المسلمون والانتخابات البريطانية
من أوروبا

المسلمون والانتخابات البريطانية

تناقش الحلقة الوزن الانتخابي لمسلمي بريطانيا. وهل سيمنح المسلمون أصواتهم بناء على مواقف المرشحين من السياسة الخارجية أم على مواقفهم من المسلمين ومن القضايا الاجتماعية والاقتصادية؟

– تحول المسلمين في لندن بعد 11 سبتمبر
– المواقف المتباينة من مشاركة المسلمين

 

undefinedأحمد كامل: أهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من أوروبا أقدمها لكم من العاصمة البريطانية لندن، لن تكون الانتخابات العامة البريطانية المقبلة كسابقاتها بالنسبة لمسلمي بريطانيا فصوْت هؤلاء بات مسموعا أكثر فأكثر وتوجهاتهم لم تعُد كما كانت تصبُّ آليا لصالح حزب العمال البريطاني، التحقيق التالي من إعداد الزميل مصطفى سواق يستعرض توجهات الناخب البريطاني المسلم.

[تقرير مسجل]

تحول المسلمين في لندن بعد 11 سبتمبر

مصطفى سواق: المسلمون في بريطانيا وعددهم الرسمي الآن يفوق مليون وستمائة ألف ظلوا عقودا لم يطوِّروا خلالها صوتا انتخابيا يثير انتباه الأحزاب السياسية ويجلب اهتمام المرشحين، كانوا يساندون بأغلبيتهم حزب العمال الذي حصل عام 2001 على 75% من أصواتهم وكأنهم في زواج عرفي معه من دون شروط ولا وعود بخدمة مصالح الجالية وتطلعاتها، الأمر تغيَّر قليلا في السنوات الأخيرة خاصة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من تشويه لصورة المسلمين سهَّل استهدافهم ثم الحرب على العراق وقضية الحجاب وكلها طورت إدراك المسلمين لواقعهم وإمكانياتهم وأمدتهم بوعي سياسي جديد لم يألفوه.

إقبال سكرياني– رئيس مجلس مسلمي بريطاني: أعتقد أنه تطور طبيعي خلال العشر أو الخمسة عشر سنة الأخيرة عندما بدأت تُثار القضايا التي تؤثر في الجالية المسلمة، مجلس مسلمي بريطانيا موجود منذ 1978 وقبله كانت هناك منظمات إسلامية عديدة، اللجنة البريطانية للشؤون الإسلامية أعدَّت أول وثيقة تتعلق بالانتخابات عام 1977 أبرزت فيها القضايا الأساسية التي تؤثر في الجالية المسلمة ومغزاها المشاركة هي السبيل الوحيد لإحداث التغيير فيما يهم المسلمين من تشريعات.

مصطفى سواق: تميَّز دور المسلمين بشكل خاص في المظاهرات التي نظمها تحالف أوْقفوا الحرب حيث شكَّلت التنظيمات الإسلامية عنصرا رئيسيا وتعلمت الكثير من استراتيجيات ومهارات العمل مع الهيئات المختلفة التي تتفق معها في المصالح والأهداف جزئيا أو كليا وحققت قفزة نوعية في تنظيم الجالية وتنشيطها في إطار العمل السياسي والمدني ومجالات حقوق الإنسان، الجالية المسلمة برهنت على وعيها الجديد عندما مثَّلت القوة الرئيسية في إسقاط مرشح حزب العمال في الانتخابات الجزئية في منطقة برينت إيست احتجاجا على الحرب وإنجاح مرشحة حزب الديمقراطيين الأحرار المناهض للحرب، هذا الدور تأكد في انتخاب عمدة لندن العمالي حيث مثَّل المسلمون مرة أخرى العنصر الرئيسي في إنجاح كين ليفنغستن الذي ناهض الحرب على العراق وكان دائما من مناصري القضايا العربية والإسلامية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ياسمين قرشي تحاول إقناع سكان دائرتها الانتخابية برينت إيست بالتصويت لها مؤكدة أنها ستمثل سكان الدائرة بكل أطيافها ولمساندتها خرج معها اليوم عمدة لندن كين ليفنغستن وهو مثار إعجاب وتقدير كبيرين لدى الجالية المسلمة.

