د. وليد سيف/ كاتب وشاعر ومؤلف درامي / دروب
دروب

غربة الربيع ج2

في الجزء الثاني تواصل الحلقة وصف الإبداع الذي أزهر في رياض متنوعة بين الشعر والقصة والدراما وأدب الطفل, فما هي البذرة التي أينعت منها كل تلك المواهب؟

– علاقة الإبداع بالإعلام وأزمة الشعر
– غربة المبدع بين الدور ورؤية العالم

[تعليق صوتي]


ها نحن نكمل حديثنا مع الدكتور وليد سيف ليوصلنا إلى المحور ذي الحضور الدائم الإعلام وعلاقة ضيفنا مع الإعلام لا تقتصر على كون إبداعه الدرامي يصل الجمهور من خلال هذا الوسيط بل يتعداه إلى علاقة خاصة بدأت مع الإذاعة وتواصلت مع الصحافة واستمرت مع تأسيس وإدارة أوائل القنوات الفضائية العربية فكيف يصف ضيفنا علاقة الإعلام بالإبداع من واقع هذه المعايشة الفريدة؟

علاقة الإبداع بالإعلام وأزمة الشعر

وليد سيف- كاتب وشاعر ومؤلف درامي: هناك عامل تنافر وهناك عامل تواصل بينهما أما عامل التنافر فهو أن الانشغال بالإدارة الإعلامية أو بالنشاط الإعلامي الخالص يمكن أن يأتي على حساب الطاقة التي يمكن أن يصرفها المبدع في أعماله الإبداعية ولكن من جهة أخرى على مستوى التواصل فيما بينهما يجب أن نتذكر أن الإعلام والإعلام التلفازي بصورة خاصة قد أصبح الآن وسيطا أكثر فاعلية من مجمل الوسائط الأخرى في تشكيل الرأي العام في تشكيل الوجدان في مخاطبة الذائقة العامة في التواصل مع مجمل الجمهور لأن هذا الوسيط لا يستأذن في الدخول إلى البيوت وأنا الحقيقة منذ وقت مبكر عندما كان الكثير من المفكرين والكتاب والصحفيين والمبدعين يرفعون عقيرتهم بالشكوى من أن الوسيط التليفزيوني يأتي ينافس الكتاب المقروء وأنه يأتي على حساب الثقافة المقروءة كنت أقول إن هذا الصراع المصطنع بين الوسيط التليفزيوني وبين العمل الإبداعي والنشاط الإبداعي هذا الصراع لن ينتهي إطلاقا بأي مكسب حقيقي للإبداع ببساطة لآن الوسائط الإعلامية الحديثة لا رجعة فيها وإذاً فنحن أمام خيار واحد في رأيي وهي أن نتوسل هذا الوسيط لتطوير الإبداع لإيصال العمل الإبداعي إلى الجمهور وهذا ممكن ولذلك أستطيع أن أقول الآن الحقيقة بشيء من الثقة إنه بالإمكان أن نتحدث عن أدب سردي درامي تليفزيوني إذا توصل إذا بلغ مستوى معيناً يعني لا يمنع أن يكون الأدب في إطار الوسيط التليفزيوني وليس شرط أن يكون مقروءاً حتى يكون أدباً وهذا التطور الحاصل على مستوى عالمي أدى إلى أيضا نوع من التراسل والتواصل ما بين الأدب المقروء وما بين الدراما على سبيل المثال البصرية بعض الأعمال تبدأ على شكل روايات مقروءة ثم تعالج معالجة درامية تلفازية أو سينمائية ويحدث العكس أحيانا يبدأ العمل في صورة دراما بصرية ثم بعد ذلك يعاد صياغتها في صورة كتاب ضمن الشروط الفنية والأدبية الخاصة بالراوية المكتوبة أو المسرح المكتوب الذي يعني هيأ هذه الفرصة في الواقع هو ارتفاع سوية الكثير من الأعمال الدرامية السينمائية التليفزيونية الذي يدقق النظر في تطورها منذ الأربعينيات على سبيل المثال إلى الوقت الحاضر يجد أن هذه الأعمال قد أصبحت أكثر تعقيدا وأكثر تطلبا من القارئ أو من المتلقي عفواً أو المشاهد في أن يبذل نشاطاً تأويلي لاستبطان الرسالة والمعاني والدلالات وأن يربط بين الوقائع فهي لا تقدم له الوقائع على طريقة قص مليودرامي ساذج وإنما تستثير كفايته الفنية وكفايته المعرفية أيضا فأصبح من الضروري المتلقي أن يرتفع بمستوى.. يعني هي أسهمت في رفع مستوى الكفاية عند المتلقي ونحن نتحدث الآن في الواقع عن مجتمع ما بعد الحداثة ومن سمات مجتمع ما بعد الحداثة أن القسمة التقليدية بين الأشكال الثقافة العليا أو النخبوية وما يسمى بأشكال الثقافة الشعبية هذه القسمة انهارت لماذا؟ لأن جمهور المستهلكين مستهلكي الثقافة الشعبية أشكال الثقافة الشعبية وأشكال الثقافة العليا المستهلكون هؤلاء لم يعودوا مقسومين بين مجموعتين متفاصلتين بل صارت هناك بسبب اتساع قاعدة الثقافة في العالم بصورة عامة أصبح مستهلكي أشكال الثقافتين العليا والشعبية أصبحت هذه القاعدة قاعدة المتلقي قاعدة واحدة وهذا ارتبط أو تشارط أو ارتبط ارتباطا متلازما مع تطور أدوات التعبير في أشكال الثقافة الشعبية لكلمة الشعبية في لغتنا تحيل إلى قيمة تبخيسية في الواقع أصبح دلالتها الآن شعبية بمعنى فقط يعني تستعمل لغايات التمييز وشعبية بمعنى القاعدة الواسعة لمستهلكيها.

"
المشاهد العادي قادر تماما على إدراك حقيقة العمل الجيد وتمييزه عن العمل غير الجيد ببساطة
"
لينة عوض

لينة عوض- محاضرة جامعية: المشاهد العادي قادر تماما على إدراك حقيقة العمل الجيد وتمييزه عن العمل غير الجيد ببساطة أظن هذه الذريعة فقط من أجل أن نقدم للناس بين قوسين أي كلام وهذا غير دقيق على الإطلاق من الأمور التي ربما أسترجعها الآن أو أستعيدها الآن عمل درامي رائع وأعتقد إنه وأعتقد شخصيا إنه العمل الأكثر تميزا عند دكتور وليد سيف وهو صقر قريش عبد الرحمن الداخل هذا العمل ترك بصمة واضحة تماما عند شريحة واسعة من الناس وإذا كان لي أن أصنف هذا العمل فهو عمل نخبوي بطريقة ممتازة نخبوي هنا بما يسمى بالمهنية بالحرفية بالإبداعية ولكنه لا يعني تماما أنه سيواجه إلى شريحة معينة دون الشرائح الأخرى من الناس.

وليد سيف: أنا أعتقد أن الشعر يواجه أزمة حقيقية في العالم كله بينما تتقدم السرديات الفنون السردية من رواية وقصة ومسرحية ودراما تلفازية أو سينمائية والسبب في ذلك في رأيي هو هذا الذي ذكرته عن مجتمع ما بعد الحداثة الذي اندمج فيه مستهلكو أشكال الثقافة العليا بمستهلكي أشكال الثقافة الشعبية فصار العمل الذي يصل إلى الجمهور أو يتواصل معه الجمهور هو ذلك العمل الذي يمكن أن يستهلكه هؤلاء جميعا بمستويات مختلفة من التذوق ومن التأويل ومن استبطان المعاني، الأعمال السردية بطبيعتها حتى الأعمال الروائية الراقية المتقدمة فلنقل روايات نجيب محفوظ يمكن أن يقرأها أعلى الناس ثقافة يمكن أن يدرسها المختصون والنقاد ويستبطنون دلالات جديدة فيها ويستبطنون مستوى معين من الرسالة التي تنطوي عليها يقدمون دراسات متعمقة في بنيتها السردية وفي نفس الوقت هناك قطاعات من متوسطي الثقافة يستطيعوا أن يقرؤوا هذه الروايات وأن يتفاعلوا مع مادتها الحكائية لأن الرواية تنطوي على مادة حكائية جذابة لعامل الجمهور وبنية سردية فنية لا يستطيع أن يستبطنها بدقة إلا المثقف المتخصص وإذاً فهي تسلم نفسها لمستويات مختلفة من التأويل ومستويات مختلفة من التذوق مما يجعلها يعني ما يجعلها يعني يجعل قراءتها منفتحة على قطاعات مختلفة وخلفيات ثقافية ومعرفية مختلفة في المقابل فإن الشعر نخبوي بالضرورة وأعني الشعر المتقدم الناضج الشعر ذا المستوى الفني الفائق لأن الشعر إذا أراد أن يبسط شعره ليخاطب وعي القطاعات البسيطة من الناس فإنه في الواقع يفعل ذلك على حساب النضج الفني على حساب القيمة الفنية وإذا أراد أن يحقق قيمة فنية راقية متقدمة فلا بد أن يكون ذلك على حساب المقروئية العامة بينما هذا لا ينطبق على السرديات لا ينطبق على الرواية التي يكتبها بعض أعظم الروائيين في العالم فهي تحقق القيمة الفنية العليا وبسبب المادة الحكائية التي تنطوي عليها تسلم نفسها لقراءة العامة من الناس أقول عامة بين علامتي تخصيص.

