
دارفور بين الوازع الإنساني ومطامح الدول الكبرى
مقدم الحلقة: | مالك التريكي |
ضيوف الحلقة: | حسن عابدين: السفير السوداني لدى بريطانيا أحمد حسين آدم: الناطق باسم حركة العدل والمساواة محمد الحبيب الدوكالي: باحث في الشؤون الأفريقية |
تاريخ الحلقة: | 06/08/2004 |
– تاريخ الصراع في دارفور وأسبابه
– الحكومة السودانية ومسؤولية الأمن بدارفور
– اتهام الحكومة بعرقلة منظمات الإغاثة
– تعامل حكومة الخرطوم مع قرار مجلس الأمن
– الضغوط الأميركية والدولية
مالك التريكي: السلام عليكم، التدخل الأجنبي في الدول الأضعف قديم قدم العلاقات الدولية إلا أن الجديد في الأمر هو ابتداع مفهوم واجب التدخل لاعتبارات إنسانية، حيث أن هذا المفهوم قد أُعتمِد لأول مرة في يوغوسلافيا في منتصف التسعينيات ولكن هذا التدخل غير المسبوق الذي قُدِم آنذاك على أنه استجابة لواجب أخلاقي قد أخذ في بداية هذا القرن منعطفا جديدا، فقد تحول هذا الواجب الأخلاقي على ما يبدو إلى حق مشروع يخول الدول الكبرى التدخل عسكريا في الدول الأضعف لاعتبارات إنسانية في هذا السياق تحولت المأساة الإنسانية التي يعيشها إقليم دارفور منذ حوالي عامين تحولت هذه المأساة الإنسانية فجأة إلى قضية دولية يبت فيها مجلس الأمن ويحذر الحكومة من مغبة التقاعس في معالجتها بالسرعة المطلوبة.
فهل هناك مسوغات معقولة للاتهام الذي وجهه الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى الدول الغربية الكبرى بأنها إنما اختلقت أزمة دارفور وعملت على تضخيمها إعلاميا لغرض وحيد هو تبرير غزو السودان؟ وما هي الجذور الحقيقية لهذه الأزمة؟ وما هو الحجم الحقيقي للمأساة الإنسانية هناك؟ وما مدى صحة مزاعم وسائل الإعلام ومعظم المنظمات غير الحكومية بأن الصراع هناك إنما هو صراع عرقي بين العرب والأفارقة؟ وهل تنجح المساعي الإفريقية والعربية في احتواء الأزمة أم أن السودان مرشح لمزيد من التوتر؟ هذه بعض من المسائل التي سيعقد حولها الحوار مع ضيوفنا الكرام هنا معي في الاستديو في لندن الدكتور حسن عابدين السفير السوداني لدى بريطانيا والسيد أحمد حسين آدم الناطق باسم حركة العدل والمساواة ومعنا أيضا من استديو الجزيرة في الدوحة السيد محمد الحبيب الدوكالي الباحث في الشؤون الإفريقية، للمشاركة في البرنامج يمكنكم الاتصال على الأرقام التي سوف تشاهدونها على الشاشة وسيظهرها المخرج من وقت إلى آخر فاستخدموها فيها أرقام الهاتف والفاكس وموقعنا على الإنترنت. ونستهل الحوار بسؤال أوجهه إلى السيد سفير السودان هنا في لندن، سعادة السفير رغم تشعبات أزمة دارفور فهي ليست جديدة لها جذور تاريخية وحركات الاحتجاج ظهرت منذ الاستقلال منذ عام 1956 تحت مسميات عديدة حركة نهضة دارفور مثلا حركة صوني، هل النسيج الاجتماعي في دارفور حالة فريدة عن بقية السودان من ناحية التنوع الإثني بحيث يصل الأمر إلى هذا الاقتتال وإلى هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة رغم أن دارفور كانت تعتبر تاريخيا نوعا ما نموذج للتعايش بين الإثنيات المختلفة؟
تاريخ الصراع في دارفور وأسبابه
” دارفور نموذج مصغر للسودان من حيث الاختلاط والتمازج لقرون طويلة إلى أن أنجب هذا التمازج والتزاوج الثقافي والعرقي الشعبي ” حسن عابدين |
حسن عابدين: بسم الله الرحمن الرحيم أشكركم على دعوتي للمشاركة في هذا الحوار وآمل أن يكون حوار موضوعي وللإجابة على سؤالك في الواقع دارفور هي نموذج مصغر للسودان من حيث الاختلاط والتمازج لقرون طويلة إلى أن أنجب هذا التمازج وهذا التزاوج الثقافي والعرقي ما نعرفه اليوم نحن السودانيين بأنه السودان شعب السودان وما يعرفه عنا العالم هذه اللمحة عن طبيعة التركيبة السكانية والثقافية في دارفور هي صورة طبق الأصل تقريبا لأجزاء أخرى من السودان الأوسط والشمالي والشرقي، إلى درجة أنه ليس من الإنصاف للحقيقة والتاريخ الحديث الآن أو من قبل عن عرب وأفارقة في السودان وإنما يلزم أن نتحدث عن سودانيين من أصول عربية وأصول أفريقية تمازجوا وتصاهروا اختلطوا بما أدى إلى ظهور ومنذ قرون أمة أو شعب جديد اسمه السودان وأنا أتحدث عن هذه العملية عملية التمازج والاختلاط والتزاوج والمصاهرة عبر ربما سبعمائة سنة الأخيرة من تاريخ السودان ومن تاريخ دارفور.
مالك التريكي: إذا كان الأمر كذلك سعادة السفير إذا كان إقليم دارفور ليس حالة فريدة وإنما هو جزء لا يتجزأ من السودان وتنوعه العرقي والإثني هو مجرد مثال عن حالة عامة من التنوع والانصهار بين مختلف مكونات المجتمع عرقيا وإثنيا، فلماذا ينفجر الوضع بهذا الشكل ويصبح هنالك مليون ومائتي ألف مشردين في الإقليم؟
حسن عابدين: كنت سآتي إلى ذكر هذه النقطة وأستبق سؤالك أنه رغم هذا أنه دارفور تمثل يعني صورة مصغرة لبقية السودان على الأقل السودان الأوسط والشمالي والشرقي إن لم نقل جنوب السودان لكنها تختلف من حيث تاريخ العلاقات القبيلة في إقليم دارفور والصراع القبلي في دارفور وما يحدث الآن في دارفور وما حدث خلال على الأقل المائة عام الأخيرة ويتكرر وهذا هنالك صراع بين قبائل ليس حول عرقيات أو عنصريات أو لغة أو دين فكل سكان دارفور تقريبا كلهم مسلمين واللغة العربية هي اللغة الأصيلة لمعظم السكان ولكنها لغة ثانية ولغة التخاطب في كل الإقليم..
مالك التريكي [مقاطعاً]: الصراع حول ماذا؟
حسن عابدين [متابعاً]: الصراع حول المصالح الاقتصادية بين مجموعة القبائل التي امتهنت الرعي وتربية الماشية والإبل والأغنام وبين مجموعات أخرى امتهنت الاستقرار والزراعة.
مالك التريكي: إذاً مثلما قال الرئيس عمر البشير هو الصراع على الكلأ والمرعى؟
حسن عابدين: صراع على الموارد سواء كانت أرض أو مياه أو أراضي للرعي مما فاقم من هذا الصراع في الآونة الأخيرة وأنا قلت أنه صراع قديم وموجود ومتكرر في الآونة الأخيرة هي تغييرات بيئية ومناخية في المنطقة، على رأسها حركة التصحر من شمال الإقليم إلى جنوبه خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة ربما في الثلاثين عام الأخيرة الثلاثة عقود الأخيرة، صاحبها أيضا موجات من الجفاف زادت من حدة هذا التصحر، ثم عامل آخر ربما نتحدث عنه لاحقا وهو انتشار الأسلحة الصغيرة وانتهاء هذه الأسلحة في أيدي القبائل مما أجج من الصراع حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة الأهلية العام الماضي.
مالك التريكي: أنت ذكرت كثير من العوامل سعادة السفير ذكرت عامل الصراع على الكلأ والمرعى مثلما سماه الرئيس السوداني وذكرت عامل التصحر الذي بدأ منذ الثمانينيات وليس جديدا لكن هذه أول مرة نسمع بقضية كلأ ومرعى إن أخذناها على أنها كذلك صراع على الكلأ والمرعى تصل إلى مجلس الأمن.
حسن عابدين: نعم نكمل هذه الصورة بأنه مما فاقم من هذا الصراع وأعطاه هذه الحدة وتفجر في شكل حرب أهلية التي نعيشها اليوم بكل أسف هو أنه مجموعات من أبناء دارفور حملوا السلاح دفاعا عن مجموعات قبلية ترى بأنها تضررت وأصابها غبن وحيف وظلم من المجموعات الأخرى فهبت هذه المجموعات وحملت السلاح وهي التي في الواقع فرضت هذه الحرب على السودان وعلى أهل دارفور، أطلقت الطلقة الأولى وقامت بالأعمال العسكرية في اجتياح بعض القرى وبعض المدن وهكذا بدأت الحرب في مطلع العام الماضي.