كين ليفنغستن– عمدة لندن: ياسمين قرشي مستشارتي لحقوق الإنسان وهي خليفتي في هذه الدائرة التي كنت أمثِّلها، كانت مناهضة للحرب وإحدى مبعوثي الأمم المتحدة إلى كوسوفو بعد الحرب لجمع المعلومات الخاصة بأعمال الإبادة ضد شعب كوسوفو من طرف ميلوسوفيتش، إذا تمكنا من انتخاب أول امرأة مسلمة للبرلمان البريطاني فسيكون شيئا رائعا.

مصطفى سواق: لكن ناخبي المنطقة خاصة المسلمين وكانوا سابقا من أنصار حزب العمال صوَّتوا في الانتخابات الجزئية الأخيرة لمرشحة الديمقراطيين الأحرار احتجاجا على الحرب وهي مازالت تحظى باحترام المسلمين، فلماذا يصوتون لصالح مرشحة العمال الآن؟

ياسمين قرشي– مرشحة مسلمة عن حزب العمال: هناك سببان، سجلي الشخصي معروف في إثارة قضايا حقوق المسلمين وحقوق الآخرين أيضا وفي العمل التطوعي وعملي في المجال الدولي الذي أفاد المسلمين أيضا، لكن أيضا لأن حزب العمال قدَّم الكثير للمسلمين كاعترافه بالقروض الإسلامية للسكن والمعاملات المصرفية الإسلامية واللحم الحلال وخدمات الأئمة في السجون ومحاولة تشريع قانون يحظر التحريض على الكراهية الدينية الذي يفيد المسلمين والتمويل الحكومي لمدارس إسلامية خاصة وكل هذه يعارضها المحافظون.

مصطفى سواق: المسلمون يؤكدون أنهم لا يصوِّتون على أساس حزبي بل ينتخبون المرشَّح لسجله السياسي ومدى التزامه بخدمة مصالح الجالية المسلمة بغض النظر عن انتمائه الحزبي، الرابطة الإسلامية في بريطانيا تؤكد هذا التوجه وتدعو المسلمين إلى المشاركة في الانتخابات على أساس القضايا لا الأحزاب.

أحمد محمد الشيخ– رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا: فنحن عملنا بحث وقدمنا للجالية المسلمة تفاصيل عن كل مرشح في كل الدوائر في بريطانيا، فبالتالي نطلب من الجالية أن تصوِّت على أساس قضايا وليس على أساس حزب.

محمد صوالحة– نائب رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا: هناك أربعة قضايا أساسية نحن جعلناها معيارا لدعم أي مرشح، القضية الأولى هي قضية الخدمات التي تقدم للجالية المسلمة كالتعليم والمدارس الإسلامية وغيرها، القضية الثانية هي قضية التمييز ضد المسلمين وقوانين مكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا التي فيها إساءة للجالية المسلمة وموقف كل مرشح منها، القضية الثالثة هي قضية فلسطين والقضية الرابعة هي موضوع الحرب على العراق وموقف المرشحين من بقاء القوات البريطانية في العراق.

مصطفى سواق: وكانت الرابطة قد عقدت مؤتمرا في مارس الماضي حضره ممثلو نحو ثلاثين مؤسسة إسلامية حيث تم تبنِّي قضايا الأربع بالإجماع، كانت محاولة لتوحيد الصوت الإسلامي لكن هذا لا يعني عدم وجود مخالفين ومعارضين، المجلس حدَّد عشر قضايا أساسية دعا المسلمين إلى الاهتداء بها قبل التصويت وهي التمييز، التحريض على الكراهية الدينية، قوانين مكافحة الإرهاب، التهميش الاجتماعي، القانون الدولي، غزو العراق، التعليم والمدارس الإسلامية، التمثيل السياسي للجالية، الحق في الحياة وسياسة الهجرة لكنه أكد أن هذه النقاط العشر جزء من كل وأن المشاركة السياسية هي السبيل لمعالجتها.

إقبال سكرياني: هناك تصاعد ظاهرة الخوف من الإسلام وهذا يقلقنا وعلينا معالجتها، كيف يمكن إلحاق الهزيمة بالإسلاموفوبيا؟ التشريع ضروري لضمان عدم التمييز ضدنا لأن جاليات أخرى يحميها القانون فلماذا لا يحمينا؟ يجب أن نُعامل بالتساوي وأفضل مناسبة لإثارة القضايا هي الانتخابات حتى تُضَمِّنها الأحزاب برامجها.

