صورة عامة - في العمق / العمل الخيري الإسلامي - 30/8/2010
في العمق

العمل الخيري الإسلامي

تناقش الحلقة الحرب الأميركية على مؤسسات وجمعيات العمل الخيري الإسلامية، ما هي التحديات التي تواجه العمل الخيري في ظل قوانين مكافحة الإرهاب؟

– أهداف ونتائج الحرب الأميركية على العمل الخيري الإسلامي
– واقع المؤسسات الإغاثية في أوروبا

– واقع العمل الخيري والإغاثي بين التنظيم والتقييد

– حجم العمل الخيري في العالم وتغييرات إدارة أوباما

علي الظفيري
علي الظفيري
 

عصام يوسف
عصام يوسف
خالد الفواز
خالد الفواز
ويندل بيلو
ويندل بيلو

علي الظفيري: أيها السادة بعد أحداث سبتمبر الشهيرة مطلع القرن الحالي اختلت جميع المعادلات، كانت المرة الأولى التي تشير فيها بوصلة الفعل العالمي إلى جهة واحدة، بات البيت الأبيض وحده يملك موازين الحق والعدل والقوة والسلام، احتكرت واشنطن تعريف القانون الدولي وسلطة المجتمع والإرادة الدولية، ومن يملك القوة في عالمنا يملك حق فرضها. قال المحافظون الجدد حينها للعالم الإسلامي إن خيركم شر يجب اقتلاعه، من هنا بدأت الحرب الأميركية الكونية على مؤسسات وجمعيات العمل الخيري الإسلامية حرب وظفت فيها القوانين والتشريعات والتجسس والمنع والتجميد ولم يسلم منها أحد، مضى عقد من الزمن ولم تستطع الولايات المتحدة الأميركية إثبات التهمة ولكن العمل الخيري ما زال يراوح مكانه، فمن تلقى التعليمات في عالمنا العربي لم يطلب منه إلغاؤها بعد حتى وإن جاء أوباما وخاطب العالم الإسلامي من مسجد، حيث علق أحدهم "من أخبركم أنها كانت حرب المحافظين الجدد؟" نبحث الليلة أيها الإخوة في الحرب الأميركية على العمل الخيري الإسلامي بعد عشرة أعوام على انطلاقتها، فأهلا ومرحبا بكم. معنا للغوص في عمق هذه القضية عصام يوسف نائب رئيس الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية وخالد الفواز أمين عام المنتدى الإسلامي ومن واشنطن ويندل بيلو رئيس جمعية أصدقاء المؤسسات الخيرة بواشنطن، مرحبا بكم جميعا ضيوفنا الكرام.

أهداف ونتائج الحرب الأميركية على العمل الخيري الإسلامي


علي الظفيري: عشرة أعوام انقضت على هذه الحرب الكبرى ليست الحرب الأميركية فحسب إنما حرب عالمية، بعد هذه الأعوام العشرة أستاذ عصام كناشط في العمل الخيري ماذا حققت هذه الحرب تجاه العمل الخيري والجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي؟

إعلان


عصام يوسف: أنا أعتقد أن هذه الحرب باءت بالفشل وإنما تسببت بكارثة إنسانية كبرى لأن هذه الحرب التي جاءت تحت مسمى محاربة الإرهاب هذه الحرب لم تمنع إرهابا بل للأسف الشديد إن مستوى الإرهاب زاد مما يدلل على أن المؤسسات الخيرية لم يكن لها ولن يكون لها يد في دعم الإرهاب، مؤسساتنا الخيرية والمؤسسات الخيرية العالمية إنما جاءت لإنقاذ الإنسان وإنقاذ حياة الإنسان وبالتالي كانت دائما تلم بالقوانين وتعرف بالقوانين وتعمل ضمن هذه الأطر القانونية، ولذلك هذه الحرب لم تلجأ إلى القضاء وإنما لجأت إلى تسييس القضاء ولجأت إلى القوانين الإدارية هذه القوانين الإدارية التي تعطي سلطات لرئيس دولة أو رئيس وزراء أو وزير داخلية دون أن يكون لها مستند قانوني وإنما قائمة على الشك والظن بمعنى أنه إذا شك ذلك المسؤول أو ظن ذلك المسؤول أن هذه المؤسسة الخيرية متورطة في عمل غير قانوني وليس بالضروري إرهاب فمن حقه أن يقوم بتجميد أعمال هذه المؤسسة على أمل أن تحال هذه المؤسسة إلى القضاء وفي غالب الأحوال لم تحل هذه المؤسسات إلى القضاء وعندما أحيلت هذه المؤسسات إلى القضاء وجدنا أن القضاء كان منصفا في حقها حتى في الإدارة الأميركية الماضية استطاعت مجموعة من المؤسسات الخيرية أن تكسب قضاياها أمام القضاء الأميركي النزيه.


علي الظفيري: يعني كانت الأمور تبدأ بالظن أو الشك في هذا العمل الخيري أو المؤسسات الخيرية بعدها تتم محاولة إثبات التهمة يعني بخلاف ما هو متعارف عليه المتهم بريء حتى تثبت إدانته، كان هو مدانا حتى يثبت العكس. أستاذ خالد معقولة عشرة أعوام يعني كان الهدف من هذه الحملة هو تجفيف منابع الإرهاب، عشرة أعوام منذ عام 2001 وحتى الآن قلت وتيرة الأعمال أعمال العنف وبالتالي كان هناك فهم بأنه أو استنتاج بأنه فعلا كانت بعض الأموال تتسرب إلى جماعات مسلحة والتشديد عليها أدى إلى تخفيف مثل هذه الأعمال، هل هذا استنتاج منطقي؟


خالد الفواز: والله أنا قد أختلف معك في هذه القضية، يعني أعمال العنف لم تقل بالعكس هي ازدادت في الوقت الحالي صارت عندنا بؤر عنف الآن، أتحدث عن الوطن العربي الآن تتحدث عن بؤرة عنف موجودة في الصومال بؤرة عنف موجودة في اليمن في العراق وجدت في لبنان..


علي الظفيري: في الجزائر والمغرب العربي.


خالد الفواز: في الجزائر والمغرب العربي في باكستان والهند في أماكن كثيرة، هذه البؤر تزداد قوة وتجمعا مع هذه الحرب العنيفة التي شنت على الجمعيات الخيرية، جمعيات خيرية جمدت حساباتها..


علي الظفيري: يعني حدث العكس.


خالد الفواز: حدث العكس.


علي الظفيري: التشديد على الجمعيات الخيرية أدى إلى زيادة عمليات العنف.


