
إسرائيل وصناعة العلم
– حاسوب الفايتساك
– نظرية الأمن الإسرائيلي
– التفوق العسكري الإسرائيلي
– المصالح الإسرائيلية الأميركية
– إسرائيل على الخريطة في مجال التكنولوجيا
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
شمعون بيريس/ رئيس دولة إسرائيل: كانت الشركات الإعلامية الكبيرة تحضر إلى هنا.
نحمان أورون: هذه مسألة وجودية لنا
جمال زحالقة/ عضو كنيست وباحث في الصيدلة: اف 16 في إسرائيل ليس اف 16 في السعودية.
عصام مخول/ رئيس معهد اميل توما للأبحاث:هذه التكنولوجيا ملطخة بالدم.
تعليق صوتي: أنشأت الحركة الصهيونية منذ أوائل القرن الماضي بدعم غير محدود من الانتداب البريطاني أول رعيل يهودي أعطى أولوية استثنائية للتطوير العلم والتكنولوجي، كان الهدف دعم الوجود اليهودي في فلسطين وتأسيس بنية علمية لأهداف السيطرة على الأرض تمهيداً لإقامة الكيان الصهيوني، ضمن هذا السياق تحققت إقامة معهد العلوم التطبيقية التخنيون عام 1924 والجامعة العبرية عام 1925 التي حضر افتتاحها آرثر جيمس بلفور صاحب وعد بلفور ثم معهد وايزمان للأبحاث العلمية آواخر الثلاثينات وكلها مؤسسات تم احتضانها من قبل الانتداب البريطاني.
يهوشواع زئيفي/ رئيس كلية هندسة الكهرباء- التخنيون: التخنيون هو أول جامعة أقيمت في إسرائيل ضمن رؤيا تبناها البعض في تلك الفترة في سنوات العشرين وقبلها، لقد أدرك هؤلاء أن مستقبل هذا المكان سيكون للتكنولوجيا، وعندما أخذت صناعة التكنولوجيا المتطورة بالتشكل في البلاد اعتمدت بطبيعة الحال على صناعة المعرفة. التخنيون هو أساس البنية العلمية وهي تتركز فيه وفي مراكز أبحاث جامعية أخرى مثل معهد وايزمان والجامعة العبرية والجامعات المختلفة.
يسرائيل بار يوسف/ نائب رئيس معهد وايزمان: معهد وايزمان أقيم قبل حوالي 76 سنة، في البداية لم يتأسس كمعهد وايزمان إنما كمعهد زيف وقد كان مختبراً صغيرا للكيمياء الحيوية، في عام 1949 جرى تغييره وتحول من مختبر للكيمياء الحيوية والزراعة إلى معهد أبحاث وحمل اسم حاييم وايزمان وهو رئيس الدولة الأول تكريما له، وشغل أيضا أول رئيس للمعهد. في السنوات الأخيرة أدرجنا في قائمة أفضل مراكز الأبحاث في أوروبا على الإطلاق وحتى عندما نقارن بالمعاهد الراقية مثل كامبردج أو أوكسفورد أو أي جامعة كبيرة أخرى في أوروبا فإن هذا المعهد الصغير يظل مدرجاً في قائمة الخمسة الأوائل.
عصام مخول/ رئيس معهد اميل توما للأبحاث: الحقيقة أن إسرائيل منذ البداية كانت مهتمة بالعلوم التكنولوجية والتطور التكنولوجي، التخنيون قام كجزء من التأسيس لدولة إسرائيل، الأمر البارز أن إسرائيل استوعبت خلال سنوات الهجرة إلى فلسطين حتى قبل قيام إسرائيل وبعد قيام إسرائيل بشكل أكثر أعدادا هائلة من العلماء والكفاءات الجاهزة التي لم تكن بحاجة لتصرف عليها أي شيء يعني إسرائيل لم تستثمر في معظم الكفاءات العلمية التي وصلت إليها، وساهمت في بناء تكنولوجيا حديثة ومتطورة في إسرائيل منذ البدايات الأولى وحتى الآن.
جمال زحالقة/ عضو كنيست وباحث في الصيدلة: هم حاولوا حتى أن يجلبوا أنيشتاين إلى إسرائيل لكنه رفض ذلك واقترحوا عليه أن يكون رئيساً للجامعة العبرية وأن يترأس معهدا تكنولوجياً كبيراً، أنيشتاين لأنه لم يكن موالياً للصهيونية رفض هذا الإقتراح ولكن كانت هناك عملية اصطياد للعلماء اليهود ومحاولة جرهم إلى هنا لبناء.. لأنه كان هناك مخطط لبناء أمة ومخطط لبناء دولة، على هذا الأساس بن غوريون في حينه وهو الرأس المدبر للدولة اليهودية رأى بأن التكنولوجيا العالية والعلوم والجامعات هي مركب هام جداً حتى تبنى الدولة وتبنى الأمة.
تعليق صوتي: في الخمسينات كان الرعيل الأول لليهودي في مجال التكنولوجيا يدخل عقده الثالث ولذلك لم يكن غريبا أن يسمع في إسرائيل عام 1954 أول حاسوب للأغراض العلمية ليكون سادس حاسوب يصنع في العالم.
