مهمة سرية في قبرص.. أطاحت بسياسيين وكشفت عبر مراسل متخفٍّ كيف يباع جواز السفر للمجرمين
حيث كشف مراسلون متخفون برنامجا من مسارين للحصول على الجنسية القبرصية من خلال الاستثمار، إذ يدفع أصحاب الطلبات الذين لديهم مشاكل، مبالغ أكبر من المال.
ويقود التحقيق إلى أعلى مناصب الدولة القبرصية، حيث عُرضت عليهم خطة لتجاوز القوانين.
وتمكّن فريق البرنامج من كشف تورط سياسيين ورجال أعمال كبار في تسهيل الحصول على جواز سفر أوروبي للمجرمين، عن طريق استغلال برنامج الاستثمار مقابل الجنسية، والذي يتيح لأي شخص أن يستثمر 2.5 مليون دولار ويحصل بموجبه على جواز السفر القبرصي.
وكانت وحدة تحقيقات الجزيرة قد كشفت عن أوراق سرية -أسمتها "أوراق قبرص"- تثبت أن ما يقارب 2500 شخص اشتروا جوازات سفر قبرصية، كان أغلبهم مجرمون فارّون من العدالة.
وقد كان من بين المتورطين في هذه العمليات رئيس البرلمان ديمتريس سيلوريس، وعضو البرلمان كريستاكيس جيوفاني الذي يملك واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في البلاد.
التخفي
وللتمكن من التوغل في أسرار عملية بيع جواز السفر عن طريق الاستثمار، انتحل الصحفي شخصية رجل أعمال صيني هارب من العدالة استعار اسم "بيلي"، وكانت برفقته مساعدته التي أطلقت على نفسها اسم "آنجي".
ورغم تصريح بيلي بأنه هارب من السجن، فقد تمكن من التواصل مع جميع الشخصيات السياسية التي من شأنها أن تسهّل له الحصول على جواز السفر القبرصي، وقد أكدوا جميعا له أن هروبه من العدالة لن يكون عائقا ما دام سيدفع مبلغا استثماريا مهما.
وقد أكّد مقدّم الخدمات المسجل لدى برنامج الاستثمار القبرصي أندرياس بيتادجيس، أثناء حديثه مع بيلي، أن الهروب من العدالة لن يحول دون حصوله على جواز السفر القبرصي، مشددا على أن لديهم طرقهم الخاصة لتبرير كل شيء، وقد تمكن من الحصول على الموافقة على طلب جواز سفر لشخص آخر متهم بالفساد وغسل الأموال، ولديه الآن تأشيرة بانتظاره من دون أدنى مشاكل.
كما اقترح عليه تغيير اسمه في جواز السفر، وهو ما يسمح للمجرم المدان بعد حصوله على جواز سفر جديد بحمل هوية جديدة تماما، وقال "بالطبع نستطيع تغيير الاسم، هذه قبرص".
ومن ضمن المؤسسات التي تقوم على توفير الخدمات للمستثمرين الأثرياء بشكل خاص، نجد مجموعة جيوفاني المتخصصة بتطوير العقارات والتي أسسها عضو البرلمان جيوفاني، وقال مديرها التنفيذي أنطونيس أنطونيو إنه ينبغي على الشخص الذي يعمل لديه بيلي (مراسل الجزيرة المتخفي) أن يأخذ بالاعتبار الاستثمار أكثر في قبرص، بمبلغ يصل إلى 20 مليون يورو، وذلك رغم معرفته بأنه كان مجرما مدانا.
ولحل أي مشاكل قد تظهر، بيّن بيتادجيس أن الطلبات يمكن أن تقدم بأسماء أفراد عائلة من لا يسمح لهم بالتقدم بأنفسهم، وفيما بعد يمكن للمجرم أن يقدم طلبا للالتحاق بالعائلة.
استقالات سياسيين
ولكن عندما وُوجه الأشخاص المعنيون بالأدلة، نفوا جميعهم ارتكاب أي مخالفة، وزعموا أنهم كانوا أصلا مرتابين في الفريق المتخفّي، وأنهم ساندوا وقدموا تقريرا رُفع ضد الصحفيين لدى وحدة مكافحة غسيل الأموال في قبرص.
وبعد بث النسخة الإنجليزية من هذا البرنامج في 12 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، قالت المفوضية الأوروبية "إن مسؤوليها كادوا ألا يصدقوا ما شاهدوه". وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول استقال كريستاكيس جوفاني من منصبه عضوا في البرلمان. وبتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول استقال ديمتريس سيلوريس من منصبه رئيسا للبرلمان.
كما أعلن المدّعي العام في قبرص فتح تحقيق جنائي في القضايا التي أثارها التحقيق. وبتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستتخذ إجراءات عقابية بحق قبرص على خلفية انتهاكها قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمنح جوازات السفر.