خالد الفواز: بالضبط الذي حدث هو العكس، حينما تغيب الأطر القانونية والسبل القانونية للدعم الإنسان بطبعه لا بد أن يقدم واجبا سواء كانت زكاة أو صدقة أو موقفا من مأساة ومعاناة يعانيها أحد الشعوب في العالم الإسلامي الذين يتعرضون لكوارث حينما يريد أن يقدم شيئا إذا كانت السبل القانونية مقفلة أمامه فإنه سيبحث عن أي سبيل قد تكون هذه السبيل التي يبحث عنها عن طريق أفراد قد تؤدي إلى هذه الأشياء التي لا تحمد عواقبها، ولذلك أظن أن هذه الحرب إن كانت حقيقة بين قوسين تسعى إلى تجفيف دعم الإرهاب فإنها في الحقيقة زادت قوة الإرهاب لأنها منعت المؤسسات الخيرية من أداء رسالتها وفتحت طرقا متشعبة كثيرة لوصول ربما هذه الأموال بعلم المتبرعين أو بدون علمهم وصلت.

إعلان


علي الظفيري: تعتقد أنه فعلا هذه الحرب كان القصد منها تجفيف منابع الإرهاب ما يسمى الإرهاب أو أن لها أهدافا أخرى؟


خالد الفواز: هي الحقيقة ترفع هذا الشعار لكن أنا في ظني أن أحداث سبتمبر وظفت وظائف عديدة من بينها الاستفادة منها في كبح جماح المنافسين الجدد، هناك منافسة شرسة في العالم عموما بين مؤسسات كل مؤسسة تحمل منهجا، هذه الحرب الشرسة أرادت أن تستأصل العمل الخيري الإسلامي من جذوره لماذا؟ لأنها رأت في الميدان أن هذا العمل الخيري يحقق مكتسبات ويتوسع ويتمدد رغم قلة إمكاناته ورغم محدوديتها ورأت أيضا أن العمل الآخر رغم حجم إمكاناته الهائلة سواء البشرية أو المالية أو اللوجستية أو.. أو.. أو كل هذه يواجه فشلا ذريعا في مناطق عديدة.


علي الظفيري: نعم. أستاذ ويندل في واشنطن وأنت ترأس جمعية أصدقاء المؤسسات الخيرية هناك، بعد هذه الأعوام من توجيه الاتهامات والشبهات حول المؤسسات الخيرية الإسلامية تحديدا هل ثبت شيء على هذه المؤسسات يتعلق أو مرتبط بعلاقتها بما يسمى الإرهاب؟


ويندل بيلو: بالتأكيد لم يثبت أي شيء، وأحيي زميلي في الدوحة فهما متحدثان بارعان. بالنسبة لي لا مكان في العالم قامت فيه محكمة أو قاض عادل بربط العمل الخيري بمنظمات إرهابية، كانت هناك محاكمة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالهولي لاند أو مؤسسة الأرض المقدسة ولكن لم تتهم أبدا بدعم الإرهاب لذا فإنه ليس هناك دليل حقا بأن هناك ربطا بين العمل الخيري الإسلامي والإرهاب، ليس أن نقول إن هذا لم يحدث أبدا ولكن نقول إن الولايات المتحدة وحكومات أخرى لم تظهر أدلة قط على ربط كهذا.


علي الظفيري: كمحامي أستاذ ويندل وقانوني هل الإجراءات التي تم استخدامها تجاه المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة الأميركية كانت إجراءات قانونية؟


ويندل بيلو: أعتقد أن الولايات المتحدة تخلت عن القانون والعمل بالقانون وهذا مؤسف، فالسياسات الأميركية ما قامت به هو أن تسيء العمل مع العمل الخيري الإسلامي والتعامل معه وهذه السياسات جعلت العالم أقل أمنا وليس أكثر أمنا، وعلى مدى القرون نهض هناك تقليد قانوني في المملكة المتحدة وفي الولايات المتحدة والذي ينص على أنه إن كان هناك شخص اتهم بجريمة يجب أن يقدم الدليل ويجب أن يكون الشخص قادرا على أن يواجه من يتهمه وعلى المرء أن يكون قادرا أيضا على أن يوظف محاميا ويوكله وأن يضع قضية دفاعية وأن يدافع عن نفسه، في كل هذه التصنيفات السياسات الأميركية أدارت ظهرها لتقاليد القانون والعمل القانوني وتحولت وتوجهت إلى ربط الإنسان بالذنب بسبب ارتباطاتها واعتمدت على الأدلة السرية وشهادات لأشخاص قدموا أنفسهم كخبراء على العمل الخيري الإسلامي ولكن في الحقيقة هم كانوا عدائيين لهذا العمل الخيري الإسلامي وللإسلام بحد ذاته.


علي الظفيري: أستاذ عصام هذه الإجراءات التي اتخذت أميركيا وأوروبيا وتلقتها الدول العربية والإسلامية ونفذتها أيضا على الأرض، كيف أثرت على العمل الخيري في العالم الإسلامي؟


عصام يوسف: يعني أنا أعتقد أن تأثيراتها بالمجمل سلبية، بالمجمل كانت سلبية ولذلك للأسف الشديد أن الدول العربية تلقت ما يسمى بالتعليمات الأميركية ولم تحاول أن تستجمع قواها وتفخر بما قدمت هذه المؤسسات نيابة عنها لأن مؤسسات العمل الخيري الخليجية هي التي رفعت أسهم هذه الحكومات أمام العالم، بمعنى عندما تذهب إلى مناطق الحاجة فيقدم العمل الإغاثي السعودي مساعدات إلى هذه الدول فإن الدولة السعودية ستكسب ثقة هؤلاء الناس واحترام هؤلاء الناس، ولذلك هذه الثقة هي التي أرادت الإدارة الأميركية ومن حالفها أن تنزع من هذه الدول هذه المصداقية وهذه السمعة الطيبة التي تميز بها العمل الإغاثي العربي والإسلامي، العمل الإغاثي العربي والإسلامي ليس هدفه شراء قلوب الناس ولا عقول الناس على عكس ما تقوم به الإدارة الأميركية والدول الأوروبية وخصوصا أن أغلب مساعداتها للمؤسسات الخيرية الأميركية والغربية هي تأتي من الحكومات وهذه الحكومات 100% لها أجندة سياسية في شراء قلوب وعقول الناس وهذا ما تقوم أميركا باتهام هذه المؤسسات عندما فشلت في إثبات الجرم القانوني لجأت إلى ما تسميه أن هذه المؤسسات لديها أهداف شراء وقلوب عقول الناس وبالتالي الفوز في الانتخابات أو شيء من هذا القبيل وهو ما ينافي الحقيقة.

إعلان


علي الظفيري: أسأل الأستاذ خالد الفواز كناشط سعودي في العمل الخيري ونعرف أن السعودية الكويت الإمارات العربية المتحدة وقطر هذه الدول الأربع يعني مركزية ولها ثقلها في العمل الخيري، تأثر العمل الخيري بشكل سلبي نتيجة هذه الحرب الأميركية تجاه الجمعيات والمؤسسات الخيرية تقلصت أعداد الجمعيات قيدت الحركة والحرية؟


خالد الفواز: أولا تفاوتت الحقيقة التأثرات من بلد إلى بلد، بعض البلاد مثلا ضعف فيها تأسيس الجمعيات من عام 2000 إلى 2009 قد لا تجد إلا جمعية واحدة تأسست خلال مدة عشر سنوات.


علي الظفيري: في السعودية؟


خالد الفواز: لا، في إحدى دولي الخليج. هناك دول طبعا منعت التحويلات هناك دول قيدت جمع التبرعات هناك دول.. أنا في الحقيقة لا أريد أن أقف أمام موضوع تنظيم العملية وتقنينها..


علي الظفيري: لا، الحدث تقييد ولا تنظيم؟ يعني الدول كانت تقول إنه كان في عبثية وكان في عدم تنظيم وبالتالي نحن أعدنا الإجراءات لتنظيم العمل الخيري في السعودية في قطر في الإمارات وفي كل بلد عربي أو إسلامي فيه عمل خيري، هذا أمر نظر إليه من قبل البعض أنه إيجابي.


خالد الفواز: التنظيم مطلوب الحقيقة، نحن تحولنا من اللانظام إلى في بعض الأحيان إلى المنع والإقفال وهذه كارثة يعني، التنظيم أمره مطلوب ولكن حينما يتحول هذا التنظيم إلى إعاقة التنظيم دائما يسهل ويساعد لكنه يضبط وهذا أمر مطلوب.


علي الظفيري: اللي حدث إعاقة.


خالد الفواز: الذي يحدث أحيانا يكون إعاقة للعمل الخيري، وأنا في ظني قضية الخسائر التي حدثت في العمل الخيري ربما إذا طرح هذا السؤال أول ما يتبادر إلى الذهن الخسارة الكبرى في المستفيدين في الميدان.


علي الظفيري: شريحة المستفيدين.


خالد الفواز: أي نعم، هذه شريحة لا يمكن أن تنكر لكن هناك الحقيقة خسائر أكبر من هذه أو خسائر كبيرة مع هذه ربما لا يلتفت إليها.


علي الظفيري: مثل ماذا؟


خالد الفواز: مثل الامتداد الحقيقة الشعبي للدول، الدول الآن دول العالم جميعا تسعى لأن يكون لها امتداد شعبي في كل دول العالم تسعى إلى مد جسور الصلات مع المجتمعات، العلاقات الدولية ليست علاقات حكومات، يقول كوفي عنان العلاقة الدولية ليس علاقة بين الحكومات وإنما هي علاقة أيضا بين الشعوب، حينما تقطع هذه العلاقات بين الشعوب فالخاسر الأول هو الدول، أول خاسر سيكون الدول لأن الدول هذه ستنكفئ على نفسها، علاقاتها وامتداداتها..


علي الظفيري: فقدت ذراعا وقوة مؤثرة كانت لها.


خالد الفواز: بالضبط وهي خسارة كبيرة جدا، لا ننكر طبعا خسارة المستفيدين لا ننكر الكوارث التي تحدث ولكن أيضا في خسائر أحيانا لا يلتفت إليها وربما تعمى عنها..


علي الظفيري: اليوم في باكستان في كارثة هل الحركة كما كانت في السابق يعني حركة الإغاثة سهلة أو ممكنة كما كانت في السابق أم تغيرت الأمور كحالة واقعية اليوم؟


خالد الفواز: لا، باكستان ليست الكارثة اليوم، باكستان ما زالت تعيش في كوارث جاءها الزلزال ثم جاءتها الاشتباكات التي حدثت في منطقة سوات والنازحين الذين حدثوا وجاءت الكارثة الأخيرة هذه، كل هذه الكوارث جميعا تقول بأن الاستجابة كانت ضعيفة بأن التواجد للمؤسسات وللمنظمات الدولية كان ضعيفا بأن المؤسسات الخيرية الإسلامية إما منعت كما حدث في عهد برويز مشرف أو أنها ضيق عليها بألا يكون لها دور، بينما هي الحقيقة دائما الأسرع في الاستجابة هي الأمر هي الأقرب لاحتياجات الناس.

واقع المؤسسات الإغاثية في أوروبا


علي الظفيري: نعم. إذاً تأثرت الحكومات نفسها العربية والإسلامية كانت تملك قدرة أو قوة تأثير، تأثر المستفيدون الشرائح المستفيدة الفقراء والمحتاجون في كل مكان وتأثر العاملون في المجال الخيري. قبل أن أتحول إلى السيد ويندل في واشنطن وأتحدث عن حالة مؤسسة الحرمين تحديدا المؤسسة السعودية الشهيرة التي تم تجميدها وإغلاقها وتصنيفها على أنها مؤسسة تدعم الإرهاب، أتحول إلى زميلنا ناصر البدري في لندن يعرض لنا في تقريره التالي واقع المؤسسات الإغاثية في أوروبا من خلال النموذج البريطاني.

[تقرير مسجل]

ناصر البدري: جمعية انتربال التي توفر الدعم المالي والسند الإغاثي للمحاصرين في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة قد تكون واحدة من أكثر الجمعيات الخيرية الإسلامية التي واجهت التحقيق في عملياتها من قبل السلطات البريطانية وحملات متكررة في الإعلام تتهمها بتمويل أنشطة توصف بالإرهابية، فمباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر وضعت الجمعية على قائمة داعمي ما يسمى الإرهاب.

إعلان


إبراهيم هيوت/ رئيس جمعية انتربال: بعد أحداث 11 سبتمبر وضعتنا الولايات المتحدة على قائمة الجهات الداعمة للإرهاب بناء على طلب من إسرائيل وهذا أمر أكده لنا إعلاميون أميركيون.


ناصر البدري: ولكن بعد أن قضت السلطات البريطانية فترة طويلة تحقق في عمليات انتربال وتنتظر دلائل الولايات المتحدة على التورط المزعوم لانتربال فيما يسمى الإرهاب قررت المفوضية التي تشرف على عمل الجمعيات الخيرية في المملكة المتحدة تبرئة ساحة انتربال.

سايمون جونز/ المدير السابق لمفوضية الجمعيات الخيرية: الاتهامات التي وجهتها الحكومة الأميركية كانت حول تورط انتربال في أنشطة إرهابية في فلسطين ونحن أمهلنا الأميركيين مهلة كافية لتقديم أدلة على تلك المزاعم لكنهم لم يفعلوا لذلك ارتأينا أنه لا يوجد مبرر للإبقاء على حسابات انتربال مجمدة أو الاستمرار في التحقيق في عملياتها.