مالك التريكي: سيداتي سادتي أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة للأزمة في دارفور سوف نعود الفاصل.
[فاصل إعلاني]
مالك التريكي:أهلا بكم من جديد إلى برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم المخصصة للأزمة في دارفور وأتوجه الآن بالسؤال إلى السيد محمد الحبيب الدوكالي في الدوحة، سيد الدوكالي بوصفك خبيرا في الشؤون الأفريقية وقد كنت عضوا في بعثة تقصي حقائق توجهت إلى دارفور أخيرا، ما هو تفسيرك للجذور التاريخية لأزمة دارفور قبل أن نتحول إلى الخوض في مسائل أخرى سمعت ما تفضل به سعادة السفير في تفسيره للجذور التاريخية ما هو ما هو تفسيرك التاريخي لتفجر الأزمة؟
محمد الحبيب الدوكالي: بسم الله الرحمن الرحيم، ما أشار إليه سعادة السفير من وجود تنوع إثنولوجي كبير في المنطقة هو حقيقة واقعة وللتأكيد على هذا أنا أحصيت بنفسي في محلية أبو عجورة وهي تقع على بعد حوالي ستين كيلو متر من نيالا وهي عاصمة إقليم دارفور الجنوبي في رحلة مفاجئة نحن حددنا أماكنها، فوجئت بوجود ما يزيد عن 21 قبيلة في محلية واحدة ومما أثار استغرابي أكثر أنني وجدت من بينهم من الهوسا وكان في ظني أن الهوسا يوجودون فقط في شمال نيجيريا في جنوب النيجر إذاً هذا يدل على أنه عبر مئات السنين كان هناك تعايش طبيعي جداً بين مكونات قبلية وعرقية وثقافية مختلفة صهرها الإسلام وصهرتها الثقافة العربية دون أن يفقدوا خصائصهم الثقافية الأفريقية الأصيلة وهي التي لا تتعارض في شيء مع هويتهم الإسلامية والعربية بشكل عام، فيما يتعلق بالأصول والجذور.. كل من له معرفة أو خبرة بالبلدان والمجتمعات التي تتجاور فيها المجتمعات التي تعتمد على الاقتصاد الرعوي والمجتمعات التي تعتمد على الاقتصاد الزراعي دائما تكون هناك احتكاكات حتى ولو لم يكن هناك جفاف ولم يكن هناك تصحر وهذا هو الواقع بالنسبة لدارفور الشمالي، نستطيع أن نعطي عدة أمثلة في موريتانيا موجودة هذه المشكلة في السنغال موجودة في مالي موجودة في النيجر في بوركينا فاسو في تشاد وهي حقيقة كلها مناطق تقريبا تعرف نفس الوضع الاجتماعي الاقتصادي فيما يتعلق بهذا الجانب ازدواجية النمط الاقتصادي السائد عند السكان في المناطق الريفية، إذاً دائما كانت هناك تجاذابات وكانت هناك مشكلات بسبب هذا التضارب بين طبيعة الاقتصادين، لكن ما أريد أن أشير إليه هو أنه دائما سواء في دارفور أو في باقي البلدان الأخرى التي لها وضع سكاني واقتصادي مشابه، دائما كانت هناك آليات لحل مثل هذه النزاعات وهذه الآليات تعتمد بالأساس على التصالح وعلى التفاهم وعلى بعض الأعراف في التعويض وغير ذلك وكان زعماء القبائل والعشائر والأئمة وعلماء الدين والشيوخ دائما يكون لهم الدور الكبير في معالجة مثل هذه المشكلات وتحل بشكل طبيعي..
مالك التريكي: بالضبط أستاذ محمد الحبيب الدوكالي بالضبط بما أنك ذكرت الآليات التقليدية التي رسخها التاريخ في التعامل مع المشاكل وحلها ودور الدين خاصة دور الإسلام في دارفور باعتبار أن دارفور كانت نوعا ما مائدة للذاكرة الدينية في السودان وأنها مشهورة بكثرة عدد حفظة القرآن فيها وبأنها منشأ لكثير من علماء الدين وبأنها كانت حتى تبعث بكسوة الكعبة إلى الحجاز لماذا تعطلت هذه الآليات الآن؟
محمد الحبيب الدوكالي: في الواقع هذا هو الذي يثير الاستغراب بالضبط لأنه ما الذي يمنع أن تُعالَّج مثل هذه المشكلات بالآليات التقليدية لماذا رأينا تدخلا خارجيا عارما وقويا وضغوطا سياسية غير طبيعية وغير مسبوقة وأخذ الموضوع أبعادا يعني فعلا هي غير طبيعية بجميع المعايير وجميع المقاييس وهذا هو الذي يجعلنا نطرح السؤال التالي ماذا يراد لدارفور؟ أنا في اعتقادي وجهة نظري الشخصية أن الأمر يدخل في إطار إستراتيجية خاصة.. هي قيد التنفيذ في السودان وفي غيره في بعض البلدان المجاورة مثل تشاد والنيجر ومالي إلى السنغال وموريتانيا، هذه الإستراتيجية يسميها البعض إستراتيجية البتر أو الآخرون يسمونها إستراتيجية الجروح النازفة وبعضهم يسميها إستراتيجية التفتيت بمعنى أن هذا الحجم الهائل من الضغط السياسي والضغط الإعلامي فيما يتعلق بقضية دارفور وهذا التضخيم المبالغ فيه وأنا سأعطي بعض الأمثلة الأخرى بالمقارنة ما بين الوضع الإنساني في دارفور الناجم عن هذه المشكلات وبين حالات أخرى..
مالك التريكي: سوف نأتي أستاذ دوكالي سوف نأتي لمسألة المأساة الإنسانية في المحور الثاني، محورنا الآن هو محاولة إلقاء بعض الأضواء الكاشفة تاريخيا على جذور الأزمة شكرا لك، أتوجه الآن بالسؤال إلى السيد أحمد حسين آدم الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة وهي حركة معارضة وطرف في النزاع والصراع في دارفور قبل أن نأتي على ذكر المسائل الأخرى لابد من أنا نأخذ رأيك فيما تفضل به سعادة السفير والسيد محمد الحبيب الدوكالي عن الجذور التاريخية للأزمة ما هو تحليلك للسبب التاريخي للأزمة؟
أحمد حسين آدم: نعم شكرا لكم لهذه الفرصة حقيقة أبدأ بالقول وأقول دارفور هي كيان حضاري تمثل قلب السودان النابض حقيقة لفترة تاريخية طويلة جدا وهي كانت كيانا وكانت ممالك عريقة حقيقية مارست العلاقات الخارجية ومارست حقيقة العلاقات البينية وكانت كيانا يمثل دولة حقيقية يمثل ممالك حقيقية لفترة طويلة جدا، فكانت لها علاقات خارجية كما تعلم مع مصر وهي ترسل كثير جدا من طلاب العلم إلى هناك رواق الأزهر وما إلى ذلك وحتى الآن هذه موجودة وكانت ترسل أيضا كسوة الكعبة وحتى الآن توجد لدارفور كثير جدا من الأوقاف الموجودة، هناك آبار علي وما إلى ذلك من أشياء موجودة ودارفور للذين لا يعرفون في الحرب العالمية الأولى كانت قد وقفت مع الخلافة الإسلامية مع دولة الأستانة في ذلك الوقت وكانت أيضا هي عضو في (League of nation) أو عصبة الأمم حتى العام 1922 ودارفور كانت كيانا مستقلا حتى عام 1916، هذه هي دارفور وهذه الممالك التي أتحدث عنها وهي ممالك الفور والتنجر وممالك الداجو هذه الممالك تسمى باسم هذه القبائل ولكن هذه القبائل كانت أمما وحقيقة كل هذه القبائل كانت تجمع كل القبائل فالداجو ومملكة الفور ومملكة التنجر وممالك الداجو كانت تجمع حتى القبائل العربية فأنت تجد من الركائز الأساسية لهذه الممالك القيادات الأهلية لقبائل التعايشة والقيادات الأهلية لقبائل الحبانية العربية والرزيقات وما إلى ذلك، فأسسوا شخصية دارفورية حقيقية وجنسية ومواطنة دارفورية حقيقية في ذلك الوقت وما إلى ذلك، صحيح أنتم أتيتم وسألتم عن تشخيص المشكلة ولكن أقول في هذه المسألة صحيح هنالك مجتمع الاقتصاد هنالك تقليدي رعاة ومزارعين وما إلى ذلك هنالك احتكاكات وهي كانت عبر القرون موجودة وكانت هنالك كثير جدا من الـ(Mechanisms) أو من الآليات التقليدية لحل هذه المشاكل فيه تسامح وفي ترابط بين أهلنا في دارفور ولكن الجديد في هذه المسألة أن الدولة المركزية وأن المركز دخل طرفا في هذه الأمور دخل طرفا في هذه الصراعات وطور هذه الصراعات، أهلنا في دارفور كان يحلوا هذه المسائل بصورة جيدة جدا وأنت قلت لماذا هذا الصراع الإثني؟ هذا الصراع الإثني الموجود الآن مفروض على أهلنا في دارفور ليست هنالك وأنا كما قلت لك لا تجد عربي..
مالك التريكي: هو تساؤل أسف على المقاطعة هو تساؤل هل هو صراع إثني حقا أم لا؟
أحمد حسين آدم: هو يعني مفروض، هو صراع إثني يعطي هذا الشكل المفروض حقيقة لأنه أهلنا في دارفور كما قلنا لا تجد عربيا صرفا ولا تجد أفريقيا صرفا تجدهم كلهم متزاوجون ولكن الحكومة..
مالك التريكي: فما هو وجه القول إذاً بوجود صراع إثني بما أن الانصهار التام بين كل المكونات؟
أحمد حسين آدم: الحكومة دخلت في هذه المسألة أخي وجيشت بعض القبائل وسلحت بعض القبائل واستخدمتها حقيقة في هذا الصراع وهو لأهداف تخدمها هناك في المركز، عشان كده عندما نتحدث عن أسباب المشكلة نتحدث أيضا عن التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي يعني عندما نتحدث عن الصراعات في الكلأ والمرعى هذه مسائل ممكن أن يكون مقدورا عليها بالآليات التقليدية ولكن أيضا هناك إيمان به بالمركز إذا كان المركز هو يرعى هؤلاء الناس ويعترف بهم كمواطنين يتبعون له ومن المواطنين الأساسين ولهم الحقوق الكاملة كان يمكن أن يحل كثير جدا من المسائل الخاصة بالكلأ والمرعى، كان يمكن أن يقيم كثير من مشروعات التنمية، كان يمكن أن يقيم كثير من مشروعات التوطين وما إلى ذلك ولكن كان هنالك إهمالا متعددا..
مالك التريكي: تلومون هذه الحكومة أم حكومات سابقة؟
أحمد حسين آدم: الحكومات السابقة منذ الاستقلال ولكن تعمقت هذه المشكلة في عهد هذه الحكومة لأنها أخذت الطريق المنظم لسياسة فرق تسد وفي سياسة حقيقة أن تُستعدى القبائل على بعض القبائل وما إلى هنالك ولكن أقول وهذا مبشر جدا أن القبائل التي حتى يقولون أنها عربية وإن كان حقيقة هذه التسمية ليست يعني حاسمة في هذه المسألة ولكن القبائل الكبيرة صاحبة الأرض إذا تحدثنا عن الرزيقات إذا تحدثنا على التعايشة إذا كنا تحدثت عن الحبانية نجد كل هذه القبائل قد خرجت من هذه المؤامرة العنصرية وما إلى ذلك فالتهميش السياسي هو المسألة الأساسية.
مالك التريكي: سيداتي سادتي أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة لأزمة دارفور سوف نعود بعد موجز الأنباء.
[موجز الأنباء]
مالك التريكي: أهلا بكم من جديد إلى برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم المخصصة لأزمة دارفور واستكمالا للمحور الأول من الحلقة الذي يتعرض للأسباب التاريخية للأزمة أتوجه بالكلمة إلى السيد أحمد حسين آدم الناطق باسم حركة العدالة والمساواة الذي كان بصدد طرح تفسيره التاريخي لجذور الأزمة.
أحمد حسين آدم: أنا أريد أن أقول أن أهلنا في دارفور بهذا الكيان الحضاري وبهذه المساهمات الحضارية يشعرون أنهم قد ساهموا في تأسيس هذا السودان الحديث الذي نشعر به الآن قد ساهموا في تحريره حقيقة وقد دفعوا أشلاءا وأرواحا كثيرة جدا وقد أيضا ساهموا في تحقيق نهضته الاقتصادية الحالية وما إلى ذلك ولكن في المقابل حقيقة لا يجدون شيئا في المقابل، فهم حقيقة تم تهميشهم سياسيا وتهميشهم اقتصاديا واجتماعيا فعندما نضع هذه القضية في الإطار التاريخي لابد أن نركز على مسألة المركز لأنه هي المسألة الأساسية لأنه أي تفسير لها باعتبارها مسألة محلية حقيقة هذا ليس تفسيرا صحيحا وأنا أدعو الأخوة العرب يراجعوا هذه المسألة ويقرؤوا تاريخ السودان وتاريخ هذه المنطقة ليعلموا ذلك، لأن الأخ الذي تحدث لم يذكر المركز تماما وحقيقة إذا كان يركز على المسألة المحلية يكون حقيقة قد تجاوز كثير من الأشياء وسيصل لنتائج خاطئة جدا، شكرا.
الحكومة السودانية ومسؤولية الأمن بدارفور
مالك التريكي: شكرا جزيلا، سعادة السفير الأزمة في دارفور أساسا هي أزمة إنسانية والتدخل الدولي الذي هو الآن تدخل سياسي ودبلوماسي فقط وهنالك تلويح بتدخل أخطر من ذلك يرتكز إلى أسباب إنسانية، من مظاهر المأساة الإنسانية -هنالك كثير من المظاهر طبعا- من المظاهرة البارزة انعدام الأمن تقريبا منذ حوالي عشرين سنة ليست هناك مثلا قوات شرطة في دارفور الحكومة تعطي انطباعا بأن الأمن ليس من مسؤوليتها وأن الجرائم التي تُرتكَّب ضد المدنيين ترتكبها عصابات مسلحة، هنالك نوعا ما انطباع بأن هنالك تنصلا رسميا من مسؤولية الأمن في دارفور؟
حسن عابدين: أشكرك ولكن إذا سمحت لي يعني فيه تعليق سريع..
مالك التريكي [مقاطعا]: تفضل.
حسن عابدين [متابعا]: على ما تفضل به الأخ أحمد حسين وأنا سعيد بأنه ليس بيننا يعني رؤية مختلفة في طبيعة التركيبة السكانية لأهل دارفور وهو الذي قال أنه يصعب الحديث في السودان عن عربي خالص وإفريقي خالص إنما هي يعني تمازج بين عنصرين والواقع هذا التصنيف الخاطئ للأزمة في دارفور أنها مشكلة بين عرب وأفارقة لم يرد من المجموعات المعارضة والمسلحة الآن ونقول هذا إنصافا لهم. ورد من جهات أخرى لها أجنداتها في مثل هذا الطرح ولكن أعتقد أيضا من مسؤولية الأخوة في حركة العدل وفي الحركة المسلحة الأخرى المسؤولية الأخلاقية والسياسية أن يقولوا لهؤلاء ليس هذا صحيحا مشكلتنا في دارفور ليست مشكلة بين عرب وأفارقة وإنما هي مشكلة سياسية بتفسيرات مختلفة التي يمكن أن يقدموها هم، لكن أعتقد الصمت حول هذه المسألة الخطيرة وهذا الافتراء على السودان وعلى أهل السودان وعلى هذه السيرة الطويلة من العلاقات الطبيعية والتعايش بين كل المكونات يعني أمر يجب عدم السكوت عليه والنقطة الأخرى التي أريد أن أوضحها هو الأستاذ الدوكالي قال تحدث عن لماذا تعطلت الآليات التقليدية لحل هذه المشاكل؟ والواقع إلى وقت قريب كانت هذه المشاكل بين الرعاة والمزارعين هذه المنازعات القبلية حول الأرض والمياه تُفض عن طريق زعماء العشائر وعن طريق المؤسسات التقليدية، لكن لأنه دارفور ولأسباب يعني لن ندخل فيها الآن تاريخية أيضا وخاصة في التاريخ المعاصر انتشر فيها السلاح وتسلحت هذه القبائل على اختلافها واختلاف يعني مشاكلها وأصبح العنف حقيقة يعني سمة من سمات الحياة في دارفور حتى أنه إلى ما قبل خمس سنوات اضطرت الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ فقط في إقليم دارفور لمحاولة بسط يعني درجة من الأمن والقضاء على هذه الظاهرة ظاهرة العنف المسلح هذا الذي أدى بين النزاعات بين هذه القبائل أن تحتكم إلى السلاح دون أن تحتكم إلى شيوخها وزعماء العشائر والآليات التقليدية هذا يفسر رغم أنه لا يبرر ما يحدث في دارفور، عودة إلى سؤالك عن..
مالك التريكي: هو مرتبط بما ذكرت.
حسن عابدين: نعم أنه الانطباع بأنه الحكومة تخلت عن مسؤوليتها، هذا ليس صحيح نتذكر أنه منذ أن بدأت هذه الحرب المؤسفة في مطلع العام الماضي وبدأ القتال الحكومة استجابت لأول نداء للسلام وللمفاوضات وأعتقد هذا تصرف لحكومة مسؤولة رغم أنه كان بالإمكان أن تذهب مذهبا بعيدا في الحرب وفي القتال لإن كان هذا بالطبع سيكون على حساب المواطن البريء الذي نراه الآن في معسكرات اللاجئين وفي معسكرات النازحين، فنزعت أو جنحت إلى السلام وقبلت بالمبادرة الشادية وحينما تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار كما يعلم الأخ أحمد حسين في أبريل هذا العام كان هذا بداية لأن تتجه أنظار الحكومة إلى معالجة نتائج الحرب التي استمرت لعام وأهم نتائجها المأساوية والإنسانية هي كيفية مساعدة وتأمين اللاجئين والنازحين في مواقعهم وفي معسكراتهم إلى حين تتيسر عودتهم إلى قراهم وكان جزء من اتفاق وقف إطلاق النار وتحديدا في المادة الثالثة من هذا الاتفاق أنه على الطرفين الحكومة وحركة المساواة والعدل وحركة تحرير السودان أو المسماة تحرير السودان أن يبدؤوا في نزع أسلحة كل الميليشيات المتقاتلة وأن تخصص أماكن لوجود قوات الحركتين المسلحتين إلى أن يتم نزع السلاح.
مالك التريكي: هذا سعادة السفير يؤكد مرة أخرى ضرورة طرح السؤال عن انعدام الأمن، يعني إذا كانت الحكومة حتى أبريل الماضي لم تتوصل إلى صيغة لمحاولة معالجة الأزمة الإنسانية وجانبها الأمني يعني أن هنالك انعدام أمن هذا ثابت وإذا يعني أما النزوح..
حسن عابدين: لا ننسى أنه كانت هنالك حرب مستمرة لعام إلى أن توقفت يعني توقف يعني ابتدائي ومؤقت يعني ليس ثابتا مازال هنالك يعني خروقات لوقف إطلاق النار لكن على الأقل الفترة منذ فبراير 2003 وحتى وقف إطلاق النار في أبريل 2004 هذه كانت حرب وكان فيها قتال ورغم ذلك كانت الحكومة تسعى إلى تأمين معسكرات النازحين من الغارات من الميليشيات المسلحة وكانت أيضا تسعى إلى تأمين المدن، صحيح الإمكانات كانت محدودة ويصعب على حكومة كل حكومة أن تواجه حرب ومقاتلين وحركة تمرد وفي نفس الوقت تضمن استقرار أمني كامل لبقية السكان في إقليم كبير مثل دارفور عدد سكانه يقارب الستة مليون شخص.
مالك التريكي: لكن الحكومة متهمة سعادة السفير بأنها ليست مسؤولة عن التهميش فقط في المنطقة ومن مظاهر هذا التهميش الأمني يعني منطقة مثل دارفور أكبر من فرنسا ليس فيها إلا خمسة آلاف شرطي رسمي سوداني متهمة إنها قامت بقصف تجمعات مدنية وقرى ومتهمة أيضا بأنها تقوم بالحرب عن طريق طرف آخر اللي هو العصابات المسلحة التي تسمى بالجنجويد، سنعود إلى هذه النقطة لكن أريد أن استمع إلى رأي مراقب محايد وهو السيد محمد الحبيب الدوكالي الذي كان في دارفور في إطار بعثة تقصي للحقائق، اطلعنا على تقريركم أستاذ محمد الحبيب الدوكالي بالنسبة للجانب الأمني من المأساة الإنسانية، ما تذكرونه هو أن الأمن مستتب في المناطق التي ذهبتم إليها، ما تذكره منظمات حقوق الإنسان ومنظمات الإغاثة الأخرى هنالك حوالي 35 منظمة تنشط هناك تقول أن الأمن منعدم، فمن نصدق؟
” الزيارات الميدانية من قبل جهات مختلفة أثبتت أن الأمن والاستقرار ينتشر في أجزاء كبيرة من دارفور والناس كانوا يركزون في حاجتهم على الأدوات الزراعية مما يشير إلى استقرارهم ” محمد الحبيب الدوكالي |
محمد الحبيب الدوكالي: طيب أنا أرجو منكم أن تأذنوا لي بتعقيب سريع جدا فقط فيما يتعلق بموضوع الأسباب التاريخية للنزاع، أنا أعتقد أنه من الناحية..
مالك التريكي: تفضل بدون إطالة من فضلك.
محمد الحبيب الدوكالي: بدون إطالة أنه من الناحية المنهجية ومن الناحية التحليلية الاقتصار فقط عن الحديث عن الأسباب التاريخية للمشكلة هو سيكون تحليلا قاصرا، أنا أرجو أن يكون هناك اهتمام بالأسباب غير المعلنة بأبعاد أخرى موجودة أنا لا أعرف إذا كان الوقت سيتاح لمناقشة مثل هذه الأمور لكن الاقتصار على تفسير ما يجري من خلال عوامل محلية..
مالك التريكي: كان هذا.. أستاذ دوكالي كان هذا مجرد المحور الأول طبعا سوف نأتي للأبعاد السياسية بعد ذلك ولك مطلق الحرية في إبداء رأيك في تلك النقطة.
محمد الحبيب الدوكالي: بالنسبة للواقع الحالي الآن طبعا هذا أمر عاينته بنفس مع فريق عمل نزلنا إلى نيالا وكانت للمرة الثانية ذهبنا قبل حوالي أربعة أشهر وكانت هذه هي المرة الثانية واخترنا طبعا بطريقة عشوائية وبمحض يعني إرادة الفريق التحرك داخل المناطق الريفية وليس فقط في نيالا وضواحيها حيث يحلو للكثير من هذه المنظمات الحقوقية التي لم نر منها ما يفيد على أنها تحركت إلى داخل هذه المناطق، قمنا بجولة في عينة نعتقد أنها عينة عشوائية وممثلة في مثلث ضلعه حوالي ستين كيلو متر وطبعا ما كانت فيه طرق وكان الأوحال والسيارة تغرز في الأوحال.. ما لمسناه في خلال هذه الجولة التي استمرت يومين والتي نعتقد أنها كعينة ممثلة ما لحظناه أولا أن هناك قوات شرطة موجودة في كل الأماكن التي زرناها، اثنين كنا نجلس مع ممثلي الأهالي والقرى من شيوخ وزعماء قبائل وغيرهم بعيدا عن أي رقابة رسمية وكنا نتحدث معهم عن مدى شعورهم بالأمن فكان هناك إجماع في كل المناطق التي زرناها أن السكان يشعرون بالأمن لكن أهم ما في الأمر هو أننا لاحظنا في طول المنطقة التي قمنا بزيارتها ولعلمكم الآن يوجد فريق عمل آخر ذهب في اتجاه آخر.. جغرافي آخر في نفس المنطقة في داخل الريف للتأكد من الوضعية في مناطق أخرى وسنوافي الجزيرة بتقرير إذا كان هذا يهمها.
ما لاحظناه هو وجود نشاط زراعي مكثف وكل من يعرف طبيعة هذه المجتمعات الزراعية يعرف أنه من المستحيل أن يكون هناك نشاط زراعي إذا لم يكن هناك استقرار ولا يمكن أن يكون هناك استقرار إذا لم يكن هناك شعور بالأمن، ثم من جهة ثانية استطلعنا معلومات أخرى من منظمات أخرى ولذلك نحن نتكلم عن منظمات نزلت إلى الواقع ولا تتكلم من مكاتب مكيفة في لندن أو في نيويورك، نذكر منها على سبيل المثال نقابة الأطباء المصريين اللي اشتغلوا في الجنينة وضواحيها في غرب دارفور سألنا الـ(Islamic Relief) وهي منظمة بريطانية، سألنا هيئة الإغاثة الإسلامية وهي منظمة سعودية كلهم نزلوا إلى الميدان كلهم يعني كل هذه المعلومات تُجمع من هذه المصادر على وجود وأنا أريد أن أكون دقيقا في تعبيري على وجود قدر ظاهر من استتباب الأمن في مناطق كثيرة، أنا لا أقول أن دارفور كلها آمنة مؤمّنة ولكن هناك مناطق كثيرة يوجد فيها أمن ويستتب فيها أمن وتوجد فيها قوات شرطة مسلحة بسيارات ووسائل اتصال وبرشاشات ثقيلة بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة وأهم من هذا كله أنا بالنسبة لي أعتقد أن معيار النشاط الاقتصادي هو نشاط مكثف وموجود والناس تستزرع الأرض والناس ترعى إبلها وأبقارها وفي كل المناطق التي زرناها طلب الناس مساعدات لكي يقوموا بحياتهم الطبيعية العادية طلبوا محاريث طلبوا أعزكم الله حمير لجر المحاريث طلبوا إعادة تأهيل آبار طلبوا إعادة تأهيل مدارس طلبوا عددا من المطالب وهذا كله يدل باختصار..
مالك التريكي: إذاً أستاذ دوكالي إذاً أنت تقول من منطق معاينتكم تعتبرون أن هنالك بعض المناطق الآمنة، مما يعني أن الحكومة المركزية السودانية تقوم ببعض الدور على الأقل في بعض المناطق لتأمين السكان؟
محمد الحبيب الدوكالي: هذا لا شك فيه.
مالك التريكي: هذا طبعا يبقى هذا الكلام طبعا دوما هنالك تحفظ حوله لأن معروف كلاسيكيا عندما تقوم بعثات بتقصي حقائق بزيارة مناطق وتقدم لها تسهيلات حكومية مهما كانت هذه التسهيلات بسيطة يبقى دوما هنالك تساؤل حول مدى حرية بعثة تقصي الحقائق في معاينة الأمور رغم أنك تذكرون أنكم تحركتم بمطلق الحرية واخترتم مناطق اختياركم لها كان عشوائيا، الصورة مرتبكة جدا لأن مثلا أحد مبعوثي الأمم المتحدة فرانس ستانغ يقول أمس أن الدولة السودانية لم تقم بأي خطوة إلى حد الآن في تنفيذ ما طلب منها مجلس الأمن أي أن الأمن غير مستتب، من ناحية أخرى يان برونك ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يقول إن الدولة السودانية بدأت في تنفيذ ما طلبه منها مجلس الأمن في الجانب الأمني، كولن باول وزير الخارجية الأميركية كتب في وول ستريت جورنال الخميس يقول إن الدولة السودانية لم تبدأ في تنفيذ الجانب الأمني لتخفيف المعاناة الإنسانية، المسألة ليست بالوضوح الذي ذكرتم، الآن نستمع إلى رأي السيد لو تذكروني باسم السيد ممثل.. السيد التيجاني على حامد وهو من أعضاء جمعية تضامن أبناء دارفور، تفضل أستاذ تيجاني.
التيجاني على حامد: شكرا جزيلا للجزيرة وشكرا لضيوفك وأحيي ضيوفك في الأستوديو وفي الدوحة الحقيقة استمعت إلى ما ذكر الأخوان وأتفق تماما مع الأستاذ الدوكالي في تحليله وفي نظري أنه المشكلة الأمنية في دارفور هي في حقيقة الأمر صراع على الموارد الطبيعية الشحيحة وعلى امتلاك الأرض بين القبائل المتجاورة بشكل تقليدي ظل يتكرر ويتطور ويتلون حسب المعطيات تارة يأخذ شكل القبيلة وتارة أخرى يتخذ من المعطيات الإقليمية شكلا آخر ليخلق نوعا من عدم الأمن والاستقرار في المنطقة وهنالك ظروف موضوعية أدت إلى تطور هذه المشكلة منها المشاكل القبلية التقليدية بين القبائل وانتشار ظاهرة النهب المسلح وانتشار عصابات النهب الممتدة بين الحدود خاصة بين تشاد والسودان وهذه الظاهرة يعني كل ما كان هنالك عدم استقرار في تشاد ينعكس سلبا على السودان وخاصة دارفور وهنالك ضمور في الموارد الطبيعية حقيقة وزيادة الرقعة الزراعية وكثرة الحيوانات وضمور في المراعي وقفل للمسارات، فحصل احتكاك يعني بين المزارعين والرعاة لأن الناس فضلوا الجلوس إلى أو الزراعة في الوديان والأماكن التي فيها أكثر خصوبة وبذلك تسببت مشاكل كثيرة وأيضا قصور الحكومات المتعاقبة حتى هذه الحكومة في توفير الأمن للمواطنين لذلك حمل الناس السلاح لحماية أنفسهم وكما ذكر الأخوان إن دارفور بحجم فرنسا وهذه المجموعات القبلية يعني سواء كانت الراحلة أو المقيمة تنتشر في إرجاء مختلفة من الولاية والأمن كان هاجسا فلذلك انتشار ظاهرة السلاح غير المرخص في دارفور هي أيضا من المشاكل اللي عمقت هذه الجراحات، بالنسبة للكلام اللي ذكره الأخوان عن التطهير العرقي والإثني أنا افتكر التطهير العرقي كلمة يعني زُج بها فقط لتضليل الرأي العام وتقسيم أهل دارفور إلى عرب وأفارقة هذا لذر الرماد على العيون ولإخفاء الحقيقة لأن لدارفور كما ذكر الأخوان أيضا أنه لا توجد قبيلة واحدة..
اتهام الحكومة بعرقلة منظمات الإغاثة
مالك التريكي: شكرا أستاذ تيجاني شكرا سوف نأتي لموضوع إن كان هنالك مجزرة أو جريمة إبادة لأن حتى أميركا منقسمة في ذلك الكونغرس يعتبر ما يحدث جريمة إبادة والإدارة لا تعتبر الأمر كذلك، سعادة السفير بالنسبة للجانب الأمني طبعا هنالك صورة مرتبكة، بالنسبة للإغاثة الإنسانية الحكومة متهمة أيضا من قبل المنظمات الإغاثة وهنالك أكثر من 35 منظمة هناك أنها تعرقل حتى عمليات الإغاثة وإيصال الإمدادات موسم الغرس مثلا انقضى الآن والسكان هناك محتاجون إلى المساعدة الإنسانية في الحصول على ما يسد الرمق طيلة العام القادم أيضا ماذا تقوم به الحكومة على الأقل للتخفيف من هذه الأزمة؟
حسن عابدين: نعم أريد أن أعود قليلا إلى الوراء أنه هذه الاتهامات بأن الحكومة يعني تعوق مسار أو يعني إعطاء الإغاثة للمحتاجين بدأت بعد وقف إطلاق النار وكانت الحكومة دائما تقول بأنه في ظل حرب مستمرة في الإقليم يصعب يعني صعوبات طبيعية وعملية تيسير حركة يعني البضائع والأشخاص والمنظمات وإلى أخره لكن منذ مايو أي بعد شهر من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي يعني أتاح فسحة من الزمن وفسحة يعني من الحركة اتخذت الحكومة عدة إجراءات ليس فقط بسبب ضغط دولي أو ضغط من المنظمات ولكن بحكم مسؤوليتها نفسها وعبئت موارد داخلية وأريد أن أذكر هنا أنه العون الذي يُقدَّم الآن للمحتاجين من النازحين في المعسكرات 50% منه تقدمه حكومة السودان ومن مصادر سودانية..
مالك التريكي: 50%؟
حسن عابدين: 50% نعم وما يقدمه المجتمع الدولي ودول أخرى نقدر لها هذا لا يشكل سوى 20% مما هو مطلوب الآن، الشيء الآخر اتخذت كل الخطوات وألغت كل الإجراءات الإدارية القديمة حول الدخول لدارفور وأصبحنا الآن ومنذ أربعة أشهر تقريبا أو ثلاثة أشهر تمنح تأشيرات الدخول لكل من يطلب للسودان ولدارفور بصفة خاصة في خلال في 24 ساعة وأحيانا أقل، نحن هنا في سفارتنا في لندن كل تأشيرة منحناها منحناها في نفس اليوم للعاملين في مجال الإغاثة وهكذا القادمين إلى السودان من مناطق أخرى ألغي إذن العمل الذي كان معمول به في السابق لأي منظمة تريد أن تعمل في دارفور أصبح مجرد الحصول على التأشيرة هو إذن للذهاب والعمل في دارفور، الشيء الآخر استثنيت كل المواد الإغاثية وخاصة الطبية التي تأتي إلى السودان من كل الرسوم التقليدية الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى وأصبحت يعني هذا من واجب الحكومة في الواقع أن تفعل هذا لأنها حريصة أن تصل هذه المساعدات والإغاثة إلى مستحقيها.
مالك التريكي: سوف نسمع رأي السيد أحمد حسين آدم في ذلك لكن قبل ذلك استمع إلي رأي السيد أحمد إبراهيم دريج الحاكم السابق لدارفور في عهد حكومة السيد الصادق المهدي من عام 1986 إلى عام 1989 تفضل أستاذ دريج.
أحمد إبراهيم دريج: أول شيء أشكركم جزيل الشكر ويؤسفني ألا أكون معكم في لندن وأنا اليوم في منطقة جنوب أفريقيا في بتسوانا وأشكركم أنه برضه يعني اتصلتوا بي عشان ما تسألوا عن رأيي.
مالك التريكي: مرحبا بك.
أحمد إبراهيم دريج: فأنا هأتشرف للإجابة بكل حرية وشفافية على أسئلتكم.
مالك التريكي: بإيجاز لو تفضلت.
أحمد إبراهيم دريج: نعم تفضلوا، تحب أنا أتكلم ولا تسألني أنت؟
مالك التريكي: لا أنت لابد عندك رأي بالنسبة للأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع ووصول الأمر في دارفور إلى هذه المأساة الإنسانية؟
أحمد إبراهيم دريج: أينعم أول شيء أحب أعلق عليه..
مالك التريكي: بما أنك كنت عضوا في حكومة سابقة هو بما أن هنالك أطراف تعتبر كل الحكومات مسؤولة عن التقصير والتهميش الذي تعرضت له دارفور؟
” الحكومة الحالية متهمة بالوقوف وراء المشاكل التي يعاني منها السودان بما فيها دارفور، ولا يستطيع أحد أن يشكك في مدى تمسك الدارفوريون بالعروبة والإسلام ” أحمد إبراهيم دريج |
أحمد إبراهيم دريج: نعم أنا أحب أقول لسيادتك أني أنا من أوائل أبناء دارفور المثقفين اللي قمت بتنظيم يعني عمل سياسي تحت اسم جبهة نهضة دارفور عام 1964 بعد قيام ثورة أكتوبر ضد حكومة عبود بعدما عدت من بريطانيا بعدها دخلت البرلمان السوداني كنائب مستقل وعملت مع السيد صادق المهدي في حزب الأمة بعد انضمامي لحزب الأمة وأصبحت من أوائل أبناء دارفور أصبحت وزير قومي في السودان كنت وزير التعاون والعمل وفي عام 1968 أصبحت زعيم المعارضة في البرلمان السوداني، فأنا أتحدث بوصفي شخص إقليمي مولود في الأقاليم وكشخص برضه عملت في الحكومة المركزية منذ 1966 وكشخص كنت زعيم معارضة في البرلمان السوداني يعني (Shadow government) زي ما بيقولوا أدافع عن قضايا السودان أقول يعني هذه المقدمة عشان لما الكلام اللي أقوله يعني قائم على ارتكاز تجربة وعمل سياسي منذ 1964، أولا أحب أعلق على شيئين أنا أحيي الابن أحمد حسين آدم وهو بمثابة ابني من ناحية السن لما تحدث عنه عن إقليم دارفور وعلاقة إقليم دارفور بالعالم العربي الإسلامي..
مالك التريكي: إذاً ما هي إضافتك أستاذ دريج ما هي إضافتك؟
أحمد إبراهيم دريج: ده مهم قبل ما أرد على الكلام لأنه فيه اتهام لأهل دارفور أنهم عنصريون وفيه جهل في كل العالم وخاصة العالم العربي عن درجة إسلامية أهل دارفور لأنه أهل دارفور مؤمنين ومسلمين وأقوى إسلاما من هذه الحكومة الحالية الأصولية الموجودة اللي حاولت أنها تقسم السودان دينيا وعرقيا وهي سبب كل هذه المشاكل التي نعاني منها اليوم عشان كده أنا حبيت أقولك أنه دور دارفور في السودان هو إيه مسألة الوحدة السودانية ومن حيث العروبة والإسلام نحن أكثر الناس التصاقا بالعرب والمسلمين كما قال ابني أحمد حسين لأنه إحنا عندنا أوقاف في المملكة العربية السعودية..
مالك التريكي: هذا متفق عليه أستاذ دريج متفق عليه النقطة التالية من فضلك.
أحمد إبراهيم دريج: معلش هذه الخلفية مهمة لأنه في جهل تام في العالم العربي بدارفور..
مالك التريكي: النقطة التالية من فضلك لأنه الوقت أدركنا.
أحمد إبراهيم دريج: طيب مع أن الوقت..
مالك التريكي: أستاذ دريج يبدو أن الخط انقطع مع الأستاذ دريج، أستاذ أحمد حسين آدم بالنسبة للمسألة الأمنية وجانبها الإنساني أنتم لستم مبرأين كذلك عن من المسؤولية فيما يجري هناك منظمات الإغاثة منظمة حقوق الإنسان تتهمكم أيضا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وبتعويق جهود الإغاثة وبأنكم طرف رئيسي في المشكلة ولستم حلا؟
أحمد حسين آدم: شكرا جزيلا أن أود التعليق على مسألة التطهير العرقي لابد..
مالك التريكي: لم نبلغها لم نبلغ مسألة التطهير العرقي.
أحمد حسين آدم: لم نبلغها لكن كثير من الإشارات وردت في هذه المسألة ولكن أنا أقول حصلت هذه المشكلة ولكن بإرادة حكومية لأنه الحكومة تجيش قبائل من أصول عربية حقيقة ضد القبائل الأخرى وضد الناس الآخرين ليست هذه المشكلة هي من كل القبائل العربية ولكن هنالك حقيقة الجنجويد هم قبائل عربية حقيقة غريبة على النسيج الاجتماعي في دارفور هم الذي سلحتهم الحكومة وهم الذين جيشتهم الحكومة ليدافعوا عنها لتتحكم هنالك في المركز أود أن أقول كذلك..
مالك التريكي: قبل قليل كنتم تقولون أستاذ أحمد قبل قليل كنتم تقولون ليس هناك عرب وأفارقة في دارفور وأن الأمور مختلفة، إذاً كيف صار الجنجويد عرب؟
أحمد حسين آدم: ليس هنالك نعم لابد أن تفهمني النسيج الاجتماعي في دارفور كما قلت ليس هنالك عربا وليس هناك أفارقة يعني أصلاء بالمعني الذي تتحدثون عنه ولكن أقول أنه العامل الحكومي هو الذي دخل ليعمق هذه المسألة، هو الذي دخل ليقول هنالك عربا وهنالك أفارقة سياسة فرق تسد وهذه حقيقة سياسة تتحكم فيها الحكومة لذلك أتت بهؤلاء الجنجويد وأتت بهم حتى من خارج السودان صحيح هنالك بعض القبائل من داخل دارفور ولكن أتت بقبائل حتى من خارج السودان، أتت بهم من تشاد من الكاميرون من النيجر من مناطق كثيرة جدا نحن نتحدث عنها الآن ولكن بقية القبائل العربية لم تدخل في هذا ولكن أستطيع أن أقول كل جنجويدي عربي ولكن ليس كل عربي جنجويدي وهذه مسألة أساسية، حرب الجنجويد استهدفت الأهالي استهدفت المدنيين أصول معينة حقيقة حرقوا أراضيهم وفعلوا ذلك وكل هذه مسألة الحكومة وأنا لا أريد أن أقول أن المشكلة في دارفور هي مشكلة أمنية هذه مشكلة استراتيجية هذه مشكلة سياسية مربوطة تمام الحقيقة بالمركز وأنا دائما أقول وأنت تتحدث الآن عن الحكومة، الحكومة حقيقة كابرت منذ البداية الحكومة لم تعترف حقيقة بهذه المشكلة إلا بعد السنة والنصف، الحكومة تعرف هذه المشاكل ولكنها ضربت حصارا على دارفور الحكومة تعرف المأساة الإنسانية تعرف المشكلة الأمنية ولكنها لم تتحرك إلا بضغوط أجنبية، القول أنها بادرت بنفسها هذا قول باطل لأنها تحركت إلا عندما تحرك المجتمع الدولي وضغطها المجتمع الدولي، أود أن أقول للأخ الذي تحدث قبلي أود أن أقول له ينبغي أن تكون عادلا وينبغي عليك أن تتحدث عن هذه المسائل بموضوعية وأنا أسأله من الذي أرسله إلى هناك ومن الذي حقيقة بعثه إلى هناك وأي المناطق مشى.. هل ذهب إلى منطقة عديلة الآن التي تشهد قتالا من الجنجويد؟ هل ذهب إلى منطقة شرق نيالا التي يفرق معسكر النازحين فيها؟ هل ذهب إلى جنوب نيالا هل ذهب إلى مناطق غرب الجنينة؟ هل ذهب إلى كل هذه المناطق ليتحدث الآن عن المسألة الأمنية مستتب والأمن مستتب والمواطنين يزرعون؟ المواطنون الآن حقيقة يعانون حقيقة من ضرب يومي من هؤلاء الجنجويد ويعانون حقيقة من الآلة العسكرية الحكومية، يعانون من الطيران الذي يغير عليهم ونحن نقول ذلك ونحن نقول هؤلاء الذين يقولون أنهم شرطة ليسوا هؤلاء بشرطة هؤلاء الذين هم الذين قتلوا هؤلاء السكان وهؤلاء هم الجنجويد الذين ألبستهم الحكومة حقيقة ثوب الشرطة وألبستهم الحكومة ثوب الجيش ليحرسوا هؤلاء لا يمكن أن يحرسوا هؤلاء لابد..
مالك التريكي: لم تجيبني عن الاتهامات الموجهة إليكم بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان أيضا.
أحمد حسين آدم: أنا أقول لك فليسألوا عنا الأهالي النازحين فليسألوا اللاجئين من الذي ذهب لتقتيلهم من الذي شردهم كل هؤلاء الأهالي يتحدثون عن الجنجويد كل هؤلاء الأهالي يتحدثون عن الأنتينوف كل هؤلاء الأهالي يتحدثون عن الأباتشي تلك الآلة الحكومية التي تنفذ سياسة الحكومة سياسة الأرض المحروقة أخي.
مالك التريكي: شكرا أستاذ أحمد حسين أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة لأزمة دارفور سنعود بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
تعامل حكومة الخرطوم مع قرار مجلس الأمن
مالك التريكي: أهلا بكم من جديد أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة للأزمة في دارفور وأتوجه الآن بالسؤال إلي سعادة سفير السودان في لندن. وصلنا الآن إلي المحور الثالث وهو الأبعاد السياسية للأزمة الحكومة متهمة بأنها لم تتحرك بخلاف ما تفضلتم به لم تتحرك في المسألة إلا بعد وقوع ضغوط دولية والمعارضة ممثلة في جيش تحرير السودان وفي حركة العدالة والمساواة وهنا معنا الناطق باسمها متهمة أيضا أنها استقوت بالخارج لأنها ربما لأنها تعلمت الدرس الذي قامت به الحركة في الجنوب بعد عشرين سنة من الحرب الاستقواء بالخارج لحمل الحكومة السودانية على تقديم تنازلات، تعاملكم مع القرار الأخير الذي أصدره مجلس الأمن الذي يطالب فيه الحكومة السودانية بتحمل مسؤولياتها الأمنية وتخفيف المعاناة الإنسانية كان تعاملا غريبا جدا مرتبكا جدا حكوميا أول ما صدر القرار تحدث الناطق الرسمي باسم الحكومة فقال إن هذا القرار مرفوض ولا تقبله الحكومة بعد قليل من ذلك تحدث وزير الخارجية فتحفظ على ما ذكره الناطق الرسمي باسم الحكومة وقال لابد أن نتريث ريثما يدرس مجلس الوزراء الأمر، بعد قليل تحدث الرئيس السوداني فقال إن السودان لا يتعامل مع قرارات مجلس الأمن مثلما تتعامل إسرائيل معها يعني يُفهم منها أن السودان ينفذ قرارات مجلس الأمن وبعد ذلك تدارس مجلس الوزراء الأمر فأثنى على ما سماه إيجابيات وأسف لما سماه بسلبيات هذا الأمر يعطى انطباع كأنه برلمان وليس حكومة في التعامل مع قرار مجلس الأمن؟
حسن عابدين: أشكرك على هذا السؤال وأبدأ بتعليق سريع جدا على ما ورد من حديث..
مالك التريكي: مثلما درجت العادة الآن.
حسن عابدين: نعم لأنه المسائل متداخلة..
مالك التريكى: نعم مرتبطة نعم.
” قبلت الحكومة السودانية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير ولكنها أبدت بعض التحفظات عليه لأن فيه الكثير من التجني ” حسن عابدين |
حسن عابدين: وهذا الاتهام يعني اعتقد إنه اتهام ظالم بأنه الحكومة جيشت عناصر عربية هي الجنجويد وحتى من خارج السودان وكان يبقى على الأخ أحمد حسين أن يشرح للمستمعين يعنى لماذا تفعل الحكومة مثل هذا، يعني أن تجيش عناصر عربية عشان تقاتل عناصر عربية أخرى أو مسماة أفريقية في إقليم واحد ما هي الفكرة يعنى حتى الحديث عن سياسة فرق تسد فرق بين من وليسود من؟ يعنى ليس هنالك للحكومة أجندة خفية تجاه مواطنيها سواء كان في دارفور أو غير دارفور وأقول بسرعة أيضا كلمة الجنجويد يعنى هي في الواقع مصطلح أقدم من هذا الحرب ومن هذا النزاع وأُطلِق على مجموعات النهب المسلح جن على جواد يعني كانوا يقطعوا الطرق البرية في دارفور وبيننا وبين جيرانا وكانت هي مجموعات في الواقع للنهب المسلح أنا لا أريد بهذا أن أتحدث..
مالك التريكي: انتهينا من هذه النقطة.
حسن عابدين: نعم انتهينا من هذه النقطة لكن فقط أقول بسرعة أعود إلى سؤالك..
مالك التريكي: نعم التعامل الحكومي مع قرار مجلس الأمن.
حسن عابدين: أولا نحن يعنى نأخذ الأشياء بخواتيمها ومن أصولها، حكومة السودان وعلى لسان مجلس الوزراء وعلى لسان الرئيس البشير وعلى لسان وزير الخارجية قبلت بتنفيذ قرار مجلس الأمن ولكنها في نفس الوقت أبدت انتقاد وتحفظات لأنه هذا القرار قرار فيه كثير من الظلم أنه هذا القرار في الواقع فيه نقد لاتفاق تم من قبل بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة نفسها الذي يتمثل في الاتفاق الموقع يوم ثلاثة يوليو بين الأمين العام وحكومة السودان وكان يسمى اتفاق التسعين يوما اُتفِق على إجراءات التزمت حكومة السودان بأنها تقوم بها لتحسين الوضع الأمني في دارفور ولتسهيل انسياب الإغاثة والمساعدات الإنسانية، فإذاً نتيجة الضغوط السياسية من بعض الدول وبعض الجهات تريد أن تمارس يعنى شكل من أشكال الضغط السياسي ليس له في الواقع علاقة مباشرة بالأزمة الإنسانية الموجودة في دارفور بل الواقع يخلق عقبة جديدة أمام المعالجات الموضوعية والممكنة لأزمنة دارفور، أنت تطلب من حكومة السودان أنها في خلال ثلاثة أشهر تحقق بعض التقدم ثم تأتي بعد أقل من شهر وتقول لا شهر واحد ولذلك السودان كان له تحفظ على هذا القرار من هذه الناحية، صحيح القرار فيه أشياء إيجابية لأنه لأول مرة يطالب المجتمع الدولي ممثل بقرار من مجلس الأمن المجموعات المسلحة بأن تقبل على التفاوض بصدق نوايا وبجدية حتى لا يتكرر ما حدث في الجولة الأخيرة للمفاوضات في أديس أبابا بأن جاءت هذه الحركات بمطالب تعجيزية واضحة الهدف منها كان هو تعطيل المفاوضات وظنت أنها بهذا تستطيع أن تكسب الزمن وتتكثف الضغوط على الحكومة مما يجعلها في موقف ضعيف عند التفاوض كانت مناورة سياسية..
مالك الترايكي: الآن حدثت تطورات بعد ارتباك هذا لا ينفى ارتباك كبير في الموقف الحكومي وعدم وضوح في التعامل معه، الآن يبدو أن الصورة أوضح نوعا ما بلوغا إلى الاتفاق الذي تم الخميس بين وزير الخارجية السوداني والسيد يان برونك ممثل كوفي أنان في السودان حول ما سمي خارطة الطريق خارطة أخرى ما هي تفاصيل لأن يان برونك امتنع عن شرح التفاصيل.
حسن عابدين: نعم أنا لا أستطيع الآن أن أحدثك عن تفاصيل هذه الخطة ولكنها هي خطة عمل للأربع أسابيع القادمة اتساقا مع قرار مجلس الأمن ومع التزام حكومة السودان بتنفيذ هذا القرار ما أمكن خلال هذا الشهر هذا رغبة تتحدث..
مالك التريكي: سعادة السفير مرة أخرى الارتباك موجود هذا رغم أن الرئيس السوداني الخميس أيضا بعد القبول بقرار مجلس الأمن قال إن هذا القرار هو مجرد ذريعة لغزو السودان واستخدام الأسباب الإنسانية كذريعة مثلما ما استخدمت أسلحة الدمار الشامل في العراق؟
حسن عابدين: لا الرئيس لم يقل هذا على الإطلاق، الرئيس علق على أن هنالك جهات يعنى لها أجندة سياسية تريد أن تمارسها من خلال هذا القرار كنوع من الضغط على السودان ولكن الرئيس..
مالك التريكي: جهات سودانية يعني؟
حسن عابدين: جهات أجنبية.
مالك التريكي: بتعاون مع جهات سودانية أم لا؟
حسن عابدين: لم يتحدث عن تعاون مع جهات أجنبية إنما تحدث عن جهات أجنبية وبعض القوى..
مالك التريكي: من يقصد جهات أميركية؟
حسن عابدين: لا أعتقد هنالك يعنى جدوى في مناقشتنا هذا أن ندخل هذا السياق ولكن المهم هو أنه السودان يعنى التزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن، الخطة التي سألت عنها هي خطة للتنسيق، خطوات معينة يقوم بها السودان خلال الفترة القادمة بتركيز خاص على احتواء الانفلات الأمني وتحقيق درجة أفضل في أمن المعسكرات وتهيئة الظروف المناسبة للنازحين للعودة إلى قراهم واستئناف حياتهم الطبيعة.
الضغوط الأميركية والدولية
مالك التريكي: وصلنا هنا بما أنك امتنعت سعادة السفير عن ذكر الجانب الأميركي هنالك طبعا أنباء تقول إن الإدارة الأميركية تتعرض لضغوط من بعض الجماعات منها مثلا الجماعات المسيحية الإنجيلية لإرسال قوات أميركية إلى السودان وفي شمال أميركا طبعا هنالك نشاط يهم السودان يقال إن له اعتبارات عديدة منها الاعتبارات الانتخابية في هذا السياق، معنا من كندا السيد السيرسيد أحمد وهو صحفي معروف تفضل السيد سيرسيد أحمد تفضل.
السيرسيد أحمد: مرحبا.
مالك التريكي: مرحبا بك.
السيرسيد أحمد: الحديث فعلا عن التأثيرات الانتحابية واللوبي.. عفوا.
مالك التريكي: تفضل.
السيرسيد أحمد: عن اللوبي من الجماعات المسيحية والأميركان من أصل أفريقي فعلا لكن هذا الكلام يحتاج إلى قليل من التمحيص و.. أو أبدأ بالأفارقة الأميركان من أصل أفريقي وعلاقتهم ليست بذلك الود مع الإدارة الأميركية الحالية بدليل إنه الرئيس جورج بوش هو الرئيس الوحيد الذي لم يخاطب مؤتمر الرابطة الوطنية للأفارقة الملونين في الولايات المتحدة وهذه أقدم وأكبر مجموعة من مجموعات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ولأنه فيه خلافات على أساس إنه كما ذكر رئيس الرابطة جوليان بوند وصف تركيبة الإدارة الأميركية الحالية بأنها مكونة من الطالبان عناصر الطالبان في الساحة السياسية الأميركية والأميركان الأفارقة عموما يفضلون الحزب الديمقراطي والأصوات التي حصل عليها بوش في الانتخابات الأخيرة لا تتجاوز 8% هذه من ناحية فلا أعتقد إنه يهمه كثير جورج بوش يكسب الأصوات الأفارقة الأميركان من أصل أفريقي..
مالك التريكي: ولكن الكونغرس أستاذ الكونغرس يهمه والدليل أن الكونغرس صوت بالإجماع على اعتبار ما يجرى في دارفور على أنه يرقى إلى درجة جريمة الإبادة.
السيرسيد أحمد: لكن الإدارة الأميركية لا تتخذ.. لا تتبنى هذا الوضع.
مالك التريكي: يقال أن لها مصالح طبعاً لأن لها مصالح في استتباب الأمن في السودان.
سير أحمد: هذا ما أريد أن أقوله إنه الإدارة لا تستجيب لكل ما ينادي به الكونغرس أو مجموعات الضغط مثلما حصل قبل كده في منطقة الجنوب..
مالك التريكي: تفضل.
السيرسيد أحمد: فيما يتعلق بقاعدة المسيحيين هم يشكلون قاعدة مهمة جدا بالنسبة للرئيس الأميركي وحققوا نسبة تقريبا 40% من الأصوات التي حصل عليها جورج بوش في الانتخابات الماضية لكن بوش يمثل رأس هذا التيار وليس رئيسا يستجيب للضغوط كما حصل مع ريغان ولم تكن علاقاته متوترة مثلما كان مع بوش الأب فهو رئيس هذا التيار وهو يستخدم خطوات كما يراها (كلام غير مفهوم) والتي لم تكن تريد هذه المجموعات فعلا السير بما يتم حتى الآن.
مالك التريكي: شكرا أستاذ السيرسيد أحمد من كندا الذي ألقى الضوء على الجانب الأميركي في مشكلة دارفور وأتوجه الآن بالسؤال إلى السيد محمد الحبيب الدوكالي الخبير في شؤون الأفريقية في الدوحة بإيجاز لو تكرمت أستاذ دوكالي ذكرت أنت في البداية أن هنالك أجندة لأطراف خارجية في تعميق الأزمة في السودان هل تتهم أميركا بالضبط؟
” ما يحاك ضد السودان محاولة لتقسيمه، ودارفور يراد لها أن تنتزع من السودان مثلما كان هناك محاولات لبتر الجنوب عن الشمال ” محمد الحبيب الدوكالي |
محمد الحبيب الدوكالي: طيب أنا أرجو أن تتيح لي فرصة يعني ثلاثين ثانية ليس أكثر لأعلق على موضوع تعويق الإغاثة من طرف المنظمات غير الحكومية واستنتجنا..
مالك التريكي: طب بسرعة لأن الوقت أدركنا من فضلك.
محمد الحبيب الدوكالي: نعم أمورا غاية في الأهمية، أنا حضرت اجتماع في مقر وزارة الشؤون الإنسانية في الخرطوم بتاريخ 25 يوليو الماضي وحضرها ممثل الأمم المتحدة و(OSHA) مكتب التنسيق التابع للأمم المتحدة وعدد من ممثلي المنظمات غير الحكومية الغربية وكانت هناك أسئلة صريحة من المسؤول السوداني لهذه المنظمات ولمسؤول (OSHA) عما إذا كانت هناك أية تعقيدات أو صعوبات أو عراقيل سواء في التسجيل أو في القيام بالعمل الميداني، كان هناك إجماع من طرف الجميع على أن عندهم كامل الحرية ويتحركون كما يريدون وعندهم كل التراخيص، الغريب في الأمر هو وجدنا أن هناك بالمقابل رفض قاطع وغير مبرر لأي جهد يمكن أن يُبذَّل من طرف المنظمات غير الحكومية والمنظمات التابعة الأمم المتحدة في السودان لإعادة توطين الأهالي في المناطق المؤمنة ووجدنا رفضا غريبا وحاولنا أن نناقش هذا الموضوع ولم نجد أي تفسير وهذا يطرح المزيد من علامات الاستفهام، بالنسبة لموضوع الأجندة الاستراتيجية الكبيرة بالنسبة للسودان ليس مهما الأسماء المهم هو إنه من وجهة نظري السودان هو موقعه بالنسبة لبعض البلدان العربية وبالنسبة للممر المائي في البحر الأحمر وكمصدر للمياه اللي هي سلعة استراتيجية أساسية خلال الثلاثين أو الخمسين سنة الماضية لا يمكن هناك جهات لا تريد أن يكون هناك سودان موحد قوي وغني ويقوم بدور التواصل الثقافي والحضاري بين المجموعة العربية وبين المجموعة الإفريقية وهذه حكاية طويلة لا يسع الوقت للتفصيل فيها لكن أقول إن ما يجري في السودان في محاولة لتفتيته ودارفور وما يجري حاليا ليس إلا مجرد مقدمة لمرحلة ثانية ستفضي إلى محاول بتر دارفور مثلما كانت هناك محاولة لبتر الجنوب كانت هناك محاولة لبتر الجنوب..
مالك التريكي: شكرا أستاذ محمد الحبيب الدوكالي من الدوحة شكرا جزيلا أتوجه بالسؤال بسرعة لأننا لم يبق لدينا إلا دقيقتان الكلمة للسيد أحمد لم يبق لنا وقت كلمة لك ثم كلمة للسيد سعادة السفير.
أحمد حسين آدم: أنا أن أود أن أقول حقيقة أتحدث..
مالك التريكي: سؤالي قبل ذلك.
أحمد حسين آدم: لأنه الحقيقة ما أخذت الزمن الكافي الحقيقة نعم..
مالك التريكي: لا أدركنا وقت البرنامج حتى لا يضيع الوقت الآن الوضع في دارفور هنالك عامل نفطي مرتبط به أنتم متهمون بأنكم تضرون بالعلاقات العربية الإفريقية بتصوير المشكلة رغم ما ذكرتم من الامتزاج والانصهار المسألة مقدمة إعلاميا في الغرب على إنها صراع بين عرب وأفارقة ونسي الجميع أنهم مسلمون كلهم أنتم متهمون بأنكم تضرون بالعلاقات العربية الإفريقية؟
أحمد حسين آدم: أنا سآتي إلى هذه النقطة..
مالك التريكي: ليس لدينا وقت ليس هنالك وقت وإلا أضطر أعطي الكلمة لسعادة السفير.
أحمد حسين آدم: أود فقط أن أقول أن هذه مشكلة سياسية ومشكلة استراتيجية وينبغي أن تفهم ذلك الفهم، أنا أقول التدخل الأجنبي الذي يحصل الآن هو ليس بإرادتنا ولكن بإرادة الحكومة هي التي هيئت له هي التي ضربت مواطنيها هي التي أجاعت مواطنيها هي المسؤولة عن هذه المسألة تماما نحن نريد حماية أهلنا ونريد توصيل الإغاثة بالنسبة لهم، أما بالنسبة للأخوة العرب فنحن نناشدهم الآن وهم سيجتمعون الآن في القاهرة نناشدهم أن يقدموا النصح لهذه الحكومة أن تلتزم بكل القوانين الدولية وبكل الأعراف الدولية لحماية مواطنيها ولإنصاف مواطنيها..
مالك التريكي: شكرا ماذا تتوقعون من الاجتماع يوم الأحد سعادة السفير لم يبق هنالك وقت خاصة أن الجزائر صوتت مع القرار؟
حسن عابدين: نحن نتوقع يعني مزيد من التأييد والتعاطف والتفهم لموقف حكومة السودان ولجديته ليس فقط في معالجة الأزمة الإنسانية ولكن في التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع وهذه الفرصة أنا أنتهزها وأقول بأنه ما وفقنا وهو توفيق رباني فيه من حل مشكلة الجنوب واتفاق السلام سوف يلقي لبركاته وبنتائجه الإيجابية على أمر دارفور.
مالك التريكي: شكرا جزيلا سيداتي سادتي لم يبق لنا إلا أن نشكر السيد أو الدكتور حسن عابدين السفير السوداني لدى بريطانيا والسيد أحمد حسين آدم الناطق باسم حركة العدل والمساواة وكان معي هنا في الاستديو ومن استديو الجزيرة في الدوحة أشكر السيد محمد الحبيب الدوكالي الباحث في الشؤون الأفريقية، تحية لكم من مالك التريكي في لندن ودمتم في أمان الله.