أسر المعتقلين الفلسطينيين
مقدمة الحلقة: | ليلى الشايب |
ضيوف الحلقة: | فدوى البرغوثي: محامية وزوجة أسير صبرية الصفدي: أم وشقيقة أسير دوناتيلا روفيرا: منظمة العفو الدولية خالدة جرار: مديرة مؤسسة الضمير |
تاريخ الحلقة: | 28/07/2003 |
– هموم ومعاناة الأم والزوجة الفلسطينية
– دور منظمات حقوق الإنسان في الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون
– مطالبة العوائل الفلسطينية بإطلاق سراح ذويها
– الدور المهمش للمحامين في الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين
ليلى الشايب: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم.
منذ بداية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي جسدت المرأة الفلسطينية البطولة بكل ما تحمله من أبعاد ومعاني، فهي لم تكتفِ بالصمود في وجه الاحتلال ولم تكل من تنشئة الأجيال الفلسطينية الصاعدة بالتوالي على تحرير الأرض والوطن، بل توَّجت تلك البطولات بتوليها مواجهة المحتل بنفسها من خلال ما سجله لها تاريخها النضالي من مقاومة عسكرية.
ولكن هذه العزيمة الخارقة للمرأة الفلسطينية لا تنفي تلك المعاناة الصامتة التي تحملتها خلال ما يزيد على خمسة عقود مضت ولا تزال، الأمر الذي أخفى تلك الأوجه المأساوية لما تكبدته تلك المرأة الحديدية من مشاق معنوية ومادية في ظل ما حتَّمته عليها ظروف الاحتلال والمقاومة.
ومن ثَمَّ ارتأى برنامج (للنساء فقط) تخصيص هذه الحلقة لهذا الأسبوع لتسليط الضوء وبصورة خاصة على معاناة أمهات وزوجات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وذلك في ظل التفاعلات الجارية في الأراضي المحتلة سواء على المستوى الشعبي حيث تجري الاعتصامات وحالات الإضراب عن الطعام وكافة التظاهرات أو على مستوى المفاوضات الجارية بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والأميركية حول موضوع الأسرى والمعتقلين.
للحديث عن معاناة أمهات وزوجات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نستضيف اليوم في استوديوهاتنا في الدوحة المحامية فدوى البرغوثي (زوجة الأسير مروان البرغوثي – أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية) وفي استوديوهاتنا في رام الله نرحب بالسيدة خالدة جرار (مديرة مؤسسة الضمير)، كما نرحب في استوديوهاتنا في القدس بالسيدة صبرية الصفدي (أم الأسير علي المسلماني الذي يقبع في السجون الإسرائيلية منذ أربعة عشر عاماً)، ومن استوديوهاتنا في لندن نرحب بالسيدة دوناتيلا روفيرا (عضو منظمة العفو الدولية) إذن أهلاً بكن جميعاً ضيفات على هذه الحلقة الجديدة من برنامج (للنساء فقط) ومشاهدينا الكرام بإمكانكم أيضاً المشاركة في هذا الحوار بجميع محاوره وأبعاده من خلال الاتصال بنا سواء عبر الهاتف على الرقم:009744888873 أو عبر الفاكس على الرقم: 009744890865 أو عبر الإنترنت على عنواننا المعهود وهو: www.aljazeera.net
وننتظر آراء وأفكار الجميع ونرحب بالمداخلات من الجنسين.
لتسليط مزيد من الضوء في البدء على معاناة أمهات وزوجات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أعدت لنا الزميلة شيرين أبو عاقلة التقرير التالي من رام الله.
تقرير/ شيرين أبو عاقلة: قلة من أهالي الأسرى في فلسطين لا يعرفون أم إسماعيل، تلك السيدة التي تقطن مخيم (شعفات) القريبة من القدس والتي أمضت أحد عشر عاماً الأخيرة من حياتها في زيارة السجون الإسرائيلية، زوجها دخل السجن مطلع عام 93 تاركاً لها المسؤولية عن تربية ثمانية أطفال بينهم أربعة أولاد لم ترحمهم السجون أيضاً، وزاد العذاب بإغلاق إسرائيل لمنزلها واضطرارها للعيش في خيمة مع بناتها لفترة من الزمن.
أم إسماعيل (زوجة أسير فلسطيني): كنت بالشهر أزور ثلاث سجون بالشهر، الرملة وعسقلان كنت أطلع ألف على (الولد)، كنت متبنية مساجين دوريات ما فيش إلهم حدا، كنت أروح أزورهم بس إسرائيل منعتني، والله اليوم أنا طالعة.. والله بيجوز الأرض شهدت عليَّ وأنا طالعة أقول يا رب يا الله تريحني من طريق السجون، بأطلع الساعة أربعة العصر بأروح على الدار.
شيرين أبو عاقلة: سنوات العمر في حياة أم إسماعيل تمر بطيئة بانتظار الإفراج عن زوجها، لكنها عملت بمشقة وجهد حتى كبر الأطفال وتزوج عدد منهم.
أم إسماعيل: اليوم عيد.. هيك كل واحد يقول أبويا أعطاني، أبويا إجا معنا وأبويا راح هم يقعدوا يوم العيد يقعدوا يعيطوا وإن كانوا بره.
شيرين أبو عاقلة: وقصة أم إسماعيل كغيرها كثير من النساء تشغلها هذه الأيام قضية الإفراج عن الأسرى وتؤرقها تلك المعايير الإسرائيلية التي تستثني الإفراج عن الأسرى من القدس أو أولئك الذين أُدينوا بقتل الإسرائيليين. أم نمر لازالت تنتظر منذ أربعة عشر عاماً الإفراج عن شقيقها وابنها الأكبر، وبوفاة زوجها اضطرت ابنتها لإعالة الأسرة، وتنتظر بشوق ذلك اليوم الذي يعود إليها ابنها ويخفف عنها العبء الذي تحمله.
أم نمر (شقيقة أسير): أنا مش قادرة تعبت، من الـ 86 وأنا (بأحاطم) على السجون، بأحس إذا ابني بيطلع بيدير باله على هاي الأسرة، بيهتم في إخواته وفي إخوته، بيهتم فيَّ أنا.. أنا مريضة، عندي (ديسكان) في ظهري ورقبتي، سويت عملية بعينيَّ التنتين..
شيرين أبو عاقلة: بعض أمهات الأسرى كانت عرفت مرارة السجن منذ عقود، روضة عوض سُجِنت في أواخر الستينات وسُجِنَ زوجها ونُسِفَ منزلها وتُضطر اليوم لزيارة اثنين من أبنائها في ظروف لا تقل قساوة.
روضة عوض (أم أسيرين): لما دخلت على التفتيش دوغري بس دخلت الغرفة ألاقيها بتقول لي: اشلحي، يعني بدها تعريني علشان تفتشني، فقلت لها أنا ما بأقبل هيك قالت لي: إحنا هيك بنفتش، قلت لها: أنا ما بأتفتش هيك، أنا أم بدي أزور ابني، بس بدي أزوره بكرامتي وبكرامة ابني، وما قبلتش أزوره وطلعت من الزيارة وما زرتش، لأنه بدها تعريني.
شيرين أبو عاقلة: لكن ما تتكبده تلك النساء من ألم الفراق لم يثنها يوماً عن حمل هم الأسرى وطرق أي باب لا سيما المؤسسات الدولية، التي يمكن لها أن تساهم في تحسين أوضاعهم، بل والمشاركة مع الأسرى في الإضراب عن الطعام كلما أعلنت السجون عن واحد.
أهم ما يميز قضية الأسرى هو بعدها الإنساني، فلا تقتصر آثارها على آلاف الأسرى الذين سُلِبَت حريتهم ولكنها تطال آلاف هذا العدد من عائلاتهم التي تعاني عاطفياً واقتصادياً جرَّاء غيابهم وتدفع في السلم كما في الحرب ثمن المقاومة.
شيرين أبو عاقلة -(الجزيرة)- لبرنامج (للنساء فقط) -رام الله- المحتلة.
هموم ومعاناة الأم والزوجة الفلسطينية
ليلى الشايب: إذن قضية الأسرى من جديد ولكن بزخم أكبر هذه المرة بسبب التطورات السياسية الجارية والمفاوضات التي تشهدها الساحة السياسية سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية، ما سنفعله هذه الليلة في حلقتنا من برنامج (للنساء فقط) هو إسماع صوت زوجات وأمهات الأسرى لكشف جوانب خفية من معاناة طال أمدها.
أولاً: سيدة فدوى، نرحب بكِ معنا في الأستوديو.
فدوى البرغوثي: أهلاً وسهلاً.