ناصر البدري: تبرئة ساحة انتربال وعدد من الجمعيات الإسلامية الخيرية الأخرى جاء بعد أن دفعت ثمنا باهظا فأموال تلك الجمعيات بدل أن تصرف للمحتاجين والمنكوبين أصبحت تنفق على المحامين والإداريين والمدققين.

إبراهيم هيوت: عندما توجه إليك تهمة فأنت ملزم بالدفاع عن نفسك وهذا يستهلك وقتا ومالا وموظفين وهذه نفقات حري أن تصرف على المحتاجين في فلسطين، ولكن أجزم أن الهدف من توجيه هذه الاتهامات هو صرف مواردنا المالية عن مصادرها.


ناصر البدري: لذا يرى الكثير من القائمين على تلك الجمعيات أن المتربصين بها جعلهم ربما أحيانا يمتنعون عن القيام بأي عمل أو دعم أي نشاط وإن كان مشروعا خشية أن يكون مدخلا لشبهة تعطي أعداء تلك الجمعيات ذريعة ينفذون منها، ثمن باهظ ولا شك على حساب المحتاجين والفقراء كما يقول هؤلاء. منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 تقول العديد من الجمعيات الخيرية الإسلامية في بريطانيا وأوروبا إنها تعرضت لمضايقات عرقلة من جهودها في إيصال المساعدات للمحتاجين الذين وجدت أصلا لمساعدتهم لكن العديد من القائمين على تلك الجمعيات يقولون إنهم بذلوا جهدهم لتجاوز تلك العراقيل. ناصر البدري، الجزيرة، لندن.

[نهاية التقرير المسجل]

علي الظفيري: شكرا لناصر، أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام. السيد ويندل في واشنطن، تجربة مؤسسة الحرمين الخيرية وهي مؤسسة سعودية إسلامية كانت من المؤسسات الكبيرة جدا حتى وجهت لها الكثير من الاتهامات لفروعها حتى بتنا هنا في المنطقة نعتقد فعلا أن هذه المؤسسة تقف خلف عمليات عنف أو ما إلى ذلك، أنت أحد المحامين هل تحدثنا عن التجربة، ما تعرضت له هذه المؤسسة والحكم الذي صدر مؤخرا من إحدى الولايات بعدم دستورية ما تعرضت له من إجراءات؟


ويندل بيلو: الحقيقة قصة مؤسسة الحرمين مثيرة للاهتمام وتشير إلى بعض المشاكل التي يواجهها العمل الخيري، وزير الخزانة السابق بول أونيل وصف مؤسسة الحرمين في عام 2002 و2003 بأنها الطريقة الوحيدة أو السبيل الوحيد للمملكة العربية السعودية للعمل الخيري وقال إن هناك ربما مشكلة تتعلق بفرد أو مكتب ولكن قال إن هذه المنظمة محترمة بشكل عام وبشكل كلي، في فبراير 2004 قال أطلقنا مؤسسة أخرى وأحد الأهداف كانت تتمثل في المشاركة مع المسؤولين الحكوميين وقادة رأي في الولايات المتحدة وأوروبا بشأن قضية العمل الخيري، بالنسبة لي الحرمين أنا قابلت في تلك الفترة مسؤولين كبار في وزارة الخزانة الأميركية وفي وزارة العدل وهذا كان في إبان حكم إدارة بوش وقدمنا عرضا ليكون هناك عملية تحقيق في المزاعم التي قدمت بشأن الحرمين ومنظمات أخرى وذهبت إلى المملكة العربية السعودية وحصلت على قدر هائل من السجلات المالية المتعلقة بالمؤسسات الخيرية بشأن قضايا أثيرت عن هذه المؤسسات وأتيت بهذه المعلومات وعدت بها وقدمت عرضا لأن نفتح مكاتب هذه المؤسسة في كل العالم للتحقيق وأذهلني وفاجأني أن هذا الطلب رفض مني وقد كان لدي سجلات مالية كبيرة ولم تكن الولايات المتحدة مهتمة برؤيتها ولكنها كانت عازمة على تقويض عمل هذه المؤسسة على أسس أخرى، ما هي؟ لم نعرفها أبدا. وكما ذكرت فإن هناك محاكمة تجري الآن في أوريغان حيث إن بيت سيدا ومسؤولون من هذا الفرع للحرمين يقدمون أمام القضاء بشأن قضايا تتعلق بالضريبة أما بالنسبة لتهم بالإرهاب لم تقدم من الحكومة الأميركية ولكن كما الحال عادة فإن الحكومة تنظر إلى سبل أخرى للتوصل إلى أهدافها وفي هذه الحالة قوانين الضرائب وقرارات تهدف إلى جعل هناك روابط إرهابية بالنسبة للحرمين فهي لم تعد موجودة أبدا ولم تعد تعمل وهذا سيء لأنها قامت بعمل كثير خيري في العالم ولكنها أغلقت استنادا إلى السلطة التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية لتجميد أصولها وممتلكاتها وممتلكات منظمات أخرى وعلى الأقل الأمم المتحدة لعدد من الأعوام سارت مع هذا الأمر وأغلقت مؤسسات دون أن يكون لها ذنب يذكر أبدا.


علي الظفيري: يعني إذاً إغلاق وتجميد أموال وإنهاء عمل مؤسسي كبير جدا وبعد ذلك يكتشف أن الأمر غير دستوري وغير قانوني بناء على حكم المحكمة في ولاية أوريغان الأميركية. سجلت حالة تجسس في هذه القضية سيد ويندل هل لك أن تطلعنا على تفاصيل، خاصة أن التجسس على المحامين ومع المدعى عليهم كانت مهمة جدا في الحكم الأخير؟


ويندل بيلو:  نعم يمكن أن أقول بذلك، خلال تلك الفترة التي كنت أتحدث عنها كنا نؤسسة منظمة اسمها أصدقاء العمل الخيري ومؤخرا نظمنا هذه المؤسسة بشكل رسمي كمنظمة غير ربحية هنا في واشنطن العاصمة وعدد من النقاشات تم عقدها بين محامين في واشنطن ومسؤولين في منظمات خيرية في السعودية وأماكن أخرى وعرفنا بعد بضعة أعوام من ذلك بأن هذه النقاشات تم اعتراضها من قبل الاستخبارات الأميركية وعندما كان هناك برنامج تنصت غير قانوني كشفت عنه النيويورك تايمز أصبحنا نشك بأن هذه النقاشات تم اعتراضها دون مذكرة ولذلك كانت غير قانونية حسب القانون الأميركي، وقد قدمنا دعوة قضائية وهذ ما زالت جارية ومؤخرا القاضي في المحكمة الفيدرالية في سان فرانسيسكو في كاليفورنيا حكم لصالحنا بشأن هذه المسألة ولكن الولايات المتحدة في هذه الحالة استخدمت شيئا اسمه عقيدة الولاية الأميركية السرية وذلك لكي تكون هناك قضية ضدنا وما يقول ذلك هو أن الحكومة يمكن أن تعلن عن شيء بشكل سري وإن قالت الحكومة ذلك فإن الدعوى القضائية يجب أن تموت الآن، في هذه الحالة التنصت لم تكن سرية من جانبنا فالحكومة أعطتنا وثيقة لا يمكن أن نناقشها خوفا من أن أضطهد قانونيا وقالت بأن هذا الأمر شكل وأنه كان هناك تنصت على مناقشاتنا وعرفنا ذلك ولكن لم يكن البرنامج نفسه سريا ولكنه كتب عنه في جريدة النيويورك تايمز وكانت هناك شهادات من مسؤولين من إدارة بوش أمام الكونغرس، إذاً فالبرنامج ذاته لم يكن سريا ولكن رغم هذا الحكومة فرضت هذه العقيدة المتعلقة بالسرية في الولاية وعندما الرئيس أوباما انتخب وعندما مسؤولون من وزارة العدل تم تعيينهم يبدو أنهم أكثر استنارة من نظرائهم في إدارة بوش كنا نشعر بالأمل بأن هذه السياسة سوف تتغير وفي الحقيقة لم تتغير أبدا فإدارة أوباما كإدارة بوش رسخت نفسها في هذا الشأن بشكل تام..


علي الظفيري (مقاطعا): أستاذ ويندل عذرا على المقاطعة، سنأتي إلى المرحلة الحالية وسنتحدث أيضا مع ضيوفنا هنا في الأستوديو عن كيف تمت مواجهة مثل هذه الإجراءات ولكن بعد وقفة قصيرة نفصل فيها أيضا في الإجراءات التي تمت اتخاذها في العالم العربي فتفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

واقع العمل الخيري والإغاثي بين التنظيم والتقييد


علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في العمق يبحث الليلة حالة التضييق الأميركية والغربية بشكل عام على العمل الخيري الإسلامي التي تلت أحداث 11 سبتمبر. قبل أن نستأنف النقاش مع ضيوفنا في الأستوديو وفي واشنطن دعونا نتابع زميلنا سعد السعيدي الذي يطل علينا من الكويت عبر الإجراءات التي تعرض لها العمل الخيري والإغاثي هناك.

[تقرير مسجل]

سعد السعيدي: قبل خروجهم من المسجد اعتاد المصلون هنا على التبرع نقدا بما تجود به أيديهم من خلال وضع تلك التبرعات النقدية في صندوق داخل المسجد ويخص إحدى الجمعيات الخيرية المتشرة في البلاد، كان ذلك في السابق أما الآن وتنفيذا لقرار مجلس الوزراء الكويتي الذي يحمل الرقم 10 للعام 2010 الخاص بتنظيم العمل الخيري فإنه قد تم منع جمع التبرعات النقدية في المساجد أو في غيرها من الأماكن ولا استثناء حتى لشهر رمضان الذي يمثل موسما مهما للجمعيات الخيرية نظرا لكثيرة المتبرعين وإقبالهم على إخراج صدقاتهم أو زكواتهم في هذا الشهر الذي يعد فرصة لدعم المحتاجين والفقراء والمساكين إضافة إلى خاصيته وقدسيته لدى المسلمين يدفعون فيه البلاد عن أنفسهم ويساعدون في رفع الضرر عن إخوانهم من المسلمين في البلاد المختلفة. القرار الذي حصر التبرعات فقط في الاستقطاع البنكي لم يكتف بحظر التبرعات النقدية في المساجد بل حظر أيضا التبرعات العينية والملابس وأمر بإزالة أكشاكها في جميع المناطق، هذا القرار الذي قصر جمع التبرعات على عشر جمعيات خيرية اعتبره وزير الأوقاف الكويتي محاولة لضبط التبرعات الخيرية طوال العام وخصوصا في شهر رمضان ومنها من الانحراف إلى أهداف مشبوهة أو غير شرعية، النواب الإسلاميون أثار حفيظتهم القرار الحكومي ووصفوه بالجائر والمتعسف لا سيما وأن توقيت إعلانه قد جاء مع بدء شهر رمضان معتبرين أن الهدف منه هو التضييق على العمل الخيري وشل عمل جمعياته ولجانه، معارضة الإسلاميين لقرار منع التبرعات النقدية قابله تأييد من النواب الليبراليين كونه يغلق الباب أمام الانتهازيين على حد وصفهم إضافة إلى مساهمته في تنظيم عملية التبرع وعدم ذهاب تلك الأموال إلى أهداف أخرى غير التي جمع من أجلها وهو ما سيعود بالفائدة على قطاع العمل الخيري في الكويت كما قالوا. الكويت التي نفذت لجانها الخيرية جميع طلبات واشتراطات وزارة الخزانة الأميركية وخضعت لكل الضغوط على رأي البعض هنا للدرجة التي اضطرت لوضع حساباتها في بنوك لا تتوافق ورؤيتها الشرعية بوصفها ربوية على حد تعبيرهم تطرح تساؤلا كبير يؤرق القائمين على العمل الخيري. سعد السعيدي، الجزيرة، الكويت.

[نهاية التقرير المسجل]

علي الظفيري: أستاذ عصام يبدو أن الاستجابة العربية أيضا كانت أقوى وموازية للطلبات الأميركية وبالتالي ضيق الخناق بالشكل الكبير، كيف تواجه اليوم الجمعيات الخيرية بشكل عام هذه الحالة؟


عصام يوسف: يعني هذا للأسف الشديد ما هو حصل يعني نحن في لقاء مع إحدى المسؤولات الأميركيات قالت نحن نطلب منهم هذا الحجم وهم يفعلون ذلك الحجم، وهذا تناقض كبير جدا، يعني كما ذكر الأستاذ خالد أن الجمعيات في الوطن العربي تناميها بات منتهيا بينما في أوروبا وفي أميركا يعني مثلا بريطانيا فيها 280 ألف جمعية خيرية مسجلة، في أميركا الأرقام التي لدي تزيد على 380 ألف جمعية خيرية مسجلة ناهيك عن حجم المؤسسات غير المسجلة التي تستطيع أن تعمل بكل حرية، هذه التضييقات التي تقوم بها الدول في منع التبرعات لا نجدها في أوروبا، نحن في بريطانيا يوميا نجمع من المساجد ونجمع من الشوارع ويتاح لنا الجمع بأي طريقة قانونية ممكنة ويسمح لنا بالتحرك السلس جدا بل إن مفوضية العمل الخيري البريطانية هي موجودة لتمكين المؤسسات ورعايتها وحمايتها، فبالتالي إذا كان هناك تنظيم، التنظيم كما ذكر الأستاذ خالد مطلوب لكن أن يكون التنظيم لمنع انتشار هذا العمل ووصوله إلى الفقراء والمساكين في الوقت الذي تدعي فيها أميركا وغيرها أن الفقر هو المغذي للإرهاب بينما في هذه الحالة هم يزيدون نسبة الفقر وكأنهم يريدون للإرهاب أن ينتشر وبالتالي يكون لديهم مبرر في احتلال الدول والاعتداء عليها ومطاردة مؤسساتها وحكوماتها بينما هم يسمح لمؤسساتهم بالانتشار والعمل بكل حرية وإمكانية.


علي الظفيري: طيب كيف ممكن نصل إلى تنظيم -أستاذ خالد- لا يعيق العمل الخيري بل يدفع به إلى الأمام؟ وكنتم تتحدثون عن النموذج البريطاني في الحلقة وقبل الحلقة بأنه نموذج يقتدى به.


خالد الفواز: يعني نحن الحقيقة في مجتمعنا العربي مهووسون بالنماذج الغربية، أنا أقول إذا كنا لهذه الدرجة من الهوس بالنموذج الغربي فلنأخذ النموذج البريطاني لتنظيم العمل الخيري.


علي الظفيري: ما دامنا رايحين رايحين خلينا نروح بريطانيا.


خالد الفواز: أي نعم، النموذج البريطاني الحقيقة، المفوضية الخيرية البريطانية في أقل التقديرات عمرها 150 سنة وفي كلام أنها أكثر من 150 سنة تأسيسها، لم يسبق في تاريخ المفوضية الخيرية أن جمدت مؤسسة أو أوقفت هذه المؤسسة ولكنها من أشد الجهات مراقبة ومتابعة لهذه المؤسسات، خذ مثالا صارخا وواضحا مسجد فانسبيريبارك في لندن مشهور هذا المسجد ومرتبط اسمه باسم شخص مثير للمشاكل وهو أبو حمزة المصري، كان ينطلق من هذا، أبو حمزة اتهم واعتقل والمسجد كمؤسسة خيرية لم يتضرر.


علي الظفيري: كان هناك يعني انتقائية في الإجراءات المقصودة السلبية يعني لا يؤخذ العمل كله والمؤسسة كلها.


خالد الفواز: بالضبط هو ينظر إلى أن المؤسسة هذه هي مكتسب شعبي للمجتمع.


علي الظفيري: نحن سهل علينا نسكر المؤسسة كلها ونرتاح في العالم العربي.


خالد الفواز: وهذه إشكالية في بعض النظم في بعض الدول للوزير الحق في إقفال الجمعية وإغلاقها بقرار من الوزير وهذه كارثة يعني. هذا الذي نقوله لا يعني أننا لا نحاسب لا يعني أننا لا نتابع بل نحن نطالب بأدق أنواع المتابعة لكن الخطأ ينبغي أن..


علي الظفيري (مقاطعا): طيب شو هي الإجراءات أستاذ خالد الإجراءات المطلوبة في العالم العربي لتنظيم العمل الخيري بطريقة إيجابية وليس بطريقة سلبية؟


خالد الفواز: هناك قضية متابعة.. الإشكال الذي دائما يثار في القضية المالية..


علي الظفيري: أين يذهب المال.


خالد الفواز: وهذه إحدى صور التنظيم. ولكن أنا في ظني أن المراقبة المالية هي حق لثلاثة أطراف، الطرف الأول هي الجهة الحكومية المشرفة هذا حق من حقوقها أن تتابع..


علي الظفيري: عادة وزارة الشؤون الاجتماعية أو شيء من هذا.


خالد الفواز: بحسب نظام الدولة. فهذا حق لهذه الجهة أن تتابع وتراقب هذه الأموال من أين تأتي وأين تصرف. الطرف الثاني الذي له الحق هو المتبرع، أنا تبرعت بمال من حقي أن أعرف أين ذهب هذا التبرع الذي تبرعت به، الطرف الثالث هو المستفيد الذي يجمع باسمه المال وهذا أيضا بالمناسبة موجود في نظام المؤسسات الغربية والبريطانية خصوصا، إذا تبرعت أنت من حقك أن تعرف إلى أين ذهب مالك.


علي الظفيري: يحدث هذا عندنا؟


خالد الفواز: هذا غير موجود.


علي الظفيري: إذاً هذه واحدة من إجراءات التنظيم.


خالد الفواز: هذه قضية، طبعا القضية الثانية بناء المؤسسات بناء هياكلها وجود إجراءات منظمة ومعينة لهذه المؤسسات على أداء رسالتها وليس على إعاقتها، الاعتراف بهيئة هذه المؤسسة أنها كيان ينبغي ألا يمس هذه المؤسسة نبغي كيانا لا يمس، أفترض أننا اكتشفنا والله أن مجلس إدارة هذه الجمعية كلهم عندهم إشكالات وعندهم تجاوزات، يحل المجلس ويذهب هذا المجلس ويأتي مجلس آخر جديد.

حجم العمل الخيري في العالم وتغييرات إدارة أوباما


علي الظفيري: نريد أستاذ خالد أيضا أن نعقد مقارنة حتى فقط يعني يكون في علم المشاهدين كيف يتم العمل الخيري وما هو حجم العمل الخيري بين مثلا العالم العربي الإسلامي والنموذج الصهيوني على سبيل المثال والنموذج الأميركي والأوروبي، نبدأ بما يجري في إسرائيل تحديدا، لديكم أرقام تحدثتم عن أرقام حول ما يجري في إسرائيل من نشاطات تطوعية.


خالد الفواز: نعم، إسرائيل في عام 1999 كان إحصاء عدد الجمعيات الخيرية الإسرائيلية 27 ألف جمعية، في 2007 الرقم وصل إلى أربعين ألفا بمعدل نمو لا يقل عن ألف جمعية سنويا تسجل.


علي الظفيري: ألف جمعية تطوعية أو خيرية مجازا يعني.


خالد الفواز: أي نعم، خيرية تسجل في الكيان الصهيوني، عدد سكان إسرائيل سبعة مليون إذا نسبت عدد هذه الجمعيات إلى عدد السكان فإنك تقول لكل 175 شخصا في إسرائيل لهم جمعية واحدة.


علي الظفيري: طبعا هذه مخصصة عادة للمشاريع الاستيطانية ولتحويل أو تهويد أيضا..


عصام يوسف: مشاريع غير قانونية.


خالد الفواز: بناء المجتمع الإسرائيلي.


علي الظفيري: ويستخدم في التعليم وفي أشياء أخرى.


خالد الفواز: كل شيء كل الاحتياجات.


علي الظفيري: طيب أربعون ألف جمعية في إسرائيل، ماذا عن العالم العربي تحديدا؟


خالد الفواز: العالم العربي سأضرب مثالا بدراسة في عام 2000 وإن كانت الدراسة متأخرة على المجتمع الخليجي نسبة الجمعيات الخيرية الخليجية على عدد السكان جمعية واحدة لكل.. أعطني رقما رقم خيالي.


علي الظفيري: يعني مثلا مليون؟


خالد الفواز: لا، لا، لكل ستين ألف شخص له جمعية واحدة في دول الخليج حسب دول الخليج الست يعني، بينما في إسرائيل قبل قليل نقول الآن وصلت إلى جمعية واحدة لكل 176 شخصا وهذا حسب معلوماتي أنه أعلى معدل في العالم الآن، في الكيان الصهوني في إسرائيل.


علي الظفيري: ماذا عن أوروبا والولايات المتحدة أستاذ عصام؟


عصام يوسف: يعني أنا يا أخي الفاضل عندي قصة واحدة، أنا أعتقد أن الرقابة على العمل الخيري كون دولنا أصلا في معظمها دول أمنية فالرقابة على العمل الخيري موجودة، مؤسساتنا أيضا متميزة في غالبها بالنظام وبالمصداقية وأيضا بالمحاسبية بمعنى أنها تعرض كل مشاريعها على الجمهور وهذا ما يجلب لها الاتهام لأنها لا تعمل في السر لو كانت منظماتنا تعمل في السر لما علم أحد عن مشاريعها ولكنها تنشر كل هذه التقارير وترحب بكل رقابة، أنا أقول إن هذه القضية يجب أن يعاد النظر فيها، يجب أن نعتمد على ذاتنا وعلى إمكانياتنا، وللعلم أن أميركا مخابراتها الـ FBI وCIA ذهبت إلى بعض الدول ونظرت في ملفات هذه الجمعيات ولم تستطع أن تثبت أي تهمة ضد هذه المؤسسات، فبالتالي الرقابة موجودة، بريطانيا أو أوروبا بمعظم المؤسسات لا حديث عنها وإنما الحديث فقط يأتي على المؤسسات الإسلامية والعربية أي بمعنى أنها رغما من أنها أوروبية ولكن القائمين عليها قد يكونون من أصول عربية أو إسلامية فهي التي تتعرض للاتهام وغالبا ما يأتي هذا الاتهام بشكل أساسي من المناطق الكثيرة الحساسية أي المناطق التي تتعرض للاحتلال والحروب كما في فلسطين كما في أفغانستان كما في باكستان كما في الصومال وبالتالي الاتهام في مجمله اتهام سياسي لم يستند على قانون مادي واحد، ولذلك رأينا في التقرير الذي يتحدث عن قضية الانتربال والانتربال تعرضت لهذه الاتهامات منذ عام 1996 هذه ثالث مرة التي يتم تبرئة ساحة الانتربال الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية من تهم تمويل الإرهاب، وأيضا أن أميركا التي قامت بتصنيف هذه المؤسسة كما ذكر مسؤول العمل الخيري أنهم رغم أنه أعطوا سنتين ونصف في القضية الأخيرة لتقديم أدلة لم تستطع أميركا أن تقدمها بينما إسرائيل عندما قدمت الأدلة لأول مرة في هذا الموضوع الحكومة البريطانية رفضت هذه الأدلة ولم تعتمدها، مفوضية العمل الخير وليس الحكومة لأن المفوضية مستقلة عن الحكومة، رفضت كل هذه الأدلة. وبالتالي نحن نقول إن العمل الإغاثي الإسلامي هو أكثر عمل شفاف وهو أكثر عمل يخدم الإنسانية بمجملها ولا يميز بين الناس على دينهم أو ملتهم وبالتالي العمل الإسلامي عندما أصبح ذو فاعلية رغم محدوديته لأنه نحن نتكلم عن الكويت فيها أربع خمس جمعيات خيرية السعودية فيها عشر جمعيات خيرية قطر فيها جمعية أو جمعيتين أو ثلاث بينما كما ذكرنا بريطانيا 280 ألف جمعية، أميركا أكثر من..


علي الظفيري (مقاطعا): في أميركا في عام 2002، 212 مليار دولار حجم التبرعات في أميركا، 38% منها لأغراض دينية تحديدا يعني ثمانين مليار، طبعا هناك كتابان للدكتور محمد بن عبد الله السلومي "القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب" واحد من الكتب المهمة جدا التي تناولت هذه القضية، وأيضا "ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب" تحت هذا المسمى في تفاصيل كثيرة لما جرى في العشرة أعوام الأخيرة وما واجهته مؤسسات العمل الخيري. أستاذ ويندل في واشنطن يعني تفاءل العاملون في المجال الخيري في العالم الإسلامي بعد وصول باراك أوباما للرئاسة قيل إن المسألة مرتبطة بالمحافظين الجدد تحديدا وهذا الأمر سيتغير، لم يتغير شيء حتى الآن وقيل إن هناك شبهة تسييس، هل تتفق مع الحديث عن شبهة تسييس لهذه الإجراءات التي يواجه بها العمل الخيري في العالم الإسلامي؟


ويندل بيلو: وفي بعض الحالات فإن الأفراد الذين ينفذون هذه السياسة هم نفسهم في ذكرى الخطاب في القاهرة للرئيس أوباما عدد من المنظمات بعثوا له رسائل يناشدونه بأن يفي بالتزامته المتعلق بالعمل الخيري ولم يكن هناك أي تغيير في السياسات لإدارة أوباما فيما يتعلق بالعمل الخيري على الإطلاق، وعلي القول بأن هذا ليس مرتبطا بمنظماتنا منظمة أصدقاء العمل الخيري والتي تدافع عن العمل الخيري الإسلامي ولكن أيضا عن المجتمع كله في الولايات المتحدة، عن العمل غير الربحي ومجموعات الحريات المدنية الذين يعتقدون ويؤمنون بأن هذه السياسات تضر ذاتها بذاتها وتؤثر أيضا على العمل الخيري الإسلامي وتؤثر أيضا سلبا على العمل المدني، إذاً فنحن حاولنا أن نتعامل مع إدارة أوباما وأن نتشاطر معها الآراء وأن نجلس ونناقش بعض هذه السياسات وإلى الآن لم نكن قادرين على فعل ذلك، الموقف الحالي لإدارة أوباما يتمثل في أننا لا نفهمم ببساطة القوانين وقد قلنا لا بل نفهم هذه القوانين ولكننا لا نتفق معها فهي ليست مثمرة أبدا وعدد من المنظمات أيضا قدمت تقريرا للأمم المتحدة ولمجلس حقوق الإنسان بالتحديد والذي هو الآن يقوم بمراجعة منتظمة دورية لقضايا حقوق الإنسان في الولايات المتحدة وأبرزنا في هذا عددا من القضايا المتعلقة بتنفيذ قوانين الأمن القومي المتعلقة بالمجتمع المدني والعمل الخيري بشكل عام وأنا ذهلت وصعقت بأن الإدارة الحالية لم تتبن أبدا بعضا من هذه الإصلاحات والتي هي منطقية، وأنا أنضم إلى زميلي اللذين تحدثا عن العمل الخير في المملكة المتحدة وهو مثال على التعامل مع القطاع غير الربحي، اللجنة هذه إن كان هناك قضية تقدم ضدها فهم يبحثون عن الأدلة وذلك بغية حماية المنتفعين وهذا هو النموذج السليم في نظري، والإصلاحات كهذه التي هي نحن نقدمها إلى الكونغرس في الولايات المتحدة ولإدارة أوباما إلى الآن لم نر الكثير من الرد الإيجابي ولكن على الأقل رسالتنا تصل إلى المدى الطويل الذي كنا نصبو إليه.


