شيء من التاريخ - حصار بيروت الجزء الثاني والأخير - المصدر2452001
شيء من التاريخ

حصار بيروت الجزء الثاني والأخير

الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 82، فصل هام من تأريخ لبنان والمقاومة الفلسطينية، واستعراض ملابسات الاجتياح والظروف التي حفت بخروج المقاومة من لبنان.

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

– حصار بيروت والمفاوضات لإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان
– أسباب خروج المقاومة من لبنان، وما ترتب على ذلك

– انتخاب بشير الجميل رئيساً للبنان وعلاقته بإسرائيل

– اغتيال بشير الجميل ومذبحة صبرا وشاتيلا

أسعد طه: مع مرور الزمن تزعزع الميثاق الوطني الذي قامت الدولة اللبنانية عليه بعد الاستقلال، فثارت الخلافات الداخلية واحتدت مع وجود الفدائيين على الأراضي اللبنانية.

السلام عليكم.. كان أن اندلعت الحرب كاشفة عن انشقاقات بالغة، لا في لبنان وحسب وإنما في كل أطراف الصف العربي، ولم يتأخر العدو الصهيوني عن انتهاز الفرصة ليجد له حلفاء في لبنان، فيقوم باجتياحه ويصل إلى العاصمة بيروت. هذا ما تعرضنا له في الحلقة الماضية، واليوم سنتابع معاً محنة بيروت، بيروت التي تعرضت خلال ثلاثة شهور لأطنان من القذائف وسط انقسام العالم الخارجي بين موافقة أميركية وعجز عربي تخلله انعقاد دورات طارئة وتشكيل لجان متابعة. ثلاثة شهور وبيروت تخوض وحيدةً هذه الحرب التي اعتبرها البعض آخر المواجهات المباشرة بين المقاومة العربية والمشروع الصهيوني.

مواطن لبناني: زتَّوا مناشير أول مرة وإنه أساس إنه اللبنانيين اللي ببيروت يغادروها ما حدا استجاب ما.. من بيغادر بلده.

سيدة لبنانية (1): أكثر شي الواحد بيتذكر بالحصار هو اليوم الطويل للقصف، اليوم كان فيه (نيوجيرسي) عم تقصف من البحر وكان المدافع من التلال المحيطة ببيروت كانت عم بتقصف، وبنفس الوقت كان الطيران، فكان يقدر إنه القذائف اللي كانت تنزل بالدقيقة حوالي 95 ألف قذيفة، وفعلاً كنا عم بنشعر إنه القذائف مثل الشتا كانت علينا.

سيدة لبنانية (2): فكانوا عم بيرشوا بالناس بشارع "الحمرا" يا اللي قدام الفرن عم بيشتروا بشكل كتير صعب وصفه، الناس عم بتقع هيك وهيه إلا اللي قدر يخبي له بزاوية معينة، وكان منظر كتير بشع، الخبز مع الناس طلعت أكلة شهية لها الاجتياح الصعب اللي عشناه.

سيدة لبنانية (3): كنا نتعشى على ضو القنابل المضيئة يا اللي كانت تزتها إسرائيل حتى تستكشف بالليل، كنا نقعد على الشباك ونحط عشانا على الشباك على ضوء القنابل المضيئة!!

مواطن لبناني (2): كانت الأصوات.. التفجيرات توصل المواطن إلى حالة من الانهيار العصبي تجاه ضخامة القصف.

مواطن لبناني (3): انضربت الخزانات البناية فنزل هاي المي كلياته مخلوط مادة فسفورية.. وهذه قذايف فسفورية بيسموها، مع المي نزلت ونزلت علينا، فلما ركضنا ونزلنا وبعدنا عن المي صرنا نولع لحالنا ثيابنا، فاضطرينا نشلح ثيابنا بوقتها من شان ما نولع يعني!!

مواطن لبناني (4): فيه 3، 4 بنايات دمرت بقنابل فراغية، نزلت بمن فيها، فيه عندنا.. فيه واحد صاحبي راح يجيب خبز لعيلته كان أخته و ولادها ومرته وولادها الأربعة، رجع كي يجيب الخبز وإجى لقى البناية كلها على الأرض ما فيه حدا منها زمط طيب أبداً بما فيها عليته وعيلة أخته.

سيدة (1): النسوان عم بتطبخ، الشباب والصبايا عم بيوزعوا الأكل على الكمائن، ناس عم بتفوت معلومات عن الهجانين على الكمبيوتر، يعني كل واحد كان إله دور، فعلاً اللي بقيوا ببيروت كلهم كانوا متضامين وعم بيشكلوا حالة معينة من.. من المقاومة بس بشكل آخر.

مواطن لبناني (5): افتقدنا للأدوية أكثر شيء والحليب وغذاء الأطفال هذا اللي كان مؤثر علينا، كنا نحاول نهربه أو نشوف مين وين انباع فيه سوبر ماركت أو محلات موجودة فيها كنا نشتريها ونساعد بعض، كان التضامن كتير قوي، خاصة للناس اللي ظلوا ببيروت كان خيارهم يظلوا رغم كل الظروف الصعبة ورغم كل الظروف القاسية بس كنا عايشين –بأتذكر هلا- إنه بمرحلة خوف وقلق وتوتر كبير، وأنا برأيي.. أنا واحد من الناس اللي ما بيتذكرها إلا.
بكوا بيس.

