
وراثة الحكم في سوريا والوطن العربي
|
![]() |
![]() |
سامي حداد:
مشاهدينا الكرام.. أهلا بكم، حلقة اليوم من برنامج "أكثر من رأي" تأتيكم من لندن على الهواء مباشرة. ما حدث في سوريا بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد من إعداد لانتقال سلمي للسلطة حسب مقولة "مات الملك.. ليعش الملك"؛ خيب أمل أعداء سوريا الذين كانوا يتوقعون صراعات دامية على السلطة فلا دبابات ولا انقلاب عسكريا إذ يبدو أن ميراث الأسد الذي حكم سوريا بحزم وحنكة سياسية لمدة ثلاثة عقود، وركز دعائم الاستقرار فيها قد يستمر لفترة قادمة، كل من عارض سياساته بالعنف مني بالفشل: الإخوان المسلمون في حماة عام 1982، الجنرال ميشيل عون الذي أعلن حرب التحرير ضد سوريا، غادر لبنان بعد أن قصفت المدفعية السورية والطيران السوري بيروت الشرقية، كبار المسؤولين الذين اتهموا بالفساد يواجهون المحاكم، وكان آخرهم محمود الزعبي رئيس الوزراء الذي قيل إنه انتحر، هذا بالإضافة إلى المعقلين الذي تجرؤوا على تحدي الرجل وسياساته.
إن سمعته لم تكن مبنية فقط على قبضته الحديدية لتحقيق الاستقرار في سوريا فحسب، بل سياساته البراغماتية من تحالف استراتيجي مع إيران ومن مشاركة القوات السورية في التحالف الدولي ضد العراق إثر غزو الكويت، كما أنه كان المحرك البارع في المنطقة بعد اختياره استراتيجية السلام، فقد وقف أمام إسرائيل والولايات المتحدة رافضًا التنازل عن أي شبر من الجولان، ومنع لبنان عام 1983م من توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، كما شجب اتفاقات أوسلو ووادي عربة.
والآن ما الذي خلفه الرئيس الراحل حافظ الأسد؟ كيف سيذكره التاريخ؟ هل هناك اتجاه لتصبح الجمهوريات سلالات وراثية ملكية التي حاربها الثوريون العرب؟ هل ستشمل رياح التغيير سوريا إثر انعقاد المؤتمر القطري لحزب البعث يوم السبت السابع عشر على حساب الحرس القديم الذي كان الركيزة القوية لتثبيت دعائم الرئيس الراحل؟
نستضيف اليوم شخصيتين عرفتا وتعاملتا مع الرئيس الأسد، من براغ عبر الأقمار الصناعية السيد أحمد أبو صالح عضو قيادة مجلس الثورة السوري التي جاءت بحزب البعث إلى الحكم عام 1963م، وهنا في لندن السيد صلاح عمر علي عضو مجلس قيادة الثورة العراقي سابقًا، وأخيرًا وليس آخرًا الكاتب والمؤلف الفلسطيني سعيد أبو الريش.
للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بهاتف رقم:
من خارج بريطانيا 4393910 0044207
وفاكس رقم 4343370 – 0044207 ،74787607 ويمكن إرسال الفاكسات من الآن.
ولو بدأنا من الاستديو الأستاذ صلاح عمر علي عرف عن الرئيس الراحل ولعه بالتاريخ، وكان يبدو أنه كان يريد أن يكون له دور أيضًا في صناعة التاريخ، لا ننسى قبر صلاح الدين في دمشق على بعد خطوات من القصر الرئاسي، أنت الآن تعاملت مع الرئيس الأسد كما تعامل معه السيد أحمد أبو صالح في براغ.. كيف سيذكر التاريخ حافظ الأسد؟
صلاح عمر علي:
أنا أعتقد أن التاريخ لا يظلم أحدًا، ومن هذا المنطلق فإن التاريخ سينصف الرئيس حافظ الأسد بالتأكيد، وسيضعه في المكان المناسب الذي يستحقه.
سامي حداد [مقاطعًا]:
كيف؟ ما هي إيجابيات هذا الرجل؟
صلاح عمر علي:
إيجابيات هذا الرجل أنه أولا أخرج سوريا من دوامة الانقلابات التي كانت تعيشها سوريا طوال عقود من الزمن.
ثانيًا: استطاع الرئيس حافظ الأسد أن يعمل على خلق أجواء عربية منسجمة مع الموقف القومي الذي يخدم المصالح العربية في حدود معينة.
ثالثًا: حافظ الأسد استطاع أن ينشئ بعض المؤسسات في سوريا.. هذه من وجهة نظري هي أهم المكاسب..
سامي حداد [مقاطعا]:
في الواقع سنتطرق إلى ذلك بالتفصيل، لابد أن هناك إجابات على ما قلت
[موجز الأنباء]
سامي حداد:
لننتقل الآن إلى براغ مع السيد أحمد أبو صالح أستاذ أحمد.. أنت تعاملت وعرفت الرئيس الراحل حافظ الأسد عن كثب، وسمعت ما قاله الأستاذ صلاح عمر علي بأن الرجل حقق استقرارًا في سوريا، خلق دولة مؤسسات، انسجام في العلاقات العربية، كيف هل توافق على ذلك؟ كيف سيكتب التاريخ عن حافظ الأسد؟
أحمد أبو صالح:
أنا.. ليس رأيي الشخصي، إنما الحقائق يمكن أن تنطق بخلاف ما قاله الأستاذ صلاح، يعني دوامة الانقلابات التي تكلم عنها الأستاذ صلاح أنه أخرج سوريا من هذه الدوامة، فعلاأخرج سوريا إلى حد ما من هذه الدوامة كما أخرج "فرانكو" أسبانيا أيضًا من دوامة الانقلابات والثورات، كما أخرج "ستالين" الاتحاد السوفييتي أيضًا من دوامة الانقلابات، كما أخرج كثيرون على شاكلتهما أيضًا في بعض الدول التي كانت تحكم حكمًا شموليًّا، فقمع الناس وكبتهم، وزجهم بالسجون، وتشريدهم، وقتل عشرات الألوف، هذا ليس الوسيلة الناجعة الأخلاقية التي يمكن أن تؤمن الاستقرار وتخرج سوريا من دوامة الانقلابات الذي يريد أن يخرج سوريا..
سامي حداد [مقاطعا]:
أنت تتحدث.. أستاذ أحمد أبو صالح، عفوًا يعني أنت تتحدث يعني أنه أخرجها من دوامة الانقلابات، وحقق استقرارًا على حساب الديمقراطية، يعني عندما كنتم أنتم في الحكم وكنت يعني وزيرًا في عام 1963م، الانقلاب الذي جاء بحزب البعث في الثامن من آذار (مارس) كنتم في الحكم يعني كانت هنالك يعني ديمقراطية أكثر، كان هنالك مؤسسات، كان يوجد مجلس شعب، من كان يحكم؟ كنتم مجموعة من الضباط والمدنيين.
أحمد صالح:
يا صاحبي إن ما تقوله صحيح، وأنا بقول لك بصدق وجرأة بأنني أحد الذين يتحملون المسؤولية عما حدث بعد 8 آذار (مارس)، نحن أيضًا عمدنا إلى القمع والكبت والاضطهاد والقهر، ولم نكن ديمقراطيين بأي معنى من معاني الكلمة، وإنما كنا نؤمن بالديمقراطية الثورية الممجوجة، يعني إذن أنا شخصيًّا عندما كنت مشاركًا بالحكم كنت أيضًا مشاركًا بتحمل المسؤولية، والخطأ لا يقاس عليه، إذا نحن أجرمنا أو أخطأنا، هذا لا يعني أن يبرر الآخرون أخطاءهم بأخطائنا نحن، نحن أخطأنا وتراجعنا عن أخطائنا، وتقدمت أنا باستقالة معللة مؤلفة من 15 صفحة موجودة معي الآن في الاستديو يعني قلت فيها أكثر مما قال مالك في الخمر، بالحكم العسكري والاستبدادي والمخابرات وتدخل الضباط في الحكم وإلى آخره.
معنى ذلك نحن نتحمل مسؤولية، والبعرة تدل على البعير، يعني كان علينا أن ندرك أن السلوك الذي سلكناه سيؤدي إلى هذه النتائج، فالاستقرار المزعوم هو استقرار قائم على الدبابة والمدفع والبندقية ودماء المواطنين، هذا الاستقرار مرفوض.
سامي حداد [مقاطعا]:
شكرًا أستاذ أحمد أبو صالح، أنت تعترف بالأخطاء التي كانت عندما استلم حزب البعث، وكنت أنت في السلطة في ذلك الوقت، وتقول إن يعني الخطأ لا يصلح بخطأ، هل توافق على ذلك أستاذ سعيد أبو الريش؟ يعني إنو حكم الرئيس الأسد يعني كما فهمنا من جواب الأخ أحمد أبو صالح بأنه يعني كان حكمًا تعسفيًّا على حساب الديمقراطية؟
سعيد أبو الريش:
فيه بعض التعسفية بدون شك، بس أنا حابب أول شي أقول إنني شخص مستقل وكاتب مستقل لا مع البعث اليمين ولا بعث اليسار.
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولا مع البعث في الاستديو ولا البعث اللي في براغ.
سعيد أبو الريش:
ولا البعث اللي في براغ، الاستقرار في سوريا إلو ثمن غالٍ، لأن الاستقرار في سوريا يختلف عن الاستقرار مثلا في مصر اللي في تاريخها كان فيه استقرار كتير، حدثت ثورة واحدة، أو الاستقرار في المغرب اللي ما صار فيها ثوارات، الاستقرار في سوريا كان مطلوب لأنو الانقلابات كل واحد منها تبع الآخر، نذكر بالخمسينات جاء "الزعيم" بعدين إجى "الحناوي" بعدين إجى "الشيشكلي" بعدين كل ضابط يطلع بده ياخد الحكم، فالاستقرار ليس له معنى.
سامي حداد [مقاطعًا]:
كانوا يصفون خارج الإذاعة السورية في دمشق كلٌ علي الدور حتى يعملوا انقلابات.
سعيد أبو الريش:
هذا صحيح. فالاستقرار، أنا مع الأخ صلاح عمر علي أنو الاستقرار شيء غالٍ، وأن حافظ الأسد جاب لسوريا الاستقرار، فيه شي تاني ماانذكر في الموضوع، بدي أدخل فيه أنو هو حمى الدولة العلمانية أيضًا، مالازم ننسى هذا؛ لأنو الباقين اللي إجو قبله ماكانو في خطر من الحركات الدينية، بس حافظ الأسد كان عليه خطر من الحركات الدينية وحماها كليًّا، وبعدين أبرز سوريا في المنطقة بدون شك، وأبرزها على الساحة العالمية لدرجة أن كيسنجر قال: أنا في حياتي ما قابلت إلا دبلوماسيين اثنين جون لاي أول واحد وحافظ الأسد ثاني واحد. هذه ما انحكت في التاريخ عن قائد عربي.
العنف هو من طبيعة الحكم في البلاد العربية سواء كان سوريا أو العراق أو غيرها حتى في فلسطين في الإدارة الجديدة؛ العنف من طبيعة الحكم، ما بنقدر نتخلي عنه، فنحن بنحكي تقريبًا -للأسف- في درجات العنف وطبيعة العنف مش في مبدأ العنف؛ لأنها كلها ما فيش عندنا ديمقراطية، التكلم عن الديمقراطية -بدي أرد على الأخ أحمد- التكلم عن الديمقراطية خارج الحكم هين جدًّا..
سامي حداد:
ومع ذلك ، ومع ذلك فهو اعترف بخطأ الحزب في تلك الفترة عام 1963م، عندما كان وزير المواصلات في أول دولة، أول حكومة أقامها البعث عام 1963م اعترف بالأخطاء، قال لك ماكان فيه ديمقراطية، كان هناك قمع..
سعيد أبو الريش:
مااختلفنا، مااختلفنا، السؤال بيصير إذن هل هو مؤمن أنو سوريا ممكن أن تكون ديمقراطية بالشكل اللي بنعرفه؛ معنى كلمة الديمقراطية الصحيح، أنا في فكري الشخصي أنو بيننا وبين الديمقراطية جيل جيلين أقل تعديل، فبدها وقت، الواحد أنو يبيع ويشتري بالديمقراطية داخل الحكم.. خارج الحكم..، والاعترافات.. الاعترافات بعد الخطية ما إلها معنى، لا تؤاخذني يا أخ أحمد، الاعترافات بالحكم لما بتؤثر على طريقة الحكم شي، والاعترافات خارج الحكم بدون أن يكون لها أي تأثير على طبيعة الحكم شيء ثاني.
سامي حداد [مقاطعًا]:
أستاذ صلاح عمر تحب تجاوب؟
صلاح عمر:
في الحقيقة أنا أعتقد أن الأخ أحمد عندما يعترف على شاشة التلفزيون بالأخطاء اللي حصلت في الوقت اللي كان مشارك فيه في السلطة، واستعداده لتحمل مسؤولية هذه الأخطاء هذا شيء جميل جدًّا، ولكن في تقديري أنو هذا لا يكفي؛ لأن الاعتراف بالخطأ إن لم يترافق مع سلوك يعدل هذا الخطأ يبقى ليس له معنى.
الأخ أحمد مع كل احترامي الشديد لتاريخه ولمواقعه السياسية، بعد السبعينات توجه الى العراق وعاش في ظلال أقسى نظام ديكتاتوري بالعالم، وبقى طوال هذه الفترة يعيش في بغداد إلى أن خرج باتفاق مع السلطات العراقية إلى الخارج، وبقى يعمل في المؤسسات التابعة للسفارات العراقية إلى وقت متأخر جدّا..
سامي حداد [مقاطعًا]:
الواقع.. لا نريد أن ندخل في اتهامات واتهامات مضادة؛ لأننا هنا نتحدث عن الرئيس الراحل حافظ الأسد والتركة التي تركها، أستاذ أحمد أبو صالح.
أحمد أبو صالح:
نعم.
سامي حداد:
سمعت شو بيقولك إنو أنت تركت سوريا في السبعين، تركتها من نظام -كما قلت سابقًا- إنه كان نظاما قمعيا إلى نظام أكثر قمعية هل توافق على هذا الكلام؟
أحمد أبو صالح:
طبعًا لا..
سامي حداد [مكملا]:
وضمن حزب البعث، كان حزب البعث موجود في العراق ولا يزال.
أحمد أبو صالح:
طبعًا، طبعًا أنا راح..، اسمح لي بس أرد فقط حتى بإيجاز.. أنا عندما دخلت العراق هاربًا من سوريا بعد سجن عدة سنوات وتنكيل وتعذيب، دخلت العراق اعتقادًا مني بأن الشرعية الحزبية موجودة في العراق؛ لأن ميشيل عفلق وصلاح البيطار وشبل العيثمي والآخرين كانوا إما موجودين في العراق أو موالين أو مؤيدين للنظام القائم في العراق، وأنا قبل دخول العراق كنت من المؤيدين لنظام الحكم بالعراق اللي كان صلاح عمر علي أحد أركانه، كان صلاح عمر علي وزيرًا، وكان صلاح عمر علي أيضًا كما ذكرتم عضوًا في مجلس قيادة الثورة، وأنا خرجت من العراق .. كنت في السجن أنا في العراق، وعندما خرجت من العراق، أنا خرجت منذ 23 سنة من العراق، ولم أعد إلا قبل عشر سنوات مرة واحدة بعد تحرير الفاو..
سامي حداد [مقاطعا]:
عفوًا أستاذ أحمد أبو صالح، أنت تركت سوريا -حتى ما لا نعود إلى تاريخكم أنت وأخ أحمد أبو صالح- أنتم الاتنين كنتم أعضاء في مجلس قيادة الثورة وأعضاء في القيادة القطرية، سؤالي يعني أنت ذهبت إلى العراق، وكانت هنالك عام 1966م الحركة التي قام بها الشبان ومن ضمنهم أيضًا الرئيس الراحل حافظ الأسد، وثرتم على القيادة التاريخية، وأتى جيل من الشباب الذي أراد أن يجعل من سوريا "هانوي العرب" حتى إنكم اتهمتم أو تتهمون بأنكم أنتم ورطتم جمال عبد الناصر رحمه الله عام 1967م في الحرب مع إسرائيل.
أحمد أبو صالح:
يا صاحبي.. إن هذا صحيح جدًّا، حزب البعث العربي الاشتراكي بالقيادة التي كانت قائمة سنة 1967م عندما كنا نحن في السجن حتى 10 حزيران 1967م أفرج عنا نحن "موشيه ديان" وليس حافظ الأسد، عندما كنا بالسجن حافظ الأسد هو الذي كان مسؤولا عن وزارة الدفاع، كان وزيرًا للدفاع، نحن لم نكن مشاركين بالحكم، نحن كنا في السجون والمعتقلات نعاني من الكبت والقمع والتعذيب والتنكيل، هذا للتاريخ، أما أنا وصولي للعراق وصلت في آخر أيار 1970م، وبقيت في العراق فقط عدة سنوات ومنذ 23 سنة أنا خارج العراق، خمس سنوات في ألمانيا وصار لي 18 سنة أنا هنا في… وقبلها في تشيكوسلوفاكيا..
سامي حداد [مقاطعًا]:
أستاذ أحمد أبو صالح، أنت كنت ، لنعد إلى 1963م، كنت في الحكم، شاركتم مع الإخوة الآخرين من القوميين والوحدويين والناصريين في -وكان معكم الرئيس الأسد أيضا- شاركتم في الثورة التي جاءت بالبعث، بعد أشهر قبضتم على حلفائكم الوحدويين من ناصريين ووحدويين، في الجيش ، سرحتم الكثير وهم في الجيش، الكثير دخل في السجن، يعني أنتم صرتم.. حتى إنكم وافقتم على وثيقة الانفصال التي وقعها صلاح البيطار والسيد أكرم الحوراني، الذي كان نائبًا للرئيس، واتنين من قيادات حزب البعث، أنتم تدّعون القومية والوحدة، ووافقتم على الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961م.
أحمد صالح:
هذا سؤال مفيد جدًّا أستاذ سامي، ويجب أن يطلع الشعب العربي على حقيقة ما حدث. فعلا إن الأستاذ صالح البيطار والأستاذ أكرم الحوارني وقعا على تأييد الانفصال، ولكن كانا منفردين؛ هذا أولًا.
وثانيًا الذي حقق الانفصال بين سوريا ومصر آخرون، لكن كان لحزب البعث العربي الاشتراكي أيضًا دور في تحقيق الانفصال وخاصة اللجنة العسكرية التي كان حافظ الأسد عضوًا فيها، والتي شكلت إبان الوحدة في القاهرة، ونحن عندما قمعنا الوحدويين، أو قمعنا الناصريين، في 23 تموز 1963م قمعناهم، وآخرون يعلمون، ومنهم محمد عمران وحافظ أسد وصلاح جديد، عن طريق محمد نبهان، بأن هناك حركة ستقوم في 23 تموز ولم يباشروا إلى اعتقال أي واحد من قادتها.. وتقوم الحركة، ويقوموا بإعدام العشرات دون محاكمة..
سامي حداد:
شكرًا أستاذ أحمد أبو صالح، آسف للمقاطعة.
[موجز الأخبار]
سامي حداد:
أستاذ صلاح عمر علي، من المعروف عن الرئيس الراحل حافظ الأسد أنه كان انضم وهو شاب في حزب البعث العربي الاشتراكي، شارك في الثورة التي جاءت بحزب البعث عام 1963م، شارك في عام 1966م في الثورة التي ثارت أو قامت ضد القيادة التاريخية وأصبح وزيرًا للدفاع، وعام 1970م تسلم السلطة من الذين ثار معهم في الحركة التصحيحية وزج بهم بالسجن؛ رئيس الجمهورية دكتور نور الدين الأتاسي، دكتور يوسف زعين رئيس الحكومة وأمين عام الحزب صلاح جديد..كيف 00 ما لون هذا الرجل؟
صالح عمر علي:
لون الرجل واضح ومعروف، الرجل كما تفضلت وذكرت أنه انتمى إلى الحزب من بواكير شبابه، وطبعًا مر في مراحل سياسية عديدة، عندما أعلنت الوحدة بين القطرين العربي السوري والمصري، طبيعة الحال عبد الناصر من أجل أن .. لأسباب عديدة؛ نقل عدد كبير من الضباط البعثيين في الجيش السوري إلى مصر، وكان من ضمن هؤلاء الرئيس حافظ الأسد، ولما بدأ..
سامي حداد [مقاطعًا]:
نقلهم على أي أساس، على أساس منع الأحزاب بما فيها حزب البعث العربي الاشتراكي، طبعًا تحسبًا من أن يستلم البعثيون زمام الأمور في البلاد يعني؟
صلاح عمر علي:
بالتأكيد؛ لأن أحد شروط موافقة عبد الناصر على التوقيع على الوحدة كان إعلان الحزب حل التنظيم في سوريا، فمؤكد كان الرئيس جمال عبد الناصر يحسب حسابات أن الحزب عنده رصيد في الجيش السوري، وبالتالي ربما يقوموا بأي مرحلة من المراحل بتحرك، فنقل عدد كبير من الضباط من ضمنهم الرئيس حافظ الأسد إلى مصر، من أجل تحييدهم ومنع قدرتهم على التأثير في المؤسسة العسكرية السورية، بعد فترة بدأت أخطاء الوحدة تبرز بالتدريج، وتجسدت في ممارسات خاطئة كثيرة جدًّا، وخصوصًا في القطر العربي السوري..
سامي حداد [مقاطعا]:
نحن لا نريد أن نعود إلى تاريخ الوحدة بين مصر وسوريا، وثلاثة أرباع المشاهدين من الجيل الجديد، موضوع.. أنا سؤالي عن هذا الرجل -رحمه الله- شارك في انقلاب 1963م الذي جاء بالبعث 1966م، شارك مع الحركة الشبابية التي ثارت بالدبابة ضد القيادة التاريخية، وعام 1970م ثار على هذه القيادة نفسها.. هل هو كان بدافع حزبي أم حب في السلطة، أم ماذا؟
صالح عمر علي:
سيدي.. حركة 23 شباط (فبراير)، أنا شخصيًّا أدينها لأنها كانت..
سامي حداد:
عام 1966م.
صلاح عمر علي:
نعم عام 1966م كانت أول سابقة في تاريخ العمل السياسي تستعمل الدبابة لضرب قيادة شرعية منتخبة من قبل جميع منظمات الحزب في الوطن العربي.
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكن هناك من يقول: يا أستاذ صلاح بأن القيادة ترهلت، كانت فترة الستينات نعرف مشحونة بالأجواء الاشتراكية والحماسية، والحزب ترهل بالنسبة إلى هؤلاء، ومن هذا المنطلق يعني ثاروا على القيادة التاريخية.
صلاح عمر علي:
أتفق معك تمام الاتفاق أن أداء القيادة القومية آنذاك كان أداء ضعيف، وكان لنا اعتراضات كثيرة، كان عندنا وجهات نظر عديدة ضد ممارسات القيادة القومية، لكن هذا لا يعطي المبرر لاستعمال السلاح والدبابة لإزاحة قيادة وتعيين قيادة أخرى جديدة بقوة السلاح.
سامي حداد:
إذن عام 1970 عندما تسلم الرئيس الراحل السلطة في سوريا وأزاح هذه القيادة، قيادة 1966م إيش الغرض كان ؟ تصحيحية؟ هل أدرك أنو كانوا الشباب هدول على خطأ؟
صلاح عمر علي:
لو سمحت أنا أعتقد، أنت قدمتني باعتباري تعاملت مع الرئيس حافظ الأسد، أنا لم أتعامل مع الرئيس حافظ الأسد، أنا في الواقع..
سامي حداد:
التقيت به
صلاح عمر علي:
أنا التقيت بالرئيس حافظ الأسد في العديد من المرات، وفي العديد من المناسبات، ولكني كنت أمثل خط سياسي مختلف تمامًا عن خط الرئيس حافظ الأسد، أنا كنت ألتزم بخط القيادة القومية التاريخية، واللي أطلقوا علينا اسم اليمين البعثي، بينما الرئيس حافظ الأسد كان من ضمن مجموعة تطلق عليها اسم اليسار.
سامي حداد:
يعني فيه في حزب البعث يمين ويسار يعني أم أنه حزب واحد؟
صلاح عمر علي:
هذا غير صحيح، الآن كمحصلة أخيرة لما حصل الآن بالإمكان الاستفتاء داخل صفوف الحزب في سوريا وفي العراق مثلا، ليس هناك لا يسار في الحزب ولا يمين، الحزب هو نفس الحزب، المؤمن بالنظرة الاستراتيجية التي وضعت منذ بواكير تأسيس هذا الحزب حتى الآن، بدليل -أيضًا- أن جميع من نادوا باليسار لم يجدوا فرصة أن يبقوا في هذا الحزب، لا في سوريا ولا في العراق ولا في الأردن ولا باقي الأقطار العربية الأخرى، كلهم وجدوا أنفسهم بعد فترة من الزمن خارج الحزب.
سامي حداد:
أستاذ سعيد أبو الريش، كيف تصنف؟
سعيد أبو الريش:
والله.. أنا أزيد على اللي قاله الأستاذ صلاح، وأقول إنه من الأساس ما كنش هناك عقائدية ولا أيديولوجية في حزب البعث، حزب البعث انتهى أيديولوجيكي -كما يقولون بالإنجليزية- في 1961 لما صلاح البيطار وأكرم الحوراني أيدوا الانفصال عن مصر، مهما كانت الأسباب، الوحدة هي من أساس دعوة حزب البعث، فإنو يتخلى عنها معناها أن الحزب انتهى، وكانت هذه بداية النهاية.
وبدي أجاوبك عن شي ثاني، في 1970م المشكلة كانت مشكلة شخصية، ليش؟ لأنو انتهت الأيديولوجي تبع البعث في سوريا، كما كانت بداية النهاية في الأيديولوجي في العراق، إذا كانوا تحت نفس القيادة في نفس الوقت.. ليش ما صارت الوحدة بينهم؟ البعث حاول عدة مرات أن يعمل وحدة في تاريخ الأمة العربية، ولا مرة نجحت, المحاولات موجودة، المحاولات مش كافية، إذا كنت مؤمن بالوحدة بتعمل وحدة.
سامي حداد:
عام 1979م كان هنالك اتجاه، اتجاه.. أريد أن أشرك الأستاذ أحمد أبو صالح في براغ، كان هنالك اتجاه لأن يكون هنالك حزب واحد، دولة واحدة، حزب البعث كان يحكم في كل من سوريا والعراق، الرئيس أحمد حسن البكر اقترح أن يكون أمينًا عامًّا للحزب ورئيسًا للدولة، والرئيس الراحل حافظ الأسد أن يكون مساعدًا للأمين العام للحزب، ولماذا فشلت هذه المحاولة الوحدوية؟
أحمد أبو صالح:
قبل الإجابة على هذا السؤال -أستاذ سامي- رغم أهميته في شي يجب أن يكون واضحًا وهو.
سامي حداد:
باختصار00 باختصار من فضلك، تفضل يا سيدي.
أحمد أبو صالح:
يا سيدي باختصار، لكن الاختصار سيستغرق على الأقل الوقت الذي استغرقه الأستاذ صلاح والأستاذ الآخر اللي أنا ما أذكر اسمه، بصراحة بقول لك إنو نحن المعارضة السورية أنظف معارضة عربية عرفت -على الأقل- في هذا العصر، نحن لم نقبض من السعودية، ولا من الكويت، ولا من إنجلترا، ولا من المخابرات المركزية، ولا من أي جهة أخرى، نحن المعارضة النظيفة 100%، نحن ضد النظام في سوريا، ولكننا لا نقبض من أي جهة من الجهات…
سامي حداد:
إذن عودا إلى موضوع محاولة الوحدة عام 1979م على أساس أن يكون "البكر" رئيسًا للدولة، والرئيس حافظ الأسد نائبًا للرئيس أو نائب الأمين العام..
أحمد أبو صالح:
تعقيب صغير على الأخ الفلسطيني إنو نحنا ما بيطلع لنا نحكي عن الديمقراطية، والديمقراطية يمكن أن تأتي بعد جيل أو جيلين أو عشر أو عشرين سنة، هذا كلام مرفوض، هذا تبرير لما هو قائم في سوريا، إذا كان الأستاذ صلاح عنده استعداد يبرر، فالأستاذ الفلسطيني أعتقد أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يبرر لهذا النظام؛ لأنه يعرف جيدًّا ما فعل هذا النظام بالمقاومة الفلسطينية.
أما بالنسبة لموضوع الوحدة بين سوريا والعراق لِمَ لم تقم؟ إن الوحدة بين سوريا والعراق رغم التوقيع على الميثاق الوطني الذي وقع في سنة 1978 م -على ما أذكر- بين سوريا والعراق، أنا قلت في بيت الأستاذ أكرم الحواني بوجود عدد كبير من البعثيين أن هذا الميثاق لن ينفذ، سألني الأستاذ أكرم الحوارني: ولماذا؟ قلت له: لأن الطرفين غير جادين في تحقيق ما جاء في الميثاق، ما هو إلا لذر الرماد في العيون، ولتمرير مرحلة معينة.
النظام في سوريا لا يمكن أن يقيم وحدة مع أي قطر عربي وخاصة مع العراق؛ لأن نسبة العلويين في سوريا بين 10 إلى 15 % هذا الحد الأقصى، ليس في مقدورهم أن يحكموا قطرين مساحتن 600 ألف كيلو متر مربع، عدد سكانن الآن 40 مليون إنسان بيعرفوا جيدًّا أنو هني إذا قدروا يحموا سوريا إلى حين ليس في مقدورهم أن يحكموا قطرين..
سامي حداد [مقاطعا]:
عفوًا.. ذكرت أستاذ أحمد، أريد أن أعقب قبل هذا الفاصل ، ذكرت موضوع العلويين، أنتم يا أخي بيحكمكم حزب البعث، وحزب البعث مؤسسة ميشيل عفلق وهو مسيحي، يعني حركة القوميين العرب، كان يرأسها ثلاثة مسيحيين: وديع حداد، دكتور جورج حبش، نايف حواتمة. الحزب السوري القومي أسسه أنطوان سعادة وكل قواعده سُنًّة؛ يعني يعني ، ما فيش قصة.. خالد بكداش اللي أسس الحزب الشيوعي في سوريا وكان زعيمه لمدة نصف قرن، كان كرديًّا، ما عمرو واحد قال إنو كان كرديّ، منين بطلعلي قصة علوي وغير علوي الآن وأنتم حزب وحدوي، والأسد وغير الأسد يعني هم أعضاء في حزب البعث
[ موجز الأخبار]
سامي حداد:
أستاذ صلاح عمر علي عودًا إلى موضوع مشروع الوحدة والميثاق الوطني بين سوريا والعراق، وكان من المفترض أن يكون أحمد حسن البكر رئيسًا لدولة الوحدة أمينًا عامًا للحزب، والرئيس السوري حافظ الأسد أن يكون أمينًا عامًا مساعدًا لدولة الوحدة، وسمعت من الأخ أحمد أبو صالح بيقولك إنه لا يمكن أن يكون بين دمشق وبغداد، وأعطى مثال، إنه هناك أقلية فئوية لا يمكن أن تحكم سوريا والعراق في نفس الوقت.
صلاح عمر علي:
أنا ما أعرف طبعًا شو هو قصد الأخ أحمد بهذا الحديث؟ كيف يعني افترض أن الميثاق القومي عندما وقع بين القطرين باتفاق حزبين وحكومتين ورئيسين؛ كيف حط فرضية أن العلويين راح يحكموا قطرين تعدادهما 40 مليون بمساحة 600 ألف كم؟ ليش بنحط فرضية معاكسة؟
أحمد أبو صالح [مقاطعًا]:
لا يستطيعون.. معاكسة طبعًا..
صلاح عمر على [مكملًا]:
منين جاب هذه الفرضية؟ في هناك تنظيمين للحزب في سوريا والعراق، وهناك حكومتين، أنا حسب معلوماتي الدقيقة أن الرئيس حافظ الأسد كان طوال فترة طويلة يجري اتصالات غير مباشرة مع القيادة في العراق، وأنا جزء من هذه القيادة، وكان يعرب باستمرار عن رغبته وعن إيمانه بعودة توحيد الحزب وباستمرار ولم ينقطع، فتكللت كل هذه الاتصالات بالتوقيع على الميثاق القومي سنة 1978م، ووافق الرئيس حافظ الأسد على أن يكون أحمد حسن البكر هو رئيس الدولة، وأن يكون حافظ الأسد نائب الرئيس.. فكيف فرض هالفرضية الخاطئة أن العلويين راح يجون ويحكموا في العراق وسوريا؟
سامي حداد:
إذن لماذا فشل هذا الاتفاق؟
صلاح عمر علي:
من وجهة نظري.. الفرضية عكس ذلك.
أحمد أبو صالح [مقاطعًا]:
ما قلت إن العلويين سيحكمون، قلت ليس في مقدورهم أن يحكموا.
سامي حداد [مقاطعًا]:
يا أخي عندما رشح الرئيس الأسد ليكون نائبًا لدولة الوحدة أو نائب الأمين العام، هو رشح أساسًا من حزب البعث، نحن نتحدث عن حزب البعث، لا نتحدث عن أنو هذا دينه سكناجي وهذا دينه شيء آخر.
صلاح عمر علي:
أنا من وجهة نظري السبب الجوهري لفشل المشروع الوحدوي لعام 1973م أن صدام حسين وجد نفسه راح يكون (Out) خارج السلطة، وبما أن الرئيس صدام حسين معروف عنه هوسه وولعه وتمسكه بالسلطة، بدأ يخطط لإفشال هذا المشروع، فطبعًا كلنا نذكر في عام 1979م عندما أقدم صدام حسين على إجبار الرئيس أحمد حسن البكر على الاستقالة، ومن ثمَّ أعقبها مباشرة إعلان المؤامرة الوهمية، المؤامرة السورية الوهمية ضد نظام حكمه، وأعدم بسبب هذا الإعلان حوالي 54 عضو قيادي في حزب البعث في العراق وكادر متقدم..
سامي حداد:
ولكن هنالك من يقول من البعثيين القدامى الذين لا يتبعون خط دمشق أو بغداد، يقولون إنو يعني مشروع الوحدة كان لأن الرئيس أحمد حسن البكر كان ضعيفًا، ولم يكن قويًّا، وكان الحاكم الفعلي هو صدام حسين الذي أصبح رئيسًا فيما بعد، وكانت هنالك أيضًا الثورة الإيرانية، فأدرك أن هذا المشروع هو للخلاص منه، فأفطر بكم قبل أن تتغذوا فيه.
صلاح عمر على:
ربما كان هذا السبب، لكن أنا أجاوبك على السؤال اللي تفضلت بطرحه، إنو السبب الجوهري في فشل هذا المشروع كان صدام حسين.
سامي حداد:
أستاذ سعيد أبو الريش، أقطاب يعني دمشق وبغداد حزب واحد وهو حزبان، الشيء الوحيد الذي يجمعهم..، دمشق تصدر معارضة قطرية أو بعثية إلى بغداد، وبغداد تصدر معارضة بعثية إلى دمشق، البعثيون في الخارج، عندنا واحد هون في لندن، وواحد في براغ، كانوا قيادات قطرية، كانوا في مجلس قيادة الثورة، وأنت ذكرت شيء، هل انتهى حزب البعث؟
سعيد أبو الريش:
حزب البعث انتهى كحزب عقائدي.
سامي حداد:
ولم يبقَ إلا من يحكمون باسم البعث يعني.
سعيد أبو الريش:
طبيعي.. ما في خلافة في حزب البعث، في خلافة لأشخاص، في خلافة بمعنى ابن حافظ الأسد يجي بعد حافظ الأسد، أو ابن صدام، صدام بيحضره حتى يأخذ الحكم بعد ما يروح صدام، إلى آخره في طرق.. فنهاية حزب البعث، أنا بصر على كلمتي أن نهاية حزب البعث كانت في عام 1961م لما أيد الانفصال السوري، وبعدها العقائدية والإيديولوجية انتهت في الحزب كليَّا، الصراع اللي صار في سوريا في عام 1970م كان صراع شخصي على السلطة، لا أكثر ولا أقل، وكسبها حافظ الأسد لأن حافظ الأسد أذكى وأقدر من الباقين.
عندي كلمة عن محاولة الوحدة في 1978م، أحمد حسن البكر كان مؤمن بالوحدة، وأحمد حسن البكر استعمل هذه الطريقة ليتخلص من صدام حسين، عرف طبيعة صدام حسين بعد مدة من الحكم، وكانت الطريقة الوحيدة أنو يوحد العراق مع سوريا ويجيب نهاية صدام حسين مثل ما تفضلت أنت وقلت أنو "تغدى فيهم قبل ما يفطروا فيه أو يتعشوا فيه".
صدام حسين في نفس الوقت -ما لازم ننسى شي- صدام حسين خاف على مركزه، وقام في الحركة، وقام في الحركة في معو مساعدة من بره، صدام حسين قبل ما يقوم بالحركة -بالانقلاب- هيه التخلص من البكر كان يعني انقلاب؛ لأنو البكر ما بدو يستقيل، فرض عليه الاستقالة، زار الأردن، وزار السعودية، وفتح قناة للاتصالات معها، وزار كل البلاد اللي هي صديقة وقريبة من أمريكا في نفس الوقت، ورجع، وقام في الحركة ضد أحمد حسن البكر، فهذه البلاد هي من أساسها ما عندها مصلحة واحدة أي وحدة بين سوريا والعراق، طول عمرها بتخاف من الوحدة بين سوريا و العراق، السعودية والأردن وإسرائيل ثلاثة في هذا الموضوع مثل بعض ؛ خوفهم الأولاني في الموضوع هادا هي الوحدة العراقية السورية.
سامي حداد:
أستاذ أحمد أبو صالح، هل توافق أن يعني إنو الرئيس صدام حسين يعني استلم السلطة حتى لا تحدث الوحدة بين سوريا والعراق عام 1979م؟
أحمد أبو صالح:
شوف يا صاحبي: حافظ الأسد فعلا كما قال الأستاذ صلاح جاء إلى العراق عدة مرات وبشكل سري، وفي مرة من المرات التي أتى بها بشكل سري جاء بطائرة تحمل حتى الطعام والطباخين؛ لأنه لم يكن واثقًا من أن القائمين على الحكم في العراق لن يدسوا له السم في الدسم، فجلب الغذاء، وجلب الحاشية والحرس كلهم في طائرة واحدة، وطلب إلى العراق أن يسمح له بتحرير ولو شبر من الجولان دون حرب، وعندما لا يستطيع فإنه سوف يتحالف مع العراق لتحقيق الغرض الذي سيعجز عن تحقيقه، وقبض مبلغًا كبيرًا من المال من العراقيين في ذلك الحين، أي أريد أن أقول إن الطرفين لم يكونا ليثقا كل بالجهة الأخرى، يعني لم يكن صدام حسين أو أحمد حسن البكر يثقان بحافظ الأسد وحافظ الأسد أيضًا يعلم جيدًا أنه لو تمت الموافقة في العراق على الوحدة مع سوريا، سوف ينقل عنها؛ لأنه كما ذكرت لك واعترضت عليه عندما قلت بأنه علوي، لعلمك ميشيل عفلق ذاته؛ أنا شخصيًا حضرت فتنة "بانياس" بين المسلمين السنة والعلويين، وفتنة حماة بين أيضًا العلويين والسُّنَّة والتي أعدم على أثرها عدد كبير جدًّا، وكان محافظًا في ذلك الحين لحماة عبد الحليم خدام، جئت إلى مجلس قيادة الثورة، وسردت الموضوع، فقام أمين الحافظ وقال نحن حزب بعث كما تقول الآن، نحن حزب بعث مافيه طائفية، ونحن نرفض الحديث بهذا الشكل، فميشيل عفلق قال دع "أبو طموح" يتكلم، وقال ميشيل عفلق لعلمكم…
سامي حداد [مقاطعًا]:
أبو طموح حضرتك.. نعم.
أحمد أبو صالح:
هاي نقطة مهمة جدًّا، فقط قصة ميشيل عفلق حتى..
سامي حداد [مقاطعًا]:
لا، بالنسبة للمشاهدين عفوًا أبو طموح حضرتك .. .
أحمد أبو صالح:
نعم
سامي حداد :
تفضل
أحمد أبو صالح:
ميشيل عفلق هو الذي قال: والله لو كان اسمي أحمد أو محمد أو مصطفى لانتشر حزب البعث العربي الاشتراكي انتشار النار بالهشيم، ولكن لأن اسمي ميشيل عفلق هذا كان عقبة كأداء في طريق انتشار الحزب، ميشيل عفلق كان لديه الجرأة لأن يقول ذلك، والآن أنا أطالب بشار أن يعترف بأنه ليس قادرًا على حكم سوريا، ولا يجوز بالشكل اللي تمت فيه الخلافة، لا لأجله، ولا لأجل غيره، سوريا لا تحكم بهذا المنطق أو بهذا الأسلوب..
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكن.. أستاذ أحمد أنت تعرف، وأنت سوري من جيل الحرس القديم، تعيش في الخارج، ومعروف أنو أكثر من 50 بالمائة من الشعب السوري هم دون الخمسة والعشرين، الرئيس حافظ الأسد حكم سوريا مدة ثلاثة عقود (أكثر من نصف تاريخها الحديث بعد الاستقلال) عام 1946م، يعني هؤلاء الناس لا يعرفون إلا حافظ الأسد، وبشار الأسد يمثل هذا الجيل الجديد ليس دفاعًا عن بشار الأسد أو الرئيس حافظ الأسد، ولذلك يعني الناس يتطلعون إلى جديد، إلى استمرارية تركة الرئيس الأسد الذي خلق من سوريا دولة يحسب لها ألف حساب، دولة في المنطقة..، حتى عندما يقول كلينتون وقبله بوش، لا يمكن أن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط دون سوريا، لم يكن يتحدث عن البعثيين في الخارج، كان يتحدث عن رجل يعني ركز دعائم السلطة وجعل لبلده مركزا إقليميًّا قويًّا، هل تختلف مع ذلك يا أستاذ؟
أحمد أبو صالح:
يا أستاذ سامي إن كلينتون وأولبرايت وكيسنجر يعنون غير ما تعني أنت أو يعني الأستاذ صلاح، كيسنجر عندما يقول: بأن حافظ الأسد كان مستعدًا للتوقيع والاتفاقات تقريبًا شبه مبرمة، وعندما كلينتون يقول: إننا واثقون من إمكانية التعاون مع خلفه، وقبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية يتعاملون معه كرئيس للجمهورية، إن هؤلاء يقولون ذلك لأن حافظ الأسد هو الأقدر في كل الأقطار العربية على حماية إسرائيل من الحدود مع سوريا في الجولان، لم يطلق عيار ناري واحد حتى لو كان خلبيًّا ضد إسرائيل من هضبة الجولان.
سامي حداد [مقاطعًا]:
يا أستاذ أحمد، هذا الكلام تحدثنا عنه في هذا البرنامج سابقًا، والرجل مات وهو يفاوض، وكان باستطاعته أن يستعيد تسعة أعشار الجولان، ولكنه لم يكن يريد أن يفرط بشبر واحد، لنأخذ هذه المكالمة من الدكتور "حبيب حداد" الذي كان عضو مجلس قيادة الثورة في سوريا ووزير الإعلام في فترة 1966م – 1970م في سوريا، مساء الخير دكتور حبيب حداد من ديترويت.
د. حبيب حداد:
أهلا، أهلا تحياتي أخ سامي، وتحياتي إلى الإخوة المشاركين، أنا في هذه اللحظة في المكتب لا أشاهد التليفزيون، فهل يمكن أن تعطيني فكرة موجزة عما دار من آراء أو نقاش.
سامي حداد:
الموضوع باختصار كان الموضوع حول حياة الرئيس الراحل الأسد، شارك في عام 1963م الثورة التي جاءت بالبعث عام 1966م في الحركة عندما وقفت مجموعة الشباب ضد القيادة التقليدية، ثم تسلموا السلطة عام 1970م في الحركة التصحيحية، هذا الحديث حتى الآن حول هذا الموضوع.
د. حبيب حداد:
نعم.. نعم أعتقد أن الجماهير التي تشاهد، وتستمع إلى هذا البرنامج، يهمها أكثر من الوقائع والتفاصيل، ما أعنيه بأن التفاصيل بين صراعات وأجنحة البعث وبين البعث والقوى السياسية الأخرى ليس مجاله الآن إلا بقدر استخلاص الدروس المستفادة، لكي يتسلح جيل الحاضر -الجيل الذي هو أملنا جميعًا في بناء المستقبل الحقيقي، ومتابعة التطور الحقيقي لسوريا وللمنطقة العربية- بقدر معرفته بالحقائق.
باختصار23 شباط (فبراير) وما قبلها 8 آذار (مارس) وحتى عام 1970م، ما أقصده أن صراعات البعث، تيارات البعث وأجنحة البعث كانت صراعات داخل الحزب الواحد، والصراعات مع القوى السياسية أيضًا كانت صراعات بين البعث والقوى الوطنية، هذه الصراعات خلاصتها ما يمكن أن نستنتجه من ممارسات القوى الوطنية التي غلَّبت في فترة من تاريخ بلادنا التناقضات الثانوية على التناقض الرئيسي، يعني بدل الاتفاق على برنامج سياسي مشترك، وأسلوب عمل مشترك الذي هو الديمقراطية لمتابعة تطوير بلادنا، وهنا نقصد القطر العربي السوري، ومواجهة آثار هزيمة حزيران (يونيو)، فالنتائج والحصاد كان ما حدث في عام 1970م.
ما أريد أن أؤكده الآن بعيد عن أي نظرة عصبوية أو خاصة، أنا هنا ليس من واجبي أن أقول وجهة نظر هذا التيار من البعث كانت هي النظرة الصحيحة والممارسة الصحيحة، وكذلك فيما يتعلق بالقوى الوطنية الأخرى في سوريا، لكن بكل موضوعية ما حدث في عام 1970م يعتبر فترة انقطاع في تاريخ سوريا، فترة انقطاع بمعنى أن النظام الذي قام في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970م قد شكل انقطاعًا في مسيرة التطور السياسي والاجتماعي والحضاري لقطرنا العربي السوري، شو معنات هذا الكلام يا أخ سامي؟
سامي حداد [مقاطعًا]:
باختصار يا أستاذ، نعم..
د. حبيب حداد:
نعم.. الحقيقة عدد كبير من المراقبين والمتتبعين، ومن أبناء جيلنا إما يجهلون أو يتجاهلون هذه الحقيقة، وهى أن ما حدث في سوريا في 13 تشرين الثاني 1970م مشابه إلى حد كبير لما يسمى بـ"ثورة مايو التصحيحية" التي قام بها السادات وضرب التيار أو الخط الناصري، الأمور متواقتة في مصر وفي سوريا حدث تدمير للخط الوطني والخط القومي الذي كان في القطرين، والذي كان يعني في مسار تكاملي، سواء من حيث توحيد القطرين، أو إنهاء حركة التحرر العربية، أو تحرير الأرض المحتلة.
الآن يا سيدي الخلاصة -التي أعتقد- دون الغوص في التفاصيل، فليس هذا مجاله الآن، الخلاصة أن كل الوطنيين والتقدميين في سوريا وفي المنطقة العربية.. لأن مصير سوريا الآن، المأساة التي يمر بها القطر السوري مجتمعًا ودولةً حاضرو مستقبل يهم الأمة العربية كلها، وهذه التجربة الممسوخة المشوهة التي يجري الآن تطبيقها في سوريا يراد تطبيقها في الأقطار العربية الأخرى.
سامي حداد:
دكتور حبيب –عفوًا– أنت كنت وزيرًا للإعلام وخطيب مفوه، لكن اسمح لي أن أسألك يعني: كيف تفسر أنكم عندما جئتم إلى السلطة في شباط (فبراير) عام 1966 م استندتم إلى الجيل الثاني والثالث من حزب البعث وأنتم أول من وضع تقرير عقائدي عام للحزب طرح تحت تسمية المنطلقات النظرية، وتم تبنيه من قبل الحزب، وفرضتم رأيكم، وقمتم بانقلاب على القيادة التاريخية للحزب عن طريق الدبابة لتنفردوا بالسلطة، والآن تتحدثون عن الرئيس الأسد في الحركة التصحيحية عام 1970م بأنه أتى بدماء جديدة، وتدهورت البلد في عهده، وأنتم الذين أنتم تُتهمون في تلك الحركة بأنكم أنتم بشعاراتكم الثورية، وجعلتم من دمشق هانوي الأمة العربية، جررتم عبد الناصر إلى حرب 1967؟
د. حبيب حداد:
يا سيدي.. ذكرت لك أن تلك المرحلة من حياة حركة التحرر العربي سواء على مستوى الخط الفكري أو السياسي أو الممارسات تميزت بالصراع الدامي بين القوى الوطنية والتقدمية العربية، وحتى داخل كل حزب من الأحزاب، طبعًا هذا الشيء حدث نتيجة قصور في وعي وممارسات تلك القوى، هذا شيء يجب أن نعترف به؛ لماذا؟ من أجل تجديد المشروع الحضاري، الأهداف التي نادينا فيها: الوحدة والتحرر والتقدم، الممارسات التي مارستها القوى الوطنية بحسن نية، بقصور نظر، أدت إلى عكس النتائج.
التقرير العقائدي الذي أُقر في المؤتمر القومي السادس، وكان الحزب موحدًا، طبعًا كان أحد عوامل الصراع، على أساس أنو رسم الخط الفكري لتيار في الحزب، ولكن نحن بعد حركة 23 شباط أدنا الأسلوب الذي تمت به حركة 23 شباط سواء من حيث مبرراتها، ولكن مهما كانت مبرراتها من الناحية الفكرية ومن الناحية السياسية وجيهة؛ قلنا إن هذا الطريق قد يفتح القطر إلى دوامة من الانقلابات العسكرية، قد لا يمكن أن تقف عند حد.
سامي حداد:
وكانت النتيجة أنه لم يحدث أي انقلابات، كانت الحركة التصحيحية عام 1970م وحتى الآن لم يحدث أي شيء. أستاذ صلاح عمر علي.
د. حبيب حداد:
أريد أن أقول لك في هذه أن..
سامي حداد:
دكتور أشكرك جدًّا لهذه المداخلة، الواقع لدي تلفونات، وعندي ثلاثة ضيوف وواحد في براغ، شكرًا يا سيدي على هذه المداخلة.
د. حبيب حداد:
لو تسمح لي أن أبين لك يعني الممارسات التي قام بها هذا النظام منذ عام 1970م وحتى الآن في تدمير المجتمع والدولة في سوريا، وبالتالي في الوضع الذي وصلنا إليه، هذا النظام الذي يفتقد إلى أدنى حد من الشرعية والمشروعية، والذي يشكل..
سامي حداد [مقاطعًا]:
أعتقد يا دكتور حداد أنتم آخر منْ يتحدث عن المشروعية، في الدبابة أقصيتم القيادة التاريخية.. أليس كذلك يا أستاذ صلاح عمر؟ الأستاذ صلاح عاوز يجاوب عليك، تفضل يا أستاذ صلاح..
صلاح عمر على:
ما أعتقد الأخ الدكتور حبيب وهو الرجل المثقف المدرك لحقائق الأمور يتغافل عن أن أول سابقة في تاريخ الحزب على الأقل تستعمل فيها الدبابة لحل إشكال تنظيمي أو فكري أو عقائدي استعملت على يد قيادة 23 شباط في سوريا، هذه مسألة دخلت الآن في التاريخ العربي.
سامي حداد:
ولكن هنالك من يقول إن حزب البعث.. هنالك في سوريا حوالي مليون ونصف.. مليون وأربعمائة ألف شخص منتسبون إلى الحزب، تقريبًا نفس العدد في العراق، وهناك مَنْ يدعي أن البعض يدخل حزب البعث على أساس أن يترقى في المناصب ويجد له وظيفة، ومع ذلك إنو هذا الحزب للبقاء في الحكم يتبع أساليب القمع، قوات الأمن، قوات المخابرات، الشرطة، يعني لم يبقَ شيء من الحزب إلا أجهزته القمعية للحفاظ على هذا الحزب.
صلاح عمر علي:
يعني تسمح لي أنا طبعًا ليس.. لا أعتقد أن دوري هنا أن أدافع عن نظام أو حاكم.
سامي حداد [مقاطعًا]:
نحن نتحدث عن الحزب، الحزب تحول الآن إلى مليشيات مسلحة للحفاظ على أي نظام.
صلاح عمر على:
أنا أعتقد أن الحزب في هذه المسألة يعني أعتقد أنه مظلوم كثير، الأجهزة الأمنية التي تشكلت على سبيل المثال في العراق ليس لها علاقة بالحزب، الحزب بقي هو حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب مناضل، حزب يؤمن بالدفاع عن قضايا الأمة، يطالب بالوحدة، وبالحرية للأمة العربية.
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكن ما تبقى من هذا الحزب كما يقول المنتقدون لم يبقَ إلا أقلية تحكم في دمشق وفي بغداد يا أخي.. أين هو الحزب؟
صلاح عمر على:
طبعًا الحاكم عندما يشعر بأنه لا بد أن يبقى في السلطة على حساب كل القيم، وعلى كل المبادئ، وعلى كل المثل التي جاء بها الحزب، بطبيعة الحال هذه النتيجة تكون طبيعية.
سامي حداد:
الأستاذ سعيد أبو الريش..
سعيد أبو الريش:
والله يا سيدي أنا من رأيي أنو الحزب انتهى منذ عام 1961م.
سامي حداد [مقاطعًا]:
قلت ذلك من عام 1961م، عندما وقع قُطبان منه على وثيقة الانفصال عن مصر.
سعيد أبو الريش:
أساس الحكم للحزب، حزب البعث العربي في حياته ما وصل للحكم عن طريقة ديمقراطية في أي بلد عربي، ودخوله على الحكومات بطريقة الدبابة معروفة، ومن وراها نتيجة استعمال الدبابة للدخول على الحكم هي الإدارات الاستخبارية وغيرها والتعذيب ونهاية الحرية في البلد، فهذه من طبيعة الطريقة اللي وصل فيها حزب البعث للحكم، ومن طبيعتها الفساد داخل الحزب؛ إنو الحزب ينتج أشخاص يعتمدوا على هذه الأسلو ..
سامي حداد [مقاطعًا]:
الأساليب..
سعيد أبو الريش:
الأساليب اللي تمشيهم في الحكم على المدى الطويل، الحزب أنهى نفسه لما استعمل الدبابة ضد الحكومات الرسمية وضد القيادات الرسمية، الحزب أنهى نفسه..
سامي حداد:
أستاذ أحمد أبو صالح.. هل توافق في براغ على أن الحزب أنهى نفسه، يعني الثورات تأكل أبناءها؟
أحمد أبو صالح:
أنا شخصيًّا قلت ذلك منذ فترة طويلة، حتى في مجلة "الكلمة الممنوعة" قلت نفس الكلام تقريبا، حزب البعث العربي الاشتراكي بالنسبة لي -وأنا آسف على كل لحظة قضيتها في هذا الحزب- تبين أن هذا الحزب ليس لتحقيق الوحدة أو لتحقيق الحرية أو الديمقراطية أو الاشتراكية.
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكنك يا أستاذ أحمد قبل قليل قلت إنك كنت مختلفًا مع الحزب، أنشأت ما سميته حزب البعث العربي الاشتراكي اليساري حتى عن هذا الحزب تخليت يعنى، وتأسف أنك اشتركت فيه؟
أحمد أبو صالح:
طبعًا، طبعًا، طبعًا، نحن اجتمعنا، اجتمعنا في دمشق، وقررنا حل حزب البعث العربي الاشتراكي اليساري اللي قمنا بتأليفه، وطلعنا بيان قومي عن المؤتمر القومي، والذي طبعناه بلبنان 160 صفحة، ومع ذلك عندما تبين لنا أن الحزب قد استنفد أغراضه ولم يعد الحزب الذي توسلنا به ظنًا منا بأنه وسيلة ناجعة لتحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية تبين أنه عقبة كأداء.
سامي حداد:
عفوًا، إذا كان عقبة كأداء كما تقول وأردت التخلص منه، لماذا إذن تركت دمشق وذهبت إلى البعث في العراق؟
أحمد أبو صالح:
لاعتقادي في ذلك الحين.. أنا شخصيًّا لم أعمل في أي حزب من الأحزاب سوى حزب البعث العربي الاشتراكي، والآن عندما أقول إن الحزب استنفد أغراضه الآن أو قبل سنة أو قبل خمس سنوات، لكن قبل عشرين خمس وعشرين سنة لم تكن لدىَّ نفس قناعات اليوم، كنت أظن أنه بالإمكان تصحيح بعض الأمور من داخل الحزب، لكن عندما تبين لنا بأن هذا مستحيل، عندها أنا أحد الذين تركوا أو تُرِّكوا من حزب البعث العربي الاشتراكي.
أما بالنسبة للوحدة أستاذ سامي لعلمك لو لم يأت حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في 8 آذار (مارس) عام 1963م لعادت الوحدة بين سوريا ومصر؛ لأن القادة ذوي الرتب الكبيرة في الجيش كانوا جميعًا من الناصريين الوحدويين، وكانوا ينادون بإعادة الوحدة، ونحن كنا نقول بتجديد الوحدة على أسس سليمة وإلى آخره…
إذن نحن الذين قطعنا الطريق على الوحدويين الفعليين في سوريا لإعادة الوحدة مع مصر مع ما لدي من مآخذ على الوحدة لأنني كنت قريب جدا من عبد الناصر ومن السلطة، وكنت عضوًا طبعًا في مجلس الأمة، وكنت رئيسًا للاتحاد القومي، أنا مطلع على الأخطاء. لكن كل تلك الأخطاء لا تبرر لأي مواطن عربي شريف أن يتآمر على الوحدة رغم كل الأخطاء.
حزب البعث العربي الاشتراكي من الجهات التي تآمرت على الوحدة سواء بالتوقيع على صك الانفصال، أو بقمع كل حركة ناصرية، نحن كنا نسرح الوحدويين الناصريين، ونأتي بسوريين قوميين وشيوعيين لمجرد أنهم ينتمون إلى طائفة معينة؟
سامي حداد:
شكرًا أستاذ أحمد، لنأخذ هذه المكالمة من ألمانيا من السيد الدكتور شمس الأتاسي تفضل أستاذ شمس.
د. شمس الأتاسي:
مساء الخير أستاذ سامي، مساء الخير الحضور الكرام، الحقيقة أقف اليوم حزينًا ومتألمًا لما آل إليه الوضع في القطر السوري، ونحن أمام عقلية جديدة في تناوب السلطة، الأب يورِّث الابن، وكذلك ينافسه العم على هذا المنصب القيادي. أرجو أن لا يصبح هذه العقلية تقليدًا سائدًا في سوريا إلى الأبد وفي الوطن العربي.
الحقيقة أريد أن أقف أمام القدر الذي حل في سوريا بوفاة الرئيس السوري حافظ الأسد، أقف بلا شك متسائلاً وكلي ألم لما كان يسمى بالحركة التصحيحية، فهل التصحيح يتم بأن يعتقل الرئيس رفاقه السابقين في القيادة القطرية والقومية ورئيسه السابق، ويضعهم في غياهب السجون لمدة 22 سنة أو أكثر دون محاكمة أو تهمة، لمجرد اختلفوا معه في الرأي.
ليس صحيحًا أنه كان صراعًا على السلطة بدليل أن هذه الحادثة يمكن أذكرها لأول مرة أن الرئيس الأتاسي هو الذي استقال وقدم استقالته من الحكم احتجاجًا على تدخل فئات عسكرية معينة، ومحاولة فرض نهجها على الحزب وعلى الدولة، والرئيس الأتاسي كان في منزله عندما قدم إليه قيادات مختلف القطاعات العسكرية، وطلبت منه أن يتنازل عن الاستقالة، ولكنه أجاب أن هناك حزب وهناك مؤتمر، وهناك مقررات، فمن أراد أن يلتزم فليلتزم، ومن أراد فأنا جاهز، فكان اعتقاله في اليوم التالي.
فليس صحيحًا أن الناس مستقتلين على السلطة، وأن الهدف كان هو الاستئثار بالسلطة، كان هناك نهج مختلف، وسياسات مختلفة، المؤتمر أقر نهجًا في السياسة الداخلية وفي السياسة الخارجية، وبالنسبة للقضية الوطنية، لقد كان شعار الحزب في تلك المرحلة حرب التحرير الشعبية، وكانوا يعتقدون -ربما قالها الأستاذ سامي بنوع من الاستهزاء- أنهم كانوا يحاولون أن يحولوا سوريا إلى هانوي جديدة، لكن هذه كانت قناعتهم الحقيقية، لقد وقفوا، وانتصروا للثورة الفلسطينية في الأردن عندما ضربت، وضحوا –يمكن- بمستقبلهم السياسي في الحكم من أجل هذه العملية.
سامي حداد:
ولكن، يا أستاذ شمس الدين، يتهم جماعة 23 شباط 1966م، وكان شقيقك الراحل الدكتور نور الدين الأتاسي رئيس الجمهورية، يعني بالإضافة إلى الشعارات اليسارية المتطرفة، أخذوا يزايدون على جمال عبد الناصر وجروه وجروه إلى حرب 1967م.
د. شمس الأتاسي:
يا أخي العزيز يجب أن الحقيقة أن نترك هذا الموضوع للمؤرخين ومعالجة الموضوع بكل هدوء، فليس في هذه اللحظات تستطيع أن تستفزني وأن أعطيك جوابًا، ولا يستطيع أحد أن يجر عبد الناصر وهذه القيادة التاريخية التي آمنت فيها كل الأمة العربية إلى معركة، لقد كانت الحقيقة، أنا لا أنكر أنه كان هناك تنافس على قيادة الأمة العربية، بين شباب اعتقدوا في أنفسهم قدرة القيادة، وبين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولا أنكر أنه كانت هناك بعض المزايدات، ولكن قيادة تاريخية بحجم الرئيس عبد الناصر هل كان يمكن جره إلى معركة مع إسرائيل؟
ونحن نقول إن العدوان كان مخططًا بالأساس، كان اليهود يريدون ضرب الجيش السوري والمصري، وللأسف كذلك أذكر أول حادثة يمكن تذكر هنا ؛ لأن الصمت والتعتيم كان سائدًا خلال مرحلة العقود الماضية، الاتفاقية العسكرية التي تمت بين سوريا ومصر بعد 1967م اتفاقية سرية، ويجب مراجعة كتاب الأخ محمود رياض للتذكر بهذا الموضوع، وأن حرب 1973م التي تمت في عهد الرئيس حافظ الأسد والسادات كان مخططًا لها في السابق بين الأتاسي وعبد الناصر، هذه أمور تاريخية يمكن يحين الوقت.
سامي حداد:
على كل حال –عفوًا أستاذ شمس الدين- لا نريد أن نعود إلى التاريخ، نريد أن نقف في البرنامج إلى عهد الرئيس الراحل. أستاذ سعيد أبو الريش لو أخذنا سياسات الرئيس الراحل حافظ الأسد الإقليمية بدءًا من التحالف الاستراتيجي مع إيران، كان هناك من يعتقد بأنه تحالف تحالفًا استراتيجيًا مع إيران على أساس كان لديه بعد نظر، حنكة سياسية، على أساس كانت إيران ستقف وقفات حتى الآن ضد أطماع إسرائيل والولايات المتحدة، في حين رآها بعض العرب أنها يعني ضد العراق الذي كان يحارب إيران في تلك الفترة في حرب الخليج الأولى.
سعيد أبو الريش:
مشكلة إيران النظرة إليها تختلف من سوريا عما هي عليه مع العراق، سوريا ليس عندها مشاكل مع إيران، العراق عندها مشاكل مع إيران، ومشاكل مهمة تاريخية بالنسبة.. بالنسبة للسكان، بالنسبة لشط العرب، بالنسبة للحدود، بالنسبة لكل هذه المشاكل.
حافظ الأسد رأى أن إيران بتعطينا عمقًا بالنسبة للصراع مع إسرائيل، وهذه استراتيجيًّا حربيًّا هذا كلام معقول ومقبول، بس في نفس الوقت المشاكل اللي خلفتها إيران للحكم البعثي في العراق كانت تختلف كليًّا، هذه المشاكل التاريخية أخذت صورة جديدة لما تحكم في إيران "آية الله الخميني"، وتحكم في العراق صدام حسين، الخلافات الماضية هي تمت مثل ما هي، تغيرت الشخصيات التي تتحكم في الخلافات، ومن ورائها اثنان عنيدان بدؤوا هذه المشاكل، ما كان حافظ الأسد يتصور أن هذا لازم يصير، حافظ الأسد كان عنده إيمان؛ لأنه ما لازم ننسَى أنه في 1973م إيران حاولت أن تساعد سوريا في حرب أكتوبر، سوريا ومصر في وقتها، فمن ورائها كان عنده إيمان أنه إيران إذا دخلت المعركة معنا الصورة مع إسرائيل بتختلف كليًّا، وهذا قرار استراتيجي، هذا نقدر نناقش فيه سنين.
سامي حداد [مقاطعًا]:
نأخذ رأي الأستاذ صلاح عمر علي وهو عراقي وعضو قيادة مجلس ثورة سابق وقيادة قطرية، يعني التحالف الاستراتيجي بين إيران وسوريا.
صلاح عمر علي:
أنا أحب أضيف إلى ما تفضل الأخ سعيد عامل آخر وهو الصراع المحتدم والقاسي بين القيادتين العراقية والسورية، لابد أن يكون هنا تسليط ضوء على هذه المسألة وتأثيرها على مسألة التحالفات التي جرت آنذاك، فمعروف جدًّا أن صدام حسين أولاً وجَّه اتهام قبل بدء الحرب مع إيران خطير لسوريا فيما يخص موضوع التآمر وبسبب هذا الـ..
سامي حداد:
ذكرته قبل قليل، نعم.
صالح عمر علي:
نعم، اثنين صدام حسين كان يصرف مبالغ طائلة على التدريب والتسليح وعلى متسللين في داخل سوريا، وقام بعدد كبير جدًّا من العمليات التخريبيَّة في داخل سوريا، فهذا أولاً.
ثانيًّا: نتساءل نحن، الحرب العراقية الإيرانية هي حرب ما هي مزحة، كانت حرب من أكبر وأوسع وأعمق الحروب التي شهدها القرن العشرون، طيب نسأل نفسنا هل صدام حسين وهو يرتبط في ميثاق الجامعة العربية وفي تحالفات عربية، هل استشار نظام أو دولة عربية أو حاكم عربي؟ هل استعان بدولة عربية؟ هل استعان بالجامعة العربية لحل الإشكالات القائمة قبل الحرب مع إيران؟
سامي حداد [مقاطعًا]:
كيف تفسر وقوف كل دول الخليج والدول العربية الأخرى مع العراق في تلك الحرب مع إيران إلا سوريا؟ كيف تفسر ذلك؟
صلاح عمر علي:
لو سمحت، تفضل الأخ سعيد وفعلاً ذكر شيئًا أنا أؤيده تمامًا، أن مشكلة إيران وعلاقتها بالدول العربية تختلف بين علاقتها مع العراق عن علاقتها مع سوريا، كذلك أيضًا مسألة تأثير إيران على الخليج يختلف كليًّا عن تأثيرها على سوريا، الخليج.. دول الخليج، أنا طبعًا كنت سفير العراق بالأمم المتحدة، وكنت على اتصال دائم ومستمر مع وزراء الخارجية، مع سفراء الدول الخليجية، وكنا باستمرار نلتقي، كانوا ممثلي دول الخليج عمومًا يؤكدون أنهم حذروا صدام حسين من البدء بالحرب، ولكن عندما أصبحت الحرب واقعًا والعراق أصبح مُهدد..
سامي حداد [مقاطعًا]:
أخذوا يساعدونه ماديًّا.
صلاح عمر علي:
لابد أن يساعدوه.
سامي حداد:
ومصر دعمت، والأردن، إذن كل الدول.. إذن يعني قلت لي كان يجب أن يستشيروا الجامعة العربية، نحن لا نريد أن نعود لتلك الحرب، وأعطيت الأسباب، لماذا سوريا وقفت في التحالف الاستراتيجي مع إيران، إذن كيف تفسر دخول سوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد قوات التحالف الدولي ضد العراق عام 1991م؟
صالح عمر علي:
في..
سامي حداد:
ضد العراق.
صلاح عمر علي:
تقريبًا ما ينسحب على الحرب العراقية الإيرانية ينسحب إلى حد كبير جدًّا على ما حصل مع الكويت.
سامي حداد:
يعني سؤالي أنه هل هي حنكة من الرئيس الأسد عندما نتحدث عن سياسته الإقليمية؟
صالح عمر علي:
والله خليني أصارحك.
سامي حداد:
نعم.
صالح عمر علي:
أنا شخصيًّا.. عندما بدأت الحرب، عندما دخل صدام حسين إلى الكويت يعني أنا استغربت فعلاً لمشاركة سوريا، وإن كانت مشاركة رمزية في هذه الحرب، ولكن كمحصلة نهائية لما أفرزته هذه الحرب من نتائج، الآن نتساءل: وين آلت الأمور؟ إلى أي اتجاه؟ هل أن صدام حسين كان في موقف صحيح؟ هل كان صدام حسين سليم في موقفه؟
[موجز الأخبار]
سامي حداد:
أستاذ صلاح عمر علي من المعروف عن الرئيس الراحل حافظ الأسد بأنه أحاط نفسه بشكل منهجي بهياكل وبُنى سياسية حزبية وتوازنات داخل البلد، مما رسخ دعائم حكمه، الآن من المفروض أن يجتمع يوم السبت السابع عشر من هذا الشهر المؤتمر القطري لحزب البعث الاشتراكي، وسيكون على جدول الأعمال موضوع ربما تعيين الدكتور بشار الأسد نجل الرئيس الراحل أمينًا عامًّا للحزب، وربما يرشح إلى رئاسة الجمهورية، فيما لو تم ذلك هل تعتقد أن السيد بشار الأسد أو الدكتور هل سيستطيع أن يبقي على هذه التركة من والده؛ الحرس القديم؟ وإذا ما أبقاه مَنْ سيتحكم بمَنْ: الحرس القديم أم أنه هو الذي سيتحكم أم سيجري التغييرات؟
صلاح محمد علي:
بطبيعة الحال.. إذا سلمنا بالفرضيات التي تفضلت بها وأصبح الدكتور بشار الأسد رئيس الدولة أو أمين عام الحزب فبطبيعة الحال سيكون مصدر القوة بيد الدكتور بشار الأسد باعتباره رمزالدولة ورمز السلطة، وأن المؤسسات كلها حترتبط بيه، فبالتأكيد سوف تكون القوة التي تدير البلد هو (بشار الأسد) وليس غيره.
سامي حداد:
ولكن هنالك مؤسسات، هنالك مؤسسات في داخل الحزب، في داخل السلطة؛ في الأمين العام، المخابرات، هذه التي كانت الساعد الأيمن للرئيس الراحل، هذه التركة قوية جدًّا.. هل يستطيع أن يتحكم بها؟
صلاح عمر علي:
أنا لا أعني بقولي بأنه راح يكون مُوجه السلطة في سوريا بشار الأسد؛ أن بشار الأسد سيتدخل في كل صغيرة وكبيرة، أوأقصد بهذا إدارة السلطة حتى على مستوى العمل الروتيني.. إنما مصدر القرار السياسي راح يكون بيد الرئيس بشار الأسد، وحال المؤسسات هي طبعًا ترسخت وصار لها سنوات، فراح أيضًا تخضع للقرار السياسي.
سامي حداد:
لكن القرار السياسي في زمن الرئيس الأسد رغم دائمًا في اختياره القرارات الحاسمة، كان يعود إلى القيادة القطرية، إلى مجلس الشعب، ولكن كان الرجل وزنه داخل سوريا القطر العربي السوري في داخل المنطقة العربية، دوليًّا، كان له وزنه الكبير.. هل يستطيع الدكتور بشار الأسد أن يحل محل هذا الوزن الكبير الذي كان يحظى به والده، حتى يتحكم ويمسك بزمام الأمور، ويمسك بها كشعرة معاوية، وبالحنكة السياسية التي كانت معروفة عن الأسد؟
صلاح عمر علي:
أنا لم يتسنَّ لي الظرف لكي ألتقي ببشار الأسد كي أحكم على إمكانياته، وعلى أي حال الأمور راح تتوقف على طريقة أداء القيادة الجديدة في سوريا، وبما أن سوريا الآن على مفترق طرق بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد ترك فراغ كبير جدا، وكذلك كانت هناك مشاريع مطروحة لم تكتمل، مشروع تصفية مظاهر الفساد في سوريا، تطوير الأجهزة الإدارية، إدخال المكننة والتكنولوجيا الحديثة إلى سوريا، بعدين بالحقيقة هناك مسألة لابد من تناولها وهو أن المرحلة اختلفت في كثير من شروطها، الأمر اللي يفرض على القيادة الجديدة شيء من الانفتاح على الشارع، على المواطن، إعطاء حريات، التوسع في مسألة الديمقراطية، إعطاء الأحزاب دورها بالساحة السورية، إذا استطاعت القيادة السورية الجديدة أن تؤدي دورها على هذا المستوى فأعتقد الفرص راح تكون متوفرة.
سامي حداد:
ذكرت فتح المجال أمام الأحزاب، هنالك الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم ستة أحزاب يعني .. ألا تمثل هذه نوع من التعددية السياسية؟
صلاح عمر علي:
أنا قلت مزيد من الانفتاح، مزيد من إعطاء الدور لهذه الأحزاب.
سامي حداد:
أستاذ سعيد أبو الريش ذكر أنه مزيد من الانفتاح، يعني هنالك خطوات بدأها الدكتور بشار الأسد فيما يتعلق باهتمامه بالتكنولوجيات، بالكمبيوتر، حتى الملك عبد الله سمَّاه (The Man Of The Computer) رجل الكمبيوتر، وهذا بحاجة إليه سوريا، انفتاح اقتصادي بدأ منذ فترة من زمن الرئيس الراحل الأسد، الانفتاح الاقتصادي، الاتِّجار، يعني كان هناك مرونة أكثر من السابق، يعني ما هو المطلوب أكثر من ذلك من الدكتور بشار الأسد؟ طبعًا بالإضافة إلى حملة الفساد التي بدأت منذ سنوات.
سعيد أبو الريش:
أول شي نحن نتكلم على شيئين بيختلفوا عن بعض، موضوع الخلافة والوراثة موضوع، وموضوع مقدرة بشار الأسد موضوع ثاني، موضوع الخلافة كمبدأ أنا شي بعارض في كليا، إذا بدنا تصير ملكية في سوريا أو في العراق أو في ليبيا أو في مصر يعلنوها ملكية؛ لأننا بنفهمها في وقتها، وبنتصرف كأننا نعيش في ملكية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
كانت هذه ربما نية لدى الرئيس الأسد أن يكون ابنه باسل الذي توفي في حادث سيارة عام 1994م، الآن لم يترك وصية، لم يقل أريد أن يكون ابني أن يصبح بعدي رئيسًا، ولكن كما لاحظنا مجلس الشعب القيادة القطرية الكل يرشح، يعني ما المانع؟ يعني يجيك واحد ضابط أو واحد من الحرس القديم يستلم السلطة أكثر مما يأتي شاب متعلم متفتح؟
سعيد أبو الريش:
أنا لا أنتقد الدكتور بشار، أنا أنتقد المبدأ، الدكتور بشار حسب معلوماتي شاب قدير، وعنده المقدرة أن يأتي بالتكنولوجيا إلى سوريا، وينهي الفساد في سوريا في نفس الوقت هذه معلوماتي، معلوماتي بالنسبة لسوريا خفيفة، لكن ما لازم ننسى نحنا أنو 70% من الشعب السوري هو من عمر الدكتور بشار أو أصغر، فعنده مجال واسع، ومثلما تفضلت: الافتتاح في سوريا بدي تحت رحمة حافظ الأسد، الشركات المشتركة، القسم الخاص والقسم العام، وغيره من هذا، وفتح الطريق لأموال من الخارج، للشركات والتعاون مع الشركات الأجنبية.
سامي حداد:
والاستثمار داخل سوريا، نعم.
سعيد أبو الريش:
والاستثمار داخل سوريا، فكل هذه المشاكل بدت من زمان.. هل الدكتور بشار قادر على أن يبني على هذا؟ حسب معلوماتي نعم، كل اللي بيعرفوا بيقولوا نعم، لكن أنا شخصيٍّا ما عندي معرفة خاصة به..
[ فاصل إعلاني]
سامي حداد:
لدينا مكالمة هاتفية من لندن مع البروفيسور "نوري جعفر" من كلية لندن الجامعية في منطقة كينزنتون، وليس بالمناسبة كما قلنا في حلقة الأسبوع الماضي عن الحدود داخل الجزيرة العربية، وقلنا إنه من الجامعة الأمريكية، معذرة بروفيسور نوري جعفر تفضل.
نورى جعفر:
مساء الخير أستاذ سامي، تحية لك ولضيوفك الكرام، فيما يخص موضوع اليوم، الواقع هناك ملاحظتين عامة، الملاحظة الأولى هي: "اذكروا فضائل أمواتكم" كما يقال، مع احترامي للأستاذ أحمد من براغ، أستاذ أحمد من براغ وجدها فرصة يبدو لي نوع من تصفية حسابات، في الوقت الحاضر نحن نسعى إلى بناء طريق جديد للوطن العربي، للشعوب العربية في مجال الديمقراطية، في مجال اختيار الأشخاص، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية: الواقع كل الجمهوريات العربية تولوها عسكر تقريبًا، وهم في الثلاثينات من أعمارهم، يعني ما كانوا متقدمين في السن، وهم كانوا كما يقال أصحاب خبرة قليلة، وخبرتهم الأساسية عسكرية فقط، وكان بودي أن أي رئيس جمهورية عربي أنه عنده استعداد أن يعطي المثل للعالم وللوطن العربي بأن يتولى السلطة لدورتين متتاليتين على سبيل المثال أربع سنوات، ومدتها ثماني سنوات ويتنحي، ويعطي المجال للآخرين؛ لكي يلتمسوا الطريق الصواب.
فلماذا نحن نجري وراء الغرب في كل أنماط حياتنا إلا في النظام السياسي في قضايا الديمقراطية وحرية الإنسان؟ وشكرًا لكم.
سامي حداد:
شكرًا بروفيسور نوري جعفر من لندن، أستاذ أحمد أبو صالح الآن سيُعقد السبت السابع عشر من هذا الشهر -غدًا يعني- المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي.. برأيك ما هي أهم التحديات الآن التي تواجه هذا الحزب؟
أحمد أبو صالح:
يا صاحبي، حتى هذه اللحظة كل ما قيل، وكأن سوريا مزرعة صغيرة مملوكة من قبل عائلة معينة، إن سوريا أكبر بكثير مما يظن الآخرون، إن سوريا رغم قول عدد من المشاركين بأن هناك جيل جديد قد يتناغم أو قد يتوافق مع بشار الأسد؛ لبناء سوريا جديدة بالإنترنت والتكنولوجيا، ويمكن الجرارات حتى، انظر يا صاحبي موضوع الإنترنت، أنا حفيدي أفهم من بشار الأسد في موضوع الإنترنت، المهم الآن بالنسبة لسوريا، هل يستطيع بشار الأسد أن يصدر عفوًا عن ألوف المعتقلين السياسيين اللي مضى على وجودهن عشرات السنين، واللي اختفى منهم أيضًا ألوف دون معرفة ذويهم إذا كانوا على قيد الحياة أم صاروا في عالم الغيب.. إذا كان..
سامي حداد [مقاطعًا]:
طيب.. أستاذ أحمد لو فرضنا أنو اختير الدكتور بشار الأسد اختير أمينًا عامًّا غدًا السبت لحزب البعث العربي الاشتراكي، ومن ثم ترشحه القيادة القطرية للحزب، ومن ثم يوافق على ذلك مجلس الشعب، ثم يوضع القرار في استفتاء شعبي، أكثر من ذلك ديمقراطية، أنا ما بأعرف شو اللي عايزو إنت؟ السؤال: لو أصدر الدكتور بشار الأسد عندما يصبح رئيسًا عفوًا عامًّا، هل ستعود حضرتك إلى سوريا إذا كنت مولعًا ومغرمًا ببلدك سوريا؟
أحمد صالح:
يا سيدي، سأعود إذا أعلن غدًا العفو فسأعود على متن أول طائرة تقلع باتجاه دمشق، وسأجد من يرشح نفسه ضد بشار الأسد إذا أجريت انتخابات مو استفتاء بنعم أو لا على شخص بشار في غيبة الشعب في غفلة من الناس، يُفترض ببشار إذا أراد أن يكون مواطنًا بارا في سوريا أن يصدر عفوا عاما عن جميع المعتقلين السياسيين، كي نتبين من غاب منهم بلا رجعة ومن قضى منهم بالسجن..، زائد، وبالمناسبة إن الذين يقتلون 900 سجين في سجن تدمر ليس لهم أي علاقة بالحركات التي قام بها الإسلاميون؛ قتلوا في سجن تدمر على يد زبانية هذا النظام، وأضرب مثلاً صغيرًا..
سامي حداد [مقاطعًا]:
بدون أمثلة.. الله يخليك يا أستاذ.. أستاذ أحمد أبو صالح بدون ضرب أمثلة، لا نريد أن ننبش التاريخ والمفقودين والسجناء والذين عُذبوا، يعني فيش دولة عربية جمهورية كانت أم ملكية إلا مارست هذا النوع من القمع ضد أبناء شعبها.
لنأخذ هذه المكالمة من لندن من السيد "أحمد سلامة" تفضل يا أخ أحمد.
أحمد أبو صالح [مقاطعًا]:
نوافق على أن قادة العرب جميعهم مجرمون.
أحمد سلامة:
مساء الخير، أنا الشيء الوحيد اللي مستغربه.. هل من المعقول أن تختزل كفاءة الشعب السوري وقدراته وإمكانياته بتاريخه العريق الطويل، هل يجوز أن يكون الدستور بهذه الهشاشة بحيث يُفصّل على مقاس بشار الأسد؟ هل انعدمت كل كفاءة الشعب السوري؟
ثم إنكم تتحدثون عن الفساد في أكثر من مقابلات سابقة، وعن محاربة الفساد، وفي الوقت نفسه نجد أن أكبر رموز الفساد هي مازالت وستبقى بجانب الدكتور بشار، وهذا ما يسهل عليهم انتقال السلطة بهذه الطريقة، مَنْ هو المسؤول عن هذا؟ أربعون عامًا والشعب العربي السوري مسحوق على الحصول على لقمة العيش والحريات مغيبة..
سامي حداد:
طيب برأيك أستاذ إذا لم يكن بشارا فباعتقادك من المفروض يرجع؟ يعني أحد نواب الرئيس؟ نائبه السابق؟ نائبه الحالي؟ رئيس الحكومة؟ مَنْ؟
أحمد سلامة:
ليس هذا هو المقصود، ولكن صدقوني لو كان بشار الأسد فعلاً مؤمنًا بالمبادئ والديمقراطية والانفتاح الذي يطرحه حاليًا لما كان عليه أن يقبل أن يكون جزءًا من هذه..
سامي حداد [مقاطعًا]:
طيب برأيك أنت كمواطن سوري، أعتقد حضرتك سوري، برأيك مَن مِن المفترض أن يستلم السلطة؟
أحمد سلامة:
خلوا الشعب يختار، أخي خلوا الشعب يختار، نحن مع الشعب، أن نكون مؤيدين لواحد..
سامي حداد [مقاطعًا]:
عندك مجلس الشعب عدَّل الدستور، وافق على الترشيح.. سيرشح هذا الرجل، سيكون هنالك استفتاء شعبي، وللشعب أن يقول كلمته.
أحمد سلامة:
مجلس الشعب يعدل الدستور في نصف ساعة؟!
سامي حداد:
أستاذ صلاح التحديات التي تواجه الرئيس الدكتور بشار الأسد… يعني موضوع الفساد الذي بدأ فيه الرئيس الأسد من السابق، وسُجن الكثيرون، وحُوكم الكثيرون، وزادت هذه العملية خلال زمن الدكتور بشار الأسد خلال السنتين أو الثلاث سنوات الماضية.. هل تعتقد أن هذه السياسة ستنجح خاصة وأن هنالك من يقول بأن كثيرًا من الحرس القديم هم من المنتفعين من قصة الفساد؟
صلاح عمر علي:
لا شك أن هناك عددًا من القضايا الهامة راح تواجه القيادة الجديدة، نُجملها في ثلاث نقاط، المشكلة في لبنان، مشكلة الجولان، والمشكلة الداخلية، وعلى رأس المشاكل الداخلية تأتي قصة محاربة الفساد، طبعًا محاربة الفساد؛ كنا راقبنا وقرأنا وتابعنا الأخبار الي نشرت خلال أكثر من عام عن حملة القضاء على الفساد في سوريا، وشملت طالت عددًا من المسؤولين وغير المسؤولين في سوريا، أنا أعتقد إذا كان هناك إصرار وجدية في محاربة الفساد في سوريا ستنجح هذه العملية، وستمنح القيادة الجديدة مهما كانت، ستمنحها رصيد قوي وحقيقي في داخل المجتمع السوري.
سامي حداد:
أستاذ سعيد أبو الريش قبل أن ينتهي البرنامج، موضوع عملية السلام.. كيف تعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا ستتعامل مع هذا الملف الذي -يعني الرئيس حافظ الأسد- كان باستطاعته أن يُوقّع اتفاق من على زمان رابين 1992م، 1993م، ولكنه أراد أن تستعاد الجولان كاملة دون أي مليمتر ناقص، وهو الوحيد الذي كان باستطاعته أن يُقدم تنازلات أو لا يقدم تنازلات، هل تعتقد أن القيادة الجديدة.. كيف تتعامل مع هذا الملف؟
سعيد أبو الريش:
هذا تراث حافظ الأسد، والقيادة الجديدة ما بتقدر تخرج عن هالتراث اللي تسلمته في الوقت الحاضر، بعد سنين يمكن أن تُبدي سياسة جديدة بس، لكن لمدة سنة سنتين ثلاثة؛ مجبورة أن يستمروا بطريقة حافظ الأسد وأن يطالبوا بالجولان وكل شبر منها.
سامي حداد:
وماذا عن موضوع الملف اللبناني؟
سعيد أبو الريش:
الملف اللبناني صار أنا باعتقادي إنه أهون من الماضي، انسحاب إسرائيل، الكثيرون يعتقدون أنه صار أهون من الماضي.
سامي حداد:
انسحاب مَنْ قلت؟
سعيد أبو الريش:
انسحاب إسرائيل من لبنان.
سامي حداد:
موضوع الوجود السوري في لبنان أنا قصدت..
سعيد أبو الريش:
أنا بعرف قصدك، والوجود السوري في لبنان صار أهون، انسحاب سوريا، العلاقات السورية اللبنانية جيدة جدًّا في الوقت الحاضر، فالحاجة للوجود السوري العسكري مش مثل ما هي في الماضي، فيستطيعون أن يسحبوا عدد كبير من الجيش، ويدخلوا في علاقة جديدة مع لبنان؛ لأنه ما فيش خطر على الحرب في الوقت الحاضر.
سامي حداد:
وهذا شيء يعود إلى القيادتين اللبنانية والسورية، مشاهدينا الكرام لم يبقَ لنا إلا أن نشكر ضيوف حلقة اليوم، عبر الأقمار الصناعية من مدينة براغ السيد أحمد أبو صالح عضو قيادة مجلس الثورة السوري السابق والتي جاءت بحزب البعث عام 1963م، هنا في لندن السيد صلاح عمر علي عضو مجلس قيادة الثورة العراقي سابقًا وعضو القيادة القطرية، وأخيرًا وليس آخرًا الكاتب والمؤلف الفلسطيني سعيد أبو الريش.
مشاهدينا الكرام حتى نلتقي في حلقة أخرى من برنامج "أكثر من رأي" تحية لكم وإلى اللقاء.