إشراقات

محمد على التسخيري ج1

العوامل الثقافية لتوحيد الأمة الإسلامية، أهداف رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، الفكر الإسلامي التطبيقي والتعامل مع عالم القرن الحادي والعشرين، المرأة والثقافة والفن في إيران.

مقدمة الحلقة:

كوثر البشراوي

ضيف الحلقة:

محمد علي تسخيري: عالم ومفكر إسلامي

تاريخ الحلقة:

16/08/2002

– العوامل الثقافية لتوحيد الأمة الإسلامية
– أهداف رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية

– الفكر الإسلامي التطبيقي والتعامل مع عالم القرن الحادي والعشرين

– المرأة والثقافة والفن في إيران


undefinedكوثر البشراوي: أصدقاءنا المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم اليوم من العاصمة الإيرانية طهران، وللصدق أقول إنني غادرت مطار الدوحة خاوية اليدين لا أملك من الزاد إلا القليل القليل، فقط بعض التساؤلات المبعثرة والعطش الملح للمعرفة، وللأمانة أقول أننا في أجهزتنا الإعلامية العربية تجاهلنا- بل وأسقطنا عبر عقود- حق المشاهد في التعرف على ثقافات أمتنا الإسلامية، وللأسف أقول إن أحداث مارس من هذا العام-أي أحداث جنين- جاءت لتفضح وتعري تماماً جهلنا المتراكم الذي ساهمنا فيه جميعاً بكسلنا المفرط كمؤسسات إعلامية وكأفراد أيضاً، إذ خرجت الشعوب العربية إلى الشوارع رافعة شعار الأمة وانتصار الأمة وصمود الأمة، لحظتها.. لحظتها فقط عرفنا أن الأمة ليست إلا مصطلحاً نختبئ وراءه وقت المآزق، ولكن أين هي الأمة ومن هي الأمة؟ وماذا نعرف عن هذه الأمة؟ من يبحث عن إجابات لهذه الأسئلة سيجد نفسه أمام فضيحة فظيعة لا تعفي أحداً من الشعور بالخزي والعار.

أصدقاءنا المشاهدين، اليوم وبعد هذا الاعتراف الخاص والعام أدعوكم إلى التحالف من أجل إنجاز خطوة أولى لهدم جدار الجهل والأفكار المسبقة، حتى نتمكن من بناء بنية ثقافية تحتية تقوينا وتثبت أقدامنا في هذه القرية الكونية، وإذا كان الألمان قد نجحوا في هدم جدار برلين لتوحيد صفوفهم ولم شملهم وتقوية موقعهم، فما الذي يمنعنا –نحن- من هدم الجدران الداخلية التي تشتت تضامننا، وتفتت قوتنا، وتجعلنا لقمة سهلة لمن يريد أن يطعن في ثوابتنا ودعائمنا الثقافية. قد يرى بعضكم فيما أقول مجرد هذيان وكلام لا معنى له وليكن كذلك لا يهم، المهم الآن هو أن نفتح مدارس محو الأمية تجاه ثقافاتنا المتنوعة في بلدان العالم الإسلامي، إذ أنه ليس من المنطق أن نتشبع بثقافة (شكسبير) ونتباهى بثقافة (بودلير) وننخرط بكل انبهار ودهشة في ثقافة الكاوبوي، ونحن أجهل الجاهلين بمخزوننا الخاص وبالثراء الأدبي والفني والفكري الذي يحيط بنا في كل شبر من عالمنا الإسلامي.

وحتى لا يؤول كلامي هذا خطئاً فأنا هنا لا أدعو إلى الانسحاب من ثقافات الآخر، بالعكس، ولكن أكتفي بالدعوة إلى إقحام ثقافاتنا الغنية ضمن أولويات الأجندة الثقافية، وحينها يمكن أن يتحول شعار الأمة الذي نتبجح به وقت المآسي والأزمات من شعار وأهم كاذب، إلى معني ندركه ونعيه، هل هذا الطلب الحلم مستحيل؟ لا أعتقد ذلك، على كل حال حتى لا يتحول هذا التقديم إلى شعار آخر من الوهم والكذب، فإنني أدعوكم إلى مغامرة المعرفة والاكتشاف التي أبدأها من طهران، وهي مغامرة لا تخلو من التعثر والخطأ، ولكنها لا تخلو أيضاً من رغبتي الجادة والإصرار القوي على معرفة فنون وآداب إخواننا وأهلنا في إيران كنقطة انطلاق أولى سنتوجه بعدها إلى مدن ثقافية أخرى في عالمنا الإسلامي. أيها الأصدقاء، أدعوكم الآن إلى لقاء –أو بالأحرى إلى دردشة- مع ضيف هو عالم جليل وهو سماحة الشيخ محمد علي التسخيري الذي وهب عمره لخدمة ثقافة بلده، داعياً إلى هدم الجدران الأسمنتية التي تخنق مسام الجسد الإسلامي، وهو أيضاً أحد أبرز الأصوات المنادية إلى حوار الحضارات وتقارب المذاهب الإسلامية تأكيداً على المشترك وردماً لمصادر الفتنة والفرقة، فأهلاً بضيفنا الشيخ محمد علي التسخيري، وأهلاً بكم –أنتم- أيضاً في هذه الإشراقة الجديدة من إشراقاتنا الثقافية.

سماحة الشيخ محمد على التسخيري أولاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد علي التسخيري: عليكم السلام ورحمة الله، وفقكم الله في مسعاكم لتعميم الثقافة.


