للنساء فقط

مستقبل الحركات النسوية العربية

شهدت الحركات النسوية العربية في الفترة الأخيرة تحولات كبيرة في توجهاتها الوطنية والقومية، فما العوامل التي تقف وراء تلك التحولات؟ وما أسباب مقاطعة فئات منهن لتلك الحركات؟ وما السبل الكفيلة بربط المنظمات النسائية بالأولويات الاجتماعية والوطنية؟.

مقدمة الحلقة:

ليلى الشايب

ضيوف الحلقة:

د.فريدة النقاش: رئيسة ملتقى هيئات تنمية المرأة
منى عباس: عضو جمعية نهضة فتاة البحرين
منى يكن: رئيسة جامعة الجنان بطرابلس – لبنان

تاريخ الحلقة:

27/01/2003

– أزمة الحركة النسوية العربية في ظل التحولات الدولية
– الحركة النسائية العربية في سياق النموذج الفلسطيني

– أولويات الحركة النسائية العربية وتأثير التمويل الخارجي عليها

– الحركات النسائية العربية وعلاقاتها على المستوى الشعبي والاجتماعي


undefinedليلى الشايب: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم.

تعيش الحركة النسوية العربية منذ عقدٍ من الزمن أزمة عميقة انعكست بوضوح على توجهات وأهداف الحركة بعد التحولات الكبيرة التي طالت هياكلها وبرامجها إثر تفرد الولايات المتحدة بقيادة المجتمع الدولي، لا فقط عسكرياً واقتصادياً، وإنما أيضاً ثقافياً وحضارياً، وباعتبار مجال المرأة والأسرة أهم حصون المقاومة في مجتمعاتنا العربية كان لابد لاختراقه من بذل الكثير من الجهد لإعادة ترتيب الأولويات والاهتمامات، ودفع المؤسسات الدولية بعد ذلك إلى تبني برامج ومفاهيم تسهِّل مهمة تحييد المقاومة من خلال القضاء على أي خصوصيات ثقافية من شأنها أن تعطل عملية الفتح السريع للأسواق والتكريس الكامل للعولمة من حيث أبعادها الاقتصادية، وفي ظل هذه المعطيات تفرض مجموعة من الأسئلة نفسها حول تلك العوامل التي تقف وراء التحولات التي تعيشها الحركة النسوية سواء على الصعيد المؤسساتي أو على مستوى البرامج، وحول أسباب مقاطعة جمهورٍ عريض من النساء العربيات للكثير من المنظمات والجمعيات النسائية، وأيضاً المخاطر التي يشكلها ارتباط الكثير من المنظمات النسائية بالدوائر السياسية الغربية على هويتها واتجاهاتها؟ وأخيراً هل يمكن الحديث عن مستقبل للحركة النسائية يحمل الهم الاجتماعي ويتمسك بالخط الوطني؟

للحديث عن حاضر الحركة النسائية العربية ومستقبلها نستقبل اليوم في استوديوهاتنا في الدوحة السيدة فريدة النقاش (رئيسة ملتقى الهيئات لتنمية المرأة من مصر) ومن البحرين السيدة منى عباس (عضو جمعية نهضة فتاة البحرين) كما نرحب عبر الأقمار الاصطناعية في استوديوهاتنا من بيروت بالدكتورة منى يكن (رئيسة جامعة جنان في طرابلس لبنان، ومؤسسة العمل النسائي الإسلامي في لبنان منذ عام 1960).

إعلان

أهلاً بكن جميعاً ضيفات على هذه الحلقة من برنامج (للنساء فقط)، ومشاهدينا الكرام بإمكانكم أيضاً المشاركة في هذا الحوار بجميع محاوره وأبعاده، وذلك من خلال الاتصال بنا سواء عبر الهاتف على رقم: (009744888873).

أو عبر الفاكس على الرقم (009744865890).

أو عبر الإنترنت على العنوان التالي: www.aljazeera.net

أو عبر رقم الفاكس ذكرناه منذ قليل طبعاً.

قبل البداية وتسليطاً للضوء على خلفيات الأزمة التي تعيشها الحركة النسائية العربية أعدت لنا الزميلة أسماء بن قادة التقرير التالي:

تقرير/أسماء بن قادة: بين نهاية الأربعينيات وبداية الألفية الجديدة مرت الحركة النسوية العربية بمحطاتٍ متعددة، لعل أكثرها فاعلية تلك التي زامنت حركات التحرر ضد الاستعمار عندما التزمت الحركة بخطٍ وطنيٍ واضح، شاركت من خلاله بقوةٍ في العمل على الاستقلال والتخلص من التبعية للقوى الأجنبية، أما أكثر تلك المراحل تخبطاً وارتباكاً وانعداماً للرؤية لدى المنظمات والجمعيات النسائية، تلك التي واكبت نهاية الحرب الباردة، وانهيار المعسكر الشرقي، وتفرد الولايات المتحدة بقيادة المجتمع الدولي، إنها الفترة التي فقدت فيها الحركة النسوية تماماً زمام المبادرة عندما دخلت الكثير من مؤسسات العمل الأهلي دوائر التبعية لتوجهٍ حضاري أحادي يعود في خلفيته الأساسية إلى مفاهيم الليبرالية الغربية بعد أن تبنتها وروَّجت لها المؤسسات الدولية من خلال الكثير من البرامج والمؤتمرات التي تم توظيفها كآلياتٍ مرحلية تمهيداً لتحقيق مزيد من الاختراق الثقافي باتجاه تحييد أي شكلٍ للمقاومة يمكن أن يقف في طريق تحقيق المصالح الاقتصادية الناتجة عن تكريس العولمة، وبإغراءات التمويل الأجنبي والدعم المعنوي وفي سياق حمى الدعوة إلى الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني تفككت الحركة النسوية العربية في توجهاتها بين الراديكالية النسوية والليبرالية الغربية.

أما المرأة على مستوى الحركات الإسلامية فإنها وبسبب الوصاية التي تمارسها عليها تلك الحركات بدت إلى حد الآن عاجزةً عن إفراز توجه نسوي إسلامي أو نموذج أمثل وعملي للمرأة العربية، يجمع بين معطيات الواقع وضرورات العصر، ويحافظ على الهوية الوطنية والخصوصية الحضارية، والنتيجة تحول بعضٍ من الجمعيات المتفرعة عن الحركات النسوية إلى وسطاء محليين لمنظمات دولية تغدق عليهم الأموال، مقابل برمجة الاهتمامات وترتيب الأولويات وفقاً للأجندة الغربية، وتهميش الزمن لبعضٍ آخر منها بعد عجزها عن صياغة خطابٍ ينسجم مع الواقع السياسي والهم الاجتماعي.

أما البقية الباقية فإنها لازالت تحاول الجمع بين روح أزمانٍ غابرة ومعطيات الزمن الرديء، ويبقى المؤكد في ظل هذه الحقائق أن الحركة النسوية العربية تعاني من أزمةٍ واضحة طالت هويتها ووحدتها وانتماءها الوطني إلى الدرجة التي جعلتها تعيش حالة من الاغتراب عن الفئات العريضة من النساء، بعد أن باتت الكثيرات منهن تخشى لو أن رائدات العمل النسوي اللاتي أضأن لنا الطريق منذ أواخر القرن التاسع عشر رأين حفيداتهن وهن يستكملن المسيرة على موائد البوفيهات المفتوحة في فنادق خمسة نجوم، لمباركة متطلبات تحقيق العولمة كما يمليها عليهن من يدفع حساب هذه الموائد، فلِمَ كان التحدي إذن؟ ولِمَ كانت التضحيات؟ وأي مستقبلٍ نأمل للحركة النسوية العربية؟

إعلان

ليلى الشايب: إذن تغييرات جذرية كبيرة ومتزايدة وسريعة شهدتها الحركة النسائية العربية منذ نهاية أو الجزء الأخير من القرن الماضي، طرح تساؤلات عن دورها الجديد، عن انتمائها، لصالح من تعمل، ودورها المستقبلي في ظل التحديات التي يعيشها عالمنا العربي والإسلامي، والسؤال هو أسباب.. ما هي أسباب هذه التغييرات على مستوى البرامج ومستوى التوجهات؟ ولماذا تزايد عدد المنظمات النسائية العربية بهذا الشكل الكبير؟

[فاصل إعلاني]

أزمة الحركة النسوية العربية في ظل التحولات الدولية

ليلى الشايب: استعرضنا تقرير استعرضت فيه الزميلة أسماء بن قادة التغييرات التي طرأت على الحركة النسائية العربية، وطرحنا سؤال قبل الفاصل عن أسباب هذا التحول، وأسباب هذا التغيير، نطرح أو نوجه هذا السؤال إلى السيدة فريدة النقاش، سيدة فريدة، تفضلي.

