من واشنطن

مستقبل العلاقات الأميركية الصينية

بعد فوز أوباما بولاية رئاسية ثانية وتغيير الزعامة السياسية في الصين، كيف يبدو مستقبل العلاقات الأميركية الصينية؟ كيف يمكن للولايات المتحدة والصين أن تتقاسما النفوذ دون الوصول إلى مرحلة المواجهة حتى في الجوار المباشر للصين؟
عبد الرحيم فقرا
عبد الرحيم فقرا
‪جانغ خونغ‬ جانغ خونغ
‪جانغ خونغ‬ جانغ خونغ
‪محمود علام‬ محمود علام
‪محمود علام‬ محمود علام
‪جاك غولدستون‬ جاك غولدستون
‪جاك غولدستون‬ جاك غولدستون

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم جميعا في حلقة جديدة من برنامج من واشنطن، الوضع المشتعل في غزة لم يثنِ الرئيس أوباما عن المضي قدما في جولته التي شملت زيارة ثلاث دول في البحر الهادئ هي: ميانمار وتايلاند وكمبوديا وحضور قمة رابطة دول جنوب شرق أسيا المعروفة اختصارا بآسيان وحيث أن هذه الجولة هي أول زيارة لأوباما خارج الحدود الأميركية منذ فوزه بولاية رئاسية ثانية فإنها بمثابة تأكيد جديد وواضح لموقفه بأن بلاده أصبحت ترى مستقبل اقتصادها وأمنها في منطقة المحيط الهادئ أو الباسيفيك كما تعرف أميركيا أكثر من أي وقت مضى وربما أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، وقد تكون ميانمار وتايلاند وكمبوديا هي القصيد، ولكن بيت القصيد هو الصين بكل ما تمثله من فرص وتحديات للولايات المتحدة، في هذه الحلقة نتساءل عن مستقبل العلاقات الأميركية الصينية بمختلف أوجهها وعن انعكاساتها على مستقبل علاقات كل من العملاقتين مع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يسعدني أن أرحب بضيوفي في هذه الحلقة من العاصمة الصينية بيجين الدبلوماسي الصيني السابق جانغ خونغ عميد القسم العربي في جامعة الدراسات الأجنبية، من القاهرة محمود علام مسؤول ملف العلاقات مع شرق آسيا بالمجلس المصري للعلاقات الخارجية وسفير مصر السابق بالصين، ومعي في الأستوديو جاك غولدستون مدير مركز السياسات الدولية في جامعة جورج ميسون، قبل أن ابدأ النقاش مع ضيوفي استعرض معكم تقريرين متتاليين الأول من واشنطن أعده مراسل الجزيرة ناصر الحسيني قبل أن يسافر إلى الشرق الأوسط يليه مباشرة تقرير من بيجين أعده مدير مكتب الجزيرة هناك عزت شحرور.

[تقرير مسجل]

ناصر الحسيني: جيوش وصواريخ واقتصاد قوي تلك هي الصين التي تقلق أميركا رغم العلاقات الاقتصادية المتينة، توقعات أميركية تتنبأ بأن الصين ستستثمر ما لا يقل عن 400 مليار دولار في السنوات المقبلة في أسواق أميركا ومع ذلك تشكك الولايات المتحدة في نوايا الصين، خبير الشؤون الصينية بواشنطن السيد مازا يقول أن العلاقات الاقتصادية المتينة لا تحل ولا تخفي تلك الخلافات العميقة مع بكين.

[شريط مسجل]

مايكل مازا/خبير في الشؤون الصينية: إن الصين مشكلة حقيقية بالطبع، إن علاقاتها الاقتصادية متينة جدا وذلك أمر ايجابي، لكن هناك خلافات سياسية عميقة حول القضايا الأمنية والسياسية وحقوق الإنسان وتحول هذه القضايا دون قيام علاقات متينة مبنية على الثقة.

 ناصر الحسيني: صحيح يقول الخبير الأميركي أن الصين قوة أسيوية لكنها أميركا تطوقها الآن.

[شريط مسجل]

مايكل مازا/خبير في الشؤون الصينية: تمثل الصين قوة في المنطقة وهي تصبح الآن قوة بحرية وترى من حولها أنها محاطة بحلفاء وشركاء للولايات المتحدة كاليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وتايوان وهذه المجموعة من الجزر، لذا تجد الصين نفسها مطوقة وهي تسعى للخروج من عنق الزجاجة.

ناصر الحسيني: من مكتبه من واشنطن أيضا يقول البروفسور وانغ وأنه بعد كل السنوات التي قضاها بأميركا ما زال لا يدرك أسباب التخوفات الأميركية، بالنسبة إلى البروفسور وانغ تعود أسباب العلاقات الفاترة بين واشنطن وبكين ربما إلى عقلية الحرب الباردة التي برأيه ما زالت تسيطر على صانعي القرار الأميركيين.

[شريط مسجل]

تشي وانغ/باحث في المؤسسة الأميركية الصينية للسياسات: لقد تغيرت الصين كثيرا فهذا هو الجيل الخامس من القيادات تعد الصين الآن قوة اقتصادية كبرى ولم تعود لعقلية الخمسينات والستينات وعلى أميركا أن تواجه هذا الواقع فالصين ستستمر لديها تاريخ لديها يبلغ 5000 آلاف عام ولا يمكن القول إن بإمكان الولايات المتحدة احتواء الصين إن هذا أمر لن يتحقق.

