من واشنطن

بعد الأحداث الدامية الأخيرة.. أي مآلات للأزمة بالسودان وما موقف واشنطن منها؟

ناقشت الحلقة مآلات الأزمة بالسودان في ضوء أحداث القتل الأخيرة التي شهدتها مدن عدة، والموقف الأميركي منها إثر تصريح المبعوث الأميركي للسودان بأن حل الأزمة السودانية يكمن في حكومة مدنية.

قال المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين صلاح شعيب إن قوى الحرية والتغيير في السودان بدأت مفاوضاتها مع المجلس العسكري الانتقالي بعد وصول عبد الفتاح البرهان إلى رئاسة هذا المجلس، إذ تم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين على أن تؤول السلطة إلى قوى الحرية والتغيير، ولكنّ فضّ اعتصام القيادة العامة للجيش مثّل بداية التوتر بينهما قبل أن تتدخل الوساطات المحلية والأفريقية التي عكرتها مجددا حادثة الأبيّض.

وأضاف –في تصريحات لحلقة (2019/8/2) من برنامج "من واشنطن"- أن المفاوضات ضرورية للتوصل إلى انتقال سلمي للسلطة وتنصيب حكومة مدنية للتعامل مع ملفات "التركة الثقيلة" التي خلفها نظام عمر البشير، وكذلك مخلفات الحروب المختلفة في البلد، ولوضع أسس دولة مدنية ديمقراطية، مؤكدا أن المرحلة الانتقالية تحتاج لمدنية السلطة وهو ما يماطل في قبوله المجلس العسكري "مستعينا ببعض فلول النظام السابق".

وبشأن المخاوف من تكرار السيناريو المصري في السودان؛ أوضح شعيب أن الشعب السوداني مختلف عن غيره من الشعوب في المحيط العربي، وله تجارب عديدة في إسقاط أنظمة الاستبداد والشمولية، وهو محب للحرية والكرامة ويستحيل وقف تطلعه لإرساء نظام ديمقراطي، وبالتالي لا يمكن أن يخلع له العسكر زيه ثم يأتيه بلباس مدني ليحكمه، فالشعب في النهاية هو من يقرر مصيره مهما طال الزمن.

وانتقد المجتمع الدولي بسبب تخليه عن القيام بمسؤولياته في دعم مطالب السودانيين في الحرية والعدالة رغم أن قوى الحراك هي التي تمثل قيم المجتمع الدولي، لافتا إلى أنه لا تزال أمامه فرص للضغط على المجلس العسكري خاصة أن الجنرال حميدتي من دعمه سابقا ورسخ سلطته هو الاتحاد الأوربي ليساعدهم في مكافحة الهجرة غير النظامية.

فوضى محتملة
 أما مدير المركز العالمي لمسؤولية الحماية سايمون آدم فرأى أن هناك مشكلة أكبر من الأحداث الدامية التي يشهدها السودان لأنها جزء مما تعانيه أطرافه من "مظالم أعظم وأقدم"، لأن النظام السابق "ألحق دمارا كبيرا بالبلد وانتهك حقوق الإنسان" لكن الشعب في النهاية أظهر شجاعة كبيرة، وهو ما يجب أن يقوم به المجتمع الدولي ليحاسب مرتكبي هذه الأحداث الأخيرة.

وأوضح أن هناك قلقا من حدوث فوضى في السودان؛ ليس بسبب سلوك المتظاهرين بل جراء تصرفات المجلس العسكري العازم على قمع أي معارضة لحكمه، بل إنه ينكر أو يقلل من شأن الأحداث الدامية مع أن قادته هم المتحكمون في الأمور وخاصة قوات الدعم السريع، وبالتالي فهم مسؤولون عنها وتجب محاسبة منفذيها.

وداعا آدم إلى إجراء تحقيق معمق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة وفي عموم الأحداث الدامية منذ بدأ الحراك الاحتجاجي في ديسمبر/كانون الأول 2018. كما أكد أن ثمة دولا في المنطقة كالإمارات والسعودية تريد ممارسة تأثير سلبي في السودان وتقدم التمويل للمجلس العسكري من أجل ذلك، مشيرا إلى أن حميدتي لم يزر مصر صدفة بل ليطلع على النموذج الذي يريد تحقيقه في السودان.

خروج متدرج
 ومن جهته؛ قال جوشوا ميسيرفي –وهو كبير محللي أفريقيا في مؤسسة هيريتج الأميركية- إن وزارة الخارجية الأميركية أحست بأن تطبيق أي عقوبات الآن على المجلس العسكري السوداني قد يجعله ينهي مفاوضاته مع قوى الحرية والتغيير، التي من المهم المضي فيها لوضع إطار للدولة.

ووصف هذه العقوبات بأنها وسيلة وليست هي الهدف الذي هو إيجاد حكومة مدنية تقود البلد إلى الاستقرار والسلام، ولذلك فإن فرض العقوبات حاليا لن يكون هو الأداة الأفضل لتحقيق هذا الهدف، وهي على كل حال أداة موجودة ويمكن أن تُستخدم في أي وقت ضد أي جهة سودانية لا تفي بالتزاماتها، فالتهديد بالعقوبات قائم والمجلس العسكري يفهم ذلك.

وشدد ميسيرفي على أنه لا بد من التعامل مع الواقع الذي يقول إن المجلس العسكري هو الأقوى في الميدان رغم قوة المدنيين وبراغماتيتهم، وبالتالي يجب أن تكون هناك عملية متدرجة للحكم لأنه لا مجال لعزل العسكريين كليا عن السلطة، ولا سيما حميدتي الذي لديه قوة عسكرية ضاربة ومؤسسة اقتصادية إقطاعية. كما أن العسكريين لن يقبلوا تسليم السلطة بدون حصانة قانونية تحميهم، بينما الشعب يريد السلم والعدالة معا وهي معادلة حساسة يعود ضبطها للسودانيين أنفسهم.