في العمق - الديمقراطية مفهومها وتطبيقاتها - صورة عامة
في العمق

الديمقراطية مفهومها وتطبيقاتها

تتناول الحلقة ملف الديمقراطية في العالم العربي، ومفهوم الديمقراطية على مر العصور والعلاقة بين الديمقراطية وحكم الأغلبية. وتتسأل الحلقة عن مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي؟ وما هي حقوق المواطنين في الأنظمة غير الديمقراطية؟

– مفهوم الديمقراطية على مر العصور
– الديمقراطية وحكم الأغلبية

– ثوابت النظام الديمقراطي وآلية التطبيق

– مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي

– حقوق المواطنين في الأنظمة غير الديمقراطية

‪علي الظفيري‬ علي الظفيري
‪علي الظفيري‬ علي الظفيري
‪عزمي بشارة‬ عزمي بشارة
‪عزمي بشارة‬ عزمي بشارة

علي الظفيري: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير، وبمناسبة شهر رمضان نخصص الحلقات الأربعة في هذا الشهر الفضيل لفتح ملف الديمقراطية بشكل عام، ملف الديمقراطية  في العالم العربي، في الحلقة الأولى نخصص الحديث والنقاش عن الديمقراطية، في الحلقة الثانية ملف الديمقراطية تحديداً وتجاربها ونماذجها وتحولاتها اليوم في العالم العربي، وفي الحلقة الثالثة سيكون النقاش مخصص لواقع التيارات الفكرية والسياسية في العالم العربي، والتحولات أيضاً التي تشهدها بعد الثورات التي عاشها أكثر من بلد عربي، في الحلقة الرابعة والأخيرة سيكون النقاش مفتوح للتعليق حول كل ما قدم في الحلقات الثلاثة الأولى، باسمكم نرحب بضيف هذه الحلقات الأربعة المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، مرحباً بك دكتور كل عام وأنت بخير.

عزمي بشارة: أهلاً وكل عام وأنتم بخير لكم جميعاً مشاهدينا.

مفهوم الديمقراطية على مر العصور

علي الظفيري: يبدو حديث الديمقراطية وضروري جداً وهام جداً دكتور في هذه الفترة تحديداً من عمر العرب في الثورات والتحولات الكبيرة، لكن في حلقتنا الأولى التي نخصصها للحديث عن الديمقراطية كنظام حكم، ملامح هذا النظام ما يتضمنه تاريخه وكل ما يتعلق به، سؤالنا الرئيسي ما هي الديمقراطية أولاً؟

عزمي بشارة: يعني بالظواهر الاجتماعية الكبرى الحقيقة من نوع الديمقراطية، ظواهر اجتماعية تاريخية كبرى، عاشت أكثر من عصر، التعريفات هي أمر خطير ويكاد يكون مفخخ ملغم، من الصعب تناول الموضوع من دون انتقاص منه، لأنه أي تعريف هو تحديد، التعريف بطبيعة الحال يحدد يضع حدودا، ووضع حدود هذه الظاهرة في هذه الحالة صعب أن تتناولها تاريخياً، أن تتناولها بنيوياً أن تتابع تطورها التاريخي لأنه التعريف في الظواهر الاجتماعية الكبيرة هي صيرورة هي حدوث، التعريف هو كيف ينشأ الشيء؟ كيف تنشأ الظاهرة؟ لذلك هي عملية معقدة، من الصعب، ولولا إدراكي لأهمية الموضوع في المرحلة العربية الراهنة، لنأيت بنفسي عن التعريف لأنه الموضوع نفسه صعب، التعريف بألف صفحة ممكن، التعريف بمجلدات ممكن، وهذا الموضوع مطروق بكثرة ومن الصعب التجديد به في الحقيقة، ولكن بما أن هنالك نقاش أصبح يكاد يكون نقاش رئيسي مركزي الآن في الشارع السياسي العربي حول الديمقراطية، وهل هنالك ديمقراطية واحدة أم عدة ديمقراطيات، وهل هنالك كذا؟ باعتقادي لا، أصبح من المهم التعريف لأنه يخشى فعلاً أن يطوع هذا الموضوع للخلافات السياسية وأن يتم قولبته بموجب ذوق الإنسان ومزاجه السياسي..

علي الظفيري: للتعامل معه بانتقائية.

عزمي بشارة: للتعامل معه بانتقائية، أي نعم ما يهمني ليس الإحاطة بموضوع الديمقراطية، ما يهمني إذن هو ما هي الشروط الضرورية طبعاً هي ناشئة تاريخية، لوجود ديمقراطية طبعاً قد تكون شروط غير كافية لكن بمجمل القضية الديمقراطية ولكن ما هي الشروط الضرورية أركانها؟ أركان الديمقراطية الرئيسية؟ هي الأشياء التي لا يمكن تخيل الديمقراطية من دونها إذن ما هي هذه؟ يعني هل بالإمكان اليوم تخيل ديمقراطية بدون انتخاب؟ طبعاً لا، بانتخاب بتعريفه، يجب أن يكون حر إذا لم يكن انتخاب، وبالتالي هذا شيء يترتب عليه الانتخاب يجب أن يكون حر وقبل أن يكون حر يجب أن يكون سري، لكي يكون انتخاب حر وسري يعبر عن رأي الناس يجب أن يكون متساوي، يجب أن يكون لكل فرد صوت مش معقول فرد يكون إله صوت وعشرة ما إلهم هذه مش ديمقراطية، هكذا تحكم الأقلية وكأنه هو ديمقراطية إذن لا يمكن تصور ديمقراطية من دون انتخابات، من أين أصل فكرة الانتخابات؟ من فكرة حكم الشعب يعني الديمقراطية بأصلها هي فكرة حكم الشعب في مقابل ماذا؟ هل كل الشعب يحكم كل الشعب؟ لا ليس هذا هو الموضوع، المقصود بحكم الشعب طبعاً الأصل هو أثيني هو في مقابل حكم الطغمة في مقابل حكم الأرستقراطية في مقابل حكم ألوغارغي في مقابل حكم الأقلية، ولذلك هو الحديث عن حكم الشعب في مقابل حكم مجموعة من الشعب، الآن طبعاً في أثينا وفيما بعد فينيس أو فيما بعد جنيفا بالمراحل التاريخية أو الكانتونات الصغيرة الجبلية في مراحل معينة، كان بالإمكان يستلم مجموعة سكان القرية أو الكانتونات يجتمعون، لكن نشأ بالتدريج لا أستطيع أن أستعرض هذا إطلاقاً ولتحولنا إلى محاضرة عليه يجب أن نحضر لكي لا نحاضر في برنامج تلفزيوني، إنه الحل كان لهذه الناشئ تاريخياً هو التمثيل النيابي، التمثيل النيابي يحتاج إلى انتخابات شكلياً نتحدث عنه لاحقاً، ولكن لا يمكن تخيل ديمقراطية بدون انتخابات نيابية ويجب أن تكون مرحلية، لماذا يجب أن تكون مرحلية؟ يعني بمعنى يجب أن تكون لمراحل محددة لفترات محددة يجري بعدها تجديد الثقة أو عدم تجديدها، لكي تمنع الحرب الأهلية، لأنه الانتخاب الدوري لممثلي الشعب كل أربع سنوات أو كل خمس سنوات كل ست سنوات هو بدلاً من أن يقول المواطنين عن كل قضية هذه: أنا لست موافقاً عليها إذن لدي حق مقاومتها، حق المقاومة جاء من هنا؛ أنا لم أفعل شيئاً إذا لم أشارك في تقريره، لا أفعل شيء يملى على ضميري أو على أخلاقي وأنا أرفضه، إذن بدلاً من أن تشاور في كل قرار ويكون لك حق الممانعة وبالتالي لا يمكن إدارة حياة مدنية يجري انتخاب السلطة، يعني لديك الحق مرة كل فترة بشكل منظم وثابت لتجديد الثقة أو نزع الثقة ممن تعتبر أنهم ممثلوك، من هنا فكرة نائب من النيابة ينوب ويمثل الناس، إذن لا يمكن تخيلها من دون ذلك، طبعاً هنالك أركان أخرى أنه هذا لكي يتم بحد ذاته..

