مسؤولية الأسرة في تراجع استخدام اللغة العربية
مقدمة الحلقة: | لونه الشبل |
ضيوف الحلقة: | هاديا سعيد: كاتبة وروائية – لندن نعمات أحمد فؤاد: أستاذة اللغة العربية – القاهرة موزة غباش: رئيسة رواق عائشة بنت حسين الثقافي |
تاريخ الحلقة: | 01/12/2003 |
– حال اللغة العربية في المجتمعات العربية
– خطورة تكريس الأسرة للغة الأجنبية على حساب اللغة العربية
– أسباب انحسار اللغة العربية في المدارس الحكومية
– دور العولمة في تردي استخدام اللغة العربية
– دور الأسرة في إحياء هوية اللغة العربية
– الاستعمار الثقافي الجديد ومحاولات طمس اللغة العربية
– دور مجمع اللغة العربية في الحفاظ على اللغة
– الأسرة بين اكتساب اللغة الأجنبية والمحافظة على اللغة العربية
لونه الشبل: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم.
تتعرض اللغة العربية في عالمنا العربي لمجموعةٍ من المؤثِّرات والعوامل التي أدَّت إلى تراجعٍ واضح في استخدامها على مستوى الدولة والمجتمع والأسرة، على الرغم من الدور الذي تلعبه اللغة بكونها أداة اتصالٍ غير محايدة في تحديد الهوية والخصوصية الحضارية والثقافية للأمة.
ولعل ذلك التراجع ازداد تسارعاً مع حلول العولمة، وكل ما أفرزته من ظواهر تقوم في أساسها على استخدام اللغات الأجنبية، فضلاً عن تأسيس المدارس الخاصة والأجنبية في عالمنا العربي، الأمر الذي جعل من اكتساب تلك اللغات أمراً ضرورياً للأجيال الصاعدة باعتبارها لغة المعرفة ولغة السوق، والمؤهل الأساسي لوظيفة المستقبل.
ومن ثمَّ تسارع الآباء والأمهات -بوعي أو دون وعي- لإكساب أطفالهم ما يؤهلهم لسوق العمل من لغات أجنبية، هي لغات القوى الصناعية الكبرى.
الأمر الذي يفرض طرح مجموعة من التساؤلات حول السبب الكامن وراء ذلك التلازم القائم بين تعلم اللغات الأجنبية وإهمال اللغة العربية، وعن انعكاسات ذلك التغير الطارئ على نمط الحياة اليومي للطفل العربي وما يفرضه من استخدام للغة الأجنبية من بداية يومه إلى آخره.
كما سنبحث في هذه الحلقة مسؤولية الكثير من الآباء والأمهات في تراجع استعمال اللغة العربية بسبب إصرارهم على جعل اللغة الأجنبية لغة البيت ولغة التعامل الأساسي على مستوى الأسرة، وكذلك الدور الذي لعبته مناهج تعليم اللغة العربية المعتمدة في عالمنا العربي في تنفير هذه المادة للأجيال الصاعدة، وكيف تستخدم القوى الدولية اللغة أداة للاختراق الثقافي بهدف تحقيق مصالح اقتصادية من أجل فتح مزيد من الأسواق وتسويق مزيد من المنتجات.
للحديث عن مسؤولية الأسرة في تراجع استعمال اللغة العربية، نستضيف اليوم في استوديوهاتنا في الدوحة الدكتورة موزة غباش (رئيسة رواق عائشة بنت حسين الثقافي في دبي)، وستنضم إلينا في استوديوهاتنا في القاهرة الدكتور نعمات أحمد فؤاد (كاتبة وأستاذة اللغة العربية في العديد من الجامعات المصرية والعربية)، كما نرحب في استوديوهاتنا في لندن (بالكاتبة والروائية) هاديا سعيد، أهلاً بكن جميعاً ضيفات على هذه الحلقة من (للنساء فقط).
مشاهدينا الكرام، بإمكانكم أيضاً المشاركة معنا في هذا الحوار بجميع محاوره وأبعاده، وذلك من خلال الاتصال بنا سواء عبر الهاتف على الرقم: (00974) وهو مفتاح قطر 4888873، أو عبر الفاكس على الرقم: 009744890865 أو عبر الإنترنت على عنواننا: www.aljazeera.net
ونرحِّب بآراء الجميع وبالمداخلات من الجنسين.
حال اللغة العربية في المجتمعات العربية
دكتورة هاديا من لندن، أبدأ معكِ هذه الحلقة من (للنساء فقط)، يعني بدون مقدمات، لا أحد يجهل التراجع الذي تشهده الآن اللغة العربية ويشهده استخدام اللغة العربية في عالمنا العربي، العولمة فرضت السوق وفرضت ثقافة القوي، وبالتالي لغة القوي، وبالتالي انتشرت اللغة الأجنبية في المجتمعات العربية، بدايةً ما رأيك بهذه الحال؟ وبرأيك ما هي الدوائر المسؤولة عن حماية لغتنا الأم في مجتمعاتنا العربية؟
هاديا سعيد: طبعاً شكراً على البرنامج، وشكراً إضافي على موضوع هذه الحلقة لأنه أراه موضوع حساس ومهم جداً، بشكل عام طبعاً المحور اللي طرحتيه حضرتك طويل وعريض جداً، يدفعني للتساؤل بالدرجة الأولى: ما هي اللغة؟ اللغة سواء لغتنا العربية أو اللغة؟ هل هي لسان فقط؟ هل هي تاريخ؟ أم هي وجدان؟
في.. إذا بحثنا في هذه الإشارات الثلاثة نرى إنه إذا كانت لسان، فالأسرة مسؤولة على هذه النقطة أو على هذا الاتجاه وتكريس اللسان العربي، إذا كانت وجدان فمسؤول.. هناك قطاعات كبيرة مسؤولة عن هذا الجانب، لكي تكون اللغة حيَّة في وجداننا جميعاً ونحبها، طبعاً هنا تلعب دور المؤسسات والمنظمات والثقافة والإعلام إلى آخره والدولة أيضاً.
ثالثاً: إذا كانت اللغة تاريخ -ويجب أن تكون- وكانت ذات يوم لغتنا العربية تاريخ، هنا ممكن السؤال يوجه أو البحث يتجه للنظر ما هو الدور الذي تلعبه اللغة العربية اليوم في التاريخ وفي المشاركة في التاريخ وأيضاً في صناعة التاريخ؟
لونه الشبل: نعم.. نعم يعني دكتورة هاديا، هناك من يعتبر بأن اللغة هي العقل، والبعض يعتبرها الهوية، والبعض يعتبرها الثقافة، وأيضاً أمامي مقال لأحد الصحفيين أحمد زين، يقول بأن الأم حين تحتضن صغيرها وتضمه إلى صدرها تغذية بلبنها، وتداعبه، وتخاطبه في الوقت نفسه بكلماتها، فهي مع ما تمنحه له من غذاء، تمنحه غذاءً عقلياً وروحياً، فتأخذ بيده وتعاونه على تكوين حياته الفعلية، إذا كانت اللغة كل ما تفضلتي وما قرأت الآن، ما رأيكِ بهذه الحال في مجتمعاتنا العربية؟
هاديا سعيد: طبعاً أنا بعيدة شيئاً ما سنوات عن الحياة اليومية في المجتمع العربي، ولكن أصله وأتواصل معه وأكتشف سواء من خلال اتصالي في.. من خلال اتصالي العائلي أو من خلال ما أقرأ وأتابع ووضع الثقافة والإعلام وتجليَّات اللغة في أكثر من مجال، ألاحظ إنه فعلاً لكي أحدِّد.. ما ألاحظ إنه انحسار -كما ذكرتِ- فيما يتعلق بالأسرة، هناك انحسار عن محبة اللغة العربية وتبنيها كلغة لسان ووجدان، بمعنى إنه كما نلاحظ ويتجلى ذلك في كثير من.. من المجالات الإعلامية إنه وكأن اللغة الأجنبية ليست أداة معرفة بقدر ما هي امتياز، لست أدري من.. من يتفق معي، ولكن الإشارة الأولى بأنه اللغة هي امتياز، عندما يبدأ الطفل أو الطفلة في الرطن باللغة الأجنبية، ولست مع.. لست أبداً ضد تعلم اللغة الأجنبية ولكن التوجُّه إلى تعلم هذه اللغة متى وكيف، هل.. هل هو.. هل يجب أن يكون امتياز أو أداة معرفة؟
خطورة تكريس الأسرة للغة الأجنبية على حساب اللغة العربية
لونه الشبل: نعم، طبعاً، مشاهدينا الكرام وضيفاتي الأكارم أود أن أرحِّب بالدكتورة نعمات أحمد فؤاد التي انضمت إلينا الآن من استوديوهاتنا في.. في القاهرة، أُسعدتِ مساءً دكتورة نعمات وأتوجه إليكِ مباشرة، كما ذكرنا في بداية الحلقة، انتشرت المدارس الأجنبية، واللغة الأجنبية قد تكون ضرورة في.. في يعني السوق وفي متطلبات الاقتصاد الحديث، وكل ذلك، ولكن أيضاً مع انتشار المدارس الأجنبية في مجتمعاتنا العربية انتشرت عادة مخاطبة الأمهات في المنازل لأطفالهن باللغة الأجنبية، قد تكون لرفع مستواهم في هذه اللغة، وقد.. قد يكون صحيح إذا خاطب.. يعني إذا خاطبت الأمهات أبنائهن باللغة الأجنبية قد يُرفع مستواهم، ولكن إلى أي مدى تعتبر هذه المنهجية صحيحة عندما تخاطب الأم أبناءها في البيت باللغة الأجنبية؟
د.نعمات أحمد فؤاد: أولاً: مخاطبة الأم أبناءها في.. في البيت بلغة أجنبية إلا في.. يعني أنا أفهم عندما تذاكر لهم الدروس بتاعتهم الدروس الأجنبية اللي بيأخذوها إذا كانت الأم بتتقن لغة أجنبية، لكن أن تكون اللغة الأجنبية هي لغة الحياة اليومية في بيوتنا، استحالة وأنا أرفض هذا، لأن اللغة العربية يجب أن تسود كلغة البيت، وكلغة المكتب، وكلغة الحياة، وكلغة المدرسة، وكلغة الجامعة، ولا يمنع هذا أن نتعلم لغة أجنبية ولغتين أجنبيتين كنوع من.. يعني كل لغة عادةً بتبقى نافذة على الثقافة.. ما وراءها من ثقافة معينة، ودا ثراء أدبي ومعنوي، ولكن على ألا يخدش مكانة اللغة العربية أو يجور على وضعها في البيت العربي، وفي المدرسة العربية، وفي الشارع العربي، وفي دنيا العرب.