د.فريدة النقاش: شكراً جزيلاً، شكراً على استضافتي. أنا الحقيقة أتفق مع هذا التقرير في نقطة واحدة، وأختلف معه كلية.

ليلى الشايب: نقطة واحدة فقط؟

د.فريدة النقاش: نقطة واحدة فقط، وهي أن هناك أزمة، هناك أزمة في الحركة النسائية العربية، نعم هذا صحيح، ولكن حقيقة الأزمة هي في الحياة الديمقراطية العربية كلها، لا نستطيع أن نفصل الحركة النسائية عن مجمل الحريات العامة في الوطن العربي، وأذكر هنا أن تقرير التنمية الإنسانية الذي أصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وضع العالم العربي في آخر قائمة الدول التي تتمتع بالحريات في العالم وبما في ذلك إفريقيا جنوب الصحراء التي استقلت حديثاً. إذن هناك أزمة، أزمة مجتمعية تتمثل في العلاقة المتوترة دائمة التوتر بين الحكومات والشعوب ومنظماتها وأشكال تعبيرها عن نفسها.

ثانياً: هناك فروق بين صحيح الحركة في بداية القرن العشرين ونهاية القرن الـ19، والحركة الحالية. الحركة الأولى كانت تتوجه ضد الاستعمار، كانت جزءاً من المنظومة.. من منظومة التحرر الوطني ضد الاستعمار، الآن هذه الحركة تعمل في إطار دول مستقلة، إذن فالمشكلات هي بين الحركة النسائية وبين الحكومات، وليست بينها وبين قوى خارجية، وليس صحيحاً على الإطلاق أن الحركة النسائية الجديدة هي تابعة للأوروبيين والأميركان، لا أعرف من أين جاء هذا الكلام.

الحركة النسائية الجديدة تعمل ضد الصهيونية، أنشط.. أنشط النساء..

ليلى الشايب[مقاطعة]: للتصحيح فقط سيدة فريدة، التقرير لم يعمم، بل قال إن معظم المنظمات..

د.فريدة النقاش: هذا التعميم خطأ فادح الحقيقة..

ليلى الشايب: ليس تعميم، أنا قلت إنه.. إن عدد كبير أو بعض.. بعض، ويعني قدمنا أرقام.. استشهدنا بأرقام تؤكد.. تؤكد هذه التبعية بين قوسين، سأتطرق لها خلال هذه الحلقة.

د.فريدة النقاش: يعني.. لأ.. لأ أنا.. أنا أعترض تماماً على مفهوم التبعية، لأن الحركة الجديدة هي تتقاطع مع بعض متطلبات العولمة موضوعياً. النساء العربيات تعلمن، ودخلن المجال السياسي، ودخلن إلى مجال العمل، وبالتالي شيء طبيعي أن تتقاطع بعض أهداف الحركة الجديدة مع العولمة.

ليلى الشايب: طيب سيدة فريدة، طيب.. طيب لنكون أكثر دقة..

د.فريدة النقاش: والعولمة ليست شيئاً واحداً.

ليلى الشايب: سؤال.. سؤال مباشر، أكثر مباشر، وأريد عليه جواب مباشر أيضاً.

د.فريدة النقاش: نعم.. نعم.

ليلى الشايب: ما الذي تغير في وضعنا العام في العالم العربي والإسلامي؟ وما الذي تغير بالتالي في وضع أو هوية المنظمات النسائية العربية، والحركة النسائية ككل؟

د.فريدة النقاش: على العكس تماماً الحركة النسائية الآن هي مرتبطة ارتباط عميق بالناس، لكن المشكلة أن قضايا النساء أصبحت كبيرة جداً بعد برامج التكيف الهيكلي والليبرالية الجديدة، و.. وروشتات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الفقر أصبح واسعاً جداً، البطالة أصبحت واسعة جداً. هذا إذا شئنا أن نتحدث عن ملايين النساء العربيات، وليس عن النخبة، لأن الحركة النسائية المفروض أنها ترتبط بالقاعدة العريضة.

إعلان

ليلى الشايب: بالضبط.

د.فريدة النقاش: لكنها لا تستطيع أن ترتبط ارتباط جذري بالقاعدة العريضة، شأنها شأن الأحزاب والنقابات والروابط، لأن الحريات الديمقراطية غائبة، هذا هو جذر المشكلة، وليس لأنها ارتبطت بالخارج. أنا..

ليلى الشايب: إذن حقيقةً هناك قطيعة بين هذه المنظمات أو هذه الحركة..

د.فريدة النقاش: والقاعدة الشعبية إلى حدٍ ما.. إلى.. إلى حد ما..

ليلى الشايب: وبين فئات عريضة من الجمهور النسائي في العالم العربي.

د.فريدة النقاش: إلى حد ما، ولكنها قطيعة موضوعية نتيجة للظرف العام الذي يعيش فيه الوطن العربي، وهو مرةً أخرى، ودا شيء أساسي غياب الحريات.

ليلى الشايب: إذن ما.. ما اعتراضك إذن على.. على التقرير، ما.. ما الذي تعترضين عليه في التقرير؟

د.فريدة النقاش: اعتراضي.. اعتراضي هذا الاتهام الموجه للحركة. أنت لو شاهدتي الجهود التي تبذلها الجمعيات النسائية.

ليلى الشايب: للبعض لشق من.. من.. من المنظمات والجمعيات..

د.فريدة النقاش: بعض.. ربما بعض.. ربما بعض..

ليلى الشايب: و.. وأريد أن أكرر للتصحيح فقط سيدة فريدة.

د.فريدة النقاش: لكن بعض لا يُعمم. أنتِ لو رأيت حركة التطبيع في مصر، حركة مقاومة التطبيع ومقاومة الصهيونية..

ليلى الشايب: طيب الأزمة موجودة إذن، نعم.

د.فريدة النقاش: الجمعيات النسائية كلها منخرطة فيها بمنتهى القوة.

ليلى الشايب: طيب، لكي.. لكي ننطلق واحدة واحدة كما نقول.

د.فريدة النقاش: اتفضلي.. اتفضلي.

ليلى الشايب: الأزمة موجودة، واتفقنا عليها..

د.فريدة النقاش: فيه نقطتين تانيين قبل.. هأقولهم في نص دقيقة: الحاجة الثانية في غياب المرأة أو.. أو ما سميتيه أنتِ القطيعة هو إن المرأة ظروفها صعبة جداً، وأعباءها ثقيلة، فخروجها للمجال العام صعب، وبالتالي انخراطها في الحركة النسائية صعب..

ليلى الشايب[مقاطعة]: لماذا.. لا.. لا عفواً سيدة فريدة..

د.فريدة النقاش[مستأنفة]: الحاجة الثالثة وصاية.. وصاية الأب.. وصاية المجتمع الأبوي.

ليلى الشايب: لا أعتقد أن هذا الأمر بالصعوبة على المرأة الآن، و.. وأن الوضع اختلف مع المرأة، يعني في الخمسينات والستينات والسبعينيات كانت المرأة يعني أكثر نشاطاً وحتى فاعلية في المجتمعات عندما كانت حركات المقاومة مقاومة الاحتلال بكل أشكاله، ثم بعد ذلك جاءت مرحلة معالجة الآثار الاجتماعية والإنسانية للاستعمار، فما الذي يجعل حضورها الآن أكثر صعوبة؟ يعني المسألة بحاجة لتوضيح.

د.فريدة النقاش: حضورها.. حضورها أكثر صعوبة لأن أعباءها زادت بعد.. بعد السياسات الاقتصادية الجديدة. الربط هنا بين الليبرالية وبين المنظمات النسائية حتى غير صحيح، لأن سياسات الليبرالية الجديدة أدت إلى الخصخصة وانسحاب الدولة من ميدان الخدمات الاجتماعية، وبالتالي زيادة الفقر وزيادة البطالة، فالنساء أصبحت.. أنا أحكي لكِ عن بنتي كيف تعيش حياتها.. كيف تعيش حياتها، هي لها طفلان. كنا في الماضي نتحدث عن الأعباء المزدوجة على المرأة، الآن هذه الأعباء ثلاثية ورباعية، هي تعمل خارج المنزل وداخل المنزل، وتعمل مدرسة، لأن التعليم تراجع جداً، إذا لم تدفعي كثيراً في التعليم فعليكِ أن تعملي مدرسة، فبالتالي هذه الأعباء جعلتها من الصعب.. حركتها صعبة جداً. الحاجة التانية هي المجتمع الأبوي والصور التقليدية الشائعة عن المرأة..

