
مصير الآثار والمعالم العراقية
– مصير الآثار والمواقع والفنون العراقية أثناء الاحتلال
– دور العراقيين في سرقة وحماية الآثار والأعمال الفنية
– مسؤولية الاحتلال ودور الحكومة العراقية في استعادة التراث
– تأثيرات التنوع العرقي والخلاف الطائفي والدور الإيراني
![]() |
![]() |
![]() |
عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم جميعا في حلقة جديدة من برنامج من واشنطن، قد تبدو هذه الصورة كأنها مشهد لسطح القمر ولكنها في الحقيقة نموذج من نماذج الكارثة التي حلت بمهد الحضارة منذ غزو 2003، الحفر التي تظهرها الصور لموقف قرب مدينة أور الضاربة في القدم تعكس حجم النهب الذي طال الآثار العراقية التي يبلغ عمر العديد منها آلاف السنين، كيف حصل ذلك وفي أي ظروف؟ من الخاسر ومن المستفيد منه؟ وما هي آثار النهب ليس على ماضي العراق وحسب بل على حاضره ومستقبله أيضا؟ ثم ما الذي قام ويقوم به العراقيون والأميركيون وغيرهم من أجل استعادة ما نهب من نماذج العبقرية القديمة والحديثة؟ وهل يمكن أن تكتمل الذاكرة العراقية حتى إذا استرد بعض ما نهب من مكوناتها؟ يسعدني أن أستضيف في هذه الحلقة الدكتور دوني جورج يوخنا المدير العام السابق للمتاحف العراقية ومن ضمنها المتحف المركزي في بغداد ورئيس هيئة الآثار العراقية سابقا وهو يشغل حاليا منصب أستاذ زائر في جامعة ستوني بروك الأميركية، كما يسعدني أن أستضيف الدكتور هاشم الطويل الأستاذ السابق في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد الذي يدرس حاليا تاريخ الفن في كلية هنري فورد الأميركية، مرحبا بكما في الجزيرة.
مصير الآثار والمواقع والفنون العراقية أثناء الاحتلال
عبد الرحيم فقرا: أريد قبل أن نفتح هذا الملف أن نعرف أو نعطي المشاهد صورة أوضح عن هذه المسألة التي نتحدث عنها، أريد أن نستعرض صورا لبعض القطع والمواقع، رأس الفتاة من الوركاء عمرها ثلاثمائة وألفي عام، سرقت عام 2003، دكتور يوخنا.
دوني جورج يوخنا: هذه قطعة واحدة من أهم القطع الحقيقة في المتحف العراقي، فعلا اكتشفت في مدينة الوركاء في معبد إنانا الآلهة الرئيسية في هذه المدينة، عمرها 3200 سنة قبل الميلاد، وهي واحدة من الـ master pieces بالمتحف العراقي و master pieces بالنسة لتاريخ الفن للإنساني بالكامل.
عبد الرحيم فقرا: تم العثور عليها عام 2006.
دوني جورج يوخنا: سرقت، وأعيدت إلى المتحف العراقي حاليا، الحمد لله.
عبد الرحيم فقرا: إناء الوركاء النذري.
دوني جورج يوخنا: هذا الإناء أيضا اكتشف إناء طويل بحدود متر وعشرين سنتمتر ارتفاعه، اكتشف أيضا في معبد الإلهة إنانا في مدينة الوركاء، إناء عليه رسومات بأفاريز دائرية يعتقد الكثير من علماء الآثار أنها تمثل فلسفة السومريين في ظهور الحياة على الكرة الأرضية بحيث يبدأ بالماء عندما كان كل شيء ابتداء بالماء ثم النباتات ثم الحيوانات ثم الإنسان الذي يخدم الآلهة الآن، هذا هو الفكر السومري الآن.
عبد الرحيم فقرا: حجم الضرر أولا الذي لحق بهذا الإناء؟
دوني جورج يوخنا: أولا الإناء اكتشف في حينها في عام 1932 اكتشف وهو مقطع مكسر، أيضا عليه آثار للتصليح سابقا في زمن السومريين، أعيد ترميمه بعد أن أخذ من المتحف العراقي، أخذ بقطع أعيدت جميع القطع الآن في مختبرات المتحف العراقي تم ترميمها بالكامل.
عبد الرحيم فقرا: لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قصة خاصة قد يذكرها المشاهدون مع هذا الإناء.
دوني جورج يوخنا: هو كان يعني لا يفهم الرجل في هذا الموضوع لأننا كنا نؤكد أن إناء الوركاء النذري هذه أهميته، فهو بيتصور أنه إناء فخاري كيف ما كان يعني حتى قال stuff happens أو قال يعني كم إناء عندهم دول بالمتحف العراقي؟ ما يفهم الموضوع على الإطلاق، هذا إناء حجري مقدس، جزء من معبد سومري مقدس جدا في التراث العراقي القديم.
عبد الرحيم فقرا: نهاية، الملك إيه آناتوم.
دوني جورج يوخنا: الملك إيه آناتوم هذا تمثال مقطوع الرأس أصلا وسرق من القاعة السومرية من المتحف العراقي، هذا ممكن يعتبر أول نموذج لإنسان في التاريخ البشري يحمل لقب ملك، سابقا قبل هذا كان السومريون يسمون المسؤول عن المدينة يسمونه إنسي أو أمير، هذا التمثال لأول مرة يظهر لقب لوغال أي الملك الرجل الكبير الرجل العظيم، وهذا اكتشف في مدينة أور، سرق من القاعة السومرية من المتحف العراقي، عثر عليه في جمارك نيويورك.
