للنساء فقط

المرأة والإفتاء

عرف التاريخ الإسلامي في عصر الازدهار عالمات وفقيهات تتلمذ على أيديهن كبار علماء الشريعة، فلماذا لم يشهد عصرنا مثلهن في مجال الفقه والإفتاء؟ ما هي أسباب خلو المجامع الفقهية ومجالس الإفتاء من النساء؟ كيف تستعيد المرأة حقها في الإفتاء لتحقيق التوازن في قضايا المرأة الفقهية الخاصة بالنساء؟

مقدمة الحلقة:

ليلى الشايب

ضيوف الحلقة:

د. عائشة الغبشاوي: أستاذة الشريعة بجامعة أم درمان الإسلامية
د. أميمة أبو بكر: أستاذة الأدب المقارن بجامعة القاهرة
القاضي: نرجس أحمد عمر: عضو في محكمة الاستئناف – اليمن

تاريخ الحلقة:

24/02/2003

– أسباب غياب المرأة عن مجال الإفتاء في الوقت الحاضر.
– الإفتاء ومدى ارتباطه بالولاية العامة والذكورة.

– النظرة الاجتماعية إلى المتخصصين في العلوم الشرعية.

– دور السياسات التعليمية في تهميش العلوم الشرعية.

– تأثير العرف والتقاليد والنظرة التقليدية للمرأة على ممارستها الإفتاء.

– ضبط دور المرأة في الإفتاء في المجال النسائي.


undefinedليلى الشايب: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم.

من بيت النبوة وبيوت الفقهاء والعلماء إلى مدارس ومساجد بغداد وقرطبة تخرجت مئات من العالمات والفقيهات العربيات ممن كان لهن دورٌ كبير في رواية الحديث وممارسة مهنة القضاء واستصدار الفتاوى، كما كان بعضهن يشاركن كبار العلماء والأئمة ما كانت تدعى في عصور الإسلام المزدهرة بمجالس المطارحة التي كانت أقرب إلى المناظرة، والتي كن يتبادلن فيها مع كبار فقهاء الأمة وجهات النظر حول المسائل والقضايا الشرعية، ولكن خمسة قرون من التخلف كانت كافية لتغييب هذا الدور الرائد للمرأة في مجال الفقه والإفتاء، الأمر الذي يدعو إلى طرح مجموعة من التساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء غياب المرأة الفقيهة عن واقع المجتمع في عصرنا، وعما إذا كانت الذكورة شرطاً من شروط الإفتاء والاجتهاد، كما سنحاول خلال هذه الحلقة تحديد ذلك الدور الذي لعبته السياسات التعليمية المعتمدة في العالم العربي في تهميش العلوم الشرعية بالنسبة لبقية العلوم، وبما جعل الكثير من الطالبات يتوجهن إلى هذه العلوم مكرهات ومدفوعات بضآلة المجموع الذي حصلن عليه، وعن الدور الذي لعبته بعض الأعراف والتقاليد في اعتبار التكوين البيولوجي والسيكولوجي للمرأة عائقاً في طريق قيامها بمهام الإفتاء، كل ذلك إضافة إلى البحث في أسباب غياب المرأة عن المجامع الفقهية للأمة ومجالس الإفتاء فيها، مع محاولة تحديد الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة من خلال توليها الإفتاء في موازنة الكثير من الآراء الفقهية الخاصة بالمرأة في مجال الأحوال الشخصية.

للحديث عن موضوع المرأة والإفتاء نستضيف اليوم في أستوديوهاتنا في الدوحة الدكتورة عائشة الغبشاوي (أستاذة الشريعة بجامعة أم درمان الإسلامية في السودان)، كما نرحب بالدكتورة أميمة أبو بكر (أستاذة الأدب المقارن في جامعة القاهرة)، وبالقاضية في محكمة الاستئناف اليمنية السيدة نرجس أحمد عمر (المتخصصة في مجال الأحوال الشخصية).

أهلاً بكن جميعاً سيداتي ضيفات على هذه الحلقة من برنامج (للنساء فقط).

أيضاً أنتم مشاهدينا الكرام بإمكانكم المشاركة في هذا الحوار بجميع محاوره وأبعاده، وذلك من خلال الاتصال بنا سواء عبر الهاتف على الرقم (09744888873) أو عبر الفاكس على الرقم (09744890865) أو عبر الإنترنت والصفحة الرئيسية على العنوان التالي: www.aljazeera.net

وننتظر آراء وأفكار الجميع، ونرحب بالمداخلات من الجنسين.

قبل أن نبدأ النقاش وننطلق في الحوار، ومن بغداد العاصمة التي عرفت بروز أكبر فقيهات الأمة ممن تتلمذ على أيديهن كبار علماء الشريعة أعدت لنا الزميلة سوسن أبو حمدة التقرير التالي:

تقرير/ سوسن أبو حمدة: هل يمكن للمرأة المسلمة أن تتقلد منصب الإفتاء، وإن كان الشرع لم يحرم ذلك، فأين هي المرأة المسلمة الفقيهة اليوم؟ لقد ساوى الإسلام بين المرأة والرجل في أهلية التكاليف الدينية، فالتاريخ الإسلامي سجَّل أسماء كثيراتٍ من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة اللواتي بلغن مكانةً متميزةً في العلم والفقه والإفتاء، فالسيدة عائشة -رضي الله عنها- كانت تصدر الفتوى، وكان الصحابة يستفتونها، وفي العصر العباسي برزت المرأة المسلمة كمحدثة وفقيهة ومفتيةٍ، فقد عرف القرن السادس الهجري فقيهاتٍ أمثال زينب بنت معبَّد المرزوي، الملقبة بزين النساء، والتي كانت تعقد مجالس علم للرجال والنساء في بغداد ومكة، فيما اشتهرت أيضاً ضوء الصباح بنت مبارك الملقبة بخاصة العلماء البغدادية، إلا أن المرأة بدأت تفقد هذا الدور نتيجة للظروف السياسية التي مرت بها الدولة الإسلامية.

باحث عراقي: التأخر والتخلف والجمود الذي ساد الأمة العربية والإسلامية في أواخر العهد العثماني حتى حُبست المرأة بين جدرانٍ أربع، وحرِّم عليها الاختلاط وتعليم العلوم، حتى قيل أن المرأة لا تخرج إلا لأمرين، إلا.. إما للزوج أو للقبر!

سوسن أبو حمدة: ولم يكن هذا التحدي الوحيد الذي حال بين المرأة والفقه، فالنكبات الاستعمارية التي منيت بها الدول الإسلامية فرضت تعديلاتٍ على المناهج الشرعية أفقدت المرأة والرجل على حدٍ سواء الإبحار في علوم الفقه والدين، وعلى الرغم من تعدد كليات الدراسات الإسلامية والتي تخرِّج مئاتٍ من الفتيات اللواتي يحصلن على درجاتٍ متقدمة في علوم الشريعة، إلا أن البعض يرى أن هذه المؤسسات الأكاديمية لا تخرج عالماتٍ شرعياتٍ ومفتيات، وإنما دارسات للشريعة ينحصر دورهن في إطار التدريس.

د. خيزومة الشيخلي (أستاذة الشريعة بجامعة بغداد): كانت تتلقى العلم وليس بجانب واحد، وإنما يعني من.. عندما تطرح السؤال لمسألة فقهية معينة فتجد يعني الجواب عند العالم بالحكم نفسه، وكذلك بالأدلة من القرآن ومن السنة، وتفسير أو تأويل هذه الأدلة، فكانت نوعية تلقي العلم تختلف عما هو في الوقت الحاضر.

سوسن أبو حمدة: إلى جانب ذلك تعتبر المحددات الاجتماعية من أهم المعيقات التي جعلت المرأة الفقيهة غائبةً ومغيبة في وقتنا الحاضر، فالعرف الاجتماعي جرى بأن يكون الرجل هو المؤهل الوحيد لمنصب الإفتاء رغم إقرار الشرع بحق المرأة بذلك.

وعلى الرغم من ابتعاد المرأة المسلمة عن ممارسة حقها بالإفتاء، إلا أن ذلك لم يمنعها من الإبقاء على دورها في الدعوة والتثقيف وتقديم الوعظ والإرشاد، وفي ظل بروز حاجة المرأة المسلمة إلى المفتية خاصة في الأمور التي تجد المرأة في نفسها حرجاً من التطرق إليها يبقى منصب الإفتاء بحاجةٍ إلى استعدادٍ داخلي من قبل المرأة الفقيهة وتعمقٍ كبيرٍ في العلم والفقه، وشعورٍ بالثقة وقدرة على تحقيق العدالة، وهذا يستدعي أن تكسر حاجز الرهبة وأن تستعيد كل ما أعطاه الشرع لها من حقوقٍ سلبتها إياها الظروف السياسية والتقاليد الاجتماعية.

عودة المرأة من جديد كفقيهة أو مفتية قد يحتاج إلى دعم المجتمع ككل، وقد يتطلب أيضاً أن تتقدم المرأة وتثبت أن ليس بها قصور يحول بينها وبين البروز كفقيهة في المجتمع.

سوسن أبو حمدة – (الجزيرة) – لبرنامج (للنساء فقط) – بغداد.

أسباب غياب المرأة عن مجال الإفتاء في الوقت الحاضر

ليلى الشايب: إذن المرأة والإفتاء وخمس قرون كما جاء في هذا التقرير من التخلف والجمود سلبت المرأة حقها في التفقه وحتى إبداء رأيها في المسائل المتعلقة بدينها و.. ودنياها، رغم أن التاريخ الإسلامي يذكر أن من العلماء.. علماء الفقه والأئمة من الرجال أخذوا علمهم عن المرأة، ولنا عدد كبير من الأسماء، نذكر منها مثلاً السيدة عائشة -رضي الله عنها- نذكر أيضاً أم سلمة، ميمونة، وزينب، إلى غير ذلك. السؤال: أين المرأة اليوم من مجال الإفتاء ومن مجال الفقه الديني؟ أطرح هذا السؤال أولاً على الدكتورة أميمة.