ليلى الشايب: أنتِ استبقتِ كل محاور الموضوع تقريباً سيدة فريدة.

د.فريدة النقاش: أنا.. أنا آسفة.. أنا آسفة

ليلى الشايب: نعم. لننتقل إلى بيروت والدكتورة منى يكن، دكتورة.

منى يكن: أهلاً ليلى.

ليلى الشايب: اتفقنا على أن هناك فعلاً أزمة تمر بها الحركة النسائية العربية، ولكن كما استمعتِ إلى السيدة فريدة النقاش، الاختلاف حول ماهية هذه الأزمة أو أسبابها، بالنسبة لكِ من منطلق عملكِ كمؤسِّسة للعمل النسائي الإسلامي في بيروت أو في لبنان منذ سنة 1960، كيف ترين هذه التحولات؟ أين تكمن؟ وما هي أسبابها؟

منى يكن: نعم. أولاً أحب أن أحيي ضيفاتك الأخوات العزيزات، وأحييكِ أخت ليلى على هذا اللقاء. فعلاً كما قلتِ الدكتورة نقاش فتحت المحاور بأجمعها لهذه الأمسية، لكن إذا أردنا أن نعطي الجواب الدقيق لسؤالكِ نقول بأن الحركات النسائية في العالم العربي، صحيح أنها بدأت منذ.. قبل نهاية القرن التاسع عشر ومع بدايات القرن العشرين، لكن بدأت بأعداد طبعاً خجولة جداً.

إعلان

أنا معكِ أخت ليلى بأن تكاثر الحركات النسوية أصبحت جداً واضحة يعني، وأعدادها تزيد رغم.. رغم تخلفنا نحن النساء عن وضع برامج ومناهج سليمة لعملنا الاجتماعي وفي القطاع العام، فالمرأة في الماضي مع بداية القرن كانت تضع نصب عينيها قضية أساسية، وهي محاربة المستعمر الذي كان يسيطر على بلادنا.

نحن اليوم لا نعيش تلك الأزمة، وإنما نعيش أزمة وطن بكامله، أزمة أمة بكاملها، أزمة بلدٍ بكامله. عندما نقول أن المرأة العربية في حركتها النسوية تأخرت وتخلفت عن العطاء فهذا بسبب الوضع العام الذي نعيشه، وضع عام اقتصادي ضاغط، وضع يعني لا.. لا شك أن العولمة وتأثير العولمة الآن علينا كبير جداً. نحن يعني نتلقى سهام كل ما هو في العالم، نستقبله بأسرنا، بمؤسساتنا في مجتمعاتنا الصغيرة والكبيرة على السواء، فالمرأة الآن أقول أنها لم تعد تعطي بالمستوى الذي كانت تعطيه أمهاتنا في السابق في الحركات النسوية، لا لشيء طبعاً مع التوافق أو الاختلاف مع الأيديولوجيات والمبادئ، يعني هذا موضوع آخر، لكن نحن اليوم نشعر بفراغ في الحركات النسائية، نشعر.. نشعر بنوع من يعني التخاذل، وهذا أظنه ضغط اجتماعي عام، يعني ليس فقط على المرأة، وليس فقط على الحركات النسائية، بل أيضاً على كل التنظيمات، وكل الحركات وكل الأحزاب، رجالية كانت أو نسائية، فنحن جزءٌ من العالم العربي، ونحن نعيش تداعيات الوطنية بأكملها، نحن نعيش الكوارث التي نعيشها جميعاً نشعر بها تجاه شعبنا في فلسطين، تجاه الشعوب الأخرى في الوطن العربي والإسلامي، نحن نعيش هذه الضائقة، نعيش هذه الضغوط، وبالتالي يعني نشعر بقليل من الإحباط ربما.

[موجز الأخبار]

الحركة النسائية العربية في سياق النموذج الفلسطيني

ليلى الشايب: قبل الفاصل كنا نستمع إلى السيدة.. دكتورة منى يكن من بيروت، دكتورة منى، تحدثتِ عن دور.. أو الدور الإيجابي للحركة النسائية العربية في فترة الاستعمار الأجنبي، أي من سنوات الخمسين إلى الثمانينات، وكأننا فهمنا من كلامك أنه عندما انتهى الاحتلال الأجنبي ترك ذلك فراغاً انعكس على ماهية أو نشاط الحركة النسائية، وربما خلق نوع من الارتباك هو الذي تسبب في التغييرات التي حصلت أو تعيشها الحركة النسائية العربية، ولكن نظرة إلى النموذج الفلسطيني يعني تؤكد أن الوضع لم يتغير كثيراً، الاحتلال لا يزال مستمر، ولكن المرأة الفلسطينية بنشاطها لم تعد تجد مجال قوي للنشاط والتدخل، عندي أرقام قليلة أريد أن أستعرضها بسرعة لو سمحتن ضيفاتي العزيزات، عدد الحركات أو المنظمات النسائية الناشطة في الضفة الغربية يبلغ 1200 مؤسسة من أصل 1800 مؤسسة غير حكومية أخرى، حجم المساعدات يصل إلى حوالي 69 مليون دولار، أي أضعاف الدعم للمجال الزراعي والصناعي و70% من المبالغ المقدمة لهذه المنظمات تذهب إلى أشياء من قبيل مكاتب، رواتب، تذاكر سفر، إقامات في فنادق إلى غير ذلك السؤال هنا: ما الحاجة في وضع كالوضع الفلسطيني إلى هذا العدد الكبير من الحركات أو الجمعيات النسائية؟ وماذا تفعل في نهاية المطاف؟ ما الذي تحققه من خلال نشاطها؟ وحجم الدعم لماذا هو بهذه الكثافة في مجال في الواقع لا يحتاج كثير من المبالغ؟

منى يكن: نعم، صدقتِ أختي ليلى، ما يُصرف الآن وما يُبذل في العالم على التنظيمات وعلى الحركات نسوية أو غير نسوية، أصبحت أكبر من أن تُحصى وتُعد، وفعلاً نحن كشعوب نامية وكشعوب لازالت يعني في طور النماء، في طور التطور، في طور لسه بعد ما تحررنا مثل ما قلنا في فلسطين وفي غيرها، فلا داعي لكل هذه النفقات على عمل اجتماعي أو عمل في القطاع العام بشكل بحت، المطلوب أن نجند أنفسنا وأن نكون متطوعات في العمل، نحن فهمنا العمل العام، العمل الاجتماعي هو تطوعي لكن للأسف يبدو أن هذه الأيام قليلات هن الرائدات اللواتي يعملن بجد واجتهاد دون أجر ودون مقابل، إضافة إلى الصورة.. يعني الخيالية التي أصبحت عندنا، بأننا يجب أن نكون في فنادق -كما قلت- خمسة نجوم -أو كما قالت الأخت أسماء لا أدري- أن نترفه أن يعني نعيش حياة بذخ أصبحت مدعاة لأن نتقاتل ربما حتى على رئاسات الجمعيات، رئاسات المنظمات، حتى نصل إلى هذا المستوى من الرفاهية والعيش الرغيد مع الأسف، نحن نفهم يجب أن نكون في الحركات النسائية مجاهدات مجندات من أجل خدمة الصالح العام، من أجل رفع مستوى الأمة، من أجل تربية الأجيال، من أجل الدفاع عن حقوق الوطن، ليس فقط المرأة. الوطن بكامله، لكن عندما يجد الأجنبي فينا أي استعداد لتقبُّل نصائحه، لتقبل برامجه، لتقبل التوصيات التي.. التي يأتي بها إلينا في الكثير من المؤتمرات، لا شك أنه سيبذل المال الكثير والوفير من أجل أن يشتري فكرنا، من أجل أن يشتري خطنا وطريقنا وثقافتنا، نحن لا نبدأ.. لا نزعم أبداً أن جميع الحركات النسائية تأخذ أفكار من الغرب أو من الأجنبي، أبداً. ولكن نعترف بأن هناك البعض من جمعياتنا التي لولا أن يمدها المال من الخارج، لما قامت ولما ظهرت إلى العيان، هذه من ناحية..