لونه الشبل: دكتورة نعمات، ما مدى خطورة هذه الحال؟ يعني إن تحولت البيوت إلى أشباه مدارس باللغة الأجنبية، ما مدى خطورة هذا الحال على مجتمعاتنا العربية؟
د.نعمات أحمد فؤاد: لأ، هو بلا شك فيه خطورة، وفيه انحسار للغة العربية -انحسار بالسين وبالصاد- ولكن نكثف الدعوة سواء في التليفزيون، أو في الصحف، أو في الأحاديث للمفكرين إن ما هو الطريق الصحيح للجمع بين اللغة العربية ولغة أجنبية على أن تكون اللغة العربية لها الأولوية وهي.. ولها السيادة في الاستعمال، ولها كل ما يحق لها من حقوق في دنيا أصحابها، يعني أنا.. أنا مش ضد إني أتعلم لغة أجنبية، "من تعلم لغة قوم أمن شرهم"، لكن الفكرة دون مساس باللغة العربية في يعني.. في حقولها المختلفة، البيت، والحقل، والمدرسة، لازم تسود اللغة العربية.
وبعدين أنا عايزة أقول حاجة: المسألة مش مسألة إن.. هو طفل هأقول له لازم تتكلم اللغة العربية؟ أولاً: الطفل لازم نعلمه.. نحفَّظه القرآن الكريم بقدر ما يستطيع، فهيتشرَّب التعبير الجميل، يعني هو هيتشرَّب يعني أسلوب اللغة العربية في أعلى درجاتها طبعاً، اللي هي القرآن الكريم، أنا يعني أذكر في اللحظة دي إن مكرم عبيد باشا، وهو مصري قبطي، كان يحفظ القرآن الكريم كاملاً، ولهذا كانت لغته بليغة، وكان في الخطابة، وفي الكتابة، وفي كل حاجة فيعني أنا مش..، يعني القرآن الكريم يعني حتى لو فُرِضَ إن الطفل غير مسلم كثير من الأقباط علشان يرتفعوا بلغتهم العربية إلى نوع من السلاسة، ونوع من الصقل، ونوع من الارتفاع بيحفظوا آيات أو بيحفظوا أجزاء من القرآن الكريم، أنا بأقول مكرم عبيد باشا وهو وزير كان يحفظ القرآن كاملاً، مش جزء أو اثنين منه، فيعني لابد اللغة العربية نتمسك بها مسلمين وأقباطاً، لأن دي اللغة القومية للطرفين.. يعني
أسباب انحسار اللغة العربية في المدارس الحكومية
لونه الشبل[مقاطعة]: نعم، أشكرك.. أشكرك دكتورة نعمات، دكتورة موزة معي هنا في الأستوديو، ذكرت الدكتورة نعمات نقطة هامة يعني حول انحسار وانحصار -كما قالت بالسين والصاد- اللغة العربية، أعود للتركيز على نقطة المدارس الأجنبية، يعني قد تساهم هذه المدارس في تعميم اللغة الأجنبية، هذا جيد أو.. أو غير جيد، ولكن هذا واقع.. قد تساهم، ولكن هل تساهم في انحسار اللغة العربية بالمقابل فعلاً؟ يعني وإن كان كذلك يعني لماذا انحسرت المدارس التي تهتم أكثر باللغة العربية كالمدارس الحكومية والمدارس المحلية في البلدان العربية؟
د.موزة غباش: بسم الله الرحمن الرحيم، الحقيقة حضرتك اليوم تطرحين موضوع هام جداً، وأعتقد إنه هو موضوع جزء من كل، مطروح الآن فكرة أن أين الثقافة العربية بالتحديد وليس فقط اللغة كعنصر أساسي من عناصر هذه الثقافة، فنحن إذن كأننا يعني نبحر في هذا الحوار في قضية كبيرة جداً جداً، ربما تكون معنية بكل مستقبل المنطقة العربية يعني، اللغة -كما طرحت السيدة الفاضلة هاديا- كوجدان وكتاريخ وكمجرد لسان، نحن -كما أضفتِ عليها- هي ثقافة، وهي حضارة، وهي.. هي قوة بالتحديد يعني، إذا سادت لغة قوم..
لونه الشبل: سادوا..
د.موزة غباش: سادوا، فالحضارة كليتها تقوم على هذا المستند الرئيسي وهذا السند الرئيسي وهو اللغة، وبالتالي نحن لا نتكلم عن ظاهرة جزئية، إنما نتكلم عن قوة المنطقة العربية، وقوة العروبة، وقوة المجتمع في تكوينه الداخلي كعلاقات إنسانية أيضاً، وهنا الأمور في التحليل النهائي الاجتماعي يعني لهذه الظاهرة مترابط، يعني لا يمكن أن نتحدث عن اللغة منفصلة عن انهيار المشروع التنموي العربي بأكمله وانهيار المشروع العربي التعليمي بأكمله، وجزء من عوامل هذا الانهيار هو الانحسار للغة العربية، ثم هذا الانهيار للمشروع التنموي بكليته في مشروع اللغة العربية، في نظريته الثقافية في قوته العسكرية..
لونه الشبل: في وجوده عموماً..
د.موزة غباش: في قوته الاقتصادية السياسية، الكينونة العربية بشكل كامل أحد أهم أعضائها التي ضعفت وكانت مسبباً رئيسياً لهذا الانهيار هو اللغة العربية.
لونه الشبل: نعم، أبقى معكِ دكتورة موزة حول موضوع المدارس وانحسار اللغة العربية.
[فاصل إعلاني]
لونه الشبل: دكتورة موزة، كنت قد سألتكِ حول موضوع انحسار اللغة العربية في مقابل ازدياد المدارس الأجنبية، ولكن نقطة يعني أين المدارس الحكومية التي تُعنى أو كانت تُعنى فيما سبق بالاهتمام أكثر والتركيز أكثر على اللغة العربية، يعني قد يرى البعض بأنه لا ضير أن يكون هناك مدارس أجنبية، ولكن أين المدارس الأخرى حكومية، غير حكومية التي تُعنى بالتركيز على اللغة العربية؟
د.موزة غباش: الحقيقة يعني هنا في.. في الرأي اللي يعني العميق جداً في مسألة المقارنة ما بين النوعين من المدارس في المنطقة العربية الخاص والحكومي أحياناً نحن نكون في هذا التحليل قاسين على.. على المدارس الحكومية، يعني من التجارب الأخيرة أن هذه المدارس التي تشرف عليها حكومات المنطقة العربية هي آخذة في القوة وآخذة في التنافس مع المدارس الأجنبية، ووجود هذه المدارس الأجنبية ليس في كليتها هي مدارس أقوى وأفضل من المدارس الحكومية، بل ربما يكون ذلك على العكس تماماً، إنما الأقوى هو المفهوم، أن طُرِحَ مفهوم أن التعليم الأجنبي بين الأسر العربية أن التعليم الأجنبي يرضي متطلبات السوق، وبالتالي هذا الربط بمجرد ما طُرِحَت فكرة الربط ما بين التعليم والسوق، تحوَّل التعليم إلى مجرد أداة سوق، ولذلك ضعفت بنية المدرسة الحكومية، يعني نحن لو.. لو نؤمن بما كنا نؤمن به في بدايات القرن أن المدرسة لخلق جيل واعي ومثقف وتربوي وباني للحضارة بغض النظر عن ملائمته لهذه السوق، لأن هذه السوق.. السوق مفتعلة اقتصادياً غربية من الغرب، هذه السوق فُتحت لترضي حاجات الغرب، وسياسات الغرب، وهيمنة الغرب، ونحن سرنا في هذا التيار دون وعي بأننا نخدم الغرب لا نخدم أنفسنا، يعني كان من الممكن أن نخلق سوقاً ملائمة للتعليم الحكومي الذي كان سائداً، يعني ليس بالضرورة أن تكون كل شركاتنا وكل اقتصادياتنا.
لونه الشبل: تتكلم باللغات الأجنبية.
د. موزة غباش: تقوم على اللغة الأجنبية.
لونه الشبل: صحيح.
د. موزة غباش: وبالتالي.
لونه الشبل: لكن يبدو أنه واقع فُرض على المجتمعات العربية، لم.. لم يختاروه يعني.
د. موزة غباش: لا، هو يعني تم اختياره.. تم اختياره، لأن إرضاء هذه السوق الرأسمالية الغربية يعني إرضاء المؤسسات الحكومية القائمة في المنطقة العربية، وبالتالي يعني دخول هذه الشركات الأجنبية لفتح أسواق، ونحن هنا نكرر تجربة تاريخية ماضية، يعني ما قبل الحرب العالمية الأولى والثانية أيضاً فُرض على هذه المناطق أن تكون عندما بدأت أشكال الاستعمارات المختلفة في تاريخنا العربي فرضت أن تكون مجرد سوق، وبالتالي يعني.. يعني الآن ليس مجرد أن نحوِّل تعليمنا إلى ما يتطلبه السوق، إنما حوَّلنا عقليتنا وذهنية الإنسان العربي وطريقة تفكيره..