مصطفى سواق: ممثلو الأحزاب الرئيسية التي تحاول استمالة المسلمين وجدوا في هذا المؤتمر الصحافي منبرا لعرض عناصر في برامج أحزابهم قد تُقنع ناخبي الجالية.

علي مراج– مرشح مسلم عن حزب المحافظين: قيم المحافظين الأساسية هي التسامح والاحترام والعمل وتحمُّل المسؤولية الخاصة والعائلية والمبادرة في الأعمال وكلها قيمٌ يؤمن بها المسلمون، المشكلة هي أن حزب المحافظين لم يكن سابقا على اتصال بالمسلمين لكنه يريد إصلاح ذلك منذ الانتخابات العامة الأخيرة والآن لدينا عدد أكثر من المرشحين المسلمين ومن الأقليات الأخرى.

المواقف المتباينة من مشاركة المسلمين

مصطفى سواق: ومقابل هذا المسعى لتعزيز دور المسلمين في العملية السياسية عبر المشاركة الواعية في الانتخابات هناك من يناهض فكرة المشاركة ويعتبرها إضاعة لأموال المسلمين ووقتهم وجهدهم ويدعو إلى المقاطعة الشاملة بل ويعتبر بعضهم التصويت كُفرا كما يكشف هذا الاقتحام الذي حاول وقف المؤتمر الصحافي لمجلس مسلمي بريطانيا، هذه المجموعة وتدعو نفسها الفرقة الناجية ومن أهل السنة والجماعة تتهم قادة الجالية المسلمة وكل مشارك في الانتخابات بالكُفر والنفاق.

أحد المعارضين لمشاركة المسلمين في الانتخابات (1): الله الحاكم لا حاكم إلاه، الله المشرِّع لا مشرِّع سواه، الله الواهب لا واهب سواه ليذهب توني بلير إلى الجحيم.

أحد المعارضين لمشاركة المسلمين في الانتخابات (2): كل شخص كل مسلم هنا يرغب في التصويت، نحن هنا لنقول لهم إن التصويت كُفر، نحن أتباع الفرقة الناجية نحن الذين نتَّبع الرسول وصحابته.

مصطفى سواق: هذه المجموعة ليست وحدها التي تناهض الانتخابات، فحزب التحرير الذي يزعم أن أعضاءه في بريطانيا وحدها يُعدّون بالآلاف يتبنَّى الموقف نفسه لكنه يرفض استعمال العنف وعبارات التكفير، غير أن الغالبية تؤكد جواز التصويت بل وتُجيز توعية الناس بأهميته بشكل عام حتى في المساجد، هذا عن الصوت الإسلامي فأين صوت البريطانيين العرب؟ إنهم غائبون كأقليَّة لكن أصواتا جديدة ومنها حزب الحضارة الذي تشكَّل العام الماضي وعدد أعضائه نحو مائة وأربعين شخصا تُحاول توعية الجالية العربية بأهمية مشاركتها في العملية السياسية.

الدكتور ثامر السعيدي– رئيس حزب الحضارة: السبب الأساسي أنهم دخلوا بريطانيا لأسباب تجارية واقتصادية وبعد ما تطورت أعدادهم وأرقامهم وخلَّفوا الجيل الثاني اللي خلاهم يتجهوا حاليا إلى فهم الواقع السياسي البريطاني.

مصطفى سواق: فضاء العمل السياسي إذاً مفتوح أمام المسلمين في بريطانيا غير أن التحرك الفعَّال فيه ليس سهلا ولا خِلوا من المعوقات الذاتية والموضوعية وهناك في هذا المجال قرارات اتخذتها الجالية وأخرى مازالت في انتظار أجيال أكثر جرأة ودراية وأعمق رؤية لمستقبل المسلمين في هذا البلد.

أحمد كامل: شكرا للزميل مصطفى سواق ولتسليط المزيد من الضوء على الانتخابات البريطانية وتحديدا دور الجالية المسلمة فيها أستضيف كلا من الدكتور داوود عبد الله مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا والأستاذ أنس التكريتي الناطق الرسمي باسم الرابطة الإسلامية في بريطانيا، أهلا بضيفي وأبدأ مع الدكتور داوود عبد الله لأسأله هل سيكون أخيرا للصوت المسلم وزنه في الانتخابات البريطانية؟

عبد الله داوود– مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا: بسم الله الرحمن الرحيم، نعم يكون صوت المسلمين ذات أثر يعني كبير ووزن كبير في على الأقل ما بين أربعين وخمسين دائرة وقد يحسم النتيجة في هذه الدوائر الخمسين أم أربعين، أما على مستوى الدولة قد لا يشكِّل صوت المسلمين سبب لإسقاط ولا إبقاء الحكومة الحالية.

