السودان...هموم وطموحات
تحت المجهر

شرق السودان.. هموم وطموحات ج1

كاميرا الجزيرة تتجول في بلاد البجا وتتعرف عليهم. فمن هم البجا؟ وماذا يريدون؟ وكيف بدأت قضيتهم في شرقي السودان؟

– ولاية البحر الأحمر.. آفاق هموم وطموحات
– ثمار الفدرالية واتفاق السلام وقضية البجا وحقيقتهم

– دور البجاويين في تطور السودان ومطالبهم

undefined

ولاية البحر الأحمر.. آفاق هموم وطموحات

محمد الكبير الكتبي: قَصصٌ كثيرة تدور بخَلَد أي زائر لولاية البحر الأحمر الواقعة في أقصى شرق السودان والتي تفصلها عن أجزاء البلاد الأخرى هضاب وجبال ووديان تتحدث جميعها عن السودان ذلك البلد القارة. وتتزايد فصول هذه القَصص في ظل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة التي يشهدها السودان حاليا. تختلط عناوين كثيرة وتمتزج مع حال الواقع الذي يُشكل تضاريس الولاية من جوانبها المختلفة بشريا وجغرافيا. وترسم هذه العناوين خطوطا هامة تتعدى الهموم والطموحات لتتحدث عن التفاصيل بلغة الواقع، ففي وسط هذا الواقع يعيش قرابة السبعمائة ألف نسمة. تحتوي هذه الجبال والهضاب القاسية حسب الدراسات الرسمية ثرواتٍ معدنية هامة كالذهب والمنجنيز والحديد والفوسفات والجبس والغاز الطبيعي. ولكن هذه الطبيعة مع المناخ شبه الجاف الذي يسود أجزاءً كبيرة من الولاية شكلت حياة البداوة القاسية التي تسود في أرياف البحر الأحمر، يُقابلها في ذات الوقت حياة الحضر بكل تفاصيلها التي تسود مدن الولاية ومنها العاصمة بورت سودان أو كما يُسميها أهلها ثغر السودان الذي يحتوي أهم الموانئ البحرية ليس في السودان فقط بل تمتد أهمية الميناء ليحمل التأثير العالمي بكل انعكاساته وجوانبه. تحتضن ولاية البحر الأحمر إلى جانب ميناء بورت سودان المعروف والذي يُمثل للسودان ودول أفريقية أخرى عَصَب الصادر والوارد بمختلف اتجاهاته، تحتضن أيضا ميناء بشاير الذي يُصَدَّر من خلاله النفط السوداني. وتُمثل هذه الموانئ الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للسودان عامة وولاية البحر الأحمر خاصة، فإلى جانب أنها ترمز بقوة لقوة أو ضعف الحكومات وأدائها وتشهد على إنجازاتها وإخفاقاتها فهي أيضا ترسم الصورة الحقيقية لواقع إنسان ولاية البحر الأحمر وآفاق همومه وطموحاته دون أي رتوش أو إضافات.

حاتم الوسيلة الشيخ السماني- والي ولاية البحر الأحمر: التطور الآن العالمي في التجارة العالمية وتطور صناعة نقل الحاويات أصبح الآن يُمثل جزء كبير جدا من عمل الموانئ ويتطلب تحديث في شكل كريانات رافعة وفي شكل حاويات وفي شكل.. لا يستطيع الإنسان بقوته العادية أن يتعامل معها. بالطرف الآخر أيضا تكلفة الإنتاج أو تكلفة الأسعار أدت إلى أنه كل البضائع، الأسمنت والدقيق والقمح وغيرها والزيوت وغيرها من أشياء، بتجئ في شكل عبوات كبيرة ويتم سحبها بآليات حديثة.

محمد الكبير الكتبي: يُدرك الزائر بوضوح مع خطواته الأولى عاصمة الولاية مدينة بورت سودان ذلك التمايز الذي يجمع شرق السودان بمختلف سَحنات وعِرقيات وأجناس أهل السودان، فهذه الولاية خليط يتكون من كل قبائل السودان التي سكنت وعَمَّرت هذه المنطقة منذ زمن بعيد ليرسموا مع البجا، أهل الولاية الأصليين، التضاريس البشرية لملامح البحر الأحمر الذي أصبحوا فيه جزءاً لا يتجزأ عن الواقع لا يمكن أن تتجاهله أي دراسة أو إحصائية. والتجول داخل مدن البحر الأحمر يروي المزيد من التفاصيل عن هذه الحياة، حياة الناس وتفاصيلها الدقيقة الواضحة للعيان لكل زائر. ولكن في الجانب الآخر يدور في الذهن منذ الوهلة الأولى السؤال المتعلق بكيفية إدارة هذا الكم الكبير من الهموم والطموحات والتناقضات المِهنية والقبلية تحت مظلة سودان واحد زاخر كما هو معروف بهمومه وطموحاته.

