مؤتمر البناء المتكامل للجيل القيادي ج2
مقدم الحلقة: | كوثر البشراوي |
ضيف الحلقة: | عدة ضيوف |
تاريخ الحلقة: | 26/07/2002 |
– حقيقة تكامل الأدوار بين العلماء والدعاة الشباب
– المفهوم الحقيقي للأمة الإسلامية وعوامل الصحوة
– حقيقة انفصال الأمة عن الثقافة الإسلامية
– جدلية العلاقة بين العلم والدين
في إحدى ندوات هذا المؤتمر كانت هناك مداخلة هامة جداً لشيخ جليل مصري اسمه السيد نوح، كلامه زاد الجميع الكثير من الحيرة والهموم، وكلامه سيكون منطلق هذه الحلقة. إذن أدعوكم بعد الترحيب بالضيوف إلى الاستماع إلى رأي السيد نوح، ومن ثم نستمر مع باقي ضيوف هذه الحلقة، أهلاً بكم وأهلاً بضيوفنا، مع الكلمة الأولى.
حقيقة تكامل الأدوار
بين العلماء والدعاة الشباب
السيد نوح: نظن أن الدعوة إلى الله خطبة، يطلع الشيخ يقول خطبة عنترية لا نظير لها في الدنيا أبدا، ويترك الناس لمصمصة الشفاه – كما قال الأخ عمرو- وانتهت القضية عند هذا الحد، والمفروض أن هذه الكلمة لابد أن أرعاها، أنا صحيح لست مسؤول عن القلوب، لكن لابد أن أرعاها حتى تبلغ أغوار القلوب والعقول، (وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً)، فهذه لم.. لم ننجح فيها، قلنا طب نجرب حاجة ثانية.
الثانية أننا لم نربط بين أقوالنا وسلوكنا، تثار قول العالم في ناحية وسلوكه في ناحية ثانية، الأمر الأخطر أننا قلنا ما الذي لا يخوف أصحاب السلطان، نتكلم عن الإسلام والطهارة والصوم والصلاة والزكاة، وحصرنا الإسلام في هذه القضية، فجأة جاء عمرو خالد وجاء طارق السويدان وهدموا علينا هذا القصر، وسحبوا منا الأضواء.
كوثر البشراوي: الشيخ الجليل السيد نوح قال كلمة أعتقد أثرت في الجميع، وأحزنني أن هذا الرجل بلحيته البيضاء يرفع إيده بيش يقول هذه المجموعة من الدعاة الدكتور طارق والشيخ محمد والأستاذ عمرو وغيرهم جاءوا لكي يهدموا هذه القصور العتيقة المعتقة بالمشايخ ذوي العمامات، فأنتم مين يعني؟ هذا.. هذا الجيل الصاعد من الدعاة اللي ختمتم مؤتمر بضحك ومزح ونكتة من هنا… من هنا واستحضار بعض الحوادث اللي صارت في حيواتكم، يعني من هذا الجيل يعني كيف تصفه.
محمد العوضي (داعية إسلامي): أنا أعتقد أن هذا ما بعد حرب الخليج وانفتاح الفضائيات برزت أسماء وأشخاص، عمرو خالد اسم له حضوره في الساحة الإعلامية، الدكتور طارق السويدان له وجوده في الساحة الإعلامية، وغيرهم أيضاً بدأ يطل إطلالات، لكن لا أعتقد أن الدكتور طارق السويدان أو عمرو خالد أو غيرهم صنف نفسه فقيهاً أو قال أنني أنا عالم الأمة، أو ادعى أنه سيجلس في موقع يقيِّم فيه العلماء وينتقص منهم، أبداً هو وجد أن عنده خبرة حياتية في مجاله، ثم اطلاع لا بأس به على ثقافة أمته، ثم هضم لكليات الشريعة ومقاصدها، ثم إحساس وتألم لما يحصل على هذه الأمة، ومع ذلك قدرة على الأداء اللفظي الماهر الذي هو موهبة من الله -سبحانه وتعالى- فأحسوا بهذا ووجدوا الفرصة، ثم وجدوا الأثر الهائل الإيجابي فقالوا ها نحن، وهذا الذي عندنا، ثم هم يتخذون من أولئك الفقهاء والمشايخ والعلماء مصادر للتوجيه والأخذ والاستفتاء والتعليم والنصح، هكذا أنظر إلى هؤلاء الذين أقف معهم بكل قوة رغم الانتقاصات والنقد المنتشر، إلا أن الأثر الفاعل يعني 90% من النقص لابد أن يكون حتى لا ننسى بشريتنا ولكي نطور أنفسنا، حقيقة يا أختي، أنا واحد من هؤلاء الناس، كما ذكرت عن هؤلاء الأخوة الذين أقف معهم يعني وأعزز مواقعهم، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يثبتهم.. أن.. لو فتح المجال أكثر في الفضائيات لوجدنا من طاقات الأمة المثقفة وما رأيتيه في الحفل أمس من الدكتور طارق السويدان أو من عمرو خالد أو من المشاركين.. الأخ القطري الدكتور يوسف العبد الله أو.
كوثر البشراوي: محمود القشعان
محمد العوضي: الدكتور محمود القشعان أو العبد الفقير من نكت وتبادل معلومات وحتى أحياناً تحرشات ثقافية، هذا يمثل الطابع الفطري للإسلام الذي اختزل مع الأسف في التجهم وفي عدم المزج وأضيفت عليه طابع الكهنوت.
كوثر البشراوي: استنادا إلى كلمة السيد نوح، أو هذه القصور القديمة يعني فعلاً يعني إذا الدعاة لا يضعون أرجلهم في الوحل، بالنسبة لنا إحنا….، اللي مات مات واللي تلوث اتلوث، حتى اللي يتلوثوا ما زال فيه نفس فيه إمكانية الواحد يطلعه، لكن أن الواحد ينتقد مجتمع بكباريهاته.. براقصاته.. بفنانيه بمغنييه.. بإعلامياته.. مو يتفرج من بعيد، خايف ليضع رجله تتوسخ هل هذا صحيح؟
محمد العوضي: صحيح.. أنا معك في هذا الكلام، أن المسلم الناصح، المحب للخير، ليس فقط للمسلمين، نفس المسلم.. كنفس يجب أن تحاكي أو تتبع نفوس الأنبياء التي كانت تستشرف الهداية لبني آدم، كلهم خلق الله، ومن ثم ينطلق في هذا الكون الفسيح يدعو ويخالط وينصح وأن الهزيمة النفسية والانسحاب والانتحار من خلال السبحة في الغرفة والذكر، هذا انتحار من شكل آخر، لكن يضعون لك معايير ويقيس المصالح والمفاسد ويتوكل على الله –سبحانه وتعالى- بنظرة المشفق على مجتمعه، لا المستعلي الذي يمتلك الحقيقة المطلقة وينظر إلى الآخرين بشذر، هذا هالك قبل العاصي ولو كان شيخاً.