أحمد كامل: هل توصون الناخبين المسلمين البريطانيين بالتصويت لحزب معين؟

عبد الله داوود: أبدا لا نوصي ولا نأمر المسلمين أن يصوِّتوا لحزب معين لكن ما نقوم به هو أن نحثّ المسلمين بمشاركة في الانتخابات.

أحمد كامل: نعم، أتوجه بالسؤال إلى الأستاذ أنس التكريتي الناطق الرسمي باسم الرابطة الإسلامية في بريطانيا، أولا هل يجب أن يصوِّت المسلم أو البريطاني المسلم بطريقة تختلف عن البريطاني غير المسلم؟

"
البريطاني المسلم هو في آخر المطاف مواطن بريطاني فعليه أن يراعي مصلحة البلد وصياغة مستقبل بلده لذلك على المسلمين أن يكونوا فاعلين في ممارستهم للعملية الانتخابية والديمقراطية في بريطانيا
"
       أنس التكريتي

أنس التكريتي– المتحدث باسم الرابطة الإسلامية: بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك أنه هناك قواسم مشتركة فالبريطاني المسلم هو في آخر المطاف مواطن بريطاني فعليه كذلك أن يراعي مصلحة البلد ومصلحة الشعب ومستقبل وصياغة مستقبل البلد وهذا أمر ندعو المسلمين دائما إلى أن يكونوا فاعلين وإيجابيين في يعني ممارستهم للعملية الانتخابية والعملية الديمقراطية في بريطانيا ولكن لا يمكن أيضا أن ننأى بأنفسنا عن الحقيقة الواقعة وهي أن المسلم اليوم يعيش في ظرف استثنائي، المسلم اليوم في بريطانيا حاله حال المليار ونصف مسلم حول العالم يعيش أزمات وآلام الأمة وما يدور رحى الحرب على الإرهاب والذي يعني الهدف الرئيسي من ورائها المسلم ربما وأيديولوجيته وفكره وثقافته، بالإضافة إلى أنه على الساحة البريطانية تحديدا شهدنا منذ أسابيع قليلة سنّ قوانين سُمِّيَت بأنها مناهضة للإرهاب ولكنها في الحقيقة تعطي السياسيين وتعطي الجهات الأمنية حقوق استثنائية لأجل القبض على المشتبه فيهم على الظن أو على السماع أو على الوشاية واحتجازهم دون أن يكون لهم الحق الذي لأي إنسان آخر قاتلا كان أم مغتصبا أم سارقا أم كائنا من كان، فلا شك أنه البريطاني المسلم يصوِّت وفي ذهنه هذه الاعتبارات بالإضافة إلى اعتبار مصلحة بريطانيا ومستقبل بريطانيا.

أحمد كامل: لكي يكون للناخبين المسلمين وزن انتخابي يجب أن يصوتوا لحزب واحد.

أنس التكريتي: الآن نقول للمسلمين أُدخلوا في العملية كمرشحين وناخبين، كمصوتين كمشجعين على الدخول في العملية هذه، لم نأتِ بعد إلى أن نقول للمسلمين هذا هو الحزب الذي يمثلكم بحق صوتوا له أو هذا هو الحزب الذي يُعاديكم فأعرضوا عنه، الآن نقول لهم شاركوا ولكن في بعض الدوائر الذين.. هذه الأربعين أو الخمسين دائرة التي أشار لها الدكتور داوود الذي يمكن لصوت المسلم أن يغير حقيقة من النتيجة نقول لهم نظِّموا أصواتكم، انظروا إلى المرشحين، حاولوا أن تصوِّتوا بشكل ذكي حتى تغيروا من مقادير الأمور.

أحمد كامل: ولكن أربعين أو خمسين نائب في البرلمان البريطاني يمكن أن يُغيِّر شكل الحكومة.

أنس التكريتي: هو لو حصل تغيير في دائرة واحدة فيها مسلمين هذه تعطي رسالة شديدة اللهجة وقوية لكافة الأحزاب أن الصوت المسلم لو انتظم فيمكنه أن يغيِّر في الأربعين والخمسين دائرة.

