تحقيقات الجزيرة

مصيدة الفساد.. بالوثائق والفيديو الكشف عن عملية فساد قطاع الأسماك بناميبيا

أجرت وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة تحقيقا عن حقوق الصيد في ناميبيا، واعتمد التحقيق على وثائق سرية قدمتها مؤسسة “ويكيليكس” للجزيرة وتصوير سري يفضح وزراء الحكومة والمسؤولين بناميبيا.

أجرت وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة تحقيقا حول حقوق الصيد في ناميبيا، واعتمد التحقيق على وثائق سرية قدمتها مؤسسة "ويكيليكس" للجزيرة وتصوير سري قام به فريق العمل، ويفضح التحقيق وزراء الحكومة والمسؤولين ممن هم على استعداد لبيع مقدرات ناميبيا مقابل رشاوي بملايين الدولارات.

وكشف التحقيق الذي بث ضمن برنامج "تحقيقات الجزيرة" بحلقة (2020/4/5) عن الفساد المستشري في قطاع صيد السمك في ناميبيا، وقد اعتمد على تصوير شخصيات مقربة من رئيس ناميبيا "هاجي جينغوب" وهم يناقشون غسل أموال وردت لهم كتبرعات سياسية.

وحاول صحفيو الجزيرة -الذين تظاهروا بأنهم مستثمرون صينيون- الدخول إلى قطاع صيد السمك في ناميبيا، للحصول على حصص الصيد المربحة لصالح مشروع مشترك مع شركة صيد السمك الناميبية "أوموالو".

ويقوم التحقيق أيضا على وثائق كان جوهانيس ستيفانسون الموظف السابق في شركة صيد السمك الآيسلندية "سامهيرجي" قد سربها إلى موقع ويكيليكس.

وأمضى الصحفيون نحو ثلاثة أشهر في حالة من التخفي والتظاهر بأنهم مستثمرون أجانب، وخلال ذلك صوروا وزير الثروة السمكية "بيرنهارد إيساو" وهو يبدي الاستعداد لاستخدام شركة وهمية لتلقي 200 ألف دولار على شكل تبرعات سياسية.

واعتمادا على شهادة حصرية لواش كان يعمل في الماضي لدى أضخم شركة أسماك في آيسلندا، حيث يكشف للبرنامج أن رؤساء الشركة كانوا قد كلفوه برشوة الوزراء وحتى رئيس ناميبيا نفسه مقابل الحصول على حقوق الصيد التي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.

وفي اللقاء الأول بين المستثمرين المزعومين مع وزير الثروة السمكية طلب منهم هاتف "آيفون" لتسهيل أعماله، وبعد استلام الهاتف طلب أيضا تبرعا قدره 200 ألف دولار لصالح حزب "سوابو" الحاكم كدعم للحملة الانتخابية.

وبناء على تعليمات الوزير عن طريقة تحويل الأموال كان التبرع للحزب سيخضع لعملية غسل أموال بذريعة أنه استثمار أجنبي في قطاع العقارات، وليس موجه بصورة مباشرة للحزب.

وعندما طلب الصحفيون الحصول على تأكيد حول ما إذا كانت الأموال ستصل إلى الحزب قال لهم الوزير "يا جماعة، عليكم الحذر من الحديث للناس عن الدفع للوزير وإلا ستنتهون هكذا" وأشار بيده إلى وضع أغلال عليها.

رشى وواشي
وبينما كان صحفيو الجزيرة المتخفون يتفاوضون على الشراكة مع "أوموالو"، طلب منهم دفع مبلغ 500 ألف دولار ومنح حصة قدرها 20% من المشروع المشترك "لمايك نغيبونيا" المدير التنفيذي لشركة صيد الأسماك الحكومية المعروفة باسم "فيشكور"، مقابل منح المستثمرين الصينيين أفضلية للحصول على حصص الصيد.

وتظهر الوثائق التي عثرت عليها الجزيرة أنه ومنذ عام ٢٠١٢ وحتى اليوم، دفعت "سامهيرجي" ما يزيد على عشرة ملايين دولار لوزير الثروة السمكية، وكذلك للشركات التي يملكها شانغالا وتلك التي يملكها صهر وزير الثروة السمكية، ولابن عمه رئيس شركة "فيشكور".

وكانت أغلب هذه الدفعات مقابل فواتير موجهة لشرطة "سامهيرجي" باعتبارها "رسوم استشارات"، وذلك بحسب ما ورد في الوثائق المسربة.

ويزعم الواشي ستيفانسون أن تلك الدفعات كانت رشى الهدف منها ضمان منح "سامهيرجي" موقعاً متميزاً في قطاع صيد السمك في آيسلندا.

استقالة واعتقال
وبعد وقت قصير من تواصل الجزيرة مع حكومة ناميبيا وطلب التعليق على الموضوع تقدم كل من وزير الثروة السمكية ووزير العدل بالاستقالة من منصبيهما، وجرى اعتقالهما في وقت لاحق بتهم فساد.

كما استقال جيمز هاتويكوليبي من منصبه كرئيس لشركة "فيشكور" وتم اعتقاله بتهم فساد، بينما تنحى ثورستين مار بالدفينسون من موقعه كمدير تنفيذي لشركة "سامهيرجي" وبانتظار التحقيق الداخلي الذي تجريه الشركة لتقرير مصيره.

وقد قامت وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة بإجراء التحقيق بالاشتراك مع محطة التلفزيون الحكومية في آيسلندا واسمها "آر يو في" ومع مجلة "ستوندين" الآيسلندية.

وكان موقع "ويكيليكس"قد نشر ملفات ما بات يعرف بقضية "السمك المتعفن" تحتوي على رسائل إلكترونية ومذكرات وعروض بواربوينت وسجلات مالية للشركة وصور وأفلام فيديو، كلها تظهر كيف تواطأت شركة "سامهيرجي" إحدى أضخم شركات صيد السمك في آيسلندا، مع كبار السياسيين ورجال الأعمال في ناميبيا للفوز بحظوة ومعاملة مفضلة فيما يتعلق بحقوق صيد السمك في المياه الإقليمية للبلاد.