عمرو خالد (داعية إسلامي): أنا مش موافق على كده، عارفة ليه حضرتك، هتستعجبي، علماؤنا الكبار والأزهر دول رمز أصالة، رمز.. رمز العلماء.. رمز الفتوى.. المشكلة إن إحنا نطالب علماؤنا و.. و..، إنهم ينزلوا الإنترنت والقهاوي ودي..ومش دي شغلتهم، من شغلتهم يوجهوا الأمة، ويبقوا رمز للأمة…
كوثر البشراوي [مقاطعةً]: لكن الداعية لازم يبحث عن ذوي المعاصي وليس عن…
عمرو خالد: حضرتك إحنا مطلوب الدورين، حضرتك عارفة الأطباء، يالطبيب الجراح وطبيب التحاليل، هذا هو.. محتاجين محتاجين كل الأطباء دول، وما فيش واحد ينفع يقوم بكل التخصصات، أنا ما أنفعش أبقى مفتي، ومش شغلتي إن أنا أبقى مفتي، وأبقى أخطأت وأجرمت لو أفتيت، أنا آخذ بأيد الشاب وأحاول على قدر إمكانياتي البسيطة أقربه من ربنا، استجاب.. عايز تسأل.. عايز.. عايز.. عايز تتعلم.. عايز تعرف، شايف العالم العظيم دا، أنت ما كنتش عارف توصله، تعال أخذ بإيدك ليه، قصر العلماء وقصر الأزهر لابد أن يبقى قصراً، ولابد.. وهدمه هدم لمعاني كثير جداً جداً جداً
كوثر البشراوي: مش بالمفهوم هذا…
عمرو خالد: بقاء الرمز.. أنا.. أنا فاهمها كده، وأنا عارف أن الدكتور سيد ما كانش يقصد كده، لكن أنا.. أنا مدرك إن هو فيه تكامل بين دورين، دور العلماء وأهل الإفتاء ودور الدعاة الشباب اللي يصلوا للشباب ويقربوهم، ويحصل هذا التكامل.
كوثر البشراوي: ويمكن يقصد أيضاً هدمتوا الصبغة.. الأسلوب .. اللغة.. الصرامة على مستوى ملامح الوجه أو على مستوى..
عمرو خالد: لا.. هو.. هو مش عازين برضو يعني مش موافق مع حضرتك كلمة هدمتم
كوثر البشراوي: كل زمن عنده زمنه وكل فترة عندها أساسيتها…
عمرو خالد: إن أنا.. لأ، فيه ثوابت.. فيه ثوابت ما بتتغيرش مع الأزمان، يعني هأقول لك النبي كان بيعمل حاجتين عجاب قوي، أحياناً النبي بدي حديث والصحابة يقولوا له يعني إيه يا رسول الله، " إياكم وخضراء الدين، وما خضراء الدين يا رسول الله؟ أيه الكلمة العجيبة؟ لأن النبي لغته أبلغ بكثير من لغة الصحابة اللي هم بيتكلموا عربي أصيل، لكن النبي أبلغ، فاهماني حضرتك، فأيه.. فيأخذهم لمستواه، هو أبلغ، مش فاهمين، دا أحياناً، وأحياناً يضرب أمثلة بالجمل، والنخلة والزرعة اللي هي البيئة بتاعتهم، فيبقوا فاهمين قوي، ياه دا النبي، فاهمة حضرتك التنويع دا، إحنا بنقول وجود العالم الذي يمثل الرمز مطلوب، ووجود الشكل الشبابي يفهموه وينزل لمستوى الشباب، لأ مش عايز أقول هدمنا الشكل، بأن بدل العبوس الإبتسامة ما هو الإبتسامة والحاجات دي دا أصل في ديننا، دا يعني إحنا.. أنا مش جايب حاجة جديدة، دا أنا جايب اللي عمله النبي كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- بسَّاماً.. كان بيبتسم، كان هاشاً بشاً، يعني أنا جايب حاجة من بيتنا أنا بأشوف النبي عمل إيه وبأقلده، لكن ثاني بأوكد مؤسسة الأزهر.. العلماء دورهم أساسي والدعاة دورهم أساسي، والتكامل يحقق الفائدة اللي محتاجها المجتمع.
المفهوم الحقيقي للأمة الإسلامية وعوامل الصحوة
كوثر البشراوي: دكتور هناك كلمة بصراحة تستفزني جداً، كلمة الأمة، يعني هل هناك أمة إسلامية، لا تتحدث نظرياً وقت الطوارئ، فلسطين تطعن وتذبح والأمة الإسلامية ستكون هناك، نحكي بالمفهوم الحقيقي المزمن الفكري الاجتماعي، هل نحن يعني على علم بما يحدث في تركيا في إيران في ماليزيا في إندونيسيا، هل نتقن لغات بعض؟ هل نعرف ما يحدث هناك؟ هل يعرفون ما يحدث لدينا، هذه الأسئلة هل هي موجودة؟ وهل ممكن أن توجد؟
د.طارق السويدان: يعني هل كنا أمة؟
كوثر البشراوي: كنا
د.طارق السويدان: هل كانت ماليزيا تتكلم عربي في ذاك الوقت، وهل كان اللي في المغرب يعرفون ما يجري في أندونيسيا في ذاك الوقت؟
كوثر البشراوي: لكن الإسلام جمع أمة
د.طارق السويدان: أحسنتِ، بالضبط هي الكلمة التي أبحث عنها، لما نقول مفهوم أمة، مفهوم الأمة الواحدة لا تلغى الاختلافات.
كوثر البشراوي: لأ الاختلافات على رأسي وعيني، أنا أتحدث عن جهل تام. عن أشلاء منقطعة.
د.طارق السويدان: أحسن، أنا أؤمن أن أمتنا أمة واحدة، وستبقى أمة واحدة، المشكلة اليوم أن الشيء الرئيسي اللي كان يجمعنا رغم اختلاف لغاتنا وألواننا، وملابسنا وأطعمتنا..
كوثر البشراوي: ولغتنا وتأويلنا أصلاً
د.طارق السويدان: لأ، لكن كان فيه شيء بيجمعنا، وهو أننا تجمعنا مسألة الإسلام وفي فترة طويلة من حياتنا كانت تجمعنا خلافة، الخلافة ذهبت والهم الإسلامي والإلتزام الإسلامي أيضاً نقص بشكل كبير جداً، هذا طبعاً ألغى مفهوم الأمة في أرض الواقع، أنا أؤيد.. أنا لست الكلام اللي تتفضلين أنت، أنا أؤمن إن نحن عمليا لسنا أمة واحدة اليوم، عملياً، لكن إحنا عندنا كل الأسس اللي ممكن نرجع أمة واحدة كما كنا، دعكي من هذا، أوروبا هل هي امة واحدة، لا.. لغات.. أديان، عملات.. أجناس.