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب دكتورة.. دكتورة منى لو.. لو بقينا في المثال الفلسطيني تحديداً، نظراً لحساسية الوضع الفلسطيني حالياً، أتوجه بالسؤال إلى السيدة منى عباس، حتى لا.. يعني لا يقتصر حديثك أو تحليلك للوضع الخليجي، أكيد أنك مطلعة على واقع الحركة النسائية العربية من الخليج إلى المحيط، هذا العدد المهول 1200 جمعية نسائية، وكل هذا الكرم في الإغداق عليها بمساعدات تقريب 70 مليون دولار يعني معلومة إضافية، كل هذا بدأ منذ توقيع معاهدة (أوسلو) عام 1993، هل يمكن أن يكون لمجرد مساعدة المرأة الفلسطينية، أم هناك أهداف أخرى غير معلنة من طرف من يُموِّل ومن يقدم هذه المساعدات؟

منى عباس: هو من غير شك يعني أكيد إن هذه الأموال المرصودة إلى هذه الحركات يجب التوقف عندها، ويجب التساؤل عندها، لكن أيضاً لا يجب إن إحنا تأخذنا مسألة التشكيك ومسألة المساءلة إلى الحركة النسائية بحيث إن إحنا نضعها في قفص الاتهام، والقصور في أداء واجبها الوطني تجاه وطنها، أن.. أن الآخرين يخططون ويضعون ضمن استراتيجيتهم عملية الاختراق.. يعني نتحدث عنها، هذا لا يعني أن الجهة المتلقية إلى المساعدة هذه تكون هي مسؤولة إلا في حالة واحدة لما يكون فيه هناك قصور في عملية الوعي وفي تحصين النفس، أنا ما أعتقد إن فيه هناك مانع بأن يعني أدخل ضمن برامج واستراتيجيات التأثير المنظمات العالمية فيما يتعلق بكثير من الشعارات المطروحة، حقوق الإنسان مقاومة العنف..

ليلى الشايب: ضد المرأة..

منى عباس: ضد المرأة، إلى آخره من الشعارات المطروحة، لكن يجب أن لا أقفز على واقعي اللي يعني أتعايش معه يجب أن لما أتحدث يعني كمثل أتحدث عن العنف أو أتحدث عن الفقر، يجب أن أدقق في مجتمعي، هل لدي قوانين تحمي المرأة من ممارسة العنف عليها؟ هل هناك لدينا قوانين أحوال شخصية متطورة ومتمدنة تواكب العصر؟ وبنرجع إلى نقطة مهمة، اللي هي مسألة الديمقراطية وإلى آخره، أنا أعتقد أن.. أن إن إحنا..

ليلى الشايب [مقاطعة]: قبل.. قبل أن تستنتجي سيدة منى، في سياق القفز على الواقع الاجتماعي للحركات النسائية مثلاً والمنظمات النسائية في فلسطين تحديداً، وأنتما الاثنتان فهمت أنكما ترفضان نظرية الاختراق أو.. أو المؤامرة إلى غير ذلك، لكن أعطي مثال بسيط: في الأراضي الفلسطينية اهتمت.. اهتم عدد من الجمعيات النسائية بمسألة مثلاً الإرث، مثلاً العنف -كما ذكرت السيدة منى- الممارس ضد المرأة إلى غير ذلك..

د.فريدة النقاش: العنف ضد المرأة..

ليلى الشايب: وتجاهلن -ربما عن قصد أو غير قصد- واقع أبشع وأصعب، وهو معاناة المرأة اليومية، لتوفير قوتها وقوت أبناءها، ودعون.. يعني الدعوة كانت شديدة لمراجعة قوانين الإرث إلى غير ذلك..

د.فريدة النقاش: الأحوال الشخصية.. قوانين الأحوال الشخصية أساساً..

ليلى الشايب: بما أوصل الموضوع تقريباً إلى حافة الفتنة الاجتماعية والدينية أليس هذا.. أو أليس مطلوب من هذه الجمعيات في هذا السياق وفي هذا الوقع تحديد أولوياتها؟

د.فريدة النقاش: تسمحي لي، ليست كل القيم الاجتماعية ولا القيم التي يُقال أنها دينية، وأحياناً تكون مؤسسة على تفسير تقليدي وقديم للدين ومعادي للمرأة، ليست كلها ولا ينبغي أن تكون موضع احترام، والآن الفلسطينيون أنفسهم يقولون -بصرف النظر عن المطالب الخارجية- إن الإصلاح الديمقراطي ضروري، ومن ضمن الإصلاح الديمقراطي وعلى رأس أولوياته إصلاح أوضاع المرأة الفلسطينية، لأن فكرة الأولويات دي ماذا كانت نتيجتها؟ كانت نتيجتها إنه فضلت قضية المرأة توضع في آخر قائمة العمل الوطني، في ثورة 19، حتى الحركة النسائية بقيادة هدى شعراوي حطت مطالب المرأة الخاصة بالتعليم وبالمشاركة السياسية في آخر مطالبها وأول مطالبها هو القضاء على الاحتلال وإلى آخره، فماذا كانت النتيجة؟ جاء دستور 1923 ولم يعطي للمرأة التي استشهدت في ثورة 19 حق المشاركة السياسية، ولا حق التعليم العالي، رغم هذا.. هذه المساهمة المرأة الفلسطينية الآن تشارك بشكل واسع جداً في أعمال الانتفاضة..

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب، ومن يحدد أهدافها وبرامجها؟

د.فريدة النقاش: تحددها المرأة هي نفسها.. تحددها المرأة هي نفسها..

ليلى الشايب: أكيد؟

د.فريدة النقاش: طبعاً تحددها لأنها إنسان، علينا أن نعترف بها كإنسان، وليس مجرد مواطن من الدرجة الثانية، كما هو الوضع في الوطن العربي وفي فلسطين.. في فلسطين الآن يقولون: إن التحول الاجتماعي ضروري لكي نستطيع أن نحرر بلادنا.. لكي نحرر الوطن، علينا أن نكون بشراً..

ليلى الشايب [مقاطعة]: لماذا.. لماذا كل..

د.فريدة النقاش: [مستأنفة]: بشراً أحراراً..

ليلى الشايب: لماذا كل هذا الاهتمام..

د.فريدة النقاش: وهذا الإغداق.. نقطة الإغداق..

ليلى الشايب: بواقع المرأة الفلسطينية، بعد معاهدة أوسلو، يعني التاريخ مهم في هذه الحال.

د.فريدة النقاش: نقطة الإغداق سوف أتحدث عنها بسرعة، أولاً: مؤسسات التمويل الدولية تمول عمليات الإغاثة والمنظمات النسائية تقوم بعمليات إغاثة هائلة في ظل الانتفاضة وفي ظل الاحتلال، فمن الظلم البالغ أن نعمم…

ليلى الشايب: لأ. غير الإغاثة والمساعدات الإنسانية، نتكلم عن.. عن تغيير أو تطوير..

د.فريدة النقاش: لأ، وتناضل من أجل.. من أجل قانون أحوال شخصية، لأن الآن الدستور الفلسطيني مطروح للنقاش، وإذا لم يتضمن الدستور الفلسطيني حقوقاً للمرأة فسوف تكون معركتها منتقلة إلى القرن القادم، لأ.. ليس هناك تناقض بين التحرر..

ليلى الشايب: طيب.. سيدة منى أستسمحك في التوقف قليلاً..

د.فريدة النقاش: الوطني والتحرر الاجتماعي.

ليلى الشايب: طيب سأعود إليك بعد تلقي مكالمة من ألمانيا وكمال شكري، كمال.

كمال شكري: تحية لك يا أخت ليلى، وتحية للسيدات الأعزاء في الأستوديو، هنتكلم في محورين أساسيين، أنا في وجهة نظري: المحور الأساسي الأول: إن المرأة المصرية والمرأة العربية بشكل عام..

ليلى الشايب[مقاطعةً]: لو سمحت.. يا كمال لو سمحت ارفع الصوت قليلاً، لكي نستمع إليك..

كمال شكري: اتفضلي.. اتفضلي.. نعم؟ أنا مش سامعك الحقيقة شوية، مرة ثانية لو سمحتي.. آلو.

ليلى الشايب: تفضل يا كمال نحن في الاستماع.

كمال شكري: أيوه، المحور الأساسي الأول: إن المرأة العربية مرأة..

ليلى الشايب: يبدو أن المكالمة ربما انقطعت..

كمال شكري: استهلاكية بحتة، لا.. لا تساعد في الإنتاج..

ليلى الشايب: طيب، نعود إلى السيدة..

كمال شكري: والوجود في.. آلو..

ليلى الشايب: السيدة فريدة..

كمال شكري: سمعاني حضرتك؟

ليلى الشايب: نعم، أسمعك الآن يا كمال تفضل.

