من واشنطن

ما أسباب مواصلة الإعلام الأميركي تغطية قضية خاشقجي؟

ناقشت حلقة هذا الأسبوع مواصلة الإعلام الأميركي تغطيته لقضية مقتل خاشقجي رغم مرور شهر عليها، وكيف ستؤثر على جدية العلاقات مع السعودية؟ وما إمكانات فرض الإدارة الأميركية عقوبات على الرياض؟

أثارت قضية مقتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي مجددا جملة من الأسئلة الشائكة بشأن طبيعة الإعلام الأميركي ومحركاته، فالحكمة التقليدية تفيد بأن عمر معظم القضايا الإخبارية التي يتناولها الإعلام الأميركي لا يتجاوز -في المتوسط- بضعة أيام.

لكن قضية جمال خاشقجي سبحت ضد التيار حتى الآن، صحيح أنها شهدت حالات من المد والجزر في خضم إعلامي مزدحم بأحداث جسام أخرى، كالطرود المفخخة وحادث الكنيس اليهودي.

حلقة (2018/11/02) من برنامج "من واشنطن" ناقشت استمرار الإعلام الأميركي في تغطية قضية خاشقجي رغم مرور شهر عليها، وما كيف ستؤثر على جدية العلاقات السعودية الأميركية حاضرا ومستقبلا؟ وما هي جدية الإدارة الأميركية في اتخاذ عقوبات ضد السعودية؟ وكيف ينظر الشارع الأميركي إلى القضية في ظل وجود قضايا أخرى؟

ضغوط على ترامب
يرى المتخصص في الشؤون الأميركية العربية رائد جرار أن هناك ضغطا على الإدارة الأميركية لكي تغيّر نظرتها تجاه السعودية وتفرض عقوبات عليها، وهناك من يذهب لإيقاف تصرفات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان داخل السعودية وفي اليمن وعموم المنطقة. لكن لن تكون هناك عقوبات فعلية وإن وُجدت فستكون ضد أشخاص ثبت تورطهم لا ضد الدولة السعودية.

ويعتقد الكاتب الإذاعي تيم كونستنتاين أن الواجب الإنساني يفرض إيقافا سريعا للحرب في اليمن، لكن الأمور لا تقاس بهذه الطريقة ويجب أن ننتظر للحصول على معلومات مؤكدة وصحيحة. أما التحرك الأميركي فيدل على أنهم يأخذون الأمور بجدية، ويجب أن نحصل على المعلومات الصحيحة قبل اتخاذ أي قرار قد يضر الجميع.

أما الكاتب والصحفي سعيد عريقات فيقول إن توجه الإدارة الأميركية وسلوكها في التعامل مع قضية خاشقجي يصعب الحديث معه عن فرض عقوبات، أو تفعيل أي قانون من القوانين التي يتم ذكرها.

وهو يرى أن تصريحات الرئيس ما زالت متذبذة لأنه يريد أن يحافظ على العلاقات مع السعودية خصوصا التجارية منها، ولذلك فإن الإدارة الأميركية لن تفرض عقوبات على الدولة السعودية بل ستكون ضد أفراد فيها.

ويؤكد أستاذ الإعلام في جامعة ولاية واشنطن لورانس بنتاك أن الأميركيين غير معنيين بالشرق الأوسط لكن قضية خاشقجي جذبت اهتمام الجميع، وهذا مؤشر على تعمق هذه القضية داخل الحياة الأميركية، لأن خاشقجي كان له حضور إعلامي وكان كاتبا مهما في واشنطن بوست.

عوامل استمرار التغطية
ويوضح جرار أن السعودية حاولت تغيير صورتها في أميركا وارتبط هذا التغيير بوجه الأمير محمد بن سلمان، ولهذا حظيت قضية خاشقجي بتغطية عالية في أميركا. وتناقض روايات الرئيس الأميركي بشأنها -بسبب التناقض السعودي- جعلها تبقى في صدارة الأخبار.

ويقول كونستنتاين إن أسباب بقاء قضية خاشقجي على رأس اهتمامات الصحف الأميركية هو أنه كان صحفيا، وزملاء المهنة يضعون قضيته على رأس أولوياتهم الخبرية. ومن الواضح أن خاشقجي كان يحظى بعلاقات جيدة في الوسط الإعلامي، خصوصا أنه كان يكتب في صحيفة أميركية ذات شهرة عالية.

لكن عريقات يتهم الأميركان بالعنصرية ويؤكد أن عنصريتهم بدت واضحة عبر التعامل مع القضية؛ فهم لا يتفاعلون إلا مع الخليج المرتبط بمصالحهم، والجريمة المتركبة ضد خاشقجي استمر التفاعل معاها لأن أخبارها خرجت بطريقة تقسيط المعلومات.

وقد أكسبت هذه الطريقة -التي ما زالت مستمرة- قضية خاشقجي زخما كبيرا، كما لكن عمله في واشنطن بوست أعطاها زخما أكبر. هناك قطاع واسع من الشعب الأميركي يريد معاقبة السعودية لأنهم يعتبرونها متغطرسة ويرون وجوب معاقبتها.

وفي المقابل؛ يرى بنتاك أن الإعلام الأميركي لا يرى إلا ما يخصه وهذا ما حصل في قضية خاشقجي، ولأنه يعمل في أميركا تم التفاعل مع قضيته، وإلا فهناك العديد من الصحفيين يقتلون ولا أحد يتحدث عنهم لأنهم غير مرتبطين بالشعب الأميركي.