أحمد كامل: ما معنى كلمة انتظام؟

أنس التكريتي: أقول إنه لو أن المؤسسات الإسلامية والمجتمع المسلم تعاطى مع العملية السياسية على مستوى الدائرة المحلية بشكل منظَّم أنا أعتقد أنه ستكون هناك نتائج إيجابية.

أحمد كامل: دكتور داود هناك مشكلة في كل الدول الأوروبية أن الجاليات العربية المسلمة مصابة بداء عدم التصويت، هناك نسبة كبيرة من المسلمين والعرب لا يصوِّتون في الانتخابات لأسباب عديدة قد يكون أحدها أنهم قادمين من دول غير ديمقراطية غير متعوِّدين على الممارسة الديمقراطية، هل هناك تحسُّن في بريطانيا لدى الجالية المسلمة في نسبة التصويت؟

داوود عبد الله: نعم، على سبيل المثال في العام الماضي كان هناك الانتخابات الجزئية في لندن في دائرة برينت الشرقية وشارك في هذه الانتخابات ستة وستين من الناخبين المسلمين واستطاعوا أن يغيِّروا الممثل للدائرة هذه.

أحمد كامل: أعزائي المشاهدين نعود إليكم بعد فاصل قصير ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أحمد كامل: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة من برنامج من أوروبا والتي أقدِّمها لكم من العاصمة البريطانية لندن، نناقش في هذه الحلقة الانتخابات البريطانية ودور الجالية المسلمة في هذه الانتخابات، عدم التصويت لحزب العمال البريطاني يعني التصويت إلى مَن؟ إلى المحافظين أم الديمقراطيين الأحرار؟

المسلمون بين حزبي العمال والمحافظين

داوود عبد الله: هو يعني الموضوع ليس للحزب الموضوع للأشخاص للمرشحين، فعلى الناخب المسلم أن يختار وأن يستجوب المرشحين، يناقشهم..

أحمد كامل [مقاطعاً]: المرشحين للنيابة تقصدون النواب؟

داوود عبد الله: نعم، يعني تقريبا خمسة وثلاثين مسلم مرشح لكن هل يفوزوا كلهم؟ نحن نعتقد لا لأن يعني نزلوا في دوائر غير مضمونة.

أحمد كامل: نعم أعود إلى الأستاذ أنس بحسب استطلاعات الرأي 75% من المسلمين صوَّتوا لحزب العمال في الانتخابات الماضية عام 2001 والآن بحسب استطلاعات الرأي فقط أقل من نصف هذا الرقم سوف يصوِّتون لحزب العمال وسوف تذهب الأصوات إلى الديمقراطيين الأحرار، أليس التصويت إلى الديمقراطيين الأحرار خسارة لهذه الأصوات؟

أنس التكريتي: بالنسبة للصوت المسلم، هناك حقيقة ليس فقط الديمقراطيين الأحرار الذين يختارهم المجتمع المسلم، في عديد من المناطق هناك الأحزاب الصغيرة مثلا حزب رسبكت حزب النائب العمالي السابق جورج غلوي مثلا وهو في دوائر القريبة منا هنا في شرق لندن مثلا يخوض حملة شرسة الحقيقة لأجل أن يُخرِج النواب العماليين الموجودين حاليا وكذلك بالنسبة.. ينبغي أن لا ننسى أن من بين حزب العمال مَن وقف مواقف رائعة الحقيقة مع المجتمع المسلم عارض الحرب، عارض قوانين الإرهاب، وقف معهم طوال الأربع سنوات بل الثماني سنوات الماضية، حقيقة مواقف رائعة ولذلك هناك من يعني سردنا قائمة أو جعلنا قائمة من حوالي عشرين مرشح قلنا للمسلمين..

أحمد كامل [مقاطعاً]: تقصد التصويت للنائب وليس للحزب؟

أنس التكريتي [متابعاً]: قلنا للنائب وللقضايا، يعني نقول للناس أنتم في دائرتكم انظروا حال المرشحين الذين عندكم وقيِّموهم على أساس هذه القضايا الرئيسية، إذا كان من العمال فكان بها، إذا كان من المحافظين وإن كنت أستبعد كان بها وإن كان من الديمقراطيين الأحرار كان بها، أنا أعتقد أنه هذا هو السيناريو الأفضل للمسلمين وحتى لبريطانيا.