كمال شكري: أيوه، بالنسبة للمرأة في الخليج، بوضع خاص، المرأة في الخليج لا تشارك إطلاقاً ولا تريد إطلاقاً ما يتم حالياً في الخليج، احتلال أرضها لا تريده المرأة في الخليج وأنا يعني.. يعني واقعي في هذا التعبير وأعلمه جيداً، والسيدة الموجودة عندك في الأستوديو من الخليج تقدر تعقب على هذا..

ليلى الشايب: السيدة منى عباس.

كمال شكري: إنما السيدة في الخليج لم تُسأل، المرأة الفلسطينية عليها عاتق كبير جداً..

ليلى الشايب: على عاتقها..

كمال شكري: المرأة في.. بعد ثورة 52 في مصر كانت في.. الفتوة في المدرسة في الكشَّافة، في التربية العسكرية لتُدرب على حماية مجتمعها، جميلة بوحريد في الجزائر، لازم نعرف الأمثال دي علشان الناس ما تقولش إن دي موضة قديمة أو موضة جديدة، اللي إحنا شايفينه حالياً يا أخت ليلى، التخلف بعينه، يعني كون إن نصف المجتمع يُحيَّد والناس دي تبقى استهلاكية فقط علشان تشتري الروج والمانيكير والباديكير والكلام الفاضي دا، وسايبين مجتمعهم يضمحل، لأن المرأة على.. يعني عليها عاتق كبير جداً جداً، وهو تربية الأجيال والمشاركة في المجتمع بطريقة عادية جداً، زرع الأشجار، نظافة المنازل، تعليم ولادها التربية السليمة، مش تعليم ولادها إنهم ينزلوا يروحوا (الماكدونالدز) يشتروا أو يطلبوا بالتليفون..

ليلى الشايب [مقاطعة]: يا كمال.. هل.. هل

كمال شكري: يشتروا يطلبوا الكلام.. أنا مش عايز أطلب.. مش عايز أقول ماركات معينة..

ليلى الشايب: هل تريد أو تخص بالحديث المرأة؟

كمال شكري: إنما الكلام دا معروف الـFast food عموماً بيعتبروه في مصر اللي أنا شفته، إن دا عبارة عن برستيج رفيع جداً، إنه بيرفع التليفون ويشتري، والكلام دا في الخليج موجود على عينك يا تاجر. ودا ما نقدرش..

ليلى الشايب: لو تابعنا حملات مقاطعة

كمال شكري: نحرر به مجتمع يا أخت ليلى.. اتفضلي.

ليلى الشايب: مثل هذه المطاعم أو أي بضائع أميركية، يعني لنقل الحق يا كمال، حدث هذا في أكثر من بلد عربي..

كمال شكري: يعني أنا مش عايز أتكلم لأن أنا اتكلمت كذا مرة.. اتفضلي حضرتك…

د.فريدة النقاش: ولعبت المرأة دور أساسي.

ليلى الشايب: وكانت المرأة هي التي دعت إلى ذلك،..

د.فريدة النقاش: مضبوط.. مضبوط

ليلى الشايب: يعني حثت أطفالها على عدم التعامل مع مثل هذه المؤسسات، طيب شكراً لك كمال من ألمانيا، سيدة فريدة إذن تقولين أنه الأولويات

د.فريدة النقاش: التحرر الوطني..

ليلى الشايب: تحددها البرامج.. تحددها المرأة نفسها..

أولويات الحركة النسائية العربية وتأثير التمويل الخارجي عليها

د.فريدة النقاش: التحرر الوطني لا ينبغي أن يتناقض أبداً مع التحرر الاجتماعي والإنساني هذه التجربة خاضتها الثورة الجزائرية ونعرف كيف وصلت المرأة الجزائرية بعد أن شاركت في عملية التحرير على نطاق واسع وفوجئت بأن وضعها متدهور وسيئ، نفس الشيء المرأة الفيتنامية شاركت في الثورة، واستشهدت وقاتلت، ثم عادت لتجد نفسها مواطناً من الدرجة الثانية، ليس هناك تناقض أبداً بل.. بين أن نطرح قضية التحرر الوطني وقضية تحرر المرأة جنباً إلى جنب دون أن نرتب الأولويات ونضعها في ذيل القائمة كما هو وضع المرأة في المجتمع عموماً.

ليلى الشايب: طب لو طلبت منك بسرعة ترتيب أو وضع قائمة لأولويات العمل النسائي..

د.فريدة النقاش: [مقاطعة]: أنا أضعها جنب بعضها البعض..

ليلى الشايب: العربي في هذه المرحلة التي نمر بها؟ ماذا يمكن أن تقولي؟

د.فريدة النقاش: بطبيعة الحال، التحرر الوطني. هناك لدينا قضية فلسطين، لكن أنا لا أرتبها بالتنازل أنا أضعها جنب بعضها البعض، قضية تحرر المرأة، قضية الديمقراطية والحريات العامة قضية المواطنة، المواطنة العربية مُنتهكة على كل المستويات، وقضية التحرر الاجتماعي، نفي الاستغلال، التقسيم العادل لثروة البلاد إلى آخره، لأن الفقر ازداد بشكل فظيع جداً في بلدان الوطن العربي، بالذات البلدان غير النفطية، فبالتالي: لا أستطيع أن أقول نبدأ أولاً بتحرير الوطن حدث هذا من قبل، وقيل لنا: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وتدهورت الأوضاع في كل المناحي، في الحياة الديمقراطية وفي أوضاع المرأة وفي الحريات العامة، بالتالي: علينا أن نخوض المعارك كلها إلى جانب بعضها البعض، وليس واحدة قبل الأخرى..

منى عباس: سلسلة متكاملة.. سلسلة متكاملة.

[فاصل إعلاني]

ليلى الشايب: كنا بصدد الحديث عن مدى الاستقلالية أو الهامش الذي تتمتع به الجمعيات والمنظمات النسائية في العالم العربي، هامش الحرية في ترتيب أولوياتها وإن كان الدعم يأتي من الخارج، فأي حرية يمكن أن تتبقى لهذه المنظمات؟ يبدو أن الدكتورة منى يكن من بيروت تريد التعقيب على ما قالته السيدة فريدة، تفضلي دكتورة.

منى يكن: نعم، شكراً. الحقيقة موضوعنا أظنه توسع أكثر من اللازم وانتقلنا من السؤال المحدود إلى.. يعني نقاط غير محدودة ولا نستطيع أن نجمل الآن ما يعني تبعثر، المهم يا أخت ليلى والدكتورة نقاش يعني هي تركز على قضية الناحية الاجتماعية، من قال أننا لا نريد أن نرتب بيتنا من الداخل؟ يعني عندما نحن نتحرر من المستعمر، عندما نحرر وطننا من الأجنبي، علينا أيضاً أن نسير جنباً إلى جنب بترتيب أمورنا الداخلية، هذا صحيح. لكن أنا فهمت السؤال يا أخت ليلى على أن الجمعيات التي ترتبط مع الأجنبي، مع الخارج بالدعم المادي. هنا السؤال يأتي وهنا علامة استفهام تأتي نضعها علامة استفهام كبيرة وكبيرة جداً: لماذا يمدنا هذا الأجنبي بما يمدنا به من أموال؟ هل من أجل أن نصل فقط لحل مشكلة مثلاً الإرث؟ أو مشكلة نعدل في الأحوال الشخصية؟ أو أن نقول بأن المرأة الآن أصبحت تستطيع أن تقترع وتنتخب أو تترشح إلى المجالس البرلمانية؟ ما أظن أن هذا هو المطلوب منا نحن كجمعيات نسائية مهتمة بوضع البلد بشكل عام..

ليلى الشايب [مقاطعة]: ما هو المطلوب إذن دكتورة؟

منى يكن: الأجنبي لا يضع ماله بيننا، عفواً..

ليلى الشايب: نعم، ما هو المطلوب إذن؟ أنتظر إجابة على سؤالك.

منى يكن: نعم، نحن نقول بأن الحركات النسوية عليها أن تعتمد على نفسها نعم نحن مع الكفاح، مع الجهاد مع التحرر، التحرر الذي يحق لنا أن نطالب به نحن العرب ونحن المسلمين، يعني نحن لا يجوز لنا أن نقول وأن نطالب بما يطالب به الغرب أو ندَّعي ما تدعيه المرأة الغربية، نحن لنا ثقافة معينة نحن لنا ثوابت وعندنا ضوابط شرعية لا نأخذها من الرجل أبداً، وإنما نأخذها من الله -عز وجل- الذي خلقني وخلق الرجل معي، أنا عندي الضوابط الشرعية هي التي ترتب لي بيتي، قبل أن أرتبها أنا. وما أظن أن المرأة العربية والمسلمة بالذات..