علي الظفيري: يعني الآن تحدثنا عن انتخاب..

عزمي بشارة: انتخاب ممثلين.

علي الظفيري: انتخاب ممثلين كركن رئيسي..

عزمي بشارة: سلطة تشريعية، ولا سلطة تشريعية ولا تنفيذية هذه قضايا أخرى، في بعض الدول ينتخب فيها السلطة التشريعية ودول تنتخب التنفيذية وفيه بعض الدول تنتخب أيضاً السلطة التنفيذية انتخاباً، وهي الدول التي فيها فصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية، هي الدول التي يتم فيها انتخاب السلطة التنفيذية، انتخاب بمعنى هي لا ينزع البرلمان عنها الثقة وإنما هي خاضعة لثقة الشعب بها مرة كل أربع سنوات أو ست سنوات، في حين الدول البرلمانية السلطة التنفيذية خاضعة للتشريعية بمعنى تنزع منها الثقة لأن هي انتخبتها أصلاً، إذن هنا فيها موضوع آخر هذه أشكال العملية الانتخابية، الأمر الثاني إنه لكي يتم هذا يجب أن تتوفر مجموعة من الأمور، الانتخاب تأتي معه حرية الإرادة، حرية تشكيل الرأي، حرية تشكيل الرأي وحرية التنظيم كلها أمور تبلورت تاريخياً عن هذا الحق، إنه لكي أستطيع أن أشكل رأي يجب أن يكون هنالك قدرتي أن أسمع الآراء الأخرى يجب أن يكون هنالك القدرة على التعبير عن الرأي، يجب أن يكون هنالك قدرة على التنظيم إلى آخر ذلك من الأمور التي سمحت بوجود قوى منظمة في المجتمع تتنافس على ثقة الناس، هذه كلها عمليات متأخرة لا تتجاوز القرن التاسع عشر، نشوء الحزب السياسي، نشوء الكيان السياسي الذي ينافس على ثقة الناس في انتخابات دورية، هذه كلها عملياً في القرن التاسع عشر لا تعرفها العصور السابقة إطلاقاً، ثم فكرة الفصل بين السلطات أنه لكي يكون هنالك حياة ديمقراطية مستقرة في بلد من البلدان: يجب أن لا تتدخل التقلبات السياسية وموازين القوى السياسية والتبدل السياسي يجب أن لا تتدخل في أمور عديدة أخرى في المجتمع مثل التحكيم بين الناس، فك النزاعات بين المتخاصمين كل ما يسمى السلطة القضائية لكي تنزه السلطة القضائية عن التنافس السياسي والمصالح السياسية، وتحكم بموضوعية بين طرفين متنافسين يجب أن تكون منزهة ولكي تكون منزهة يجب أن تكون عملياً وتاريخياً كان يجب أن تكون حتى مفصولة عن المصالح الاقتصادية أي لا تتقاضى أجراً، مفصولة عن المصالح الاقتصادية حتى، ولذلك نحن على الأقل وصلوا إلى وضع إنه القضاء مستقل عن السلطة السياسية، التشريعية أو التنفيذية وأيضاً يتقاضى مالياً ما يمكنه من العيش بكرامة دون أن يحتاج..

علي الظفيري: هنا أين تكمن الدولة إذا كانت السلطات مفصولة بشكل تام، السلطات الرئيسية السلطة التنفيذية التشريعية السلطة القضائية.

عزمي بشارة: هو لا يوجد فصل بشكل تام وأنا أعتقد أنه هذا التعبير هو تعبير ماذا أسميه؟ من نوع التعبيرات التي تجعل التعريفات تفرض على الواقع فرضاً، هو تعبير نظري في الواقع لا شيء مفصول عن شيء، أولاً الدولة: هي كيان سيادي يعبر عن غالبية الناس، متأسف، يعبر عن حق الشعب في تقرير مصيره، الشعب هو مجموعة من المواطنين، في هذه الدولة توجد أجهزة للدولة توجد السلطة التشريعية السلطة التنفيذية السلطة القضائية مفصولة بمعنى أنها توازن بعضها بعضاً مش معناها إنه ما فيه حد خاضع للثاني، صحيح السلطة القضائية في كل لحظة معطاة هي مستقلة ولكن الأساس الذي تعمل عليه غير مستقل لأن القوانين يسنها البرلمان في النهاية، إذن هي غير مستقلة بالمطلق هي تجسد أعراف وقيم المجمع عليها من قبل المجتمع في مرحلة ما والمعبر عنها أولاً في الدستور ثم في القوانين الفرعية، ولكن في كل إجراء بعينه عندما تترجم هذه القرارات أو تطبقها يجب أن تكون مستقلة بالكامل ومنزهة بالكامل عن الخلافات الأخرى في المجتمع لكي تدرس كل قضية على حدا..

علي الظفيري: أو التأثير عليها..

عزمي بشارة: وتطبق القانون بشكل مستقل، هي ليست مستقلة هي تطبق القانون بشكل نزيه ومستقل عن التأثيرات الأخرى، وبالتالي طبعاً هي ليست مستقلة بالمطلق مثلما السلطة التنفيذية ليست مستقلة بالمطلق عن السلطة التشريعية، هي سلطة تنفيذية في النهاية وبالتالي يجب أن تعمل بموجب القانون، ومن هنا غالباً ما تكون في الديمقراطيات النظر إلى أن السلطة التشريعية هي الأكثر تمثيلاً للسيادة بمعنى في الأنظمة الرئاسية لكونه الرئيس منتخب يمثل السيادة في البلد، وله أيضاً بعض الصلاحيات بإصدار مراسيم وغيره شبه تشريعية ولكن غالباً ما يجب أن يوافق عليها البرلمان، هنالك صيغ عديدة- علي- ولكن لا نستطيع اليوم أن نتخيل دولة ديمقراطية بدون تمثيل نيابي، منتخب دورياً يجري التنافس عليه بشكل منظم وحر، فيه حرية التعبير عن الرأي وحرية تنظيم وبالتالي أيضاً نشأ حرية الإعلام، الرأي العام المتبلور في اتحادات وهيئات وجمعيات ومؤسسات طوعية زائد الإعلام تحول إلى نوع من موازنة لكافة السلطات الأخرى..

علي الظفيري: هي مجازاً السلطة الرابعة.

عزمي بشارة: نعم بعضه يسمى المجتمع المدني بعضه يسمى السلطة الرابعة ولكن هي تفرض نوع من الديمقراطية الشعبية على المؤسسات التي بعيداً عن أعين رقابة الشعب قد تنمي مصالح ذاتية، مصالح خاصة بها ديناميكيات داخلية تبتعد عن قضايا المجتمع الملحة، يعني العين الناقدة للمجتمع من حين لآخر، إذن لم يعد الإمكان تصور ديمقراطية من دون هذه الأركان الرئيسية، بالعموم الديمقراطية هي شكل من أشكال أو الشكل الأكثر تطوراً ورقياً نتيجة للتطور التاريخي الطويل لتنظيم الحرية، لتنظيم حياة المواطنة في المجتمع، كنت سأقول إنه المواطنة بمفهومها الحالي بمعنى أنها علاقة حقوقية بين الفرد والدولة بين الفرد وبقية المواطنين هي الركن الأساسي للديمقراطية لأنه هذا كل هذا يدور من الذي ينتخب؟ من الذي له حقوق إلى آخره حول المواطن وحقوقه، ومسألة الحرية بمعنى جعل الحرية أو حرية المواطن في التعبير في أن لا تنتهك ملكيته في كذا، جعلها قيمة رئيسية تدافع عنها أجهزة الدولة من هنا تطورت الديمقراطية بالتدريج لتصبح ديمقراطية ليبرالية؛ يعني لم يعد بالإمكان تخيل ديمقراطية- أخي علي- اللي فيها نكتفي بحكم الأغلبية وأن الأغلبية تسن القوانين وبالتالي تستطيع الأغلبية أن تخضع الدولة لمزاجها في أي أمر كان.