أفيعزري فرنكل/ أحمد مهندسي حاسوب الفايستاك: المبادرة جاءت من طرف البروفسور حاييم لايفي بيكاريس الذي شغل منصب قسم الرياضيات العملية في المعهد، لقد عمل لفترة محددة في مركز الأبحاث المتطورة في جامعة برنستون وعندما جاءه العرض لأن يتولى منصب رئيس قسم الرياضيات العملية أعلن موافقته شريطة أن يأتي برفقة حاسوب. حضر إلى هنا مهندسٌ البروفسور جيرالد استرن وكان عضوا في مجموعة جونيفن نويمن في برنستون، وهي المجموعة التي بنت أول حاسوب من هذا النوع وجمعوا مجموعة من المهندسين والتقنيين وهكذا تعلمنا كيف نبني الحاسوب. ينبغي ألا ننسي أنه في تلك الفترة لم تكن بالبلاد أي بنية تحتية لصناعة متطورة، وقد قمنا بتصميم قطع لهذا الحاسوب في محل لقطع غيار الدراجات في هازور، وهم وافقوا على تصنيعها من أجلنا، وزارة الأمن أرادت أيضا أن تمتلك حاسوبا فقامت بشراء حاسوب كيلكو 2000 وهذا ما دفعهم لتأسيس ممران بمعنى أن وحدة الاستخبارات ممران تأسست بإيحاء ما شاهدوه هنا في هذا الحاسوب.
تعليق صوتي: كان الجيش الإسرائيلي يستخدم حاسوب الفايتساك الموجود في معهد وايزمان إلى أن تم الإقرار بضرورة شراء حاسوب مستقل يخدم أهداف الجيش، وفي عام 1959 تأسست وحدة ممران وهي أول وحدة حوسبة عسكرية وكانت تابعة لسلاح الإتصالات والاستخبارات العسكرية، وعين رجل المخابرات مردخاي كيكايون كأول رئيس لها على يد الكولونيل اسحاق رابين الذي كان يشغل في حينه منصب رئيس وحدة أجام وأصبح فيما بعد رئيس وزراء إسرائيل، وفي عام 1961 وصل حاسوب الفيلكو من سان فرانسيسكو الأميركية إلى ميناء حيفا ليكون اول حاسوب عسكري أميركي الصنع يمتلكه الجيش الإسرائيلي.
افيتال بيكرمان/ الناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي: كانت تكلفة الحاسوب حينها مليوناً ونصف مليون ليرة وهو مبلغ ضخم قياسا بتلك الفترة وبالمناسبة فإن استعداد الجيش لإنفاق مبلغ كهذا على حاسوب إنما يدلل على جديته واهتمامه بالموضوع في فترة كان الجيش فيها لا يزال جديداً وامكانياته محدودة. يمكن أن نلاحظ من عام 1940 وحتى اليوم صغودا مستمراً في استثمارات الجيش بالتكنولوجيا من خلال الأموال والقدرات البشرية، مرة بسبب حاجاتنا الوجودية هنا ومرة لكون التكنولوجيا دائمة التغيير مما يضطرنا إلى ملائمة ذاتنا وقدراتنا للتحديثات.
شمعون بيرس: سأروي لك حكاية طريفة عندما جئت باقتراح تأسيس صناعة جوية حاولوا في إسرائيل في تلك الفترة إنشاء صناعة دراجات هوائية وفشلوا في ذلك فقالوا لي: عمن تتحدث فنحن لا نجيد صناعة الدراجات فكيف لنا أن نصنع الطائرة، والنتيجة أن الدراجات فشلت والطائرات نجحت.
تعليق صوتي: سرعان ما تبين أن الانشغال الإسرائيلي بالعلوم التكنولوجية أو بالحوسبة كان لأهداف عسكرية ولأغراض فرض التفوق العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وقد استعانت إسرائيل بالخبرات والقدرات الخارجية وبالأساس من فرنسا التي قدمت لها الدعم بلا حدود في تطوير الصناعات الجوية وفي تزويدها بالمعرفة النووية ومساعدتها في بناءالمفاعل النووي في ديمونا. الدعم الفرنسي لإسرائيل بقي على حاله حتى النكسة فقد أعلنت فرنسا شارل ديغول احتجاجا على عدوان حزيران عام 1967 عن مقاطعة إسرائيل عسكريا ووقف الدعم والخبرات والإرشاد للدولة العبرية، وبهذا فقدت إسرائيل حليفاً استراتيجياً قدم لها الكثير في السنوات العشرين الأولى من ولادتها.
اورنا بيري/ صاحبة صندوق جيمني للاستثمار : ما حدث عام 1967 هو أن فرنسا أعلنت فجأة عن مقاطعة إسرائيل حتى تلك اللحظة كانت معظم الأفكار التي احتوتها منظومات والأسلحة وحتى التصميمات العينية للطائرات ومنظوماتها الداخلية كان نتاج تعاون إسرائيل فرنسي والصناعة الفرنسية هي التي نفذت عملياً هذه التصميمات، هذا الباب أغلق دفعة واحدة عام 1967 بعد أن توصل ديغول إلى قناعة بأن تزويد إسرائيل بالأسلحة لم يعد يناسبه، وبدى له أنه ليس من الحكمة أن يواصل عدم الإكتراث بعلاقاته مع الدول العربية، وينبغ هذا من حاجة اقتصادية بسيطة، النفط عندها وقفت إسرائيل أمام مهمة سد هذا الفراغ، فتأسست صناعات مثل إلرون والصناعات الأمنية التي حظيت بقابلية للتطور، صحيح أن بنية تحتية كالصناعات الجوية مثل رافائيل كانت قائمة إلا أنها تطورت بشكل كبير بعد عام 1967
تعليق صوتي: التفوق التكنولوجي والعلمي الإسرائيلي في المنطقة لم يسعفها في حرب أكتوبر عام 1973 فقد فوجئت إسرائيل بالحرب وفشلت استخباراتها العسكرية في تخمين وقوع الهجوم المصري والسوري المباغت وهي التي كانت استبعدت مثل هذا الهجوم، القوات المصرية عبر قناة السويس وسلاح الجو المصري ألحق هزائم قوية بسلاح الجو الإسرائيلي الذي دمرت له أكثر من مئة طائرة، المؤسسة الإسرائيلية العسكرية وقفت مذهولة أمام هذه التطورات مما دفعها فيما بعد إلى تغيير استراتيجيتها العسكرية والتركيز على تطوير وسائل تكنولوجية حديثة لتفادي هزيمة مشابهة في المستقبل.
