للنساء فقط

مفهوم الجندر.. دعوة للمساواة أم التماثل؟

منذ ظهوره في توصيات مؤتمر بكين، أثار مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي الكثير من الجدل. حيث اعتبره البعض النموذج الأمثل لتحرير المرأة، في حين اعتبره البعض دعوة لإلغاء الفوارق بين الذكور والإناث. وهل سيؤدي ذلك إلى توفير العدل والمساواة أم إلى تكريس التماثلية والشذوذ؟

مقدمة الحلقة:

ليلى الشايب

ضيوف الحلقة:

د.أميمة كامل: باحثة ومدربة في قضايا الجندر
د.زينب معادي: أستاذ علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني
لينا أبو حبيب: باحثة ومدربة في قضايا الجندر

تاريخ الحلقة:

17/02/2003

– حقيقة مفهوم الجندر وأسباب الغموض المحيط به
– أسباب المواقف المعارضة للجندر من الحركات النسائية

– الجندر والدعوة إلى المساواة والتماثل بين الذكر والأنثى

– خطورة مطالب مُروِّجي الجندر على المجتمعات العربية والإسلامية

– تحليل مفهوم تمكين المرأة بين العربية والإنجليزية


undefinedليلى الشايب: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم.

"لا يولد الإنسان امرأة، إنما يُصبح كذلك" مقولة لم تكن الفيلسوفة الوجودية (سيمون ديبو فواغ) تدري حين ضمنتها كتابها "الجنس الثاني" أنها ستصبح الخلفية الفلسفية الأساسية لدى الكثير من الناشطات المهتمات بالترويج لمفهوم الجندر، والعمل على إدماجه في كافة مجالات الحياة والتنمية، على اعتبار أنه المنطلق الأهم لتجريد جنسي أو جنسي الذكورة والأنوثة من كافة الفوارق البيولوجية أو التاريخية التي يمكن أن تكون سبباً في أي تمييز جنسي بين الرجال والنساء.

ولكن الغموض واللبس الذي أحاط بهذا المفهوم عند ظهوره في وثيقة مؤتمر بكين، والبرامج الدولية اللاحقة دفع الكثير من النساء من مختلف الاتجاهات والحركات النسائية دفعهن إلى محاولة البحث والتعمق في أصول المفهوم وأبعاده الحقيقية، وذلك من أجل اتخاذ المواقف المناسبة من تلك البرامج والتوصيات سلباً أو إيجاباً، ومن ثم ربطته باحثات كثيرات بحركاتٍ نسائية تدعو إلى التماثلية وحتى الشذوذ، وإلى تحميل الميول الجنسية للمرأة أكثر من هوية جنسية، واتهمته بدعوة المرأة العربية إلى بناء حياتها وتحقيق طموحاتها في الحياة من خلال تلبية كل المطالب القائمة على النزعة الفردية بعيداً عن الالتزام بروابط الأسرة والمجتمع، بينما اعتبرت النساء من ناشطات الجندر أن أبعاد المفهوم مجردة تماماً من هذه الاتهامات، وأن الهدف من العمل على توظيفه لا يزيد على كونه سعياً إلى إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة، وذلك من خلال التعامل معها من منطلق النوع الاجتماعي، الكلمة التي أصبحت مرادفة للجندر، وليس من منطلق كونها أنثى من حيث الجنس.

إعلان

للحديث عن مفهوم الجندر، وعما إذا كان يعكس دعوة إلى المساواة أم التماثل نستضيف اليوم في استوديوهاتنا في الدوحة الدكتورة أميمة كامل (الأستاذة المساعدة للصحة العامة بكلية طب جامعة القاهرة) ومن المغرب الدكتورة زينب معادي (أستاذة علم الاجتماع في كلية الأداب بجامعة الحسن الثاني) كما نرحب عبر الأقمار الاصطناعية بالأستاذة لينا أبو حبيب (مديرة مركز الأبحاث والتدريب حول قضايا التنمية). إذن أهلاً بكن جميعاً ضيفات على هذه الحلقة من برنامج (للنساء فقط).

مشاهدينا الكرام، بإمكانكم أنتم أيضاً المشاركة في هذا الحوار بجميع محاوره وأبعاده، وذلك من خلال الاتصال بنا سواء عبر الهاتف على الرقم المعهود (09744888873) أو عبر الفاكس على الرقم (09744890865) أو عبر الانترنت على العنوان التالي: (www.aljazeera.net) وننتظر آراء وأفكار الجميع، ونرحب بالمداخلات من الجنسين.

في محاولة لرفع بعض اللبس والغموض المحيط بهذا المفهوم، وقبل البدء في النقاش أعدت لنا الزميلة إقبال الهامي التقرير التالي من المغرب.

تقرير/ إقبال الهامي: قد يبدو لافتاً أن الصراع المرير الذي خاضته وتخوضه المرأة لانتزاع حق المساواة مع الرجل تحوَّل الآن إلى صراع نسائي بسبب حدة تباين المنطلقات العقائدية والفكرية، ففي زمنٍ يبدو بعيداً سمته الكبرى القوة كانت مهنٌ عدة حكراً على الرجل، أما الآن فإن اكتساح النساء مظاهر التقدم من احتلال مختلف المراتب والخروج إلى معترك الحياة بدَّد الشكوك حول تأثير النوع الاجتماعي أو الجندر في التطور.

مريم الشقري (محامية): المساواة بحسب كفاءة الشخص أيا كان، سواء كان مرأة أم كان رجل، وبالتالي فإنه إذا ما ثبت أو استحق هذا الشخص أي شيء، سواءٌ منصب أو.. بغض النظر عن كونه رجل أو امرأة، فليُمنح ولتعطى له هذه الفرصة بغض النظر عن جنسه، إذن لا يمكننا القول بأنه يمكن أن تؤدي إلى الشذوذ، من يقول بأنها تؤدي إلى الشذوذ فإنه فعلاً هذا فكر فعلاً متخلف.

إقبال إلهامي: التيارات الإسلامية التي ترى دوماً بعين من الريبة والشك المفاهيم الغربية الخاصة بالمرأة تطرح أكثر من علامة استفهامٍ حول الغاية من توظيف مفهوم الجندر في مناحي الحياة المختلفة.

بسيمة خقاوي (حزب العدالة والتنمية الإسلامي): خطورة اعتبار هذه الوظائف وظائف ثقافية، وأنها لا ترتبط بكيان المرأة كامرأة، فهو له مضاعفات على العلاقات الاجتماعية، وأيضاً على أشكال الأسرة كما جاءت بذلك العديد من المطالب في إطار المؤتمرات السابقة، والتي تطالب بتغيير أشكال الأسرة حيث يمكن الحصول على أسرةٍ تتكون من أبٍ وأمٍ من نفس الجنس، وهذا ما يؤكد التماثلية والشذوذ الجنسي في مطالب أصحاب الجندر.

إقبال إلهامي: وأياً يكون الموقف فإن عديدين يدعون إلى تحليل الفكرة الأصل وهي أن تطور الإنسان لم يرتبط بالجنس قدر ارتباطه بالفكر والقدرة على الإبداع مع الحفاظ على منطق الطبيعة في توزيع الأدوار الاجتماعية.

خالد الناصري (محلل سياسي): هذا موضوع لا يستحمل لا المغالاة ولا أي تعامل قد يكون متطرفاً، لأن الموضوع في حد ذاته يستحمل تعامل في.. بكيفية موضوعية، أي أن المغالاة التي قد تؤدي إلى توظيف إما مخالف لما أتت به الطبيعة، وهذا أمرٌ غير مقبول طالما أن النساء نساء والرجال رجال، لكن من جهة أخرى هذا.. هذا التمييز الذي أفرزته الطبيعة وخلق الله بني آدم رجالاً ونساءً، هذا لا يستحمل أن نقول بأن هناك طائفية أو تراتبية بين الرجال والنساء.

إعلان

إقبال الهامي: قد يكون السعي نحو توافقٍ حول توظيفات مفهوم الجندر مثل البحث الدؤوب للنساء عن ذواتهن في مجتمع لا يفتأ يتغير.

إقبال الهامي – (الجزيرة) – لبرنامج (للنساء فقط) – الرباط.