ليلى الشايب: وأسألكِ أولاً: هل من الإنصاف أن نظهر دائماً الجانب.. جانب المرأة الصبورة والشامخة والصامدة للمرأة الفلسطينية و التغاضي عن ما تعانيه يومياً، حتى ولو كان ذلك بحسن نية؟
فدوى البرغوثي: يعني في البداية أشكركم على هذا البرنامج كقناة (الجزيرة) وبرنامج (للنساء فقط) اللي ركزوا على هم من الهموم المرأة الفلسطينية واللي باستمرار هي تعاني معاناة كبيرة واللي في الوقت الحالي الآن يعني موضوع الأسرى والمعتقلين يحتل مكانة كبيرة لدى الشعب الفلسطيني وفي العالم كله، لذلك فيعني نشكركم على هذا البرنامج اللي جاء في وقته.
أما بخصوص المرأة الفلسطينية ومعاناتها يعني، المرأة الفلسطينية في النهاية إنسانة وإنسانة لها احتياجاتها الإنسانية ولها قلب وعاطفة وحنان و.. يعني حب للحياة الحرة الكريمة، وفي بعض الأحيان قد يكون المبالغة في الحديث عن الصمود المرأة الفلسطينية وقوتها قد يكون فيه جانب من الظلم للمرأة الفلسطينية، حيث أن البعض يعتقد بأن يُحرم على المرأة الفلسطينية أن تحزن أو تتألم أو.. يعني حتى تنهار في بعض الأحيان للظروف القاسية التي تمر فيها على مدى عقود من الزمن، واللي بعض النساء الفلسطينيات إلى هذه اللحظة أكثر من 25 عام سواء كأمهات أو كزوجات أبناؤهم في السجون الإسرائيلية، وهذا طبعاً له أثر كبير على نفسية النساء الفلسطينيات وعلى حياتهم وعلى سير الحياة وتربية الأطفال وغيرها، لذلك يعني أنا أرى بأنه من العدالة أن تنصف المرأة بالجانبين معاً، بأنها نعم هي مرأة صامدة ونعم هي مرأة شريكة للرجل في النضال، شريكة لأبناء شعبها في النضال من أجل دحر الاحتلال والحياة من أجل الحياة الكريمة لأبناء شعبها ولأحفادها ولأبنائها، ولكن في نفس الوقت يجب إبراز الجانب الإنساني لدى المرأة واحتياجاتها الإنسانية وهمومها وآلامها في رحلة الحياة الطويلة التي قامت فيها..
ليلى الشايب [مقاطعاً]: طيب زوجك المناضل مروان البرغوثي متى آخر مرة رأيتيه فيها؟
فدوى البرغوثي: يعني أنا منذ عام لم أستطع رؤية مروان، لا كمحامية ولا كزوجة، مع أنني محامية في هيئة الدفاع عنه من اللجنة الرئيسية في الدفاع عنه إلا أنني لم أتمكن من رؤيته إلا مرة واحدة يتيمة كانت بتدخل من.. كبير من مؤسسات حقوق إنسان، استطعت أن أراه مرة واحدة وبعد ذلك مُنعت كمحامية ومنعت كزوجة، وهذا جاء المنع في إطار منعي كمحامية جاء في إطار منع كافة المحامين الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة من زيارة موكلينهم، ومنعي كزوجة..
ليلى الشايب [مقاطعاً]: يعني لم يكن الأمر يتعلق بحالة مروان البرغوثي كمروان البرغوثي المناضل؟
فدوى البرغوثي: نعم نعم.. نعم ومنعي كزوجة جاء في إطار منع كل إهالي الضفة الغربية من الزيارة منذ الانتفاضة إلى هذه اللحظة.
ليلى الشايب: طيب، لو عدت بكِ قليلاً إلى الوراء سيدة فدوى، أكيد ذكريات سيئة بالنسبة لكِ، المشهد يتكرر في كل مرة، محاصرة البيت ثم تهديد بتفجير البيت، ثم اقتياد الزوج أو الابن وبدء المعاناة بالنسبة للمرأة سواء كانت زوجة أو.. أو أُم، أعرف أن الكلام ربما يخون في مثل هذه الظروف لكن صفي لنا شعورك في تلك اللحظات كيف كان وقع الصدمة عليكِ؟ أم كنت ربما تتوقعين ذلك؟
فدوى البرغوثي: يعني إذا قلت لكِ إن المرأة زوجة الأسير أو أم الأسير تبدأ معاناتها من اللحظة الأولى التي تقوم بها قوات الاحتلال باقتحام المنزل، وتبدأ بإرهاب كل من هم في المنزل وتدمير وتكسير وتحطيم وضرب من هم في المنزل وفي بعض الأحيان تُقتاد النساء إلى.. إلى السجون نيابة عن أزواجهم إذا لم يوجدوا أزواجهم للاعتقال، ومن ثم بعد ذلك حينما يعتقل الزوج، قانون الطوارئ الإسرائيلي والأوامر العسكرية الإسرائيلية اللي تعمل فيها 18 يوم لا يستطيع المحامي مشاهدة المعتقل ولا يعلم في أي جهة هو موجود، ولذلك الـ 18 يوم ها دول بيكونوا قد مارسوا كل أنواع الضغط والإرهاب والتعذيب على المعتقل وفي تلك الفترة تكون طبعاً الزوجة أو الأم أو كل من هم في المنزل يشعروا بالألم، لأن أسيرهم لا يعلم عنه شيئاً، ومن ثم تبدأ رحلة التفتيش عن المحامين، وبعد ذلك الزيارات…
ليلى الشايب [مقاطعةً]: سنتابع معك مراحل هذه الرحلة على كمية الحزن التي فيها.
[فاصل إعلاني]
ليلى الشايب: أنتقل إلى القدس الآن ومعنا هناك السيدة صبرية الصفدي وهي (والدة الأسير علي المسلماني أسير في السجون الإسرائيلية منذ أربعة عشر عاماً)، سيدة صبرية، أولاً أسألك كما سألت السيدة فدوى، صفي لنا في كلمات ولو كانت بسيطة وبلغتك العامية كيف كان شعورك؟ ماذا تتذكرين مما حصل لابنك عندما جاء الإسرئيليون واقتادوه من المنزل؟
صبرية الصفدي: يعطيكم العافية، بدي أشكركم على ها البرنامج اللي فعلاً هو مهم وبهاي المرحلة المهمة، توصلوا معاناتنا وصورتنا لكافة العالم، وأنا اسمي صبرية الصفدي وابني نمر شعبان وأخوي محمود الصفدي.
ليلى الشايب: ابنك المعتقل.
صبرية الصفدي: مش علي المسلماني ابني المعتقل هاي صورهم معاي ابني وأخوي، هذا ابني محكوم 21 سنة نمر ابني الأكبر، وأبو اللحية أخوي محمود محكوم 27 سنة، امضوا منهم الاثنين 14 سنة، وأنا بأحب في البداية أعتذر عن اللي شفتوه بالتقرير لما بكيت، عمري ما بكيت أنا، بيشوفوني ولادي أو أي مناضل يشوفني، طول عمري وأنا قوية الحمد لله زيي زي أي أم وزوجة وأخت فلسطينية، بس ما كنت عارفة إنها بتصور وصورتني وأنا أبكي يعني.
في البداية بأحب أقول لك أنه أنا من 86 اللي بأعاني اعتقل أخوي بـ 86 صبري اعتقلوه من المطار، ما شفنا هوش شفناه بعد 48 ساعة في سجن (الماسكوبية) أب أمضى عام وطلع بعديها اعتقلوا ولادي الثلاثة وإخوتي التِنين الباقيين، شو بدي أوصف لك معاناتي؟ أصعب معاناة فترة التحقيق للأسرى، إحنا مسمين الماسكوبية مسلخ، لأنه كل جميع أنواع التعذيب فيه قد ما بدي أوصف لك مش راح أوصف لك الكيس، الشبح، قلة النوم، يعني شو بدي أقول لك؟ لما كان يطلعوا من الماسكوبية نقول إنهم طلعوا من هذا المسلخ، لعدة سنوات..
ليلى الشايب: الماسكوبية سيدة.. سيدة صبرية عفواً لمن لا ربما لا يعرف هذه المصطلحات، الماسكوبية هي..
فدوى البرغوثي: مركز تحقيق.
صبرية الصفدي: الماسكوبية هي..
ليلى الشايب: هي مركز التحقيق..
صبرية الصفدي: مقر مركز التحقيق في القدس وهاي بتكون أصعب فترة للأسير ولأهله، لأنه بيستعملوا كل أنواع التعذيب معاهم يعني، يعني ما فيش..