نحمان أورون/ مستشار الحكومة الإسرائيلية للحوسبة: بطبيعة الحال فإن أي حرب مثلها مثل أي صدمة تثير من جديد المطالبة بالتوصل إلى حلول جديدة، بعد حرب الغفران وعشيتها أيضا كانت هناك كارثة وإشكال استخباراتي، استخلصوا العبرة وغيروا كل مبنى المخابرات العسكرية وزودوها بنظم محوسبة عالية الإتقان لتدعمها بتنفيذ مهامها.
جمال زحالقة: بعد حرب 1973 حرب أكتوبر حين أيقنت القيادات العسكرية الإسرائيلية والاستراتجيين العسكريين أن التوازن التكنولوجي بين العالم العربي وإسرائيل قد يضع إسرائيل في مشكلة استراتيجية، في حرب الدبابات تحديداً استعمل المصريون بعض التكنولوجيات والإسرائيليون قالوا أنه إذا استمر هذا التوازن التكنولوجي قد يؤدي ذلك إلى خسارة إسرائيل استراتيجيا، لهذا وضعت إسرائيل خطة لبناء تفوق تكنولوجي كبير جداّ بحيث يكون هناك فارق جيل أو جيلين بين العالم العربي وإسرائيل من حيث التفوق التكنولوجي.
افيتال بيكرمان: نحن في دولة إسرائيل نواجه وضعا استثنائيا، نواجه حتى اليوم تهديدات على وجودنا، ولدينا أعداء في عدة مواقع وفي وقت واحد، هذا يدفعنا باتجاه البحث عن حلول لنكون أكثر استعداداً لمواجهة من أي نوع أو الحرب، نحن بحاجة لملائمة أنفسنا لطبيعة المتغيرات التي تطرأ في حقل المواجهة. في السابق كانت المواجهات تتركز بالأساس على الحدود كانت تقليدية جيشاً أمام جيش، دبابة مقابل دبابة، كل هذا تغير اليوم، الجبهة الداخلية اليوم هي رأس الحربة في الحروب، اليوم الاستنزاف هو جزء مصيري من حربنا مع العدو، القتال في المناطق السكنية، شهدنا ذلك في حرب غزة وفي حرب لبنان الثانية لهذا الغرض قمنا بإيجاد حلولٍ تكنولوجية، مثل ماذا، سأعطيك مثالاً، قمنا بتطوير جهاز يدعى أيبول وهو كاميرا على شكل كرة، عندما يريد قائد الوحدة اقتحام أحد المنازل يقوم بدحرجتها إلى داخل البيت، عندها يرى صورةً بزاويةً 360 درجة مما يمكنه من معرفة من في داخل البيت هل هو مخربٌ أم هناك متفجرات أو مجرد مواطن بريء، وهكذا بمقدور القائد أن يدافع عن نفسه وعن حياته وعن حياة جنوده، من ناحية أخرى فإن الجيش يتدرب مع جيوش أخرى هناك علاقات وطيدةٌ جداً مع جيوش الناتو نحن نتدرب معهم في أماكن مختلفة، وبطبيعة الحال ننكشف على تطورات تكنولوجية القائمة في أماكن عديدة من العالم، وليس سراً مثلاً أن سلاح الجو يفكر في شراء طائرات الإف 35 للحاق بجيل المستقبل، نحن لا نتطلع سنتين إلى الأمام وإنما عشرين سنة، حتى نرى منذ اليوم أين نريد إيصال جيشنا بعد عشرين عاماً.
عصام مخول: إسرائيل تستثمر وتستعمل دورها العدواني في المنطقة، الحروب التي تشنها من اجل الربح الاقتصادي بمعنى تصدير أسلحة، المميز لها أنها جربت في ساحات القتال، يعني إسرائيل عندما تروج لأسلحتها في المعارض الدولية ، تكتب الجملة التالية مجرب في ساحات القتال، يعني لذلك الصورة ليست بهذه الجمالية وبهذه العلمية المطلقة التي يتحدث عنها الإسرائيليون، هذه التكنولوجية ملطخة بالدم، هذه التكنولوجيا ملطخة بالعدوان، وأنا أستطيع أن أقول إنه ليس فقط أنه عندما تستعمل الأسلحة ميدانياً يجري تحسين بيعها، أنا أقول أحياناً عندما يجري تحسين الأسلحة تفتعل حرب أو تستعمل من أجل أن تجرب ومن أجل أن تكون أكثر قابلية للبيع.
تعليق صوتي: ليس صدفةً أن تحتل إسرائيل اليوم مرتبةً متقدمةً من بين الدول الخمس الكبرى المصدرة للأسلحة، هذا يعود إلى طبيعة النظام الذي يقوم بالأساس على عسكرة المجتمع وإيلاء الموضوع العسكري أولويةً للبرمجة والتخطيط ووضع الإستراتيجيات، وربما من أبرز صادرات إسرائيل في هذا المجال الطائرات بدون طيار عدا عن صادرات شركات القطاع الخاص وأبرزها شركة البت لمنظومات الهيلكوبترات والطيران، والتي وصلت مدخولاتها عام 2007 إلى ما يقارب مليار$، في عام 2006 وصلت قيمة الاستثمار الإسرائيلي في الصناعة العسكرية إلى ما يقارب 14 مليار$ سنوياً، وهو يشكل حوالي خمس ميزانية الحكومة ليجعلها في المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية في الإنفاق على الموضوع العسكري، الاستثمار في الجيش أفسح المجال أما قراءة جديدة أمام صناع القرار في إسرائيل باتجاه الاستفادة من التجربة ومحاولة تطبيقها على التكنولوجيا المدنية، وهذا ما يدلل على التداخل الحاصل بين العسكري والمدني الذي قلما نجده في أي دولة طبيعية في العالم.
نحمان أورون: لا شك أن الجيش أعطى دفعة كبيرة لصناعة الهايتيك، الجيش هو مدرسةٌ ممتازة كل إسرائيلي ملزم بالالتحاق بالجيش، عندما يتجند يقوم الجيش باختيار الأفضل بين المجندين يكتشف قدراتهم الخاصة، والقادرون من بينهم على التطور في مجال البرمجة والتكنولوجيا ويتم فرزهم إلى وحدات خاصة بغرض تعليمهم وتدريبهم، مامرام المدرسة العسكرية للحوسبة خرجت من بين صفوفها أشخاص تجدينهم اليوم في أعلى المناصب الإدارية بشركات الهايتيك الإسرائيلية وحتى الأجنبية.
عوفر سيجف: العديد من الأشخاص المتواجدين في الوحدات العسكرية في وحدات الحوسبة ووحدات الاستخبارات يتعاطون بشكل مكثف مع موضوع الحوسبة هذا غير موجود في أية دولة أخرى في العالم ولا حتى في الولايات المتحدة، مقارنة بنسبتهم مع عدد السكان، المجال التكنولوجي جاء بمجمله أو بمعظمه مع الجيش من الصناعات الأمنية التي كانت حاضرة هنا منذ سنوات عديدة قبل أن يتعلم الناس كلمة ستارت أب مبادرة، كانت هنا شركات مثل تاديران وكانت صناعة جوية وكان جيش.
افيتال بيكرمان: دولة إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة في العالم الذي تتبع نظام التجنيد الإلزامي، وكون 75% من الرجال في سن 18 يخدمون في الجيش يجعلهم بطبيعة الحال ينخرطون لاحقاً في سوق العمل المدني، بينما في حوزتهم المعرفة التي اكتسبوها من الجيش أو من المنظومات التي تعاملوا معها هناك، هذا بحد ذاته خاصٌ وفريد، وأستطيع أن أعطيك مثالاُ على ذلك، الطائرات بدون طيار، إسرائيل تعتبر قوة تكنولوجية عظمى فيما يتعلق بالطائرات بدون طيار، بدون شكٍ يمكن أن نجد أن المهندسين الذين خدموا في السلاح الجوي ينخرطون بعد تسريحهم في شركات مدنية تساهم في تطوير هذه الطائرات، إذن عطائهم للدولة مستمر ولن يتوقف عند تسريحهم إنما يواصلون التعامل مع نفس الموضوع ولكن من زاوية أخرى.
تعليق صوتي: إسرائيل ليست اللاعبة الوحيدة في الموضوع العسكري الداخلي وإن بدا المشهد الإسرائيلي أكثر ميلاً إلى إظهار الاستقلالية فالولايات المتحدة بما تمثله من مصالح تلعب دوراً رئيسياً في السياسة الإسرائيلية، هذا ما حدث مع مشروع تصنيع الطائرة الحربية الإسرائيلية الشبيهة بطائرة إف 16 الأميركية والتي أطبقت عليها إسرائيل اسم طائرة اللافي، في حينه استمر العمل في المشروع من عام 1980 مدة سبع سنواتٍ حتى اعترضت الولايات المتحدة على استمراره حيث رأت أنه سيلحق الضرر الاقتصادي بالصناعة الجوية الأميركية، عندها انتبه الساسة في إسرائيل إلى الخطر الذي بات يتهدد العلاقات الأميركية الإسرائيلية، فأوعزوا بوقف المشروع وعلى رأسهم إسحاق رابين وشمعون بيرس.
شمعون بيرس: كنت ضد هذا المشروع، أنا الذي أسس الصناعة الجوية عارضت ذلك، والسبب بسيطٌ، الطائرة التي كنا في أوج تصنيعها لم ترقى إلى مستوىً يفوق مثيلتها الأميركية، قلت إذاً خسارةٌ أن نبذر الأموال، إلا إذا صنعنا شيئاً له خصوصية مثل الطائرة بدون طيار، التي صنعت لأول مرة في إسرائيل هذا كان تجديداً على مستوى العالم فالأميركان يشترونها منا، الروس يشترونها منها، أما أن نصنع الطائرات لافي في الوقت الذي تصنع فيه أميريكا الألوف ونحن نصنع العشرات هذا الأمر كان سيكلفنا مبالغ طائلةً، وفي النهاية كنا سنتوصل إلى طائرة هي موجودة في السوق، لذلك انتقلنا إلى مشاريع أخرى.
عصام مخول: عام 1987 الجيش الإسرائيلي والإدارة الأميركية اتفقا على أنه لا حاجة لصناعة عسكرية إسرائيلية تنتج الأسلحة الكبيرة مثلاً تنتج طائرة اللافي التي كانت المشروع الإسرائيلي الرائد في تلك الفترة، فتقرر وقف المساعدة الأميركية لتطوير طائرة اللافي، في عام 1985 كان عدد العاملين في الصناعات العسكرية الإسرائيلية تعس ورافاييل يصل إلى 47,000 عامل، في عام 2002 نتيجة لهذا القرار وقف مشروع اللافي طائرة اللافي هبط عدد العاملين في الصناعات العسكرية الإسرائيلية إلى 22,000 عامل.
أورنا بيري: أعتقد أن الضغط الأميركي على إسرائيل بعدم صناعة طائرات بنفسها أدى إلى تسريح عددٍ كبير جداً من المهندسين الذين عملوا في هندسة الأنظمة في الصناعة الجوية في مشروع اللافي، قسمٌ من هؤلاء غادر البلاد والقسم الثاني الذي بقي تحول إلى مجال المبادرة المستقلة.
جمال زحالقة: في إسرائيل لا يوجد حدود بين الجيش والصناعات المدنية، يعني هناك صحيح هنا نوجد مجموعة عمل وهنا مجموعة عمل ولكن الأبواب مفتوحة بينهما والتواصل المستمر، الجيش يستفيد مما تطوره الصناعة المدنية، والصناعة المدنية تستفيد مما يطوره الجيش، الملاكات البشرية يتدربون في المؤسسات العسكرية وفي الصناعات العسكرية التي تطور هيئة التكنولوجيا عالياً، ثم يخرجون للعمل في السوق الحر، في السوق المدني ويطوروا عملهم ثم يعودوا ويطوروا صناعات خاصة أو اختراعات خاصة للجيش، فهنا نتحدث عن تكامل بين الاثنين دون أن يكون هناك أسرار.
ساخي جيرلتس/ مدير عام نس للتكنولوجيا: الهايتيك كما أراه يتطور نتيجة عدة عوامل وليس عاملاً واحداً فقط، وهذا يتطلب الجمع بين مجمل هذه العوامل لخلق ثقافة متكاملة من شأنها أن تحفز على تطوير شركات جديدة، ما حدث في البلاد أمرين، الأول أنه كانت هنا ثقافة تكنولوجية ومصدرها الجامعات التي أهلت كوكبة كبيرةً من العلماء، والأمر الثاني يكمن في موجات الهجرة التي جاءت بعلماء من جميع أنحاء العالم، أضف إلى ذلك تسريح المهندسين من الصناعات الأمنية في كل مرة توقفت فيها المشاريع الكبيرة وبالتالي نتج فائضٌ من المهندسين كما حدث في مشروع اللافي، هذا دفع المبادرين الإسرائيليين إلى توظيف خبراتهم الإسرائيلية في شركاتٍ عالمية كبيرةٍ مثل الأي بي إم وغيرها، بالتالي كانت النتيجة أن هذه الشركات أنشأت مراكز أبحاث وتطوير لها هنا، كل الشركات العالمية الكبيرة تقريباً فعلت ذلك، هذه المراكز نجحت بشكل كبير ونتيجةً لهذا النجاح نشأت ثقافةٌ كاملةٌ على مستوى الإدارة وعلى مستوى الأنظمة الداعمة كالمبيعات والتسويق، هؤلاء الأشخاص في نهاية الأمر غادروا هذه الشركات وبدئوا بتأسيس مشاريع خاصة بهم، ونتجت عن ذلك الحاجة إلى مرافقة المشاريع الجديدة، فتأسست عمليات دعم جديدة شملت جهات دعم، إذا كان ذلك من خلال أنظمة مراقبة الحسابات التي رافقت الجوانب الاقتصادية وساعدت بتجنيد دعم من صناديق الاستثمار وحصلت على الدعم المباشر من الحكومة التي سنت القوانين الخاصة لإقامة الصناديق أو من خلال مكاتب المحاماة التي راعت الجوانب القانونية والعقود وأفسحت المجال لنشوء شركات المبادرة، على هذا الأساس بني نظام عمل متكامل خلق مبادرين جدداً من ناحية وأحضر أموالاً لتدعيم هؤلاء المبادرين من ناحيةٍ ثانية وهكذا غذي هذا النظام نفسه بنفسه.
جمال زحالقة: لا يمكن أن نتخيل الهايتيك في إسرائيل لا المدني ولا العسكري بدون العلاقة الوطيدة والحميمة مع الولايات المتحدة، أولاً يعني من ناحية الأسلحة التي تمنحها أو تعطيها الولايات المتحدة لإسرائيل وتزود إسرائيل بها الأكثر تطوراً من أسلحة تباع لدول أخرى، يعني إف 16 في إسرائيل ليس إف 16 في السعودية، أيضاً إسرائيل نفسها الولايات المتحدة سمحت لها بأن تطور تكنولوجيات تضاف إلى الأسلحة الأميركية سواء إن كان دبابات أو الطائرات أو مجنزرات أو مدافع أو أي شيء آخر، الولايات المتحدة لا تنفتح لأي دولة هناك تكنولوجيات الولايات المتحدة ليست مستعدة لاطلاع أي أحد عليها سوى إسرائيل، هذا التعاون في مجالات لها علاقة بالهايتيك طور مجال الهايتيك في الصناعات العسكرية كثيراً من ناحية الصناعة، صناعة الهايتيك المدنية يعني تقريباً في التسعينات كانت 90% تقريباً من العلاقة الاقتصادية وعلاقة التطوير وإلى أخره كانت بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية الأسواق العالمية هي فقط 10%.