حقيقة مفهوم الجندر وأسباب الغموض المحيط به

ليلى الشايب: إذن الجندر وما أثاره من جدل، وذلك منذ ظهوره لأول مرة في مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة عام 94، حين ذاك -للتذكير فقط- لم يُثر أو لم يلفت الانتباه كثيراً، ولكن بعد سنة فقط إبَّان مؤتمر بكين للمرأة عام 95 عاد للظهور مرة أخرى، وتكرر في النصوص والقرارات 254 مرة، ولكن في سياقات معينة، وللإشارة إلى معاني مختلفة، مرة يشير إلى المرأة، مرة يشير إلى الجنسين، مرة يشير إلى المهام أو الأدوار الموكولة إلى المرأة والرجل في المجتمع، مما جعل العديد من الوفود تطالب بإعطاء مفهوم محدد لكلمة الجندر، نتساءل لماذا كل هذه الإشكاليات، ولماذا كل هذا الغموض حول مفهوم أو كلمة الجندر؟ ولماذا التهرب أيضاً من إعطاء تعريف محدد؟ دكتورة أميمة، لماذا كل هذه الإشكالية؟

د. أميمة كامل: حقاً مشكلة المصطلح ومعنى كلمة الجندر الحقيقة أنها إشكالية كبيرة، و.. واللغة العربية بالرغم من ثرائها وقدرتها على استيعاب اللغات الأخرى فشلت في إيجاد معنى لهذا المصطلح، حتى كلمة النوع الاجتماعي هذه الكلمة أثارت الكثير من اللبس و.. وأحاطت المصطلح بغموضٍ أكثر، كلمة النوع الاجتماعي عندما يسمعها المستمع يرد إلى الذهن أنه اختلاف في الفوارق والطبقات الاجتماعية، لا يرد إلى ذهنه إطلاقاً معنى الذكورة أو الأنوثة، إطلاقاً. والحقيقة أنه لا يمكن ترجمة هذا اللفظ، لأنه ليس.. ليس لفظاً ليس مصطلحاً، إنما هو يعبر عن فلسفة أو منظومة بلغة أبسط حتى نستطيع يعني المستمع العادي يفهمنا، مجموعة.. مجموعة متكاملة من القيم، هذه القيم تعتبر غريبة على مجتمعنا العربي والإسلامي، فهذه الفلسفة تهدف في النهاية، ونجردها هكذا بتهدف إلى إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة، حتى الفروق الطبيعية والتشريحية والبيولوجية، وهذا الأمر يعني غير مقبول إطلاقاً، وهذه الكلام ليس من بنات أفكارنا وليس ادعاءً على الجندريات أو ناشطات الجندر أو منظِّري الجندر. فيه.. فيه.. لدينا في بعض كتاباتهم كتابات الناشطات الجندريات في كتاب "جدلية الجنس" نجد أن كاتبة هذا الكتاب تقول بالنص: "إن فكرة الطبيعة لا تعبر عن قيمة إنسانية ذات بال، لأن الإنسانية بدأت تتخطى الطبيعة"، معنى هذا الكلام أن الفوارق التشريحية والفسيولوجية والوظيفية، والفروق بين الهرمونات ووظائف الأعضاء بين الرجل والمرأة لم تعد ذات قيمة، يمكن تخطيها، بل يمكن التغلب عليها واعتبارها هامشية، وكيف يكون هذا؟ كيف يكون هذا؟ ونحن في مفهومنا و.. في مفهوم العلماء والعقلاء على مدى التاريخ أن هذه الفوارق ليس علامات على الدونية، ليست وجود الهرمونات الأنثوية علامة على الدونية وأن المرأة أقل من الرجل في التفكير أو في العلم أو في القدرة على اتخاذ القرار، إنها ملكات أو مميزات وتهيئة ربانية من الله -سبحانه وتعالى- حتى تقوم بوظيفة، التي لا.. لا أسميها وظيفة، إنها تقوم برسالة، هذه الرسالة تتناسب.. تؤدي إلى بقاء البشرية واستمرار البشر في هذا الكون..

ليلى الشايب: دكتورة.. نعم.

د. أميمة كامل: فطبعاً يعني ليست القضية ليست كلمة، إنها منظومة.

ليلى الشايب: طيب دكتورة زينب، سألت لماذا كل هذه الإشكاليات؟ ومنذ عام 95 إلى حد الآن، يعني حوالي 8 سنوات، هل تم التوصل إلى تحديد معنى معين أو مفهوم معين للجندر؟

د. زينب معادي: أولاً اسمحي لي أرجع إلى موضوع لماذا يحاط المفهوم بنوع من الإثارة والتحفظ أحياناً والقبول والرفض، أنا في الحقيقة بدوري أتساءل الأمر يتعلق بمفهوم، أي بأداة تحليلة كما يقول مستخدموه (Outil analytique) عادةً عندما نتعامل مع المفاهيم نتعامل معها كأداة، فنقول هل هي ناجعة لتحليل الموضوع الذي أحلله، مجال عملي أم غير ناجعة؟ هل أعيد بناءها، أفككها، أضيف إليها أبعاداً جديدة؟ وفعلاً في المجال الذي ظهر فيه الجندر.. مفهوم الجندر كانت هناك نقاشات علمية حول المفهوم انطلاقاً من تفكيكه، تطعيمه، إلى غير ذلك، انطلاقاً من نسويات الـ (Post) والنسويات الجديدة New feminism و(Post modernism) أي نسويات ما بعد الحداثة، ففي دراستهم هناك نقاش للمفهوم. أنا أثير هنا هذا الأسامي لأنه ناقشوا المفهوم من وجهة نظره كأداة تحليل. أعتبر أن النقاش في الغالب وخصوصاً في العالم العربي النقاش المحيط بمفهوم انفعالي ينطلق من مواقف مسبقة، خصوصاً وأنه يتعلق بمنطقة موجعة، منطقة مؤلمة في العالم العربي هي مسألة العلاقة بين الجنسين، دائماً وكل ما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين يُحاط عندنا.. يكون هناك استنفار بأي شكل من الأشكال، والمظاهرات.. التظاهرات التي رأينا الآن صور عنها تظاهرة البيضاء وتظاهرة الرباط كانت استنفار ضد خطة لا أدخل الآن في تفاصيلها، خطة اتهمت بأن.. لكن اتهمت بأنها منطلقة من تصور جندري، بين مزدوجتين، فأنا أظن -ونحن نتحدث.. ونحن الآن ننطلق.. نتحدث من قناة عربية- علينا أن نتساءل هل نحن مستعدون في العالم العربي لطرح موضوع العلاقة بين الجنسين على مستوى المكانات والأدوار الاجتماعية بموضوعية علمية لنتجاوز إشكالية التنمية، أم نحن مازلنا مصرين على أن نغرق في التلويح بتوظيفات أيديولوجية وسياسية، وأستخدم هنا قول إحدى الناشطات في المغرب بتقديم صفعات سياسية بعضنا البعض، أي هناك ناشطة قالت بأن تظاهرة البيضاء كانت صفعة سياسية.

إعلان

[فاصل إعلاني]

أسباب المواقف المعارضة للجندر من الحركات النسائية

ليلى الشايب: حاولنا في الجزء الأول من هذه الحلقة التوصل إلى تعريف لهذا المفهوم، وحاولنا الكشف عن أسباب الغموض التي تحيط به. مفهوم الجندر.. نتحول إلى.. إلى بيروت الآن والدكتورة.. السيدة لينا أبو حبيب، سيدة لينا، يبدو أن تيارات نسائية كثيرة تنصلت من هذا المفهوم أو تيار الجندر، ولديَّ مقولة أو استشهاد أقتطفه من كتاب "من سرق النسوية" لـ (كرستينا سومرز) التي تقول فيه: "إن تيار الجندر استلب مفهوم الحركة النسائية التزامها القانوني والأخلاقي تجاه تحقيق العدل والمساواة بين الجنسين، بما لا يتعدى العدالة والكرامة للنساء من خلال الحقوق والفرص المتساوية بين الرجال والنساء في كل المجتمعات". انتهى الاقتباس، سؤالي كيف نفسر هذا الموقف من زعيمات الحركات النسائية التقليدية أنفسهن من خطاب الجندر وتيار الجندر ككل؟

لينا أبو حبيب: ok. أولاً مساء الخير.

ليلى الشايب: مساء النور.

لينا أبو حبيب: بدي بس أعود للي قالته الدكتورة زينب لأنه بيفسر.. بيفسر سؤالك. إذا سلَّمنا إنه الجندر هو أداة تحليلة ليسمح لنا أن نفسر العلاقات بين النساء والرجال وتداعيات ها.. هذه العلاقات من ناحية توزيع الأدوار، توزيع الموارد وتوزيع السلطة. إذا انطلقنا من ها.. من ها.. من ها الفكرة نجد إنه هنالك مواقف متعددة من الجندر حسب القيادات.. الحركات النساوية اللي هي متعددة. الجندر كأداة ممكن.. هنالك من قال إنه ميَّع الحركة النسوية، وهناك من قال إنه هو نوعاً ما صورة جديدة للحركة النسوية لتقديمها بقالب جديد، وإنما هي.. يعني نتكلم عن نفس الحركة النسوية القديمة، فبالتالي يعني ليس هنالك بأعتقد أي علاقة بين الاتنين، إن الجندر هو فقط أداة تحليلة فقط تسمح لنا أن نفكر بالنساء والرجال علاقتهم بين بعضهن، ما الذي يحدد ها.. ها العلاقة؟ وشو نتائج هذه العلاقة؟ وكيف يمكن أن نخلق توازن؟ فبالتالي أنا لا أرى بعكس قد يكون عديدة، لا أرى إنه هنالك نتيجة من الجندر يا اللي هي بسلب شيء معين من حركة.. مدرسة معينة من الحركة النسوية.