لونه الشبل: صحيح، إلى ما يريده هذا السوق.
د. موزة غباش: إلى ما يريده هذا السوق.
لونه الشبل: صحيح.
د. موزة غباش: فلو كانت هناك قوة في اتخاذ قرار نوعي بشأن التعليم، وخاصة المبني على اللغة العربية لكانت هذه القوة الآن منتشرة في كل جوانب وجسد هذا المجتمع العربي الذي وهن نتيجة وهن لغته، وثقافته، ودينه ربما، ومؤسساته التعليمية والسياسية حتى، يعني الآن لما يُطرح علينا فكرة أن تأتينا الديمقراطيات من الغرب، نتيجة إنه هناك رؤية غربية لنا كعرب كمنطقة عربية وكحضارة عربية بأنها واهنة وضعيفة، ويجب أن نبث فيها نوع من..
لونه الشبل: المفاهيم..
د. موزة غباش: المضادات الحيوية لإنعاشها، لإعادة الحيوية إلى هذه المنطقة من الخارج، لكن أنا أعتقد أن هذه المقارنة لشديدة الحساسية ما بين المدرسة الأجنبية التي تقام الآن في المنطقة العربية، وليس المدرسة الآن، الكلية، والجامعة، والدراسات العليا كلها تحوَّلت إلى اللغة الأجنبية.
لونه الشبل: ولكن يبدو أنها تبدأ من المدرسة ومن الأسرة ومن المنزل.
د. موزة غباش: بالطبع هي تبدأ من المدرسة، أنا أعتقد أنها.. أن المدارس الحكومية يجب أن يُبقى عليها، ويجب أن يستمر تطعيمها بميزانيات ضخمة جداً تعادل ميزانيات القوة العسكرية في المنطقة العربية لتنهض، لأن النهوض هنا في هذا التعليم الحكومي والعربي تحديداً هو يعني نهوض سياسي قوي ونهوض عسكري ونهوض..
لونه الشبل: ونهوض أمة بأكملها.
د. موزة غباش: ونهوض حضاري بمعنى آخر، في النهاية يجب أن نعود إلى مفهوم القوة في كل.. في كل حيثيات هذا المشروع التنموي العربي بشكل عام.
لونه الشبل: نعم، إذن مشاهدينا الكرام، كما بدأنا هذه الحلقة حول مسؤولية الأسرة العربية في تراجع استخدام اللغة العربية مستمرون في هذا الحوار مع ضيفاتنا في الأستوديو وفي القاهرة وفي لندن.
[موجز الأخبار]
لونه الشبل: أستاذة هاديا من لندن، هناك سؤال قد يطرح نفسه في هذه اللحظة، يعني لماذا يتزامن دائماً تعلُّم اللغات الأجنبية أو اللغة الأجنبية مع انحسار للغة العربية خاصة داخل المنزل، يعني الطفل عادة وكما هو معلوم وكل الدراسات تقول بأنه قادر على استيعاب لغة واثنتين وحتى ثلاثة في.. في.. في بداية حياته، يعني لماذا تنحسر اللغة العربية ويتزامن تعليم اللغة الأجنبية مع انحسار اللغة العربية؟
هاديا سعيد: طيب، أولاً.. أولاً: هل نحن متأكدين.. متأكدون تماماً من هذا الانحسار؟ هذه مناسبة أتمنى إنه فعلاً تُجرى دراسات بحث فسيولوجية وميدانية لنرصد فعلاً بدقة هذا الانحسار، ولكن الظاهرة موجودة لا يستطيع أحد أن.. أن ينفيها، وموجودة ببيوتنا في أي بيت كما تحدثنا، وأنا أريد أن أعلِّق على الدكتورة موزة، لأنه هي فعلاً أشارت إلى دور المدارس الخاصة، وأنا لما سمعتها الحقيقة ابتسمت، لأنه تذكرت مسألة إنه وكأن فيه هناك وسائل إعلام ودعاية خفية هي خارج الفضائيات وخارج التليفزيونات هي بين البيوت، يعني عندما تأتي لكي نتحدث عملياً وليس فقط نظرياً، أم تُرسل بطفلها إلى مدرسة خاصة، فأي أم وأي إنسان يعني عندما يقوم بعمل هو يريد أن يؤكد إنه هذا هو العمل المثالي، هو هذا هو الناجح، فالأم عندما ترسل طفلها أو طفلتها إلى مدرسة أجنبية هي تدافع عن هذا الوضع، فيسري مثل الهشيم من أم إلى أخرى، إلى أخرى، إلى أخرى، وهنا أقول: فعلاً هناك دور للأمهات الواعيات، يعني لنتحدث بصراحة إن مجتمعاتنا العربية نسبة التعليم فيها قليلة، ولهذا يكون الدور كبير جداً على الأمهات أمثالنا التي.. اللواتي يُفترض إنه واعيات، يفكرن بأبعد من هذه.. هذا.. هذه الظاهرة السائدة، فعندما يسري بحي لنقل أو ضمن أقارب، إنه ابن.. ابن فلانة في المدرسة الفلانية الخاصة، وهذه المدرسة تقدِّم ليس فقط اللغة الأجنبية، ولكن تقدِّم له امتيازات كثيرة، ففعلاً يبدو هناك توجُّه إلى هذه المدارس مما يؤثر على دور المدارس الحكومية، وهذه مسألة..
لونه الشبل [مقاطعةً]: نعم، ولكن أستاذة هاديا، لماذا يعني توجهوا إلى هذه المدارسة وسرت هذه الحمى بأن المدارس الأجنبية أفضل، هذا الكلام هو ما يحصل وهو وارد، ولكن لماذا يتزامن إرسالهم إلى المدارس الأجنبية مع انحسار تعلُّمهم والتعاطي معهم باللغة العربية حتى داخل المنزل، يعني لماذا؟ الطفل قادر على تعلم اللغتين معاً.
هاديا سعيد: ليست.. ليست مشكلة عزيزتي، صدقيني إذا تحدث في البيت، هذه مسألة لا أعتقد إنه يعني ليست بأهمية حبه وتعلُّقه في اللغة، يعني من أين يأتي الإصرار على الحديث الأجنبي؟ طبعاً دور الأم ينتهي لفترة معينة الطفل، الطفل بدأ يكتسب مرجعيات أخرى، هذا ما أريد أن أقوله، المرحلة الثانية هي وجود الكتاب، الكتاب العربي الموجَّه للطفل وللحدث ولأيضاً للشاب هو -للأسف- ضعيف، وليس هناك أي اهتمام بتحويله إلى أداة..
لونه الشبل: متعة.
هاديا سعيد: ليست معرفية فقط، لأنه الأطفال.. الأطفال يريدون متعة، يريدون متعة، ويريدون من خلال المتعة المعرفة، وللأسف يعني أنا من خلال اطلاعي على منذ سنوات على بعض المكتبات المدرسية، أيضاً في المدارس الابتدائية وفي مدارس.. في مدارس.. في المراحل الثانوية هناك شحة في.. في الكتاب، ليس الكتاب.
لونه الشبل: صحيح.
هاديا سعيد: المدرسي يعني، ليس هناك توجُّه لتحديد هذه اللغة للأطفال، وهذه مسألة تقع على عاتق قطاعات كبيرة في المجتمع.
لونه الشبل: نعم، ويعني مشاهدينا الكرام وضيفاتي الأكارم، ينضم إلينا الآن السيد -على الهاتف- السيد المقريء أبو زيد (أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني) من المغرب، قد ينضم إلينا في أي لحظة، يبدو أن الاتصال انقطع أو.. سنعاود الاتصال به، ولكن هناك مداخلة قد تكون هامة جداً من الأستاذ المقريء.
دور العولمة في تردي استخدام اللغة العربية
سيدة نعمات، يعني دخلنا عصر العولمة، لنبتعد عن.. عن حديث المدارس وغيره، دخلنا عصر العولمة، وحياة الطفل -اسمحي لي، ولو كان سؤالي طويل – كما يلي: صباحاً في مدرسة أجنبية، أو خاصة تستخدم اللغة الأجنبية، ظهراً يعود إلى المنزل غالباً في هذا العصر وهذا الوقت الآباء غير موجودين في المنزل، بالتالي ليس هناك من معين إلا مطاعم الوجبات السريعة التي لا تحمل إلا الأسماء الأجنبية، بعدها يتسمر الطفل أمام إما جهاز الكمبيوتر الذي أيضاً لا يتحدث إلا بمعظمه في.. بالأجنبية، وإما أمام التلفاز، وهو حدِّث ولا حرج وأسوأ، وإما أمام ألعاب الكمبيوتر، وأيضاً فيها مجموعة كبيرة من المصطلحات، وحتى الثقافة الأجنبية الغريبة عن الطفل، مساءً يعود الآباء كما تحدثنا، قد يتكلمون مع أبنائهم باللغة الأجنبية، في نهاية الأسبوع قد يأخذونهم إلى أحد الملاهي والألعاب التي في معظمها -والحمد لله- انتشرت في عالمنا العربي، ومعظمها أجنبية، طيب ضمن كل هذا الكلام كيف سيحافظ الطفل على.. على لغته، وبالتالي على هويته، وبالتالي على انتمائه، وكل.. وكل الحياة التي يعيشها هذا الطفل من الصباح وحتى الليل باللغة الأجنبية؟ أستاذة نعمات.
د. نعمات أحمد فؤاد: أيوه، أولاً: يعني أنا مش شايفه المسألة بكل هذا القتام يعني، لأن حكاية اللغة العربية ببساطة شديدة جداً نمرة واحد: المدارس الأجنبية في بلادنا العربية لابد أن يُفرض عليها تعليم اللغة العربية بمعنى إن يبقى للغة العربية قسط وافر في.. في برامج الدراسة بهذه المدارس.. المدارس، دي واحد.