أحمد كامل: أليس من الممكن أن يكون للمسلمين حزب خاص بهم في بريطانيا للخروج من هذا المأزق؟

أنس التكريتي: نحن لا ندفع بهذا الاتجاه لعدة أسباب، السبب الأول هو أننا ندعو إلى أن يكون المسلم طرف أصيل في تكوين المجتمع البريطاني وهو كذلك الشاب الآن من الجيل الثاني أو حتى الثالث المسلم وهو يعتز بدينه وثقافته وخلفية آبائه وأجداده إلا أنه يشعر بانتمائه كذلك إلى بريطانيا، إن لم يشعر بهذا الانتماء لا يستطيع أن يؤدي لمستقبل بريطانيا، فقضية أن نعزل أنفسنا في حزب وفي آخر المطاف نحن كما ذكرت لك في أحسن التقديرات 2.75% من الشريحة البريطانية فأين سنكون؟

أحمد كامل: الملاحظ أن الجالية المسلمة والمهاجرين عموما يركِّزون في مطالبهم على قضايا سياسية خارجية، نتحدث كثيرا عن العراق وفلسطين وقضايا سياسة خارجية ويُهمِلون قضاياهم الخاصة، قضاياهم المعيشية ويُهدرون فرصة التقدم في المجتمع البريطاني، هل توافق على ذلك؟

"
هناك إحصائيات رسمية من قبل المؤسسات الحكومية تقول إن المسلمين أكثر فئة مُهمَّشة في المجتمع، خاصة في السكن والتعليم والصحة فعلى المسلمين أن يُشاركوا في الانتخابات ليعالجوا هذه المشاكل
"
       عبد الله داود

عبد الله داوود: لا أوافق على هذا، لكن بلا شك أن ما حدث في العراق هي كان بمثابة زلزال يعني في صفوف المسلمين وكان لها يعني أثر كبير في وجدان المسلمين، لكن هناك يعني أشياء وقضايا داخلية مهمة جدا، على سبيل المثال السكن والتعليم والعمل، هناك إحصائيات رسمية من قبل المؤسسات الحكومية تقول.. الحكومة تقول إن المسلمين أكثر مُهمَّشة من أي فئة أخرى في المجتمع في سكن، في تعليم، في صحة إلى غير ذلك، فأرى المسلمين أن يُشاركوا في الانتخابات ليعالجوا هذه المشاكل، هناك بطالة، يعني ثلث المسلمين القادرين على العمل يعني عاطلين عن العمل في بريطانيا، فأود أن أذكر هنا على سبيل المثال كاتب كتب في جريدة أن المسلمين كالكلاب، هذا النوع من التحريض وهذا النوع من الكراهية يمهِّد الطريق لتجاوزات كثيرة على المسلمين، فنريد الحماية من هذه.. هذا النوع من الكراهية.

أحمد كامل: نعم لنبقى في القضايا الخارجية التي تهم الجالية المسلمة إلى حد كبير وتؤثر على تصويت الجالية المسلمة، نتحدث دائما عن قضية العراق وعن قضية فلسطين ألا توجد قضية أخرى تُسمَّى قضية الديمقراطية في الدول الإسلامية؟

داوود عبد الله: طبعا نحن نساند على سبيل المثال القضايا العادلة في شيشينا في كشمير، كنا نحن في مجلس..

أحمد كامل [مقاطعاً]: وتساندون التحول الديمقراطي والإصلاح في الدول العربية والإسلامية؟

داوود عبد الله: طبعا لأن نحن..

أحمد كامل [مقاطعاً]: ولكن لا تتحدثون كثيرا عن هذا الموضوع، كل مَن يتحدث في الاجتماعات الانتخابية يتحدث عن العراق وفلسطين والشيشان وقضايا أخرى، قليل جدا يتحدثون عن قضية الديمقراطية في الدول الإسلامية.

داوود عبد الله: هي بطبيعة الحال هناك أولويات لا نستطيع أن نُعالج يعني كل قضية يعني أو نضع كل قضية على مستوى يعني سواء، يعني هناك أولويات، فنحن نعتقد أن قضية فلسطين على سبيل المثال هي قضيتنا الأولي، فهذه قضية ظلَّت لها يعني خمسين سنة فيها معاناة لشعب كامل يعني أكثر من ثلثي.. يعني ثلثين من شعب فلسطين يعيشون في المهجر ولهم حق في العودة فلماذا لم نعالج هذه المشكلة.. الموضوع؟ ولماذا لا نتحدث عنها؟