ليلى الشايب: لكن سيدة لينا، يبدو أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل عدد المعارضين يتزايدون، ولهم حجج في ذلك. مثلاً يتهمون تيار الجندر بأنه ينزع إلى الفردية، ويعامل المرأة على أنها كائن فردي بدعوى أنها يعني حرة الإرادة، إنسان بإمكانه أو من حقه أن يتصرف في نفسه في جسده بعيد عن أية روابط، سواء كانت الزواج أو الأبناء أو الأسرة، أو المجتمع ككل، ألا يعتبر مثل هذا.. يعني مثل هذا المفهوم أو من هذه الزاوية تحديداً إخلال بالسنن الكونية والطبيعية وبالقوانين الاجتماعية عامة؟

لينا أبو حبيب: كمان لا أعتقد ذلك، لأنه عندما أتكلم عن الجندر نتكلم عن فهم العلاقات بين النساء، وليس عن سلخ فئة عن فئة أخرى، إنما عن تحقيق توازن بعلاقة معينة، أنا لا أعتقد إنه إذا حققنا توازن بالعلاقات داخل العائلة، والعديد من الدراسات حول الجندر أو التدخلات هي لتحقيق ها التوازن بقلب العائلة، هايدا لتحسين وتمكين العائلة مش للدعوة إلى تفكيكها، بالعكس يعني الموضوع.. الجندر كمقاربة هو مقاربة لتحليل ها الروابط وجعلها أكثر عدالة، وجعلها أكثر مساواة، وليس لتفكيكها، لاستعمال نفس المعايير ضمن العائلة الواحدة، مثلاً إذا أخذنا موضوع التفضيل في موضوع التعليم، عندما نتكلم عن الجندر نقول إنه في نفس العائلة للابن و.. والبنت نفس الحق في التعليم، وإنه.. فبالتالي هو توازن وليس.. وليس..

[موجز الأخبار]

ليلى الشايب: دكتورة زينب، أجريت الكثير من الدراسات والبحوث حول هذا البرنامج.. الموضوع، من حيث التصنيف تصنيف مفهوم الجندر أو تيار الجندر، هناك من يصنِّفه ضمن تيار النيوماركسية، بمعنى أنه يعني يقترب من النيوماركسية من حيث أنه ينزع نحو ليبرالية أكبر، ويقترب من النسائية الماركسية، ويلتقي في الفلسفة الماركسية فيما يتعلق بمفهوم الصراع، هنا.. الصراع بين المرأة والرجل، ويلتقي أيضاً مع الماركسية من حيث الدعوة إلى هدم الأسرة، باعتبار أنها -في نظر (ماركس)- إلى جانب الدين هي من أهم المعوقات التي تقف أمام تطور المجتمعات، أيضاً تدعو إلى إلغاء الطبقية الجنسية بين المرأة والرجل. سؤالنا ما مدى دقة هذا التصنيف؟

إعلان

د. زينب معادي: اسمحي لي أرجع إلى أصل المفهوم. أول من استخدم المفهوم أنثروبولوجي تسمى (آن أُوكلي) واستخدم.. استخدمته أساساً لتميز بين بُعدين، الفوارق البيولوجية بين الرجال والنساء، وتُرسم هذه توحي إلى.. إلى الجنس تتعلق.. الفوارق بين الأعضاء الجنسية، يعني الرجل رجل والمرأة امرأة، و.. وكل ما يُقال على أن مفهوم الجندر يُلغي الفوارق البيولوجية خطأ، و.. وتقول أن كلمة جنس تحيل إلى الفوارق البيولوجية بين الذكور والإناث، وإلى الفرق الظاهر بين الأعضاء الجنسية، أما النوع فإنه مسألة ثقافية، يعني أن.. لأنه تعوَّدنا عادة على أن نُرجع كل أشكال التمييز (Discrimination) بين النساء والرجال إلى أنها طبيعية، أنها تستجيب للطبيعة، فالمفهوم جاء لكي يؤكد أن كل تلك البناءات الثقافية ليست مؤسسة على الطبيعة وإنما مؤسسة مبنية اجتماعياً، ومن هنا تختلف تاريخياً أي عندما نقول عندما نتحدث عن مفهوم الأنوثة أو الثقافة ليس مفهوم الأنوثة البيولوجي ولا الذكورة -عفواً- البيولوجي، وإنما مفهوم الأنوثة كما رُسم ثقافياً، يعني إحنا نعرف أن هناك.

ليلى الشايب: ترسبات ثقافية..

د. زينب معادي: يعني الأنوثة في زمن ما كان معناها.. كان معناها أن المرأة لا تتعلم، في عصر ما، وهذا مررنا به كان دخول المرأة.. مثلاً في القاهرة دخول المرأة إلى الأزهر كانت إشكال، أي الأنوثة كانت مرادفة للجهل، عدم التعلم، فالآن طبعاً الصورة زالت يعني هذا الوصف والخصلة من خصائص الأنوثة لم تعد مرتبطة بالأنثى، في فترة ما مثلاً كان العمل مش ممكن، لا يمكن أن تعمل المرأة، يعني هناك أدوار وخصائص وتمثلات تضفى على الإناث وعلى الذكور عبر العصور عبر المجتمعات وتتغير، هذا هو الذي يتغير، هذا هو الذي يُتحدث عنه على أنه تغيير مفهوم الأنوثة وتغيير مفهوم الذكورة، لكن تغيير الأنثى.. الأنثى البيولوجي…

ليلى الشايب [مقاطعة]: دكتور زينب، كي نبسط أكثر منا، ما معنى صفات عبر الزمن وعبر السنوات تضاف إلى الذكر والأنثى وتغير نوع أو جنس الكائن، كائن بشري يقف.. في الحقيقة؟

د. زينب معادي: أعرف أن من.. أن من هنا يكون إشكال، لكن هنا ينبغي أن نميز بين ما هو الطبيعي وما هو ثقافي، ما هو الطبيعي؟ المرأة مرأة والرجل رجل، ما يكشف عنه التشريح الفسيولوجي، دا شيء طبيعي لا يمكن أن نتحدث عنه، لكن ما هو ثقافي يتغير، والدراسات الإنثربولوجية أكدت لنا أن هناك مثلاً أدوار كانت تقوم بها النساء لم تعد تقوم بها، أو لم تكن تقوم بها وأصبحت تقوم بها، أدوار اجتماعية، مثلاً: تنظيم الحياة اليومية تنظيم الحياة الاجتماعية، ارتباط مثلاً بالعمل، ارتباط الثقافة، حسب كل ثقافة، ينبغي أن نأخذ ثقافة معينة لنتحدث عنها، مثلاً: هناك وظائف لم تكن تقوم بها المرأة، الآن.. كانت حكراً على الذكور، الآن أصبحت ترتبط بها المرأة، قيادة الطائرات، قاضية -كما حصل الآن في مصر بعد جهد جهيد- يعني هناك أوصاف إضفاءات اجتماعية، يعني ليست من الطبيعة، فهي مفهوم الأنثى..

ليلى الشايب [مقاطعاً]: ولكن دكتورة زينب وأيضاً دكتورة أميمة، الخطير أو الغريب ربما في..

د. زينب معادي: هو الخلط.. هو الخلط.

الجندر والدعوة إلى المساواة والتماثل بين الذكر والأنثى

ليلى الشايب: في مفهوم، الخلط وحتى الدعوة إلى إلغاء الفوارق الطبيعية بين الجنسين..

د. زينب معادي: عفواً.. عفواً..

ليلى الشايب: كيف يُعقل هذا؟ يعني في أشياء مثل الحمل والولادة والنفاس وانقطاع الحيض في فترة معينة من سن المرأة يعني ما يسمى بسن اليأس…

د. زينب معادي: لو.. لو تسمحي.

ليلى الشايب: هذه كلها من مميزات المرأة، ربما من أهم أدوار المرأة، كيف يمكن تجاهل كل هذه الخصوصيات.

د. زينب معادي: لو تسمحي بدقيقة من فضلك هو فيما يتعلق ما تقولينه الآن..

ليلى الشايب [مقاطعة]: دعيني، عفواً، دكتورة زينب، دكتورة أميمة طبيبة وربما تستطيع أن تجيب على هذا السؤال.

د. أميمة كامل: هو حقاً فكرة أن هناك أدوار اجتماعية أو بعض المهام التي تناط بالمرأة بيفرضها عليها المجتمع هذه القضية موجوة ولكنها يعني قضية مُفتعلة، لماذا؟ لأن يعني منذ.. في عصور الازدهار وفي العصور الصحوة كانت المرأة مثل الرجل تماماً في.. في الأمور.. في أمور التفكير واتخاذ القرار وفي أمور التعبير عن الرأي هذه الأمور مكفولة، وهذا حق كفله الله -سبحانه وتعالى- للرجل والمرأة، أما في عصور التخلف بدأت المرأة تختفي داخل المنزل وتتغطى داخل أستار كثيفة، وهذا لا يرجع..

د. زينب معادي [مقاطعة]: وهذا هو التغير الثقافي.. وهذا التغير الثقافي.

د. أميمة كامل [مستأنفة]: لا يُرجع إلى.. وهذا التغير لا يُرجع إلى المشكلة الموجودة في الدين أو في التدين أو في الالتزام إلى آخره..

د. زينب معادي [مقاطعة]: ما علاقة الدين..؟

د. أميمة كامل: إطلاقاً، القضية هنا..

