جون بيلجر - أصدقاء العرب 2012/2/1
أصدقاء العرب

جون بيلجر.. الصحافة الاستقصائية والشرق الأوسط

يستضيف البرنامج جون بيلجر صحفي ومخرج أفلام وثائقية بدأ مسيرته الصحفية بأستراليا حيث نشأ قبل أن ينتقل إلى لندن التي أمضى فيها معظم حياته، عمل صحفياً ومخرج أفلام وثائقية ومراسلاً حربياً بدأ بحرب فيتنام التي “غطيت أحداثها حتى آخر يوم فيها”.

– الإمبريالية الجديدة
– الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني
– أميركا والحرب على العراق

جون بيلجر
جون بيلجر

جون بيلجر: بدأت مسيرتي الصحفية في استراليا حيث نشأت قبل أن أنتقل إلى لندن التي أمضيت فيها معظم حياتي، عملت صحفياً ومخرج أفلام وثائقية ومراسلاً حربياً بدأت بحرب فيتنام التي غطيت أحداثها حتى آخر يوم فيها لدي ارتباطات طويلة الأمد بالشرق الأوسط فقد ذهبت إلى فلسطين عام 1966 ثم في عام 1970 جبت شوارع القاهرة أثناء جنازة عبد الناصر الملحمية، كنت أول مراسل بريطاني يصل إلى مصر خلال حرب عام 1973 .

[شريط مسجل]

جمال عبد الناصر

/الرئيس المصري الأسبق: إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة..

جون بيلجر:

وشهدت الاحتفالات العارمة في الشوارع حين بدا أن العالم العربي قد يهزم إسرائيل، الصداقات التي استمرت طويلاً في حياتي كانت مع الفلسطينيين وأشعر أنه إلى أن يتم رفع الظلم الكبير الواقع على الفلسطينيين ويسمح لهم جميعاً بالعودة إلى موطنهم فإنه بأنه لن يحل السلام في الشرق الأوسط يفترض بالصحافة أن تكشف الحقيقة ولعل هذه هي الحقيقة الأهم في العالم اليوم، اسمي جون بيلجر، إلى أي درجة من الفقر والبؤس ينبغي أن تصل دولة ما حتى لا تمثل تهديداً للولايات المتحدة؟ إن كانت الحكومات تمتنع عن مساعدتهم، فلم لا تتركهم وشأنهم؟ أميركا وأوروبا تمتلكان معظم الفائض الغذائي في العالم إننا نطعمه للحيوانات، منذ عام 1945 حاولت الولايات المتحدة الإطاحة بما يربو على خمسين حكومة، العديد منها دول ديمقراطية، أثناء ذلك تعرضت ثلاثون دولة للاعتداء والقصف وهو ما أودى بحياة أعداد لا تحصى من الضحايا، اهتمامي بالصحافة بدأ منذ الصغر كنت أوزع الصحف في سن العاشرة وكنت أعشقها فقد أحببت فكرة الصحف ومفهومها وكنت أقرأها عندما كنت صغيراً، وهو أمر غير مألوف على ما أعتقد في ذلك الوقت، وعندما كنت في مرحلة الثانوية في سيدني أطلقت مع صديق لي صحيفة باسم المرسال، انتقلت من المدرسة الثانوية إلى صحيفة سيدني ديلي تلغراف (Sydney Daily Telegraph) مباشرة حيث تدربت كصحفي ناشئ وأمضيت ثلاث إلى أربع سنوات تقريباً أتعلم مهنة الصحافة من جميع جوانبها، ولم أصل إلى لندن إلا لاحقاً بعد أن أمضيت عاماً كصحافي مستقل في إيطاليا وعندما وصلت إلى لندن التحقت بوكالة رويترز ثم London daily Mirror أعتقد أن النمط الصحفي الذي أردت حقاً أن أتبعه لن يبدأ بالتيسر إلا حينها وكنا آنذاك في الستينيات وكنا في الصحف قد بدأت تتجاوب مع التغيرات في العالم وبخاصة في الغرب واستفدت كثيراً من ذلك لأنه سمح لي بالسفر حول العالم والكتابة عن هذه التغيرات، وكانت أول مهمة لي من قبل صحيفة (Mirror) تدعى الشباب يتحركون وكانت الصحيفة عبارة عن إيجاد متطوعين شباب يساعدون الناس، وهنا كتبت عن بلدان لا يعرف الكثير من القراء عنها إلا القليل كأميركا اللاتينية، وأخذتني المهمة إلى الشرق الأوسط للمرة الأولى كما أخذتني إلى إفريقيا وجعلتني أفهم العالم وانقساماته وأن للصحافة دوراً تلعبه بالنيابة عن الإنسانية وطالما كان هذا مهماً لي فالكثير من المؤسسات الصحفية ترى أنها تعبر عن طموحات أصحاب القوة ومخططاتهم، أما أنا فأشعر بأنه ينبغي للصحافة أن تعبر عن الإنسان إن لم يكن عن أدناهم شأناً فعن البشر بالعموم. في النمط الصحافي الذي أتبعه حاولت أن أوضح ماهية الأساليب التي يتبعها أصحاب السلطة حيث أقوم بطرح أمثلة محددة عن حياة الناس العاديين، وكيف يفرض أصحاب القوة أنفسهم عليهم، أخرجت أول فيلم تلفزيوني وثائقي لسلسلة أحداث العالم بعنوان "التمرد الصامت" وهو عبارة عن تمرد فرق المجندين ضمن الجيش الأميركي في فيتنام.

[تقرير خاص لمراسل الديلي ميرور

جون بيلجر]

جون بيلجر:

إن قوات السبعينيات تختلف كثيراً عن قوات المشاة الأميركية إذ ينحدر معظمهم من عالم لا تعرف قياداتهم شيئاً عنه وهم نتيجة حركة تمرد أميركية ناتجة عن الحرب التي جندوا من أجلها لقد جلبوا تمردهم معهم بصمت ولكن على نحو موسع إلى فيتنام، عرفت إلى تأثير التلفزيون بعض الضجة الهائلة التي أثارها الفيلم فقد احتج السفير الأميركي شخصياً وقد كان صديقاً للرئيس نيكسون وقامت هيئة التلفزيون التي كانت تسن الأنظمة المتعلقة بالإعلام التلفزيوني حينها باستدعائه أعتقد أنه كان أول وثائقي يقص حكاية تفكك الجيش الأميركي من الداخل وهو أحد الأسباب الرئيسية التي أخرجت الولايات المتحدة من فيتنام.

[شريط مسجل]

جندي أميركي في حرب الفيتنام:

لا أرى الغاية من هذه الحرب ولا أحد شرح لي لم نحن هنا؟ لا شيء عندي ضد هؤلاء الناس، لا أريد قتلهم.

[مقطع غنائي]

أعطني حريتي طالما أنا حي أرزق.

فكل ما أطلبه من الحياة هو ألا أقيد بالأصفاد.

فكل ما أطلبه من الحياة هو ألا أقيد بالأصفاد.

وكل ما أطلبه من الموت هو أن أموت ميتة طبيعية.

ما أريده فقط أن أموت ميتة طبيعية.

الإمبريالية الجديدة

جون بيلجر: هناك شيء غريب بالفعل فيما يتعلق بالحروب ليس لها منطق نعم إن كنت تدافع عن بلادك ضد الغزو فهذا منطق غير أنها في معظم الأحيان ليس لها منطق، لقد شهدت هول الحرب والجنون الذي يسودها، وفي تغطيتي للحرب أستخدم كلمات لا تستخدم عمداً في تيار التغطية الإخبارية السائد مثل كلمة إمبريالية، الحرب على الإرهاب هي مثال ممتاز على الإمبريالية أعني أنه لا توجد حرب على الإرهاب إذ لا يمكنك أن تشن حرباً على كلمة أو مشتقاتها وإرهاب من؟ فمعظم الإرهاب في الواقع هو إرهاب الدولة أما الإرهاب المخصخص كإرهاب القاعدة وما شاكلها فهو صغير النطاق مقارنة بإرهاب الدول، لا وجود للحرب على الإرهاب والمسألة برمتها هراء، الحرب على الإرهاب عبارة عن شعار إعلاني الغرض منه الترويج لمنتج اسمه الإمبريالية.

