في العمق

جدلية العلاقة بين الفقيه والحاكم

ناقشت حلقة الاثنين (7/7/2014) من برنامج “في العمق” طبيعة العلاقة بين الفقيه والحكام في التاريخ الإسلامي وصولا إلى الوقت الحاضر، وبحثت الأساس الذي بنيت عليه هذه العلاقة، واستفادة الطرفين منها.

اتفق ضيفا حلقة الاثنين (7/7/2014) من برنامج "في العمق" على وجود خلل في العلاقة بين الفقيه والسلطان في الوقت الراهن، وذلك خلافا للعلاقة السليمة المفترضة بين الطرفين، التي يجب أن تبنى على الاستقلال وعدم التبعية من جانب الفقيه للسلطان.

الكاتب والباحث في الفكر العربي زكريا المحرمي قال إن أغلب الفقهاء في الوقت الحالي "موظفون لدى الحكام في البلاد العربية، وكل أمراض هذه النظم تنتقل إلى هؤلاء الفقهاء".

واستدرك المحرمي مؤكدا وجود فقهاء يلتزمون بالعمل من أجل مصلحة الأمة، لكنه أشار إلى أن هؤلاء "قلة محاصرة وتسن القوانين لمحاربتهم، فمن يتسيدون حاليا هم من يتماهون مع نظم الحكم".

من جانبه شدد أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة أحمد الريسوني على ضرورة تحرر الفقهاء من سلطة التمويل والتعيين، "لأن الذي يمول ويعين يتحكم في الفتوى التي ستصدر".

وأشار إلى الصورة التي ظهر فيها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة في مصر في خطاب الانقلاب على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وقال إنها تعكس صورة فساد الفقهاء. وأضاف "السلطة عبر العصور لها مزرعتها التي تنشئ فيها الولاءات ومن بين هؤلاء الذين يتربون في هذه المزارع علماء السلاطين".

العلاقة السليمة بين الحاكم والفقيه يجب أن تبنى على قيام الحاكم بمسؤولياته في إدارة شؤون الناس، وأن يقوم العالم بالمراقبة والنقد والتوجيه في حال حياد الحاكم عن جادة الصواب

طرق المواجهة
وأوضح الريسوني -وهو نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- إمكانية فضح هؤلاء الفقهاء عن طريق إعلان براءة الدين من أفعالهم، إلى جانب ضرورة توفير البديل لملء فراغهم.

بدوره أكد المحرمي أن الفقهاء المدافعين عن الظالمين والفاسدين يعملون على إعادة الدكتاتورية، مستشهدا بما يجرى في مصر منذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.

وشبه العلاقة بين المستبد والعالم الفاسد بـ"التمساح وطائر الزقزاق، فالطائر يأكل فضلات الطعام من بين أسنان التمساح دون أن يأكله الأخير كونه يعده بأن يقوم بتنظيف أسنانه".

وأشار إلى أن الفقهاء في ثورات الربيع العربي وقفوا ضد حركة الشعوب، وإلى إفتاء عدد من المشايخ في اليمن بمقاطعة مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى أنها تحشد المواطنين للخروج على الحاكم، كما استشهد بفتاوى بعض الشيوخ في مصر بقتل المعتصمين في ميدان رابعة العدوية.

وأضاف المحرمي أن العلاقة السليمة بين الحاكم والفقيه يجب أن تبنى على قيام الحاكم بمسؤولياته في إدارة شؤون الناس، وأن يقوم العالم بالمراقبة والنقد والتوجيه في حال حياد الحاكم عن جادة الصواب.

ولفت إلى أن العلاقة لم تسر وفق هذا المنطلق سوى في عهد الخلفاء الراشدين وبعض الأوقات الاستثنائية اللاحقة، وأضاف أنها اختفت بعد ذلك وأصبح الفقيه "يسوس" الناس ويبرر لهم أخطاء الحاكم، مؤكدا أن هذا "يخلق الاستبداد".