ليلى الشايب [مقاطعاً]: ماذا كانت التهمة بالنسبة للاثنين سيدة صبرية؟
صبرية الصفدي: لأ خمسة.. هم ستة أخوي طلع بـ 87 صبري، بعديها لسنة الـ90 كانوا واخدين ولادي الثلاثة وإخوتي التنين الباقيين، فصفوا خمسة إلي بالسجن، كل واحد حطوه في سجن، وأصعب معاناة كانت إلي إنه لما كان يجيني زيارة سجنين بنفس اليوم، الساعة 3 نطلع من الدار نوصل عسقلان نزور أول فوج بعدين نكمل على بير السبع، وهذه معاناتي من معاناة آلاف.. آلاف الأسرى الفلسطينيين.. أهالي الأسرى الفلسطينيين..
ليلى الشايب: طيب سيدة صبرية شكراً لك، تبقين معنا طبعاً.
صبرية الصفدي: إن شاء الله..
ليلى الشايب: إذن هناك يعني بداية أو بداية عسيرة جداً لهذه المعاناة تتمثل في المحاولة.. محاولة البحث عن شخص الأسير أين أخذته القوات الإسرائيلية؟ هذا ما قلتيه سيدة فدوى حصل معك هذا في حالة زوجك مروان البرغوثي، كيف.. كيف حصل، وكيف توصلتي فيما بعد إلى التعرف إلى مكانه؟
فدوى البرغوثي: يعني نعم إذا إنه مروان البرغوثي اللي كان الإعلام كله مركز على موضوعه وكانت يعني يفترض أن تكون إسرائيل منتبهة إلى أنه الإعلام منتبه إلا أنه مع ذلك 18 يوم لم نعلم عنه أي شيء، فكيف بباقي الأسرى والمعتقلين اللي بيكون فيش تسليط إعلامي عليهم، ففيه منهم أكبر عدد..
ليلى الشايب: ماذا تعتقدين تكون النوايا الإسرائيلية من عدم الكشف عن مكان الأسير..
فدوى البرغوثي: يعني لوضعه في ظروف نفسية قاسية بحيث لا يعلم عنه أحد حتى انتزاع اعترافات منه، سواء كانت هذه الاعترافات صحيحة أو غير صحيحة.
ليلى الشايب: يعني ربما يُعذب في تلك الفترة.
فدوى البرغوثي: نعم يُعذب ويشبح ويذل ويُقهر بكل معاني التعذيب البشع اللي بيقوموا فيه، والأخت حكت عن الشبح، يعني اللي ما بيعرفوش شو الشبح، الشبح أن يجلس الأسير على كرسي صغير.. صغير إلى الأمام مربوط اليدين والرجلين لمدد تزيد في بعض الأحيان عن عشرين ساعة وفي حالة مثلاً في حالة مروان وغيره من المعتقلين كان واحد وعشرين يوم لم يفك عن كرسي الشبح بتاتاً إلا في وقت قضاء الحاجة أو تناول الطعام.
ليلى الشايب: الأكل نعم.
فدوى البرغوثي: وفي بعض الأحيان طبعاً يصل التعذيب إلى أكثر من مائة يوم، القانون يمنحهم أكثر من مائة يوم ويجدد من أجل انتزاع الاعترافات منهم.
دور منظمات حقوق الإنسان في الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيين
ليلى الشايب: طيب دعينا نتوقف في ظل النقطة بالذات سيدة فدوى، سيدة دوناتيلا روفيرا في لندن، استمعتِ إلى ما قيل يؤخذ المعتقل إلى مكان ما لا يعلم أهله عنه شيئاً، يبحثون عنه طويلاً في تلك الأثناء ربما يعذَّب ويرون علامات التعذيب بعد فترة .. عندما يعثرون عليه، ما دور منظمات حقوق الإنسان في هذه الحالة.. في هذه الحالة من الانتهاكات والخروقات بأدنى حقوق الأسير؟
دوناتيلا روفيرا: بالطبع نحن نتابع عن كثب وضع السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ونتذكر غالباً مجرد أن نتعرف على الحالة مثل الحالة التي وصفتها السيدة البرغوثي بخصوص زوجها، وحين يُحرم المعتقلون من الاتصال بمحاميهم ويقتادون إلى أماكن سرية أو عندما يخضعون للتعذيب أو عندما يحرمون من.. من الأدوية التي هم في حاجة إليها نتدخل بطرق مختلفة سواء إزاء السلطات..
ليلى الشايب: سيدة دوناتيلا، أعتذر للمقاطعة، لحظات لو سمحت.
[موجز الأخبار]
ليلى الشايب: كنا مع لندن والسيدة دوناتيلا روفيرا من منظمة (أمنستي) Amnesty.. سيدة دوناتيلا تحدثتِ عما يمكن أن تقوم به منظمتكم في هذه الحال… حال اختفاء المعتقل وعدم علم أهله بمكان وجوده والانتهاكات والتي تحصل في الأثناء للمعتقل، أنتظر منكِ إكمالاً للجواب لو سمحتِ.
دوناتيلا روفيرا: لدينا اهتمامات.. اهتمامات متبادلة فيما يتعلق بمصير خمسة آلاف وخمسمائة أسير فلسطيني في سجون إسرائيل رجال ونساء وأطفال معتقلون في ظروف جد صعبة وسيئة وفي غالب الأحيان يكونون منقطعين عن عائلاتهم وعن بقية العالم، وعملنا يتلخص في التدخل عبر عدة ميادين خصوصاً على المستوى الفردي أو على مستوى الاتصال بالسلطات الإسرائيلية أو فيما يتعلق بـ.. على المستوى الدولي والمنظمات الدولية والأوروبية وخصوصاً الرأي العام لمحاولة الضغط على السلطات الإسرائيلية كي تتوقف عن خرق.. عن ممارسة الخروقات اليومية لحقوق الأسير الفلسطيني، كما قلت من قبل هناك نساء وأطفال..
ليلى الشايب [مقاطعةً]: سيدة دوناتيلا، اسمحي لي بسؤال إلى أين.. إلى أين وصلتم في هذه الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي؟
دوناتيلا روفيرا: خلال زيارتي الأخيرة إلى فلسطين طلبت تحديداً زيارة النساء المعتقلات الفلسطينيات، ولكن طلبنا رُفِضَ وفي تلك الأثناء، لا تسمعنا السلطات الإسرائيلية ولا تبدي أي اهتمام بما يقوله الرأي العام العالمي بصورة عامة، بطبيعة الحال إحدى الطلبات التي نتقدم بها دوماً إلى السلطات الإسرائيلية هي أن تسمح للسجناء والأسرى الفلسطينيين بأن يستقبلوا عائلاتهم.
ليلى الشايب: سيدة دوناتيلا، يعني تقولين أنه في كل مرة السيناريو يتكرر والسلطات الإسرائيلية للأسف لا تستمع إليكم، هل يؤثر هذا في معنوياتكم في جهودكم بما أنه ما تفعلوه لا.. ما تحاولون الحصول عليه لا يحصل؟ هل أثر ذلك في اندفاعكم وحماسكم لقضية الأسرى وعائلات الأسرى؟
دوناتيلا روفيرا: لأ، نحن متعودون.. متعودين على مثل هذا الرفض الحكومي من عدة دول وخصوصاً من قبل السلطات الإسرائيلية، نحن واعون بأن السلطات الإسرائيلية سواء تعلَّق الأمر بالأسرى والمعتقلين أو عموماً فهي تقوم بجهود لوقف التعريف بحقيقة الخروقات التي يمارسونها إزاء الضحايا الفلسطينيين بشكل يومي، لا يريدون أن يصل ذلك إلى الرأي العام العالمي، ومن هناك..
ليلى الشايب: يعني نوع.. نوعاً من التعتيم، طيب سيدة دوناتيلا، شكراً لكِ، سأعود إليكِ لاحقاً.
إضافة إلى إشكالية العثور على معتقل تُواجَهون أيضاً بمشكلة الحصول على أذون وتصريحات لزيارة السجين، هناك نوع من الاستفتاءات بينت أن أغلب أهالي الضفة الغربية لم يزوروا أهاليهم من المعتقلين منذ بدء الانتفاضة، خاصة في مدن جنين وقلقلية وبيت لحم ورام الله، السلطات لم تسمح للأهالي بالزيارة أكثر من مرتين أو ثلاث مرات على أقصى تقدير، قبل أن أوجه هذا السؤال إليك سيدة فدوى، سيدة خالدة جرار، هل تسمعينني؟
خالدة جرار: نعم.