الحاجة الثانية: إن اللغة العربية مش يعني إن في البيت بيتكلموا كمان أجنبي ولغاية الليل يتكلموا أجنبي، يعني دي الحقيقة صورة يعني أنا أعتبرها متشائمة، أنا متفائلة أكثر من كده، إحنا في بيوتنا بنتكلم اللغة العربية، وبعدين إحنا نقدر نحبب الطفل في اللغة العربية، وبمعنى إن إحنا نشوف المناهج الأجنبية بتحبِّب.. بتدرس إزاي لغتها الإنجليزية أو الفرنسية، وننقل المناسب لينا، يعني إحنا نغيِّر المناهج بحيث تبقى مشوِّقة.
لونه الشبل: صحيح.
د. نعمات أحمد فؤاد: وبحيث تحبِّب الطفل في لغته القومية، وهو يحبها، وبعدين إحنا نراقب أولاً هنفرض على المدارس الأجنبية إن تدخل اللغة العربية بقسط وافر فيها باعتبارها قائمة في بلاد عربية.
ثانياً: إحنا ندرس الإذاعة، التليفزيون، الكتاب العربي، كل هذا ندرسه بحيث يبتدي يحبِّب.. يعني ندي مادة مشوِّقة تاريخية، وعلمية، ومادة حديثة، وكل دا يعني هيعمل انقلاب في تقبُّل يعني الطفل وفي تكوين شخصيته، فإحنا اللي نحبب طفلنا في لغتنا العربية، وهي لغة جميلة، ولغة موسيقية..
لونه الشبل: صحيح.
د. نعمات أحمد فؤاد: ولغة تتحب، وممكن قوي نقربها لنفسه، ولا نستسلم إن المدارس الأجنبية.. المدارس الأجنبية هنفرض عليها قسط وافر من اللغة العربية، ولازم تخضع لهذا طالما هي في بلادنا العربية.
لونه الشبل: نعم، أشكركِ..
د. نعمات أحمد فؤاد: وبعدين..
لونه الشبل: أشكركِ دكتورة نعمات، وكما ذكرت -مشاهدينا الكرام- ينضم إلينا السيد المقريء أبو زيد (أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني في المغرب، وأيضاً عضو البرلمان المغربي). أستاذ المقريء، لا أدري إن كنت سمعت سؤالي، ولكن سأختصره من جديد ضمن كل الحياة التي يعيشها الطفل في كثير من البلدان العربية، ومنها الخليج، ومنها لبنان، ومنها المغرب العربي وشمال إفريقيا، يعني يذهب صباحاً إلى المدرسة، يعود إلى المنزل، يشاهد التلفاز، يلعب ألعاب الكمبيوتر، ومساءً يتحدث مع أهله، وبالعموم هو لغة أجنبية سواء إنجليزية أو فرنسية، الدكتورة نعمات قالت بأن هذا الوضع قد يكون متشائم، لا أدري أنت مع هذا الوضع أو تراه متشائماً كما رأته الدكتورة نعمات، أم أنه حقيقة، وبالتالي كيف يستطيع الطفل أن يحافظ على لغته وهو من الصباح إلى المساء في لغة أجنبية أخرى؟
د.المقريء أبو زيد: مرحباً.
لونه الشبل: أهلاً يا..
د. المقريء أبو زيد (أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني – المغرب): في الحقيقة نحن نعيش في العالم العربي اليوم حالة من التغوُّل غير طبيعية للغتين مهيمنتين، في شرق العالم العربي تهيمن الإنجليزية، وفي غربه تهيمن الفرنسية، وهي هيمنة بمقاييس الفكر الأوروبي نفسه، بمقاييس ما يُسمَّى: Social language text، أي علم اللغة الاجتماعي، غير سليم لأنه مفروض أولاً بحكم ذيول ورواسب الاستعمار الذي انتهى منذ نصف قرن رسمياً.
لونه الشبل: صحيح.
د. المقريء أبو زيد: ولم ينتهِ واقعياً، وبحكم ضغوط العولمة وخضوع الأنظمة القومية تحت ضغط الحاجة الاقتصادية والمديونية والارتهان لسياسات أجنبية، وأخيراً: العولمة لهذا الوضع، ونحن نزيد من حدة هذا الوضع عندما نستجيب كجماهير، كأمهات، كبيوت، كمربين، كآباء، كضحايا لهذا الميز اللغوي في عقر دارنا الذي يأتي على حساب اللغة العربية ويأتي على حساب اللغات الوطنية والمحلية، ويأتي على حساب وعينا وهويتنا وإبداعنا ومستقبلنا المرهون بالتفوق والإدراك السليم والنجاح (البيداغوجي) pedagogy في حالة إذا ما عدنا إلى لغتنا التي هي اللغة العربية نعيش نحن وضع معكوس، نستجيب لهذه الضغوط، ونحوِّلها إلى أصل، ونبدأ نبرِّر تشجيعنا لأبنائنا على إهمال اللغة العربية، والأخذ بأسباب إتقان الإنجليزية والفرنسية بأسباب ضرورة الانفتاح والعولمة وحاجة السوق إلى إتقان ثقافات وتخصصات وعلوم بهذه اللغات.
أنا أريد أن أُقدِّم بعض النصائح للأمهات في حدود مسؤولياتهن وإمكانيتهن.
لونه الشبل: تفضل.
د. المقريء أبو زيد: دكتورة نعمات فؤاد -جزاها الله خير- تكلمت عن قرارات سياسية تحتاج إلى إرادة سياسية عليا تتعلق بتعريب الإدارة، والاقتصاد، والتعليم، والبحث العلمي، والتعليم العالي، وهي أمور مرتهنة بقرار سياسي، ومرتهنة بتفاعلات قد تأخذ ربع قرن أو يزيد.
بالنسبة لما يمكن الآن بالنسبة للأم المعزولة الوحيدة في بيتها التي تمثل جزء من هذه الشعوب المقهورة على ثقافتها ولغتها، أُقدِّم هذه النصائح في عجالة لتحبيب اللغة، كما ذكرت الدكتورة نعمات فؤاد، ولبناء القوة كما ذكرت الضيفة الكريمة التي في الأستوديو – جزاها الله خير- الدكتورة موزة.
لونه الشبل: الدكتورة موزة، نعم.
د. المقريء أبو زيد: أولاً: تجنُّب تعليم اللغة عن طريق القواعد وعن طريق علم اللغة النظري وأنا أتكلم كأستاذ في التخصص القواعد والنحو وعلم اللغة النظري ومجال لفهم اللغة، وليس اكتساب ملكة اللغة، اللغة تكتسب عن طريق الممارسة، والممارسة العملية هي التي تمكن من إتقان اللغة أو من محبتها (..) في القرآن الكريم..
لونه الشبل [مقاطعةً]: نعم، دكتور.. دكتور المقريء. عفواً للمقاطعة، ولكن يعني ألا ترى معي وأنت أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني، يعني تفضلت بأن اللغة وقواعد اللغة.. ألا ترى معي -ولو لنكن يعني صريحين- بأن مناهج اللغة العربية عمومها مملة، وحصة اللغة العربية عادة ما تكون، وهذا ما.. ما أسمعه من.. من معظم الطلاب، حصص اللغة العربية مملة ومنفرة، واللغة العربية صعبة، في الوقت الذي نرى فيه اللغة الإنجليزية أو الفرنسية دائماً تسعى لتبسيط هذه اللغة، نرى اللغة العربية مازالت في مكانها، لا تسعى للتبسيط، لا تسعى لتسهيل وتحبيب نفسها أو القائمين عليها للجيل الصاعد؟
د.المقريء أبو زيد: هذا صحيح جزئياً، ولكنه نتيجةٌ لا سبب، هو نتيجة لسياسة تهميش اللغة العربية، ومقدَّرات إيصالها إلى الجمهور، مع تيسير أدوات تعليم اللغات الأجنبية، وهذا من قوة الحضارات التي تمثِّل هذه اللغات، وتمثلها هذه اللغات، كحاضرٍ ثقافي واستعماري في بلادنا، ومن أجل أن ما قلتي صحيح، قدمت هذه الاقتراحات للأمهات لتدارك هذا النقد وهذا التخلف الموجود في أغلب ممارساتنا لتعليم اللغة العربية، حفظ القرآن الكريم، وبعض نصوص السُنة النبوية ذات الطابع الأدبي كالتي جمعها الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه "نظرات في الأدب الإسلامي"، حفظ الشعر العربي السليم، القراءة بصوت مرتفع، لأن الأذن تُحفِّظ الوعي عند الإنسان، وتساعده على أن تكون لغته سليمة، سماع الغناء والنشيد الفصيح الملحَّن السليم لغة، لأن بعض أفلامنا، وبعض أغانينا -للأسف الشديد- تنشر لحن إعرابي وأحياناً معجمي فظيع، متابعة الأفلام العربية، المصححة التي عندها مصحِّح لُغوي معتمد، التاريخية والاجتماعية، الاعتماد على برامج الحاسوب الثقافية والتعليمية -وهي موجودة بالمناسبة- رغم أنها أقل مما هو موجود بالفرنسية والإنجليزية، لكن موجود، أنا أحيل على شركات جادة، وعندها مصححون لغويون مثل "سفير"، مثل "الأقصى"، مثل "سما"، مثل "صخر"، وغيرها كثير وفيها برامج محببة، وبرامج فيها ما طلبتي، وما لاحظتي أيها الأخت الكريمة في كون اللغة العربية الآن تدرَّس بطرق تقليدية، وأحياناً منفرة، وأحياناً مثل هذا لما إلا أن الهزيمة النفسية..
لونه الشبل[مقاطعة]: نعم، الدكتور المقريء أبو زيد، عذراً للمقاطعة ولكن هناك الكثير من النقاط لم نطرحها بعد، الدكتور المقريء أبو زيد (أستاذ اللسانيات في جامعة الحسن الثاني في المغرب، وعضو البرلمان المغربي) شكراً جزيلاً لك، وشكراً لهذه النصائح التي نصحتها للسيدات.