ليلى الشايب [مقاطعة]: سألتكِ ما علاقة الدين.. ما علاقة الدين بالموضوع؟

د. أميمة كامل: لأن كتير من.. كثير من المحللين وكثير من المنتقدين يصفون هذه الصفات، التراجع، الاختفاء، التقوقع، يرجعوها على أسباب دينية وهي ليست.. لا ترجع لأسباب دينية إطلاقاً، إنها ترجع إلى أسباب موروثات أو إلى نتيجة ضمور الوعي بأهمية دور المرأة وأهمية أدائها في المجتمع وفي تطوره وفي نموه، يعني ولكن أنا أعود مرة أخرى إلى أقوال الجندريات وأقوال الناشطات وكتبهم وكتاباتهم اللي هي تعبر..

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب، من بين هذه الأقوال..

د. أميمة كامل: تعبر عن فلسفتهم..

ليلى الشايب: دكتورة أميمة، بالفعل..

د. أميمة كامل: فلا أستطيع.. لا أستطيع على الإطلاق أن أتجاهلها، لأنه قد يكون هذه هي الواجهة الجيدة أو الواجهة الجذابة، نحن نريد أن.. أن نساوي بين الرجل والمرأة، نريد أن نفرق بين الأدوار إلى قيم المجتمع للمرأة وبين الفروق.. الفروق الطبيعية، لكن في الحقيقة عندما نرجع إلى أقوال الجندريات أو الناشطات، وهذه الأقوال لا تدل.. ليست عفوية وليست موضوعة هكذا، وليست سقطة لسان ولا..

ليلى الشايب [مقاطعة]: أقتبس مرة أخرى -دكتورة أميمة- بعض من مقولات للجندريات، مثلاً (شولامين فايرستون) في أحد كتبها تقول -ما معناه -إنه لابد من ثورة المرأة عن طريق تحكم المرأة الكامل بالمسألة الإنجابية، هذه الثورة ستعمل- كما تقول (فايرستون)- على إلغاء أي قول بالتميز القائم على الجنس برأيها الفارق البيولوجي لم يعد له أهمية إلى غير ذلك.

د. أميمة كامل: بالضبط هذه الأقوال..

ليلى الشايب: والتميز القائم على الطبيعة إلى غير ذلك، السؤال: هل يمكن التعامل المطلق يعني مع الرجل والمرأة من منطلق النوع؟ بعبارة أخرى: هل يمكن أن نرى المرأة مثلاً تعمل في الحدادة أو عاملة بناء في درجات حرارة وبرودة قصوى، وتعمل في. تحت الأرض في.. يعني أماكن أو أعمال تتطلب جهود أو بنية جسدية معينة المرأة لا تتوفر عليها ولم تمنح إياها؟

د. زينب معادي: لأ أرجوكي.. أرجوكي أنا أرجو أن نرجع إلى المفهوم بأننا أنا باحثة والآنسة تقول.. السيدة الدكتورة أميمة تقول: جندريات وهناك من يعتبر أن هناك عقيدة اسمها الجندر، أنا لا أتعامل مع المفهوم بهذا الشكل، نحن.. نحن لا نتعامل مع المفهوم بهذا الشكل، نحن.. نحن لا نتعامل مع شيء اسمه عقيدة أو اتجاه، نتعامل مع مفهوم، والسؤال المطروح: هل هذا المفهوم يمكن أن يكون ناجعاً؟ أنا هذا هو السؤال الذي نريد أن نجيب عنه في هذا البرنامج: هل هذا المفهوم باعتبار أن الصفات.. الصفات الاجتماعية والتمثلات التي تميز بين الذكر والأنثى على مستوى الأدوار وعلى مستوى المكانات هل هذا.. هل هذه الصفات طبيعية؟ أي يعني مرتبطة بالخصائص البيولوجية أم أنها تضاف؟ وهذا أساساً هو الموضوع الذي يُطرح من خلال مفهوم النوع.

ليلى الشايب: والسؤال.. والجواب..

د. زينب معادي: أنا أسأل من يتحدث عن الجندر على أنه عقيدة وعلى أن هناك جندريات وعلى..، الشحنة الانفعالية المرتبطة بالحديث عنه، فينبغي أن.. أن نزيلها، ينبغي أن نسأل: هل نحن بصدد تحليل قضايا، وخصوصاً أن ما أعرفه هو أن هذا المفهوم أو الأداة التحليلية تستخدم الآن في مجالات التنمية، ها الخروج من التخلف وجعل المجتمع يستفيد من مشاريع التنمية، ينفع فيه هذا المفهوم أم لا.

ليلى الشايب: طيب دكتورة..

د. زينب معادي: هل التمثلات التي..

ليلى الشايب [مقاطعة]: دكتورة زينب -عفواً- سألتك سؤال واضح وهو: هل بالإمكان التعامل مع الرجل والمرأة من منطلق يعني التعامل المطلق معهما على أساس النوع البحت؟ سألتك ويعني.. اقترحت عليكِ أعمال ربما ليس بمقدور المرأة أن تمارسها هل بإمكان..

د. زينب معادي: لأ، هو المسألة مسألة المهن التي.. هناك تقسيم للمهن على مستوى التاريخ هناك مهن كانت ذكورية والآن أصبحت تقوم بها المرأة، هناك مهن مرتبطة أو تستطيع المرأة أن تؤديها أكثر، هذا.. مسألة استعداد وقابلية، عندما أنا.. ما أريده أن أضع عليه علامة استفهام هو أننا عندما نريد أن نضع (….) نأتي.. نتحدث عن مهنة صعبة، ونتساءل هل يمكن أن تقوم بها المرأة، ولكن ألم نتساءل عن الجهد الذي تبذله المرأة القروية مثلاً، والمرأة عموماً، أليس أكثر من الحدادة؟ ألا نجد بأن المرأة القروية تشتغل من الصباح إلى المساء في كل مناطق العالم العربي ولا تجد حتى الوقت للراحة، لا تعرف شيئاً اسمه الراحة، لا تعرف حتى شيء اسمه الفرح، أي.. أنا قمت ببحث مجال في منطقة قروية، بحيث.. عندما سألت النساء هل ترتحن؟ هل وشكة ترتاحي؟ وشكة على (…)؟ قالت لي امرأة: هذه هذا كيس بخمسين كيلو، إذا لم أحمله أنا

ليلى الشايب: من سيحمله؟

د. زينب معادي: مَنْ سيحمله؟ وإذا ما لم أحمله أعضه؟ إذن هل..

ليلى الشايب [مقاطعة]: أين زوجها يا دكتورة؟

د. زينب معادي: هل كيس خمسين كيلو أسهل من الحدادة؟

ليلى الشايب: وزوجها أين هو؟

د. زينب معادي: يعني. أنا أظن ينبغي أن نخرج من إشكاليات مفتعلة وأن نتساءل عن واقعنا والأدوات المنهجية لتصويب.. مباشرة

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب إذا.. إذا أمكن.. إذا أمكن نتجاوز هذه النقطة، الخصائص الفسيولوجية..

د. زينب معادي: أظن.. أظن أحسن.

ليلى الشايب: والبيولوجية، الأستاذة.

د. زينب معادي: لأن هذه مجرد خلافات، وأريد أن أؤكد لك، متى ما كان هناك مسألة موجعة بسرعة نلصق بها إما الشذوذ وإما التماثل، لأنه هناك..

ليلى الشايب: سنصل تحديداً إلى هذه النقطة..

د. زينب معادي: لا أقول إلى أن..

ليلى الشايب: أوجه السؤال إلى الأستاذة لينا..

د. زينب معادي: هذه تقنية معروفة..

ليلى الشايب: عفواً دكتورة

د. زينب معادي: هذه تقنية معروفة في العالم العربي.

ليلى الشايب: دكتورة تهربتي من السؤال على فكرة دكتورة زينب، أستاذة لينا في بيروت، مثلاً (فاليري ريموند) وهي من الوفد الكندي الذي حضر مؤتمر بكين تقول: إنه من خلال عدسة الجندر يصبح تحديدنا أكبر بتنوع وضع المرأة بما فيه ميولها الجنسية، فهذه الكلمة يعني الميول الجنسية تعني أن هناك أكثر من هوية جنسية، ربما يعني يؤدي بنا هذا القول إلى فهم أنه هذه الرؤية تفتح الباب للتشريع للمثلية لمن لا تتبع ميولهم لا الأنوثة ولا الذكورة، ما.. ما تعليقك على هذه النقطة بالذات؟ هل الجندر بالفعل يروج للمثلية الجنسية؟

لينا أبو حبيب: أعود لنفس النقطة، وهي إنه الجندر ليس أداة للترويج وليس عقيدة وليس فكر أو فلسفة، هو أداة للتحليل، ليسمح لنا أن نسأل بعض الأسئلة حول واقع مجتمع معين يعني أن نسأل من يقوم بأي عمل ولماذا يكون توزيع العمل بها الشكل؟ من له الحق في مورد معين ولماذا له ها الحق أكثر من غيره؟ كيف يمكن أن نتوصل إلى توازن في الأعمال وفي الحقوق وإلى آخره، ونتطرق إلى تحليل علاقات، وكما قلنا في الأول هي علاقات بين النساء كفئة والرجال كفئة، فبالتالي لا أرى ضمن ها التعريف وضمن المنطلق إنه الجندر أداة تحليلية، إطار تحليلي. لا أرى الآن كيف.. كيف بتودينا إلى موضوع المثلية، بغض النظر هناك العديد عندهم كتابات، ولكن هنالك كتابات من ناشطات من المنطقة العربية، من الجنوب وإلى آخره، يا اللي هي تتخذ منظور مختلف، فبالتالي طالما الجندر ليس.. ليس.. أو بالنسبة لإلنا على الأقل ليس للترويج وليس فكر معين وإلى آخره، لا أرى كيف يؤدي إلى موضوع المثلية التي يتكلم عنها البعض.