ليلى الشايب: طيب سيدة خالدة، مؤسستكم مؤسسة الضمير كيف تتعامل مع موضوع حجب أو التعنت في منع منح تصاريح للعائلات، خاصة الزوجات والأمهات على وجه الخصوص لزيارة أبنائهن أو أزواجهن في السجون والمعتقلات الإسرائيلية؟
خالدة جرار: بدايةً اسمحي لي بتوجيه تحياتنا للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب وكذلك الأسيرات في السجون الإسرائيلية، وأيضاً تحياتنا لأهالي الأسرى وبشكل خاص للزوجات والأمهات والأطفال، ونأمل أن تُشكل هذه الحلقة أو أن نستطيع أن نخرج نحن كنساء فلسطينيات أيضاً سواء مؤسسات تُعنى بشؤون الأسرى أو أمهات وزوجات الأسرى بمجموعة من الاقتراحات الملموسة التي تسهم بدعم قضية الأسرى خاصة في هذه اللحظة.
فيما يتعلق بسؤالك حول موضوع زيارات أهالي المعتقلين، حقيقة أن هذه القضية مرتبطة بمنظمة الصليب الأحمر، منظمة الصليب الأحمر هي الجهة الوحيدة المطلوب منها، والتي يقع في دائرة اختصاصاتها في إطار تنفيذ اتفاقية جنيف الرابعة تنظيم هذه الصلة مع الأهالي، ما تقوم به إسرائيل هو حقيقة انتهاك باتفاقية جنيف الرابعة التي تُعنى بحماية السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وأهم حق من حقوق الأسرى الذي ينتهك هو الحق في الزيارة، فاتفاقية جنيف الرابعة وتحديداً المادة 49 تحدثت عن هذا الحق الطبيعي بضمان زيارات الأهالي المعتقلين وكذلك مجموعة المبادئ العديد من المواد كالمادة 16 والمادة 19 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية الأشخاص المحتجزين والسجناء، إسرائيل تحت حجج الأمن..
ليلى الشايب [مقاطعةً]: نعم سيد خالدة، حق المعتقل في التمتع بزيارة الأهل، وأيضاً حق الأسر في زيارة هذا الشخص يعني سواء كان زوج أو ابن معتقل؟
خالدة جرار: هذا حق طبيعي..
ليلى الشايب: يعني حق مزدوج من الطرفين، هذا ما أود قوله.
خالدة جرار: هذا حق طبيعي.. هذا حق طبيعي، وأنا أقول أن إسرائيل تنتهك هذا الحق وتقر فيه المعايير الدولية، يمنع.. من أهم المبادئ الأساسية سواء في جنيف الرابعة أو مختلف المبادئ حق هذا التواصل الإنساني، وأهم حق هو السماح للمعتقل بالالتقاء بأسرته والسماح بالأسرة بالالتقاء في المعتقل بما يعنيه هذا من تواصل إنساني، ما تقوم به إسرائيل حقيقة هو التالي، منذ سنتين.. إسرائيل منذ عام 96 وضعت قيود على زيارات الأهالي، بمعنى اشترطت الزيارات أن تتمثل فقط بالسماح للزوجة أو الزوج الأسيرة وللابن أو الابنة إذا كانوا تحت سن 13 سنة وفوق سن 35 إلى 40 سنة، ومنذ سنتين منذ بدء الانتفاضة مُنِعَت بالكامل هذه الزيارات حتى في هذه الاشتراطات، مؤخراً استؤنفت الزيارات لبعض مدن الضفة وليس.. وقطاع غزة وليس لكل المدن، وفي إطار هذا الاستئناف يمنع العديد من الأهالي.. الزوجات وحتى الأطفال يمنعوا لأسباب أمنية حتى ممن يقع في هذه الدائرة، بمعنى إسرائيل تحاول أيضاً أن تُصعِّب حياة المعتقل، ونحن والأخصائيين النفسيين بالضرورة يعرفوا ماذا يعني انقطاع التواصل الإنساني والوجداني والعاطفي والحياتي سواء لأسرة المعتقل للزوجة أو للأم أو للأطفال وكذلك للمعتقل، وإسرائيل تمارس هذا الانتهاك أيضاً في نوع.. كنوع من الضغط أيضاً النفسي على المعتقل وعلى عائلة الأسير وعلى عائلة المعتقلين.
ليلى الشايب: نعم سيدة فدوى، فيما يتعلق بالزيارات يقال حتى أنه تمنحون الرخصة أو الإذن بالزيارة بعد لأَي.. بعد جهد جهيد، ثم تصل المرأة والزوجة أو الأم وتمنع في آخر لحظة تفاجأ بالقول بأنه غير مسموح لها لأسباب أمنية مثلاً، هل تعرضتي لمثل هذه الحالة؟
فدوى البرغوثي: نعم، يعني بشكل عام قد يعني من بداية الانتفاضة إلى هذه اللحظة ما فيش زيارات وقد تكون معدودة على الأصابع زيارتين أو ثلاثة لبعض المناطق دون المناطق الأخرى، ولكن في حال تقدم الصليب الأحمر للأهالي للحصول على تصاريح فبعض الأمهات أو الزوجات يُمنعوا منعاً أمنياً دون إبداء السبب ولا إبداء.. دون إبداء أي أسباب..
ليلى الشايب: ما معنى منع أمني؟
فدوى البرغوثي: منع أمني إنه يحتفظوا سرياً بهذا الموضوع دون إبداء الأسباب لصاحب الشأن، وهم بيفسروه بأنه خطر على أمن الدولة أن يتواجد هذا الشخص في.. في أراضيهم، يعني فيه هذا المنع قد يكون إنه من الأصل لم تعطَ وكثير عشرات الأمهات والزوجات لسنوات طويلة يمنعوا أمنياً ولا يستطيعوا زيارة أزواجهم أو أبنائهم أو آبائهم أو غيرها..
ليلى الشايب [مقاطعاً]: سيدة خالدة قالت أن ذلك يشكل نوعاً من الضغط أو نوعاً من العقاب على المعتقل لكي يدلي بمعلومات، هل لاحظتِ أنه مثلاً في حالة مروان أنه بالفعل أتى هذا النوع من العقاب أُكله، أعطى نتيجة بالنسبة للإسرائيليين.
فدوى البرغوثي: لأ، يعني لم.. يعني خمس مرات تقدمت ورُفِضَ هذا الشيء، ولكن يعني هذا احتلال، يعني الشعب الفلسطيني متوقع من هذا الاحتلال كل شيء، الاحتلال هو نفسه خارج عن القانون، الاحتلال هو نفسه هو أعلى درجات الإرهاب.
ليلى الشايب: نعم.
فدوى البرغوثي: ولذلك كل ما يتصرف فيه هو مخالف للقانون، وهم يريدوا الضغط النفسي على الأهل وعلى الزوجة وعلى الأبناء وعلى المعتقل نفسه من أجل كسر إرادته.
ليلى الشايب: وربما.. نعم بالفعل إذن تكرر هذا الموقف أكثر من مرة، هل شعرت في مرة من المرات -رغم قلة الزيارات، أنا أعلم ذلك تماماً- أنكِ صرت غير متشجعة كثيراً كما كان في البداية للزيارة، لأنكِ تتوقعين أي شيء، تصلين ويقولون لكِ: لا، لن تريه، يعني يقدَّم لكِ أي مبرر واهي.
فدوى البرغوثي: نعم يعني قبل 3 شهور تمكنت يعني حصل لي الصليب الأحمر على تصريح وبتنسيق من الصليب الأحمر توجهت مع أهالي رام الله اللي كانت الزيارة الأولى لأهالي رام الله منذ الانتفاضة وانتظرت أكثر من 16 ساعة وبعد ذلك أُبلغت بأنه مروان البرغوثي في العزل الانفرادي، ولذلك لا يجوز لكِ..
ليلى الشايب [مقاطعاً]: كيف تشعرين في هذه اللحظة سيدة؟ هذا ما نريد أن نعرفه أكثر.
فدوى البرغوثي: نعم، يعني غير الألم الشخصي اللي هو من سنة لم أستطع رؤيته، يعني حينما يعني أنا بأحبش أتحدث بشكل شخصي عن موضوعي، ولكن كنموذج.
ليلى الشايب: لأ هو.. بالفعل.
فدوى البرغوثي: كنموذج لما يحدث مع النساء الفلسطينيات.
ليلى الشايب: ما يعنيكِ يعني آلاف النساء الفلسطينيات مثلك.
فدوى البرغوثي: يعني غير الألم الشخصي واشتياق الزوجة لزوجها أو الأم لابنها أو غير ذلك، وتذهب وهي تنتظر نصف ساعة تقضيها على شبك الزيارة من أجل أن تطمئن على صحته وأن تتواصل مع.. مع شكله ومع هيئته، موضوع الأولاد، يعني أخذت معي الأولاد الصغار، وهذا ألم للزوجة..
ليلى الشايب: سأعود إلى موضوع الأولاد، سنحكي في ذلك لاحقاً.