ناصر الحسيني: كثيرون في العاصمة الأميركية- عزت شحرور- يعتبرون العلاقة مع الصين بمثابة الزواج الصعب، الزواج الذي يعتبر فيه الزوجان أنه يجب أن يستمر في العلاقة نظرا للمصالح المشتركة بين الطرفين لكن لا سعادة حقيقية في ذلك الزواج.

[نهاية التقرير]

[تقرير مسجل]

عزت شحرور: حقا هو كذلك ناصر هو زواج منفعة متبادلة بلا شك لكن العلاقة بين أكبر اقتصاديين في العالم وما تحتويه من شهد لا بد دونه من غبار النحل ولا بد من غض الطرف أحيانا عن نكد الزوجة أو عن سلط الزوج.

لقد أبدت الصين ارتياحا لبقاء أوباما في البيت الأبيض لفترة رئاسية أخرى لاسيما أن الرجل استطاع أن يدخل إلى قلوب وعقول الصينيين كما لم يفعله أي رئيس أميركي وأن يمنحوه اسما صينيا هو " Oba Mao "، يد سيد البيت الأبيض ستبقى على قلبه لإنقاذ الاقتصاد بلاده المتدهور ومفتاح الحل لذلك في بيجين والطريق إليها يبدو سالكا بعد تحرر أوباما من جماعات الضغط وما كانت تثيره من قضايا ومنغصات كتايوان والتبت وحقوق الإنسان.

[شريط مسجل]

جيا شو دونغ/ المعهد الصيني للعلاقات الدولية: لدينا الآن أكثر من 90 آلية للحوار تشمل جميع القضايا الخلافية والتوافقية بين الجانبين وتهدف إلى تعزيز التعاون في القضايا التوافقية وتقليص فجوة الخلافات.

عزت شحرور: لا ترى الصين فروقات جوهرية بين الحزبين الأميركيين لكنها لا ترتاح كثيرا للتعامل مع الجمهوريين وكادت العلاقة معهم أن تصل إلى طريق مسدود، لكن انخراط بيجين الفعال في الحرب على ما سمي الإرهاب أعاد التوازن إلى العلاقات التي توصف بأنها الأكثر تعقيدا وتشابكا في العلاقات الدولية، لم يكن الشرق الأوسط مسرح تنافس بين الجانبين وظلت الصين ترى التخبط الأميركي في رمال المنطقة متنفسا يمنحها مزيدا من الوقت لبناء قدراتها الاقتصادية والعسكرية، لكن قرار الإدارة الأميركية الانسحاب من العراق وتعزيز وجودها في منطقة آسيا والباسيفيك أربك بيجين وأثار هواجسها وحرك المياه الراكدة في المحيط الهادئ الذي سيقرر بلا شك مستقبل العلاقات بينهما، فإما أن يكون حوضا لدلافين وادعة تتعايش بوئام وإما أن يكون ميدان صراع بين أسماك قرش البقاء فيه للأقوى. عزت شحرور، الجزيرة، بيجين.

[نهاية التقرير]

المحفز الإستراتيجي للسياسة الأميركية

عبد الرحيم فقرا: وأرحب بكم مجددا وبضيوفي في هذه الحلقة ابدأ بك جاك غولدستون الرئيس باراك اوباما من جهة لم يغير موعد رحلته إلى آسيا بسبب ما حصل ويحصل في غزة لكنه ظل يسأل خلال زيارته في آسيا عن ملف غزة وانتهى به الأمر أن بعث بوزيرة خارجيته إلى منطقة الشرق الأوسط ماذا تقرأ في ذلك؟

جاك غولدستون: اعتقد أنه بإرسال رأس الدبلوماسية وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى المنطقة فإن الرئيس أوباما يظهر الأهمية التي يعلقها على الأحداث الدائرة في غزة ولكن في الوقت ذاته الولايات المتحدة عليها أن تتعامل بالنسبة لعلاقاتها في كل أرجاء العالم ولذلك الرئيس أوباما قام بالشيء الصواب بل هو استمر برحلته إلى آسيا حيث هناك عدد من الأصدقاء لنا وعدد من القضايا لنا التي على الولايات المتحدة أن تقوم بفحصها والتعامل معها.

عبد الرحيم فقرا: هل أصبح من تحصيل الحاصل الآن أن الولايات المتحدة من الآن فصاعدا ستكون مهتمة بمنطقة الباسيفيك منطقة المحيط الهادئ أكثر من اهتمامها بأي منطقة أخرى حتى لو كانت منطقة الشرق الأوسط؟

جاك غولدستون: لا أعتقد أن هذا التشخيص صواب، ما يحدث في الولايات المتحدة بأنه لعدد من العقود التركيز الأساسي كان على العلاقات الأطلسية مع أوروبا والتعامل مع قضايا متعلقة بأوروبا والشرق الأوسط والشرق وآسيا وأوروبا، ولكن العالم الآن أصبح أكثر توازنا، فالولايات المتحدة والصين وأوروبا هم يشبهون ثلاث أقدام تحمل النظام العالمي والولايات المتحدة بالتالي عليها أن تحترم هذا التوازن، إذن فسوف نهتم أكثر الآن بآسيا ربما أكثر مما كان عليه الحال في العقود المتأخرة ولكن أحد القضايا المهمة التي تنبني عليها العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا تتمثل في تعزيز ودفع السلام في الشرق الأوسط، فكل القوى الثلاث لها أهمية في استقرار هذه المنطقة.

