رئيس تحرير صحيفة القدس العربي
أكثر من رأي

العلاقات المصرية الإيرانية

هل يمكن التراجع عن بعض الماضي ولو ضمنيا مثل فتوى الإمام الخميني بشأن مصر؟ هل انفتاح إيران خاتمي في سياستها الخارجية يغلب المصلحة الوطنية الإيرانية على العامل الأيديولوجي الذي جاءت به الثورة الإسلامية؟

undefined
undefined
undefined
undefined

سامي حداد: 

مشاهدينا الكرام أهلاً بكم، أكثر من رأي يأتيكم من لندن على الهواء مباشرة.

تبدو الأبواب مفتوحة الآن لعودة العلاقات المصرية الإيرانية بعد انقطاعها عام 79، ما يعزز ذلك الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس حسني مبارك في الحادي والعشرين من حزيران الماضي بالرئيس محمد خاتمي لتهنئته بقبول طلب إيران الانضمام إلى مجموعة الدول الخمس عشرة التي عقدت في القاهرة الشهر الماضي.

وبالرغم من وجود مكاتب لرعاية المصالح في البلدين وزيارات الوفود الرسمية والشعبية والعلاقات التجارية المتبادلة، واشتراك البلدين في مجموعة الدول الثماني الإسلامية عام 96 إلا أن المراقبين يتساءلون عن مصير ملفات الخلاف بين البلدين.. ففتوى الإمام آية الله خميني قبل عشرين عامًا التي أدت إلى قطع العلاقات بين القاهرة وطهران واستضافة مصر للشاه المخلوع ودفنه هناك، وتوقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل، وإطلاقها اسم خالد الإسلامبولي -قاتل الرئيس أنور السادات- على أحد شوارع طهران، ووقوف مصر إلى جانب العراق أثناء حرب الخليج الأولى، وعودة مصر أيضًا -ولو اسميًّا- إلى الخليج من خلال منظومة دول إعلان دمشق.. كل ذلك أصبح من الماضي.

 والسؤال الآن: هل تَكَرَّس بعض هذا الماضي وأصبح جزءاً من الحاضر لا يمكن التراجع عنه كمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية؟

هل يمكن التراجع عن بعض الماضي ولو ضمنيًّا مثل فتوى الإمام الخميني بشأن مصر؟

هل انفتاح إيران خاتمي في سياستها الخارجية يغلب المصلحة الوطنية الإيرانية على العامل الأيديولوجي الذي جاءت به الثورة الإسلامية؟

وهل صحيح أن مصر وإيران وتركيا هي المحور الثلاثي الذي يحدد حجم الاستقرار في المنطقة؟

وما هي انعكاسات عودة العلاقات المصرية الإيرانية على دول المنطقة.

معنا اليوم عبر الأقمار الصناعية من القاهرة الأستاذ "عبده مباشر" نائب رئيس  تحرير صحيفة الأهرام القاهرية، ومن مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران الموجود الآن في بيروت الدكتور "محمد علي مهتدي"، وأخيرًا وليس آخرًا الأستاذ "عبد الباري عطوان" رئيس تحرير صحيفة القدس العربي.

إعلان

للمشاركة في البرنامج بعد موجز الأخبار يمكن الاتصال بهاتف رقم:

من خارج بريطانيا:  00442074393910 مفتاح لندن:( 207) 

وفاكس رقم: 2074343370 /0044 

ويمكن إرسال الفاكسات من الآن.

ولو بدأنا من بيروت، الدكتور محمد علي مهتدي الناطق باسم وزارة الخارجية الإيراني.. حميد رضا آصفي يقول: إن ما أعلنه نائب وزير الخارجية الإيراني "محمد عادلي" فيما يتعلق بعودة العلاقات قريبًا بين القاهرة وطهران كلام غير صحيح.. من نصدق؟

د. محمد علي مهتدي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. يبدو تصريح السيد عادلي كان نتيجة تحليل شخصي برأيي؛ لأن السيد عادلي هو مسؤول عن قضايا اقتصادية وليس القضايا السياسية، فأعتقد أن هناك اتصالات بين البلدين في.. على كافة القضايا، وربما يرى البلدان أن هناك قضايا وهناك ملفات، ويجب أن نعطي حق هذه الملفات فترة من الزمن حتى تنضج هذه الملفات والمواقف، ونصل إلى مراحل متقدمة في العلاقات بين البلدين.

سامي حداد:

سنأتي إلى هذه الملفات خلال البرنامج يا دكتور محمد علي مهتدي، ولكن يعني، الخلاف في التصريحات بين نائب وزير الخارجية والناطق باسم الخارجية، بعض المراقبين يعزو ذلك إلى الازدواجية في الخطاب السياسي الإيراني، يعزون ذلك إلى انعكاس الصراع بين المحافظين والمتشددين، "حميد" هو ابن "مهدي محمد آصفي" زعيم حزب الدعوة العراقي، وهو من المتشددين. ألا يدل ذلك على.. هنالك خلاف داخل إيران والمؤسسة الإيرانية فيما يتعلق بعودة العلاقات مع مصر بين المحافظين وبين الإصلاحيين؟

د. محمد على مهتدي:

لا أبدًا، أنا لا أعتقد ذلك لأن السيد "آصفي" هو الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وهو الذي يعلن المواقف الرسمية لوزارة الخارجية، أما السيد عادلي -كما ذكرت- هو مساعد وزير الخارجية في الشؤون الاقتصادية، فلا أعتقد أن هناك أي خلاف بين الاثنين، ولذلك أنا أؤكد أن تصريح السيد عادلي هو كان نتيجة تحليل شخصي، ولكن الموقف الرسمي -عادة- السيد آصفي هو الذي يقول الموقف الرسمي، ولا يمكنني أن أصنف السيد آصفي مثلاً في خانة الإصلاحيين والمحافظين ولا العكس، يعني كلاهما في وزارة الخارجية وموقف رسمي واحد من الخارجية.

سامي حداد:

شكرًا يا دكتور محمد، سنتطرق إلى هذا الموضوع، ونأخذ رأي القاهرة في ذلك،

[فاصل إعلاني]

  ننتقل الآن إلى القاهرة مع السيد عبده مباشر نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام.. أستاذ عبده سمعت ما قاله السيد محمد علي مهتدي، يعني هنالك ملفات عالقة رغم اتصال الرئيس مبارك الشهر الماضي في الحادي والعشرين من حزيران  بالرئيس خاتمي، ولذلك كيف تنظر القاهرة إلى هذا التلكؤ -إذا كان إيرانيًّا- في عودة العلاقات الكاملة على المستوى الدبلوماسي بين البلدين؟

عبده مباشر:

هو دعنا نقول أولاً أن العلاقات الإيرانية.. أن العلاقات الإيرانية المصرية تشهد مجموعة من الإشارات المتبادلة طوال السنوات الماضية، ومع كل إشارة كان هناك جناح داخل إيران يعمل على عرقلة هذه الإشارات الإيجابية، ومع هذا فإن الصراع بين المتشددين والإصلاحيين أمر يتعلق بالدولة الإيرانية ونظامها السياسي، فمصر تتعامل مع دولة لا تتعامل مع جناح أو آخر، ويبدو أن القاهرة وطهران على وشك رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي تمهيدًا للقاء متوقع بين الرئيس المصري والرئيس الإيراني خلال اجتماع دورة الخريف للأمم المتحدة.

إعلان

سامي حداد:

هذا هذا ما يتوقعه المراقبون أن يجتمع الرئيسان في جنيف، ولكن ذكرت أن هنالك خلافًا داخل المؤسسة الإيرانية، ولكن في نفس الوقت يوجد هنالك خلافات في الرؤية داخل مصر فيما يتعلق بإيران، فعلى سبيل المثال وليس الحصر وزارة الخارجية ووزير الخارجية المصري النشط عمرو موسى يعني أقل تشككًا في إيران وسياساتها مقابل أجهزة الأمن المصرية على أساس  إيران كانت تمول أو تساعد المنظمات الأصولية بالإضافة لتصريحات السيد أسامة الباز مستشار الرئيس المصري عام 1998م عندما قال: يجب أن تتوقف إيران عن التدخل في شؤوننا. معنى ذلك يعني أنه في داخل مصر أيضًا هنالك خلافات فيما يتعلق بمستقبل العلاقات على مستوى السفارة مع إيران.

عبده مباشر:

كان نجاح الثورة الإيرانية في عام 1979م، يمثل تعارضًا مع المصالح المصرية، لأن الثورة بدأت تعمل على تصدير مبادئها، وهذا أمر منطقي فيما يتعلق بالثورات، ولكن مصر كانت ترى أن تصدير مبادئ الثورة خاصة إلى منطقة الخليج، ومحاولة تثوير الشيعة في الجنوب العراقي أمر يهدد الأمن العربي، فتصدت مصر للمحاولتين.

تصاعدت إيران بالتدخل، ودعمت الإرهابيين المصريين ومجموعات إرهابية أخرى في شمال إفريقيا، وحاولت الالتفاف من جنوب مصر عندما زار الرئيس رفسنجاني دولاً من.. حول منابع النيل والسودان، وانتهت زيارة السودان بتوقيع اتفاق فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، سمحت به السودان بمنح تسهيلات بحرية في ميناء بور سودان وتزويد السودان بشحنات من الأسلحة والبترول، ودعمت نظام الإنقاذ في السودان في الوقت الذي كان يعمل فيه هذا النظام على تهديد الأمن المصري، وبلغت ذروة التهديد بمحاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا..

سامي حداد [مقاطعًا]:

عام 1995م مؤتمر القمة الإفريقي، الآن هل ترون بعد مجيء الرئيس خاتمي عام 1997م ودور الإصلاحيين في إيران.. هل ترون أن إيران تراجعت عن فلسفتها الثورية في تصدير الثورة ومساعدة الإسلاميين الأصوليين ومن سميتهم بالإرهابيين؟ هل إيران تراجعت عن هذه السياسة الآن؟

عبده مباشر:

فلنقل إن هناك إشارات إيجابية حول تغير الموقف الإيراني فيما يتعلق بالموقف من السلام. التغير الرئيسي فيما يتعلق بالموقف من السلام سيترتب عليه متغيرات فرعية فيما يتعلق بباقي القضايا، وتظل هناك ملفات عالقة ومصالح مختلفة فيما بين إيران ومصر، ولكن هناك مصالح مشتركة -أيضًا- لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتحقيق مصالح البلدين..

سامي حداد [مقاطعًا]:

إذن، إذن أستاذ ،عفوا عفوا لدينا مشكلة أريد أن  يشارك أو يرد على ذلك دكتور محمد علي مهتدي، يبدو أنه لدينا بعض المشاكل في الاتصال، دكتور محمد علي الآن نستطيع  أن نتكلم معك؟ هل سمعت ما قاله الأستاذ عبده مباشر بأن إيران كانت وراء دعم الأصوليين في مصر من سماهم الإرهابيين والالتفاف على مصر في الجنوب والسودان وإلى آخره؟ أي تصدير الثورة.. كل ذلك مازال قائمًا في إيران؟

محمد علي مهتدي:

أستاذ سامي -مع الأسف- أنا لم أسمع ما تفضل ، ما قال به الأستاذ عبده مباشر.