دور الأسرة في إحياء هوية اللغة العربية
دكتورة موزة، يعني طُرِحَ موضوع العولمة، وأنتِ طرحتيه منذ بداية الحلقة، وأكثر من مرة طُرِح في هذه الحلقة، يعني العولمة دخلت حياتنا من المدرسة إلى السوق، ومن السوق إلى المدرسة، ويعني لا نستطيع فصل هذا الكلام، وبالتالي قد تكون الأسرة العربية اتجهت لتعليم أبنائها هذه اللغات لتضمن مستقبلها، يعني لنكن واقعيين من لا.. من لا يعرف لغة أجنبية لا يستطيع أن يعمل، خاصةً بأن الدول عادةً، الدول العربية عجزت عن اتخاذ سياسات متوازنة بين العولمة ويعني ضرورات المحافظة على الهوية، والتي تعتبر اللغة من أهم يعني دعائمها، يعني ماذا تستطيع أن تفعل الأسرة الآن؟
د.موزة غباش: الحقيقة يعني هذا هو عمق الموضوع الآن الذي تطرحيه، فكرة أن الأسرة، الفرد، الجماعة، الإنسان العربي بشكلٍ عام، سواء في.. سواء من واضعي السياسات التربوية والثقافية، أو من متخذي القرار، ليسوا فقط الذين يكتبون هذه السياسات، الكل يعيش في حالة انبهار بالثقافة الغربية، هذا الانبهار انتقل إلى الأسرة العربية، وبالتالي ارتبط بالحاجة أيضاً في السوق، وهنا قد نكون عاملين قويين جداً رفعا من وجود اللغة.. اللغات الأجنبية في المنطقة العربية وأضعفا من اللغة العربية في هذه المنطقة.
لونه الشبل: العربية نعم.
د.موزة غباش: وبالتالي الدعوة هنا يجب أن تركز على لماذا المثقف العربي، أو المفكر العربي يناقش، أو حركة النقد للثقافة العربية بشكل عام، لماذا.. لماذا تتم في حالة إعجاب وانبهار باللغة، بالثقافة الغربية عموماً؟ يعني تدخل الثقافة الغربية ضمن الآن التكوين التفكيري للإنسان العربي، وخاصة الذي يكتب الرواية، والذي يؤلِّف المنهج التربوي للمدرسة أو..
لونه الشبل: كما لو أن الثقافة الغربية هي النموذج، يعني.
د.موزة غباش: يعني هذه الحالة انتقدت، حتى في مرحلة النهوض في المجتمع الياباني مثلاً بعد الحرب العالمية الثانية، كثير من الكُتَّاب اليابانيين انتقدوا فكرة أن إعادة تصحيح الثقافة اليابانية تمت في وضع إعجاب بالثقافة الغربية، وبالتالي أعادت بناء ثقافة غربية في داخل المجتمع الياباني.
لونه الشبل: صحيح.
د.موزة غباش: وهنا يعني قد يكون هذا ساعد على النهوض الصناعي صحيح، ولكن أوهن وأضعف من الثقافة اليابانية، نحن ما يحدث الآن هي نفس التجربة.
لونه الشبل: تكرار لنفس التجربة.
د.موزة غباش: تكرار، تجربة تاريخية الآن تحدث في المنطقة العربية، إننا بدأنا نفكر بطريقة التفكير الأجنبية، نكتب باللغات الأجنبية كما طرح الأستاذ المقريء من المغرب، أدعو الحقيقة في هذه المسألة إلى دعوة أيضاً طرحت في الشهر الماضي من كتابات الفيلسوف المغربي العربي الدكتور محمد عابد الجابري، يقول: أن السبب الرئيسي في ضعف اللغة العربية هي صعوبتها، وبالتالي أوروبا…
لونه الشبل: تبسِّط يعني..
د.موزة غباش: الآن أنا عدت لنفس طريقة التفكير، لكن هو طرحها كمثال، أوروبا كتبت قاموس للغة الإنجليزية الوسطى، التي استطاعت أن تنتشر على كل أوروبا، وتم التفاهم بهذه اللغة الوسطى، وقويت المنطقة الغربية بثقافتها.
لونه الشبل: هي أقل ما يمكن من القواعد يعني إذا تنتبهين في هذه اللغة..
د.موزة غباش: نعم.
لونه الشبل: ليس فيها تعقيد كما هو موجود في اللغة العربية.
د.موزة غباش: نعم، فيدعو إلى كتابة قاموس عربي للغة الوسطى المبسطة هذه، بعيداً عن الاعتماد على القواميس القديمة كـ"مختار الصحَّاح"، وكـ"المنجد"، التي كانت تصعِّب من اللغة لا تيسِّر من مفاهيم اللغة العربية يعني..
لونه الشبل: أنتِ مع هذه الدعوة…
د.موزة غباش: وهذه دعوة أرجو ألا تكون يعني تُفهم أيضاً من بعض الذين يحللون هذه الدعوات الجديدة، على أنها نوع من تفكيك للغة العربية أو..
لونه الشبل: أو إدراج للعامية مثلاً..
د.موزة غباش: أو إدراج لأ، هي لغة بمفاهيم عربية واضحة، ولكن وبالقواعد وبالاعتماد على القواعد العربية، ولكن بالتبسيط، بحيث يستطيع أن يفهمها، هي ربما تستطيع هذه أن تقاوم فكرة عالمية الثقافة الغربية على حساب عالمية الثقافة العربية، الحقيقة عندي جزئية بسيطة لو سمحتي.
لونه الشبل: نعم، تفضلي.
د.موزة غباش: يعني هي مشاركة مع الدكتورة نعمات في هذه المسألة، إنه إحنا لماذا نتخوف؟ ولماذا هذه الرؤية القاتمة للوجود الثقافي العربي يعني متمركزاً حول اللغة؟ نحن عندما نحلِّل هذه الظاهرة يجب أن نفرِّق بين الوجود للغة العربية في منطقة الخليج، ووجود اللغة العربية في منطقة بلاد الشام مثلاً، أو مصر أو في منطقة شمال إفريقيا.
لونه الشبل: شمال إفريقيا.
د.موزة غباش: الدول العربية كالمغرب وتونس وإلى آخره من الدول، بمعنى آخر أن.. أن تلك الدول ذات أعداد سكانية هائلة جداً، لا تستطيع اللغة الأجنبية أن تتغلب على متحدثي اللغة العربية، الذين أعدادهم أكبر بكثير يستطيعون مقاومة..
لونه الشبل: أين هذا الكلام؟
د.موزة غباش: في مصر مثلاً هناك أعداد سكانية..
لونه الشبل: آه، ولكن في شمال إفريقيا أعداد سكانية كبيرة، ويتحدثون معظمهم الفرنسية.
د.موزة غباش: ولكن هناك برنامج للتعريب مستمر في المدارس في.. في مثلاً المغرب وفي تونس، وفيه محاولة للاستبدال لتلك الثقافة الفرنكفونية الموجودة في هذه المنطقة، نحن في منطقة الخليج الخطر واضح، وشديد الوضوح أكثر، لأنها منطقة خفيفة السكان، وبالتالي الذين يتحدثون اللغة العربية أقل من الذين، من الهجرات الآسيوية الكبيرة جداً التي جاءت إلى المنطقة، وهي في طريقها فعلاً لمحو الثقافة العربية واللغة العربية، وهذه ليست مبالغة في التحليل في النهاية في التحليل السسيولوجي الاجتماعي العربي لهذه المنطقة، أن الحركة التغريبية لم تنجح كما نجحت في منطقة الخليج.
لونه الشبل: صحيح، مشاهدينا الكرام، نبقى في نفس الموضوع، ولكن لمزيد من تسليط الضوء على مدى تكيُّف الخريجين من الشباب مع تفاعلات العولمة، أعدت لنا الزميلة لينا الغضبان من القاهرة أربعة لقاءات مع خريجيَّن من الجامعة المصرية، وبالمقابل خريجيَّن من الجامعة الأميركية، سنحاول أن ندرجهم تباعاً، أما الآن نتابع معاً السيد جمال شاهين (خريج الجامعة المصرية، والصحفي بجريدة العربي الناصري) وحول رأيه في تأثير المدارس الأجنبية على تراجع استخدام اللغة العربية.
جمال شاهين (صحفي بجريدة العربي الناصرية): طمس اللغة العربية في الوطن مش بينحصر في الشباب العربي فقط، بل بيأتي من المراحل الأولى للدراسة، فعلى سبيل المثال مثلاً في سنة 1981 و85 كان فيه حوالي 195 مدرسة بتقوم بتدريس اللغة، تدريس المناهج العلمية سواء الرياضيات، أو الفيزياء، أو الطبيعة أو جميع المواد بلغة أجنبية، سواء كانت الإنجليزية أو الفرنسية، وبيهتموا باللغة العربية كمادة، وجميع المواد بتدرس باللغات الأخرى، خلال عشر سنوات زادوا المدارس دي، من 195 لـ575 مدرسة، والمدارس دي مع كل أسف -حتى في مصر فقط- لا تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم..، إنما تخضع لإشراف الوزارات.. السفارات الأجنبية والدول الأجنبية، ولا توجد أي سلطة لوزارة التربية والتعليم عليها، بالتالي دا أثَّر بشكل كبير على قوة اللغة العربية عند الأطفال، ومع.. وصفوة أبناء المجتمع هم اللي بيدرسوا في اللغة دي، وهم اللي بيدرسوا في المدارس دي، ودا بيؤثر على تملكهم وقوتهم من اللغة العربية.
الاستعمار الثقافي الجديد ومحاولات طمس اللغة العربية
لونه الشبل: سيدة هاديا في لندن، يعني كما سمعتي هذا الواقع، وهو يعني هو في مصر، ولكن قد يكون منتشر كثيراً، يعني كان هناك استعمار قديم احتل الدول العربية، ومعظم الدول العربية، وفرض لغته حينها بالسيطرة والهيمنة والمدافع والرصاص، وظن الجميع بأن انحسر هذا.. وبالتالي طبعاً فرض لغته، وظننا جميعاً أو ظن المؤرخون بأن انحسر تأثير هذه اللغة بانحسار هذا الاستعمار، الآن ومع دخول مرحلة اقتصادية جديدة، وتحوُّلات طرأت على النظام الاقتصادي الجديد العالمي، تحوَّلت اللغة إلى يعني قد تكون أداة من أدوات الاختراق الثقافي لنا، يعني إذن لم يخرج الاستعمار، بل جاء بصورة أخرى قد تكون بدون مدافع ولا طائرات ولا أي شيء، دخلت اللغة كأداة اختراق ثقافي، بهدف قد يكون النفعية مثلاً الاقتصادية، وبالتالي أصبحت اللغة وسيط غير محايد يعني كما يقول كثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين واللغويين، شكله ثقافي قد يكون هذا الوسيط، ولكن هدفه اقتصادي ونفعي، يعني ما رأيك في كل هذا الواقع ضمن العولمة، وضمن تحوُّل اللغة إلى.. إلى استعمار -قد تكون- ونحن لاهون وجالسون هكذا، ونحن نبتسم ونتعلم هذه اللغة؟
هاديا سعيد: لا أعتقد أنه نحن لاهون، والدليل إنه نحن الآن نجلس ونتحاور بانفتاح وبصراحة شديدة حول هذا الواقع، ونسعى وكل.. كلٌ منا يسعى ويجتهد من موقعه بقول أو بمقاربة الحقيقة، ما طرحتيه مهم جداً، ولكن هو عدة نقاط، بدء من النقاط اللي ممكن أن أشير لها، وتعليقاً على كلام الضيوف الكرام، اللي كان مهم، وأضاف لي أنا في هذه الحلقة، إنه أنا أيضاً لستُ خائفة على لغتنا كلسان نتداولها يعني مثال بسيط، وأرجو ألا أطيل إنه الجاليات ليس فقط العربية، الجاليات من بلدان أخرى، ومنها العربية التي تعيش في.. في الخارج، والتي تشعر بداخل البيت إنه عندها حرص شديد على لغتها، لأنه عندها حرص على الانتماء، هي تتحدث داخل البيت بلغة.. بلغتها، كل جالية قليلة تتحدث بلغتها وتحمي لغتها، وهناك لغات بالعالم استمرت داخل ما أسميه أنا داخل البيوت، ولم تلعب فعل حضاري، لم تشارك في صناعة التاريخ، ولم تدخل ولم تتطور.
لغتنا العربية عندها قابلية كبيرة جداً في التطور، والدليل إنه منذ القرون القديمة وهي استفادت من اللغات، سواء من الفارسية ومن اللغات الأجنبية، وتفاعلت معها، وما ذكرتيه عن المغرب العربي، أنا أجد هناك النصف الآخر من الكأس، النصف المليء، وهو إنه المغرب العربي كان لديه حرص شديد على اللغة العربية، والدليل حتى الكتَّاب الذين كتبوا بالفرنسية هم كتبوا من انتماء إلى هوية.. إلى هويتهم، وتحادثوا أو كافحوا أو لِنَقُل حاوروا هذا الآخر المهيمن بلغته من أجل حضورهم، وحماية أنفسهم، بمعنى لم يذوبوا، لهذا أرى إنه هذا الاختراق الثقافي هي الاختراق الثقافي والسياسي والعولمة وكله هي اختراق القوى، وهي مد شنيع ويطفو، ولكن ما هو دور الأفراد ابتداءً من الأسرة، ومروراً بالمجتمع المدني؟
أنا أعتقد إنه هناك قطاعات كثيرة من المجتمع المدني تستطيع أن تلعب دوراً، وتحمي هذه اللغة، لا أستطيع.. صدِّقوني إنه ليس كل المتغيرات يلزمها قرار، أو تتغير بقرار، القرار.. القرار يبدأ بـ.. فعلاً بقناعة داخلية من كل منَّا، وليس ازدواجية، وليس مسايرة، وليس استخدام التسييس، يعني هناك.. نعم.
لونه الشبل: نعم، سيدة هاديا.. سيدة هاديا، أبقى.. سيدة هاديا أبقى معكِ، يعني أنت تفضلتي بنقطتين أول نقطة بأنه لا خوف على اللغة العربية داخل الأسرة بشكل من الأشكال، ولا داعي لهذه الصورة المتشائمة، بأن اللغة كلسان، كلغة تداول لا خوف عليها، وهنا أريد أن أسألك نقطة قبل أن أنتقل إلى النقطة الأخرى التي أيضاً تفضلتي بها، وأيضاً عليها سؤال، هنا أسألكِ يعني أنتِ الآن من لندن، ولكن أنت لبنانية، طب.
هاديا سعيد: نعم.
لونه الشبل: يعني في.. لنبقى في لبنان، لبنان يتحدث في.. في طبيعته، في.. في الشوارع كلمة عربي وعشر كلمات فرنسي، ألا تخشي من.. من.. من لغة لسان الحال؟ يعني سأبقى ضمن البلد الذي قد تعطينا أوضح صورة منه يعني حضرتكِ، هناك مثلاً يعني يتكلمون كلمة عربي وعشرة فرنسي، كيف تصفين هذا الحال؟
هاديا سعيد: أنا غادرت لبنان سنوات طويلة، ولست يعني لم أعايش السوق، لا الواقع.
لونه الشبل: نعم ولكن أطمئنك إلى الآن ولكن، نعم.
هاديا سعيد: وهو موجود في أماكن أخرى، ولكن ما هو أشد.. ما هو أشد بؤساً، يعني أنا فوجئت أظن في قناة (الجزيرة) من.. منذ يومين أو ربما فقط بالأمس، لاحظت كان فيه هناك حلقة في برنامج، ويشارك بها نخبة من مشاريع الإعلاميين المستقبليين اللبنانيين، وهم يحاورون مجموعة من الإعلاميين..
لونه الشبل: البارحة أول البارحة.. في (حوار مفتوح).
هاديا سعيد: البارحة، أول البارحة، وفوجئت إنه.. فعلاً أصبت بخيبة وخذلان، لأنه الحديث ليس فرنسي، ولكن الحديث كله باللهجة المحكية اللبنانية، طيب أنا لبنانية وأقول وتساءلت: لماذا لا نستخدم اللغة التي نتحدث بها مثلاً اليوم وهي تصل؟ كان هناك استخدام للغة، للهجة المحلية المحكية التي فقط..
لونه الشبل [مقاطعةً]: هذا جيد، إذن أنتِ للآن تتفقين معي في أول نقطة، سأتحدث عن النقطة الأخرى أيضاً التي أثرتيها حضرتك.
هاديا سعيد: أتفق.. أتفق..
لونه الشبل: يعني تحدثتي بأن ومن نصف ساعة ونحن نتحدث أيضاً عن أن اللغة ليست عامل حيادي، يعني اللغة ضمن سيطرة، ضمن هيمنة اقتصادية، ضمن منافع سوق، ضمن عولمة، والآن أمامي دراسة قام بها باحث فرنسي، وهذا المقال من.. من مجلة "آفاق المستقبل" في عام 2000، هذه بيَّن فيها هذه الدراسة، أن فرنسا تحصل مقابل كل فرنك من المساعدة العمومية التي تقدمها للدول الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية مقابل كل فرنك فرنسي تحصل على ست فرنكات من التجارة.
وأيضاً إضافة إلى الدول الـ 37 في المجموعة الناطقة بالفرنسية، تشكِّل سوقاً إجمالية تقارب ثلاثمائة مليون نسمة، ومن ثم يمثل مجرد مبلغ 77 مليون دولار الذي تساهم به كل من فرنسا وكندا لتمويل مؤتمر قمة الفرنكفونية والذي حصل مؤخراً في لبنان استثماراً سوقياً يصل إلى 25 سنتاً للشخص الواحد أو 22 سنتاً، كل هذا الكلام لنقطة أنت تفضلتي بها بأنه الموضوع ليس على.. على هذا.. على هذه الخطورة يعني، وأريد تعليقك على هذه النسب؟
هاديا سعيد: لأ.. عفواً لم أركز بالضبط على هذه النسب، ولكن بشكل عام.. بشكل عام طبعاً الفرنكفونية تريد أن تحمي نفسها وتبتدع كل السبل وهذا مسألة واقعية، ولكن لماذا أريد أن أضع هذا مقابل عدم.. مقابل تقلص اللغة العربية يعني، لم أفهم لماذا أريد أن أُركِّز على الهيمنة أو محاولة تكريس اللغات مثل.. بل أُفضِّل -مثل ما قالت الدكتورة- إنه نبحث عن أساليب لتحبيب هذه اللغة ولتسهيلها وميكانيزمات وأدوات تسهيل هذه اللغة، استعملت كلمة ميكانيزمات، هذه أيضاً دخلت إلى لغتنا، وأيضاً اللغة العربية تستطيع أن.. أن.. أن تستفيد وأن تنفتح وأن تأخذ الآن فيه مصطلحات كثيرة بعيدة عنا، ولم نستطع أن نلحق بها، ولكن أعتقد إنه بإرادة وبتكاتف -مصرة وهذا ليس كلام إنشائي ولا كلاماً رومانسي ولو أنه الرومانسية هي بداية الحقائق- إنه ممكن لغتنا العربية تستوعب الكثير مما زاد وفاقنا وسبقنا واستخدامه لتطوير لغتنا، والحديث يطول بصراحة.
دور مجمع اللغة العربية في الحفاظ على اللغة
لونه الشبل: نعم.. نعم، دكتورة.. دكتورة نعمات في القاهرة، تحدثت السيدة هاديا عن نقطة تثير بالفعل يعني أن اللغة العربية قابلة للانفتاح وقابلة لأيضاً للاكتساب، ولكن ما نراه عموماً بأنه هي محاولات لتعريب المصطلحات الأجنبية التي تردنا تباعاً وبطريقة قد لا نستطيع اللحاق بها، وقد يقول الكثيرين بأن هذه هي مسؤولية يعني مجمع اللغة العربية سواء في القاهرة، سواء في سوريا، سواء في كل البلدان العربية التي تحتويه، ولكن الآن يعني أود أن أطرح عليكِ نقطة بأن أمامي الآن مقال، يقول: بأن مجمع اللغة العربية يحتفل بعيده السبعين -هذا العام الماضي- والمرأة مازالت ممنوعة من دخوله، هنا نقطتان دكتورة نعمات وباختصار شديد لو سمحتي لم يبقَ الكثير من الوقت، يعني أولاً: أين دور مجمع اللغة العربية في أي بلد من بلدان اللغة العربية.. بلدان العربية؟ ليس هناك من محاولة -على الأقل- لتبسيط هذه اللغة لفتح أبوابها أمام المصطلحات التي قد تأتي لنفهمها لتعرَّب بشكل منطقي؟ وأيضاً لماذا المرأة مازالت ممنوعة من الدخول إلى.. إليكم.. إلى مجمع اللغة العربية في القاهرة؟
د. نعمات أحمد فؤاد: أولاً: يشرِّفني إن مجمع اللغة العربية في العام الماضي رشَّحني للدخول، وأخذت أصوات كثيرة نقصت على النصاب صوت واحد، فدي في حد ذاتها شيء يعني مشرِّف وكويس قوي، وأرجو إن سواء أنا أو غيري اتفتح الباب إن المجمع حط على خريطته إنه يرشح المرأة للدخول لمجمع اللغة العربية.
لونه الشبل: طيب إذن أين مجمع اللغة العربية عموماً؟
د. نعمات أحمد فؤاد: وبعدين هي أستاذة في الجامعات.. أيوه، وهي أستاذة في الجامعات، وهي أستاذة في.. في.. في أعلى المناصب، فيعني أيه الفرق بين هذه.. بين الجامعات وبين مجمع اللغة العربية، وعلى كل حال هو بدأ هذه الخطوة، الحاجة الثانية اللي أنا عايزة أقولها..
لونه الشبل: باختصار شديد دكتورة لو سمحتي.
د. نعمات أحمد فؤاد: إن اللغة العربية.. أيوه.. أيوه، اللغة العربية أولاً: لازم نفرض على المدارس الأجنبية إنها تبقى فيه محصلة كبيرة للغة العربية باعتبارها لغة البلد اللي هم فيه، ولا يمكن يقدروا يعارضوا هذا، فدا إحنا اللي إحنا نفرضه.
ثالث حاجة: إن اللغة العربية أولاً: يعني تشيع في الإذاعة، في الصحافة، في السينما، في الراديو والمذياع، خلاص هتنتشر لما وبلغة.. وبلغة سهلة وبلغة جميلة فهتنتشر وهي منتشرة، أنا مش متشائمة أبداً، هي مالية حياتنا، ومهما تعلمنا لغات أجنبية إحنا بنحبها لأنها هي لغة من أغنى اللغات.. آه.
لونه الشبل [مقاطعةً]: يا دكتورة نعمات، نشكرك جزيل الشكر على هذا الإشراق في الرؤية، يعني قد نكون متشائمين وقد تكوني غير متشائمة، ولكن سأعود للحوار معكِ ومع ضيفاتنا الأكارم، أعذريني للمقاطعة.
[فاصل إعلاني]
لونه الشبل: كما شاهدتم مشاهدينا الكرام نتحدث عن موضوع العولمة، ولكن لنرى ما.. ما إذا كانت العولمة تلغي الهوية بالضرورة، سنتابع هذا اللقاء مع إياد داود (خريج الجامعة الأميركية في القاهرة).
إياد داود (خريج الجامعة الأميركية): موافق جزئياً، وجزئياً لأ، على أن هي ممكن على حكاية اللغة العربية كلغة آه، حتى.. حتى مش كلغة عربية فصحى، حتى كمفرداتنا إحنا، ممكن بقينا.. بقينا ندخل فيها مفردات أجنبية زي يعني هنسيف.. يعني الكلمات اللي هي تبقى English إحنا.. وإحنا نحولها إلى عربي أو ندخلها إحنا في لغتنا الدارجة علشان نستخدمها كشباب، لكن كهواية أفتكر إن موضوع الهوية دا كبير قوي، ما.. العولمة بتخلينا نشوف لغة ثانية، بتخلينا نشوف.. بنشوف ثقافة ثانية عموماً كلها على بعض، يعني أما أنا هألبس زيهم أو.. أو أستخدم بعض مفرداتهم مش إن أنا نسيت.. نسيت هويتي أنا أو عروبتي أنا كشاب مصري مثلاً يعني، أنا ممكن ألبس لبسهم وأبقى مصري جداً من جوايا، وممكن أستخدم برضو بعض من كلماتهم اللي هم بيستخدموها بس برضو أبقى مصري جداً من جوايا، مش هو دا الموضوع يعني، بس..
لونه الشبل: أيضاً ومن جانبٍ آخر وعن تأثير استخدام اللغة الأجنبية على الهوية نتابع معاً رشا رمزي (خريجة الجامعة المصرية، والباحثة في العلوم السياسية).
رشا رمزي (باحثة في العلوم السياسية): هي مشكلة تراجع استعمال اللغة العربية ما بين الشباب العربي وبالتالي عدم الإحساس بأهمية الهوية العربية دي مشكلة موجودة، وبتزيد ودا يعني لو بصينا هنلاقي فيه ليها مؤشرات كثيرة، على سبيل المثال إنه أصبحت لغة العلم ما هياش اللغة العربية، بس دا على مستوى الجامعة، بيفضل حاملي رسالات الدكتوراه والماجستير اللي همَّ واخدينها من جامعات أجنبية أكثر من الجامعات العربية، ويُقدموا عن الدارسين في الجامعات العربية، الأبحاث العلمية بتفضل الأبحاث العلمية الأجنبية أو المستعمل فيها لغة أجنبية أكثر من الأبحاث المقدمة باللغة العربية، دا على مستوى المثقفين.
إنما على مستوى الشارع العربي بقى فهنلاقي فيها مؤشرات كثيرة جداً، استعمال أسماء أجنبية للأولاد، استعمال أسماء أجنبية في المحلات، حتى على مستوى المطاعم اللي بتقدم أكلات شعبية المفروض إنها دا جزء من الثقافة المجتمعية، المحلية الصرفة، هنلاقيهم بيستعملوا أسماء أجنبية، فهي مشكلة.. مشكلة خطيرة جداً، لأنه علشان أمسح هوية أي شعب بأغير لغته.
أسبابها أيه بقى؟ أنا في وجهة نظري مش هي مش الانفتاح على العولمة بس، هو الانفتاح على العولمة في وقت خاطئ وبأسلوب خاطئ، لأنه لو كان فيه أرضية ثابتة من.. من الإحساس بأهمية الثقافة العربية وأهمية اللغة العربية ما كانش دا حصل، لأنه يعني أنا شايفة المثقفين اللي بيدعوا إلى فكرة قبول الآخر أهم منها إن أنا أعرف نفسي أو أعرف ثقافتي وهويتي وتاريخي وأهميته، أثَّر قد أيه في.. في الثقافة العالمية حسب التاريخ العالمي الإنساني كله جدواه وأهميته أيه؟ وبعد كده يعني أعرف نفسي وأقبلها، وأعرف عيوبي برضو كعربي يعني، أو كمجتمع عربي.
لونه الشبل: إذن، دكتورة موزة، كما شاهدتي يعني، هناك من يقول بأنه يجب أن نتعلمها ويجب أن تدخل بعض مفرداتها إلينا، هناك من يقول بأنه لا نتعلمها ولا تدخل مفرداتها إلينا، وأيضاً هناك.. أيضاً هذا المقال أمامي كما ذكرت قبل قليل، هناك جملة تقول: اللغة تتبع القوة، والقوة بالتالي تستخدم اللغة، هذا المقال للسيدة أسماء بن قادة، وهي مُعِدَّة البرنامج بالمناسبة، وكما ذكرت من "آفاق المستقبل"، أيضاً فيه هناك جملة أريد أن أسألك عنها، يعني اللغة في العلاقات الدولية، وظيفتها وتكريس الهيمنة من أجل المحافظة على السوق، إلى هنا إلى هذه النقطة من هذه الحلقة، يعني الأسر في معظمها تحاول تعليم أولادها اللغة، وهو ضرورة شئنا أم أبينا، يعني قد نكون توصلنا إلى هذه النقطة، ولكن هل تستطيع الأسرة حل المعادلة على شكل كسب المنافع وأيضاً المحافظة على الثوابت، يعني نكسب ما.. ما باللغة الأجنبية ونحافظ على ثوابتنا؟
الأسرة بين اكتساب اللغة الأجنبية والمحافظة على اللغة العربية
د. موزة غباش: الأسرة وحدها لا تستطيع، الأسرة -كما قلت في السابق- جزء من مجتمع كل، كما يسير المجتمع تسير الأسرة، فالأسرة لا تستطيع أن تُسيِّر المجتمع، إنما المجتمع عندما يضع الدولة يعني في المجتمع هذا، اللي صاحبة القرار في وضع السياسات التربوية والثقافية، عندما تُسيِّر مفهوماً خاصاً اللغة يحتوي فعلاً على كل مكتسبات القوة تستطيع الأسرة أن تكون مُستخدمة لهذه اللغة التي يعني مكرَّسة ضمن برنامج، ضمن سياسة تربوية، ضمن مشروع تنموي، ضمن.. ضمن مستقبل لهذه المنطقة، ضمن مشروع حضاري كامل، هنا تكون الأسرة فعلاً أداة فعَّالة في تكريس وجود هذه اللغة العربية بجانب اللغات الأخرى التي تخدم ابنها في مجال العمل أو في مجال الكتابة أو في مجال السفر، أو في أي مجال من المجالات الأخرى.
