
قضية لوكربي أمام المحكمة
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
سامي حداد:
مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم بعد غيابٍ قصير من لندن، نحن على الهواء مباشرة.
وأخيرًا بدأت المحاكمة في قضية تفجير الطائرة الأمريكية "بان آم" فوق قرية (لوكيربي) باسكتلندا عام 1988م، التي أصبحت تعرف بقضية القرن، هذه القضية اعتبرها الغرب -خاصة بريطانيا والولايات المتحدة- خطيرة إلى حد إحالتها إلى مجلس الأمن بعد عامين من الحادث، إثر توجيه أصابع الاتهام إلى مواطنين ليبيين، مما أدى إلى فرض عقوبات على ليبيا، لأنها لم تسلم المشتبه بهما للمحاكمة في بريطانيا وأمريكا، ردَّت ليبيا على ذلك بأن لجأت إلى محكمة العدل الدولية اعتقادًا منها أن الجماهيرية هي المختصة في محاكمة المتهمين، باعتبار أن اتفاقية "مونتريال" تنص على ذلك، بالإضافة إلى عدم وجود اتفاقية لتسليم المطالبين قضائيًّا بينها وبين لندن وواشنطن.
تم التوصل إلى حل وسط، وذلك أن يقوم ثلاثة من القضاة الأسكتلنديين دون محلفين بمحاكمة المتهمين في بلد ثالث (هولندا).
الاعتقاد السائد أن ليبيا قامت بالعملية انتقامًا للغارة الأمريكية عليها عام 1986م، والآن وبعد اثني عشر عامًا من تفجير الطائرة التي ذهب ضحيتها مائتان وسبعون شخصًا، عادت القضية إلى نقطة البداية، فقد أعلن الدفاع عن المتهمين أن فصائل فلسطينية كانت وراء الحادثة، وخصَّ بالذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة" التي تتخذ من دمشق مقرًّا لها، وجبهة النضال الشعبي.
وهناك نظرية تقول إن إيران مَوَّلت العملية انتقامًا من الأمريكيين الذين أسقطوا خطأً طائرة ركاب إيرانية فوق الخليج قبل خمسة أشهر من حادثة لوكيربي أثناء حرب الخليج، وطلبت إلى الجبهة الشعبية "القيادة العامة" أن تنفذ العملية.
وهناك نظرية أقل شيوعًا، وهي أن مجموعة من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية الخارجين على القانون كانت وراء الجريمة، لتستهدف فريقًا من ضباط المخابرات الأمريكية كانوا على متن الطائرة عائدين من قبرص بعد حصولهم على المعلومات اللازمة لكشف أسرار شبكة لتهريب المخدرات.. كثرت الدوافع، تشابكت القضية، تعددت النظريات.. والأطراف، وكل ذلك يثير تساؤلات عديدة، نحاول قدر المستطاع الإجابة عليها.
معي في الأستديو الأستاذ عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي، والمحامي سعد جبَّار الذي تابع القضية عن كثب منذ بدايتها، وعبر الأقمار الصناعية من استديو الجزيرة في واشنطن ديفيد ماك نائب رئيس مركز واشنطن للشرق الأوسط، وكذلك سيكون معنا من دمشق السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة"، وكان من المفترض أن يشارك معنا عبر الأقمار الصناعية من التلفزيون السوري، ولكن فهمنا -لأسباب فنية- أنه لم يستطع ذلك.
للمشاركة في البرنامج يمكن الاتصال على هاتف رقم: من خارج بريطانيا الأرقام الجديدة: مفتاح لندن 44207، والرقم هو 439910 وفاكس رقم 2074343370.
أهلاً بالضيوف الكرام، ولو بدأنا بالمحامي سعد جبَّار.. محاكمة الليبيين المتهمين بتفجير طائرة "بان آم" عام 1988م فوق لوكيربي المدينة الأسكتلندية بدأت الأسبوع الماضي، الآن عادت القضية وكأنما إلى نقطة الصفر، إذ اتهم الدفاع الفلسطينيين، الجبهة الشعبية القيادة العامة التي تتخذ من دمشق مقرًّا لها، بعد ثمانية عشر شهرًا من بداية التحقيق انتقلت إشارة الأصابع عام 1991م إلى الليبيين، الآن إلى الفلسطينيين، لماذا الآن؟
سعد جبَّار:
من حق الدفاع ومن واجبه أن يثير القضايا التي تهم موكليه، وفي هذه الحالة سيكون غريبًا إن لم يقم الدفاع بإثارة النقطة الأساسية ألا وهي اتجاه التحقيق منذ البداية، ولمدة ثمانية عشر شهرًا -مثلما تفضلت- كان محور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة بقيادة الأخ أحمد جبريل وإيران ودور سوريا إلى حدٍّ ما، فجأة توجهت الأصابع إلى ليبيا، هذا ما حدث، فهنالك مَنْ يعتقد أن ليبيا قد اختيرت لأنها كانت هدفًا رخوًا وضعيفًا، ولأن حرب الخليج قد بدأت، أو كانت على أبوابها، فكان بالأحرى -ولأسباب ميكافيلية- أن تنسى إيران وسوريا في هذه القضية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
إذن أنت تريد أن تقول أراد الدفاع عن المتهمين الليبيين، حسب القضاء الأسكتلندي لا يوجد محلفون، ولكن بسبب إذا ما وجدت شكوك حول المتهمين لن توجه إليهما التهمة فيطلق سراحهما،هذا قصد الدفاع أليس كذلك؟!
سعد جبَّار:
من واجب الدفاع أن يثير كل النقاط، وكل القرائن التي تكون لصالح موكله.
سامي حداد:
ولكن من المعروف أن المدَّعي العام الأسكتلندي "اللورد هاردي" الذي استقال عندما أخفق في إقناع الدفاع عن الليبيين بأنه كان يرمي إلى سحب التهم الموجهة إلى الليبيين مقابل صدور حكم ينص على إدانة دون وجود إثباتات وأدلة، إذن هذه كانت منذ حوالي ثماني سنوات، لماذا الآن بعد ثماني سنوات تعود ليبيا إلى نفس الكرة أو محامي الدفاع؟!
سعد جبَّار:
محامي الدفاع -وكالعادة في المحاكمات أمام القضاء الأسكتلندي- هو أن يتحدث عن النقاط العريضة لما سيعتمد عليه في دفاعه، القضاء الأسكتلندي -على خلاف كل الأنظمة السائدة في العالم- أمامه إما أن يبرئ المتهمين أو يدين المتهمين أو أن يقول ليست هنالك أدلة لإدانتهما، لكن نظرًا لوجود الشك سيكون الحكم في هذه الحالة والبراءة سواسية.
سامي حداد:
لدينا متسع من الوقت للدخول في كل هذه التفاصيل القانونية، وربما السياسية أيضًا.
[ فاصل إعلاني]
سامي حداد:
عبد الباري عطوان، سمعت أن ليبيا كانت هدفًا سهلاً فألصقت التهمة بالليبيين كما قال الأخ المحامي سعد جبَّار، هل توافق على هذه النظرية؟
عبد الباري عطوان:
نعم، أوافق على هذه النظرية بأن ليبيا كانت هدفًا سهلاً، ليبيا ليست مثل إيران، ليبيا ليست مثل سوريا، الولايات المتحدة الأمريكية لم ترد خوض حرب مع إيران، أيضًا كانت تريد من سوريا أن تسير قُدمًا في العملية السلمية متأملة أن تتوج هذه المفاوضات مع سوريا إلى توقيع معاهدة سلام تكون الأخيرة، فلذلك جرى استبعاد كُلٍّ من سوريا ومن إيران من التهمة إلى حين.
يعني أنا تقديري اختيار توقيت المحاكمة أو بدء المحاكمة في الوقت الذي انهارت فيه المفاوضات على المسار السوري الإسرائيلي هو اختيار أو توقيت مضبوط، الهدف منه ممارسة ضغوط على سوريا، توجيه رسالة إلى سوريا أنه إذا لم توقعي الاتفاق -حسب الشروط الإسرائيلية وحسب الشروط الأمريكية- فإننا سنعود إليك، سنعود إلى فتح المحاكمة من جديد، وربما المطالبة بتسليم بعض المتهمين وخاصة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة".
سامي حداد:
إذا كانت ليبيا مستهدفة -وربما زورًا وبهتانًا- إذن برأيك مَنْ كان وراء هذه العملية؟
عبد الباري عطوان:
هو المسألة ليست مَن وراء هذه العملية، يعني أنا ما أخطِّئ الجانب الليبي في هذه المحاكمة، هو كون الدفاع الليبي يتطوع ويلقي بالكرة في ملعب الآخرين، يعني بمعنى أنه فجأة الدفاع يخرج علينا بأسماء فلسطينيين، وإلقاء التهمة على منظمات فلسطينية كانت حليفة جدًّا إلى ليبيا، الأمر الذي أثار استغراب الجميع، يعني أن ليبيا تريد أن تخَلِّص نفسها من هذه التهمة وأن تلقيها على الآخرين. هل هذا الأسلوب كان في إطار الاتفاق الذي جرى التوصل إليه من خلال الوساطات التي أدت إلى عقد المحاكمة في هولندا، أم هو عبارة عن نزق ليبي أو رد فعل ليبي على الخذلان العربي والبهتان العربي الذي تعرضت إليه ليبيا عندما كانت تحت الحصار؟! هذا هو السؤال الذي..
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكن أستاذ عبد الباري يعني نتحدث الآن سياسة.. الآن القضية في المحكمة، المحامي.. القاضي.. النيابة، يتحدثون قضاء بينات، ما بتحدثوش سياسة.
عبد الباري عطوان:
قاضي الادعاء هو الذي يحدد سير المحاكمة، يعني الادعاء اللي هو مفترض أن يطالب..
سامي حداد [مقاطعًا]:
الدفاع الآن قال إن الفلسطينيين هم المسؤولون عن العملية، طيب.. الدفاع هذا رجل قضائي ما له علاقة بالسياسة!!
عبد الباري عطوان:
لا، هذا الدفاع من المفترض أنه يُوحَى إليه، من المفترض أنه يتلقى تعليمات من قِبَلِ الطرف الليبي؛ لأن هذا يمثل الطرف الليبي في هذه المحاكمة، ونحن نعرف أن المتهمَين لهما ارتباطات بالحكومة الليبية.
سعد جبَّار:
نعم، أنا لا أؤمن أن رفاق الأمس من أجل تحرير الأرض الفلسطينية، ومنهم الليبيين والإخوة الفلسطينيين والإيرانيين وغيرهم؛ لا يجب أن يقعوا في مطب (مأزق) أنهم يتحولون مثل الأطفال إلى توجيه التهم، لكن مع الأسف الشديد أن ما جرى في المحكمة أو ما يجري في المحكمة الآن اختزل الأمر فيه إلى وقائع وإلى حقائق، الواقع أن النيابة هي التي بدأت التحقيق على طريق توريط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لماذا لا يقوم الدفاع كذلك باتباع نفس الخط وتكسير هذه النظرية؟ لماذا؟! كانت هنالك ظروف سائدة عندما حدثت الحادثة، ألا وهي ضبط أو اعتقال مجموعة خلية يُدعَى أنها تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ضبط بحوزتها متفجرات..
سامي حداد [مقاطعًا]:
في مدينة فرانكفورت بألمانيا، نعم.
عبد الباري عطوان:
نعم، ضبطت بيدها متفجرات، تشبه المتفجر الذي يُقال أنه استعمل في إسقاط طائرة "بان آم"، أمام أي محام -وأي محام محترم- أن يتبع نفس الخط من أجل تبرئة موكليه، يجب أن ننسى معمر القذافي وننسى ليبيا وننسى سوريا، في قاعة المحكمة أمامي شخصين، هل هما اللذان قاما بهذه العملية أم طرف آخر؟
سامي حداد:
في الواقع دعني أنتقل إلى ديفيد ماك في واشنطن.. ديفيد ماك أرجو أنك قد فهمت ما قيل حتى الآن، بالمناسبة تستطيع أن تتكلم بالإنجليزية، الترجمة جاهزة الآن.. هل توافق أولاً؟ سؤالان.. هل توافق على ما قاله عبد الباري عطوان بأن ليبيا -كما قال أيضًا المحامي سعد جبَّار- ليبيا كانت هدف سهل لإلصاق التهمة بها لأن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا تودان التقرب إلى سوريا بسبب عملية السلام، بسبب عملية عاصفة الصحراء، دخلت سوريا في التحالف الغربي مع أمريكا ضد العراق في تحرير الكويت محاولة استرضاء إيران، ولذلك ألصقت التهمة بليبيا، هل توافق على هذه النظرية؟
ديفيد ماك:
أعتقد أن المراجعة (الآراء) المبنية على الأسباب السياسية لها علاقة بالأمر، لأنه في الواقع منذ عام 1992/1993م الإدارة الأمريكية منذ ذلك الوقت اعتمدت على الأمم المتحدة وعلى فكرة المحاكمة الإجرامية أو القضائية لمعالجة هذا الأمر، وهذا القرار تم اتخاذه في ذلك الوقت، وتم اتباعه منذ ذلك الحين، لذلك أي نظرية معقدة مبنية على تقدم أو تأخر عملية السلام أو على أحداث منذ عام 1992/1993م، ليس لها علاقة بما يجري في هذه المحاكمة، أو في علاقات الولايات المتحدة مع الآخرين، القضايا التي لها علاقة بهذه القضية هي قضايا: أين هي الدلائل؟ وأين تقودنا؟ وما هي المتطلبات من أجل إحقاق العدل وضمن هذه المعايير؟ فإن هذه القضية ستستمر..
سامي حداد [مقاطعًا]:
ولكن ديفيد ماك كما سمعت -السؤال الثاني- فيما يتعلق بأنه مدة ثمانية عشر شهرًا كانت كل الأنظار موجهة إلى الجبهة الشعبية والقيادة العامة، سيشركنا بعد لحظات السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية (القيادة العامة)، وفجأة فجأة تحولت الأنظار عام 1991م إلى ليبيا، ألا يعزز ذلك مقولة أن إلصاق التهمة لأسباب سياسية أمريكية فيما يتعلق بسوريا.. فيما يتعلق بأي تقرب من إيران؟ على أساس أن ليبيا لن تسلم أي شخص.
ديفيد ماك:
العملية من الجبهة الشعبية الديمقراطية (القيادة العامة) بأمر من إيران كانت نظرية مقبولة في حينها في البداية، ولكن الدلائل التي ظهرت بعد ذلك خلال تلك الأشهر الأولى أشارت إلى اتجاه آخر، كانت تشير بوضوح إلى ليبيا، وبدأت دلائل أخرى تظهر، وأصبح من الواضح تمامًا بأن النظرية الأصلية كانت خاطئة، ولذلك فمهما كانت النتائج السياسية فإن قضية العدالة لمائتين وسبعين ضحية من ضحايا لوكربي منهم 178 أمريكي، قضية العدالة هذه يجب أن تحقق من أجل أن نصل إلى الجناة الحقيقيين، والذين نؤمن بأن السلطات الأمريكية تؤمن بأنهم ليبيين.
سامي حداد:
ديفيد ماك شكرًا، سنعود إليك.
[ موجز الأخبار]
سامي حداد:
نتوجه الآن إلى دمشق مع السيد أحمد جبريل الأمين العام للقيادة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة)، سيد أحمد جبريل، ما سرُّ عودة الاتهام من جديد إلى الظهور؟! الدفاع عن المتهمين الليبيين اتهم الجبهة الشعبية (القيادة العامة) التي ترأسها أنت بأنكم كنتم وراء عملية تفجير الطائرة، ما سر هذا الاتهام الآن؟
أحمد جبريل:
مساء الخير..
سامي حداد:
مساء النور..
أحمد جبريل:
التحية لك وللإخوة الجالسين معك..
سامي حداد [مقاطعًا]:
واللي على الأقمار الصناعية، الأمريكاني ما في له سلام؟
أحمد جبريل:
والله أنا استغربت على العدالة الأمريكية تبعهم، وهادي بدها أجوبة، ما باعرف بتوسع البرنامج تبعك للإجابة عليها بكل وضوح أم لا؟
سامي حداد [مقاطعًا]:
سنتطرق إلى موضوع العدالة الأمريكية، ولكن الآن السؤال بالتحديد، سر اتهام الدفاع الليبي لجبهتكم بأنكم كنتم وراء عملية طائرة "بان آم"؟
أحمد جبريل:
في البدء، إذا سمحت لي، أريد أن أوضح بعض الملاحظات القانونية، نحن في الجبهة لسنا في موقع الاتهام بهذه المحاكمة التي تتم الآن في "زايست"، وإن الاتهام الذي وُجِّه لنا هو من محامي الدفاع، محامي الدفاع الأسكتلنديين، ولم يوجه لنا من قِبل جهة الادعاء، هذا أولاً..
سامي حداد [مقاطعًا]:
معروف هذا ولكن السؤال محامي الدفاع يدافع عن الليبيين، هذا يمثل إلى حدٍّ ما ليبيا، بعبارة أخرى، هل تعتقد أن ليبيا تتهمكم بأنكم كنتم وراء حادث التفجير؟
أحمد جبريل:
هؤلاء المحامين الأسكتلنديين يهمهم تبرئة موكليهم (فحيمة والمقراحي) وبكل الوسائل، وكذلك يهمهم تشتيت حجج الادعاء، وهذا أسلوب فني وقانوني متعلق بالمحامين، ومهنتهم الغاية تبرر الوسيلة، ولا أعتقد أنا شخصيًّا أن القيادة في الجماهيرية هي التي أوعزت لمحامي الدفاع في توجيه التهمة لنا أو لغيرنا، وللأسف أيضًا أقول، لم يتسن لنا حتى الآن أن نسأل الإخوة في الجماهيرية لأن الاتصالات بيننا وبينهم مقطوعة منذ أكثر من عشر سنوات..
سامي حداد [مقاطعًا]:
منذ حادثة لوكربي، نعم.
أحمد جبريل:
ولا يوجد لنا مكاتب ولا مواقع في ليبيا، والوجود الفلسطيني الوحيد في ليبيا هو الآن لعرفات وجماعته..
سامي حداد:
يعني بعبارة أخرى؛ هل يمكن أن يفهم المشاهد أن العملية اتهامات، تراشق في الاتهامات، عملية تصفية حسابات بين الجبهة الشعبية للقيادة العامة والجماهيرية الليبية؟!
أحمد جبريل:
لا، أنا لا أفهم هذا الموضوع، وإذا سمحت لي أن تعطني وقتًا لأشرح للمشاهد؛ لأنه كثير من الناس مش عارفين وتختلط الأمور عليهم حول اتهامنا ثم تبرئتنا.
سامي حداد:
باختصار رجاء، تفضل..
أحمد جبريل:
بعد سقوط الطائرة في 20/11/1988م، بعد يومين فقط، وجهت الإدارة الأمريكية التهمة للجبهة، ونحن نفينا أي علاقة لنا بالحادث آنذاك، بدأت الضغوط الأمريكية على سوريا وبشكل كبيرة لمدة ثلاث سنوات متتالية من أجل النيل من الجبهة على الأراضي السورية مطالبة بإغلاق مكاتبنا ومواقعنا ومعسكراتنا وتسليم أحمد جبريل إليهم، واستعملت الإدارة الأمريكية كل وسائل الضغط والإغراء من أجل أن يتم ذلك، وقد أثار الرئيس بوش شخصيًّا أثناء لقائه مع الرئيس الأسد في جنيف هذا الموضوع، كذلك الرئيس كلينتون خلال لقائه مع الرئيس الأسد، وكان موضوع الجبهة على رأس الأجندة لوزارة الخارجية الأمريكية باستمرار، وأيضًا على C I A خلال ثلاث سنوات، كان الموقف السوري وموقف الرئيس الأسد واضحًا وحاسمًا، إذ قال أعطوني الأدلة المادية أو الحسية التي تدين الجبهة أو أحمد جبريل من أجل أن ندرس ذلك ونعطيكم الجواب، وقد وعدت الإدارة الأمريكية أن ترفق إلى سوريا الأدلة التي لديها والمتضمنة إدانتنا، وبالعكس تمامًا فإن الخارجية السورية طلبت مرارًا الأدلة التي تدين الجبهة، وفي النهاية قدمت الإدارة الأمريكية تقارير واهية وخيالية للأسف من صنع أجهزة أمن عرفات التي قدمتها.
سامي حداد:
الواقع أستاذ أحمد جبريل.. يعني الاتهامات، كان هنالك تقرير لوكالة المخابرات الأمريكية عن ذهابكم أنت شخصيًّا إلى إيران بعد سقوط الطائرة الإيرانية المدنية من قِبل سفينة "فينسنسيز" الأمريكية أثناء حرب الخليج في شهر يوليو، وكان هنالك السيد "علي أخبار محتشمي" وزير الداخلية، وقال وقتها: ستمطر السماء دمًا، وقيل في هذا التقرير أنه قَدَّمَ إليك شخصيًّا أو إلى الجبهة مبلغ عشرة ملايين دولار نقدًا وذهبًا للقيام بهذه العملية، العلاقة ليس لها شأن بسوريا، العلاقة أن إيران حاولت استخدام الجبهة.. هكذا يقول هذا التقرير فيما يتعلق بالطائرة.
أحمد جبريل:
يعني لو تدلونا وين العشرة ملايين دولار لأن إحنا الآن في حصار شديد، فأرجوكم نحن محتاجينهم، فإذا تسعو لنا أيضًا فنحن شاكرين، بس أنا قلت لك هناك تقارير واهية وخيالية قدمتها الإدارة الأمريكية، للأسف أحكي لك عنها بصراحة، من الأجهزة الأمنية لعرفات، هذا التقرير اللي قدم إلى CIAمن جماعة عرفات في هذا الموضوع.
سامي حداد:
إذن بعبارة أخرى أستاذ أحمد جبريل تريد أن تقول إن الجبهة الشعبية القيادة العامة لا علاقة لها، لا تتدخل في عمليات الطائرات وتفجيرها أو اختطافها.
أحمد جبريل:
أخي.. خلال ثلاث سنوات في اتهامنا نحن في الجبهة أننا نحن المسؤولين عن هذا العمل، قامت المخابرات الأمريكية بنشاط كبير تجسسي لجمع المعلومات شملت بلاد عربية وأوروبية متعددة وضعت جوائز تصل إلى مليون دولار لمن يقدم لها الأدلة، حاولت شراء ذمم، بعض الناس هنا وهناك، ولكنها وصلت إلى طريق مسدود، فجأة تعلن الإدارة الأمريكية في 14/11/1993م أنها توصلت أن الجبهة بريئة من قضية لوكربي، وأن عنصرين من المخابرات الليبية هما المسؤولين عن ذلك، وقال هذا مصدر رسمي في مؤتمر صحفي في واشنطن، حتى أحد الصحفيين قال له: إن أحمد جبريل يمكن أن يقاضيكم على هذا الاتهام منذ ثلاث سنوات، قال له: Good Luck for Ahmed Gepreel فمعنى ذلك أن ثلاث سنوات وهذه التهمة تلاحقنا وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تقدم الدلائل، لكنها فشلت في هذا الموضوع.
سامي حداد:
ولكن، الآن الولايات المتحدة لا تقدم هذه الاتهامات.. يعني الدفاع عن الليبيين المتهمين يقدم هذه الاتهامات، وربما بإيعاز من الجماهيرية الليبية، الأستاذ سعد..
سعد جبَّار:
والله إذا كنت تسأل على معلوماتي فأنا لا أعرف إذا كانت ليبيا الدولة أو ليبيا كسلطات رسمية قد اتهمت الجبهة الشعبية أو أية جهة أخرى..
سامي حداد:
ومحامي الدفاع ألا يمثل الليبيين؟ ألا يمثل الحكومة الليبية.. المحامي الاسكتلندي؟!
سعد جبَّار:
هذا خطأ، محامي الدفاع يمثل الشخصين الليبيين، لو كنت محاميًا لهذين الرجلين وطلبت مني ليبيا ألا أذكر أو ألا أتابع خطًّا معينًا في التحقيق لرفضت ذلك وانسحبت، لماذا؟ لأن ذلك يعني.. نعم أترك المتهمين لشأني وشأنهما وأخليهم يواجهو أو يعلنان عن إذنابهما [ذنبهما] دون حدوث ذنب؛ لأنهما يقولان نحن لسنا مذنبين.
سامي حداد:
ولكن، بالإضافة إلى ذلك، هنالك حركة فتح، المجلس الثوري التي يتزعمها أبو نضال، قرأنا في الصحف أنها نشرت بيانًا تقول فيه إنها مستعدة أن ترسل شاهدًا بالبينات والقرائن بأن ليبيا كانت مسؤولة عن هذه العملية، إذن الأصابع تعود مرة أخرى إلى ليبيا.
سعد جبَّار:
تلك هي سخرية القدر؛ لأن ليبيا كانت قد عوقبت تكرارًا ومرارًا، وهوجمت عسكريًّا، وحوصرت اقتصاديًّا، وضربت شعبيًّا بتهمة أن ليبيا تؤوي الفلسطينيين، وجبهة الرفض بالذات ومنهم جماعة جبريل وجماعة أبو نضال.. إلى آخره.
الآن يطلع عنصر من هذه الجبهة من جماعة أبو نضال ويقول إن ليبيا هي التي كانت وراء هذه العملية، المعروف أن ليبيا وتحت ضغوط دولية ومنها من أمريكا وغيرها، وكجزء من استيفاء شروط رفع العقوبات عليها؛ إنها تطرد العناصر الفلسطينية، أي العناصر التي تقف وراء عملية أو معاداة أو معارضة السلم في الشرق الأوسط، أي معارضة الاعتراف بإسرائيل..
سامي حداد [مقاطعًا]:
لم ترفع العقوبات، جمدت العقوبات.
سعد جبَّار:
اسمح لي.. هناك نقطة أساسية، جماعة أبو نضال مؤخرًا قد أغلقت، قد أغلق مركزها في ليبيا، ويرى البعض منهم أنهم قد عوقبوا وصودرت أموالهم، ثم لما نرجع للجانب القانوني، إذا كان لجماعة أبو نضال أي دليل يورط الليبيين فليقدموه إلى المحكمة، لكن المحكمة هنا ستنظر إلى مدى مصداقية الشاهد.
سامي حداد:
إذن لماذا لم تقدم ليبيا هذه الاتهامات سنة 1991م عندما وجهت إليها أصابع الاتهام وقالت إن الجبهة الشعبية (القيادة العامة) هي اللي كانت مسؤولة؟
سعد جبَّار:
ليبيا لم تقل ذلك، هذا ما قاله محامي الدفاع.
سامي حداد:
ومحامي الدفاع بيدافع عني وعنك؟ بيدافع عن ليبيا، بيدافع عن الليبيين.
سعد جبَّار:
اسمح لي.. اسمح.. أنت مخطئ.. فنيًّا أنت مخطئ، ويجب ألا نُضلل المشاهدين.
سامي حداد:
لا.. لا.. "الله يخليك".
سعد جبَّار:
لا.. اسمح لي.. يجب ألا نضلل المشاهدين في برنامج كهذا، هنالك متهمان، المتهمان نعم لهم محاميان، إن قلت إن ليبيا لها ضغوط على مواطنيها أن يتوجهوا وجهة أخرى فأنا لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي، أما أن تقول إن ليبيا الدولة هي التي تقول للمحامي ما يفعله فأنا أقول لك في هذه الحالة لماذا لا تقوم ليبيا بالضغط على موكليها ومطالبتهما بالاعتراف أنهما أذنبا.
سامي حداد:
أنت محام.. أنت محام.. رجاء بدي أرجع إلى ديفيد ماك، سأعطيك المجال.. يعني أنت إذا كنت محامي اسكتلندي ترافع عن قضية الليبيين.
سعد جبَّار:
المواطنين.
سامي حداد:
المواطنين المتهمين بهذه القضية.. يعني المعلومات تأتيك من هؤلاء -من هذين- ما بتجيك من القمر.. أستاذ عبد الباري..
عبد الباري عطوان:
يا سيدي أولاً الأستاذ سعد قانوني، لكن المسألة مش محتاجة إلى خبراء في القانون، من أين حصل المحاميين الليبيين على أسماء 11 أو 12 شخصًا من الفلسطينيين في الجبهة الشعبية (القيادة العامة) وفي جبهة النضال الشعبي بالأسماء وبالوقائع؟ لا يمكن إلا إذا كانت الحكومة الليبية قدمت لهما هذه الأسماء، هؤلاء ليسوا.. المحاميين مش جهة لأجهزة مخابرات.
سعد جبَّار:
اسمح لي.
عبد الباري عطوان:
لحظة فقط، فجأة يقف الدفاع الليبي ويقدم أسماء الفلسطينيين، من أين حصلوا عليها؟ حصلوا عليها بإيحاء من المريخ؟ لابد أن المخابرات الليبية أو الحكومة الليبية قدمت هذه الأسماء، وخلطت كل الأوراق في المحاكمة، ونحن نعرف، نحن واجهنا قضايا في هذا البلد، وأنت كنت أحد الأطراف معنا في هذه القضايا، الدفاع دائمًا يتشاور مع الشخص اللي موكله، على كل خطوة وكل دقيقة وكل معلومة، لا يذكر أي معلومة أمام المحكمة إلا إذا كان تشاور مع موكله في هذه المسألة. فتفضل.
سعد جبَّار:
في هذا البلد المحامون لهم وسائل كبيرة من حيث التحقيق، ويستلمون أخبارًا ومعلومات، ويستشيرون هيئات استخبارية خاصة تقدم لهم بعض المعلومات حتى عن الأشخاص، أنا لا أقول هنا.. أنا لست هنا مدافعًا عما قامت به ليبيا أو غيرها، أنا هنا أريد الحديث عن الناحية الفنية، بمعنى لا أستبعد أو أنفي ما تقوله ليبيا كدولة، لكن المعروف أن المحامين دائمًا يستقبلون أو يستلمون الأدلة التي يمكن أن تساعد موكليهما.
سامي حداد:
دعني أنتقل إلى ديفيد.
سعد جبَّار:
ليبيا رسميًّا لم تعلن أنها تُذَنِّبُ أو تُدين الجبهة الشعبية أو غيرها..
سامي حداد:
دعني أنتقل إلى ديفيد ماك في واشنطن.. ديفيد ماك، يلاحظ في هذه المحاكمة أن هنالك فريقًا كبيرًا من القانونيين الأمريكيين الذين بعثت بهم ربما الإدارة الأمريكية لموكلي الضحايا الذين يدلون برأيهم باستشارتهم إلى النيابة العامة، ألا تعتقد أن ذلك سيؤثر على مجرى المحاكمة، على مجرى العدالة، يعني عايزين.. وهكذا تتهم ليبيا أنه ربما هذا يؤثر على مجرى العدالة في المحكمة.
ديفيد ماك:
كلا.. لا أعتقد ذلك، أعتقد في الواقع أن حكومة الولايات المتحدة قد اتخذت القرار بالاعتماد على المحكمة الأسكتلندية، والإجراءات إجراءات العدالة الأسكتلندية، ولا أعتقد في الواقع بأن الخبراء القانونيين الأمريكيين لهم تأثير كبير على.. في هذه القضية، ولسبب واحد وهو أن المحكمة الأسكتلندية لن تقبل بأي تدخل سوى أن يكون بطابع سياسي من الولايات المتحدة وحكومتها، أو بتدخل قانوني من المحامين الذين لهم علاقة بأسر ضحايا لوكربي.. ومن وجهة نظر أخرى أيضًا فإن محامي أسر الضحايا -ضحايا لوكربي- أعتقد بأنهم يركزون على إمكانية أن يكون هناك قضية مدنية ضد ليبيا لاحقًا.. كما حدث في قضية "أوجي سيمسون"O.G.Simson عندما.. بعد أن وجدوه غير مُذنب.
سامي حداد:
في المحكمة الجنائية وبُرِّئ في المحكمة المدنية، نعم.
ديفيد ماك:
ومن وجهة النظر هذه مثلاً.. هناك مثال لما حدث سابقًا فيما يتعلق بأسر ضحايا الفرنسيين الذين قُتلوا من قِبَلْ عُملاء ليبيين، والذين تلقوا تسوية مالية، وأعتقد بأنه سواء كانت المحكمة الأسكتلندية ستجد الليبيين مذنبين، فإنه ستكون هناك جهود ليكون هناك حكمًا مدنيًا في المحاكم الأمريكية ضدهما، وضد الحكومة الليبية من أجل الحصول على تعويض مالي، هناك الكثير من الخبراء في الولايات المتحدة بمن فيهم خبراء يريدون تحسين العلاقات بين ليبيا وأمريكا، ويريدون إنهاء العقوبات على ليبيا، كثير من هؤلاء الخبراء ينصحون الحكومة الليبية أن تُقدِّم تعويضات سخية لأسر الضحايا من أجل تسهيل التقدم السياسي.
سامي حداد:
ولكن عفوًا ديفيد ماك، أنتم.. هذه العدالة الأمريكية التي تحدث عنها أحمد جبريل قبل قليل، أنتم تستبقون الأشياء.. يعني أهالي الضحايا يريدون أن يذهبوا إلى محكمة مدنية كما كانت الحال في قضية الرياضي الأسود أوجي سيمسون.. برَّأته المحكمة الجنائية وأدانته أو دانته المحكمة المدنية، يعني انتظروا.. ألا يُعتبر ذلك تدخلاً في شؤون القضية الآن في مخيم، في معسكر "زايست" بهولندا، بلد ثالث.. قضاة اسكتلنديون، يعني عندما تُثيرون هذه القضايا كأنما تشككون في مجرى العدالة الأسكتلندية، أليس كذلك؟
ديفيد ماك:
كلا.. أنا لا أُسمِّي ذلك تدخلاً، لأنه شيء أتوقع ما سيحدث بعد نهاية المحاكمة التي تنظرها المحكمة الأسكتلندية، فالحكومة الأمريكية نفسها قد اتخذت قرار بالاعتماد على هذه المحكمة الأسكتلندية، والاعتماد على المدَّعي العام الأسكتلندي والقضاة الأسكتلنديين من أجل الحكم على الدلائل المتاحة.
وفيما يتعلق بتقييم المعلومات المتوفرة، فإن الاستخبارات الأمريكية تعتقد بأن كل الدلائل تُشير إلى ضلوع المشتبهَين الليبيين اللذين يخضعان للمحاكمة الآن، وربما أبعد من ذلك، ولكن من أجل حل هذه المسألة فقد تم اتخاذ القرار بأن نترك الأمر للمحكمة الأسكتلندية، وهذه المحكمة الأسكتلندية سترى إلى أين تقود الدلائل والإثباتات، ولا توجد هناك ضغوط من حكومة الولايات المتحدة أو من الأمم المتحدة.
سامي حداد:
يعني بعبارة أخرى تريد أن تقول إن وجود الطاقم الكبير من المحامين الأمريكيين في.. مع النيابة العامة بإعطائها الاستشارة، وهنالك حديث إنو عائلات في إحدى الصحف البريطانية أعتقد أنها "الصنداي تلغراف" أو "الأوبزيرفر" حديث عن أن العائلات أو أهل الضحايا يريدون أن يذهبوا إلى محكمة مدنية للاستمرار في هذه القضية، ولكن دعني أتوقف عند ذلك، فالزميلان هنا لديهما بعض التعقيبات على ما قلت، أولاً عبد الباري عطوان، وبعدين سعد جبَّار يتحدث عن أشياء قانونية.
عبد الباري عطوان:
مستر ماك يتحدث عن العدالة الأمريكية.. يعني نحن الذين عانينا كثيرًا من مثل هذه العدالة الأمريكية، متى كانت أمريكا تنتظر نتائج التحقيقات؟! ومتى كانت تُصر على القانون؟ هل انتظرت نتائج التحقيقات في تفجير ملهى ليلي في برلين عندما ضربت ليبيا بعد أيام معدودة من هذا الانفجار؟ أصدرت الحكم ونفذته دون أن تنتظر التحقيقات أو المحاكمة.
أيضًا نقطة أخرى.. عندما اتهمت العراق بالوقوف خلف محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي "بوش" في الكويت، يعني في نفس الليلة وقبل حتى أن تتهم الكويت العراق رسميًّا بالوقوف خلف هذه المحاكمة [المحاولة] أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية صواريخها لضرب العراق وقُتل مدنيين فيها ولم تُحاكَم، ولم نسمع عن ذلك..
هذه مُحاكمة لمرحلة من النضال العربي وليست محاكمة لشخصين متهمين في تفجير هذه الطائرة، يريدوا أن يُعطوا درسًا للعرب، استضعفوا العرب حاليًا، وللأسف يعني العرب.. مرحلة الانحطاط العربي الراهنة هي التي أدت إلى مثل هذه المحاكمة المهينة.
لو كانت الولايات المتحدة تريد فعلاً مخرجًا مشرفًا لهذه المسألة -وخاصة أن ليبيا عرضت التعويضات المادية لضحايا الطائرة- لكانت فعلت ما فعلته الحكومة الفرنسية في مأساة الطائرة "يوتا" التي أُسقطت في إفريقيا، الحكومة الفرنسية أغلقت الملف، أصدرت الأحكام، ليبيا دفعت تعويضات، وانتهت المسألة عند هذا الحد، لكن الإدارة الأمريكية تريد من خلال هذه المحاكمة إذلال العرب جميعًا، والإثبات بأن العرب إرهابيون، وأن تهدد أي دولة عربية في المستقبل بنفس الشيء إذا ما حاولت استخدام القوة أو استخدام الدفاع عن مصالحها أو لنصرة القضايا العربية.. هذه هي العدالة الأمريكية التي يتحدث عنها المستر ماك.
سامي حداد:
ديفيد ماك.. رجاءً أن تجيب باختصار، وهناك اعتقاد سائد أنو ليبيا مستهدفة، وهنالك مؤامرة تُحاك ضدها، بدأت كما قال عبد الباري بعد التفجيرات في النادي الليلي في برلين، كانت الغارة الأمريكية على ليبيا "لوكر A" كما يسميها العقيد القذافي، والآن أتت "لوكر B" شو بتقول في ذلك؟
ديفيد ماك:
أنا أأسف جدًّا لأن السيد عبد الباري عطوان يستغل هذه الفرصة ليقوم بعملية دعاية مخالفة للواقع، فهو يخلط بين العدالة الأمريكية مع الإرادة السياسية في مراحل معينة في أمريكا، ولكن إذا اقتصر على قضية لوكربي فإنه سيتفق معي بأن الولايات المتحدة قد خوَّلت صلاحياتها إلى سلطة أخرى هي المحكمة الأسكتلندية وتنازلت لهذه المحكمة من أجل أن تتخذ القرار، أن تقرر إذا كان هذان الليبيان اللذان تتهمهما أمريكا هما مسؤولان فعلاً عن حادثة لوكربي، وتقرر هذه المحكمة نفسها إذا يمكن إثبات ذلك أم لا؟
وتحت نظام العدالة الأمريكية، والذي لا أعتقد أن السيد عطوان يفهمه، فإنه من الصعب جدًّا أن تُثبت شيئًا كهذا في محكمة ما كما يَدَّعي بعض أعضاء المخابرات بتقديم تقييم لهم.. من الواضح تمامًا بأنه منذ بداية هذا التحقيق، أي منذ عام 1988م وحتى عام 1991م أو 1992م فإن أجهزة المخابرات الأمريكية كانت تبني نظرياتها على حقائق لم تكن صحيحة، وعندما اتضح بالدلائل والإثباتات أن الإثباتات تشير بوضوح نحو العملاء الليبيين، فهذا هو الاتجاه الذي اتخذته أو اتبعته واشنطن.
سامي حداد:
عفوًا.. عفوًا.. ديفيد ماك.. ديفيد ماك.. معليش إذا ممكن.. ما تقوله لك الحق أن تجيب وأن تشرح وجهة النظر الأمريكية، ولكن أرجو أن تقول باختصار، في الواقع تحولت الأنظار عام 1991م عندما ذهب السيد "عبد الرحيم جعاكا" الليبي الذي كان يعمل في الخطوط الليبية في ليبيا، وتوجه إلى أمريكا وادَّعى بأن ليبيا كانت وراء العملية، ومن هنا اختلفت.. اختلف السيناريو الأمريكي 180 درجة بعدما كانت الجبهة الشعبية أو إيران موَّلت الجبهة الشعبية (القيادة العامة) للقيام بالعملية.. تحولت الأنظار إلى ليبيا.. أليس كذلك يا سعد جبَّار؟
سعد جبَّار:
يبدو.. حتى بعض المصادر الأمريكية تقول إن كل السيناريو بُني على أساس أن ليبيا لن تسلم المتهمين، وعليه عندما قامت ليبيا بالتسليم فقد أصبحت السلطات في أمريكا وبريطانيا في حالة لاعب التسلل الذي يخدع بالتسلل ويسجل هدف ضد نفسه، فمن الناحية الأخرى لا أتفق مع السيد ديفيد ماك عندما يقول إنه كان بإمكان ليبيا أن تقدم تعويضًا لهؤلاء أو عائلات الضحايا، أنا أرى أنه من الخطأ ومن اللا عدل أن تسرب أخبار عائلات الضحايا الأمريكيين وهم يحضرون لرفع دعوى لمطالبة ليبيا بتعويض قدره أربعة مليارات دولار، وذلك قبل أن تنهي المحكمة الأسكتلندية محكمتها.
في هذه الحالة هناك تضارب حقيقي، وهنالك اعتداء سافر على مجرى العدالة، وإن كان لا أرى أن ذلك سيؤثر على القضاة الثلاثة في اسكتلندا، ثم أنا أقول بصراحة إن قضية الليبيين وتضخيم الليبيين.. والله لو كانت ليبيا فاعلاً أساسيًّا في هذه العملية لَمَا فجَّرت هذه القنبلة، حتى هذا في حال افتراض سوء النية أن ليبيا متورطة في هذه العملية.. ليبيا بلد صغير، ليبيا شعب تعب من كل هذه المآسي.. ليبيا..
سامي حداد [مقاطعًا]:
يعني هل تريد أن تقول إن ليبيا.. العقيد القذافي في زمن.. عندما كان في ذروة الثورة، ومساعدة المنظمات تُسمى في الخارج منظمات العنف أو منظمات إرهابية، هذه يمكن نسميها منظمات تحرير وتحرر.. يعني مالهومش علاقة بكل شغلة هاي IRA (بادر ما بين هوفل) (الجيش الأحمر).. ومش عارف إيه وتفجيرات في..
سعد جبَّار:
أخي.. أخي.. كلمة وحيدة، أنا أؤكد ما قاله الأخ عبد الباري عطوان، في الماضي كان هنالك صراع معقد ومتشعب، حركات تحرر تريد الحصول على استقلالها أو تكافح ضد الظلم، فجأة اختُزلت حتى ولو قامت بالعملية هذه، حتى ولو قامت بها منظمة فلسطينية أو منظمة أخرى، منظمة تحررية، اخُتطفت الطائرات في الماضي، قتل أبرياء من الجانبين، لم تختزل القضية في محاكمة جنائية، لذلك فأنا أقول: إننا الآن بلغنا مرحلة جديدة يجب أن تطوى فيها الصفحة، وكان بالإمكان أن تقوم الدول العربية والدول الأوروبية.. أن تحدد صندوقًا معنيًّا لتعويض كافة الضحايا.
سامي حداد:
يا أخ عبد الجبار.. أنا لو كنت أحد أقرباء الضحايا، يعني هي الحكاية (Blood Money) حكاية ابتزاز؟ أعطني فلوس بانسى ومع السلامة؟ هنالك في حق، في قضاء، في عدالة، في قانون دولي..
سعد جبار [مقاطعًا]:
نعم، نعم، هنالك ضحايا في إيران، ضحايا الطائرة، هنالك ضحايا "قانا"، هنالك ضحايا فلسطينيين..
سامي حداد:
في الواقع ذكَّرتني بشيء.. أريد أن أنتقل إلى السيد أحمد جبريل.. آسف يا أستاذ أحمد تركناك، قبل حوالي عشرة أيام كان هنالك برنامج وثائقي في إحدى القنوات الإنجليزية عن موضوع إسقاط الطائرة الإيرانية في شهر يوليو 1988م يعني أربعة أو خمسة أشهر قبل تفجير لوكربي، وقبل نهاية حرب الخليج بأشهر.. وقال ضابط الطائرة بأنه لو لم تقع أو تسقط هذه الطائرة الإيرانية المدنية خطأ لما كان حادث لوكيربي، بعبارة أخرى يريد أن يقول: إن أحد السيناريوهات اللي كانت مطروحة أن إيران كانت وراء العملية انتقامًا لإسقاط الطائرة، ومن ثم عودًا إلى أنو استخدمت الجبهة الشعبية -القيادة العامة- للقيام بهذه العملية، أستاذ أحمد جبريل.
أحمد جبريل:
اسمح لي في البدء.
سامي حداد:
تفضَّل.
أحمد جبريل:
أن أقول للأخ المحامي سعد جبَّار يمكن أن يكون هو محامي يعتمد على الغاية تُبرر الوسيلة، لكن هذه القضية قضية سياسية، ويجب أن يُنظر إليها في أبعادها من كل جوانبها، أنا أعتقد.. كيف أن الجبهة الشعبية -القيادة العامة- بريئة من ذلك، وإيران بريئة؟ أعتقد أن "المقراحي" و"فحيمة" وليبيا أيضًا بريئة من هذا العمل، وها نحن لدينا الاعتقاد ولدينا الشبهات الكاملة، وكان يجب أيضًا الدفاع عما يتمترس وراء هذه الشبهات، بأن الموساد الإسرائيلي هو اللي كان وراء هذا العمل.
سامي حداد:
على أي أساس دائمًا الشماعة على إسرائيل أو أمريكا؟ على أي أساس تبني هذه النظرية يا أستاذ أحمد؟
أحمد جبريل:
أنا راح أحكيلك إياها.. قبل حادث لوكربي انفجرت الانتفاضة المباركة في فلسطين، وكانت عمل شعبي هائل شارك فيه الطفل والمرأة والشيخ، وأصبحت قضية الانتفاضة قضية لها شعبية ولها عمق إنساني في داخل المجتمعات الأوروبية حتى في داخل المجتمع الأمريكي، فكانت الموساد أيضًا تعتقد أن لابد من إيقاف هذا التعاطف مع هذه الانتفاضة في الأرض المحتلة، وهذا التعاطف الذي حصل لأول مرة يقف الكيان الصهيوني معرى إعلاميًّا من خلال انتفاضة أطفال الحجارة.
سامي حداد:
ومن ثم قاموا إذن بتفجير هذه الطائرة لتغيير أنظار الناس عما يجري في فلسطين، هذا ما تريد أن تقوله؟
أحمد جبريل:
هو غايتين كما أريد أن أقول الغاية الأولى: عملت صدمة للمجتمع الأمريكي و الأوروبي، وأن الفلسطينيين هم المسؤولين عن هذا الأمر، بذلك يمكن أن يكون موضوع تعاطف، ولدينا دليل، وكتبته الصحف والمجلات في تلك الفترة أن أكثر من ستين يهوديًّا من المتدينين كانوا يريدون أن يركبوا من لندن على نفس هذه الطائرة، وحجزوا، وطلبوا من الشركة أن يقدم لهم الطعام الخاص اليهودي المعروف، وفي الدقائق الأخيرة قبل إقلاع الطائرة هؤلاء الستين متشدد لم يطلعوا إلى الطائرة.
سامي حداد:
من المعروف أنه كانت هنالك حالة إنذار عامة في أوروبا وأمريكا، ربما يكون هنالك حادث تفجير، خاصة وأنه اعتُقل سبعة عشر شخصًا في فرانكفورت في السويد أو بلاسا، وبعض قيادييهم من الجبهة الشعبية (القيادة العامة) ضُبطت معهم نفس المتفجرات، جهاز توشيبا يعني شبيه بالذي حدث.. يعني إذا كانت لديكم تلك الأدلة إنو كان اليهود كان المفروض أنو يطلع الستين يهودي من مطار لندن على الطائرة وقيل لهم ألا يدخلوا الطائرة.. لماذا لم تقدموا هذه البينات عندما وجهت أصابع الاتهام إليكم في بداية 18 شهر من التحقيق في القضية؟
أحمد جبريل:
يا سيدي.. إحنا ثلاث سنوات عندما كنا متهمين طرحنا كل هذه المعلومات التي لدينا، ثم هذه المجموعات اللي أُلقي القبض عليها في ألمانيا من رفاقنا مع السلاح والعتاد المتطور، كان هدف هذا السلاح والعتاد معروفًا لدى المخابرات الألمانية التي حققت بعد ذلك مع هؤلاء الإخوة، والمخابرات الأمريكية أتت وحققت مع هؤلاء الإخوة لفترة طويلة جدًّا، وشاهدت ما صادرته أجهزة المخابرات الألمانية، كل تلك الأسلحة والعتاد المتطور كان متوجه إلى الأرض المحتلة، كنا نعتبر أن من أوروبا قادرين أن نرسل عبر ميناء الجوت وحيفا السلاح والعتاد في سيارات وفي مخابئ سرية..
سامي حداد:
عفوًا.. أحد المتهمين وهو من كبار عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) السيد "مروان خريسات" من الذين ضُبطوا عام 1988م في شهر أكتوبر، مع هذه الأجهزة التي تقول عنها، يعني هو كان متهمًا أيضًا بتفجير طائرة "العال" عام 1972م عندما أخفى قنبلة في جهاز تشغيل اسطوانات أعطاه لسيدتين في طائرة العال التي كانت متوجهة من روما إلى تل أبيب، وتفجرت الطائرة ولكنها لم تسقط، وإنما أصيبت بأضرار.. يعني هنالك خلفيات إلى الجبهة، أنا لا أقول ذلك هنا، إحدى النظريات التي تقول إن لكم سوابق في هذه العملية.
أحمد جبريل:
أخي، هذا الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني، هذا الصراع مفتوح منذ أكثر من قرن من الزمان، وسيستمر في هذا الأمر، ونحن لا نخفي أننا مستمرين في هذا الصراع، لكننا أيضًا بوصلتنا لم تُخطئ يومًا من الأيام باتجاهات أخرى.. نعم الإسرائيليين والموساد هم في حرب مستمرة معنا، هم يرسلون الطرود إلى منازلنا لتتفجر بنا وبأولادنا، هم يقومون بعمليات الاغتيال في كل مكان، نحن في حالة صراع، نحن وإياهم، فإذا كان هذا "مروان خريسات" اللي بتقول عنه -وهو كان عميل للمخابرات الأردنية- هو اللي قال في مثل هذا الموضوع، هو سلسلة من التآمر المستمر على الجبهة اللي هي رفضت وترفض حتى الآن القبول والإذعان لعملية التفريط في هذه القضية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
يعني هذا الرجل أنت كنت قائده، يعني كان بطلاً عام 1972م، عندما كان له ضلع في محاولة تفجير طائرة العال الإسرائيلية، الآن 1988م يعني الآن أصبح عميل استخبارات، يقال إنه عميل استخبارات، كما تقول أردني أو يشتغل مع الـCIA لا أدري!!
أحمد جبريل:
ما هوه هذا الأمر أنا ما عم باخفيه، إننا في حالة صراع؛ يعني الصهاينة والموساد قتلت لنا مجموعة من الكوادر في أوروبا، أرسلت لنا كما قلت الطرود ، السموم، في معركة مفتوحة بيننا وبين الموساد، هذه المعركة المفتوحة نحن لا نخفيها ولا يمكن أن نخفيها، ولكن إحنا نقول إننا في الجبهة الشعبية (القيادة العامة) هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية أمامه وأجهزتها بريطانيا، إيطاليا، فرنسا، لم يُسَجَّل علينا في يوم من الأيام أننا استهدفنا هدفًا غير الهدف الإسرائيلي الصهيوني، فنحن لسنا في بالنا الـ "بان أميريكان" لأنه يمكن أن يكون يركب هذه الطائرة أقارب لي، ولي أقارب كثيرين في الولايات المتحدة الأمريكية وأقارب "زيد" من الناس، فهذا الموضوع بارجع باحكي لسعد جبار.
هذه القضية يا أخ سعد مش قضية قانونية، هذه قضية سياسية، إحنا بنعرف أنها استهدفت ليبيا لأنها تريد تدمير هذا النظام الثوري اللي كان واقف مع القضية الفلسطينية اللي كانت كلمة السر تبعه يوم ثورة الفاتح "القدس"، إحنا بنعرف أن هذه التهمة هي تهمة جوالة، مرة يلصقوها بنا ومرة بإيران ومرة بسوريا مرة بليبيا، من المفروض أن يكون محامي الدفاع أكثر فهمًا للخلفية السياسية لهذا الموضوع، إحنا فاهمين لما ألصقوها بليبيا كان القصد هي عزل ليبيا على أن يكون لها دور فعال في محاربة مشاريع تصفية قضية فلسطين، قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وكذلك معاقبة ليبيا عن دورها السابق والفعال في كل المجالات، فعلينا أن ننظر لهذه القضية من منظار سياسي وخلفية سياسية، وليس من خلال قضية جرمية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
شكرًا أستاذ أحمد جبريل..
أحمد جبريل [مكملاً]:
ثم إذا كانت قضية جرمية، فأنا أقول إن الموساد، هذا احتمال، الاحتمال الثاني هناك تصفية حسابات بين أجهزة CIA حول تهريب المخدرات.
سامي حداد :
أستاذ أحمد جبريل، شكرًا للمشاركة في البرنامج، وكما فهمت أنك وفيٌّ حتى الآن لليبيا رغم ما صنع الحداد مش "سامي حداد" بينك وبين ليبيا منذ عشر سنوات، سعد جبَّار كنت تريد أن تجيب على الأخ أحمد جبريل.
سعد جبَّار:
أنا لم أتحدث إطلاقًا ولم أنف العنصر السياسي، ولم أنف حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقِّها في الكفاح من أجل استرجاع سيادتها، ما تحدثت عنه، ويجب على الأخ أحمد جبريل ألا ينسى أنني حصرت كلامي في حق الدفاع عن إيجاد وسيلة لتبرئة المتهمين، وأنا أؤكد له أنه مهما كانت نتائج هذه المحاكمة فإن لا بريطانيا ولا أمريكا ولا غيرها يمكنها أن تضع القضية الفلسطينية والتي هي القضية المركزية للعرب والمسلمين..
سامي حداد [مقاطعًا]:
كانت.. كانت.. بلاش ندخل قضية فلسطين وإسرائيل في كل برنامج، الله يخليكو يا جماعة، رجاءً.
سعد جبَّار:
اسمح لي.. دعني أؤكد أن هنالك تهمة مبطنة، أنا أقول لن تستطيع أمريكا ولا بريطانيا ولا غيرها أن تضع أحمد جبريل وغيره في قفص الاتهام، لأن القضية الفلسطينية هي أكبر من أشخاص، وأكبر مني، وأكبر منك، وأكبر من مجموعات أخرى.
سامي حداد:
عبد الباري عطوان، الآن كثر التراشق بالتهم بين الأطراف المختلفة، هل هي محاكمة سياسية أم أنها محاكمة جنائية؟
عبد الباري عطوان:
يعني شوف أنا أتفق مع بعض ما جاء على لسان الأستاذ أحمد جبريل، إذا نظرنا إلى قائمة الإرهاب الأمريكية، نجد أن هذه القائمة تضم الدول التي ساندت الكفاح الفلسطيني، التي وقفت موقف صلب ضد الهيمنة الأمريكية على المنطقة، مثلاً تجد سوريا، تجد ليبيا، تجد العراق، تجد إيران، تجد السودان، الجزائر.. تعرضت إلى ما تعرضت إليه، فهذا يؤكد بأن ما يحدث هو عملية تأديب لهذه الدول الواحدة تلو الأخرى، العراق فرض عليه الحصار، ليبيا فرض عليها الحصار، وانتهى..
سامي حداد [مقاطعًا]:
أعلم ذلك.. عفوًا، هل أفهم من ذلك أستاذ عبد الباري أنك تنفي أن العرب -فلسطينيين أو غير فلسطينيين- قاموا بأعمال خلنا [ دعنا] نسميها أعمال عنف، سواء أعمال فدائية داخل فلسطين، وأعمال عنف في الخارج، تعرضوا إلى مطارات، قصف، قتل مدنيين، تفجيرات هنا وهناك.. يعني ما قاموا بأعمال إرهابية؟
عبد الباري عطوان:
أولاً: لا نستطيع أن نقول هذه عمليات إرهابية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
كما يقول الغرب أنا قلت لك.
عبد الباري عطوان:
تعريف الإرهاب لهذه العمليات صدر للأسف في قمة شرم الشيخ عام 1996م، لكن قبل ذلك كانت تعتبر عمليات وطنية، عمليات دفاع مشروع عن النفس، يعني أنا أستغرب، لو إحنا نتحدث الآن مثلاً في سنة 1970م أو 1975م، هل كنا سنقول هذا الكلام؟ هل كان مثلاً الأستاذ أحمد جبريل سيقول هذا الكلام؟ هل كان الدفاع الليبي سيرمي بأسماء الفلسطينيين هكذا تطوعًا منذ الجلسة الأولى للمحاكمة؟
في هداك [ذلك] الوقت كان عارًا على أي عربي أو أي مسؤول حتى عربي أن يتهم مقاومين فلسطينيين أو مقاومين عرب بأنهم مارسوا الإرهاب أو أنهم تورطوا في ذلك، كانت عمليات الانتقام والانتقام المضاد أمر مشروع.
كانت أمريكا تعتبر عدوًا لنا لأنها تساند العدو الإسرائيلي، يعني أين كانت أمريكا عندما أسقطت إسرائيل ورئيس إسرائيل الحالي "ناخوم جولد" وهو "عيزرا وايزمان" لما أسقط الطائرة الليبية فوق سيناء سنة 1971م وكانت فيها مواطنين ليبيين؟ وين كانت العدالة الأمريكية؟! لماذا لم يحاكم هؤلاء؟! لماذا لم يقولوا إن الرئيس الإسرائيلي اللي كان رئيس هيئة الأركان وقائد الدفاع الجوي مثلاً إرهابي زي ما تفضلت أنت وحكيت عن قانا؟! لماذا لا يعوض هؤلاء ضحايا قانا الذين التجؤوا للأمم المتحدة ولم يعوضهم أحد؟! أين كانت العدالة الأمريكية وهذا القانون الدولي عندما مارست إسرائيل نفسها وخطفت طائرة ليبية وأجبرتها -وأخرى سورية- وأجبرتها على الهبوط في تل أبيب حتى تعتقل "جورج حبش" ومناضلين فلسطينيين آخرين؟!
سامي حداد [مقاطعًا]:
لنطرح هذه الأسئلة على..
عبد الباري عطوان [مكملاً]:
لماذا يعوض ضحاياهم ولا يعوض ضحايانا؟! لماذا؟ هل نحن صنف درجة عاشرة، درجة عشرين مثلاً؟!
سامي حداد:
هذا في الواقع إلى حد ما تحدث عنه ديفيد ماك في البداية على أساس ألا نحول البرنامج إلى برنامج -كما ادعى- برنامج شعارات، ولكن قبل ذلك لنأخذ هذه المكالمة من السيد الرفيق/ صلاح قاسم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح (المجلس الثوري في بيروت) تفضل يا أخ صلاح قاسم.
صلاح قاسم:
شكرًا يا أخ سامي على دعوتنا للحديث في برنامجكم، وبداية أقول للأخ المحامي عبد الجبار أن حصره لإصدار بياننا بأن لنا حقوق وأموال عند القذافي هو حصر خاطئ، فقد نسي المحامي عبد الجبار بأننا تنظيم قومي مَعنيٌ بالوقوف إلى جانب حركات التحرر وقوى الثورة العربية، التي كانت فيما مضى حليفًا للحاكم المطلق في ليبيا، وهو اليوم يحاول تشويهها وتشويه العديد من الأفراد في محاولة منه لتشتيت الأنظار في قضية لوكيربي، إضافة إلى أنه مارس ضدنا ممارسات خاطئة لا يقبل بها أي تنظيم عربي قومي يحترم نفسه لصالح المخطط الأمريكي اليهودي العرفاتي..
سامي حداد [مقاطعًا]:
أخ صلاح قاسم ممكن، حتى لا نصدر اتهامات، والألقاب هنا وهناك، رجاءً دعني أسألك السؤال التالي: أنتم أصدرتم بيانًا قلتم فيه إن لديكم وثائق بأن الجماهيرية الليبية كانت وراء حادثة تفجير طائرة "بان آم" الأمريكية رقم (103) فوق مدينة لوكيربي الأسكتلندية عام 1988م، ولديكم استعداد أن ترسلوا أحد عناصر الحركة مع البيِّنات والشواهد، هل تعتقد أن المحكمة ستقبل بشهادة مجموعة يصفها الغرب بين قوسين "جماعة إرهابية"؟! هل تعتقد أن المحكمة ستقبل شهادة أحد جماعتكم؟!
صلاح قاسم:
أقول لك أخ سامي قبل الإجابة عن هذا السؤال تتحملني في نقطتين ثلاثة.
سامي حداد:
باختصار، رجاءً، تفضل.
صلاح قاسم:
أولاً: أُذَكِّر بأن الحاكم المطلق في ليبيا قد ابتز باسمنا، باسم حركة فتح المجلس الثوري؛ أنظمة عربية بما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار، واسألوا الملوك والأمراء في ذلك، وقد استولى على أموالنا وممتلكاتنا وملابسنا لصالح التوجيهات الأمريكية، ولنا في ذمته ما يزيد عن 24 مليون دولار، ومنذ عشر سنوات ونحن نطالبه بحقوقنا، ولا حياة لمن تنادي..
سامي حداد [مقاطعًا]:
هذا البرنامج ما له علاقة -في الواقع- بالحقوق والواجبات والفلوس اللي كانت لكم عند العقيد القذافي.
صلاح قاسم:
أريد أن أشير إلى أن قضية لوكيربي الآن هي صفقة تتم بين الحاكم المطلق في ليبيا والإدارة الأمريكية لمصالح لها في ذلك، وقد تمَّ توجيه الاتهام للإخوة في الجبهة الشعبية وجبهة النضال، وقطرين عربيين هما المعنيان الآن في مواجهة العدوان اليهودي لصالح هذه الصفقة الأمريكية.. الشاهد الذي نريد أن نرسله..هو مسلح بالمستندات والأدلة..
سامي حداد:
حسنًا يا أخي، عفوًا أستاذ صلاح قاسم، عفوًا إذا كان لديكم أدلة وقرائن بأن ليبيا كانت وراء الحادث، لماذا بعد اثني عشر عامًا من العملية تأتون بهذا النبأ الجديد في الوقت اللي كانت في منظمات رفيقة لكم في السلاح، جبهة النضال الشعبي (القيادة العامة) كلكم ثوريين، الجماعات الرافضة للمشاريع السلمية، لماذا لم تأتوا بذلك منذ البداية، هذه البيِّنة التي لديكم لماذا لم تقولوا ذلك قبل اثني عشر عامًا؟
صلاح قاسم:
أقول لك أخ سامي، بالنسبة لنا لقد خدعنا بالقذافي كما خدع الكثيرون، نحن صدرنا هذا البيان عندما تأكدنا أن القذافي قد خرج من الأمة العربية، وبعد أسبوعين سيكون في عمان للقاء بوفد يهودي، ويحاول الآن ومن أهلنا في الداخل في الأرض المحتلة 48 إنشاء حزب له على أرضية التطبيع مع العدو اليهودي، هذه القضايا وخروج القذافي من أمتنا العربية هي التي..
سامي حداد [مقاطعًا]:
عفوًا توجيه أصابع الاتهام الآن إلى ليبيا، وأنكم على استعداد لإرسال شاهد ليقف مع النيابة، يمكن أن نفهم من ذلك أنه عملية ابتزاز، ادفعوا لنا فلوسنا أو نبعث واحد يشهد ضدكم، أليس كذلك؟!
صلاح قاسم:
لا علاقة لهذه المسألة بالابتزاز.
سامي حداد:
ما انت بتقول أخذ فلوسنا، وطلع عن الإجماع العربي، وعايز يجتمع مع وفد يهودي في عَمَّان الأسبوع القادم.
صلاح قاسم:
نعم، نعم، لأن الابتزاز اللي بيمارسه القذافي مش إحنا اللي بنمارسه، اللي له حق يطالب به ما بيمارس ابتزاز، وأنا باريد أن أشير لك لقضية أن غرفة العمليات المشتركة اللي أخذت هذا القرار كان شاهدنا عضو فيها، وعندما جاءت عاهرة من المخابرات الإيطالية في جلسة حمراء في طرابلس قرر الشيخ "عبد الله السنوسي" إنهاء غرفة العمليات، شاهدنا..
سامي حداد:
كنتم شاهدين ومشاركين في هذه الليلة الحمراء أستاذ سعد جبار، شو بترد على هذه الأقاويل؟
سعد جبَّار:
أنا تحدثت أولاً عن حصار القضية من الناحية القانونية، وعندما تحدثت عن ليبيا لم أتحدث عن السياسيين، قضية لوكيربي ضحيتها الملايين من الليبيين.. الليبيون الذين فقدوا من ثروتهم بسبب هذه القضية عشرين مليار دولار.. الليبيون الذي حُرِموا من نقل مرضاهم إلى الخارج وماتوا في حوادث الطريق.. الليبيون الذين أهينوا في مطارات في دول صديقة و شقيقة.. أنا أفرق بين نظام ما في دولة ما وبين شعبه، وأفرق حتى لو يكون النظام أو الحاكم ظالمًا، فأنا ضد مَنْ يقدم أو من يقابل الظلم بالظلم، هذه هي القضية الأساسية، وهذا هو الفرق بيني وبين الأخ الذي تكرم علينا بإعطائنا دروس حول النضال القومي العربي، لا يبرر للمناضل أن يظلم طرفًا آخر مهما كان ذلكم الطرف ظالمًا.
سامي حداد:
ولكن هناك مقولة أن الثورات تأكل أبناءها، أليس كذلك يا عبد الباري عطوان؟
عبد الباري عطوان:
أنا شخصيًّا أشعر بحسرة، سواء من قبل الدفاع الليبي الذي زج بأسماء الفلسطينيين في هذه المسألة، مثلما أشعر بالحسرة نفسها عندما أشاهد حلفاء الأمس يتبادلون الاتهامات، كنت أتمنى أنا شخصيًّا أن يتم حصر هذه الأمور في زاوية الجانب القانوني وتتم المحاكمة، خاصة مثلما قلنا إن هناك صفقة سياسية عُقدت وعلى أساسها تمت هذه المحاكمة، يجب ألا..
سامي حداد:
عفوًا، ذكرت أن هنالك صفقة سياسية، ماذا تقصد بهذا؟
عبد الباري عطوان:
الصفقة السياسية يعني أولاً أدت إلى تجميد الحصار أولاًعلى ليبيا.
سامي حداد:
يعني الصفقة التي دخلت فيها السعودية و"مانديلا" رئيس جنوب إفريقيا السابق، على أساس أنه نيابة عن أمريكا.. سَلِّمُوا هالمتهمين ومن ثم نجمد..؟
عبد الباري عطوان:
لا، لا، هي صفقة متكاملة، أولاً الوساطة السعودية مع مانديلا، ثم سلوك الجماهيرية الليبية، ليبيا تغيرت، ليبيا أغلقت مكاتب جميع المنظمات الثورية العربية، قطعت علاقاتها مع كل المنظمات الثورية العالمية، أيضًا ألغت ارتباطها القومي مع العرب، وأعلن ذلك العقيد القذافي، إذ قررت فجأة أنها دولة أفريقية ليس لها علاقة بالعرب على الإطلاق، يعني ما يهمها بسبب المرارات التي تعرضت لها، لأن العرب لم يقاوموا الحصار لأن الذين قاوموا الحصار هم الأفارقة في قمة "أوجادوجو"، يعني كل هذه الأشياء أنها كانت صفقة من ضمن التسوية السياسية أن ليبيا تقطع صلاتها بكل شيء اسمه عربي أو ثورة عربية أو نضال عربي أو كفاح عربي مقابل أيضًا أن تقدم معلومات لبريطانيا عن AIR، وقدمت ليبيا معلومات عن AIR أيضًا، وفوق كل ذلك اللي هي يعني حصر المحاكمة في المتهمين، وبعدين يتم تقديم تعويضات بشكل أو بآخر إلى هذه المسألة.
سامي حداد:
يعني ليبيا -نفهم- ضد هذين الشخصين كما قال العقيد القذافي في برنامج Sky البريطاني مؤخرًا أنو المحاكمة ستكون ضد هذين الشخصين كفردين ولا علاقة للنظام بذلك؟
عبد الباري عطوان:
بالضبط..
[موجز الأخبار]
سامي حداد:
لو انتقلنا إلى واشنطن مع ديفيد ماك الذي عمل سفيرًا ودبلوماسيًّا في عدد من الدول العربية، وأيضًا في ليبيا لمدة ثلاث سنوات في بداية حكم العقيد القذافي في ثورة الفاتح من أيلول (سبتمبر) عام 1969م، سيد ديفيد ماك قال العقيد القذافي مؤخرًا في مقابلة تليفزيونية إن المحاكمة ستكون فردية، ولا علاقة لها بالنظام، وقال أيضًا: لدينا تفاهم أن تنتهي المحكمة عند هذين الشخصين، هل نفهم من ذلك أن هناك صفقة ما جرت بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، والجماهيرية الليبية من جهة أخرى، بأن تختزل كل هذه القضية -قضية القرن- بشخصين اثنين؟
ديفيد ماك:
كلا، لم تكن هناك صفقة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الليبية، عندما يتحدث العقيد القذافي عن مفهومه فإنه يتحدث إلى أشخاص كثيرين ليسوا مخولين من قبل الحكومة الأمريكية للتحدث باسمها، الشخص الوحيد المخول من قبل الحكومة الأمريكية للتحدث باسم الحكومة هو الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، لذلك ما يمكن أن يكون قد سمعه القذافي من مصادر أخرى قد تؤدي به إلى خلاصة بأن هذه القضية ستختزل على هذين الشخصين أمام المحاكمة، وهذا ليس موقف الولايات المتحدة، موقف الولايات المتحدة هو أننا لن نضغط على المحكمة الأسكتلندية، ولكن المحكمة الأسكتلندية حرَّة في اتباع الإثباتات مهما.. إلى أين تؤدي وإلى أي مكان وفقًا لمبادئ العدالة الأسكتلندية..
سامي حداد:
إذن يا سيد ديفيد ماك كيف تفسر من هذا المنطلق أن أمريكا وافقت على تجميد العقوبات المفروضة على ليبيا منذ عام 1992 ؟ كيف تفسر ذهاب بعثة قنصلية أمريكية للنظر في سفر الأمريكيين إلى الجماهيرية الليبية؟ كيف تفسر أنو بريطانيا في طريقها إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا وموضوع النفط وشركات النفط وأمريكا وبريطانيا خارج العملية؟ ألا يوجد هنالك صفقة على أن تقتصر العملية على هذين الشخصين ولا علاقة للنظام بذلك بعد ذلك؟
ديفيد ماك:
علينا أن نقر بأن هناك كثير من التغيير في العالم منذ عام 1988، فيما يتعلق بالولايات المتحدة لم نتخل عن رغبتنا في إحقاق العدالة لضحايا طائرة "بان أمريكان 103" التي أسقطت فوق لوكيربي، وفيما يتعلق بالأسئلة الأخرى مثل عقوبات الأمم المتحدة على ليبيا، فمن الواضح أن الموقف الأمريكي قد أصبح معزولاً في الأمم المتحدة، ولهذا السبب أعتقد بأن حكومة الولايات المتحدة وحكومة بريطانيا وافقتا على حل وسط بموجبه تقوم ليبيا أو قيل إلى ليبيا أنها إذا سلمت المتهمين إلى محكمة أسكتلندية في هولندا، فعندئذٍ فإن عقوبات الأمم المتحدة سيتم تجميدها أو تعليقها، وفي نفس الوقت تحافظ الولايات المتحدة على عقوباتها الخاصة ضد ليبيا، وهناك أيضًا تقييد مبني على الاعتبارات الأمنية في حركة المواطنين الأمريكيين بالسفر إلى ليبيا باستخدام جواز السفر الأمريكي.
سامي حداد:
إذن يا سيد ديفيد ماك، الآن قلت إنه كان هناك نوع من الحل الوسط حتى يسلم الليبيون المتهمين، تجميد العقوبات كان هنالك حل وسط، في حال أن هذين المتهمين وجدا مذنبين، ومعنى ذلك أنو ربما دفعت ليبيا تعويضات وانتهت القضية عند هذا الحد، أم أنكم ستتابعون قضية ملاحقة النظام الليبي وعلاقاته مع الغرب؟
ديفيد ماك:
أعتقد بأن هذا السؤال افتراضي، ولكن مع ذلك أعتقد بأنه لا يوجد شك بأنه إذا تعاونت ليبيا بشكل كامل مع هذه المحكمة الأسكتلندية، وهذا يعني التعاون حتى لو أن الدلائل والقرائن في المحكمة تكون محرجة للحكومة لليبية وليس فقط بالنسبة للشخصين المتهمين، وإذا تعاونت ليبيا بشكل كامل مع هذه المحكمة الأسكتلندية والتزمت بكافة العناصر الأخرى لقرارات الأمم المتحدة بما فيها مسألة التعويضات لأسر الضحايا، لا أعتقد بأن واقع الأمر سيؤدي إلى احتمالات جديدة لعلاقة إيجابية بين الولايات المتحدة وليبيا، ولكن الكثير من هذا يعتمد على تصرفات ليبيا والاستمرار في التوجه نحو تحسين أفضل والتزام أكبر بالمعايير الدولية، ولهذا عواقبه فيما يتعلق بالتغيير في تصرفات ليبيا السياسية خلال السنوات..
سامي حداد [مقاطعًا]:
شكرًا ديفيد ماك نحن في نهاية البرنامج، سعد جبار باختصار لو أدين المتهمان، هل سينتقل السؤال بعد ذلك -على الأقل أمريكيًّا- إلى من كان وراءهما؟ بعبارة أخرى المخابرات الليبية، النظام الليبي؟
سعد جبَّار:
يبدو أن المحاكمة هي نقطة النهاية؛ لأن هنالك شعور حتى في الأوساط الأمريكية ديفيد ماك لم يشر إليها أن هنالك فعلاً تراجع أو أن هنالك ضعف حقيقي في قضية الاتهام، لأن الاتهام لحد الآن في محكمة اسكتلندا لم يأت بالكثير.. أي أن ملفه بات ضعيفًا، يمكن أن ينهار في أي دقيقة، هذا من ناحية..
سامي حداد [مقاطعًا]:
ألا تعتقد أن هذه الجملة تعتبر انحيازًا.. تدخل في شؤون المحكمة، لسه المحكمة في بدايتها، عندك 1200 شاهدٍ عند ممثل الادعاء؟
سعد جبَّار:
نعم، نعم، بالتأكيد، شوف، نحن شاهدنا عودة العلاقات بين بريطانيا وليبيا، شاهدنا انفراجًا بين أمريكا وليبيا، شاهدنا ترتيبًا من قبل الإدارة الأمريكية إلى ما بعد قضية لوكيربي، قضية لوكيربي يا أخي تنتمي إلى فترة الحرب الباردة، تنتمي إلى فترة عندما كان الفلسطينيون والإسرائيليون في حالة حرب، هناك جزء من الفلسطينيين وهناك جزء من العرب هم الآن في حالة سلام، فالقضية كان من المفروض على الذين يتفاوضون مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي أن يدخلوا قضية لوكيربي كجزء من تلك الفترة، ومن تلك الحرب، ويجب أن يطوى ملفها..
سامي حداد [مقاطعًا]:
اذهب وقل ذلك إلى أهالي الضحايا الأمريكيين والبريطانيين والأسكتلنديين.. عبد الباري.
عبد الباري عطوان:
تعليق لابد من قوله، يبدو أن الحصار هو تهذيب وإصلاح، وأعتقد أن الثمان سنوات الأخيرة كانت بمثابة تهذيب وتأديب وإصلاح لليبيا؛ بدليل أن هذه هي العقوبة الحقيقية، يعني العقوبة نفذت وطبقت على ليبيا وانتهت، وأصبحت الآن هذه المحاكمة لطي الصفحة بدليل أن أمريكا أعادت علاقتها تقريبًا مع ليبيا، والشركات الأمريكية الآن تزور ليبيا بحثًا عن صفقات عمل، بريطانيا الآن استأنفت العلاقات الدبلوماسية، وهناك سفير بريطاني في ليبيا، هذا دليل أن الحكم صدر، ولو لم يصدر حكم، لو كانت هناك إدانة لليبيا مقررة لما أعادت بريطانيا العلاقات مع ليبيا، ولما أعادت أمريكا العلاقات مع ليبيا..
سعد جبار [مقاطعًا]:
دليل على ضعف، ولكن مع..
عبد الباري عطوان [مقاطعًا]:
لحظة خليني أكمل، العقوبة تمت، وليبيا مرت في العقاب الذي تعتقد أمريكا أنها استحقته، وهذا الانفراج والشركات والمغريات الكبيرة للشركات البريطانية والأمريكية هي دليل على أن هذه المحاكمة صورية شكلية، وما حدث هو أنو انتهت المسألة، وأعتقد أننا سنرى نهاية سعيدة ليبياً على الأقل لمثل هذه المحاكمة.
سامي حداد:
إذًا كيف نفسر ما قاله السيد إبراهيم الغويل أحد أعضاء الفريق القانوني الليبي في الدفاع عن المتهمين بأن هنالك خشية لدى الليبيين أن تتحول المحاكمة إلى محاكمة سياسية، بالإضافة إلى ذلك الفضائية الليبية قبل أيام ذكرت أن أمريكا سخرت فريقًا قانونيًّا للضغط على المحكمة لتجريم الليبيين، وقال المعلق السياسي لوكالة الأنباء الليبية -ومعروف أن الرجل أعظم في ليبيا يقول ذلك- لقد تحولت المحكمة إلى أداة في يد أمريكا قبل أن يصدر عنها أي حكم، حتى بعبارة أخرى ربما تتحول إلى موضوع سياسي، كلام التطبيع والشركات ومش عارف إيه، و"التبويس" لا يوجد عند الأمريكيين..
سعد جبَّار:
أنا لا أشك في مصداقية وصدقية القضاء الأسكتلندي لأنه مهما كانت الضغوط من النيابة، فالنيابة طرف معني، والدفاع طرف معني، القضاء الأسكتلندي يقوم على الحقائق والقرائن الدامغة، وبالتالي القضية إلى حد الساعة هي لصالح.. أو الدفاع -على الأقل- لصالح الليبيين، وأن الحديث عن تطبيع بالنسبة لليبيا، أنا هنا أتحدث عن الشعب الليبي عوقب عقابًا عسيرًا، وأتمنى أن القيادة الليبية تجازي الشعب الليبي اليوم للانفتاح من أجل حل مشاكله اليومية، من أجل دفع رواتبه، من أجل فتح الباب أمام الشباب المهمش، من أجل -فعلاً- معالجة القضايا التي تهم الليبيين وجعل الليبيين أو ليبيا "كويت" شمال أفريقيا، أو "هونغ كونغ" شمال أفريقيا، لكن ليبيا التي ستستغل ثرواتها..
سامي حداد [مقاطعًا]:
كيف يمكن أن تصبح ليبيا هونغ كونغ شمال أفريقيا، وقبل قليل قلت إنه مش معقول أن الليبيين يفجروا الطائرة.
سعد جبَّار:
لديها إمكانيات -اسمح لي- أنا قلت..
سامي حداد [مقاطعًا]:
إمكانيات مادية، وليس إمكانيات بشرية أو تقنية.
سعد جبَّار:
قلت، وأعيد في أسوأ الظروف، والله لو كانت ليبيا فعلاً هي العامل الرئيسي في هذه القنبلة لما انفجرت، لكن أقول إن ليبيا تتوفر على إمكانيات هائلة تتجاوز كل شعوب المنطقة..
سامي حداد [مقاطعًا]:
إذن أنت بعبارة أخرى تنكر أن ليبيا لم يكن لديها دوافع، حسب حدود النظرية، كله افتراض هذا الكلام، بأن تقوم بالعملية على أساس أن (لوكر A) التي هي الغارة على ليبيا كما يسمون، و(لوكر B) أو كما يقولون في ليبيا تنفي أي مسؤولية عن الجماهيرية؟
سعد جبَّار:
هذا ليس تفسيري، وإنما أنا أتابع ملف القضية وتابعته من بدايته، وأتابع ما يقولون في الجلسات الخاصة، وأنا أقول لك صراحة وستبين الأيام ما أقوله، هنالك شعور عام لدى الأوساط الغربية أن ملف الادعاء ضعيف، وأن ليبيا كانت مجرد كبش فداء..
سامي حداد:
إذن برأيك الشخصي وليس القانوني، لا نريد أن نتدخل في شؤون المحاكمة، بس يعني مَنْ كان وراء العملية إذا كانت ليبيا بريئة؟
سعد جبَّار:
أقارب الضحايا طالبوا بتحقيق عام بعد المحاكمة لأنهم يرون أن المحاكمة لا تنحصر في هذين الرجلين فقط، سواء أتمس أطراف في ليبيا أو خارج ليبيا، هذا ما يقوله الأقارب.
سامي حداد:
سؤالي إذا كانت ليبيا غير مسؤولة عن العملية كليَّة، باعتقادك أو كما فهمت من كلامك يعني.. مين الطرف الآخر؟! سقطت الطائرة لوحدها يعني..
سعد جبَّار:
والله أنا أعتبر القضية سياسية معقدة، وكان ألا يجب تختصر في اتهام رجلين أو في اتهام ليبيا وحدها.
سامي حداد:
هل يمكن أن نقول إن هناك عناصر، جهات مختلفة تضافرت جهودها وشاركت في هذه العملية؟
سعد جبَّار:
أنا ضد أن نحول صراع تاريخي وحربي وسياسي بين العرب والمسلمين مع الآخرين إلى مجرد قضية جنائية، ونقبل أن تكون جنائية، ولكن يجب أن نكون واقعيين.. دولة مثل ليبيا قد فقدت الكثير وخسرت الكثير، لا ننسى أن سبع سنوات من العقوبات، الشعب الليبي هو الذي عانى، الشعب الليبي هو الذي عانى.
سامي حداد:
للمرة الرابعة تقول إن الشعب الليبي عانى، هل أتى جزافًا هذا الكلام؟
سعد جبَّار:
يا أخي الكريم هناك كم مليون في ليبيا؟ هل شاهدت ما تعرض له الليبيون عندما يذهبون إلى تونس لامتطاء الطائرة؟!..
سامي حداد:
ذهبت إلى ليبيا، وأعرف كيف يعانى الشعب الليبي.. يعني أتت هذه العقوبات على ليبيا هكذا جزافًا؟!
سعد جبَّار:
لا دخل لي في البقية.
عبد الباري عطوان:
صراحة، نعم الشعب الليبي عانى.. بس لم يعان فقط من لوكيربي.. يعني كنا نتمنى أن نرى تنمية في ليبيا.. نرى ديمقراطية، نرى حقوق إنسان، نرى يعني هذا الشعب الليبي يعيش في رخاء.. دخل ليبيا في فترة من الفترات من 8 إلى 12 ملياراً سنويًّا حسب أسعار النفط.. يعني الشعب الليبي من حقه.. حتى برغم الحصار من حقِّه أن يتمتع بثرواته، وأن يعيش حياة ميسورة، القصة دائمًا يجب ألا نعلق هذه الأمور على مشجب الحصار.. يعني أنا كنت أتمنى أيضا أن ليبيا ما تتوجه إلى إفريقيا، تتوجه إلى الشعب الليبي نفسه، يعني لنبدأ من هنا، هناك فعلاً في ثروات نفطية، ثروات بشرية، الشعب الليبي شعب خلاَّق مثل باقي الشعوب العربية، لكن الآن الشعب الليبي يعاقب، والحكومة الليبية تعاقب؛ لأنهم وصلوا إلى مرحلة أن هذه هي الحلقة الأضعف، وعندما اجتمعت تاتشر.. وهذا ذُكر، تاتشر وريغان يجب أن نعاقب أحد.. من هي الدولة الضعيفة التي يمكن أن تعاقبها؟! هي ليبيا، فوجهوا الصواريخ والطائرات إلى ليبيا، لكن أنا أتمنى على ليبيا أن تعود عربية.. أتمنى على ليبيا أن تعيد علاقاتها فعلاً، قصة الهروب من الأمة العربية.
سامي حداد:
ديفيد ماك، آخر دقيقة في البرنامج، ديفيد ماك، رجاءً، عودًا إلى نظرية أن ليبيا هي التي كانت مستضعفة، ولذلك وجهت إليها التهم، كيف تقول في ذلك؟ باختصار رجاء We Have Only Minute.
ديفيد ماك:
I’m Sorry, I Don’t Understand. (لم أفهم شيئًا).
سامي حداد:
قلت سؤالي كان باختصار، أن الإخوان هنا يقولون إن ليبيا كانت مستضعفة، ولذلك وجهت الاتهامات إليها بتفجير طائرة "بان آم". (Very Brievly, Please).
ديفيد ماك:
هذا غير صحيح، السؤال.. القضية لم تكن سياسية، وإنما عن الإثبات والدلائل التي ظهرت عبر التحقيق في حادث لوكيربي، وهذه الأدلة كانت تشير إلى الموظفين الليبيين.
سامي حداد:
شكرًا ديفيد ماك، مشاهدي الكرام، لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيوف حلقة اليوم الأستاذ عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي، والمحامي سعد جبار الذي تابع قضية لوكربي منذ بدايتها، وعبر الأقمار الصناعية الدبلوماسي ديفيد ماك الدبلوماسي الأمريكي ونائب رئيس مركز الشرق الأوسط بواشنطن، ونشكر أيضًا الأستاذ أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة).
مشاهدي الكرام حتى نلتقي في حلقة أخرى من برنامج "أكثر من رأي" تحية لكم، وإلى اللقاء.