كوثر البشراوي: مصالح واحدة.. مصالح واحدة
د.طارق السويدان: مع ذلك استطاعوا أن يتوحدوا، وعملوا لهم مجلس وعملوا لهم عملة واحدة إذا كانت مصالح استطاعت أن توحدهم، ألا توجد مصالح توحدنا، دعكي من.. من قضايا أخرى، فإذا جمعنا أن هناك مصالح توحدنا، وبالإضافة إلى هموم مشتركة ودين واحد، وتاريخ واحد، وتعاليم واحدة، يعني نحن مؤهلين أن نعود كأمة، نعم أن.. أنت محقة، نحن اليوم لسنا أمة واحدة، لكننا بجهد جاد لفترة قصيرة نستطيع، أوروبا كم أخذت عشان تتوحد، ما طولت، يعني توحيد العلمة كم أخذ؟10 سنين،10 سنين ليس بشيء في عمر الأمم، أنا أعتقد إن إحنا نستطيع، وأنا الحقيقة بالمناسبة أحب أن أحيي شيء كثير من الناس ينظر إلى فقط الجانب السلبي في الأمة، أنا قادر أشوف أيضاً في جانب إيجابي في الأمة، يعني هناك نوع من التقارب في الأمة، هناك نوع من الوعي المشترك بدأ يحدث في الأمة، هناك قضايا فيها هموم مشتركة، يعني حتى على مستوى يعني دول الخليج، فلنأخذ مثال، عندما تعلن دول الخليج إنها تنوي عمل عملة واحدة، قد يستهزيء بعض الناس يمثل هذا، أنا.. أنا أحيي مثل هذه الأمور، لأن كل تقارب هو خطوة.
كوثر البشراوي: ومكسبا.
د.طارق السويدان: ومكسب للأمة، لا ننظر فقط للجانب السلبي، يعني السلبيات كثيرة، خلينا نشجع الإيجابيات إذا كنا.. كنا نعيش حالات إحباط، ومن يحاول نستهزئ به، من سيحاول بعد ذلك، فخلينا نمشي يعني نشعل شمعة بدل ما نعلن الظلام.
كوثر البشراوي: مفهوم الأمة، جغرافياً.. اجتماعياً، هل هو مفهوم حقيقي أم مفهوم خرافي في مخنا، يعني نحن صحيح وقت المآزق لما نوضع.. لا يبقي إلا الجدار وراءنا، اللي هو جدار الهوية، نتحدث باسم الأمة، لكن نحن لا نعرف أشلاء هذه الأمة الممزقة، يعني أنا بنت تونس، لو أعرف بعض.. بعض ما يحدث في الخارطة العربية يصير نعمة، شيء عظيم، فما بالك بما صار في ماليزيا واللي صار في تركيا واللي صار في إيران؟
عمرو خالد: أنا.. أنا فاهم حضرتك عاوزة تقولي إيه، إن أنا.. أنا حأقول لك مثل حنرجع للوراء شوية، هل الأمة دي، كأني أفهم من سؤال حضرتك.. هل ألأمة ديه ممكن تبقى أمة نسيج واحد؟
كوثر البشراوي: هي مفروض أمة
عمرو خالد: أم..أم..أم يصعب إنها تبقى نسيج واحد؟
كوثر البشراوي: إنت أيش رأيك؟
عمرو خالد: أنا حأرجعك خطوتين للوراء، الصحابة يوم ما جم يطلعوا من الجزيرة يفتحوا الأرض، لما دخلوا البلاد اللي دخلوها، كانت البلاد ديه كل حاجة ما تنفعش تركب على بعضها، ثقافات شتى، أخلاقيات شتى، لغات شتى عقائد شتى، مفاهيم شتى، عادات شتى، فنون شتى، ما فيش بلد زي التانية، أيه اللي حصل بعد 30 سنة، استوعب الإسلام كل الحضارات ديه، نمى ما فيها من خير، جمعهم
كوثر البشراوي: وغربل
عمرو خالد: وغربل، الثقافة بدأت تقرب، وكله بيستفيد من بعضه، اللغات بدأت تقرب، اللغة العربية، القرآن..، فجأة بقت أمة واحدة، البداية حضرتك تقولي إنه كان مستحيل، مش كدة؟ أنا عاوز أوصل…
كوثر البشراوي [مقاطعةً]: لا لا لا، البداية هذه حقيقة تاريخية لا يمكن، أنا سؤالي في إطار عام 2002 أستاذ.
عمرو خالد: أنا فاهم، أنا عايز أقول إيه اللي خلي ساعتها يبقى نسييج واحد، وهل هو ده يرجع دلوقتي، اللي خلاه نسيج واحد حاجات كثيرة قوي منها إن فيه رمز جمع الناس دي كلها اسمه إرضاء الله -سبحانه وتعالى-، إحنا عايزين نبقى أمة واحدة، إحنا عايزين نرضي ربنا، ما هو حضرتك مثلاً حاجز اللغة قضي عليه إزاي، عايزين نتعلم القرآن، علشان نقرأ قرآن علشان نخش الجنة، علشان نرضي ربنا، واخد بالك، العادات إتغيرت إزاي، أصل إحنا عندنا.. أصل إحنا البلد دي فيها عادات وحشة قوي، والناس دي جايبة لنا عادات كويسة، وإحنا عايزين نخش الجنة، إحنا عايزين نرضي ربنا، الحقيقة أحياناً حضرتك بسبب المادية الشديدة اللي إحنا عايشينها بنغفل عامل اسمه عامل إرضاء الله، عامل الروحانيات، عامل.. العامل دا إغفاله يخلي اللي وحَّد الأمة ديه في يومها الأولاني عشان إرضاء الله، يوحدها النهاردة رغم المادية الشديدة عشان نرضي الله.