مواطن لبناني (6): أنا رأيي اللي بقيوا ببيروت كلهم كانوا حاسين بالموت إنه الموت جاي، ما عندهم أمل إنه يعيشوا، فكانوا عم بيعيشوا حياتهم بعفويتها وبحقيقتها، يعني كانوا متجردين كتير بهذا المعنى، فكنت تشوف الناس على حقيقتها 100%، ما أنه.. ما أنه مضطر يمثل ولا يمالق ولا شيء، ما إله مصالح لقدام مع حدا، إنه هلا بكرة ميت.

حصار بيروت والمفاوضات لإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان

undefined

أسعد طه: في هذه المرحلة شكلت الأطراف المتنازعة ما أطلق عليه "هيئة الإنقاذ الوطني"، لكن هذه الهيئة سرعان ما تفككت لاختلاف مواقف أعضائها بين مؤيد لوجود المقاومة الفلسطينية ومعارض عنيد لها، ومن ثم تم اللجوء إلى حكم خارجي أرسلته الولايات المتحدة الأميركية. لكن مواقف المبعوث الأميركي (فيليب حبيب) عبرت عن تحالف إسرائيلي-أميركي عازم على اقتلاع المقاومة الفلسطينية من لبنان، ممثلة برئيس الوزراء شفيق الوزان من توحيد الصف اللبناني الفلسطيني لمواجهة العدو الإسرائيلي.

وليد جنبلاط (قيادي في الحركة الوطنية اللبنانية): هيئة الإنقاذ كانت تضم بشير الجميل شخصياً و فؤاد بطرس و شفيق الوزان كان رئيس وزراء آنذاك، مصري المعلوف ومين بعد؟ نبيه بري، اجتمعنا ثلاثة مرات فيما يسمى "هيئة الإنقاذ الوطني". وعندما رأيت أن مهمة هيئة الإنقاذ الوطني كانت –إذا صح التعبير حسب ما لخصته شخصياً- "دفن الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان"، خرجت من الهيئة. بعد فشل هيئة الإنقاذ بعدها تابعت السلطة اللبنانية.. تابعت السلطة اللبنانية المحادثات عبر شفيق الوزان والفلسطينيين، يعني ترتيب –إذا صح التعبير- لإخراج الفلسطينيين من لبنان، وهذا الأمر استغرق عدة أشهر، يعني من حزيران إلى أيلول، وكانت تتخلل هذه الـ.. هذا الأمر حفلات القصف الهائلة التي كان يقوم بها الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع القوات على بيروت.

شفيق الوزان (رئيس الحكومة اللبنانية السابق): وصارت مفاوضات متعبة، سواءً فيما بين الفلسطينيين بذاتهم، وأنا حضرت أكتر من اجتماع بين القادة، اتسمع اللي عم بيقولوه حتى لأستوعب وإنما أنا لا أقرر شيء، هم يقررون ويبلغوني نتيجة القرار فأحمله إلى (حبيب)، وهو يحمله بعدين إلى الإسرائيليين.

جورج حاوي (رئيس الحزب الشيوعي اللبناني سابقاً): كانت المفاوضات تجري بالواسطة كان هناك ضابط وطني لبناني العميد خريتم ينقل مقترحات فيليب حبيب الذي ينقلها عن الإسرائيليين، خريتم كان ينقلها للحكومة اللبنانية لشفيق الوزان ، ولكن كان ينقلها للقيادة الفلسطينية.

وليد جنبلاط: إذا عدنا إلى معنويات أهل بيروت كانت هائلة، كانت هائلة، لا أنسى هذاك النهار الأطول من القصف ابتداء بـ 12 بالليل وانتهى بتاني يوم الساعة 5، وقبل أن.. يعني قبل الـ 5 دقائق كل شوارع بيروت كانت مليانة من الناس، عم بيهنوا بعضهم ويقولوا: "حمد لله على السلامة".

جورج حاوي: كان البعض يريد من خلال تشديد الحصار والقصف.. والقصف ودك بيروت 12 ساعة بالطيران أكثر من مرة، مع حرمانها لقمة العيش والماء والكهرباء والمازوت والبنزين وسوى ذلك، كان يريد ليس خروج الفلسطينيين.. قبل أن يوقعوا صك الاستسلام.

كريم بقرادوني (نائب رئيس الكتائب اللبنانية): كان هناك تناغم تام، في كل مرة.. في كل مرة يتصلب الفلسطينيون في المفاوضات كان من جهة الإسرائيليين يقصفون، من جهة تانية يمنعون إما الطحين إما المياه.

شفيق الوزان: ما استخدموا علينا شخصياً، استخدموا على الشعب، قام الشعب علينا، هو اللي يضغط علينا، فأصبح المطلب مطلب شعبي ولا هو في الأصل إسرائيلي وهو يؤذينا ويؤذي قضيتنا.

كريم بقرادوني: كان هناك تناغم بين القصف العسكري والضغط على الناس، كانت هذه وسيلة من وسائل (فيليب حبيب) و(آرييل شارون)، وخاصة فيليب حبيب اللي كان الذي يدير مفاوضات مع الفلسطينيين، وبذات الوقت يدير المفاوضات مع الإسرائيليين.