موقف الصين من التحرك الأميركي المحاذي لحدودها

عبد الرحيم فقرا: سيد جانغ في بيجين، كيف تنظر الصين إلى هذه الزيارة التي قام بها الرئيس باراك أوباما إلى ثلاث دول مجاور للصين، في الحديقة الخلفية للصين كما يقال؟

جانغ خونغ: نعم، أعتقد أن زيارة السيد أوباما الرئيس الأميركي إلى هذه المنطقة أمر طبيعي وأيضا آسيا هي كبيرة جدا والصين لديها كثير من الدول المجاورة لها ونعتقد أن الصين في علاقة وئام علاقة حسن جوار مع هذه الدول، وأنا اعتقد أن السيد أوباما في زيارة لهذه المنطقة لتطوير علاقاتها مع المنطقة، ونحن مرتاحين لهذه الزيارة لأن الصين حقيقة إقامة العلاقات أيضا مع أي بلد ولو مع أميركا، ففي السنوات الأخيرة نجد أن العلاقات الصينية موجود في نمو خاصة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين في السبعينات من القرن الماضي، فنحن نريد هذه العلاقة في نمو لكن العلاقات الصينية الأميركية تنمو حقيقة متعرجة أحيانا جيد وأحيانا طيبا وأحيانا شوية يعني متعبة.

عبد الرحيم فقرا: سيد جانغ، طيب على ذكر شوي متعبة أنت كما تفضلت الآن يعني واضح أن هناك منغصات لهذه العلاقة بعد هذه المنغصات له علاقة بالتوازن في الاقتصاد بين الولايات المتحدة والصين بعضها أمنية، المعروف أن هناك خلافات في الجوار المباشر للصين في البحر مثلا بين الصين ودول أخرى من بينها اليابان على عدد من الجزر هناك والولايات المتحدة تدعم هذه الدول هل يقلق ذلك الصين بأي شكل من الأشكال؟

جانغ خونغ: أسفياً لا نعتقد أن هذا الأمر يقلق الصين كثيرا لكن حقيقة نشعر بضيق لأن أميركا وراء هذه القضية، الحقيقة تدعم هذه القضية تنمو بسرعة غير صالحة للمنطقة، فمثلا اليابان تدعو أن بعض الدول في هذه المنطقة ترجع إليها، الحقيقة في التاريخ نجد أن هذه المناطق أو هذه الجزر ملك للصين منذ أكثر من ألف سنة فنجد أن هناك العدالة موجودة فإذا دعت أميركا بعض الدول المجاورة للصين في التنافس أو في المنازعة لهذه الجزر فلا اعتقد أن ذلك صالحا للمنطقة ولا صالحا لأميركا، لو ما تعرفون أن الصين..

عبد الرحيم فقرا: لو سمحت لي قبل أن أتحول إلى ضيفنا في القاهرة سؤال متابعة لك سيد جانغ يعني الولايات المتحدة مرتبطة مع دول كاليابان مثلا باتفاقيات أمنية، المعروف أن العلاقات بين الصين واليابان تمر بحالات مد وجزر، هناك حتى تعنيف في بعض الحالات في هذه العلاقة، يتم الحديث عن احتمال مواجهات عسكرية بين الصين واليابان، ما مدى قدرة المصالح الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين على احتواء أي خطر للمواجهة بين الصين واليابان يقحم أو تقحم الولايات المتحدة نفسها فيه؟

 جانغ خونغ: لا أعتقد أن هناك يعني نزاع شديد جدا فاليابان تريد أن تثير المتاعب لنفسها ليس لنا حقيقة، فاليابان حقيقة بداخلها تعاني من مشاكل اقتصادية كما أن أميركا أيضا تعاني من مشاكل اقتصادية كثيرة، فأنتم تعرفون والصين حاليا تملك كمية كبيرة من السندات الأميركية أكثر من تريليون دولار أميركي، والحقيقة الصين الآن في نمو سريع وتريد النهضة الشاملة في جميع المجالات، ولاحظنا أن أميركا تحاول عرقلة هذه العملية أو مسيرة للنمو، فهناك طبعا مصالح كبيرة بين الصين وأميركا وبين الصين واليابان أيضا، ولا أعتقد أن أميركا تريد أن تثير متاعب أو مشكلة كبيرة ولذلك لا أعتقد أنها صالحة لأي جانب الآن، نرجو أيضا..

عبد الرحيم فقرا: طيب.

جانغ خونغ : نعم.

عبد الرحيم فقرا: تفضل أكمل سريعا لو سمحت.

جانغ خونغ: فنرجو من جوانب الهدوء لحل هذه المشاكل، وأيضا ونرجو من الدول الأخرى أن لا تثير متاعب أيضا والمشاكل لهذه القضية نعتقد..

عبد الرحيم فقرا: لو سمحت لي مفهوم، مفهوم، السفير محمود علام في القاهرة الآن طبعا الآن نحن نتحدث عن محورين في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة هناك المحور الاقتصادي هناك المحور الأمني، هل الاقتصاد كفيل بأن يدرأ خطر الخروج عن السكة أمنياً بين الولايات المتحدة والصين بتصورك؟

محمود علام: أنا أرى أن العلاقة ما بين الصين والولايات المتحدة يحكمها إطارين: الأول هو الإطار التقليدي والتاريخي لديناميكية صعود قوى جديدة مقابل قوه تقليدية موجودة وفي إطار هذا الإطار يعني هناك توجهات بأن البعض يرى أن التصادم حتمي والبعض يرى أن الولايات المتحدة ستسعى للاحتواء الأقل في هذه المرحلة بينما الصين ترى أنها حتى في مرحلة نموها ما زالت محتاجة لمزيد من الوقت ولا تقبل الدخول في أية مواجهات أو منازعات إقليمية أو دولية مفتوحة وخاصة مع قوى عظمى مثل الولايات المتحدة..