عبد الرحيم فقرا: بعد الغزو.
دوني جورج يوخنا: بعد الغزو عثر عليه في جمارك نيويورك، الآن موجود في السفارة العراقية، سلم للسفارة العراقية، إن شاء الله يرجع إلى المتحف العراقي قريبا.
عبد الرحيم فقرا: دكتور هاشم الطويل، كما سبقت الإشارة النهب طال كذلك الفن العراقي الحديث وكذلك العديد من المعالم الأثرية في مختلف أنحاء العراق، أريد أن نبدأ بالملوية.
هاشم الطويل: بالنسبة للمنارة الملوية هي منارة جامع سامراء الكبير ومع الأسف الشديد قامت القوات الأميركية المحتلة باستعمار أعلى نقطة في المنارة كموقع لقناص أميركي ضد المقاومة التي وجدت في حينها وعلى ضوء هذا الإجراء تم تفجير الجزء الأخير من البناية.
عبد الرحيم فقرا: لو سمحت لي أريد أن نشاهد المنارة بعد التفجير.
دوني جورج يوخنا: هذه هي المنارة بعد التفجير، هناك روايات مختلف بالحقيقة حول من فجر هذا الجزء من المنارة، هل هي القوات الأميركية أم القوات المقاومة العراقية، وفي كلا الحالتين عملية استعمال أثر تاريخي ديني من قبل قوات عسكرية محتلة هو خطأ، ما كان يجب أن يكون.
عبد الرحيم فقرا: الآن بالنسبة لهناك مواقع دينية أخرى تأثرت، نبدأ بالكنائس التي حرقت، نشاهد نموذج كنيسة سانت جورج في الدورة.
هاشم الطويل: في الحقيقة بعدما تم تفجير جوامع وخصوصا جامع العسكري في سامراء، تم تفجير جوامع سنية بالمقابل يعني كانت هناك عملية استبعاث العداء الطائفي في العراق وهذا بالنتيجة أدى إلى استبعاث عداء آخر بين المسلمين والمسيحيين فمن جهة كان بعض المتشددين الإسلاميين حاولوا أن ينتقموا من القوات الأميركية بأن نسفوا مواقع مسيحية كنائس مسيحية ما لها أي علاقة بالموضوع.
عبد الرحيم فقرا: نشاهد الآن جامع العسكري في سامراء الذي تحدث عنه.
هاشم الطويل: جامع العسكري في سامراء تم نسف القبة في عام 2006 وبعدها بسنة تم نسف المنارتين يعني خلال سنة واحدة تقريبا تم نسف الموقع بأكمله وهذه كارثة كبيرة لأنه موقع ديني مهم جدا للمسلمين بالعراق وموقع أثري أيضا.
عبد الرحيم فقرا: الآن النصب الذي كان قد أقيم لأسرى الحرب العراقية الإيرانية.
هاشم الطويل: كان هناك كثير من النصب الجماهيرية الموجودة في العراق وخصوصا في بغداد، هذا النصب تم إنجازه بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وربما هو فنيا لا يحمل يعني قيمة كبيرة ولكن بشكل أو بآخر أصبح قطعة أثرية تؤرشف تاريخ العراق في فترة معينة، فيه تمثيل للتعذيب الذي تعرض له الأسير العراقي في إيران، وبعض هذه المشاهد هي بالحقيقة انعكاس لأشياء فعلا حدثت.
عبد الرحيم فقرا: ما مصير هذا النصب؟
هاشم الطويل: تم تهديمه وإزالته تماما.
عبد الرحيم فقرا: طيب مسألة أو تمثال أبو جعفر المنصور، كان ملاحظا في وسائل الإعلام الأميركية عندما نقلت الخبر ونقلت الصورة عنوان الصورة كان تمثالا بدون رأس.
هاشم الطويل: تمثال أبو جعفر المنصور كان موجودا في وسط مدينة المنصور من تصميم وعمل الفنان العراقي خالد الرحال وهو يمثل مؤسس بغداد في الحقيقة، تم تفجيره بالكامل أعتقد في عام 2005.
عبد الرحيم فقرا: نرى صورة التمثال قبل التفجير.
هاشم الطويل: وتم نقل، طبعا القاعدة دمرت تماما أما الرأس لأنه من البرونز تم نقله إلى مكان أنا في الحقيقة ما أعرف وين.
عبد الرحيم فقرا: طيب هنالك كذلك تمثال أبو الطيب المتنبي.
هاشم الطويل: تمثال المتنبي الشاعر العراقي المعروف أبو الطيب المتنبي أيضا تم إزالته، هذا قام بتنفيذه النحات العراقي محمد غني حكمت، تم إزالته وما معروف وين، يقال إنه حفظ في أماكن معينة. أحب أضيف نقطة في هذا المجال، تجارب مشابهة صارت في بعض الدول الاشتراكية والشيوعية سابقا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أو تفكيك الاتحاد السوفياتي وتغير نظام الحكم بالدول الشيوعية والاشتراكية قامت هذه الدول بحفظ هذا الموروث الشيوعي الاشتراكي القديم في أماكن معينة يعني تم حفظها لأنها أصبحت مادة متحفية..
عبد الرحيم فقرا: هذا لم يحصل في العراق. نهاية، الفن العراقي الحديث، مركز صدام للفنون، ما قصة هذا المركز؟
هاشم الطويل: مركز صدام للفنون هذا عمارة حديثة تم إنشاؤها في نهاية الثمانينيات وكرس ليحتوي كافة الأعمال العراقية الحديثة، كانت تجرى فيه الكثير من الفعاليات المحلية والدولية والعربية، كان المبنى يحتوي على ما يقارب سبعة آلاف قطعة من النحت والرسم والفخار وفن الطباعة والخط العربي ومكتبة فيها الكثير من الكتب والمصادر..
عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): أين هي هذه القطع الآن؟
هاشم الطويل: كلها نهبت بكاملها بعد الاحتلال الأميركي.
عبد الرحيم فقرا: طيب دكتور دوني جورج يوخنا أعود إليك، أنت كما سبقت الإشارة كنت مسؤولا عن المتاحف العراقية في ذلك الوقت، هل لك أن تنقل لنا صورة ما حصل حسبما تتذكره مما حصل بعد الغزو بالنسبة للنهب؟
دوني جورج يوخنا: عملية واحدة وبسيطة جدا، أن القوات كانت أمام المتحف العراقي لم تحم المتحف العراقي لأنها بالتأكيد -وعرفنا ذلك رسميا- لم يكن لديها أمر بحماية المتحف العراقي، فتركت المجاميع تدخل ثلاثمائة أربعمائة شخص دخلت كسرت الأبواب إلى القاعات إلى مخازن المتحف العراقي ونهب ما نهب ونهب أكثر من 15 ألف قطعة من المتحف العراقي.
عبد الرحيم فقرا: كم قطعة تم استردادها حتى الآن؟
دوني جورج يوخنا: بحدود خمسة آلاف قطعة من هذه المسروقات مال المتحف، لكن هناك رقما مخيفا آخر هو أنه أكثر من 32 ألف قطعة أعيدت إلى المتحف العراقي سرقت من المواقع الأثرية وخاصة في مناطق الجنوب. السؤال الكبير إذا كان للمتحف رجع 32 ألفا كم خرج من هذه إلى خارج الوطن؟
دور العراقيين في سرقة وحماية الآثار والأعمال الفنية
عبد الرحيم فقرا: طيب هذه النقطة سنتطرق لها لاحقا في هذا البرنامج، لدي سؤال متابعة وهو مفتوح لك وللدكتور الطويل، قد يقال إذا كان أبناء البلد أنفسهم غير قادرين على حماية تراثهم كيف يتوقع من الأجنبي أن يحمي هذا التراث؟
دوني جورج يوخنا: هذه نقطة جدا مهمة وهذه ما يثيرها كثيرون من أصحاب المجاميع الأثرية في أوروبا وأميركا، أصحاب البلد، اتركونا وحدنا يا ناس نحن نقدر نحمي المواقع، كان هناك في الهيئة العامة للآثار حتى كونا قوة خاصة تابعة للآثار من أجل حماية ودوريات خاصة حماية المواقع الأثرية وكانت تعمل بصورة جيدة جدا حصلنا لها على آليات من اليابان ومن أميركا وأسلحة اشترينا لهم، أجهزة اتصالات عن طريق اليونسكو لكن مع الأسف هي هذه القوة الآن تم استبعادها من هيئة الآثار العراقية من قبل الحكومة العراقية، يعني أنا أستغرب جدا المفروض هذه القوة يعني يتم تقويتها لأنهم كانوا فعلا يقومون بعمل رائع جدا، هذه أزيلت بالكامل.
عبد الرحيم فقرا: طيب الدكتور الطويل سأعطيك المجال للتعليق على هذه النقطة إنما عطفا على ما قاله الدكتور يوخنا الآن، هناك ثقافة في المنطقة وهذه الثقافة تريد دائما من السلطة الفلانية والهيئة الفلانية أن تقوم بكذا وكذا وتحمي التراث إلى غير ذلك، هذا الشعب الشعب العراقي معروف عنه أنه من أكثر الشعوب المتعلمة في المنطقة العربية، لماذا لم يحم الشعب نفسه آثاره؟
هاشم الطويل: في الحقيقة يعني هذا السؤال صعب الإجابة عنه، اللي حدث في صبيحة الاحتلال في العراق يمكن أن يحدث في أي دولة، إذا أسقط النظام وأسقطت السلطة وأسقط الجيش والشرطة والدفاعات عن أي مدينة سيحل بها النهب والسلب كما حصل في بغداد، ممكن يحدث في أي مدينة أوروبية أو أميركية، فهذا بغياب القانون الفوضى تعم هذا شيء معروف، والشعب العراقي يعني لا ننسى أنه في فصيلة كبيرة من أبناء الشعب العراقي هم ناس بسطاء يعني ناس مثلا نسميهم رعاع وهم هؤلاء الحقيقة اللي أكثرهم مارسوا عملية النهب والسرقة، قسم منهم حتى داهموا دوائر حكومية وسرقوا الأثاث والخزانات وأشياء بسيطة يعني، هذه شغلات مثلا نفسية بالنسبة لهم، بس أنا أحب أيضا أن أضيف..
عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): يعني هذا الموضوع كان فيه إذا كنت تقول إن هذا الموضوع كان فيه نوع من التنفيس والترويح عن النفس التاريخي والسياسي ربما قد يفسر هذا المنطق على أنه يلتقي بمنطق دونالد رامسفيلد، دونالد رامسفيلد كان قد قال نفس الشيء، قال إن الحرية فوضوية.
