
خصائص الموسيقى اليمنية
مقدم الحلقة | محمد كريشان |
ضيف الحلقة | محمد مرشد ناجي، فنان ومؤرخ موسيقي يمني |
تاريخ الحلقة | 18/12/2000 |
![]() |
![]() |
محمد كريشان: عبق التاريخ يفوح من كل ركن من أركان اليمن، فهذا البلد الذي استطاع رغم مرور القرون وتبدل الأحوال أن يحافظ على أصالة قل نظيرها في عالم اليوم، قد لا يكون استطاع أن يحافظ على كل روافد هذه الأصالة ومن بينها التراث الموسيقي، هذا التراث مهدد اليوم بالتلاشي والضياع رغم أنه تفاعل إيجابياً مع الآخرين تأثراً وتأثيراً، ضيفنا هذا الأسبوع هو الفنان اليمني محمد مرشد ناجي، المعروف أكثر باسم المرشدي، وهو مؤرخ موسيقي، وكذلك ملحن، ومطرب، وهو من بين قلة قليلة في اليمن لا يريد لتراث بلده أن يتلاشى، أو أن يتبناه آخرون ربما بغير وجه حق.
محمد مرشد ناجي من مواليد عام 1929 بمدينة الشيخ عثمان بعدن.
شغل عدة مواقع فيما كان يعرف باليمن الجنوبي، منها عضوية البرلمان طوال الثمانينات، ورئاسة اتحاد الفنانين اليمنيين، وبعد قيام الوحدة اليمنية عام 1990 أصبح مستشاراً لوزير الثقافة، وانتخب عام 1997 عضواً بمجلس النواب، يعد واحداً من أبرز الفنانين اليمنيين، ولعب دوراً هاماً في إحياء ونشر التراث الغنائي اليمني ليس على مستوى اليمن فقط بل على مستوى الجزيرة العربية والخليج، له عدد من المؤلفات من بينها (أغنيات شعبية) و (الغناء اليمني ومشاهيره) و (صحفات من الذكريات) ويصدر له قريباً كتاب (أغنيات وحكايات).
أدى بتفوق جميع ألوان الأغنية اليمنية، ومنها الحضرمية واللحجية، ويعتبره بعض النقاد أكبر مساهم في إخراج الأغنية الصنعانية من نطاقها الضيق، وأول من غنى الأغنية التهامية.
ساهمت إذاعة عدن التي تأسست عام 1954 في تقديمه للجمهور، ومع منتصف الستينات تجاوز انتشاره اليمن من خلال مشاركاته الفنية في عدد من دول الخليج العربية.
محمد كريشان:
سيد محمد مرشد ناجي أهلاً وسهلاً.
محمد مرشد ناجي:
أهلاً وسهلاً يا مرحباً.
محمد كريشان:
عندما نتحدث عن اليمن التاريخ العريق والتراث الضارب في القدم، هل هذه أيضاً ينسحب على الموسيقى اليمنية وتراث الموسيقى في اليمن؟
محمد مرشد ناجي:
ما فيه شك هو الموسيقى اليمنية في جميع المصادر التاريخية كتبت حول عراقة وحضارة اليمن في الغناء، يعني فيما قبل التاريخ، وفي عصر التاريخ إلى عصر الإسلام، اليمن كانت موجودة بغنائها من خلال أمرائها: ابن اليشرح،
وعلس بن زيد وهو قليل، وكثير من الأسماء التي تغنت الغناء اليمني على مدى التاريخ، في حين –وليس هذا مبالغة مني أو نوع من الزهو إطلاقاً- وإنما التاريخ لا يذكر لنا أي غناء، أو اسم أي مغني من أي بلد عربي كان إلا في صدر الإسلام، لذلك أنت لا تفتح أي كتاب يتحدث عن الموسيقى إلا وتجد اليمن في مقدمة الجميع، وإنما الذي ينقص هذه القضية هو المراجع الشريعة في هذا الغناء، إلى جانب ذلك أن اليمن وأهلها –أيضاً- مقصرين في هذه الناحية، لا يبحثون ولا يدرسون هذه القضية إطلاقاً..
محمد كريشان:
يعني هذا التقصير -مثلما ذكرتم يا أستاذ- يعني هل يهدد التراث؟
محمد مرشد ناجي:
لا، هو في بعض الأحيان له أسبابه، فنجد في قدم التاريخ نجد أن الأغنية .. الغناء بصورة عامة كان محرماً، طول.. على مدى التاريخ تقريباً، حتى في عصر إلى عصر الإمام يحيى وهو قريب جداً، الإمام يحيى عصره قريب جداً، إلى عصر الإمام يحيى كان الغناء محرم هنا في صنعاء..