العوامل الثقافية لتوحيد الأمة الإسلامية

كوثر البشراوي: بارك الله فيك، سماحة الشيخ طبعاً أنا أجد نفسي في حالة.. أمام هذه الزحمة من الكتابات والنظريات والآراء التي يعني موجودة في بعض الكتب التي صدرت في إيران وغير إيران، أجد نفسي مجبرة على الاعتراف أننا.. أنني قادمة من عالم عربي يجهل الكثير عن الجمهورية الإسلامية في إيران، ويجهل أكثر باقي العالم الإسلامي يعني، نحن عدا مصر ولبنان وتونس واليمن والسعودية ما.. يعني لم نسع إلى معرفة الآخر، أعتقد بعد الأحداث الأليمة التي شهدتها الساحة الفلسطينية وكان الجميع يرفع راية الأمة الإسلامية تفطنا في لحظة فجئية أن الأمة مصطلح لم يرقي إلى الحقيقة، كيف يمكن أن نربط أشلاء هذه الأمة على الأقل ثقافياً.

محمد علي التسخيري: بسم الله الرحمن الرحيم، قبل كل شيء أرحب بكم، وأرجو لكم كل التوفيق، كما تفضلتي، مصطلح الأمة بخصائصه القرآنية وأبعاده الإنسانية لم نستطع أن نجسده في واقعنا الإسلامي العام.

القرآن يتحدث مع كل الأمة الإسلامية ويخاطب كل فرد فيها، ويطرح مفهوماً هذا المفهوم تنصهر فيه كل الجغرافيا وكل التاريخ وكل الثقافة بشكل بوتقة واحدة هكذا أراد القرآن، لنا أن نكون يحس كل منا بآلام الآخرين وآمالهم، ويعيش معهم، ونحن نعلم أن الإسلام طرح فكرة التكافل والتكافل قضية واقعية يعني يجب أن لا يرتاح أي إنسان إذا شعر أن أخاه المسلم في ضيق، لا بل لو شعر أن أخاه الإنسان في ضيق، هكذا علمنا القرآن، والإمام علي يقول لمحافظه مالك الأشطر الذي بعثه إلى مصر يقول له: فالناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، نحن لم نجسد ما قلت، ما قلته عن قضية الأمة ونحن بحاجة لخطوات أكبر وأكبر، لا نتشاءم لكننا يجب أن لا نكون متفائلين أكثر من اللازم، هناك خطوات كثيرة جداً لكي نصل إلى الكل الواحد الذي يشعر بآلام كل فرد منه وآماله أيضاً.

كوثر البشراوي: نعم، التأرجح بين التشاؤم أو الواقعية، والتفاؤل أو.. أو الواجب على الأقل على مستوى التخطيط لمستقبل أجمل، يعني في إيران هناك مثلاً مجمع التقريب بين المذاهب، هناك رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، هناك مؤسسات يعني خاصة لهذا القصد من أجل بناء الجسور، سماحة الشيخ، أنت أدري، مني أن التقارب الديني قد يكون من الممكنات، لأن العلماء نيرين أصلاً، من يصل إلى.. يصل إلى رتبة العالم بإمكانه أن يحاور أي عالم آخر في العالم، في بالك بعلماء مسلمين مثلك، لكن التقارب الثقافي يتعامل مع ملايين العامة، يتعامل مع أناس يولدون في بيئات تغذي فيهم من الأفكار المسبقة مما لا يمكن محاربته بكلمة من مفتي ديار جمهورية أو من إمام أو كذا، كيف يمكن أن نعبر إلى التنفس اليومي إلى.. إلى مسام عقلنا وفكرنا وعقليتنا تجاه بعضنا؟

محمد علي التسخيري: الحقيقة أنا أعتقد أن الطريق هو تمثل مبادئ القرآن، يعني إذا واقعاً شعر الفرد المسلم بأنه يجب أن يعيش من على مستوى الأمة، ويخرج من همومه، ويخرج من الأصداف الذي صاغها لا شعوري والقوقعة التي قد يحيط بها نفسه، إذا خرج وعاش على مستوى الأمة حينئذ كل فرد منا يشعر بأن عليه أن يمد هذا الجسر وعليه أن ينفتح على الآخر بقوة، هذا الفرد العادي إذا كان الفرد من العلماء، أراد الرسول العظيم أن يكون العالم هو وريث النبوة، يعني العلماء ورثة الأنبياء، فإذا كان الأمر كذلك، فكما أن النبي يفكر بكل فرد من أفراد أمته العالم يجب أن يفكر بكل فرد من أفراد أمته، ويتحمل مسؤولية هذا التفكير.. التفكير مقدمة لتحمل المسؤولية والكون على مستوى المسؤولية، نحن اليوم أمة ضخمة –والحمد لله- ولا أريد أن أتفاءل أكثر من اللازم، أمة نملك قبل كل شيء مقومات الحضارة، ومقومات الحضارة الإنسانية المنفتحة حوارياً مع الآخر، ونملك طاقات المادية الكبري، والمواقع الاستراتيجية الكبرى، والشخصيات المفكرة الكثيرة، فلو ضمننا جهودنا إلى بعضها وعشنا ما أراده الإسلام، أراد الإسلام أن تكون مثلاً المذاهب سلوى، فعلينا أن نحولها إلى سلوى فكرية واجتماعية بدل من أن يكون الاختلاف المذهبي مثلاً اختلاف طائفي مقيتاً يمزق هذه الأمة، أراد الإسلام لنا أن نعيش – كما قلت لكم- مستوى الأمة فيجب أن نعيشها، إذا عشنا هذا، أنا أعتقد أن الخطوات الأخرى مفتوحة والطريق مهيأ، والهدف واضح، ونستطيع أن نصل إلى الهدف بكل سهولة.

كوثر البشراوي: نعم، سماحة الشيخ، كلامك جميل، ولكن الواقع يفرض نفسه، العالم الإسلامي ليس كله جمهوريات إسلامية، بل نموذج من الجمهوريات الإسلامية أو التشريع الإسلامي هو نادر في العالم الإسلامي، فبالتالي نحن نتعامل مع واقع آخر، نتعامل مع بلدان فيها الحكم لائكي مثلاً أو أتاتوركي أو يعني إلحادي في بعض الأحيان إلى درجة الإعلان والتباهي بذلك لكن هذا لا يسمح لأحد أن.. أن نقتطع من هذا العالم تلك الدول، هي تبقى جزء من العالم الإسلامي، على ضوء هذه الحقيقة يعني كيف تخاطب من لا يريد أن يكون تحت سقف الفكر الإسلامي، كيف تضع أيدك يعني تتقوى بأجساد مبدئية مسلمة، ولكنها بالضرورة ليس.. لا تشاطرك الرأي بل في بعض الأحيان هي أشد عداء لك من العدو الرسمي أو العلني؟

محمد علي التسخيري: الحقيقة أنا أعتقد أن الإسلام يشكل روح هذه الأمة، وأن الميل الإيماني موجود في كل فرد من أفراد هذه الأمة حتى ولو تقولوا بقول علماني لائكي، حتى ولو عاش أحياناً مبهوراً بالغرب وبالآخر، لكن الروح الإيمانية العامة هي الروح السائدة، المهم أننا كيف نُفعِّل هذا الإيمان ليوجه السلوك.

كوثر البشراوي: يعني إذا القرار السياسي معنى ذلك فيه – سماحة الشيخ- أنت عارف أنه في بعض الأحيان يمنع حتى السفر إلى إيران، في بعض الحيان لما الإيراني يريد أن يتوجه إلى بعض البلدان العربية أو.. أو الإسلامية، هناك حذر كبير في إعطائه هذه التأشيرة، يعني هناك ما يحول بين الوجه.. وجهاً لوجه هذا اللقاء المباشر بين مسلم ومسلم، فهناك أيضاً واقع واحد بيتحايل عليه.

محمد علي التسخيري: هذا الواقع، أريد أن أقول أن الاتجاه العام لدى أبناء الأمة لك هذا الإيمان إلى ضخ.. ضخ وعي حتى يرقى إلى مستوى السيطرة على السلوك، يعني الآية القرآنية تقول: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ).

يعني تخاطب المؤمنين تقول ألم يحن الوقت بأن يرتقي إيمانكم إلى مستوى السيطرة على المشاعر وتحريك المشاعر، إذا الإيمان سيطر على المشاعر بالتالي السلوك سوف يتحدد، مع الأسف إيماننا الجماهيري لم يرق إلى مستوى السيطرة على الأحاسيس، وبالتالي لن يؤثر على السلوك.

أنا أعتقد أننا إذا تصورنا أن الاتجاه العام الإسلامي، فيجب أن نلحظ ما هي المواقع من أن يحقق هذا الاتجاه الإسلامي ذاته، الموانع كثيرة كما تفضلت، يعني موجود حكومات متنافرة وموجود فئات تعمل بمصالحها، موجود أحزاب علمانية اليوم العلمانية تفتك بجسم هذه الأمة مع الأسف الشديد..

كوثر البشراوي: ومن داخلها..

محمد علي التسخيري: ومن داخلها، فنعتبر هذه الموانع، ونخطط لحذف هذه الموانع للوصول إلى تلك الدرجة المطلوبة، كما تفضلت، الآن الأمة الإسلامية

-مع الآسف- تمزقها حواجز، أضرب مثال قضية إيران قبل مدة بتوافق مع مؤسسة كويتية أقمنا هنا ملتقى لسعد الشيرازي وهو أحد الشعراء الكبار في إيران، هذا الرجل أصلاً ثقافته عربية، عنده الكثير من القصائد العربية، دُعي لهذه المنطقة حوالي مائتي شخصية عربية، عندما حضروا وشاهدوا إقبال هذا الشعب والمثقفين على اللغة العربية، على الفكر العربي وانفتاحهم على العالم العربي وشوقهم لمد الجسور، رأيت الكثير مما كتبوه بعد أن عادوا حتى بعضهم كان يلوم حكامه على وضع الجسور والفوارق.

أنا أعود فأكرر إذا فتشتِ قلب كل مسلم في إيران ستجدين.. ستجدين فيه العشق للعالم العربي والحب لانتصار العالم العربي والشوق للغد القرآني اللي يتحقق فيه التواصل الكبير، وأنا متأكد أيضاً أننا لو دخلنا في قلب كل مسلم عربي لرأيناه يريد أن ينفتح على العالم الإسلامي ويريد أن يشعر بأنه جزء من هذا العالم الإسلامي، فإذا كان الأمر كذلك أنا أعتقد أن الموانع التي تلقى -يعني اسمحي لي أن أقول- ما يطرح من القومية الشوفينية، نحن لسنا ضد القومية، القومية يمكنها أن تؤصل وتخدم، ولكن يجب أن تكون قومية إنسانية منفتحة على الآخرين..

