
مجتمع تحت المجهر وعيون لا تنام في بريطانيا
– أسباب كاميرات الرقابة في بريطانيا وأخطارها
– مجتمع الرقابة بين الأمن واختراق الخصوصية
ناصر البدري: عيون في كل مكان، كاميرات في السماء، وفى الشوارع وتحت الأرض.
جين كورلو – منظمة حريات لحقوق الإنسان: لدينا أربعة ملايين كاميرا يتم استخدامها بمعدل كاميرا واحدة لكل 14 شخصا.
ناصر البدري: إنها عيون لا تنام تقيد خصوصياتك وخصوصياتي وخصوصياتنا جميعا ليلا ونهارا وفى كل حين حتى أصبح البعض يصف بريطانيا بأنها مجتمع الرقابة الأمثل.
ديفد وود – مكتب مفوض حرية المعلومات: صحونا فوجدنا أنفسنا في مجتمع الرقابة الشديدة لقد دخلنا هذا المجتمع قبل عشرة أعوام دون أن ندرك ذلك.
توني ماكنولتي – وزير الداخلية مكلف بالأمن ومكافحة الإرهاب: حماية الناس والشوارع بواسطة شبكة كاميرات الرصد كرادع وكذلك كإحدى وسائل التحقيق في الجرائم من الاعتبارات المهمة جدا.
أسباب كاميرات الرقابة في بريطانيا وأخطارها
ناصر البدري: فهل بريطانيا حقا مجتمع الرقابة الأمثل؟ ولماذا سلكت بريطانيا هذا الطريق دون غيرها من الدول الأوروبية الأخرى؟ ولكن أليس تلك الكاميرات والعيون وقواعد البيانات المتراكمة لمصلحة الناس خاصة في ظل تنامي ظاهرتي ما يسمى الإرهاب والجريمة؟ قد يبدو هذا الحي واحدا من بين مئات الأحياء العادية عبر مختلف أنحاء بريطانيا لكنه في حقيقة الأمر حقل تجربة لجيل جديد من أشكال الرقابة إنه عبارة عن قرية مصغرة محاطة بشبكة من الكاميرات يراقب سكانها بعضهم بعضا من خلال قناة خاصة فكل بيت من هذ البيوت لديه جهاز يستطيع من خلاله الإطلاع على ما يدور في الشوارع والأزقة من غرفة جلوسه.
جين كورلو: هناك برنامج جديد يتم تطويره في شمال لندن وما قام به المجلس البلدي هو أنه وفر لجميع السكان المحليين إمكانية مشاهدة جميع الصورة المنقولة حية من جميع كاميرات المراقبة أي أن الناس محصنون في بيوت وهم يراقبون جيرانهم ويتحرون عن أي نشاط إجرامي في الجوار.
ديفد وود: أعتقد أن هذا يطرح أسئلة صعبة فيما يتعلق بخصوصية الأفراد وما يتعلق بحقوق الإنسان يطرح أسئلة صعبة جدا أيضا عن علاقة الدولة بأحد مواطنيها بعد أن صارت تستخدمه للتجسس إلى حد ما وهو الطريق الذي سلكته ألمانيا الشرقية في الخمسينيات والستينيات حينما صار خمس سكانها مخبرين للشرطة والأمن وصار الناس يراقبون بعضهم بعضا إننا نسلك طريقا خطرة جدا.
توني ماكنولتي: إني أفضل أن لا تحدث أي جرائم على الإطلاق في شورنيدغ لكي لا تكون هناك ضرورة لذلك هذا هو الهدف الذي يجب أن نصبوا لتحقيقه لكن حماية الناس وحماية الشوارع بواسطة شبكة كاميرات الرصد كرادع وكذلك كوسيلة من وسائل التحقيقات الجنائية هي من الاعتبارات المهمة جدا أرغب في أن يستمع الناس بشوارعهم وأنا متأكد من أن منظمات المجتمع المدني التي تشكو من هذا الرصد لم تعلن عامة الناس بهذا الأمر الوضع المثالي هو أن نرجع إلى حياة خمسينيات القرن الماضي حيث لم تكن شبكات كاميرات الرصد موجودة والناس كانوا يتركون أبواب بيوتهم مشرعة ولم يرتكب أحد جريمة أعتقد أنه طالما أن التقنيات المستخدمة هي لخير الناس وأمنهم وسلامتهم فإن لها مكانتها.
ناصر البدري: المشروع الذي يحظى بدعم حكومي واسع يجري تطبيقه منذ عدة سنوات ولم تجري الجهات القائمة عليه تقييما لما حققه لكن جهات كثيرة ترى أن هناك أساليب أفضل من تنصيب مئات العيون يتجسس من خلالها المواطنون على بعضهم البعض.
جين كورلو: إن مشروعا آخر تقليديا كتناوب السكان على القيام بدوريات لمراقبة الحي يتعرون من خلالها على بعضهم خلق توازنا لحماية الحريات المدنية لكننا تمكنا عموما من تحقيق هذه التوازن بصورة صحيحة.
توني ماكنولتي: استخدام التكنولوجيا يتعاظم في مختلف مناحي الحياة بشكل متزايد ويمكن أن تتبدى نفس المخاوف في كل مرة نستخدم فيها البطاقات البنكية أو جمع النقاط عند الشراء من المتاجر وحتى استخدام الهواتف النقالة يعني أنه يمكن تعقبنا في كل مرة نجري فيها اتصالا هاتفيا وبنفس الطريق فإن كاميرات المراقبة والبطاقة الشخصية الممغنطة وجوازات السفر تستخدم من أجل تعزيز الأمن في المجتمع هكذا ببساطة أقدر أهمية خلق توازن مع الحقوق المدنية لكنني أعتقد أن هذا التوازن موجود أصلا لمصلحة المجتمع ككل وأنه يتقبل ذلك.
ناصر البدري: وإذا كان هذا الحي واحدا أيضا من الأحياء التي توصف بأنها صعبة وتنتشر فيها الجريمة بشتى أنواعها فهل نصب هذا الكم الهائل من الكاميرات وعيون الرصد هو الحل لتلك المشاكل.
" |
ديفد وود: : من الصعب الجزم بأن الأنظمة المغلقة لكاميرات المراقبة ستمنع الأنشطة المنافية للسلوك الاجتماعي والجريمة أو أنها الأسلوب الأنجح لمحاربة تلك السلوكيات لا يجب أن ننسى أن الأنشطة المنافية للسلوك الاجتماعي هي أصلا مشكلة اجتماعية ولا يمكن أن تحلها تقنية معينة إنها مشكلة لها جذور اجتماعية عميقة متعلقة بالفقر والتقسيمات الاجتماعية والاعتماد على حل تقني لمواجهة مشكلة اجتماعية أساسا هو حل مضلل.
ناصر البدري: لكن هذا المشروع يبدو أنه ليس سوى حلقة تجريبية واحدة من ضمن تصور أشمل في نطاق حلقات مختلفة لترويض المواطنين وتعويدهم على ظاهرة المراقبة وأن تصبح أمرا مألوفا بل وضروريا لمجابهة الأخطار المختلفة التي يقول السياسيون والأمنيون إنها تتهددهم.
ديفد وود: أعتقد أن المشكلة تكمن في أن المراقبة يمكن أن يترجمها الناس على أنها ظاهرة ترفيهية.
جين كورلو: نعتقد أن برامج مثل بيغ براذر الجيل الجديد يتقبلها ولا يرى فيها تدخلا بخلاف كبار السن وبذلك تصبح الرقابة أمرا عاديا وهذا يقلقنا لأن كل فرد له حق الخصوصية سواء لديه ما يخفيه أم لا.
ناصر البدري: ولكن كيف يشعر سكان هذا الحي وهم يتجسسون على بعضهم البعض وربما يبلغون السلطات عن نشاطات بعضهم الآخر وهل أن الكاميرات التي نصبت في حيهم جلبت لهم الأمن والسلامة كما تزعم السلطات أم أن وجودها لم يغير من واقعهم.
مشارك أول: أحدهم قتل هناك شخصا قتله ثم لاذا بالفرار الشرطة جاءت بعد دقائق والكاميرات لم تسهم في شيء الوضع كما هو عليه.
مشارك ثان: أي شيء سواء كاميرات أو أي شيء آخر يسهم في خفض الاعتداءات وتخريب ممتلكات الناس أو مواجهة السلوك غير الاجتماعي خاصة الاعتداءات فتلك أساليب أرحب بها شخصيا.
مشارك ثالث: الجريمة لا تزال في الحي رغم الكاميرات قد تجعل المجرمين يفكرون وربما يترددون ولكنها لا تردعهم.
ناصر البدري: في شوارع لندن وغيرها من المدن البريطانية الأخرى الكاميرات أصبحت ظاهرة عامة توجد تقريبا في كل مكان بل إن هناك تنافسا بين عدد من المدن البريطانية حول من يستخدم آخر صيحة في عالم الرقابة من الكاميرات وهذه الكاميرات المنتصبة هنا في قلب مدينة مدنية ميدلزبره في شمال شرق إنجلترا صدق أو لا تصدق تتحدث وتخاطب المراقبين مباشرة.
باري كوربيتشر – مسئول السلامة والأمن في مدينة ميدلزبره: نريد أن نجعل مدينة ميدلزبره مكانا آمنا للسكان الزوار نريد أن نجعل منها مدينة نظيفة والفكرة وراء الكاميرات المتحدثة وأن موظفي الرقابة يستطيعون أن يتدخلوا ويتكلموا مع أي شخص يسيء التصرف سواء كان ذلك برمي الأوساخ على الأرض أو أي سلوك غير اجتماعي ونحن نعتقد أن هذا التدخل حقق نجاحا ملموسا.
ناصر البدري: الهدف إذا كما يراه القائمون على هذا الجيل الجديد هو منع التصرف غير الاجتماعي أو الإجرامي من الحدوث أصلا أو المساهمة في إيقافه أو منعه من الاستفحال فهذه الصور تظهر شبانا يهمون بأخذ ممتلكات عامة كما هو الحال بشكل شبه يومي يتدخل موظف الرقابة ويوجه لهم توبيخا على الملأ الشبان يرتدعون ويتوقف عن ذلك السلوك.
جاك بونر – مدير مركز المراقبة الأمنية في مدينة ميدلزبره: تكون البداية بإصدار إنذار عبر مكبر الصوت الملحق بالكاميرات لإعطاء الشخص فرصة لتصحيح سلوكه فإن امتثل نتوقف هناك وإن لم يمتثل فإن كان الأمر يتعلق برمي الأوساخ مثلا أو ارتكاب جريمة فإننا عندئذ سنستخدم أساليب أخرى لإلزامه على تصحيح سلوكه.
ناصر البدري: أثناء زيارتنا لمدنية ميدلزبره لاحظنا فعلا نظافة شوارعها مقارنة بالمرة الأخيرة التي كنا فيها في هذه المدينة ولكن ما مدى نجاح هذا الجيل الجديد عموما في منع الجريمة وغيرها من السلوكيات الأخرى التي تعتبر غير سوية.
جاك بونر: في البداية لم نكن نعرف هل سينجح المشروع أم لا كنا نتوقع ربما نسبة نجاح تصل إلى ثلاثين أو أربعين في المائة ولكن بعد مرور ستة شهور على اعتماد المشروع وجدنا أننا فقط في مجال التقليل من رمي الأوساخ حققنا نجاحا وصل إلى 95% وبالنسبة للجرائم الأخرى كالمساس بالأمن والنظام العامين وصلت نسبة النجاح إلى 80%.
ناصر البدري: النجاح الذي حققته الكاميرات المتحدثة في خفض الجريمة والسلوك غير الاجتماعي دفع ببعض المدن خارج بريطانيا وداخلها إلى الاتصال بالسلطات في مدينة ميدلزبره لمعرفة كيفية نقل التجربة إلى مدنهم.
جاك بونر: عموما يعتبر برنامجا ناجحا لدرجة أن الحكومة تتجه نحو توسيع لعشرين مدينة أخرى في إنجلترا وويلز.
ناصر البدري: لكن منتقدي هذا المشروع يعتبرونه امتدادا آخر لسلطة الأجهزة الأمنية وحلقة أخرى من حلقات الإجهاض على الحرية العامة.
جين كورلو: لسوء الحظ ليست هناك أدلة تثبت أن كاميرات المراقبة تردع الشخص الذي يفكر في اقتراف جريمة لكن وجودها وسط المدينة لا يمنع من حدوث الجريمة أو الاعتداءات.
باري كوربيتشر: لا يوجد حق لارتكاب الجريمة أو إحلال الفوضى الناس الذين يقطنون مدينتنا لهم الحق في العيش بسلام وأمان دون الخشية من تعرضهم لاعتداءات إجرامية وأعتقد أن يأتي أناس هنا لارتكاب الجريمة أو إحلال الفوضى أو القيام بأي سلوك آخر غير سوي فلا حق لهم بفعل ذلك ونحن من خلال كاميراتنا لا نهدد حرية أو حق أي شخص كل ما نقوم به هو جعل مدينتنا نظيفة وآمنة للسكان والزوار.
ناصر البدري: أما المسؤولون السياسيون في لندن فيشيرون إلى أن النجاحات التي حققتها كاميرات المراقبة بمختلف أشكالها في كشف السلوكيات الإجرامية وردع الأشخاص عن القيام بأعمال تخالف القانون والنظام العام بداية للعيان.
توني ماكنولتي: أرى يوميا وبشكل منتظم صور المعاينة لكاميرات الرصد حينما أسافر في أصقاع البلاد ساهمت الصور في منع حدوث جرائم أو في حل جرائم وثمة ميزة أخرى في تقنيات الرصد هي التحديد الآلي للوحات أرقام السيارات مثلا وأعرف حقيقة أنها ساعدت في الكشف عن خطة إرهابية في إقليم ميثلاند وتم اعتقال أحد المشتبه في تورطهم بها بالاستعانة بهذه الكاميرات في طرقات السفر السريعة وأعرف حقيقة أنه تم اعتقال أحد الأشخاص الذين يعتقد بتورطهم في عملية الحادي والعشرين من يوليو وذلك بالاستعانة بكاميرات التحديد الآلي للوحات السيارات إذا لا أوافق أبدا على الرأي الذي مفاده أنه لا يوجد دليل على أن كل هذه المزايا في الرصد في حماية مجتمعنا لا تساعد في ملاحقة المجرمين أعتقد أنها تساعد بانتظام وبصورة يومية بل تساعد أساسا في الحيلولة دون وقوع جرائم فمثلا هناك محطة حافلات في منطقتي الانتخابية محطة هارو المعروفة بازدحامها بالمارة إذا يتجمع فيها الكثيرون لركوب حافلة وحماية أنفسهم بينما يتجمهر آخرون للإيذاء قبل أسابيع حدث اعتداء خطير في تلك المحطة لكن محطة الحافلات المجاورة لمحطة قطارات الأنفاق صارت الآن تنعم بأمان أكثر بكثير بعدما كثرت كاميرات الرصد فيها مقارنة بتلك الموجودة في السابق إنني أقدر رأي مكتب مفوضية المعلومات عن خلق توازن لكننا حققنا عموما توازنا صحيحا ولا أجد الكثير من الناس يتهافتون إلي ويقولون رجاء فك شبكة كاميرات الرصد أعقد أنها مؤشر آخر مهم جدا.
ناصر البدري: المواطن العادي في بريطانيا تلتقط صورته يوميا أكثر من عشرين مرة من خلال شبكة كاميرات منصوبة تقريبا في كل مكان.
جين كورلو: لدينا أكثر من أربعة ملايين كاميرا في المملكة المتحدة يتم استخدمها بمعدل كاميرا واحدة لكل 14 شخصا وتتم مراقبة الناس باستمرار.
ناصر البدري: حجج السلطات في استخدام هذا الكم الهائل من الكاميرات هو مكافحة الجريمة التي تعد في نظرهم من أولى أولياتهم كسياسيين فبريطانيا في نظرهم في حالة حرب مع المجرمين.
توني ماكنولتي: أعتقد أنها تعلب دورا كبيرا للعلم معظم مراكز مناطقنا ومعظم أماكن التجمع ومعظم شبكات نقلنا مجهزة الآن بكاميرات رصد أعتقد أن هذه توفر المزيد من الأمن والراحة للناس فالناس عموما يرحبون بوجود هذه الكاميرات وبالجهود المبذولة التي تساعد في الحافظ على الأمان والسلامة.
ناصر البدري: أما خطر ما يسمى الإرهاب فترى السلطان أن تفجيرات السابع من يوليو أكبر دليل على أنه أصبح أكبر تهديد للبلاد والكاميرات بشتى أنواعها وسيلة من بين أهم وسائل الرصد والمتابعة لمنع الهجمات من الحدوث.
توني ماكنولتي: لابد أن رأيت شبكات كاميرات الرصد لانتحاري عملية السابع من يوليو في محطتي كينزكروس ولوتن إنها تؤكد بأنها صور مهمة بقدر أهمية ما يحتمل أن يحدث بالمقابل شاهدت بعض الصور المرعبة وكان الناس يعلمون علم اليقين أن هناك شبكة كاميرات رصد في وسط البلدة ومع ذلك تجدهم يستمرون في المشاحنات وارتكاب جرائم وغيرها إن أهمية متابعتهم واعتقالهم لارتكاب جرائم لا تقل عن أهمية الشبكة في ردع آخرين لذلك أعتقد أن تواجدنا عموم صحيح تقريبا بل حتى سيتحسن.
ناصر البدري: مجسم المتاهة المتشابكة المتداخلة الذي يرتسم على الواجهة الأمامية لمبنى وزارة الداخلية البريطانية يرى العديد من المراقين السياسيين أنه يجسد واقعا ما تحاول الوزارة القيام به على أرض الواقع لخلق مجتمع رقابة متشابك متداخل غير أن الذي يخيف العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات العامة هو أن الوزارة قد تفقد السيطرة على هذه الشبكة وتضيع فيها وتصبح بذلك ضحية تدبيرها والدليل على ذلك هو أن بعض أجهزة الأمن ومراكز المراقبة أصبحت عاجزة عن تمحيص ما يرد إليها من معلومات صورية أو أن تكلفة القيام بذلك مرتفعة جدا فتوكل المهمة على وكلاء خاصين كما هو الحال مع العديد من شبكات المراقبة في لندن أو يتم الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر في القيام بذلك على ما يحمله ذلك من مخاطر جمة.
جين كورلو: على الرغم من إنفاق أموال كثيرة في مشاريع الأنظمة المغلقة لكاميرات المراقبة في إنجلترا وويلز رأينا العديد من قوات الشرطة لا تستخدم ولا تراجع أفلام الكاميرات عندما ترتكب جريمة ما ويرجع السبب في ذلك إما لعدم توفر وسائل القيام بذلك أو لاعتقادها أنها غير مجدية.
ناصر البدري: حدوث ذلك يفتح المجال أمام حدوث أخطاء أو ربما قد يغري البعض بالمتاجرة بتلك المعلومات الحساسة.
توني ماكنولتي: مع تطور التقنيات الجديدة تظهر دوما مصاعب نسمع من حين لآخر عن بعض المصارف التي ابتليت حواسبها بأعطال أو التي أخطأت بإرسال مجموعة معلومات شخصية إلى طرف آخر لكن من أبسط أنواع الجرائم إلى أعقدها المتعلقة بالإرهاب نتساءل هل شبكة كاميرات الرصد وغيرها من عناصر المجتمع الراصد الذي ذكرته تساعدنا أم تعرقلنا في خدمة المجتمع والأهالي أقول بكل ثقة إنها وسيلة مساعدة ابتداء من أدنى مستويات الجريمة فالسلوك الاجتماعي غير السوي وحتى الإرهاب والكاميرات تساعد بشكل كبير.
ناصر البدري: والأمر الآخر الذي يقلق المنظمات المدافعة عن الحرية العامة هو التنامي المهول في قواعد البيانات المختلفة التي تمتلكها الجهات الحكومية والخاصة فبريطانيا لديها أكبر قاعدة في العالم للحمض النووي.
جين كورلو: : لدينا ثلاثة ملايين ونصف مليون عينة للحمض النووي في البنك القومي لبيانات (DNA) وهو الأضخم في العالم وشهدنا بعض الحالات التي علق فيها أشخاص في شباك هذا المشروع حيث قامت الشرطة بإلقاء القبض عليهم في الاشتباه في أنهم مجرمون لكن فيما بعد أطلق سراحهم دون توجيه تهم لهم من بينهم أحداث صغار وهذا يعزز من مفهوم مجتمع الرقابة الأمثل.
ديفد وود: أكبر سجل للبيانات الشخصية محفوظ لدى متاجر الديسكو وغيرها من المؤسسات الخاصة التي تصدر بطاقات الولاء التجارية مثل نكتر هذه البيانات فيها معلومات مفصلة عن أنفسنا وأعمالنا ومشترياتنا والأماكن التي نقصدها وكلما استخدمت تلك البطاقات كلما زادت المعلومات عنك.
[فاصل إعلاني]
مجتمع الرقابة بين الأمن واختراق الخصوصية
ناصر البدري: مترو أنفاق لندن وشبكة الحافلات تضم واحدة من بين أهم شبكات المعلومات التي تجمع بين آلاف كاميرات المراقبة وقاعدة بيانات ضخمة تسمى أويستر يتم استخدامها لمراقبة ملايين المسافرين الذين يستخدمون تلك الشبكة يوميا قاعدة البيانات تلك قد تكون الأكبر في العالم وتسجل كل التحرك للمسافرين بالصوت والصورة وغيرها من دقائق الأمور الأخرى.
جيف وينمور: كاميرات المراقبة مهمة جدا بالنسبة لنا وقد استثمرنا أموالا طائلة على امتداد عدة سنوات في هذا المجال مبدئيا استخدمناها لأهداف أمنية وعملية فعندما يقوم أحد الموظفين بمراقبة الكاميرات فإنه يشاهد أماكن خاصة ورئيسية في المحطة المعنية للتأكد بأنه لا يوجد ازدحام مثلا أو أن السلالم المتحركة تعمل بانتظام وإذا كانت هناك مشكلة ما يتم استدعاء من يتكفل بحلها.
جيروم وايمر: لكاميرات المراقبة عدة نواحي إيجابية ونحن نستخدمها لعدة أغراض فهي تعتبر وسيلة وقائية ضد الجريمة فالمسافرون يعلمون أن الحافلات مثلا مزودة بكاميرات ونحن نجمع معلومات عن كل شيء يحدث في الحافلة كما نستخدمها أيضا في حالة حدوث اعتداء للعثور على الجناة ومقاضاتهم في المحاكم فيما بعد كما هي مفيدة أيضا أثناء الحوادث المرورية أو في حال حدوث شكاوى ضدنا.
ناصر البدري: أثناء تفجيرات السابع من يوليو ومحاولات التفجير في الواحد والعشرين من يوليو عام 2005 شكلت شبكة الكاميرات أفضل وسيلة لتعقب خطوات المنفذين وإلقاء القبض على بعضهم فيما بعد فمع وجود هذا الكم الهائل من الكاميرات لا يوجد مكان بمنأى عن تلك العيون.
جيف وينمور: من الصعب جدا أن يخفى علينا شيء خلال السنوات الأخيرة تم تصميم المساحات في المحطات بإضاءة جيدة بحيث تكون الرؤية للكاميرات واضحة جدا فلا يستطيع أي مجرم الاختفاء وأصبحت محطاتنا أكثر عداء للمجرمين.
ناصر البدري: وتمتلك الشرطة والأجهزة الأمنية استخدام ما يرد إليها من معلومات صورية وغيرها عبر هذه الشبكة كيفما تشاء.
" |
جين كورلو: مشروع بطاقات أويستر التي يستخدمها الناس لدى ركوبهم مترو الأنفاق أو الحافلات باقتنائهم هذه البطاقات يمكن متابعة تحركاتهم عند دخول المحطات وأثناء سفرهم وعند خروجهم من المحطات وتبين لنا مؤخرا أن الشرطة تستخدم بيانات بطاقات أويستر للتحقق من أي نشاط إجرامي في الظاهر يبدو هذا ليس بالأمر السيئ غير أن الناس عندما يقتنون تلك البطاقات لا يقال لهم أن الشرطة قد تتبع من خلالها تحركاتهم.
جيف وينمور: أساسا هناك تنسيق مع الشرطة التي لها المسؤولية التنفيذية للأمن وفي الواقع لديهم الأولوية لتتبع كل ممارسة إجرامية.
ناصر البدري: لكن الغريب في الأمر هو أن أغلب استطلاعات الرأي التي استجوبت المسافرين لمست رضاهم عن وجود تلك الكاميرات.
جيروم وايمر: عندما نتكلم مع المسافرين أو موظفينا فأنهم يحسون بالأمان أكثر عندما يشعرون مثلا أن الحافلات مزودة بكاميرات مراقبة لأننا في العامين الماضيين فقط القينا القبض على خمسة عشر ألف شخص قاموا بجرائم وأنشطة غير قانونية مختلفة ما كان لنا أن نحتجزهم لولا صورت الكاميرات جرائم قاموا بها كإلحاق أضرار مادية.
ناصر البدري: ويبقى السؤال المحير بالنسبة للكثيرين هو لماذا سلكت بريطانيا طريق مجتمع الرقابة المثالي كما يسميه مكتب مفوض حرية المعلومات دون غيرها من الدول الأوروبية أو الغربية الأخرى رغم أن معدلات الجريمة قد تكون أقل في بريطانيا من تلك الدول مثل ألمانيا.
توني ماكنولتي: تلك هي مقارنة مزيفة إلى حد ما فكلما أمعنت في بيانات أوروبية أخرى من بلد ما أو غيره لما يعتبر جريمة أو لا يعتبر جريمة إضافة إلى كل محلقات تلك البيانات التي من المفروض مقارنتها لوجدتها تختلف اختلافا شاسعا عن بياناتنا لدرجة أن المقارنة باتت غير شاملة تماما وهنا أشير إلى أن البلدان الأخرى باتت تتبع ما تفوقت به بريطانيا فبالنسبة لكاميرات الرصد لاحظت أن الدول الأوروبية بدأت تنصب شبكات مماثلة ولم تتخذ قرارات تعارض المسار الذي اتبعته بريطانيا.
ناصر البدري: كما أن المثير للدهشة أو الاستغراب هو أن هذه الكاميرات تنامت بشكل عنكبوتي أثناء فترة حكم العمال الحالية أي خلال العشرة أعوام الماضية رغم أن حزب العمال في أصله يتبنى مبادئ حرية المعلومات والحرية الشخصية والخصوصية الفردية.
ديفد وود: أحد هذه الأسباب هو أن بريطانيا هي الدولة الأكثر مركزية من أي بلد أوروبي آخر وعلى خلاف الكثير من الدول ليس لها دستور مكتوب لذلك ليست لدى الناس حقوق أساسية مثل حق الخصوصية في الأماكن العامة مقارنة بألمانيا كانت هناك ثلاثة مخاوف أدت إلى بدء اعتماد تلك الأنظمة الأول كان أعمال الشعب التي اجتاحت ملاعب كرة القدم التي نسيها الآن معظم الناس ثاني هذه المخاوف هو الإرهاب الذي مارسه الجيش الجمهوري الأيرلندي والذي استهدف حتى الأراضي البريطانية وفعلا فجر عدة قنابل في شوارع لندن أما ثالث المخاوف فهو اختطاف الأولاد وقتلهم وقد وقعت عدة حوادث في التسعينات.
ناصر البدري: وقد دفعت تلك المخاوف ببعض الآباء إلى الاستعانة بتقنيات الرصد والمتابعة الحديثة كهذا الجهاز الذي يعمل كهاتف يعطى للأطفال ويقوم الوالدان بمتابعة الطفل من خلال جهاز كمبيوتر منزلي يستقبل إشارة الجهاز.
رومان بول: الطفل لا يشعر أنه تحت المراقبة الدائمة لكنه يدرك أن لديه جهازا يستطيع الاستعانة به إذا حدث طارئ ويتصل بوالديه.
ناصر البدري: لكن السبب الأساسي في نظر البعض لظهور ما يسمى بمجتمع الرقابة هو تجاري بحت.
ديفد وود: لكن الأهم من كل هذه الأسباب سبب عادي جدا وهو المتعلق بتغير عادات التسوق في بريطانيا ما حدث هو أن الحكومة سمحت في الثمانينيات ببناء مجمعات تجارية كبيرة على الطراز الأميركي خارج مركز المدينة كانت تلك المراكز آمنة جدا ومجهزة بشبكة كاميرات للمراقبة ذلك التوسع أدى إلى انخفاض التسوق في مراكز المدينة ولمنافسة تلك المجمعات الضخمة خارج المدن ارتأت مراكز المدن ضرورة أن تشعر المواطنين بأن تسوقهم في مراكزها آمن وحدث سباق تقني بين مراكز المدينة والمجمعات التجارية الضخمة كل طرف كان يحاول التفوق من خلال نصب مزيد من أجهزة الرقابة المختلفة أما الحكومة فقد شجعت هذا الأمر بدورها وقدمت منحا من أجله ولتنصيب أنظمة مغلقة لكاميرات المراقبة.
ناصر البدري: لذا يذهب البعض إلى أن المستفيد الوحيد من خلق ما يسمى بمجتمع الرقابة هي كبرى الشركات سواء تلك التي تسوق تلك الأنظمة أو تلك التي تبيع منتجاتها في نطاق تلك المناطق شبه المحصنة.
بومر أوليفر: نعلم أن المجالس البلدية في بريطانيا أنفقت مائة وعشرين مليون جنيه العام الماضي فقط لاقتناء كاميرات جديدة فيما أنفقت دولة كألمانيا ستة عشر مليون يورو ونحن نعتبر أن السوق البريطاني تنعم بنمو زاهر لأن الناس والمجتمع قبلوا بالكاميرات كجزء من حياتهم العادية ولتحقيق سلامتهم وأمنهم.
ديفد وود: نعتقد أنه يهدف أولا وبصورة مذهلة إلى تقسيم المجتمع فمعظم أجهزة الرقابة مصممة على تصنيف الناس وهي تجمع المعلومات لهذا الغرض أساسا كي تعرف من هو المشتبه فيه ومن ليس كذلك من المستهلك المثالي ومن هو المستهلك السيئ يتم وضع هذه المعلومات في قواعد وبنوك ضخمة للبيانات حتى تعطي قراءات معينة فإذا تم تصنيفك على أنك مشتبه فيه بالإرهاب فمن الصعب تغيير هذا التصنيف على الإطلاق بل يتم تعزيزه من خلال عدة بنوك للبيانات وطرق مختلفة لجمع المعلومات عنه وهذا سبب مهم جدا.
ناصر البدري: لكن الغريب أيضا هو أن غالبية استطلاعات الرأي لا تظهر قلقا لدى المواطنين العاديين من ملايين الكاميرات وقواعد البيانات التي تراقب كل حركاتهم وسكناتهم.
توني ماكنولتي: يتحدث الكثير من النقاد دوما عن هذه الأمور وكأن الدولة الخبيثة الشريرة هي الوحيدة التي تقوم بمثل هذه الأعمال أكرر وأقول بأن هذه التقنيات تستخدم كجزء من الحياة اليومية لكل فرد فهي تسجل رقميا للتحقق مما يمارسه كل فرد من نشاطات يومية كل ما نفعله هو تحسين تلك التقنية التي تساعد الناس على العيش حياة يومية أفضل بكثير من ذي قبل بأن يظلوا في أمان واطمئنان أثناء ذلك أعتقد أن هذا أمر إيجابي.
جيف وينمور: 87% من المستجوبين وجدوا أن كاميرات المراقبة جديرة بالاهتمام ويريدونها أن تبقى لأن وجودها يشعرهم بالأمان أكثر لدى استخدامهم نظام النقل.
ناصر البدري: دائرة هومسلو في ضواحي لندن لا تبعد كثيرا عن مطار هيثرو الدولي الدائرة لا يكاد يخلو شارع من شوارعها الكثير من كاميرات المراقبة أثناء تجولنا في الدائرة مع مدير الأمن فيها لم تمر مدة طويلة حتى تلقى المدير إخطارا بوجود تحركات مريبة في أحد الشوارع من خلال واحدة من تلك الكاميرات.
علي ديراي: تلقيت إشعارا بوجود أنشطة مشبوهة وبرجال يحققون في الأمر.
ناصر البدري: حالة من التوتر سادت المكان وأسرعت فرق الشرطة في دقائق معدودة إلى المنطقة وفيما يقوم رجال الشرطة بتفتيش الشباب المشتبه بأنهم كانوا يقومون ببيع المخدرات يؤكد لنا مدير الشرطة أن دواعي الأمن في دائرته وفي لندن عموما تستدعي استخدام أساليب كثيرة من بينها الكاميرات والدوريات الراجلة وغيرها من الأساليب الأخرى.
علي ديراي: دائرة هانزلو أصفها بأنها بوابة لندن نحن نبعد دقائق قليلة عن مطار هيثرو الدولي وأول ما يشاهده القادمون من مختلف أنحاء العالم هو هذه الدائرة ولو نظرت إلى التنوع العرقي والإثني فيها لوجدته مثيرا للإعجاب نحن لدينا هنا نحو عشرة آلاف لاجئ سياسي لدينا شباب كثيرون ولدينا أيضا جالية كبيرة من أوروبا الشرقية وأخرى ضخمة من عدة دول إسلامية منها ما هو من باكستان مثلا ومن ما هو من أفغانستان وأنا أقول دائما أن هانزلو هي عبارة عن لندن بعد عشرة أعوام من الآن وتوفير الأمن والسلامة لهذه الدائرة أمر من الصعوبة والتحدي بما كان لأن كل جالية لديها مطامح وآمال مختلفة لكننا من خلال استخدام أساليب متنوعة كالتالي شاهدت قبل قليل استطعنا استنادا إلى استطلاع آخر إرضاء نحو 90% من السكان أي أن كل هؤلاء راضون عن طريقة تعاطي شرطة هانزلو معهم وهذا يؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح.
ناصر البدري: منظمات الدفاع عن الحرية العامة وحقوق الإنسان تشير أيضا إلى أن تفاقم ما يسمى بمجتمع الرقابة يطرح إشكالية حقيقية حول طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه وأن الإفراط في استخدام تلك الأدوات الرقابية سينعكس سلبا على الناس جميعا في خلق مجتمع متشرذم يشكك بعض أفراده في البعض الآخر مما يعزز من مشاعر التواكل وعدم الاكتراث.
ديفد وود: لم يعد الناس يثقون ببعضهم البعض بعد الآن لأن المشكلة مع أنظمة الرقابة الشديدة هو أنها تولد تفاؤلا مزيفا بين الناس لأنهم يعتقدون أن هناك شخصا آخر يراقب ويحل المشاكل هذا يعني أنه لم يعد هناك أحد مستعد للمساعدة إذا حدثت أزمة في الشارع لأنه يعتقد أن شخصا آخر يراقب الجميع ومستعد للمساعدة.
ناصر البدري: أما المسؤولون الحكوميون فيتهمون المدافعين عن الحرية العامة وحقوق الإنسان بالصراخ والتحذير من مخاوف غير موجودة.
توني ماكنولتي: أقول لهؤلاء اهدؤوا وكفى صراخا نحن لا نعيش دون أن ندري في أي مجتمع يرصد الأفراد إنما تتعاون السلطات المحلية والحكومة المركزية مع عامة الناس حتى تضمن أن يكون مجتمعنا أكثر آمنا وسلامة وحتى تنخفض نسبة الجرائم فيه ولهذا يجب أن يعملوا معنا حتى نضمن هذا التوازن الملائم بين الحريات المدنية والرصد بدلا من الاستمرار في الصراخ الذي يتسبب في بوح أصواتهم.
ناصر البدري: بيد أن تلك المنظمات المدافعة عن حريات المواطنين تؤكد أن التوازن بين الحفاظ على الأمن ومكافحة الجريمة وضمان حرية الناس قد اختل بشكل كبير.
جين كورلو: أجري استطلاع للرأي من قبل مؤسسة يوغوف أظهر أن 80% من المشاركين يوافقون على أن بريطانيا يمكن وصفها بمجتمع الرقابة الشديدة وضع ربما تخلينا فيه عن جزء كبير من حرياتنا بناء على مخاوف حكومية محتملة.
توني ماكنولتي: لا.. لا أظن ذلك التوازن الذي يجب أن تهتم به هذه الحكومة هو بين الحفاظ على هذه الحريات المدنية والحفاظ على كل هذه العناصر الإيجابية تماما في مجتمعنا المنفتح لم يتقدم إلي أكد بشكوى بأن بريطانيا ليست مجتمعا منفحتا واستخدام هذه التقنيات في الرصد وغيره هو لضمان أن يكون مجتمعنا أمنا ومطمئنا ويجب أن نحافظ على هذا التوازن وأنا أوافق على ذلك تماما.
ناصر البدري: وتدعو تلك المنظمات ومن ورائها عدد كبير من السياسيين البريطانيين إلى العودة إلى قيم الحرية التي أسست على أساسها بريطانيا بدءاً من أب الثورة الإنجليزية أوليفر كرومويل وحتى العصر الحديث.
ديفد وود: إذا رجعنا إلى بريطانيا في القرنين الثالث والرابع عشر نجد أن البريطانيين كان لهم الحق في أجسادهم عندما يتم اعتقالهم لأن أجسادهم ملكهم وهو مبدأ أساسي شرعي في القانون البريطاني قبل ذلك كان الملك يستطيع أن يفعل بك ما يشاء لأنه يملك جسدك ما نقوله هو أنه يجب التعامل مع المعلومات بنفس الطريقة لأن تلك المعلومات المخزنة عنا في بنوك البيانات المختلفة هي جزء من شخصيتنا لأنها ببساطة تتعلق بفرصنا في العمل وفي الحياة وفي ما يمكن أن نفعله في المستقبل وأي مدرسة تعلمنا فيها وما نتلقاه في حياتنا من علاج طبي أو تأمين صحي هذه المعلومات مهمة بأهمية الجسد نفسه وعليه فتلك المعلومات يجب أن تعد ملكية شخصية تماما مثل الجسد.
ناصر البدري: شعرة معاوية تربط بين المحافظة على أمن الناس وسلامتهم في الشوارع وغيرها من الأماكن الأخرى وضمان حقه في الخصوصية والحفاظ على هذا الحق وهذه الشعرة في حالة توازن مستمر أمر لا شك أنه من الصعوبة بما كان والحكومات البريطانية السابقة على امتداد نصف قرن من الزمان استطاعت إلى حد ما أن تحافظ على تلك الشعرة في حالة توازن لكن الذي يقوله كثيرون هو أن مراحل الشد والجذب خلال العشرين سنة الماضية قد تكون قطعت تلك الشعرة فيما غلبت غريزة توفير الأمن والسلامة على الخصوصية أما بالنسبة لهؤلاء الذين لا يريدون أن تطلع الحكومة أو مختلف أجهزتها الأمنية على تفاصيل حياتهم فالتقليل أو ربما حتى الكف عن استخدام التقنيات الحديثة قد يكون السبيل الوحيد ولمن لا يستطيع أن يفعل ذلك فالحل هو الضغط على هؤلاء السياسيين بشكل أكثر حدة لاستعادة حقوقهم المدنية والتمتع بخصوصيتهم الفردية وحريتهم الشخصية.