خطورة مطالب مُروِّجي الجندر على المجتمعات العربية والإسلامية

ليلى الشايب: لكن أستاذة لينا تصرين على أن الجندر ما هو إلا وسيلة أو أداة تحليلية، ولكن عندما تتحول مطالب من يعتنقون هذا التيار أو مداخلاتهم في المؤتمرات إلى مطالب يصرون على تحقيقها وإدراجها في مقررات هذه المؤتمرات، هنا نتساءل إن كان مجرد عقيدة، أم كان مجرد أداة تحليلية ونتساءل أكثر عن مكمن الخطر على ثقافات وحضارات دول تشارك في مثل هذه المؤتمرات أمام مفاهيم غريبة وحتى معتبرة من قبيل الحرام في دينها وفي ثقافتها.

لينا أبو حبيب: أنا بأعتقد إنه فيه مكامن خطر في أي شيء، لا يمكن أن نكون محصنين من.. من هذه الأخطار، ولكن لماذا لا ننظر إلى ماذا يعني.. يعني أعود وأؤكد اللي قالته الأستاذة زينب، إلى أهمية أو فائدة ها الإطار في بلداننا نحنا وضمن بيئتنا نحنا، هل نحن.. هل ها الإطار سيساعدنا إلى فهم هذه العلاقات وفهم عدم التوازن بيناتنا؟ هل يجب أن نطور أطرنا الخاصة وهنالك يعني العديد من التجارب لتطوير أطرنا المحلية لفهم هذه.. هذه العلاقات، فيعني أعود وأؤكد إنه نعم كل شيء يحمل خطر.. يحمل خطر معين التحصين يأتي منا نحنا ومن إدراكنا أولاً وعينا لهمنا الأول..

ليلى الشايب [مقاطعة]: لكن أستاذة لينا الخيار..

لينا الحبيب: هو تحسين وتمكين العلاقات..

ليلى الشايب: الخيار ليس دائماً مُتاح يعني عندما تُلزم الوفود المشاركة بالتصديق وتطبيقاً للقرارات هنا يصبح الخطر ماثل، فعلاً مادمنا في لبنان مشاهدينا وضيفاتنا أيضاً وللتعرف على بعض الآليات التي توظفها ناشطات الجندر للترويج للمفهوم، أعدت لنا الزميلة بشرى عبد الصمد التقرير التالي عن مركز النوع الاجتماعي في بيروت.

تقرير/بشرى عبد الصمد: قد يكون الهدف الأول الذي دفع إلى إنشاء مركز النوع الاجتماعي في بيروت كما في أماكن أخرى من عالمنا العربي هو الفهم الملتبس للجندر النوع الاجتماعي أو لعدم قدرة هذا المفهوم على اختراق اللغة التي تحيط بالمرأة.

د. فهمية شرف الدين (باحثة في مركز النوع الاجتماعي): في الالتباس وتعميم الالتباس عن سوء نية، لأنه هو مش هيك، بالعكس هو النوع الاجتماعي كما عُرِّف: هو عملية دراسة العلاقات المتداخلة بين الرجل والمرأة في المجتمع، وهو يميز بين الدور الطبيعي فيعتبره طبيعي، يعني الدور الإنجابي. كون المرأة مرأة وكونها أنثى، هذا معطى طبيعي ويعتبر إنه المعطيات الأخرى هي معطيات غير طبيعية، مثل دور المرأة، مثل كل ما يحيط بالمرأة من الكلام حول الصفات والأفعال ولماذا ما.. ما تصلح له أو لا تصلح له.

بشرى عبد الصمد: والمعطيات الأخرى غير الطبيعية تبقى متبدِّلة وقابلة للتغيير، لذا يركز مركز النوع الاجتماعي من خلال نشر هذه المعرفة على تمكين المرأة من إعادة الثقة بنفسها وأهمية مشاركتها في صنع القرار، وهذه مسألة يرى المركز أنها ليست نسائية فقط لذا تم اختيار فئة محددة للعمل.

د. فهمية شرف الدين: الفئات المستهدفة كانت النساء.. كانت عفواً الجامعات والهيئات النسائية والنقابات المهنية، وحتى في الجامعات ابتدأنا بالطلاب، بالطلاب الجامعيين وطلاب المدرسة الثانويين، لأن هم بنعتبر إن هم اللي هيحملوا الأفكار الجديدة لإعادة تنظيم المجتمع على أساس المساواة بين المرأة والرجل.

بشرى عبد الصمد: ومع الإقرار بصعوباتٍ سياسية ودينية في التحضير وإقامة ندوات وورشات العمل في بعض المناطق أو الجامعات، فاللافت -كما يؤكد منسقو العمل -هو التقبل الطبيعي للجندر على مستوى الطلاب.

نايلة المصري (منسقة في مركز النوع الاجتماعي): تبينا الطلاب الثانوية والجامعيين خاصة على علم بما هو النوع الاجتماعي، على علم بالأدوار يا اللي تقوم فيها المرأة، على علم بكل ها الأشيا هذا، إنما مواضيع هي تحت قوسات مفهوم النوع الاجتماعي، يعني كانوا.. كان كتير سهل التعامل معهم، أكيد بالمدرسة.. بالمدرسة الثانوية وصلت بالمفهوم لدرجة استيعاب ها.. التلميذ.

بشرى عبد الصمد: ولا يتوهم المؤمنون بالمساواة بين المرأة والرجل وبكل ما يتصل بالجندر بسهولة العمل على تعميم هذه الثقافة على مستوى المجتمع، فهذه مسألة سوف تحتاج بالطبع إلى وقت وعمل مركز ومتأنٍ.

صعوبات كثيرة يصطدم بها منسقو صعوبات كثيرة يصطدم بها مسنقو العمل في مركز النوع الاجتماعي، الأساسي فيها يبقى في إزالة الغموض الذي يحيط بهذا المفهوم، ويدفع بشرائح عدة إلى محاربته أو رفضه.

بشرى عبد الصمد- لبرنامج (للنساء فقط)- (الجزيرة)- بيروت.

ليلى الشايب: كنا مع الأستاذة لينا أبو حبيب وتحدثنا عن الرؤية الجديدة التي تفتح الباب للتشريع للمثلية، أستاذة لينا قلت: أنه لا خطر من مثل هذه الدعوات والمجال يبقى مجال اختيار بالنسبة لمن يشارك في المؤتمرات بالتصديق أو عدم التصديق، لكن عندما يصادفنا رأي يقول إنه الأسرة يمكن أن تكون متعددة الأشكال ويجب التخلي عن المفهوم التقليدي للأسرة التي نعرف -إلى حد الآن على الأقل- بأنها تنبني على الأم والأب والأطفال، يجب التخلي عن هذا المفهوم التقليدي وأنه يمكن أن يكون لنا أكثر من شكل يصل العدد إلى ستة أشكال، نسأل: كيف نفسر احتواء وثائق الأمم المتحدة على مثل هذه المطالب ونسأل أيضاً عن ردود فعل دول مثل الدول العربية والإسلامية التي يعني يختلف واقعها عن واقع دول أخرى -دول غربية تحديداً- كيف يكون موقفها في مثل هذه الحالات حينما يُطلب منها التصديق والموافقة على مثل هذه البنود؟

لينا أبو الحبيب: ok، حضرتك ذكرتي قبل الريبورتاج.. يعني شغلة استوقفتني يا اللي هي إلزام الوفود للتصديق يعني أنا يمكن أخالفك الرأي -إلى حد ما- ما ننسى إنه المنطقة العربية يعني لسه لهلا البلدان العربية مش كلها صادقت على.. بالقليل على اتفاقية التمييز ضد المرأة، آخر.. آخر دولة صدقت ها الاتفاقية هي سوريا ولكن بعد.. بعد دراسة وبعد يعني أخذ وعطا طويل جداً، ومع العديد من التحفظات، وكل الدول العربية -مثل ما بتعرفي- اللي أمضتها.. أمضتها مع العديد من التحفظات، التحفظات يا اللي العديد منها.. أو البعض منها مُستهجن بعض.. بعض الشيء، وكما هو مستهجن شوي إنه لم يبدأ.. فعلاً بتطبيق ها.. ها الاتفاقيات هايدي من بس للتوضيح، بأرجع بأقول بالنسبة للموضوع أشكال الأسرة المتعددة، ما فيه شك إنه هنالك دعوات مختلفة من شتى أنحاء العالم ولكن لماذا لا نرجع إلى.. إلى واقعنا؟ ولماذا لا نرجع إلى منطقتنا؟ ونشوف الدعوات يا اللي صادرة من.. من منطقتنا، يا اللي تدعي إلى تطوير وتمكين الأسرة وليس إلى.. يعني الولوج إلى أشكال.. إلى أشكال مختلفة، هنالك فرق كبير بين الدعوة لتمكين الأسرة لإعادة التفكير بالعلاقات بيناتها، وصولاً لعلاقات متوازنة والتفكير بأشكال أسر مختلفة يعني لا ما بدنا.. ما بأريد أدخل فيها، لأنه أنا لا أرى الارتباط بيناتها، عندما نطلب.. يعني التعليم لكل أفراد الأسرة، والصحة والغذاء لكل أفراد الأسرة، هايدا مختلف تماماً من.. يعني ما قد يطلب يطالب به الناشطين أو المفكرين..