هاشم الطويل: لا أعتقد بأن ما حصل هو حرية، يعني إذا كنا نعتبر ما حدث من فوضى في مدينة ديترويت في الستينيات حرية فإذاً الشعب الأميركي عنده نفس المشكلة، السلب والنهب الذي تم حتى في لوس أنجلس، أعتقد النقطة المهمة التي يجب أن نتكلم فيها حتى نكمل الصورة أن كثيرا من العراقيين ساهموا أيضا في عملية النهب لغرض حفظها ويمكن الدكتور دوني عنده نماذج من هذا وقصص من هذه، العراقيون أيضا راحوا اشتروا بعض الأعمال الفنية واحتفظوا بها ومصرون على أن يعيدوها بعد أن يستقر الوضع ويكون الأمان أكثر، وأحب أيضا أن أضيف أن مجموعة مركز صدام سابقا اللي هي كان عددها بحدود سبعة آلاف عمل فني، تم استرجاع بحدود ثلاثة آلاف أو أكثر لحد الآن.
عبد الرحيم فقرا: من جهود العراقيين.
هاشم الطويل: بجهود العراقيين وبجهود شرطة الحدود وحتى بجهود بعض القوات الأميركية اللي مسكت على الحدود بعض التهريبات، فهناك يعني عملية استرجاع.
عبد الرحيم فقرا: طيب لو سمحت لي بالنسبة لك أنت الدكتور يوخنا النقطة التي تحدث عنها الدكتور الطويل مسألة الرعاع أنه كان في قطاعات من الرعاع هم الذين كانوا مسؤولين عما حصل، هل توافق أنت على أن فقط هذا هو العامل أم أن هناك عوامل أخرى؟
دوني جورج يوخنا: ممكن جدا العامل الثقافي يلعب دورا كبيرا بهذا الموضوع، العامل الثقافي قد يصل إلى حتى مناهج التدريس في المدارس الابتدائية والمتوسطة العراقية، الإنسان العراقي يصل إلى مرحلة الشباب 18، 20 سنة لا يعرف تاريخه بالكامل، أبدا، ما موجود لا يعطيه الصورة الكاملة الحقيقية لحضارة بلده العميقة في التاريخ، هذا واحد، الشيء الثاني لا ننسى أن ما حدث حدث بعد 13، 14 سنة من الحصار، الإنسان العراقي فقير الإنسان العراقي جوعان الحقيقة وكان هذا الانفجار اللي حدث أنه يريد أي شيء يأخذه يبيعه حتى يدعم قوت عائلته، هي كثير عوامل الحقيقة دخلت في مسألة النهب ولكن عندنا شواهد في المتحف العراقي نحن قسمناهم ثلاثة مجاميع اللي دخلوا، في مجاميع دخلوا أخذوا كل شيء لأغراض أن يبيعوه بالسوق لكن في مجاميع دخلت وهي تعرف ماذا تريد من المتحف العراقي.
عبد الرحيم فقرا: كان شيء تقصد كان شيء مبرمج سلفا؟
دوني جورج يوخنا: مبرمج سلفا لأن مجموعة اللي دخلوا إلى قاعات المتحف العراقي عرفوا كيف من أضعف نقطة في بناية المتحف دخلوا، كان معهم قاطعات للزجاج مجهزين نفسهم أن يقطعوا الـ show cases الزجاجية للمتحف.
عبد الرحيم فقرا: هؤلاء الناس بتصورك كانوا عراقيين أم أجانب؟
دوني جورج يوخنا: كل اللي موجودين بالمكان كانوا عراقيين لكن هذه المجموعة أعتقد كانت مهيئة نفسهم مروا مرور الكرام من أمام قطع أثرية مستنسخة، نسخ جبسية في المتحف العراقي ما جاؤوا يمها بمعنى يعرفون ما يريدون، جاؤوا في خزانة..
عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): طيب معلش عطفا على هذا الموضوع دكتور الطويل إن كنت توافق على هذا الكلام، هل بتصورك كان المقصود بهذه العمليات المبرمجة سلفا أن أناسا عراقيين كانت تقف وراءهم جهات أخرى لها دوافع سياسية أو مالية أو ما هو تفسيرك أنت؟
هاشم الطويل: هناك تحليلات كثيرة بالحقيقة ظهرت حول هذا الموضوع وقسم من هذه التحليلات تشير إلى وجود جهات أجنبية خارجية عندها أجندة معينة، عندها أيديولوجية معينة لمسح ذاكرة العراق..
عبد الرحيم فقرا: مثلا عن هذه الجهات؟
هاشم الطويل: يعني صعب تشخيص هذه الجوانب لأن المسألة صعبة جدا، بس هذه تحليلاتي يعني، وهناك أيضا جانب آخر أنا أضيف على كلام الدكتور دوني فيما يخص الأعمال الفنية العراقية الحديثة كثير من الفنانين العراقيين ونقاد الفن والمثقفين والمهتمين بالجوانب الثقافية ساهموا في عملية حفظ ما يمكن حفظه.
عبد الرحيم فقرا: هناك تفسير يقول إن ما نهب ودمر في العراق هو ما كان مرتبطا بأذهان العراقيين باسم الرئيس السابق صدام حسين أو حزب البعث أو.. أو، مسألة أن صدام كان يتقمص أو هكذا كان يقال شخصية نبوخذ نصر مثلا فالناس كانت تحاول أن تنتقم لذلك، ما رأيك في هذا؟
هاشم الطويل: لا أعتقد أن هذا صحيح، أحب أيضا أن أضيف لك لهذا الجانب أنه هذه ليست هي المرة الأولى التي يتم بها نهب المتاحف العراقية، بعد القصف الأميركي عام 1990-1991 تم نهب أكثر من 14 متحفا محليا بالعراق بالجنوب وبالشمال، متاحف محلية في المحافظات تم نهبها بنفس الطريقة اللي صارت بهذه المرة، وهناك مؤلفات وكتب كتبت عن هذا الموضوع، فماذا كان تفسيرها في عام 1990-1991؟ عندما تطلق الفوضى كل شيء ممكن أن يحدث وهذا يعني ممكن أسهل طريقة.. المثقفون والحريصون على التراث العراقي ساهموا واستطاعوا أن يحفظوا مجموعة كبيرة في الحقيقة من الأعمال الفنية والآثارية وربما هناك لا تزال أعمال موجودة هناك أيضا من قام بسرقتها وبيعها إلى جنود أميركان، وحتى الجنود الأميركان أخذوا معهم مسروقات ويمكن مسكت في أثناء دخولهم إلى أميركا.
