
الغرب بين العنف والديمقراطية في المنطقة
ما العلاقة بين الاستبداد والإرهاب؟ ألم يكن التحول الديمقراطي بديلا عن خيارات العنف؟ هل أدت الثورة المضادة إلى تحفيز عمل الجماعات المسلحة؟ وكيف تعامل الغرب مع خيارات الشعوب العربية؟
كل هذه التساؤلات وغيرها طرحتها حلقة الاثنين (10/11/2014) من برنامج (في العمق) التي ناقشت مصير المنطقة العربية وخيارات التحول الديمقراطي ومعوقاته وما نتج عنه، وظهور العنف والجماعات المسلحة من جديد وارتباط ذلك بالقوى الغربية وتأثيرها على المنطقة.
الربيع العربي
يرى أستاذ تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة فرج معتوق أن الغرب الذي بدا موقفه مرتبكا من ثورات الربيع العربي، خاصة في مصر وتونس، استدرك أخطاءه وصفق لها، لكن هذا لا يعني أن هذا موقفه ككتلة واحدة، فالغرب ليس تصريحات رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية فقط، وهنالك قوى عميقة ومصالح وإستراتيجيات تحدد طبيعة هذا الموقف.
ويضيف أن هناك ارتباطا وثيقا بين العنف والانتقال الديمقراطي، فمن كانت لديهم مصالح في الأنظمة التي قامت عليها الثورات، وخلعتها من الحكم، يعودون ويستفيدون من أخطاء القيادة التي أسفرت عنها الانتخابات خاصة عندما تفشل في إدارة الأمور السياسية والاقتصادية، وهو ما حدث في مصر على سبيل المثال.
ويلفت معتوق إلى وجود تناقض داخل الغرب بشأن العلاقة بين الإسلام والعنف أو الإرهاب، فرغم تصريحات مسؤولين في أوروبا عن عدم الربط بين العنف والإسلام، هناك رأي سائد في الإعلام يسعى لإلصاق ظاهرة العنف بالإسلام والمسلمين والعالم الإسلامي.
ويستغرب معتوق من الإصرار في فرنسا -على سبيل المثال- على ربط الإسلام السياسي بالعنف، رغم أنه موجود في الهند، وكان موجودا في إيرلندا التي تعد قلب أوروبا، وهو أمر يتواجد في ظل ظروف معينة من القهر، وعدم القدرة عن التعبير عن المطالب والحقوق.
وبشأن موقف الغرب الغامض تجاه ما يحدث في المنطقة العربية عقب ثورات الربيع العربي، وبروز الثورات المضادة، لم يستبعد معتوق أن تكون هناك أطراف في الغرب تدعم العنف والديكتاتورية في المنطقة.
وتساءل: هل يعرف الغرب ماذا يريد؟ ما الوزن الذي تشكله المنطقة العربية والإسلامية في ظل حالة التشرذم التي تمر بها مقارنة بدول مثل الهند والصين؟
ويجيب معتوق "الغرب يخاف من الديمقراطية لأنه يريدها بشرط أن تكون النتائج مواتية لما يريده"، وهي بذلك ليست ديمقراطية، حسب رأيه.
أسباب العنف
من جهته، يؤكد مدير معهد الأبحاث الدولية والإستراتيجية باسكال بونيفاس أن الإرهاب ليس أمرا جنينيا أو مرتبط بشعب ما أو أمة ما، لأنه يظهر ويتطور حسب الظروف التاريخية ولا يرتبط بجنس ما.
واستنكر بونيفاس إلصاق تهمة الإرهاب والعنف بالإسلام لمجرد أن مسلما قام بعملية إرهابية، معتبرا أن الأهم من بحث تأثيرات الإرهاب هو التفكير في أسبابه كظاهرة سياسية، حتى تكون محاربته ناجحة.
ويرى أن معظم الأنظمة السياسية التي تدعي أنها تحارب الإرهاب هي من تغذيه عبر ممارستها للقمع والاستبداد، مؤكدا أنه عندما تكون هناك ديمقراطية ويتحرك الشعب بحرية ليعبر عن آرائه يختفي الإرهاب، ودلل على ذلك بأنه في بداية الربيع العربي تراجع نفوذ ونشاط تنظيم القاعدة في المنطقة.
وأوضح أن هناك مواقف مختلفة في الغرب واتجاهات تفكير مختلفة ومتناقضة أحيانا تجاه الإرهاب والديمقراطية، فالخوف من الإرهاب يجعلهم يتفهمون قدرا من الديكتاتورية لمحاربته.
وعرج بونيفاس على ما شهدته المنطقة العربية من تطورات عقب ثورات الربيع العربي، مشيرا إلى ضرورة التمييز بين ما حدث في تونس ومصر، فتونس حلت مشاكلها بطريقة سياسية، بينما في مصر الجيش هو الذي قام بانقلاب عسكري لمحاولة حل المشاكل السياسية بالقوة العسكرية، وبالتالي دخلت مصر في حالة فوضى.
وأضاف أن الثورة في تونس شهدت حدوث بعض المشكلات لأن الأمور لا يمكن أن تُحل في يوم وليلة، ولكن لم تحدث اصطدامات عنيفة بين الجيش والشعب، لكن مصر تراجعت إلى الوراء كثيرا وأصبح وضعها أسوأ مما كانت عليه أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك ودخلت في حلقة مفرغة من العنف لا يمكن كسرها بسبب القمع العسكري.