د. أميمة أبو بكر: هو المرأة الآن.. هي دي القضية اللي فيها، إن هي المرأة الآن غائبة عن مجال.. عن مجال الإفتاء بصفة خاصة يعني، وهو السبب زي ما قالت طبعاً في التقرير في.. زي ما قيل في التقرير، يعني ما يدهشنا إن إحنا أما بنبص في التاريخ لغاية حتى القرن الـ 15، والـ 16، والـ 17، لغاية أوائل العصر العثماني، وليس فقط الأمثلة التي ذكرتيها مثلاً في عصر الصحابيات والتابعيات، لكن.. ولكن حتى عصور بعد كده كثيرة بنجد إنه كانوا متواجدات، يعني المصادر التاريخية بتذكر عشرات ومئات من فقيهات ومفتيات ومحدثات، يعني هي دي الفئات المتخصصة في العلوم الدينية، وكان يطلق عليهم اسم عالمة، عالمة فقه أو عالمة في أصول الحديث، وكان يذكر أن فلانة كانت تفتي، فلانة أُجيزت بالإفتاء، فلانة كانت تفتي مع أبو علي بن هريرة، يعني عالم من العلماء، أو كان يستفتوها النساء والرجال، فكم كبير الحقيقة في المصادر والتفاصيل يعني مدهشة، في الأقطار الإسلامية بصفة عامة، يعني في.. في مصر والشام وفي الجزيرة العربية وفي.. وفي العراق، فبندهش إن.. إن.. يعني ماذا حدث فعلاً في هذه الثلاث أو أربع قرون لما المجتمعات ابتدت تتجه إلى مركزية العمل الديني، وإلى مأسسة الإفتاء، يعني إحنا رصد المحللون و.. والدارسون إنه مثلاً في القرن الـ 15 بيجي السلطان العثماني مراد الثاني بيخلق منصب رسمي في اسطنبول اسمه شيخ الإسلام وأمين الفتاوى، ودا لمأسسة الإفتاء ومركزيتها، فدا نظام ابتدى يتنامى، وقصاده ابتدى إنه بيتقلص نظام الإفتاء الحر، اللي كانوا بيمارسوه النساء في المساجد وفي المنازل، وكانوا بيقصدوهم…

ليلى الشايب: يعني تقنين الإفتاء تقصدي؟

د. أميمة أبو بكر: نعم.. نعم، فدا اللي.. اللي إحنا ملاحظينه في التاريخ، وكل ما قربنا المجتمعات من الدولة القومية الحديثة بأنساقها وأطرها اللي هي احتذت مثلاً بالنموذج الفرنسي أو النموذج البريطاني، وأنا في ذهني مثلاً حالة مصر مثلاً، دولة محمد علي بداية القرن الـ 19، لاحظ المؤرخون إنه كل ما ده كان بيحصل مأسسة الدولة بصفة عامة، كل ما كان النساء بيفقدوا الحرية في.. سواء ممارسة العمل الديني، العمل الاجتماعي، أو حتى العمل التجاري الاستثماري، يعني فيه دراسات كثير أثبتت هذا، فدا تزامن مع دا، فدا يعني بنظرية تاريخية مطروحة مثلاً، فإحنا نقدر نفكر فيها في حالة اختفاء المرأة المفتية لغاية ما وصلنا للـ 19.. للقرن الـ 19 والقرن العشرين دلوقتي.

ليلى الشايب: طيب.. طيب هذا عن أسباب غياب المرأة في وقتنا الحاضر عن مجال الإفتاء والفقه الديني عموماً.

[فاصل إعلاني]

ليلى الشايب: دكتورة عائشة، أنت متخصصة في الشريعة الإسلامية، من خلال قراءاتنا تبين أن أغلب الفقهاء لا يرون مانع في تولي المرأة للإفتاء، ولكن من يعارضون يصنفون الإفتاء ضمن الولاية العامة التي يقولون إنها من اختصاص الرجل، مادام الرجل موجود لا داعي.. أو لا حاجة لنا.. للمرأة، هل يمكن فعلاً تصنيف الإفتاء والفقه الديني ضمن الولاية العامة.

د. عائشة الغبشاوي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى أهله وصحبه ومن دعا بهديه.. هدى بهديه إلى يوم الدين. السادة المشاهدين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، بالنسبة لموضوع الإفتاء والمرأة يعني إذا حاولنا أن ندرس هذا الموضوع دراسة دقيقة بنجد إنه تخلف المرأة عن قضية الاستفتاء.. الإفتاء في المجتمعات المسلمة مصاحب لتخلف الأمة ككل، فالأمة الآن تخلفت عن ريادتها وقيادتها للمجتمع، والأمة الآن.. للمجتمع الدولي أقصد، والأمة الآن يعني في حالة خمول تام، وفي حالة إحساس بالانهزام الداخلي، إلى غيره من هذه المؤثرات، فهذه المؤثرات يعني إذا تصورنا إنه الأمة المسلمة تطير بجناحين أحدهما يمثل الرجال..

ليلى الشايب: مكسورة أو..

د. عائشة الغبشاوي: والآخر النساء، وتصورنا إنه أحد جناحي الأمة قد أهين فمن باب أولى أن يتعرض الجناح الآخر للسقوط، فهذا أمرٌ مفروغ منه، بالنسبة لمسألة الإفتاء و.. كقضية يعني ذات صلة وثيقة جداً جداً بالمرأة فنجد إنه إحنا يعني إذا نظرنا لهذه القضية بننظر لها من خلال تاريخ الدعوة الإسلامية.

الإفتاء ومدى ارتباطه بالولاية العامة والذكورة

ليلى الشايب: طيب دكتورة، حتى نكون يعني دقيقين ومباشرين في.. في السؤال وفي الجواب، قلت إنه المعارضين يصنفون الإفتاء ضمن قضية أو مسألة الولاية العامة التي هي من اختصاص الذكور، بمعنى الرجال، أولاً باختصار إن استطعتِ، هل يمكن بالفعل إدراج الإفتاء ضمن الولاية العامة، قضية الولاية العامة، وهل بالفعل الرجال أو الذكورة شرط من شروط الإفتاء؟

د. عائشة الغبشاوي: ليست الذكورة بأي حالٍ من الأحوال شرط من شروط الإفتاء، يعني حتى الأئمة الفقهاء الذين تعرضوا لهذه القضية تعرضوا بإنه الفقيه أو المفتي يجب أن يكون مُلمًّا بالأدلة الشرعية وإنزالها إلى حيز الواقع بحيث إنه يضع حلول جذرية لكل المشاكل التي تعترض طريق المجتمع، ومعلوم إنه منهج الشريعة حاول أن يضع الحلول بالنسبة لمشاكل المجتمعات كلها.

بالنسبة للمقارنة بين ولاية.. الولاية العامة بالنسبة للمرأة أو ولاية.. ومسألة الإفتاء لا يوجد أدنى نوع من التقارب بين هذه وتلك، فمعلوم إنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما ذكر الواقعة التي تشير إلى عدم تولي النساء للرئاسة أو للولاية فإنما يقصد الرئاسة العامة بالنسبة للدولة، أو إذا تصورنا إنه الدولة الإسلامية أصبحت عبارة عن خلافة مثلاً أو إلى غيره إنه النساء يُحظر عليهم من خلال حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لن يفلح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة" مسألة الرئاسة العامة، فهذه تقريباً يعني مقارنة مع الفارق الكبير جداً جداً، فمسألة الإفتاء لا تتعلق بأي حالٍ من الأحوال بمسألة الولاية العامة، ولا تسقط عن المرأة بأي حالٍ من الأحوال.

ليلى الشايب: طيب إذن شرط الذكورة حسب ما.. ما فهمت من كلامك..

د. عائشة الغبشاوي: ليست شرط.

ليلى الشايب: شرط يعني مردود على أصحابه إن.. إن صح القول.

د. عائشة الغبشاوي: نعم.. نعم.. نعم.

ليلى الشايب: سنرى دكتورة عائشة رأي المفتي.. مفتي مصر السابق الدكتور نصر فريد واصل في تقريرنا التالي، ربما بعد الفاصل المقبل من القاهرة. طيب من بين الأسباب الأخرى أو الحجج التي يقدمها من يعارضون تولي المرأة مهمة الإفتاء، أو تولي منصب الإفتاء شروط.. شروط أحياناً من ينظر إليها بتمعن يجد أنها شبه تعجيزية، دكتورة بما أنكِ أنت متخصصة في هذا المجال، هل يمكن أن تذكري لنا بكل موضوعية ما الذي ينبغي أن يتوفر في المرأة من شروط لكي تصبح قادرة على الإفتاء؟

د. عائشة الغبشاوي: أولاً لا أتصور إنه الشروط التي وضعها الفقهاء أو العلماء بالنسبة لتولي منصب الإفتاء إنه هذه الشروط شروط مستعصية بالنسبة للمرأة، فهذه الشروط يمكن تحصيلها بكل سهولة إذا كانت المرأة فعلاً جادة في تقريباً التوصل إلى أقصى درجات العلم في المجال الذي ارتضته لنفسها، مثلاً نقول التخصص الشرعي، فهذه الشروط يعني مثلاً لكي يكون الشخص أو يكون مهيأ تهيئة تامة بمسألة الإفتاء العام أو الإفتاء المطلق أولاً تنحصر تقريباً في 6 أو 7 شروط، على رأسها يعني معرفة الأحكام.. الآيات المحكمة في القرآن الكريم، وإنزالها منزلة.. يعني استنباط الأحكام منها، وكذلك الأحاديث المحكمة، ومعرفة الناسخ والمنسوخ بالنسبة للآيات وبالنسبة للأحاديث. كذلك يشترط الفقهاء أن يكون المفتي -سواء كان ذكر أو أنثى- ملماً بقواعد اللغة العربية من نحو وصرف، بحيث إنه يعرف مثلاً معاني العرب، ودلالاتها بالنسبة للكلمات، كذلك يشترط المعرفة بالإجماع، المسائل التي أجمع عليها الفقهاء، أو المسائل التي افترق فيها الفقهاء، بحيث إنه لا يخرج المفتي عما أجمع عليه جمهور الفقهاء، كذلك يشترط معرفة مقاصد الشريعة، وإنه الشريعة طبعاً قننت من أجل جلب المصالح ودرء المفاسد بالنسبة للمجتمع، كذلك يعني معرفة القياس وأصوله، وكيف نستنبط الحكم من خلال الآيات، إلى غيره من هذه الأشياء.

ليلى الشايب: و.. وأضيف على كلامك دكتورة عائشة أمور أخرى، من قبيل أن تكون ملمة بالعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع، تعي الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، إلى غير ذلك، مما أوحى للبعض ربما بأنه اجتماع كل هذه الشروط في امرأة صعب جداً في عصرنا الحاضر، هل فعلاً صعب اجتماع …؟

د. عائشة الغبشاوي: لا.. لا أتصور أن اجتماع هذه الشروط يعني أمر صعب، بل إنه يعني المرأة تحتاج إلى يعني إعادة الثقة بنفسها، ومحاولة يعني تقريباً بناء نفسها بناء قوي من الناحية العلمية والتأهيل العلمي، وبالتالي إذا أُهِّلت المرأة علمياً تستطيع أن تقتحم هذا المجال، خاصة في مجال الإفتاء في القضايا التي تتعلق بالأسرة وتتعلق بالنساء، لأنه المرأة بتنطلق في هذه القضايا من خلال تجربتها الشخصية، أضيفي للناحية العلمية، فما أعتقد إنه هذه الشروط يعني توفرها صعب، بل بالعكس يعني من خلال معايشتي لبعض الأخوات في بعض الجامعات العالمية، يعني مثلاً…

ليلى الشايب: يعني باختصار دكتورة عائشة، هل تعرفين من.. مِن نساء مَن تتوفر فيهن كل هذه الصفات والشروط؟

د. عائشة الغبشاوي: نعم.. نعم، فيه.. فيه يعني كثير من الأخوات يعني تتوفر فيهم هذه الشروط، ويمكن يعني مثلاً الواحدة فعلاً إذا أرادت أن تعتلي هذا المنصب تحاول أن تهيئ نفسها أكثر وأكثر، وتستطيع أن تتقلد هذا المنصب دون أدنى شك.

[موجز الأخبار]

النظرة الاجتماعية إلى المتخصصين في العلوم الشرعية

ليلى الشايب: الأنظمة أو السياسات التعليمية في بلداننا العربية والإسلامية هي أيضاً متهمة بمنع المرأة عن منحها تولي منصب الإفتاء أو تأهيلها لذلك، باعتبار من جهة أن من يذهبن أو يعني يتوجهن لدراسة الشرع والدراسات الشرعية يذهبن مكرهات في أغلب الأحيان بسبب مثلاً مجموع ضئيل حصلن عليه في.. في الثانوية العامة، أو لأنه لسن مؤهلات لاختيار اختصاصات أخرى مما يعني يجعل البعض يقول إن الأنظمة التعليمية تهمِّش هذا الاختصاص الدراسات والعلوم الشرعية، هل بالفعل يؤثر هذا على وصول المرأة لمنصب الإفتاء أو على الأقل تأهيلها أثناء الدراسة لهذا المنصب وهذه المهمة؟

د. أميمة أبو بكر: هو التأهيل طبعاً أنت ذكرتِ.. يعني هي دي قضية مهمة، إحنا نقول عايزين يعني المفتية، أين المفتية؟ أين المفتية؟ فإحنا بنشوف من أسباب المعوقات مدى فعلاً فكرة تأهيل المرأة في الدراسات اللي هي ما قبل الجامعة لإن هي توصل، طبعاً أنتِ ذكرتِ إن هي ممكن يكون البنات أنفسهن أو النساء أنفسهن يعني بيقدموا على هذا التخصص مش عن اختيار، ولكن عن ظروف أخرى تتعلق بالمجموع، هو دا ممكن طبعاً، وممكن.. بس أنا بأحب الحقيقة أعوِّل أكتر على الثقافة المحيطة في.. في مجتمعاتنا الإسلامية إن هي لا تشجع يمكن المرأة إن هي تُقبِل على هذا بحماس أو.. أو بحب إن هو.. برضو فيه عدم ثقة من الناحية.. من الثقافة، من المجتمع أساساً، في إن هي حتى لو تلقت كل العلوم، وحتى لو وافت كل الشروط اللي كانت بتقولها الدكتورة عائشة من الناحية التخصص كعلم هل ممكن هتمارسه في المجال العام؟ يعني إحنا هل هيكون فيه تشجيع من المجتمع، تشجيع من الثقافة المحيطة، وثقة إن هي تمارس الإفتاء أو الفقه في.. في المجال العام، وليس فقط في المجال الأكاديمي يعني؟ فدي أنا فكرة أحب يعني أضيفها على ما ذكرتيه في سياسة..

ليلى الشايب: طيب.. طيب الدكتورة عائشة، أنت أستاذة في كلية الشريعة في جامعة أم درمان، لماذا اخترتِ هذا الاختصاص؟ لماذا توجهتِ إلى دراسة الشريعة رغم كل ما ذكرناه من سلبيات، سلبيات ليس في المادة نفسها، ولكن في المحيط حولها؟

د. عائشة الغبشاوي: سلبيات المجتمع. أنا الحقيقة عندي تعليق بسيط على مسألة السلبيات، وأقول إن ربما هي جزء من التركة التي يعني تركها الاستعمار في بلادنا الإسلامية، تهميش دور رجل الدين أو امرأة الدين، بحيث إنه يعني لا ينحصر هذا الدور ينحصر فقط في إنه يكون مثلاً إمام أو مؤذن أو كده، يعني تهميش، في الوقت اللي فيه رجل الدين ممكن يكون يعني في مكانة سامقة جداً.. جداً، بحيث إنه كل فئات المجتمع، بما فيها المهندس والطبيب و.. والمتخصص في كل المجالات.. المتخصصون في كل المجالات يحتاجون لرجل الدين، فدي ناحية. بالنسبة ليَّ أنا في تجربتي الشخصية إنه أبويا -يعني رحمة الله عليه- كان رجل.. رجل دين، وكان عالم من علماء السودان، فكان أبويا أمنيته إني أنا يعني أسير في نفس المجال الذي سار عليه، وصراحة يعني أنا أحببت الدين من خلال التطبيق العملي بالنسبة لوالدي -عليه.. رحمة الله عليه.. عليه- بالنسبة لينا كأسرة، ومعاملته لأمي كزوجة وكده، فحاولت أن أتبحَّر في هذا الدين، وأعرف خاصة إحنا يعني مثلاً في زماننا كان فيه تيار قوي جداً جداً.. تيار علماني قوي جداً جداً بهذا التيار يعض النواجز على إنه الإسلام هو السبب في تأخر المرأة هو السبب في عدم يعني مثلاً نيلها لحقوقها كاملة وكده، فبحمد الله -سبحانه وتعالى- اتجهت هذا التوجه، وحاولت أن أتبحَّر فيه بحيث إنه أخرج بقناعة تامة بإنه الإسلام هو المنقذ الحقيقي بالنسبة للمرأة، وإنه الوضع الذي تبوأته المرأة في الإسلام لم تنعم به المرأة الغربية إلى يومنا هذا، فدا كان دافعي يعني لدراستي.

ليلى الشايب: طيب دكتورة، أنت يعني اخترتِ هذا التوجه متحفزة لمعرفة شيء ما، أو الوصول إلى نتيجة، وأيضاً -كما يبدو- تنفيذ لرغبة الوالد -عليه رحمة الله- لكن رغم ذلك قلتِ فكرة مهمة جداً، وهي أنه المجتمع ككل يحتاج إلى رجل الدين، لكن المشكلة أنه نفس هذا المجتمع يعني يصنِّف كل ما يتعلق بالوعظ والإرشاد الديني في مرتبة اجتماعية دونية، بالمقارنة مع اختصاصات أخرى أو حملة شهائد علمية، صيدلة أو طب أو.. أو هندسة، إلى.. إلى غير ذلك، مما كما ذكرنا منذ قليل، يعني يجعل من يتوجهون.. يتوجهون بمعنويات أقل ما يقال عنها أنها منخفضة جداً، لأنهم لا يأملون في شيء كبير لاحقاً، هل التقييمات -أستاذة نرجس- التقييمات الاجتماعية تحط بالفعل من شأن من يمارس الوعظ والإرشاد الديني، ومن يريد أو يمارس فعلاً منصب الإفتاء أو مهنة الإفتاء؟

نرجس أحمد عمر: بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً أشكر أسرة البرنامج على ضيافتهم الطيبة لنا وبالنسبة للسؤال هذا، يعني بالنسبة للمجتمع كما قالت الأستاذة هو المجتمع لن يستغني عن حاجة الدين ورجل الدين في الإفتاء والإرشاد والتوجيه، فبحكم.. يعني إحنا ناس مسلمين وعايشين في مجتمع مسلم، فالكل يحتاج إلى رجل الدين، لكن بالنسبة للمرأة وجودها في الإفتاء يعني هل هو مُعاق يعني، هل هو.. هل توجد يعني صعوبة في عدم قدرتها على الإفتاء؟ الشرع والدين لا.. -كما قالت الأخت- إنه ما.. ما.. ما وضعش حاجة يعني منع وجوبي لا في القرآن ولا في السنة، ويمكن أضيف إلى ما قالت الأخت إنه حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما قال: "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء".

