أولى حروب القرن

الجوانب الاقتصادية في حرب الإرهاب

ما تأثير الحرب الأميركية على ما تسميه بالإرهاب على الاقتصاد الأميركي والغربي؟ وما حجم تكلفة الحرب وانعكاساتها على النمو الاقتصادي العالمي, والعولمة الاقتصادية, وحركة الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال؟ وما التأثيرات السلبية على الاقتصاديات العربية؟
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة – مأمون دركزلِّي، خبير اقتصادي
– د. أسامة الأنصاري، خبير مالي واقتصادي
– نبيل حشاد، محلل اقتصادي
تاريخ الحلقة 20/12/2001

– تأثير الأزمة على الاقتصاد الأميركي والعالمي
– استمرار الحرب وانتعاش الاقتصاد الأميركي
– الحرب على الإرهاب وإعادة دور الدولة في النظام الاقتصادي

– الحرب في أفغانستان والبحث عن مصادر النفط والغاز
– الانعكاسات المحتملة على الدول العربية في ظل هذه الأزمة

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، نخصصها هذه المرة لبعض الجوانب الاقتصادية المتفرقة للحرب في أفغانستان.

منذ البداية أرْجَع كثير من المحللين إقدام واشنطن على هذه الحرب إلى أهداف اقتصادية استراتيجية في تلك المنطقة القريبة من بحر قزوين الغني بالنفط والغاز، وظلت التقديرات الاقتصادية حاضرة باستمرار من.. من حديث عن الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد الأميركي والاقتصادات الغربية، وأرقام عن تكلفة الحرب وتداعياتها المختلفة على النمو الاقتصادي العالمي، ولا سيما في مجال التوظيف وتراجع الاستثمار ووضع الأرصدة في المصارف الدولية. بل وبدأ بعض المحللين يتحدثون حتى عن أزمة ثقة حقيقية قد تصيب العولمة الاقتصادية.

للحديث في هذه المواضيع معنا هنا في الاستديو الخبير الاقتصادي السيد مأمون دركزليَّ، ومن لندن الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أسامة الأنصاري، ومن القاهرة المحلل الاقتصادي الدكتور نبيل حشاد.

وفي البداية نتابع هذا التقرير الذي أعده حسن إبراهيم، والذي حاول أن يضع القضية في إطارها.

تقرير/ حسن إبراهيم: تعتبر الحروب في التحليل الماركسي للمجتمعات الرأسمالية أنجع وسيلة لتحريك الاقتصاد. ولعل التحليل الماركسي الذي يعتبر الإمبريالية آخر حلقات التطور الرأسمالي قد يجانبه التوفيق في تحليل الحرب الأميركية الأخيرة على أفغانستان. فهذه حرب "حمالة أوجه"، منها ما هو عقدي ثقافي، ومنها ما هو سياسي عسكري ذو مآلات اقتصادية. ولعل المحللين الذين أرجعوا سبب اندلاع الحرب ضد أفغانستان بهذه الصورة هم من الذين يؤمنون بأن الولايات المتحدة تريد الوصول إلى نفط بحر قزوين بأي صورة من الصور، وأن انتهاز فرصة أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان السبيل الوحيد الذي يسوغ تجييش الإمكانيات العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة وحلفائها للدخول في هذه الحرب التي ما كانت سيوجد لها مبرر في الماضي، وفي سبيل الوصول إلى النفط المرجو احتاجت الولايات المتحدة إلى موافقة الرئيس (فلاديمير بوتين) على تواجد قواتها في الحديقة الخلفية لروسيا، ويبدو حتى الآن أن جمهوريات آسيا الوسطى لم تُبدِ أي نوع من الرفض للرغبة الأميركية. لكن الحرب نفسها مكلفة للغاية، فالأسلحة الثقيلة التي تستخدمها الولايات المتحدة، وتحريكها لحاملات الطائرات الضخمة في المحيط الهندي، واستنفارها لآلاف من الجنود من مختلف القواعد العسكرية، خطوات باهظة التكاليف، يبدو أن دافع الضرائب الأميركي سيضطر إلى تحملها في إطار الوطنية وحماية البلاد من الإرهاب.