كوثر البشراوي: أو على الأقل موازية.. على الأقل

محمد علي التسخيري: أو على الأقل، لكن يجب أن تكون تهدف الهدف العام لهذه.. هناك قومية القوميون الفارسيون هؤلاء بعضهم منفتح وبعضهم شوفينيون يعني منغلقون لا يريدون هذا الانفتاح، هناك قوميون عرب، هناك قوميون أتراك، نحن إذاً مع أن يفتخر الإنسان بنفسه بقوميته بعشيرته، والإسلام لا يمانع أن يفتخر الإنسان بعشيرته ويلتصق بها، لكن يجب ألا يكون على حساب الانصهار في الأمة الإسلامية الكبرى، إننا حتى على مستوى المنطق السياسي خاسرون إذا حصرنا القضية الفلسطينية في الإطار…

كوثر البشراوي: العربي.

محمد علي التسخيري: الشرق أوسط أو في الإطار العربي

كوثر البشراوي: صحيح.. صحيح.

محمد علي التسخيري: نخسر كثيراً، يجب أن يشعر المسلمون جميعاً أن فلسطين هي قضيتهم الأولى، ويجب ألا يقر لهم جفن عندما يرون أم فلسطينية تصرخ بالمسلمين، هكذا نريد للأمة الإسلامية أن تكون، ولا أستبعد أن نصل إلى هذا المستوى بعد أن يعمل المخلصون على حذف العوائق أمام ذلك الاتجاه الإسلامي العام.


أهداف رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية

كوثر البشراوي: نعم، هذه العوائق سماحة الشيخ لها مراحل أو لها مستويات مختلفة، المستوى السياسي لا.. أنا شخصياً أنا لا أفقه في السياسة ولا في الدين سماحة الشيخ، لذلك اعذرني يعني قاموسي محدود جداً في هذا المجال، ولذلك ألجأ إلى ما أعرفه ولا ما أريد أن أغوص فيه أكثر اللي هو المجال الثقافي، أنت تعرف أن التقارب مثلاً بين الرئيس خاتمي والأمير عبد الله يبتهج له.. تبتهج له كل قلوب المسلمين من المغرب إلى ماليزيا، ولكن القرار السياسي مقدور عليه لأنه في أيدي ساسة، أعود مرة أخرى إلى الثقافة، وأعود مرة أخرى إلى رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية التي أُنشئت سنة 94، 1994، وكنت أول رئيس لها مدى 7 سنوات، هذه الرابطة والتي تتعامل مع الخارج أساساً أو عملها ليس داخل إيران، هل استطعتم أن تبنوا ولو أجرة واحدة أو حجرة واحدة في هذا الجسر الذي كنا نتحدث عنه؟

محمد علي التسخيري: أنا أعتقد أن التوفيق من الله، ولكننا سعينا بجد لتحقيق الكثير من الأهداف.

أولاً: لمد جسور مع كل المنظمات الإسلامية الدعوية والإغاثية، وأنشأنا يعني ساهمنا في تقوية لجنة للتنسيق التي شُكلت في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، وعقدت مؤتمرات وندوات هنا ونسقنا معها جميعاً وكسرنا الكثير من الحواجز الوهمية التي كانت تقف بين إيران والعالم الإسلامي، بين إيران والعالم العربي، بين يعني ما يُتصور من فوارق مذهبية من فوارق جغرافية، كسرنا الكثير منها.

أعتقد أننا في إطار رابطة الثقافة والعلاقة الإسلامية طرحنا فكرة الحوار الإسلامي الإسلامي، وفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية في الواقع حوار إسلامي إسلامي شجعته هذه الرابطة وتحول إلى فكرة مقبولة اليوم على مستوى العالم الإسلامي، اليوم نجد مؤتمرات في المغرب، في الأردن، في مصر، في الجزائر، قبل أشهر عُقد مؤتمر عالمي نجد استراتيجيات ثقافية للتقريب، استراتيجيات ثقافية على مستوى أكبر من التقريب، يعني أنا أشير هنا إلى الاستراتيجية الثقافية التي اشتركت أنا.. والحمد لله- في كتابة بعض فصولها، التي وافقت عليها مؤتمرات القمة السادس والسابع والثامن، وإن كانت هذه الاستراتيجيات ما زالت على الرفوف العالية، لم تأخذ آلياتها التطبيقية على واقعنا، أعتقد أن الرابطة في مجال العالم الإسلامي ساهمت في دعم مؤسسات وفي دعم مراكز في.. في دعم مساجد، في نشر كتب، في.. وعلى المستوى العالمي أيضاً ساهمنا في إقامة حوار بين المسلمين والآخرين، يعني حوارات الإسلام والغرب عُقدت عشرات الجلسات مع المسيحيين عقدنا الكثير من الندوات في موسكو، وفي اليونان، في سويسرا، في سوريا، في الدول العربية الأخرى، يعني هذا الحوار أيضاً ينفعنا كثيراً لتجلية وجه الأمة الإسلامي.. الإسلامية الإنساني، والحمد لله نتيجة نشاط واقتراح السيد الرئيس الخاتمي قبلت الأمم المتحدة أن تجعل عام 2001 عام الحوار بين الحضارات، يعني فيما يقابل النظريات اللي طرحها المنظرون الأميركيون عن صراع الحضارات يجد العالم أن العالم الإسلامي هو يتقدم بقضية الحوار.

أعتقد أن الرابطة قامت بشيء والتوفيق من الله تعالى، ونرجو أن نواصل هذا الخط ونفتح الجسور، وأعتقد أيضاً قلت أنك لست متخصصة في السياسة، لكن هذا الجانب الثقافي عندنا هو حتى الموانع السياسية تزول، الآن العلاقات بين إيران والأردن كانت مقطوعة عادت، بين إيران والمغرب كانت مقطوعة عادت، بين إيران والجزائر كانت مقطوعة عادت، بين إيران والسعودية كانت متشنجة عادت علاقات طبيعية.

نحن نرجو أن يكون التأثير الثقافي واسعاً حتى على المجالات السياسية، وأملنا كبير بالله، ثم بإرادة الجماهير المسلمة لأن نصل إلى مستوى أفضل في المستقبل.


الفكر الإسلامي التطبيقي والتعامل مع عالم القرن الحادي والعشرين

كوثر البشراوي: نعم. سماحة الشيخ، اسمح لي أعود إلى بعض النقاط من باب فهمها أكثر، على ذكر الاستراتيجية الثقافية الموحدة.. الموحدة والتي ذكرت في آخر مؤتمر أو لقاء لوزراء الثقافة المسلمين، بصراحة أولاً الكلمة في حد ذاتها فخفاخة ضخمة مثل الجلباب تسع ماذا؟ تسع من؟ برؤية من؟ يعني.. يعني من يستفيد منها لغاية الآن كما قلت. أنت فيه رفوف عالية، يعتقد فوق السقف أصلاً، لأنه غير مفهومة من حتى الأكاديميين الذين حضروا الاجتماعات.

أنا اللي أريد أن أعرفه أيضاً مطلع القرن الحادي والعشرين له مواصفات مختلفة، نحنا اليوم يعني زاد القرن العشرين غير كافي واقتناعات وقناعات القرن العشرين غير كافية، أنت قلت أنه الرئيس خاتمي دعا إلى حوار الحضارات عام 2001، عام 2002 أو نهاية 2001 إلى 2002 العالم يتغير في اتجاه بشع جداً، لا هو حوار حضارات ولا حتى صراع الحضارات بمفهومه التقليدي، ندخل إلى زمن غريب اللي هو كأنه غربلة حضارات أو كسر إيد حضارات، أو محو حضارات، كيف يمكن أن نجد القاموس الفكري.. والتطبيقي للتعامل مع الواقع الجديد الذي فاجأ الجميع؟

محمد علي التسخيري: الحقيقة من الطبيعي لكل جيش إدارة بأن يدخل في معركة، أن يلملم صفوفه هو ويوحد قيادته، ويدرس استراتيجيته، بالمناسبة الاستراتيجية في الواقع مأخوذة من طروح عسكرية ثم نُقلت إلى مجالات ثقافية أخرى، عالمنا الإسلامي يجب أن يتفق على مرجعيته، يتفق على أسس مبادئه على استراتيجيته، يجب أن يتم حوار.. حوار إسلامي إسلامي أولاً، ثم بعد ذلك نبدأ بحوار إنساني.. حوار إسلامي مسيحي، إسلامي غربي، إسلامي يهودي، إسلامي مع كل الآخرين، يعني القرآن الكريم أعطانا نظرية رائعة في الحوار، أصلاً الإنسان المؤمن يصفه القرآن (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) يعني المؤمن يستمع أولاً ثم يتبع أحسن القول ثانياً، القرآن علمنا أسلوب موضوعي في الحوار الله يعلم الرسول يقول عندما تدخل في نقاش مع الآخرين فكن موضوعياً (قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) بهذه الروح الموضوعية الرائعة وباحترام الآخر، يعني القرآن أيضاً في نفس هذه السورة سورة سبأ بعد آيتين أو آية واحدة يقول عندما يريد أن يقرب قلوب الطرف الآخر، يقول: (قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ولم يقل تجرمون احتراماً للطرف الآخر، نحن يجب إذاً أن نلمم صفوفنا ثم نتحاور مع الآخرين، ونحن نعتقد أن الفطرة الإنسانية تؤثر أثرها حتى على مستوى العالم الآخر، وعلينا أن نبحث عن المساحات المشتركة، وأعتقد أن بهذه اللغة نستطيع أن نتغلب على العقبات، صحيح ما ذكرتي أن حوادث مثلاً حوادث الحادي عشر من سبتمبر قلبت الموازين، ولكنا نعتقد الذي.. أن الذي قلب الموازين هو ما نسميه بنزعة الاستكبار لدي الدول الغنية، يعني أميركا بعد حوادث 11 سبتمبر -مع الأسف- تحولت.. يعني هي صارت مدعية وهي صارت قاضية، وهي صارت الشرطي المنفذ في آن واحد، ولا يستقيم مع المنطق أن يكون الإنسان مدعياً وقاضياً ومنفذاً، أميركا تجاوزت حتى الأمم المتحدة، وراحت تنفذ مآربها باسم الصراع ضد الإرهاب، وطرحت فكرة الثنائية الغريبة التي لا تستقيم أيضاً مع منطق الثنائية التي تكون إما أن تكون معنا أو فأنت إرهابي.. أو فأنت إرهابي.

[فاصل إعلاني]

محمد علي التسخيري: أنا أقول لك في الشيء، مع الأسف الشديد أقولها بكل حرقة يعني، نحن في طهران اجتمعنا الدول الإسلامية، واتفقت على لائحة لحقوق الإنسان في نظر الإسلام، ثم ذهبنا إلى القاهرة، ووافق عليها وزراء الخارجية، و.. ذهبت هذه اللائحة إلى القمة، ووافقت عليها القمة، ووافق عليها مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأخيرة، مع الأسف الشديدة هذه اللائحة أيضاً بقيت كما أشرت على الرفوف العالية، ولم نعمل حتى نحن لتطبيق ما قررناه إنه هذا هو رأي الإسلام .. وبعض الدول قالت تقول.. نضيف هذه العبارة، تعمل الدول الإسلامية على تنفيذ هذه اللائحة إذا وافقت قوانينها الداخلية، يعني..جعلنا قوانين المسلمين الداخلية رقيباً على الإسلام نفسه الذي آمنا به، نحن لو نفذنا ما قررناه على الأسى.. على الأقل لو نفذنا ما قررناه لكان وضعنا أحسن بكثير مما نحن عليه.