الديمقراطية وحكم الأغلبية

علي الظفيري: النقطة اللي حابين نتكلم عنها، قبل الديمقراطية الليبرالية وقبل، فكرة الليبرالية القائمة على الحريات التي قيدت حتى المسألة الديمقراطية، موضوع حكم الأغلبية كيف ينظر له على أنه نقطة ضعف في هذا النظام الديمقراطي بحيث يخشى أن يقوم هؤلاء الأغلبية بتنفيذهم بتغيير شيء ما يمس فئة ما في هذا المجتمع؟

عزمي بشارة: ولذلك لدي تحفظين أو ملاحظتين على مسألة حكم الأغلبية، حكم الأغلبية يجب أن يكون محكوم بأمرين أساسيين: أمر واحد من الصعب تقييده بالقانون، يجب أن يكون متوفر اجتماعياً ثقافياً في المجتمعات، أي يحتاج إلى فترة طويلة لينمو وهو أن الأغلبية ليست أغلبية ثابتة بمعنى ليست أغلبية هوية، أي أنت لا تولد جزءاً من هذه الأغلبية، الأغلبية الديمقراطية هي ليست هذه الأغلبية.

علي الظفيري: ليست أغلبية دينية أو عرقية.

عزمي بشارة: هي لا تولد إليها، هي أغلبية رأي وفكر وسياسة وخط وبرنامج وحتى مزاج وحتى مصالح لا بأس، ولكن هي أمور متعلقة بتداول مستمر بين فئات المجتمع المختلفة وأفراده وسلطاته في شيء نسميه الفضاء العام، وهذا التداول، نحن نفترض أنه في تداول عقلاني من هذا النوع ولكن قد يدخل فيه الديماغوغيا والتحريض والتعبئة والمصالح وشراء الأصوات والرشوة، ولكن نحن نثق أنه على الفترات البعيدة والكبرى هذا التداول رغم كل هذه الأمور والمخاطر يُنشأ نوع من الأغلبية المتغيرة بموجب المواقف بموجب المصالح، وليست أغلبية ثابتة لا تتغير بمعنى تتحول إلى حكم لا علاقة له على الإطلاق بالديمقراطية وإنما حكم مجموعة ترتبط بأغلبية الناس برباط الهوية، وتدعي تمثيلها وبالتالي يؤدي إلى التنافس على تمثيل جزء من المجتمع تمثيلها هويته، وإلى آخره يؤدي إلى عصبيات يؤدي إلى عنصرية ليس، إذن نحن نتحدث عن أغلبية من نوع آخر هي الأغلبية الديمقراطية وليست الأغلبية القومية أو الأغلبية الطائفية أو الأغلبية العرقية..

علي الظفيري: يعني هي أفكار، آراء..

عزمي بشارة: نعم، وهنا نفترض بلد فيه أكثرية عربية لا يعني الأغلبية حكم العرب وقد تكون الأغلبية مشكلة من عرب ومن غير العرب في هذا البلد هذه هي الأغلبية، ولكن قد ثقافياً يكون طابع البلد عربي هذا بطبيعة الحال لغته طابعه إلى آخره تاريخه مرتبط بالعرب، إذن نميز هنا بين الأغلبية الديمقراطية وبين الثقافة السائدة مثلاً هذا واحد، إذن هذا التقييد الأول، التقييد الثاني: بشأن الأغلبية هو أن الأغلبية وهذا بعض الإخوة أصدقاء وغير أصدقاء بتيارات مختلفة سواء إسلامية أو قومية أو غيره بيقول لك: أي حكم أغلبية؟ فيه أمور أخرى في الحياة لا تصلح للأغلبية، فيه تشريعات فيه كذا فيه قانون الطبيعي فيه قضايا دينية وهي كيف تخضع لحكم الأغلبية؟ الأغلبية تتغير، بقول له: لا مش صحيح، حكم الأغلبية مش حكم الأغلبية الاعتباطية العشوائي كمان حكم الأغلبية يخضع لقوانين نسميها مبادئ الدستور هذه هي المبادئ..

علي الظفيري: ثوابت ومبادئ..

عزمي بشارة: طبعاً هي تتبدل ولكن لا تتبدل كل أربع سنوات وكل ست سنوات، تتبدل بالحقب التاريخية الطويلة مع تطور الإجماع مع تطور الإجماع الوطني على قضايا الديمقراطية، طور أيضاً ما نسميها مبادئ الدستور قد تكون مكتوبة وقد لا تكون مكتوبة، ولكن هي القضايا الرئيسية التي تجمع عليها الأمة والتي أمر آخر من دونها لا يمكن أن تسير عملية ديمقراطية، يعني مبادئ الليبرالية التي لم تكن ديمقراطية في السابق الليبرالية كانت نخبة، أو الليبراليون كانوا نخبة من المثقفين وعلى فكرة المثقفين المتدنيين في القرن الثامن عشر يعني آخر السابع عشر بداية الثامن عشر مع نشوء الجنولوك وإلى آخره غالبهم ثيولوجيين لاهوتيين ، تحدثوا بالأساس عن الحريات الدينية عن التسامح الديني، يعني بدأت في حركة عملياً تدافع عن التسامح مع المختلفين من نفس المذهب، أن تكون هنالك..

علي الظفيري: من نفس الدين.

عزمي بشارة: وتطور عند في نفس الوقت إلى فكرة أن الحرية، الحرية في التعبير عن الرأي وحرية الانتماء وحرية الإنسان هي أكبر قيمة يمكن أن تدافع عنها الدولة، لا يجوز أن تفضل الدولة عليها أي قيمة أخرى هذا مهم، هذا ما يميز الليبرالية طبعاً عند آدم سميث وآخرون تطور إلى حيثية التأكيد على حرية الملكية الفردية الشخصية ولكن بالمجمل الليبرالية هي كل ما يتعلق بمسألة، طبعاً البعض يسميها الحريات الحقوق المدنية يعني هي بالضبط مسألة الحقوق المدنية.

علي الظفيري: لكن تعلي شأن الحرية، الحرية فيها قيمة أساسية.

عزمي بشارة: طبعاً الحرية قيمة أساسية لأنه لا يمكن تخيل حقوق مدنية من دون حريات، يعني حقوق مدنية بانتهاك حيزي الخاص من قبل الأمن، من دون وجود حقوق لي فيما يتعلق بحق اعتقالي متى شاءوا أو لا، بخصوص حقي في التعبير عن رأيي، حقي بعقد اجتماع، حقي في التظاهر في إطار القانون..

علي الظفيري: هذا الأمر نظم قضية حكم الأغلبية بمعنى حرية ديمقراطية ليبرالية..