عبد الرحيم فقرا: لو سمحت لي السيد السفير، السيد السفير لو سمحت لي قبل أن تواصل إن كنت تسمعني معذرة عن المقاطعة، قد يُفهم..

محمود علام: تفضل.               

الصين كما تريدها أميركا

عبد الرحيم فقرا: شكرا، قد يُفهم أن الولايات المتحدة تحاول احتواء دولة كإيران مثلا دولة بحجم إيران إنما هل يعقل أن الولايات المتحدة يمكن أن تفكر بجدية في احتواء دولة كالصين سواء بحكم موقعها الجغرافي، بحكم الرقعة الجغرافية، بحكم القوة الاقتصادية أو بحكم القوة العسكرية والنفوذ السياسي المتصاعد كما تفضلت؟

محمود علام: أنا بتكلم على السيناريوهات التقليدية الثلاث؛ السيناريوهات التقليدية لدينامكية العلاقة ولكن في الواقع ما لا نراه حالياً إن السيناريو الثالث وهو نوعٌ من تحقيق التوازن في العلاقة، ومن خلال التفاعل هو هذا النموذج القائم الحالي وأعتقد انه يلقى قبول لدى الطرفين، فكما ذكرت سيادتك اعتقد أن الولايات المتحدة ترى أنه ليس من مصلحتها الدخول في مواجهة سواء لقدرة الصين الحالية على الردع والمواجهة أو حتى على الإطار الإقليمي والمجال الإقليمي ليست كل الدول وبما فيها دول حليفه للولايات المتحدة من مصلحتها أن تحدث هذه المواجهة، فالصين تقبل وجود الولايات المتحدة كقوة عظمى ولكنها في نفس الوقت تعمل على أن تكون هناك قوى كبرى وهي من بينها بل على رأسها لتحقيق التوازن في هذه العلاقة على الساحة الدولية، وكما ذكر أن أسلوب الصين هو الاندماج والتفاعل وبالذات البعد الاقتصادي كما ذكرت سعادتك وكما قال السيد جانغ هناك ما يفوق التريليون دولار من السندات الأميركية هي ملك للصين، وكذلك 400 بليون دولار هو معدل التبادل التجاري بين الدول بالإضافة إلى حجم الاستثمارات الأميركية الموجودة داخل الولايات المتحدة، فبالتالي من غير المنظور في المستقبل القريب حدوث السيناريو الأول أو السيناريو الثاني.

عبد الرحيم فقرا: طيب شكرا، أعود إليك جاك في مطلع البرنامج سمعنا استخدام تعبير زواج، الزواج الكاثوليكي مثلا الزواج الكاثوليكي ليس فيه طلاق، هل الزواج الأمريكي الصيني بحكم المصالح المشتركة وحجم هذه المصالح أصبح الآن بمثابة زواج كاثوليكي برغم كل التحديات التي تواجه الطرفين في هذه العلاقة؟

جاك غولدستون: أعتقد أن الزواج أو العلاقة بين الصين والولايات المتحدة فيها جوانب ايجابية وجوانب سلبية، عندما نركز على الاقتصاد فالزواج قويٌ ومتين ذلك لأن الصين والولايات المتحدة ليستا متنافستين بشكل مباشر في الاقتصاد العالمي ولكنهما شريكتين، الولايات المتحدة تقدم رأس المال والإبداع والتسويق والصين تقدم العمالة، ومعظم الشركات في البلدين يعتمدون على بعضهما البعض، إذن من صالح الصين للولايات المتحدة تبقى قوية اقتصاديا ومن صالح الولايات المتحدة للصين أن تبقى أيضا قوية اقتصاديا، ولكن وجه التنافس المباشر يتمثل في الصعيد السياسي وخاصة في آسيا؛ إلى 1980 الصين كانت دولة فقيرة وعلاقاتها الخارجية كانت قليلة والأمن والسلام والاستقرار في الجزء الغربي حافظت عليه الولايات المتحدة مع حلفائها كاليابان وكوريا الجنوبية وقواعدها في اليابان والآن الصين تقول نحن أصبحنا دولة أكثر غنا وأكثر قوة ولذلك يحق لنا أن يكون لنا نفوذ في منطقتنا ولا نريد للولايات المتحدة أن تقوم بدور قوي كما كانت تقوم به في السابق.

عبد الرحيم فقرا: إنما إذا كانت الولايات المتحدة مرتبطة اقتصاديا بالصين، ارتباط مصيري الآن بالنسبة لمستقبل الاقتصاد الأميركي والعكس أيضا صحيح، كيف يمكن تفسير استعراض القوة العسكرية الأميركية للصينيين واستعراض القوة الصينية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

جاك غولدستون: أنت قلت في السابق هل يمكن الولايات المتحدة أن تحتوى الصين؟ أتفق معك الصين هي دولة صاعدة كقوى عظمى ولا يمكن احتواؤها، ما هو مهم هو إبقاء العلاقات الصينية على مستوى من الانسجام في المنطقة، ولذلك الولايات المتحدة قلقه لأنه عندما بدأت الصين بفرض قوتها العسكرية بطريقة تجعلها تطالب بأراضٍ أو أن تصبح قوة أكثر قوة وعدائية فهذا يصبح سيئا للعالم، إذن الولايات المتحدة تحاول أن لا تحتوي الصين ولكن تحاول أن تضمن بأن قوة الصين الاقتصادية والعسكرية تسهم في الاقتصاد، تسهم في بسط الاستقرار ولا تخلق صراعات.

