من واشنطن

انتهاء مهام هيلاري كلينتون

بعد أربع سنوات على رأس وزارة الخارجية، أنهت هيلاري كلينتون مهامها هناك بتقييم متفائل لإنجازات إدارة أوباما ولمستقبل القوة الأميركية حول العالم. فهل هناك فعلا ما يبرر تفاؤل كلينتون؟ وما طبيعة التحديات التي تتوقع أن تواجه خلفها في المنصب؟

– السياسة الخارجية الأميركية بين ولايتي أوباما
– القوى الدولية الصاعدة في مواجهة النفوذ الأميركي

– ميراث كلينتون في شمال أفريقيا والشرق الأوسط

– صفقة أوباما وكلينتون في السياسة الخارجية

– جون كيري والملفات الساخنة في الشرق الأوسط

 

‪عبد الرحيم فقرا‬ عبد الرحيم فقرا
‪عبد الرحيم فقرا‬ عبد الرحيم فقرا
‪ستيفن والت‬ ستيفن والت
‪ستيفن والت‬ ستيفن والت
‪خليل جهشان‬ خليل جهشان
‪خليل جهشان‬ خليل جهشان
‪سعيد عريقات‬ سعيد عريقات
‪سعيد عريقات‬ سعيد عريقات

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلاً بكم جميعاً إلى حلقة جديدة من برنامج من واشنطن، كانت سيدة أولى ثم أصبحت عضواً في مجلس الشيوخ عن نيويورك إحدى أهم الولايات الأميركية ثم كادت أن تصبح أول رئيسة أميركية في تاريخ البلاد قبل أن تشغل في نهاية المطاف ولمدة أربع سنوات منصب وزيرة الخارجية في إدارة أوباما الأولى، الحديث هنا هو طبعاً عن هيلاري كلينتون التي سنعيد جزء من لقاء لنا معها بثلاثة أيام بعد سقوط الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك معي في الأستوديو كلاً من خليل جهشان من جامعة بيبردين سابقاً، والصحفي سعيد عريقات مرحباً بكما، في آخر يوم لها على رأس الدبلوماسية الأميركية خصّها موظفو الوزارة بوداع أكد من ضمن ما أكد ما يقوله العديد من الأميركيين من أن الساسة بالدولة الأميركية يأتون إلى المناصب ثم يرحلون عنها مهما كانت شعبيتهم لأن المهم ليس الشخص بل المؤسسة وسياستها، ومن يدري فقد تعود كلينتون لخوض غمار المنافسة الرئاسية عام 2016 بالمناسبة سيكون عمرها عندئذ 69 عاماً، لكن كلينتون تركت منصبها كوزيرة للخارجية وسط جدل مستعر حول وضع القوة الأميركية في العالم، مقتطفان من مجلة الشؤون الخارجية يختزلان هذا الجدل، المقالة الأولى تحت عنوان إلى الأمام دفاعاً إلى التدخل الأميركي مقتطف منها يقول: " من الجدير بالذكر أنه خلال الحرب الباردة حاولت كلٌ من كوريا الجنوبية وتايوان الحصول على الأسلحة النووية وكانت الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي أوقفهم عن ذلك، وقد استخدمت الولايات المتحدة التزاماتها الأمنية في كبح الإغراءات الذرية لكل منهما، ونحن الآن في وضع مشابه فلو خرجت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط بين الدول التي تدعمها واشنطن حالياً وأهمها إسرائيل ومصر والسعودية قد  تعمل بطريقة يمكن أن تزيد من حدة المعضلات الأمنية في المنطقة"، المقالة الثانية في نفس المجلة تحت عنوان "التراجع دفاعا عن سياسية خارجية أميركية أقل تدخلاً" مقتطف من المقالة يقول: "إن هذه الإستراتيجية غير المنضبطة والمكلفة والدموية قد ألحقت أضرارا هائلة بالأمن القومي الأميركي إنها تأتي لنا بالأعباء بالسرعة نفسها التي تقتلهم بها ولا تشجع الحلفاء على دفع تكاليف دفاعاتهم بأنفسهم وتقنع الدول القوية على الوقوف سوياً ومعارضة خطط واشنطن مما يرفع تكاليف عملنا أو عمل سياستنا الخارجية وتنفيذها"، في خطابها ما قبل الأخير كوزيرة للخارجية في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن قدمت كلينتون تقييماً متفائلاً لانجازات الإدارة الأميركية خلال الأربعة سنوات الأخيرة ولمستقبل القوة الأميركية بصورة أعم.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون/وزيرة الخارجية الأميركية السابقة: نظراً لأن الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي له القدرة والتصميم على جمع أمم مختلفة سوياً وعلى حل المشاكل في العالم فلما نتهرب من هذه المسؤولية أو نتجنبها إن قدراتنا على العمل الجماعي وكذلك على العمل بمفردنا عندما تدعو الحاجة لا مثيل لها، ولذا فعندما أقول أننا الأمة التي لا غنى عنها فإنني لا أتبجح في شعار فارغ بل أنه اعتراف بدورنا وبمسؤوليتنا ولذلك فإن من يقول بتراجع القوة الأميركية مخطئ تماماً.

عبد الرحيم فقرا: البروفيسور ستيفن والت الذي يشتهر بعدة كتب ومقالات من بينها كتاب ألفه بالاشتراك مع زميله جون ميرشايمر عن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة كان يقول بنظرية تراجع القوة الأميركية، سألته في وقت سابق إن كان لا يزال عند موقفه ذاك ولكن قبل ذلك ينضم إليه الزميل فادي منصور من مقر وزارة الخارجية الأميركية، فادي حفاوة الوداع إن جاز التعبير التي خص بها الموظفون، موظفو وزيرة الخارجية كلينتون في يومها الأخير هناك هل يعكس ذلك مشاعر حقيقية بأن هذه السيدة قدمت شيئا خارج عن المعتاد أم أن حفاوة الوداع كانت برتوكولية يخص بها أي شخص يغادر وزارة الخارجية بعد أن قضى أربع سنوات على رأسها.

فادي منصور/ مراسل الجزيرة: نعم عبد الرحيم، هذا سؤال مهم جدا لا شك أن هناك جانب برتوكولي من هذا الوداع ولكن لا شك أيضا أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تمتعت بشهرة ما تشبه شهرة النجوم الكبار، نجوم السينما أو نجوم الفن، وهذا عملياً محفور في ذاكرة الكثير من الأميركيين وخصوصاُ هنا في وزارة الخارجية، وبالتالي هذا الوداع فيه نوع من الحنين، السؤال المهم ما هو الذي أنجزته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في خلال السنوات الأربعة الماضية، الإجابة على هذا السؤال عمليا تنطلق من المجيب وبالتالي قد تلقى إجابات مختلفة، ولكن على المستوى العام هناك اتفاق بأن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تمكنت من أن تخرج من وزارة الخارجية بسمعة طيبة ولكن من دون انجازات كبيرة لأكثر من سبب، أولا أن الملفات الكبرى في عهد إدارة أوباما الأولى بقيت في ظل البيت الأبيض، عمليا من ملف إيران إلى ملف العراق ودون تحقيق على سبيل المثال انجازات في الملف الإسرائيلي الفلسطيني وعملية التسوية إلى قضية أفغانستان ومن ثم التحولات الكبرى التي حصلت في الشرق الأوسط وعندما حاولت أن تلعب دورا ما كما حصل في الحالة المصرية على سبيل المثال كلنا نذكر الإخفاق الأول أو عمليا الخطوة الناقصة التي ارتكبتها عندما وصفت الرئيس مبارك بأنه صديق للعائلة وصديق عزيز وثم عندما ذهبت إلى مصر عمليا كيف رصد الكثير من القيادات الشبابية استقبالها، وبالتالي هناك مجموعة أسئلة يمكن أن تكون مفتاح للإجابة على هذا السؤال، أولا: هل كانت هيلاري كلينتون فعلا هي السيدة الأولى للدبلوماسية في عهد إدارة أوباما أم أنها كانت لاعب من بين لاعبين آخرين لتطبيق هذه السياسية؟ وثانيا: هل عدم قدرة هيلاري كلينتون على تحقيق انجازات كبرى هو يشير إلى تراجع القوة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما؟ وثالثا: عدم قدرتها على تحقيق اختراقات هل هو دليل على أن إدارة أوباما عمليا لم تنخرط كثيرا في الدبلوماسية؟

عبد الرحيم فقرا: فادي بإيجاز اكبر لو سمحت يعني مقتل كريس ستيفنز السفير الأميركي في بنغازي في خضم الوضع العنيف الذي آلت إليه الأمور في ليبيا هي طبعا قبلت المسؤولية عن مقتل كريس ستيفنز في العلن، هل هذه الحفاوة التي وُدعت بها في وزارة الخارجية انعكاس لتناسي الموظفين لمقتل كريس ستيفنز أم انه تأكيد لما قالته هيلاري كلينتون بأن التضحية هي من واجب من يعمل لحساب المصالح الأميركية حول العالم؟

فادي منصور: لا شك أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في نهاية المطاف تحملت المسؤولية الكاملة عما حدث في القنصلية الأميركية في بنغازي، ولكن هناك شعور في وزارة الخارجية بأن الحملة التي شنت على وزيرة الخارجية الأميركية فيما يتعلق بهذا الهجوم شنت في سياق عملية الاستثمار السياسي أولا خلال فترة الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح الجمهوري حينها ميت رومني،  ومن ثم في محاولة لتصفية حسابات مع إدارة الرئيس باراك أوباما وتحديدا مع هيلاري كلينتون، ولا شك أنها أثارت رد فعل مقابل هنا من الموظفين في وزارة الخارجية بمعنى أنهم يقدمون التضحيات في حين أن هذه تضحيات تستخدم للاستثمار السياسي خصوصا أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت في آخر جلسة استماع ما الذي سينفع الآن؟ هؤلاء الرجال عمليا قتلوا، وما الذي سيغير من الوضع من المهم أن نتلافى أن تقع أحداثا من هذا النوع.

السياسة الخارجية الأميركية بين ولايتي أوباما

عبد الرحيم فقرا: شكرا للزميل فادي وقد انضم إلينا من وزارة الخارجية وشاهدنا هناك صور لجون كيري في أول يوم له في الوزارة، أول يوم من أيامه كوزير جديد للخارجية الأميركية، سنناقش ما يمكن أن يقدمه كيري في أعقاب هيلاري كلينتون مع ضيفيّ في الأستوديو، ستيفن والت كما سبقت الإشارة كان قد انضم إلينا من بوسطن، بروفسور والت  مرحبا بك بُعيد ما يسمى  بالربيع العربي كنت قد قلت لنا في مقابلة إنك تعتقد أن القوة الأميركية حول العالم تتراجع، في نهاية الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما هل لا تزال عند موقفك ذاك؟

ستيفن والت: أعتقد أن إدارة الرئيس أوباما أبطئت أو أوقفت خلال ولايته الأولى التراجع في القوة الأميركية، كما أن هناك فرصة في أن يتحسن موقف القوة الأميركية نسبيا في العقد المقبل، من الصحيح أن دولا أخرى باتت تنمو بشكل متسارع مثل البرازيل والصين لكن الولايات المتحدة ستبقى الدولة الأقوى في العالم لسنوات عديدة قادمة.

عبد الرحيم فقرا: ما الذي جعلك تغير موقفك على النحو الذي سمعناه الآن؟

ستيفن والت: السبب الأساسي  هو  أن الاقتصاد الأميركي بدأ يتعافى من الأزمة المالية العالمية التي حصلت في عامين 2007، 2008 كما أن الولايات المتحدة بدأت بتصحيح بعض الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها خلال إدارة الرئيس جورج بوش، لم تعد الولايات المتحدة متورطة في العراق وسوف تسحب قواتها من أفغانستان فإن إنهاء هذين الصراعين سيعودان بفوائد كبيرة على الولايات المتحدة.

عبد الرحيم فقرا: في تلك المقابلة كنت قد قلت إنك تعتقد أو كنت تعتقد آنذاك أن تراجع القوة الأميركية كان قد بدأ في مرحلة إخراج قوات الرئيس العراقي السابق صدام حسين من الكويت بعد غزو ذلك البلد، الآن تقول أن الرئيس باراك أوباما قد صحح بعض الأخطاء الذي ارتكبها جورج بوش، هل التراجع في القوة الأمريكية راجع لإدارة جورج بوش أم لإدارات سبقت جورج بوش وصححها باراك أوباما كما تقول الآن؟

ستيفن والت: الولايات المتحدة بدأت عدة سياسات في التسعينات بعضها كان ناجحا والآخر لم يكن كذلك، فسياسة الاحتواء المشترك في الخليج على سبيل المثال في التسعينات كانت فاشلة بشكل عام، القرار بغزو العراق في عام 2003 كان بوضوح كارثيا، اعتقد أن الولايات  المتحدة أدركت الآن أنه كان لديها بعض الالتزامات التي تفوق طاقتها ومع التخفيف من هذه الالتزامات من المرجح أن يتحسن وضعها في العالم.

القوى الدولية الصاعدة في مواجهة النفوذ الأميركي

عبد الرحيم فقرا: ماذا عن صعود قوى أخرى كروسيا والصين في ظل هذا التحسن الذي تتحدث عنه أنت بالنسبة لأداء  باراك أوباما، أين ترى مسألة المنافسة بين الولايات المتحدة وهذه القوى الصاعدة؟

ستيفن والت: لا أعتقد أن روسيا قوة صاعدة في هذه الفترة فهي لا تمثل نداً سياسياً أو جغرافيا للولايات المتحدة، إن تعداد سكانها يزيد سنا وتراجعا ولا أعتقد أنها ستكون منافسا رئيسيا للولايات المتحدة في المستقبل، أما الصين فقد تشكل تحديا كبيرا للولايات المتحدة إذا واصلت نموها الاقتصادي الحالي لكن صعود الصين يشكل أيضا مشكلة لعدة دول أخرى، وهذه الدول سترحب بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة في المستقبل، فإذا كان صعود الصين سيشكل مشكلة لكنني أرى أن الولايات المتحدة ستتمكن من التعامل معها في السنوات المقبلة.

عبد الرحيم فقرا: بالنسبة للصين، هل قدرة الصين على منافسة الولايات المتحدة كقوة عالمية هل تراجعت في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما أم أنها زادت صعودا أم أنها لم تتراجع ولم تتقدم؟

ستيفن والت: بإمكاني القول إنها بقيت كما هي، الصين تواجه عدة تحديات داخلية الآن مثل تعديل اقتصادها بعد فترة من النمو السريعة، التعامل مع المطالب بالمزيد من المساءلة، والتعامل مع  تعداد سكاني يزيد شيخوخة والتراجع في قوة العمل وأخيرا التعامل مع عدة مشاكل بيئية وبعض المصاعب الاقتصادية أيضا، لذا أرى بأن الصين ستظل منافسا محتملا للولايات المتحدة، لكن على مدى السنوات العشر أو الخمسة عشر المقبلة ستواجه عدة مشاكل أيضا ولا أعتقد أن أحدا سيتوقع بأن تتصدر الصين الموقع الأول في العالم في المدى القريب.

عبد الرحيم فقرا: الآن أين موقع المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، برمتها سواء تحدثنا عن العرب أو غير العرب في هذا التقدم الذي تقول أنت انك تتوقع من القوى الأميركية أن تحرزه في المستقبل؟

ستيفن والت: أعتقد أنك رأيت  الولايات المتحدة تحاول التقليل من وجودها في  منطقة  الشرق الأوسط وأعتقد أن الولايات المتحدة تتفهم الآن بأن وجودها العسكري الكبير في  ذلك الجزء من العالم  ليس بالفكرة السديدة، وأنه يخلق الكثير من المقاومة ويثير غضب الكثير ضد الولايات المتحدة، لذا أرى بأنها ستحاول تحقيق هدفها في الشرق الأوسط بأقل قدر من الخسائر لدرجة أنها تسعى إلى أن تكون أقل تدخلا وتورطا في الشرق الأوسط وهذا لا يعني أنها ستختفي بل ستبقى على اتصالات وثيقة مع عدد من الحكومات هناك لكنها لن تكون فاعلة أو نشطة في المنطقة كما كانت في السابق.

عبد الرحيم فقرا: بروفيسور والت كما تعرف ويعرف الجميع هيلاري كلينتون أنهت ولايتها كوزيرة للخارجية الأميركية الأسبوع الماضي، في أحد خطاباتها تحدثت عن القوة الأميركية قالت أن من كانوا يتحدثون عن تراجع القوة الأميركية مخطئون تماماً وأريد أن تسمع لجزء ما قالته هيلاري كلينتون في ذلك الخطاب.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون/وزير الخارجية الأميركية السابقة: إن مواصفاتنا كأمة هي في انفتاحنا وتجددنا وتنوعنا وإن إخلاصنا لحقوق الإنسان والديمقراطية متفقة بجلاء مع مطالب هذا العصر وهذا العالم المترابط، وإذ نتطلع إلى السنوات الأربع القادمة وما بعدها يجب أن نستمر في دفع تلك القضايا قدما، وعلينا أن نعزز تواصلنا مع آسيا ومنطقة المحيط الهادي دون أن نحول أنظارنا عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويجب أن نستمر في العمل على الحد من انتشار الأسلحة الفتاكة خاصة في إيران وكوريا الشمالية، وأن ندير بنجاعة إنهاء مهماتنا القتالية في أفغانستان دون إهمال التركيز على القاعدة وأتباعها، وأن نعمل على برامج اقتصادية واسعة النطاق في آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا أيضا.

عبد الرحيم فقرا: بروفيسور والت، هيلاري كلينتون ما تقوله هنا هو أن الولايات المتحدة في المستقبل قادرة على أن تتعامل ليس مع منطقة من العالم أكثر من منطقة أخرى، قادرة أن تتعامل مع كل مناطق العالم: آسيا، الشرق الأوسط، أمريكا اللاتينية، أوروبا كيف تنظر أنت إلى ذلك؟

ستيفن والت: هناك أمران يجب ذكرهما هنا الولايات المتحدة ما زالت الدولة الأقوى في العالم وما زال لديها وجود عسكري في كل قارة حول العالم تقريباً، كما أنها ما زالت مهتمة بالتطورات السياسية في كثير من أنحاء العالم، من هذا المنطلق كانت وزيرة الخارجية كلينتون محقة بقولها أن الولايات المتحدة لم تنسحب من العالم وأنه ما زال لديها الكثير من المصالح، وهذا يعني أن على الولايات المتحدة أن تلتزم الحرص في المستقبل بشأن أين وكيف تستخدم قوتها، ويجب أن تفعل ذلك حيث لديها مصالح هامة وحيث تكون فرصنا عالية في النجاح، أعتقد أن هذا هو المنحى الذي اتبعته إدارة الرئيس أوباما بعكس إدارة بوش، وأعتقد أن هذا أحد الأسباب بأن الولايات المتحدة في موقع أفضل بكثير مما كانت عليه قبل أربع سنوات.

عبد الرحيم فقرا: هل ذلك بفضل هيلاري كلينتون أم بفضل باراك أوباما؟

ستيفن والت: أعتقد أن من المعقول القول أن العقل المدبر للسياسة الخارجية الأميركية في إدارة أوباما هو الرئيس أوباما نفسه، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون كانت ناجحة جدا في دورها كوزيرة للخارجية، ولكن فقط في إطار دور معين ضمن الإدارة الأميركية، فهي كانت لاعبةً جيدةً جداً ضمن الفريق لكنها لم تمنح صلاحية مستقلة لإدارة الكثير من جوانب السياسة الخارجية بمفردها، البيت الأبيض احتفظ بهذه الصلاحيات وهي لعبت دور البائع أو المروج لهذه السياسة الخارجية، وكانت بمثابة شخص يستطيع تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم لكنها لم تكن صوتاً مستقلا في مجال السياسة الخارجية.

عبد الرحيم فقرا: ونهاية وبإيجاز هل تتوقع من وزير الخارجية الجديد جون كيري أن يتمتع بالاستقلالية أم أنك تتوقع أنه سيكون صوت سيده كما يقال؟

ستيفن والت: أعتقد أنه سيشغل دورا مشابها بحيث يتخذ الرئيس أوباما ومستشاروه في البيت الأبيض القرارات الكبرى في مجال السياسة الخارجية، أعتقد أنهم سيستمعون لآراء السيد كيري فهم يرونه متوافقاً مع الرئيس، لكن في نهاية الأمر لن يعطى سلطات مستقلة للتصرف بشكل مستقل.

عبد الرحيم فقرا: ستيفن والت، استراحة قصيرة ينضم لي بعدها كل من: خليل جهشان، وسعيد عريقات ثم عودة إلى المستقبل، إعادة لمقابلة أجرتها هيلاري كلينتون مع الجزيرة ثلاثة أيام بعد إرغام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك على التنحي.

[فاصل إعلاني]

عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم مرة أخرى في هذه الحلقة من برنامج من واشنطن معي في هذا الجزء من البرنامج كل من خليل جهشان وسعيد عريقات، أريد أن نستمع لمقتطف مما قالته هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي ثم نعود.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون/وزير الخارجية الأميركية السابقة: لقد تم إحراز تقدم وقد عاد الجنود الأميركيون من العراق، ويقوم الناس اليوم بانتخاب قادتهم للمرة الأولى خلال أجيال أو على الإطلاق في مصر وتونس وليبيا، لقد أقامت الولايات المتحدة وشركاؤها ائتلافا موسعاً لوقف قتل القذافي لشعبه، وهناك وقف إطلاق نار قائم في غزة،  وهذه أمور جميعها جيدة ولكنها ليست كافية، إن الاضطرابات المستمرة في مصر وليبيا تشير إلى مصائب توحيد بلد منقسم وإلى صعوبة بناء مؤسسات ديمقراطية ذات مصداقية، ولا يبدو أن هناك حلحلة في مأزق بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي سوريا يستمر نظام الأسد في ذبح شعبه وإثارة النزاعات الطائفية، وإيران مستمرة في طموحها النووي وفي دعمها للمتطرفين من دعاة العنف في العالم، وما زلنا نواجه تهديد الإرهاب من اليمن وشمال أفريقيا.

ميراث كلينتون في شمال أفريقيا والشرق الأوسط

عبد الرحيم فقرا: خليل هكذا قدمت هيلاري كلينتون ما وصفته بميراثها في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تقول يجب التركيز على أن الكأس ليست نصف فارغة بل نصف ممتلئة، ما رأيك؟

خليل جهشان: طبعا هي عبرت عن تفاؤلها شخصياً بالنسبة لأدائها ولكن بصراحة إذا أردنا أن نكون موضوعيين يعني إرث هيلاري كلينتون كوزيرة خارجية هو موضع تساءل كبير جداً وجدال ساخن هنا في الولايات المتحدة، هناك من يعتبرها بأنها كانت من أفضل وزراء الخارجية كما قال الرئيس أوباما نفسه وهناك من يعتبرها أنها في الواقع لم تكن إلى هذه الدرجة من النجاح كوزيرة خارجية، لا شك أنها أنجزت بعض الأمور خصوصا من منطلق أميركي داخلي بالنسبة لإدارتها مثلاً لوزارة الخارجية من ناحية إعادة نوعاً ما، صياغة عملية صنع القرار داخل وزارة الخارجية، التعيينات الكبيرة التي في الواقع جاءت بها بالنسبة لخصوص تعيين النساء في وظائف هامة، أعطت المرأة الأميركية دور رئيسي في صنع القرار بالنسبة للسياسة الخارجية وهذا هو دور غير معهود تاريخياً هنا في الولايات المتحدة ولكنها لم تنجز أي شيء، يعني لا نستطيع أن نقول أنها كانت على مستوى جيم بيكر أو على مستوى هنري كيسنجر..

عبد الرحيم فقرا: لم تكن عقد فريد، سعيد..

سعيد عريقات: بكل تأكيد أن إنجازات هيلاري كلينتون إذا ما نظرت إليها بشكل علمي تجد أنها ليست كثيرة، إلا باستثناء بوما هي طبعاً وأخذت هي حقيقةً  وأشارت إلى أن بوما هي إنجاز كبير كما أنه في خطابها الأخير ذكرت وقف إطلاق النار في العدوان الإسرائيلي على غزة بين حماس وإسرائيل حيث كانوا كما تذكر كانوا في آسيا واضطرت إلى الذهاب هناك في..

عبد الرحيم فقرا: إنما عفواً أليس من الغريب أن يحصل تقريباً شبه إجماع على أن السياسة الخارجية تصنع ليست في وزارة الخارجية بل في البيت الأبيض ومع ذلك يخضع أداء هيلاري كلينتون للتقييم سلباً أو إيجاباً.

سعيد عريقات: أعتقد أن إيجاباً لها بمعنى أنها كانت أكثر تأثيراً من سلفها، أكثر تأثيراً من كونداليزا رايس مع جورج دبليو بوش وهنا أعتقد أننا سنرى فرق بين التعامل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع الرئيس أوباما وكيري الوزير الجديد مع الرئيس أوباما، أعتقد أن كيري سينتظم تماما إلى الرئيس أوباما ولن يكون هناك بعض التوترات بينهما على الكثير من القضايا، سمعنا يوم أمس أو اليوم الأول من أمس عبد الرحيم أنه كان خلافا بين كلينتون وبين الرئيس على قضية سوريا على سبيل المثال هي عملت مع رئيس السي آي إيه السابق من أجل تسليح المعارضة وتمكنت من الحصول على تأييد وزير الدفاع بانيتا ورفض ذلك أوباما، أنا أعتقد أننا لن نرى هذا النوع من الاختلاف على قضية مهمة جدا مع كيري.

صفقة أوباما وكلينتون في السياسة الخارجية

عبد الرحيم فقر: سنعود إلى موضوع كيري إنما قبل ذلك خليل مسألة أثارها سعيد هيلاري كلينتون من أرصدتها أنها كانت قريبة ومسموعة لدى الرئيس باراك أوباما هل كانت قريبة ومسموعة لدى الرئيس باراك أوباما  بمحض قدراتها هي كوزيرة خارجية أم بمحض الصفقة التي يقال أنها في الأصل عقدت بينها وبين باراك أوباما بعيد فوزه في الانتخابات؟

خليل جهشان: في الواقع يعني هنا تكمن المعضلة في هذه العلاقة المتناقضة يعني نوعا ما هي قبلت بوظيفة منقوصة نوعا ما لم تكن وزير خارجية عادي كانت يعني مجرد أو ناشطة وكأنها سفير عالي المستوى للرئيس أوباما لتطبيق سياساته في جميع أنحاء العالم، ولكن في نفس الوقت يعني إخلاصها كعضو في هذا الفريق هو الذي في الواقع سبب فشلها في عدم إنجاز أي نجاح كبير في هذه الإدارة، لأنها انصاعت إلى أوامر البيت الأبيض كان بإمكانها أن تتحدى البيت الأبيض إن كان بالقضية السورية أو بالقضية الفلسطينية.

عبد الرحيم فقرا: لكنها تحتاج البيت الأبيض عام 2016 إذا قررت أن تترشح لمنصب الرئاسة.

خليل جهشان: هذا صحيح لأنه في الأساس يعني هي دخولها إلى هذه الإدارة منذ البداية كان قرار سياسي من قبلها و من قبل الرئيس أوباما ولم تكن يعني بالنسبة إلى احتياج الرئيس أوباما إلى شخصية متمرسة من  السياسة الخارجية وأرادها بأن تعطي هذا الزخم لسياسته الخارجية في البيت الأبيض.

سعيد عريقات: أنا أعتقد أن ما رأيناه يوم 27 January الماضي على برنامج "sixty minutes" يعطي فكرة عن طبيعة العلاقة..

عبد الرحيم فقرا: يعني هذه المقابلة المزدوجة جمعت بين أوباما وهيلاري كلينتون.  

سعيد عريقات: نعم بين هيلاري كلينتون وأوباما وهي حقيقة الأولى من نوعها فبتقديري هذا يدل بشكل أو بآخر على طبيعة الاتفاق الثلاثي والشراكة الثلاثية بين الرئيس أوباما و بين هيلاري كلينتون وبين الرئيس السابق بيل كلينتون، أعتقد أنه رغم نفيها وإنكارها أنها ستخوض المعركة عام 2016 أعتقد أن هذه المقابلة وظهوره معه والقول أنها ربما من أهم وزراء الخارجية في التاريخ الأميركي علينا أن نتذكر أن  sector State أو وزير الخارجية، أو الذي نطلق عليه وزير الخارجية كان موقعا بالغ الأهمية في القرن التاسع عشر وقبل ذلك وكان شبه رئيس وزارة حقيقةً، نعم كان له ثقل كبير جدا، فهو بالظهور معها هو أعطاها رفعا كبيرا وأعتقد أنه أعطاها خطوة إلى الأمام في عملية إن شاءت أن تخوض معركة 2016.

عبد الرحيم فقرا : ماذا يعني ذلك بالنسبة لجون كيري، يعني إذا كانت المسألة شخصية بهذا الشكل بين أوباما وهيلاري كلينتون مما مكّن هيلاري كلينتون من أن تحتل كل هذا الوزن وهذا الثقل ماذا يعني؟ ليست هناك علاقة شخصية اللهم أن كيري كان مسؤول في البداية عن بروز شخصية باراك أوباما في مؤتمر الديمقراطيين.

سعيد عريقات: بكل تأكيد، ولكن علينا أن نتذكر أن كيري لا يريد أن يكون أكثر من وزير خارجية ليس له طموحات سياسية، هيلاري كلينتون تاريخيا هي شخصية سياسية، ولديها طموحات سياسية وربما قد تكون اعتبرت فترة وجودها كوزيرة خارجية هي فترة نقاهة وفترة انتقال أو فترة تعريفها للمسرح الدولي مع أنها كانت معروفة جدا استطاعت أن تتفادى المشاكل الكبيرة حتى مشكلة بنغازي كما يقول المثل العربي: استطاعت الخروج منها كالشعرة من العجين، مع أنه حقيقةً يجب على وزارة الخارجية تحمل هذه المشكلة وهي حقيقةً كما يسمى Scandal أو فضيحة ولكن رغم أنها قالت أنني أتحمل مسؤولية حقيقةً وضعت المسؤولية في ذلك على الآخرين.

جون كيري والملفات الساخنة في الشرق الأوسط

عبد الرحيم فقرا: خليل على ذكر مسألة  تحمل المسؤولية، بالنسبة لجون كيري معروف أن أحد الملفات التي كان جون كيري ينشط فيها جدا قبل بداية ما يوصف بالربيع العربي هو الملف السوري، وكان يحاول أن يقوم بما وصف آنذاك بإعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد، منتقدو الرئيس بشار الأسد منذ بداية ما يوصف بالربيع العربي ينتقدون بطبيعة الحال ما يقوم به أو ما يقولون أن بشار الأسد يقوم به من مذابح، كيف سيواجه جون كيري هذه المشكلة بالنسبة له، حاول إعادة تأهيل، الآن كيف سيتصرف مع الوضع في سوريا؟

خليل جهشان: أولا يعني يجب أن لا ننسى ما قاله الأخ سعيد بالرغم من أن هناك في الواقع علاقة متينة وعلاقة صداقة قديمة بين الاثنين من أيام مجلس الشيوخ ولكن يعني في نفس الوقت كيري يرضى في هذه الوظيفة هذه بالنسبة له هي نهاية المطاف يريد أن يتوج إرثه السياسي بإدارة وزارة..

عبد الرحيم فقرا: تقول بصرف النظر عما إذا كان سيحقق نجاحات أم لا؟

خليل جهشان: سيحقق نجاحات طبعا يعني هو إنسان طموح في الكثير من المجالات..

عبد الرحيم فقرا : هل سيحقق نجاحا مثلا في الملف السوري، هل تتوقع ؟

خليل جهشان: لا شك أنه سيركز على الملف السوري وبالنسبة للتيار يجب أن لا تفاجئ خصوصا بالنسبة لشخص براغماتي مثل كيري أن الوضع تغير في سوريا يعني هو غير ملتزم بالوضع الذي شاهدناه قبل سنة أو سنتين عند بداية الأزمة في سوريا، العلاقة القديمة بينه وبين الأسد يعني ليس لها اليوم أي مصداقية في ظل التغييرات التي مرت بها في بداية..

عبد الرحيم فقرا: إذا كان الأمر كذلك، عفوا إذا كان الأمر كذلك إذا كانت العلاقة بينه وبين بشار الأسد لا تتمتع بأي مصداقية كيف تتوقع أن يحرز تقدما في الملف السوري؟

خليل جهشان: سيحدث تقدما لأن الوضع تغير، اليوم هناك شبه إجماع أعتقد أن هناك نوع من الإرهاق اليوم من قبل جميع الأطراف بالنسبة إلى الأزمة في سوريا، الأطراف المشاركة في النزاع، والأطراف التي تدعم النزاع من الخارج كلها مرهقة اليوم وتقترب تدريجيا إلى حل سياسي .

سعيد عريقات: أنا أعتقد أن كيري بالملف السوري بالتحديد سيعمل على عدم التدخل، سيطرح سياسة عدم التدخل المباشر سواء عن طريق مد السلاح للمعارضة المسلحة سواء عن طريق التدخل المباشر كما ذكر ماكين كما طالب ماكين، ضرب مواقع المطارات الحربية والطيران الحربي السوري ومواقع الصواريخ إلى آخره، أنا أعتقد أننا سنرى كيري  يقوم بالتحذير من المغبة في ذلك والخوض في ذلك، الإنجاز الأكبر من وجهة نظري سيكون إيران، سيركز على الملف الإيراني وكما رأينا أن هناك على الأقل بعض التصريحات الإيجابية من قبل إيران بالنسبة للعودة إلى طاولة المفاوضات سيركز على ذلك، بالتأكيد سيدفع باتجاه سياسة عدم الاحتواء التي تحدث عنها الرئيس أوباما ولكنه أيضا سيعمل لأجل أن يكون هناك حل دبلوماسي، فإذن قضية إيران ستحتل الأهمية الأولى بالنسبة لكيري وأعتقد أنه كما رأينا من خلال مكالمته للرئيس الفلسطيني عباس ورئيس الوزراء نتنياهو أنه على الأقل سيعيد بعض الحياة إلى عملية السلام..

عبد الرحيم فقرا: التي كانت من ضمن أولى المكالمات التي قام بها؟

سعيد عريقات: كانت من ضمن أولى المكالمات أو ربما إذا ما ذهبنا إلى التقليد، هناك دائما المكالمة الأولى تذهب إلى هذه النقطة من العالم، لكن كما سمعت يوم أمس في الخارجية أعتقد أن كيري كما قيل لي أعطى التزام شخصي بأنه يدفع في هذا الاتجاه ويدفع بعملية السلام ويطالب الكونغرس على سبيل المثال بالإفراج عن الأموال الفلسطينية المحجوزة وغيره سيصلنا بعض النشاط الأكبر هناك أيضا بعض الأمل لدى هذه القوى أن عملية السلام ربما قد ترى تحركا.

خليل جهشان: اتفق مع هذا التحليل بالنسبة لموضوع فلسطين، كيري بالواقع انتقد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بالنسبة لإهمالها وفشلها في هذا الموضوع وحاول في الواقع أن يبعد نفسه عن هذا الموقف، فهو بالنسبة له هذا الموضوع موضوع هام وهو مقتنع بأن لديه العلاقات الشخصية الكافية مع جميع الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية ولديه الدعم الكافي من الرئيس أوباما بأن يحاول ليس فقط يعني أن يدير هذه الأزمة كما فعلت هيلاري كلينتون إنما أن يحاول أن يركز على حل هذه الأزمة.

عبد الرحيم فقرا: إنما عفوا مقارنة بالاتصالات يعني هيلاري كلينتون عندما وصلت إلى منصب وزيرة الخارجية كانت لديها اتصالات قوية مع مختلف الأطراف كانت لها اتصالات قوية مع مختلف الأطراف حتى داخل الكونغرس بما أنها كانت عضو عن ولاية نيويورك كانت لها اتصالات قوية مع الفلسطينيين، هل المشكلة في الاتصالات قوتها أو ضعفها أم أن المشكلة في مسألة الأولويات مسألة فلسطين والإسرائيليين ليست أولوية بالنسبة لإدارة أوباما الثانية؟

خليل جهشان: الأولويات لا شك تلعب دورا أهم ولا من الاتصالات ولكن في نفس الوقت هناك فرق كبير بين اتصالات مبنية على علاقة سياسية واتصالات مبنية على علاقة مهنية واقتناع بضرورة حل هذه الأزمة، هناك فرق كبير بين اتصالات كيري المبنية على الخبرة في العلاقات الخارجية وبين اتصالات هيلاري كلينتون التي كانت اتصالات سياسية ورثتها عن زوجها في الواقع نتيجة تعامله مع القضية الفلسطينية وعملية السلام بالشرق الأوسط، فلا نستطيع أن نساوي بين اتصالات هيلاري كلينتون واتصالات كيري

عبد الرحيم فقرا: توافق؟

سعيد عريقات: قضية أوافق إلى حد ما أنا اعتقد أن الفرق بين هيلاري كلينتون وكيري بالتحديد بقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هي التالي: أولا كيري لا يحمل المنارة التي حملتها هيلاري كلينتون بعد نهاية ولاية زوجها الأول، فهم شعروا كلاهما شعروا أنهم وضعوا الكثير على الساحة وياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الراحل رفضها وبالتالي كان هناك مرارة في التعامل مع الوضع الفلسطيني، كذلك لديها طموحات في منصب سياسي قادم أي الخوض بانتخابات الرئاسة عام 2016 وإذا ما نظرنا إلى الخلف عامان على الأقل مرا دون أن تحرك ساكنا حقيقة في عملية السلام فأعتقد أن كل هذه الأمور تدل على أنها كانت محبطة بالنسبة لعملية السلام فهي تعتبر أنها خاضت تجربة سيئة ولم يقدر عملها ولم يقدر جهودها الفلسطينيون.

عبد الرحيم فقرا: عفوا إنما إذا كان الرئيس باراك أوباما قد جعل من القضية الإيرانية كما أشار إلى ذلك خليل قبل قليل هي مربط الفرس في إدارته سواء على اقتناع أو تحت الضغط، ضغط إسرائيل وأنصارها هنا في واشنطن كيف يتوقع لكيري أن يتجاوز تركة هيلاري كلينتون بأن ينساق مع الساحة التي يتبناها رأس الحرب باراك أوباما؟

سعيد عريقات: أنا اعتقد أن كيري سيركز على الملف الإيراني ستكون القضية الأولى لأسباب كثيرة أهمها أن الولايات المتحدة لا تريد أن تخوض حربا مع إيران هناك من يحاول زج الولايات المتحدة في مواجهات ساخنة مع إيران بالتحديد حكومة الليكود الإسرائيلي حتى..

خليل جهشان: لهذا السبب اختلف معكما بالنسبة لهذا الموضوع يعني يجب عدم الفصل بين الملف الإيراني والملف الإسرائيلي وظيفة الإدارة حاليا..

عبد الرحيم فقرا: ألا يجب أن تختلف وتتفق معي أنا اسأل الأسئلة فقط، تفضل.

خليل جهشان: لا لا لمحت في السؤال يعني كانت هناك فصل بين الموضوعين ليس هناك فصل بين الموضوعين، التحدي الذي تواجهه الإدارة الآن في فترة حكمها الثانية هي كيف تمنع إسرائيل من جر أميركا إلى صدام عسكري مباشر مع إيران ربما سابق لأوانه ودون أن تكون الولايات المتحدة راضية عنه، فالحل الأفضل من وجهة نظر كيري هو أن تدخل إسرائيل في عملية سلام حاليا وأن تفرض عليها أن ترجع إلى مائدة المفاوضات وهذا في الواقع يعني ما سيمنع إسرائيل من الاستمرار في التركيز على هذا الموضوع في علاقاتها ثنائية مع واشنطن.

عبد الرحيم فقرا: فيما تبقى من هذه الفقرة من برنامج من واشنطن سعيد كيف تقيم أنت أداء هيلاري كلينتون وبطبيعة الحال هي ممثلة للإدارة برمتها في الملف المصري منذ قبيل سقوط مبارك حتى الآن؟

سعيد عريقات: أعتقد أن هيلاري كلينتون حتى ربما الأسبوع الأخير أو اليوم الأخير قبل سقوط مبارك تحدثت بإيجابية عن نظام مبارك وحاولت أن تقول إننا ندعم هذا النظام وأن هذا النظام حليف وأن هذا النظام هو حليف ثابت وقوي للولايات المتحدة ولكن سرعان ما اتخذت نبض الشارع المصري واستطاعت استكشاف أن الشعب المصري يتجه باتجاه الإطاحة بمبارك وبدء فترة جديدة، وحقيقة سرعان ما تبنت مواقف الديمقراطية والحرية، والحق يجب أن يقال هيلاري كلينتون دائما وأبدا تحدثت عن مزايا الديمقراطية والحرية للشعوب، للشعوب العربية بالتحديد وأن الولايات المتحدة تضع نموذجا جيدا لذلك وإنها دافعت عن حقوق المرأة وهي حقيقة أكثر من أي شخصية أميركية سياسية ثانية فهناك الكثير الذي ممكن أن تبينه وأن تشير له على انه انجازات كبيرة وإنها انضمت إلى الجانب الصحيح من التاريخ.

عبد الرحيم فقرا: طيب ما رأيك؟

خليل جهشان: اعتقد أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون كانت شريكا للرئيس أوباما في تذبذب الموقف الأميركي خلال هذه الفترة الصعبة في الملف المصري وملف الحراك العربي ككل فقرروا منذ البداية في الواقع يعني أن هذا الحراك ربما سيضر بمصالح الولايات المتحدة ومن هنا كان التردد الذي شاهدناه في بداية هذا الحراك خصوصا في السنة الأولى من الحراك العربي ويعني لذلك شاهدنا هذه الإدارة ومنها طبعا وزيرة الخارجية كانت سياستها مجرد رد فعل لم تقود إنما كانت في الواقع ردة فعل في إدارة هذه الأزمة للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة لا أكثر ولا اقل.

عبد الرحيم فقرا: سعيد تكرارا لما سمعناه في هذه الحلقة من أن السياسة الخارجية الأميركية تصنع في البيت الأبيض وليس في وزارة الخارجية لكن حتى مع قول ذلك ما هو الجزء جزء من المسؤولية سلبا أو إيجابا الذي تحمله هيلاري كلينتون في الملف المصري؟

سعيد عريقات: أنا اعتقد أن هيلاري كلينتون على الأقل فيما بعد الثورة هي كانت وزن وثقل كان لها وزن وثقل في عملية التعامل مع الإخوان المسلمين وأننا يمكن أن نتعامل مع هذا الحزب وأنه حزب عملي وأنه ينظر إلى المستقبل وسيلتزم بالاتفاقيات الكاملة بين إسرائيل ومصر على سبيل المثال.

عبد الرحيم فقرا: طيب هل نجحت كلينتون ومعها إدارة الرئيس باراك أوباما أم أخفقت في تعاملها مع مختلف ملفات ما يوصف بالربيع العربي بما فيه الوضع المصري منذ نهاية حكم مبارك أترك لكم الحكم من خلال هذه المقابلة التي كنت قد أجريتها مع هيلاري كلينتون في مقر وزارتها في الرابع عشر من فبراير عام 2011 أي بعد تنحي مبارك بثلاثة أيام.

[شريط مسجل]

هيلاري كلينتون: لدي الكثير من التعاطف مع ما حدث في مصر لكن أيضا لدي إحساس بالواقعية لما يتطلبه الأمر من أجل المضي قدما، حتى الآن فإن ما أعلنه المجلس الأعلى يتماشى مع ما وعد به ومع رغبات الشعب المصري ومطالبه لكن يجب أن ندرك بأن عملية الانتقال تتطلب الكثير إعادة صياغة الدستور ووضع قوانين جديدة والمساعدة في تشكيل الأحزاب السياسية، اللائحة طويلة ويجب على الجميع أن يركز على المهمة التي بين يديه هذا سيتطلب الكثير من الجهد من قبل الجميع.

عبد الرحيم فقرا: السيدة الوزيرة عندما يسمع العديد من المصريين والعرب خارج مصر هذا الكلام الذي تقولينه قد يقولون إن الولايات المتحدة التي يعتقدون أنها حاولت أن تمسك العصا من الوسط بين الرئيس مبارك والمتظاهرين في السابق تحاول أن تعمل الآن نفس الشيء تمسك العصا لكن بين الجيش والمتظاهرين هذه المرة، ماذا تقولين في ذلك؟

هيلاري كلينتون: عليّ أن اعترض على هذا التوصيف فلقد كنا ثابتين وواضحين ضد العنف هذا ما أوصلناه مرات عدة إلى الحكومة المصرية على جميع المستويات وبخاصة الجيش وقفنا إلى جانب الحقوق الإنسانية للشعب المصري وطالما دفعنا الحكومة إلى سن إصلاحات بهذا الاتجاه، ووقفنا أيضا إلى جانب التغيير السياسي لكن أعتقد انه من غير الملائم بالنسبة لنا أن نقوم بأكثر مما كنا نقوله على الدوام وهو أن قوانين الطوارئ بحاجة إلى أن ترفع لكن الآن ما نشهده عملية يسيرها المصريون، فحقبة مبارك ولت وهناك جهد بدأ يتشكل للتو وأعتقد انه من الأهمية بمكان أن تظهر الولايات المتحدة كجهة تساند الديمقراطية وهذا هو موقفنا الآن، نحن نؤيد الديمقراطية ونريد أن نراها تتحقق بأسرع وقت لكن نحن نعي أيضا بأن هناك حركات تغيير كثيرة كان يمكن اختطافها من قبل قوى خارجية وداخلية من دون أن تلبي الوعود التي قطعت وما يلبي طموح الشعب المصري، فهدفنا التركيز على النتيجة وهي الوصول إلى ديمقراطية تلبي احتياجات المصريين وتمنح مصر فرصة لتكون مثلا يُحتذى في منطقة تحتاج لذلك.

عبد الرحيم فقرا: لكن السيدة الوزيرة العديد من المصريين يشعرون بالقلق من كون الجيش الذي ثاروا عليه أو ثاروا على رأسه الرئيس السابق مبارك عاد إلى الواجهة ويدير الأمور مباشرة يدير قضايا البلاد مباشرة، هل تشاطرينهم هذا القلق؟

هيلاري كلينتون: حسنا ينبغي عليهم أن يواصلوا انخراطهم السياسي ويحافظوا على عزيمة حركتهم لإجراء التغييرات الضرورية لقد أطلقت الوعود بالتغيير وينبغي أن تنفذ الآن وينبغي إطلاق عملية تمثيل واسعة وشاملة لذا على المجموعة المختلفة في المجتمع المصري أن تتقدم لتحمل المسؤولية والعمل بطريقة موحدة لإنجاز جميع الأهداف المنشودة، لن يجدي نفعا الجلوس جانبا والشكوى، فالفرصة متاحة الآن لمشاركة واسعة وعلى الناس أن تعرب عن آرائها وان تشارك في إطلاق هذا المسار وبذل جهد لإنهاء العمل بقانون الطوارئ وإصلاح الدستور ووضع قانون للأحزاب السياسية والتحضير للانتخابات وفق جدول زمني محدد وبالتالي نستثمر الجهد الذي بذل في سبيل إيصالنا إلى هذه النقطة من اجل إحراز النتائج التي نسعى إليها.

عبد الرحيم فقرا: سؤال عام عن القوات المسلحة المصرية عندما تنظرين إلى كل الاستثمار الذي قامت به الولايات المتحدة في الجيش المصري على مدى الثلاثين عاما الماضية هل تشعرين أن ذلك الاستثمار قد أتى أؤكله الآن بالنسبة للولايات المتحدة فيما يتعلق بالأوضاع في مصر؟

هيلاري كلينتون: على التاريخ أن يطلق حكمه بهذا الصدد،  لكن اعتقد أن العلاقات التي تطورت على مدى كل هذه الأعوام بين القيادتين العسكريتين الأميركية والمصرية أتاحت التواصل الدائم وقد أظهرت رسالة من قبل مصادر عدة مفادها لا تستخدم العنف ضد شعبكم، وكان الجيش المصري مستعدا لتلقي هذه الرسالة ولم تحتج الولايات المتحدة إلى إبلاغ الجيش المصري بذلك انه أراد بطعن الشعب المصري وأعتقد أن أداء الجيش كان استثنائي فقارنوا الوضع بإيران حيث انقلبت الحكومة ضد الشعب وهي أكثر من سعيدة بالحديث عما يجري في مصر لكن عندما تحاول المعارضة والشباب الإيراني التعبير عن أنفسهم فإن الحكومة تقمعهم بوحشية ولديها سجل من الانتهاكات والعنف المفرط..

عبد الرحيم فقرا: وزيرة الخارجية الأميركية السابقة وقد تحدثت في هذه المقابلة عندما كانت وزيرة للخارجية في الرابع عشر من فبراير عام 2011 انتهت هذه الحلقة يمكنكم التواصل معنا كالمعتاد عبر بريدنا الالكتروني وفيسبوك وتويتر، قبل أن أودعكم أشير إلى وفاة الدبلوماسي الأميركي ريتشارد كيرتس الذي كان أيضا المحرر التنفيذي لمجلة تقرير واشنطن على قضايا الشرق الأوسط الصادرة باللغة الانجليزية، أنصار إسرائيل في واشنطن دأبوا على اتهام كيرتس ومجلته بالتحيز إلى العرب وقضاياهم وبأنهما واجهة للوبي معادي لإسرائيل ومصالحها في واشنطن، أما موقف كيرتس فكان أنه ومجلته يقولان الحقيقة كما هي وأنه كان قلقا على صورة العرب والمسلمين في الولايات المتحدة وعلى مستقبل العلاقات بين الطرفين أي العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة، سنعود في المستقبل لملف اللوبيات في واشنطن والطريقة التي تصاغ بها السياسة الأميركية إزاء منطقة الشرق الأوسط بمختلف ملفاتها في ضوء وفاة السفير ريتشارد كيرتس وفي ظل مواقفه من تلك الملفات في النهاية اشكر كل من خليل جهشان وسعيد عريقات، إلى اللقاء.