عوفر سيجف/ المدير المالي نس للتكنولوجيا: في صناعة الهايتيك إذا أردت أن تكون صاحب شركةٍ ناجحةٍ، عليك أن تبيع في الولايات المتحدة، هذا هو السوق الأكبر وهذا هو السوق الأكثر تطوراً في العالم في هذا المجال، إذا استطعت أن تبيع هناك هذا يعني أن بإمكانك أن تبيع في كل العالم، عندما تؤسس كل الشركات مركز تطوير في إسرائيل تقيم على الفور ومن اليوم الأول مركز تسويقٍ ومبيعات في الولايات المتحدة هذا يكسبها الخبرة في كيفية التعامل مع سوقٍ كبيرٍ، ويمنحها آليات فهم هذا السوق وإلى جانب ذلك يجعلها تتصرف كشركة عالمية من اليوم الأول. شكلت الولايات المتحدة ولا تزال عنواناً للصناعة التكنولوجية في إسرائيل مما يزيد من التبعية الاقتصادية لواشنطن والتي تتعدى موضوع الدعم العسكري باتجاه الدعم الاقتصادي العام بشقيه المباشر وغير المباشر، فالسوق الأميركية مفتوحة أمام الصناعات الإسرائيلية وتعتبر الرافد الأساسي لتدعيم الاقتصاد الإسرائيلي.
بروفيسور يهوشواع زئيفي: هل يمكن أن نجد بصمات تشير إلى تأثير أميركا وأنا أعني هنا التأثير على التطور الأولي إطلاقاً لا، هذا الاعتقاد الموجود لدى الدول العربية وكأننا نعيش في مسرح دمى تقوم الولايات المتحدة فيه بشد الخيوط لتتحرك بعدها كل دميةٍ برقصةٍ مختلفة عن الثانية، أنا لا أقبل هذا الادعاء على اسرائيل.
عصام مخول: اسرائيل لم تقم بالاسثتمار وحدها في تطوير التقنيات وصناعة الهايتك والأسلحة المعتمدة على صناعة الهايتك وإنما قامت بذلك من خلال تمويل أميركي مباشر ومتواصل على مدار سنوات لأنه علينا أن نرى أولاً أن الولايات المتحدة الأميركية تقدم لإسرائيل سنويا ما قيمته ثلاثة مليار دولار مساعدة هبة وغالباً ما تكون هذه الهبة على شكل أسلحة وعلى شكل أدوات عسكرية وما إلى ذلك.
بدر منصور: مدير عام نازداك للبرمجه: المصاري الكثيرة إللي أجت من دعم المؤسسة الأميركية زائد دعم يهود أميركا زائد دعم التعاون الاقتصادي بين إسرائيل و أميركا ساهم جداً، رغم أن إسرائيل دولة مهاجرين في كثير ناس هاجروا على إسرائيل في بعض ناس تركوا إسرائيل وراحوا على أميركا، في طبعاً يهود إللي إلهم صلة بإسرائيل عايشين في أميركا أو في محلات ثانية يحبوا يساعدوا هاي الدولة بعتبروها كأنها دولة ثانية إلهم، لازم نتطلع على الجامعات الموجودة هون يعني بكفي الواحد بس يروح على جامعة ويشوف أسماء العمارات كلها أو إيش مكتوب على الحيطان إللي بالعمارات بشوف أنه في تبرعات بمبالغ مخيفة إللي كانت سبب في بناء جامعات، بناء مراكز أبحاث في تبادل خبرات فهذا الإشي كلياته مع بعض زائد الاستثمار المحلي والقابلية هون الناس يحبوا يفوتوا بأشياء جديدة ويكتشفوا أشياء جديدة، ساعد في أنه يسير في نهضة كبيرة بمجال الهايتك بها البلاد.
إسرائيل على الخريطة في مجال التكنولوجيا
تعليق صوتي: أعتبر قرار شركة Intel الأميركية أواسط السبعينات بافتتاح مركز أبحاثٍ وتطويرٍ لها في إسرائيل بمثابة خطوةٍ متقدمةٍ باتجاه وضع إسرائيل على الخارطة العالمية في مجال الصناعة التكنولوجية والهايتك، كان ذلك أول فرعٍ للشركة خارج الولايات المتحدة بعد أن نجح البروفيسور دوف فرومان الإسرائيلي الجنسية الذي قام باختراع بطاقة الذاكرة الأولى القابلة للمحو eprom باقناع إدارة الشركة أن إسرائيل حاضنة للخبرات والعقول.
ساخي جيرلتس: عندما نحدث عن الهايتك ينبغي أن ننظر إلى صناع هذا المجال، هناك الكثيرون ممن تركوا أثراً كبيراً على بلورة وتصميم هذه الصناعة في إسرائيل، قد أكون مخطئاً ومع ذلك سأختار شخصين الأول هو دوف فرومان الذي أحضر بجهدٍ شخصي شركة intel إلى إسرائيل والثاني هو أوزياغليل، أوزياغليل برأيي هو المبادر الأفضل في إسرائيل على الإطلاق، أقام امبراطوريات عظيمة مثل elbit، elscint، elron، وهو أول من أوجد الحلم بتحويل إسرائيل أو الصناعة الإسرائيلية لصناعة مصدرةٍ للهايتك.