شفيق الوزان: وفيليب حبيب طبعاً عم بيمثل دولته في التوجهات وفي كذا، وإنما فيه رغبة إنه يخلصوا من الوجود الفلسطيني العسكري في بيروت في تلك المرحلة.
أسعد طه: كانت المعركة تهدف إلى إثارة الشارع اللبناني ضد المقاومة الفلسطينية والقوى اللبنانية المساندة لها، وكانت الوسيلة التي استخدمها الإسرائيليون وحلفاؤهم هي تعزيز الشعور لدى المواطنين بأن القصف اليومي لن يتوقف إلا بخروج من سموهم بـ (المخربين) في هذه الظروف بدأت كل من الحكومة اللبنانية والحركة الوطنية وحتى المقاومة الفلسطينية بالتأكد من أنه لا مفر من الاستسلام حقناً للدماء. وبدأ القادة الفلسطينيون يبحثون عن صيغة اتفاق تحفظ ماء الوجه وتضمن سلامة ما تبقى من قواهم.

فاروق القدومي (رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية): حقيقة الأمر يعني بالنسبة إلى لبنان نحن نعرف إنه هناك من يعارض الثورة الفلسطينية، وهي قيادات لها علاقات غربية، ولكن الشعب اللبناني يعني شعب عربي أصيل، احتضن هذه الثورة حقيقة، ضحى الشعب اللبناني، مئات الآلاف من الشهداء سقطوا مع.. مع الشهداء الفلسطينيين، الجنوب كله، شوف الجنوب قد إيش تعرض إلى هذه الهجمات إلى هذا الدمار، يعني صحيح أنَّا لم نقصر في إنه نقدم ما يمكن أن نقدمه، ولكن الشعب –بالفعل- اللبناني قدم الشيء الكثير للثورة الفلسطينية، والآن هذه المقاومة –التي تراها- الباسلة للشعب اللبناني. طبعاً دائماً أصحاب السلطة هم أصحاب السلطة، مصالحهم هي مصالح ضيقة وفردية، في كل البلاد.

منح الصلح (مستشار الرئيس اللبناني السابق إلياس سركيس): عمَّ الشعور في لبنان في ذلك الوقت وفي بيروت بنوع خاص أنه ما دام هناك تنقل فلسطيني داخل بيروت فمعنى ذلك أن بيروت معرضة للضرب المتواصل والمشتد، وهذا خلق بالنهاية تذمراً ثم رفضاً للوجود الفلسطيني.

شفيق الوزان: نحن كدولة لبنانية لم نطلب منهم الخروج، بلغونا بواسطة فيليب حبيب إنه الشيء ما بينتهي إلا بخروج كل القوى غير اللبنانية من بيروت، أصبح هون يا بدك تقبل أو ما بدك تقبل، حاولنا إن ما نقبل، كان القصف علينا لمدة 24 ساعة من المدفعية بجبال (عدي) ومن البحر من الشاطئ هو قرب الشوران ومن الجوا بالطيران يعني الناس اهترت اهتزاء كامل.

منح الصلح: أنا أعتقد أنه لم يكن مفر من الخروج، كان ذلك أهون الشرور على جميع الأطراف، لأن الفلسطينيين يتضررون كثيراً عندما يقال أنهم: يحاربون بالعرب الآخرين لا بأنفسهم.

وليد جنبلاط: كانت حساباتنا نحن كحركة وطنية الاستعداد لمواجهة اليمين اللبناني.. الاستعداد لمواجهة اليمين اللبناني، وكانت حساباتي الخاصة الحماية الجبل، حماية الجبل أي وصلة (جزين) سوق الغرب.

جورج حاوي: من جهتنا كنا ندرك أن نسبة القوى مع ما نعرفه من تواطؤ.. من.. من تغطية أميركية، العدوان أميركي كان، بس ما نعرفه من تواطؤ عربي رسمي مع العدوان، أن في النهاية أفضل ما يمكن أن نصل إليه هو أن تخرج المقاومة الفلسطينية من بيروت دون أن تضطر لتقديم تنازلات تمس جوهر القضية الفلسطينية.

شفيق الوزان : وكان فيليب حبيب سألني –بعد ما تمت اجتماعات بين الفلسطينيين وإعلان رغبتهم إنه لأ.. هم بينسحبوا سألني: طيب هل معك يا فلان تعهد خَطَّى منهم بالانسحاب؟ قلت له: لأ.. ما طلبت منهم. قال لي: ما بيصير، لازم يجي. ها الجولة كانت من أصعب الجولات، من أصعب الجولات إلي مع الفلسطينيين في البداية، بس لأن أقنعهم إنه أنتوا أعطونا.. أعطونا كتاب، هلاّ الشيء ما كان يتم.. القادة الفلسطينيين اللي تبين فيما بعد من.. من الكتابات اللي كتبوها ببعض الصحف أو بعض المجلات أو بعض الكتب، كانوا عَمَّال (يغدوا) الوقت.

كريم بقرادوني: الضغط اللبناني كان مرات في غير وقته، يعني كان يريد أن يمسك أيضاً بتوقيت خروجه حتى يبقى مفاوضاً لتأمين الخروج، بس أنا قناعتي أن أبو عمار وحتى منذ البداية أن الخروج حتمي، وبدأ يحسن شروط الخروج.

شفيق الوزان: أذكر أنه آخر جلسة عملوها إخواننا الفلسطينيين عند الرئيس..، كان أبو إياد و هاني الحسن و عرفات وكذا، أنا ما كنت حاضر ها الاجتماع.. أنا ما كنت حاضر، لأنه هذا كان اجتماع شعبي مش اجتماع رسمي. أنا اللي فهمته إنه اجتهد اشتد الجدال فيما بيناتهم، والأهم أتى من تقي الدين الصلح قال لهم: أنا بدي أطرح سؤالين، إن واحد منهم إجابة نحن ما بنحط إيدنا بها القصة لخروج الفلسطينيين، أما إذا كان ما فيه إجابة، بدنا نلاقي الجواب منكم.

