أكثر من رأي

الرقابة الفكرية في الدول العربية

تناقش الحلقة الرقابة على المؤلفات وزيادة مصادرة الكتب في العديد من الدول العربية، وهل هي لأسباب داخلية حقيقية أم نتيجة لضغوط خارجية؟

مقدم الحلقة:

مالك التريكي

ضيوف الحلقة:

نصر فريد واصل/ المفتي السابق للديار المصرية
جمال البنا/ مفكر إسلامي مصري
يوسف صديق/ كاتب ومفكر تونسي
عبد الوهاب الأفندي/ كاتب سوداني

تاريخ الحلقة:

03/09/2004

– أسباب تفاقم ظاهرة مصادرة الكتب في مصر
– إشكالية بين حرية الفكر وحماية الدين

– العلاقة بين السلطة السياسية والفقهاء

– رقابة الأزهر وتعامله مع كتب الفكر الديني

– الاختصاص واستخدامه ذريعة للوصاية على الفكر

– خلاف حول فقه الأقليات المسلمة في الخارج


undefinedمالك التريكي: السلام عليكم، من مظاهر استفحال الرقابة في البلاد العربية أنه لا يكاد يخلو أي معرض للكتاب من مفارقة الإعلان عن منع عشرات من الكتب من العرض ومن التداول بحيث أن الكتب التي تصادر سنويا في العالم العربي تعدو بالمئات وقد تفاقمت هذه الظاهرة في مصر على وجه الخصوص نظرا إلى أن الرقابة لم تعد حكرا على أجهزة الدولة بل إن الأزهر أصبح أيضا يضاهي أجهزة الدولة في هذا المجال، إلا أن الجديد هو أن الأزهر لم يعد يمنع الروايات والدواوين التي يعتبر أن فيها إساءة للإسلام فحسب بل إنه أصبح يصادر حتى كتب الفكر والاجتهاد الديني مثل ما حدث أخيرا بكتاب المفكر الإسلامي الأستاذ جمال البنا الموسوم بمسؤولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث وإذا كان المجال مفتوحا في مصر للسجال والجدل حول هذه الظاهرة فإن الرقابة تتم في معظم البلاد العربية الأخرى في إطار من التكميم والتعتيم، فما هي أسباب تفاقم ظاهرة مصادرة الكتب في دار الكنانة؟ وهل من المعقول أن تستمر السلطات في البلاد العربية في مواجهة ثورة المعلومات والاتصالات عبر ملاحقة الأفكار ومنع المطبوعات؟ وهل أصبحت محاربة الأنظمة العربية لما يسمى بالإرهاب ذريعة بمزيد من القيود على حرية الإبداع؟ وكيف السبيل إلى الموازنة بين الحق الإنساني في حرية الفكر والتعبير وبين الحق الثقافي في حماية القيم والمعتقدات؟ هذه بعض من المسائل التي سيعقد حولها الحوار مع ضيوفنا الكرام من القاهرة فضيلة الشيخ نصر فريد واصل المفتي السابق للديار المصرية ومن القاهرة أيضا المفكر الإسلامي الأستاذ جمال البنا ومن باريس الكاتب والمفكر التونسي الدكتور يوسف صديق ومعنا هنا في لندن الكاتب السوداني الدكتور عبد الوهاب الأفندي واستهل الحوار بسؤال أوجهه إلى فضيلة الشيخ نصر فريد واصل المفتي السابق للديار المصرية في القاهرة، فضيلة الشيخ أصبح الأزهر طرفا في عملية الرقابة في مصر في السنوات الأخيرة خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة بحيث أن عدد الكتب التي تُنسَّب له المسؤولية في مصدرتها يكاد يضاهي عدد الكتب التي تقوم أجهزة الدولة بمصادرتها ما هو تفسير هذه الظاهرة؟

أسباب تفاقم ظاهرة مصادرة الكتب في مصر

نصر فريد واصل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى أهله وأصحابه ومن والاه، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ}، { رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وأَنتَ خَيْرُ الفَاتِحِينَ}. أولا اقدم الشكر والتقدير لقناة الجزيرة والقائمين عليها لما تقوم به من نشر الفكر الإسلامي الصحيح وفيما يتعلق باختلاف وجهات النظر بين الرأي والرأي الآخر وأحب أن أوضح هنا أن الأزهر الشريف فيما يتعلق ببحث الكتب التي ترد إليه من جهات مختلفة لبيان مدى ما تحمله من أفكار تتعارض مع الثوابت الشرعية والعقائد الدينية الصحيحة وبما يحفظ وحدة الأمة الإسلامية في كل مكان من العالم هذا المبدأ هو الذي يسير عليه الأزهر الشريف فيما يتعلق بعرض التقارير العلمية التي تصل إليه وأحب أن أنوه أولا أن ما يأتي لمجمع البحوث الإسلامية من تقارير علمية حول الكتب المعروضة على مجمع البحوث الإسلامية بناء على أن من وظيفته هو الحفاظ على التراث الإسلامي وعلى كل ما يدخل فيه من أفكار تؤثر على العقيدة الإسلامية الصحيحة وعلى وحدة الأمة الإسلامية ومنع الفتنة بين الجماعة على المستوى الفردي والمستوى المحلي الداخلي والخارجي ولذلك الأصل في عرض التقارير بالنسبة للكتب التي ترد إلى الجهات المتخصصة في الأزهر وهو مجمع البحوث الإسلامية لا يرد إلى مجمع البحوث الإسلامية من الجهات المتخصصة إلا التقارير التي تمنع أو تقترح الحجر للأسباب السابقة وكل تقرير يصدر عن كتاب ولا يصل إلى مجمع البحوث الإسلامية معنى ذلك هو الإجازة ومئات الكتب والأبحاث والمنشورات تخرج بناء على هذه التقارير أولا بالإجازة ولا تأتي إلى مجمع البحوث الإسلامية ولكن التقارير التي تأتي بالمنع أو بالحجر للأسباب السابقة تُعرَّض مرة أخرى على الأعضاء في مجمع البحوث ومناقشتها ثم تعرض على أحد الأعضاء المتخصصين للنظر في التقرير الذي كُتِب، ثم بعد ذلك كتابة تقرير آخر إما بالموافقة على التقرير السابق وإما بالمخالفة والإجازة والتقارير التي تأتي هي تقارير علمية موضوعية وفي غالب الأحيان التقارير التي تجيز وتعترض على ما سبق بناء على وجهات النظر هي الغالبية بل هي الأكثرية في هذا المجال وسوف يعني أعطي بعض النماذج على ما صدر من بعض هذه التقارير على جلسات مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف في سنة 2002 وسنة 2003 وسنة 2004 في الغالب تقريبا حوالي 27 تقرير أغلب هذه التقارير إجازة النشر ولم توافق الباحث السابق ومن هنا فإننا نجد أن التقرير هو تقرير علمي يتعلق بكل ما في الكتاب من فوائد علمية سواء كانت دينية أو اجتماعية أو ثقفية فإذا كان فيها من الفائدة حتى ولو كانت هناك اختلاف الآراء والتوجهات مادامت لا تمس العقيدة الإسلامية الصحيحة ولا تمس ما يتصل بوحدة الأمة أو برسول الإسلام أو بوجود فتنة بين المجتمع فلهذا تكون الإجازة حتى وإن وجد اختلاف للرأي..

مالك التريكي [مقاطعاً]: شكرا جزيلا فضيلة الشيخ.

نصر فريد واصل [متابعاً]: ولذلك فليس هناك تعصب وإنما هناك دراسة موضوعية حرصا على وحدة الأمة الإسلامية التي للأسف أن سبب تفرق الأمة وتشتتها هو ما وصلت إليه الآن من حال نراه الآن أمام أعيننا بالنسبة للهجوم على الإسلام والمسلمين.

مالك التريكي: شكرا جزيلا فضيلة الشيخ سيدتي سادتي أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة للرقابة على الكتب في البلاد العربية، سوف نعود بعض الفاصل.