ليلى الشايب: السيدة عائشة رضي الله عنها..

نرجس أحمد عمر: السيدة عائشة وهي.. يقصد بيها، وكانت أحب الناس إليه وقريبة منه، وعاشت معه 25 عاماً، ثم بعد وفاته عاشت أيضاً 25 عاماً لتفتي للآخرين، فمن هذا المجتمع الإسلامي اللي عاش مدة طويلة وهو يرحب بدور المرأة فما أعتقدش بإنه هناك الأسباب الرئيسية هي تأتي في -كما سبقوني بإنهم قالوا- في تقنين الإفتاء، أو في فرض السلطة أو خيف.. خوفها من الإفتاء، لإن إذا جينا إلى مسألة الإفتاء، فالإفتاء يمثل دور أخطر من الإفتاء.. من القضاء، الإفتاء يعني مرحلة أخطر من القضاء، فالقاضي يقضي أمام خصم.. خصمين، الخصم الأول والثاني ويحكم في القضية وتنتهي، لكن المفتي ممكن..

ليلى الشايب: لكن عفواً أستاذة نرجس.

نرجس أحمد عمر: نعم.

ليلى الشايب: يعني تركزين على بُعد الخطورة في مسألة الإفتاء، أنا أتساءل عن مكمن هذه الخطورة إذا كان معنى الإفتاء كما جاء في الكثير من المراجع هو إظهار للحكم من خلال كتب الفقه، وليس تأليف فقه ولا اجتهاد في إنشاء حكم، يعني المجال ضَيِّق -كما يبدو- أمام الخطأ.

نرجس أحمد عمر: لأ الإفتاء صحيح كما قالوا.. أيضاً قال الدكتور القرضاوي -رعاه الله- هذه العبارة، قرأناها في كتب له إنه قال هذه و.. وإظهار ما هو -يعني- قد سبقونا قد جاء في القرآن والسنة، والصحابة بذلوا المزيد في.. في.. في الإفتاء حول الأمور الشرعية كافة، لكن خطورة الإفتاء إنه يؤثر في المجتمع، لما يكون المفتي يقول كلمة الكل يصنت إليه، لما يقول المفتي في مسجد أمامه يعني جمهرة من الناس بكافة.. قطاعاتهم من.. اجتماعية وشرائحهم يكون له وزنه في المجتمع، فخطورة المفتي هنا تأتي من إنه يمثل.. يمثل كلمة.. ما هو يعني إذا رحنا بعيد شوية واتجهنا نحو السياسة يعني في الثورة الإيرانية.. الثورة الإيرانية قادها آية الله الخوميني وهو في سجنه، كان يفتي بالجهاد، وجاهدوا فأنا أشعر إنه الإفتاء يعني لخطورته يعني يحاول الجميع أنه.. يحاول أن يكون نوع من التقنين.

ليلى الشايب: دكتورة أميمة، لديك تعقيب.

د. أميمة أبو بكر: أنا لديَّ تعليق لو تسمحي لي على.. عودة إلى النقطة التي أثرتيها حول تهميش رجل الدين بصفة عامة في المجتمعات، أنا عايزة أقول إنه دا يمكن كان فيه فترة من الفترات في مجتمعاتنا الإسلامية، بس هذا بيتغير في الفترة الأخيرة بسبب ما يسمى الآن بالصحوة الدينية أو انتشار التدين بين قطاعات الشعب المختلفة، أو بين الشباب حتى يعني هنا، مثلاً في حالة بلد زي بلد مصر يعني أنا بأعتبر إنه لأ بالعكس عودة أهمية المفتي والداعي والواعظ والواعظة والداعيات اللي في المساجد..

د.عائشة الغبشاوي: أصبحت تحتل..

د. أميمة أبو بكر: أصبحوا الشباب من الأولاد والبنات بحاجة إلى مفتية أو مفتي أو داعي أو داعية للسؤال عن.. عن قضايا في الحياة العامة، بسبب هذا السلوك المتدين والتدين، اللي إحنا يعني علماء الاجتماع ملاحظين دلوقتي إن دا ظاهرة في المجتمعات الإسلامية، فأنا بأعتقد إن دا يعني بيتغير، حاجة المجتمعات إلى شخصية المفتي والداعي والواعظ يعني فأنا يعني.. بيتغير عن ما كان مثلاً فترة إن هو مهمش أو يعني بالنسبة للمهندس والدكتور و..

دور السياسات التعليمية في تهميش العلوم الشرعية

ليلى الشايب: طيب دكتورة عائشة، أريد أن أركز معكِ على مسألة السياسات التعليمية، ما ذكرته منذ قليل أن هذه السياسات يعني تهمَّش عن قصد أو.. أو عن غير قصد، منزلة أو من يتوجهون إلى اختصاصات علوم الشريعة و.. والعلوم الإسلامية والدراسات الإسلامية، لأن من يتوجهن -لنتحدث عن النساء- من يتوجهن إلى هذا الاختصاص يُدفعن إليه دفعاً، يعني يذهبن مُكرهات، لأنهن لم يحصلن على مجموع في الثانوية العامة -مثلاً- يؤهلهن لاختصاص آخر كالهندسة والطب والصيدلة، إلى غير ذلك، وبالتالي طيب يدرسن مدة 4 سنوات أو أكثر، ولكن من.. من يتخرج من هذه الجامعات ومن هذه المعاهد الدينية أُناس غاية في.. يعني في البساطة ومحدودية الرؤية ويعني الحافز والطموح إلى التعمق في المجال الذي يدرسون فيه، هل تعتقدين أن هذا هو التحليل الصائب من وجهة نظر تعليمية، لأنه هذا هو المنطلق في نهاية المطاف؟

د. عائشة الغبشاوي: في تصوري الحقيقة إنه مسألة السياسات التعليمية فعلاً لها دور كبير جداً جداً في الكثير من الدول الإسلامية في تهميش يعني الدراسات الدينية وفي تقليص الموضوعات التي تدرس، وربما إنه أصبح هنالك شيء من.. يعني الإملاء السياسي العالمي بالنسبة لدولنا الدول الإسلامية في تهميش هذا الدور، فهذا أكيد له يعني أثره الفعال في هذا الأمر، ولكنني أتفق مع أستاذ.. مع دكتورة أميمة في إنه -بحمد الله سبحانه وتعالى- إنه الشباب في وقتنا هذا -وأنا مدرسة في الجامعة- أشعر بأنه تخطى هذا الأمر، عفواً، بمعنى أنه أصبح الشاب يتحمس للدراسات الدينية، وأصبح يعني فيه شباب يعني نالوا.. يعني أنا أعلم عندي زميلة وأخت يعني حميمة جداً جداً نالت مجموع.. عندنا أستاذة في الجامعة دكتورة ثريا يوسف نالت تقريباً مجموع يؤهلها لدراسة الطب، ولكنها فضلت الدراسات الإسلامية، ومن هذا المنطلق أنا بأقول إنه نحن في حاجة..

ليلى الشايب: السبب دكتورة.

د. عائشة الغبشاوي: هي حبها للدين وتفاعلها مع.. معه بحيث إنها تريد أن تقود مسيرة الدعوة بالنسبة للمرأة المسلمة، يعني والمرأة المسلمة في حاجة ماسة جداً جداً فعلاً لمن يأخذ بيدها وينتشلها تقريباً من الأدران التي انغمست فيها، فالآن أصبح مسألة الدراسات، يعني قد نجد بعض الطالبات فعلاً يلجن هذا المجال وهن مضطرات، ولكن بمرور مثلاً السنة الأولى والسنة الثانية تجدي إنه يعني فيه حماس للدراسة، ثم إنه فتح باب الدراسات العليا جعل الكثير.. الكثير يعني من الطالبات يتنافسن في.. في نيل الدرجات العلمية التي تؤهلهم لمزيد يعني من التبوء الاجتماعي فما..

ليلى الشايب: لكن دكتورة يعني كل ما ذكرتيه جيد: الحماس والرغبة في التعمق إلى غير ذلك، ولكن في نهاية المطاف ماذا سيجدن يعني هؤلاء الفتيات أو الشابات، ماذا.. ماذا سيجدن في نهاية يعني المرحلة التعليمية الجامعية في هذا الاختصاص؟ الأبواب موصدة كما يبدو وكما نحن في صدد تحليله الآن أمام أي طموح لها في تولي منصب فعلاً يرضي ما كانت تطمح إليه من المشاركة بالرأي في.. يعني حياتها في المسائل الدينية إلى غير ذلك، إذن هل.. هل هناك ضرورة لمراجعة السياسات التعليمية في الدول العربية؟

د.عائشة الغبشاوي: نعم هنالك ضرورة قصوى لمراجعة السياسات التعليمية بحيث إنه هذه المراجعة نفسها تحتاج إلى إعادة تكوين المجتمع مرة أخرى وإعادة بناء الأمة مرة أخرى، لأنه الآن دا.. دا.. دا عطَّال بالنسبة ليس للمرأة فقط، بل لكل المجتمع، فنحن عندما نعيد يعني مثلاً الثقة بالدراسات الدينية وضرورة التوجه إليها إلى غيرها من هذه الأشياء سنعيد للأمة سؤددها ومجدها وعزها وهنخرج للمجتمع يعني تلاحظي إنه الأمة المسلمة هذه هي التي أمدت المجتمعات الأوروبية بأبجديات العلوم الحديثة التي انطلقت فيها الآن وأصبحت دول صناعية ودول تكنولوجية، يعني إذا أعيدت الثقة بالنسبة لهذا المجتمع برجاله ونسائه إحنا إن شاء الله هنصدر للمجتمع مرة أخرى أمثال الخوارزمي، أمثال البيروني مثلاً، أمثال صلاح الدين الأيوبي، أمثال محمد الفاتح إلى غيره من هذه الأشياء وسوف يعني نعيد خيرية هذه الأمة، الأمة هذه أتتها خيرية من عند الله -سبحانه وتعالى- بآيات محفوظة محكمة من عند الله سبحانه وتعالى، يعني لما ربنا -سبحانه وتعالى- يخاطب الأمة المسلمة (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ) ليست هذه الخيرية يعني مثلاً زي.. عبارة عن أهازيج واهية مثلاً كتلك التي يطلقها اليهود: نحن أبناء الله وأحباؤه مثلاً، أو نحن شعب الله المختار، وإنما هي خيرية إلهية مرتبة من عند الله -سبحانه وتعالى- لريادة المجتمعات.