دخلت مفردات جديدة قاموس الخطاب السياسي الأميركي، فمؤسسات الحكومة الفيدرالية أخذت تدعو المواطنين إلى شراء سندات الادخار الحكومية، لا لجدواها الاقتصادية، بل لأنها عمل وطني، بل وطالبت إدارة الدخل الفيدرالية الـ (I.R.S) المواطنين إلى التبرع بمرتجعات ضرائبهم للخزانة الأميركية، وذلك لتمويل المجهود الحربي.

ولا يمكن كذلك تناسي التكلفة التي ستتحملها الدول الحليفة للولايات المتحدة مثل: دول الاتحاد الأوروبي، واليابان، وكوريا الجنوبية، فهذه الدول ستتبرع بالمليارات من الدولارات، ولن تسأل عن الكيفية التي سيتم بها إنفاق هذه الأموال، ولن يقتصر الدعم للآلة العسكرية الأميركية على الدول الغربية وكبريات الدول الآسيوية، بل إن دولاً هامةً في المنطقة العربية قدمت دعماً مالياً لواشنطن لم تعرف تفاصيله، لكن تقول بعض المصادر الأميركية إنه يتخطى المليار ونصف المليار دولار. ولم يتمالك البعض أنفسهم من المقارنة ما بين الدعم للآلة العسكرية الأميركية الذي دفع بدون تأخير ولا تسويف، وما بين المليار دولار التي وعد بها الفلسطينيون كي تعينهم على الصمود الاقتصادي في انتفاضتهم، وبالطبع ستودي الحرب القائمة إلى زيادة حاجة القوات المسلحة الأميركية للذخيرة والسلاح وأدوات التنصت والعمليات الاستخبارية، إلا أنه يعتقد أن الجائزة الكبرى في نظر الرئيس (جورج بوش) هي نجاحه في إلغاء معاهدة الحد من الصواريخ الباليستية، وإصراره على بناء الدرع الصاروخي الجديد، وهو مشروع ما زال يتعثر في بداياته، إلا أنه سيتكلف مليارات الدولارات، الأمر الذي سينعش الصناعة الحربية الأميركية، أي: المزيد من فرص العمل والاستثمارات واحتمالات الرخاء، رغم الدماء العزيزة التي تسيل في أفغانستان.

تأثير الأزمة على الاقتصاد الأميركي والعالمي

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم في بداية هذه الحلقة التي نخصصها لبعض الجوانب الاقتصادية المتفرقة من الأزمة الحالية والحرب في أفغانستان.

ضيفنا في الاستديو السيد مأمون دركزلِّي، الحسابات السياسية والعسكرية أحياناً تتضح وأحياناً يصيبها بعض الضباب.. ماذا عن الحسابات الاقتصادية الآن بعد أكثر من ثلاثة أشهر عن بداية الأزمة؟

مأمون دركزلي: كما تعرف عقب الحادث مباشرة كان هناك تأثير اقتصادي سلبي، ليس على الولايات المتحدة فقط، وإنما على العالم كله وبأسره، وهذا الانعكاس يعني رجل الشارع يقول: حدث هذا الحادث في أميركا فكيف يؤثر على بقية العالم؟ كما تعلم بأنه بمجرد وقوع الحادث أغلقت أميركا مطاراتها، ومنعت الطيران، هذه الحركة وحدها كانت تكلف أميركا يومياً 100 مليون دولار لوقوف الطيارات، وعندما توقفت الطيارات توقف معها البترول، توقف معها السياحة، توقف معها عمل الفنادق، توقف معها كل..

محمد كريشان: الأسفار وغيره.