ليلى الشايب [مقاطعة]: ليست هذه المطالب فقط أستاذة لينا، بما أنك دخلتي في باب المطالب مطالب أكبر من.. من هذا بكثير يعني، توصيات مثلاً مؤتمر التنمية والسكان في هولندا عام 99 يطالب بمعاملة الصحة الإنجابية على أنها حق من حقوق الإنسان يطالب الحكومات بدعم وسائل منع الحمل للشابات والشباب والمراهقين غير المتزوجين، يطالبون الحكومات بصرف العقاقير الطبية في المدارس والمناطق النائية من خلال العيادات الطبية، بما في ذلك منع الحمل، وخاصة حبوب منع الحمل وأخيراً -وعذراً إذا أطلت عليكن- مطالبة الحكومات بتوعية الشابات بمعنى الإجهاض الآمن ورعايتهن دون ضوابط قانونية أو تحفظات أخلاقية، ثم يطلب من الدول المصادقة وإذا تحفظت يعمد بعد ذلك إلى التراجع عن التحفظات هذا ما ذكرته لي قبل البرنامج دكتورة أميمة في أكثر من مناسبة تم إلغاء التحفظات كيف.. كيف يحدث هذا؟

د. أميمة كامل: أريد إيضاح نقطة، الحقيقة السيدة لينا قالت في كلامها في.. إنه.. إن هدف الجندر هو التمكين للأسرة، فهذه مغالطة، التمكين للمرأة، في كل الوثائق التمكين للمرأة وليس للأسرة، وهناك فرق كبير قد نصل إليه في هذا الكلام، أما بالنسبة لموضوع التحفظات أو إنه كل شيء محاط بأخطار، فهذه أيضاً تحتاج إلى مراجعة جميع وثائق الأمم المتحدة يعني المفروض إنها بتطبق على يعني.. يصادق عليها أعضاء الدول في العالم كله، الدولة التي لا تناسبها بعض البنود من المفروض أن تتحفظ محافظةً على هويتها ومحافظة على شخصيتها وقيمها وأخلاقها، هذا شيء طبيعي، ولكن تجدي في نصوص المواثيق نفسها فيه بنود بتنص على إنه يجب إسقاط هذه التحفظات مع الوقت وإلا تتعرض هذه الدول للحرمان من المعونات وبذلك يعني ترضخ الدول بعض الوقت.. بعد مُضي سنة، سنتين، 5 سنوات، 10 سنوات لتطبيق هذه الأمور، وإذن ليس بمقدور وليس في استطاعة الدول الإسلامية أو الدول العربية التي تحفظت على مفهوم الجندر أن تأخذ منها ما تريد وما يناسبها وتترك الأشياء التي لا نريدها ومنها المثلية الجنسية، وهذا أمر أريد أن أوضحه للمشاهد، موضوع المثلية الجنسية الذي يعتبر يعني تعبير أخف وطأة وأقل حدة عن الشذوذ الجنسي ورد التكريس له في.. في بند 48 وبند 232 في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية، هذا البند ينص على ضرورة التفكير في الوسائل الضرورية للحيلولة دون الاضطهاد بسبب الميول الجنسية أو أسلوب الحياة، معنى هذا الكلام..

ليلى الشايب[مقاطعةً]: ومن.. ومن لا يحترم هذا المبدأ يعتبر.. يقع تجريمه.

د. أميمة كامل: يعني دعينا نوضح للجمهور أنه يجب أن يُنظر إلى المثليين الجنسيين على أنهم أُناس عاديين يمارسون حقاً من حقوقهم العادية، ولا يجب النظر إليهم كأنهم أشخاص خارجين على الإطار الاجتماعي والعرف والتعليم الديني، وتعتبر هكذا.. تعتبر الحرية الجنسية أو الميول الجنسية حرية أو نوع من الحرية، أكثر من ذلك وثيقة المرأة بكين plus5.. بكين +5 بتكرس هذا الحق وتقول في البند الخامس عشر: أن على.. أن الأسرة هي المحضن الطبيعي للطفل، وهذا كلام جيد لا غبار عليه، ننظر إلى بقية البند، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسرة تأخذ أشكالاً متعددة، وهذه الكلمة لا يمكن أخذها على أنها كلمة بريئة وساذجة، فأشكال الأسرة متعددة المقصودة هنا -ويجب أن نكون واعين لهذا المعنى تماماً -أن لا يكون الأسرة مكونة من رجل أو رجل أو امرأة وامرأة ولا ضير في ذلك، لا مشكلة تماماً…

ليلى الشايب[مقاطعةً]: دكتورة، اسمحي لي بالمقاطعة، هناك من يقول: أنه المعنيين بهذه البنود بالذات أو الدول المعنية هي الدول الغربية التي توجد فيها هذه الفئة، وبالتالي ليس بالضرورة أن ينطبق علينا هذا الوضع أو نقبل به أو نصدق عليه.

د. أميمة كامل: كيف هذا؟ هذا الكلام.. لا يمكن.. لا يمكن، نحن صدقنا على الوثيقة يجب أن نعمل بكل ما فيها شئنا أم أبينا، هذا الكلام يجب أن يكون واضحاً.

ليلى الشايب: طيب دكتورة، أستسمحك في فسح المجال قليلاً أمام مشاهدينا عبر الهاتف معنا محمد طاهر من.. من فرنسا، محمد مساء الخير، وتفضل.

محمد طاهر: آلو، السلام عليكم.

ليلى الشايب: وعليكم السلام.

محمد طاهر: أرحب بك يا أخت ليلى وأرحب بضيوفك الكرام.

ليلى الشايب: شكراً لك.

محمد طاهر: نعم، أتعجب يعني الأفكار الموجودة لدينا في الوطن العربي تأتي دوماً من الغرب، يعني كثير من الأفكار وهي أفكار حقيقة..

ليلى الشايب: للأسف انقطع الصوت من مصدر، معنا من السعودي مها عبد الله، مها تفضلي.

مها عبد الله: آلو.

ليلى الشايب: تفضلي مها.

مها عبد الله: السلام عليكم.

ليلى الشايب: وعليكم السلام.

مها عبد الله: أولاً أحب أن أتحدث عن المساواة، وأريد أن أوضح أن المساواة تأتي من خلال صناعتنا نحن وأيديولوجيتنا، وأنا هنا من السعودية ومن خلال أيولوجيتي كمواطنة عربية في منطقة معينة أرى أن المساواة ليست هي التي يراها النساء في الغرب، فمن يجب أن يطالب بالمساواة في مجتمعنا هم الرجال، نحن في مجتمعاتنا من يتعرض لويلات الحرب والإحباطات السياسية؟ هم الرجال وليس النساء، وهم الذين يُزج بهم في الصفوف الأمامية للقتال، ونحن لا نرى شيء سوى أن النساء عندنا يجتمعن على القهوة والشاي ويستمتعن بمشاهدة التلفاز وغير ذلك. فضلاً عن إذا كانت يعني.. حين يتكلم النساء عن حقوقهن في الغرب تحت أي تسمية ابتداءً من النسوية إنهاءً بالجندر فأنا لا ألومهم في المجتمع الغربي الذي يطالبهن بالأمومة.. بالأمومة ورعاية الأطفال والاهتمام بالمسنين هو ذات المجتمع المزدوج في مطالبه وهو ذاته الذي يطالبهن بالخروج إلى العمل وترك المنزل وهو ذات المجتمع الذي يصرخ من ويلات تفكك الأسرة وارتفاع نسبة الأطفال المشردين والأطفال الغير شرعيين والأطفال المراهقين والمراهقات والمؤسف أن بعض النساء العربيات المسلمات منهن من يطالب بمطالب نسوية الجندر أخوات لأن حرية المرأة واحترام المرأة ومشاركتها الاجتماعية والسياسية والأسرية موجودة في تاريخنا الإسلامي وتراثنا، فنحن لم نجد.. لم نجدد شيء جديد، إذا لم ننظر إلى أيديولوجيتنا فإننا حتماً سنعرف جيداً أن المرأة دائماً وأولاً هي المسؤولة وهي المتصرفة وهي الأم وهي التي أعطيت كافة حقوقها وخرجت كمقاتلة كمشاركة في الجيش، كطبيبة، كممرضة، وهذا الشيء ليس جديد علينا فقط أن نشير إليه بأصابع غربية وأن نتحدث بأسلوب.. بأسلوبهن هن الناشطات في الغرب، هذا أمر يختلف مع أيديولوجيتنا، أنا أتحدث عن.. من خلال أيديولوجيتي أنا كامرأة من بلد خليجي، نحن نعيش النساء الخليجيات بشكل خاص -إذا أنصفن- حياة أرستقراطية لا تعيشها امرأة من أسرة أرستقراطية في إنجلترا، هناك الخادمة التي تجلب لي القهوة، هناك السائق الذي يقود العربة، فماذا أريد أخذه يعني، وشكراً.