ليلى الشايب[مقاطعة]: عفواً دكتورة منى..

منى يكن: هذه فقط هذه النقطة لو سمحتِ

ليلى الشايب: عفواً للمقاطعة، لا.. لأ قبل أن تواصلي لأنك الآن بصدد الحديث عن الأهداف فيما كان سؤالك حول: لماذا تمنحنا جهات أجنبية الأموال؟ ربما تجيبك نساء بأنه نظراً..

منى يكن: لنشر ثقافتها، هي تريد أن..

ليلى الشايب: نظراً لشح التمويل الداخلي يعني، لأن الحكومات لا تمنح مبالغ بالضخامة التي تمنحها جهات أجنبية، لهذا السبب تقبل بالتمويل الأجنبي وبالكرم الأجنبي، لكن ما هو الثمن الذي تدفعه بعد ذلك؟

منى يكن: نعم، يعني أنا عندما أقبض من الأجنبي لأطالب الدولة عندي أو النظام عندي بتغيير الأحوال الشخصية.. قانون الأحوال الشخصية ما أظن أن هذا مباح، المفروض أن أعتمد على نفسي، أن أدرس حاجاتي، أن أدرس مشكلاتي الداخلية وأن أطالب بها وهذه المطالبة لا تحتاج إلى أموال على ما أظن، أنا أستطيع أن أقدم في كل يوم كحركة نسائية في البلد كل يوم مذكرة إلى الدولة وإلى المعنيين وإلى مجالس التشريع في بلدي، ودون أن أحتاج لأي مال من الأجنبي، لا بأس أن أطالب بحقوقي كإمرأة وما أظن أن المسلمة عندها أي غضاضة أو أي شعور بالنقص من ناحية حقوقها، لأن الإسلام هو الذي منحنا هذه الحقوق، ماذا يطلب منا الأجنبي الآن.. أن نتحرر من ماذا؟ أن نتحرر من الدين هو يطلب، أن نتحرر من التراث، أن نتحرر من ثقافتنا، أن نتحرر من أصالتنا لكي نواكبه فيما يخططه لنا هو من خلال أروقة الأمم المتحدة وغيرها، نحن نعرف كيف تحاصر أفكار الهيئات الإسلامية والهيئات الملتزمة في الأمم المتحدة نفسها، وتُملى عليها صياغات مبطنة، وتُملى عليها صياغات مقولبة ومهيأة بكلمات مطاطة كي يصلوا إلى قناعتنا الداخلية وكي يحققوا من خلالنا هذه الثقافة التي يريدوا أن يعولموا بها العالم، نحن لسنا ضد العولمة يعني العلمية، نحن لسنا ضد العولمة الحضارية، ولكننا نحن ضد التسلط في العولمة وأن نخضع جميعاً لنظام أحادي عالمي واحد.

ليلى الشايب [مقاطعة]: أو ضد عولمة القيم.. نعم.. نعم والقيم التي تتعارض مع قيمنا.

منى يكن: فيعني هذا ما أرجو أن أوضحه..

ليلى الشايب: طيب الدكتورة منى.. طيب معنا مكالمة من بيروت إقبال مراد (رئيسة المجلس النسائي اللبناني) سيدة إقبال، تفضلي.

إقبال مراد: مساء الخير.

ليلى الشايب: مساء النور.

المحامية/ إقبال مراد (رئيسة المجلس النسائي اللبناني): أنا بدي أرجع للموضوع الأساسي وهو مستقبل الحركة النسائية العربية، واللي بدنا.. إذا بنفهمه من قصة الحركة يعني هي التلاحم مع الجماهير والنظر بحاجاتهم، ونحن بوضعنا فيما يخص المرأة.. آلو.. آلو

ليلى الشايب: نعم، أنا أسمعك سيدة إقبال..

إقبال مراد: تسمعيني و.. و.. ولذلك فإن الأزمة التي تمر بها الحركة النسائية العربية هي جزء من الأزمة التي تمر بها حركة التنمية العربية بكاملها والحركة حتى النقابية العربية، كل الحركات العربية الآن تقريباً في حالة جذر وهايدا شيء سيئ جداً، اللي بدي أقوله أنا إنه الحركة النسائية العربية غلطت بشيء إنه لما كانت تشتغل تنزل بحركة التحرر الوطني كانت تقدم ما لا يمكن أن يُقدَّم ومثل الرجل تماماً، وعندما يتم الاستقلال تتراجع هذه الحركة ومن الرجل ومن المرأة وتقنع بما أن.. بأن هذا آخر المطاف، أنا برأيي عندما يتم التحرر الوطني يبدأ المطاف ولا ينتهي و.. وتبدأ عملية التنمية، وعملية التنمية لا يمكن أن تتم بدون مشاركة المرأة يا اللي هي نص المجتمع ومربية النصف الآخر، بدون التنمية وتحرر المرأة الاقتصادي مش، و.. و.. وبناءً على تراثنا ومواكبته لحركة الجماهير ولمطاليبها وحركة الجماهير النسائية بصورة خاصة لا يمكن أن تصل الحركات النسائية إلا لأنها مثل ما قالت الدكتورة منى مجموعة جمعيات، أنا أقصد بالحركة النسائية هي أكثر من مجموعة الجمعيات، هي مجموعة مطالب تتفق عليها بشكل أساسي كل الفئات بالوطن العربي كل حسب وضعه و.. ولكن فيه إلها سقف تقريباً واحد هو التحرر الاقتصادي، هو تعديل.. تعديل قوانين الأحوال الشخصية التي وضعها الأتراك ولا نزال و.. وفيه منها قسم يعني بعيد عن الشريعة الإسلامية أو لا يتعاطى معها، ولا يتعارض… يعني يتعارض معها، هايدي ممكن نقدر نغيرها بحدود الشرع وهو القرآن الكريم، فالمفروض لأ يكون فيه تعديل ولكن تعديل مدروس بما يختص بحاجتنا، ولكنا أنا بأقول..

ليلى الشايب [مقاطعة]: باختصار لو سمحت يا سيدة إقبال.

إقبال مراد [مستأنفة]: الأجانب لما بيعطوا الحركات النسائية تمويل.. هذا التمويل أكيد فيه جزء مشكوك فيه، لأنه ما حداً بيعطيكِ شيء بدون ما ياخد مقابله، أنا برأيي إنه دايماً الحركة النسائية العربية وكل الحركات التحررية يجب أن تعتمد على نفسها في التمويل، وممكن هايدا يصير إذا قدروا يصير فيه حركة مضبوطة جماهيرية ممكن يقدروا الناس بتطوعهم، باتفاقهم مع بعضهم، بالاشتراك الواحد بقسم بسيط يقدروا يمولوا حالهم ويمشوا بحركة جماهيرية، لأنه أنا بألاقي إنه فيه كتير عم يجينا مثلاً أشياء نحن كمجلس نسائي ونحن يعني اتحاد النساء اللبنانيات وفيه معنا حتى جمعيات مشتركة نساء ورجال بنقول إنه التمويل بده يكون غير مشروط ونحن نضع البرامج التي تتناسب مع بلدنا ومع.. مع تتناسب مع حاجاتنا، إذا رضوا يمولونا بها الشكل كان بها، وإلا نحن لا..

ليلى الشايب [مقاطعة]: سيدة.. سيدة إقبال شكراً لك، أتيت تقريباً على كل مفاتيح المشكلة، سيدة إقبال مراد من بيروت شكراً لك، سيدة فريدة..

منى عباس: ليلى اسمحي لي..

د.فريدة النقاش: أولاً التمويل الأجنبي اللي أنتوا ركزتوا قوي عليه أصلاً جاي للحكومات، أصلاً الحكومات العربية تتلقى معونات ومساعدات وقروض أجنبية بالمليارات والتمويل الذي يذهب إلى الجمعيات هو جزء..

ليلى الشايب [مقاطعاً]: نحن.. لا لا.. نحن.. سيدة فريدة، نحن نتحدث على ما يمنح مباشرة لهذه المنظمات والجمعيات..

منى عباس: المنظمات الحكومية..

د.فريدة النقاش: هو جزء ضئيل وتافه جداً جداً من التمويل الذي يذهب إلى الحكومات أصلاً.

منى عباس: أو تعطى إلى منظمات أقرب إلى الحكومات.

د.فريدة النقاش: أو.. أو منظمات حكومية، يعني منظمات أهلية لكن مرتبطة بالحكومات يُغدق عليها بالملايين وليس صحيحاً إن كل..