كوثر البشراوي: نعم. سماحة الشيخ، أنا أبقى في إطار حالة الطوارئ التي يشهدها مطلع هذا القرن، كيف تتعامل مع من اختبأ وراء.. لا وعي الجبن يعني، هو يقول لك أنا لست جبان، لكن هذا منطق العصر، فبالتالي أنا مُجبر على إغلاق أو.. أو تغيير 90% من مناهج التعليم الإسلامية، لأنها أصبحت شبهة، وهذا يزيد على فكرة الفجوة، ويزيد المأزق مأزق في إطار التعامل الداخلي بين.. بيننا كمسلمين، وهذا الوضع أيضاً تبرؤ البعض يزيد مأزق كل بلد بمفرده، يعني لما الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما زالت تحكي عن الفكر الإسلامي، وعدد المنسحبين من الفكر الإسلامي يزداد أعتقد أنه تجبر فيها.. في لحظة ما من التاريخ على التبرؤ من الشرع الإسلامي، من القصاص، من قطع اليد، من.. مش عارفة إيش، كل القوانين هذيك، وألف شيء تنسحب منه، والحجاب، وكله.. كله يروح.

محمد علي التسخيري: في الحقيقة أشرت إلى نقطة جيدة جداً، أنا أريد أن أقول أولاً: عامل الخوف اليوم وهمي ، مع الأسف يجب أن نكون نحن المنصورين بالرعب، نحن ترعبنا أشياء وهمية، أميركا تصور نفسها القوة الأولى في العالم التي لا تقهر، في حين أنها حتى في أفغانستان لم تنتصر نصراً كاملاً، يعني أميركا لولا أن تكون هناك قوة في داخل أفغانستان تساعدها في مأربها، ولولا نوع من التخاذل الذي أحاط بالدول المحيطة بأفغانستان، لم تكن لتحقق ما حققته، وما زالت لحد الآن تعيش الرعب، وتعمل على حماية حتى قواعدها في أفغانستان، يعني إذن عامل الرعب أراه عامل وهمي، هذا أولاً

ولكن ثانياً أقول حتى لو كانت أميركا هي بهذا الشيء اللي تصوره وحتى لو كان الجيش الصهيوني الجبان، ومعروفٌ عن الجيش الإسرائيلي بأنه جبان، حتى وهو يملك الدبابات يخاف من طفل.. من طفل فلسطيني يتحرك خوفاً منه أنه مفخخ يفجره.

كوثر البشراوي: لذلك يقتله.. لذلك يقتله..

محمد علي التسخيري: يعني الجيش الجبان يجب أن لا يرعبنا، هذا الجيش حتى ولو كان قوياً، حتى ولو كانت أميركا قوية، ليش لأنه نشعر بأن الحق معنا، وأن الله معنا، والله أقوى من هؤلاء جميعاً. يجب أن لا يفتَّ هذا في عضدنا، فننهزم، وشر الشعوب هي المنهزمة داخلياً، يقول الإمام علي "ما غُزي قومٌ في عقر دارهم إلا ذلوا" يعني العدو يريد أن يغزونا في عقر دارنا، لا أقول في عقر أنفسنا، لنموت نفسياً، وهذا أمر أشار له القرآن الكريم أيضاً يعني، فرعون كان يستخدم أسلوب الهزيمة لدى الناس، ليفرض استكباره عليهم، القرآن يقول: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ) يعني جعلهم في أنفسهم خفيفين، يعني هم تصوروا أنه هذا قدرٌ من الله مفروض علينا، فرعون قدر إلهي، كما أن قانون الجاذبية قدر إلهي يجب أن نستسلم له، فالفرعونية قدر إلهي يجب أن نستسلم له، هذه الهزيمة تركتهم يعيشون راكعين ساجدين لفرعون، ولذلك يقول القرآن: (فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) ، يعني عندما حشر الجماهير هو نسي أنه يتقوى بهذه الجماهير، تصور أنها قوة ذاتية، فقال أنا ربكم الأعلى، وليس رب عادي، ربكم الأعلى.

نحن يجب أن لا ترعبنا كل هذه الأساليب، يجب أن نكون أقوياء، وأعزاء بالله تعالى، وأن نردد مع القرآن قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ) هذا قرآن، هذه ليست والعياذ بالله تصورات طوبائية، قرآ، يعيش معنا، ويوجه حياتنا، إذا انفصلنا عن القرآن انفصلنا عن ذواتنا، وعشنا حالة الرعب، والهزيمة التي أشرتِ إليها، أن يهرب الإنسان من إسلامه، أن يهرب الإنسان من عروبته، أن يهرب الإنسان حتى من إنسانيته فيتحول إلى لعبة بيد الأخرين، هذه الهزيمة الداخلية أشد الهزائم على أية أمة.


المرأة والثقافة والفن في إيران

كوثر البشراوي: نعم.. نعم، طبعاً هذه المواضيع محزنة، وأعتقد كل باب نفتحوه إلا وفيه شيء يطعن في صميم أحلام الإنسان.