يهوشواع زئيفي: منظوماتشركة intel الأكثر تطوراً تصنع اليوم في إسرائيل ومن يقوم بذلك الغالبية الساحقة هي من خريجي التخنيون، وبالمناسبة حتى في سانتاكلارا الأميركية من بين الأكثر نجاحاً وبضمنهم ثلاثة نوابٍ لأوتوليني رئيس intel هم من الإسرائيليين، إثنان منهم من خريجي هذه الكلية والأمر ذاته نجده في شركة مايكروسوفت.
شمعون بيرس: كل الشركات العالمية الكبيرة تحضر إلى هنا وتستثمر عندنا، نحن في المرتبة الأولى في العالم في عدد المهندسين قياساً للكيلو متر المربع، نحن الأوائل في العالم في مجال الطب، 25% من الأجهزة الطبية الحديثة يتم تصنيعها في إسرائيل، وحتى من الناحية العسكرية أميركا تشتري منا وبالطبع نحن نشتري من أميركا أيضاً. السؤال هو ماذا يوجد هنا ولا يوجد في أي مكانٍ آخر، أعتقد أن الثقافة المحلية والصفات التي يتمتع بها الإسرائيلي الدمج بين صفات الإسرائيلي وبين الثقافة الموجودة هنا في مجال التعليم وفي النشاطات اللامنهجية في البيت ، الثقافة الموجودة تقريباً في كل بيتٍ اسرائيلي، هذا الدمج هو الذي ينتج مثل هذه الخصوصية، ما الصفات التي نقصدها، حب الاستطلاع الجرأة وحب المعرفة، الإسرائيلي فيه وقاحة، الوقاحة في أن يتجرأ ويقول هم لم يعملوا، جميعهم لم يعملوا في تلك الشركة العملاقة التي يعمل فيه المئات من خيرة علماء العالم لم ينجحوا، هذا لا يهم، نحن الخمسة سننجح وفي نهاية المطاف وفي العديد من الحالات يثبت الواقع أن هذا ما يحدث فعلاً ينجحون.
جمال زحالقة: كثيرون يسألون ما هو سر نجاح إسرائيل في ها المجال، نجاح الهايتك وأعتقد أنه لا يوجد سر كبير هنا، يوجد أولاً أنه هناك أساس وبنية تحتية أكاديمية لتأهيل المختصين والخبراء في هذا المجال وهي تستغل بشكل جيد جداً لآخر قطرة حقيقة، والأمر الثاني هو أن الحكومة انتبهت إلى أهمية هذا الموضوع وضخت أموالاً طائلة، لتطوير هذا المجال، يعني أنا لا أعتقد أنه هناك أي ميزة خاصة للإسرائيلي عن أي شخص آخر من ناحية قدرته على التعامل مع الهايتك، نحن نرى مثلاً الهند رغم صعوباتها هي الآن من أهم الدول في العالم في هذا المجال بتخصيص الخبراء، هناك ادعائات إسرائيلية تافهة بأنه هناك خصوصية يهودية وعقل يهودي، هذا كلام فارغ وهذه عنصرية تافهة، القضية هي قضية لها قوانين السوق وقوانين العمل وقوانين التطور الاقتصادي، إسرائيل أجادت التعامل معها ولا يوجد سر ولا سحر في هذا الموضوع.
شمعون بيرس: أنا أكاد لا أقرأ التاريخ، التاريخ يشعرني بالملل لكنني أقرأ كل ما هو جديد، السؤال الأول الذي أفكر فيه، هم يفعلون هذا إذن نحن سنفعل الشيء نفسه، يجب أن تكون جريئاً هذا أهم شيء، يجب أن لاتخاف، عليك أن تجازف ولا تخشى من الفشل وعليك أن تتطلع دائماً إلى الغد، لا إلى الأمس لأن ما حدث بالأمس قد مر وانتهى.
جعفر صباح: في عقلية الاستثمار، في عقلية المخاطرة ومش بس، في عدة ناس إللي بخاطروا، لما أنت تحس أنت مش لحالك بتخاطر فأنت بتخافش، أما أنت لحالك بتتلمس حوليك وتفكر أنه في إشي مش مضبوط، همه تعودوا على هل إشي صلهم سنين عم بستثمروا فصار عندهم هذه عقلية الاستثمار وحضارة الاستثمار، اليوم بحكوا أنه في حوالي 1.7 بليون دولار في إسرائيل بدوروا على اسثماراتهم في مجال الهايتك.
والي اوبر: العالم الرئيسي- وزارة الصناعة والتجارة: العالم الرئيسي هو مكتب تأسس قبل حوالي خسمة وثلاثين عاماً وظيفته الرئيسية هي دعم البحث والتطوير الصناعي، الدولة ليس عندها أدنى شكٍ بأن الاستثمار في البحث والتطوير هو الاستثمار الأجدر على الإطلاق، ميزانية العالم الرئيسي تترواح بين المليار ونصف المليار إلى ملياري شيقيل في السنة وما نحتاجه في الواقع هو مليار إضافي في كل سنة هذا ليس مجرد رقم أطرحه بشكلٍ عفوي إنما أستند في ذلك إلى عدد المشاريع الجيدة التي تصلنا ولا نستطيع الإستجابة لها وفي الحقيقة فإن هذا يشكل مسألة وجودية لنا، دولة إسرائيل لم يتبقى لها سوى العمل كل الوقت على تثبيت حضورها في قمة سلم المعرفة والحكمة التكنولوجية وأعتقد أن وضعنا جيد لكن يستوجب على الدولة أن تستثمر أكثر بكثيرٍ في مجمل هذه المواضيع حتى نؤمن مستقبلنا أكثر.