ليلى الشايب: الخصوصيات واضحة جداً مها عبد الله من السعودية شكراً جزيلاً لك. ولتسليط الضوء على موقف الجهات المعارضة لترويج وتوظيف هذا المفهوم في مجالات الحياة أعدت لنا الزميلة لينا الغضبان التقرير التالي من القاهرة.

تقرير/ لينا الغضبان: اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل والتي أنشئت عام 1995 وتتبع المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة هي واحدة من منظمات عديدة تعمل في مجال حقوق المرأة في مصر، ويرفض بعضها تبني مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي باعتباره مفهوماً مستورداً من الغرب، هدفه إلغاء الفروق الطبيعية بين الذكر والأنثى وليس المساواة بينهما، وهو ما لا يتماشى مع الثقافة العربية أو الإسلامية على حد تعبيرهم.

ناشطة في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل: كلمة جندر دي كلمة غربية ولم تعرَّب وتستخدم كما هي، وأقرب يعني في القاموس معناها نوع الإنسان، هي جاءت بدلاً من كلمة الـ sex، الـ sex بمعنى ذكر وأنثى، لكن الجندر ليه مفهوم آخر، لا هو رجل ولا هو امرأة، الجندر بيعتمد على فكرة إنه الرجل ليس رجل لأنه رجل، ولا المرأة كذلك لأنها امرأة، ولكن لأن التنشئة الاجتماعية هي التي تجعل من ذلك رجل ومن تلك امرأة.

لينا الغضبان: هذه اللجنة وهي إحدى المنظمات النسائية الإسلامية تتصدى لمفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي من منطلق أنه دعوة للمثلية والشذوذ تحت شعار تحرير المرأة وأنه إذا تبنت المجتمعات العربية هذا المفهوم، فإن هذا سيؤدي حتماً إلى انهيار الأسرة وتخلي المرأة عن غريزة حباها الله بها هي الأمومة.

كاميليا حلمي (اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل: تمركز.. حركات التمركز حول الأنثى تمادت قوي قوي في المطالبة بحقوق المرأة والتركيز على حقوق المرأة حتى بدأ الموضوع يتعدى المساواة إلى الاستغناء عن الرجل، بعد ما كان المساواة مع الرجل، لأ، دا بدأ تفكر حركات الـ(feminism) أو الأنثى.. الأنثوية بالاستغناء تماماً عن الرجل، وطبعاً الاستغناء عن الرجل يشمل بقى الاستغناء الاقتصادي والاستغناء السياسي والاجتماعي والاستغناء الجنسي عن الرجل، فبعد.. فدا تُرجم إلى أيه؟ إن بعد ما كانت حالات الشذوذ بين النساء اللي هو السحاق حالات فردية أصبحت ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالـ feminism.

لينا الغضبان: الجهود التي تبذلها هذه اللجنة وغيرها من المنظمات النسائية والاجتماعية في مختلف أرجاء العالم لمناهضة فكرة الجندر تواجهها جهود كبيرة من منظمات عالمية تصر على إدراج هذا المفهوم ضمن توصياتها وقراراتها المتعلقة بالمرأة والطفل.

كاميليا حلمي: الخطر الحقيقي بيجي من المؤتمرات والوثائق اللي.. اللي بتطرح في الأمم المتحدة، المؤتمرات العالمية اللي بتعملها الأمم المتحدة، وأكيد كلنا سامعين عن وثيقة بكين، ووثيقة بكين +5، ووثيقة الطفولة والحاجات دي، فإحنا بتدرج كل النقط اللي إحنا قلنا عليها داخل هذه الوثائق، فبناخد الوثيقة دي وبنرصدها وبندرسها كويس وبنطلع كل ما يتعارض فيها مع.. مع الأديان بصفة عامة، وبعدين بنعمل حاجة اسمها الوثيقة البديلة، بديل لوثيقة الأمم المتحدة في نفس الهيكل ونفس البنود هو هو، بنطرح إحنا البديل بتاعنا.

لينا الغضبان: الرافضون لمفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي -كما بات يُعرف في البلدان العربية- يرون أنه لم يُضف شيئاً للمرأة، بل هو من وجهة نظرهم مفهوم غريب قد يضر بقضية حقوق المرأة بشكل عام في المجتمعات العربية.

لينا الغضبان – لبرنامج (للنساء فقط) – (الجزيرة) – القاهرة.

ليلى الشايب: الدكتورة زينب معادي أثناء التقرير كانت محتجة إلى حدٍ ما على ما تعتبره ميل هذه الحلقة إلى التأكيد أو الاتجاه نحو التأكيد على أن الجندر هو دعوة إلى التماثل وليس دعوة إلى المساواة، ولكن يعني كل ما قرأناه وكل يعني مقررات المؤتمرات الدولية للأسف تشير في جزء كبير إلى أن هذه الفكرة الرئيسية من الجندر، مثلاً مواقع الجندر على الإنترنت تتعاطف مع المثليين وتحتج على إطلاق صفة الطبيعية على العلاقات السوية بين الرجل والمرأة وتقول: لماذا لا نطلق نفس الصفة على العلاقات بين المثليين رجل ورجل أو امرأة وامرأة ويعني كلام كثير في هذا السياق.

[فاصل إعلاني]

ليلى الشايب: طرحت سؤال -قبل الفاصل- على الدكتورة زينب معادي أو هي بالأحرى أرادت أن تعبر عن رأيها في هذا.. في هذه النقطة، هل هو دعوة إلى التماثل؟

د. زينب معادي: لأ، هو في الواقع أنا أرى بأن البرنامج أصبح عبارة عن تدعيم للرافضين لمفهوم الجندر، في حين بالنسبة لي الإشكال لا ينبغي أن يطرح مع أو ضد، لأن هذا سيكون موضوع آخر الإشكال ينبغي أن يكون هل هو صالح ناجع كمفهوم كأداة أو لا؟

ليلى الشايب[مقاطعةً]: لا.. لا.. لا.. لا، ليس هذا موضوع.. دكتورة عفواً.

د. زينب معادي: لا اسمحي لي الله يخليكي، لأن ما تتحدثين عنه من.. لا اسمحي لي..

ليلى الشايب: لا.. لا.. لا.. لا عفواً عفواً، عنوان الحلقة: مفهوم الجندر هل هو دعوة إلى تماثل أم المساواة؟ وليس هو آلية أو أداة تحليل إلى غير ذلك، نحن نناقش ونطرح ونبحث ونستمع إلى كل الآراء، أعطنا رأيك لو سمحت في هذا الموضوع.

د. زينب معادي: لكن.. لكن.. لا لا، والله أنا لا أرى، أنا كمفهوم.. أنا كمفهوم.. أنا كمفهوم لم أصطدم نهائياً بموضوع التماثل، بالنسبة لاستخدامه الآن بالنسبة لبلداننا والذين يستخدمونه في مجال مشاريع التنمية ليس هناك أي حديث ولا أي إشارة لهذا الانزلاق الذي أضعنا فيه جزءاً كبيراً من البرنامج عن المثلية، وأعطيك مثالاً لمفهوم آخر حدث له نفس الانزلاق لأن مفهوم الإسلام، نحن نعرف الإسلام، نعرف التشريع الإسلامي، ألا ترين بأن مفهوم الإسلام حدث فيه انزلاق وأصبح يرتبط بأشياء لا علاقة لها به؟ الإسلام يرتبط بالعنف، الإسلام يرتبط بقمع النساء، هذا.. هذا انزلاق للمفهوم، فهل نأخذ بالانزلاق أم نأخذ بالأصل، يعني نرجع إلى المفهوم حتى لو، أنا بالنسبة لي..

ليلى الشايب[مقاطعةً]: المشكلة في.. دكتورة..

د. زينب معادي: لا اسمح لي الله يخليكي أكمل.

ليلى الشايب: المشكلة أنه..

د. زينب معادي: لا ما هو المفهوم؟

ليلى الشايب: يعني هذه المعاني بالذات الشذوذ والدعوة إلى التشريع هذا..

د. زينب معادي: أنا لا علاقة لي بهذا الموضوع، لا علاقة لنا بذلك، نحن نتحدث عن المفهوم كأداة.

ليلى الشايب: ترد.. ترد كجزء أساسي أولاً في مقررات المؤتمرات وفي كتابات الجندريات، كيف يمكن أن نتجاهل مثل هذه الفكرة المهيمنة على الفكر؟

د. زينب معادي: نحن.. بالنسبة لي أنا لا أمثل.. لا أمثل لا برامج الأمم المتحدة ولا أمثل لا الجندريات، أنا أمثل..

ليلى الشايب: باحثة فقط.

د. زينب معادي: طيب.. طيب، فبالنسبة لي أي مفهوم لو كان ناجعاً آخذ به، لو ماكنش ناجع أرفضه، لنفرض الآن في هذه الجلسة أننا رفضنا المفهوم طيب جداً لن يضيرني، هناك مفاهيم ماتت ولم نعد نتحدث عنها إلى الآن، لكن أريد أن أقول: كيف يمكن أن نتجاوز التمييز.

ليلى الشايب[مقاطعةً]: طيب، نحن نحلل..

د. زينب معادي: الله يخليكي.

ليلى الشايب: يا دكتورة، لو سمحت لسنا بصدد القبول أو الرفض نستمع.. نستمع إلى آراء.