عزمي بشارة: أن تقر قانون ممنوع فيه التعبير عن الرأي، لا تستطيع الأغلبية أن تقر قانون علي أن ألبس كذا وأن لا ألبس كذا أن أرتدي هذه الثياب أو لا، لا يحق للأغلبية أن تتحكم في كيف يجري الأمور في داخل ملكيتي الخاصة في داخل بيتي أو في داخل عائلتي، بمعنى الأغلبية مش صحيح الإخوان بيقولوا: الأغلبية مش كل شيء مش صحيح مش الأغلبية على مزاجها، مثلما فيه كثير ناس من تيارات أيديولوجية بيقول لك إنه: فيه مبادئ ثابتة، طبعاً فيه مبدأ ثابت أو فيه مجموعة مبادئ ثابتة من دونها لا يمكن تصور ديمقراطية، يحق لي أخي علي أن أقول في بعض الحالات وهذا ممكن يبدو غريب ولكن هو أكثر من دقيق يكاد يكون يقيني من ناحية فهمنا للديمقراطية هنالك أغلبية غير ديمقراطية، بمعنى قد تأتي الأغلبية بأعمال معينة يحولها الأغلبية إلى غير ديمقراطية بمعنى ماذا؟ بمعنى غير ملتزمة بمبادئ الديمقراطية التي قامت عليها التي سمح على أساسها أن تكون أغلبية، وبالتالي الأغلبية مقيدة بمبادئ الديمقراطية. طبعاً أفضل ما يمكن أن يحصل لمجتمع من المجتمعات هو بالتعويد التنشئة habilitation  بالتعويد والتنشئة والإجماع والتجربة والخطأ والحروب الأهلية، فيصل المجتمع إلى قناعة بهذه المبادئ؛ يعني يصبح جميع التيارات الفكرية والأيديولوجية والتي بدك تناقشها في الحلقة الثالثة، أن تكون جميعاً ملتزمة بهذه المبادئ وأن لا تقبل أصلاً حتى لو وصلت الحكم أن تحكم بغيرها لأنه لا تعرف إنه هذه المبادئ تحمي غيرها الآن وفي المستقبل ستحميها هي.

ثوابت النظام الديمقراطي وآلية التطبيق

علي الظفيري: لماذا تلتزم بها مثلاً؟ الآن الأحزاب خلينا نقول الأحزاب الدينية بشكل عام؛ سواء الأحزاب الإسلامية أو المسيحية أو غير ذلك ترى أيضاً أن هناك جملة ثوابت لا يجب أن تخضع للتغيير حتى في النظام الديمقراطي، لماذا الآن تصبح مثل هذه الثوابت الليبرالية ثوابت يلتزم بها الجميع؟

عزمي بشارة: الثوابت الآن نسميها ثوابت ديمقراطية لأنه أصبح من غير الممكن تخيل النظام الديمقراطي من دونها، هنا الليبرالية تحولت إلى ديمقراطية عندما تحولت من مجموعة نخبوية تؤمن بحكم الأقلية التي تؤمن بهذه المبادئ مش مستعدة تعطي حق الاقتراع للجماهير لأنه الجماهير لا تؤمن بمبادئ الليبرالية، فبطبيعة الحال كانوا الليبراليين لا يؤيدون الديمقراطية لأنه أغلبية الناس مش ليبراليين، فكانوا الليبراليين عادة يعتقدون أن أفضل مدافع عن حريات الفرد هو الدولة، بمعنى الدولة النخبوية إذا بدك المستبد العادل تدافع..

علي الظفيري: كما يحدث في العالم العربي.

عزمي بشارة: هو بس مش عادل..

علي الظفيري: هو مش عادل..

عزمي بشارة: هو بس مش عادل يعني هم الليبراليين كان عندهم مثال فريدرك الثاني وراسلوه عدة مثقفين وفلاسفة كان يراسلون ملك بروسيا، إنه كانوا يعتقدوا إنه فيه حاكم حكيم يحافظ على حد أدنى من حكم القانون وحريات الناس، طبعاً بس هذا ذهب وذهبت معه وقامت بعده دولة شمولية في ألمانيا، الليبراليين اقتنعوا بالتدريج ومع انتشار التعليم والتربية والجامعات والنقابات والاتحادات والأحزاب وتدريب المجتمع كله في العملية السياسية أصبحوا مقتنعين إنه أفضل حامي للحرية هو الحكم الديمقراطي، ولذلك أصبحوا يؤمنون بتوسيع حق التصويت وهذه عملية أخذت على الأقل مائة عام علي، فيه دول أخذت النساء حق التصويت إذا فرنسا أخذت النساء حق التصويت بعد الحرب العالمية الثانية، في سويسرا فقط في 1966، دول كثيرة في العالم توسع فيها حق الديمقراطية في نهاية القرن التاسع عشر يعني كل الحركة النقابية البريطانية قامت الشرقيين وغيرهم النصف الثاني من القرن التاسع عشر حق الانتخاب للعمال، وكانوا مضطرين إلى أن يتظاهروا بأمور كثيرة متعلقة بالحرية واحترامهم لنمط الحياة البرجوازي بين قوسين لكي يقبلوا باتجاه حق التصويت وعلى فكرة ساهم في ذلك الحركات الدينية والأصولية إن شئت المنشقة عن الأنغليكانية كانوا من أهم المطالبين بتوسيع حرية التصويت، انتبه مرة أخرى حصل ديناميكية اجتماعية ستحصل التيارات الإسلامية سنناقشها لاحقاً، إنه هو يطالب الآخرين باحترام حقه الديمقراطي بالتصويت وبالوصول إلى الحكم، الآخرين يطالبون مقابل ذلك أن يحترم هو مبادئ هذه العملية إذا هو وصل إلى الحكم، يحصل ديناميكية إنه النخبة الحاكمة في حالتنا ليست نخبة حاكمة، تؤمن بهذه المبادئ وتخشى توسيعها توسيع حق التصويت توسيع المشاركة ولكن تقبل بالتدريج وتصبح ديمقراطية أكثر بالتدريج وهذه ليست عملية ثورية هذه عملية تحتاج إلى وقت، والأطراف التي تطالب بحق التصويت وبحقها حتى بالوصول إلى الحكم هي أطراف بالتدريج تتبنى هذه المبادئ لكي تشرع وجودها في الحكم، فهذه عملية أيضاً جارية كما جرت في تركيا تجري في أماكن أخرى هذا لا يمنع إنه فيه أيديولوجيتك تكون في كثير من الأمور ثابتة لن تغيرها بموجب لن تغير الكثير من أيديولوجيتك أو مش المطلوب منك تغير شيء في أيديولوجيتك، التي أنت مؤمن فيها وتعتبرها مقدسات وغيره، ولكن يجب أن تفصلها عن الإجماع الذي يحكم المجتمع كله ولا تحاول أن تفرضها بأدوات الدولة الديمقراطية، هذا هو المطلوب، بهذا المعنى علي الديمقراطية ليست أحد المذاهب للتيارات الفكري يعني نحن لسنا بهذا المعنى سواء اللي جالس أمامك أو غيره من الديمقراطية نحن لا نتعصب للديمقراطية مثلما نتعصب لمذهب..

علي الظفيري: أو دين.

عزمي بشارة: آه يعني أنت ديمقراطي أو غير ديمقراطي مثل متدين وكافر مثل ماركسي ومش ماركسي، يعني أنت لا تكفر الآخرين إذا مش ديمقراطي، الديمقراطية هي نظام حكم، ثانياً: هي نظام حكم ينظم العلاقة بين قوى المجتمع المختلفة سواء كانت أيديولوجية أو مصالح أو مجموعات اقتصادية أو جماعات ضغط بالأساس مواطنين، مع حقهم في التجمهر، ينظم العلاقة بينهم بشكل يمكن فيه الدفاع عن الحرية والاستقرار في المجتمع، أفضل طريقة لذلك كما قلنا هي تداول السلطة ولكن هذا ليس مذهب يمكن الناس يقبلوه وممكن لا يقبلوه.

علي الظفيري: أتوقف الآن مع فاصل دكتور ومشاهدينا الكرام ونكمل بعده الحديث في موضوع حلقة اليوم الديمقراطية فتفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

علي الظفيري: أهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام في العمق، وفي رمضان هذه الحلقات الأربع المخصصة للحديث عن الديمقراطية في العالم العربي وواقع التيارات الفكرية والسياسية مع المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، وقبل أن نستأنف الحديث نذكر أيضاً مشاهدينا الكرام أن الحلقة الرابعة من هذه الشهر ستكون مخصصة للنقاش مع الدكتور عزمي للتعليق للأسئلة ولطرح كل الآراء حول مواضيع الحلقات الثلاث: الحلقة الأولى عن الديمقراطية، الحلقة الثانية عن واقع الديمقراطية في العالم العربي، والثالثة عن واقع التيارات الفكرية والسياسية، عناوين البرنامج في مواقع التواصل طبعاً الشبكات الاجتماعية Twitter و  Face book ظاهرة الآن على الشاشة وبريد البرنامج:  alomq@aljazeera.netنرحب طبعاً بالجميع بلا استثناء، أهلاً بك من جديد دكتور قلت قبل قليل: ممكن أن تكون ديمقراطي وتتمسك تماماً بأيديولوجيتك، فقط مسألة تنظيمها في الشأن العام في الفضاء العام كيف يمكن للأحزاب للتيارات، للنخب التي تؤمن بأفكار ترى وجوب تطبيقها على المجتمع بمعنى التيارات الدينية تحديداً التي تؤمن بأنه هذا الأمر يجب أن يعم المجتمع؟

عزمي بشارة: أولاً: ماذا يعني أن تكون ديمقراطي؟ الديمقراطية: هي نظام حكم، إذا كانت توجهاتك الفردية ديمقراطية هذا شأن آخر، ممكن أن تكون توجهاتك الفردية ديمقراطية بمعنى أنك ديمقراطي في التعامل في المؤسسات في العائلة في كذا بمعنى تنزع إلى سماع آراء الآخرين والتداول معهم وعدم قمع الرأي الآخر إلى آخره، ولكن بالأساس الديمقراطية نظام حكم وليست موقف، نظام حكم ينظم الحكم في الدولة طبعاً بالاستعارة نستعيره للمؤسسات وبالاستعارة أكثر فأكثر نقول هذا شخص ديمقراطي، إما نقصد أنه يؤمن بنظام الحكم الديمقراطي أو هو ديمقراطي في تعاملاته ولكن هذا في الاستعارة فقط، يعني أنا أقول ليبرالي بمعنى يؤمن بالحرية والقيم، الديمقراطي يعني يؤيد نظام الحكم الديمقراطي في الدولة، هذا طبعاً يحتاج ليس إلى كم كبير من الأيديولوجية يعني بيكونش رأسك مليان بالأيديولوجية يكفي أن تعترف بمجموعات أمور مهمة كثيرة للمجتمع، الآن بالنسبة للدين هذا موضوع طويل طبعاً أخي علي، أولاً: الديمقراطية تطورت في مجتمعات متدينة، الكلام الذي يجري..

علي الظفيري: مثل..

عزمي بشارة: طبعاً مجتمعات متدينة جداً حتى

علي الظفيري: قلنا قبل قليل حتى الأفكار الليبرالية كانت متدينة.

عزمي بشارة: طبعاً ولكن العرب يعرفون النموذج الفرنسي والنموذج الروسي، في الحالتين كان فيه تحالف بين الاستبداد وبين الكنيسة يعني كان فيه كليروس رجال دين ممأسسين في مؤسسة متحالفين مع الاستبداد، هذه هي الحالات التي كان رأس الثورة الطليعة الثورية الثائرة على النظام معادية للكليروس معادية للدين، ولكن هذا لا ينطبق على كل المجتمعات في روسيا ولكن فرضت نشأت جماعة من الثوار بهذا المعنى المعادين للمؤسسة الدينية..

علي الظفيري: لأسباب تحالف..

عزمي بشارة: تحالف روسيا طبعاً أدى إلى النظام إلحادي، إلحادي active يعني يعادي للدين، ولكن في فرنسا في البداية كل الهدف كان إخضاع الكنيسة للدولة ومرت سنوات طويلة الثورة الفرنسية لم تكن منفصلة عن كيانها 1906 فصلوا الكنيسة عن الدولة، كانت الكنيسة خاضعة للدولة لكي لا تكون خاضعة للفاتيكان، كي تكون كنيسة وطنية يعني جرت فرنسة الكنيسة الكاثوليكية طبعاً جرت إجراءات وصراع ومصائب، القضية طويلة لا أريد أن أخوض فيها الآن، إلا فترة قصيرة الفترة اليعقوبية لكن فعلاً لا يوجد وقت لنظم المواضيع هذه، لكن في حالتنا صار كل تطور ديمقراطي تطور في إطار النقاشات الدينية، بين الكنائس المختلفة في داخل الكنيسة الإغليكية يعني خطر الكنيسة  الإغليكانية جداً ومتعصب في بروتستانتيته ضد حالات اثنتين تاريخيتين كان خطر أن يعود الملك إلى الكاثوليكية، وهذا كان سبب للثورات على فكرة واعتبرت في التاريخ، ثورات مجيدة أو ديمقراطية ولكن هدفها الرئيسي كان التصدي لمحاولة إعادة البلد إلى الكاثوليكية مثلاً، طبعاً هذا لا أدري كيف يغفل وهو في مجتمعات متدينة جداً، أنت تعرف أوليفر كمري كان أصولياً، أصولياً فعلاً والنقاش الذي دار في الأساس حول هذه الحقوق في إطار ما يسمى الـ theological divine  يعني ثيولوجية Cambridge في القرن الثامن عشر، ولاحقاً النقاشات التي جرت حول حقوق الكنائس المنشقة تسمى الchurches  dissident الكنائس المنشقة حقوقها السياسية لأنه كانت محرومة من حقوقها السياسية فيما بعد حتى المتسامحين قالوا: حقوق لهؤلاء نعم ولكن للكاثوليك لا، ثم توسعت من الكاثوليك ثم شملت أيضاً اليهود، يعني هذه القضية توسعت بالتدريج وكان المساهم الرئيس فيها التعددية الدينية، والنقاشات بين المذاهب الدينية يعني هي أدخلت تعددية سياسية لهذا السبب، ولذلك الديناميكية بين الدين والديمقراطية نعرفها جيداً هنالك أمثلة تاريخية حولها ما النتيجة منها؟ ليس الفصل: إخراج الدين من الحيز العام، ولا الفصل بين الدين والدولة بشكل مطلق، ما زال في بريطانيا رمزياً فيه كنيسة رسمية لليوم، رمزياً  هنالك كنيسة رسمية والملكة رأس الكنيسة ما زالت، تخيل أنت! ولكن هذه الأمور متعلقة بالرموز بالثقافة بالتاريخ بالعرف بالتقاليد، لم يمنع إنه متدينين كثيرين يتبنون فكرة الديمقراطية حكم الأغلبية تداول السلطة وحقوق الناس وعدم فرض المذهب الديني على الآخرين بالقوة، من ماذا تعلموا؟ من الحروب الأهلية تعلموا، أنه هذا يؤدي إلى حروب أهلية، هي أصلاً فكرة الدولة المركزية يا أخ علي جاءت تجيب على فكرة الحرب الأهلية، يعني ربما في التعريفات لم أذكر ذلك لو قلت نظام حكم نعتبر هذا بديهي نظام الحكم يتطلب دولة، ما فش نظام حكم نتحدث عنه ديمقراطي إلا في كيان سياسي، نظام الحكم الديمقراطي الحديث يتطلب دولة سياسية ذات حدود يعني مختلفة عن الـ police المدينة الهلالية أو الإيطالية أو في مراحل معينة في أوروبا مدينة القرون الوسطى التي كان فيها بعض الإدارة الذاتية داخل المدينة، نحن نتحدث هنا عن الدولة الأمة Nation State التي أسست على ماذا؟ بعد اتفاق Westphalia على ماذا؟ على الحروب المذهبية الدينية، استنتاج الفكر السياسي الأوروبي الذي أعاد توليف فكرة الدولة ومنها انتقال إلى فكرة الديمقراطية، من فكرة السيادة التي كانت السيادة أولاً للحاكم المطلق ثم فكرة السيادة تطورت إلى فكرة سيادة الشعب وفكرة الديمقراطية هو إنه فرض المذهب الديني بالقوة بواسطة الدولة يؤدي إلى الحرب الأهلية لا يؤدي إلى الاستقرار ولا يؤدي إلى الديمقراطية.

علي الظفيري: ماذا تفعل الأحزاب الدينية الآن مثل الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا الآن الأحزاب الإسلامية في العالم العربي.

عزمي بشارة: الأحزاب الديمقراطية المسيحية صحيح كانت أحزاب بروتستانتية فعلاً وتحولت إلى أحزاب سياسية، يبقى من البروتستانتية فيها الهوية المسيحية البروتستانتية عند بعضها وعند كلها لا أدري.، ولكن الحزب الذي كان أصولياً وحول ما يسمى في ألمانيا الـ Kulturelle Konflikte يعني الصراع الثقافي في التاريخ الألماني في مرحلة بسمارك مثل الأحزاب الكاثوليكية في ولاية بفاريا وبين الدولة المركزية وكانت أحزاب أصولية فعلاً، الفاتيكان أن تكون علاقة مهمة للكنيسة في شأن التشريعات وكذا، أعطيك مثل قريب الكنيسة الكاثوليكية في بولندا مؤخراً حصل ذلك الثورة على الشيوعية كان لها دور كبير الكنيسة الكاثوليكية، لا يمكن تخيل الثورة على الشيوعية ببولندا اللي هي المثال الأول كان حركة تضامن كان لها علاقة مباشرة مع الكنيسة الكاثوليكية مش هيك؟ الكنيسة الكاثوليكية بدأت الحوار مع النظام الشيوعي وتتفكك أثناء الحوار وكانت لها علاقة مباشرة مع النقابات، وتهيج المشاعر الوطنية والقومية ضد الاتحاد السوفييتي في حينه، إلى آخره، انتهى الموضوع بقيت الكنيسة الكاثوليكية مهمة لبولندا لأنها جزء من هويتها أمام شعوب أرثوذوكسية حولها وسلافية مش هيك؟ السلافيين من الكاثوليك من جزء قليل من السلافيين الكاثوليك في حالة بولندا محاطين بأرثوذكس وبروتستانت ألمانيا بروتستانتية، هولندا بروتستانتية وروسيا أرثوذوكسية، الكاثوليكية هي جزء من هوية البلد ولكن هل سمحوا للكنيسة التدخل في التشريعات مثلاً الحقوق التي أنجزت تاريخياً؟ حقوق المرأة حقوق كذا؟ لا، ولا الكنيسة تنازلت عن ذلك لديها دور تثقيفي لديها دور ديني لديها دور كذا، هذا هو الأمر الأساسي، طبعاً يستطيع أن يقول لي أحد: ولكن أنا أؤمن أنه لدينا أكثر من ذلك، أنا أريد أن أفرض رأيي السياسي أيضاً بحجة أنه مقدس مثلاً، وهذا ليس مهم ما هي ديانته؟ هذا موجود في كل الديانات مش صحيح فقط في الإسلام يعني هذا الاعتقاد إنه فقط في الإسلام هذا غير صحيح. نحن نعرف دائماً كان فيه تيارات دينية في كل التاريخ تعتقد أنه لديها رأي في السياسة، هذا بالمسيحية كان موجود باستمرار في الحركات البروتستانتية، في الكنيسة الأنغليكية كانت كنيسة وطنية في حالة كالفن الذي هو أدار مدنية أدار دولة التي هي جنيف، في حالات كثيرة نشأت حالات من هذا النوع والكنيسة لديها موقف، هذا الموقف باختصار يتعارض مع الديمقراطية يعني الحق في التعبير عنه الحق في ترويجه الحق في إقناع الناس به طبيعي الحق..

علي الظفيري: المفروض أن يكون الديني موجود في؟

عزمي بشارة: استخدام الدولة لفرضه، يعني الفرق هو أخ علي هو بين ما نسميه علمانية صلبة أو علمانية ماذا أسميها؟ علمانية متشددة علمانية صلبة علمانية فاعلة.

علي الظفيري: مثل النموذج التركي الفرنسي مثلاً؟

عزمي بشارة: التركي حتى أشد من الفرنسي.

علي الظفيري: التركي أشد؟

عزمي بشارة: فعلاً أشد يعني تاريخياً..

علي الظفيري: العلمانية الأميركية  أكثر؟

عزمي بشارة: لا فيه أمور فيه علمانية بريطانية فيه علمانية أخرى هي بأي معنى علمانية؟ هي ترفض استخدام الدولة في شؤون الدين، ترفض استخدام الدولة تسخير الدولة في خدمة مذهب بعينه أو طائفة بعينها أو دين بعينه، ولا تتدخل في عقائد الناس الدينية وأنا بعتقد إنه هذا لا يتعارض مع أي مبدأ ديني..

علي الظفيري: توصيف الدولة دكتور يعني توصيف حتى هوية الدولة يعني الآن يقول لك: حتى في الحالة العربية مثلاً..

عزمي بشارة: لا يستخدم.

علي الظفيري: دولة إسلامية أو حاكم اشتراط دين الحاكم إلى آخره، كيف يمكن معالجة هذا الأمر في النظام الديمقراطي؟

عزمي بشارة: لم يكن بالإمكان بالقرن الثامن عشر أو التاسع عشر تخيل رئيس حكومة غير أنغليكياني في بريطانيا، ولكن في النهاية انتخب (Israeli) يعني حصل إنه انتخب يهودي في النهاية عندما توسعت الأمور، لا يمكن تخيل الآن يعني أنت ترى في دولة مثل أميركا كم مرة شدد أوباما واعتبر اتهامه بالإسلام تهمة وشدد على كونه مسيحي، هذا أمر متعلق بالإجماع الموجود في المجتمع، طب فيه مور مون الآن مرشح هو للانتخابات كمور مون ولكن في لقاءات بدون أن يناقش انتخب مور مون أم لا؟ هل الناس ستنتخب شخص  مور مون لرئاسة الولايات المتحدة. ولكن لا ينص على ذلك بالدستور وعدم النص على ذلك بالدستور ليس شكلاً هذه قيمة، لأنه إذا بدأت بالنص على ذلك في الدستور أنت تقوض الديمقراطية لأنه إذا قلت ذلك ماذا تقول إنه فيه أصناف من البشر في المجتمع، هذا يحق له وهذا لا يحق له يعني أنت تبدأ بتصنيف المواطنين، هلأ الناس يمكن بطبيعتهم هكذا ينتخبون هذا هو الطبيعي أكثر، ممكن إنه ترشيح شخص من هوية غير هوية الأغلبية يؤدي إلى حملات تحريض ويؤجج وكذا..

علي الظفيري: لا يكون دستورياً لا يكون مكتوباً لا يكون منصوصا عليه بالمعنى؟

عزمي بشارة: هو هذا غير مقبول كواقع مثلاً تحرض على واحد بسبب..

علي الظفيري: كمفهوم أقصد.

عزمي بشارة: أقول لك علي: أنا ليش بقول القرن الثامن عشر والسابع عشر، إحنا بالقرن الواحد والعشرين تخيل! نحن نناقش قضايا لسنا فيها متفردين، البعض يعتقد إنه إحنا متفردين نحن مش غير إحنا بس متأخرين 200 سنة مش غير أبداً..

علي الظفيري: ليش 200 سنة؟

عزمي بشارة: يعني هذه النقاشات، خيضت قبلنا قبل 200 سنة ونعرفها بالتفصيل وتكاد تكون أمور، يعني أنا الآن أدرس بعض المواضيع في جمل كأنه نفسها متكررة في بعض الدول، هذا فقط نقاشات خاضها غيرنا قبلنا وحسمها، طبعاً الحسم الفرنسي لا يروق لي أنا أيضاً في ثقافتنا الحالية العربية، ولكن أستطيع أن أتخيل دور للدين في المجال العام أو دور للدين في الفضاء العام، معاداة الدين في الفضاء العام هذا موقف تغريبي، أنا لدي رأيي منه ومن الـ neoliberals من العرب الذين يتبنونه وأنا أعتقد بعمق أنه عموماً لم يكونوا ديمقراطيين ومعجبين بأي تجربة خارجية حتى لو لم تكن ديمقراطية..

علي الظفيري: نخصص لها حلقة كاملة..

عزمي بشارة: لكن هذا موجود، من الخطأ في حالة الثقافة العربية السائدة الحديث عن إنه لا مجال للدين في الفضاء العام لا طبعاً لا مش ممكن فصل العمل الوقفي والعمل الأخلاقي والتبشيري حتى بعض المواقف السياسية إذا فيه كنائس في أوروبا تأخذ مواقف سياسية من قضية البيئة، تأخذ مواقف سياسية من قضية الحرب والسلم ونحن بطبيعة الحال هذه قضايا غير منتهية تحتاج إلى وقت وبالتدريج، لا تستطيع أن تتحدث بمثل هذا الأمر إنه من السلبي دور الدين في المجال العام أو النفور عموماً من المتدينين هذا أمر مرفوض تماماً، حتى ثقافياً أنفر من هذا النفور يعني من هذا الموقف السلبي من المتدينين، ولكن بين هذا وبين استخدام الديماغوغيا يعني التضليل على أساس الهوية تحريض الناس بشكل عنصري على أساس الهوية هذا عودة إلى ما قبل القرون الوسطى، هذا تخلف لا بجيب إنجاز علمي ولا إنجاز حضاري ولا كذا، ويبني الشعبية السياسية ليس على أساس تداول أفكار وإنما التحريض على أساس..

مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي

علي الظفيري: هنا دكتور نتحدث عن مفهوم المواطن ومفهوم المواطنة عن قضية الحقوق التي يوفرها النظام الديمقراطي لكل عنصر لكل فرد ينتمي لهذا النظام أو لهذه الدولة ما هو مفهوم المواطنة ماذا نعني فيه؟ كيف يمكن الحديث عنه في واقعنا اليوم؟

عزمي بشارة: هذا موضوع مهم أخي علي لأنه مرتبط عندنا مفهوم المواطنة بغير المواطن يعني نحن نحدد المواطن بعلاقته مع غير المواطن؛ يعني هو شخص لديه امتيازات لأنه مواطن ليس في مقابل الدولة أو السلطة ولكن في مقابل غير المواطن، وهذا أكبر مشكلة هذا تؤدي إلى عداء للأجانب وتؤدي إلى عنصرية وإلى آخره. أما مفهوم المواطن في النظام الديمقراطي طبعاً هو أكثر من مجرد رعية أو ساكن في البلد بمعنى الخاضع لحكم سلطة بعينها، يعني المواطنون في دول معينة في الماضي كانوا يسمون بموجب النظام هم رعية الحاكم الفلاني، هم يخضعون للدولة الفلانية، وبموجب خضوعهم لهذه الدولة يسمون مواطنين، ولكن المصطلح أنت تعرف لم يكن قائماً في اللغة عندنا، هو مستحدث عندنا حديثاً كانت هناك مصطلحات رعايا؛ رعايا الحاكم..

علي الظفيري: رعايا الدولة العثمانية، رعايا الدولة الفلانية..

عزمي بشارة: طبعاً عند تقسيمهم إلى نخبة وعامة كانوا يستعملون مصطلحات أخرى: صفوة وعامة وأهل الحل والعقد وإلى آخره، ولكن بالمجمل فيه الحاكمين والمحكومين هذا الجامع بينهم اللي اسمه المواطنة لم يكن قائماً، بمعنى أن المواطنة عابرة للتمايز الطبقي عابرة للتمايز الإثني عابرة للتمايز الطائفي هي علاقة حقوقية بين الأفراد وبين الأفراد والدولة، هذا مصطلح حديث برأيي المصطلح متعلق بالدولة الحديثة ولكن يصبح يتجلى حقيقته بالدولة الديمقراطية أكثر شيء، طبعاً في الدولة غير الديمقراطية الآن في العصر الحديث فيه مواطنة بمعنى تجمع بين..

علي الظفيري: نوع من البشر أو المنتمين؟

عزمي بشارة: للدولة لكيان سياسي بعينه، لسيادة معينة يحملون جنسيتها إلى آخره ولكن المواطنة الحديثة تتجلى فعلاً بحقيقتها كعلاقات حقوقية بين الأفراد وبين الأفراد والسلطة في الدولة الديمقراطية، ما هي؟ هي علاقة حقوقية في الواقع هي بالأساس علاقة حقوقية بين مجموعة مواطنين فيما بينهم، وفيما بينهم وبين الدولة، على أساسها يقوم النظام الديمقراطي هي حجر الأساس في النظام الديمقراطي برأيي، الاكتفاء بتمييزها عن غير المواطنين يعطي المعنى السالب وليس الموجب للمواطنة، يعني تعريفها بما هي ليس وليس بما هي ليست كذا، هذا التعريف طبعاً يفرغها من المضمون لأنه يصبح إنه أنت تفرغها من القضايا الحقوقية بمعنى حقوق المواطن وواجباته في الدولة، وبتنسيه هذه التي هي مضمون مواطنته وبتشغله بترفعه على من ليس مواطن..

علي الظفيري: على غير المواطن.

عزمي بشارة: على غير المواطن.

حقوق المواطنين في الأنظمة غير الديمقراطية

علي الظفيري: حقوق المواطن دكتور في الدولة غير الديمقراطية في الدولة العربية غير الديمقراطية يحظى بحقوق هذه المجموعة من الحقوق بعضها حتى منصوص عليها.

عزمي بشارة: متفاوت والمشكلة إنه حتى المنصوص عليها لا يطبق كما يشاء الحاكم، يعني المشكلة أخي علي إنه مجموعة حقوق المواطن في الدولة غير الديمقراطية وطبعاً هي موجودة ومنصوص عليها أنها غير محمية، أحد أهم نقاط الديمقراطية يعني البعض مثل كيلي وآخرون في كتبهم بيحطوا مسألة الحماية أحد أهم عناصر الديمقراطية..

علي الظفيري: أن تكون محمي.

عزمي بشارة: أن تكون مضمون مكفول محمي حقوقك وأنت.

علي الظفيري: ما فيه شيء يتغير.

عزمي بشارة: بحسب مواقفك ولا بحسب دينك، ولا بمزاج حد ولا في تغير الحاكم هذه هي حماية لحقوقك إن غيرت موقفك السياسي أو لا، إذا غيرت مكان سكنك أو لا إذا غيرت مزاجك أو لا، إن تغير الحاكم أو لا، لا تتغير حقوقك هذه الحقوق في الحالة العربية غير ثابتة وغير محمية، أولاً: هي ضامرة هي ليست كثيرة ولكن أهم ما فيها أنه النص أجوف ولا معنى له لأنه لا يوجد أي ضمانات لتطبيقه يعني نفترض أنه المواطن لم يحصل على حقه، لا يوجد أي طريقة أن يتظلم فيها المواطن مش على معنى ديوان المظالم إنه يروح يشكي ويترك الأمر لمكرمة مكرمة أو رحمة الحاكم لا هو مش رعية عنده، كمواطن يذهب لنظام، هذا النظام مش بده يرحمه أو يتكرم عليه، سيكون من واجب هذا النظام الالتزام بحقوق المواطن لأنه نص عليها في القانون لأن هذا النظام خاضع لنفس القانون اللي المواطن خاضع له، مش ممكن نحكي عن حقوق مواطن إذا هي بضيف لك على التعريف قلت لك التعريف يأخذ سنة إنه بدون سيادة القانون قبل ذلك، سيادة القانون ماذا تعني سيادة القانون والمساواة أمام القانون؟ ماذا تعني سيادة القانون والمساواة أمام القانون؟ معناها أنه الحاكم خاضع لنفس القانون الخاضع له المواطن، وبمعنى إنه العلاقة الحقوقية مش طرف واحد إذا أنا عندي حقوق أنت عليك واجب أن تنفذ هذه الحقوق، ومن حقي أن أذهب وأتقاضى أن أتخاصم أمام محكمة موضوعية بشأن حقي هذا، هذا طبعاً الأمور منصوص عليها في بعض الدول  وكل ما كان الاستبداد بين قوسين أكثر تنوراً وأكثر تسامحاً في بعض الملكيات طبعاً نتيجة لأن النظام لديه ثقة بالنفس وتقاليد عريقة، لديه سعة صدر ما بيروحش يدور على بده يشارك المواطن على دكانته، Ok؟ بده يشارك المواطن على حياته الشخصية ممكن إنه نسميها علاقة أبوية Paternalism بين الحاكم وبين المواطنين هذا يمتص الصدمات في كثير من الحالات في الأنظمة الملكية التي عندها تاريخ طويل وتقاليد عريقة، لذلك هي تؤكد عليها كثيراً لأنه يظهر الحاكم بمظهر الأب، ولكن في الدول الاستبداد التي هي غالباً..

علي الظفيري: غير الأبوية..

عزمي بشارة: اللي غالباً تستند بالضبط لا تستند إلى العادات والتقاليد، تستند إلى ما يسمى "سيادة الشعب" ماذا تفعل؟ تشخصن سيادة الشعب في ذاتها وتصبح كلية الحقوق بين قوسين كلية القدرة استغفر الله والناس بدون حقوق على الإطلاق، فيه حقوق منصوص عليها ولكن تحل بالديماغوغيا، ولذلك أنا أعتقد إنه مسألة المواطنة الفعلية هي لا تقاس في غير المواطن تقاس في العلاقة مع الحكام، عندها على فكرة المواطن التي علاقته الحقوقية مرتاح فيها مع باقي المواطنين ومع الحكام ينفرج في علاقة مع غير المواطن أيضاً، لا تعود هنالك الحاجة لهذا..

علي الظفيري: في الخليج مثلاً أبرز ما يميز المواطن هو شعوره تجاه غير المواطن فقط يعني.

عزمي بشارة: هذه مش حقوق على فكرة هذه امتيازات..

علي الظفيري: امتيازات.

عزمي بشارة: النظام الديمقراطي يقوم على الحقوق وليس على أنظمة الامتيازات.

علي الظفيري: طيب دكتور في ختام هذه الحلقة لماذا يبدو إنشاء نظام ديمقراطي وصيانة الأنظمة الديمقراطية لماذا تبدو عملية صعبة جداً؟

عزمي بشارة: صعبة ونسفها أسهل جداً.

علي الظفيري: نسف النظام الديمقراطي عملية سهلة.

عزمي بشارة: أسهل من إنشائه تاريخياً حصل هيك في التاريخ، يعني دائماً كانت عملية إنشاء مثل أي شيء حتى تبني مثل الـarchitecture  تحتاج إلى سنوات أو تبني نحت أو فن جميل وكذا بييجي حدا بيهدمه هيك طبعاً هذا أسهل ولكن باعتقادي عملية بناء الديمقراطية عملية طويلة وعسيرة ولكن ما أن تعود، ما أن تصل إلى مرحلة إعادة إنتاج ذاتها يعني ترسخ يصبح من الصعب جداً أن تستوعب غير الديمقراطيين، يعني اليوم أنت تقول في بعض الكتابات: لا يمكن إنشاء ديمقراطية من غير ديمقراطيين، يجب أن يكون هنالك من لديه توجه ديمقراطي حتى يضع دساتير حتى يحط مبادئ، ولكن عندما تصبح الديمقراطية راسخة وتعيد إنتاج ذاتها  تحكم رغماً عن الحكام، يعني نفترض والله جاء على رئاسة الولايات المتحدة شخص مثل جورج بوش أنا بقناعتي هو شخص غير ديمقراطي، الديمقراطية تبقى بعده تتغلب عليه لا يؤثر عليها كثيراً، لماذا؟ لأنه الأمور ليست مشخصنة لأنه الديمقراطية هي أيضاً أضف عندك في التعريف هي مؤسسات، علاقة بين مؤسسات وهذه ليست مشخصنة يذهب الناس ويأتون..

علي الظفيري: أثر الحالة أثر الفرد يكون محدود.

عزمي بشارة: محدود جداً وبالتالي إحنا ننشغل في كذا وإلى آخره في الشخص أتى أو من يأتي إلى آخره، على فكرة فقط للإنهاء أنت تريد أن تنهي الآن لا أدري! ملاحظة خطرت في بالي الآن بالتداعي..

علي الظفيري: تفضل.

عزمي بشارة: إنه الآن نحن كان مجموعة أصدقائي يتحدثون مؤخراً، الآن موسم انتخابات أميركية، العرب غير منشغلون فيها لأول مرة، أنت تذكر عادة بماذا ننشغل كم ينشغل العرب وتلفزيونات العرب بانتخابات جمهوريين ولا ديمقراطيين لا، وكيف بدها تتغير العلاقة مع إسرائيل وهذه الكذبة الطويلة إنه إذا طلع ديمقراطي يمكن يغيروا، هذه الكذبة الطويلة التي يعيشوننا عليها، أحد أهم المظاهر الإيجابية الحاصلة في الوطن العربي الآن إنه مش منشغلين بالانتخابات الأميركية، منشغلين بالانتخابات المصرية، منشغلين بالانتخابات الليبية منشغلين بالانتخابات التونسية، فجأة أميركا ابتعدت، لماذا؟ لأنه تطورنا وطورنا ديناميكياتنا الداخلية، طبعاً تخيل عندما ترسخ ديمقراطية هذه لن ترسخ الآن، نحتاج إلى عقد على الأقل لترسيخ الديمقراطيات عندها سترى محاسن الديمقراطية في حينه..

علي الظفيري: من حديثنا هذا سيكون هذا مدخل لموضوع الحلقة القادمة وهو واقع الديمقراطية في العالم العربي كيف يمكن إنشاء أنظمة ديمقراطية؟ الصراعات الجارية الآن، وأيضاً نماذج العربية الرئيسية: مصر، تونس، ليبيا، اليمن، سوريا ما بعد التغيير، حالة الملكيات أيضاً المغرب الأردن دول الخليج وكل هذه القضايا. شكراً لك دكتور وكل عام وأنتم بخير مرة أخرى.

عزمي بشارة: كل عام وأنتم بخير وللجميع رمضان كريم للجميع.

علي الظفيري: وسنراك في الأسبوع القادم إن شاء الله، أذكر مشاهدينا الكرام بالعناوين الخاصة للتواصل في حلقتنا الرابعة المخصصة للنقاش المفتوح في موقع توتير في موقع الفيسبوك وكذلك بريد البرنامج: alomq@aljazeera.net شكراً لكم تحيات الزملاء داود سليمان وعماد بهجت وكافة فريق العمل إلى اللقاء.

إعلان
المصدر : الجزيرة