ليلى الشامي: خيرية تقصدين تفضيل؟

د.عائشة الغبشاوي: نعم نعم، يعني أمة مفضلة بإنها صاحبة الرسالة الخاتمة، صاحبة الدين الكامل اللي يعالج كل مشاكل الحياة، واللي أظنه قالوا.. عبر عنه بعض اليهود في قولهم: لقد بَيَّن لكم رسولكم -يعني صلى الله عليه وسلم- أمر كل شيء حتى أمر الخلاء، تقريباً، فلذلك يعني أنا أرى إنه الفرصة مواتية لإعادة الصلة بالمجتمع…

ليلى الشايب [مقاطعةً]: طيب شكراً لك دكتورة، سنعود لك مشاهدينا من القاهرة حيث يسود جدل كبير حول إمكانية تولي المرأة منصب المفتي أعدت لنا الزميلة لينا الغضبان التقرير التالي من القاهرة كما ذكرت.

تقرير/ لينا الغضبان: هل يمكن للمرأة أن تجلس يوماً على مقعد الإفتاء؟ البعض يرى أن ذلك أمر ممكن طالما أنه لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية التي لم تشترط أن يكون المتصدي للفتوى من الرجال، ولكن البعض الآخر يرى أنه بالرغم من ذلك فإن هناك تحفظات على تولي المرأة منصب المفتي وذلك لأسباب عملية.

د. نصر فريد واصل (مفتي الديار المصرية السابق): تخصيص بقى المرأة بالإفتاء كإفتاء عام وولاية عامة لا أجد لها مبرراً في مجال أحكام الشريعة الإسلامية والتطبيقات العملية، الممارسة العملية في كل العصور الإسلامية والتاريخية حتى وقتنا الحاضر لم نجد من الناحية التطبيقية العملية -أنا لا أقول نظرية- أن هناك من تولى منصب الإفتاء.. الولاية العامة باعتبار أن الولاية العامة إنما هي ولاية تمنع الخلاف والنزاع فيما يتعلق بأحكام الشرع الإسلامي، لكن في مجال لجان البحوث التخصصية المساعدة للوصول إلى معرفة الحكم الشرعي للحكم والإفتاء به هذا لا مانع في مجال المجامع العلمية أو البحوث العلمية أو الفقيهة أيضاً لا مانع شرعاً.

لينا الغضبان: ويستند المؤيدون لتولي المرأة منصب الإفتاء إلى القول بأن هناك من النساء من هن مؤهلات للقيام بهذا الدور إلى جانب حقيقة أن هناك أموراً دقيقة تحتاج المرأة فيها إلى استشارة امرأة مثلها لمعرفة الحكم الشرعي فيها.

د.سعاد صالح: كان الرجال من الصحابة يلجأون إلى السيدة عائشة لمعرفة الأحكام الخاصة بالنساء، والأحكام البيتية، وأنا من خلال عملي في هذا المجال.. مجال الدعوة والإفتاء منذ أكثر من 15 عاماً أشعر بحاجة المرأة الشديدة لوجود أستاذة متخصصة من بنات جنسها ترفع عنها الحرج فيما تريد أن تسأل عنه من أسئلة خاصة في الطهارة، في إفساد.. في فساد الصوم، في العلاقة الزوجية.

لينا الغضبان: وبين هذا الرأي وذاك فإن الواقع يقول: إن المرأة قد اقتربت من دوائر الإفتاء في مصر إلى درجة كبيرة، فهناك عضوات من النساء في اللجان والمجالس العلمية للاستنارة بآرائهن في الإفتاء بالأحكام الشرعية.

رغم أن المرأة لا تتولى منصباً رسمياً للفتوى في أجهزة الإفتاء الرسمية في مصر، إلا أن الواقع العملي يسمح لها بالقيام بالفتوى عبر أجهزة الإعلام المختلفة ومن خلال الاتصال المباشر بالجماهير في المنتديات العامة.

لينا الغضبان – لبرنامج (للنساء فقط)- (الجزيرة)- القاهرة.

ليلى الشايب: إذن مشاهدينا وأيضاً ضيفاتنا استمعنا إلى رأيين رئيسيين من الدكتورة سعاد صالح التي تطالب ولا تزال تطالب إلى حد الآن بممارسة الإفتاء أو الفتوى، ورأي مفتي مصر السابق نصر فريد واصل الذي يعني كما هو واضح يرفض ولا يرى أي مبرر شرعي لتولي المرأة منصب الإفتاء.

تأثير العرف والتقاليد والنظرة التقليدية للمرأة على ممارستها الإفتاء

تحدثنا عن مجمل العوائق التي تحول دون وصول المرأة أو ممارستها للإفتاء، العرف والتقاليد أيضاً إلى جانب السياسات التعليمية والنظرة الاجتماعية لكل من يمارس الوعظ والإرشاد والفقه، هناك نظرة لا تزال رغم كل ما نتحدث عنه من تغير النظرة إلى المرأة كذا كذا، لا تزال تحصرها في إطار معين: إغواء فتنة أو دور اجتماعي لا يخرج عن نطاق الحمل والولادة والإنجاب وتربية الأطفال إلى غير ذلك، مما يجعلها يعني غير قادرة عملياً على ممارسة هذه المهنة التي تتطلب حتى التفرغ كما يقول أهل الاختصاص، أولاً: هل المجتمع مستعد لقبول أو رؤية امرأة في منصب مفتي دكتورة أميمة؟

د.أميمة أبو بكر: هو بالوقت طبعاً دي يعني التغيرات الاجتماعية بصفة عامة ما بتحدثش بين يوم وليلة، تحدث بمرور الوقت وباشتغال الباحثين والنشطاء في.. في المجالات المختلفة في.. وفي التخصصات المختلفة التاريخية والاجتماعية والدينية والمطالبة بالحقوق الضائعة أو هذا، فدا ممكن مع مرور الوقت، يعني حالياً لسه فيه تحفظات، إحنا شايفين أهه تحفظات على الحقوق الشرعية ودايماً بنقابل يعني أقول متناقضة إنه لا مانع شرعي من هذا، ولكن عملياً وتطبيقياً لا يمكن، طيب لماذا نبحث في هذا اللا يمكن؟ بيدخل دور الثقافة ودور المجتمع إنه هو بنجد إنه هو رغم كل دعاوينا بإنه المرأة حصلت على حقوقها ومكاسبها برضو فيه يعني رواسب من هذه الآراء المجتمعية إنه حتى لو أي حق بتاخده كأنه هبة أو منحة من المجتمع وليس حق أعطاه الله لها، فدي بتؤثر دايماً في.. في تحقيقها هذه الحقوق، كل هذه الأفكار على.. أو الحجج.. التحجج بالتكوين البيولوجي، التكوين النفسي، التكوين العاطفي، عدم تفرغها..

ليلى الشايب: طيب، دكتورة يعني ربما يصح لنا أن نتساءل إن كان هذا المجتمع الذي لا يزال يرفض أن يرى امرأة في منصب مفتي مصاب بنوع من انفصام الشخصية، يعني كيف يقبل للمرأة مثلاً أن تكون ممثلة، راقصة، إلى غير ذلك ويلصق صورها في.. في الغرف وفي البيوت ويخصص لها ساعات ليشاهدها، ويرفض أن يراها في منصب يعني محترم؟ لماذا هذا التناقض وحتى الكيل بمكيالين إن صح التعبير؟

د.أميمة أبو بكر: هو طبعاً القضية برضو بترجع يعني بتبرز دايماً الاعتراضات والتحفظات بتقوى أكثر لما نكون بنتكلم على مناصب ذات سلطة، يعني.. يعني هي المشكلة كلها ليس في وجود المبررات الشرعية أو لأ، هناك..

ليلى الشايب: خوف من عدم أهلية المرأة مثلاً لإبداء رأي في.. في أمور.. أمور تخص الأمة.. أمور مصيرية مثلاً؟

د.أميمة أبو بكر: هذا و.. و.. آه، أو يعني لما بنتكلم على شيء فيه يعني منصب رسمي، فيه سلطة، فيه سلطة هو بتطلع الاعتراضات على هذا، لكن زي ما أنتِ بتقولي لو فيه أعمال يعني دونية ما حدش يهتم بها بائعة يعني.. يعني مش عايزه أقول يعني الأعمال الأخرى التي ليس فيها سلطة ما حدش بيجيب سيرة إن دا حرام أو دا حلال أو هل عمل المرأة، لكن لما بنوصل إنه بنقول رئيسة في عمل ما، مفتية، قاضية، لما بيكون العمل مرتبط بسلطة فعلية وعملية وتطبيقية في المجتمع بتظهر الاعتراضات، فدا برضو لماذا لا نبرر لها؟

ليلى الشايب: طيب المرأة.. المرأة وزيرة، المرأة رئيسة جمعيات إلى غير ذلك، هذا هذا المنصب سلطة…

د.أميمة أبو بكر: نعم وليس بسهولة، ما هي لم تصل أيضاً إلى هذا المنصب بسهولة، بعد برضو يعني اعتراضات ومناقشات، فجه الدور على المناصب الدينية، جه الدور على…

ليلى الشايب [مقاطعةً]: أم ربما الدين بشكل خاص يعني النظرة إليه نظرة فيها الكثير من التوجس والخوف؟

د.أميمة أبو بكر: أكيد بس هو التوجس والخوف ممكن يكون موجه إلى..

ليلى الشايب: من الخطأ كما قالت مثلاً أستاذة نرجس.

د.أميمة أبو بكر: ما هو الإنسان بصفة عامة سواء رجل أو امرأة غير منزه عن الخطأ في المناصب الدينية يعني أو يعني، فلماذا نقلق في مجال النساء ولا نقلق في مجال الرجال؟

ليلى الشايب: الدكتورة عائشة تفضلي.

د.عائشة الغبشاوي: الحقيقة عندي تعليق بسيط على حديث الدكتور نصر بالنسبة لتولي المرأة يعني إنه ما ثبت في القرون التاريخية إنه المرأة تولت منصب الإفتاء وكده، فبأقول إنه يعني طغيان العرف فعلاً والتقاليد هو اللي غطى على هذه الناحية وجعل إنه المجتمع يتجاهلها برغم من ثبوتها تاريخياً، ثبوتها تاريخياً في إنه المرأة يعني أنا أكاد أن أجزم بإنه أول مفتي في الديار الإسلامية بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت امرأة وهي السيدة عائشة -رضي الله عنها- وحتى إنه يعني السيدة عائشة لها اجتهادات كبيرة جداً وكان الصحابة بيلجأوا لها في تصحيح الأشياء التي لم يستطيعوا فهمها وكانت تصحح الرواية ومتن الحديث إلى غيره من هذه الأشياء، ومن الأشياء اللي يمكن قابلتني وجميلة جداً جداً بالنسبة للسيدة عائشة أفتت بإن.. بأن عِدَّة المرأة المتوفى عنها زوجها قد حددت من عند الله -سبحانه وتعالى- زماناً لا مكاناً. زماناً لا مكاناً، وانطلاقاً من هذه الرؤية أخذت أختها السيدة أم كلثوم بعد وفاة زوجها طلحة بن عُبيد الله أخذتها في.. في رحلة عمرة إلى الحجاز.. لأداء العمرة في الحجاز، على أساس إنه لا حظر للمرأة في الخروج وهي معتدة، فيبقى إحنا في حاجة إلى إنه.. إلى أي مدى يعني نحاول أن نُحكِّم ما ثبت بالنص على العرف والتقاليد هذه من ناحية، الناحية التانية تخوف من تقلد المرأة لمنصب الاستفتاء يعني ليس بالضرورة أن تكون المرأة تقريباً تنطبق عليها كل الشروط التي ذكرناها آنفاً، لأنه هذه الشروط يعني سيدنا الإمام مالك مثلاً تقريباً أجمعوا على إنه رجل فقيه ورجل مجتهد، مع ذلك يُقال إنه طرحت عليه حوالي 40 مسألة في 36 منها أجاب بإنه لا أدري، ومع ذلك أجازوا كذلك إنه المجتهد أو المفتي ممكن أن يُفتي في بعض الأشياء دون غيرها، ثم إنه لا يمكن أن يفتي بحاله، فقد يُكوَّن مجلس بتاع إفتاء إنه يكون هو على رئاسته وبالتالي يكون هنالك فيه تداول في الآراء..

ليلى الشايب: نوع من الشورى، آه.

د.عائشة الغبشاوي: وبنوع من الشورى بحيث إنه هذه الأشياء المصيرية..

ليلى الشايب: حتى إذا عجز هو الآراء التي، نعم، معه..

د.عائشة الغبشاوي: نعم، تؤخذ مأخذ رأي جماعي.

ليلى الشايب: نعم، طب لنشرك أو نتيح المجال لمشاركة المشاهدين معنا من السعودية محمد الأحمد، محمد مساء الخير، تفضل.

محمد الأحمد: آلو، السلام عليكم ورحمة الله.

ليلى الشايب: وعليكم السلام.

محمد الأحمد: تحية للبرنامج ولقناة (الجزيرة). في الحقيقة أنا بس عندي تعليق بسيط على بعض ما ذكرت إحدى الأخوات المشاركات بخصوص إن كان لي حق أن أصفها بمغالطة تاريخية.

ليلى الشايب: وهي؟

محمد الأحمد: اللي هي بخصوص تاريخ الإفتاء النسوي، في الحقيقة يعني لم يكن يعني يوم من الأيام أو أي عصر من العصور أي مفتية، يعني العديد من المراجع والبحوث في فقه أي مذهب من المذاهب الإسلامية لم ينص على إنه.. أو لم يذكر إنه هناك مفتية، في واقع الأمر إنه كان فيه نوع من الحديث أو الفتوى اللي تصدر عن أحد الصحابة أو أحد التابعين أو لنقل في عهد الرسول يعني إن كان لشخص الرسول الكريم، فكانت تتداول يعني بين عامة الناس وتذكر، يعني حتى بعض العامة أو بعض نساء المسلمين في هذاك الوقت يعني كانوا يلجأون لـ.. آلو

ليلى الشايب: أنا أسمعك يا محمد، تفضل.

محمد الأحمد: نعم، فكانوا يلجأون لزوجات الرسول أو لبعض الصحابيات المقربات فيستفسرون عن بعض الأمور، فيعتقد إنه من خلال ما تذكر هذه الصحابية..

ليلى الشايب: وهذا.. هذا نوع من الفتوى يا محمد. طيب شكراً، شكراً لك. معنا أيضاً من الأردن سالم أبو سبيتان، سالم تفضل.

سالم أبو سبيتان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليلى الشايب: وعليكم السلام.

سالم أبو سبيتان: الإفتاء أو الاجتهاد هو الإخبار عن الحكم الشرعي في أي مسألة من المسائل وهو يحتاج الحقيقة إلى أهلية معينة يعني، ولابد من وجود شروط لذلك، وهي ليست حكراً على يعني على إنسان دون إنسان مادام أن المسلم يعني آخذ هذه الأهلية المعتبرة أصبح من.. يعني يجوز في حقه أن يجتهد وإن أخطأ فليس في ذلك إثم عليه لأن الله.. لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: يعني "لكل مجتهد نصيب" يعني "فمن أخطأ فله أجر ومن أصاب فله أجران"، في الإسلام المشكلة ليست.. ليست في حجب المرأة عن دور الإفتاء أو عن استلامها منصب القضاء أو إلى آخره، إنما المصيبة هنا ليست من الإسلام، لأن الإسلام يعني حدد مَنْ.. كل مَنْ له.. مَنْ له حق ومن عليه حق والواجبات التي على الأفراد، المشكلة هي أن المسلمين فقدوا الراعي والدولة التي كانت تحفز العقول وتدفع.. وتحرك الهمم من أجل إظهار الإبداعات وتحريك العقول، هذه الدولة غابت منذ ما يقارب عن قرن من الزمن، فلذلك نحن فقدنا هذا الجو الذي يحفز هذه الطاقات حتى تبرز وتظهر، لذلك يعني في الإسلام المرأة هي أم وربة بيت وعرض يجب أن يُصان ولها حياتها الخاصة اللي هي يعني تنفصل فيها عن الرجال ولا تجتمع معهم إلا في حاجة شرعية مثل البيع والشراء و.. والاجتماع من أجل الحج، والمرأة لها حق يعني.. لها حقوق كما أن للرجل حقوق ولها.. وعليها واجبات كما أن للرجل عليه واجبات وخصها الله -سبحانه وتعالى- بخصائص معينة دون الرجال، كما خص الرجال بخصائص وخص الأمة كلها في أحكام ولها حق أن تزاول التجارة والزراعة والصناعة وتتولى العقود والمعاملات وأن تملك كل أنواع الملك.

ليلى الشايب: يعني سالم أنت لا ترى يعني أي مانع أو أي حرج في أن تتولى المرأة مهمة الإفتاء، وبالنسبة لك الأهلية هي فقط الحكَم بين الاثنين.

سالم أبو سبيتان: نعم، هي الأهلية والحكم، والذي يجعلها.. يجعلها تعيش هذا الجو ولا تفقده هو وجود الكيان.. النظام السياسي الذي يحفزها ويعطيها هذا الحق، هذا الكيان والنظام السياسي غير موجود، فلذلك نحن نفقد الحكم الشرعي أصلاً، لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" الأمة الآن تفقد هذا الراعي الذي كان يجمع الأمة كلها ويعطي كل ذي حق حقه، يجوز للمرأة أن تُعين في وظائف الدولة وفي مناصب القضاء إلا محكمة المظالم و.. وتولي رئاسة الدولة لا يجوز لها وما يعتبر أي أمر من أمور الحكم لا يجوز لها أن تتولى هذا وارد في النصوص الشرعية منها القطعي ومنها يعني الظني الذي ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

ليلى الشايب: طيب إن كان هناك مجال للتعقيب على كلامك سالم سنعقب عليك.

[فاصل إعلاني]

ليلى الشايب: استمعنا إلى آراء بعض مشاهدينا الأول كان من محمد أحمد [الأحمد] من السعودية، ذكر أنه في تاريخ الإفتاء النسوي لم يرد اسم.. أو لم يرد ما يؤكد وجود مفتية هكذا قالها مفتية، دكتورة أميمة تفضلي.

د.أميمة أبو بكر: لأ أنا لي تعليق إنه هو الحقيقة المصادر مليئة بذكر المفتيات بالتحديد، هو لو كان إحنا بنتكلم على اختلاف النسق إنه دا كان إفتاء حر أم إفتاء منصب مفتي واحد اللي تعينه الدولة دا.. دا أمر إحنا تعرضنا له، لكن وجود المفتيات موجودين في التاريخ وأنا أحب أذكر بس لو تسمحي لي يعني ثلاث أو أربع أسماء بسرعة..

ليلى الشايب: تفضلي.

د.أميمة أبو بكر: موجودة في المصادر، طبعاً إحنا مش هنحول الحلقة لدرس تاريخي، لكن المصادر التاريخية اللي سجلت وقواميس الأعلام بتذكرهم بالتفصيل وبتذكر عملوا أيه، يعني عمرة بنت عبد الرحمن -وهي صحابية في القرن الأول الهجري- تم ذكرها إن هي كانت مصدر لحكم شرعي معين أفتت فيه بمنع بيع الثمار غير الناضجة، وذكرها مالك في الموطَّأ استشهد بها، عندنا أمة الواحد الحسين المحاميدي في القرن الرابع الهجري ذُكر إن هي كانت فقيهة ومفتية شافعية، تخصصت في دراسة الفرائض والحساب والمواريث هكذا ذُكِر، هناك أمة الواحد بنت القاضي بن عبد الله، دي في القرن التاسع الميلادي ذُكِر بالضبط بالنص وأنا دا اقتباس يعني أو استشهاد من المصدر التاريخي يقول: "أنها كانت تفتي مع أبي علي بن هريرة" يعني من علماء العصر، آخر مثل عائشة البعونية وهذه شخصية يعني شهيرة وعالمة الحقيقة مدهشة كانت دمشقية من دمشق وكانت تسافر إلى القاهرة ويستقبلها العلماء والفقهاء ويحتفلوا بها عندما تزور القاهرة، وذكر أيضاً.. ذُكر أيضاً..

ليلى الشايب: يعني قدرتها على التحرك و..

د.أميمة أبو بكر: نعم تمام تمام، ذُكر في ترجمتها بالنص "أنها أجيزت بالفتوى" وغيرها وغيرها كتير.

ليلى الشايب: أجيزت بالفتوى معناه أنه تم إجازتها أو مكافأتها بمنصب المفتي.

د.أميمة أبو بكر: معناه أنها حصلت.. آه حصلت.. طبعاً إحنا قدامنا المصدر بنتكهن..

ليلى الشايب: يعني بعد تجربتها وبعد خضوعها للاختبارات ربما.

د.أميمة أبو بكر: أكيد عن.. عن آه، إن هي كانت مؤهلة، أكيد كان فيه نظام معين بيعطيها إجازة للإفتاء، فهذه الأمثلة موجودة كتير بس إحنا بنقول: اختلف النسق إلى النسق اللي هو مأسسه الإفتاء وتوحيده ومركزيته ودا شيء في التاريخ عمره 300 سنة بس، لكن ما قبل هذا التاريخ كان النظام مختلف بس، لكن ما نقدرش نقول إنه عشان ما كانش فيه مفتي واحد معيناه الدولة يبقى ما كانش فيه.

ليلى الشايب: طيب أستاذة نرجس لديك تعقيب أيضاً في نفس السياق.

نرجس أحمد عمر: طبعاً لدي تعقيب على الأخوين الكريمين اللي حبوا أن يشاركونا في هذا اللقاء الجيد، فيه طبعاً هما اختلفوا الرأيين حد من أيد وحد من رفض، ويعني حاول أن يمحي مسألة فكرة المرأة تاريخياً في الإفتاء، إحنا يعني الأخت الزميلة الدكتورة القديرة قد أفتت وأوضحت لنا في كثير أمور في التاريخ ماذا كان دور المرأة في التاريخ وبالأسماء وبالأدلة بالكتب والمرجعية القانونية.

إحنا الآن نقول، يعني أحب أن أضيف إلى.. إلى.. إلى ذهن المشاهد وإلى ذهن الأخ اللي يسأل إنه الرفض الشرعي مش موجود، إلا إنه هو ما قال إنه لا كانت لا توجد، ما قالش إنه لا يوجد مانعاً شرعياً، ونتأكد مافيش مانع شرعي، نضيف إلى ذلك إن الرسول -عليه والصلاة والسلام- كان يستعين بعائشة زوجته لتفتي في بعض الفتوات اللي يأتون.. لأنه كان النساء في عهد الرسول كانوا أكثر جراءة من الآن، كانوا بيسألن، ففي حديث عن.. قول امرأة أتت إلى الرسول وقالت بمسألة الطهارة، قالت: يا رسول الله كيف أثبت الطهارة حتى أتمكن من الصلاة؟ قال لها خذي قطعة أو قطنة من.. من المسك وتتبعي قطرات الدم، قالت له: كيف يا رسول الله؟ يعني أُحرج الرسول وقال إليك بعائشة حتى أو عائشة أخذت ووضحت لها بعض الأمور وأفتت فيها.

ليلى الشايب: طيب، أستاذة نرجس سنعود إلى هذا الموضوع يعني استعانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في وقته بالنساء للإفتاء في مواضيع تختص بقضايا.. تخص النساء

نرجس أحمد عمر: مواضيع تخص النساء.

ليلى الشايب: دكتورة عائشة يعني كل الحجج والموانع التي تعرضنا إليها يمكن الرد عليها، نصل إلى حجة أنه يعني المؤهلات تكتسب في الصغر، بمعنى حفظ القرآن أو النصوص أو الأحاديث إلى غير ذلك يعني كلها تكتسب في الصغر والعلم الشرعي لا يأتي.. لا يأتي في الكبر، هل تعتقدين أنه في عصرنا الحاضر بكل ما تتيح التكنولوجيا من إمكانيات للحفظ وللرجوع بسرعة إلى آيات و.. وسند إلى غير ذلك، هل ضروري الحفظ؟ وهل يعتبر بالتالي عدم حفظ المرأة للقرآن بأكمله مثلاً أو نصوص طويلة وغير ذلك هل هي عائق فعلاً في عصر التكنولوجيا؟

د.عائشة الغبشاوي: أولاً بالنسبة للشروط اللي.. التي ذكرناها آنفاً عن.. يعني اللي بتأهل الشخص لتولي منصب الإفتاء أو كده، ليس شرطاً هنالك.. ليس هنالك شرط في حفظ القرآن بأكمله ولا حفظ الأحاديث بأكمله، وإنما معرفة المواقع بحيث إنه يسهل الرجوع إليها حين الاستشهاد بها دا المطلوب فقط، بالنسبة للقول بأنه التعلم في الكبر يعني أمر مستعصي أو صعب وكدا، فأنا بأقول إنه هذه القاعدة يعني ليست قاعدة مُسَلَّم بها، ليه؟ لأنه يعني مثلاً إذا حاولنا أن ننظر في حياة الصحابة وفي بداية الدعوة الإسلامية وكده يعني تعلموا القرآن وهم في سن كبيرة، فدي يعني ما.. ما.. ما تعتبر حائل دون المرأة ودون يعني تولي هذا المنصب، أضيفي إلى ذلك إنه إحنا فيه نقطة هامة جداً جداً يجب إنه ننتبه لها إنه يكاد يكون يعني في عصرنا هذا إنه باب الاجتهاد كأنما أغلق، وإنه الأمة الآن أصبحت فكرياً واجتهادياً عالة على السلف، بحيث إنه فيه كثير من القضايا الساخنة التي تحتاج إلى جرأة في الرأي وتحتاج إلى اجتهاد عصري يواكب ما تتعرض له الأمة من تهديدات وبنجد إنه العلماء في صمت تام يعني عن الإدلاء بآراء وما هو رأي الدين الصريح في هذا الأمر، ناحية.

الناحية الأخيرة في هذا الأمر إنه الوسائل التكنولوجية الحديثة سهلت الآن بالنسبة حتى للإنسان الذي ليس له باع في العلوم الشرعية بأن يتوصل إليها بسهولة، يعني مثلاً الواحد لو عايز أي معلومة الآن، يعني حتى يمكن المجاهدات اللي جاهدناها إحنا في إعداد البحوث العلمية الآن تكاد تكون قد انتهت تماماً، فالإنترنت مثلاً وغيره من الوسائل التكنولوجية الحديثة سَهَّلت المعلومة وأصبحت المعلومة تقدم في طبق من ذهب لمن يريدها، فبالتالي لا توجد أي صعوبة تذكر.

ليلى الشايب: لكن دكتورة رغم هذا الجانب الإيجابي يعني لا.. لا زلنا نشعر بشيء من الغرابة عندما نرى مثلاً على شاشة التليفزيون شخص يهم بالصلاة مثلاً ويفتح أمامه جهاز كمبيوتر عبارة عن مصحف و.. و.. ويقرأ منه آية أو سورة، هل يمكن أن يُقبل هذا من مرأة تطمح إلى.. إلى الإفتاء بما.. كل ما تعنيه كلمة إفتاء من.. من.. من معاني ومؤهلات إلى غير ذلك؟

د.عائشة الغبشاوي: ما إحنا لابد من إنه توفر المؤهلات التي ذكرناها، بعد ذلك إذا أحست المرأة بقصور في.. في شيء ما من مؤهلاتها يمكن أن تكمله بما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من مخترعات تستطيع أن تزود..

د.أميمة أبو بكر: الحقيقة الوسائل التكنولوجية لن.. يعني لن تساعد إنسان سواء رجل أو امرأة جاهل في الأصل.

د.عائشة الغبشاوي: جاهل، نعم.

د.أميمة أبو بكر: يعني ستساعد من يعلم، ستسهل وتساعد، ولكن لن تغني عن..

ليلى الشايب: مهمة تذكير فقط ربما، طيب أستاذة نرجس سبقتي منذ قليل بالحديث عن استعانة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعائشة…

نرجس أحمد عمر: صلى الله عليه وسلم.