محمد كريشان:
في أي سنة تقريباً؟
محمد مرشد ناجي:
يمكن سنة 1940م، هو تولى الحكم –أعتقد- في سنة 1940م، ولذلك كثير من المغنيين والموسيقيين هربوا إلى عدن، لأن عدن كانت هي البلد الوحيد بحكم إنه كانت تحت الإدارة البريطانية، وحتى الغناء –أيضاً- كان في حضرموت أيضاً كان محرماً..
محمد كريشان:
أستاذ .. أنتم من عدن، وعدن –مثلما ذكرتم- كانت متنفساً للنشاط الغنائي وغيره في فترة الاستعمار البريطاني، إذن كيف نفسر اختزال التراث اليمني فيما يوصف بالأغنية الصنعانية؟ لماذا الأغنية الصناعانية تحديداً؟
محمد مرشد ناجي:
جميع المطربين من صنعاء، من حضرموت، من.. ولو أن (يافعة) هذه مش فيها مطربين ولكن فيها ناس هواة للغناء، كلهم كانوا يأتون إلى عدن، نحن عرفنا التراث الغنائي اليمني كله في عدن، عرفناه من فين؟ عرفناه من الأسطوانات، يعني تأسست هناك في عدن شركة إسطوانات في عام 1938م، وجاءوا هؤلاء المطربين كلهم وسجلوا كثير من هذه الأسطوانات، واحتكوا –أيضاً- بالمطربين العدنيين الذين كانوا يحترفون الغناء في عدن، وكان المطرب العدني يلم بكل ألوان الغناء اليمني كأنه هو مستودع للغناء اليمني كله، وعرفنا –أيضاً- التراث اليمني –إلى جانب الأسطوانات- عرفناه من المطربين في الأفراح لأنه كان عندنا أفراح، الأعراس بصفة خاصة في عدن كانوا يحتفلون بها احتفالاً كبيراً..
محمد كريشان:
يعني كانت هي المناسبة التي يبرز فيها الفن أكثر منها حفلات أو مناسبات أخرى؟
محمد مرشد:
فعلاً، ماكانش فيه هذه الحفلات الحديثة وهذا..، وكنا نعرف المطرب والمطربين هادول، أشخاصهم، نعرفهم من خلال هذه الأفراح نعرفهم شخصياً إنه هذا فلان، وهذا فلان، وهذا فلان الذي نحن نسمعه في الأسطوانة، وكنا نستأجر الحاكي الذي هو الفونوغراف، نستأجره مع الأسطوانات من محلات خاصة، ما كانش كل واحد بمقدوره أن يشتري فونوغراف يشتري أسطوانة، لأن دي حاجة كانت كبيرة جداً، ولذلك كنا نستأجر هذا من محلات معروفة، ونستمع إلى هؤلاء المغنين، ولكن أشخاصهم نعرفها من خلال حفلات الأعراس اللي كانت تقام باستمرار في الحارات، وفي المناطق في عدن، في مستعمرة عدن.
محمد كريشان:
إذا أردنا أن نتحدث عن خصائص التراث الموسيقي اليمني، ما هي أبرز هذه الخصائص؟ ما الذي يميزه في النهاية؟
محمد مرشد ناجي:
الحقيقة الغناء المميز الوحيد الذي نستطيع أن نقول فيه أو نعطيه صفات التميز هو الغناء المعروف بالصنعاني، إلى جانب هناك أغاني في حضرموت، وهذه الأغاني تسمى الدان، وتسمى –أيضاً- العوَّادي وهذه من الأنواع.. من الأنواع الكلاسيكية، الغناء الذي نحن عرفناه بعدين مؤخراً، من خلال مجمع الموسيقى العربي، لأن أنا كنت شخصياً من موقعي في وزارة الثقافة، بالمناسبة أنا لست محترفاً للموسيقى، فكنت موظف، موظف من يوم ما خلقت يعني بعد أن كبرت يعني كنت موظفاً، اشتغلت في جميع الإدارات، البنوك، الشركات البريطانية.
محمد كريشان[مقاطعاً]:
لم تتفرغ للموسيقى؟
محمد مرشد ناجي:
لا. لا. لم أتفرغ للموسيقى، وأخيراً كنت في وزارة الثقافة، نقلت بعد ذلك إلى وزارة الثقافة من قرار رئاسة الدولة، بقرار من رئاسة الدولة إلى وزارة الثقافة، ولذلك كنت أنا أحضر، كنت أمثل اليمن، اليمن الجنوبي يعني، كنت أمثل اليمن الجنوبي في مجمع الموسيقى العربية، وهناك في الحقيقة استفدنا كثيراً، وكان أمين عام المجمع العربي المرحوم منذر بشير، كان رجلاً عظيماً وموسيقياً جيداً، وتعلمنا الكثير من هؤلاء الناس، تعلمنا أن هناك في الغناء شيء يسمى الغناء التقليدي، وهناك غناء يسمى الفولكلور الغنائي، فهذا مصنفين اثنين للموسيقا في أي بلد عربي أو أجنبي، فالمقام العراقي مثلاً، أو المألوف التونسي، أو الغرناطي الجزائري أو.. أو.. فيه كثيرين يعني من هذا يندرج تحت الموسيقى التقليدية.
أما الأغاني التي هي تختص بأغاني الزراعة أو الزواج والختان والطفولة وهذا إلى آخره فهذا يسمى فولكلور عرفنا هذه الأشياء من المجمع، الأول ما كنا نعرف ها الكلام إطلاقاً، ولذلك تجد إنهم في الموسيقى التقليدية لها مرتبة أعلى من ناحية أنها لابد أن تكون هذه الموسيقى التقليدية قد أصابها أي تأثير أو تأثر من موسيقى خارجية، فهنا تصبح يعني موسيقى حضارية.
محمد كريشان:
يعني الإيقاع اليمني هل هو إيقاع موجود فقط هنا أم امتد أيضاً إلى بلدان أخرى من دول الجوار أو غيرها؟
الإيقاع اليمني موجود الآن فقط في اليمن؟
محمد مرشد ناجي:
لا. اليوم لا. لكن هو الآن موجود، انتقل الآن إلى الجزيرة ومنطقة الخليج بشكل عام.
محمد كريشان:
يعني إذا أردنا مثلاً من خلال العود أن نسمع قليلاً عن.. فكرة عن الإيقاع اليمني ما الذي يميزه عن غيره من الإيقاعات الأخرى مثلاً؟
محمد مرشد ناجي:
مش هو.. هو الإيقاع اليمني هو إيقاعات مختلفة.
محمد كريشان[مقاطعاً]:
مختلفة.
محمد مرشد ناجي[مستأنفاً]:
له تراكيب مختلفة، فإحنا ما نستطيعش نسمعها في..، لو كان فيه طبلة أقدر أسمعك إياها، ولكن الإيقاعات اللي نسمعها الآن نحن في الخليج، وتسمعها الآن في الجزيرة العربية كلها إيقاعات يمنية ما عدا إيقاع الصوت، إيقاع الصوت في الخليج هو يختلف، الآن يختلف يعني عن الإيقاع اليمني.
محمد كريشان:
اليمن قديماً تعرض إلى كثير من الغزوات: الرومان، الفرس، الأحباش، وحديثاً الأتراك، والاستعمار البريطاني، أيضاً موقع اليمن التجاري جعله على احتكاك مستمر بالهند وبالشرق الأقصى، بمصر، بشمال الجزيرة العربية كيف أثر ذلك على الموسيقى اليمنية من خلال هذا الاحتكاك؟
محمد مرشد:
هو ما فيه شك يعني إنه التأثير وارد، فالذي ينكر هذا هو جورج فارمر صاحب كتاب التاريخ، تاريخ الموسيقى العربية، هو يؤمن إيمان قاطع بإنه الموسيقى العربية لم تتأثر بأي تأثير أجنبي، ويمكن أنا مش معاه في هذا الرأي، فالتأثير والتأثر لابد منه، فنحن هنا في اليمن ما فيه شك، فاليمن –كما قلت سيادتكم- بأنه طبعاً تعرضت لغزو من الأحباش ومن البرتغاليين ومن.. ومن.. ومن.. ومن الأتراك ومن.. والفرس بصفة خاصة، الفرس حكموا اليمن فترة من الفترات، وأنا في يقيني أنا شخصياً، ما بأعرف الآخرين، بس أنا من قراءاتي الكثيرة ومن اطلاعي على كثير من الأشياء فأرى أن الفرس قد أثروا تأثير كبير في الغناء اليمني، والغناء اليمني –أيضاً- أثر في الغناء الفارسي، نحن لما نستمع الآن للغناء الفارسي القديم نجد هذا التأثير واضح..
محمد كريشان[مقاطعاً]:
مثلاً يعني.
محمد مرشد ناجي[مستأنفاً]:
ومتبادل.. لما نسمع من.. أنا لما أسمع من إذاعة..
محمد كريشان[مقاطعاً]:
في بعض النغمات يعني.
محمد مرشد ناجي[مستأنفاً]:
في إيران أيوه، فأسمع إنه التأثير هذا واضح في الغناء، في الغناء الكلاسيكي مش الشعبي، فإحنا لا نستطيع أن نقول: إنه الغناء اليمني إنه ما تأثرش..
محمد كريشان[مستأنفاً]:
خاصة الهندي يعني بضع الإيقاعات.
محمد مرشد ناجي[مستأنفاً]:
الهندي بشكل واضح، فتأثرنا أيضاً بالأحباش، الأحباش هنا حكموا اليمن فترة كبيرة، (بالنسبة) الإيقاعات، وإثيوبيا كما نعلم إثيوبيا مليئة بالإيقاعات الجملية، إحنا تأثرنا منها، وتأثرنا –أيضاً- بالإيقاع الهندي هذا، وكنا نبدل.. التأثير وصل إلى إنه نأخذ اللحن الهندي من الفيلم، المطرب العدني والمطرب في حضرموت يأخذ اللحن الهندي من السينما ويركب عليه قصيدة عربية، هذا حصل زي ما حصل في التاريخ.
محمد كريشان:
يعني حصلت إضافات على الموسيقى الهندية حتى تأخذ نوعاً ما طابع عربي يمني، يعني حصلت بعض الإضافات؟
محمد مرشد ناجي:
طبعاً ما فيه شك، يدخل عليه بعض الإضافات هذا من إحساساته هو، من إحساسه هو، لكن يظل اللحن هندي، هندي واضح، الإيقاع أيضاً الهندي تأثر فيه، ولحنّا عليه، لحنّا على هذا الإيقاع بعد ما أدخلنا عليه أيضاً بعض اليمننة، يمنَّا الإيقاع الهندي، والآن تجد هذا الإيقاع هو المحبب، وهو المفضل في الجزيرة والخليج، جميع الألحان توضع على هذا الإيقاع.
محمد كريشان:
أستاذ.. عندما نقول صوت.. ما معنى صوت؟ يعني عندما نريد أن نشرح هذا التعبير الموسيقي؟ وما معنى –أيضاً- وجود ثمانية أصوات؟ هل من شرح أكثر حتى نفهم كيفية انتشار الموسيقى اليمنية في الجزيرة العربية ككل؟
محمد مرشد ناجي:
والله يا سيدي الفاضل.. أنا أقول لك حاجة عن الصوت: لا أستطيع أن أفسر تفسير دقيق عن معنى كلمة صوت، لكن نحن عرفنا هذا كلمة الصوت من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، عرفنا أن فلان من المغنيين، وفلانة من المغنيات تحفظ كذا كذا صوت، وحتى هو جاء بالأصوات الثمانية التي هي لليمنيين، ذكرها هكذا، أنه هناك ثمانية لأهل اليمن، والأصوات في ذلك الوقت كانت –خاصة اليمنية- والتي كان يمثلها أو كان.. يعني إنسان الشخص أو المطرب الشهير طويس هو الذي نشر الأصوات اليمنية، وطويس هو يمني، وهذا الكلام مش من عندي، حتى لا يقولوا إنه مرشد يعني يغالي دائماً باليمن.. وحاجة من هذا الكلام، فهذا الكلام مش من عندي، هذا للأستاذ أحمد تيمور، وهو مصري له كتاب اسمه كتاب الموسيقى العربية، أشار على أن طويس هذا من اليمن، وطويس هذا هو الذي.. هو صاحب الأصوات من الهزج، الهزج هو اللون المفضل عند طويس، وهو الذي أدخل الإيقاع إلى الغناء العربي، وهو الذي أيضاً غنى الغناء الرقيق في الإسلام، هذا طويس، من هنا عرفنا إحنا هذا الصوت، وأنا في اعتقادي أن الصوت هو اللحن، لأنه زمان نحنا في عدن مثلاً.. في عدن شركات الأسطوانات الأسطوانة تكتب علها مثلاً إبراهيم ألماس صوت صنعاني، بمعنى إيش؟ إن اللحن..
محمد كريشان [مقاطعاً]:
التلوينة الموسيقية يعني.
محمد مرشد ناجي:
صوت.. يعني هذا اللي بيغنيه إبراهيم الماس داخل الأسطوانة هذه هو صوت صنعاني، أو صوت يافعي، أو صوت حضرمي، إذن فالصوت هنا هو اللحن، وهو أصبح.. يعني لأنه جاء به أبو الفرج الأصفهاني أعطاه مدلول أرفع من الأغنية فأصبح له مصطلح فني راقي.
محمد كريشان:
يختلف عن المقامات؟
محمد مرشد ناجي:
لا، يختلف عن الأغنية، لأن أنت لما تسمع من الإذاعات في الخليج يقول لك الآن تستمع إلى أصوات كذا وكذا، مايقولكش تستمع إلى أغنية، بمعنى أن الصوت أصبح له مصطلح فني أرقى من الأغنية.
محمد كريشان:
هل يمكن أن نأخذ فكرة من خلال العزف على العود مثلاً؟
محمد مرشد ناجي:
أيوه ممكن، اسمعَّك أنا الآن أغنية هي لحداد بن حسن الكاف، وهو من المطربين النوابغ أو من الملحنين النوابغ في محافظة حضرموت
لمن بأشتكي من
الأصل واحد صفا (طاقل)
وهايم بعقلي حينما
شفته بدا بالعيون السود
وهايم بعقلي حينما
شفته بدا بالعيون السود
خرج فصلى طار
خرج فصلي طار
الأنس في دربه عيون
خرج فصلي طار
خرج فصلى طار
الأنس فى دربه عيون
ويا ليلة الله ارحمونا
ضيف يا أهل الكرم والجود
ويا ليلة الله ارحمونا
ضيف يا أهل الكرم والجود
هذا هو يا سيدي الصوت هو في.. طبعًا أنا جبته من حضرموت، لكن فيه هناك أصوات -طبعًا ما فيه شك- في الخليج، ولهذه قصة بالحقيقة طويلة حول الصوت ما بين اليمن والخليج العربي.
محمد كريشان:
يعني أغلب الموسيقى الخليجية التي توصف الآن بأنها موسيقى خليجية أو الفن الخليجي كلها أصلها يمني يعني؟
محمد مرشد ناجي:
لأ، ما بأقولش إن كلها ي أصلها يمني، ولكن أقول إنه الإيقاعات، الإيقاعات كلها المستعملة الآن في الخليج هي يمينية، إضافة إلى أنه هناك فيه بعض الألحان يأخذها بعض الإخوان، الألحان، وخاصة التي هي من التراث.
محمد كريشان [مقاطعاً]:
ربما يضيفون عليها، يقال أنه أهل البحرين مثلاً أضافوا بعض الأشياء.
محمد مرشد ناجي:
يضيفوا، ومن حقهم أن يضيفوا، أنا رأيي الشخصي هكذا، لأن التراث العربي عمومًا هو ملك العرب جميعًا، إذا كان هو أي مطرب عربي يريد أن يأخذ من التراث اليمني له الحق كل الحق أن يأخذ، لأنه هو عربي فأنا من حقي أيضًا إذا أعجبتني -مثلاً- أغنية من المغرب أو تونس -وخاصة التراثية- لاحظ معي سيدي الفاضل إنه إذا كانت هي تراثية، لكن هي إذا كان من ألحان أشخاص فهذا عيب، إنك أنت لابد أن تستأذن أو تعطيه، أو ممكن تغنيها، لكن تعطي للرجل حقه، لكن التراث التراث ملك الجميع، زي التراث الأدبي من حق أي دولة عربية أن تطبع أي مطبوعة كانت، تراثية، لأي بلد عربي آخر دون أن تسألهم ولا تقول لهم حتى، لأنه هذا ملك للأمة العربية، والأغنية التراثية -أيضًا-هي ملك للأمة العربية، بس هو عليه أن يقول أن هذا من التراث اليمني وخلاص.
محمد كريشان:
من خلال تجربتك يا أستاذ ما هي أكثر دولة-ربما-خليجية تأثرت أكثر من غيرها بالموسيقى اليمنية، البحرين، الكويت، قطر، الإمارات، يعني.. عمان؟ ما هي الدولة الأكثر؟
محمد مرشد ناجي:
كلهم، كلهم، ومن حقهم، أنا رأيي الشخصي، يعني أنا رأيي غير الآخرين، أنا كإنسان قومي.. كإنسان قومي أؤمن بأنه هذا تراث عربي هو ملك الناس جميعًا، لهم حق يأخذوه بس هو عليه أن يذكر بأن هذا التراث يمني، وانتهى المشكلة.
محمد كريشان:
ولكن إذا كان التأثُر تأثُر كبير، وفي كل مرة ستقع الإشارة إلى أن هذا أصله تراث يمني وفي كل مرة هذا تراث يمني، ربما ينعدم أصلاً وجود موسيقى عندها طابع بحريني أو طابع عماني أو..
محمد مرشد ناجي:
هم أصلهم ما عندهم تراث، يعني اسمح لي أنا أقول هكذا، هم أصلاً ما عندهم تراث، عم عندهم تراث بدوي، والتراث البدوي طبعًا هذا فولكلور.
محمد كريشان:
فولكلور.
محمد مرشد ناجي:
يعني الفولكلور هذا التراث البدوي طبعًا ما يصلحش هو للتجارة الموسيقية، السوق الغنائي، هو ما ينفعش، هذا موجود في الحجاز بشكل رهيب التراث البدوي يعني، لكن هو ماينفعش للسوق التجاري.
محمد كريشان:
يظل محلي يعني؟
محمد مرشد ناجي:
أيوه، فنحن نريد أن نقول يعني لو سمحت لي أنه نرجع إلى اليمن هي بدون.. بدون أي زهو بدون أي فخر، أو بدون أي حاجة نقول إنه هي فيه عندها غزارة فى التراث الموسيقي، سواءً في الجانب اللي سميناه نحن الكلاسيكي أو في الجانب الفولكلوري الشعبي، يعني كثير، نحن نحن اليمنيين أصلاً إحنا ما سمعناش نصفه حتى، بسبب أن الدولة ترفض رفض قاطع جمع التراث اليمني الموسيقي، وأنا أصيح في هذا الموضوع من سنة 1959م، ما بأعرف ليش السبب، جمع التراث اللي بدون جمع التراث اليمني لا تستطيع أن تعرف خصائص هذا التراث، ومن أين جاء؟ فيحتاج إلى تمحيص، وإلى تدقيق، وإلى دراسة، وإلى كذا حتى تخرج بنتيجة، لأنه الغناء اليمني كما قلنا التقليدي.
أولاً التقليدي هذا هو يعني معقد ويحتاج إلى دراسة وافية، وقلنا إنه لو فيه تأثيرات جاءت من الفرس وفيه كذا وفيه حاجة من هذا القبيل فيحتاج إنه نحن نجمعه، وبعدين نصنفه، نعطي له تصنيف، إحنا نسيب الصوت هذا للخليج، خلاص الصوت هو نسيبه للخليج إنه لابد أن بعد ما تجمعه أنت تعطي له التصنيف، نحن نصنفه واللغة العربية ما عدمتش، يعني ممكن نقول توشيح، ممكن نقول موشح يمني، وهذا واضح الموشح اليمني موجود، فالغناء اليمني له نوعين من الشعر الحميني والحِكَمي، فالحميني هذا نحن إلى اليوم ما وصلناش من هو الحميني، باستثناء رأي، فيه أكثر من رأي.
فيه الدكتور، دكتورنا عبد العزيز المقالح يعني له رأي وفيه دكتورنا أيضًا السيد محمد عبد الغني وأيضًا له رأي، ولكن أنا في رأيي إنه رأي الأستاذ محمد الشامي هو أقرب للحقيقة، لأن الحميني هذا هو من (حمن) منطقة هنا موجودة في اليمن وحتى الحِكَمي الذي هو الشعر الفصيح، هو الشعر هذا المعروف يعني العربي الفصيح الذي يلتزم الإعراب، هذا يعني حتى مختلفين فيه هل نقول حَكَمي.
مثلاً الأستاذ مطهر الإرياني وهو مثقف كبير طبعًا هو يقول حَكَمي، وأن هذا الحَكَمي يعني جاء من قرية موجودة فى تهامة اسمها (حَكَم) من هناك جاءت، وأن أهلها يتحدثون باللغة العربية الفصحى، هذا كلام الأستاذ مطهر الإرياني -إذا لم أخطئ- وهذا حمن من حميني من حمن كما يقول الأستاذ الشامي.
محمد كريشان:
أستاذ أشرتم إلى نوعين من الكلمات من الكلمات: الحِكَمي والحميني، هل يمكن أن نسمع البعض منها كنماذج سواءً إلقاء أو من خلال العزف على العود؟
محمد مرشد ناجي:
بأعطيك الحميني، فالحميني -كما قلنا- إنه هو يعني اللغة الوسط، الشعر العامي الذي لا يلتزم الإعراب ومسكّن أواخره، نحن نقول شيء بسيط في أغنية من الموشحات اليمنية.
زمان الصبا يا زمان الصبا
عودك رعاه هوى الله وحيَّا الحياة سفح تلك الربا
محل الرجاء أبلاه
مُغير الشموس والبدور والظبا
وصيد الملاح دولا
رجاء كم قتل؟ كم أسر؟ كم سبى؟
وها الدرع بدا الله
رجاء كم قتل؟ كم أسر؟ كم سبى؟
وها الدرع بدا الله.
محمد كريشان:
هل يعود هذا التأثير أيضًا إلى جانب كبير على الأقل بسبب وجود فنانين من أصول يمنية مثلاً، محمد عبده، طلال مدّاح، هل هذا أيضًا لعب دورًا في انتقال هذا التأثير بشكل أسرع؟
محمد مرشد ناجي:
لا ما أعتقدش إنه هذا لعب دور ولا حاجة، هو أنه كل منطقة لابد يكون عندها تراث، خلفية تراثية، لأنه أنت لنا تيجي تريد أن تجدد في الغناء لا تستطيع أن تجدد من فراغ، لابد يكون فيه عندك خلفية تراثية، في كل شئ، في كل الفنون، الفنون عامة لابد يكون فيه عندك خلفية تراثية، فأنت ما عندك هذه الخلفية تجدد من أين؟ لا تستطيع أن تجدد من فراغ، فالخليج يعني –مع كل تقديري واحترامي، يعني هم كمان يعرفون ذلك- إنه اليمن هي كل حاجة، والناس كلها أيضًا من اليمن تقريبًا.
محمد كريشان:
حتى الفرق الموسيقية أعتقد في الخليج عديد من عناصرها يمني.
محمد مرشد ناجي:
يمنيين، يمنيين واللي يعزفوا الإيقاع يمنيين، كلهم ها دول يمنيين، ما فيش فيها حاجة يعني، مش مشكلة هي، فأنا اللي أتصوره بس الذي هو قصر الوعي عند هؤلاء الناس، فالإنسان عندما يكون عربي، إنسان يكون عنده قومي، عند انتماء قوي عميق في العروبة، يعني لا يرى في هذه الأشياء إلا نوع من الإسفاف، فكونك أنت تأخذ من أخوك العربي ما فيش فيها حاجة، مش مشكلة، طب إحنا أخذنا من مصر على سبيل المثال أشياء كثيرة، لكن ما فيش واحد مصري يقول لك أنه أخذوا حقنا، سرقونا إحنا، فيه ناس –حتى- يطبعوا كتب لنجيب محفوظ وليوسف إدريس وفلان الفلاني، بعض الشركات عربية في الأردن، في بيروت، في كذا، ما فيش فيها حاجة، مش قصة يعني، المهم إنه أنت تعطي الإنسان حقه.
محمد كريشان:
سؤال قد يتبادر إلى أذهان العديدين يعني طالما أن الموسيقى في اليمن بمثل هذه العراقة التي أشرتم إليها طوال هذا الحديث وأثرت في محيطها، لماذا لم نعرف أسماء يمنية موسيقية اشتهرت وفرضت نفسها في الساحة العربية؟ هذا بطبيعة الحال إذا استثنينا محمد عبده وطلال المداح، نريد، لا نريد تصنيفهم كفنانين يمنيين باعتبارهم سعوديين بطبيعة الحال، لماذا لم يبرز أي فنان يمني؟
محمد مرشد ناجي:
لا، فيه عندنا.. إحنا عندنا مثلاً برز يعني، عندنا كثيرين الآن الذين خرجوا من اليمن، خرجوا من اليمن مثلاً الفنان الكبير أبو بكر سالم، والفنان الكبير الدكتور عبد الرب إدريس، هؤلاء فرضوا أنفسهم الآن على الساحة العربية عمومًا، فهؤلاء يمنيين، يعني ما يحتاج كلام في هذه المسألة لكن نحن..أنا شخصيًا مثلاً عُرض علىّ أكثر من عرض إن أنا أروح إلى أي بلد من البلاد هذا، وهذا الكلام مش أي، يسمعونه هم الآن، قد عرضوا علىّ أشياء كثيرة، ولكن أنا لا أستطيع أن أفارق اليمن، ثم من ناحية أخرى -كما قلت أنا في بداية الحديث- إن أنا لا يمكن بأي حال أن أحترف الموسيقى على الإطلاق، فالموسيقى عندي هو مجرد هواية، وهي رسالة أنا خدمت فيها الأغنية اليمنية من الكويت يعني في 1963م وكذا وكذا، واستمريت أخدم الأغنية اليمنية إلى يومنا هذا، ولكني أعتقد إنه في هذه السنتين الأخيرة يمكن أنا.. أنا قد وصلت الآن 71سنة.
محمد كريشان:
ما شاء الله.
محمد مرشد ناجي:
وهذا العام -إن شاء الله- بأحج وبأشوف الله ورأيه، فنعود نحن إلى إخواننا اللي في الخليج هذا نتركهم لأنهم هم يعرفوا هذه الأشياء.
محمد كريشان:
هل دول الخليج تتحسس من قول اليمنيين بأن الموسيقى الخليجية أصلها يمني أو هي يمنية الإيقاع بشكل واضح؟
محمد مرشد ناجي:
لا، هم يا سيدي الفاضل هو تعرف أنت دولة، لما تكون هناك دولة، دولة يعني أن يكون لها إيه؟ يكون لها تراث، فالتراث هذا ملتصق بحضارة الدولة، فإذا لم يكن هذه لها تراث، إذاً ليست.. دولة ناقصة، وقالوا قديمًا: الذي ليس له تراث يجب أن يصنع له تراثًا، فهم يقولون: كيف إحنا نقول مافيش عندنا تراث؟ أو إن إحنا نقول إن هذه الإيقاعات يمنية؟ فهذا مش عيب، الذي هم يعني فيهم هذا الـ.. وهذا أعتقد إن هو يتعلق بالوعي، بوعي الإنسان، وبالضعف في الانتماء العربي، للأسف الشديد، أنت ممكن تقول أنا أقدر أقول هذا اللحن، أنا قد يقول لي واحد أنا معي لحن -هذا حدث كثير- يقرب من النغم المصري وهكذا مافيش فيها حاجة.
محمد كريشان:
إذا أردنا أن نعرف موقع الموسيقى اليمنية في الخارطة الموسيقية العربية إن صح التعبير، سواء فى المغرب العربي أو المشرق العربي أين يمكن وضعها مقارنة بالموشحات الأندلسية أو المألوف في المغرب العربي أو بغيرها من الفنون المعروفة؟
محمد مرشد ناجي:
هو مشكلتنا يا سيدي الفاضل هو نحن –قلت لك في سابق الحديث- إنه التقصير نحن عندنا في اليمن، وكل شئ -للأسف الشديد- هو موجود عندنا في اليمن، هو موجود بس نحن لا نريد استعماله، ما بأعرف فيه رفض، فيه رفض لهذه الأشياء، مثلاً إحنا نستطيع أن نقدم تراثنا في مصر، مصر اليوم في كل سنة تدعو جميع الأمة العربية ليشاركوا في هذا المؤتمر الموسيقي ويعرضوا تراثهم، ونحن
محمد كريشان [مقاطعاً]:
أو مهرجان الموسيقى العربية أيضًا.
محمد مرشد ناجي [مستأنفاً]:
ونحن يعني دون شك يرسلوا لنا دعوات حول هذا الموضوع وهم في أكثر يعني شوق إلى معرفة الغناء اليمني التراثي خاصة منه، ونستطيع أن نقدم هذا التراث بأجلى صورة، وعندنا القدرة، وعندنا الإمكانيات، وعندنا الكفاءات الموسيقية، ولكن يا عزيزي كلمة (لكن) هذه حاجة متعبة، مافيش استجابة على الإطلاق.
محمد كريشان:
هل تعتقدون أن ربما بسبب أوضاع اليمن، اليمن بلد فقير يُعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ربما لم يكن الاهتمام بالموسيقى في سلم أولويات أي سلطة يعني في اليمن؟
محمد مرشد ناجي:
لا، أنا مش (…) هذا الكلام، نحن عندنا، نحن في اليمن فيه استقرار تام وليس عندنا أي مشاكل.
محمد كريشان:
تنموية أقصد؟
محمد مرشد ناجي:
ولا تنموية، ولا سياسية، ولا أي حاجة، بس القضية تتعلق بمفهومية المسؤول للعمل نفسه، هل هذا سيفيد اليمن؟ هل هذا سيرفع من شأن اليمن حضارياً؟ المفهومية هذه مافيش.
محمد كريشان:
هل تعتقدون بأن الشباب الجيل الصاعد الآن قد يكون أكثر حرص على متابعة موضوع التراث الموسيقي؟ هل أنتم متفائلون؟ أم ربما تخشون بأن هذا الجيل قد لا يُتابع الموضوع بجدية؟
محمد مرشد ناجي:
والله يا عزيزي الفاضل أنا من 30سنة ما قدرت، من 30سنة، وأقولها بملء فمي، هه، ماقدرت، لكن أنا الآن –هكذا- أتوسم بوزير الثقافة-الأستاذ عبد الملك منصور أتوسم فيه إنه ممكن هو يهتم بهذه القضية الآن، ويطلب من رئيس الدولة ميزانية لجمع التراث اليمني والاهتمام بالحضور الثقافي في جميع المهرجات الثقافية سواء كانت موسيقية أو أدبية أو أي حاجة أو أي شيء، وأنا شفت عبد الملك منصور قبل فترة في الكويت، وكان محط -يعني- محل إعجاب الجميع من أدباء الكويت وشعرائها وعلمائها.
فأنا أتوسم فيه الخير إن شاء الله، وأرجو من الأخ الرئيس أن يدعمه في هذه المسألة بالذات، لأنه هذه تهم اليمن وتبرز حضارة اليمن لدى أشقائنا العرب في كل المهرجانات، لكن غيابنا عن هذه المهرجانات معناه شيء سيئ علينا إلى درجة كبيرة.
محمد كريشان:
سيد محمد مرشد ناجي، شكرًا جزيلاً.
محمد مرشد ناجي:
الله بسلمك، شكرًا لكم.