[فاصل إعلاني]

إشكالية بين حرية الفكر وحماية الدين

مالك التريكي: أهلا بكم من جديد إلى برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم المخصصة لظاهرة الرقابة على الكتب في البلاد العربية وأتوجه بالسؤال الآن إلى الأستاذ جمال البنا المفكر الإسلامي الذي كان كتابه المعنون مسؤولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث أحدث الممنوعات إن صح التعبير أخر كتاب يُمنَّع من مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، أستاذ جمال البنا هل وصلك تفسير رسمي من مجمع البحوث الإسلامية لسبب منع الكتاب؟


الإسلام قدّر حرية الفكر التي هي أصل التقدم واعترف بحرية الفكر، وتوجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد ذلك

جمال البنا

جمال البنا: بسم الله الرحمن الرحيم، أيوه يا أخي وصلني فاكس يحمل اسم مجمع البحوث الإسلامية ويذكر أن نسخة من هذا الكتاب جاءت عن طريقة شرطة دسوق وأن هذا الكتاب حُوِل إلى أحد الشيوخ وأن فضيلة الشيخ راجعه وأوصى بعدم طبعه وتوزيعه حرصا على العقيدة الإسلامية الصحيحة، علما بأن هذا الكتاب قد صدر من عشر سنوات سابقة ويعني ومُثبت هذا في تاريخ الكتاب وفي المقدمة، ففيما يتعلق بهل وصلني إخطار بهذا وصل فيما بعد، علمت أن أعضاء المجمع أنفسهم لم ينظروا في هذا ولكن الاتحاد العام لشؤون مجلس المجمع هو الذي حوله وكان يجب أن يُحتفَّظ بهذا الفاكس الذي أُرسِل إلى داخل المجمع حتى يعرض على شيوخه ولكنه سُرِب إلى الصحافة فنشرت جريدة الحياة اللندنية في 17 من الشهر الماضي ثم أرسل إليّ عن طريق الفاكس الخاص بي نسخة منه ومن هنا عرف الرأي العام بالموضوع وعندما عرضت الجرائد هذا الموضوع أبدى معظم الشيوخ الذين سُئلوا عن موافقتهم في حق المجلس في الاعتراض وأن الكتاب قد يكون فيه ما يثير الاعتراض فعلا..

مالك التريكي: مما قمت به أستاذ جمال البنا..

جمال البنا: القضية يا سيدي.

مالك التريكي: آسف على المقاطعة مما قمت به في إطار الرد أنت وجهت رسالة إلى المجمع وأرفقتها بنسخ من ثمانية كتب لك وتحديت المجمع أن يقومها تقويما علميا، سؤالي هل أنك ترفض أهلية المجمع القانونية لمراقبة الكتب أم أنك ترفض أيضا الأهلية العلمية للمجلس في تقويم كتبك؟

جمال البنا: يا سيدي أنا أرفض المبدأ أصلا، الإسلام قدر حرية الفكر والنتيجة التي انتهيت إليها من خمسين سنة من الدراسة انتهت إلى أن حرية الفكر هي أصل التقدم وأن الإسلام اعترف بحرية الفكر على مصراعيه وتوجيهات القرآن الكريم للرسول وحديثه عن الإيمان والكفر يوضحان هذا جيدا، فالقرآن لم يعط الرسول وهو حامل الدعوة أي سلطة على الناس فليس هو جبارا ولا مسيطرا ولا حسيبا ولا حفيظا ولا حتى وكيلا عن الناس وإنما عليه أن يبلغ {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، {فَمَنِ اهْتَدَى فَإنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} وهذه اللمسة الأخيرة تبين لنا أن القرآن الكريم لم يقرر فحسب حرية الفكر بل اعتبرها أمرا شخصيا لا دخل فيه للنظام العام {فَمَنِ اهْتَدَى فَإنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} والأمر ليس فحسب هذه الآيات ولكنها في صميم طبيعة الإسلام، الإسلام معجزته كتاب والإيمان بهذا الكتاب يتطلب فكرا والفكر يتطلب حرية ومن هنا فإن حرية الفكر قد تكون أكبر مما تصوره الأستاذ العقاد رحمه الله عندما قال التفكير فريضة إسلامية، نحن نقول إن التفكير آلية إسلامية بمعنى أن حرية التفكير هي السبيل للإيمان بهذا الكتاب الذي هو معجزة الإسلام ومن لا يفكر في هذا فإنه يدخل في عداد الغافلين الذين قال عنهم القرآن {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} من هنا فإني سيدي معذرة في بعض كتبي قلت إن الحرية تنبع في الحضارة الأوروبية من الإنسان ولكنها في الإسلام تنبع من الحق ولكن هناك حرية لا وصاية للحق نفسه عليها لأنها هي السبيل لمعرفة الحق والتمييز ما بين الحق والباطل الأصل والخرافة هذه الحرية هي حرية الفكر ومن هنا كان طبيعيا أن يفتح الإسلام باب حرية الفكر على مصراعيه لأن هذا جزء من طبيعة الإسلام، بالتالي لا أتصور أن يكون لأي هيئة سواء كان من مجمع شيوخ مجمع ملائكة رئاسة جمهورية علماء إلى أخره سلطة على حرية الفكر هذا مرفوض تماما.

مالك التريكي: شكرا أستاذ جمال.

جمال البنا: ما الحل إذاً؟ الحل هو أن يخضع..

مالك التريكي: شكرا أستاذ جمال سوف نأتي إلى مسألة الحل بعد قليل أو بعد الموجز لأنه بقي لنا ثلاث دقائق قبل الموجز وأسمع رأي الدكتور عبد الوهاب الأفندي هنا معي في لندن، دكتور عبد الوهاب لو أوجزنا ما تفضل به السيد جمال البنا هو وضع الإشكالية إشكالية الحرية التي أقرها الإسلام بحكم أن القرآن الكريم مفتوح لكل قارئ وليس هنالك وساطة بين النص الإلهي وبين القارئ والظروف العامة التي تجعل بعض السلطات سواء سلطات معترف بها أو غير معترف بها ترى أنها هي الأجدر بتفسير النص القرآني أليست هناك ضوابط لابد أن تعتمد في هذا المجال؟

عبد الوهاب الأفندي: صحيح هو القضية طبعا قضية الوصايا من يكون وصي يعني هو الحركة الإسلامية الإحيائية المعاصرة وعلى رأسها الشيخ حسن البنا شقيق الأستاذ جمال عندما قامت كانت ثورتها في الأول على المجتمع وليس على الحكومة يعني الشيخ البنا رحمه الله كان يعني يستغرب يعني يتكلم عن الانحلال والانحراف الفكري وكذا لهذا كانت مشغولية الإحيائية اللي نسميها المعاصرة هي بالرقابة على المجتمع وهذا أدى إلى إشكالية عجيبة إنه الآن هذه الرقابة أصبحت تحاول أن تجعل لنفسها سلطة منع ولكن سلطة المنع ليست عند الإسلاميين سلطة المنع هي عند الحكومة فكأنها الآن أصبحت يعني الإحياء الإسلامي هو وسيلة لإعطاء شرعية لوصاية الحكومة اللي هي اعترفوا أنها غير إسلامية على الفكر وأعتقد أنه هذا يعني خلل يستدعي المراجعة في طريقة الفكر الإسلامي وأنه هل الفائدة بالنسبة للإسلام والمسلمين تعود كما قال الشيخ جمال البنا من الحرية حتى لو حصلت انحرافات، أو تعود كما قال فضيلة الشيخ نصر واصل فريد إنه هل حماية المجتمع من الفتنة أنا أعتقد إنه حماية المجتمع من الفتنة مهمة الأشياء التي تثير الحساسيات وفي كل المجتمعات حتى في المجتمعات الليبرالية هنا مثلا إثارة العنصرية وغيرها ممنوع ولهذا هذه إذا قصة ما هي السلطة وما هي الوصاية إذا كان السلطة أصلا ديكتاتورية فإذاً المنع بيكون فيه إشكال.

مالك التريكي: طب والظاهرة مزدوجة أصبحت في مصر لأن صلاحيات مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر توسعت في السنوات العشرة الأخيرة مثلا القانون القديم الذي يعود إلى الستينيات كان يسمح للأزهر بملاحقة المصاحف أو بالتثبت من أن المصاحف وكتب الحديث التي تطبع تكون صحيحة لأن ممكن يكون فيه أخطاء وهذا مفهوم لأنه مجال اختصاص الأزهر، لكن بعد سنوات وخاصة من عام 1994 أصبح للأزهر الحق في الرقابة على الكتب حتى الأدبية ودواوين الشعر التي يكون فيها مساس بالقضايا الإسلامية هنا خرجنا من مجال الاختصاص.

عبد الوهاب الأفندي: هذا هو الخلط بين السلطة العلمية والسلطة الحكومية أو البوليسية للأزهر، الحق في أنه ينتقد كل شيء وينظر في كل شيء ولكن سلطة المنع هذه.. هذه طبعا شيء بوليسي وليست علمي وإلا حصل خلط يعني لو كان مثلا صحيح أن يجوز لي كمفكر أو كعالم أعترض على ما يكتب أرد عليه أقول أنه هذا ليس من العقيدة لكن إذا خُلِط هذا بسلطة منع وكان هذا المنع فيه سلطة ديكتاتورية وفيه خلط الآن مثلا في الدول العربية أنه يعني يجوز لك تشتم الأنبياء ولكن لا يجوز تشتم الرئيس فأصبح دين جديد هذا.

مالك التريكي: سوف نعود بعد موجز الأنباء، سيداتي وسادتي أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة للرقابة على الكتب في البلاد العربية سوف نعود بعد موجز الأنباء.

[موجز الأنباء]

العلاقة بين السلطة السياسية والفقهاء

مالك التريكي: أهلا بكم من جديد إلى برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم المخصصة للرقابة على الكتب في العالم العربي وأتوجه الآن بالسؤال إلى السيد يوسف صديق الكاتب والمفكر التونسي، أستاذ يوسف صديق سمعت ما تفضل به الشيخ نصر فريد واصل المفتي السابق للديار المصرية من أن من واجب المؤسسات الدينية العلمية والأزهر هو أهمها وأشهرها في العالم الإسلامي أن يراقب الكتب الدينية خاصة أنك تعرف أن تقرير التنمية البشرية العربي للعام الماضي أظهر أن ما لا يقل عن 17% من الكتب التي تُنشَّر في العالم العربي هي كتب دينية أو ذات طبيعة دينية، ألا توافق على هذا الرأي ضرورة أن يكون هنالك مرجعية علمية للتحقق من صحة ما يُكتَّب في الأمور الدينية؟


هناك خلط كبير بين السلطة العلمية والحكومية للأزهر، حيث إنه يجوز للأزهر النظر في كل شيء وأن ينتقد كل شيء، كما يستطيع منع أي شيء

عبد الوهاب الأفندي

يوسف صديق: والله أولا شكرا على الدعوة في هذا المجال وهذا الموضوع الذي يهمني جدا لأني أهتم بالدارسات الإسلامية منذ أن بدأت أشتغل وأبحث، استمعت بكل تمعن وبكل أهمية لما جاء في كلمة الشيخ المفتي وأنا أجله صادق الإجلال واستمعت أيضا لصاحب الكتاب المدان السيد جمال البنا وفي الفترة الأولى من تدخلي أحاول أن أكون مع الشيخ نصر لأنه الآيات التي أوردها جمال البنا للتركيز على وجهة النظر بتاعه وصحة وصدق وجهة النظر بتاعه مردود عليها علميا، إنه هالآيات كلها يقول الشيخ المفتي أو يقول الفقيه الإسلامي أو المشرع الإسلامي يقول بكل سهولة حتى الطالب الإسلامي في الزيتونة أو في الأزهر يقول أنها نُسِخت أنها كانت آيات مكية وأنها نسخت في المدينة بآيات تجيز الرقابة وتجيز كل ما يفعله الأزهر الآن، المسألة إذاً ليست مسألة تخاطب مع الشيخ المفتي أو رد مع أو ضد من صودر له كتاب المسألة أعمق من هذا، أعتقد أنه يجب أن نطرحها طرح جذري في يوم من الأيام أجه معاوية ابن أبو سفيان اللي هو صحابي وكان يريد أن يُنصِّب ابنه خليفة من بعده رغم آيات الشورى التي هي آيات صريحة في الإسلام فجاء حسب الخبر المعروف جاء بزياد ابن أبيه وهو والى مشهور وكبير وشديد ووضعه بينه وبين ابنه وتكلم الوالي وقال للفقهاء يا شيخ فريد واصل قال للفقهاء بعد هذا إن مات هذا فهذا وإلا وشهر سيفه وقال فهذا من هذه اللحظة ونحن لا نفرق في الإيمان والإسلام بين ما هو طقوسي وبين ما هو حاكم وبين ما هو إيماني وهذا هو المشكل وأرجو ألا أطيل عليكم واعتبارا بأني وضعت المشكل للاثنين المتخاصمين الشيخ المفتي والبنا أرجو أن أعطي الكلمة الآن وأتنازل عن الكلمة حتى يردون على هذه المسألة، ليست مسألة إجرائية اليوم أو غدا أو البارحة أو طاهر الحداد أو طه حسين أو الشيخ عبد الرازق ليست هذه المسألة، المسألة تبدأ من الأول من أول تاريخ الإسلام..

مالك التريكي: شكرا أستاذ صديق أستسمحك في أن أبقى معك بعض الوقت قبل أن نسمع رأي الشيخ والأستاذ جمال البنا.

يوسف صديق: طيب شكرا.

مالك التريكي: أنت وضعت الإشكالية في إطار أوسع واعتبرت أن التداخل هذا والتمازج وعدم التفريق بين السلطة الدينية أو لنسميها السلطة العلمية والسلطة السياسية هو لب المشكلة طبعا تاريخيا بالنسبة لنا في تاريخنا الأمر ليس بالضبط مثل ما حدث في أوروبا في الغرب عندما كانت حركة التنوير هدفها التأسيس لمشروعية نقد الدين ونقد السلطة في نفس الوقت مع العلم أن السلطة الكنسية هي التي كانت مسيطرة على السلطة السياسية، نحن الآن إذا انطلقنا من هذه البرهة التاريخية التي ذكرتها برهة معاوية وبداية ما يسمى بالملك العضوض عدم العمل بمبدأ الشورى في الحكم لا نعاني مشكلة من سيطرة الكنيسة على الدولة بل ما نعانيه هو العكس نحن ما نعرفه الآن أن المؤسسات الدينية هي تحت سيطرة الدولة وأكثر العلماء والفقهاء هم موظفون عند الدولة فالآن المشكلة وأظن أن السيد البنا سيوضح إن كان يراها من هذا السياق أن المؤسسات العلمية تُستعمَّل من أجهزة الدولة لفرض رقابة على أفكار وكتب لا ترضي الدولة بكل بساطة وهنا أريد أن أتوجه الآن بالسؤال إلى السيد جمال البنا وسأسمع رأي الشيخ نصر فريد واصل بعد ذلك، أستاذ جمال البنا في القاهرة سمعت ما تفضل به السيد يوسف صديق من باريس المشكلة أوسع ليس هنالك تفريق بكل بساطة عندنا بين السلطة العلمية الدينية وبين السلطة السياسية وتداخل الأمرين بحكم عدم وجود حرية سياسية في بلدنا هو الذي يؤدي إلى عدم احترام حرية الفكر.

جمال البنا: شكرا، هو طبعا الأصل في حقيقة الحال أن السلطة السياسية هي التي أتت بكل القيود وعندما حاول الفقهاء في الصدر الأول للإسلام مقاومة معاوية والملك العضوض فإن الدولة انتصرت عليهم في قومات عديدة والأئمة الأربعة جميعا تعرضوا لاضطهاد الدولة، من هنا فإن الدولة سيطرت على الفقهاء وأصبح الفقهاء بمثابة قلم قضايا الحكومة يقننون لما تريده الحكومة وإلا استبعدتهم الحكومة بكل بساطة، على أن الأمر الآن كان يفترض أن يكون غير ذلك في عصر الحرية يمكن للفقهاء أن يكون لهم استقلالهم ولكن المشكلة هي أن الفقهاء كونوا مؤسسة وأصبحوا بحكم المؤسسة وبحكم احتكارهم لهم مصلحة خاصة، الفكرة إنه سواء كانت السلطة سياسية أو سلطة الفقهاء فلا يجوز مطلقا لأي سلطة أن تتحكم وأن تصدر أوامر بالمصادرة على الفكر..