بسام الهلسة- صحفي وناقد: أعتقد تجربة الدكتور وليد الشعرية كانت متميزة كان من ألمع الأصوات الشعرية في نهاية الستينات ومطلع السبعينات منذ ديوانه الأول قصائد في زمن الفتح وبخاصة ديوانه الثاني وشم على ذراع خضراء ثم ديوانه الثالث تغريبة بني فلسطيني أنا أعتقد أنها لم تنقطع هذه التجربة الشعرية إنما تناسلت إذا صحة تعبير في أعماله الدرامية التلفزيونية في معالجة الموضوعات من حيث اللغة ومن حيث البنية الدرامية لأنه في نصه الشعري هو قدم نص شعري درامي وهذا نجده في قصيدة وشم على ذراع خضراء التي استلهم فيها الموروث الشعري والبطولي وتعدد وقضى فيها تعدد وأصوات وكذلك في نصه الثالث الذي ذكرته هو تغريبة بني فلسطين أعتقد أنها استعيدت بشكل آخر البنية الدرامية واللغوية في أعماله معالجة للموضوعات تاريخية تلفزيونية.

[فاصل إعلاني]

غربة المبدع بين الدور ورؤية العالم

وليد سيف: في الوقت الذي كنا يعني نبشر فيها بأحلامنا الكبرى وكنا نعتقد أننا نستطيع أن نغير وجه العالم في وقت معلوم ربما في ذلك الحين كنا أكثر شعورا بالغربة أو على الأقل أتحدث عن تجربتي الذاتية كنت أكثر شعورا بالغربة من الوقت الحاضر وربما بسبب حدّية التفكير بمعنى بسبب بعض الغلو في تقييم الواقع أو في تقييم التيارات المرفوضة لدينا في ذلك الحين الآن ربما مع تقدم الوعي وتطور حكمة الإنسان أصبح يعني أكثر شمولية وأكثر تهيؤ وقبولا للأفكار الأخرى والتيارات الأخرى وإيماناً بأننا نقرب ولا نسدد وأنه لا يجوز لأحد منا أن يدعي أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وأن وعيه صورة مطابقة للحقائق القارة في العالم الخارجي الموضوعي على حين أن وعي الآخرين هو وعي مزيف إلى آخر ذلك الكلام لم نعد في الواقع نؤمن بهذا الكلام إنما نتحدث الآن عن نماذج تأويلية وتفسيرية مختلفة فصورة الواقع تتغير بحسب تغير أو اختلاف هذه النماذج التفسيرية التأويلية وليس لها قيمة حقيقية مطلقة وإنما نقارب وثم من خلال تقاطع هذه التيارات الفكرية أو المناهج الفكرية المختلفة نزداد اقترابا من الحقيقة ونحو ذلك وحتى ما كنا نسميه صراع أو حتى الصراع يمكن أن يأخذ شكل التدافع الحيوي الديناميكي الإيجابي الذي لا يقوم على النفي المتبادل أو الإقصاء المتبادل وإنما التفاعل المتشارط أو التدافع المتشارط ربما لأن وعينا تطور في هذا الاتجاه ثم أكثر تقبلا وأقل شعورا بالغربة عن المجتمع الذي نعيش فيه صحيح قد تصطدم أحيانا قيمنا الأخلاقية ببعض الظواهر الاجتماعية القيمية الثقافية العامة ولكن يجب ينبغي ألا يؤدي بنا هذا إلى الاغتراب عن أو الإحساس بالاغتراب عن المجتمع في يوم من الأيام كنا نتحدث عن الاغتراب بمعنى إيجابي إنك تغترب عن الواقع القائم دون أن تنفصل عنه بالعكس فإن اغترابك عنه هو نتاج فهمك له واستبصارك لبنيته الاجتماعية وبسبب مشروع التغيير الذي تتبناه لهذا الواقع فإذاً لا تغترب عنه إلا بقدر ما تعمل على تغييره أنت تغترب عن الهوامش الميتة فيه أو التي بسبيل هي بسبيل الموت فيه وتنتمي إلى حركة التغيير والصيرورة فيه هذا المعنى الإيجابي للاغتراب لا بأس فيه ولكن مع الأسف الشديد في السنوات المتأخرة اكتسب مفهوم الغربة والاغتراب دلالة سلبية محبطة للغاية إذ كانت تعني عند شطر من الشباب أو هي تعني عند شطر من الشباب كراهية المجتمع والتعامل معه بمعيار الأخلاقي متعالٍ ومن ثمة يفضي هذا بهم إلى التجريم والتأثيم والتكفير والإدانة المطلق ثم الحكم عليه بالتدمير أي اشتراط التدمير من أجل البناء هذا المفهوم السلبي للاغتراب يمكن أن يكون مصدراً هاماً من المصادر الفكرية للتطرف والغلو. يعني فعل الكتابة نحن نكتب لأن لنفس السبب الذي يمارس فيه الطبيب الطب أو المهندس أعمال الهندسة والأكاديمي البحث الأكاديمي إلى آخره هذا ما نحسنه وهذا ما نريده وهذا ما تدفعنا إليه الطبيعة قائمة مستمرة مستأنفة لكن اختيار هذا الموضوع دون ذاك أو اختيار هذا المشروع بعينه هذا المشروع المخصوص بعينه في الواقع يعود إلى مصادر مختلفة لا يمكن أن يرتد إلى مصدر واحد أحياناً في الواقع يكون لاستبطان الإنسان لوعيه ولنفسه أحياناً يكون نتاج القراءة في لحظة معينة أحيانا يأتي بفعل محفزٍ موضوعي خارجي يحيط به ربما يسمع فكرة معينة تكون بسيطة وعادية ولكنها تترجم في وعي الكاتب إلى مشروع ربما كان أكثر تعقيدا وأكثر تطورا يعني ممكن أنك تسمع فكرة بسيطة من إنسان بسيط ولكن هذه تترجم في نفسك إلى معاني يمكن تكون أكثر تعقيدا وهي تحفزك إلى أن تتجه وجهة معينة في اختيار موضوع معين للمعالجة كل هذه المصادر في الواقع تدخل في عين الاعتبار وقد يقترح عليك مصدر ما أن تعالج قضية معينة أو موضوع معين وتجد أن هذه الفكرة جيدة ولها صدى في نفسك وأنك بالفعل تستطيع أن تعالجها وأنها تنطوي على أبعاد تسلم نفسها لمعالجة متعمقة متعددة الأبعاد والجوانب فإذاً لا نستطيع أن نحصر محفزات الإبداع أو اختيار موضوع معين أو مشروع معين في مصدر واحد. أشترط على الناقد الذي يعني الناقد ليس لأعماله وإنما لأي عمل من الأعمال لا أشترط فيه إلا ما أشترط في نفسي وإلى ما أشترط في النقد بإطلاق على الجملة أن يتسم بالنزاهة وهي طبعا مسألة نسبية في نهاية الأمر أن يتسم في النزاهة لا أقول بالموضوعية لأنه من جديدة كلمة الموضوعية تخيفني قليلا لأن الكثير يستعملونها لقمع الصوت الآخر فيقول أحدهم للآخر فلنكن موضوعيين أي كونوا مثلي لأنني أنا مرجع الحقيقة المطلقة فأنت موضوعي بقدر ما يتماها موقفك مع موقفي ورأيك مع رأيي وتبتعد عن الحق بقدر ما تبتعد عني فالحق يدور معي لا أحب هذه الكلمة عندما تستخدم في هذا السياق كما قلت الأفضل أن أتحدث عن نماذج تأويلية وتفسيرية أكثر من حديثنا عن حقائق موضوعية إنما أطالب بالنزاهة بقدر الإمكان ثانياً ألا يتصدى الإنسان للنقد إلا إذا كان متوفر على خلفية نقدية معرفية فنية أدبية كافية تؤهله لممارسة هذا كما أننا نطالب الفقيه ألا يصدر فتوى ألا يتصدر الفتوى إلا إذا فعلا توفر على خلفية علمية في أمور الشرعية والدين تؤهله لذلك وأيضا الناقد نطالبه في مجاله أن يتوفر على مثل هذه الخلفية.

