حزب الله

– الأجواء التي سبقت ولادة حزب الله
– أدبيات نشأة حزب الله
– الدعم الإيراني والسوري لحزب الله
– تعاظم نفوذ حزب الله في لبنان في الحياة المدنية
– المنطلقات السياسية لحزب الله
– مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أساس المشروع العسكري لحزب الله

أسعد طه: طوبى لك ولكل من قال لا.

ولمن كره أن تكون رأس أخيه كرأس اللص سواء.

ولمن عز.

ولمن ثار.

ولمن صاح عند اللقاء خيبر لن تكبر.

خيبر لن تكبر.

ثم عمل سيفه

ثم غار.

السلام عليكم.

قبل سنوات ليست بطويلة، وعندما بدأ العالم يعاني من وطأة ظاهرة الإرهاب كان الذي يثير الشبهات وقتها مشهد لفافة أو حقيبة متروكة هنا أو هناك قد تنفجر بين لحظة وأخرى مخلفة وراءها سقوط العديد من الضحايا والأبرياء.

ورويداً رويداً وبفعل ثالوث مكوَّن من بعض التنظيمات الدينية المسلحة ومن أنظمة وحكومات عربية ومن كامل المنظومة الغربية ارتفعت دائرة الشبهات بشكل مفزع.

في داخل الوطن العربي الحجاب واللحية والتردد على المساجد للصلاة، تلك المساجد التي تُوصف أحياناً في بعض الصحف الرسمية بأنها أوكار للإرهاب، وفي خارج الوطن فإن ملامحك العربية هي مصدر للشبهات حتى في مطارات أكثر الدول الإفريقية تخلُّفاً، وعلى الساحة السياسية العالمية وطبقاً لمواصفات أميركية فإن قائمة الإرهاب وتصنيف الإرهابيين آخذ في التمدُّد بشكل مخيف، يكاد يشمل أبسط منطلقاتنا العقائدية والثقافية وعلى اختلاف انتماءاتنا الفكرية.

هذا التصنيف للإرهاب وللإرهابيين ليس مبنياً على ما تعارف عليه الناس الطبيعيون، ولكنه مبني على كل ما ومن يهدِّد الأطماع الإسرائيلية والأميركية في بلادنا.

حزب الله مثالاً

الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت إحدى معاقل حزب الله، أتفرس في وجوه الناس الذين هم في العموم جمهوره، أي قاعدة وأنصار هذا التنظيم الذي ضمته الولايات المتحدة الأميركية إلى قائمة شملت ثلاثين منظمة إرهابية على مستوى العالم.

في طرقات الضاحية أكتشف إنني في بيروت أخرى غير تلك التي قد زرتها أو تلك التي أنت ربما تعرفها، لكننا سندرك سوياً أننا غير معنيين اليوم بالحكم على قناعات حزب الله تأييداً أو إدانة، وإنما شغوفين لأن ندرك قدر الاستطاعة كيف نشأ حزب الله؟ ومن هو؟ وماذا يريد؟ وهي مسألة تحتاج لأن نبدأ من هذا الطريق الذي كان يُسمى في بيروت بالخط الأحمر، الفاصل بين الشطر الغربي المسلم وبين الشطر الشرقي المسيحي أو من أي منطقة أخرى يذكرنا دمارها بالأجواء التي كانت سائدة حال ولادة حزب الله.

الأجواء التي سبقت ولادة حزب الله

لبنان في 1982 كان يعيش عامه السابع من الحرب الأهلية بكل مفرداتها البشعة، وحروب أحياء وسيارات مفخخة وأشلاء وجثث وبكاءٌ وعويل، وكان العرب وقتها مشغولين عن ذلك بمراقبة الحرب المستعرة بين العراق وإيران تحسُّباً لنتائجها وانعكاساتها على المنطقة، وهذه وتلك ظروف مثلى لاجتياح إسرائيلي جديد، هذه المرة كان الأشد والأعنف الذي يتعرض له لبنان.

المشهد في لبنان 82 وبعد الاجتياح الإسرائيلي بدا في الشارع الشيعي هكذا:

سياسياً فإن أفراداً ومجموعات انقسموا عن حركة أمل، التي كانت تحتكر التمثيل السياسي لشيعة لبنان والذين يمثلون غالبية الجنوب، وذلك احتجاجاً على قرار زعيم الحركة نبيه بري بالمشاركة في هيئة الإنقاذ الوطني، الذي اعتبرها المنقسمون أداة لتمرير مشاريع أميركية وإسرائيلية في المنطقة.

ميدانياً فإن أفراداً ومجموعات قرروا مقاومة العدوان الإسرائيلي بما تملكه الأيدي، في حركة عفوية لا يجمعها غطاء تنظيمي واحد، ودون أي تنسيق فيما بينهما.

موسم المقاومة الفعلية افتُتح في الشهر العاشر لعام 83 بنسف مقري القوات الأميركية والفرنسية ومقتل حوالى ثلاثمائة من جنودهما في حادثة اعتُبرت شكلاً مستحدثاً في مقاومة العدو، عبر العمليات الانتحارية أو إسلامياً الاستشهادية، وعلى كل حال فإن المنقسمين سياسياً والمقاتلين ميدانياً يباركهم علماء ورجال دين اجتمعوا لاحقاً في كيان واحد أُطلق عليه حزب الله، وفي هذا السرد قفزنا على تفاصيل كثيرة ومتشابكة، واكبت ميلاد هذا التنظيم، ولكن عذرنا أن حزب الله بنفسه يُعفي نفسه من التقيُّد بتاريخ محدد لولادته، لكنه يلزم نفسه تعريفاً محدداً لهويته.

السيد/ حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله): نستطيع أن نقول أن حزب الله هو.. هو حركة مقاومة، وطبعاً يرفع عنوان المقاومة الإسلامية، لأن الإسلام هو الذي يشكل ثقافة وأيديولوجية وعمل التحريك والروح والمضمون العقائدي لهذه المقاومة، وهو في نفس الوقت حزب يهتم بمصير الشعب اللبناني ومستقبل لبنان، ويساهم مع بقية القوى من أجل إقامة نظام أكثر عدالة وحرية وقدرة على تحقيق مصالح اللبنانيين، وفي نفس الوقت هو حزب يتطلع إلى الهم القومي العام والهم الإسلامي الكبير، ويمد يده إلى جميع الشعوب العربية والإسلامية في خدمة هذه القضية.

أدبيات نشأة حزب الله

أسعد طه: لا يمكن اعتبار حزب الله حزباً بالمعنى المتعارف عليه في الساحة السياسية، وقد أتت تسميته من الآية الكريمة (أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المُفْلِحُونَ).

وفي الرسالة المفتوحة التي وجهها حزب الله إلى المستضعفين في لبنان والعالم في السادس عشر من فبراير/شباط لعام 85.

بيان قيام حزب الله: إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائع، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني -دام ظله- مفجِّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة، وعلى هذا الأساس فنحن في لبنان لسنا حزباً تنظيمياً مغلقاً، ولسنا إطاراً سياسياً ضيِّقاً، بل نحن أمة ترتبط مع المسلمين في كافة أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الإسلام، الذي أكمل الله رسالته على يد خاتم أنبيائه محمد -صلى الله عليه وسلم- وارتضاه للعالمين يتعبدون به.

أسعد طه: هذه الرسالة بات حزب الله لا يعتمدها مصدراً أساسياً من أدبياته، لكنه مستمسك بنظرية الإمام الخميني التي ترى الأحزاب في الساحة الإسلامية ظاهرة غربية، وأن الجماهير المسلمة يجب أن ترتبط بقيادة ولاية الفقيه، وهو ما يعتبرها البعض نظرية تتقاطع مع الديمقراطية.

مداخل 1: هذا الحزب عملياً يعني هناك علاقة يعني من فوق إلى تحت، وليس من تحت إلى فوق البنية التنظيمية للحزب محكومة في نهاية المطاف بشيء اسمه خط الولاية أو ولاية الفقيه، أي أن أعضاء هذا الحزب يلتزمون من الناحية الدينية بشخص اسمه ولي الفقيه، وهذا الشخص يمكنه عندما تمنحه الثقة يعني عندما تلتحق به يمكنه أن يقوم بأشياء كثيرة، فأنت سلفاً تتنازل عن جزء كبير من حقوق الديمقراطية، القيادة تتمركز وتثبت أقدامها في هذا الحزب، وهو أمر ينذر بمخاطر في حال لم يتم تجاوز مسألة الوصاية، إذا أتيح لهذا الحزب أن ينتخب هيئاته الأخرى، ربما ينجو من قبضة مركزية القرار، وإذا لم يتح له ذلك فسوف يكون مقبلاً على تجربة شبيهة بالأحزاب الشيوعية، أنا أعتقد أن التنظيم الداخلي هو تنظيم (لينيني) لكن بطربوش إسلامي.

حسن نصر الله: نحن لدينا هيئات قيادية، لدينا مجلس سياسي، ولدينا مجلس تخطيط، ولدينا كتلة النواب، ولدينا مجموعة للتنفيذية يعني مجموعة من المسؤولين، ونعتمد بعض الهيئات الاستشارية أيضاً، والكل يتباحث ويتناقش ويفكر، وفي نهاية المطاف الأمور تحسم بأكثرية الأصوات، وليس هناك شخص يقرر في حزب الله، لا الأمين العام، ولا غير الأمين العام، هناك هيئات جماعية تتناقش وفي مستويات مختلفة، ليس في مستوى واحد فيه أكثر من مستوى، وما تقره الأكثرية هو الذي يلتزم به الجميع.

الدعم الإيراني والسوري لحزب الله

أسعد طه: الرموز الإيرانية تعكس ولاء غير محدود وتفسِّر دعماً واسعاً لعب ومازال دوراً كبيراً في تأسيس حزب الله وترسيخ موقعه في المجتمع اللبناني، وكان سبباً وجيهاً -بلا شك- لتوجيه الانتقاد واللوم، والتشكيك كذلك في طبيعة الدور الذي يقوم به حزب الله على الساحة المحلية والإقليمية، والتساؤل عما إذا كان حزب الله علاجاً إيرانياً لعلَّة لبنان، وبالغ البعض في التشكيك في وطنيته، والاستفسار استهجاناً فيما إذا كان حزب الله حزباً لبنانياً بدعم إيراني، أم حزباً إيرانياً في لبنان؟

حسن نصر الله: حزب الله هو حركة -كما قلت- إسلامية جهادية، قيادته قيادة لبنانية، وقواعده وكوادره هم لبنانيون، يتحرك في الأرض اللبنانية، يقاتل دفاعاً عن الشعب اللبناني، يقدِّم شهداء في هذا السبيل من أجل تحرير هذه الأرض، ويعمل من أجل خدمة لبنان وشعب لبنان كجزء من هذه الأمة، هل هذه المقاييس كافية ليكون الحزب لبنانياً أو لا؟

أسعد طه: صحيح أن الدعم الإيراني ثم السوري ساعد حزب الله في أن يصبح رقماً في المعادلة الداخلية، خصوصاً بعد أن منحته مقاومته للاحتلال شرعية الوجود، إلا أن علاقاته هذه الإقليمية مكمن خطر كذلك، فهو -في رأي المراقبين- يحالف دولاً أقوى منه، فلا إيران ترهن سياستها تجاه الغرب به، ولا سوريا تعدِّل من استراتيجيتها السلمية إرضاءً له، فماذا سيكون مصير حزب الله وفق التغيرات الجارية في إيران ووفق أي اتفاق سلمي يجمع سوريا مع الكيان الإسرائيلي.

مداخل 1: أعتقد عن.. عن بعد أو عن قرب فإن حزب الله يملك قدر هائل من الواقعية السياسية، هو لن يقدم على أي عمل انتحاري، سيدرس طبيعة الواقع والتوازنات السياسية، وسيدرس إذا كانت خيار الاستمرار في المقاومة ما هي كلفته؟ وما هي نتائجه؟ وخيار مش الانكفاء، خيار التوقف المرحلي أو النهائي، ما هي نتائجهما، لن يقدم على عمل انتحاري، كما أنني أعتقد أن سوريا لن تقدم على اتفاق لا يلحظ هذه الاعتبارات.

تعاظم نفوذ حزب الله في لبنان في الحياة المدنية

أسعد طه: هكذا إذن قفز حزب الله إلى واجهة العمل العسكري في لبنان بدءاً من عام 82، وليتمدد ويتوسع لاحقاً في الشارع الشيعي مؤمِّناً لنفسه حضوراً قوياً بفعل عمله الخدماتي والاجتماعي محصناً بالشرعية التي أمنتها له مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، وبعد أن استطاع الحزب ترسيخ قاعدته الجماهيرية اتجه إلى توسيع علاقاته السياسية والانفتاح على القوى السياسية الأخرى، وهو بذلك كان يحمل مشروعيه المدني والسياسي، ناسفاً إطار الصورة التي تحصره في مشروع عسكري.

يؤخذ على الحركات الإسلامية -بصفة عامة- أنها ترفع شعارات فضفاضة لا تستطيع ترجمتها إلى برامج تفصيلية، وعلى حزب الله بصفة خاصة أنه يملك أجوبة للحرب، لكنه لا يملك أجوبة للسلام.

إطلالة سريعة على تجربة حزب الله المدنية قد تدلل على غير ذلك، فقد نجح في تأسيس وإدارة مؤسسات مدنية واضعاً نصب عينيه توظيفها لصالح الطبقات الدنيا والوسطى من المجتمع، والتي يفتخر بأنه ينحاز لها، واجتماعياً فإن له أنديته وجمعياته، حتى رياضياً فله فريق كرة قدم منافس في دوري الدرجة الأولى، فضلاً عن المؤسسات التي أُنشئت لمعالجة آثار الحرب، والتي تُعنى بالجرحى وأسر الشهداء والأيتام، وترميم المنازل المتضررة من القصف الإسرائيلي.

وله كذلك مؤسساته الصحية، والتي تدار بمستوى عالٍ من الكفاءة، وتضم أحدث الأجهزة الطبية.

ناشط في حزب الله 1: نحن مثلاً نستقبل حالياً شهرياً ما يصل إلى حوالي 22 ألف مريض، ما بين خدمات داخلية وخدمات خارجية، وهو ما يتجاوز المائتين وعشرين ألف مريض سنوياً، هؤلاء يتوزعون على.. بقسم الطوارئ حيث نستقبل شهرياً حوالي ثلاثة آلاف حالة طارئة، كلهم يأتون من مجمل المناطق المحيطة في المستشفى، وإضافة إلى ذلك عندنا حوالي.. نستقبل حوالي ستة آلاف مريض للمعاينات عند الأخصائيين في المستشفى، فضلاً عن حوالي 1000 إلى 1500 حالة دخول إلى المستشفى، ومرة للفحوصات الخارجية في المختبر والأشعة وغيرها.

أسعد طه: واحتل العمل النسائي مساحة لا بأس بها من فاعليات حزب الله، وامتد النشاط النسوي تقريباً إلى كافة المجالات.

ناشطة في حزب الله: أصل حركتنا في الساحة اللبنانية لها.. لها طابعها السياسي، لأننا بالنهاية جزء من حزب سياسي على الساحة اللبنانية، نمارس هذا الدور من خلال علاقاتنا مع الفعاليات النسائية السياسية في المجتمع اللبناني، من خلال قيامنا أو موقفنا أواتخاذنا لموقف بأي موضوع من المواضيع السياسية، للمرأة عندنا دور جداً مهم مثلاً لعبته خلال الانتخابات النيابية السابقة.

أسعد طه: ثقافياً أسس حزب الله مراكز عدة كان منها مركز الإمام الخميني، ونجح إعلامياً في تكوين مؤسساته الناطقة باسمه، فكانت جريدة "العهد"، وإذاعة (النور).

مذيع في إذاعة النور: السلام عليكم ورحمة الله، وإلى حضرتكم نشرة مفصلة للأخبار.

أسعد طه: وقطع شوطاً كبيراً في تجربته الإعلامية بتأسيسه تليفزيون (المنار) الذي كسب شريحة كبيرة من المشاهدين رغم إمكانياته المادية المحدودة، وقد ساعده على ذلك مصداقيته الإخبارية، ومعالجته لقضايا تمس رجل الشارع، فضلاً عن كسره الطوق التقليدي الذي تتحصن به عادة وسائل الإعلام الإسلامية.

ناشط في حزب الله 2: إن إنشاء هذه المؤسسات لم يكن استجابة لتلبية حاجة لها علاقة بموضوع المقاومة فقط على رغم ما يكتسب هذا الأمر من أولوية وأهمية قصوى كونه يشكل مصدر الخطر الأبرز من خلال لتوعية الناس، غير أن الموضوع لا يقتصر على هذه المسألة، إنما إطلالة -كما أشرت- على برامج تليفزيون (المنار) أو إذاعة (النور)، سوف يتبين لك وبالملموس أن هذه الإذاعة تجاوزت كل الحدود التي يُصوَّر بأنها محصورة بداخلها لتخاطب عدد أكبر وشريحة أوسع من الناس، إذاعة (النور) مثلاً هي الإذاعة الثانية على F M في لبنان، حتى من خلال الإعلانات أيضاً.

المنطلقات السياسية لحزب الله

أسعد طه: المشروع المدني لحزب الله شمل كذلك المجال الاقتصادي، وامتد إلى المجال الأمني بتأسيسه جهازاً أمنياً خاصاً به يتمتع بقدر كبير من المهنية، هذه التجربة التي خاضها ومازال حزب الله على المستوى المدني وبكل سلبياتها وإيجابياتها إنما أكدت اندماجه في النسيج الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، وهو ما شجَّع حزب الله على تفعيل عمله السياسي معتمداً على أن الوعاء السياسي في لبنان يسع هذا الحزب الذي يحمل خصائص ومناهج قد تبدو في الظاهر غريبة وجديدة على تقاليد اللعبة اللبنانية، فماذا يعني مشاركة حزب الله في العمل السياسي؟

سياسي في حزب الله 1: ما يمكن أن أسجِّله في هذا المجال أنه تم الدخول في هذه التجربة التي تعني قبول النظام اللبناني بكل.. بجانب كبير من معاييره وقواعده، قبول اللعبة في هذا البلد، و.. محاولة أيضاً التكيُّف مع هذه اللعبة.

أسعد طه: ولكن من أين ينطلق حزب الله في عمله السياسي؟ بمعنى أين موقعه بين الحكم والمعارضة؟

سياسي في حزب الله 2: الموقع إلى حدٍ ما يبدو ملتبساً، لسبب.. لسببين، الأول: إنه المعارضة والحكم في لبنان فيه التباس في وصفهم، يعني فيه حكم ظاهر وفيه حكم غير ظاهر بلبنان، فيه معارضة للحكم الظاهر، وفيه معارضة للحكم غير الظاهر، حزب الله معارض للحكم الظاهر وحليف للحكم غير الظاهر.

أسعد طه: في العموم فإن ممارساته السياسية تفيد أنه خلع رداء المعارض الفذ، وأصبح شريكاً في اللعبة، وهو يقول أن ما يفعله لا يتجاوز كسر موقف المقاطعة من دون التخلي عن موقف المعارضة، إذن كيف كانت تجربته في الأداء البرلماني؟

سياسي في حزب الله 2: أداء جيد بمعنى إنه نواب حزب الله كانوا حريصين على يعملوا دراسات ويعني أفكار مش مجرد معارضة شكلية أو لفظية، كانوا يطرحوا برامج، وكانوا يطرحوا أفكار، إنما بتصوري أنا إنه بالنهاية نواب حزب الله بيصيروا بالنهاية مثل النواب اللبنانيين الآخرين، يعني فيه لعبة لبنانية بتأكل الجميع.

أسعد طه: إقامة دولة إسلامية هي مطلب شرعي لكل الحركات الإسلامية في الوطن العربي، هنا في لبنان بالتأكيد فيه خصوصية أخرى كيف استطعتم التوفيق بين الشرعية وخصوصية لبنان؟

حسن نصر الله: يعني نحن نميز بين الفكر السياسي والبرنامج السياسي، عندما لا يكون هناك إمكانية لتنفيذ فكرة معينة لا يعني أن تسقطها كفكرة وإنما تحافظ عليها في فكرك السياسي، معنى هذا أنه نحن على مستوى فكرنا السياسي نؤمن بالدولة الإسلامية ونعتقد أن قيام دولة إسلامية وحكومة إسلامية في أي بلد، طبعاً لا أريد أن أدخل أي إسلام يعني، أو أي فهم للإسلام، لأنه تعرف هناك اجتهادات كثيرة، يعني مثلاً إذا نحن حتى في فكرنا السياسي لا نطرح دولة إسلامية على طريقة الطالبان في أفغانستان مثلاً، التي تصادر الفيديو والتليفزيون وتمنع النساء من الخروج من المنازل أو الذهاب إلى المدارس أو.. أو.. أو..، لا أريد أدخل في هذا التفصيل.

على مستوى فكرنا السياسي الدولة الإسلامية حاضرة، على مستوى البرنامج السياسي، البرنامج السياسي ينظر إلى الظروف والواقعيات، فيما يحيط بنا خصوصيات الوضع اللبناني لا تساعد على تحقيق هذه الفكرة، خصوصاً أننا في فكرنا نؤمن.. نؤمن بأن قيام الدولة الإسلامية يجب أن ينبثق من إرادة شعبية عارمة، لأن الدولة الإسلامية والحكومة الإسلامية هي ليست انقلاب عسكري ولا يستطيع حزب مسلح أن يقيم دولة إسلامية، الشعب بإرادته الكبرى يستطيع إقامة دولة إسلامية لأن الدولة الإسلامية بحاجة إلى حماية.

أسعد طه: لقد بات واضحاً أن حزب الله يعتمد على الموازنة الدقيقة بين المطلوب وبين الممكن، أي بين الهدف وبين حواجز الواقع السياسي، وأدرك أيضاً أن سياسة متحركة كالسياسة في لبنان توجب أداءً متحركاً يناسبها.

مداخل 2: يعني ترك برنامجه العقائدي على الرف إلى حد ما بسبب الظروف والواقع ولا يعني لم يعني يقدم برنامج سياسي واضح وكامل لتصوره المرحلي.. وإنما يبدو وكأنه يناقش الأمور قضية بقضية.

مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أساس المشروع العسكري لحزب الله

أسعد طه: في كل الأحوال فإن هذه الأداءات المدنية والسياسية إنما توظَّف في النهاية من أجل الهدف المركزي والرئيسي لحزب الله، وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ذلك العدو الذي لا يعرف إلا لغة القوة، فليكن إذن المشروع العسكري.

المشروع العسكري لحزب الله يتمتع بخصائص عدة، فهو سبب نشأته، وهو مصدر الشعبية الواسعة التي يتمتع بها، وهو مشروع قيد التنفيذ، وليس أسير التنظير والشعارات السياسية، وهو يمثِّل رداً عملياً على المشروع السلمي ومحاولات التطبيع، وبهذا المشروع العسكري يبقى حزب الله إلى جانب حماس والجهاد الإسلامي في الأرض المحتلة من الحركات الإسلامية المسلَّحة الوحيدة ربما في العالم العربي غير المدانة لاعتمادها القوة باعتبار أن البنادق موجَّهة نحو العدو الإسرائيلي.

نتجه إلى الجنوب معقل قوات المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري الضارب لحزب الله، قرى وبلدات هادئة ووديعة، تعيش حياتها اليومية بكل مفرداتها الحلوة والمرة على مرمى البصر من قوات العدو، التي ها هي هناك تحتل تبة أو مرتفعاً يمكن لها منه أن تستهدف بنيرانها ما تشاء.

الملفت هو غياب أي مظاهر مسلحة، وباستثناء حواجز الطرق التابعة للجيش اللبناني فلم أرَ مقاتلاً واحداً يحمل بندقيته، وكأن الحالة الإسلامية الآنية استفادت من الحالة الفلسطينية السالفة، ورغم أن عمليات حزب الله تسبب رد فعل إسرائيلي يدفع ثمنه الأهالي، إلا أن هؤلاء الأهالي هم أنفسهم الذين يحتضنون المقاومة، ويدعمونها مادياً، ربما باعتبار أن هذا هو الخيار الوحيد بعد المرارة التي خلفتها تجربة العملية السلمية.

كادر عسكري في حزب الله: بعدوان نيسان كان نجم هذه المرحلة هو صاروخ الكاتيوشا، فأطلقنا مشروع هو ساهم بشراء صاروخ كاتيوشا لردع العدوان عن أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في الجنوب والبقاع الغربي، كان من الملفت التجاوب الكبير الذي كان من كافة طوائف الشعب اللبناني وكافة شرائحه بأن أنجحوا هذا المشروع، مثلاً كنا نرى أن الأطفال بيجيبوا ها الأجج بتاعيتهم اللي كانوا يخبوا فيها بعض الأموال لوقت من الأوقات كانوا يجوا ويدفعوا هذه الأموال، يكسروه الأجه والحصالة بتاعيته، ويدفع هذه الأموال لدعم المقاومة، أيضاً كنا نرى كثيراً من النساء الذين يأتون إلى مراكزنا، ويقومون بنزع ما يلبسونه من حلي وذهب أيضاً لدعم هذه المقاومة.

أسعد طه: المعلومات القليلة المتداولة عن السياسات العسكرية لحزب الله تفيد أن كل أعضائه ملزمون بالمشاركة في العمل العسكري، وبغض النظر عن مواقعهم الإدارية أو القيادية، وتتمتع قواته بدرجة عالية من الانضباط، وهو يحيط تحركاتها وهوية قياداتها بالسرية والكتمان الشديدين مما أدى إلى إخفاق الكيان الإسرائيلي في اختراق صفوفها أو جمع معلومات عن نواياها الهجومية أو حتى الكشف عن المتعاونين معها في مناطق الاحتلال.

ورغم أن رجال المقاومة يشنون حرب عصابات إلا أنهم يمارسون في الأغلب أسلوب الجيوش، فهم يمتلكون زمام المبادئة.. ويبادرون إلى شن هجماتهم بإسناد مدفعي وصاروخي غالباً ما يحقق إصابات بالغة الدقة، وهي هجمات تتم في وضح النهار، وليس فقط ليلاً، وهم يتسللون إلى المواقع الإسرائيلية، ويحتلونها أحياناً ثم يتخلون عنها، وذلك على الرغم من أحدث التقنيات التكنولوجية التي يستخدمها الكيان الإسرائيلي لحماية قواته في الجنوب اللبناني.

مداخل 3: هذه المقاومة تتمتع بمزايا المقاومة الثورية، التي تتميز أهم ما تتميز به هو السرية والتنظيم الدقيق.

مدخل 4: الدقة في تحديد الأهداف، تحديد المسالك بشكل لا يستطيع العدو بأي شكل من الأشكال أن يعرفه، المفاجأة أي المباغتة، وتأمين الانسحاب.

أسعد طه: ووفقاً لتقارير المقاومة فإن عملياتها تتوزع على الكمائن والعبوات والعمليات الاستشهادية، والقصف بصواريخ الكاتيوشا والمواجهات والقنص، ويلاحظ طبقاً لهذه التقارير، ومع تطور الأداء الميداني للمقاومة الإسلامية وتراكم خبرات مخططيها ومقاتليها، فإن التركيز صار على حرب العبوات الذكية، والتي يعبر عنها الإسرائيلي بأنه يخوض يومياً حرب أدمغة، كما أن التفوق الاستخباراتي للمقاومة ساعد على تنفيذ عمليات في عمق الشريط المحتل، واستهداف مواكب كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، وإجهاض أي محاولة للتسلل، ولكن يبقى السؤال: ما هي الجدوى العسكرية لتفجير عبوة هنا أو هناك، أو نصب كمين، أو الهجوم على موقع ثم الانسحاب منه.

مداخل 4: العمل الثوري هو عمل لا يحتل الأرض، وإنما يطرد العدو عن طريق إزعاجه وتكبيده خسائر، مثلاً الفيتناميين لم يقاتلوا، ولكنهم استطاعوا أن يجبروا الولايات المتحدة الأميركية على إخلاء فيتنام، يعني يتكبد العدو من الخسائر ما يضطره لأن ينسحب، ليس لدى المقاومة لا دبابات ولا أساطيل ولا طائرات، ولكن هذا النزف اليومي للعدو، يومياً قتيل وجريح، قتلى وجرحى، هذا النزف اليومي للعدو يضطره إلى الانسحاب.

أسعد طه: وبلغة الأرقام فإن قراءة للمعدلات العامة السنوية لإجمالي عمليات المقاومة تظهر المنحى التصاعدي لهذه العمليات، والتي بلغ متوسط معدَّلها في الفترة من عام 89 إلى عام 91 مائتي واثنين وتسعين عملية، في مقابل أربعمائة وخمسة وستين عملية، في الفترة بين عام 92 إلى عام 94، في حين بلغ متوسط الأعوام الثلاثة الأخيرة من عام 95 إلى عام 97 تسعمائة وستة وثلاثين عملية، وإجمالاً فقد بلغ إسهام المقاومة الإسلامية وحدها ما متوسطه سبعمائة وستة وثلاثين عملية.

جملة من الإنجازات حققتها المقاومة في جنوب لبنان، على رأسها أنها استخفَّت بسمعة الجيش الذي لا يقهر، وأثبتت عجزه في مواجهة الرجال البسطاء، الذين يتحولون أحياناً إلى قنابل بشرية، وأكدت قدرة الشعوب على الفعل الإيجابي والمؤثر بعيداً عن الخطابة والشعارات السياسية، كما أنها أثارت الهلع سواء في صفوف الجنود الإسرائيليين العاملين في جنوب لبنان أو في قلوب أهاليهم مما انعكس لغطاً يدور الآن بالمجتمع الإسرائيلي عن جدوى البقاء في الأراضي اللبنانية، غير أن منطق المقاومة وفق الإمكانات المتاحة فينا من لا يقبل ولا يصدق نتائجه، ويعده خياراً غير حضاري.

الأمين العام لحزب الله، هل ستمتد عملياتكم العسكرية إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة؟

حسن نصر الله: أنا قلت في بعض المناسبات أنه إذا قام العدو الإسرائيلي بضرب بنى تحتية أو قام بتطوير الحرب على لبنان حينئذ نحن سنقوم بعمليات في داخل فلسطين بدون أي شك، وسنضرب في أي مكان يمكن أن تصل إليه أيدينا، وسيكون لهذه العمليات طابعها الدفاعي، لأننا نواجه في معركة قام العدو بتطويرها.

أسعد طه: المقاومة الإسلامية استحدثت أسلوباً جديداً في حربها النفسية مع القوات الإسرائيلية، وذلك بتصويرها العمليات التي يقوم بها رجالها، ثم بثها من خلال تليفزيون (المنار) التابع لحزب الله، وهو ما يقطع على الجيش الإسرائيلي أي محاولة لإنكار خسائر هذه العمليات في صفوفه، وقد حصلنا على بعض من هذه الأفلام المصوَّرة.

بدورنا قمنا بمتابعة ورصد عملية قامت بها إحدى المجموعات المقاتلة التابعة لحزب الله ضد موقع إسرائيلي في (سُجُد)، الواقعة على جبل صافي في الشريط المحتل شهدنا العملية منذ البداية، ثم منعنا لاحقاً من التوغُّل مع القوة، ثم رصدناها في نهايتها.

مقاتل في حزب الله: أنا صار لي 13 سنة بعمل المقاومة، وراح أطول، طول ما أقدر أعطي إلى أن أستشهد، طول ما بأقدر أعطي بأظلي أعطي، أشد فترة وأصعب فترة بس تيجي لهون .. ما تضيع، بس أثناء المعركة أصلاً ما بتفكر بإشي تفكر تقوم بتكليفك وواجبك.. ومع الله يعني بس..

وبأتمنى إنه أعيش حياة هدوء، وولادي يتعلموا، ونعيش مثل العالم اللي عايشة.

مرشد في حزب الله: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) صدق الله العلي العظيم. وظيفتنا هي توعية المجاهدين وإرشادهم ومؤازرتهم والعمل معهم.

كادر عسكري 1: يعني مثلاً هلا تحصينات العدو سواتر العدو إذا بترمي عليهم مدافع مباشرة راح تصطدم بالسواتر وبتحصيناته، بينما هذا بيجي من خلف التحصينات، يعني سقوط القذيفة يجي 85 درجة سقوط غير في السقوط طالتها، هذا ما يؤثر على تضعضع العدو بداخل المواقع وعدم تحركهم بسهولة من داخل المواقع.

كادر عسكري 2: الفوج موجود بمنطقة العشية اللي هي قلنا قبل شوي منطقة عمل، إنه العشية..، مهام هذا الفوج أنه بتطلع منه السرية تتموضع بالريحان.. بالريحان عندنا ثكنتين، ثكنة محمية وثكنة يهودية.

حسن نصر الله: نحن نخوض حرب استنزاف، لا نخوض حرب كلاسيكية، نخوض حرب استنزاف وحرب عصابات، ونحن واثقون من أننا سنتمكن -إن شاء الله – من تحرير الجنوب والبقاع الغربي، يعني كما تراني وأراك.

أسعد طه: زخمٌ غير عادي من النضالات والجهود تواكب عمليات المقاومة، وقدر هائل من التضحيات المبذولة بصورة يومية.

كادر عسكري 3: كان هناك إخوة من السودان، إخوة من سوريا، إخوة من الأردن، من مصر، من ليبيا، ومن دول أخرى، هذه الدول الرئيسية التي كانت طبعاً يأتون إليها إلى داخل السجون أعداد كبيرة كان يتم أسرهم عبر حدود سيناء، الأردن، سورياً ولبنان، وبشكل خاص لبنان.

هناك ظروف كثيرة وأساليب كثيرة يستعملها العدو، منها الضرب، وقف طول.. طول اليوم في.. في الزنازين، الزنزانة عبارة عن أقل من مترين، ليس فيها أي شيء (..) داخل.. داخل الزنزانة، حتى.. الإنسان كانت سباطة أو صرمايته [حذاءه] اللي كان.. كان يعطوه إياها، كان الأكل طعام معدوم، يعني شبه المعدوم شقتين خبز عن الصبح وعند الظهر نفس الشيء وعند العشية، فكانت الحياة صعبة جداً، وكان الضرب والتعذيب بالكهرباء والأدوات الأخرى من التي كانوا يستعملونا من.. من أجل أذية الإنسان المعتقل.

أسعد طه: إنها حرب حقيقية تدور كل يوم وكل لحظة، أبطالها لا يرتدون رباط العنق، ولا يسكنون الفنادق الفاخرة، ولا ينظرون أمام شاشات التلفاز، وهم كثر، منهم ذاك الرجل الذي قدم من أبنائه شهيدين.

والد شهيدين: استشهد الشهيد علي رضوان الله عليه، والآن هو ضريحه في تلك الأرض، الله -سبحانه وتعالى- سخر لنا رجل دين الأشلاء يعني جمعها وصلَّى عليها واندفن، فيه إله ضريح يعني، بعد ذلك الشهيد محمد هو كان أصلاً يعني ملتحق بالمقاومة من قبل علي، نعم.

صوت شهيد من حزب الله: لقد عاهدت الله -تعالى- وعاهدتكم أن أمضي في سبيل الله حاملاً دمي على كفي مازجه بتراب (عاملة) كما امتزجت دماؤكم بتراب كربلاء المقدسة، وها أنا ذا اليوم أفي لكم بعهدي الذي قطعته على نفسي.

إلى أهلي الأعزاء الصامدين في الشريط الحدودي المحتل بعد قليل من هذه الكلمات -إن شاء الله- سيصبح جسدي ناراً تحرق المحتل الصهيوني، الذي يمعن كل يوم وكل لحظة في تعذيبكم، ويظن أنه يذلكم، ولكن هيهات، نهايته -إن شاء الله- قريبة على أيدي مجاهدي المقاومة الإسلامية.

والد الشهيدين: الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- يعني بكي على ابنه إبراهيم، هذا موجود، وهذا عندي موجود، وعند كل إنسان موجودة هذه العاطفة، لكن لما يجي الواجب أنه فيه كرامات بدها تداس، عزة وكرامة لها الأمة بدها تداس، من قبل مين؟ قبل اليهود، فما بنستطيع نصبر.

أسعد طه: إنها ليست حالة استثنائية، فالبيوت هنا تزدان بالشهداء، وكوثر اليتيمة تفخر بوالدها.

كوثر: كنا بوقتها مع بينا عايشين، بس الوقت ما صارش.. صار فيه حزن وفجيعة، افتقدناه نحنا وعشنا بلاه، خصوصاً وإنه إحنا بحاجة لإله، لأنه كلنا بنات، نحنا كلنا بنات يعني ما عندنا صبي ولا صبي، نحنا يعني بحاجة لبينا.

كان مؤمن كتير بيصلي بخشوع، وما.. ما بيقطش شيء، ومؤمن كتير وبيحب ربه كتير، وكان يعني بيعطي الفقراء، وبيساعد يعني المحتاجين، كان كثير متعلق بربه.

أسعد طه: أيه أحلى حاجة كنت بتحبيها في بابا؟

كوثر: إنه كان كثير يظل (..) ويلعبنا وينيمنا حتى.

أسعد طه: يا لوعة أطفالنا، تفاخرهم كوثر، تتباهى عليهم، أبي ما مات، أبي ما انحنى رأسه، ما انكسر، أبي انتصر.

ليس كل من يحمل بندقية هو إرهابي، وليس كل من يجلس إلى طاولة المفاوضات داعية للسلام، نقطة التقاء بين حزب الله ومختلف التيارات العربية الأصيلة، الحقوق من العدو تنتزع، والانحناء أمامه لا يكون إلا لزرع القنبلة.

السلام عليكم.