واسعة كلما بدأ الحصار يتآكل ويضعف تأثيره على الاقتصاد العراقي وعلى الحياة العراقية، في هذا الإطار تقع.. يقع الاتفاق مع روسيا.
من ناحية أخرى بلا شك أن المصالح الاقتصادية هي أداة من أدوات السياسة الخارجية، وهذه ليس بدعة عراقية أو اختراع عراقي تمارسها كل دول العالم، وأكثر من يمارسها بصرامة شديدة هو الولايات المتحدة، ولا تُعفى الدول الأخرى قاطبة من استخدام هذه الورقة، الولايات المتحدة تستخدم القمح الذي هو غداء وضروري لبقاء الشعوب على قيد الحياة كأداة من أدوات السياسة الخارجية، نحن لا نستخدم –كدولة صغيرة- لا نستخدم المصالح الاقتصادية بهذا المعنى، نحن نعمق الروابط التاريخية.. نعمق العلاقات الإيجابية والطيبة التي تجمعنا مع بعض الدول الصديقة والدول الأجنبية وأيضاً نعزز عملية التكامل الاقتصادي على المستوى العربي، وأعتقد على المستوى العربي لدينا أيضاً توجه لهذا الاتجاه، ولكنه على الإطلاق لا يقع في إطار الصفقات، إنما يقع في إطار أن السياسة الخارجية مداخلها متعددة، والمصالح الاقتصادية واحدة من هذه المداخل مثلما التكنولوجيا والثقافة والموقف السياسي وما إلى ذلك كلها تشكل مداخل للعلاقات الدولية.
بالنسبة للموقف العربي نحن نعتقد بأن الموقف العربي الرسمي موقف مسؤول، وأعلن بشكل واضح وصريح وحازم أنه ضد العدوان الأميركي على العراق، وأعتقد هذا الموقف منسجم مع النفس ومنسجم مع ما أقرته الدول العربية في قمة بيروت في مارس الماضي عندما وافقت بالإجماع على قرار جاء فيه بأن الدول العربية ترفض رفضاً مطلقاً أي عدوان على العراق وتعتبره إن وقع عدواناً على الأمن القومي لكل الدول العربية.
جمال ريان[مقاطعاً]: ولكن هذا يعني هذا.. هذا نسمعه
د. محسن خليل: الدول العربية الآن أصبحت…
جمال ريان: هذا.. هذا نسمعه الآن، ولكن نحن نريد الفعل، يعني عندما نتحدث عن الفعل نريد فعلاً
د. محسن خليل: تسمح لي يا أخ جمال.. تسمح
جمال ريان: معلش أنا أريد حول هذا المحور.
د. محسن خليل: بس لحظة..
حقيقة الموقف العربي الرافض لضرب العراق
جمال ريان: أن أسمع تعليق الدكتور محمد المسفر (أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر)، يعني ماذا دكتور.. دكتور.. دكتور مسفر، ماذا باستطاعة العرب أن يفعلوا إذا ما اتُخذ قرار الحرب -كما أراد الدكتور نعومكن أن يطلق عليه بدل من توجيه ضربة إلى العراق- ماذا بإمكان الدول العربية أن تفعل؟
محمد المسفر (أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر – الدوحة): أنا أتفق جداً مع نعوم عندما قال أنه هناك عدوان على العراق وليس ضربة موجهة للعراق، لأن الضربة قد تكون لمدة ساعة ساعتين، وأما العدوان المرتقب على العراق فقد يستمر أشهر، وقد يستمر سنوات، والله العليم بنتائجه الوخيمة على هذه الأمة كلها.