كوثر البشراوي: هناك تشكيك في.. في دكتور طارق السويدان، أنت تقول كنت 17 سنة في أميركا وجئنا لكي نقوم بعمل علمي، أسس علمية لجلب هذا المجتمع، هل تنفي عنك صفة الأمركة في أعمالك أنت الداعية الإسلامي؟
د.طارق السويدان: يعني جميل السؤال، هو يعني قيل عن أخي أستاذ عمرو خالد داعية ارستقراطي وسمي داعية 5 نجوم، وأنا سموني شيخ أميركي، يعني هذا.. يعني أنا على كل حال لا يعني.. لا تضايقني هذه التهمة، لأنني أؤمن بأننا كأمة نحتاج إلى أمرين، نحتاج إلى الأصالة، أن نحافظ على هويتنا.. على ديننا على لغتنا..على عروبتنا..نعتز بهذا، لأن عندنا.. عندنا منهج أصيل عظيم، لا خير لنا إلا به ولا عز لنا إلا به، لكني في نفس الوقت أؤمن أن الأمة تخلفت عن ركب الحضارة وركب التكنولوجيا والمدنية، تخلفنا تخلف كبير جداً، ومن المهم حتى نرجع إلى سيادة الأمم من جديد، وأنا عندي إيمان كبير بهذه الأمة أنها ستكون أمة رائدة وتسود الأمم وقريباً وليس بوقت طويل يعني، يعني أنا دائماً أقول 30 سنة.. خلال 30 سنة قادمة سنسود، وبعض الناس يعني.. يستغرب هذا، أقول لهم لا تسنوا اليابان 1945 كانت مهزومة في الحرب العالمية ومحطمة عليها قنبلتين نوويتين، حتى دستورهم حطوه هم لهم، 1965 كانت رائدة الاقتصاد العالمي، فماذا يملكون مما لا نملك، فأنا أؤمن بأصالتنا، لكن ما تكفي الأصالة، ما يكفي أنه يكون عندنا يعني عقيدة سمحة وشريعة عظيمة، ما يكفي هذا، لابد إن إحنا نعمل، لابد نتعب.. لابد نشتغل، وعندما نعمل ونتعب ونشتغل، لازم نشتغل صح، والنبي -عليه الصلاة والسلام- علمنا هذا، "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، الناس وصلت الإتقان في كثير من جوانب الحياة، يعني لنأخذ مثلاً مثال المؤتمر، كثير من المؤتمرات تقام يعني لا تشد الناس ولا تطرح طرح عميق ولا يعني أسلوب الإلقاء مغري، ولذلك الناس يعني المؤتمر لو حضره 500 واحد يعتبر.. يعتبر يعني شيء كبير،
كوثر البشراوي: صحيح.
د.طارق السويدان: حتى بما فيها المؤتمرات التي تقيمها دول أحيانا ورسمية، وأحياناً الناس يدفعوا لهم يسافرو.. علشان يحضروا المؤتمر، هذا المؤتمر أقيم، وبلا أي مبلغ دفع لأي إنسان بما فيهم المحاضرين، وفيهم جمعين العاملين، كله تطوع، والحضور ما شاء الله بالآلاف، ليش، لأن عملية الإتقان، الإتقان من المؤتمر إلى الإنجاز إلى الإنتاج إلى السيارة التي يجب أن نخرجها والطائرة، إلى طريقة تقديم المحاضرة، كلها لازم نتقنه
كوثر البشراوي: دا موضوع يعني.. موضوع قضية مطروحة أيضاً يعني
د.طارق السويدان: فهذه هي الفلسفة التي أؤمن بها، أميركا لا شك من رواد العالم في قضية التقدم، وفي قضية التكنولوجيا، وفي قضية البحث العلمي ووصلوا إلى مواصل كثيرة جداً في هذا، أنا لا أريد أن أخذ منهم مفاسدهم، ولا أريد أن أنقل ما فيه هويتهم، أنا أريد أن آخذ منهم الحسن، وفي نفس الوقت أحافظ على أصالتي، أنا أعرف كيف، أنا عشت معاهم، أنا أعرف محاسنهم ومفاسدهم، أنا أعرف، الذي يعرف عنده مهمة كبيرة جداً أكبر من الذي يلعن فقط، أو أكبر من المنبهر فقط
محمد العوضي: أنا أقول أولاً الأسلوب الغربي أياً كان أسلوب بشري يستفاد منه، فنحن نستفيد لأن الحكمة ضالة المؤمن أنَّي وجدها فهو أولى الناس بها"، هذه الحكمة الإسلامية إلا أن هذه كانت طريقة عيش المسلمين الذي عندما صارت النظرة انشاطرية لا تؤخذ بكلياتها، نظرنا إلى المسلم على أنه ذلك الإنسان الذي لا يعرف المرح، والذي لا يشارك الحياة العامة.
كوثر البشراوي: صحيح.. صحيح.
محمد العوضي: نحن عندما نقرأ.. يعني أنا أود المشاهد الكريم يقرأ قصة "شيخ في مرقص" للأديب علي الطنطاوي في كتابه "قصص من الحياة"، لكي يرى كيف أن المسلم في كل مكان في أي زمان يمتلك حقيقة يقولها ويقذفها كيفما يشاء، بل رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يجلس إليه أصحابه ويتكلم بالدعابة والنكتة ومن رأى مناماً ومن يأتي بقصة تاريخية عاشها، وكان له صحابي- كما في حديث البخاري- فقط متخصص في النكت، كان يضحكنا. فأكثر من هذا، فأنا أري يعني نحن نتكلم بكل تلقائية مع العلم ، أظن أن الولايات المتحدة، خلينا عن أميركا، أظن أن الخصم أيما كان يضايقه هذا النموذج الذي وصل إلى شرائح اجتماعية وثقافية لن يصل لها كثير من أصحاب الفضل والعلم الذين لهم دور الأكبر في تكريس العلم والثقافة والمنهجية، ومن ثم وجدنا النقد المرير على ذلك الشاب مثلاً الذي حلق لحيته وأرسل كرافتته وبدأ يتكلم بإسم الإسلام، لماذا؟ لأنه وصل لأولاد الذوات ولأهل الفن، فأظن المسألة واضحة.
كوثر البشراوي: واتهم بــ…
محمد العوضي: اتهم.. لا انتبهوا.. بدأوا يخترقوننا، دخلوا علينا من أبوابنا، يا جماعة الإسلاميون قادمون، هذا الخطر القادم، ليس الشيخ الذي يؤم الناس في المسجد، إنما هذا الذي وصل..، هذا الكلام الذي يطرح عن هذه المجموعة، هي الأخطر على ما نسميه، خلينا ساكتين أحسن.
[فاصل إعلاني]
كوثر البشراوي: دكتور، كل المؤتمر يدور حول شخصية قيادية مسلمة، جميعكم أنتم من شاركوا في المحاضرات، وقدمتم ندواتكم، جئتم أيضاً تحت هذه المظلة وهذا السقف،
د.يوسف العبد الله: صحيح.
كوثر البشراوي: اسمح لي بسؤال أنا أعتقد إنه انفصامنا وانفصالنا هذه الأمية المميتة التي يعيشها ملايين والملايين من أبناء هذه الأمة الإسلامية بسبب أميتهم تجاه الثقافة الإسلامية نفسها، يعني أنت لما تستشهد بآيات قرآنية ولما ييجي عمرو خالد ويعطيني ما هو موجود في داخلي، ولكن أنا جاهلته يعني، هو لا يأتيني بجديد، ولا الدكتور طارق السويدان يأتيني بجديد، فهذه الأمية لو تجاوزناها شيء ما، فيه إمكانية إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لأن المفاتيح كلها موجودة ضمن الثقافة الإسلامية، قضية الشوري.. قضية الحوار.. قضية مداعبة الطفل، مخاطبته ككهل لما يكون هو ناضج، عدم ضربه إلا في سن معين، يعني دينياً عندنا كل.. علم النفس أنت تحكي عنه موجود عنده.