عبد الرحيم فقرا: طيب ما رأيك دكتور هاشم ودكتور يوخنا أن نتوقف عند هذه النقطة في نهاية هذا الجزء، عندما نعود بعد الاستراحة نستأنف الحديث في هذا الجانب بالضبط، استراحة قصيرة ثم نعود.
[فاصل إعلاني]
مسؤولية الاحتلال ودور الحكومة العراقية في استعادة التراث
عبد الرحيم فقرا: أهلا بكم مجددا إلى هذه الحلقة من برنامج من واشنطن ونخصصها لملف نهب مهد الحضارة. الدكتور هاشم في نهاية الجزء السالف كنت تتحدث عن الدور الذي لعبته القوات الأميركية في نهب الموروث العراقي.
هاشم الطويل: القوات الأميركية جاءت للعراق كقوات محتلة، لنكن على وضوح من هذا الأمر، ولم تأت كقوات بانية أو معمرة للبلد، والجندي الأميركي هو محارب قبل أن يكون مثقفا أو مدركا للتراث الثقافي للدول الأخرى..
عبد الرحيم فقرا (مقاطعا): طيب هذه الحكومة الأميركية إدارة الرئيس جورج بوش آنذاك وزارة الدفاع آنذاك بتصوركما قبل الغزو هل كانت تفكر في دمج إستراتيجية معينة للحفاظ على التراث العراقي في الإستراتيجية العسكرية كما نسمع من بعض الخبراء هنا في الولايات المتحدة أم أن الحال لم تكن كذلك؟
هاشم الطويل: بالتأكيد كان هناك مذكرات من فطاحل الآثاريين بالعالم، توصيات للرئيس بوش وللحكومة الأميركية بصيانة المواقع الأثرية والمتاحف وحمايتها وهذه مثبتة يعني موجودة مذكرات رسمية وكان وعود بتنفيذ ذلك، دعني أعطيك مثلا صغيرا، أنا كنت أحد أعضاء الجالية العراقية التي ذهب لمقابلة السيد آرميتاج اللي هو كان نائب وزير الخارجية الأميركي، ذهبنا كوفد صغير وكان معنا المطران ابراهيم من ديترويت وآخرون أيضا، وأنا بالحرف الواحد قلت له أرجوك أن تتذكر بأن النسيج الثقافي والديني والتراثي للشعب العراقي خطير جدا يعني أية ضربة صغيرة تدمره وتهدده، وهناك أيضا تراث حضاري مهم جدا في العراق سيتدمر، قال لي بالحرف الواحد، نحن على علم تام بهذا الموضوع واتخذنا كافة الاحتياطات والإجراءات لحفظ التراث العراقي، لم يحدث من ذلك أي شيء، هذا مثل صغير أعطيك إياه. فأعتقد أنه يجب ألا نلوم لماذا قام هذا الجندي الأميركي بعمل كذا، لماذا قام هذا الجندي بتدمير هذه البناية أو بتدمير المنارة أو الجامع أو ضرب جامع أو تدنيس مدخل جامع، هذه أمور لا يفقهها الجندي الأميركي، المسؤول عنها هو القيادة الأميركية التي لم ترع هذا الجانب.
عبد الرحيم فقرا: طيب دكتور يوخنا ما رأيك؟
دوني جورج يوخنا: هناك معلومات قوية جدا وحقيقية بأن مجاميع كبيرة من أساتذة الآثار في الولايات المتحدة ذهبوا وأرسلوا مذكرات إلى وزارة الدفاع الأميركية وإلى رئاسة الجمهورية وإلى وزارة الخارجية بنفس ما تفضل به الدكتور الطويل وهي أعداد هائل من المواقع الأثرية سلمت إحداثياتها إلى القوات من أجل حمايتها من أجل تلافي أي ضرر بها ومن ضمنها المتحف العراقي، وهناك عندنا معلومات هناك قائمة صدرت من القيادة المركزية بعشرين موقع أولها المتحف العراقي يجب أن تكون حمايتها عندما تدخل القوات إلى بغداد، لم يحدث من هذا أي شيء.