عبد الرحيم فقرا: السيد جانغ عودة إليك في بيجين كيف بتصورك يمكن للولايات المتحدة والصين أن تتقاسم النفوذ دون الوصول إلى مرحلة المواجهة حتى في الجوار المباشر للصين؟

جانغ خونغ: نعم أعتقد أن هذه العلاقة كما ذُكر في حديثكم قبل قليل، بعض الناس يقولون بأن هناك علاقة زواج بين البلدين وبعض الناس يقولون أيضا ويدعون إلى تكوين G2 وغير ذلك وهم يعتقدون أن هذه العلاقة تستطيع أن تسيطر على العالم، لا اعتقد أنا شخصيا ذلك، فبالنسبة إلى الصين هي لا تريد أن تتنافس مع أميركا في القوة العسكرية ولا في القوة السياسية لكن الصين هي أعتقد أنها تريد تنمية نفسها تنمية شاملة في مجالات مختلفة فهي تحاول منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين في نهاية السبعينات من القرن الماضي إلى حد الآن حققت نجاحا كبيرا خاصة في الاقتصاد وغيرها، وهنا أعتقد أن الصين هي تريد أن تكون هناك فرصة هادئة أو نقول ظروف أو مناخ طيب وصالح للقيام بالنهضة الشاملة، فلا تريد أن تثير المتاعب مع أي بلد وخاصة مع الدول المجاورة لها..

عبد الرحيم فقرا: طيب على ذكر الدول المجاورة لها لو سمحت لي سيد جانغ، على ذكر الدول المجاورة يعني محطة بورما محطة ميانمار للرئيس باراك أوباما، أولا هناك تقارب أكبر مع ميانمار نعرف أن ميانمار حيوية بالنسبة للصين هل يقلق هذا التقارب بين ميانمار والولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال الصين؟

جانغ خونغ: لا اعتقد أن هناك شيئاً يمكن أن يقلق الصين لأن زيارة السيد أوباما زيارة طبيعية بسيطة وبالنسبة إلى بورما أو حتى تايلاند أو كمبوديا هذه الدول مجاورة للصين وفي علاقة طيبة جدا منذ زمن بعيد، ونحن كما ذكرنا نحن نحاول أن نبذل جهودنا للنهوض بالصين وكذلك النهوض بآسيا وحتى نريد أن نجعل العالم في انسجام في تناغم في نموها فنحن بالنسبة إلينا في علاقة طيبة متينة جدا مع هذه الدول فمثلا في ميانمار هناك رمز الديمقراطية أونغ سان سو كي هي معروفة لدى الصينيين فانتخاباتها ونشاطاتها معروفة في الإذاعات وحتى في الأخبار المختلفة..

رسائل سياسية للصين لخدمة المصالح الأميركية

عبد الرحيم فقرا: طيب السفير علام إن أمكن أن نعود إليك قبل أن نأخذ استراحة يعني هذه الوقفة في ميانمار عندما خاطب الرئيس باراك أوباما الناس في ميانمار يعني كل المطالب التي طالب بها النظام في ميانمار يعني مزيد من الديمقراطية احترام للحقوق احترام لحقوق الأقليات ومن بينها الأقلية المسلمة يعني بشكل من الأشكال وكأنه يتحدث إلى الصين لأن الصين عندها في قاموس باراك أوباما نفس المشاكل بما فيها مع المسلمين التي يواجهها النظام في ميانمار؟

محمود علام: آه أنا اعتقد أن زيارة الرئيس أوباما لميانمار هي في إطار توجهات عدد من زعماء الدول الغربية لتشجيع التطورات التي شهدتها ميانمار من وقت الانتخابات التي تمت في 2010 وخرجت سيناريوهات من الساحة وعلى الأقل غيروا وجههم من الوجه العسكري أو من البزة العسكرية الزي العسكري إلى الزي المدني وترك الساحة للمعارضة وبعض الإصلاحات الاقتصادية، ولكنه في خلاف ذلك أعتقد أنه يعني لا يريد يعني أن يوصل بعض الرسائل ولكنه يعلم أنه أمام ميانمار طريق، أما بالنسبة للصين فالولايات المتحدة تعلم أنها حتى لو وصلت هذه الرسائل الصين وقيادتها لديها مسار تسير فيه لن تحيد عنه لضغوط من الولايات المتحدة أو غيرها بل يمكن المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الأخير، قيادات الحزب نفسها تحدثت عن التحديات التي تواجه المجتمع الصيني وتواجه الحزب نفسه سواء في التعامل مع الفساد، وأن للصين لديها مساحة للتطور والنمو، فالقيادات الصينية تتحدث عن ذلك ولا تنكره ولكن مرحليا ولظروفها الداخلية ولخشيتها من وجود نفوذ أجنبي هي لا تسمح بهذا التدخل، وأعتقد أن الولايات المتحدة يعني لن تتعدى حدودا معينة في هذا النطاق بالإضافة إلى أنه في آليات للحوار بينهما لا تصل إلى المواجهة كما ذكرت.

عبد الرحيم فقرا: طيب السفير علام لو سمحت لي أنت وضيفي الآخرين سنأخذ استراحة قصيرة الآن عندما نعود من الاستراحة نفتح ملف مستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة وانعكاسات تلك العلاقة على مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استراحة قصيرة.

[فاصل إعلاني]

مستقبل الصين في الشرق الأوسط

عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم في الجزء الثاني من هذه الحلقة من برنامج من واشنطن ونخصصها لمستقبل العلاقات الأميركية الصينية وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ضيوفي في الحلقة العميد والدبلوماسي جانغ خونغ من بيجين، السفير محمود علام من القاهرة والأستاذ جاك غولدستون في الأستوديو، أعود إليك السفير علام في القاهرة الصين في السنوات القليلة الماضية أصبحت لها موقف أكثر اتزان من القضية العربية الإسرائيلية مهتمة بنفط منطقة الشرق الأوسط من دول كإيران لها موقف يحسب أنه لصالح مواقف الرئيس السوري والنظام السوري حاليا، كيف تنظر إلى مستقبل القوة الصينية في منطقة الشرق الأوسط في ظل هذا التنافس مع الولايات المتحدة، اقتصاديا وسياسيا كما تفضلت في الجزء الأول؟

محمود علام: أنا بالمراقبة والمتابعة لسياسة الصين ومواقفها، الصين تقليديا يعني كان يأخذ عليها أنها لا تعبر عما وصلت له من مرحلة من القوة الاقتصادية وبالتالي السياسية على الساحة الدولية في مواقف محددة وكانت دائما مواقفها يعني محايدة أو متحفظة، ولكن اعتقد أن الشرق الأوسط بالذات شهد خلال الفترة الأخيرة الماضية تقدم في مواقف الصين، وأثر ذلك في جبهتي يمكن الشرق الأوسط وقضية الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وربما حتى في الموقف في سوريا مؤخرا، فبالنسبة للموقف الأخير لسوريا كما نعرف أن الصين كان لها موقف من البداية وبحكم مفاهيمها التقليدية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وخلافه كانت تتعامل مع النظام السوري على أنه هو النظام القائم ومواقفها معروفة التي أخذتها في مجلس الأمن بجانب الموقف الروسي في الفيتو على قرارات مجلس الأمن، ولكن في المرحلة الأخيرة لاحظنا أن مبادرة الأربع نقاط التي تقدمت بها الصين في هذا الشأن يعني تمثل نوع من التقدم لأنها تدرك أن هناك واقعا جديدا على الأرض في سوريا وأن السلطة القائمة بدأت تفقد مصداقيتها بل مشروعيتها وأن هناك ما يسمى الشعب السوري الذي يجب عليه أن يحقق مصيره بنفسه، فهذا يمثل ولكن طبعا في إطار مهم من أنها تخشى من أن يكون الساحة السورية مدخل لساحة صراع دولي في المنطقة أو للقوى التقليدية كالأطلنطي وخلافه بأنها تأخذ نقاط وتضع لنفسها بما يهدد مصالح الصين طبعا في المستقبل الاقتصادية، كذلك بالنسبة للشرق الأوسط اعتقد في الإطار حتى المنتدى الصيني العربي الذي انشأ منذ 2004 يعني الصين كنا نلاحظ أن لها بعض التحفظ فيما يتعلق ببعض النقاط مثل مثلا القدس الشرقية وخلافه ولكن الصين أعتقد أنها أخذت مواقف متقدمة وبرز ذلك خلال البيان الختامي للمؤتمر الوزاري الذي عقد في تونس خلال هذا الصيف، ويؤكد أن الصين.. ولذلك الصين طبعا مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط كمصدر للطاقة يعني حتى أن الولايات المتحدة إذا قيل إلى أنها في طريقها لئن تستقل وتصبح دولة خلال 2020 تصبح وتفوق يمكن السعودية في إنتاج الطاقة فإن الصين ستظل بحاجة إلى الموارد الطبيعية وإلى الطاقة وبالتالي منطقة الشرق الأوسط بتمثل لها منطقة حيوية.

عبد الرحيم فقرا: السيد جانغ في بيجين يعني هل تعتقد أنت بالنظر إلى المصالح الأميركية القومية في الجوار المباشر للصين أن الصين في وقت من الأوقات ستكون مهتمة بتعزيز مصالحها في منطقة الشرق الأوسط أكثر مما هو عليه الوضع الآن بحيث ربما عندما نتحدث عن تراجع النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط هناك من يتحدث عن تقوية للنفوذ الصيني في تلك المنطقة؟

جانغ خونغ: كلامك صحيح وكما ذكر الأستاذ سعادة السفير محمود علام وهو طبعا يعرف عن الصين الكثير وأنا اعتقد أن الصين تهتم بمصالحها في أي مكان وخاصة في الشرق الأوسط عامة وفي الدول العربية خاصة، كما ذكر سعادة السفير الصين تهتم بالطاقة في هذه المنطقة، نعم فالصين تحافظ على علاقاتها الطيبة مع جميع الدول في المنطقة فأعتقد أن الدول العربية في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط ثم دول أخرى مثل إيران وإسرائيل وغيرها ونحن الحقيقة لم نعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية هي تكون ترتضي بما وصلت إليه الآن بعد التحولات العربية منذ نهاية سنة 2010.

عبد الرحيم فقرا: أسالك لو سمحت لي سيد جانغ دعني أسألك عن هذا الجانب يعني المعروف أن الولايات المتحدة كانت تُتهم ولا تزال تتُهم في المنطقة العربية بأنها كانت تدعم الأنظمة الدكتاتورية في هذه المنطقة؛ حصلت تغيرات سياسية كبيرة في المنطقة خلال العامين الماضيين، يعني الصين، الانتقاد الذي وجه للصين هنا في الولايات المتحدة هي بأنها ليس رمز للديمقراطية، هل يمكن للصين بناء على ذلك أن تنافس الولايات المتحدة الآن في منطقة الشرق الأوسط بالنظر إلى هذه المتغيرات التي شهدتها المنطقة؟

جانغ خونغ: لا اعتقد ذلك، حقيقة الصين هي لا تريد أن تنافس أي بلد ولو أميركا خاصة سياسيا ولا عسكريا ولا اقتصاديا، الصين هي فقط دائما تلتزم بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي وتحاول أن تقيم علاقات طيبة مع أي بلد، فهي لا تنافس أميركا، ولكن هذه المنافسة أو التنافس سلمية، الهدف هو إلى التعاون إلى التقدم سويا، فمثلا في المنطقة كما ذكرت منذ العامين تقريبا حدث هناك تغيرات كثيرة وخاصة أميركا قد فقدت شيئا في بعض الدول التي كانت سائدة الدكتاتورية أو الاستبداد في بعض الدول ولكن تحولت حاليا النظام الجديد في هذه المنطقة فنجد أن هناك بعض العلاقات خاصة مع الصين جيدة مثلا العلاقات المصرية الصينية الجديدة بعد زيارة الدكتور محمد مرسي رئيس مصر الجديد، ونعتقد أن أميركا ما زالت في طريق لإعادة علاقاتها مع هذه الحكومات الجديدة في هذه المنطقة، والصين أيضا تحاول الجهود أيضا لتطوير علاقاتها في هذه المنطقة ونعتقد أننا نحن سوف نبذل كل جهودنا لإقامة علاقات جديدة وإن شاء الله نريد هناك تقدم أسرع مما يتصور بعض الناس.

عبد الرحيم فقرا: طيب جاك غولدستون في الأستوديو هل بتصورك للصين أي قدرات تجعلها بمثابة مغناطيس بالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث تتمكن الصين من خلال ذلك من تقاسم النفوذ إن أمكن التعبير مع الولايات المتحدة مستقبلا في تلك المنطقة.

جاك غولدستون: أعتقد أن على المرء أن يقر ويعترف بأن علاقات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مختلفة عن العلاقات بين الصين وهذه المنطقة، فالولايات المتحدة كانت تشارك في منطقة الشرق الأوسط  لوقت طويل أولا في إيران مع الشاه ومن ثم الصراع مع النظام الإسلامي والولايات المتحدة خاضت في تفاوض بين إسرائيل وفلسطين لعقود، ونحن نشيطون في العمل مع النظام في مصر وفي أماكن أخرى من شمال إفريقيا، فالصين ليس لها هذا النوع من العلاقات مع من هذه المنطقة، فمصالح الصين في الشرق الأوسط بسيطة فهي تريد الوصول إلى النفط والغاز، الصين الآن هي الثانية في استيراد النفط في العالم ولذلك تريد لهذا العمل أن يستمر فإذن السياسات الصينية المتبناة للوصول إلى النفط والغاز كانت تتمثل في أن تكون ودودة مع الجميع، وأن تكون علاقتها الطيبة مع السعودية ومع إيران ومع مصر وسوريا وعدم التدخل، إذن فالصين كانت زبونا جيدا وصديق للجميع ولكن لم تتدخل في الشؤون هناك ولكن العلاقات التي ظهرت منذ عام 2010 خلقت مشكلة للصين، فالصين تجد أنه من الصعب عليها أن تكون صديقة مع إيران والسعودية في ذات الوقت بينما هاتين الدولتين متنازعتين بالنسبة لسوريا، وإذا ما قامت الجامعة العربية بإبدال الحكومة في سوريا فالصين لا تريد أن تتدخل ولكنها لا تريد أيضا أن ينظر إليها بأنها تتعامل مع نظام لا يحظى بالشعبية في العالم العربي،  إذن فالصين الآن تحاول أن تعيد تقييم سياساتها في الشرق الأوسط وأن تقرر كيف أن ستشارك بنشاط وأخالف السيد جانغ بالقول بأن أميركا خسرت نتيجة الثورات منذ عام 2010 فالرئيس أوباما تعامل مع الرئيس مرسي ويخاطبه دائما ويجد أنه اقرب وأقوى الشركاء في محاولة التعامل مع الصراع في غزة، فالولايات المتحدة تغير علاقاتها أيضا ولكن في كثير من الوجوه الولايات المتحدة تناصر الديمقراطية لذلك فالعلاقات قد تكون أقوى بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط نتيجة لذلك.

عبد الرحيم فقرا: سنحاول أن نعود إلى السيد جانغ ربما للتعليق على هذه النقطة الأخيرة التي ذكرتها جاك غولدستون إنما قبل ذلك يعني في المخيلة العربية الولايات المتحدة هي امتداد للثقافة والحضارة الأوروبية ومعروف أن بين المنطقة العربية والمنطقة الإسلامية تنافس تاريخي مع المنطقة الأوروبية مع المنطقة الغربية، هذا العامل ليس موجودا مع الصين يعني الثقافة الإسلامية تقول اطلبوا العلم ولو في الصين يعني التوجه نحو الصين كان محببا من قديم الزمان هل هذا العنصر يمكن أن يخدم الصين في منطقة الشرق الأوسط أكثر من الولايات المتحدة؟

جاك غولدستون: لا اعتقد ذلك، وذلك لأنه إذا ما نظرنا إلى ما هو متغير منذ  2010 و 2011 نرى الشعوب العربية من الكبار والشباب وكل الطبقات تقول بأنها تريد لحكومتها أن تتحمل المسؤولية وأن تكون متجاوبة وتريد للعدالة الاجتماعية أن تتحقق، الصين في الوقت الحاضر رغم أنها نموذج جيد للنمو الاقتصادي إلا أنها ليست بعد نموذج للمساءلة والعدالة الاجتماعية وبالفعل الناس المسلمون في سينكيانج في الصين يكافحون بشكل أكبر مما تكافح من اجله الشعوب المسلمة والمجتمعات في الولايات المتحدة وأميركا، إذن من التبسيط للقول بأن هذه ثقافة والإسلام ثقافة والصين ثقافة الحقيقة أن العالم الآن أصبح أكثر تعقيدا فهناك مسلمون ومسيحيون ويهود يعيشون في الشرق الأوسط ويعيشون في الولايات المتحدة وهناك مسلمون يعيشون في الصين ما يهمنا اليوم هو حقا هي السياسات ومن سيسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في المنطقة.

عبد الرحيم فقرا: سيد جانغ ما رأيك فيما سمعته حتى الآن من جاك غولدستون؟

جانغ خونغ: أعتقد هذا شيء طبيعي بالنسبة للصين، فالصين مع الدول العربية في علاقة طيبة منذ زمن منذ التاريخ البعيد فأنت ذكرتم "اطلبوا العلم ولو في الصين" وإن دل هذا على شيء فإنما سيدل على أن الشعب الصيني والشعب العربي مرتبطان بعلاقة متينة منذ زمن بعيد وأنتم تعرفون هناك في الحضارة العربية الإسلامية هناك وسطية وأيضا في الحضارة الصينية هناك أيضا وسطية، والصينيون خاصة الذين يمثلوهم قومية خان التي يبلغ عدد سكان هذه القومية حوالي 95% من عدد سكان الصين وهذه القومية هي دائما تكون محبة للسلام منذ التاريخ فالصين هذا البلد الواسع المساحة ومترامي الأطراف ليست قومية خان هي التي احتلت هذه المساحة الكبيرة بل الأقليات القومية هي التي وسعت هذه الأراضي في المساحة مثلا قومية منغوليا.

عبد الرحيم فقرا:  سيد جانغ عفوا المعذرة يعني وصلت رسالتك طبعا، لا نريد أن نخوض كثيرا في تفاصيل التاريخ ما ظل معنا من وقت هذا البرنامج نتحول مرة أخرى إلى السفير محمود علام في القاهرة، سيد علام يعني ما دمنا نتحدث عن التاريخ، الولايات المتحدة هي جزء من الشبكة الأطلسية التي بدأ إنشاؤها منذ سقوط الأندلس ونهاية مركز الحضارة الإنسانية في البحر المتوسط عندما انتقلت إلى المحيط الأطلسي، الآن الولايات المتحدة تريد أن تغير المحور يعني بالنظر إلى طول هذه المسافة التي قضتها الولايات المتحدة كقوة أطلسية هل يسهل على الولايات المتحدة أن تتحول إلى قوة باسيفيكية في المحيط الهادي الآن؟

محمود علام: أعتقد أن المحيط الهادي، الولايات المتحدة تعتبر نفسها جزء منها مرتبط في الساحل الشرقي وخلفيتها التاريخية ترجع طبعا إلى عبور الأطلنطي لكنها تصنف نفسها كدولة باسيفيكية بحكم وجود ساحلها الغربي كاملا على الجبل، يمكن صعود الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية جاء بعدما أنجزته من عمليات حربية في الباسفيك بمفردها إلى جانب أوروبا وبالإضافة إلى أن هناك يجب نعترف إلى أن هناك حصل shift أو تغير في القوة الاقتصادية فالجانب الأطلنطي أصبح الآن ربما الشريك الأوروبي وما يعانيه الآن من أزمة اليورو والأزمات الاقتصادية المتتالية بينما على الجانب الآخر هناك في المحيط الهادي يعني هناك قوة ديناميكية صعدت خلال عقود قليلة وحققت معدلات يعني بالمقاييس التاريخية يعني معدلات قوية، فلذلك أنا أرى حتى الولايات المتحدة في وضعها الاقتصادي الحالي هي محتاجة لمثل هذا الشريك الذي يحقق لها نوعا من التنشيط الاقتصادي بالإضافة إلى أنها يجب أن تضع عيناها على صعود قوى كبرى أو عظمى جديدة وليس كما ذكرت بهدف التصادم أو الاحتواء الكامل ولكن على الأقل متابعة وخلق قاعدة لها من الحلفاء..

عبد الرحيم فقرا: طيب جاك غولدستون 30 ثانية تفضل.

جاك غولدستون: أنا أميل إلى القول بأن هناك أزمة في غزة الآن، والصين والولايات المتحدة تحاولان أن تقومان بدور بناء في الإتيان بالسلام ولكن سيكون من الصحيح بأن الصين والولايات المتحدة ستكون علاقتهما معقدة للعشرة أعوام القادمة فالصين ستحاول أن تؤمن أمنها الخاص وسلامتها وأنت تتخذ قراراتها بذاتها والولايات المتحدة ستراقب لتضمن أن هذه القرارات سلمية.

عبد الرحيم فقرا: شكرا لجاك غولدستون شكرا كذلك للسفير محمود علام في القاهرة ولجانغ خونغ عميد القسم العربي في جامعة الدراسات الأجنبية والسفير السابق، شكرا لكم جميعا أينما كنتم انتهت الحلقة يمكنكم التواصل معنا كالمعتاد عبر بريدنا الالكتروني وفيسبوك وتويتر، إلى اللقاء.