العرب -يا سيدي- يستطيعون يفعلون الكثير والكثير جداً، وأهم نقطة عندي هي هذا الموقف أن العرب يستطيعون بدلاً من الاعتراف أو الرفض من العواصم العربية الذي سمعناه الأيام الأخيرة أن يرفضون أي عدوان تشنه الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيين على العراق، أن يتطور هذا الأمر، وأن يعلنوا بكل جلاء ووضوح أمام شعوبهم وأمام الله -عز وجل- بأنه أي عدوان على العراق من أي جهة كانت يعتبر عدواناً على العرب، يعتبر عدوان على كل قطر عربي قائماً بذاته، لأن الولايات المتحدة لم تخبي هذه الظاهرة، قالت إنها ستبدأ بالعراق، وهددت المملكة العربية السعودية في أمنها ومالها ووحدتها وتراثها ومكانتها، وبالعكس بعد زيارة الأمير بندر للرئيس (بوش) في مزرعته الخاصة رأينا الذين انطلقوا من الإدارة الأميركية بتهديد المملكة السعودية، ويقولون بأنه..، إذاً العدوان على العراق هو بالضرورة الحتمية المطلقة عدوان على المملكة العربية السعودية طال الزمن أم قصر، كذلك بالنسبة لمصر، ورأينا أنهما الآن يتبارون على إيقاف الدعم الاقتصادي أو الدعم أو المعونة التي تقدمها الولايات المتحدة وقدرها مليار أو 2 مليار ونصف دولار، أنهم الآن بصدد إيقافها لأنها لم تقف مع الولايات المتحدة الأميركية، كذلك سوريا والأردن وغيرها.
ونحن الآن ندخل في صدد لماذا.. لماذا روسيا وقعت اتفاقية اقتصادية بـ 40 مليار دولار؟ هل هي رشوة؟ هل هي كذلك؟ لكن أنا أعتقد أن هذا الكلام خارج الإطار، لأن هناك جار أيضاً للعراق وقع للتو أو لغداً بكره الصباح سيوقع عقد سلاح بمقدار أكثر من 2 مليار دولار في مواجهة ماذا؟ في مواجهة عدوان مرتقب على دولة شقيقة عضو في جامعة الدول العربية.
أستاذ جمال، أيضاً عندنا الكلام والحديث عن عودة المفتشين عودة المفتشين أعتقد أنهم خرجوا بإرادتهم ولم يخرجوا بسلطة عراقية على الإطلاق وبعد خروجهم شنت الولايات المتحدة بمعونة بريطانية هجوم على العراق رأينا نتائجه فيما بعد.
جمال ريان: إذاً المبررات جاهزة.. بغض النظر عن التزام العراق أو عدم التزام العراق يعني، شكراً لك دكتور مسفر.
دكتور، يعني واضح بأنه الجميع يعني يجمع وخاصة الكثير من المراقبين والمحللين على أنه مهما بذل العراق من جهد، مهما قدَّم من تغيير في خطابه الرسمي أو غير ذلك وحتى على لسان أحد مساعدي الرئيس الأميركي (جورج بوش) قال: القضية ليست قضية مفتشين القضية هي قضية تغيير النظام نفسه، هل ترى بأن يعني مثلاً تعاظم حجم الأصوات الدولية التي ترفض يعني قيام حرب قد تدفع ربما إدارة الرئيس بوش، وقد تحملها على إعادة النظر في كثير من الحسابات، في كثير من ردود الفعل التي تخرج من هنا وهناك، عربياً، إقليمياً، وأوروبياً؟
د.محمد السعيد إدريس: يعني أولاً أنا أرى أن هناك أهداف ومصالح أميركية كبيرة جداً من الغزو القادم للعراق. الولايات المتحدة تريد أن تجتاح العراق، والقوات العسكرية الأميركية التي ستأتي إلى العراق لن تترك العراق قريباً، لأنها قادمة لإعادة ترتيب المنطقة مرة أخرى، وهناك حديث في الولايات المتحدة الأميركية عن ضرورة (سايكس بيكو) جديدة تنظم الشرق الأوسط بما يتوافق مع العلاقات الأميركية الإسرائيلية أو بما يتوافق مع الدور الإسرائيلي القادم في المنطقة، ومن هنا نفهم لماذا الاندفاع الإسرائيلي الراهن في توريط الولايات المتحدة الأميركية في حرب ضد العراق، هناك.. ولكن أعتقد…
جمال ريان[مقاطعاً]: لكن هل.. هل تعتقد.. هل تعتقد أن يعني تكلفة مثلاً هذه الحرب، وما بعد الحرب
د.محمد السعيد إدريس: لأ هذا أثاره، نعم، صحيح.. صحيح.