ليلى الشايب: مثلاً.. طيب أعود للرقم الذي ذكرته في الحالة الفلسطينية.

د.فريدة النقاش: في الحالة الفلسطينية، السلطة الفلسطينية تتلقى..

ليلى الشايب: 70 مليون دولار تُعطى للنساء ولا.. ولا.. ولا تمنح للسلطة لتنفقها حسب أولوياتها.

د.فريدة النقاش: لأ، تُمنح للسلطة، مين قال إنه لا تُمنح للسلطة؟ هذا غير صحيح، السلطة تأخذ أضعاف الأضعاف أضعاف..

ليلى الشايب: وأضعاف ما.. ما يمكن أن يوجه أو يُفترض عفواً سيدة فريدة أن.. أن ينفق..

د.فريدة النقاش: إذا كان هذا الرقم صحيحاً أنا لست واثقة.

ليلى الشايب: لا لا نحن يعني نعود إلى مصادر موثوقة بنسبة كبيرة.

د.فريدة النقاش: any way.

ليلى الشايب: طيب السيدة إقبال مراد تطرقت إلى مواضيع هامة مسألة التطوع، مسألة التبرع

د.فريدة النقاش: طبعاً.

ليلى الشايب: مسألة الانخراط إلى غير ذلك.

د.فريدة النقاش: طبعاً هو الأساس.. هو الأساس، التطوع هو الأساس.

الحركات النسائية العربية وعلاقاتها على المستوى الشعبي والاجتماعي

ليلى الشايب: سيدة.. سيدة منى.. رجاءً.. نعم سأعود لك، طيب السيدة منى كل ما ذكرته عن التطوع والانخراط والتبرع إلى غير ذلك يُحيلنا إلى الحديث عن التعاطي الشعبي تعاطي فئات نسائية مع هذه الجمعيات، كأن هذا التعاطي.. كأن هذه العلاقة مفقودة فقدان هذه العلاقة الملاحظون أو المنتقدون يُرجعونها إلى غياب أو تفسخ هوية هذه الجمعيات والحركة النسائية العربية ككل، هل في مثل هذا القول هذا انتقاد جزء ولو بسيط من الصح؟

منى عباس: مما لا شك فيه أنا بأتفق بأرجع إلى بداية الحلقة، بأتفق مع الدكتورة فريدة بأن فيه هناك..

ليلى الشايب: خالفيها ولو مرة يا منى.

منى عباس: يعني بأخالفها أنا كتير يعني ما بتشيلي هم، بأتفق معاها إن نحن لا نمر بأزمة بهذا الحجم اللي يعني البعض يتصوره، عندنا إشكاليات وعندنا مجموعة من الاختلالات، وهذا الاشكاليات وهذه الاختلالات ليست يعني وليدة أو رغبة الحركة النسائية، هي يمكن ظروف موضوعية مفروضة عليها، فيه هناك حالة اقتراب، فيه هناك فجوة يعني بين هذه الحركة النسائية في بعض المناطق إن جازت أيضاً تسميتها حركة نسائية، نعم موجودة يعني هذه الفجوة، ما هي أسبابها؟ بالإمكان البحث فيها، يعني أنا بأرد أرجع بعد إلى بداية الحلقة وبأشير..

ليلى الشايب: أعطينا أبرز الأسباب على الأقل.

منى عباس: أبرز الأسباب، النقطة اللي أشارت لها الدكتورة فريدة هي مسألة الواقع السياسي، الواقع السياسي هذه الحلقة الأساسية الرئيسية فيه غياب حريات، فيه غياب برامج جادة للتغيير والإصلاح، فيه عملية تراجعات عن الإصلاح، يعني بعض الأنظمة تدخل في برامج إصلاحية..

ليلى الشايب [مقاطعة]: سيدة.. سيدة منى عفواً، يعني الخطر فيما بين قوسين طبعاً فيما تقولانه وتبررانه بـ.. تبرران به جمود أو.. أو.. أو على الأقل ليست دائماً على..

منى عباس: لا أنا.. أنا هآجي لك شو تأثيرات هاي.. أنا هآجي لك

ليلى الشايب: الحركات النسائية أو الحركة النسائية العربية عن واقعها غياب الديمقراطية..

منى عباس: هي.. أنا.. أنا بآجي لك، غياب.. غيابها..

ليلى الشايب: الديمقراطية غائبة في كل الحالات هل هذا يبرر أو يحلل كل.. يعني كل ما.. ما تؤاخذ عليه؟

منى عباس: تقييدها، تقييد الحريات، إحنا في مجتمعاتنا الخليجية وهذا أنا واقع عايشتنه تقييد الحريات والتضييق والتراجعات اللي.. اللي تصير حتى على مستوى المشاريع الإصلاحية ما هي انعكاساتها؟ انعكاساتها إنها تخلق نوع من اللامبالاة واللااهتمام وتخلق حالة من حالات الإحباط يُضاف إليها.. يُضاف إليها الثقافة الاستهلاكية المنتشرة في مجتمعاتنا، تعطينا نتيجة بأن هذا الإنسان في هذا المجتمع وهذه المرأة لا تتفاعل مع قضاياها، ولا مستعدة أن تتفاعل مع المؤسسات اللي أو تنخرط في عمل المؤسسات اللي ممكن أن تؤدي دور في هذا المجتمع، هذا تأثير الواقع، يعني قد لا يكون تأثير مباشر 100% بس بالإمكان إنه الحديث عنه وبتعمق، أيضاً عندنا عوامل يعني مجتمعية أنا أشرت إليها هي مسألة ثقافة الاستهلاك واللي ذكرها الأخ اللي اتصل، هذه.. يعني أنا أعتقد إن لها تأثير جداً جداً كبير، وأعطيك دلالة على ذلك، خريجات.. الخريجات المتعلمات وحملة الشهادات العالية عندنا في الخليج وفي مناطق معينة من الخليج جداً مرتفعة، لكن أين هؤلاء النساء من العمل؟ هن غير منخرطات ولا وجود لهن في المؤسسات، وأيضاً حتى..

ليلى الشايب[مقاطعة]: ربما لأن برامجكم غير جذابة بالنسبة إليهن.

منى عباس: طيب ليش ما يخلقوا هن برامج، ليش.. مؤهلن أصحاب الشهادات والعلم، الثقافة..

ليلى الشايب: لكن.. لكن أنتن.. أنتن من يستقطب وليس العكس سيدة منى..

منى عباس: معلش، الثقافة.. الثقافة

ليلى الشايب: هؤلاء منخرطات يعني جديدات على مثل هذا النشاط، فكيف تطلبون منهن أن.. أن يأتين أو يقترحن أفكار؟

منى عباس: الثقافة.. الثقافة الاستهلاكية تجعل هؤلاء النساء منغمسات في ذاتياتهم وفي تطلعاتهم الشخصية بعيداً عن تطلعات المجتمع ومشاكله، وهذا يؤثر يعني بدرجة كبيرة على فاعلية المؤسسات أنت تنشئ مؤسسة وتحرص وتعمل برامج توعية وتذهب إلى المواقع ولا تلقى أي تجاوب، فيعني ما هذا.. يعني

ليلى الشايب: هل.. هل الحركة هي التي تقود المجتمع أو تهتم أو تسلط الضوء على هموم المجتمع، أم المجتمع العريض الكبير هو الذي..

منى عباس: المجتمع مليء بالإشكاليات، مليء بالمشاكل، يعتمد على الحركة وقدرتها على تلمس هذه المشاكل وتبنيها وطرح برامج وطرح شعارات واستقطاب أفراد المجتمع من أجل العمل معاها، أنت عندك.. أنت عندك خلل..

ليلى الشايب [مقاطعة]: القاعدة سيدة منى في.. في مثل.. في مثل هذه الحالات دائماً القاعدة أنه أي مجموعة سواء كانت حزب سياسي أو جمعية نسائية أو حتى جمعية رياضية هي التي بأهمية أفكارها وطرافتها وجدتها وأهميتها هي التي تجلب الجمهور وليس العكس، أنت هنا تقلبين الآية تماماً.

منى عباس: لأ، أنا أقصد بأن المشاكل موجودة والإشكاليات موجودة في المجتمع إذا هذه المؤسسات قدرت على التقاط هذه الإشكاليات وهذه القضايا، وقد.. استطاعت أن تتبناها وتطرح برامج بشعارات قابلة للتطبيق ومعتمدة على الإمكانيات الذاتية بالأساس، وأنا أتفق مع الدكتورة بأن بتمويل محلي وبقدرات محلية و.. وإلى آخره إذا استطاعت هذه الحركة قد بالتعاون.. بالتجاوب من أطراف المجتمع الثانية أن تحقق شيئاً ما، ولكن لما نكون فيه هناك سلبية، لما نكون فيه هناك واقع مختل..