الآن يعني عندما نتحدث عن تعلُّم لغة أخرى أجنبية بجانب اللغة العربية، نحن لا نرفض هذا.. هذا التعلم، الذي نرفضه أن يكون الإنسان العربي يتحدث اللغة العربية، ولكن يفكر بلغة أخرى، يفكر بالطريقة الإنجليزية أو بالطريقة الفرنسية، أو يعني عندما يعني تبتعد لغة التفكير عن اللغة المستخدمة يومياً هنا أيضاً يحدث حالة من حالات التحوَّل في الانتماء، والتفضيل، وبالتالي أنا أفضِّل في هذه الحالة..
لونه الشبل: الطريقة التي أفكر بها، إذن اللغة التي..
د. موزة غباش: الطريقة التي أفكر بها يعني، أنا أرى أن الحسنات هناك أكثر من السيئات، في تلك الطريقة التي أفكر بها، وبالتالي ربما حتى في حياتي الأسرية أحوِّل هذه الحياة الأسرية إلى الحياة الأسرية الغربية مثلاً، طريقة العلاقات الاجتماعية، القيم المستخدمة في العلاقات اليومية كالقيم الفردية التي جاءتنا من الغرب التي قطَّعت من أواصر العلاقات الجماعية في الأسرة العربية، قيم التبعية، قيم عدم الإحساس بالشعور العربي الذاتي القوي جداً.
لونه الشبل: صحيح.
د. موزة غباش: لأن إحنا قوة حضارية، لا يجب أن نخضع، هذه القيم المتداولة يومياً، كلها جزء من هذا التفكير.
لونه الشبل: صحيح.
د. موزة غباش: وجزء من الكتابات المطروحة الآن، وجزء من الصحافة اليومية، جزء من الإعلام، جزء من الثقافة المحيطة بشكل عام، بالتالي اللي هي ليست فقط استخدام اللغة لغوياً كلسان، أنا ما.. ما أركز عليه هو..
لونه الشبل: هو منهجية التفكير.
د. موزة غباش: استخدام اللغة كعقلية.. كطريقة للتفكير، هو هنا.. هنا الخطر.
لونه الشبل: نعم اسمحي لي دكتورة موزة أن أيضاً أشرك بعض المشاركات عبر الهاتف، وأعتذر للكثير ممن انتظروا كثيرا وانقطع الخط، نظراً لكثافة محاور هذه الحلقة، معي بداية السيد عبد الباسط أبو كامل من الإمارات، تفضل سيد عبد الباسط.
عبد الباسط أبو كامل: تحية لك ولضيفاتك الكرام.
لونه الشبل: أهلاً وسهلاً.
عبد الباسط أبو كامل: الحقيقة، أنا أشكر قناة (الجزيرة) منذ بدايتها اعتمادها اللغة العربية في لغة التخاطب، اللغة السهلة السليمة، وكما تعلمون من أهداف التربية في الوطن العربي اعتماد اللغة العربية في جميع المراحل، الخلل الذي يكمن هو العامية التي تدخل على.. على اللغة العربية، علماً أن حروف اللغة العربية 28، ونحن نرى أن القائمين على اللغة والذين يُدرِّسون اللغة لا يتقنون كثيراً من هذه الحروف بداية، مثل حرف الثاء، والظاء، والجيم، وما أشبه بذلك، هذا شيء، فما أريده من ندوتكم أن تتوجه بوضع برامج عملية واقعية تتبناها الحكومات والأفراد علماً رسالات الدكتوراه والماجستير أن تُسخَّر في عودة الناس إلى لغة التخاطب السليمة، ما تقوله الدكتورة موزة مشكورة في رواقها وأنا زرتها في ذلك الأمر، هي لبنة من اللبنات أرجو أن يكثَّف هذا الأمر، وأن تتبنى كما قلت، علماً أن منظمة اليونسكو في آخر توصياتها إلى كليات التربية أن تكثر من نصوص القرآن الكريم حتى تتكون هناك ثروة لفظية يستطيع من خلالها المستمع أن يؤدي رسالته في اللغة العربية، وشكراً.
لونه الشبل: أشكرك سيد عبد الباسط أبو كامل من الإمارات، وأتلقى وبسرعة لم يبقَ لديَّ إلا نصف دقيقة للمداخلات، مجد أسعد من قطر.
مجد أسعد: آلو، السلام عليكم.
لونه الشبل: وعليكم السلام.
مجد أسعد: أنا طفلة عايشة في أميركا طول حياتي، وبأشوف إنه فيه كثير من عرب إذا بتقارنيهم مع الأجانب يروح على مدارس أجنبية، تطلعي على الطريقة الثانية بتلاقي الأجانب ما بيهتموش إنهم يدخلوا مدرسة عربية يتعلموا العربي، والعرب معجبين باللغة الأجنبية والشعور بالنقص.. بيشعروا بالنقص، وانهزام الداخلي، فإحنا إذا بيجوز نتعلم لغة جديدة.. علشان نتعلم ثقافة، بس لازم نعتز بلغتنا وأصلنا..
لونه الشبل: كم عمركِ يا مجد؟
مجد أسعد: عشر سنوات.
لونه الشبل: عشر سنوات؟
مجد أسعد: آه.
لونه الشبل: شكراً لكِ، يعني نتمنى أن يكون كثير من أجيالنا مثل.. مثل مجد، ويعني نتمنى بالفعل أن يكون، وهي في أميركا يعني كما.. كما قالت.
أختم مشاهدينا الكرام هذه الحلقة عن فيه سؤال يعني الآن قد.. هل هناك تقرير على ما يبدو أستطيع أن أختم به، نعم.. نعم أختم هذه الحلقة.. كما نوهت مشاهدينا الكرام عن إمكانية الموازنة بين اكتساب اللغة الأجنبية والتمكن بالمقابل من اللغة العربية، هذا اللقاء مع مريم الخولي (خريجة الجامعة الأميركية)، نتابعه معاً.
مريم الخولي (خريجة الجامعة الأميركية): أنا بأختلف مع الرأي دا، لأن إحنا دلوقتي في عالم بتحكمه الاتصالات والتجارات المتداخلة ما بين الدول، فما ينفعش إن إحنا نقفل على نفسنا ونعيش لوحدنا، ونقرر إن إحنا مش هنستخدم غير اللغة العربية في الاتصالات دي، لأن الناس الثانية ما بتفهمش اللغة دي، يعني اللغة الإنجليزية دلوقتي أصبحت بمثابة (الاسبرانتو) بتاع القرن دا، أو اللغة اللي كل الناس بتفهمها، دا مش هيؤثر على اللغة العربية بتاعتنا، لأن أنا ماشوفتش مثلاً فرنساويين أو ألمان ما بيتكلموش فرنساوي أو ألماني، بيتكلموا إنجليزي ومعاه الفرنساوي والألماني عشان يقدر يتفاهم مع الآخر، مش..
لونه الشبل: كما شاهدنا -مشاهدينا الكرام- سأختم هذه الحلقة، وكان المفروض أن نختمها بهذا الكليب كما يقال، ولكن أريد أن أتوجه في آخر دقيقة من هذا البرنامج للسيدة هاديا سعيد، الطفلة مجد فتحت موضوع قد يكون كبير، ولكن أريد أن أسمع منكِ تعليقاً قصيراً جداً حوله، يعني لغة الغرب هي الحاكمة والمسيطرة وتأخُّرنا قد يجعل لغتنا متأخرة ومنتهكة ومستهدفة، بكلمتين أستاذة هاديا، يعني هل ما يصيب اللغة العربية الآن هو شكل من أشكال الهيمنة والسيطرة من الغرب والتراجع وإحساسنا دائماً بالدونية؟
هاديا سعيد: ما ذكرتيه من عبارتك الأخيرة، هي المهم إحساسنا وليس المهم ما يفعله الآخر وما يقوم به، المهم هو الفعل وليس رد الفعل، وليس انتظار الفعل لكي يكون لنا رد، ما قالته هذه الطفلة الصغيرة هو نموذج وأتمنى أن يكون نموذج لرغبة هذا الجيل الجديد في تعلم اللغة وليست فقط تعلمها.. اكتسابها كأداة معرفة وأداة فعلاً تستطيع أن تساهم في كتابة التاريخ كما ساهمت منذ القرون القديمة وأشير وأؤكد أنها لم تساهم بانغلاقها بل ساهمت بانفتاحها وباستيعابها لثقافات أخرى وترجمة هذه الثقافات واستخدامها وضمها إلى ثقافتنا.
لونه الشبل: نعم، أشكركِ سيدة هاديا.
مشاهدينا الكرام، حلقتنا حول مسؤولية الأسرة العربية في ترسيخ أو انحسار اللغة العربية في مجتمعاتنا انتهت لهذا الأسبوع، وليس بوسعنا في نهاية هذه الحلقة إلا أن نشكر ضيفاتنا، الدكتورة موزة غباش (رئيسة رواق عائشة.. عائشة بنت حسين الثقافي في دبي)، وأيضاً من القاهرة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد (الكاتبة وأستاذة اللغة العربية في عدد من الجامعات العربية)، ومن لندن (الكاتبة والروائية) هاديا سعيد.
إلى أن نلقاكم في حلقة مقبلة لكم مني أطيب تحية، وأيضاً من مُعِدَّة البرنامج أسماء بن قادة، ومن المخرج عماد بهجت، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في أمان الله.