ليلى الشايب: وغيرها من زوجاته في أمور تتعلق بالمرأة ويجد هو نفسه حرج في تفسيرها أو الإدلاء برأيه فيها، رغم ذلك يعني مجال الإفتاء بالنسبة للمرأة بقي قرون طويلة من مهمات الرجل مما ألحق أو سبب إجحاف في حالات كثيرة في أمور تتعلق بحقوق المرأة نفسها. لأنه الموضوع فيه شيء من.. من اختصاص القضاء -أعود إليكِ دكتورة- في القضايا التي واجهتيها هل هناك ما أثبت.. لا نرجس عذراً، خلطت بين وظيفتيكما، أعتذر.

د. عائشة الغبشاوي: عادي.. عادي ناقشي.. لا.. لا.

ليلى الشايب: هل من القضايا التي مرت عليكِ خلال الـ 25 سنة من الخبرة والممارسة المهنية ما أظهر لكِ ورأيتِ من خلاله بأنه لو كانت المفتي امرأة ربما القضية كانت أخذت مجرىً آخر؟

نرجس أحمد عمر: صحيح. أول ممكن أعطي نبذة في.. بالنسبة لمرحلة القضاء إحنا تجربتنا تقريباً في اليمن تجربة ما نقدرش نقول عنها رائدة بالشكل المطلوب، لأنه فيه أخوات في تونس أيضاً فيه قاضيات، وفي السودان فيه قاضيات، فيه تجربات في المستوى العربي والإسلامي. بالنسبة لتجربتنا نقدر نقول من عام 70 وإحنا عندنا نشأت تجربة.. أي بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني وما شابه من استعمار كانت فيه تجربة، يعني لسنا وحدنا، الآن عندنا 30 قاضية في اليمن، مش بس قاضية واحدة، 30 قاضية بعدد بهذا الحوالي، إلى جانب عضوات في النيابة ويتولين رئاسة نيابة الأموال العامة، اللي هو المدعي الاشتراكي، ويقمن بدورٍ وبجهود طيبة يعني، هذا بس نبذة.

بالنسبة لموقعنا كقاضي في.. في المحكمة أو عضو في هيئة استئنافية طبعاً في الأحوال الشخصية نرى إنه ضرورة وقد أثبتت التجارب إنه مهم جداً، لأن القضايا اللي تأتينا غالباً ما تُرفع من المرأة، لأنه حق الطلاق -كحالة من الحالات اللي تأتي- حق الطلاق لفظاً بيد الزوج، يعني إذا العشرة الزوجية لم تكن حسنة ممكن أن يطلقها بسهولة، يروح عند المأذون الشرعي يتجه ويحصل على.. ويبرئ ذمته ويطلقها، لكن عندما يكون الضرر ينشأ للمرأة.. يعني على المرأة من حقها أن تلجأ إلى القضاء، وفي حالات يعني شرعها القانون، وهو إنه حالات مثلاً حالات طلب الفسخ وحالات الخلع، حالات طلب الفسخ هي مثلاً تأتي عندما المرأة تشعر بالضرر، يعني حالة تطلب الفسخ إنه نتيجة لوجود ضرر، والضرر أنواع، ضرر مادي وأدبي وغيره، مثلاً عندنا في حالة الطلاق وجودنا ضروري مثلاً عندما تكون الحياة الزوجية فيها نوع من العشرة الزوجية اللي لا تستطيع المرأة أن تبيح بها، الحياة.. الأسرار.. الحياة الزوجية أسرار، مشاكل جنسية، مشاكل إيذاء جسماني، مشاكل نفسية تعانيها المرأة، إحنا هنا يأتي دورنا، نجلس بجلسة سرية -طبعاً مغلقة- ونحضر أمامنا المرأة والرجل، وممكن المرأة عندما تجدنا موجودين يعني تبوح في بعض الأسرار..

ليلى الشايب: يعني تتجه… نعم.

د. عائشة الغبشاوي: ترتاح نفسياً.

ليلى الشايب: (….) شجاعة.

نرجس أحمد عمر: وهذا يساعد على إن القضاء يكون أكتر عدل، لأنه التحري والبحث عن الحقيقة من مهمة القاضي، الاجتهاد، يعني حتى يكون يعني عادلاً أمام الله -سبحانه وتعالى- إنه يكون حكمه عادل، لكن لما يكن رجل لوحده صعب، لأنه هناك أسرار صعب أن تبيح بها المرأة.

ضبط دور المرأة في الإفتاء في المجال النسائي

ليلى الشايب: طيب أستاذة نرجس، يعني ما تقولينه منطقي ويستند إلى طبيعة المرأة ربما أو جوانب الخجل التي تمنعها من البوح والإفصاح، لكن رغم إيجابية المناداة بأن تتولى المرأة الإفتاء في مجال المرأة هناك من ينظر إلى هذه المناداة من زاوية أنه المرأة بحكم كل ما نشير إليه ونذكره من قصور جسماني ورهافة إحساس، وغلبة العاطفة عليها غير قادرة على البت في مسائل أخرى شرعية مثل القصاص، مثل الجنايات أو جريمة الشبهة، إلى غير ذلك، يعني الذين يحاولون قصور أو يعني ضبط دور المرأة في هذا أو حصر دور المرأة في هذا المجال النسائي بالذات هل هم منصفون في نهاية المطاف؟

د. أميمة أبو بكر: هو.. هو حصر الإفتاء في مجالات معينة هي خاصة بالنساء..

ليلى الشايب: نسائية.. نسائية.

د. أميمة أبو بكر: طبعاً دا غير القضاء، لأن القضاء إحنا عارفين إنه فيه جدل فقهي على يعني تجوز.. تجوز القضاء فيه.. يعني فيه زي أبو حنيفة أو فيما يخص..

د. عائشة الغبشاوي: جدليات..

د. أميمة أبو بكر: يعني فيه جدل، لكن هو الإفتاء إحنا اتفقنا إنه مافيش مبرر شرعي لا يمنعه ولا يحدد والسوابق التاريخية، أنا هأرجع مرة أخرى بس للسوابق التاريخية اللي أنا حتى ذكرتها إن.. إن..

ليلى الشايب: لكن عفواً دكتورة أميمة.

د. أميمة أبو بكر: نعم.

ليلى الشايب: يعني حتى دكتورة سعاد صالح نفسها التي تشن معركة على جميع المستويات الإعلامية والفقهية والأكاديمية هي نفسها تطالب بأن.. كأنها تقول يا جماعة لو سمحتم فقط اسمحوا لي بأن أمارس عملي في إطار نسائي.

د. أميمة أبو بكر: ما هو..

ليلى الشايب: يعني إذا كانت المطالبة تأتي من المرأة كيف نريد أن يعطيها الرجل أو يفتح باب مجالات أوسع.

د. أميمة أبو بكر: ما هو دا يعني.. ما هو دا في البداية وحتى هذا صعب، يعني وحتى هذا.. يعني المطالبة بس الإفتاء في المسائل النسائية هذا صعب، فهو دا الحد الأدنى، إحنا بنتكلم لو نظرياً أو مثالياً لا يمنع من إن هي تفتي في أمور اقتصادية وسياسية وتجارية و.. يعني زي ما بأقول في التاريخ ورد أمثلة إن همَّ كانوا بيفتوا في أمور، وبالذات تجارية ويعني.. واقتصادية، دا في يعني في.. على المجال.. أو على المستوى المثالي، طبعاً على المستوى التطبيقي والعملي صعب، هي مراحل، إحنا المرحلة الأولى بنبدأ بس بإنه طيب على الأقل في المجالات.. المسائل النسائية.. يعني أنتِ ذكرتِ مثلاً الدكتورة سعاد صالح، لكن لا يمنع إنه هو بعد كده أصل إحنا لسه في المرحلة الأولى يعني، الطريق طويل.

ليلى الشايب: طيب نحن في المرحلة الأولى كما ذكرتي، طيب على الأقل إذا كانت المرأة لا.. إلى حد الآن لم تتمكن من البروز بشخصها كمفتي، لماذا لا نجدها تحضر مجالس الإفتاء مثلاً؟ يعني ذكرتِ دكتورة منذ قليل أنه هناك مجالس إذا عجز الشخص عن الإدلاء برأي يستعين بآراء الجماعة، لماذا لا نجد في هذه الجماعة امرأة؟

د. عائشة الغبشاوي: هو ربما إنه يعود ذلك لأنه تبوُّء هذه المناصب يرتكز على إن يتم تعيين من قِبل الرجال، والرجال.. يحظرون.. يحاولوا.. حظر هذا الأمر بالنسبة للمرأة، لكن أنا أتصور إنه يعني من خلال التجربة الشخصية في مجال الإفتاء الشعبي..

ليلى الشايب: بسرعة لو سمحتِ دكتورة.

د. عائشة الغبشاوي: في مجال الإفتاء الشعبي يعني مثلاً بما معنى إنه المرأة تفتي لبنات جنسها أو تفتي في قضية عامة، هذا أمر متوفر.

ليلى الشايب: للأسف دكتورة، أدركنا الوقت، وأيضاً أستاذة نرجس، والدكتورة أميمة، شكراً لكن.

مشاهدينا، ليس بوسعنا في نهاية هذه الحلقة سوى أن نشكر ضيفاتنا الدكتورة عائشة الغبشاوي (أستاذة الشريعة بجامعة أم درمان الإسلامية في السودان)، والدكتورة أميمة أبو بكر (أستاذة الأدب المقارن في جامعة القاهرة)، ونشكر أخيراً نرجس.. السيدة نرجس أحمد (القاضية في محكمة الاستئناف اليمنية)، إلى أن نلقاكم في الحلقة المقبلة -بإذن الله- لكم منا التحية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.