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب الوضع.. الوضع عفواً للمقاطعة سيدة منى..

منى عباس: تفضلي.

ليلى الشايب: الوضع الذي يمر به عالمنا العربي خاصة في فلسطين والعراق هل.. هل رصدنا أي تحرك ذي شأن أهمية مثلاً الاتحاد النسائي..

د.فريدة النقاش: المظاهرات.. المظاهرات كلها فيها نساء..

ليلى الشايب: عفواً سيدة فريدة، الاتحاد النسائي العربي العام ترأسه حالياً أو يترأسه العراق، ولكن ماذا.. ماذا فعل هذا الاتحاد؟

د.فريدة النقاش: هذا يعود بنا إلى المشكلة الأساسية وهي التسلط الحكومي الرسمي على مؤسسات الشعب.

ليلى الشايب: أليس من مصلحة الحكومة العراقية أن توظف مؤسساتها لكي يعني يوصل صوتها إلى العالم؟!

د.فريدة النقاش: لكن هذا تاريخ طويل.. هذا تاريخ طويل.. هذا تاريخ طويل حاولوا فيه إخضاع كل المؤسسات النسائية العربية للهيمنة العراقية والمؤسسات رفضت، رغم أننا نساند العراق ونرفض العدوان عليه ونخرج في المظاهرات، وعلى فكرة الحركة النسائية العربية ليست غائبة عن العمل من أجل العراق ومن أجل فلسطين في كل المظاهرات.

منى عباس: صحيح.

د.فريدة النقاش: في كل عمليات مقاطعة.. مقاومة التطبيع ومقاومة الصهيونية، في مصر هناك لجنة نسائية لمقاومة الصهيونية من هذه الجمعيات الجديدة التي يوجه إليها الاتهام، يعني ليس صحيحاً أن الحركة النسائية الجديدة هي معزولة عن المطالب الوطنية، الجديد فيها أنها تضع مطالب النساء إلى جانب المطالب الوطنية جنباً إلى جنب وفي عملية متكاملة تسير مع بعضها البعض.

منى عباس: أنا أحب..

د.فريدة النقاش: آتي.. آتي.. نقطة أخيرة دكتورة منى.. دكتورة منى في بيروت..

ليلى الشايب: سأعود إليك سيدة فريدة أذهب إلى بيروت، سأعود إليك منى في هذا الجانب.. سأعود إليكما..

د.فريدة النقاش: أريد أن أرد عليها.

منى عباس: بس أريد أضيف نقطة واحدة في هذا الجانب نقطة واحدة.

ليلى الشايب: هذا وعد مني، سأعود..

منى عباس: إحنا بنية.. بنية الاتحاد عفواً هي..

ليلى الشايب: باختصار لو سمحت منى.

منى عباس: آه، بنية الاتحاد من الأساس إن من الأساس تأسيسه بعض.. في بعض المناطق العربية هو كان واجهة إلى الأنظمة وأنت تدركين..

د.فريدة النقاش: صح، زي الحزب البعث..

منى عباس: بالضبط، قومي، بعثي، إلى آخره.. إلى آخره..

د.فريدة النقاش: صحيح.

منى عباس: فلما تكون هذه المؤسسة واجهة إلى هذا النظام ماذا تعتقدين يعني بعد عملية التخلخل والتغييرات اللي صارت هذه..؟ ما راح..

ليلى الشايب: لا.. لا.. لا.. أولاً يمكن أن.. يعني أن أنقل إليك بعض الانتقادات فيما يتعلق تحديداً بالاتحاد النسائي العربي العام الذي -كما ذكرت- يترأسه العراق حالياً دول الخليج والجمعيات النسائية الخليجية تنتقده وتقاطعه، هناك أيضاً شبه مقاطعة من المنظمات المغاربية أيضاً..

منى عباس: ليس كل.. ليس كل.. ليس كل.. لا ليس كل المؤسسات، عفواً ليس كل المؤسسات.

د.فريدة النقاش: انقسام.. هناك انقسام…

ليلى الشايب: طيب اسمحن لي بالتحول إلى بيروت. دكتورة منى، أنت كمشرفة على كثير من النشاطات النسائية الإسلامية يُلاحظ غياب المرأة في.. في هذه الحركات.. الحركات الإسلامية، لماذا هذا الافتقاد إلى عنصر قيادي نسائي قوي في.. في هذا المجال، مجال نشاطك أنت تحديداً؟

منى يكن: نعم، علينا أن نعترف وأن نكون صادقين مع أنفسنا ونقول بأن هناك بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي حتى الآن لم تعطِ الدور المطلوب للمرأة الداعية أو العناصر الفاعلة في التنظيم معها، أي دور قيادي، هذا صحيح، لسبب أن لا شك أن لازالت هناك تسيطر بعض الموروثات الاجتماعية على العديد من رجالنا، ولكن هذا لم يمنع من وجود..

ليلى الشايب[مقاطعة]: يعني موضوع وصاية.. نعود إلى موضوع الوصاية.. وصاية الرجل على المرأة حتى في مثل هذه المجالات..

منى يكن: نعم.. نعم.. نعم مازالت..

منى عباس: والقوى المتمثلة..

منى يكن: نعم، لازالت بعض الحركات لا أقول جميعها، أما الحركات التي استطاعت أن تعي المسؤولية الكاملة وأن تفهم جوهر الإسلام الذي أعطى المرأة كل الحق بمشاركة الرجل في القضايا المصيرية وفي صناعة الأجيال وفي بناء الوطن، هذه الحركات استطاعت أن تقدم شيئاً لمجتمعها، أنا أقول وبكل صراحة لدينا في العالم العربي مجموعة من الدعاة مازالوا يحتاجون إلى الكثير من الانفتاح، إلى الكثير من الوضوح في الرؤية، إلى يعني.. الاطلاع على جوهر الدين على جوهر الإسلام، وبالتالي يستطيع هذا الإنسان الداعية أن يصل بالتعاون مع شقيقته العاملة في حركته وفي تنظيمه نحو الأفضل ونحو الأحسن، أنا لا أدَّعي أن جميع الحركات فهمت دورها كما يجب، وأحب أن أسجل هنا بأن الحركة أو الأمة التي لا تعي دور المرأة ولا تجعل المرأة هي المشروع الحضاري لها لن تصل إلى أي مستوى راقي مطلقاً، نحن بحاجة لأن تعي المرأة هذا الدور…

ليلى الشايب[مقاطعةً]: طيب سؤال.. سؤال أخير أطرحه عليكن لو سمحت دكتورة منى الكلام أعلم أنه طويل في هذا الموضوع، باختصار شديد، في النهاية كيف السبيل إلى إرجاع الحركة النسائية العربية إلى الخط العربي الملتزم بقضايا المرأة والقضايا الوطنية الداخلية؟ بسرعة لو سمحت دكتورة منى.

منى يكن: نعم.. نعم نعم، أنا أرى أن معظم الحركات النسائية العربية غير بعيدة أبداً عن الخط العربي الإسلامي، وإن كانت هناك يعني بعض الحركات التي تدَّعي العلمانية، ولكنها في الحقيقة هي مغرقة.. مغرقة في الموروث وفي.. وفي التقاليد، يعني أنا..

د.فريدة النقاش: [مقاطعة]: ليست علمانية…

ليلى الشايب: هذا رأيها..

منى يكن [مستأنفة]: أقول حتى زعيمة.. حتى زعيمة النضال العربي أو نضال المرأة هدى شعراوي لم تستطع أن تخرج من التقاليد ومن الموروث عندما تزوج ابنها من امرأة لا تريدها..

ليلى الشايب [مقاطعة]: طيب مثال.. مثال حلو وجميل..

منى يكن: مع أنها امرأة..

ليلى الشايب: سقتيه لنا في نهاية هذه الحلقة. مشاهدينا، ليس بوسعنا في نهاية هذه الحلقة من برنامج (للنساء فقط) سوى أن نشكر ضيفاتنا من مصر السيدة فريدة النقاش، ومن البحرين السيدة منى عباس (عضو جمعية نهضة فتاة البحرين)، كما نشكر في استوديوهاتنا ببيروت الدكتورة منى يكن (رئيسة جامعة جنان في طرابلس-لبنان) وإلى أن نلقاكم في الحلقة المقبلة لكم منا تحية، ومن معدة البرنامج أسماء بن قادة والمخرج فريد الجابري، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة