إما بونينو.. نشر الحرية والديمقراطية
– الدور السياسي ودراسة اللغة العربية
– الإرهاب وصورة العرب في أوروبا
عام 1999 اكتشفت أننا كأوروبيين لا نولي اهتماما حقيقياً لمعرفة العالم العربي، فقررت قضاء أوقات طويلة في مصر ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 فشعرت أكثر من أي وقت مضى بأنه يجب أن أفهم والآن أثناء أسفاري الكثيرة أشعر بالحنين إلى مصر.
الدور السياسي ودراسة اللغة العربية
إما بونينو- إيطالية مقيمة في مصر: ولدت لعائلة فقيرة من المزارعين بشمال إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، كان والدايّ مزارعين وكان أغلى ما يريدان منحنا إياه وخصوصا أخي التعليم. وبالطبع كان أخي فقط هو الذي يجب أن يلتحق بالجامعة أما أنا وأختي فكان يكفينا فقط التعليم فلنقل.. المتوسط وبالطبع لم يرقني هذا الوضع فالتحقت بجامعة ميلانو رغم معارضة والدي تَركي المنزل فقد كانت إيطاليا في الستينيات لا تزال شديدة التحفظ فيما يخص المرأة خاصة المرأة الشابة. في يومي 12 و13 من يونيو سننتخب البرلمان الأوروبي وأطلب منك إعطاء صوتك للحزب الراديكالي لاسم إما بونينو لأن الراديكاليين يمثلون حزبا مؤثراً في تاريخ هذا البلد لأن الكثير من نجاحاتنا المدنية والتي تبدو اليوم بديهية هي ثمار التزامك وكفاحنا لأن كلمتي الحرية والديمقراطية لم تتم ترجمتهما بعد إلى كل اللغات لأن حزبي اتخذ لنفسه دور مناصرة عالم لم يُعترف فيه بعد بالحرية السياسية لأنه بإمكانك اليوم إعطاء الراديكاليين قوة أكبر في البرلمان الأوروبي ولأنه بإمكانك إعطائهم فرصة للدفاع عن آرائك وعن حريتك ولأنك انتخبتنا لتحصل على المزيد من حرية العمل والفعل.
[شريط مسجل]
إما بونينو: وهي مشاهدة هذا الحشد موجودا هنا في اليمن مستعدا لإعطاء الوقت، التفكير والطاقة.
ولأن الراديكاليون في هذا البلد لا يزالون يرغبون في الكفاح ولأن تغيير الأوضاع لا يزال ممكناً وفي الانتخابات الأوروبية انتخب إما بونينو حتى وأن لم تكن راديكالياً الحزب الراديكالي.
إما بونينو: وهذا هو شعاره في جميع لغات العالم، إنه حزب دولي ضد العنف وشعارنا هو غاندي، فنحن نتبنى الكفاح السلمي لا المهادنة إنه الكفاح السلمي، نحن منظمة دولية تقبل ضم الجميع ليس فقط دون التقيّد بالنوع فجميع الأحزاب كذلك دون التقيّد بالدين بديهي ولكن الأهم بالنسبة لحزبنا هو عدم التقيد بالجنسية.. بعد أن تم انتخابي للبرلمان الأوروبي آخر مرة عام 1999 شاء القدر أن أقوم بزيارة مصر بخصوص قضية نوال السعداوي وأثناء وجودي قابلت أيضا شخصيات أخرى وفجأة اكتشفت أننا كأوروبيين لا نولي اهتماماً حقيقياً لمعرفة ما يدور في الجنوب من أوروبا وجاءتني الفكرة حيث إن البرلمان الأوروبي يعطينا راحة أسبوعاً في الشهر يعود أثناءها الأعضاء إلى بلادهم أو مقارهم لمتابعة أمورهم وفكرتي كانت أن أبدأ في التعرف على حقيقة هذه المنطقة مثلما فعلت من قبل في دول أوروبا الشرقية وتمكنت من تنفيذ هذا المشروع بدءا من يونيو 2001 بدون تعميم ولكن على الأقل فيما يخصني فإن دراسة أية لغة تساعدني كثيرا على معرفة كنه منطقتها وهكذا جئت إلى مصر وبدأت أكتشفها وأمضيت هنا فترة الصيف بأكملها وبدأت في الذهاب إلى المدرسة ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 وأكثر من أي وقت مضى شعرت بأنه يجب علي أن أفهم وها أنا ذا..
إما بونينو: لا تخف، مرحبا مرحبا، تفضل بالدخول ولا تكن متخشباً، هل أنت متأكد من أنه سكر أم ملح؟
المدرس: لا سكر.
إما بونينو: أنا لازم أعمل كلمتي في مؤتمر حقوق المرأة السياسية.. الحقوق السياسية للمرأة.
المدرس: الحقوق السياسية للمرأة.
إما بونينو: الحقوق السياسية للمرأة ومؤتمر في شهر ديسمبر مرة ثانية في مدينة.. وهذا المؤتمر علشان ليست اجتماعية ولكن الحقوق السياسية والمدنية وأنا عايزة في نهاية أو في بداية كلمتي.. في نهاية وبداية كلمتي عايزة أتكلم شوية في اللغة العربية..
إما بونينو: اتهمني الجميع بالغرابة والطبيعي بالنسبة لنا هو الذهاب لدراسة اللغات في هارفرد أو في جامعة لندن للحصول على علم لطيف كما يقولون، لكن فكرة دراسة اللغة في العالم العربي فقد اعتبرني زملائي في البرلمان غريبة، بدأت في جمع المعلومات وفي النهاية فمن المؤكد أن احتياجي لتعلم اللغة كان خلفه هدف سياسي فأنا لا أريد فتح مطعم- منظمة لا عدل بلا سلام.
المدرس: أريد أن أشكر الحكومة اليمنية و..
إما بونينو: ورئيسة الاتحاد.
المدرس: رئيسة ولا رئيس.
إما بونينو: (The presidency not the president).
المدرس: ورئاسة..
إما بونينو: الاتحاد الأوروبي.
المدرس: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
إما بونينو: الولايات المتحدة مش الأميركية، الولايات المتحدة كله على بعضه.
المدرس: يبقى مش الولايات المتحدة الأميركية.. الأمم المتحدة.
" مصر ملتقى طرق الجميع والمكان الذي يمر عبره الجميع، وبسبب دورها ووجود جامعة الدول العربية فيها فهي أفضل مدينة يمكن أن أجمع فيها ما بين احتياجاتي السياسية واحتياجي لدراسة اللغة " |
إما بونينو: وجدت أن القاهرة أفضل من عمّان أو سوريا أو مراكش لأنها كانت المدن الثلاث التي طُرِحت علي عمّان.. دمشق.. مراكش وجدت أن القاهرة هي ملتقى طرق الجميع ليس فقط نظراً لأهمية مصر ولكن لأنها المكان الذي يمر عبره الجميع من الناحية السياسية وبسبب جامعة الدول العربية وبسبب دور مصر لذلك وجدت أنها أفضل مدينة يمكن أن أجمع فيها ما بين احتياجاتي السياسية واحتياجي لدراسة اللغة. كثيرا ما آتي إلى هذا المكان وكالعادة لا يمكنني السيطرة على نفسي في كل مرة آتي إلى هنا أنفق الكثير من النقود، أعتقد أن الكتب العربية المترجمة إلى اللغة الإنجليزية باهظة الثمن للغاية، لكنني لا أتمكن من السيطرة على نفسي فمثلا كنت أبحث عن هذا الكتاب منذ فترة لأنني بالمصادفة كنت.. انظروا كم هذا جميل.. كويس جميل جدا جدا.. كنت قد تعرفت على المؤلف شخصية ظريفة وأعرف أنني سأسافر غدا وليس أمامي الكثير من الوقت ولكن لا يمكنني الرحيل بدون هذا الكتاب علاء الأسواني– عمارة يعقوبيان.
إما بونينو: السلام عليكم السيدة شهيرة مش موجودة.
موظف بمحل: لا مش موجودة.