د. زينب معادي: لأ، اسمحي لي، أما أنت قبلت من البداية، كنت قابلة للتصور أنه للمثليات..

ليلى الشايب: طيب و.. ولازلت على رأيي لحد الآن.

د. زينب معادي: إذن الآن خلي الرأي الآخر يعبر عن نفسه، أنا بالنسبة لي إشكال أساسي هو ما هي الأداة التي تساعدنا على تجاوز التمييز وعدم المساواة بين الرجال والنساء.. استفادة.. عدم المساواة في الاستفادة من مشاريع التنمية بين الرجال والنساء وهذا مشكل، تقرير التنمية العربية يشير إلى أن التنمية التي لا تستفيد منها النساء خطر، فإذن ما هي الأداة؟ لا نتحدث الآن عن الجندر، بدل هذه الأداة التي تستخدم الآن في مشاريع التنمية، ما هي الأداة التي يمكن أن أستخدمها لأتجاوز صعوبات إدماج وجعل المرأة مشاركة ومستفيدة من التنمية؟ أنا لست مقدسة لمفهوم دون آخر، أعطيني المنهج الآن ودعنا من كل الانزلاقات والتهويشات والانفعالات ودغدغة عواطف فئة معينة عند الحديث عن هذا المفهوم.

ليلى الشايب: لا.. لا.. لا هذه اتهامات لا تجوز.

د. زينب معادي: مثل اتهامات سابقة.

ليلى الشايب: دكتورة، طيب، معنا مشاهدين مهتمين بالموضوع…

د. زينب معادي: نحن بصفة علمية من فضلك.

ليلى الشايب: أحمد عبد الله من قطر من.. من قطر معنا على الهاتف، تفضل يا أحمد.

أحمد أبو عبد الله: السلام عليكم.

ليلى الشايب: وعليك السلام.

أحمد أبو عبد الله: دلوقتي بس لو سمحتِ يعني أنا عايز بس أوضح نقطة واحدة بس هي للنساء اللي موجودة مع.. مع حضرتك بالبرنامج، من الناحية المادية.. من الناحية.. أنا عايز أتكلم من الناحية المادية أولاً يعني، من الناحية المادية مثلاً تخيلي إن الرجل والمرأة الاتنين بيعملوا، هيجي أيه اللي هيحصل هتلاقي مافيش هنا حاجة اسمها حقوق ومساواة ولا أي حاجة من الحاجات دية، هتلاقي إن الرجل.. الدين الإسلامي.. الدين الإسلامي كفل للمرأة إن الرجل هو اللي يكون مسؤول عليها.. عنها بكافة مستلزماتها.. مستلزماتها ومستلزمات البيت، ولو جينا بعد كده نبص بقى لو جينا الناحية المادية تقول له: لأ يعني الزوج هو اللي كان كافل لها حقها في مالها، وبالنسبة للرجل هو مسؤول عن إن هو يصرف عن البيت كامل، هذه هنا فين المساواة؟ أنا يتهيأ لي هنا الرجل هو المظلوم مش النساء، الرجل هنا في النواحي دية هو المظلوم، وهم الدين الإسلامي كفل لهم الحاجة ديت بحيث إن هو.. إن المرأة تأخذ كامل حقوقها، و.. طيب.. طيب لو فيه حاجة تانية لو الناحية اللي هي الناحية.. العلاقة بين الزوج والمرأة، العلاقة بين الزوج والمرأة لو هي.. لو هي بقت التماثل بقى أو اللي هي عايزة زيه بالضبط يعني هي الحاجة دية عاوزاها إزاي يعني؟ هل مثلاً هتبحث برة بعيد عن الزوج سواء إذا كانت أخت أو أم أو أي.. أي امرأة من الأسرة هل هي هتستغنى عن الحلال وتبحث عن الحرام عشان تعوض الحاجة اللي هي.. اللي الدين كفلها لها؟!

ليلى الشايب: طيب.. طيب أحمد نترك السؤال قائم شكراً.. شكراً لك على المداخلة، معنا أيضاً من قطر رامي، رامي ديابي، مرحباً بك يا رامي.

رامي ديابي: الله يسلمك أخت ليلى، السلام عليكم، أول شيء أحب أحيي الأخوات والمشاركين جميعاً وقناة (الجزيرة) لإتاحة الفرصة للحديث، الواقع مسألة يعني.. مسألة المثلية تدخل ضمن عنوان كبير اسمها.. اسمه حرب المصطلحات، والمثلية والجندر هذه أشياء يعني تدخل يومياً بواسطة العولمة وأذرعتها الإعلامية وهي تتعارض مع هوية البلاد الإسلامية بشكل عام، وقد أفردنا في موقع (إسلام سكول) مركز أبحاث الطب الإسلامي الملف الكامل حول موضوع الشذوذ الجنسي وكيفية دخوله إلى العالم الإسلامي، وأحب هنا أن أشير إلى بعض النقاط المهمة والقضية طبعاً لها جانب مهم من.. من خلال حوار الحضارات وهي عبارة عن حضارات يعني تحاول أن تفرض كل منها أن يُدلي بدلوه لكي تتبع الإنسانية الرأي الراجح لابد من الإشارة هنا إلى أن مفهوم الأسرة في الغرب الآن يعني روسيا مثلاً 4، 3.5 مليون شخص تناقصت روسيا خلال السنوات الأربع الأخيرة، (بوكانن) في كتابه موت الغرب يشير إلى أن الإسلام سيكون ديموغرافياً المسيطر في أوروبا، هذه كلها جزاءً وفاقاً جرت بسبب تخلي الغرب عن مفهوم الأسرة الذي هو العمود الأساسي في الإسلام.

تحليل مفهوم تمكين المرأة بين العربية والإنجليزية

ليلى الشايب: طيب.. طيب رامي.. رامي شكراً لك، الوقت أدركنا للأسف، أريد يعني أريد من.. منك دكتورة أميمة تفسير أو تعليق سريع على معنى (empowerment of woman) التي ترجمت بالعربية بمعنى تمكين وهو معنى إيجابي، في حين أنه في المعنى الأصلي للكلمة بالإنجليزية (empowerment) تعني التسلط والتسيد إلى غير ذلك، يعني ما.. ما الأصوب؟ ما هي القراءة الأصوب للمفهومين أو للمصطلحين؟

د. أميمة كامل: يعني.. الحقيقة.. الحقيقة نحن نعود إلى ما أسميه خداع الترجمة أو خداع اللفظ فكلمة (empowerment) تعني التسلط والتسيد والسيطرة، ولكن لم تترجم في الوثائق.. النسخة العربية من الوثائق الدولية ترجمت على أنها التمكين، والتمكين للمرأة وليس للأسرة، ولكن كلمة التمكين ليست كلمة سيئة، إنها كلمة جيدة ومعناها أن نتساوى.. تصل المرأة إلى ما تستحقه من مكانة وتعمل ما.. ما يعني يزيد من شأنها إلى و.. إلى آخره، ولكن الحقيقة إن فكر الجندر أو يعني المتعارف عليه الآن وما يتم الآن في البلاد العربية في لوائح وقوانين وتشريعات أنه تُعيَّن النساء في المناصب أو في المراكز الهامة تبع ما يسمى بقانون الحصص أو نظام الحصص، أي أنه النساء يجب عليهن أن.. أن يمثلن 20% من هذه المؤسسة، مثلاً أو.. أو إلى آخره، هذه الطريقة أو هذه الآلية الحقيقة بتضعف من وضع المرأة.

ليلى الشايب: باختصار لو سمحت يا أميمة، أرجو أن تكوني قد أنهيتي فكرتك.

د. أميمة كامل: أنا بس عايز أقول حاجة في نص دقيقة.

ليلى الشايب: بسرعة.

د. أميمة كامل: قبل دخول مفهوم الجندر الحركة العربية النسائية القومية استطاعت أن تصل إلى مكانة عالية وأن تحقق نجاحات، والمرأة العربية بدون قانون الحصص ولا الجندر ولا التمكين استطاعت أن تصل إلى مكانة الوزيرة والسفيرة والأستاذة الجامعية إلى آخره بإمكانياتها وبخبراتها وبما تستحقه، فلا ينبغي أن نعوِّل على هذا المفهوم الذي سيجرنا يوماً ما إلى هذه المنزلقات التي تخشى منها الدكتورة زينب.

ليلى الشايب: وأيضاً الاحتياطات الواجب اتخاذها عند التعامل مع مفاهيم على هذه الدرجة من الغموض.

د. أميمة كامل: نعم، نعم لا نستطيع.

ليلى الشايب: ضبابية الأهداف. مشاهدينا، ليس بوسعنا في نهاية هذه الحلقة سوى أن نشكر ضيفاتنا الدكتورة أميمة كامل (الأستاذة المساعدة للصحة العامة بكلية طب جامعة القاهرة)، ومن المغرب الدكتورة زينب معادي (أستاذة علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة الحسن الثاني)، ونشكر أيضاً في أستوديوهاتنا في بيروت الأستاذة لينا أبو حبيب (مديرة مركز الأبحاث والتدريب حول قضايا التنمية).

ومشاهدينا، إلى أن نلقاكم في الحلقة المقبلة -بإذن الله- لكم منا تحية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة