أكثر من رأي

إقالة وزير الداخلية وآثارها في الشارع المغربي

مؤشرات إقالة إدريس البصري، أسباب ارتياح الأوساط المغربية لإقالة البصري، مدى اعتبار البصري حجر عثرة أمام التطور في المغرب، دور الطبقة السياسية في تسيير التوجهات الديمقراطية في الدول العربية.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

د.أحمد القديدي: المحلل السياسي المتخصص في الشؤون المغربية
محمد العربي زيتوت: دبلوماسي جزائري سابق
عبد الوهاب بدرخان: الكاتب والمحلل السياسي بجريدة الحياة
عبد الإله بن كيران: عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية

تاريخ الحلقة:

15/11/1999

– مؤشرات إقالة إدريس البصري
– أسباب ارتياح الأوساط المغربية لإقالة البصري

– مدى اعتبار البصري حجر عثرة أمام التطور في المغرب

– دور الطبقة السياسية في تسيير التوجهات الديمقراطية في الدول العربية

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله -تعالى- وبركاته،أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (أكثر من رأي) والتي أعوض فيها الزميل (سامي حداد).

شكل قرار العاهل المغربي محمد السادس بإبعاد وزير الداخلية إدريس البصري من منصبه -الأسبوع الماضي- شكل حدثًا استثنائيًّا في المغرب وخارجها، ولا يزال موضوع هذه الإقالة حديث المنتديات المغربية بعد أن شكل مادة دسمة للصحافة المغربية والدولية.

ترى ما هي أهمية هذه الإقالة في الشارع المغربي؟

وما هي أبعادها على المدى القريب؟ وهل ستشكل بداية لنهاية ما يسميه المغاربة بالحزب السري المشكل من موظفين ساميين، وكوادر، وأساتذة جامعيين يدينون بالولاء للبصري شخصيًّا؟

وهل ستقف الإصلاحات التي بدأها الملك الشاب محمد السادس عند أم الوزارات كما يُسمي المغاربة وزارة الداخلية؟ أم أنها ستطال وزراء آخرين وشخصيات نافذة تعتبر من بقايا العهد السابق؟

ثم ما وزن وزارات الداخلية في البلاد العربية؟

ومدى مصداقية الحديث عن وزراء أقوياء في النظام السياسي العربي يتصرفون وكأن لا حسيب لهم ولا رقيب، أم أنهم -في الغالب- ينفذون الإرادة الرسمية ويتحملون وزرها دون غيرهم؟

للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها معنا-اليوم- في الاستوديو الدكتور أحمد القديدي (المحلل السياسي المتخصص في الشؤون المغربية) وعبر الأقمار الصناعية من لندن الأستاذ عبد الوهاب بدرخان (الكاتب والمحلل السياسي بجريدة "الحياة") والأستاذ محمد العربي زيتوت (الدبلوماسي الجزائري السابق) ومن الرباط عبر الهاتف الأستاذ عبد الإله بن كيران (عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية).

للمشاركة في البرنامج – بعد موجز الأنباء- من داخل قطر 888840، ومن خارج قطر مفتاح قطر هو 888884 أو 888842 974، والفاكس 885999، ولكن قبل بداية النقاش لنتابع التقرير التالي:

مؤشرات إقالة إدريس البصري

تقرير: العارفون والمتتبعون للحياة السياسية في المغرب لم يفاجأوا بقرار الملك محمد السادس بإقالة وزير الداخلية إدريس البصري الأسبوع الماضي، ولكن الخبر في حد ذاته شكل متنفسًا لعديد من السياسيين وللشارع المغربي عمومًا، فقد ظل إدريس البصري على رأس وزارة الداخلية حوالي 25 عامًا، أصبحت خلالها هذه الوزارة تُنعت بأم الوزارات، كما أصبح نفوذ وزير الداخلية يطال كل صغيرة وكبيرة في شؤون المملكة.

ومنذ وفاة الملك الراحل الحسن الثاني الصيف الماضي، واعتلاء محمد السادس ظهرت في الأفق مؤشرات عديدة توحي بتباين الرؤى،وأساليب الحكم عند ملك شاب يطمح إلى التخلص من إرثٍ ثقيل ووزير قوي ومتمكن، شكل إحدى أهم أدوات التنفيذ في العهد السابق بإيجابياته وسلبياته، من هنا جاءت الرغبة في إبعاد البصري الذي يشهد له خصومه قبل أصدقائه بوطنيته ودهائه ونجاحه في التعاطي مع الأزمات.

وكانت أولى مؤشرات الإقالة قد ظهرت حين سمح القصر بعودة المعارض اليهودي الشيوعي أبراهام السرفاتي من منفاه الفرنسي في الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي، وهو أمر-ربما-لم يلقَ استحسانًا لدى وزير الداخلية الذي كان قد جرد المعارض اليهودي من جنسيته المغربية في وقت سابق.

وتجسدت الرغبة في إبعاد البصري عبر مؤشرٍ ثانٍ تمثل في تشكيل القصر لجنة ملكية عُهِدَ إليها باستلام ملف الصحراء الغربية والاهتمام بشؤون الصحراويين،وهو نفس الملف الذي كان يُعد -حتى وقت قصير- من اختصاصات إدريس البصري منذ عام 1974م، بل إن ملف الصحراء هو ما كان يشفع لبقائه في كل الحكومات المغربية المتعاقبة مما أدَّى إلى تأخير فكرة التناوب السياسي عدة سنوات بسبب تمسك أحزاب الكتلة الوطنية المعارضة بإبعاد البصري.

وبدا واضحًا أن رغبة الملك الشاب محمد السادس في معالجة ملف الصحراء لا تعتمد على المقاربة الأمنية التي عُرف بها البصري بقدر ما تحتاج إلى مقاربة سياسية أكثر نضجًا، وأكثر بُعدًا عن الأسلوب الذي اتبع في السابق.

أما المؤشر الثالث فلم يكن سوى تعيين ضابط في الجيش على رأس مديرية حماية التراب الوطني، وهو جهاز الاستخبارات الداخلي الذي أسسه البصري عام 1974م، لكن التعيين الجديد على رأس هذا الجهاز لم يكن سلسًا، إذ تناقلت الأنباء وقوع حريق في مقره الرئيسي، وإتلاف العديد من الملفات الحساسة التي قد تكون ملفات الفساد الإداري من بينها.

هذا الحادث شكل القطرة التي أفاضت الكأس، غير أن أقوى الإشارات عن قرب رحيل البصري سُجلت في الثامن من الشهر الحالي حين زار وفد وزاري مدينة العيون ولم يكن البصري من ضمن أعضائه، وكان الهدف من تلك الزيارة تفقد أحوال الصحراويين، والوقوف على ملابسات أحداث الطلبة الصحراويين الذين نظموا مظاهرات للمطالبة بالشغل وتحسين أحوالهم المعيشية، و ووجِهُوا بقمع شديد من لدن قوات الأمن، وكان لتصريحات البصري المتعلقة بتأجيل الاستفتاء في الصحراء الغربية عامين أو ثلاثة -على حد تعبيره- أثره السلبي على أداء حكومة اليوسفي واختصاصات وزير خارجيته.

كل هذه المؤشرات مجتمعة عجلت برحيل غير عادي لوزير داخلية غير عادي، ولكن – ومهما كان الخلاف مع الرجل – فلم يكن البصري إلاَّ موظفًا اجتهد في تنفيذ سياسات وتعليمات كانت تشكل إحدى دعائم العهد السابق، وبكلمات أخرى فإن المثل المغربي القائل (هوت الصومعة فالنصر بالحلاق) ينطبق بحذافيره على وضعية الرجل الذي كان حتى وقت قريب يُلقَّب بخادم الأعتاب.

فهل تَحَوَّل البصري اليوم شماعة تُعلق عليها كل الأخطاء؟

أم أن إقالته تعني التخلص من عقلية ومن أسلوب حكم قديمين لم يعودا صالحين لمغرب الألفية القادمة؟

إذا كان الأمر كذلك فإن المرحلة المقبلة من حكم محمد السادس قد تركز على إدخال إصلاحات إدارية، وتستعين بأدوات عمل ناجعة، تبدأ بمحاربة الفساد الإداري المتفشي، والبطالة الجامعية، ومختلف آفات الفقر، والظلم، والتخلف، ومن هنا يعتبر العديد من المراقبين أن إقالة إدريس البصري شكلت مبادرة ثورية للملك، وأن التخلص من الإرث الذي ورثه عن عهد والده سيحتاج إلى قرارات مماثلة وشجاعة تستلهم ضرورتها من نبض الشارع، ودعمها من الشعب عبر مختلف تياراته.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ولنبدأ مع ضيوفنا، ضيفنا في الاستوديو الدكتور أحمد القديدي.

دكتور الكل أجمع على أن هذه الخطوة كانت متوقعة من قبل الملك محمد السادس ومع ذلك جاءت مفاجئة في توقيتها، ما رأيك في مثل هذا التحليل؟

د.أحمد القديدي: بسم الله الرحمن الرحيم، هي -في الحقيقة- متوقعة ومفاجئة -مثلما قلت أخي محمد- لأسباب كثيرة،منها مثلاً متوقعة لأن الزلزال السياسي الحقيقي الذي حدث في المملكة المغربية هو تعيين عبد الرحمن اليوسفي رئيسًا للحكومة، وهو رجل معارض، وعنده سوابق مع النظام ليست دائمًا سعيدة، هو رجل كان في السجن مثلما تعرف في زمن الاستعمار، وفي عهد الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.

هذا الزلزال الحقيقي، نعتبر أن من توابع الزلزال هو إقالة وزير الداخلية لمدة عشرين سنة إدريس البصري يعني لم تكن مفاجأة في الحقيقة، وإنما كانت من توابع الزلزال الكبير، هي مفاجأة، وأتمنى أن يزول عصر انعدام المفاجآت في المغرب العربي، وأن تبدأ المفاجآت، وكل ما أتمنى أن تكون مفاجآت سارة في الجزائر وفي تونس وفي المغرب العربي كله إن شاء الله.

الظاهرة هي تستحق مثل هذا البرنامج وأكثر من هذا البرنامج، الظاهرة لأن الرجل بقي على رأس وزارة الداخلية عشرين سنة، وأسمته الصحافة الفرنسية جريدة "اللوموند" يوم عشرة نوفمبر رئيس الحكومة (..)، فمش معقولاً أن رئيس حكومة يتصرف، وهو المسؤول أمام الملك، وأمام الشعب، وله رئيس حكومة مكرر مش معقولاً، وإدريس البصري مثلما نعرف سوف نتحدث -ربما- عن ذلك بواسطة اللامركزية أصبح يتحكم في العمال، والأقاليم وما إلى غير ذلك، الظاهرة الأخرى هي منزلة وزراء الداخلية في المغرب العربي والعالم العربي وسوف نتطرق لها..

محمد كريشان [مقاطعًا]: سنعود إلى ذلك، لو ننتقل إلى لندن إلى السيد عبد الوهاب بدرخان، سيد عبد الوهاب بالنسبة للدكتور القديدي هي من توابع الزلزال، بالنسبة إليكم هل تشاطرون الرأي الذي يقول بأنه -في نهاية المطاف-رحيل البصري أذن عندما غادر الملك الحسن الثاني هذه الدنيا، هل ترى ذلك؟

عبد الوهاب بدرخان: الأرجح أن هذا هو السبب المباشر، لأن ما أسماه زلزالاً في تعيين اليوسفي وزيرًا أول حصلت نقلة نوعية في سياسات الحسن الثاني، وعُدَّ ذلك -في حينه- أنه من الإنجازات الكبرى التي تعبر عن نضج الفكر السياسي عند الحسن الثاني، أما بالنسبة إلي البصري فكما أشار تقريركم أنه في النهاية يجب أن لا ننسى أنه يقوم بوظيفة، أنه موظف برتبة وزير، ولكن ينفذ أوامر، وينفذ تعليمات، بطبيعة الحال يؤخذ عليه أنه نفذ على مزاجه، على ذوقه.

ثم أن المكوث في مكانٍ واحد مدة عشرين سنة لابد أن يخلق لعبة مصالح، ولابد أن يزين لصاحبه -أيضًا- أنه يملك من السلطة -أيضًا- ما يمكن أن يملكه غيره، في حين أنه في أي نظام ملكي لا أحد يملك سلطته إلا الملك شخصيًّا، فهو الذي يمنح السلطات، السبب الآخر لرحيل البصري عن وزارة الداخلية أعتقد أنه عدم وجود تفاهم من الأصل بينه وبين الملك الجديد، فهناك مفهوم جديد للدولة، ولعمل الدولة عند الملك، وهذا ما أعتقد أنكم ستتطرقون إليه لذلك لن أتوسع.

إذن منذ وصول الملك محمد السادس إلى العرش والإشاعات تتلو الإشاعات عن قرب إقالة البصري، وهناك سيناريوهات كثيرة وضعت لكيفية التخلي عنه، ولكن الطريقة التي أقيل فيها جاءت حتى أعتقد أنها كانت –
أيضًا- مفاجئة بالنسبة له بطريقتها وبشكلها.

محمد كريشان: نعم، السيد محمد العربي زيتوت قيل أن من بين أسباب إقالة البصري هناك موضوع ملف الصحراء، وكانت هناك مؤشرات من الملك محمد السادس عندما أوفد غير البصري للالتقاء بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعندما عيَّن منسقًا سياسيًّا لمتابعة الموضوع مع الأمم المتحدة هل تعتقد بأن -أيضًا- من بين الدلالات إزاحة حجر عثرة في طريق تسوية قضية الصحراء؟

محمد العربي زيتوت: قد يكون مأمولاً ذلك، لأن بالضبط عُمر قضية الصحراء يساوي عُمر البصري في وزارة الداخلية المغربية، وكأني أراه صدفة مقصودة، فقضية الصحراء شكلت توتيرًا كاملا للمنطقة منذ ما يزيد -الآن- عن ربع قرن، وشكلت تدميرًا للعلاقات الجزائرية المغربية بشكل يكاد يكون كاملاً، وأثرت على كل المنطقة، فالإدارة وكما قال التقرير وأوافق ذلك تمامًا، الطريقة الأمنية التي اُتبعت في حل القضية الصحراوية، أو في إدارة الصراع في الصحراء الغربية، في حقيقة الأمر أن هناك صراعًا، وهناك طرفين، لا ننسى أن هناك جبهة البوليساريو التي تنادي باستقلال الصحراء، وهناك المغرب الذي يعتبر الصحراء قطعة من أراضيه.

الطريقة التي اتبعت في حل القضية الصحراوية، والطريقة التي اتبعت في إدارة العلاقات مع الجزائر بذهنية أمنية من طرف البصري وبذهنية مقابلة من الطرف الثاني من الطرف الجزائري أيضًا، هذه الطريقة أدت إلى انسداد كامل، وبالرغم أن العلاقات عرفت في لحظات معينة بعض الانفراج، إلاَّ أنها ظلت متوترة،ووصلت أحيانًا إلى شبه التصادم على الحدود،أو التهديد بذلك.

المأمول -الآن- أن رحيل البصري يقابله من كافة الأطراف مقاربة جديدة لحل قضية الصحراء الغربية مما يؤدي إلى نزع فتيل التوتر في المنطقة بكاملها..

محمد كريشان [مقاطعًا]: هذه المقاربة سيد زيتوت هل أحد مقوماتها -الآن- أن الكرة أصبحت كما يقول البعض في الملعب الجزائري، لأن الجزائر وإن تقبلت بارتياح، ولكن مع تحفظ -أيضًا- الخبر، إلاًّ أنها كانت دائماً تعتبر البصري مسؤولاً عن تعثر هذا الملف، هل الآن الكرة فعلاً في الملعب الجزائري على هذا الصعيد؟

محمد العربي زيتوت: هي من الناحية هذه تعتبر -الآن- إشكالية -فعلاً- بالنسبة للنظام الجزائري، لأن رحيل البصري هو..كانت هناك لعبة القط والفأر ما بين النظامين عبر شخصيات معينة داخل كلا النظامين، البصري خصم لدود معروف لدى النظام في الجزائر، وبالرغم أنه يرحب برحيله، إلاَّ أن هناك مشكلة خلقت-الآن- بالنسبة للنظام الجزائري وهو أنه كيف يتم؟ لأن جاء الأمر مفاجئًا، فعلاً كان هناك الحديث الكثير، من يتحدث على أنه يجب أن يكون محمد السادس أو البصري.

لأن البصري ظهر ليس -فقط- كما قال زميلنا في الاستوديو الدكتور القديدي أنه رئيس حكومة ثانٍ، ولكن كان يبدو وكأنه ملك ثانٍ أيضًا، وكان يجب أن يرحل أحد الرجلين، طبعًا من المنطقي أن يبقى الملك الجديد، ويرحل الوزير الموظف، المشكلة بالنسبة -الآن- للنظام الجزائري هو أن رحيل البصري هذا الخصم اللدود الذي تعود على التعامل معه يُشكل -فعلاً- إشكالية حقيقية للتعامل، والمقاربة الجديدة التي يبدو أن الملك الجديد يسعى لها في قضية الصحراء، هل سنشهد انفراجًا في قضية الصحراء، وتعاملاً من الجانب الجزائري مثلما يعتقد أنه سيحدث من الجانب المغربي؟ هذا في الحقيقة ما أشك فيه كثيرًا..

محمد كريشان: نعم إذا أردنا أن نستمع إلى وجهة نظر السيد عبد الإله بن كيران من الرباط باختصار لم يبق إلا دقيقة ثم سنعود إليك بالتأكيد، لماذا كل هذا الابتهاج وهذا الارتياح في المغرب بعد إقالة البصري مع أن الكل يعلم أن البصري كما يقول هو نفسه لم يكن إلاَّ خدَّامًا للعرش العلوي في المغرب؟

عبد الإله بن كيران: يا أخي الكريم، الكلام الذي أسمعه يفيد أن كثير من المعطيات ليست واضحة لدى إخواننا الموجودين خارج المغرب، لكن باختصار السيد إدريس البصري عاشر مرحلة كان فيها النزاع في المغرب بين الطبقة السياسية وبين جلالة الملك، وهذا النزاع انتهى تقريبًا بشكل رسمي -على الأقل – قبل ثلاث سنوات، وقبل ذلك لسنوات كان مطروحًا ذهاب السيد إدريس البصري، والآن وخلال هذا النزاع كان السيد إدريس البصري يقوم بدور الضابط الأمني، هذا الضابط الأمني لم تعد له حاجة لما أصبح هنالك نوعٌ من الاتفاق والانسجام بين الملك وبين الطبقة السياسية، وزاد هذا الأمر في اتجاه في نفس الاتجاه..

[موجز الأخبار]

أسباب ارتياح الأوساط المغربية لإقالة البصري

محمد كريشان: سيد بن كيران كان سؤالي لماذا هذا الارتياح في المغرب والكل يعلم بأن السيد إدريس البصري لم يكن إلاَّ منفذًا لسياسة رسمية، حتى أن إحدى الصحف المغربية قالت: لا يجب أن ننسى أن الرجل لم يكن يمثل نفسه فقط، تفضل سيد عبد الإله؟

عبد الإله بن كيران: أريد أن أشرح للمتابع العربي في العالم أن المغرب مر بعد الاستقلال بمرحلة نزاع كان فيها طبقة سياسية، وبالتالي وبالخصوص التيار اليساري، وفي عموده الفقري وهو الاتحاد الاشتراكي للقوة الشعبية، هذه الطبقة السياسية كانت في مرحلة نزاع مع القصر الملكي، بدأت بالكلام عن الاختيار الثوري، ثم الزحف الديمقراطي نحو الحكم، ثم التناوب، هذه المرحلة مرحلة النزاع يعني بطبيعة الحال كان فيه حاجة إلى -كما الأمر في كثير من الدول العربية- إلى شخصية تكون عندها قدرة على الضبط بشكل مثير للانتباه، وهذه الشخصية كانت إدريس البصري فلذلك دامت مرحلة السيد إدريس البصري كل هذه المدة.

لكن قبل خمس، أو ست سنوات تقريبًا، كان مطروحًا ذهابه باعتبار أننا كنا على أبواب التناوب، وانتهاء مرحلة النزاع، باعتبار أن اليسار وخصوصًا الاتحاد الاشتراكي للقوة الشعبية اقتنع بأن النظام الملكي ضروري للمغرب، وأنه لا يمكن أن يقع أي تغيير أو أي إصلاح إلاَّ في إطار التفاهم والترابط مع القصر الملكي، وهذا الأمر ابتدأ بتصويت اليسار على الدستور من عام 1996م، وبدخوله في الحكومة قبل أكثر من سنة ونصف قبل أكثر من سنة ونصف..

وهذا الدخول يعني بعده مباشرة كان مطروحًا ذهاب السيد إدريس البصري، لكن بعد وفاة جلالة الملك الحسن الثاني بطبيعة الحال، تغيرت الأوضاع السياسية بالنسبة لإدريس البصري لأنه كان رجلاً جد مقربًا من الملك كما لا يخفى، ولكن مع ذلك ذهابه كان منتظرًا لكن ليس بهذه الطريقة، ففي تقديري أنه وقع شئ ما لا نعرفه تسبب في هذا الذهاب المستعجل.

محمد كريشان [مقاطعًا]: عفوًا البعض يشير إلى الحريق الذي شب في أرشيف المخابرات، والذي قيل حسب رواية البعض بأنه قد يكون شمل بعض ملفات الفساد، البعض يذكر هذا.

عبد الإله بن كيران: صحيح هذا من الأمور التي أثيرت، ومن الأمور التي أثيرت كذلك هي قضية الصحراء، وأعتقد أن السيد إدريس البصري في هذه المراحل الأخيرة منذ وفاة جلالة الملك الحسن الثاني ربما رغبته في أن يكون في مستوى .. دفعه أن يقع في أخطاء، وهذا شئ طبيعي باعتبار أن الجو تغير عليه، وكان هذا.. كان هذا العزل الذي لا يجب أن يُتجاوز، لقد سمعنا عن وزير أول إلى آخره، هذا معروف أنه كان وزير داخلية قويا ولكن لم يكن يعني أكثر من ذلك.

إذن هذا هو الذي.. ولهذا فخلال هذه المرحلة كل المشاكل والإشكاليات التي عاشها المغاربة، يعني عزوها إلى السيد إدريس البصري، لاشك أنه مسؤول عن جزء كبير منها، ولكن لا ندري إلى أي درجة هو مسؤول عن كل شئ، فكذلك المغاربة الباقون مسؤولون، ولهذا بالنسبة لكل الرأي العام الذي كانت الصحف توتره، وكانت -باستمرار- يعني تتهجم على السيد إدريس البصري من الطبيعي أن يقع هذا الانشراح.

كما أن هنالك أشياء حقيقية مفهومة ومعروفة عن طريقة تسيير السلطة، عن تسيير العمالات في الأقاليم، تسيير السلطة من مستوياتها، التدخل في الانتخابات والتزوير -بطبيعة الحال- حتى للحزب الذي الآن على رئاسة الحكومة حتى لصالحه كلها..

محمد كريشان [مقاطعًا]: فعلاً سيد عبد الإله كانت هناك بعض التجاوزات في الانتخابات، أو بعض الأشياء الأخرى، الشيء الذي دعا مثلاً المعارض إبراهيم سفاتي سيد القديدي إلى حد المطالبة بمحاكمة البصري، واعتبره قام بجرائم ضد الإنسانية، هل تعتقد أنه يمكن أن نختزل كل مشاكل المغرب في شخص وزير الداخلية، مع أن الكل يعلم مثلما ذكرت بأنه كان يحكم بإرادة -ربما- البعض يتهم الطبقة السياسية في المغرب بأنها لا تملك الجرأة في توجيه الاتهام إلى الملك الحسن الثاني الراحل فتوجه أصابع الاتهام إلى إدريس البصري، لكن الكل يفهم هذه اللعبة ويقبل بها؟

د.أحمد القديدي: أنا أتمنى ألاَّ يقع برنامجنا في خطأ عربي مشهور، مع الأسف أن البقرة إذا سقطت تكثر سكاكينها، أغلب المتكلمين -اليوم-لم يكونوا يتكلمون عندما كان البصري في السلطة، والبصري أيضًا يقول، لو نترك البصري ليتكلم لقال أشياء كثيرة، ولكنه موظف سامي في الدولة، قام بواجبه، وأعتقد أنه -منذ أسبوع- بعد عزله من الوزارة استقبله جلالة الملك محمد السادس ووسمه وقال له كلامًا طيبًا.

محمد كريشان: ربما هذه الرسالة -أيضًا- أريد بها أن العرش لا يتخلى عن الذين خدموه لفترة طويلة؟

د.أحمد القديدي: نرجو أن نتخلى عن الابتزاز في الأنظمة العربية كلها، إن الإنسان عندما يكون في السلطة يؤله، وعندما ينزل من السلطة نطالب بمحاكمته وبمتابعته، أنا أتشرف أنني عندما كنت في البرلمان ساهمت في كتابة قانون تقاعد الوزراء سنة 1981-1982م لكي نعطي للمسؤولين بعد خروجهم من السلطة ما يستحقونه من حرمة ومن احترام، لأن في رؤوسهم وفي ضمائرهم كثير من أسرار الدولة، فمش معقولاً أن نقوم بهذه اللعبة وبهذه التصفيات القضائية، الحقيقية أنا ضد هذا.

مدى اعتبار البصري حجر عثرة أمام التطور في المغرب

محمد كريشان: نعم، السيد عبد الوهاب بدرخان في لندن يعني كثيرًا ما تم التحجج بالسيد إدريس البصري على أنه يقف عقبة أمام الإصلاحات الديمقراطية لحكومة التناوب برئاسة السيد عبد الرحمن اليوسفي، هل تعتقد بأن -الآن- أصبحت الطريق سالكة، وبالتالي لم يعد هناك أي مبرر للتلكؤ أو للتحجج بعراقيلٍ ما في الحياة السياسية المغربية؟

عبد الوهاب بدرخان: أنا لا أعتقد أن إدريس البصري كان هو العقبة أمام الديمقراطية، العقبة أمام الديمقراطية، أو بالأحرى أمام تطوير النظام كان اقتناع الحسن الثاني بأي صيغة يمكن أن يصلح فيها النظام، هذا ما حصل، وأخذت المسألة مع الملك الراحل عدة سنوات لكي يقتنع بأفضل صيغة، ثم إنه لم يكن مقتنعًا -أيضًا- بالأشخاص، وعندما عثر على صيغة مع السيد اليوسفي فكانت هناك بداية، إذن لا أعتقد أن إدريس البصري شخصيًّا كان هو العقبة في الحكومة التي جاءت بعد الانتخابات، حكومة التناوب برئاسة اليوسفي.

إذا كان إدريس البصري قد بقي في الحكومة فلأن الملك الحسن الثاني يريده في هذا المنصب، ويريده أن ينفذ هذه السياسات، لا ننسى أن هذا النظام لا يقوم على توزيع حصري دستوري للصلاحيات، الصلاحيات أو السلطات تؤخذ من الملك هو الذي يعطيها، وحتى رئيس الوزارة أو الوزير الأول لديه صلاحيات محددة في إدارة العمل، في إدارة الدولة، ولكن ليس هو صانع السياسات، هو يقترحها، والملك هو الذي يوافق عليها، أعتقد أنه كما أشير لابد.. كان لابد من أن يصبح البصري نوعًا من الشماعة التي تعلق عليها الانتقادات للعهد السابق، الآن نحن في..

أعتقد أننا بصدد بداية عهد جديد، ولكن لأن المسألة بين ملك وابنه، بين ملك وملك، فهناك حساسيات في الإشارة إلى الأشياء بأسمائها، ولكن الصحافة الدولية منذ الإطاحة بالبصري، بدأت تقول أن محمد السادس يقلب صفحة الحسن الثاني هذا ما قالته الصحافة الفرنسية، قد يكون تعبيرًا -دعني أقول- من الأدب السياسي، ولكن هذا صحيح، المفهوم الذي يملكه محمد السادس للديمقراطية لابد أنه مفهوم أكثر مباشرة، أكثر قربًا من الواقع، أقل تمسك بالسلطة الأحادية.

قد يكون هناك شيء من الانفتاح، في توجهاته، رغم أنه -حتى الآن- لم يعطِ إشارة حقيقية إلا أنه مستعد أن يغامر بما يمنحه الدستور من سلطات وصلاحيات، لأنه بذلك يغامر بالملكية.

نعم أعتقد أن الطريق -الآن- أصبح ممهدًا إلى تعميق الديمقراطية وتفعيلها في المغرب ليس بسبب الإطاحة بإدريس البصري، وإنما لأن الملك الجديد يرغب في ذلك، ويريد ذلك، ومجرد مجيئه إلى المُلك وبداية سلوكه السياسي -أيضًا- أحدثت نوعًا من بداية غليان داخل الأحزاب نفسها، أحزاب المعارضة التي لابد أن تحصل فيها تغييرات -أيضًا- لتواكب الملك الجديد بفكره بسنه، لابد أن هناك جيل آخر من السياسيين يجب أن يتسلم الآن العمل السياسي.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نشرع في تلقي المكالمات، معنا -الآن- السيد أحمد السنوسي من الدار البيضاء، أحمد السنوسي المعروف اختصارًا باسم الشهرة الفني هو بزيز وهو فنان ساخر بقي في الهجرة تقريباً طوال 14 سنة، تفضل سيد أحمد السنوسي.

أحمد السنوسي: مساء الخير أخ كريشان.

محمد كريشان: أهلاً وسهلاً.

أحمد السنوسي: هذه المناسبة كي نشارك في برنامج (أكثر من رأي) حول الشخص الذي لم يكن يريد أن يكون لنا رأي، أو حتى أقل من رأي، فمشكلة إدريس البصري هي أنه تصور نفسه خالدًا في السلطة مدى الحياة، وما يُقال -الآن- على أن إدريس البصري كان ينفذ الأوامر، وكان له ضوء أخضر إلى آخره هذا شيء، ولكن لم يكن ملاكًا ولا كان ديمقراطيًا، وكان يفرض عليه يعني بالرغم منه وإنه ينفذ.

نحن هنا في المغرب نعرف الملفات التي قدمها إدريس البصري على مناضلين، والاختطافات، وتزوير الانتخابات، وكل مساهماته في جعل المغرب بلدًا متخلفًا من الناحية الديمقراطية،لم يخطر ببال إدريس البصري على الإطلاق أنه سيضطر لمغادرة حبيبته السلطة في يوم من الأيام، نعم إدريس البصري تسلق سُلَّم السلطة ببطء وإصرار كرجل -بالأساس- يعني هو كان رجل بوليس أولاً.

محمد كريشان [مقاطعًا]: على كل سيد أحمد السنوسي استعرضنا مسيرة السيد إدريس البصري نريد أن نأخذ -ربما- شهادتك ولو بشكل مختصر، هل تعتقد عودتك للإذاعة والتليفزيون وتداول الشارع المغربي لأشرطة ساخرة حتى عن حكومة التناوب، هل تعتبر هذا مؤشرًا إيجابيًّا لطي صفحة البصري بسلبياتها كما كنت تقول؟

أحمد السنوسي: نعم، هذه خطوة إيجابية جدًّا كوني -الآن- ربما أستطيع العودة إلى التليفزيون الذي سيطرت عليه وزارة الداخلية، يجب ألاَّ ننسى أن السيد وزير الداخلية إدريس البصري كان وزيرًا للإعلام أيضًا، وفي عهده انتشرت ثقافة الأمن الإعلامي، ومنذ 14 سنة منعني السيد إدريس البصري من الظهور على شاشة التلفزة، والصعود على خشبة المسرح، وحتى في بعض المرات ذهبت إلى السجن، وكانت قوات إدريس البصري قد اعتدت عليَّ في إحدى التظاهرات مع الطلبة حاملي الشهادات أمام مقر الاتحاد المغربي للشغل.

وهذا بإسهابي أن هذه الصفحة السوداء المظلمة جدًّا، نعمل جميعًا -اليوم- على طيهِّا، لكي يسير المغرب بخطىً حثيثة نحو ترسيخ المؤسسات لأن البصري تقوَّى في غياب المؤسسات، كذا المغرب اليوم جميعًا نريد بناء مؤسسات ديمقراطية كيلا يعود إلينا بصري آخر.

وزراء الداخلية العرب اليوم هم زعلانين لذهاب أحد أصدقائهم في الحرفة، لأنه -كما تعرفون جميعًا- أن أعظم مؤتمرات العرب هي مؤتمرات وزراء الداخلية، حتى الجامعة العربية لم تستطع إنجاح أي مؤتمر مثل مؤتمر وزراء الداخلية، لأنهم متفقون على القمع، وليس على نصر الحريات، ولهذا أتمنى أن أظهر قريبًا على شاشة التلفزة لتقديم اسكتش عن السيد إدريس البصري وهذه هي حال الدنيا.

محمد كريشان: شكرًا سيد أحمد السنوسي، سيد محمد العربي زيتوت في لندن إشارة هامة جدًّا قالها السيد أحمد السنوسي بأن نمو إدريس البصري كان في ظل غياب المؤسسات، هي -ربما- القضية ليس -فقط- قضية المغرب أو قضية إدريس البصري إذا أردنا أن نوسع آفاق الحوار، يعني هل تعتقد بأن هذا التضخم ببعض الوزارات، أو ببعض الوزراء مؤشر قوي على غياب المؤسسات، وبالتالي مقاومة ذلك لا يتم إلاَّ بإرساء قواعد للحرية، ولقيام مؤسسات تمثيلية حقيقية؟

محمد العربي زيتوت: بكل تأكيد، حقيقة الأمر أننا في الوطن العربي، وأقول الوطن العربي -ككل- هناك استثناءات بسيطة، لكنها في مجملها ليست ذات بال، في الوطن العربي أكثر الوزارات من ناحية الميزانية، وأهم الوزراء والشخصيات هم بالداخلية والمخابرات، يحكمنا أو يحكم الوطن العربي العقلية المخابراتية، العقلية الأمنية تحكم كل شيء، والمواطن العربي وصل إلى درجة أنه أصبح مقتنعًا، يكاد يكون مقتنعًا من أن هذا قدره أن يحكم بالعقلية الأمنية، المشكلة هي أنه ليست هناك مؤسسات، هنالك -فقط- أشخاص، وكما صنع البصري في المغرب صنع البصريون الآخرون في دول عربية كثيرة، ولا زالوا.

وكما أعجبني الفنان السنوسي وهو يقول وأشاركك حقيقة الأمر أن أكثر.. أو المجلس الوزاري الوحيد في الجامعة العربية الذي يلقى نجاحًا منقطع النظير -كما يصفه وزراء الداخلية أنفسهم- هو مجلس وزراء الداخلية، مجلس الأمنيون والمخابرات، ليس هناك مؤسسات في الوطن العربي، ليست هناك ديمقراطية في غالب الأحوال، هناك وضع شاذ تحكم به العقلية الأمنية مصير الناس، وهناك قضية أخرى، وهنا أُخالف تمامًا دكتور القديدي في الاستديو عندما تحدث عن أنه يجب تكريم، أنا مع تكريم المسؤولين إذا أدُّوا واجبهم كما يجب، لكن مع تجريم المسؤولين إذا كان هناك.. أو تصرفوا بعقلية المجرم.

ويجب ألاَّ نكون من منطق اللاَّ عقاب، يجب أن يكون هناك الجزاء بنوعيه، بالحسن وبالسيَّئ، يجب أن نخرج من عقلية اللا عقاب، من أخطأ يجازى بالعقاب، ومن أحسن يجازى بالحسن، هذه العقلية التي تؤدي إلى تقديس المسؤول العربي يجب أن نتجاوزها، نحن نعيش في عالم وندخل ألفية ثالثة ترفض تقديس الأشخاص، وترفض عبادة الشخصية التي تفرض نفسها علينا وفي تلفزاتنا العربية، افتح أي تليفزيون عربي فإنك لن تجد إلاَّ مدح الحاكم من بدايته إلى آخره، وفي أفضل الأحوال أغاني تتغنى بالحاكم، وضع مُزرٍ تمامًا، يجب أن نخرج من عقلية التكريم بلا حدود إلى عقلية الجزاء في كافة الأحوال، سواء بالتكريم الحقيقي، أو بالتجريم والمحاكمة.

وأنا مع رأي الشيوعي المعارض أبراهام السرفاتي في أنه يجب تقديم البصري إلى المحاكمة، وليس البصري وحده والذين كانوا مع البصري أيضًا، والذين ينطلقون من نفس العقلية، لماذا تجد عقلية بينوشيه الآن موجودة في الوطن العربي بينوشيه الآن موجود في بريطانيا وسيقدم للمحاكمة، لماذا لا تكون هناك سوابق، حتى يشعر المسؤولون -وبين قوسين- كثير منهم متجاوزون لسلطاتهم، أنه قد تكون هناك ساعة للحساب، حتى لا تكون هناك النظرية البصرية أو الشخصية البصرية مسيطرة -كما يحدث الآن- في الوطن العربي تمامًا، يجب أن نسعى إلى أسلوب حكم ينبغي، أو يستند إلى المؤسسات، ولكن مع ذلك أعود إلى نقطة أساسية..

محمد كريشان [مقاطعًا]: باختصار، رجاء سيد محمد.

محمد العربي زيتوت: باختصار شديد، هو إن هناك في المغرب مثلها مثل عديد من الدول العربية الأخرى استبداد، وأن هناك ملكية مستبدة، وأن البصري كان يستبد إضافة إلى الاستبداد الموجود بالمملكة، هذا يجب أن يقال، والملك الجديد إذا كان فعلا يريد أن يبدأ بداية حقيقية، فإنه يجب أن ينطلق إلى ملكية دستورية بأتم معنى الكلمة، وليس بدستور شكلي يجعل من الملك أكثر من سلطات إلهية على الأرض.

محمد كريشان: نعم، هو فعلاً فيما يتعلق بالملك الجديد، إحدى المقالات أشارت بأن إقالة البصري ليست -فقط- أول قرار هام وكبير للملك الشاب، بل كذلك تأكيد على أن محمد السادس لا ينوي ترك الملفات الكبرى، ولا وزارات سيادة كبرى.

سيد عبد الإله بن كيران هل تعتقد بأن الرسالة الهامة التي أراد أن يوصلها الملك محمد السادس بأن – في نهاية المطاف – لابد أن يأخذ كل شخص حجمه الطبيعي، هل هناك ضمانات – ولو أولية – على ألاَّ يوجد أو لا يولد بصري جديد في المغرب؟

عبد الإله بن كيران: على كل حال، الكلام الذي يقوله الأخوة من خارج المغرب يبين لي أن المعطيات ضعيفة عندهم جدًّا..

محمد كريشان [مقاطعًا]: على كل سيد عبد الإله عفوًا سيد عبد الإله ليس بالضرورة أن يتابع الشأن المغربي من هو موجود في المغرب بالتحديد، الآن أصبح بالإمكان أن يتابع الإنسان الملفات، وأن تكون له وجهة نظر، ليس بالضرورة متطابقة مع وجهة نظرك، ولكن نتبادل وجهات النظر، لا يجب.. ليس بالضرورة أن نعيش في المغرب حتى نتابع الشأن المغربي على كل تفضل.

عبد الإله بن كيران: فيما يخص.. فيما يخص الملك الجديد، الملك الجديد عنده أسلوب جديد، وهذه القضية كان الحسن الثاني نفسه يقولها أن محمد السادس كان له أسلوب جديد في تسيير السلطة، وأعتقد أن هذا الأسلوب لن يسمح بمجيء أي بصري حاضرًا ومستقبلاً ولكن..

محمد كريشان [مقاطعًا]: ما دليلك على ذلك سيد عبد الإله ما دليلك على ذلك؟

عبد الإله بن كيران: لأن التوجيهات -حسب ما بلغنا- التي أُعطيت لوزارة الداخلية هي أن يصبح منطق الحق والقانون هو المنطق الذي ترتكز عليه السلطة، ومصلحة المواطنين قبل ضبطهم، ونحن نقول أن هذا ليس قرار ملك -فقط- بل هي ظروف تغيرت في المغرب وظروف جد مهمة، حيث أن الطبقة السياسية -الآن- فيها ما يشبه الإجماع حول هذا الملك، والانسجام معه، والعمل معه جنبًا إلى جنب، ووراءه لتحقيق نهضة، وتنمية حقيقية بالمغرب..

محمد كريشان [مقاطعًا]: ولكن سيد عبد الإله لا أحد يشك في أن الملك محمد السادس له توجهات جديدة، وله آفاق رحبة لدخول المغرب الألفية الجديدة بعقلية جديدة، ولكن ما هو دور الطبقة السياسية، يعني كثير من الحكومات العربية والقيادات العربية بدأت بخطاب سياسي معسول، ثم أصبحت -في النهاية- أداة قمعية، يعني ما هو دور الطبقة السياسية في المغرب لمساعدة الملك محمد السادس على تسييد هذا المشروع الجديد؟

عبد الإله بن كيران: الطبقة السياسية في المغرب والصحافة السياسية هي التي أسقطت إدريس البصري الطبقة السياسية لم تخلق -أبدًا- من الجهل السياسي، وكانت -دائمًا- موجودة، المغرب ليس هو دولة، لا أريد أن أدخل في مشاكل مع دول أخرى، لكن ليست الدول الأخرى التي فيها لا يسمع لأحد صوت، المغرب به صحافة حرة، وفيه أحزاب حرة تتكلم، صحيح هنالك بعض الأشخاص يضعون لأنفسهم خطوطًا حمراء، ومراقبة ذاتية، ولكن لو أردت أن أعطيكم أسماء صحف يعني أثارت مشاكل كثيرة، كانت من الأسباب التي عجلت بسقوط إدريس البصري.

ثانيًا: المغرب لم يتراجع، والمغرب في الحقيقة بالنسبة للدول العربية في عمومها هو أكثر من جهة الحريات حتى في العهد السابق، والآن نحن نعمل لكي تتحسن الأمور وتسير، ولكن في اتجاه.. في إطار الحفاظ على استقرار المغرب، في إطار الحفاظ على وحدة المغرب، في إطار الحفاظ على حرية المغاربة، لأنه لا تنسوا أننا نجونا بفضل الله في المراحل الأولي من الاستقلال من عقلية الحزب الوحيد، ولا نريد أن نرجع إلى عقلية الحزب الوحيد، لأننا نشعر بأن الوطن العربي به استعدادات لهذا الأمر، ودائمًا المغرب حافظ على تعددية حزبية، وعلى تعددية ثقافية، وعلى تعددية فكرية،وهذا نريده أن يستمر.

ولكن الطبقة السياسية واعية أنه لا يمكن أن تذهب الأمور بسرعة أكثر من اللازم، تُربك هذا الاستقرار، وتُربك هذه المعطيات، وهذه المكتسبات الضرورية، ليعيش دولة كالمغرب فيها بعض الناس يتكلمون العربية وبعضهم يتكلمون الأمازيغية، فيها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، فيها الإسلاميون، وفيها رجال السلطة، وفيها المثقفون، المغرب هو المكان الذي يفر إليه المضطهدون من الوطن العربي، كيف تقارنونه بباقي الدول العربية؟

هذا ظلم، وغير صحيح، لا في هذا الوقت، ولا في الوقت الماضي، لكن صحيح أن السيد إدريس البصري كان وزيرًا قويًّا، وقوته كانت تسمح له بتجاوزات معينة، ولكن لا نتصوره أنه مثله مثل حاكم آخر في الدول الأخرى، هذا غير صحيح..

دور الطبقة السياسية في تسيير التوجهات الديقراطية في الدول العربية

محمد كريشان: نعم، دكتور أحمد القديدي عندما يتحدث السيد عبد الإله عن حيوية المجتمع في المغرب وحيوية الطبقة السياسية، بالطبع إدريس البصري كان يتعرض لانتقادات عنيفة حتى قبل حكومة التناوب، كان هناك مثلاً مقال شهير لرئيس تحرير صحفية "لو بينو" قبل -تقريبًا- خمس سنوات، خالد الجامعي هاجم فيه وزير الداخلية، وكان آنذاك وزير الداخلية والإعلام، وكان مقالاً قويًّا، وإلى الآن يذكر في تاريخ الصحافة المغربية، ما هو دور الطبقة السياسية في تفعيل هذا التوجه؟

د.أحمد القديدي: القضية -مثلما قلت محمد- هي قضية طبقة سياسية، ولذلك أنا أطالب بالمحاكمات، ونحن يا أخي محتاجون في العالم العربي -الآن- إلى مدعي عام ثانٍ مثلما تكلم أحد الإخوان، سوف نصبح مدعيًا عامًّا، ونجهز الملفات، المطلوب هو دولة مؤسسات، برلمان حر، صحافة حرة، قضاء مستقل، هذا هو دولة المؤسسات، وإلا نواصل دولة المزاج، المزاج هو الذي يحاكم، وهل في العالم العربي في الثلاثين سنة الأخيرة لم يحاكم إلا المجرمون، مش صحيحًا، حوكم رجال أشراف وأخشى أن تفتح ملفات ولا تغلق أبدًا.

نحن في عصر نسعى نحو الوفاق، ونحو تقدير المسؤول إذا قام بواجبه، إذا قال القضاء المستقل كلمته بعيدًا عن الأمزجة، وبعيدًا عن تصفية الحسابات، فهي تكون محاكمات، ولكن أن ننصب أنفسنا، نعيش في لندن أو في باريس أو كذا مدعٍ عامٍّ ثانٍ في الأنظمة العربية، ونحاكم من نشاء، ونسقط من نشاء، هذا يدخلنا في دوامة نحن نريد أن نخرج منها، نريد أن نخرج منها.

محمد كريشان: ولكن كيف يمكن الخروج من هذه الدوامة إذا لم تستفد المغرب ويستفد الآخرون من دروس الماضي، يعني وزير يبقى في السلطة لفترة طويلة؟

د.أحمد القديدي: خطأ..

محمد كريشان [مقاطعًا]: ويرتكب أخطاء.

د.أحمد القديدي: خطأ..

محمد كريشان [مقاطعًا]: والكل-تقريبًا- يجمع عليها، هل من العادي أن يغادر، ويأخذ ملفاته، ويعود متقاعدًا في بيته، وكأن شيئًا لم يكن، هل هذا عادي؟

د.أحمد القديدي: إحنا في العالم العربي كله -تقريبًا- مع جزئيات مختلفة..

محمد كريشان [مقاطعًا]: لا، شيء عادي.

د.أحمد القديدي: رأس الدولة لا يتغير، لا يتغير بسرعة إلا في أحداث كبرى، فليغير رأس الدولة الذي هو يبقى، فليغير الحكومة، يغير السياسات، يغير التوجهات إنما لو تلاحظ الطبقة السياسية -مثلما قلت- لو تلاحظ الركود والجمود، تصبح الحياة السياسية في عالمنا العربي مستنقعًا كاسدًا، ومياهًا آسنة.

محمد كريشان: نعم، سيد منصف السليمي من الرباط تفضل سيد منصف.

منصف السليمي: مرحبًا.

محمد كريشان: مرحبًا، أهلاً وسهلاً.

منصف السليمي: أهلاً وسهلاً، برأيي أن هنالك مُعطىً -ربما- هو يميز الحالة في العالم العربي وعدد من الدول النامية، ويتعلق الأمر بوجود آلة سياسية، أو نظام يقوم -أحيانًا- مقام المؤسسات الديمقراطية، أعتقد أن هذا المعطى ميز إلى حدٍّ ما الحياة السياسية في المغرب خلال فترة السبعينات، وإلى حدود فترة الثمانينات، وأعتقد أن هذا النسق بدأت نهايته تتضح منذ تشكيل حكومة التناوب في المغرب والتشكيلة شُكلت بطريقة يكون فيها توازن، ولا يتم الانتقال إلاَّ بطريقة تدريجية.

وأعتقد أن المسار الطبيعي المستقبلي في المغرب وهنالك عديد من المؤشرات سواء من جهة سلوك المؤسسة الملكية، أو من جهة سلوك الفاعلين في المجتمع المدني والأحزاب والنخب السياسية، هناك اتجاه واضح لإرساء مجتمع يقوم على دولة الحق والقانون، وعلى تفعيل مؤسسات ديمقراطية، وأعتقد..

محمد كريشان [مقاطعًا]: سيد منصف أنت صحفي مقيم هناك، ومتابع للشأن المغربي عن قرب، هل تعتقد بأن ما جرى للبصري هو خطوة لإرساء هذه المؤسسات التي تشير إليها، أم -ربما- تكون خطوة معزولة لا تعني الكثير في نهاية المطاف؟

منصف السليمي: أعتقد أن إعفاء إدريس البصري بمعنى ما هو يدل على أن إدريس البصري سيكون هو آخر وزير داخلية بالمعنى الذي كان عليه في تاريخ المغرب، وأعتقد أن المرحلة المقبلة ستتجه بصيغ أخرى في إدارة الحكم، ودور المؤسسة الملكية نفسها لا أعتقد أن يتراجع بشكل كبير، سيظل له دور محوري، ولكنني أعتقد سيكون للبرلمان والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني دور أقوى بكثير مما كانت عليه الوضعية في السابق، وهنا برأيي من المهم جدًّا النظر لتطور التجربة المغربية من منظور تدرجي، وليس من منظور فيه مفهوم القطيعة كما قرأت في بعض الصحف خصوصًا بفرنسا.

صحيح إلى حدٍّ ما أن الصدمة التي.. أو الـ(shock) الذي يحدثه الآن قرار إعفاء إدريس البصري هو بصدد خلق حالة نفسية جديدة في المغرب، ولكن هذه الحالة السيكولوجية هي ذات معنى من كونها تخلق حالة جديدة قوامها أن الأحزاب لها دورها، والنخب لها دورها، والمجتمع المدني له دوره.

لكن هذا يتوقف على فكرة قالها أكثر من متدخل هي تجديد المؤسسات السياسية الموجودة، تجديد الأحزاب، هناك أحزاب لها فترة طويلة لم تتجدد، وهنالك مؤسسات سياسية أصبحت هرمة بدورها، فأعتقد الخطوة التي قام بها الملك هي خطوة ريادية، بمعنى أنه ستتبعها خطوات أخرى على مستوى المشهد السياسي في المغرب في أكثر من مستوى.

محمد كريشان: شكرًا سيد منصف سليمي، السيد عبد الوهاب بدرخان في لندن عندما طُرحت لأول مرة قضية التناوب في المغرب وأجهضت آنذاك..كان البيان الذي صدر عن القصر الملكي آنذاك في يناير 1995م أشار إلى إدريس البصري كحامي المقدسات في البلاد بشكل ما، هل تعتقد الآن بعد رحيل البصري وهذا الحرص.. ما يقال عن حرص الملك الجديد على إقامة دولة قانون ومؤسسات، الآن هل تعتقد بأن المطروح -الآن- تطهير -بين قوسين- كل بقايا عهد البصري سواء الولات أو العمال كما يسمون هناك، رجال نافذون في المؤسسات الأمنية والمدنية؟ هل سنشهد تصفية لما بقي من أتباع البصري هل تعتقد ذلك؟

عبد الوهاب بدرخان: بديهي أن شيئًا من ذلك سيحصل لابد، هذا يحصل في أحسن الدول، فكيف في دولة عالم ثالث مثل دولنا جميعًا، وإنما بطبيعة الحال لابد أن تكون هناك ضوابط للمسؤولين الجدد الذين حلُّوا محل السيد البصري، لكي يستفيدوا -أيضًا- من الخبرات التي نشأت في عهد السيد البصري، لأن العمل الأمني ليس كله عقلية أمنية بين مزدوجين، هناك تخصصات، هناك أناس يستثمر في تحصيل خبراتهم، إنما بدأنا فعلاً نسمع عن موجة من التسريحات، لأن كل شخص -بطبيعة الحال- يضع في الدائرة التي يديرها، يضع الناس الذين يثق بهم ويركن إليهم.

وبالتالي -كما أشرت سابقًا- إن وجود إدريس البصري لمدة طويلة في الوزارة لابد أنه أعطاه فترة كافية لكي يضع في كل مكان الرجل الذي يختاره هو، خصوصًا أن كل هذا القطاع كان تحت إشرافه، ولم يكن بالضرورة هناك أي داعٍ للعودة إلى من هو أعلى منه، أي إلى الملك لتوظيف موظفين صغار، أو رؤساء دوائر، هذا ما أعتقده، إنما لا أعتقد أن الموضوع سيأخذ حجمًا كبيرًا، يعني كما يقال عن مطاردة الساحرات، أو قطع الرؤوس، هناك أيضًا نظرة للعهد الجديد تتصف بالاعتدال، وقد نراها فيما سيجري من تغييرات في وزارة الداخلية، والدوائر التي تتبع لها.

محمد كريشان: السيد عبد الوهاب الكثير من التقارير تشير إلى أن الملك محمد السادس هو الآن بصدد تسمية جيل جديد من المسؤولين، شباب مثقفون عدد لا بأس بهم درس معه، ويعرفهم عن كثب، يعني ألا تعتقد بأن هذه التغيرات -أيضًا- تدخل في إطار خطة متكاملة -ربما- كان يعدها ولي العهد منذ سنوات، أو حتى برعاية والده المرحوم، يعني نوع من الشبكة الجديدة التي تجعل المغرب مهيئًا لدخول مرحلة أخرى مختلفة عن مرحلة الحسن الثاني؟

عبد الوهاب بدرخان: حتى الآن ما نعرفه أنه أحاط نفسه بمجموعة من الأشخاص الذين ظل على علاقة معهم منذ مقاعد الدراسة، وهم معروفون وموزعون في أكثر من دائرة بحكم الاختصاصات التي تولوها -طبعًا- هذا يعطي فكرة عن الجيل الذي سيكون موجودًا في الإدارة، وسيتولى بالتالي صنع القرار إلى حدٍّ ما، صحيح أن القرار يبقى قرار الملك، ولكن الملك لابد أنه يستشير، ويأخذ التقارير التي تقدم إليه، هناك أصدقاء للملك قريبون منه في الخارجية، في الداخلية -خصوصًا- في بعض دوائر الداخلية..

محمد كريشان [مقاطعًا]: قيل إنهم -حتى- سُمُّوا منذ سنوات، وشكلوا في فترة من الفترات ما ذكره البعض من أنه شبه حكومة ظلٍّ كانت تتابع الملفات، وهي -الآن- جاهزة، وتعلم -تقريبًا- ماذا يجري في كل وزارة؟

عبد الوهاب بدرخان: هنا أعتقد أن ثمة شيء من المبالغة في الموضوع، كنت أعتقد ذلك قبل رحيل الحسن الثاني، أعرف أن الملك الجديد قد تلقى الكثير من التدريب لكي يعرف شؤون البلد، ويكون إلى حدٍّ ما جاهزًا لإدارة البلد، ولكن كان عندي اعتقاد -أيضًا- بأن كل شيء جاهز في ملفات ولي العهد السابق، ولكن ما أراه على الأرض، لا يوحي لي بأن كل شيء جاهز، الملك الجديد يصنع إدارته الجديدة أولاً بأول، ويومًا بيوم، ولكن ما يمكن أن نؤكده أن لديه تصورًا واضحًا لكيفية الحكم، ولديه تمسك بالأصول الإيجابية في الدستور، وفي الممارسة السياسية، ولديه -أيضًا- قبول جيد، وفهم جيد لمسألة التناوب.

وحتى أنه يرغب -فعلاً- حسب المقربين إليه والذين قُدر لي أن أتحدث مع بعضهم، يريد أيضًا لهذه التجربة -تجربة التناوب- أن تتفعل، ويكون لها دور أساسي ومباشر في صنع الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذها، لأن هذه هي المشكلة التي يركز عليها، ويريد أن ينتهي من كل الأقاويل والقصص التي كانت تشغل الرأي العام سواء عما يحصل في الداخلية من تجاوزات، أو ما يحصل في الصحراء من سياسات ليست بالضرورة.. لم تصنع في الضرورة أرضية جيدة للاستفتاء.

محمد كريشان: سيد اللفزيزي عبد العزيز من لندن ونأسف لتأخيرك كل هذا الوقت، تفضل.

اللفزيزي عبد العزيز: السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

اللفزيزي عبد العزيز: عندي تدخل بسيط، وسؤال موجه إلى الأخ عبد الإله بن كيران، يعني بالنسبة للاتجاه السياسي الذي أصبح الملك محمد السادس ينادي به منذ توليه العرش يعني أعطى شيئًا ما، للملكية بالمغرب مصداقيتها الحقيقية، ونحن كمغاربة بالمهجر شعرنا بالارتياح، وكأن بريقًا من النور أضاء سماء المغرب، وأخذ يزيح الظلام الحالك تدريجيًّا، فسؤالي هو هل إقالة إدريس البصري بمثابة إبادة كلية للمؤسسة البصرية، إبادة كل الأنهار التي تصب في البحر البصري؟ أم أنها مجرد غلق منافذ مع إبقاء الأنهار؟ وما هي الإجراءات التي ستتخذ من أجل جعل حد نهائي لكيفية شمولية، لبزوغ مثل هذه العقليات الاستفزازية التي تعطي المفهوم الحقيقي للاستفزاز؟ والسلام عليكم.

محمد كريشان: شكرًا جزيلاً، وننقل هذا السؤال إلى السيد عبد الإله بن كيران تفضل.

عبد الإله بن كيران: أنا أعتقد أنه حاليًا المغرب قطع هذه المرحلة، وظروفه تغيرت، ونضج الطبقة السياسية في المستقبل هو الذي سيحكم على الطريقة التي ستكون بها السلطة، فإذا ذهبت الانتقادات في الاتجاه الإيجابي الذي يريد البناء، ويريد تجاوز الإشكاليات والأخطاء والمخالفات، فإن هامش الحرية وهامش التصالح مع الواقع سوف يتعزز، وسوف يعيش المغرب أعيادًا يتلو بعضها بعضًا، وهذا الذي أعتقد أنه سوف يقع، ولكن -لا قدر الله- إذا وقع ارتباك في الأسس التي تقوم عليها الدولة، نحن نخاف من أشياء أخرى، ولكن هذا مستبعد، إذن هذا فقط لكي نؤكد هذه المعاني التي تحدث عنها الأخ.

محمد كريشان: دكتور القديدي أشار السيد عبد الوهاب بدرخان إلى موضوع تفعيل تجربة التناوب، هذه التجربة كانت جريئة في البلاد العربية، شخصية معارضة عرفت المنافي، وعُرفت بمعارضتها لنظام الحكم تتسلم رئاسة الوزراء، وتشرع في تجربة جديدة، هذه التجربة كانت تتعثر باستمرار، ودائمًا يثار مسألة البصري وكأن البصري هو الذي يعيق تفعيلاً حقيقيًّا للتجربة، هذا الكلام قيل في قمع مظاهرات الطلبة العاطلين عن العمل، الخريجين العاطلين عن العمل في كثير من الملفات حتى الإعلامية وغيرها، هل تعتقد الآن بأن هذا التفعيل أعطيت له -الآن- إشارة الانطلاق الحقيقية بعد إزاحة البصري؟

د.أحمد القديدي: نعم، أعتقد أن هذه الظاهرة ليست في المغرب فقط، الحقيقة في المغرب العربي وفي كثير من مواطن العالم العربي لكن ببطء، وبتردد، وبكثير من الحذر كأن المواطن العربي غير جدير بدولة المؤسسات، أو بالتناوب السلمي على السلطة،أو بالديمقراطية،وهذه قضية يجب أن تحسم نهائيًّا، ما معنى الحضارة؟

هي الإجابة عن أسئلة مطروحة،الأسئلة التي طرحها عبد الرحمن بن خلدون أو عبد الرحمن الكواكبي في طبائع الاستبداد نحن العرب لم نجب عنها، مازلنا بصدد الإجابة عنها، كيف سيولد المولود الديمقراطي؟ هل بالقيصرية؟ هل.. هذه أمور لم تعد تقنع أحدًا، دولة المؤسسات هي -أولاً- التناوب على السلطة، هو لماذا إدريس البصري ظاهرة؟ لأنه ظل عشرين سنة في موقع قوة يملك الإدارة الداخلية، يملك الأمن..

محمد كريشان[مقاطعًا]: يشرف على الانتخابات باستمرار منذ عام 1977م؟

د.أحمد القديدي [مستأنفاً]: يشرف على الانتخابات، ثم ملك الإعلام، فهو في الحقيقة مش رئيس وزراء فقط، بل أحيانًا ملك، لا قدر الله لو تصبح هذه الظاهرة تتفاقم في العالم العربي، ويبقى كل مسؤول مهما كان موقعه أكثر مما تحدده له الفترة والقدر، والمؤسسات السياسية، فعلى العالم العربي السلام، وساعتها تنطبق علينا الكلمة التي قالها سمو الشيخ عبد الله بن زايد من أسبوع وهو أن العرب سوف يصبحون نكتة الأمم، سوف يتندرون بنا يا أخي..

محمد كريشان [مقاطعًا]: هو يقول أصبحنا.

د.أحمد القديدي [مستأنفاً]: أصبحنا..

محمد كريشان [مقاطعًا]: أصبحنا..

د.أحمد القديدي [مستأنفاً]: أنا أكثر تفاؤلاً منه..

محمد كريشان [مقاطعًا]: أصبحنا نكتة، السيد طه عدنان تفضل سيدي.

طه عدنان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

طه عدنان: الأخ الكريم، هو الأكيد هو أنه قبل مجيء السيد عبد الرحمن اليوسفي وطوال مرحلة الاستقلال يعني لم يكن هناك وزيرًا أول فعليًّا في المغرب لذلك البصري كان هناك لشغل المنصب الذي كان شاغرا، ولكن شغله عن جدارة وبشكل غير معلن، لكن الرجل خلال هذه المدة استطاع أن يجثم على أنفاس الحياة السياسية المغربية داخل القوى، سواء الأحزاب، أو بالشقاق داخل أحزاب أخرى، وقلع كل من يستعصى عليه جره إلى جوقة أو كورال السياسية، وسقوطه يوم التاسع من نوفمبر، يا لغرائب الصدف الذي تزامن مع الذكرى العاشرة لسقوط جدار برلين.

هذا يعني أن جيوب المقاومة قد تبخرت، مع سقوطه المفاجئ سقطت أيضًا الشماعة التي طالما علقت عليها حكومة التناوب المغربية والأحزاب السياسية المساندة لها بما فيها حزب ابن كيران كل إخفاقاتها وتعثراتها، وسنرى كيف ستجتذبهم من جديد السلطة في غياب البصري، وكيف ستتصرف حكومة الأربعين وزيرًا، أو الواحد والأربعين وزيرًا لدى غياب وزير الدولة، وصاحب أم الوزارات مع هذا الوضع الجديد، وبالتالي أعود إلى ابن كيران.

كنت أتمنى لو تذكر هو مناضلاً إسلاميًّا صديقًا لدودًا له عبد السلام ياسين الذي طالما ارتبط اسمه ضمن إجراء الإقامة فرض الإقامة الإجبارية عليه تمامًا، كما ارتبط اسمه بقضية السرفاتيو وقضايا حقوقية أخرى، سنرى كيف ستتعامل هذه النخب السياسية مع الوضع الجديد خاصة وأن ساعة الحقيقة -الآن- وصلت بالانتخابات مثلاً، هو موعد قادم سنرى – خارج التدخل ديال البصري – كيف سيتم التعامل مع هذا الوضع الجديد، لأنه خاصة وأننا نعرف أن ثمة في المغرب الآن وعلى رأس حزب سياسي رجل يتقلد مهمة وزارية في حكومة التناوب، إذن ثمة إشكالية جمة لا زالت تنطرح -الآن- على المشهد السياسي المغربي بنخبه السياسية.

فالبصري ربما قد انتهى، لكن ثمة ولا تزال مهام كثيرة على كل الحقوقيين المغاربة، وعلى كل السياسيين المغاربة، سواء من اليسار، أو اليسار الراديكالي، أو الإسلاميين، أو جميع الفئات ديال الشعب المغربي الذي يتوق إلى وضع ترسخ فيه -بالفعل- الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل أفضل.

محمد كريشان: شكرًا السيد عدنان، سيد محمد العربي زيتوت في لندن ولو أن السيد عبد الإله بن كيران دائمًا يلوم بأننا لسنا متابعين للشأن المغربي بدقة، ولكن مع ذلك اسمح لي بهذا السؤال، سُمح في ظل هذه الأجواء الجديدة في المغرب بعودة أبراهام السرفاتي أحد اليساريين الذي قبع في السجن طوال سبعة عشر عامًا، ثم نُفي -الآن- أكثر من ثماني سنوات، والآن عاد، ويتمتع بكامل الحرية، ولكن ظل هناك..

د.أحمد القديدي [مقاطعًا]: عائلة المهدي بن بركة؟

محمد كريشان: عائلة المهدى بن بركة أيضًا كما قال الدكتور القديدي ولكن ظل إشكال السيد الشيخ عبد السلام ياسين زعيم حركة العدل والإحسان، هل تعتقد بأن إزاحة البصري أيضًا ستجعل من هذه القضية تتحرك نحو الانفراج في المستقبل القريب؟

محمد العربي زيتوت: هو بين قوسين قبل أن أجيب عن السؤال وسأجيب بسرعة، كنت أنوي ألاَّ أجادل أحدًا لكن الزميل ابن كيران وأيضًا السيد القديدي يدفعاننا إلى الجدال ببعض المنطق الذي لا يفهم على عتبة هذه الألفية، على كلٍّ، السيد عبد السلام ياسين وعدد آخر من الإسلاميين، السيد عبد السلام ياسين في الاعتقال منذ عشر سنوات، وعدد آخر من الإسلاميين في السجن..

محمد كريشان [مقاطعًا]: هو ليس في الاعتقال، إنما نوعًا من الإقامة الجبرية!

محمد العربي زيتوت [مستأنفاً]: الإقامة الجبرية، نعم هي اعتقال في آخر المطاف..

محمد كريشان [مقاطعًا]: اعتقال بشكل أو بآخر، تفضل.

محمد العربي زيتوت [مستأنفاً]: لأن القضية قضية حرية، هل تتحرك بحرية أم لا؟ إذا كنت لا تتحرك بحرية سمها ما شئت، لكنه اعتقال، هناك آخرون بالسجن، ويبدو أن هناك انتقائية، ونتمنى أن نكون مخطئين، هناك انتقائية حقوق الإنسان في المغرب بحيث مست الرحمة (بين قوسين) الملكية عددًا كبيرًا من الشخصيات، ومن السياسيين اليساريين، وغير اليساريين، ولكنها أهملت بعض الإسلاميين، ويجب ألاَّ يحدث في دولة تسعى إلى القول بدولة المؤسسات بين قوسين إلى هذه الانتقائية في قضية حقوق الإنسان.

ثم هناك قضايا كثيرة يجب أن تثار، لا تنسَ أن هناك أربعمائة صحراوي لا زالت منظمات حقوق الإنسان، ومنها منظمة أنسيا انترناشيونال تطالب بمصيرهم اختطفوا في السبعينات، وهناك عشرات بل مئات الذين فقدوا في تزمنات، ولا يعرف عنهم شيء، وهناك أكبر.. ومنذ 35 سنة قاضٍ شهير مغربي لا يحضرني اسمه الآن ليس هناك أي خبر عنه، ثم هناك قضية المهدي بن بركة، أين ذهب المهدي بن بركة؟ ما هي حقيقة هذه القضية التي ظلت لغزًا حتى الآن؟ هناك قضايا عديدة، وهناك..

محمد كريشان[مقاطعًا]: هو فعلاً هناك قضايا عديدة، ولكن تبدو الآن..

محمد العربي زيتوت[مقاطعًا]: إضافة فقط بسيطة شديدة، ببساطة عبد الإله بن كيران يتكلم عن المغرب وكأن المغرب ليس لا يقارن بالأوضاع العربية الأخرى، أقول يا سيدي حقيقة المغرب كان مملكة مستبدة، نتمنى أن تذهب إلى مملكة دستورية مع الملك الشاب الجديد، ولكن لا تقارن الوضع السيئ بالسيئ أو بالأسوأ، نريد أن نشاهد نحو الأحسن، وأن نذهب نحو الأحسن، ولا نرضى بهذا الوضع المزري في الوطن العربي، وإذا كان بعض الإسلاميين يوضعون -الآن- كتلميع لصورة بعض السلطات العربية مثلما في الجزائر على شاكلة نحناح أو عبد الإله بن كيران في المغرب فإن هذا لن يغير من الأمر شيئًا..

محمد كريشان[مقاطعًا]: على كل السيد عبد الإله بن كيران ما زال معنا، فيما يتعلق بالملفات التي أشار إليها السيد محمد العربي زيتوت، بعض هذه الملفات هناك رغبة حقيقية تم الشروع فيها منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني في طي صفحة التجاوزات التي وقعت، والآن هناك -يبدو- رغبة واضحة في طي ما بقي من هذه الملفات، هل يمكن أن يكون ملف الشيخ ياسين أحد هذه الملفات؟

عبد الإله بن كيران: شوف أخي الكريم المغرب – شرحت قبل لحظة – أنه مر بمرحلة نزاع، ومعركة وصراع، بصراحة كانت الطبقة السياسية تريد إزاحة النظام الملكي من الواقع، وإقامة جمهورية، وكان بعض الأشخاص يريدون أن يكونوا رؤساء لهذه الجمهورية، وهذا المنطق هو الذي ولد الصراع، وأنا لست الذي.. أريد أن أشرح أن هذا الصراع أعطيك معطىً لكي يفهم الناس كل التجاوزات التي وقعت، صحيح وقعت تجاوزات، أنا أحد الذين وقعت عليهم التجاوزات في عهد إدريس البصري واعتقلت أكثر من مرة، وعُذبت مرتين.

ولكن مع ذلك أستوعب -الآن- أن الظروف قد تغيرت، وأن الطبقة السياسية وصلت إلى قناعات، وهذه القناعات مفادها أن النظام الملكي ضروري للمغرب ضروري لاستقرار المغرب، ضروري لوحدة المغرب، ضروري لحرية المغرب، الآن قضية شيخنا الشيخ عبد السلام ياسين وأشكر الأخ الذي أثار الموضوع.

قضية الشيخ عبد السلام ياسين في تقديري قضية وقت فقط، لأنه ليس من المنطقي -في تقديري- أن شخصًا مثل أبراهام السرفاتي الذي كان عدوًّا لدودًا للنظام الملكي، ويريد تأسيس جمهورية، ويكون هو رئيسها، وكان يصرح بهذا، يدخل بكل تكريم،لم يدخل بطريقة عادية، استقبل -حتى- من أشخاص من الديوان الملكي، ويبقى أخًا عزيزًا على الناس جميعًا، شيخ معروف باستقامته، وصلاحه، ومكانته، أن يبقى في بيته محاصرًا، هذا شيء مفهوم ومتفق عليه ونقوله.

ولكن نقوله بالطرق التي نتصور أن تؤتي بنتيجة، ليس قضية احتجاج فقط، فنحن والأخ زيتوت الذي نريد أن نقول له: "يا أخا الإسلام، لا أحد يكره الأمور المثالية، لكن الوضع في الدول العربية كله متشابه من حيث الأسس التي تقوم عليها السلطة، فالطبقات السياسية وأعتقد أن السيد عبد الرحمن اليوسفي يتمتع بهذا الوعي، أنا لا أظن أن السيد عبد الرحمن اليوسفي كان يمنعه إدريس البصري من إجراء كل الإصلاحات التي كان يريدها.. بعضها صحيح خصوصًا بالإعلام، لكن أمورًا أخرى، أنا أعتقد أن السيد عبد الرحمن اليوسفي يتريث لنضج الظروف..

محمد كريشان [مقاطعًا]: نعم، قضية الظروف.

عبد الإله بن كيران: أنا أعرف، هذا الذي يتحدث عنه، الظروف..

محمد كريشان [مقاطعًا]: قضية الظروف.. دعنا نختم بها قضية الظروف، نسأل الدكتور القديدي تحدث السيد ابن كيران عن قضية وقت، هل تعتقد بأنه يجب أن تفسح الفرصة والمجال أمام الملك الشاب الجديد حتى يبين ما لديه من سياسات، هل هي فعلاً قضية وقت؟ الانفتاح الديمقراطي الحقيقي والجدي؟

د.أحمد القديدي: قال الإمام علي كرم الله وجهه في نهج البلاغة ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار، نحن -العرب- لا نعتبر، ليست لنا بصيرة في الواقع، ولكن لتكن قضية إقالة البصري وقضية حتى عشرين سنة من وزارته للداخلية تكون موضوع اعتبار لكل الدول في المغرب العربي وفي العالم العربي، حتى نجعل دولة المؤسسات، ونجعل من وزارة الداخلية وزارة أمن، ووزارة خدمة مصالح الناس، لا يخاف منها المواطن، ونحن نعرف تلك النكتة التي تقول أن شخصًا فقد سيارته، مواطن عادي فقالوا له بلغ عليها في وزارة الداخلية، قال الله يعوض على السيارة، لأنه خاف أن يعطي مع الشرطة، وكذا يمشى في داهية..

محمد كريشان [مقاطعًا]: ونحن نخاف أن نمشي في داهية، إذا الوقت فاتنا.

د.أحمد القديدي: هذه العقلية بدأت تتغير -والحمد لله- في العالم العربي..

محمد كريشان: شكرًا جزيلاً،لم يبق لنا -مشاهدينا الكرام- إلا أن نشكر ضيوف حلقة اليوم في الاستوديو الدكتور أحمد القديدي (المحلل السياسي والمتخصص في الشؤون المغربية)، ومن لندن السيد عبد الوهاب بدرخان (الكاتب والمحلل السياسي بجريدة"الحياة") والسيد محمد العربي زيتوت (الدبلوماسي الجزائري السابق)، وعبر الهاتف من الرباط السيد عبد الإله بن كيران (عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية).

مشاهدينا الكرام إلى أن نلتقي بكم مرة أخرى في هذا البرنامج، تحية طيبة وفي أمان الله.