سماحة الشيخ، أنا أول مرة.. يعني أنا أزور إيران، وبصراحة يعني صُعقت وصدمت، ربما لأن المشهد أكبر مما توقعت وربما لأنني.. لأن جهلي أكبر بكثير مما هو موجود في الداخل، ومُحزن جداً إنه بعض الإعلاميين اللي هم من المفروض أنهم أكثر الناس سفراً ومعرفة ودراية يعني يغوصون في هذا الكم المخيف من الجهل، كلما في.. في العالم العربي لما نتحدث عن جهة إسلامية نقول أنه هذا حرام حرام حرام حرام، فالحياة تتوقف، هكذا يُخيَّل لنا، أو هكذا أرادوا لنا أن نتوهم، وصلت إلى طهران وبعض المناطق الأخرى، وما راعني إلا أن الفنون هي في حالة فسيفساء، لم أشهدها في أي شبر من العالم العربي، وأقول هذا على ضمانتي وهذا رأيي، الشخصي طبعاً، استغربت هذه الفنون مزدهرة!! استغربت هذا الرسم هذا النحت، هذه الموسيقى، هذه الأغاني، هذا المسرح، هذه السينما، كل شيء يتوهج، واستغربت أيضاً هذه المرأة النشطة التي يعني تحظى بمناصب، والموضوع هو موضوع المرأة لا يطرح كقضية هنا يعني إنه شيء عادي، هذه حقوق عادية وتمشي الحياة، فإيران ثقافياً هل تدين لتاريخها أو تدين للجمهورية الإسلامية؟ أم أنها تركيبة تراكم عبر قرون، وتأطير إسلامي في خلال ها الـ 25 سنة؟

محمد علي التسخيري: أنا أعتقد أن إيران أُحييت مرتين في خلال التاريخ، ومرة عندما جاءها الإسلام. إيران قبل الإسلام –رغم ما يقول عنه المحرفون للتاريخ- قبل الإسلام لم تكن إلا.. إلا أمة لا قيمة لها، ومنحرفة عقائدياً، والظلم هي تعج به، وبمجيء الإسلام أُحييت إيران، ودخلت مسير الحضارة الإنسانية، وأحييت مرة أخرى بمجيء الثورة الإسلامية..، لأن نظام الشاه كاد يقضي على كل شيء في شخصية الإنسان الإيراني، ربط إيران (….) بأميركا حتى تحولت إيران إلى جزيرة أمان أميركا، ودعم العدوان الصهيوني بالنفط، وكسر شخصية الإنسان الإيراني والمرأة الإيرانية، وحتى تاريخ إيران حول هذا التاريخ.. حوله.. التأريخ العادي حوله، المرأة راحت.. الرجل انحذف، يعني أنا أقول شخصية وذاتية الإنسان الإيراني كإيراني محيت.. بمجيء الثورة الإسلامية كان هناك تخطيط، أنا لا أقول أن الثورة حققت كل أهدافها، الثورة الإسلامية سارت في طريق تحقيق الأهداف، ولا أدعي مطلقاً أن أهداف الثورة قد تحققت.

كوثر البشراوي: والجنة الفاضلة غير موجودة على الأرض.

محمد علي التسخيري: وبعد جنة فاضلة، هناك نقائص كثيرة،ولكننا سعينا، يعني أردنا، في مجال التعليم، في مجال الإعلام، في مجال الاقتصاد، في مجال الحقوق، ومن جملة الخطوات التي طرحتها الثورة إحياء شخصية المرأة، يعني قالت للمرأة أنت شخصية قائمة يمكنك أن تساهمي في كل البناء الساسي، الإجتماعي، الاقتصادي، الحقوقي، الدولي.

المرأة المسلمة اليوم شرط واحد، الشرط الواحد، هذا شرط إنساني كما قلت وإسلامي، يعني يجب أن تحققي عنصر العفة التي أرادها الإسلام.. الذي أراده الإسلام، العفة تتحقق، وحينئذ ما عندي شرط آخر، عليك أن تفعلي ما.. يعني أنت تتضامين مع الرجل في الولاية العامة، يعني القرآن يقول: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ). المرأة والحمد لله دخلت في الساحة..

كوثر البشراوي: بقوة.

محمد علي التسخيري: تواجدت في.. اتجهت.. تواجدت في البرلمان بقوة، تواجدت في الجامعة بقوة، اليوم ربما أكثر من 50% من طلاب الجامعات من الأخوات، اللي هما قد يبلغون مليون ونص في إيران، اليوم في الإعلام المرأة قوية وموجودة، اليوم في الإعلام المرأة قوية وموجودة، في العمل الخيري، في.. في المظاهرات السياسية، في صلاة الجمعة المرأة نصف هذه الصلاة، المرأة اليوم شكلت مئات الجمعيات غير الحكومية.

كوثر البشراوي: يعني النقطة اللي.. اللي آثارتني أكثر سماحة الشيخ، ليس فقط عدد المناصب أو المساحة التي تحتلها، شخصية المرأة الإيرانية.

محمد علي التسخيري: شخصيتها حسب القضية الإسلامية.

كوثر البشراوي: يعني أنا.. أنا يعني أنتمي إلى تونس، بلد يعني مفروض يقال عنه أنه عنده حركة نسائية قوية وكذا، يعني ممكن أنت تنجز كمؤسسة، لكن الفرد ربما ليس جاهز لقرارات….

محمد علي التسخيري: يعني، هي حقيقة.