سامي حداد:

قال باختصار إن إيران الثورة إيران الخميني أرادت تصدير الثورة، تطويق أو الاستئثار بالشيعة في العراق، موضوع تحدث عن دعم إيران للأصوليين المصريين، زيارة الرئيس السابق رفسنجاني إلى دول منابع النيل، إعطاء تسهيلات لإيران على البحر الأحمر، زيارته للخرطوم، كل ذلك اعتبرتها مصر مؤشرات أنها ضدها من قبل الثورة الإيرانية.

د. محمد علي مهتدي:

يعني مسألة تصدير الثورة أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أعتقد أن هذه معزوفة قديمة..

سامي حداد [مقاطعًا]:

بما في ذلك البحرين؟

د. محمد علي مهتدي:

إعلان

لأ مسالة.. طبعًا بما في ذلك البحرين، هناك شيء ثابت  أستاذ سامي أن الثورة إسلامية انتصرت في إيران، وهذه الثورة عملت صدى في كل الدول الإسلامية، طبعًا كان هناك حركات إسلامية تأثرت بانتصار الثورة في إيران، هذا ليس معناه انتصار تصدير الثورة أو التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، فأنا لا أعتقد أن هناك شيئًا اسمه تصدير الثورة، وأعتقد أن بعض الجهات استغلو هذا الشيء كشماعة لتعليق كثير من المشاكل الداخلية على هذه الشماعة. ما يسمى بتصدير الثورة لم يكن إلا الفكر، والفكر يجتاز الحدود، لا يعترف بالحدود، هناك خصوصًا في عصر ثورة الاتصالات، وهناك دائمًا تأثير وتأثر بين الشعوب وبين الدول، فلا نعتقد أن هناك شيء اسمه تصدير الثورة. زيارة الرئيس رفسنجاني إلى..

سامي حداد [مقاطعًا]:

يعني.. يعني، أنت تنكر.. أنت تنكر  عندما كان الحرس الثوري أمام الإمام الراحل الخميني يدرب، يقيم معسكرات للأصوليين العرب ومنهم المصريين، كانت أبواب إيران مفتوحة لهم، وهل توقفت الآن؟

د. محمد علي مهتدي:

لا.. هذه كانت دعايات من جهات غربية أمريكية وصهيونية؛ لأنه كان هناك قرار دولي أو ما يسمى بقرار دولي، يعني قرار أمريكي لمنع التواصل بين إيران الثورة وبين الدول العربية منعًا لعدوى الثورة ومنعاً لإيجاد قوة إقليمية مشتركة عربية إيرانية؛ فهذه نتيجة دعايات ضخمة قامت به..

سامي حداد:

الدوائر الغربية كالعادة، نعم شكرًا دكتور محمد، الواقع الأخ (عبد الباري) يريد أن يعلق على ما قلته فيما يتعلق بنفي الاتهامات التي كانت تطلقها مصر ضد إيران فيما يتعلق بتزويد أو مساندة الأصوليين المصريين.

عبد الباري عطوان:

يعني أنا أستغرب لماذا تُنكر إيران تصدير الثورة؟! بالعكس هذا شيء تفتخر فيه، الثورة الخمينية عندما قامت طرحت مبادئ، هذه المبادئ وجدت صدى في بعض المناطق العربية، وإيران كانت تفتخر بهذه المبادئ، وتعتز فيها على أنها ثورة للمحرومين. أيضًا لما قامت ثورة "23 يوليو" في مصر صَدَّرت الثورة لكل الدول العربية، مَوَّلت انقلابات، مَوَّلت حركات تحرير، مولت حرب الجزائر، يعني هذا أمر طبيعي عندما تقوم ثورة، هذه الثورة تريد أن ترى نفسها في ثورات أخرى في المنطقة، وأن تصدر مبادئها، وهذا ما حدث في إيران، ولا أعتقد أن هناك خطأ في ذلك. طبعًا بعض الدول متحسسة منها زي مصر -مثلاً- ترى أن هذه الأفكار تهدد النظام المصري لأن مصر وقعت اتفاقات "كامب ديفيد" مع إسرائيل، الدول العربية أو معظم الشعوب العربية كانت ضد هذه الاتفاقات، فلذلك كانت تريد أن تحصن نفسها في مواجهة أية مبادئ أو أية أفكار ممكن أن تؤلب الجماهير ضد مصر خاصة..

سامي حداد [مقاطعًا]:

إذن..إذن، يا أستاذ عبد الباري قلتم إنه كما كانت ثورة عبد الناصر في سبيل الفلاحين والمزارعين والعمال إلى آخره كانت الثورة الإيرانية. وقلت إنه يجب المفاخرة، إذن لماذا وقفت الدول العربية الخليجية وفي مقدمتها العراق ضد إيران على أساس أنها تريد تصدير الثورة إلى العراق وكانت حرب الثماني سنوات؟

عبد الباري عطوان:

طبعًا لأنه صار هناك تصدير لهذه الثورة في العراق، صارت هناك انفجارات في العراق، صارت فيه مجموعات عراقية تتطلع إلى تطبيق النموذج الإيراني في العراق، أيضًا تتطلع إلى تطبيق النموذج الإيراني في مصر، في السودان، في الجزائر، فهذا أمر عملي واقعي ملموس، فمن الطبيعي أن هذه الدول لابد أن تستنفر وتحاول -بقدر الإمكان- أن تمنع أو تبني حوائط في طريق لمنع امتداد مثل هذه الأفكار الثورية إليها سواء في العراق أو في مصر أو في البحرين أو في السعودية؛ فلذلك تحالفت هذه الدول جمعيًا ضد الثورة الإسلامية في إيران وحدث ما حدث.. يعني فلماذا إيران تنكر ذلك؟ لا طبعًا كانت تُمَوِّل، كانت تتصل، كانت تبني علاقات. 

الآن الصورة تغيرت، الوضع الآن تغير، تراث الثورة الخمينية؛ ثورة الإمام الخميني تآكل كثيرًا، شاهدنا في انتخابات الرئيس خاتمي، يعني كان انتصار كاسح؛ أكثر من سبعين إلى خمسة وسبعين بالمائة من الأصوات. في الانتخابات البرلمانية الأخيرة المحافظون اللي هم أكثر اعتدال وأكثر يعني اقترابا من الليبرالية -أيضًا- اكتسحوا مقاعد البرلمان الإيطالي [الإيراني]؛ فإيران هي التي تغيرت وليس مصر على وجه التحديد، فمصر مازالت اتفاقية كامب ديفيد، مازال العلم الإسرائيلي في القاهرة، مازالت مصر تتبع نفس السياسات.

إعلان

سامي حداد:

ولكن هذه ملفات من الماضي ولا يمكن تغييرها، الآن أصبحت نوع أو أصبحت جزءاً من الحاضر، يعني هنالك ملفات يمكن التغاضي عنها في الماضي مثل على سبيل المثال إطلاق اسم قاتل الرئيس السادات الذي وقع معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل (خالد الإسلامبولي) على أحد شوارع طهران. لأنو ممكن هاي بعض الخلافات يمكن  تزول يعني؟

عبد الباري عطوان:

يا أستاذ سامي أنا لا أحكي عن الماضي، أنا أحكي عن الحاضر، يعني شوف محاكمة اليهود الإيرانيين. هذي محاكمة اليهود الإيرانيين تؤكد بأن النظام الإيراني تغير كثيرًا، ولا بديش أقول تغير مائة وثمانين درجة بل تغير مائة وخمسين درجة على الأقل والثلاثين درجة الأخرى في الطريق.

فلو كان هؤلاء اليهود الإيرانيين الذين أُدينوا بالتجسس والتعامل مع الموساد لو كانوا عراقيين مثلاً أو لو كانوا إيرانيين من مجاهدي خلق أو لو كانوا إيرانيين بحت من أي توجه آخر أو لو كانوا مصريين؛ لأعدموا في طهران.

لو كانت هذا أيام الخميني وثورة الخميني لأعدموا فورًا وبمحاكمات سريعة، لأنه ممنوع التعامل مع إسرائيل، طالما أنه ثبتت عليهم التهمة، تهمة الخيانة تعني الإعدام.. لماذا لم يُعدموا؟ لأنو إيران الحالية تغيرت، أصبحت إيران دولة تقدم مصالحها على الأيديولوجية تريد أن تفتح حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية.

سامي حداد:

أنت تنتقد.. أنت تنتقد يعني -وهكذا تقول الدوائر الأمريكية والغربية فيما يتعلق بهذه الأحكام- يعني عدم إصدار أحكام إعدام، يعني كان بودك أن تصدر أحكام إعدام حتى أن.. حتى تقوم.. أنت كفلسطيني تقوم هنالك حشد دولي ضد إيران لتصدير عشرين.. سبعة وعشرين ألف يهودي إلى فلسطين، وهل هذا يصب في المصلحة العربية؟

عبد الباري عطوان:

يعني أولاً أنا لم أطالب بالإعدام، أنا رجل مسالم يعني أنا..

سامي حداد:

أنت قلت لو كان المتهمون مصريين أو عراقيين أو عربًا.

عبد الباري عطوان:

أي لو كانت هذه المحاكمات قبل عشرين عامًا أو قبل عشر سنوات عندما كان المد الأيديولوجي الإيراني في ذروته، يعني هل تعتقد أن جواسيس يعترفون بالتعامل مع الموساد والعمل ضد بلدهم.. هل كانوا هؤلاء سيعاملون بالرحمة وثلاث عشرة سنة سجن وعشر سنوات سجن؟

سامي حداد:

دكتور محمد علي مهتدي في بيروت باختصار -لو سمحت- سمعت ما قاله: تغيرت الثورة، والدليل على ذلك أن متهمين بالتعامل مع إسرائيل وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد لم ينفذ بهم حكم الإعدام.

د. محمد علي مهتدي:

الثورة لم تتغير أستاذ سامي، الثورة مازالت موجودة، طبعًا هناك تغيرات إقليمية ودولية، إيران تغيرت، مصر تغيرت، والمعادلات الإقليمية والدولية كذلك تغيرت.

وهناك مصالح إقليمية ومصالح دولية، ونحن الآن ندرس كل هذه القضايا في هذا الإطار، أما بالنسبة لموضوع اليهود الإيرانيين نحن في إيران نعامل اليهود كمواطنين، هناك مفهوم المواطنية في إيران، هؤلاء مواطنون إيرانيون، وليس هناك أي فكرة عن تهجير هؤلاء إلى الخارج.

سامي حداد:

[موجز أخبار]

سامي حداد:

أستاذ عبده مباشر في القاهرة باعتقادك لماذا تأخر تحسن العلاقات المصرية الإيرانية، عودة العلاقة الدبلوماسية على مستوى السفارة إثر تطور العلاقات الإيرانية مع دول مثل الأردن وقع اتفاقية وادي عربة عام 1994م مع إسرائيل، عودة العلاقات السعودية على أعلى مستوى؟ لماذا تأخر على المسار المصري؟

عبده مباشر:

القاهرة لاعب رئيسي، كلما حاولت إيران تصدير مبادئ الثورة أو التدخل في منطقة من المناطق كانت تصطدم بالقاهرة.

ولنأخذ بيان دمشق على سبيل المثال، عندما صدر بيان دمشق وتشكلت مجموعة بيان دمشق، تدخلت كل من الولايات المتحدة وإيران بالرغم من تناقض المواقف والمصالح بين البلدين لمحاولة وأد هذا البيان، صمدت دول بيان دمشق، وصمدت القاهرة، إنما كانت إيران تسعى لكي تظل القوة المهيمنة على مصالح المنطقة.

عندما حاولت الالتفاف حول مصر بزيارة الرئيس رفسنجاني لدول منابع النيل والسودان وجدت القاهرة، وعندما أعلنت موقفًا طريفًا واقترحت تسمية قناة السويس بقناة "داريوس" باعتبار أن الحاكم الفارسي داريوس هو أول من ربط بين نهر النيل والبحر الأحمر بقناة داريوس، ابتسمت القاهرة واعتبرتها نكتة من النكت التي تستحق الابتسام.

وبالرغم من أن إيران ليست دولة مطلة على البحر الأحمر إلا أنها أعلنت أن لها مصالح في البحر الأحمر، وستحاول أن تحمي هذه المصالح. فما كان من القاهرة إلا أن ابتسمت مرة أخرى.

وعندما اشتعلت حرب  الثماني سنوات بين العراق وإيران كانت مصر هي الدولة التي تدخلت بقوة، ودعمت العراق سياسيًّا وعسكريًّا، وكانت انتصارات ربيع 88 بشكل ما تعود إلى الفريق العسكري بالقاهرة الذي كان موجودًا بالعراق.

سامي حداد [مقاطعا]:

من ناحية أخرى.. نحن نعرف هذا التاريخ أستاذ عبده، لكن من ناحية أخرى يعني القاهرة عادت إلى إعلان دمشق والتحالف الدولي ضد العراق عام 1990م و1991م.. ما رأيك فيما تقوله صحيفة "جمهوري إسلامي" هذا الأسبوع: إن الكثير من المحللين السياسيين يعتبرون مصر عدوة للثورة الإسلامية كإسرائيل، وكنماذج لهذه الإجراءات يُشار إلى: استقبالها (استقبال النظام المصري) للشاه المطرود وعائلته، وبناء مقبرة له في القاهرة، ومنح قاعدة عسكرية لأمريكا في عملية الهجوم الفاشلة على إيران  في صحراء "طبس" أثناء الرهائن الأمريكيين ..عام.. في أثناء حكم الرئيس ريغان، وتقديم الدعم البشري والتمويل لنظام بغداد في حربه الطويلة حرب الثماني سنوات -كما ذكرت- التي فرضها على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتدخّل مصر المستمر في قضايا الخليج الفارسي كما يسميها.. كما تسميه جمهوري إسلامي، ومسانداته لمزاعم الإمارات حول ملكية الجزر الثلاث للجمهورية الإسلامية، وحث الحكومات العربية على دخول مفاوضات السلام مع إسرائيل، والعمل في هذا المجال كسمسار للصهيونية، وكذلك مواصلة مصر قمع وتصفية التنظيمات السياسية الإسلامية المؤيدة للجمهورية الإسلامية..

عندما نرى هذا الحديث أو هذا الخطاب السياسي من مصر، وذكرت أن الرئيسين ربما يلتقيان هذا الصيف في جنيف. معنى ذلك أنو الأمور تبدو غير واضحة حتى الآن؟.

عبده مباشر:

الأمور الواضحة أن هنالك مصالح مشتركة بين البلدين، وفي نفس الوقت هناك خلافات بين البلدين فلنجنّب الخلافات إلى أن يأتي الوقت لحلها، وأن نتعاون في إطار تحقيق المصالح المشتركة. تحقيق المصالح المشتركة أمر يَجُبُّ قضية الخلافات أو الاستمرار في الخلاف بين البلدين.

وإذا كان الخلاف الرئيسي هو الخلاف حول قضية السلام وعقد القاهرة اتفاقيتي كامب ديفيد فإن سوريا الحليف الاستراتيجي للثورة الإيرانية ولنظام إيران قد تفاوضت مع إسرائيل، ولم يَبْدُ هذا.. هذا التشدد تجاه الموقف السوري، ثم إن المسؤولين الإيرانيين خلال الأسابيع الأخيرة أعلنوا أن قضية الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي من الممكن التوصل إلى حل له.. هذا المتغير الرئيسي

سامي حداد [مقاطعًا]:

إذن بعبارة أخرى تعتبر أن هنالك تغيرًا في النهج والنمط الإيراني، أريد أن أنتقل إلى الدكتور محمد علي مهتدي، ولكن قبل ذلك الأستاذ عبد الباري يريد أن يعقب على ما قلت.

عبد الباري عطوان:

يعني.. يعني أنا لا أعرف لماذا نغفل العنصر الأمريكي سواء في توجه مصر نحو إيران أو توجه إيران نحو مصر، أيضًا نغفل العنصر العراقي، يبدو الآن أن هناك مصلحة مصرية إيرانية مشتركة لإبقاء الحصار على العراق وجعل العراق في هذا القفص إلى أطول فترة ممكنة، هذه الأرضية المشتركة هي التي تجمع حاليًّا إيران ومصر في الوقت الراهن.

أيضًا النقطة الأخرى يعني لابد أن مصر شاهدت كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية تفتح علاقات مع إيران، تفتح حوارات، ترسل فرق كرة قدم، فرق مصارعة، أيضًا شاهدت السعودية اللي هي الدولة الكبرى..

سامي حداد [مضيفا]:

رفع الحظر عن بعض المنتجات مثل الفستق والسجاد والكافيار.

عبد الباري عطوان:

طبعا..طبعًا.. لا وبعدين السعودية على وشك توقيع اتفاق أمني بين السعودية وإيران قريبًا.. فلماذا مصر تكون آخر الدول في هذه الحالة؟ مصر انحازت لدول الخليج، دول الخليج سبقتها في التطبيع مع إيران وإقامة تحالف مع إيران وعلاقات استراتيجية رئيسية وتبادل تجاري.. فمصر وجدت نفسها لوحدها، فقررت أن تحاول أن تلحق بالقطار وأن تقيم علاقات مع إيران، أيضًا أمريكا تريد أن تقيم علاقات مع إيران.

سامي حداد:

ولكن هل تعتقد أن هذا البُطء في إقامة العلاقات بين مصر وإيران هو نتيجة الحساسيات المصرية كما سمعنا من الدكتور من الأستاذ عبده مباشر أم بسبب التناقضات داخل إيران؟

عبد الباري عطوان:

الاثنين معًا. ففي إيران حدث تغيير مثلما قلت، إيران تغيرت، الثورة الإيرانية تآكلت بشكل غير عادي، وأصبح هناك نظام يضع المصلحة الإيرانية كإيران قبل المصلحة الأيديولوجية كإسلام، هذا واضح جدًّا، فلذلك يعني، عندما تتقدم مصلحة الدولة كدولة لا مانع من إقامة علاقات طبيعية مع مصر، لا مانع من إقامة علاقات طبيعية مع دول الخليج أو غير ذلك من هذه الدول.

إيران الآن تقيم علاقات مع الهند، تقيم علاقات مع الصين، وهذه الدول لها مشاكل إسلامية ضخمة، الصين تقمع الأقلية الإسلامية، روسيا العلاقة الروسية الإيرانية قوية جدًّا رغم حرب الشيشان، أيضًا العلاقة الهندية الإيرانية قوية جدًّا رغم مشكلة كشمير، هذه الدولة تضع مصالحها قبل الأيديولوجية.

سامي حداد:

سنتحدث عن موضوع المصالح بعض لحظات، ولكن دكتور محمد علي مهتدي في القاهرة [بيروت]، ما الذي يدعو النظام الإيراني لتغيير رؤيته -ذكرت قبل قليل أن يعني هنالك يعني تغييرات في مصر- في الوقت انو مصر لازالت مرتبطة بكامب ديفيد وكانت الدول العربية الأولى التي عقدت صفقة سلام مع إسرائيل؟ ألم تكرم إيران من اغتال الرئيس الراحل أنور السادات أي "خالد الإسلامبولي"، وأطلقت اسم شارع في طهران على اسمه؟ مصر تستمر في إجراء مناورات برية وبحرية وجوية مع أمريكا؛ عفوًا كما تقولون: مع الطاغوت أو الشيطان الأكبر، يعني ما الذي تغير في مصر بالنسبة إليكم للحديث عن تحسن في العلاقات؟

د. محمد علي مهتدي:

أستاذ سامي أنا سمعت قسما مما قاله السيد عبده مباشر، فأرجوك أن تعطيني دقيقتين، حتى أعلق على ما قاله السيد عبده، باختصار لأني كما سمعت هاالاشياء من السيد عبده يعني تراءى لي أننا كل واحد منا يعيش أو كنا نعيش في عالم آخر، أنا لأول مرة أسمع عن موضوع المصالح الإيرانية في البحر الأحمر، وموضوع قناة السويس وقناة داريوش، في الحقيقة أنا كباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية وكمراقب وكمتابع لقضايا المنطقة؛ لأول مرة أسمع هذه الكلام، وأنا أستغرب جدًّا، أنا أريد أن أؤكد أن زيارة الرئيس رفسنجاني للسودان كان زيارة لدولة عربية، ولم تكن هذه الزيارة أبدا ضد مصر أو ضد أي دولة عربية أخرى، بالعكس نحن في إيران نعتقد ونؤمن بوجوب التكامل بين الدول في منطقة نهر النيل، بين مصر والسودان على أساس أن أمن مصر من أمن المنطقة، وأمن المنطقة.. وهناك علاقة بين أمن إيران القومي وأمن المنطقة، فنحن دائمًا مع الوحدة العربية، مع وحدة منطقة وادي النيل، مع الوحدة بين مصر والسودان، ولم تكن هذه الزيارة أبدًا.. فلم يقترح أبدًا أنه تغيير اسم قناة السويس، فأعتقد هذه دعايات داخلية مصرية من جانب بعض الكُتَّاب..

سامي حداد [مقاطعًا]:

دكتور محمد باختصار.. برأيك هل تغيرت السياسة المصرية للحديث عن تحسن في العلاقات مستقبلاً؟ وربما إعادتها إلى مستوى السفارة؟ باختصار رجاء

د. محمد علي مهتدي:

 طبعًا، لأنه في اعتقادي أن مصر راهنت على عملية السلام أو ما يسمى بعملية التسوية والسلام في الشرق الأوسط أيام شمعون بيريز، ولكن تبين لاحقًا بعد بنيامين نتنياهو وبعد باراك أن.. لا يمكن أن يكون هناك سلام في المنطقة، هناك نظام جديد عالمي، هناك نظام إقليمي شرق أوسطي، هناك تهميش لدور مصر، فلذلك مصر غيرت على الأقل أداءها السياسي تجاه هذه القضايا، فتبين أن هناك هيمنة إسرائيلية ستكون على المنطقة برمتها، فنحن نراقب ونتابع هذه التغيرات.

[فاصل إعلاني]

سامي حداد:

ذكرت دكتور بأن نهج مصر تغير فيما يتعلق بإسرائيل، ولكن دعنا نقارن تحسن علاقات إيران البطيئة إلى حد ما رغم وجود علاقات ثقافية واقتصادية بتحسن علاقات إيران مع المملكة العربية السعودية، أليس صحيحًا أن الإمام الخميني قد أدان بقوة النظام السعودي، رأى فيه تجسيدًا للإسلام الأمريكي كما سموه، أشار إليهم باستهزاء بحكومة الحجاز، قال إنهم غير قادرين على حماية الأماكن المقدسة، وبعد كل ذلك استدعت الاعتبارات الوطنية المصلحية البراغماتية الإيرانية بعد مجيء خاتمي إلى مخاطبة جلالة الملك فهد خادم الحرمين الشريفين.

والآن هل لنا أن نتساءل.. تحسن أو محاولة تحسين العلاقات مع مصر؛ أن هنالك مرونة في إيران؟ هناك تغليب المصلحة القومية على العامل الأيديولوجي الذي جاءت به الثورة الإسلامية؟

د. محمد علي مهتدي:

 إذا المقصود من المرونة التخلي عن المبادئ فلا أعتقد أن هناك مرونة، وإلا فالمرونة كانت موجودة من اليوم الأول، موضوع ما صرح به الإمام الخميني رحمة الله عليه بالنسبة للسعودية كان بعد مجزرة الحرم الشريف -الحجاج الإيرانيين- وهذه صارت من الماضي.. أما بالنسبة لمصر وقطع العلاقات بين إيران ومصر فإيران قطعت علاقاتها مع مصر تضامنًا مع العالم العربي..

سامي حداد [مقاطعًا]:

بالمناسبة -عفوًا للمقاطعة- تذكر مجزرة الحرم الشريف يعني الناس يأتون للحج وليس لـ..لـ..لإقامة.. وهي يعني الفتوى التي أطلقها الإمام الخميني يعني تظاهرة المشركين التي انتهت بعد.. قبل حجة الوداع الأخيرة للرسول -صلى الله عليه وسلم- يعني تأتون للحج  وبعدين تنادون بسقوط أمريكا والعائلة السعودية.. يعني لنترك هذا الموضوع.. تفضل.

د. محمد علي مهتدي:

يعني لا أعرف ما السبب وما الفائدة من فتح هذه الملفات، ونحن نتحدث في إطار العلاقات الإيرانية المصرية، ونحن بصورة عامة يا أستاذ سامي نحن نظرتنا إلى مصر نظرة استراتيجية، نعتقد أن مصر دولة رائدة في المنطقة، وكانت مصر تلعب دورًا رائدًا دائمًا، ويجب أن تلعب دائمًا دورًا رائدًا في سبيل قضايا العالم العربي وقضايا العالم الإسلامي، وعلى رأس هذه القضايا قضية الصهيونية وقضية فلسطين التي هي قضية العالم الإسلامي بكاملها.. فهذه النظرة الاستراتيجية كانت موجودة من أول الثورة، ولازالت هذه النظرة موجودة..

سامي حداد [مقاطعًا]:

يعني عندما ذكرت يعني أن نظرتكم الأيديولوجية لم تتغير، إذن كيف تفسر يا دكتور تعاون إسرائيل مع إيران؟ نحن نذكر إنو شراء إطارات لطائرات F4 ، F5 في بداية الحرب العراقية الإيرانية، الكل يذكر قصة "الكونترا" شراء الأسلحة عن طريق "أوليفور نورث" و"بوين ديكس" رئيسه الذي هو مستشار الرئيس ريغان للأمن القومي، شراء الصواريخ "تاو" و"هوك" من إسرائيل عام 1986م، قضية الشيشان الآن، في سبيل المفاعل النووي لديكم تغضون الطرف عما يجري في الشيشان بسبب العلاقات وتطويرها مع روسيا، علاقات ممتازة مع الهند التي يعني تقمع شعب جامو وكشمير، الآن محاولة إجراء علاقة أو توطيد علاقة استراتيجية مع الصين الدولة الشيوعية المتهمة بقمع مسلمي تركستان، يعني العامل المصلحة القومية طغى على الأيديولوجية، أيديولوجية الثورة الإسلامية.. هذه يعني بعض الأمثلة.

د. محمد علي مهتدي:

 لا.. أبدًا، نحن مع نيودلهي، كان دائمًا لنا علاقات جيدة وطيبة وتعاون، وبنفس الوقت كان لنا أحسن علاقات مع باكستان.. علاقاتنا مع روسيا كانت موجودة ولازالت علاقاتنا موجودة، وهناك نوع من شراكة استراتيجية، نحن.. يبدو أنو.. نظرتنا إلى المنطقة نظرة استراتيجية، والمصالح القومية الإيرانية دائمًا نقدرها ونقيمها داخل هذه الإطار الاستراتيجي، في هذا الإطار التهديد الأهم ضد إيران وضد المنطقة إنما هو الهيمنة الصهيونية اللي هو مسألة الوجود في المنطقة، ودائمًا كل القرارات والمواقف السياسية يأخذون في الاعتبار هذه المسألة الاستراتيجية الرئيسية.

سامي حداد: 

الأستاذ عبد الباري يريد أن يعقب على موضوع الهيمنة الصهيونية.. يعني هل تعتقد أن موقف إيران من عملية السلام ومن إسرائيل هو منطلق  مبدأ من مبدأ أم عبارة عن شعارات؟

عبد الباري عطوان:

أنا أعتقد.. كان.. كانت إيران تنطلق من مبدأ في بداية الثورة الإيرانية عندما كان الإمام الخميني هو الذي يقود هذه الثورة، لكن الآن تغيرت الصورة، الآن أصبح يعني أصبح شعار فقط، بدليل أن سوريا الحليف الاستراتيجي لإيران تفاوضت مع إسرائيل، وكادت أن توقع اتفاق، ومستعدة لتوقيع اتفاق إذا ما جرى التجاوب مع طلباتها، تمامًا مثلما كان الحال مع مصر عندما تجاوبت إسرائيل مع طلباتها في استعادة كل سيناء.

طيب.. وبعدين حتى.. نظرة أخرى، إقامة إعادة العلاقات مع مصر.. طب هل إعادة العلاقات مع مصر ستأتي على أرضية مقاومة الهيمنة الإسرائيلية.. كيف؟ طيب.. ما مصر تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل، إيران لا تقيم مثل هذه العلاقات، يعني نقيضين يجتمعان.. ماذا يجمع.. ماذا يجمع  إيران التي تقول إنها تعادي الهيمنة الصهيونية ومصر التي تطبع العلاقات مع إسرائيل؟ تقيم علاقات رسمية وتشجع الدول العربية الأخرى للانضمام لمسيرة التسوية باعتبار السلام خيار استراتيجي، ونجحت أيضًا في جر سوريا إلى هذا مثلما جرت الأردن والفلسطينيين الآن؟ طب ماذا يجمع الطرفين حاليا؟

أنا في تقديري زي ما قلت: إيران تغيرت، آخر إحصائية إيرانية تقول: إن 85% من الشباب الإيراني لا يذهبون إلى المساجد، ولا يصلون، هذه إحصائية رسمية نشرتها الصحف الإيرانية، تقول: إن طهران تستهلك خمس آلاف طن من المخدرات يوميًّا، هذه إحصائية إيرانية، تقول: إن الدعارة منتشرة، هذا.. لم تكن هذه الأشياء في زمن المد الثوري الإيراني.

إيران تغيرت كثيرًا، وأصبحت تقترب أن تصبح دولة عادية، ربما أقرب إلى العلمانية منها إلى منطلقات الثورة الإسلامية. هذا فرض تغييرات في السياسة الخارجية الإيرانية ، تغييرات في المصالح الإيرانية، فأصبح ما يقال عن إسرائيل، ما يقال عن المد الإسلامي، ما يقال.. مجرد -في تقديري الشخصي- شعار الآن، إيران الدولة الآن تتقدم على إيران الأيديولوجية وإيران الإسلامية.

سامي حداد:

دكتور محمد علي قبل أن أنتقل إلى القاهرة.. كيف ترد على ذلك؟

د. محمد علي مهتدي:

 والله القرارات في الجمهورية الإسلامية هناك آلية لاتخاذ القرار والموقف، ونفس الدوائر ونفس الأشخاص لازال يأخذون المواقف ويقررون، هناك ولاية الفقيه، هناك رئاسة الجمهورية، هناك وزارة الخارجية، نحن من منطلق الأيديولوجي ومن منطلق الاستراتيجي نعتبر أن التعاون بين مصر وإيران تعطي نوع من المناعة للمنطقة أمام تحديات مشتركة، أمام العولمة، أمام النظام العالمي الجديد، أمام الهيمنة الإسرائيلية المستقبلية، ونحن دائمًا..

سامي حداد [مقاطعًا]:

ولكن يا دكتور تتحدث عن الهيمنة الإسرائيلية وأنت تتعامل مع دول عربية، ربما تأتي دول أخرى.. يعني بعض هذه الدول لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، هناك دول لها علاقات، ارتباطات تجارية اقتصادية وإلى آخره.. ألا زلنا نتحدث بهذه الشعارات حتى الآن؟!

د. محمد علي مهتدي:

 هناك قرار بإقامة وتعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية جميعًا باعتبار أنا نعتبر العالم العربي عمقنا الاستراتيجي، كما أن إيران تشكل العمق الاستراتيجي للعالم العربي، نحن في مركز الدراسات دائمًا نجلس مع إخواننا المصريين وإخواننا العرب، ونتباحث وندرس كل هذه القضايا، أعتقد أن كثيرين في العالم العربي يوافقونني الرأي حول هذه القضايا، مجرد وجود علاقات بين دولة وإسرائيل ليس معناته أنه يجب على إيران أن تقطع علاقاتها مع هذه الدولة..

سامي حداد [مقاطعًا]:

ولكن كما تقول صحيفة "جمهوري إسلامي" يا دكتور هذا الأسبوع: إن مصر اليوم هي ذاتها التي كانت قبل عقدين من الزمن، وهي لم تتراجع عن أي من مواقفها أو نهجها إزاء إسرائيل والمنطقة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، كل خطوة وإجراء لا يتفق مع رأي الإمام الخميني هي بمثابة خيانة بحق الإمام ونهجه من قبل إيران.. كيف ترد على ذلك؟

د. محمد علي مهتدي:

لا.. موضوع صحيفة جمهوري إسلامي هذا الموضوع معروف عند الإخوة المصريين، فهذه الصحيفة لا تمثل لا الحكومة ولا أي جهة سياسية معينة..

سامي حداد [مقاطعًا]:

ولكن.. ولكن معظم الصحفيين الذين ينتمون إلى التيار الإصلاحي أو الذين يؤيدون الرئيس خاتمي معظمهم في السجن، يعني ذكرت المرجعية، المحافظون لازالوا هم في الحكم، وعبارة الانفتاح يعني كما يقول بعض المراقبين هي عبارة عن توزيع أدوار.

د. محمد علي مهتدي:

 لأ.. موضوع العلاقات.. موضوع أهمية مصر والعلاقات الإيرانية المصرية هناك إجماع واتفاق بين كل الفئات من محافظين وغير محافظين، يعني أنا شخصيًّا لا أومن بهذا التصنيف محافظ وإصلاحي، وأعتقد أن دوائر القرار هناك في تنسيق وتوافق بين دوائر اتخاذ القرار بالنسبة لهذا الموضوع، رأي جريدة صحيفة.. جمهوري إسلامي هو رأي هذه الجريدة ورئيس تحريرها وهذا معروف عند المصريين وعند الجميع.

سامي حداد:

دكتور.. أستاذ، أستاذ عبده مباشر في القاهرة، سمعت ما قاله إن صحيفة جمهوري إسلامي لا تمثل إلا فئة معينة، لا تمثل السياسة العامة الإيرانية.. هل توافق على ذلك أم أن العملية عملية توزيع أدوار بين المحافظين وبين الإصلاحيين؟ فيما يتعلق بالسياسية الخارجية -نحن نتحدث-  ومصر بشكل خاص.

عبده مباشر:

لا هو مش توزيع أدوار، إنما أنا عاوز أتكلم في قضية ثانية، التضامن الإسلامي اللي أشار إليه الدكتور مهتدي؛ كان فين خلال الصراع العسكري بين أرمينيا وأذربيجان عندما انحازت الثورة الإيرانية إلى الأرمينيين المسيحيين ضد الأذربيجانيين المسلمين؟ كان فين التضامن الإسلامي؟!

نيمره اثنين، دكتور مهتدي بيتكلم أن مصر تراجعت عن مواقفها فيما يتعلق بالسلام مع إسرائيل، أبدًا مصر لم تتراجع عن موقفها من قضية السلام، بقضية السلام مصر حصلت على سيادتها على كل أرضها، ودعمت الأردن في التوصل إلى اتفاقية سلام، ودعمت الفلسطينيين للتوصل إلى اتفاقيات سلام متتالية، وبتدعم الموقف السوري، لم يتغير الموقف المصري على الإطلاق، ولن يتغير من قضية السلام؛ لأن موقف مصر من قضية السلام دا اختيار استراتيجي وليس اختيارًا تكتيكيًّا.

وإذا كانت إيران تنتظر أن يتغير الموقف المصري فالموقف المصري لن يتغير، وموقف إيران هو الذي يتغير من قضية السلام. ودليلي على ذلك موقف إيران من الأردن، وموقف إيران من سوريا، الأردن عقدت اتفاقية سلام، وفي نفس الوقت وطدت الدولة الإيرانية علاقتها مع الأردن، سوريا بدأت مفاوضات..

سامي حداد [مقاطعًا]:

إذن أستاذ عبده مباشر.. برأيك ما هي الشوكة التي تقف في حلق القاهرة وطهران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة؟

عبده مباشر:

ليس هناك شوكة تقف في حلق القاهرة إطلاقًا، القاهرة تدرك أن هناك خلافات في المواقف، ولكن هناك أيضًا مصالح مشتركة لابد من السعي معًا لتحقيقها، إسرائيل دولة قائمة في المنطقة، وإذا كانت تسعى للهيمنة فإنها لا تسعى في فراغ، هناك صراع متواصل ما بين دول الجوار وإسرائيل، وسينتقل الصراع من ميادين القتال إلى ميادين أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية.

وإذا كانت إيران لها موقف من الصهيونية فنحن ندرك لماذا رفعت إيران هذا الشعار، إيران لم تكن طرفًا إطلاقًا في الصراع العربي الإسرائيلي بل كانت طرفًا مؤيدًا وداعمًا لإسرائيل، ومعظم البترول الذي حصلت عليه إسرائيل في معركة 1973م حصلت عليه من إيران.

سامي حداد [مقاطعا]:

هذا كان قبل الثورة الإسلامية، كان معروفًا العلاقات الممتازة بين شاه إيران وإسرائيل، وبين شاه إيران والرئيس الراحل السادات، يعني كان فيه علاقة ممتازة بين الشاه وإسرائيل، والشاه والرئيس السادات.

عبده مباشر:

العلاقة بين مصر وإيران بدأت بعد انتصار أكتوبر 1973م وليس قبل ذلك، أما العلاقات الإيرانية الإسرائيلية فهي مستمرة في عصر الشاه وفي عصر الثورة الإيرانية، لم تتغير العلاقات، إنما الشعار الذي رفعته الدولة الإيرانية تحت حكم "الملالي" رفعته من أجل البحث عن دور في منطقة الصراع العربي الإسرائيلي، فلتحصل على هذا الدور، إنما الشعار لم يقنع أحد، لماذا لم تتقدم الجحافل الإيرانية لمقاتلة إسرائيل؟ هي قضية شعارات بحثًا عن دور..

سامي حداد [مقاطعًا]:

أستاذ عبده.. ألا يكفي دعم إيران لحزب الله في.. في لبنان؟

عبده مباشر:

حزب الله لم يكن ليؤدي هذا الدور دون المظلة السورية، فسوريا الداعم الرئيسي فيما يتعلق بحزب الله.

سامي حداد:

أستاذ عبد الباري.

عبد الباري عطوان:

يعني شوف خلينا  نرجع لموضوعنا الأساسي، الموضوع الأساسي أنه ليش التقارب المصري الإيراني يحدث حاليًا؟ أنا في تقديري عندي نظرية أخرى بالإضافة لكل ما تفضلنا فيه، كان التنافس بين مصر كقوة إقليمية وإيران كقوة إقليمية أخرى على منطقة الخليج، كانت هناك دول خليجية ضعيفة، كانت هناك ثروة نفطية ضخمة، كانت في مطامع إيرانية معروفة في المنطقة سواء كانت مطامع نفوذ أو مطامع  جزر، وكانت مصر هي التي تحاول أن تقف مع هذه الدول، الآن تغيرت الصورة بعد حرب الخليج الثانية، بعد أزمة احتلال الكويت، ما حصل حاليًا أنه أصبحت هناك قوات أمريكية، والدول الخليجية أدركت بأن القوات الأمريكية هي التي وحدها تستطيع أن توفر لها الحماية، وتوفر لها الأمان في مواجهة أي أطماع إقليمية، سواء من العراق أو من إيران أو من أي دولة أخرى في المنطقة، فعندما تواجدت القوات الأمريكية وأثبتت فاعليتها في حرب الخليج، أصبحت هذه الدول الخليجية ليست بحاجة إلى مصر، وليست بحاجة إلى إيران أيضًا، يعني أصبحت في مأمن من إيران وليست بحاجة إلى مصر لحمايتها من أي.. فتغيرت الصورة، وجدت حقيقة الدور المصري في منطقة الخليج تراجع كثيرًا ولا أقول تهمش، الدور الإيراني أيضًا كمان جرى تحجيمه أيضًا بطريقة أو بأخرى، فهذا التحجيم.. وتراجع الدور المصري بسبب اعتماد الدول الخليجية على أمريكا، أيضًا تراجع الدور الإيراني أو على الأقل تحجيم الدور الإيراني بسبب وجود القوات.. خلت هاتين القوتين الإقليميتين عاطلتين عن العمل في الخليج، فتقاربا الآن أو حاولا التقارب.

سامي حداد:

أتنكر نظرية أن المحاور الرئيسية التي تدعم أي استقرار في منطقة الشرق الأوسط هي المحور الثلاثي أنقرة وطهران والقاهرة؟ هي محاور رئيسية تعتبر .

عبد الباري عطوان:

بلا شك أن أنقرة وطهران والقاهرة محاور، لكن هناك محاور أخرى، يعني طيب ماذا عن العراق مثلاً؟ ماذا عن سوريا، سوريا أول إمبراطورية في تاريخ الإسلام.. تعتبر سوريا، العراق..

سامي حداد [مقاطعًا]:

لم تكن إطلاقًا تعتبر دولاً محورية كبيرة إذا ما قورنت بطهران، أنقرة، والقاهرة.

عبد الباري عطوان:

يا سيدي بغداد حاربت طهران ثماني سنوات، يعني هذي مش دولة مركزية قوية، كم سنة حاربت مصر على وجه التحديد؟ كم يعني؟ ثماني سنوات حرب متواصلة، مصر بلا شك عندها قوة إقليمية، لكن هذه القوة الإقليمية بيتحدد أمرها ودورها من أمرين أساسيين، الأمر الأول القوة العسكرية، الأمر الثاني القوة الاقتصادية، مصر بلا شك أيام عبد الناصر كانت قوة إقليمية، وقوة دولية ضخمة؛ لأنه كان عندها دور وكان عندها قدرة عسكرية..

سامي حداد [مقاطعًا]:

إعلاميا، إعلاميًّا فقط؟

عبد الباري عطوان:

لا.. كانت عندها قوة، لكن الآن أعتقد أن القوة المصرية تراجعت، يعني مصر الاقتصاد المصري ليس بالقوة..، والعسكرية المصرية ليست بالقوة..، بينما إيران نعم، إيران تطور قنابل، تطور صواريخ بالستية بعيدة المدى، وأقامت ست منصات صواريخ قبل ثلاثة أيام.. تطور برنامج..

سامي حداد [مقاطعًا]:

بالتعاون مع الصين.

عبد الباري عطوان:

 إن شاء الله مع القرود، تطور برنامج نووي ضخم جدًّا، طيب ماذا تطور مصر؟ هل مصر عندها برنامج نووي؟ هل عندها برنامج إنتاج صواريخ بالستية بعيدة المدى؟ يعني مصر صحيح طبعًا مصر قوة إقليمية، لكن هذه القوة بحاجة أن تنفض الغبار عن نفسها، بحاجة أن تعيد بناء نفسها عسكريًّا واقتصاديًّا حتى تصبح فعلاً يوازي.. ما يوازي المحور التركي والمحور الإيراني، بس فيه نقطة، أنا أعتقد أن المنطقة العربية الآن محاصرة بين ثلاث محاور.. المحور التركي، المحور الإيراني، المحور الإسرائيلي.. يعني هذه هي..

سامي حداد [مقاطعًا]:

التركي الإسرائيلي.

عبد الباري عطوان:

أو التركي الإسرائيلي، مطلوب الآن أن يقوم محور مصري إيراني عراقي سوري في مواجهة هذا المحور، هل تقبل مصر أن تعمل محورًا عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًا مع سوريا، ومع العراق، ومع إيران في مواجهة هذا المحور التركي الإسرائيلي أم لا؟ أتمنى الأستاذ عبده مباشر أن يجيبني على هذا السؤال.

سامي حداد:

أستاذ عبده مباشر.

عبده مباشر:

وجهة النظر التي طرحها الأخ عبد الباري في حاجة إلى مراجعة كاملة، العراق موجودة، وسوريا موجودة، إنما لما نتكلم عن التوازن الإقليمي بنتكلم عن تصور استراتيجي أو سياسة عليا، فيما يتعلق بالاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا منطقة غرب آسيا وشرق البحر المتوسط، هذا التوازن لا يتحقق إلا من خلال توازن بين قوى ثلاث هي: طهران والأنقرة والقاهرة، أما فيما يتعلق بالتوازن في منطقة الخليج فهو يعتمد على توازن ثلاثي أطرافه: طهران ،بغداد، الرياض..

أما المحاور التي يتحدث عنها أن المحور التركي الإسرائيلي في حاجة إلى محور مصري عراقي سوري إيراني فهذا يعني عودة الصراع العسكري وسباق التسلح مرة أخرى، وهذا لن يكون لأن اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية السلام تمنع تجدد الصراع العسكري أو إقامة محاور عسكرية معادية لإسرائيل.

سامي حداد:

إذن من هذا المنطق يا أستاذ عبده مباشر -رجاء- أنا ذكرت أن المحاور الرئيسية في منطقة غرب آسيا وشرق المتوسط "أنقرة، طهران، القاهرة" ذكرت أن مصر مكبلة بكامب ديفيد، دور مصر كان.. أنا أوافق معك في الخمسينات في الستينات على زمن العثمانيين كانوا يفكرون بأنقرة وليس بإسطنبول أتاتورك باسطنبول عفوا وليس أنقرة أتاتورك، والقاهرة الآن تغيرت الأوضاع، يعني أنتو في الخمسينات والستينات كانت القاهرة محورًا كبيرًا في الشرق الأوسط، انتهى هذا الدور.

عبده مباشر:

حضرتك بترى أن دور القاهرة انتهى، وترى أن القاهرة مكبلة بكامب ديفيد، دا غير صحيح؛ لأن كامب ديفيد كان الطريق الوحيد لاستعادة سيناء المحتلة، وحضرتك تعلم أن مصر في ذلك الوقت بل العالم العربي في ذلك الوقت لم يكن يملك قوة عسكرية قادرة على تحرير ما تبقى من الأرض المحتلة، وفي إطار توازن القوى بين العالم العربي وإسرائيل لم يكن متوقعًا أن يتغير هذا الميزان لصالح العربي، لأن إسرائيل تفوقت في ثلاثة محاور أو ثلاثة اختيارات، الاختيار النووي وهي تتفوق فيه على العالم العربي، الاختيار أسلحة الفضاء وهي تتفوق فيه على العالم العربي، اختيار الأسلحة التقليدية وصناعتها الحربية بتمد الجيش الإسرائيلي بما يقرب من 85%. العالم العربي ليس لديه صناعة أسلحة، وصناعته الحربية تقدم ما يقرب من 11% من احتياجاته، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي ليس هناك مصدر للسلاح إلا العالم الغربي فلم يكن أمام مصر إلا السلام لاستعادة أرضها المحتلة.

وبالتالي فإن كامب ديفيد لا تكبل مصر، ولكنها الطريق الذي استعادت مصر به سيادتها على كل أرضها المحتلة.

سامي حداد:

شكرًا أستاذ عبده، الواقع أريد أن آخذ رأي الدكتور محمد علي مهتدي في بيروت.. سمعت ما قاله بأن كامب ديفيد لم يكبل أو لم يخفف أو يقلل من دور مصر الإقليمي.. هل توافق على ذلك وأنت في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط وإيران في طهران؟

د. محمد علي مهتدي:

لما نتحدث عن المسألة الاستراتيجية في المنطقة لابد أن نعترف أن هناك مثلث قوة استراتيجي في المنطقة .. "إيران، تركيا، مصر" هذا المثلث لا يتأثر بالسياسات المقطعية والزمنية للأنظمة وللحكومات، يعني هناك دولة قوية إيران، دولة إسلامية قوية تركيا، بغض النظر عن السياسات الحالية للحكومة التركية.

سامي حداد:

فيما يتعلق بعلاقاتها العسكرية، والتعاون العسكري مع إسرائيل، نعم.

د. محمد على مهتدي:

 نعم، يعني هذا المثلث يجب -برأيي أنا- يجب أن نعمل لإيجاد تنسيق وتواصل في هذا المثلث، مثلث القوى في المنطقة الإسلامية دون أن ندخل في مسألة المحاور ومسألة الأحلاف العسكرية، لكن ما يقوله الأستاذ عبده هذا المنطق أعتقد أنه ثبت.. يعني هذا المنطق منطق قديم منذ أيام الرئيس الراحل أنور السادات، وأعتقد أننا نحن في المنطقة العربية الإسلامية نملك من القوة ما يؤهلنا بمواجهة التحديات الموجودة في المنطقة سواء من جانب إسرائيل أو من جانب غير إسرائيل، وأعتقد أنه في الآونة الأخيرة ما جرى في جنوب لبنان، وانتصار المقاومة، واندحار الجيش الإسرائيلي، بالرغم من كل الأسلحة التقليدية والنووية وغير التقليدية، خير دليل على أننا نملك فعلاً مقومات القوة، لكن المشكلة أنو يجب أن نعترف بأنفسنا، يجب أن نتغلب على الذهنية الانهزامية، ونكتشف مصادر القوة التي نملكها جميعًا في المنطقة.

سامي حداد:

ولكن أنت نتحدث عن مصادر القوة يا دكتور في الوقت الذي يرى فيه البعض أن إيران تفاخر أو أو تهدد بسبب برنامجها التسلحي، وخاصة الآن بعد زيارة الرئيس خاتمي إلى الصين، وكان معه وفد كبير، وزير الدفاع والأركان، بالإضافة لوزراء الخارجية والنفط، يعني برنامج التسلح الإيراني في المنطقة يعني يخيف الدول الجوار أليس كذلك؟!

د. محمد علي مهتدي:

لا، أبدًا.. أبدًا، نحن في إيران طيلة مائتي سنة لم نهاجم أي دولة جارة عربية أو غير عربية..

سامي حداد [مقاطعًا]:

إلا عام 1971م، عندما  أخذ الشاه الجزر الإماراتية الثلاث.

د. محمد على مهتدي:

 لا، أبدًا هذه الجزر ليست إماراتية، هذه جزر إيرانية محتلة من قبل الإنجليز، ولما رحل الإنجليز استرجعنا الجزر، وهذه قضية أخرى، لكن نحن هوجمنا دائمًا، وفوجئنا بهجمات عسكرية ضدنا، وعانينا كثيرًا، إذن المسألة العسكرية الإيرانية يدخل.. تدخل فقط في إطار الدفاع عن النفس، وليست ضد أي دولة عربية جارة، بالعكس، نحن أعلنا دائمًا أن قوة إيران العسكرية في خدمة العرب، في سبيل القضايا المشتركة في المنطقة.

سامي حداد: 

شكرًا  دكتور، في الواقع الأخ عبد الباري يريد أن يعقب على موضوع الجزر الإيرانية كما دعوتها، وتعتبر جزرًا إماراتية عربية محتلة، إيران تتحدث عن حسن الجوار وقوتنا في سبيل العرب في الوقت الذي تحتل فيه ثلاث جزر عربية؟

عبد الباري عطوان:

لا هو يعني.. الأستاذ تحدث عن قوة، عن ثلاث محاور، أو ثلاث مرتكزات رئيسية وهي طهران، القاهرة، أنقرة، يعني أنا ألاحظ أنو..، ويطالب بالتنسيق بين هذه المراكز الثلاثة، أنا باعتقد أن القاسم المشترك أن هذه المحاور الثلاثة متفقة على حصار العراق وهي دولة عربية، متفقة على أن لا تقوم قائمة هذه الدولة العربية الإسلامية أيضًا، يعني إذا كانت هذه المحاور، تكريس هذه المحاور حتى لا تظهر محاور أخرى أو مراكز قوى أخرى في المنطقة بحيث تظل المنطقة العربية أسيرة هذه المناطق.

بالنسبة لموضوع الجزر أنا أرى مثلاً أن إيران تقيم علاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية واستطاعت أن.. وعلى وشك تطبيق اتفاقية أمنية، أيضًا لاحظنا السعودية سوت خلافها الحدودي مع اليمن ووقعوا معاهدة يمنية، أيضًا السعودية وقعت معاهدة حدود أيضا وترسيم حدود مع الكويت، طالما أن إيران حريصة على علاقات جيدة مع جيرانها.. لماذا لا تتوصل إلى حل لمشكلة الجزر الثلاث؟ لماذا لا تقبل بالتحكيم الدولي مثلاً لهذه الجزر؟

سامي حداد:

في الواقع لديَّ فاكسات كثيرة عن هذا الموضوع فيما يتعلق بموضوع الجزر، ولكن قبل ذلك نأخذ هذه المكالمة الهاتفية من الدكتور "علي نوري زاده" وهو مدير مركز الدراسات الإيرانية والعربية ومركزه في لندن، مساء الخير دكتور.

د. علي نوري زاده:

مساء النور.. والله لدي أولاً بعض الملاحظات بشأن محور القاهرة وإيران ومصر، وأعتقد بأنه ليس هناك محورا بين إيران ومصر وتركيا، وهناك وفقًا للتوجهات الإيرانية وأيضا سياسة الرئيس خاتمي اهتمام بمحور إيراني سعودي مصري، ولحد الآن توثقت العلاقات المستقبلية بين إيران والسعودية وهناك اهتمام بموضوع العلاقة المستقبلية بين إيران ومصر، وأعتقد بأنه خلال أسابيع إن لم نقل أيام ستكون هناك إشارات إيجابية تأتي من طهران، وأيضًا من القاهرة، فهذا موضوع..

وبالنسبة لموضوع التسليح الإيراني فيجب أولاً أن نضع النقاط على الأحرف بشكل دقيق، إيران بلد كبير، وإيران بحاجة إلى الأسلحة، وهناك قوى تعتبرها إيران عدوة مثل طالبان مثلاً في يعني الحدود الشرقية، وهناك علاقات متوترة مع العراق بسبب حماية العراق لمنظمة مجاهدي خلق، كيف أستاذ عبد الباري عطوان يُطالب إيران بتوثيق علاقاتها مع العراق، بينما عناصر منظمة مجاهدي خلق تدخل إيران وتقوم بأعمال إرهابية ضد المنشآت المدنية وضد المراكز المدنية، وهناك المئات بل الآلاف من الإيرانيين الذين يعني تعرضوا لعمليات مجاهدي خلق، وهناك بعض المسؤولين اللي اغتيلوا، وهذا لا نعتبره انتصارًا لمجاهدي خلق بل نعتبره عمليات إرهابية تأتي من العراق.

وفي نفس الوقت أنا باعتقادي يجب أن تتوقف إيران أيضا عن دعم ما يسمى بالمعارضة العراقية، وعدم التدخل في شؤون العراق، ولكن أعتقد أن علاقات العراق مع منظمة مجاهدي خلق أصبحت علاقات استراتيجية، والعراق لا يستطيع أن يتخلى عن دعم منظمة مجاهدي خلق، ويجب أن يجد القيادة الإيرانية طريق للخروج من هذا المشكلة، يعني مشكلة تعاونها وارتباطها مع منظمة مجاهدي خلق.

سامي حداد:

شكرًا دكتور علي، ولكن أرجو أن تبقى معنا على الهاتف.. تقول إن العراق يدعم منظمة مجاهدي خلق، وتقوم بأعمال عنف داخل إيران، بنفس الوقت إيران تقوم بأعمال عنف ضد العراق، ونحن نعرف أن الرئيس خاتمي بعد يومين سيزور ألمانيا، ومن المعروف أن الشرطة الألمانية أخذت احتياط كبيرة لمنع مؤيدي أو أنصار أو المنتسبين لمجاهدي خلق للقيام بمظاهرات، وهم منتشرون في كل أوروبا ضد الثورة الإيرانية، ليس فقط في العراق.

د. علي نوري زاده:

يا أخي هناك فرق بين ما يسمى بجيش المقاومة وجيش مجاهدي خلق الموجود بالعراق، ومؤيدي المنظمة المنتشرين في أوروبا وفي مناطق أخرى، وعمليات العسكرية ضد إيران هي مختلفة عن مظاهرات هنا وهنالك، إلى جانب منظمة مجاهدي خلق فهناك منظمات وأحزاب وتنظيمات إيرانية أخرى، لديها توجه معارض لما يدور في إيران، فهذه المنظمات أيضا ستعرب وستعبر عن توجهاتها خلال زيارة الرئيس خاتمي لألمانيا، لكن طريقة مجاهدي خلق هي طريقة مختلفة عن الطريق الحضاري والأسلوب الحضاري، ونحن في الألفية الثالثة ومنظمة مجاهدي خلق تريد إسقاط النظام الإيراني عبر الكاتيوشا من الأراضي العراقية، وبقنابل ومتفجرات، بينما الشعب الإيراني اختار طريق  Reform وطريق التعديل بصورة تدريجية وبشكل حضاري، وهذا نعتبره تدخلاً من جانب العراق في شؤوننا، وأنا نفسي كمعارض للوضع القائم في إيران أرفض أسلوب مجاهدي خلق، وأرفض تعاون منظمة مجاهدي خلق مع العراق بهذا الشكل..

سامي حداد [مقاطعًا]:

شكرًا دكتور علي، الأخ عبد الباري يريد أن يجيب على بعض النقاط.

عبد الباري عطوان:

يعني الدكتور علي نور زاده يدرك جيدًا بأن مجاهدي خلق موجودة في العراق حديث جدًّا، بينما وجود "قوات بدر" التابعة للمعارضة العراقية التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية موجودة قبل وجود يعني مجاهدي خلق على الأراضي العراقية، كما أريد أن أذكر الدكتور علي نور زاده بأن العراق حاول أن يقيم علاقات طيبة مع إيران، وسافر أكثر من مسؤول عراقي إلى إيران من أجل تقوية العلاقات والتحالف، والتصدي للمشروع الأمريكي في المنطقة ولم يجد تجاوبًا، فيعني أعتقد أن ما يحدث هناك هو التبادل بالمثل.. أيضًا المعارضة العراقية تشن غارات ضد العراق من داخل إيران، وهناك زي ماقلت جيش بدر الذي يتولى هذه العملية، نفس الشيء المعارضة العراقية فجرت قنابل في وسط بغداد، وقتلت أناسًا حتى بعض المواقع المدنية، ولا يستطيع الدكتور علي أن ينكر ذلك، طالما هناك توتر في العلاقات، كل طرف يلجأ إلى دعم الطرف الآخر والتدخل في شؤونه الداخلية، وهو أمر مؤسف في في نظري.

يجب أن تنحاز إيران إلى جانب العراق لتتصدى للمشروع الأمريكي في المنطقة، هذا ما أريد أن أقوله، أما عملية أنو تفضيل إنو لا والله أنو هذا العراق يدعم مجاهدي خلق وإيران لا تدعم مثلا قوات بدر، لا، هذا أمر ربما يكون فيه انحياز، يجب أن نكون منصفين في هذه الحالة، وأن نرفض تدخل الجانبين في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض.

سامي حداد:

إذن هل أفهم من ذلك أن يعني العراق بريء من دعم المعارضة الإيرانية المسلحة داخل الأراضي العراقية؟

عبد الباري عطوان:

لا، لا، العراق ليس بريئًا، لا، العراق ليس بريئًا، العراق يدعم مجاهدي خلق، وأنا بنفسي شاهدت صور جاءتنا على وكالات الأنباء، هناك دبابات لمجاهدي خلق في العراق، وهناك مدفعية ثقيلة، وهناك معسكرات تدريب، ومعسكرات ضخمة، هذا شيءٌ معروف وواضح جدًّا.. أما إيران في نفس الوقت أيضًا فتدعم المعارضة والمقاومة الشيعية في جنوب العراق، وهذا أمر معروف، وتتخصص في هذا الأمر بشكل قوي جدًّا يعني، ولا تدعم المعارضة السنية مثلاً في العراق..

سامي حداد [مقاطعًا]:

أيضًا تدعم السنة كما سمعنا في البرنامج، دعمت السودان، تدعم الأصوليين، واتهامات المصريين.. بالإضافة إلى ذلك يعني أن تكون معارضًا شيعيًّا.. هل هذا خطأ وحرام؟

عبد الباري عطوان:

لا، لا ليس خطأ.. المعارض هو معارض سواء كان سني أو كان شيعيا أو أي شيء، لكن أنا أقول إن الدولتين.. العراق تدعم مجاهدي خلق وهو تنظيم شيعي أيضًا.

[فاصل موجز أخبار]

سامي حداد:

أستاذ عبده مباشر في القاهرة يبدو أن مصر أو السياسة المصرية لا تزال تربط بين تحسن جوهري في علاقاتها مع طهران بحدوث تطور إيجابي فيما يتعلق بما كنتم تتهمون إيران بدعم الجماعات الإسلامية، التشدد فيما يتعلق بموضوع كامب ديفيد، بالإضافة إلى.. تريدون تطورًا إيجابيًّا فيما يتعلق بموقف إيران من الجزر الثلاث المتنازع عليها؟ يعني القاهرة في الجامعة العربية، في دول إعلان دمشق تريد أن تحل أو تحل القضية أو على الأقل تعود الجزر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يعني هل تعتقد أن مصر جادة في هذا الموضوع بقدر جدية إيران فيما يتعلق بإلغاء كامب ديفيد، أم أن المصالح ستطغى على هذه المبادئ؟

عبده مباشر:

أستاذ سامي فيه معلومة صغيرة أحب أقولها؛ أن الجزر العربية خمس جزر، فيه جزيرتين احتلتهم إيران في نهاية عام 56 وبداية عام 57 اللي هم جزيرتي "عربي" و"فارسي"، الجزيرتين دول بيتحكمو في الممر الملاحي للخليج، مصر أبلغت السلطات السعودية في ذلك الوقت، والسلطات السعودية أجرت مفاوضات مع السلطات الإيرانية، وتم الاتفاق خلال المفاوضات أن الفاصل بين ملكية الجزيرة أو الجزيرتين لكل من إيران أو السعودية هو خط تقسيم المياه، وعندما قاسوا خط تقسيم المياه كانت جزيرة "عربي" في منطقة النفوذ الإيراني، وجزيرة "فارسي" في منطقة..في المنطقة السعودية، وحتى الآن لم تعطِ السلطات الإيرانية جزيرة فارسي لأصحابها الشرعيين..

سامي حداد [مقاطعًا]:

للسعودية.. وهذا يعني هذه مشكلة سعودية، السعودية إذا أرادتها تطالب بها، ولكن أنا حديثي عن موضوع الجزر الإماراتية الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التي احتلها الشاه عام 71.

عبده مباشر:

الموقف المصري من ملكية دولة الإمارات للجزر الثلاث لم يتغير، وعندما أقدمت إيران على مجموعة تغييرات في جزيرة أبي موسى كانت الدبلوماسية المصرية والموقف السياسي المصري موقف مؤيد وقوي لدولة الإمارات، وهذا الموقف ليس موقفًا تكتيكيًّا.

سامي حداد [مقاطعا]:

عفوا،عفوا،هل أفهم من ذلك أن عودة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفارات يعني سيكون فيها شرط عودة الجزر؟

عبده مباشر:

لا، ستساعد عودة العلاقات على مزيد من الضغوط من أجل عودة الجزر إلىأصحابها الشرعيين..

سامي حداد [مقاطعًا]:

يا سيدي سوريا الحليف الاستراتيجي لإيران مدة عشرين عامًا،ولم هي.. هي مع دولة الإمارات، ولكنها لم تستطع أن تؤثر على إيران للجلوس مع الإماراتيين للحديث عن الموضوع.. فكيف تستطيع مصر أن تزاول أي نوع من الضغط؟

عبده مباشر:

مش معنى أن الضغوط لم تنجح في الماضي أنها لن تنجح في الحاضر، وعندنا مثل بيقول "ما يموت حق فيه وراه مطالب" فنحن مطالبين بعودة الجزر إلى الإمارات.

سامي حداد:

كما حدث في محادثات طابا مع الإسرائيليين.. نعم.

عبده مباشر:

بالظبط، كده.

سامي حداد:

معليش أستاذ عبده، عندي مكالمة من البحرين من الأستاذ عبد الله المدني، وهو متخصص بالشؤون الآسيوية وإيران، مساء الخير أستاذ عبد الله.

عبد الله المدني:

مساكم بالخير جميعًا، طبعًا احنا في الخليج أو أغلبنا على الأقل نختلف مع النظام الإيراني الجائر بسياساته وتوجهاته، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف له حينما يُقدم على عمل صائب يلتقي مع النظريات الحديثة في علم العلاقات الدولية، والتي تقول إن علاقات الأمم تحكمها أو يجب أن تحكمها المصالح بالدرجة الأولى، والنظام الإيراني ومنذ سنوات التسعينات الأخيرة صار يغلب بعلاقاته الخارجية المصلحة الوطنية والاستراتيجية لإيران على ما عداها من العوامل، وعلى رأس هذه العوامل العامل الأيديولوجي، وأنا مستغرب حقيقة من نفي السيد مهتدي لهذا الأمر مع أنه شيء جيد ولا يسيء، وأتمنى أن لا يكون السبب هو أن إيران تستحي من شيء كان الشاه في سنواته الأخيرة حريصًا عليه في سياساته الخارجية، بعبارة أخرى النظام هو نظام فقهي و… ويوصف في أدبياتنا تارة باسم نظام الملالي..  وتارة أخرى باسم..

[انقطاع في الصوت].

عبد الباري عطوان:

..هذا موبايل

سامي حداد:

أستاذ عبد الله، يبدو بكل أسف أن التلفون بقطع كأنما تتحدث من (موبايل)، سنحاول الاتصال بك مرة أخرى، ولكن لنستمع إلى ما يقوله دكتور محمد علي مهتدي، أستاذ محمد سمعت ما قاله السائل أو المداخلة من السيد عبد الله المدني.

د. محمد علي مهتدي:

المصطلحات.. يعني أنا لا أنكر أن كل دولة تتحرك على أساس مصالحها، لكن قضية المصالح أو المصالح المشتركة ليس معناها أنه المصالح دائمًا ضد الأيديولوجية، أو الذي يريد أن يعمل حسب المصالح يجب أن يترك الأيديولوجية جانبًا، فلا أرى أي خلاف أو أي صراع بين الأيديولوجية والمصالح.. هذا هو الذي أريد أن أقول.

سامي حداد:

إذن أنا سألتك هذا السؤال سابقًا، أيديولوجية الثورة الخمينية تعزيزًا للإسلام ونصرة المسلمين في كل مكان، وسألتك هذا في السابق.. الشيشان تغضون الطرف لما يجري هناك في سبيل تطوير علاقاتكم مع روسيا، ذكرت موضوع منطقة تركستان في الصين والمسلمون هناك، وكيف يعانون في الوقت الذي زار خاتمي ولم يتحدث عن الموضوع، تطوير علاقاتكم المميزة مع الهند، حتى إنه في عام 94 في جنيف كان هنالك مشروع مؤتمر حقوق الإنسان، وأسقطت إيران والهند مشروعًا كان يندد بممارسات الهند ضد مسلمي جامو وكشمير، فأي.. بتقول لي بتقول لي إن المصلحة لا تتعارض مع الأيديولوجية يا أستاذ؟

د. محمد على مهتدي:

 بكل هذه القضايا التي ذكرت أستاذ سامي، أعتقد أننا تحركنا بوحي الأيديولوجية الإسلامية في إطار المصالح الإسلامية.. فهل كان مفروض لإيران أو مفترض لإيران أن تدخل في حرب عسكرية بسبب القضية الشيشانية مثلاً، أو تدخل في حرب ضد الهند بسبب قضية جامو وكشمير، بالعكس نحن في إيران أخذنا موقف إسلامي داعمًا لقضية الشيشانيين، واستغلينا أو استفدنا من العلاقات الطيبة بين إيران وموسكو في سبيل حل القضية سلميًّا ورفع المعاناة عن الشيشانيين، والدكتور "خرازي" وزير الخارجية سافر على رأس وفد من O I C المؤتمر الإسلامي إلى الشيشان، وكذلك بالنسبة لقضية جامو وكشمير نحن دائمًا استفدنا من علاقاتنا الطيبة مع هند وباكستان في سبيل حل هذه القضية سلميًّا، بعيدًا عن المواجهات العسكرية التي لا تفيد أي جهة من الجهتين.

سامي حداد:

إذن يعني يا أستاذ دكتور: إسلاميًّا، يعني كان هناك أخطاء في الماضي، الآن أنتم أصدرتم فتاوى ضد مصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد، حدث حرب بينكم وبين العراق، الآن يوجد موضوع الأسرى، يعني الأقربون أولى بالمعروف.. لماذا نحن نتحدث عن علاقات إيران الخارجية سواء مع مصر أو الجيران.. يعني أليس العراق أولى بأن تطوروا علاقاتكم معه؟

د. محمد علي مهتدي:

 نحن لم نقصر أبدًا بالنسبة للعراق، نحن دائمًا وفود إيرانية سافرت إلى العراق، مع ذلك لم نلمس أي تجاوب من جانب النظام العراقي، بالعكس في فترات حاسمة اللي كنا على وشك الاتفاق لحل قضية عادية مثل قضية الأسرى المساجين في العراق، كنا نفاجأ دائمًا بعملية إرهابية من قبل من يسمون بمجاهدي خلق داخل إيران، وقلب الطاولة وإعادة الجميع إلى نقطة البدء. أما أن..

سامي حداد [مقاطعًا]:

ولكن دكتور..دكتور، بالمقابل العراق يتهم إيران بأنها تأوي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية برئاسة السيد باقر الحكيم، بعض العمليات التي تجري في وسط العراق وفي جنوب العراق بدعم من إيران الثورة التي حدثت عام 1991م أو 1994م أيضًا كانت بدعم إيراني، يعني ليس الطرفان بريئين.. أليس كذلك؟

د. محمد علي مهتدي:

يعني نحن عندنا مليون أو مليون ونصف مشرد عراقي في الأراضي الإيرانية، وبإمكان أي طرف أن يدعي أن إيران تدرب وتتدخل في شؤون العراق، بالعكس، في حين أن كل الناس تعرف أن المآسي والمشاكل التي نعانيها جميعًا في المنطقة هي من صنع النظام العراقي، ابتداءً من الحرب المفروضة على إيران، ثم احتلال الكويت، ثم المجيء بالقوات الأجنبية الغربية إلى المنطقة، هذه خدمات جلية قدمها النظام العراقي للغرب، لأمريكا ولإسرائيل، بالرغم ذلك لأن هناك قرارًا مبدئيًّا في إيران بتحسين وتعزيز العلاقات مع العالم العربي، مع جميع الدول العربية ابتداءً بالجار، نحن دائمًا حاولنا وعملنا المستحيل للاتفاق مع النظام العراقي حول خطوط محددة، حول قضايا محددة، مع ذلك فوجئنا أن النظام العراقي دائمًا ينظر إلى موضوع العلاقة مع إيران كورقة يستعملها في المساومات الرخيصة مع الأمريكان أو مع غير الأمريكان.

سامي حداد:

شكرًا.. يا دكتور عبد الباري أراك متحفزًا.

عبد الباري عطوان:

لا يعني الدكتور يقفز حول العديد من الحقائق التي كنت أتمنى هو يتعامل معها، هو طلب ألا نتحدث عن الماضي في بداية هذه الحلقة، وطلب من الأستاذ عبده مباشر أن يغلق جميع الملفات القديمة، وأن يتم فتح صفحة جديدة.. يعني لماذا لا تبدأ إيران بفتح صفحة جديدة مع العراق؟ السعودية فتحت صفحة جديدة مع إيران، أيضًا فتحت صفحة جديدة مع اليمن، لماذا.. إيران تقيم علاقات مع دول شيوعية وهي الدولة الإسلامية التي تطرح الإسلام شعارًا، العراق لم يقم علاقات مع إسرائيل، وفي حالة عداء مع الولايات المتحدة الأمريكية، لماذا.. في حالة حدوث تقارب ونوايا طيبة، وفتح صفحات جديدة، وإعادة الطائرات التي هربت إلى إيران العراقية التي لجأت الى إيران أيام الحرب، طيب هذه الأشياء ممكن أن تساهم في إعادة الاستقرار إلى المنطقة.. انو يعني..

سامي حداد [مقاطعًا]:

تبقى كل هذه تمنيات.. لنأخذ هذه المكالمة من الدكتور أبو المنتصر البلوشي من لندن. .مساء الخير يادكتور

د. أبو المنتصر البلوشي:

مساء النور، أستاذ مهتدي الظاهر يقصد وينكر الحقائق، كيف إن مجاهدي خلق جماعة إيرانية، أما المجلس الأعلى جماعة أول رئيس لها "طلال شهرودي" إيران هي التي أسسته، ولكن العلاقات الإيرانية العربية لم تكن يومًا ما على المستوى المطلوب، سواء في عهد الشاه حيث كان منحازًا جدًّا لإسرائيل، إلى درجة أن المفاعل النووي الإسرائيلي بُني برأس مال إيراني، وما بعد الثورة في إيران بسبب السياسة الطائفية وفكرة تصدير الثورة خاضت حربًا مع العراق دمرت البلدين، وفي النهاية استخدمت أمريكا وهي ما تزال في المنطقة، نعم الآن هناك تحسن ظاهري في هذه العلاقة، وهي تخدم شعوب المنطقة إذا كانت صادقة، وليست مبنية على مخططاتهم السابقة أي سياسة الهدم من الداخل، أنا أظن.. وحالم من يظن أن إيران ابتعدت عن عقيدتها، ولكن عقيدتها تسمح لها أن تتناور وتعمل بالتقية، لأنهم يقولون: نحن جربنا صدام حسين، وإسقاط ألف صديق أهون لنا من إسقاط عدو واحد، ولكن برغم الكلام المعسول المتدفق فمشكلة الجزر الإماراتية لم تحل بعد. طيب.. أستاذ مهتدي هذه هي الجلسة الثانية حضرتك تجي، أنا كإيراني أتمنى حضرتك تبرهن وتقدم الأدلة الثابتة الدامغة التي تثبت أن.. غير القوة.. أن هذه الجزر إيرانية ونحن نتمنى ذلك.

ثانيًا: نحن نعلم جيدًا أن إيران تستغل الدول العربية في المنطقة كسُلَّم للوصول إلى مائدة الشيطان الأكبر.. نعم صحيح

سامي حداد [مقاطعًا]:

دكتور بلوشي.. دكتور بلوشي عفوًا يبدو أن الوقت تداركنا، أريد أن أشرك القاهرة وباختصار يا أستاذ عبده مباشر.. كيف سيكون تأثير عودة العلاقات المصرية الإيرانية على دول منطقة الخليج العربية وبالتحديد الإمارات والعراق؟ باختصار أستاذ عبده باختصار.

عبده مباشر:

أعتقد أن دول الخليج تدرك أن العلاقات المصرية الإيرانية ستصب في النهاية لصالح الأمن القومي العربي، ولصالح المصلحة العربية العليا، والمصالح العربية الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية.

سامي حداد:

شكرًا أستاذ.. مشاهدينا الكرام لم يبقَ لنا إلا أن نشكر ضيوف حلقة اليوم.

من القاهرة عبر الأقمار الصناعية كان معنا الأستاذ عبده مباشر نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام، ومن بيروت الدكتور محمد علي مهتدي من مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في طهران والمتواجد الآن في بيروت، ومعي في الاستوديو نشكر الأستاذ عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي.

مشاهدينا الكرام حلقة الأسبوع القادم تأتيكم من واشنطن، هل نحن أمام "كامب ديفيد" أخرى يمزق الفلسطينيين كما مزقت "كامب ديفيد" العرب في السابق؟

إلى اللقاء مع تحيات سامي حداد..

المصدر: الجزيرة