فدوى البرغوثي: نعم.
ليلى الشايب: لمقاربة الواقع الحي لمعاناة إحدى أمهات الأسرى الفلسطينيين أجرت لنا الزميلة جيفارا البديري المقابلة التالية مع لطيفة الشريف (أم الأسير مجد زيادة) نتابع معاً.
لطيفة الشريف (أم الأسير مجد زيادة): ابني وحيد كان بيعد لامتحان التوجيهي، قدم للتوجيهي بالسجن، وهلا هو انحكم 30 سنة.
جيفارا البديري: يعني قلتي لي أنه من يوم ما اعتقلوه ما قدرتيش تزوريه لحد اليوم، يعني كيف بيكون شعورك وأنت بتطلبي تصريح الزيارة وبيرفضوا لك إياه؟
لطيفة الشريف: مؤلم جداً، يعني تصوري أي واحد، أي أم في العالم، أي أم، يعني أنا بأطلب أنه أي.. أي أم بالعالم تمد أيدها إلنا تضغط على الحكومة الإسرائيلية إنها وأي.. أي حدا إله علاقة في مؤسسات حقوقية إنه يضغط على الحكومة الإسرائيلية أنها تخلينا نزور ولادنا يعني مش معقول واحدة تحرم من ابنها، أنا محرومة من سنة و3 شهور بأشوفه ثواني بالمحكمة وهلا بطلت أشوفه بالمحكمة لأنه انحكم، شعور كمان مؤلم جداً، يعني شعور مؤلم أنا كل ليلة بأنام بأظلي اتقلب بالليل وبأقول يا رب أحلم فيه، كتير مرات بأنسى شكل ابني..
لما انسجن ما كناش بنعرف فينه، 50 يوم وإحنا ما نعرفش وينه، كنت أطلع على عوفر وأعرف أنه مش في عوفر، أطلع على السجن عوفر، أطلع على الجبل أتطلع على السجن من.. من فوق السجن أقول يمكن ما أنا شايفة أنه لا شيء يعني شكل السجن مش شايفة وشايفة خيام اللي باينة، بس كنت أطلع أطلع كل ما يفتحوا منع التجول أطلع اتفرج على السجن، على أساس إن ابني فيه، يعني احتمال واحد بالمليون إنه ابني يكون فيه، لما أنا بأقرأ بالجريدة بعد.. في.. في 2/4 تم اعتقاله بأقرأ بالجريدة بـ 12/5 إنه مؤسسة حقوقية زارته وزارت مجد زيادة في السجن اللي تعرض لضرب مبرح لمدة 8 ساعات، كان محطوط على الأرض والحجارة تحته وبعدين أخذوه كمان 3 ساعات وخلال 11 ساعة كان يضربوه ضرب مبرح، أنا أيش هذا الشعور اللي.. اللي أنا يعني بدي أكون فيه يعني؟ طبعاً كنت منهارة، شعور لا يوصف.
ليلى الشايب: السيدة فدوي تعليق ولو أنه المشهد يعني يغني عن أي تعليق.
فدوى البرغوثي: يعني دموع أم مجد تعبر عن معاناة المرأة الفلسطينية، تعبر عن معنى هذه الحلقة، يعني دموع أم مجد اللي ابنها الوحيد لها يعني ما عندهاش غيره هو من جراء الظروف اللي وُجد فيها كمان يعاني من آلام في الأذن عنده وهي قبل سنوات كانت تزور والده، يعني عدد كبير من الأسر الفلسطينية اللي تعرضت لاعتقال الأب والابن.
ليلى الشايب: كأنه الاعتقال بالوراثة.
فدوى البرغوثي: الأب والابن الآن أكثر يعني حوالي يعني حوالي مائة حالة أشقاء موجودين في السجون الإسرائيلية، أكثر من عشر حالات موجود الأب والابن موجود في السجون الإسرائيلية وتصوري ألم ومعاناة الزوجة اللي ابنها وزوجها موجودين في السجون الإسرائيلية وما عليها إلا أن تكمل مشوار الحياة من أجل أن تكمل مع أسرتها وتكمل مشوارها بالأطفال اللي يكونوا بعد ذلك.
ليلى الشايب: والتوقع في كل مرة بأنه ربما يخرج مع هذا الفوج، ثم لا يحدث ذلك، منذ قليل تحدثت معك عن.
فدوى البرغوثي: و.. وإذا قلت لك أختي ليلى.
ليلى الشايب: موسى.. أم موسى دودين التي تقول إنه في كل مرة تذهب وتقف عن الحاجز وتراقب المفرج عنهم وتنتظر ولكن لا يظهر أي أثر لابنها تقول تقعد حزينة و.. وأبكي، طيب السيدة صبرية الصفدي في القدس تحدثتي في التقرير عن مشاق الرحلة عند الزيارة، تقولين تخرجين من الساعة الرابعة صباحاً ولا تعودين إلا عند العصر، ماذا ترين.. بماذا تشعرين خلال هذه الرحلة؟
مطالبة العوائل الفلسطينية بإطلاق سراح ذويهم
صبرية الصفدي: مع فلايق الصبح كنا نطلع.. معاناة كبيرة لأهالي الأسرى وللأسرى، وتفتيش مذل، وصعوبة، ومعاناة يعني بدها سنين لما الواحد يعبر عنها، بس اسمح لي أحكي شغلة مهمة، المعاناة اللي مرقت الله عانا عليها إحنا، بس ها الوقت إحنا بنطلب من المفاوض الفلسطيني ومن.. من كل العالم ومن.. من مصر، من أميركا، من الأردن اللي تدخلوا للهدنة ولعملية السلام إنه ها الوقت مفروض إنه الكل يتدخل والسلطة ما تعقد.. ما توافق ولا.. على أي اتفاقية دون إطلاق سراح كافة الأسرى بدون قيد أو شرط، بدون.. بغض النظر وين ما كان سكناهم، انتماءاتهم السياسية، بدون تمييز.
أختي الكريمة، زي ما حكيت لك المعاناة اللي مرقت لأولادنا ولإلنا الله عانا عليها، بس المعاناة الحقيقية فعلاً اللي إحنا شعرنا فيها أكثر ومرارة أكثر من أوسلو لحد هذا اليوم، لأنه إحنا أولادنا مش جنائيين نستنى على بال ما إسرائيل بحسن نية تفرج عنهم، لأ هذا قضيتهم قضية سياسية ولازم يكون فيه اتفاق سياسي ويفرج قبل أي بند، قبل أي اتفاق على الأرض على أي شيء يُطلق سراح كافة الأسرى بدون قيد أو شرط، لأنه إحنا لا خلينا صليب أحمر، ولا قناصل، ولا سفارات، ولا أي محل، بقى لنا.. فيه ناس إلهم 20 سنة بيعانوا وبيكافحوا، إحنا طول عمرنا بنناضل مع أولادنا، بيضربوا عن الطعام إحنا بنكون جنبهم مضربين بالصليب الأحمر عن الطعام، طول عمرنا بنشاركم بالنضال فيه انتفاضة مرقت الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى وإذا ما صارت.. إذا ما أطلقوا سراح الأسرى راح يكون فيه انتفاضة ثالثة اللي هي انتفاضة الأسرى اللي ما حدا رايح يوقفها، فإحنا بنطالب من السلطة ما تقع بنفس المشكلة اللي وقعتها وقت أوسلو إنه يكونوا حذرين جداً ما يستنوا حسن النوايا من إسرائيل، لأنهم أولادنا مش جنائيين، زي ما كانوا جنود بالحرب، هلا هم جنود بعمليات السلام، وهم وافقوا على الهدنة كل الفصائل، ضمن.. ضمن ها.. ها الـ.. هذا العمل الجدي كل الدنيا تضغط على إسرائيل اللي يطلعوا أولادنا ها دولا المناضلين بدون قيد أو شرط، مش إسرائيل تطلع على خاطرها. تفضلي.
ليلى الشايب: طيب.. سيدة صبرية صوتك وصل فعلاً. طيب أنت امرأة مريضة من.. من يُعيل أسرتك في غياب كل الذين افتقدتيهم؟
صبرية الصفدي: يعني قد أيش بدي أوصف لك أنا عانيت وتعذبت وتغلبت وأنا ما فيش إلا أنا وبناتي التِنتين وأمي الختيارة في البيت كنا، عانيت زيي.. زي آلاف من.. من أهالي الأسرى، وها الوقت طلعوا لي أولادي اتنين وإخوتي اتنين طلعوا ظل اتنين اللي هو ابني الكبير اللي محكوم 21 سنة وقضى منهم نمر 14 سنة، وأخوي محمود اللي خاطب محكوم 27 سنة وقضى منهم 14 سنة، وخطيبته مُصرة إنها تستناه، شو بدي أوصف لك شعوري ومرارتي أنه أنا ابني المفروض هلا يكون جنبي بهاي الظروف يرعى إخوته وإخواته يساندني على ها الحياة، اجتماعياً يكون جنبي، من ناحية نفسية من كل إشي، قبل الأرض قبل أي إشي الأسرى.. الأسرى لأنه الإنسان عمره محدود، إحنا بدنا يطلعوا أولادنا وإحنا طيبين، لأنه ياما ماتوا أميات وأبيات وأولادهم بالسجن، وبعدين هلا الإسرائيليين شنوا هجمة على السجون، يعني إمبارح في سجن عسقلان راحوا الأهالي يزوروا بيتفاجئوا إنه كل الأبواب مسكرة وما فيه واحد يرد عليهم يقول لهم ليش هذا العقاب إنهم منعتهم الإدارة من الزيارة، وبكرة فيه زيارة للضفة، قالوا لنا الصليب الأحمر اليوم إنهم برضو ممنوعة بكرة الزيارة، وإحنا ولا الصليب عارفين شو فيه..
ليلى الشايب [مقاطعةً]: نعم، طيب سيدة.. سيدة صبرية..
صبرية الصفدي: اسمحي لي يا أمه إحنا بهذا الوقت مش عارفين كيف وضع أولادنا في سجن عسقلان، لأنهم ممنوعين من الزيارة وإحنا مش عارفين شو الوضع اللي هم فيه. ما فيش حد يقول لنا شو.. شو اللي سووا.
ليلى الشايب: طيب سيدة صبرية هذا.. نعم.. شكراً.. شكراً لك، هذا هو وضع الأسير، وهذه هي أوضاع عائلات الأسرى، نداء إلى السلطة الفلسطينية، نداء إلى كل الأطراف المعنية بقضايا الأسرى.
لمعرفة اتجاه المفاوضات في قضية الأسرى كان لكاميرا (الجزيرة) اللقاء التالي مع (وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين) هشام عبد الرازق، نتابع معاً.
هشام عبد الرازق (وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين): إسرائيل بوسائل إعلامها تريد أن تبرز القرار الإسرائيلي أحادي الجانب خلال هذه الفترة كجزء من سياسة العلاقات العامة التي تمارسها إسرائيل عند زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لواشنطن، وهذا القرار الإسرائيلي هو قرار سلبي جداً، قرار غير مقبول علينا وهو استمرار لسياسة التفرد وأخذ القرارات من جانب واحد ومن أجل ذلك نحن نرفضه، لأنه يتعارض مع الأساس الذي يجب أن تبنى عليه قضية الإفراج عن المعتقلين والذي يرتكز إلى أولاً الاتفاق المبدئي وموافقة إسرائيل المبدئية على إطلاق سراح كل المعتقلين الفلسطينيين والعرب الذين اعتقلوا على خلفية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ثم تشكيل لجنة مشتركة تقوم بدراسة الجدول الزمني الذي يجب أن يتم الإفراج به عن كل هؤلاء المعتقلين ومضمون كل دفعة من دفعات الإفراج، وما أن إسرائيل اختارت الطريق السلبي هذا وهو اتخاذ القرارات من جانب واحد فنحن نرى بأن هذه العملية لن تؤدي إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام، ولن تؤدي إلى تثبيت وقف إطلاق النار، بل هي تهدد بانفجار ثورة المعتقلات من جراء هذه السياسة الإسرائيلية أحادية الجانب التي ليس بها أي مضمون يمكن أخذه بحسن نية أو بشكل إيجابي، ومن أجل ذلك نحن نرفض هذا الموقف الإسرائيلي.
الدور المهمش للمحامين في الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين
ليلى الشايب: سيدة فدوى، أنت محامية ولكنك ممنوعة من الترافع عن زوجك.. على زوجك مروان البرغوثي، يرافع عنه الآن المحامي جواد بولس، طيب أنتم كنتم ربما محظوظين من مجموع عائلات الأسرى والمتعقلين بأنكم وجدتم من يرافع عن مروان، 6 آلاف، تقريب ستة آلاف أسير على ثلاثين محامي فقط هم مجموع المحامين الذي ينتمون إلى مؤسسات مختلفة فلسطينية ما نوع الصعوبات التي تواجه عائلة الأسير عندما تبحث عن توكيل محام؟
فدوى البرغوثي: نعم، يعني في بداية الأمر موضوع المحامي في المحاكم الإسرائيلية هو عبارة عن وجود نفسي يطمئن المعتقل وأسرته وليس له أي أثر في الحكم، لأن الأحكام الإسرائيلية هي عبارة عن أحكام موضوعة مسبقاً، ومفندة وليس للدفاع عن الأسير الفلسطيني أي أهمية لدى الإسرائيليين، ولذلك في بعض الأحيان المحامي الفلسطيني يتواجد في المحكمة ويقوم بعمل مراسل وليس بعمله القانوني المخصص للمحامي الذي يدافع عن.. عن الأسير، ولذلك ترى أنه فلان قتل.. عنده حالة قتل واحدة فهو له مؤبد وجرح 15 عام و.. يعني فندتهم إسرائيل لدرجة أن المحامي ليس له دور في الترافع، ولكن.
ليلى الشايب: لماذا.. لماذا ليس له دور؟ هل لأنه ربما الأحكام نُطِقَ بها مسبقاً ويبقى دور المحامي مجرد رسول بين العائلة والأسير فقط.
فدوى البرغوثي: نعم، لأنه حُكِمَ على الأسير.. نعم لأنه حُكِمَ على الأسير الفلسطيني بأنه إرهابي و.. من جراء مقاومته للاحتلال قبل الدخول في القضاء، وهذا ما يفسره في الجلسة الأولى من محاكمة مروان تحدثت القاضية له بأنك قاتل، إذا كانت قاضية دون الدخول في إجراءات المحكمة تقول له أنك قاتل، ووزير.. والمستشار القضائي الإسرائيلي حكم عليه وقال في الإعلام حينما طرح موضوع اسم مروان وإطلاق سراحه قال هذا قاتل، و.. ولهذه اللحظة إجراءات المحكمة لم تنته، ولذلك.
ليلى الشايب: قاتل في المطلق لم يقتل شخص معين..
فدوى البرغوثي: في.. في.. في المطلق أن الأسير الفلسطيني يعني يفترضوا بأنه قاتل، المحامي بشكل عام يعني أنا أذهب إلى محكمة بيت أيل على الأقل كمحامية وبأشوف كيف تسير العملية القضائية في بيت أيل هي عبارة عن مهزلة لا يوجد فيها قانون، تعتمد على قوانين طوارئ وأوامر عسكرية تفترضها، يعني تضعها إسرائيل بما يخدم مصالحها وكذلك المحامي في بعض الأحيان يُذل ويُمنع من الدخول ويُهان بالمحكمة، ولذلك يعني فقط يعني أرى في موضوع المحامي أنه يعني لمعنويات السجين ولمعنويات الأهل وللزيارة يعني يقوم بالزيارة، أما بالمرافعة هذا شيء يعني هذه محاكم احتلال وأداة من أدوات الاحتلال وواهم من يعتقد بأنه ذاهب إلى قضاء نزيه وعادل ليبحث عن العدالة والنزاهة في محاكم الاحتلال.
ليلى الشايب: إذن أنت أدرى.. يعني أدرى بموضوع العدالة والترافع، خالدة جرار في.. في القدس، خالدة تحدثنا عن موضوع المحامين عددهم حسب ما توفر لنا من معلومات لا.. لا يتجاوز ثلاثين محامياً موزعين على مختلف المؤسسات الفلسطينية المعنية، بالأسرى منها مؤسستكم مؤسسة الضمير، اشرحي لنا كيف يمكن أن نوزع ثلاثين محامياً على حوالي ستة آلاف أسير فلسطيني إن لم يكن أكثر من ذلك؟
خالدة جرار: حقيقة بالنسبة للمحامين نتذكر أن هناك الآن حوالي ستة آلاف أسير، أكثر من نصف الأسرى هم محكومين، وبالتالي لا يخضعون للمحاكمة، مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية التي تُعنى بالأسرى والمعتقلين جزء قليل من هذه المؤسسات يتوفر لديه برنامج قانوني بمعنى يتوفر محامين للدفاع عن المعتقلين، بالإضافة إلى ذلك هناك عائلات تتوجه إلى محامين خاصين في هذا الإطار، لكن أعتقد أن هي ليست المسألة المهمة هي فقط مسألة المحامي، المحامي يحاول -كما ذكرت الأخت فدوى- أن يكون إلى جانب الأسير في محاولة لعملياً توثيق أيضاً، لأن إسرائيل من خلال محاكمها العسكرية التي هي لا تراعى أصول المحاكمة العادلة تحاول من خلال هذه المحاكم أن تحاكم النضال الفلسطيني، وأن تحاكم المعتقل الفلسطيني وفق أوامرها العسكرية وبالتالي وفق قانونها الجنائي، في المقابل هنا يأتي دور المحامي، إذا كان محامي حقيقةً متمسك في القضية ويستطيع أن يعطي المعتقل حقه بمعنى أن يقف ليدافع عن هذا المعتقل، بأن هذا المعتقل قام بهذا العمل في إطار النضال الوطني وفي إطار مقاومة الاحتلال التي تشرعها كافة القوانين الدولية، لأن هذه هي قوة احتلال، هنا يكون لهذا من الأهمية، لأنه هكذا يتم التعامل مع قضية الأسرى والمعتقلين في إطار المحاكمة، هنا نحكي عن الدفاع النوعي، لكن اسمحي لي أخت ليلى فيما يتعلق..