مالك التريكي: إذاً كيف يكون التعامل؟

جمال البنا: الفكر لا يُحارَّب إلا بالفكر..

مالك التريكي: أستاذ البنا كيف يكون التعامل إذاً مثلا..

جمال البنا: بالفكر يا سيدي.

مالك التريكي: بنشر كتاب مثلا يفند مثلا الآراء التي تفضلت بها؟

جمال البنا: ينشر يا سيدي ينشر كل كتاب أي كتاب حتى الذي ينكر وجود الله في مصر في الأربعينات صدر كتاب لماذا أنا ملحد لم يحاكم هذا الرجل وإنما تصدى له من قال لماذا هو ملحد وكتب كتابا لماذا أنا مسلم، الرأي لا يحارب إلا بالرأي أما المصادرة فلا معنى لها لأن الكتاب الذي يصادر في القاهرة سيطبع في بيروت وسيكتسب شهرة أكثر والمقولة تظل المهم هنا هو أن تتصدى لهذا الرأي فإذا كان رأيا خاطئا لك أن تفنده، إذا كان رأيا صائبا فعليك أن تسلم به، القضية أكبر من هذا يعني ده جانب منها جانب آخر هو أن كل الفكر الإسلامي حاليا نحن ندعو إلى تغييره الفكر الإسلامي حاليا كله يقوم على الآراء التي وضعها الفقهاء من ألف سنة، كان هؤلاء الفقهاء نابغين ومخلصين وأرادوا خدمة الإسلام بلا شك ولكنهم كانوا أبناء عصرهم ولم يكونوا ملائكة ولا معصومين، بعد ألف سنة لا يمكن أن نعالج قضايا الفكر الإسلامي بما في ذلك الفقه وأصول الفقه والتوحيد وكل هذا كما وضعها أئمة من ألف سنة لماذا؟ هل نحن أقل منهم؟ قال أبو حنيفة نفسه هم رجال ونحن رجال ونحن الآن لدينا من معدات البحث ما لم يحلم به الآباء والأسلاف الذي كان الواحد منهم ينتقل من المدينة إلى القاهرة أو إلى دمشق بحثا عن حديث، فالقضية إننا نحن الآن في حاجة إلى أن نقوم بما قام به الأسلاف في القرون الثلاثة للهجرة عندما وضعوا أسس المعرفة الإسلامية كانت هذه الأسس جميلة وسليمة من فقه ومن تفسير ومن حديث ولكنها الآن أصبحت بالية ولا تصلح مطلقا ولابد أن نكمل نحن ونضع أسسا وأصولا جديدة ومادام لدينا القرآن فلا خوف علينا مطلقا لأن القرآن هو أصل الإسلام.

مالك التريكي: شكرا جزيلا أستاذ جمال البنا وأود أن أستمع إلى رأي فضيلة الشيخ، فضيلة الشيخ سمعت ما تفضل به السيد جمال البنا أسألك سؤالين هنا لو تكرمت السؤال الأول هل توافق على أن من الأجدر بالأزهر وهو المؤسسة العلمية العريقة في العالم الإسلامي أن يرد على الفكر بالفكر مثلا إذا نُشِر كتاب أو مقال في جريدة يعتبر علماؤه أن فيها مساسا بصحيح العقيدة أن ينشر كتابا بالمقابل يصحح فيه ما يعتبره خطأ هذا أول شيء، ثاني شيء إذا لم يسمح للمفكرين مثل الأستاذ جمال البنا الذي يوصف بأنه مفكر إسلامي بالاجتهاد لطرح حلول عملية فقهية للمسلمين الآن مثلما أقترح بالنسبة للأقليات الإسلامية التي تعيش في أوروبا وحل المشكلة الجنسية أو مثلما أقترح بالنسبة للاحتشام بالنسبة للمرأة هل ترتدي الحجاب أم غير ذلك مع المحافظة على القيم الإسلامية أليس في هذا إغلاقا لباب الاجتهاد؟

نصر فريد واصل: لو سمح لي الأخ مالك أولا أرد على قضية أن فقهاء الإسلام الآن في مجمع البحوث الإسلامية يعني يأتمرون بأمر الحكومة وبأنهم بمثابة قلم قضايا الدولة، هذا أرفضه إطلاقا، القضية تتعلق بالبحث العلمي الحر الذي لا رقيب عليه لأن الأمر كما ذكرت في ضوء المبادئ العامة لمصلحة الدولة ولمصلحة الإسلام ولمصلحة المسلمين ولمصلحة عدم وجود فتنة وبخاصة في ظل الأمية الدينية الآن التي يعني نتفق جميعا على أن البلاد الإسلامية والدول الإسلامية وللأسف أن الجانب الديني أو الثقافة الدينية مهملة ولهذا عندما نتكلم عن الحداثة أو عن الثقافة العامة أو على أن كل من يريد أن يكتب يكتب بما يشاء حتى ولو كان ذلك يؤدي إلى فرقة الأمة وإلى ضعفها وإلى أن غير المتخصص يكتب في مجاله وأن كل تخصص في الطب في الهندسة في الزراعة كل يحترم هذا المجال أما عندما ندخل في مجال الإسلام وفي مجال علوم الإسلام فإن ذلك يعني مفتوح الباب لكل إنسان حتى ولو لم يكن له فيه أدنى ثقافة ولذلك أنا أقول أولا في مبدأ مسألة حرية الرأي والاجتهاد وعدم التعصب لمذهب دون مذهب سواء كان مذهب قديم أو حديث هذا هو المبدأ الذي نسير عليه في جامعة الأزهر وفي مجمع البحوث الإسلامية وعندما كنت مفتيا للديار المصرية فإن الرأي عندما كان يُعرَّض يعرض لبيان الرأي الشرعي فيه بغض النظر هل هو يتعارض مع سياسة الدولة أو يتعارض مع سياسة الحاكم لكن العبرة في النهاية هي المصلحة العامة مصلحة الأمة مصلحة الجماعة عدم وجود فتنة ونحن نعلم الآن أن الثقافة في مجال الجامعات أو في مجال الثقافة الحرة تخلط ما بين الجانب التخصصي والجانب غير التخصصي ولهذا فإنني يعني لا أرضى ويعني ولا يعني أسمح للأخ الأستاذ جمال البنا بهذا الأمر وبهذا الاتهام ولو اطلع على البحوث وفيما يتعلق بكل المستحدثات والمستجدات في مجال البحث وفي مجال المؤتمرات الداخلية والخارجية سيجد أن الشريعة الإسلامية وأن فقهاء الإسلام في كل مؤتمراتهم يعني يتواءمون مع الأحداث المستجدة فيما يتعلق بأمور الحياة الدنيا بما لا يتعرض مع ما تنص عليه الثوابت في الإسلام، لأننا نعلم جميعا أن الإسلام هو دين ودنيا ولذلك عندما يتكلم أصحاب الثقافات المختلفة على أن الحرية المطلقة كما يقولون حتى ولو تكلموا في ذات الله أو تكلموا فيما يتعلق بالرسل هذا المبدأ نظرا لأنهم يفرقون بين الدين والدولة وأما في الإسلام فإنه لا يفرق بينهما لأن الإسلام دين ودنيا وأنا يعني لا أتفق إطلاقا على أنه لا دخل للدين في السياسة لأن الإسلام دين ودنيا والسياسة هي سياسة دينية ودنيوية وإذا فهمنا هذا المنطلق طبقا لما ورد عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" ولهذا عندما نفهم هذا الإطار ونناقش موضوعيا فإننا سوف نحقق المصلحة للجميع ونحقق وحدة الآمة أما عندما يأتي كاتب ويقول..

رقابة الأزهر وتعامله مع كتب الفكر الديني

مالك التريكي: فضيلة الشيخ استفسار في هذا الإطار فضيلة الشيخ أنت في البداية ذكرت أهمية مسألة الاختصاص أن الأمر لا يترك لمن هب ودب بحيث أن الجميع يزعمون أنهم يجتهدون، لو بقينا والتزمنا بهذا المبدأ الأزهر كان يتابع وله طبعا هذا مفهوم جدا وبديهي المصاحف التي تطبع في مصر كتب الحديث للتأكد من أنها صحيحة الكتب التي تناقش مواضيع دينية بحتة الكتب التي تناقش مسائل في التاريخ الإسلامي في السيرة النبوية وهذا مفهوم، عندما أصبح الأزهر منذ حوالي عشر سنوات يريد أن يمارس رقابة على كتب أدبية على دواوين شعر خرج من اختصاصه مثلا أعطيك مثالا فقط للتوضيح للمشاهدين مثالا فقط رواية الكتاب السوري حيدر حيدر وليمة لأعشاب البحر عام 2000 عندما مُنِعت في مصر مجمع البحوث الإسلامية رأى أن فيها مسا بالإسلام بينما عندنا درستها لجنة من النقاد نقاد الأدب المختصين رأوا أن فيها إبداعا، أليس من الأجدر بالأزهر أن يلتزم بمجال اختصاصه مثلما تفضلتم؟


الإبداع من وجهة نظر الأدباء مسألة دنيوية بحتة، فإن تعارض الإبداع مع ثوابت العقيدة والدين وأثر على العامة وجب منعه

نصر فريد

نصر فريد واصل: يا سيدي الفاضل أولا الإبداع من وجهة نظر الأدباء من وجهة معينة وهي إبداع دنيوي بحت ثقافي، لكن هذا الإبداع إذا كان يتعارض مع ثوابت العقيدة ومع ثوابت الدين ويؤثر على العامة وعلى غير المتخصصين فيما عرفت أحكام الإسلام بمعنى أن الحياة حرة ولكل إنسان أن يفعل ما يريد ولا فرق بين الدين والدنيا وكل يأخذ ما يشاء هذا هو الضرر بعينه وإذا كان ذلك يصح في داخل دولة يعني ليس دينها هو الإسلام وعقيدتها يعني يجب احترامها ووحدة الأمة يجب احترامها فإن ذلك لا يصح في داخل البلاد الإسلامية ولذلك عندما ينظر مجمع البحوث فيما يعرض عليه من تقارير ليس ذلك من باب يعني الرقابة وإنما من باب طلب هل في ذلك ما فيه ضرر على الثوابت أو ليس فيه، فإن وُجِد فيه ما يؤكد أن فيه ضرر على الثوابت أو على العقيدة أو على الرسالة فإن ذلك يعني نقول أن هذا يعني نوصي بعدم النشر في الجهة أو في البلاد التي تتمسك بهذه الثوابت ولكن إذا كان الأمر يعني مجرد يعني وجهات نظر أو اختلاف في الآراء أو في الثقافة بعيد عن الأمور القطعية التي تتعارض مع الثوابت الإسلامية فإنه يعني لا اعتراض عليها وأنا معي الآن يعني من التقارير الفعلية العملية الآن على مدى ثلاث سنوات يعني الغالبية منها معي من هذه التقارير المكتوبة موضوعيا ما يؤكد ويدل على أن أغلب هذه التقارير تجيز مع وجود فيها اختلاف وفيها مساس بالإسلام ولكن ذلك في الإطار الذي فيه اختلاف يعني فيه اختلاف وجهات النظر فكل أمر ليس فيه القطع على أن ذلك محظور في الإسلام ويؤدي إلى فتنة أو إلى فرقة الجماعة فهذا مسموح به أما عندما يصل الأمر إلى ذلك فنحن نقول الرأي الشرعي..

مالك التريكي: طيب فضيلة الشيخ..

نصر فريد واصل: وهو بعيد كل البعد أولا عن التوجيه الذي يُدعى على أن الدولة إنما هي التي تواجه، الدولة في هذا النطاق..

مالك التريكي: فضيلة الشيخ تجاوزنا هذه النقطة فضيلة الشيخ..

نصر فريد واصل: لأن ما يأتي يأتي من أي مكان.

مالك التريكي: فضيلة الشيخ تجاوزنا هذه النقطة، أستسمحك لو تبين لي بالنسبة بما أنك ذكرت أن إذا كانت المسألة مسألة خلاف في الرأي فمجمع البحوث عادة لا يقرر المنع بل يجيز المصادرة، مثلا من الكتب التي مُنِعت أخيرا كتاب للشيخ خليل رزق بعنوان الإمام المهدي واليوم الموعود وفي تفسير قرار المنع لمجمع البحوث يقول إن مادة الكتاب تبين بوضوح مذهب الشيعة في شأن الإمام المهدي وهو موضوع اختلفت حوله آراء العلماء ولما يظفر باتفاقهم عليه، أليس من المنطقي بما أن هو موضوع خلاف أليس ذلك أدعى إلى أن تؤلف فيه مزيد من الكتب بما أنه موضوع مختلف عليه؟

نصر فريد واصل: ليس الأمر في هذه النقطة بالذات لكن القضية هناك في زوايا الكتاب أو في الجوانب لو قرأنا التقارير -ليس أمامي الآن- لوجدنا أن هناك من خلال هذا الجانب جوانب أخرى هي التي تؤثر على ذلك لأن نحن نعلم أنه في مجال الثقافة الإسلامية أو في مذاهب أهل السُنة الجامعة أن مبدأ يعني المهدي أو المهدي المنتظر هذه قضية متفق عليها لكن الخلاف في تعيين أو في هذا الشخص أو في من هو المهدي المنتظر، فإذاً القضية في هذا الإطار لا تتعلق بهذا الجانب إنما هناك جوانب بلا شك في داخل يعني المؤلف والتقرير نظرا أنه ليس أمامي الآن هي التي كانت سببا في التوقف عن الحجب عن النشر في البلد أو في مصر لكن هذا في داخل إذا كان هو منشور في الدولة التي تجيز ذلك فلذلك نقول أن ذلك يعني نرى عدم تداوله في مصر على سبيل المثال لأن مصر لا يُطبَّق فيها مثلا المذهب الشيعي وإذا كان في بعض الكتب تفرض على أن المذهب الشيعي في بعض القضايا هو المذهب الذي يجب اعتناقه وإنما عداؤهم هنا للمذاهب أو للأمور الفقهية وعلى سبيل المثال كثير من القضايا زي قضية العول في الميراث وقضايا كثيرة أخرى ومن خلال الكلام فيها نجد الطعن في الصحابة والطعن في عمر ابن الخطاب والوصول إلى أنه دلس على الصحابة وأنه يعني أمرهم بأن يطبقوا هذه القاعدة ثم خالفوه بعد ذلك، يعني كلام كثير جدا يتعارض مع مبادئ الإسلام ومع مكانة الصحابة رضوان الله عليهم على سبيل المثال فقط فلهذا عندما نجد يعني عدة نقاط تؤثر على هذه الثوابت فنحن نقول الأفضل أن ذلك لا يتم نشره في هذه البلاد والتي لا تعرف أو التي لا تطبق هذا المذهب.

مالك التريكي: شكرا فضيلة الشيخ وأتوجه الآن بالسؤال إلى السيد يوسف صديق في باريس، أستاذ يوسف صديق مما ذكره فضيلة الشيخ أهمية مسألة الاختصاص بحيث لا يكون باب الاجتهاد ذريعة لكل شخص يريد أن يدلي بدلوه في آراء حساسة ربما تؤدي إلى فتنة وهذه تطرح مسألة الخاصة والعامة التي لها مكانة في الثقافة الدينية العربية هل ترى أن مسألة الاختصاص ضرورية قبل الدخول في الاجتهاد؟ مثلا أنت تقول ولك كتاب سيصدر قريبا في باريس تقول إن القرآن لم يُقرأ إلى حد الآن وأنت لمست في نفسك الكفاءة في أن تقرأه على الطريقة التي تراها صحيحة فهل أن الباب مفتوح لكل.. وأنت اختصاصك مثلا في الأنثروبولوجيا والفلسفة وليس في علوم الحديث أو في علوم القرآن؟

يوسف صديق: شكرا أستاذ مالك تطرح مشكل واسع وكبير أنا نحب نتبع أريد أن أتابع ما قاله الشيخ المفتي الذي استمعت إليه وأعيه بكل اهتمام، مسألة الاختصاص وطرح السؤال كما تطرحه أنت أستاذ مالك وكما طرحه في إشكالية معينة خاصة به الشيخ المفتي، إذا كان الاختصاص الطبي أو الفيزيائي يعتمد على نظريات ناجحة نظرية غاليليو نظرية نيوتن نظرية (كلمة غير مفهومة) نظرية أبقراط وعندما لا تنجح فنبدلها بأخرى أكثر نجاحا ونجاعة ونعترف أن الفيزياء ترينا الكواكب الثانية إلى أخره وهذا مفهوم العلم الصحيح أما بالنسبة للعلوم الإنسانية والدين بصفة خاصة الذي هو شيء ذاتي أكثر منه شيء موضوعي فهذا هو عفوا هذا هو الخوار بعينه أن نتحدث عن الاختصاص في هذا الميدان فهناك شيئين؛ هناك الطقوس فأمي التي لا تعرف القراءة ولا تجيد قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ} هي بمرتبة واحدة في الطقوس مع هذا الشيخ أو مع أي شيخ جليل آخر أمام الله عندما تضع إزارها وتصلي فهي في نفس المستوى، أما أنا والإمام مالك مثلا وأقولها بدون دعوة أن أجل الإمام مالك وأعتبره من أجدادي ومن الناس العارفين ومن الناس المقدسين طقوسيا أقدسهم وأجلهم طقوسيا لكن لا يمكنني أن أقول أن الإمام مالك أعلم من عالم الآن يستحيل وهذا ما يفعله الأزهر والزيتونة والقرويين وكل ما أريده هنا إجابة واضحة للشيخ المفتي عندما نقول أنه الإمام مالك أو حتى أبو بكر أو حتى عثمان أعلم منا فهذا شيء لا يجيزه العقل إما أن نقول أنهم أقدس منا وأنهم أقرب منا إلى المجمع..

مالك التريكي: أستاذ صديق أسف على المقاطعة لا أظن أن فضيلة الشيخ ذكر ذلك لكن الأستاذ جمال البنا لم يقل ذلك.

يوسف صديق: لا عفوا أستاذ مالك جعل أن هناك توازيا بين الاختصاص العلمي والاختصاص في المسائل الدينية، أنا أعتقد بكل بساطة وبكل تواضع أنني قرأت القرآن وحفظته وأنا صغيرا وأعرف أقرأ الآيات وأفسر الكلمات المعروفة في القرآن الصعبة وأستطيع أن أقرأ ابن كثير وأقرأ الطبري وأقرأ للقرطبي لا يمكن أن أدعي أنني أحسن من الشيخ الفلاني أو من العالم الفلاني لكنني أتصل بهذه المعرفة التي هي النص القرآني اتصالا مدرسيا علميا تكونت عليه سنة بعد سنة وأقدر أن أقول أن هذه الآية تعني كذا وأن هذه تعني كذا لكن المشكل والذي أضعه ضمن السؤال الذي أطرحه بدقة على الأستاذ المفتي على الشيخ المفتي هو من أين لقارئ القرآن في القرن العاشر أن يقول أن العبد الصالح في سورة الكهف هو الخضر من أين له أن يقول هذا ومن أين له أن يمنعني من أن أقول أنه ليس بالخضر قطعا؟ وهذا أخر سؤالي.

مالك التريكي: شكرا جزيلا أستاذ يوسف صديق، سيداتي سادتي أنتم تشاهدون برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم مخصصة للرقابة على الكتب في البلاد العربية سوف نعود بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

الاختصاص واستخدامه ذريعة للوصاية على الفكر

مالك التريكي: أهلا بكم من جديد إلى برنامج أكثر من رأي وحلقة اليوم المخصصة لظاهرة الرقابة على الكتب في العالم العربي وأتوجه الآن بالسؤال إلى الدكتور عبد الوهاب الأفندي بالنسبة للسيد يوسف صديق مسألة الاختصاص في الأمور الدينية وفي علوم الحديث والقرآن يجب ألا تتخذ ذريعة لممارسة وصاية على الفكر كيف يمكن لنا الآن في هذا العصر تحديد مجال الاختصاص في الأمور العلمية الدينية؟

عبد الوهاب الأفندي: صحيح يعني الاختصاص له أكثر من جانب؛ الجانب الأول وأنا أتفق معه مع شيخنا المفتي في أنه يعني لا يمكن أن يفتي الإنسان بغير علم، لابد أن يكون هناك اختصاص ولكن له الجانب الآخر وهذا اختلف فيه مع الأخوين الأستاذين جمال البنا ويوسف صديق أنه الأمة دائما كانت هي التي تختار من بين المختصين يعني خطأ ما قيل من أنه يعني معاوية ابن أبي سفيان أو كذا أو الدولة هي حددت لنا الآن من الذي الآن يتبع مذهب معاوية ابن أبي سفيان أو مذهب يزيد أو حتى مذهب المأمون، الناس الذي نتبعهم الآن ويتبعهم الأمة الإسلامية هم مفكرين مختصين وأهم من هذا أنه لهم قيمة أخلاقية يعني لا يمكن أن يأتي إنسان يشرب الخمر ويقول لي أنا أفسر لك القرآن أو يرتكب المنكرات يعني، الأمة الإسلامية كانت هي التي تختار يعني العامة هذا أم الدكتور صديق الأمية هذه هي التي تحدد أنها تتبع مذهب الأمام مالك ولا تتبع مذهب يوسف صديق في الأنثروبولوجي هذه نقطة مهمة ويعني يجب ألا نهملها لكن الدكتور يوسف أشار إلى نقطة أيضا مهمة أنه يعني الآن تشعبت العلوم وأصبح أحيانا نحن نعرف المختص الآن بجهله وليس بعلمه يعني مثلا العالم الذي يدرس الكتب الدينية فقط ولا يكون درس غيرها قد يكون جاهل بكثير من الأمور في حين أنه المسلم أي مسلم مُطالب بأن يكون عالم دين بمعني أنه لا يكون مسلم كامل إن لم يكن يعلم بدينه، فهناك ممكن يكون طبيب أو مثلا شخص في العلوم السياسية مثلي أو كذا مثلا يفتي في أمور الحكم والديمقراطية ويفهم فيها ويفهم النصوص الدينية قد يكون يفهم أكثر من الشيخ الذي لم يقرأ شيئا غير كتب الأقدمين فإذاً نحن نحتاج إلى تغيير مفهوم العالم والمختص في هذا العصر لكن النقطة المهمة التي تتعلق بموضوعنا اليوم هي موضوع الرقابة والسلطة، نحن نعرف الآن أنه الإشكالية التي نواجهها الآن هي إشكالية أنه هناك سلطات ليس لها في الدين ولا في غيره يعني سلطات مستبدة تجمع بين الجهل والاستبداد وأنه هذه السلطات مهما قلنا أنه الأزهر أو غيره هو جزء منها يعني مثلا إذا كان.. فنحن الآن نحتاج..

مالك التريكي: لكن فضيلة الشيخ بين مجرد للتوضيح فضيلة الشيخ بين أن القرارات عندما تؤخذ تؤخذ باستقلالية تامة واستنكر أي..

عبد الوهاب الأفندي: أعرف لكن أنا أقول أنه سلطته في المنع..

مالك التريكي: في الإطار العام.

عبد الوهاب الأفندي: في الإطار العام هي البوليس هو الذي يمنع الكتب التي يمنعها الأزهر يعني الأزهر لو مثلا والشعب أيضا يعني مثلا شيخ الأزهر أفتى بالتطبيع مع إسرائيل ما حد في مصر بيسمع له من المسلمين مع إنه سلطة دينية، السلطة السياسية أيضا لها أشياء فنحن في هذا العصر ولأنه الدين الآن أصبح هو دين عبادة الحاكم نحتاج إلى الحرية فهل الأزهر والقوى الإسلامية تريد أن تكون إلى جانب الحرية أم تريد أن يعطوها هذا الركن الصغير تمنع هذا الكتاب وتمنع هذا الكتاب وتترك البلد كلها يعني القضية قضية أولويات، نحن الآن في قضية في أمة تضيع وهذه الأمة مشكلتها ليست أنه جمال البنا كتب كتاب أو حيدر حيدر كتب رواية هذه ليست قضيتنا بالعكس يعني الإسلام كما قال الشيخ الأستاذ البنا يعني ربنا الله تعالى قال: {نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الإسلام ينتشر في أوروبا الإسلام قوي ولا يحبى بمعاوية ولا بغيره من الحكام المعاصرين لم يحققوا شيئا، نحن نريد الآن أن تكون معركتنا هي معركة الحرية.

خلاف حول فقه الأقليات المسلمة في الخارج


البحوث العلمية التي جاءت بطريقة علمية موضوعية بناء على الأدلة أثبتت أن نكاح المتعة حرمه النبي صلى الله عليه وسلم

فريد واصل

مالك التريكي: إذاً المسألة هي مسألة تحديد الأولويات ما هي الأمور التي يجدر بالمؤسسات العلمية مثل الأزهر أن يهتم بها ويصحح مفاهيم العقيدة فيها وأتوجه الآن بالسؤال للأستاذ جمال البنا في القاهرة، أستاذ البنا سمعت طبعا ما تفضل به الضيوف الكرام ومنهم فضيلة الشيخ بالنسبة لمسألة الاجتهاد وأود أن أعود إلى كتابك وطبعا أنت أرسلت ثمانية من كتبك إلى مجمع البحوث الإسلامية كتابك هذا الذي منع أخيرا مسؤولية فشل الدولة الإسلامية يبدو أن السبب في منعه يتعلق بفقه الأقليات يعني الأقليات المسلمة في أوروبا واقترحت حلولا اعتبرها ربما المجمع غير منسجمة مع التعاليم الدينية ما هي هذه الحلول؟

جمال البنا: شكرا، الفصل هذا هو الفصل الرابع من الكتاب الذي يضم عشرة بحوث هذا الفصل الرابع بعنوان بين التقوقع والتميوع وهو عن الأقليات الإسلامية التي عجزت عن أن تتكيف مع المجتمع الأوروبي وبعضها تقوقع فيما يشبه الغيتو كالأتراك في ألمانيا مثلا وبعضها تميع في المجتمع كعمال كبعض عمال الشمال الأفريقي في فرنسا وإنما التجؤوا إلى هذا لعجزهم عن التكيف، مهمة هذا الفصل أن يوضح لهم كيف يمكن لهم أن يتكيفوا وفي الوقت نفسه يحتفظون بأساسيات الإسلام فتحدثنا عن الأطعمة وقلنا أن من حقهم أن يرفضوا تماما أكل لحم الخنزير وشرب الخمر ولا حرج على هذا ده في المجتمع الأوروبي جمعيات للنباتيين يرفضون اللحوم قاطبة وفيه جمعيات لمنع المشكلة.

فيما يتعلق بالزي قلنا على الرجال أن يلبسوا كما يلبس الناس هناك وعلى النساء أن يلتزمن الحشمة بقدر الإمكان دون التزام بالحجاب التقليدي وإذا أرادت المرأة أن تستر شعرها فيمكن أن تستره بقبعة وقلنا أن من حكمة الحجاب ألا يؤذين فلو أن المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي وضعت الحجاب التقليدي فستؤذى فهل نحرص يعني على الحجاب بالعند للآيات التي جعلت من حكمة الحجاب ألا يؤذين.

ثم تطرقنا إلى نقطة أخرى هي العلاقات الاجتماعية التي قد يعني تجعل الشاب يشترك في مراقصة مثلا مع فتاة قلنا أنه يحاول أن يتملص من هذا فإذا لم يجد سبيلا فعليه أن يفعل ويعتبر هذا من اللمم واللمم في كتب التفسير كلها هي ما تكاد تكون ما دون الجماع بما في ذلك القبلة والضم وغيره ويبقى تكفره الحسنات والاستغفار أما النقطة الحساسة وهي العلاقات الجنسية فقلنا إن الحل الوحيد لها هو الزواج محدد المدة التي يطلق عليه في الفقه الإسلامي نكاح المتعة، لأن الشاب المسلم لا يريد أن يدخل في علاقات غير مشروعة أو يرتكب الزنا وفي الوقت نفسه فإنه لا يستطيع وليس من السهل أن يتزوج بامرأة أوروبية فضلا عن أن هذا الزواج محفوف بالمخاطر لأنه يعتبر مدى الحياة وإذا حدث خلاف وحدث طلاق فإن المرأة تستحوذ على نصف ثروته إذاً الحل الوحيد هو ما توصل إليه الإسلام في إحدى الفترات التي أوجدت مثل هذا النوع وجعلت له ضرورة وهو الزواج المحدد فإذا كان الرسول قد نهى عن هذا وهناك بالطبع خلاف في هذا خاصة وأنه ظل حتى خلافة عمر الذي حرمه بكلمته المشهورة متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أنهي عنهما متعة النساء ومتعة الحج إذا كان عمر بن الخطاب قد نهى لأنه علم بنهي الرسول أو لأنه اجتهاد منه ونحن قلنا في الكتاب حتى لو كان اجتهاد فهذا أمر حسن وكان مصيبا ولكن عمر لا يملك التحليل والتحريم، فالقضية إن ظهرت في أيام الرسول ضرورة فأباحها ثم انتهت هذه الضرورة تقريبا بالنسبة للأقليات ظهرت هذه الضرورة ومن هنا فيمكن لهم أن يعودوا لها..

مالك التريكي: شكرا أستاذ جمال البنا.

جمال البنا: هناك أيضا أساس بديل عليه..

نصر فريد واصل: لو سمح لي الأخ مالك مشكورا بس عشان أعلق على ما ذكره..

مالك التريكي: بسرعة فضيلة الشيخ.

نصر فريد واصل: في قضية المتعة لو سمحت ولعل هو ديه أحد الأسباب للمدخل إلى حجب هذا الكتاب لأن قضية المتعة هذه من خلال البحوث العلمية التي جاءت بطريق علمي وموضوعي بناء على الأدلة أثبتت أن نكاح المتعة هذا تم تحريمه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا فإن القضية عندما تتعلق بنكاح المتعة في مذهب معين هذا لا يكون سببا للوصول به إلى كل المذاهب وفرضه عليها لأن لنا بحوث في هذا وغيرنا في ذلك وهناك بحوث متوسعة..

مالك التريكي: فضيلة الشيخ سؤال بسيط فضيلة الشيخ..

نصر فريد واصل: ولذلك هو ذكر بنفسه الأسباب التي دعت إلى حجب هذا الكتاب خاصة في..

مالك التريكي: فضيلة الشيخ إذا تكرمت سؤال بسيط ما هي أهمية العامل المذهبي في هذا الأمر يعني إذا كانت هنالك حلول فقهية تساعد المسلمين على أن يلتزموا بدينهم في مجتمعات صعبة ولا تساعد على ذلك ما هي أهمية أن يكون هذا حلا مأخوذا به في مذهب أو في غير مذهب؟

نصر فريد واصل: هناك قضية عندما نقول هناك مجتمع إسلامي وهناك مجتمع غير إسلامي أو مسلم يعني يعيش في دولة غير إسلامية وهناك عزيمة وهناك رخصة فعندما نتكلم نتكلم عن العزائم والرخص إنما عندما يكون هذا الحكم على أساس أنه عزيمة وينطلق من دولة غير إسلامية إلى دولة إسلامية وبخاصة في ظل الثقافة الأمية في داخل الدول الإسلامية التي من خلالها ينطلق هؤلاء الشباب ونحن نعلم الآن الزواج العرفي وصل إلى ما وصل إليه من الإفساد فإذا وجدوا أمامهم من خلال نشر ومذهب يتيح لهم أن نكاح المتعة مباح ومشروع فلذلك سوف يؤثر ذلك على العلاقات الزوجية والإنسانية في داخل الدول الإسلامية..

مالك التريكي: شكرا جزيلا شكرا فضيلة الشيخ.

نصر فريد واصل: ولهذا السبب نحن نقول يجب التماسك بمبادئ الشريعة الإسلامية.

مالك التريكي: شكرا فضيلة الشيخ أتوجه الآن بالسؤال للسيد يوسف صديق في باريس، أستاذ صديق ما تفضل به الأستاذ جمال البنا وطبعا سمعت رد فضيلة الشيخ عليه في ذلك الاجتهاد لطرح حلول فقهية في الأمور الحياتية المهمة بالنسبة للمجتمعات الإسلامية وبالنسبة للأقليات المسلمة التي تعيش في أوروبا، طبعا أنت لأنك تونسي المنشأ تعرف مثلا أن في تونس طبعا الرئيس الراحل كان اجتهد حتى في مسألة الصوم واجتهد في تفسيره للجهاد الأكبر والجهاد الأصغر مثلا اعتبر أن الجهاد الأصغر هو الجهاد ضد الاحتلال والجهاد الأكبر هو الجهاد ضد الفقر وذلك طبعا قياسا على أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، هل ترى أن الاجتهاد في هذه الأمور له الأولوية على المسائل التفسيرية في القرآن مثلما ذكرت مسألة الخضر أم أنها ثانوية ولابد أن تُترَّك لعلماء الدين؟

يوسف الصديق: أنا أعتقد أنه فقط ما هو طقوسي ما هو يقيم الطقوس يعني الصلاة الخمس الصوم أعتقد أنه يترك لحرية العابد ولا تدخل فيه إلا استتباب الأمن بين الناس أنه لا أحد يزيل أحدا في ذلك وربما التفاسير بين المختصين في المسائل الطقوسية تكون ممكنة ويقال أنه ربما تراويح فرض أو مباح أو سُنة أو إلى أخره مش مشكلة كل ما هو طقوس لكن مضمون الحياة الدنيا يعني وعلاقتها بالحياة الآخرة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" هالإشكالية والجدلية الاثنين التفكير في هذا لابد أن يترك لكل إنسان يقول أنه مؤمن ولا يمكن أن نفند رأيه ويقول أنني أريد مصلحة الناس وأني إنسان أريد مصلحة الناس هنا تعليق بس لما قيل على فم الأخ البنا وأيضا على فم الأخ المفتي إنه يذكرون من ناحية العامة ويذكرون من ناحية أخرى أنه الأمة هي التي تقرر مذهبا ما أو اتجاها ما هذا تناقض إذا كنت تعتقد بأنه العامة جاهلة فمن هو الذي يقرر ومن هي هذه الأمة التي تقرر وأعود هنا إلى ما قلت أن التداخل بين السياسي والديني هو الذي يحكم مجتمعاتنا إلى حد الآن وهو الذي يمنعنا من أن نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام في هذا المجال.

مالك التريكي: مثلا أنت سبق لك محاولة قبل سنوات أنك أردت أن توصل المفاهيم القرآنية ومضمون القرآن الكريم إلى الأطفال أظن عن طريق الرسوم المتحركة وأظن أن هذه التجربة تعرضت لمصادرة أيضا ماذا كان تفسير ذلك؟

يوسف الصديق: يا أخ مالك ويا مستمعين في هذه المسألة كنت مسالما لأنه بعد أن صارت المسألة وتم سبي من طرف شيخ جليل من جماعة الكويت أستطيع أن أذكر اسمه لأنه قدمته للمحاكمة هنا في باريس وأدين ودفعت جريدة القبس حيث نشر دفعت الغرامة..

مالك التريكي: ماذا كان سبب المنع؟

يوسف الصديق: كان سبب المنع أنني صورت الأنبياء والملائكة وأنا لم أصور الملائكة والأنبياء وهذا جزء من القضية أنه شيوخنا سامحهم الله لا يقرؤون، أنا قلت في المقدمة أنني أعتمد على حديث ابن حنبل في سُنن أحمد أنه أجاز لعائشة أنه النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لعائشة أن تلعب بالبنات ولذلك أعتمد هذا بأني أصور صور القرآن قصص القرآن وأن أعطيها للداشية ولم يكن قصدي أي شيء آخر، لكن المشايخ سواء أن في تونس بلدي أو في الأزهر ربما لأني لم أطلع على ما قيل ما قاله الأزهر أو في جماعة الكويت قالوا أنني كافر وأنني تجنيت على الإسلام وأنني صورت الأنبياء وأنا لم أصور ولا نبي ولا أخت نبي ولا أم نبي ولا عمة نبي ولا أي شيء ولا إبراهيم وإنما صورت الأحداث صارت في وقتهم وحاولت أن أدرج بعض الآيات القرآنية في هذا القصص سواء قصة نوح أو قصة سليمان أو قصة يوسف إلى أخره..

مالك التريكي: سؤال أخر أستاذ يوسف صديق.

يوسف صديق: كنت مسالما إلى حد أنني قلت في جريدة تونسية أني ندمت على ذلك لأن الوقت لا يسمح وأنني يمكن جرحت مشاعر المسلمين وأنني أعتذر ولا أريد أن أواصل في هذا..

مالك التريكي: سؤال آخر بالنسبة لكتابك الجديد محاولة قراءة القرآن الذي تقول إنه لم يقرأ أفهم أنه محاولة أنثروبولوجية مما قرأته من مقالاتك الصحافية وسؤالي لما استكمل سؤالي أستاذ صديق لم استكمل السؤال سؤالي الجهود التي تقوم بها وبعض المفكرين العرب الآخرين من أمثالك خاصة الذين يعيشون في الغرب لمحاولة قراءة الموروث الديني قراءة مغايرة وجديدة هل تختلف مثلا عن قراءة ريجيس دوبريه للظاهرة الدينية لا أرى اختلاف مجرد التعامل مع الظاهرة الدينية كظاهرة إنتاج ثقافي آخر مثلها مثل الفن ما هو الجديد في ذلك؟

يوسف صديق: أنا ابن شخص اسمه محمد الحفناوي الصديق توفي منذ 14 سنة مؤمن وجاهد من أجل تونس ومن أجل إعلاء كلمة الوطن والإسلام والعرب والمسلمين وهو الذي علمني القرآن ولا أتجرأ أبدا أن أكون في أي حيز من المجالات مع ريجيٍس دوبريه أو مع غيره أو مع أي إنسان لا ينتسب لأمتي ولثقافتي ولديني، أنا قمت بقراءة ستظهر قريبا قراءة أقول فيها أني لا أؤمن أبدا بما جاء بعض قرنين من السُنة التي يختلف فيها ابن ماجة والبخاري ومسلم وإلى أخره يختلف فيها ولذلك اكتفي بأن أنظر إلى هذا القرآن كما أنه لو نزل عليّ اليوم فقط واعتمد هذا في ثلاثمائة وعشرين صفحة وأعتقد أنني لست من المقيمين في الغرب ولا من المنتسبين لمثقفي الغرب وإنما أنا أذهب إلى تونس تقريبا كل شهر وأنا اعتبر نفسي تونسيا عربيا مسلما لا انتسب أبدا لأي أمة أخرى.

مالك التريكي: شكرا جزيلا أستاذ جمال البنا شكرا جزيلا، سيداتي سادتي بهذا تبلغ حلقة اليوم من برنامج أكثر من رأي تمامها لم يبق لي أن أشكر ضيوفنا الكرام من القاهرة فضيلة الشيخ نصر فريد واصل المفتي السابق للديار المصرية ومن القاهرة أيضا المفكر الإسلامي الأستاذ جمال البنا ومن باريس كان معنا الكاتب والمفكر التونسي الدكتور يوسف صديق ومعنا هنا في لندن الكاتب السوداني الدكتور عبد الوهاب الفندي عبد الوهاب الأفندي أستسمحه وعذرا والآن مالك التريكي يحييكم من لندن دمتم في أمان الله.