تحت المجهر

إسبانيون يرحلون للمغرب بحثا عن وظائف

تطرقت حلقة 8/1/2015 من البرنامج إلى هجرة الشباب الإسباني إلى المغرب هربا من الأزمة المالية التي تواجهها بلادهم، والتي عصفت بستة ملايين وظيفة وأدت لارتفاع نسبة البطالة.

الأزمة التي ضربت إسبانيا لعدة سنوات، دفعت أعدادا كبيرة من المواطنين الإسبان إلى الهجرة. العديد من هؤلاء هم من الشباب الذين يشعرون بالإحباط جراء توقعاتهم المستقبلية، ولا بديل لديهم لكسب العيش إلا الهجرة كما فعل أجدادهم. 

ولكن على عكس أسلافهم، اختاروا الذهاب لموانئ و مدن أخرى لبدء رحلتهم من جديد. المغرب هو واحد من تلك النقط الرئيسية التي تعرف تدفقات الهجرة الجديدة للشباب الإسبان.

موجات الهجرة من الجنوب، و خاصة من المغرب العربي إلى أوروبا، تغيرت الآن. وها هم الإسبان  يقررون السفر للبلدان الأفريقية. مضيق وبضع كيلومترات تفصل بلدين وقارتين وثقافتين وطريقتين لرؤية العالم، على مسافة واحدة من التحامل والأحكام المسبقة، توحدهما الجغرافيا والتاريخ.

بلباو وسان سيباستيان، والدار البيضاء وطنجة، هي المواقع التي صورنا فيها  قصص شخصيات حلقة "الشاطيء الآخر" من برنامج "تحت المجهر".

فكرة مرافقة شاب باسكي في رحلته إلى الدار البيضاء بالمغرب، جذبت اهتمامنا، فهو واحد من هؤلاء الخريجين الشباب الذين لا يتوقعون شيئا من بلادهم. يسافر باسكي مدعوما بتكوينه المهني ورغبته في الغوص في ثقافة أخرى.

في نفس المدينة، الدار البيضاء، التي تعتبر المركز الصناعي الرئيس والمعقل الأساس للمجتمع المغربي، تعيش ناتاليا، مصممة ملابس إسبانية شابة، منذ بضع سنوات. تشتغل وهي محاطة ببريق عالم الموضة وقيم المرأة الإسلامية. هنا خبرت معنى التسامح وقبول الآخر.

قصتان أخريان تمثلان نماذج مختلفة من الاندماج، طاه إسباني بمدينة  طنجة الذي فتح مطعمه الخاص لتقديم الطعام الإسباني للعمال ورجال الأعمال الإسبان. مطعمه جزيرة ثقافية وسط هذا الجيب الأفريقي، وعلاقته  مع المجتمع المغربي تبدأ و تنتهي مع عمله. هدفه الوحيد هو العودة يوما ما.

شخصيتنا الرابعة، وجدت طريقة لإعادة بناء حياتها من جديد هنا. ماركوس، شخصيتنا الأكبر سنا، يعمل في عالم البناء، وهو خير مثال على الاستيعاب، لا يرى مستقبلا له إلا على  الجانب الجنوبي من المضيق.

كل هذه القصص تمثل حالات اختلفت  أنماطها في طريقة الاندماج، و هدفنا كان هو تسليط الضوء على كيفية استجابتهم لدورات الهجرة التي لا تحدث عشوائيا، والتي تتزامن مع الركود الاقتصادي في بلدانهم، والتي تتكرر على مر التاريخ، لكنها تختلف عن الهجرات الأخرى. المغرب ليس فقط أرض الفرص ولكن أيضا بلدا يوفر استقبالا، وتوأمة قائمة على الصداقة والرعاية.

مع كل هذه المعاناة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الوجدانية، سر اندماج المهاجرين يكمن في علاقة التفاهم المتبادل بينهم وبين البلدان التي تستقبلهم، وأيضا التأمل الذاتي لظاهرة الهجرة والسعي لإعادة النظر في مواقفنا داخل حدودنا.

نفس التكوين ينطبق على فريق العمل، الذي جمع بشكل متناسب، مغاربة وإسبان. كانت فرصة سانحة للمعرفة والتعلم. وحيث أن الفيلم صنع بين المغرب و إسبانيا، فإن هذه الميزة جلبت العديد من الإيجابيات والمخاوف كذلك. فالمسافة و صعوبة فهم بعضنا البعض، وكذلك المدة المخصصة للتصوير، جعلتنا  نذهب في اتجاه بعيد عن الارتجالية، مركزين على صناعة مشاهد محدودة في وقتها، لكنها أكثر إدراكا للواقع.

باختصار، يمكننا القول أن دينامية العمل، جعلتنا نتحدى ونثري الموضوع دون أن نكون على علم مسبق بالعديد من الأشياء. الفريق اشتغل لتحقيق هدف مشترك، وهو تطوير تجربة خطاب موحد.

المخرج: خوليو أسكاراتي