ليلى الشايب [مقاطعةً]: خالدة.. هذا الموضوع لو سمحت أرجو أن لا يأخذ منحىً قضائياً وقانونياً تماماً، لأن الحلقة أذكّر مرة أخرى أنها تتناول أو يعني تسليط الضوء على معاناة المرأة التي لها صلة بالأسير أو المعتقل، مثلاً أرملة فقدت زوجها، وليست متعودة على يعني الاتصال بالمجتمع أو قضاء حاجاتها بنفسها، كيف يمكن لها أن تحصل على المحامي؟
خالدة جرار: حقيقة بالنسبة للمحامين -كما ذكرت لك- هناك مؤسسات فلسطينية تستطيع هذه الأهالي التوجه لمختلف هذه المؤسسات التي تقدم دفاعها المجاني التي تقدم دفاعها المجاني عبر المحامين، النساء الفلسطينيات وكون البرنامج هو برنامج (للنساء فقط)، ويحاول أن يثير قضية الأسرى والمعتقلين من خلال إبراز معاناة المرأة الفلسطينية كزوجة أسير أو كأم أسير، أيضاً هناك جانب آخر ما عرضه برنامجكم من تقارير أبرز عدد نماذج من النساء، على سبيل المثال أم مجد، كما هي تعاني وبكت على شاشة التلفاز، أذكّر أن هذه المرأة أيضاً الآن هي تقود لجنة لأهالي المعتقلين، التي تقوم بشكل أسبوعي بتنظيم اعتصامات وفعاليات تضامنية مع الأسرى، وكذلك الأخت صبرية، وكذلك العديد من النساء، ما أود أن أُذكِّر أنه بالإضافة إلى هذه المعاناة أيضاً المرأة الفلسطينية والنساء الفلسطينيات هم مَنْ.. وأهالي المعتقلين هم مَن استطاعوا التواصل باستمرار، وإعطاء نوع من الدفعة قضية الأسرى.. لإبقاء قضية الأسرى هي الطاغية على السطح، لجنة أهالي المعتقلات الفلسطينيات على سبيل المثال الأسيرات، في عام 97 أُطلق سراح كل الأسيرات، وربما المشاهد العربي لا يعرف أيضاً كيف تم اطلاق سراح الأسيرات الفلسطينيات في عام 97؟ إسرائيل أصرت على إطلاق سراح الأسيرات باستثناء خمسة أسيرات، ماذا فعلت الأسيرات في عام 97؟ اعتصمت الأسيرات في.. في داخل غرفهن، وامتنعوا عن الخروج، ورفضوا إلا أن يخرجوا جميعاً متماسكات، أسندهم في ذلك أمهاتهم اللواتي شكلن لجان للتضامن مع الأسيرات، وبالفعل فُرِضَ على إسرائيل فرضاً في العام 97 أن تطلق سراح جميع الأسيرات الفلسطينيات، هذا الموقف يُشكِّل نموذج ويُشكِّل حالة لكيفية التعامل مع قضية الأسرى في الوقت الحالي، هناك محاولات لتجزئة قضية الأسرى، نحن نتحدث عن حوالي ستة آلاف أسير من بينهم 74 أسيرة فلسطينية.
ليلى الشايب: تجزئة بمعنى ربما محاولة.. نعم.
خالدة جرار: هناك أسيرات فلسطينيات، هناك الآن 74 أسيرة فلسطينية، هناك محاولات لتجزئة الأسرى، لا ننسى أن هناك حوالي 250 من أسرى القدس، وهناك أسرى من داخل الخط الأخضر من فلسطين 48، وهناك أسرى عرب، هؤلاء الأسرى منسيين، لا تشملهم أية معايير الآن، هذه هي المشكلة الأهم، وهذه التي يجب الآن في إطار طرح قضايا الأسرى التمسك باستراتيجية شاملة لتحرير الأسرى، ونحن نقول أن هذه الاستراتيجية غير مستحيلة، لأن هناك نماذج في العالم، نحن أيضاً غير معزولين عن العالم، هناك نماذج على سبيل المثال نموذج جنوب إفريقيا، وكيف تم التعامل مع قضية الأسرى وكيف أطلق سراح جميع الأسرى قبل البدء بأية عملية لإنهاء نظام الفصل العنصري؟ كذلك المشكلة الإيرلندية، وكذلك الآن نذكر النموذج اللبناني الحديث في قضية التعامل مع الأسرى، هذه النماذج يجب أن تشكل أيضاً، بالنسبة للتعامل مع الأسرى الفلسطينيين والعرب، وكذلك الأسيرات، يجب أن تشكل استراتيجية يكون أساسها عدم التجزئة، عدم فصل الأسرى، وعدم التعامل مع المعايير الإسرائيلية، وعدم الأخذ بها، استراتيجية تحرير شاملة، نعتقد أن بدون ذلك ستظل الموضوعة الأسرى هي من القضايا الرئيسية التي بدونها لن يتم حل أي قضية من القضايا الأخرى العالقة.
ليلى الشايب: هذه.. هذه قناعة الجميع سياسيين أو مواطنين عاديين، شكراً لك خالدة.
[فاصل إعلاني]
ليلى الشايب: معنا سيدة أم أنس على الهاتف من فلسطين، سيدة أم أنس تفضلي.
أم أنس: تفضلي.. تفضلي أهلاً وسهلاً.
ليلى الشايب: أهلا بكِ تفضلي، سيدة أم أنس.
أم أنس: أيوه.. أيوه معكِ..
ليلى الشايب: أسمعك تفضلي، أنت في برنامج (للنساء فقط).
أم أنس: أهلاً، بداية أود أن أشكر قناة (الجزيرة) على طرحها لمثل هاي المواضيع المهمة، والتي تظهر معاناة أسرانا ومعتقلينا في السجون الإسرائيلية، تفضلي.
ليلى الشايب: أنا أسمعك سيدة أم أنس…
أم أنس: أيوه.. أيوه.. أنا معلش يعني شو السؤال اللي بدِك.. اللي تفضلي.
ليلى الشايب: طيب حدثينا بإيجاز لو سمحت عن معاناتك كقريبة لأسير معتقل في أحد السجون الإسرائيلية؟
أم أنس: طبعاً أنا كزوجة من الطبيعي أن أشعر بفراغ في غياب زوجي، ولكن نحن نعتبر الاعتقال والحمد لله ابتلاء من الله تعالى، ونحن راضون فيه، ولكن يعني سبب الاعتقال هو الذي يؤلمنا، فالاعتقال هو اعتقال سياسي بحت، وهو سببه تقديم مساعدات إنسانية لأهلنا في الضفة والقطاع، والهدف الأهم هو السماح لليهود للدخول للمسجد الأقصى المبارك، فالاعتقال ما هو إلا عملية إبعاد للحركة الإسلامية عن الساحة، وهذا كله طبعاً جزء من حربٍ على الإسلام تكاد وتشن من قِبل أميركا وإسرائيل معاً.