إما بونينو: من المؤكد أنه في البداية امرأة وحيدة شقراء في السادسة والخمسين تقرر قضاء وقت طويل هنا من أجل أن تتعلم اللغة العربية، الناس بالطبع يجدون ذلك غريبا بعض الشيء وبالتالي فبالنسبة للبواب أو لغيره من الناس تكون الأسئلة دائما متشابهة، هل تعملين في البعثة الأوروبية؟ كلا، هل تعملين بالولايات المتحدة؟ كلا، سفيرة؟ كلا واذكر أن أول بواب قال لي آخر الأمر آه لابد أنك ستفتحين محل بيتزا.
[فاصل إعلاني]
إما بونينو: الفريق الذي جاء لعدة أيام كان قد اتصل بي منذ عدة شهور فأنا أتمتع ببعض الشعبية في بلدي وعندما أدرك الناس أنني أقضي فترات طويلة في القاهرة أثار كل هذا تساؤلات الجميع مندهشين وجاء هذا الفريق ليتعرف بصورة أعمق على سبب وجودي في القاهرة مَن أقابل؟ وماذا أفعل؟
إما بونينو: السلام عليكم دول بكم؟
بائع ورود: بعشرة.
إما بونينو:بعشرة يعني؟
" كل حادثة إرهابية يكون مرتكبوها في معظم الأحيان مسلمين مما يترتب عليه ضجة إعلامية ضخمة وبالتالي فهذه هي الصورة التي تصل إلى الغرب " |
إما بونينو: أقضي وقتا طويلا أمام التليفزيون لمشاهدة البرامج الإخبارية والسياسية مما يتوافق مع اهتماماتي سواء على قناة الجزيرة أو العربية وأحيانا على القناة اللبنانية، أفعل ذلك كواجب المدرس يطلب مني أحيانا ملخص لأنباء الأمس. الاعتقاد أو الصورة السائدة حالياً في أوروبا هي أن العالم العربي ينقسم إلى إما أنظمة سياسية مستقرة، هذه حقيقة.. فالعالم العربي مستقر إلى حد بعيد فكل رئيس يحكم لعشرين عاماً أو لخمسة وعشرين وكذلك الملوك لكنه بالطبع أمر طبيعي، إما أن هناك الإسلاميين المتطرفين، أما أنا فأكتشف العكس تماما أثناء حياتي اليومية يوجد استقرار ولكنه ليس فقط استقرار بل أحياناً شللاً وأكتشف أنه بين هذه الأنظمة السياسية وما يُعتقد أنه الإسلام المتطرف والذي لم أصادفه في مصر توجد أشياء عديدة، نساء نشيطات برجوازية تحاول التحرك، لقد وجدت مجتمعاً شديد الحيوية هذا هو ما اكتشفته وما أكتشفه كل يوم، لذلك أتساءل أحياناً ما إذا كانت أوروبا هي التي تريد هذه الصورة ولا تريد رؤية شيء آخر حتى لا تتم مساءلتها على سياستها ولدينا سياسة تجاه بلدان جنوب البحر المتوسط والذي أراه مع مرور الوقت بحيرة تجمعنا لا بحر يفصلنا كما أوجه اللوم لوسائل الإعلام التي فشلت في طرح المشكلة فمثلا في فرنسا عندما تم اختطاف الصحفيين في العراق تصدر هذا الحدث وسائل الإعلام الفرنسية عدة أسابيع بل عدة أشهر، أما عندما يتم اختطاف عراقيين وهم الغالبية العظمى لا يهتم أحد بتحليل هذه الظاهرة على الإطلاق وكذلك بالنسبة للأحداث الإرهابية سواء في طابا أو الدار البيضاء أو اسطنبول أو الرياض فمعظم ضحاياها كانوا من العرب. إن فكرة الإرهاب وأنه عدو للعرب أولا قبل أن يكون عدونا كلنا فكرة لا يقتنع بها الأوروبيون ولذلك أقول إذا أخطأنا التحليل بلا شك ستكون سياستنا خاطئة، فإذا لم ندرك أن الإرهاب والتطرف أو الإرهاب بصفة عامة يمثل مشكلة فظيعة للعرب أولا وبالتالي لنا نحن أيضاً، بلا شك إذا لم نر ذلك ورأينا فقط العرب ضد الغرب بالطبع النتائج المترتبة على أية خطوة سياسية ستكون سيئة ستكون خاطئة لأن كل حادثة إرهابية يكون مرتكبوها في معظم الأحيان مسلمين أو شبه دائماً مما يترتب عليه ضجة إعلامية ضخمة وبالتالي فهذه هي الصورة التي تصل إلى الغرب ولذلك أعتقد أن المنافسة شبه مستحيلة فمثلا نجد شخصا مثل هشام قاسم يؤسس جريدة ليبرالية لكن في نفس الوقت تقع أحداث طابا، فإذا ألقينا نظرة على الرأي العام الإيطالي وبالرغم من نشر حوار مع هشام قاسم في جريدة إيطالية هامة إلا أننا نجد على الجانب الآخر أخبار الإرهاب في طابا لأيام وأيام كما أننا فقدنا فتاتين في تلك الحادثة حينئذ يتأكد لي أن المنافسة غير متكافئة على الإطلاق..
كنشطة في مجال حقوق الإنسان زرت بلادا كثيرة فمثلا خلال الثمانينيات أثناء حملة من الشمال إلى الجنوب أوروبا أفريقيا زرت بلادا كثيرة بوركينا فاسو، مالي وكذلك أوروبا الشرقية حيث كان الحزب الراديكالي نشطا جدا وبعدها كمفتشة كان من ضمن واجباتي زيارة الأماكن التي تسودها حالات الطوارئ والتي تبذل فيها أوروبا جهودا إنسانية من أفغانستان إلى العراق إلى غينيا، ميامار، بورما، كمبوديا، الكنغو، رواندا، بوروندي، أوغندا، هايتي، كوبا لقد شاركت في مهمات من أجل تشجيع أفراد بعثاتنا الإنسانية الذين غالبا ما يشعرون بأنهم مهملون، فالمساعدات تتم في الغالب في مناطق الحروب المنسية حروب لم تعد على صفحات الصحف الأولى لذلك فأفراد البعثات يشعرون بأنهم منسيون وقد كانت هذه التجربة فرصة لكي أفهم وأتعلم ولكي أساند مبعوثينا الذين يعملون في مناطق نائية وهم السفراء الحقيقيون للاتحاد الأوروبي. إن ما يروقني جدا في هذا البلد ربما لأنني أنا أيضا من دول حوض البحر الأبيض هم الناس.. الناس خدومون للغاية وبشوشون وفيما يتعلق بالأجانب يفعلون المستحيل من أجل مساعدتنا فأنا أتحدث العربية بصعوبة لكن إذا طلبت أية معلومة فسرعان ما سأجد مَن يساعدني، أنه العنصر الإنساني وهذا هام للغاية، انظروا الكل يشارك.. الكل يبتسم شيء رائع، الشيء الذي لا أحبه ويضايقني ولست الوحيدة هو أن الشوارع دائما ليست نظيفة لا توجد صيانة ولا حتى للمباني فالناس هنا لا يهتمون بالصيانة، أشعر بالأمان بكل تأكيد حقيقي أنني أسكن في حي الزمالك وهو حي راق لكن كأية مدينة أخرى في أوروبا أو غيرها سواء نيويورك أو بوينوس آيرس يوجد أحياء لا تستطيع المرأة التجول فيها ليلا بمفردها حتى في إيطاليا وفي كل مكان لذلك أشعر بالأمان، أما الأمان بنسبة 100% فليس موجودا في أي مكان، لكنني لا أعتقد أنني في بلد كيف أقول.. غير آمن، على الإطلاق في الواقع ما ينقصني هو أنني أحيانا أشعر بالوحدة ولكن من الناحية الإنسانية فان هذا البلد يعتمد بصورة قوية على الأسرة وهذا صعب الأسرة بطبيعة الحال لديها ارتباطاتها الخاصة لذلك فبالرغم من علاقاتي الكثيرة أجد أنه من الصعب جدا أن أخرج في المساء مع صديقات من سني فأنا في السادسة والخمسين للذهاب للسينما لأنه يتحتم عليهن العودة إلى أسرهن لذلك فأنا أفتقد الحياة الأسرية أو الصداقة.
البريد الإلكتروني asdika-arab@aljazeera.net.