قال له: هل لديكم سلاح حتى الآن لم تستعملوه ضد إسرائيل وأنتم تنتظرون استعمال هذا السلاح لتغيروا من موازين القوى؟ طبعاً قالوا: له لا. قال له: طيب.. سؤال تاني: هل أنتم موعودون من جهة دولية أو جهة إقليمية إنها بتخوض الحرب معكم على أي مدى تطورت؟ قال له: لا. قال له: وعلى شو بدكم تقتلونا؟! وعلى شو بدكم تهدمونا؟! اكتفوا من التمن اللي دفعه لبنان لحَدَّيت هّلا، وشوفوا أنتو كيف بتتابعوا القضية، ونحن معكم. وانتهى الاجتماع، وأتاني تليفون من صائب بيك قال لي: الإخوان كانوا عندنا، وتفاهمنا إنه يقدموا الكتاب اللي مطلوب منهم إنه القادة الفلسطينيين والمقاتلين بيغادروا بيروت.

أحمد جبريل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/القيادة العامة): وكان في النهاية للأسف اتفاقهم مع فيليب حبيب بغيابنا إحنا وباتفاقات سرية هو إخراج كل الفلسطينيين المقاتلين من كل لبنان، مو بس من بيروت.. من كل لبنان، وإخراجهم إلى المنافي. إحنا رفضنا يومتها، قلنا: نعم نحن خسرنا بـ 82، خسرنا هذه المعركة، ولكن لم نخسر الحرب.

أسباب خروج المقاومة من لبنان، وما ترتب على ذلك


undefined

أسعد طه: بدت المعركة خاسرة منذ البداية، لكن المقاومة حاولت الصمود أطول فترة ممكنة لتتمكن من التفاوض من موقع القوة. وكما كان لكل فصيل من المقاومة حساباته الخاصة في الحرب، كان أيضاً فصيل حساباته الخاصة في التفاوض. لكن القرار النهائي كان بيد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات. فما الذي دفع به للقبول بتسليم السلاح والخروج من بيروت في تلك الأثناء؟

منح الصلح: أعتقد ثلاثة عناصر: أولاً: المدفع الإسرائيلي.
ثانياً: تكاثر عدد اللبنانيين المطالبين لعرفات بالخروج.
ثالثاً: وجود رأي عام عربي رسمي يقول أن هذا هو الحل.

وليد جنبلاط: الحساب الاستراتيجي للأسف مع عرفات كان مقابل الخروج من لبنان لابد أن أعطى شيء في فلسطين، هذه كانت حسابات عرفات آنذاك والتي أدت –فيما أدت- إلى هذا الكيان الهَشَ أو السلطة الهَشة الفلسطينية الحالية، هذه كانت حسابات عرفات.

منح الصلح: كان ياسر عرفات يعتقد –كما تبين هذه الكلمات- أنه إذا حَوَّل لبنان إلى جحيم فإن ذلك سيخيف أميركا باعتبار أميركا تغار على هذا البلد الديمقراطي، وبالنتيجة تتدخل لإجراء مساومة معه.

وليد جنبلاط: وكان يريد أيضاً –هذا رأيي- إضعاف الاحتضان السوري، طيب، عندما دخلت.. عندما دخلت إسرائيل ضربت الفلسطينيين طبعاً لكن أيضاً ضربت سوريا، وسوريا آنذاك سنة 82 منيت بخسائر فادحة، وعرفات لم يخرج من بيروت إلى دمشق، خرج من بيروت إلى أثينا، كمان بالحسابات السياسية إلها.. إلها تأثير، الفصائل الموالية لسوريا حتى جورج حبش ذهب إلى دمشق، جورج حبش إذن مش غلطان، أما عرفات ذهب إلى أثينا كله بالسياسة بتلعب دور.

كريم بقرادوني: طبعاً، أبو عمار كان مصراً على أمرين: الأمر الأول.. أن الخروج العسكري لا يترجم بالهزيمة، هايدا أمر كان مُصر عليه.

اتنين: أن يستطيع أن يؤمن.. يضمن هذا الخروج، لأنه كان متخوفاً.. إن في البحر وإن في البحر، يعني ما كان عند ضمانات خاصة وأنه الإسرائيليين قادرين على.. كانوا يعملوا عملية برية ويقتلون كل.. القيادات الفلسطينية دفعة واحدة والكوادر، أو يعملون عملية بحرية.

جورج حاوي: في هذا السياق عندما نضجت الظروف وأخذنا أكثر ما يمكن أن يؤخذ، فلتسقط المزايدات جانباً، لم يكن بالإمكان أن ينجح ياسر عرفات في أي نقطة إضافية في اتفاق الخروج من بيروت، بما في ذلك في شكل السلاح وحجم سلاح الصغير والمتوسط والـ (7.B) والخروج بكرامة قدر الإمكان، بعضهم في الشاحنات إلى دمشق وهو في الباخرة إلى أثينا، بعدما أن أرسلنا الرفيق نجيب عبد الصمد من قيادة حزبنا إلى اليونان للاتفاق مع الحزب الشيوعي اليوناني (وبابا أندريو) آنذاك لاستقبال عرفات كأحد المخارج بعد ما رفضت الأنظمة العربية استقباله.

شفيق الوزان: مر بذهني بلحظات شو ذنبي أنا.. شو عامل يا زمن حتى يكون أنا اللي عمال استلم هذا الكتاب من الفلسطينيين إذا بدهم يظهروا؟!! قمت إلى غرفتي، كنت أضع المصحف الكريم في جرّار أمام سريري ألجأ إليه للسكينة وراحة النفس في ظروف صعبة. أخدت هذا المصحف ورحت عند عرفات أمام الحاضرين، قلت له: يا أخ عرفات أنت سلمتني كتاب أنت كتبته، وأنا أسلمك كتاب رب العالمين، وعهدي شرفاً ووطنياً أن أرعى الفلسطينيين الباقين كما أرعى اللبنانيين.

تم الاتفاق في النهاية على أن يتم الأمر بحراً، لأنه كان ذلك مضمون من أميركا ومن فرنسا ومن إيطاليا، ولما تحقق الخروج بهذه السهولة للأفواج اللي كانت آخذة على جدول الخروج مركزها تبدل بعض الأفواج اللي كان المفروض تظهر من غير البحر إنهم لأ ليظهروا بالبحر.

انتخاب بشير الجميل رئيساً للبنان وعلاقته بإسرائيل

أسعد طه: كان خروج المقاومة الفلسطينية حلقة جديدة من حلقات المحنة العربية التي صار مركزها بيروت، وكانت مقدمات هذه الحلقة قد بدأت حين شرع بشير الجميل في تسلق سلم رئاسة الجمهورية، وعقده لقاء مع وزير الدفاع الإسرائيلي شارون في شهر يناير/كانون الثاني من عام 82 في بيروت الشرقية لبحث هذا الأمر. بشير الجميل كان يعلم أن مشروع بناء وطن لبناني بمعزل عن المحيط العربي لن يتحقق إلا بمساعدة خارجية، ففضل أن يرشح نفسه في ظل حماية الدبابات الإسرائيلية.

كريم بقرادوني: بشير هو رئيس عصابة تحول إلى رئيس جمهورية، يعني هناك عدة وجوه لبشير الجميل، بشير كان يعتبر أنه الحل في إقامة دولة مسيحية إنه كل ها المسألة يعني موقف الكتائب وموقف بيير الجميل الذي كان يتكلم عن صيغة التعايش في إحدى.. في إحدى المهرجانات يعني خطابات بشير قال: "الصيغة قبرتها وسأضع حراساً على هذا القبر كي لا تقوم". يعني كان واضحاً.. وفعلاً. وكان بشير في طرحه يذهب من التقسيم إلى نوع من الفيدرالية، أنه لبنان بصيغته الحالية التعايش الإسلامي –المسيحي غير ممكن، وهذا مصدر توتر مستمر، وبالتالي يجب إن يكون عندنا الجرأة الفكرية والسياسية أن نقول أن هناك دولتين، ممكن لهاتين الدولتين أن.. تجدا صيغة كونفدرالية أو فيدرالية، ولكن يجب الاعتراف بوجود ثقافتين وحضارتين ومجتمعين وكل ذلك. يعني هذه نظرة.. بدأ بشير.. فلسفته السياسية انطلقت من هذه النقطة بالذات هلا.. هذا بشير الأول يعني بشير الميلشياوي عندما بدأ وكان على يمين الجميع يعني بتطرفه، ولهذا السبب هذا الذي قاده إلى إسرائيل طبيعياً، يعني عندما تريد.. أن تكون.. تقيم مشروع دولة مسيحية الحليف الطبيعي لكم هو الدولة الدينية الأخرى التي هي الدولة اليهودية.

شفيق الوزان: أنا كنت رئيس للحكومة، ولم أتدخل بانتخابات بشير الجميل، ونصحت أكثر من مرة بعدم انتخابه، وكان رأي البعض خلاف ذلك حتى من بعض المسلمين اللي اشتركوا في انتخابه.

منح الصلح: لقد كنا في المؤتمر الإسلامي ضد انتخاب بشير الجميل، نحن كمؤتمر إسلامي كنا ضد انتخاب بشير الجميل، وبقينا على هذا الموقف.

وليد جنبلاط: وتمسكنا بهذا الموقف وعارضناه كحركة وطنية ولم يعني إلى آخر لحظة، طبعاً لم نستطع عملياً أن نضغط على جميع النواب، لأن النواب كانوا في حالة شتات وضغوط مالية وسياسية وأمنية، لكن يعني هذا كان موقفنا الأساسي.

منح الصلح: ذهب اثنان لمقابلته بعد أن انتخب كجزء من عملية خلق مناخ جديد والخروج من المحنة التي كان فيها لبنان موجودة.

أسعد طه: انتخب بشير الجميل في الثالث والعشرين من شهر أغسطس/آب رئيساً للجمهورية اللبنانية، وأعيد انتشار الجيش السوري في لبنان وفق اتفاق عقده فيليب حبيب مع ياسر عرفات والرئيس السوري حافظ الأسد. وكان قد سبق ذلك موافقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع في الثاني من شهر أغسطس/آب على مشروع قرار يدعو إلى موقف إطلاق النار في بيروت، ورفع الحصار عنها، ودخول المراقبين الدوليين إليها. وبدأ خروج الفدائيين من بيروت في الواحد والعشرين من شهر أغسطس/آب مع وصول القوات متعددة الجنسيات إليها. لكن خروج المقاومة بدا مذلاً للجميع. للفدائيين الذين أجبروا على الخروج مجردين من أسلحتهم وهي رمز هويتهم، تاركين خلفهم لاجئين في مخيمات دون حماية. وللدول العربية حيث خرج قسم كبير من المقاومة الفلسطينية في ظل حماية أجنبية وعلى متن سفن أجنبية ماضين إلى الشتات. ومذلاً كذلك للبنان لأن خروج الفدائيين مثَّل انتصاراً للتيار الذي يتزعمه بشير الجميل المتحالف مع العدو الصهيوني.

كريم بقرادوني: أنا أعتقد أن أبو عمار منذ اللحظة ومنذ بدء الحصار كان قد قرر الخروج، ولكن كان يريد أن يأتي هذا الخروج بموافقة أكبر عدد من تنظيمات فلسطينية وأكبر عدد من تنظيمات لبنانية، حتى لا يبدو هذا الخروج ترك أي.. ترك الحلفاء اللبنانيين، لا يؤدي هذا الخروج إلى شرخ داخل المنظمات الفلسطينية.

وليد جنبلاط: عندما خرجت أول قافلة من الفلسطينيين.. أول قافلة مسلحين فلسطينيين بالاتفاق اللي تم بين السلطة اللبنانية وعرفات، وآنذاك خرجت من بيتي وذهبت للقاء تلك القافلة، وأطلقت النار وداعاً.

جورج حاوي: يوم الاتفاق على خروج عرفات لأنه كانت قد سبق ذلك قوافل ذهبت باتجاه دمشق كنا منذ الصباح الباكر في الشوارع تحولنا.. تحولنا.. وليد جنبلاط، نبيه بري، أنا مثلاً، إلى أطفال، إلى أطفال يملأ قلوبنا الغضب وعيوننا الدموع وإرادتنا الرغبة في الانتقام والتحرير.

كريم بقرادوني: أنا أعتقد أن خروج الفلسطينيين في تلك المرحلة كان في المسار الطبيعي للأمور، أكثر من ذلك هذه.. هذا إدعاء من قبلي قد لا يكون في محله، ولكن أعتبر أن الفلسطينيين وصلوا في مرحلة ما إلى المأزق الكامل، يعني لم يكن باستطاعتهم أن يكلموا ولم يكن باستطاعتهم أن يتراجعوا وأعتقد خروجهم من لبنان كان حلاً ما، وخروجاً ما من مأزقهم، لأنه الاستمرار كان غير ممكن في ظل الاجتياح، وبالتالي.. وبالتالي أعتقد أن كان خروج الفلسطينيين هو الخروج أيضاً من مأزق فلسطيني ما.

شفيق الوزان: وأذكر أنني حين ودعت عرفات على المرفأ كنت أقنعت رئيس الجمهورية إنه الحكومة اللبنانية تودعه وداع رسمي، وأصريت على أن يكون مشترك معي بالوداع وزير مسيحي، وإن صار اعتراض على ذلك من البعض إنه رئيس الوزارة يحجب أي وزير يعني لما رئيس الوزارة بيودع ما فيه لزوم لآخرين. قلت لهم: لأ، نحن ما إنا بظرف بروتوكولي، نحن في ظرف تاريخي، دولة فلسطين ستكون بعد سنة.. بعد عشرة بعد عشرين بعد تلاتين، والشعب الفلسطيني مثل الشعب اللبناني مسيحي ومسلم ويمكن غيره كمان.

كريم بقرادوني: أرسل الرئيس سركيس جوني عبده ليودعه، جوني عبده قال له.. للرئيس عرفات.. قال له: يا أبو عمار، أنا حامل رسالتين: رسالة من الرئيس الحالي إلياس سركيس ليودعك ويحمل لك صداقته وعاطفته، ورسالة ثانية من الرئيس المقبل أمين الجميل يقول لك بأن الفلسطينيين المدنيين هم في ذمته و في حضن الدولة اللبنانية.

وليد جنبلاط: بفضل هذا الجندي المجهول الفلسطيني يعني صمدنا –صمدنا على عشرات السنوات- عشرات السنين ضد المواجهة الإسرائيلية- اليمينية اللبنانية. هناك دم فلسطيني اندفع في لبنان يجب ألا ينسى الوطني اللبناني قيمة هذا الدم الفلسطيني في جبل صميم، في الضاحية، في رأس النبع في الجنوب، في كل موقع. يعني إساءة للتاريخ للنضال المشترك.

أسعد طه: بعد أسبوع واحد من انتخابه رئيساً للجمهورية دُعي بشير الجميل للقاء رئيس وزراء الكيان الصهيوني (مناحم بيغن) في (نهاريا). وبدا واضحاً أن إسرائيل ما أرادت إلا أن تجعل من لبنان محمية إسرائيلية ودرعاً يحمي حدودها الشمالية.

كريم بقرادوني: 31/آب نهار شهير جداً لأنه نهار خروج الفلسطينيين من لبنان، ودخول القوات الدولية إليه، وذهاب بشير بأول أيلول إلى (نهاريا) إلى إسرائيل.
اتصل بي وقال لي مازحاً: إذا ضعيتني خلال 24 ساعة لا تسأل عني!! استغربت، وصل.. وصل بشير إلى (نهاريا) كان باستقباله (رافول إيتان) (أرييل شارون) كل المجموعة، جلس وبدأ الوقت يتأخرلم يصل (بيغن)، وتأخرت بيجن تقريباً 40 دقيقة عن الموعد المحدد.