عبد الرحيم فقرا: طيب الآن بالنسبة للمستفيد من هذا النهب بصرف النظر عمن قام بواجبه أو لم يقم بواجبه إزاء حماية التراث العراقي، من المستفيد؟ معروف أن هناك أموالا باهظة تجنى من سوق هذه القطع، إنما من المستفيد الرئيسي؟
دوني جورج يوخنا: هو الحقيقة سرقت الآثار العراقية لأن العراق يعتبر مهد الحضارة فيه كل شيء ابتدأ ابتداء الكتابة الديانات بدأت القوانين بدأت لذلك آثاره قيمة جدا، هناك الكثير من جامعي الآثار ومن المتعاملين بالآثار يتصيدون الفرص لاقتناء هذه القطع، يعني كان هناك مثال أنه ختم أسطواني واحد عندما واحد فلاح يعثر عليه ممكن يبيعه بعشرة دولارات في العراق هناك، هذا الختم يصل سعره في نيويورك إلى مائة ألف دولار، فهي هناك عمليات لتوظيف أموال وغسيل أموال ومافيا عالمية للاستفادة من الوضع اللي صار في العراق وسحب أكبر عدد ممكن من الآثار، يعني أنت حضرتك طلعت على الشاشة واحد من المواقع الأثرية المنهوبة، يعني هذا موقع اسمه أمة مساحته ثمانية كيلومتر مربع موقع مهم جدا في تاريخ العراق في الفترة الأكادية والسومرية، هذا الموقع فقط كان مكانا للآلاف من الرقم الطينية المكتوبة بالمسماري اختفت وأغرقت السوق في الولايات المتحدة وفي أوروبا.
عبد الرحيم فقرا: طيب الدكتور الطويل عطفا على هذه النقطة، كيف يمكن إخراج ما يمكن إخراجه من هذا التراث الذي نهب وبيع خارج العراق، كيف يمكن إخراجه من دوامة سوق القطع الأثرية القديمة حتى يعاد إلى موطنه الأصلي؟
هاشم الطويل: هذه أيضا مسألة صعبة لأنه أولا أخرجت هذه القطع من العراق، العراق كان بلا حدود لسنوات عديدة بعد الاحتلال، حدوده مفتوحة كانت يعني التهريب بالطريقين كان مستمرا ويمكن لحد الآن في مناطق معينة، الحكومة العراقية تحاول جهد إمكانياتها، يعني خلي نكون أيضا واضحين الحكومة العراقية هي ليست صاحبة الأمر الأول والأخير في العراق لأن القوات المحتلة لا تزال ولا ننسى أن العراق لا يزال بلدا محتلا عسكريا، الحكومة العراقية والمسؤولون العراقيون يحاولون جهد إمكانياتهم استعادة هذه الأشياء وهناك مذكرات مكتوبة واعتراضات على إجراءات أميركية أو أجنبية ولكن هذا لا يكفي بحد ذاته لأن الحكومة العراقية ما عندها الطاقة الكافية للقيام بهذه العملية.
عبد الرحيم فقرا: كما هناك شرطة دولية وهيئات دولية تتخصص في هذا المجال.
هاشم الطويل: طبعا موجودة هذه بس صعب تطبيق القوانين، يعني أميركا واحدة من الدول التي تراعي هذه المسألة ولكن لما تروح على ebay على الإنترنت تلقى الكثير من القطع المسروقة موجودة، المشكلة كيف تثبت أنها مسروقة، هذا ما تسمى بالـ antiquities innocent اللي هي منقبة بطريقة غير رسمية وغير موثقة، كيف تثبت أنها أخذت من العراق بعد 2003.
عبد الرحيم فقرا: طيب هل تعتقد أنت دكتور الطويل أن الحكومة العراقية تقوم في الوقت الراهن بما يجب أن تقوم به أم أنك تعتقد أن الوضع في العراق يطرح من التحديات اليومية أمام العراقيين من مسألة الأكل والشرب والصحة أمور تتعلق بالحياة اليومية قبل أن تتعلق بحياة من سبق من الأجيال العراقية؟
هاشم الطويل: أنا أعتقد أن العراق فيه الكثير من الكفاءات والناس المتخصصين في كافة المجالات والمخلصين لعملهم والمحبين لوطنهم موجودين في داخل العراق وفي خارج العراق ولكن مع الأسف الفرصة لم تتح لهم لأن يمارسوا طاقاتهم وإمكانياتهم، يعني على سبيل المثال هناك الآلاف من الاختصاصيين الموجودين في أميركا وفي أوروبا وفي كندا اللي هم المفروض بهم يكونوا في العراق مثل حالنا إحنا، بصراحة يعني، إحنا نحترم أميركا ونحترم هذا البلد ونحترم التقدم العلمي والحضاري الموجود فيها ولكن يمكن عندنا اعتراضات على سياسته الخارجية فيما يخص أمور مثلما صار في العراق، نحن بودنا أن تكون علاقات طيبة بين العراق وأميركا بين الشعب العراقي والشعب الأميركي بس مع الأسف ما قام به السيد بوش هو تدمير هذه العلاقة واللي يمكن تحتاج إلى سنين من تلئيم الجروح.
تأثيرات التنوع العرقي والخلاف الطائفي والدور الإيراني
عبد الرحيم فقرا: طيب الدكتور يوخنا الآن بالنسبة لتركيبة المجتمع العراقي كما كان قبل 2003 عندما صارت هذه العملية عمليات النهب كيف بتصورك -إن كنت تعتقد ذلك- أسهم نهب التراث العراقي القديم والحديث في تعزيز الفرقة والانقسامات الطائفية والعرقية وغيرها من الانقسامات في العراق؟
دوني جورج يوخنا: هناك تحديات كثيرة في هذا المجال، سرقة الآثار العراقية هي سرقة الفكر العراقي القديم سرقة ذاكرة الإنسان العراقي، هذه كلها تؤدي إلى فرقة كبيرة، إنما كمتخصصين إحنا في عندنا شواهد كثيرة، ما في فرق يعني هؤلاء هم عراقيون يا ناس يعني كيف إحنا بالقوة ندخل بينهم نفصلهم ونقسمهم أنتم سنة أنتم شيعة أنتم إسلام أنتم مسيحيون ونخلي هذا التناحر يصير؟ هذا سابقا ما موجود يعني نحن نعرف في زمن العباسيين عدد كبير من علماء البلاط العباسي هم مسيحيون، المترجمون يعملون ويشتغلون كعراقيين بالدولة العباسية واعتيادي وحاليا أيضا نفس الشيء، أساتذة جامعات يعني هم عراقيون إذا كانوا سنة أو شيعة أو مسلمين أو مسلمين أو مسيحيين هم كلهم عراقيون..
هاشم الطويل: أو أكراد أو عرب.
دوني جورج يوخنا: أو أكراد أو عرب كلها.
عبد الرحيم فقرا: طيب عطفا على ذلك كيف يمكن لاسترداد ما نهب من التراث العراقي أن يسهم في إعادة اللحمة ولو نسبيا إلى هذا المشهد الذي..
هاشم الطويل: هناك فهم عند كافة العراقيين أينما وجدوا بتعاطف كبير وحرص على هذا الموضوع بالحقيقة وقد بادر كثير من الفنانين حتى أثناء السنة الأولى والثانية من الاحتلال بالعراق بعمل جمعيات اللي غرضها جمع هذه الأعمال وشراؤها واسترجاعها وإعادتها إلى البلد.
عبد الرحيم فقرا: إنما -عفوا على المقاطعة- قد تقول بعض الجهات العراقية المعنية إن الخارطة السياسية للعراق كما نعرف اليوم تختلف تماما عن الخارطة السياسية للعراق كما كان أيام الآشوريين أو البابليين وبالتالي قد تكون لها نظرة معينة إلى الهوية العراقية وإلى كيفية استخدام هذا التراث في الوقت الراهن.
هاشم الطويل: الشعب العراقي هو مزيج متجانس من عدة أنواع مختلفة من قوميات ومجاميع عرقية وإلى آخره، هذا هو واقع العراق وما ممكن تغييره، بالحقيقة هذا هو سر ثراء العراق، يعني خذ أميركا كبلد سر ثرائها هو التنوع العرقي والإثني والقومي إلى آخره، العراق منذ أن وجد هو كذلك هو قوة إقليمية ولكن المشكلة في الفهم الغربي لثقافة الشرق بشكل عام ومن ضمنها العراق الاستشراقي الفهم الاستشراقي، هناك صور جاهزة لفهم الاستشراق وهذه هي الطامة الكبرى التي حملها معه الجيش المحتل للعراق جاء بفهم معين للعراق أنه شعب متخلف وناس متخلفون ويعني الصورة النمطية ولذلك فشل في إدارة البلد بدليل، أعطيك صورة مضحكة، بعد سنة من الاحتلال أرسلوا عسكريا سابقا ورجل قضاء محاميا أرسلوه ليقوم باسترجاع التراث العراقي المتحفي المسروق اللي هو الكولونيل بوكدونس، ماثيو بوكدونس وألف كتاب الكتاب سماه لصوص بغداد The Thieves Of Bagdad هذا مثال على النمطية اللي هو أصلا جاء بها، ما هي كانت حصيلة كتابه؟ أن العراقيين هم لصوص وقاموا بسرقة المتاحف لتمويل الإرهاب بالعراق! ما هو الإرهاب جاء مع القوات الأميركية.
عبد الرحيم فقرا: طيب ما رأيك دكتور دوني؟
دوني جورج يوخنا: أحب أضيف به، مسألة الحدود العراقية، العراق هو بلد الرافدين العراق هو نهري دجلة والفرات هذا الحوض لدجلة والفرات يعني حتى ابتداء من تركيا إلى سوريا إلى العراق هذه هي بلاد.. بلد الرافدين اللي كل الحضارات كانت فيها، العراق تفصلها عن إيران سلسلة جبال هائلة العراق تفصلها عن تركيا سلسلة جبال هائلة العراق هو في هذه الحدود الشرقية والشمالية جبال الغربية هي صحراء كل ما هو داخل هذه اللي تموله نهرا دجلة والفرات هذا هو العراق اللي من بداية التاريخ ولحد الآن، ليس هناك فرق، هناك أمور قد لا يعرفها الناس، العراقيون العرب الموجودون في الأهوار إحنا كمتخصصين نعرف هم هؤلاء أصلهم سومريون، سومريون فعلا في لغتهم في حياتهم اليومية في صناعاتهم، هم من أصحاب البلد ليسوا غرباء، الآشوريون موجودون في الشمال منذ خمسة آلاف سنة ستة آلاف سنة ولا زالوا، ما هناك لا يوجد أي فصل هذه هي حضارة العراق والدولة العراقية.
عبد الرحيم فقرا: طيب أنت تتحدث عن إيران دكتور يوخنا، معروف، يعرف القاصي والداني أن العلاقات بين العراق وبين إيران عبر العصور مرت بمراحل صعود ومراحل هبوط، نسمع من بعض العراقيين أن هناك محاولات إيرانية لطمس الهوية العراقية سواء الحالية أو كما تتحدثون أنتم عنها من خلال نهب التراث العراقي، هل هذا الحديث من منظوركما أنتما كمتخصصين في هذه الأمور فيه واقع حقيقة أم أنه هوس المهووسين؟
دوني جورج يوخنا: أنا أعتقد واقع، واقع من الحقيقة واستنادا حتى إلى التاريخ مع الأسف الوثائق السومرية يعني قبل خمسة آلاف سنة السومريون يدعون الإيرانيين الفرس يدعوهم بالأعداء لأنه حتى واحد من ملوك السومريين اضطر يزوج ابنته إلى ملك عيلامي حتى -مثلما نقول بالعراقية كف الشر- أن لا يأتوا إلى العراق ويغزوه.
عبد الرحيم فقرا: طيب ما معنى هذا الكلام؟
دوني جورج يوخنا: هذا الكلام أن الإيرانيين لا زالوا عندهم عين على العراق، وبالنسبة للتاريخ المتأخر هم يعتبرون أن العراق جزء من إيران لذلك يجب أن يضم إلى الإمبراطورية الفارسية.
عبد الرحيم فقرا: هل هذا رأيك؟
هاشم الطويل: هذا تاريخيا هذا واضح مثبوت يعني على مدى فترة بعد سقوط الإمبراطورية الساسانية حينما قام العرب بالقضاء عليها كان العراق جزء من الإمبراطورية الساسانية بعدها دخل الإيرانيون عن طريق الصفويين بالقرن السابق عشر احتلوا النصف الجنوبي من العراق لحد تقريبا القرن العشرين.
عبد الرحيم فقرا: طيب معذرة على المقاطعة، طبعا دون أن نحول هذا الكلام إلى تاريخ غير ملموس، معروف أنه في ظل التوترات التي كانت تسود العلاقات بين إيران والعراق في عهد النظام السابق عهد الرئيس صدام حسين كان الإيرانيون يتظلمون من مطامع العراق في إيران، إنما ما الفائدة بالنسبة لك -عندما تقول إن الإيرانيين يحاولون طمس الهوية العراقية- ما الفائدة من أن يحاولوا تدمير ونهب أو المشاركة على الأقل في تدمير ونهب التراث العراقي القديم؟ أمامهم مجال السياسة الحالي، لماذا يلجؤون إلى الماضي؟
هاشم الطويل: لا، ما هو في الواقع السياسي الحالي كقوة إقليمية تطمح أن تكون قوة طاغية ومسيطرة بالمنطقة وأقرب جار لها هو العراق اللي عنده -يبدو- أنه عندها نفوذ سياسي كثير، يعني هي إيران دخلت للعراق عن طريق الارتباط الطائفي مع الأسف، مع العلم أن الشعب العراقي يعني يعي تماما أن هناك مطامع سياسية إيرانية وبنفس الوقت أكو هناك أواصر أخوة بين الشعبين الإيراني والعراقي، فأعتقد أن الطريق الصحيح هو بناء هذه الأواصر الأخوية وعدم محاولة طمس معالم أي جهة على حساب أي جهة أخرى، يبقى التراث العراقي يعني قويا، ما أعتقد أنه رح تكون عملية طمس آثاره بهذه السهولة.
عبد الرحيم فقرا: دكتور يوخنا في آخر مداخلة تفضل.
دوني جورج يوخنا: هو محاولة سرقة الآثار هي محو الذاكرة التاريخية للإنسان العراقي، هذا واحد، والأطماع الإيرانية معروفة في العراق لكن إحنا خلي نفكر بالموضوع بالطريقة التالية، إنه يصير احتلال خاصة بالجزء الجنوبي من العراق بأي طريقة كانت بإعلان فيدرالية أو أي شيء كان تكون تابعة أو تسهيل أمور الإيرانيين في جنوب العراق، لا ننسى أن هذا جنوب العراق هو المفتاح أو الباب المفتوح إلى الجزء الغربي من دول الخليج العربي اللي هو نفط العالم كله.
عبد الرحيم فقرا: طيب نقطة أخيرة قبل أن ننهي هذه الحلقة، بالنسبة لك دكتور يوخنا بعد كل هذه المآسي وبعد كل هذه الكارثة التي حلت بالتاريخ القديم وبالتاريخ الحديث مسألة الفن العراقي الحديث، ما هي آمالكما في أن يتم إصلاح ولو جزئي لما تم تدميره في الذاكرة العراقية والهوية العراقية في هذا الصدد؟
دوني جورج يوخنا: أنا أعتقد الشعب العراقي له ميزة أنه يتحمل الصدمة الكبيرة يستوعب الصدمة يهدأ ويرجع من جديد، أنا واثق جدا أن الأمور لما تهدأ الإنسان العراقي رح يرجع إلى سابق عهده والعمق الحضاري والثقافي والعلمي الموجود داخل الإنسان العراقي رح يظهر من جديد، فقط ينراد ناس بالحكومة العراقية أن تفهم هذا وتدعم الإنسان العراقي، العملية ما تطول بس ترجع إن شاء الله.
عبد الرحيم فقرا: الدكتور الطويل؟
هاشم الطويل: العراق مر بعملية احتلال سابقا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى والبريطانيون احتلوا العراق ونفس الكورس اللي يمر به العراق الآن مر به سابقا وانتهى إلى استعادة استقلاليته وحريته وبناء نفسه بنفسه، هذا الشيء رح يحدث مثلما تفضل الأستاذ دوني، رح يحدث، يمكن يأخذ وقتا والعراق رح يرجع يقف على قدميه من جديد والعراقيون موجودون وهم قادرون على بنائه من جديد، ويجب أن تقوم الولايات المتحدة بدورها التعويض بهذا المجال لأن الحقيقة هي سبب مباشر بدمار العراق.
عبد الرحيم فقرا: دكتور الطويل شكرا لك شكرا جزيلا في نهاية هذه الحلقة من البرنامج، شكرا لك أنت أيضا الدكتور دوني جورج يوخنا. شكرا لكم جميعا في نهاية هذه الحلقة، انتهى البرنامج، عنواننا الإلكتروني، minwashington@aljazeera.net