جمال ريان: هل يمكن للإدارة الأميركية أن تقوم بذلك لوحدها؟
د.محمد السعيد إدريس: لأ، يعني هو أولاً الولايات المتحدة الأميركية دولة عاقلة ورشيدة رغم كانت.. رغم إن منطق القوة الراهن يذهب المنطق الرشيد في الحسابات، ولكن أعتقد أن لو الولايات المتحدة الأميركية أدركت أنها سوف تدفع ثمناً غالياً على أي تورط ضد العراق سوف تتردد كثيراً، وحتى الآن قبل أن تظهر المقاومة العربية والمقاومة الأوروبية للسياسة الأميركية بدأت تظهر أصوات داخل الولايات المتحدة الأميركية تطالب بالتوقف عن هذا الاندفاع، وترى.. وهناك تساؤلات يعني أحد الكتَّاب الأميركيين بيتساءل إن حرب الخليج الثانية كلفت.. كلفت 60 مليار دولار، الدول الحليفة دفعت الجزء الأكبر منها، هذه الحرب التي تريد أميركا أن تخوضها سوف تتكلف على الأقل 100 مليار دولار، لن يدفعهم أحد غير الولايات المتحدة الأميركية، ولذلك هناك تردد كبير داخل الولايات المتحدة الأميركية للتورط في هذه الحرب.
الأهم من ذلك واللي يجب أن نعيه نحن العرب ونحن نتحدث عن ماذا يمكن أن نفعل أن نرى ونتابع، نرى ونتابع الموقف الأوروبي المتصاعد الذي دفع أحد الكتاب الأوروبيين في جريدة "الإندبندنت" في بريطانيا إلى أن يتهم الولايات المتحدة الأميركية بأنها هي الدولة المارقة في العالم، دولة.. أكبر دولة تنفق على التسلُّح في العالم، دولة تقود العالم إلى الخطر، وأنا من هذا الموقع إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تتهم العراق بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل فهي الدولة الأولى في امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وإذا كانت تعتبر أن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل في ظل القيادة العراقية الراهنة التي تتهمها بأنها قيادة متهورة أو غيره، تهدد الأمن، وهي تريد أن تضرب العراق لامتلاكه هذه الأسلحة، لأنها لا تريد أن تبقى الأسلحة في يد النظام العراقي فنحن من مصلحتنا الوطنية في مصر وفي كل دولة عربية، المصلحة القومية العربية، نرى أن امتلاك الولايات المتحدة لأسلحة الدمار الشامل ضد مصالحنا، الإدارة الأميركية لم تعد عاقلة ورشيدة ونحن نخشى على الأمن والسلم العالمي من هذه الإدارة، ومن امتلاك الولايات المتحدة الأميركية لأسلحة الدمار الشامل، إذن..
جمال ريان[مقاطعاً]: لديك.. لدى يعني هناك مخاوف من تنامي هذا التيار الراديكالي داخل أميركا.
د.محمد السعيد إدريس: إذن.. التيار.. هذا التيار موجود أميركا، وأنا أعتقد أن الإدارة الأميركية يمكن أن تتردد في خوض الحرب ضد العراق، رغم إن الكلام اللي قاله وزير الدفاع الأميركي، قال.. قال وزير الدفاع الأميركي إن هو دائماً يعني هناك يعني ينتقد الحلفاء الأوروبيين ويقول: التاريخ يثبت دائماً أن المترددين ليسوا دائماً على حق، أو ليسوا على حق، ويقول أيضاً أن الأغلبية قد لا تكون محقة في بعض الأحيان، هو يعني يهاجم الأغلبية التي ترفض العدوان الأميركي القادم على العراق ويرى أن الولايات المتحدة بإمكانها المنفردة.. أو بإمكاناتها المنفردة أن تحقق ضربات موجعة وأن تحقق أهدافها التي تريدها في العراق، أنا مازلت أعتقد أن هناك إمكانية لردع هذه السياسة الأميركية لو أن العرب وقفوا وقفة حقيقية، ولو أن العرب استطاعوا أن ينتهجوا دبلوماسية عاقلة في توسيع الفجوة بين دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
جمال ريان: دكتور يعني بالإضافة اللي تفضلت فيه بالنسبة لبعض يعني التوجهات عند تيار معين في الإدارة الأميركية، لكن في المقابل هناك تيار آخر، (كيسنجر) مثلاً يقول: بأن أي هجوم على العراق لوحدها قد يوحي بأفكار سيئة إلى الهند، وقد طالب أيضاً بوضع إطار دولي جديد، قال أيضاً بأن هناك دول غربية كثيرة لا تريد أن تسيطر واشنطن لوحدها على منابع النفط في.. في الخليج، (برنت سكوركروفت) قال بأن من شأن الهجوم على العراق في هذا الوقت بالذات أن يعرض جدياً الحملة الشاملة على الإرهاب وأن يدمرها وأنها تدير ظهرها للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد تثير ردود فعل سلبية ضد واشنطن في حرب يعارضها سائر العالم ومكلفة وخطيرة. إلى أي مدى تتفق بعض الأطراف في مع هذه الطروحات؟
[فاصل إعلاني]
جمال ريان: لنأخذ الآن مداخلتين عبر الهاتف من سامي أبو عيسى من فلسطين.
سامي أبو عيسى: السلام عليكم.
جمال ريان: تفضل، عليكم السلام.
سامي أبو عيسى: أولاً أميركا تدخل في مقامرة، فإن نجحت ستسيطر على المنطقة سيطرة مطلقة لعشرة أو عشرين سنة، وإن فشلت لأكثر من سبب ومنها استخدام العراق لأسلحة الدمار الشامل التي يؤكد نائب الرئيس الأميركي بوجودها في أيدي القوات العراقية، فهل سيقف العراق يتفرج على 200 ألف جندي أميركي وهم يمزقوا الوطن، ويبيدوا شعبه، وعندها.. هل ستتحمل قوات أميركية أو المجتمع الأميركي خسارة 50 ألف أو حتى 20 ألف جندي أميركي؟ ثم وفق القرارات الدولية تبقى إسرائيل..
جمال ريان[مقاطعاً]: هذا إذا كان العراق يملك يعني مثل هذه الأسلحة يا سيد سامي.
سامي أبو عيسى: هذا.. أنا أقول لوزير.. لنائب الرئيس الأميركي، أنا لا أقول أنه يملك يا أخي، أنا قلت لك في مداخلتي نائب الرئيس الأميركي قال كذا، على افتراض أنه يملك، ولديه صواريخ مداها 150 كيلو متر أبقتها له الأمم المتحدة، فهل القواعد التي ستنطلق أو الدول التي ستنطلق منها الطائرات لتمزق هذا الوطن وتبيد الشعب العراقي وربما بالملايين، هل سيعبأها بالبخور ويرسلها إليهم؟ وللقوات الأميركية أيضاً.
ثم أعود للأخ الروسي كنت أتمنى أن روسيا تكون عندها مبادئ، بل أكثر من ذلك كنت أتمنى أن تنطلق روسيا حتى من مجرد المصالح كالدول العربية، لكن روسيا أعجز حتى أنها تنطلق من مصالحها، لأن مصالحها مع الوطن العربي ومع العراق، كذلك الدول العربية المحيطة بالعراق، هل الآن أميركا تبتزها وتضغط على الكبير قبل الصغير في ظل وجود أنظمة معادية كالنظام الإيراني والعراقي، فما بالك عندما تستفرد أميركا بالساحة، كيف سيكون حال أصدقاء أميركا؟ أيضاً الدول العربية التي تعارض ضرب العراق لها مصلحة ذاتية إقليمية في عدم ذهاب النظام العراقي، لأنه هذا نفسه يشكل مصلحة أميركية وحاجة أميركية ماسة لدى هذه الأنظمة.
ثم نتكلم عن البعد القومي.. البعد القومي العربي العراق هو ميرة الأمة.. هو خزينة.. بغداد.. بغداد، هم يريدوا بغداد التاريخ، يريدوا الانتقام لأكثر.. يريدوا الأدمغة العربية، وأقول لكم يا أخوان.. القضية ليست كذلك، (مادلين أولبرايت) قالت –حرفياً- إن زوال صدام حسين والنظام الحاكم لن يزيل العقوبات، القصد ليس النظام ولا حزب البعث، القصد تدمير أجيال كاملة من الشعب العراقي الآن الأخوة في العراق، الأدمغة العراقية طلاب مدارس ابتدائية وإعدادية وجامعية بلا مختبرات، هذه ميرة الأمة، هذه ليست ملك لا صدام ولا حزب البعث وشكراً أستاذ جمال لكم.
جمال ريان: شكراً، شكراً سامي، لنأخذ أيضاً عبد الله محمود من أسبانيا، عبد الله، تفضل.
عبد الله محمود: آلو، السلام عليكم.
جمال ريان: عليكم السلام.
عبد الله محمود: تحياتي أستاذ جمال والضيوف
جمال ريان: أهلاً بيك.
عبد الله محمود: أخي العراق نفذ كل قرارات الأمم المتحدة ولم يجد المفتشين أي شيء يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، وباعتراف المعنيين منهم وهذا واضح لكل العالم باستثناء (بوش) الصغير، أما ما يتعلق بالتهديد الأميركي فأنا أريد أن أوضح حالة قد تكون غامضة على الكثيرين، أقول أن العراقيون أبطال وشجعان وسيدافعون عن قائدهم ووطنهم، وإن هذا التهديد لن يزيدهم إلا قوة وإصراراً وتصميم على الصمود والمقاومة والتحدي، وأن العراقيون ملتفون حول قائدهم صدام حسين، وإذا تورطت أميركا بشن أي هجوم على العراق سوف تتلقى هي ضربات موجعة وفي كل مكان.
أخي أستاذ جمال، ترى العراق ليس أفغانستان، العراق بلد الحضارات وسينتصر بإذن الله، وسيدافع العراقيون عن قائدهم وعن وطنهم وسيقاتلون قتال الصحابة، أما عتبي على بعض الحكام العرب في أن يرفضوا ضرب العراق ليس هذا هو المطلوب منهم، المطلوب أن يقولوا نحن نقف مع العراق وسندافع عن العراق، وإلا على قول المثل المصري الشعبي "اللي اختشوا ماتوا" والسلام عليكم.
جمال ريان: شكراً لك، دكتور نعومكن يعني واضح بأنه هناك نقد موجه إلى روسيا بأن مصلحة روسيا بالدرجة الأولى –كما قال قبل قليل سامي أبو عيسى من فلسطين- هي في.. مع الوطن العربي وكيف تقبل روسيا بأن تقوض مصالحها في المنطقة، وبالتالي هو يطالب بموقف روسي أشد يعني ثباتاً فيما يتعلق بموضوع العراق، ما قولك؟
فيتالي نعومكن: لا أنا في الحقيقة، أنا أظن إنه عندي أيضاً بعض الانتقادات بالنسبة للمواقف الروسية بالنسبة للوطن العربي، ولكن عندي أيضاً انتقادات بالنسبة لمواقف العرب تجاه روسيا، ولكن أظن أن روسيا موقفها تجاه العراق سيكون موقفاً ثابتاً، وأظن أنه روسيا ستستعمل حق الفيتو يعني إذا نوقش هذا الموضوع في مجلس الأمن، أنا أتذكر مرة سمعت أحد القادة الأميركان الذي كان يقول أن حلم الولايات المتحدة الأميركية أن يبنى هناك حزام أمني شمالي في الشرق الأوسط يتكون من العراق والأردن وتركيا وإسرائيل، ولذلك كما يقول هدف أميركا ليس فقط مثلاً الإحاطة بالنظام، ولكن بناء نظام موالي لأميركا في.. في.. في العراق وبناء ما يمكن أن يقال أنه مثلاً حلف بغداد الثاني، ولذلك عند هذه.. يعني بعد هذه الحرب كما يتصور بعض الاستراتيجيين الأميركان يمكن أن تستغني أميركا أو أن تستعمل هذا للضغط على دول الخليج أيضاً، هذا خطة استراتيجية وليس فقط مثلاً خطة ضد العراق، وروسيا تفهم هذا ولذلك لا نريد أن.. أن.. أن تكون هناك مجازفة و.. و.. بحياة الشعب العربي مرة أخرى وأيضاً زعزعة الاستقرار في الوطن العربي وإحداث بلبلة في كل الدول العربية.
الأهداف الحقيقية وراء التهديدات الأميركية بضرب العراق
جمال ريان: دكتور، أشرت إلى نقطة مهمة عني في سياق حديثك، ولو أنك مررت عليها بشكل طفيف، هل.. هل تعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تذهب إلى الحرب مع العراق لأهداف مصلحة الولايات المتحدة في دفش.. زحزحة المصالح الغربية من المنطقة؟
د. محمد السعيد إدريس: يعني قراءتي للكتاب الاستراتيجي الأميركية تؤكد أو تكشف أن العرب وحدهم لن يدفعوا ثمن هذا العدوان الأميركي القادم على العراق، سوف يدفع الثمن الحلفاء الأوروبيون أولاً، سوف تدفع الثمن روسيا، لأن الولايات المتحدة غير راضية حتى الآن عن النظام العالمي القائم، النظام العالمي القائم ليس هو النظام الذي تمنت أميركا أن يقام بعد حرب الخليج الثانية، هي تريد أن تربط القوة بالمكانة، بمعنى بقدر ما تمتلك من قوة بقدر ما تحظى بمكانة، وهي تعتقد أنها الآن تفوق أي إمبراطورية تاريخية في العالم، تقول أن لم يشهد العالم إمبراطورية امتلكت كل هذه القوة، ولذلك هم يسعون إلى امتلاك كل هذه المكانة ويريدون إقامة نظام عالمي بلا مشاركة لا أوروبية ولا روسية ولا صينية، ومن هنا يأتي تحقير الأميركيين لمجلس الأمن، وتحقيرهم للأمم المتحدة ونزوعهم إلى السياسة التمييزية أو إقامة نظام عالمي تمييزي.
الحرص الأميركي مثلاً على إصدار قرار من مجلس الأمن عبر ابتزاز روسيا والدول الأوروبية المشاركة في مجلس الأمن بريطانيا وفرنسا زائد الصين، إصدار قرار من مجلس الأمن يمنع محاكمة المواطنين الأميركيين أمام محكمة.. المحكمة الجنائية الدولية، بمعنى أن المواطن الأميركي أصبح يعني مواطن لا يخضع للقانون الدولي، يخضع فقط للقانون الأميركي، المواطن.. القانون الأميركي أصبح هو القانون الدولي، مناطق الحظر المفروضة على العراق لم يصدر بها قرار من مجلس الأمن، ولكن صدرت بها قرارات أميركية وأصبحت قرارات واجبة على النظام العالمي كله أن يستمع إليه، ولذلك أقول أن الخطة الأميركية الراهنة للعراق هي هدفها مزدوج:
الهدف الأول: إعادة ترتيب النظام العالمي بما يتماشى مع الطموح الأميركي الإمبراطوري.
الهدف الثاني: هو إعادة هندسة منطقة الشرق الأوسط، والكلام اللي قاله (كيسنجر) أن الطريق إلى القدس يمر عبر بغداد، بمعنى أن البداية تكون بالعراق، البداية في بغداد، تدمير النظام الحاكم في العراق، وكل البنية الأساسية الموجودة في العراق، لتهيئة الفرصة أمام إسرائيل لإعادة تنظيم المنطقة، ممكن يكون العراق مكان لاحتواء الذي حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، الربط بين النظام القادم في العراق، قرضاي الجديد في العراق، تعميم ظاهرة قرضاي وهذه الخطة الجديدة أن تتحول الأنظمة العربية إلى أنظمة شبيهة في علاقتها بأميركا بقرضاي، النهارده من يحمي قرضاي في كابول، تحميه قوات أميركية خاصة تابعة للخارجية الأميركية نفسها، هم يريدون في المستقبل نمط جديد من العلاقات العربية الأميركية شبيه بنظام العلاقات الحالية بين أفغانستان وأميركا، ولذلك أقول أن إذا كانت هناك أهداف استراتيجية أميركية في المنطقة من خلال ضرب العراق، هناك أهداف أيضاً اقتصادية، بمعنى أن الولايات المتحدة كقوة عظمى لا تريد بأي حال من الأحوال أن يكون هناك موقع للقوة الاقتصادية ليس تحت السيطرة الأميركية، هي سيطرة على نفط الخليج في دول مجلس التعاون، هي تريد العودة إلى إيران مرة أخرى والسيطرة على إيران، تريد العودة إلى بإيران إلى نظام ما قبل الشاه.. يعني كان هناك طموح لدعم نظام الرئيس الخاتمي، ولكن الرئيس الأميركي أكد أن الرئيس خاتمي لم يعد يصلح للثقة فيه وأنه يعني يريدون من المعارضة الإيرانية أن تسقط النظام، ويعود النظام مرة أخرى إلى عصر ما قبل الشاه، هم يريدون العراق أيضاً بعد أن أمنوا أمن نفط بحر قزوين، يريدون نفط العراق، ونفط العراق وفقاً لبعض التقديرات يفوق النفط السعودي، إذن هناك مطامع أميركية عربية، وأعتقد أن مواجهة العرب ومواجهة روسيا ومواجهة أوروبا لهذه الأطماع الأميركية يجب أن تكون بحجم الخطر الذي يتهدد هذه الدولة.
جمال ريان: طيب لنسأل الدكتور محسن في القاهرة ممثل العراق في الجامعة العربية، فيما إذا كان يعني العراق يستشعر هذه الحوافز والأهداف الأميركية من وراء السيطرة –كما قال الدكتور- على منابع النفط في المنطقة على مصالحها بالدرجة الأولى، كي تكون يعني هذه المصالح بعيدة عن أية تدخلات من قبل دول غربية أخرى خاصة الأوروبيين وربما روسيا أيضاً، كيف يستشعر العراق ذلك؟
د. محسن خليل: نعم، نحن نستشعر هذه الأمور ونميز بين الذرائع التي تتحدث عنها الولايات المتحدة في تبرير نواياها للقيام بالعدوان على العراق وبين الدوافع الحقيقية، في مقدمة هذه الدوافع –كما أشار الدكتور محمد- هناك ارتباط وثيق وعضوي بين ما يجري ضد العراق وما يجري ضد الشعب الفلسطيني وانتفاضته ونضاله من أجل إقامة الدولة، وبالفعل يعني.. يعني أن المفتاح لتصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية يمر عبر ما يتوهمه الأميركان من إمكانية إسقاط النظام الوطني القومي في العراق، هذا جانب.
الجانب الثاني: يتصل بالأهداف الأميركية بالهيمنة على النفط العراقي وأنا أوافق ما ذهب إليه الدكتور محمد حول طبيعة الاحتياطي العراقي وإمكاناته وفرصه، الإصرار على السيطرة على النفط العراقي لأكثر من سبب، لمزاياه المباشرة ثم لاستخدامه كأداة من أدوات الضغط….