د.يوسف العبد الله: يعني أنا..
كوثر البشراوي: معذرة هذا ليس قدحاً فيكم هو قدحاً فينا.
د.يوسف العبد الله (متخصص في علم النفس): لأ، الله بارك فيك، أنا في تصوري يعني إن الأمية موجودة، من ناحية ثانية فيه هناك دافع عند الناس، يعني فيه قدر من الأمية، لكن أيضاً فيه قدر من الدافع للتغير.
كوثر البشراوي: دافع جهل
د.يوسف العبد الله: لأ، دافع
كوثر البشراوي: دافع بجهل مش بالضرورة يهديك إلى الطريق السليم..
د.يوسف العبد الله: لا.. لأ، أنا أقصد الدافع نحو التغير، يعني فيه هناك دافع عند المسلم نحو التغير، وفي نفس الوقت أيضاً هناك فيه قدر من الأمية، فأنا يعني في تصوري إن لو.. مثلاً الأسرة أو غيرها أو مؤتمر أو غيره، يعني المفروض إنه يركز على القطعتين ها دول، يركز على كيفية بناء دافع في الإنسان ويركز علىعملية محو هذه الأمية، يعني أنا مثلاً أنا أعتقد التطرف ينتج من ماذا؟ ينتج نتيجة لوجود أمية.
كوثر البشراوي: صحيح
د.يوسف العبد الله: الاعتدال نتيجة ينتج نتيجة لمحو.. محو هذه الأمية.
كوثر البشراوي: بالطرف الآخر أيضاً اللي هو التعالي ووضع الإسلام في زاوية كأنه ما.. لا دخل لها في الحياة أيضاً بسبب الجهل.
د.يوسف العبد الله: هذا كلام صحيح.
كوثر البشراوي: وبسبب الأمية.
د.يوسف العبد الله: هذا كلام صحيح، لكن أنت حبيتي تركزين على الشريحة الإسلامية، فأنا أعتقد الأمية هذه ممكن محوها، من ناحية ثانية إحنا محتاجين إن.. إن نقوم بعملية تنمية هذا الدافع الموجود في الإنسان، وأنا يعني في نهاية المطاف يعني أنا أتصور يعني أن الدافع عندي مفروض يسبق إن أنا عندي الإرادة مفروض تسبق القدرة، اللي حاصل الآن إن إحنا نحاول بس نعمل.. دول تعمل جاهدة على بناء قدرة متناسية قضية الإرادة، فعندما تأتي هذه القدرة تكون موجودة، يعني هناك كثيرين مؤهلين يمتلكون قدرات، لكن غير فاعلين في المجتمع، ليش غير فاعلين في المجتمع؟ لأن ما فيه هناك إرادة قادرة على أن تجعل هذه القدرة تحقق نفسها داخل المجتمع.
كوثر البشراوي: أنا أري العكس دكتور، أنا أعتقد أنه الرغبة في الطلوع مما نحن فيه موجودة حتى في لاوعينا، من جهة ما هناك رغبة في تغيير ما،
د.يوسف العبد الله: بس هذه
كوثر البشراوي: المشكلة أنه لا تعرف ما هو هذا التغيير الما، وكيف؟
د.يوسف العبد الله: أنا أستاذة، أنا.. أنا فيه.. فيه فيه عندنا فرد وفيه عندنا مجتمع، أنا أعتقد على مستوى المجتمع.. المجتمع.. المجتمع يسعى إلى بناء قدرة، والفرد يسعى إلى إبراز إرادة، إراز رغبة، أنا عندي دافع للي عمل هذا، وهذه واضحة في الناس الذين يمارسون عمل.. العمل التطوعي، يعني هذه واضحة جداً فيهم، وأنا أقول إن المجتمع يشتغل في اتجاه والفرد، يعني المجتمع يريد شيء والفرد يريد شيء، مفروض المجتمع، أنا المفروض لو وجدت إنسان عنده.. عنده هذه الرغبة وعنده الإرادة المفروض إن أنا أقوم بعملية يعني المفروض الاليات تكون هناك فيه آليات بناء هذه الإرادة.
كوثر البشراوي: جماعية.. أيه.
د.يوسف العبد الله: آليات تحريك هذه الإرادة تفعيلها، أنا أعتقد عندما تكون توجد.. تولد الإرادة ستولد معاها القدرة.
محمد العوضي: هنا نضطر أن نقول أننا متفقون على أن الأمة تعتز بانتمائها، إلا أن الأمة تعيش في دائرة في عمومها الأغلب بالاقتناع الشعوري في دينها، نحن نريد أن نرقى بها من الاقتناع الشعوري إلى الاقتناع العقلي، بمعني أنني أريد من هذا المسلم الذي يصلي، كما يقول زكي نجيب محمود في كتابه " عن الحرية أتحدث" هو صاحب الوضعية، يقول: من الناظر المحزنة في فهم الإسلام، أنك تجد قبل صلاة الجمعة يقول صاحب الدكان لغلامه: يا بني، قبل أن يؤذن الآذان الآخر لندرك الصلاة، هل خلطت الحصى مع الفول؟ يقول: نعم، هل كثرت الماء في اللبن؟ يقول: نعم، هل.. يتكلم عشرات التصنيفات في الغش، يقول: انتهينا من الصنعة، يقول تمام ياللا على بركة الله ندرك الصلاة لله سبحانه وتعالى، هذا الخلط في فصل العبادة عن حركة الحياة الاجتماعية اختزال الإسلام في عبادة تحولت إلى عادة، نحن نريد ألا نذكر المسلم فقط لصلاته، أن ننتقل من صلاة العادة إلى صلاة الروح والعبادة، من صلاة الجسد إلى صلاة الفكر، وهذا الذي كان يلح عليه ويطرحه على طول التاريخ علماء الإسلام والمفكرون والفقهاء.
حقيقة انفصال الأمة عن الثقافة الإسلامية
كوثر البشراوي: آلاف الأشخاص يحرصوا أن يحضروا محاضرات دكتور طارق سويدان، ومحاضرات الأستاذ عمرو خالد، ومحاضرات الأستاذ محمد.. الشيخ محمد العوضي، وغيرهم الكثير والكثير، طبعاً هذا شيء مشرق، هذا يعكس أن الناس متعطشة لمعرفة دينها، لكن أنا سؤالي: هل نحن انفصلنا تماماً عن ثقافتنا، عن أبجدية الثقافة الإسلامية؟ يعني لما تيجي أنت أو الشيخ محمد يقول الصلاة في الفجر واجب، هل إحنا نسينا أنه هذا واجب، إلى هذه الدرجة نحن ملايين هذه الأمة الإسلامية بعدنا عن أبجدية وأسس انتمائنا الديني؟
عمرو خالد: هو بصي حضرتك خلينا نتكلم بصراحة يعني، أي أمة من الأمم بتمر بمراحل ارتفاع وانخفاض، قيادات الأمة تعلى.. تعلى.. تعلى وبعدين
كوثر البشراوي: تنحدر
عمرو خالد: يبدأ تنحدر ويعلوها من الصدأ أحياناً ومن الغفلة أحياناً إنه كل أمة معرضة إن ده يحصل لها، وده اللي حصل للأمة في.. يمكن في القرن الأخير، لكن أنا عايز أنظر للموضوع بشكل مختلف، إحنا أمة –حضرتك- بقى لها 1400 سنة قادت منهم 1300 سنة، ما سمعنا بأمة في التاريخ قادت الفترة الطويلة دي، يمكن حضارة الفرس كانت قربت شوية من.. من.. من هذا الأمر، لكن من ساعة ما جه الإسلام إلى اليوم ما فيش حضارة قدرت تعدي الفترة دي، كون إن يحصل شيء من يعني الانحدار، أنا شايف إن الانحدار ما عادش قائم الآن، أنا شايف إن الانحدار بدأ يتحول الكرف يعلو تاني مرة أخرى، الدليل على كده صحيح إن الثقافة والمعرفة الإسلامية والأبجديات -اللي حضرتك قلت عليها- حصل عليها شيء من الانخفاض، لكن الآونة الأخيرة بتقول لأ، بتقول أنها بتعلى بشكل جيد جداً، وبتقول إن الناس مقبلة إقبال شديد جداً، بدليل الإقبال الجماهيري اللي تم على.. على المؤتمر.
د.طارق السويدان: يا سيدتي الكريمة، الذي يظن أن أمتنا وبالذات أتكلم عن العالم العربي أن فيه واحد ما يعرف إن الصلاة واجبة وإن الصلاة واجبة، أو امرأة ما تعرف إن الحجاب واجب، أو .. أو الرجل يعرف إن الخمر حرام أو الربا حرام، يعني هذه سذاجة هم يعرفون، يبقى لازم نحدد أين المشكلة؟ المشكلة هي ليست في عدم المعرفة، المشكلة هو في وجود الإيمان الذي يحول المعرفة إلى عمل، ليش أبو جهل ما كان يعرف إن محمد نبي، أبو جهل وهو أبو جهل، قال: "والله إني لأعلم أنه لنبي"، إيش اللي كان يمنعه أنه يسلم؟ قال فيه سبب عصبية قبلية كان، قال: "كنا وبني عبد مناف كفرس رهان يطعمون فنطعم، ويسقون فنسقي، ويكسون فنكسو، فإذا جاءوا وقالوا منا نبي، فمتى يكون منا نبي" فإذا كان يعرف ومتأكد، لكن مع ذلك كفر، لأن فيه شيء عنده أعلى من الإيمان وهو العصبية، مشكلة الأمة في القضايا خلينا نقول الأحكام ليست قضية علم، هم يعرفون، المشكلة الكبيرة عند الأمة، البنت الغير محجبة، هي تعرف أن الحجاب واجب وتعرف أن الله – سبحانه وتعالى- موجود، بس الربط بين الأمرين ما.. ما جاء، فإحنا كل اللي قاعد نعمله أنا وأستاذ عمرو إن إحنا قاعدين نحاول ندفع دفعة إيمانية أو أحياناً فكرية تجعل الإنسان يربط هذا الربط فيعود الله – عز وجل – في قلب هذه البنت أعلى من نظرة المجتمع أو أني سأخسر صديقاتي، ولا إيش هيقولوا عني؟.. شكلي هيتغير، يصبح الله -سبحانه وتعالى- بعظمته وجلاله
كوثر البشراوي: هو الواحد
د.طارق السويدان: أو الآخرة والجنة والنار، في نفوس. .في نفسها أكبر، فإحنا.. إحنا بنحرك عاطفياً في مثل هذه المسائل، نحرك إيمانياً، العلم موجود.
كوثر البشراوي: أما الأمية أمية ثقافتنا الإسلامية موجودة.
دزطارق السويدان: أعرف بس..
كوثر البشراوي: الحقيقة يعني..
د.طارق السويدان: يعرفون، أمية ثقافية ليست في القضايا الأساسية، يعني يعرفوا حتى النصاري في بلاد المسلمين يعرفون أن الحجاب واجب على المسلمة، ويعرفون أن الخمر حرام والخنزير حرام، ليش.. أنت تستغربي أنا عشت في أميركا، الأميركان يعرفون هذا، إزاي وهم ليسوا من أبناء جلدتنا، ولا مسلمين ولا يعيشون معنا، ومع ذلك يعرفون؟ هذه مسائل ما تخفي على أحد، القصور لما أستاذ عمرو يقول لهم: صلاة الفجر واجبة، هو ليس علماً يُعطى للناس هم يعرفون، لكن هو تذكير، هو قبل أن يقول هذه الكلمة قعد يقول كم.. كم وزن لا إله إلا الله في نفسك يا مؤمن؟
جدلية العلاقة بين العلم والدين
كوثر البشراوي: دكتور، طبعاً نحن نتحدث عن منهج علمي في إطار هذا المؤتمر معظم المحاضرين هم معروفين في إطار الفكر الإسلامي
طارق السويدان: صحيح
كوثر البشراوي: البعض قالوا علناً أو في الخفاء أنه ما هذا؟ من هذه الشلة؟ وماهذي الشلة تبع الأربعة أو الخمسة دعاة شباب واحد بكرفته، والآخر عامل بيزنس، والآخر يحكي من التليفزيون، يعني كيف يمكن الجمع بين منهج العلم، أساليب الإقناع اللي أنت أشرت إليها منذ قليل في إطار فكر إسلامي غيبي ماضوي لا يمتلك ولا يتسلح بالعلم، كيف.. وكيف يعني تدافع عن نفسك من هذه التهمة؟
د.طارق السويدان: أولاً:أنا ما.. أنا ما أتعامل مع تهم، يعني أولاً يعني، الإنسان يُتهم عندما يكون عمل جريمة، فهمت إزاي.
كوثر البشراوي: لا أقصد، ما أقصد تهمة إن إحنا ليش..