ليلى الشايب: طيب شكراً لكِ أم أنس من فلسطين. سيدة فدوى كنا نتحدث عن ظروف الاعتقال والعثور على المحامي توكيل محامي إلى غير ذلك، والمحاكمات التي ينطق بها سلفاً، وبالتالي لا يعود للمحامي أي أهمية في مرحلة ما، أحياناً يقال إنه تأجيل النطق بالحكم ينزل برداً وسلاماً على الزوجة أو الأم، هل يمكن أن يكون ذلك صحيح في حالات معينة؟
فدوي البرغوثي: تأجيل النطق بالحكم يعني في بعض الأحيان ينظر لهذا الموضوع من زاوية سياسية ومن منطلق سياسي، يعني في بعض الأحيان تكون الظروف السياسية للشعب الفلسطيني ظروف صعبة، والإسرائيليين يتعاملون بحقد وكراهية، وفي بعض الأحيان الأهالي يتوقعوا أنه إذا كان هناك تحسن في الظروف السياسية قد يكون فيه نوع من الأحكام أقل على أبنائهم، ولكن أنا في رأيي يعني على مدى سنوات الاحتلال، ومنذ 55 عام وهم يوجد أسرى وحوالي 550 ألف أي أكثر من نصف مليون فلسطيني تعرضوا للاعتقال، وتصوري إن.. نصف مليون وأكثر زوجات وأمهات على مدى 55 عام هم يعانوا، ولذلك قد يكون هناك يعني البعض يرى في إنه إذا تحسنت الظروف السياسية قد ينعكس على الأحكام، ولكن هو الاحتلال مهما كان تحسنت الظروف أو لم تتحسن هو احتلال، مادام هناك احتلال إسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فلا أحد يتوقع أن يكون أي عمل بالقوانين من قبل الإسرائيليين تجاه الشعب الفلسطيني.
ليلى الشايب: طيب مروان رب أسرة قبل أن يكون قيادي أو رجل مناضل، أو ربما يكون العكس، كرب أسرة كان يعيلكم، كان يوفر مصدر الرزق، أنتِ تعملين لا شك، لكن عندما غاب مروان هل أحسست بأن عبء مادي وعبء الانفاق على عائلتك ازداد عليكِ، وربما شعرت أنكِ في لحظة ما غير قادرة عليه؟
فدوى البرغوثي: نعم، يعني إذا قلت لكِ إني لست نموذجاً لمعاناة المرأة الفلسطينية في.. من الجانب المادي، وخاصة أن مروان كعضو مجلس تشريعي بقي راتبه يصرف له بعد اعتقاله، وأنا كمحامية والحمد لله تسير أمورنا على ما يرام، ولكن هناك بعض الأمهات الفلسطينيات أو الزوجات اللي عندهم أطفالهم والتزاماتهم بعد يعني حرموا بالاعتقال حرموا من الزوج كمعيل، وبقيت بعض الأسر دون أي مصدر مالي يصرف لهم إلا بعض الأموال التي تصرف لهم سواء من وزارة الأسرى أو من بعض المؤسسات يعني حتى دولياً أُسر الأسرى لم يلقوا الاهتمام اللي.. اللي لاقوه أسر الشهداء، يعني فقط قامت المملكة العربية السعودية مشكورة بصرف مرة واحدة مبلغ مقطوع لكل أسير فلسطيني، وغير ذلك لم أسمع أنا بأي دولة قامت بصرف أي مبالغ للأسرى والمعتقلين، واللي هم يعني فيه وراهم أسر وفيه وراهم أطفال، ويريدوا أن يتعلموا ويعيشوا، فنعم غياب الزوج هذا حرمان من الزوج كمعيل غير إنه حرمان من الزوج كإنسان، وحرمان من الزوج كرب أسرة وغير هذا.
ليلى الشايب: أكيد يعني أن السبب المعنوي الذي يمثله حضور الزوج، قد.. أنت ربما لا تكونين بالفعل نموذج واضح جداً للمعاناة المادية التي تتحملها المرأة التي يغيب ابنها أو زوجها في السجون الإسرائيلية، سأطرح سؤال مماثل على السيدة صبرية، قبل ذلك سيدة دوناتيلا من لندن، موضوع الساعة، المفاوضات، اللقاءات، فلسطينية إسرائيلية، فلسطينية أميركية، إسرائيلية أميركية، السيد محمود عباس عاد لتوه من واشنطن وطرح بقوة ربما لم يعهدها الفلسطينيون من قِبل موضوع الأسرى على أنه المحك.. المحك لاستمرار الهدنة واستمرار عملية السلام أو تنفيذ خريطة الطريق، كمنظمة حقوق الإنسان أو منظمة أمنستي.. هل لديكم دور ربما تلعبوه في هذه المرحلة حتى لا يفوت الوقت بعد ذلك ربما ؟
دوناتيلا روفيرا: بطبيعة الحال هذا الوقت جدُّ هام بالنسبة إلينا كمنظمة دولية، نحن مهتمون بالعمل على إظهار أن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين أفرج عنهم، والذين لم يبق لهم.. لم يبق لهم سوى بضعة أسابيع أو أيام لإكمال أحكامهم، وبعضهم لم يكن هناك داعي لسجنهم.
فيما يتعلق بالتحركات التي علينا أن نقوم بها فيما يتعلق بالمفاوضات الحالية، من الضروري أن نقوم نحن وكل المنظمات الحقوقية أن نستغل هذا الظرف لتعريف الرأي العام مدى خطورة.. خطورة وضع السجناء الفلسطينيين، والأطفال المعتقلين بشكلٍ.. بشكل يجعل المعتقلين الذين اعتقلوا من دون سبب، علينا أيضاً أن نظهر أنه ليس هناك ما يدعو لإسرائيل للقيام بتنازلات وإنما هو واجبٌ وشيءٌ ضروري على إسرائيل أن تحرر وأن تُفرِج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المعتقلين بشكلٍ إداري، وعددهم اليوم حوالي ثمانمائة، وهؤلاء لم يكن.. لم يتهموا.. لم تُوجَّه إليهم أية تهمة ولا جريمة، وليس هناك أي رغبة لدى السلطات الإسرائيلية لمحاكمتهم..
ليلى الشايب: نعم، نعم سيدة دوناتيلا أعتذر للمقاطعة، الوقت بدأ يضيق جداً، وأرجو أن.. أن أتحدث ولو قليلاً مع بقية الضيفات، سيدة خالدة جرار في القدس، اعتصامات، نشاطات، خيم اعتصام، تنسيق مع منظمات محلية وعربية ودولية إلى غير ذلك، وتركيز لست أدري لماذا هذه المرة بكل هذه الحرارة على موضوع الأسرى كأنه يُنتظر شيء؟ أرجو أن يتحقق ذلك الشيء، كما يرجو الكثيرون، لكن لنتخيل أنه هذا لم يقع، ماذا لو فشلت كل هذه المساعي؟ ماذا تتخيلين أن يكون الموقف؟
خالدة جرار: أتخيل أن الموقف ليس سهلاً، وأنقل من هنا ما قاله الأسرى والأسيرات الفلسطينيين والعرب، إذا لم يطلق سراح الأسرى الذين أمضوا أكثر من 25 عام ولازالوا الآن قيد الاعتقال، والذين أمضوا أكثر من 15 عام، هناك 11 معتقل أمضوا أكثر من 20 عام في السجون، و3 معتقلين أمضوا أكثر من 25 عام، هناك حوالي 57 معتقل أمضوا حتى الآن أكثر من 15 عام، إذا لم يطلق سراح هؤلاء الأسرى وغيرهم من المؤبدات الذين أمضوا فترات طويلة، لن يعتبر الأسرى أي إفراج أو أي إطلاق سراح لـ 400 أو لـ 1000 أو لـ 2000 من المعتقلين الذين قربت مدة انتهاء محكوميتهم أو المعتقلين الإداريين -كما تحدثت زميلتي دوناتيلا- الذين يجب أصلاً أن لا يكونوا قيد الاعتقال أو الاحتجاز إذا لم يطلق سراح هؤلاء.. هؤلاء الأسرى فحقيقة الوضع لن يكون سهلاً، وأعتقد أن الأسرى نقلوا كلمتهم ستكون هناك انتفاضة أسرى جديدة، وبالتالي من هنا نحن نقول أنه يجب أن تكون هناك استراتيجية شاملة لتحرير الأسرى ترتكز على عدم التجزئة، عدم التجزئة وعدم الخضوع للتعامل مع المعايير الإسرائيلية في إطار تجزئة قضايا المعتقلين إضافة إلى ذلك يجب أن تكون هناك استراتيجية..
ليلى الشايب [مقاطعةً]: سيدة خالدة عذراً للمقاطعة، الوقت بالفعل انتهى، ولا مجال للمزيد، الموضوع يحتمل حلقات وليس حلقة فقط.
للأسف ليس بوسعنا في نهاية هذه الحلقة سوى أن نشكر ضيفاتنا: المحامية فدوى البرغوثي (زوجة الأسير والمناضل مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية)، وفي رام الله السيدة خالدة جرار (مديرة مؤسسة الضمير)، وفي القدس السيدة صبرية الصفدي (أم الأسير نمر)، كما نشكر السيدة دوناتيلا روفيرا (عضو منظمة العفو الدولية).
وإلى أن نلقاكم في الحلقة المقبلة لكم أطيب تحية مني ليلى الشايب، ومن مُعدَّة البرنامج أسماء بن قادة والمخرج فريد الجابري، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.