جورج حاوي: بشير الجميل خرج متوتراً من اجتماعه مع بيجن في نهاريا رافضاً أو محاولاً الرفض.. لم يكن يستطع أن يرفض. الذي يأتي به العدو يصبح رهناً بـ..، ولكنه كان يريد أن يملي عليه معاهدة فوراً وهذا كان يريد أن يتنفس قليلاً لينارو مع صائب سلام مع الإسلام.. مع..، خرج مثيراً للشكوك لدى إسرائيل.

كريم بقرادوني: ترك بشير هناك وعاد وقال لي.. وهو.. يعني وكان أخبرني.. قال لي: لأ.. الحل الوحيد هو أن.. تذهب إلى سوريا وتبلغ القيادة السورية بأنه: فور تسلمي سدة الرئاسة أنا مستعد للذهاب إلى دمشق للتفاهم وسوريا على كيفية انسحاب الجيش الإسرائيلي والسوري والمنظمات الفلسطينية من لبنان.

أسعد طه: بدت الأزمة دونما مخرج، فالرئيس المنتخب لم يستطع أن يكون الجندي المطيع لإسرائيل حتى لا يفقد ما تبقى من ماء الوجه بعد ما قدم نفسه كرجل الإنقاذ الوطني.

اغتيال بشير الجميل ومذبحة صبرا وشاتيلا


undefined

وفي اليوم الرابع عشر من سبتمبر/أيلول يلقى بشير الجميل حتفه في انفجار عبوة ناسفة في مقر المكتب السياسي لحزب الكتائب في بيروت الشرقية، فثارت ثائرة إسرائيل التي فقدت حليفاً لها، وانتابت رغبة الانتقام الميليشيات المسيحية المتطرفة.

وليد جنبلاط: في هذه الليلة عندما كنت موجود في دمشق جاء خبر مقتل بشير، عندما جاء خبر مقتل بشير –كي نكون كتير صريحين- يعني.. يعني شعرت.. شعرت بارتياح، شعرت بارتياح وبـ.. وبأن الأمل لم يفقد.

منح الصلح: قتل بشير الجميل لأنه كان مرفوض من جهات لبنانية هي أكثرية اللبنانية، ربما هذا هو السبب، السبب هو أن هناك من كان يتصور أن رئاسة لبشير الجميل كانت ستضر بلبنان، هذا مع العلم أنه كان له أنصار كثيرون أيضاً في لبنان. ولكن كان رجلاً مختلفاً فيه بشدة، وعلى هذا الأساس قامت جهة أو فرد باغتياله.

جورج حاوي: أنا أعتقد أن اغتيال بشير الجميل دخل ضمن دائرة الإذن الإسرائيلي الأميركي.

كريم بقرادوني: بشير الذي راهن عليه الإسرائيليون بأن يكون هو بطل التقسيم أصبح –قبل وفاته وفي لحظة استشهاده- بطل التوحيد!! والصحافة في اليوم الثاني.. كل الصحافة بمجملها كتبت بشكل عام أن بشير هو شهيد لعشر آلاف و452 كيلو متر مربع أي شهيد "وحدة لبنان". طبعاً هذا الأمر لم يرتح إليه الإسرائيليون أعتقد، وعندما نزل أرييل شارون إلى المجلس الحربي وحرض القوات اللبنانية كان هذا الأمر يدخل في هذه الاستراتيجية القديمة المستمرة التي تقوم على ضرب اللبنانيين فيما بينهم، حتى لا تستقيم الصيغة اللبنانية، وأعتقد أن الدافع الأساسي لأرييل شارون في تلك اللحظة هو خلق حرب أهلية جديدة فلسطينية –مسيحية، كي يستطيع هو أن يتحكم بالاجتياح ويترجم اجتياحه العسكري إلى صيغة سياسية ما.

وليد جنبلاط: أعتقد عندما قتل بشير أتى شارون إلى (بكفيه) واجتمع بالشيخ بيير و أمين وبأعتقد اتفقوا على اجتياح بيروت بها اللحظة.. أتصور، أنا ما عنيد الوقائع بالتحديد بس بأعتقد بها اللحظة.. بها الليلة اتفقوا على اجتياح بيروت.

جورج حاوي: نحن أخذنا قراراً جريئاً في ذلك اليوم، وفرضنا على فدائي في الحركة الوطنية هو الدكتور ألبير منصور –بصفته نائب وبصفته مسيحي وكاثوليكي- أن يذهب إلى (بكفية) لحضور دفن رئيس الجمهورية آنذاك بشير الجميل ولمعرفة الأجواء. عاد مساءً واجتمع معنا أنا و ومحسن إبراهيم ثم ذهبنا لإخبار وليد جنبلاط.

قال ألبير منصور: إسرائيل داخلة.

وليد جنلاط: يعني وجودهم ببيروت ما طول، يعني عندما بدأت أول عمليات المقاومة في بيروت بشارع "الحمرا" ثم… السمعان كانوا.. كانوا.. حملوا مكبرات الصوت وقالوا لأهل بيروت: نحن مش مطولين. بما ما معناه نحن ما تعتدوا علينا، خافوا وظهروا.. فلوا.

كريم بقرادوني: لم يكن هناك أي مبرر لأن تطلب إسرائيل عسكرياً من القوات اللبنانية المشاركة في.. في اجتياح 1982م، ولكن المبرر كان سياسياً هو: خلق.. ضرب العلاقة المسيحية الإسلامية بشكل نهائي. طبعاً القيادة المسيحية – بما فيهم بشير- وعى تماماً هذه.. هذا المطب أو هذه الخدعة الإسرائيلية، وفهم أنه لا يمكن أن يكون رئيس جمهورية لبنان وأن تكون بيروت عاصمة هذه الجمهورية إذا هو شارك في تدمير عاصمته أو شارك في ضرب شعبه. وكان هذا أمر أخزى.. وقع.. أوقع الإسرائيليين في ورطة، بمعنى أنهم لم يستطيعوا يحققوا أهدافهم السياسية وإن حققوا أهدافهم العسكرية. يعني نجح الاجتياح عسكرياً، لكنه لم ينجح سياسياً بفك الارتباط نهائياً بين داخل لبنان وبتقسيم لبنان.