د.طارق السويدان: وبالتالي أنا.. يعني أنا.. أنا فاهم هذا الكلام، ولذلك عايز أقول يعني أنا ما أتعامل مع التهم، ولا أقبل أن أُوضع في مقام التهمة، لأنه التهمة ليست لي شخصياً، التهمة هي تهمة للدين نفسه، أنه هل يمكن أن نجمع بين العلم والدين بنظرته الغيبية؟ أنا أقول: لأ، ما يمكن إذا أخذنا الدين بالمنظور التقليدي الذي يطرحه كثير من.. من رجال الدين –كما يسمونهم-، أنا أعتقد إن عندنا إشكال حقيقي في هذه المسالة، عندما يأتي الشيخ أو العالم أو رجل الدين –كما يسمونه- عندما يأتي الشيخ أو العالم أو رجل الدين، ويطرح الدين على أنه سحر وجن وشياطين وغيب والمرأة يعني (رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ولا غيره يعني، عندما نتعامل مع الدين بهذه الطريقة طبعاً لا يمكن أن نجمع بين العلم والدين، لكن عندما نفهم الدين بروحه، نفهم الدين بمقاصده بأصوله، بأهدافه، نفهم الدين بحقيقته، وهذه هي الدعوة يمكن الآن بأحاول أقوم بيها ويحاول الأستاذ عمرو خالد والشيخ محمد العوضي وغيرهم، فبنحاول إن.. إحنا ما إحنا علماء، لكن إحنا فهمنا فهم محدود لروح الدين، يمكن غيرنا فهم وحفظ النصوص والأحكام والأدلة والبراهين يعني اشتغلوا بهذه الشغلة، إحنا ما عايزين نشتغل بالشغلة هذه، إحنا عاوزين نشتغلوا بشيء أكبر، هذه الأمة تختلفت، نحن كنا سادة الدنيا، وكنا سادة الدنيا بالدين، ونحن الذين أصلنا المنهج العلمي في البحث والتجربة والبرهان لأوروبا في الوقت اللي كنا فيه في قمة التديُّن، ما كان عندنا تناقض بين الدين والعلم، لما تخلفت الأمة وصارت تنشغل بقضايا محدودة جداً من الغيبيات التي وزنها في الدين محدود، هي في الدين، لكن وزنها في الدين..، يعني أنا درست السيرة النبوية من مائتي كتاب لم أجد قضية السحر في فترة النبي – صلى الله عليه وسلم- 23 سنة إلا مرة واحدة، ذكرت مرة واحدة في 23 سنة، وذكرت العين مرتين، لما تُعطى هذه الأمور، وهي من الغيب تُعطي حجم ضخم.
كوثر البشراوي: على حساب العقل
د.طارق السويدان: على حساب العقل صحيح، عندها يحدث تناقض عند الناس، وعند المسؤولين وعند المفكرين وعند الناس اللي درسوا العلم وفي قلوبهم الدين، هم يحبون الدين، لكن عندهم شعروا إن فيه تناقض،أنا شعرت بالتناقض، أنا لما رجعت من أميركا وبديت أسمع للطرح الديني اللي موجود في عالمنا بما فيه الطرح اللي في التليفزيون، قديش شعرت بتناقض شديد، لذلك صار واحدة من القضايا إني أحطم هذه الفئة من الناس اللي تطرح الدين بهذه الطريقة، أنا.. أنا عندي حرب مع هؤلاء.
د.حمود القشعان (داعية إسلامي): أنا أعتقد المشكلة أننا نعيش في 3 أزمنة، فينا من يعيش الماضي بحذافيره، وهذا دائماً يندب حظه على الماضي، كنا خير أمة، وكنا خير أمة دون أن يتحرك، ومنا من يريد أن ينظر للمستقبل دون أن يكون له انطلاقة في الجذور، هذا متأثر في الحضارة الغربية، حتى أن ابن خلدون (وهو من علماء الاجتماع) كان يقول أن الأمم المهزومة معلقة وتقلد الأمم الغالبة، أصبح تيارين، التيار الثالث اللي أتمني أني أكون أنتمي إليه، وهو من يستفيد من الماضي، يستفيد، وكما يقول الأستاذ فهمي هويدي ليس كل قديم أصيل، وليس كل جديد دخيل.
كوثر البشراوي: صحيح.
د.حمود القشعان: فنحن نأخذ من الحضارة الغربية كما يقول عليه الصلاة والسلام: "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها"، نحن نأخذ من الغرب، الغرب يجب أن نتعايش معه، نحن لسنا في صراع مع الغرب، إن كان البعض يدعي أن هناك صراع حضارات، نحن نقول هناك تعايش حضارات، فنحن نأخذ من الغرب، والتيار الذي نقوده هو التيار الإصلاحي، عندنا الأستاذ عمرو خالد، الله يحفظه، وهذا شخص داعية زارنا في البلد هنا، وأحدث نوع من هزة القلوب لجيل الشباب، فنحن نقود هذه العملية حتى نقول للناس: الغرب ليس بالضرورة كل الغرب هو السلبي، وبالمقابل يجب أن نفحص كل ثقافات الغرب في أمور الشرق، أعطيك على سبيل المثال في يوم من الأيام أنا كنت أعمل أنا جلست في أميركا 9 سنوات أو 8 سنوات، عملت فيها لمدة 4 سنوات كمستشار في الأسرة، وتخصصي أنا بيسموه Family Sycology الإرشاد النفسي الأسري، هذا التخصص، كان عندي صديق اسمه (جورج) أميركي، في يوم من الأيام كان يدعي أن العلماء اكتشفوا أن الطفل كثير الحركة هذا الطفل اكتشف العلماء أنه ذكي، إن لم يكن لديك مختص مسلم علم في الشرع، وعلم في الدين وعلم في أصول الدين، لما عجبت على هذا الرجل، قلت له: إذا كنتوا أنتوا في الأبحاث وفي المؤتمر السنوي اكتشفتوا فإحنا في عقيدتنا، لأنا ننطلق أن هناك أقول تثبت في العلم عن طريق النقل والمتن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول عن الأطفال الذين اكتُشفوا في عام 95 أنهم أذكياء، لأنهم كثيري الحركة، لدينا في الحديث الذي يرويه الترمذي والبيهقي، يقول: "عُرامة الطفل نجابة" والعرامة هو الطفل كثير الحركة، ففيه كثير من الأمور تختلف فيها الدراسات العلمية، هل الشخصية.
كوثر البشراوي: بيسموها في أميركا….