تعليق صوتي: بينما انطلقت إسرائيل في مجال الهايتك وأصبحت من أهم الدول في هذه الصناعة تأخر العالم العربي ولم يلتفت إلى أهمية هذا الموضوع رغم وجود بوادر جديدة مازالت محدودة هنا وهناك على صعيد بعض الدول العربية.
يهوشواع زئيفي: فيما يتعلق بالدول العربية إذا أجريت فحصاً هناك فستجدين تبايناتٍ في الثقافة التي تميز تلك الشريحة المنخرطة في الهايتك مقارنةً ببقية الناس، أولاً ينبغي التمتع بانفتاحٍ كامل، هذه الشريحة أبناء هذه الثقافة التي طورت الهايتك ثقافتهم منفتحة إلى أبعد الحدود.
جعفر صباح: في ظاهرة أنه المستثمر العربي أول شيء بخاف لأنه إشي ما بعرفه بجهله، فهو بشوفو بتطلع عليه بلاقيه إِشي مجهول فبخاف يفوت عليه وحتى إللي بقرر يفوت عليه بفوت عليه بس بده يسيطر على الوضع، يعني أنا بعطيكي مثال في كان مستثمر عربي بده يستثمر في شركه وطلب مني أفحص كفاءات الشركة، أهليتها للاستثمار من ناحية تكنولوجيا، من ناحية كذا، والفحص كان إيجابي كانت خدمة تكنولوجية ممتازة، كان بده يحط كلهم بس 200 ألف دولار فقال للمبادرين أنه هو بده سيطرة تامة الشركة ممنوع شيء ينصرف بدون إذنه، بدون موافقته وقلهم بالعربي هيك بدي أمسكم، للأسف إللي بلاحظه أنا من المستثمرين بشكل عام أنه بحبوا يستثمروا بالشغلات الملموسة إللي هي محسوسة زي عمارات، عقارات، أراضي أقل من أنه أجهزة طبية وبراءات اختراع، مفش هذا الوعي لهذه الشغلة.
نحمان اورون: قبل ثلاث سنوات اعتقد مؤتمر كبير في تونس w.s.i.s، مؤتمر نظمته الأمم المتحدة وبالرغم من محدودية الفرص المتاحة لي، لكن يحدث أحياناً ان ألتقي ببعثات من الدول العربية، أعتقد أن منصة العرض المصرية كانت الأكبر والأكثر تطوراً، ما أريد قوله أني لا أعتقد أن قدرات الشاب المصري تقل عن قدرات نظيره الإسرائيلي، هم يقومون بعملٍ ممتاز حقيقة، ألتقي في أحيانٍ أخرى ببعثاتٍ من دول الخليج في هذه الحالة يختلف الوضع، ليس بالضبط من يحضر المؤتمرات هم عرب وإنما الهولنديون والبريطانيون وخبراء آخرون يحضرون بالنيابة عنهم ويمثلونهم ولكن فيما يتعلق بالقدرة الأساسية فأنا لا أعتقد أن هناك خاصية لجينات الإسرائيلي، أنا أعرف مجموعاتٍ من العرب الفلسطينيين في رام الله وقد تقولون أنهم يحملون نفس الجينات، هذا جائز، لكنهم يطورون عندهم شركات ممتازة واحتمالات أن يحققوا انجازات عندهم لا تقل عن مثيلاتها في الهايتك الإسرائيلي.
عصام مخول:لا يمكن أن تطور في ظل قمع مجتمع يعيش على القمع وعلى غياب أي متنفس خلاق سياسياً وفكرياً أنك تطور علوم متطورة ومنفتحة وما إلى ذلك.
شمعون بيرس: الشاعر المفضل لدي في العالم العربي هو نزار قباني، كتب ذات مرة قصيدة ضد ما وصفه بالإمبريالية الجميلة وقال فيها منذ ألف وخسمئة سنة ومنطقتنا موجودة في ظل هذه القصيدة، كل الوقت يلقون الشعر وكل الوقت يبالغون وهو يقول أن أحداً لم ينتفض ضد هذه الإمبريالية، برأيه علينا أن نتخلص من هذه الإمبريالية ونرى الأمور على حقيقتها ونبني برأيي أن نبني عملية لا تقل أهمية عن الشعر.
نحمان اورون: هذه الدول وهذه الشعوب العربية ليس محكوماً عليها بأن تكون متخلفة عن التكنولوجيا والإنجازات العلمية وما إلى ذلك، كميات هائلة من الكفاءات العلمية العربية موجودة في مختلف أنحاء العالم وجامعات العالم ومراكز الأبحاث ولكن لا يوجد من يستوعبها في بلادها، أعتقد أن هذه علامة عار على جبين النظام العربي الرسمي الذي لا يولي الاهتمام الكافي للإجابة على هذه الأسئلة.
تعليق صوتي: بدأت جذور إسرائيل مع الهايتك في الدعم العلمي الذي قدمه الانتداب البريطاني في سنوات العشرينات إلى الأربعينات قبل تأسيس الدولة، وتبدل اللاعب الدولي الرئيسي فأصبحت الولايات المتحدة وأوروبا الداعمتين الرئيستين لصناعة الهايتك المتقدمة اليوم في إسرائيل، فالمصلحة الإسرائيلية ليست فقط إثبات تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة بل تفوقها العلمي والتكنولوجي والذي يسمح لها بأن تكون واحةً مختلفةً في الشرق الأوسط تنتمي إلى الغرب في أبحاثها وتسويقها وتتنفس من هواء العالم العربي وتعيش على ترابه.