في العمق

إلى أين يقود المستبد عالمنا العربي؟

ناقشت حلقة “في العمق” فشل معظم خطط التنمية العربية، وتساءلت: هل يقف الفساد والفشل الاقتصادي خلف أزمات المنطقة؟ ما علاقة التنمية بالحرية والاستبداد؟ وما هو السبيل إلى مستقبل عربي أفضل؟

ما إن يحضر عنوان "التنمية العربية" حتى تحضر مستلزماتها، ومن ذلك الفشل الاقتصادي وشيوع الاستبداد.

في حديثه لحلقة 7/9/2015 من برنامج "في العمق" يصر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت علي وطفة على أن العرب واقعون الآن في نكوص حضاري بسبب الأنظمة الاستبدادية التي انتهجت تنمية مدمرة متوحشة عملت فقط من أجل الحفاظ على سلطتها.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار الذي لا ينفي دور الاستبداد فقال مازحا إن بعض النماذج في العالم ارتأت أن الخبز قبل الحرية، أما نحن فلم نحصل لا على الخبز ولا على الحرية.

حراسة السلطة
وعليه، يمضي النجار في القول إن أدوات الدولة العربية أمنية لحراسة السلطة، ولا تكتفي بذلك بل تدفع إلى ثقافة تمجيد المستبد، مما يشيع الفساد ويعيق التنمية.

ولفت إلى نموذج سنغافورة التي كانت قبل خمسة عقود في حالة سيئة، وما فعله ديك فان يو الذي قال إنه وجد القضاة يبيعون الأحكام والشرطة فاسدة، فما كان إلا أن التفت للتعليم وقال للمعلمين أنا أبني الأجهزة وأنتم تبنون الإنسان.

علي وطفة ذهب في هذا الاتجاه ليقول إن رئيسة فنلندا حينما سئلت كيف وصلتم إلى هذا الحد من التقدم؟ قالت: التعليم ثم التعليم ثم التعليم.

واستدعى وطفة غير مرة كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" ليقول إن المستبد أول ما يفعله هو توظيف التعليم ليخدم استبداده، ملاحظا أن العقول المهاجرة بسبب هذا المناخ العربي هي 750 ألف عقل منذ عام 1955 بينما تعتمد إسرائيل على مئتي ألف عقل.

نموذج نادر
وتحدث النجار عن النموذج الخليجي فقال إنه نادر في التاريخ، حيث توجد وفرة مالية دون جهد من الناس الذين أيضا لا يدفعون الضرائب، ولا يشغلهم الجانب المالي المتوافر لإقامة المشاريع.

دول الخليج -كما يضيف- تستورد الناس من الخارج للعمل في مشاريعها ثم توفر الرعاية الصحية والتعليمية، غير أن هذا في رأيه لا يصب في التنمية ما دامت الجنسية يمكن أن تسحب من أي مواطن في أي وقت، فالخوف لا يزرع التنمية.

ودعا النجار إلى أن ينجح نموذج عربي واحد في التنمية حتى يقتدى به، لافتا إلى توافر العقول العربية التي لا ينقصها سوى أن تُستثمر.

علي وطفة -في الختام- أمل في أن تكون هناك ومضة سياسية تؤمن بالتغيير، وتؤمن بأن الاستبداد وغياب التعليم المعرفي الحر هما ما يقودان إلى حالة الاستعصاء التي نعيشها.