جمال ريان: يبدو أننا فقدنا الاتصال مع.. مع القاهرة حيث الدكتور كان يتفق معك في هذا الطرح دكتور، ولو أننا يعني بقى دقائق قليلة على يعني هذا البرنامج، نعود إلى الدكتور نعومكن في حوالي دقيقة أو دقيقتين، دكتور نعومكن، يعني العراق يمد يده الآن إلى روسيا مرة أخرى، إلى أي مدى يمكن أن تقف روسيا إلى الجانب العراق فيما -كما قلت أنت- يعني شنت الولايات المتحدة حرباً شاملة على العراق؟ ماذا يمكن لروسيا أن تفعل؟
فيتالي نعومكن: طبعاً من الصعب أن نتكهن، ولكن أظن أنها في هذه المرحلة روسيا ستعمل كل ما في وسعها لمنع.. لمنع الولايات المتحدة من يعني شن هذه الحرب، ولاستعمال الشرعية الدولية لأن لا يعني لنتجنب يعني من هذه الكارثة العالمية التي ستكون في الحقيقة نتيجة لمثل هذه الحرب، روسيا تخطط طبعاً عملاً دبلوماسياً بهذه الحالة، من الصعب أن نتكهن ماذا يمكن أن يحدث، لا نعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة مصممة على أن تقوم بشن هذه الحرب أو لا، ولكن أنا متفائل بأن أظن أن المجتمع الدولي أن يقنع الولايات المتحدة أن لا تقوم بمثل هذه الخطوة الحمقاء.
جمال ريان: عربياً يعني ماذا بإمكان العرب أن يفعلوا؟ يعني وزير خارجية قطر بعد زيارته لبغداد قال نحن ليس باستطاعتنا أن نوقف هذه الضربة
د. محمد السعيد إدريس: يعني أولاً.. يعني أولاً أنا بس قبل ما أجيب على هذا السؤال المهم جداً
جمال ريان: بقي دقيقتين تقريباً
د. محمد السعيد إدريس: أن أقول للصديق في موسكو أن مستقبل المشاركة الروسية في النظام العالمي في السنوات الأخيرة القادمة سوف يتحدد وفقاً للأداء الروسي في هذه الأزمة، إذا أرادت أردروسيا أن تثبت مكانها كقوة عالمية لا أقول منافسة لأميركا، ولكن لها دور مهم في الحفاظ على السلام والأمن الدولي، يجب أن يكون لها موقف مبدأ الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي ورفض الدور أميركا، أما بالنسبة لـ..
جمال ريان[مقاطعاً]: أنا أعتقد بأن الدكتور نعومكن سينقل وجهة النظر هذه إلى المسؤولين الروسيين.
د. محمد السعيد إدريس: إنما فيما يتعلق بالموقف العربي أقول أن الدول العربية الصديقة لأميركا قد اكتشفت بعد الموقف الأميركي من السعودية والموقف الأميركي من القاهرة أن أميركا صديق لا يمكن الثقة فيه، أميركا باعت حلفاءها، دائماً تبيع حلفاءها، باعت الشاه، وباعت غير الشاه، وتستطيع أن تبيع الجميع من أجل المصلحة الأميركية، وإذا كانت المصلحة الأميركية بتعني (سايكس بيكو) جديدة، ستفعلها الولايات المتحدة الأميركية، نحن كعرب أمامنا مهمتين المهمة الأولى هي منع.. منع العدوان الأميركي على العراق.
جمال ريان: التانية، باختصار.
د. محمد السعيد إدريس: والثانية إذا حصل العدوان يجب أن يكون موقف عربي واضح يؤلم الولايات المتحدة ويجعلها تندم على هذا الخطيئة.
جمال ريان: وفي ختام هذه الحلقة من برنامج (أكثر من رأي) نشكر الدكتور محسن خليل (ممثل العراق في الجامعة العربية)، والدكتور فيتالي نعومكن (رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية الشرق أوسطية في موسكو)، وكان معنا أيضاً في الأستوديو الدكتور محمد السعيد إدريس (رئيس وحدة الدراسات الخليجية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام).
مشاهدينا الكرام تحية لكم من قناة (الجزيرة) في قطر، وهذا جمال ريان يحييكم، إلى اللقاء.