[لقاء بيلجر مع مستشار رئيس وزراء إسرائيل شارون ونتنياهو]

جون بيلجر:

ماذا عن الإرهاب الآن؟

دوري جولد

: ينبغي أن تُستخدم اللغة المتعلقة بالإرهاب بحذر شديد، تعني كلمة الإرهاب "الاستهداف المتعمد للمدنيين في أحوال تشبه الحرب"، إسرائيل تستهدف بشكل محدد وبأفضل إمكانياتها المنظمات الإرهابية الفلسطينية.

الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني

جون بيلجر:

عندما يطلق قناص إسرائيلي النار على امرأة عجوز تحاول الوصول إلى المستشفى لتلقي العلاج الكيميائي أمام أنظار الكثير من المؤسسات الصحفية العالمية، وهذا مثال واحد من أمثلة أخرى يمكنني سردها حتى الصباح ألا يعد هذا إرهاباً؟

دوري جولد

: ليس عندي علم بالحالة التي تتكلم عنها لكنني مقتنع بأمر واحد وهو أن أي إسرائيلي حتى القناص لا يوجه بندقيته إلا نحو المتورطين بالإرهاب، ولكن للأسف كما في جميع الحروب هناك حالات يقتل فيها المدنيون عن غير عمد.

جون بيلجر:

من أين لكم الحق في تشكيل أوطان الآخرين؟

تتمحور الصحافة في الأساس حول الإنسانية وحول الذاكرة حيث تعد ضماناً بأن لا ننسى ولطالما أثار هذا اهتماماً لقد اهتممت دوماً بملاحقة القصة إن لم يكن استباقها للعثور على الحقائق وأعتقد أن هذا الميل تطور لدي فهو لن يبدأ هكذا فكلما سافرت أكثر حول العالم الثالث أدركت مدى ضآلة ما نعرف بشأنه وحجم الصورة المشوهة التي نحملها عنه، وهذا ما يؤثر في قراري عند اختياري قصة أكتب عنها، والأمر الذي أفعله منذ عدة سنين هو العودة إلى حيث صنعت فيلماً أو غطيت قصة لمتابعة تطور الأحداث فمثلاً صنعت خمسة أفلام عن كمبوديا، كما صنعت أول فيلم لي عن الفلسطينيين في عام 1976 بعنوان فلسطين "لا تزال هي القضية" وفي عام 2002 أخرجت فيلماً آخر عن فلسطين تحت العنوان نفسه وذلك لسبب جوهري هو أن فلسطين لا تزال هي القضية إذن هي الاستمرارية باعتقادي من حيث ربط الخيوط معاً وتجميع الأجزاء المتفرقة.

[من فيلم فلسطين لا تزال هي القضية]

جون بيلجر:

يدور هذا الفيلم عن الفلسطينيين وجماعة من الإسرائيليين الشجعان يوحدهم واحد من أقدم الصراعات الإنسانية وهو الصراع من أجل حريته.

أحد ضيوف الفيلم:

لا توجد إلا سوى طريقة واحدة لحل القضية وهي إنهاء الاحتلال لأن الاحتلال بات سرطاناً يلتهم حياة كلا الشعبين.

[تقرير خاص من إعداد جون بيلجر]

أحد الضيوف الإسرائيليين في الفيلم:

حولنا الاحتلال إلى أعداء فبت أخجل أحياناً من أن أفصح عن أنني إسرائيلي.

جون بيلجر:

لطالما شعرت بأنه إن لزم إقناع أحد بقضية فلسطين فما عليه إلا الذهاب إليها ومراقبة إحدى نقاط التفتيش أي نقطة تفتيش مهما كان حجمها ورؤية الطريقة التي يعامل بها الناس على أرضهم وقد تم تصوير معظم هذا الفيلم عند نقاط التفتيش، الحقيقة هي أن الإسرائيليين لن يحظوا بالسلام حتى يعترفوا بأن الفلسطينيين لهم الحق بأن ينعموا بالسلام نفسه والاستقلال نفسه الذي ينعمون هم به.

السياسة هي خير مثال على الكلمة التي لم تكن موجودة منذ عشرين عاماً مضت وهي التسويق، فباراك أوباما هو أكبر مثال على نجاح صناعة التسويق، وهو لا يختلف عن غيره من الرؤساء ولم يغير شيئاً بل هو في الحقيقة يكمل ما بدأه الرئيس الأسبق من حروب وغير ذلك إنه تجسيد لممارسة تسويقية ذكية، فقد وصف مؤسس العلاقات العامة وهو أميركي يدعى إدوارد بورنيه وهو ابن شقيق سيغموند فرويد وصف التسويق بالحكومة الخفية وأعتقد أنه عندما يفهم الناس طبيعة هذه الحكومة الخفية سيفهمون أكثر الأساليب التي يتبعها أصحاب السلطة، السؤال الأساسي هو ما الذي نطالب به القوة العظمى كقوتين البريطانية والأميركية فيما يتعلق بالشرق الأوسط؟ لا شيء إلا أن يخرج من بلاد الآخرين.

[تصريحات المسؤولين الأميركيين حول الحرب على العراق]

أود أن أقول لشعب العراق إن نزاعنا ليس معهم بل مع قيادتهم.

لا بد أن يكون للسياسة بعد أخلاقي ويجب أن ندعم الحقوق الديمقراطية.

أيها الشعب العراقي، أنتم لستم أعداؤنا نحن لا نسعى لدماركم.

[تقرير خاص من إعداد جون بيلجر تحت عنوان "أنهم يدفعون الثمن"]

طبيبة عراقية:

أميراف أسوادي عمره 9 أعوام أحضروه إلينا وهو في حالة متقدمة من المرض.

جون بيلجر:

ما مرضه؟

طبيبة عراقية:

اللوكيميا.

أميركا والحرب على العراق

جون بيلجر: هذا ما حدث هنا في العراق حيث أدت السنوات العشر من العزلة التامة التي فرضتها الأمم المتحدة ونفذتها أميركا وبريطانيا إلى قتل عدد من الناس يفوق ضحايا القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على اليابان بمن فيهم نصف مليون طفل. يمكن للصحفي أن يكون محايداً لكن الكلمة تحمل معنىً خاطئاً عندما تستخدم كمصطلح إدعائي لتحل محل الحقيقة لذا تسمع أحياناً كلمة حيادية تستخدم بمعنى أن نعامل الطرفين المعاملة نفسها وهذا ليس له صلة بالحقيقة، أعتقد بأنه يمكنك أن تكون حيادياً ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بالظلم ومساواة الظالم بالمظلوم إنه أمر مستحيل.

[شريط مسجل]

من البديهي أن شركة كوكاكولا لا تحب كلمة "إمبراطورية".

هذا الفيلم عن شعب نيكاراغوا وصراعهم الفريد من أجل الحرية.

كمبوديا… أين تقع كمبوديا؟

إنهم يموتون لأنه ليس لديهم شيء يأكلونه.

لماذا تستمر سياسة الفصل العنصري؟

هل اليابان حقاً مختلفة إلى هذا الحد؟

أعتقد أن بنغلاديش قد تصبح من أكثر الدول التي يتجاهلها العالم.

جون بيلجر:

ما دام الصحفي يواظب على تذكير نفسه بأنه موجود ليمثل المشاهدين والقراء والمستمعين لا أصحاب سلطة فعندئذ تصبح الصحافة باعتقادي صحافة حقيقية،
الحقيقة كلمة صعبة، هناك العديد من الحقائق وهناك عدة أوجه لها، الحقيقة هناك ولها عدة أوجه ولكن عليك أن تجدها وتكتب عنها.