بسام الهلسة: الأعمال التلفزيونية ومعالجتها ومستواها أنا أضعها في المقام الأول مع كبار الكتاب اللي عالجوا موضوعات تاريخية في العالم ونحن نعرف أن السينما خاصة لست مضطلع كفاية على الأعمال التلفزيونية العالمية لكن نتحدث عن السينما مثلاً قدمت أعمال كبيرة تاريخية سواء عن الحقبة الرومانية أو عن التاريخ الأوروبي والعالم القديم لا تقل عنها أبداً أعمال وليد سيف وضعها في المستوى الأول معها.

"
العمل الدرامي التاريخي الذي يبنى من مادة تاريخية موثقة يقدم للتاريخ صورة متوازنة تظهر الجوانب السلبية والإيجابية
"
وليد سيف

وليد سيف: العمل التاريخي على الجملة وهذا أمر قلته في مناسبات أخرى العمل الدرامي التاريخي الذي يبنى من مادة تاريخية موثقة يعني يبنى على البحث الدقيق المتعمق ويقدم للتاريخ صورة متوازنة تظهر الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية فلا يختزل التاريخ في صورة مثالية خالصة وفي المقابل لا يختزله في تاريخ الصراعات الدموية والجوانب السلبية من شأن هذه المعالجة الفكرية المتوازنة أن تسهم في معالجة أحد المصادر الفكرية للتطرف لأنه في رأيي أحد مصادر التطرف هي نظرة شطر من الناس في الوطن العربي إلى التاريخ وهي تلك النظرة المثالية التي تجرد منه فقط بعض أخبار الصحابة الانتصارات الكبرى بعض أسماء الفاتحين والقادة العظام بعض أخبار ونوادر الزهاد والعبّاد وأهل التقوى والصلاح إلى آخره ثم تتجاهل أو تتغافل عن أن التاريخ هذا هو تاريخ بشري وإنه لا يجوز لنا أن نلقي عليه قداسة الوحي حتى لو كان هذا التاريخ يوصف بالإسلامي فوصفه بالإسلامي لا يخرجه عن الحد البشري ولا يلقي عليه قداسة الوحي الكثير من الناس يرسمون هذه الصورة المثالية للتاريخ ثم يقابلونها بصورة الواقع المغاير فيشحنهم ذلك برفض الواقع والاغتراب عنه بالمعنى السلبي للاغتراب لا بالمعنى الإيجابي والنقمة عليه ونزعة الثأر منه ويختزلون واقع الانحطاط والتخلف والانهزام ببعد أخلاقي واحد دون أن ينظروا في شروط التقدم وفي الشروط التاريخية للتقدم والنهوض والشروط التاريخية للانحطاط.

لينة عوض: كمان نحس إنه المعرفة لم تعد متعالية لأنه المعرفة لم تصبح تجريدية وإنما أصبحت تمس كل تفصيل من تفصيلات حياتنا اليومية وبالتالي أصبحنا أكثر شغفا بهذه المعرفة وأصبحت المعرفة ذات طابع إنساني عميق جدا.

وليد سيف: في الواقع أعمالي يعنى الحمد لله استقبلت بقبول واسع من قطاعات مختلفة من الجمهور والاستجابات التي تصلني مكتوبة أو مسموعة من شرائح مختلفة من الناس لهم خلفيات ثقافية مختلفة هذه الاستجابات في الواقع هو المردود المعنوي الأهم الذي يصل إلي وأستطيع أن أقول فعلا أن الجمهور استطاع أن يميز مستوى هذه الأعمال بالذات الأعمال الدرامية التلفازية عن غيرها وأن يضعها في موضعها اللائق من حيث مستواها الفني ومن حيث رسالته الفكرية.

وليد العناتي- محاضر جامعي: دكتور وليد سيف إنسان عبقري بكل ما تعنيه هذه الكلمة من العبقرية وهو إنسان عالم وطني منفتح ملتزم بنهجه الفكري وإنسان ذو مبدأ.

لينة عوض: كان مبدعا حتى في الأداء الأكاديمي حينما كان يقف أمام طلبته استطاع أن يعطينا الكثير مما لا يمكن أن ننساه جميعا لنقل ببساطة إنه استطاع تماما أن يخلق أفرادا جدد وأنا من الأشخاص الذين أعيد تشكيلهم من جديد على يدي وليد سيف أعتقد أن هذا قد ينطبق على كُثُر ممن تتلمذوا على وليد سيف.