أحمد كامل: أنا لم أقل إنه يجب ألا نتحدث، أستاذ أنس يجب أن نتحدث عن العراق يجب أن نتحدث عن فلسطين ونجعل من ذلك قضية بالنسبة للمهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا، أليست الديمقراطية قضية تهمكم الديمقراطية في العالم الإسلامي؟

أنس التكريتي: قضية الديمقراطية في البلاد العربية والإسلامية نحن نقول وتكلمنا حقيقة في هذا الصدد وقلنا بأنه نحن ضد أن تتدخل القوى العالمية في شأن أي بلد من البلاد، نحن مع حركة الشعوب في تصحيح أوضاعها وندفع باتجاه أن نقول للحكومات المتسلطة والأنظمة المتسلطة أن تعوِّل على شعوبها بدلا أن يأتيها بختها يعني الموج الأميركي يعني ونكون نتكلم عن دولة أو أخرى كما اليوم نتكلم عن العراق، فبالطبع هذه مسألة تهمنا ولكن نحن نقول من هنا نحاول التأثير على البرلمان الذي هو عبر النهر من حيث نجلس نقول لهم إياكم أن تتدخلوا في شؤون الشعوب، دعوا الشعوب هي تتحرك وهي تتفاعل ونقول للأنظمة نُرسِل لها رسالة ونقول عوِّلوا على الشعوب لا تعوِّلوا على هذا البرلمان فقد يخذلكم كما خذل العراق.

أحمد كامل: كل ما تقولونه يؤكد بأن هناك برنامج انتخابي ومطالب انتخابية خاصة بالمسلمين، ألا يضر ذلك المسلمين ويجعل منهم فئة متميزة عن المجتمع البريطاني في وقت يطالب الكثيرون بدمج هذه الفئة المسلمة في المجتمع البريطاني؟

أنس التكريتي: الأجندة الخاصة تفرضها الظروف، الظرف خاص والظرف استثنائي والمجتمع المسلم اليوم هو تحت المجهر كما لا يشبهه يعني أو لا تشبهه أي شريحة أخرى من شرائح المجتمع، فلذلك الأجندة الخاصة مفروضة عليه فرضا، هذه واحدة، الأمر الثاني أنا أعتقد في أسلوب العرض كما ذكرت في قضية العراق ربط القضايا جميعا نقول إن ممارسة بريطانيا كسياسة خارجية في فلسطين هي تعود علينا سلبا هنا في اقتصادنا، في حالتنا الاجتماعية، في نسبة البطالة فنربط القضايا العادلة بالقضايا الداخلية، أنا أعتقد نستطيع أن نقتحم قلب اهتمامات الشارع البريطاني، الأمر الآخر حقيقة هذه القضايا أؤكد ليست قضايا خارجية، حركة مناهضة الحرب أكثرهم وجُلّ الذين خرجوا في مظاهرات المليونين وغيرها كانوا من غير المسلمين، فنحن نؤكد على أن يكون عرضنا لهذه القضايا هو عرض يضم الجميع ولا يعزل المجتمع المسلم، أي قضية فيها عزل للمجتمع المسلم نحن ننأى بها ونحاول أن يكون خطابنا هو خطاب التحامي وتعاضدي ليس خطاب انفصالي.

أحمد كامل: هل يزعجكم أن يصوِّت مسلم لحزب المحافظين البريطاني؟

أنس التكريتي: لا.. لا يزعجنا، الذي يزعجني حقا هو أن لا يصوِّت المسلم ويهدر صوته هذا الذي يزعجني، أنا.. هناك مرشحين أو يعني مرشحين لحزب المحافظين وأنا أتمنَّى لهم كل خير وأتمنَّى أن يدخلوا حزب العمال وأن يغيِّروا من سياسته الآن التي باتت تقرب من السياسات العنصرية فلا يزعجني ذلك أن يصوِّت المسلم لأي حزب كان إن كان صوته منظما، كان فاعلا، كان موقنا به وبذلك يصبح هو أحد شرائح ومكوِّنات الشارع البريطاني هذا أمر جيد.

أحمد كامل: كانت هذه كلمة النهاية، الأستاذ أنس التكريتي الناطق الرسمي باسم الرابطة الإسلامية في بريطانيا شكرا لك، الدكتور داوود عبد الله مساعد الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا شكرا لك، شكرا لضيفي، أعزائي المشاهدين بهذا تنتهي حلقة هذا الأسبوع ومن برنامج من أوروبا نلتقي في الأسبوع المقبل.