إبراهيم أحمد عمر- الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم: الاهتمام والإطار الوطني بالمواطن السوداني بشرق السودان من حيث مشاركته في إدارة بلده والتخطيط لمستقبل بلده وإن كانت هذه التعابير الآن تُستعمل بشيء محدد، مثل المشاركة في السلطة أو المشاركة في الثروة، فهذا أيضا يقع ضمن ما يؤمن به ويُخطط له المؤتمر الوطني في شرق السودان.

ثمار الفدرالية واتفاق السلام وقضية البجا وحقيقتهم

محمد الكبير الكتبي: ويتساءل الزائر فورا على ضوء هذه الإجابة الصادرة من أعلى القيادات السياسية في السودان عن ثمار الحكم الفدرالي المُطبق هناك منذ قرابة الخمس عشرة سنة وعن ثماره في هذه الولاية بل وغيرها من ولايات السودان.

آمنة ضرار– الأمير العام لتنظيم مؤتمر البجا المعارض: ما في فدرالية حقيقية، ما في لا مركزية، هي ما أكثر من عنوان ولافتة تُستخدم ولكن فعليا لا في سلطات ولا في صلاحيات ولا في فدرالية حقيقية.

محمد الكبير الكتبي: ظل شرق السودان كله على سطح صفيح ساخن منذ امتداد الحرب الأهلية في جنوب السودان إلى أجزاء أخرى من السودان ومنها الشرق ولكن مع ذلك ظل الأثر حتى وقت قريب محدوداً نوعا ما وينحصر فقط في التهديد المباشر للطريق الرئيسي الوحيد الذي يربط ساحل البحر الأحمر بالعاصمة الخرطوم. ونجحت الحكومة المركزية وحكومة البحر الأحمر في إبعاد شبح هذا التهديد طيلة سنوات الحرب ولم تحدث أي آثار سالبة كما لم تتوقف الحركة في هذا الطريق الرئيسي أو في الموانئ البحرية. ولكن لم يكد مِداد توقع اتفاقية السلام الموقعة بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان في التاسع من يناير الماضي يجف حتى كانت ولاية البحر الأحمر على موعد مع تطورات سياسية لم تشهد لها من قبل مثيلا. اندلعت في أواخر الشهر نفسه، أي في التاسع والعشرين من يناير، أحداث دامية في بورت السودان خطط لها وقادها ونفذها تنظيم مؤتمر البجا. وبرزت على الملأ لأول مرة جوانب وانعكاسات لاتفاق السلام المُبرم ما كان يتوقعها أحد.

"
شرق السودان منطقة مهمشة وأُهملت تاريخيا منذ الاستعمار البريطاني وتواصلت طوال العهود، والحكومات الوطنية لم تُقدم له أي مشاريع تنمية
"
      أمنة ضرار

آمنة ضرار: الواقع شرق السودان هو مِن المناطق المُهمَّشة وأُهملت تاريخيا يعني منذ الاستعمار البريطاني وتواصلت المسألة طوال العهود والحكومات الوطنية، فلم تُقدَّم له أي مشاريع تنمية، لا تنمية بشرية ولا تنمية موارد موجودة فيه. المؤتمر ألقى بظلاله بشكل مباشر على الإنسان في شرق السودان، الإنسان البجاوي.

محمد الكبير الكتبي: ومهما كانت ظروف ذلك الحادث وملابساته فإنه طرح بوضوح لا تُخطئه العين قضية البجا، التي يقول أهلها إن تفاصيلها ظلت غائبة عن الأروقة السياسية السودانية منذ الاستقلال. الخرطوم تقول إنها تفاجأت بكل ما حدث خاصة وأن خطوط مختلفة للتفاكر والحوار كانت مفتوحة بموجب التطورات السياسية التي حدثت وبموجب توجيه الرئيس السوداني بتطبيق بروتوكولات اتفاق السلام على كل مناطق السودان.

