من واشنطن

هل تشعل هجمات باريس حربا جديدة بين الإسلام والغرب؟

ناقشت حلقة الثلاثاء 13/1/2015 من برنامج “من واشنطن” مع ضيوفها احتمال أن يفتح الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو حربا جديدة بين الغرب والإسلام، وسبب التركيز على الانتماء الديني للفاعلين.

بعد هجمات نيويورك ولندن، أثارت هجمات باريس نفس المشاعر في نفوس الغربيين تجاه الإسلام والمسلمين عقب هجوم مسلحين على مقر صحيفة شارلي إيبدو والذي أسفر عن مصرع 12 شخصا.

وكانت لوموند الفرنسية قد خرجت تحمل العنوان "كلنا أميركيون" عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 على أميركا، ورد الأميركيون على ذلك بالتعاطف مع الفرنسيين حكومة وإعلاما استنكارا للهجمات على باريس.

تطرف مضاد
وللوقوف على مسببات الهجوم على باريس، رأى المحلل السياسي في شبكة الجزيرة مروان بشارة أن جانب العسكرة و"التطرف" يلعب دورا رئيسيا فيما حدث بباريس، وأكد أن الموضوع لا يتعلق بالصراع بين الغرب والشرق، وإنما هو موضوع يتعلق بالتطرف وتجاهل كل قيم الاعتدال في المعسكرين.

وقال بشارة إن تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة يلتقيان مع متطرفي الحرب في الغرب، كما أشار إلى دور "إرهاب الدولة" الذي يحدث بالعراق ومالي وسوريا، والدور الكبير الذي يلعبه في تغذية "الإرهاب".

وأوضح أن الهجوم لا يستهدف الصحيفة وحدها وإنما هو محاولة لخلق فجوة وعداء بين العالم الغربي والإسلام بهدف خلق قاعدة أكبر "للإرهاب".

وأشار المحلل السياسي بشبكة الجزيرة إلى أن فرنسا لديها ماضٍ استعماري وتدخلات آنية بمالي وتشارك بالحرب ضد "الإرهاب" بمعاونة أميركا، وهي ترى نفسها علمانية، وتعتبر الإسلام هو التحدي الأساسي للعلمانية.

ووفق بشارة، فإن العلمانية الفرنسية جرى تفسيرها بشكل سيئ بأيدي بعض العلمانيين الفرنسيين الذي يريدون تسخيرها لخدمة أهدافهم الخاصة، وأوضح أن الواجب كان يحتم على الدولة أن تحترم حق أي مواطن في أن يدين بالدين الذي يريد، ولكن الذي يحدث الآن هو أن التعامل مع المسلمين يتم على أساس أنهم الطرف النقيض للعلمانية.

فشل الاندماج
ومن بروكسل، أوضح الناشط والصحفي دياب أبو جهجه أن للمسلمين رؤية مغايرة للهجوم على الصحيفة بباريس، وأكد أنهم لا يؤيدون الرسوم ولكنهم يقفون مع حرية الرأي، وحق كل شخص في التعبير، مع التأكيد على أن الإسلام والمسلمين جزء أصيل من أوروبا.

وقال أبو جهجه إن الشرطي الذي كان يحاول أن يحمي الصحفيين كان مسلما متدينا وملتزما وتمت تصفيته بطريقة همجية من قبل المهاجمين، وأوضح أن اليمين المتطرف أراد استغلال هذه الحادثة لضرب التعايش المتسامح في أوروبا.

وحول فرص تكرار ما حدث في فرنسا، قال أبو جهجه إن العالم مترابط لدرجة أن ما يحدث في الدول العربية له تداعيات سلبية أو إيجابية على أوروبا.

وأكد أن فرنسا وأوروبا بمجملها فشلت في إدماج الكثير من الشباب المسلمين بمجتمعاتها واقتصادها، حيث قوبلوا بالتمييز في الدراسة وسوق العمل، الأمر الذي جعل الشرخ يتسع يوما بعد آخر بين فئات المجتمعات الأوروبية.

العنف الأخلاقي
الصحفي والمحلل السياسي علي يونس، قال إن الغرب يرى كل حادث يكون أحد أطرافه مسلم على أنه إعلان حرب بين الغرب والإسلام، وأضاف أن الغرب أيضا يستخدم "العنف الأخلاقي" مما يجعل المجتمعات العربية والإسلامية بموقف الدفاع، الأمر الذي يصعب عملية التصالح بين الطرفين.

ودعا يونس المجتمعات العربية إلى التطور والتقدم والخروج من قوقعة الانهزام وعدم اتخاذ العنف و"الإرهاب" وسيلة للتعامل، لأن ذلك يسيئ إلى صورة الإسلام الحقيقية.

وعبر يونس عن أسفه لمقتل الصحفيين، ولكنه أشار إلى أن العلاقة عضوية ما بين المؤسسات الأمنية والعسكرية بالغرب والحكومات الديكتاتورية في العالم العربي، وأكد أن الإعلام الغربي يتعامل مع الدين الإسلامي كأنه مباح، دون احترام لمشاعر المسلمين، وبطريقة استفزازية.

ازدواجية المعايير
ومن ناحيته، عبر رئيس مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) نهاد عوض عن إدانته لكل العمليات "الإرهابية" التي يرتكبها البعض ولا تحمل صبغة دينية، وشدد على أن الإعلام الغربي الذي يسيطر على الأخبار دمَغ الإسلام بصورة نمطية، إضافة إلى سوء الفهم وعدم معرفة حقيقة الإسلام في الغرب الأمر الذي يجعل الفجوة الثقافية كبيرة بين المسلمين والإنسان الغربي الذي يعيش في الغرب.

وأكد عوض أن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية يدين جميع السياسات "الظالمة" التي تقع على البشرية في كل مكان بغض النظر عن مصدرها.

واتفق مع أبو جهجه في أن أوروبا فشلت بإدماج المسلمين في تلك القارة، بعكس القوانين الأميركية التي تتعامل مع الجميع على قدم المساواة.
 
وضرب عوض مثلا بازدواجية المعايير في تقدير النفس البشرية التي يمارسها الإعلام العالمي عندما قتل 37 شخصا في نفس اليوم بالكلية العسكرية في اليمن ولم يلتفت أحد لتغطية ظروف مقتلهم، بينما تداعى الإعلام لمتابعة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بحادث باريس الذي سقط فيه 12 شخصا.