علي الظفيري: إذاً الإدارتان إدارة باراك أوباما وإدارة جورج بوش السابقة كلاهما سيئتان في التعامل مع هذه القضية. أستاذ خالد يعني رب ضارة نافعة، قيل في العالم العربي إن هذه فرصة ما يتعرض له العمل الخيري فرصة للاستدارة نحو الخلف نحو العمل في المنطقة، يعني الجمعيات الخيرية السعودية والكويتية والقطرية تعمل في المنطقة أو في دول الخليج أو حتى في طبعا في الدول العربية الرئيسية التي تحتاج إلى هذا العمل الخيري، هل أثرت هذه الإجراءات بشكل إيجابي على العمل في العالم العربي تحديدا؟


خالد الفواز: هو لا شك أن هذه المؤسسات دورها دور تنموي في مجتمعاتها أولا ثم في المجتمعات الأخرى تركيزها في عملية التنمية، يعني أنا أضرب مثالا في المملكة العربية السعودية في العشر سنوات الماضية صار فيها نمو كبير وهائل جدا في إنشاء المؤسسات الخيرية الداخلية وربما ضارة نافعة، لكن أيضا مع أهمية وجود المؤسسات الخيرية المحلية وانتشارها وحاجة المجتمعات إليها فإننا يجب ألا نغفل الحاجة إلى المؤسسات الخيرية الدولية، دول الخليج لو جمعت عدد المؤسسات الخيرية التي تعمل حول العالم تجدها قرابة الثلاثين أو تزيد على الثلاثين جمعية خيرية وهذا في ظني أنه لا يشكل رقما كبيرا بالنسبة لعدد الجمعيات الخيرية وليس هناك مشكلة أن يكون هناك تنوع في التخصص، يكون لدينا جمعيات دولية وتكون عندنا جمعيات محلية أو أن الجمعية نفسها يكون لها دور داخلي بحسب طبيعية البلد أو دور خارجي، لكن أيضا لا يعقل أننا نلتفت إلى الخارج والداخل في معاناة ولا يعقل أيضا أننا نمنع العمل الخارجي بدعوى أننا نركز على الداخل فقط، نحن بحاجة إلى الأمرين.


علي الظفيري: الأسبوع الماضي كنا عاملين حلقة عن القدس أستاذ عصام، من المآسي أن القدس التي تتعرض للتهويد بشكل دائم هناك كثير من المشاريع لا تجد تمويلا، فلسطين كحالة تحتاج بشكل رئيسي، إذا كان في إسرائيل كل هذا العدد أربعون ألف مؤسسة طوعية أو ما يسمى خيرية لماذا لا توجه العمل الخيري نحو قضايانا أو البلدان الرئيسية في السودان مثلا في الصومال في فلسطين في العراق في أكثر من بلد عربي؟


عصام يوسف: أين التناقض؟ يعني إسرائيل أولا دولة غنية والتمويل يأتيها من كل العالم وبالتالي هي أقل الناس حاجة للعمل الخيري بينما في فلسطين كمثال أنت تتحدث عن 80%من الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر بمعنى أن الفلسطيني يعيش على أقل من دولارين في اليوم بينما الإسرائيلي اليهودي يعيش على أكثر من مائة دولار في اليوم.


علي الظفيري: طيب وين مؤسساتنا الخيرية إذا كان الفلسطيني يعيش هذه الحالة؟


عصام يوسف: هذا هو الهدف الأساسي في الحملة على العمل الخيري للعرب والإسلام هو إذلال هؤلاء الناس.


علي الظفيري: يعني حتى القرار السياسي الفلسطيني مرهون بدعم وتمويل غربي أميركي تحديدا في قضايا رئيسية، تنازلات رئيسية.


عصام يوسف: وهذا كارثة، أنك كلما جوعت الناس كلما سلبت منهم قرارهم وهذا الذي يفعل اليوم في موضوع سلب القرار ولذلك أنا أعتقد أن هذه الحرب على العمل الخيري الإسلامي والعربي بشكل أساسي هو ما أسميه الاقصاء والإحلال.


علي الظفيري: طيب أستاذ عصام ثلاثون ثانية فقط، للتهمة للجمعيات الخليجية وهي جمعيات غنية، وين..


خالد الفواز: لا، لا، أنا أشير إلى نقطة فقط عن فلسطين، موضوع فلسطين، تابعنا في الأخبار إغلاق قرابة 140 جمعية خيرية فلسطينية من قبل السلطة، أنت أمام كارثة أخرى.


علي الظفيري: تقصد السلطة الوطنية الفلسطينية.


خالد الفواز: السلطة الوطنية الفلسطينية أغلقت ما يقارب من 140 جمعية خيرية فلسطينية في الضفة، الرقم اللي ذكرناه عن الأربعين ألف جمعية خيرية إسرائيلية هذه أكثر من 60% من إيراداتها من الحكومة.

علي الظفيري: انتهى للأسف الوقت أستاذ خالد الفواز أمين عام المنتدى الإسلامي من السعودية شكرا جزيلا لك، أستاذ عصام يوسف نائب رئيس الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية انتربال شكرا جزيلا لك، وشكرا للمحامي ويندل بيلو رئيس جمعية أصدقاء المؤسسات الخيرية ضيفنا من واشنطن، انتهت الحلقة، بريدنا alomq@aljazeera.net المخرج راشد جديع ومنتج برنامج في العمق داود سليمان كل التحية من الجميع في أمان الله.

المصدر: الجزيرة