إبراهيم أحمد عمر: فوجئ الناس بمجموعة تُقدم مذكرة لولاية البحر الأحمر لنائب الوالي، فيها مطالب بعضها مقبول كجهة سياسية تُقدم هذه المطالب وبعضها غير مقبول. المقبول فيه إنه يُقال إنه نريد أن نُشْرَك في لجنة وضع الدستور، كجهة سياسية يُمكن أن تقول هذا وكلام يعني يمكن يؤخذ ويُرد فيه، الغير المقبول هو أن يكون مؤتمر البجا والفصيل المسلح هو الجهة الوحيدة وهذا (كلمة غير مفهومة) الوحيدة هذه المتكلم في الشرق، هذا غير معقول لأن هناك جهات أخرى.

محمد الكبير الكتبي: من هم البجا؟ وماذا يريدون؟ ولماذا اختاروا هذا الوقت بالذات لإطلاق هذه المطالبة الدموية؟ يقول مؤرخ المنطقة إن البجا ليسوا قبيلة بل هم شعب من أقدم شعوب السودان ولغتهم من أعرق اللغات وأقدمها في السودان والبلدان المجاورة وقد سكنوا شرق السودان منذ القرن السادس قبل الميلاد.

محمد أدروب أوهاج– باحث في تاريخ البجا: المجموعة الموجودة اليوم في منطقة البجا والقبائل الموجودة هي عشر قبائل تقريبا. وأنا هأذكر القبائل من الشمال إلى الجنوب البشاريون، الأمارار، الكميلاب، الأشراف الأرتيقة، الهدندوة، الملهيتكناب، الحلنقة، البني عامر، الحباب. عشرة قبائل تُمثل البجا اليوم. والقبائل دي يعني كثير منها يعتبروا كلهم امتداد يعني لأسر عربية.

محمد الكبير الكتبي: قد يختلف بجاويون كثيرون مع الزاوية التي اتبعتها تطورات الأحداث في أواخر يناير الماضي ولكنهم يتفقون جميعا على أن للبجا قضية جرى تجاهلها دائما في تاريخ السودان الحديث حتى أفضى ذلك التجاهل إلى واقع مرير لابد من الوقوف عنده وتأمله بعناية.

محمد أدروب أوهاج: البجا إلى اليوم منطقة البجا منطقة بائسة جدا ويمكن أحسن مثال الواحد يوضح به وهذه المشكلة، البجا عندما استقل السودان كانوا حوالي مليون واليوم هم نصف مليون، يعني البجا ماشيين نحو الانقراض، عند الاستقلال السودان كان عشرة مليون، الآن اليوم السودان حوالي ثلاثين مليون، السودان تضاعف ثلاث مرات، البجا نقصوا نصف، فده يُوري إنه فعلا يعني في بيان يعني حاجة واضحة جدا أنه البجا لابد أن يُدَّارك أمرهم بصورة كبيرة.

[فاصل إعلاني]

دور البجاويين في تطور السودان ومطالبهم

محمد الكبير الكتبي: الحقيقة التي يتفق فيها الجميع بِمَن فيهم الحكومة أن البجا بمختلف تكويناتهم اشتركوا في كل مراحل التطور السياسي في السودان، السودان الحديث والقديم، كما أنهم يُشكلون عصب الأيدي العاملة غير المدربة في كل موانئ السودان المطلة على البحر الأحمر. ولكن بعض البجاويين يرون أنهم لم يُنصفوا إطلاقا على طول هذه المسيرة رغم أنهم أدوا دورهم بفاعلية في مجتمع الشرق بل وفي السودان عموما.

جعفر بامكار– من قيادات البجا: البجا جربوا العمل السياسي ودخلوا في كل الأحزاب، ثم أقاموا مؤتمر البجا وطالبوا كل مطالبهم كل هذه السنوات بالطرق السلمية، عدد من هؤلاء البجا يئسوا من هذا الأسلوب وخرجوا من البلاد وحملوا السلاح كما حمل غيرهم من أطراف البلاد. وسبب ذلك عدم الاستجابة للمطالب السلمية وعدم اعتراف الحكومة السودانية لأي مطالب إلا للذين يحملون السلاح.

محمد الكبير الكتبي: ومع دخولنا في تفاصيل، تفاصيل قضية البجا أو شعب البجا كما يحلوا لهم تسمية أنفسهم يبرز سؤال هام يُلِح على طرح نفسه، هل يُمثل البجا أو شعب البجا كل مواطني ولاية البحر الأحمر؟

إبراهيم أحمد عمر: عندما أتحدث عن مؤتمر البجا وأتحدث عن الفصيل المسلح لا نستطيع أن نقول هو القيادة الوحيدة للشرق، هي القيادة اللي تحمل السلاح مع الأسود الحرة، لكن ليست القيادة الوحيدة في الشرق. نحن في المؤتمر الوطني نعتقد إنه الحديث مع كل فصيل إذا كان بيحمل السلاح وغير يحمل السلاح أمر مشروع ولذلك لم نَرَ بأس في أن تجلس الحكومة مع الفصيل المسلح ولم نَرَ بأس في أن تجلس نحن كمؤتمر وطني مع الفصائل الأخرى ليست مسلحة تناقش قضية الشرق.

محمد الكبير الكتبي: إذا كانت هذه هي وجهة نظر الحكومة كما رواها الأمين العام للحزب الحاكم دون تحفظ فماذا يريد البجاويون؟ وهل هم على استعداد لمبادلة الحكومة الثقة بالثقة والاشتراك في قيادة السفينة؟

آمنة ضرار: باختصار شديد جدا نحن نريد فدرالية حقيقية، فدرالية تعطينا السلطات والصلاحيات والمال اللازم لوضع البرامج ولتنفيذها. نريد أن نشارك في السلطة المركزية لأنه القرارات اللي بتصدر في المركز هي بتمِسِّنا إحنا هناك في أرضنا في منطقتنا، فإذا إحنا ما شاركنا في وضع هذه السياسات، في وضع هذه القرارات فكيف نُساءَل بتنفيذها.

محمد الكبير الكتبي: يعتقد بعض المحللين أن البجا أو بعض قادتهم على الأقل يُحلقون خارج السرب وهم يُقدمون مطالب بعضها مُقنِع وبعضها غير مُقنِع ولا يمكن الاستجابة إليها بأي منطق، فمثلا عمليات تحديث الموانئ على ساحل البحر الأحمر فجرت مشكلة هامة برأي البجاويين، فهذه العمليات عمليات التحديث شردت أبناءهم الذين ظلوا يتوارثون العمل في هذه الموانئ مئات السنين ولكن هل يتوقف التحديث؟

"
أبناء البجا يعملون عمالا للشحن والتفريغ في الميناء منذ إنشائها والآن يُطردون من الميناء ويفقدون أعمالهم نتيجة للتحديث
"
     جعفر بامكار

جعفر بامكار: القضية باختصار شديد هي قضية سياسية في الدرجة الأولى نتيجة لتهميش قومية عريقة قديمة في هذه البلاد لا تجد أقل حقوقها. وأضرب مثل لذلك منطقة أرياب يُستخرج منها سنويا ما بين خمسة إلى ستة طن من الذهب في الوقت الذي أهلها يموتون بالسُّل وبالجوع، أيضا هناك مشكلة كبيرة مشكلة عُمّال الشحن والتفريغ وهو الغطاء الأكبر من أبناء البجا يعملون في الميناء منذ إنشائها منذ مائة سنة والآن يُطردون من الميناء ويفقدون أعمالهم نتيجة للتحديث.

محمد الكبير الكتبي: حكومة ولاية البحر الأحمر ليس من سلطاتها إدارة الموانئ ولكن رأيها في مثل هذه المطالب واضح، لا أحد يستطيع أن يقف في وجه التطور والمطالبة يجب أن تتعدل بالبحث عن البدائل.

حاتم الوسيلة الشيخ السماني: هذا الأمر إن إحنا لابد إن إحنا نقابله ونؤمن على التحديث لأنه لو ما أمَّنا عليه قطعا تتوقف الميناء بعدم وصول أي سفينة لها، لكن في نفس الوقت لابد من أنه نضع في الاعتبار إنه إحنا عندنا مواطن كان يعمل يحتاج إلى علاج للمشكلة. ونحن حقيقة في هذا الأمر على وجه التحديد مقترحين أن يكون هناك صندوق ومحفظة مالية تُساهم فيها الحكومة المركزية وتساهم فيها هيئة الموانئ وتساهم فيها الزكاة والولاية واتحاد أصحاب العمل حتى وأنه يكون فيها مبلغ يكفي للضمان الاجتماعي والضمان الصحي وتحقيق دَخْل بالمشروعات الصغيرة بالنسبة لهم.

محمد الكبير الكتبي: هذا هو أحد مراكز التدريب المِهني المتطورة زارته الجزيرة برفقة حكومة ولاية البحر الأحمر. تقول حكومة الولاية إنها أعادت الحياة إلى مثل هذه المراكز بقصد تأهيل المتضررين من عمليات تأهيل الموانئ، هنا يتعلم الدارسون مختلف أنواع المهن والحِرَف، تبدأ بالحدادة واللحام والبرادة وكل ما يتعلق بالميكانيكا ولا تنتهي بتقنيات الراديو والحاسوب وغيرها من علوم العصر المتطورة. تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الفدرالية السودانية أن حوالي 38% فقط من سكان ولاية البحر الأحمر يقطنون الريف وتغلب على طبيعة حياتهم البداوة. ولكن هناك ضعف واضح في انسياب الخدمات بالريف. ويعتقد قادة تنظيم البجا أن الحكومة المركزية في الخرطوم هي المستفيدة الوحيدة من موارد الولاية وهذا هو أُسْ اختلال المعادلة.

حاتم الوسيلة الشيخ السماني: الحديث عن إنه أهل الشرق يعني لهم قضايا خاصة بهم مُعترَف به. ولكن السؤال إنه ما هو المطلوب من الحكومة التي يقوم عليها المؤتمر الوطني كحزب حاكم؟ المطلوب أن تتبنى هذه المشروعات وأن تدفع في اتجاهها بالمطلوب إذا كان مال أو إذا كان عمالة أو إذا كان عمل فني أو إذا كان تخطيط حتى تنجح هذه المشروعات. والآن الحكومة تقوم بهذا، تقوم بتقديم كل ما هو مطلوب لإنجاح هذه المشروعات.

محمد الكبير الكتبي: رحلة طويلة يسيرها هذان الشقيقان بَحثاً عن مياه الشرب وهو تمرين تعلماه منذ نعومه أظفارهما. وهما إن كانا يقطعان هذه الرحلة بقناعة تامة تواؤما مع ظروفهما ولا يُباليان مهما بَعُدت المسافة لأن خطوط المياه التي وفرتها الدولة موجودة ويمكن الوصول إليها مهما بَعُدت، إلا أن هؤلاء الريفيين يروون برحلتهم المكوكية هذه واقعاً يعترف بوجوده الجميع في ريف ولاية البحر الأحمر. ويتفق الجميع في وجوب حدوث معالجات لهذا الواقع تنبع من الواقع والظروف المحيطة أو تستفيد من إمكانات وموارد المياه القومية. مَن يدري إذا عُدنا في رحلة قادمة ربما نجد هذا الواقع قد تغير، خاصة وأن حكومة الولاية تقول إنها تعمل بالاتفاق مع الخرطوم على معالجة مثل هذه الهموم وأيضا على القضاء على كل الهموم الصحية التي أُثيرت ويعاني منها هؤلاء الريفيون.

حاتم الوسيلة الشيخ السماني: الأمن والاستقرار هو الذي يُحقق المطالب. نحن نقول أن التعبير وحرية الكلمة وحرية المطالب مشروعة لجميع أهلنا في منطقة الشرق. ونحن حقيقة جاهزين ومستعدين للدفاع معهم عن قضايا الشرق في قبائل البجا أو في القبائل التي تعيش في هذه المنطقة وُلدت وعاشت فيها والآن تتطلع كلها إلى حياة فيها تحقيق للرفاهية والعدل.

محمد الكبير الكتبي: حطت بنا الرحال في رحلة الإياب بمدينة سواكن التاريخية التي تروي قصة حضارة سادت قبل مئات السنين وانتهت لتترك آثارها. تروي هذه الآثار قَصصا من صفحات تاريخ المنطقة طواها النسيان، سواكن التاريخية هذه جزء من طموحات المستقبل التي يتطلع لها أهل المنطقة، ليس في نقل الركاب والغاز والماشية إلى مختلف أرجاء العالم إنما لصياغة الغد الذي يريدون بمختلف تفاصيله. آثرنا أن نودعكم ونحن نودع ولاية البحر الأحمر بكل تفاصيلها من هذه البوابة، بوابة مدينة سواكن إحدى كبريات المناطق التاريخية في ولاية البحر الأحمر.