كوثر البشراوي: أنا اللي.. اللي فعلاً جلب انتباهي أنه المرأة من داخلها سبحان الله، يعني بصراحة القوة لله، أنا أهنيكم على فكرة.

محمد علي التسخيري: أنا أشعر بأن المرأة تحولت كما.. وتحولت تحول ذاتي، يعني في ذاتها، يعني أحسست بقيمتها.

كوثر البشراوي: من داخلها أيوه.

محمد علي التسخيري: وخطأ اللي يعني النظم المنحرفة تُشعر المرأة بأن عليها أن تنزوي، وكأنه قدر إلهي.

كوثر البشراوي: نعم.

محمد علي التسخيري: هذه النقطة أعادها الإمام الخوميني، أول كلمة قالها للمرأة عندما اجتمعت النساء قال لهن " أنتن قائدات هذه الثورة.. أنتن قائدات هذه الثورة، ونحن تبع لكم في مسيرتها" يعني هذا إعطاء شخصية المرأة الإيرانية اليوم، والحمد لله تشعر بالقيمة، ولا أراها.. ولا أراها اليوم حققت كل أهدافها، وهي مسؤولة إذا لم تحقق أهدافها، عليها أن تعيد لملمة نفسها.. نفسها من جديد، وتطالب بكل حقوقها، ولا أراها حصلت على هذه الحقوق، وأمامها ميدان واسع، فلتتقدم، وفلتمشي بقوة، وأعتقد أن هناك الكثيرون.. الكثيرين من أنصارها في هذا المجال.

كوثر البشراوي: نعم. أنا اللي حبيت أسأله، نحن في عقليتي أنا كعربية لما نقول منهج إسلامي أو.. أو حكم إسلامي هناك بتر لبعض الفنون، بتأويلنا أو بعقليتنا، نحن أيضاً كواطنين هكذا يعني تكون ردة فعلنا، لكن أنا مش فاهمة شيء، هل أنتم سمحتم لكل الفنون بالإزدهار والبقاء؟ و.. يعني لم تطال يدكم بالرقابة على الفنون؟ أم أن رؤيتكم الدينية أو طريقتكم في تفسير الأشياء هي التي تسمح بالنحت وازدهاره، وبالرسم وازدهاره،وبالسينما وازدهاره، والمسرح وازدهاره؟ يعني لو توضح لي السبب الأساسي يعني.

محمد علي التسخيري: أنت يعني وضعت يدك على النقطة المهمة، نحن لم نتجاوز النصوص الدينية في سماحنا لأبعاد الفن، بالعكس، عشنا مع روح الدين في السماح للفن بالانطلاق..

كوثر البشراوي: .. بتحكي.

محمد علي التسخيري: أريد أن أقول.. أريد أن أقول بدقة، نحن نعتقد أن الفن هو عمل فطري، يعني الفنان الأول هو الله تعالى، اللي قدم لنا هذا القرآن بعظمته، وكتاب الفن الرائع هو القرآن العظيم.. نحن نعتقد أن الفن هو عملية تناسق تنسجم مع الفطرة، فإذا كان الإنسان الفلاح في عصور الإقطاع يهتز للمنظر الجميل، فالحكم اليوم في عصور الذرة أيضاً يهتز للفن الجميل، ليش؟ لأن الفن الجميل هو تناسق ينسجم مع فطرته، هذه هي نظرتنا للفن، ولذلك نحن سمحنا بكل أنواع الفنون ما عدا الأساليب التي نعتقد أنها تخرِّب الفن وتمزق الفن.

كوثر البشراوي: مثل إيه؟

محمد علي التسخيري: مثل أساليب تحويل المرأة إلى.. إلى.. إلى آلة بيد الرجل، إلى ألعوبة بيد الرجل ليشبع به نزواته من خلال أساليب الرقص والأساليب الخلاعية، هذا ضرب لإنسانية الإنسان، وضرب لإنسانية المرأة..

كوثر البشراوي: وعدم احترام المرأة نفسها

محمد علي التسخيري: وعدم احترام المرأة، أو مثلاً الأساليب الفنية التي.. أريد أن أقول لا تتناسب إنسانياً، لا أريد أن أفسر، ولكن أقول سمحنا بالفن، بالأناشيد، سمحنا بالموسيقى غير المميعة، سمحنا بالرسم، بالمسرح، بالسينما، أفلام إيران اليوم، تحوز حتى على..

كوثر البشراوي: الجوائز العالمية.

محمد علي التسخيري: الجوائز العالمية الأولى.

كوثر البشراوي: صحيح.

محمد علي التسخيري: ليش؟ لأنها تحمل مضمون، سمحنا بكل أساليب الفن، ولا نمانع فيه، ونعتقد أن مما.. من أسخف ما قام به طالبان في أساليبهم القشرية هي قية القضاء على آثار فنية من العصور القديمة لم تكن تمتلك أي مضمون عقائدي، حتى أنها قضت على رؤوس بعض التماثيل في المتاحف، هذه أساليب سخيفة لا يرضاها الإسلام.

[في الحلقة القادمة]

محمد علي التسخيري: يعني أريد أن أقول هناك توافق، ليس هناك قاصر ديني.

كوثر البشراوي: نعم

محمد علي التسخيري: لا بل هناك توافق ديني مع الحياة، ومن الحياة الفن

كوثر البشراوي: نعم.

محمد علي التسخيري: الإنسان بلا فن كرسي

كوثر البشراوي: صحيح.

محمد علي التسخيري: الإنسان بلا فن حائط.

كوثر البشراوي: صحيح.

محمد علي التسخيري: الإنسان مع الفن إنسان.