وليد جنبلاط: أنا بأعتقد كان هدف اجتياح العاصمة اللبنانية، وكان شارون وبشير الجميل متقفين على الترهيب والتهويل والتطويع و.. وإخراج أكبر كم ممكن من الفلسطينيين من لبنان بأي ثمن. هلا فيليب حبيب لاحقاً في إحدى المحطات قابلته في واشنطن اعتبر حاله مخدوع.

أسعد طه: لم تكن جنازة بشير الجميل قد انتهت بعد حين عمد رفاقه من القوات اللبنانية –تحت حماية إسرائيل- إلى ارتكاب مجزرة ضد الفلسطينيين لا تمحى من الذاكرة، إنها مجزرة "صبرا وشاتيلا". ومهما يكن من أمر الاختلاف حول مرتكبيها فإن الهدف منها كان القضاء نهائياً على الوجود الفلسطيني في لبنان، وكأن اجتياح بيروت الذي طال حتى القصر الجمهوري في "بعبده" منذ شهر يونيو/حزيران وخروج المقاومة بعدها لم يكونا كافيين –بنظر الكيان الصهيوني- للانتهاء من أمر المقاومة.

جورج حاوي: عندما كان الكولونيل –نسيت اسمه- الأميركي يغادر بيروت على ظهر السفينة عائداً إلى بلاده.. القوات الأميركية التي كانت.. الأميركية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية، جاءت لتؤمن الانسحاب، قال: إننا عائدون. في هذا السياق كان أيضاً عملاء أميركا في لبنان والقوات اللبنانية- كانت مزدوجة الولاء منها لإسرائيل ومنها لأميركا ومنها ما هو مشترك –تحضر لمجازر، قد لا يكون بالتحديد تلك المجزرة، جاء اغتيال بشير الجميل- وقد يكون للحدث علاقة بهذا الأمر أيضاً- مناسبة للانطلاق فوراً في تنفيذ مجزرة ضد صبرا وشاتيلا.

كريم بقرادوني: ينزل أرييل شارون إلى المجلس الحربي.. يدخل..، كانت كل هذه القيادة تبكي، يقول لهم ما خلاصته. أنتم لستم برجال شارون أنتم نساء تبكي، لو كان بشير بينكم وقتل أحدكم ماذا كان يفعل؟ هل كان يجلس باكياً كالنساء أم كان يقوم يفعل فعلاً أساسياً للثأر، أنتم غير جديرين ولا تستحقون بشير الجميل. هذا خطاب يعني هذا كلام سمعته من أكثر من جهة من مصدر كانت هذه خلاصته، وطبعاً بعد ذلك قال، وهنا تبدأ تختلف الروايات، من هذه النقطة تختلف الروايات، أنه استدعى إيلي حبيقة واتفقوا على فتح طريق لترك القوات تنزل إلى مخيم صبرا-شاتيلا وغيرها. ولكن لا شك مما لا شك فيه أن التحريض الأساسي والتفكير الأساسي بالمجزرة كان من قبل آرييل شارون.

منح الصلح: إيلي حبيقة خضع لنقد ذاتي وقدم.. وقدمه.. وقبل هذا النقد الذاتي، ولا أريد أن أقول الآن إذا كانت هذه التبرئة محقة 100% أم لا.

وليد جنبلاط: يستطيع أن يدافع عن نفسه إيلي حيبقة لكن أستطيع أن أجيب إيلي حبيقة بالكتاب للصحافي الشهير الإسرائيلي الملتزم يسارياً "أمنون كابليوك"، وأستطيع أن أجيب إيلي حبيقة بأيضاً مقالات عديدة في الغرب منها جريدة محترمة اسمها (تيمون ياشك ختيان) لا.. يعني هذا موضوع فيه خلاف جذري، فيه خلاف جذري، لازم يعطي للتاريخ.. لحقائق التاريخ بعدها، يعني و تجربته الشخصية إيلي حبيقة معي مش كتير مشجعة، كان لابد من يمكن من مجزرة صبرا وشاتيلا للوصول إلى مزيد من النزوح الفلسطيني مثل ما عملوا في الماضي بدير ياسين، ما كمان هايدا بالعقل اليهودي مزيد من الدم مزيد مجازر بيخوف،وكاد أن يحصل هذا الأمر. وبالنسبة لبشير سياسياً مزيد من تطويع بيروت الغربية، مزيد من تطويع بيروت الغربية، ما تبقى من صمود في بيروت الغربية عند السياسين، لأنه بيروت الغربية طبعاً معنوياتها كانت كبيرة، بس كان لابد من تطويعها.. إنه أنا حاكم.

أسعد طه: محنة بيروت بدت وكأنها جاءت لتكشف عن الضعف الذي نخر جسد الأمة العربية حتى فشلت سائر الأعضاء في التداعي بالسهر والحمى وبالتماسك والتآلف للدفاع عن الخيمة الأخيرة للمقاومة في بيروت، بل كان الرضوخ لسلام غير عادل. السلام عليكم.