د.حمود القشعان: يسموها Hyper active، يعني الشخصية يقولون هل هي مكتسبة أو هل هي فطرية؟ واختلف العلماء فيها، فإحنا لما نرجع إلى الدين يقول: -عليه الصلاة والسلام – إحنا دائماً إذا اختلف العلماء لا ننكر الآراء العلمية البحتة والتجارب، لأن العلم عمره ما.. ما يعترض أو يصطدم مع الدين، النبي- عليه الصلاة والسلام- يقول لأحد الصحابة، يقول: "أن فيك خصلتان يحبهم الله ورسوله العلم والأناقة، كيف يثبت النبي –عليه الصلاة وسلم- أنها صفة فطرية في الإنسان قضية القيادة؟ قال: يا رسول الله، أعليهما جبلت أم بهما تخلقت؟ قال: بل عليهما جُبلت، فيقول الصحابي: الحمد لله الذي جبلني"، في حديث ثاني يقول: "إنما العلم بالتعلم" يثبت أن البيئة لها دور، وأن التجارب، فأنا أرجو أن يفهم نريد أن نزاوج ما بين الحداثيين وما بين الأصوليين، هناك فصل كامل، إحنا في المجتمعات الإسلامية مع الأسف انشغلنا في الصراع فيما بينا في حين أن الغرب ينظر لنا كوحدة متكاملة، على سبيل المثال بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أميركا، سواءً كنت مسلم أو كنت مسيحي، أو كنت وثني حتى السيخي كان يُنظر إليه كأنه هو من الشرق، فلا نريد أن نشغل أنفسنا في صراعات جانبية كمسلمين نريد الدين أو لا نريد الدين، إحنا ديننا إذا ثبت لأي إنسان أن ديننا يعارض العصر ويعارض الواقع إحنا راح نتفق وياه، لكن إحنا عقيدتنا تثبت وتجاربنا أننا مع الآسف نحاسب الناس بأفعالهم، وكأن الإسلام هو الخلل.
كوثر البشراوي: ونحن في القرن الحادي والعشرين، إذا ما عندك طيارة F16 ما تحكي عند الحرب، وإذا عندك وما عندك أدمغة في الكمبيوتر ما تحكي عن التكنولوجيا، وإذا ما عندك ناس يعرفوا كيف يتعاملوا في المناهج التعليمية مع الطلبة كأوادم وكبشر وكناس مستقلي الشخصيات لا تتحدث عن مناهج تعليمية، وهمَّ في نفس الوقت متسلحين بها أكيد في منطق العالم، يقولون: كيف يمكن أن نصلح ما أفسده الدهر بمنطق اسمه الفكر الإسلامي، منطق غيبي، منطق ماضوي، منطق لا يقدم حلول، يقبلها الآن الناس خريجي الجامعات، وكذا كيف تجيب؟
محمد العوضي: أولاً نحن في معرض مناقشتنا مع هؤلاء أو مع أي كان لابد أن ننطلق من منطلقات وثوابت، حيث لا ننطلق من منطلقات مشتركة بيننا في الحوار، يكون وكأن كل واحد منا في واد يصيح لا يلتقي صوته بصوت أخيه الذي يخالفه.
كوثر البشراوي: الثوابت اللي عندك مش نظرية.
محمد العوضي: لأ، هناك مشتركات عامة، مثلاً من خلال كلامك تقولين هم يحتكمون للعلم، أنا عندما أقف معهم على كلمة العلم، أجد أن هناك التباس بحيث إن هذه الكلمة كلمة علم تطلق على ما ليس هو بعلم أو وُسعت دائرة.. دائرة هذه.. هذه الكلمة بحيث يدخل فيها ما هو من باب النظر، وحصل الخلل المنهجي الذي استدركه علماؤنا القدماء، ألا وهو من المعروف أن النقيضان.. أن النقيضين لا يجتمعان، فغذا كان أحد النقيضين علماً الآخر لا يكون علماً يكون ظناً، فإذا كنا الآن مثلاً نقول: لا أريد أن أشكك في أمثلة فلسفية، هم يقولون: علم، العلم هو إدراك مطابق للواقع عن دليل، إدراك مطابق للواقع عن دليل، يأتون فيقولون لنا النظرية النفسية السيكولوجية (فرويد) علماً ثم الدارونية علم، ثم الماركسية علم، الذي يفسر الكون بحركة ميكانيكية علم، والذي يفسر الكون بحركة ديالكتيكية علم، وأحد هذه النظريات ينقض الآخر، كيف يكون كل هذا علم وبعضه ينقض الآخر؟
كوثر البشراوي: وهي النظريات.
محمد العوضي: أي نعم، النقيضان لا يجتمعان، فكيف اجتمعت المتناقضات وصارت علماً؟ إذاً نحن فلنتفق أولاً على مصطلح علم، قضية مدعاة، لابد أن نحررها، هذا لا يقفون عند هذا التحرير، وأنا الذي أراه خلافاً لما يذهبون إليه أن العلم في منظوره الجديد بدأ ينسخ ردة الفعل النفسية والموقف المراهق الثقافي القرن الثامن عشر والتاسع عشر بدأت بالقرن العشرين على صعيد العلوم النفسية التي أكدت دور الإرادة والحرية الإرادية وإلى حصائد الفلسفات الفيزيائية التي أثبتت أن الكون لا يلتف على ذاته ولا.. لا يمتد إلى ما لا نهاية، إلى آخر الفلسفات، بقيت قضية الغيب، كلانا يؤمن بالغيب، العلماني يغرق في الغيب والمسلم يؤمن بالغيب، فالعلماني يؤمن بأن هناك مثلاً حتمية التقدم العلمي، حتمية حل المشكلات، حتميات كثيرة، ولذلك الأستاذ جلال أمين في مقاله الذي في التنمية والتنوير تكلم عن غرق العلمانيين، -وهو الأستاذ بالجامعة الأميركية في القاهرة- عن غرق العلمانيين في الغيبيات، والعقاد قديماً ذكر أن لعلمانيين يؤمنون بالشيوعية المستقبلية، طيب أليس القول بأن أصل الإنسان قرد غيباً؟ هل بيننا وبين ذلك القرد الجد –الذي يزعمونه- جسور من المحسوسات أو المشاهدات؟ إنما من خلال استنتاج العقل من خلال وقائع حادثة، نحن كذلك في الغيب الإسلامي عندنا أدلة عقلية، وعندنا منهج عقلي- إن أردت أن أشرحه أفصله كما فصلته في.. في المحاضرة- فكلانا يؤمن بالغيب إلا أن غيبهم يلح عليهم أن يكون جد الإنسان قرداً، وغيبنا يعني يفرض علينا أن يكون جدي وجدك وجد المستمع الكريم هو آدم عليه السلام.
كوثر البشراوي: في ختام هذه الحلقة أشكر ضيوفنا على إيضاحهم لبعض التساؤلات المعلقة في أذهاننا، كما أشكركم أنتم أيضاً أيها الأصدقاء على حسن الاهتمام والمتابعة، ولكن وقبل توديعكم أود تذكيركم بمواعيد بث برنامج (إشراقات) الذي ترونه في مساء كل خميس في الساعة التاسعة وخمس دقائق بتوقيت جرينتش، أما الإعادة فتكون صباح كل يوم سبت في الساعة السادسة و 5 دقائق بتوقيت جرينتش، ويعاد أيضاً الأحد في الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق بتوقيت جرينتش.
أيها الأصدقاء، حتى الملتقي من الأسبوع المقبل أترككم في أمان الله ورعايته، إلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.