مأمون دركزلي: والأسفار وغيرها. وهذا بطبيعة الحال كمان انعكس بطريقة أقوى وأسرع عندما حصل خوف لدى المستثمرين وأسرع الكل.. بتعرف لما بيصير حركة مثل هذه المستثمر دائماً يريد أن يحول ما لديه من أسهم إلى عمله.. عملة صعبة.

محمد كريشان: إلى سيولة.

مأمون دركزلي: ويبيع بأي سعر كان.. وكما تعرف أميركا تعتبر أكبر دولة اقتصادية تقريباً بالعالم، فما.. أميركا تمثل 25% من الاقتصاد العالمي، وأميركا تمثل 40% من الاستثمار العالمي، يعني 40% من الاستثمار موجود في أميركا. فعندما يدب الهلع والفزع في نفوس المستثمرين، ويسرعوا للتخلص مما لديهم، فهذا أيضاً يسبب خسائر للعالم بأسره، وهذه الخسائر.. بتنعكس بدورها على الدول التانية، لأنه كافة الدول مستثمرة في أميركا، والأسواق الاستثمارية هي مفتوحة على بعضها، وهذا كله أدى إلى الانعكاس الاقتصادي الذي نحس به يوماً بعد يوم أكثر وأكثر.

فعلى سبيل المثال اليوم أعتقد بأن.. تقديرات الخسائر التي نجمت عند أميركا فقط تقدير بحوالي 400 مليار دولار، وكنت أقرأ من كام يوم عن العجز الاقتصادي..

محمد كريشان [مقاطعاً]: عفواً.. تدخل في ذلك التكلفة الاقتصادية للحرب والعلميات العسكرية؟

مأمون دركزلي: لا لا، هذا ليس له أي علاقة بالحرب، هذا ما نتج عن الأشياء الاقتصادية فقط، الحرب موضوع..

محمد كريشان: موضوع آخر.

مأمون دركزلي: موضوع آخر. يعني مثلاً العجز الاقتصادي لأميركا لشهر أكتوبر فقط كان حوالي 29 مليار دولار، يعني نلاحظ إنه وضع أميركا سيئ جداً، وهذا السوء ينعكس على بقية العالم، لأنه كما تعرف أميركا أولاً مستورد كبير ومصدر كبير، فعندما تنضرب الأسواق الاقتصادية في أميركا فتنضرب بنفس الوقت الأسواق في الـ Far East بالدول الآسيوية يعني، فهي تعتبر من أكبر المستهلكين للأدوات الإلكترونية، من أكبر المستهلكين للسيارات، من أكبر المستهلكين..، فعندما أميركا تتوقف عن الشراء فهذا أيضاً يؤثر سلبياً على الأسواق التانية.

محمد كريشان: تتضرر هي ويتضرر معها الآخرون.

مأمون دركزلي: تتضرر هي ويتضرر معها الآخرون، ولذلك يعني لا ندري الآن إلى أين ستقودنا هذه الكارثة التي تمت في شهر سبتمبر.

محمد كريشان: نعم، إذا كانت الصورة بهذا الشكل يعني بالنسبة للدكتور أسامة الأنصاري في لندن، كيف بالنسبة إليكم تبدو الصورة الاقتصادية؟ وهل.. تتوقعون بأن مع بداية الحرب ازداد هذا الوضع –الذي كان يشير.. يشير إليه السيد دركزلي- ازداد سوءاً بطبيعة الحال؟

د. أسامة الأنصاري: أخ محمد، لا شك أنا أشارك اللي تفضل فيه الأخ مأمون، لكن اللي حصل إن.. كان هناك تراجعاً اقتصادياً في الولايات المتحدة الأميركية، وأثبتت طبعاً التقارير التي تم نشرها مؤخراً بأن التباطؤ بدأ في مطلع هذا العالم، وقامت السلطات المالية والنقدية بأخذ إجراءات كثيرة جداً، منها تخفيض معدلات الفائدة، طلب الدعم للقطاعات التي تضررت عن الأحداث، لتعطي الطمأنينة إلى المستثمرين وإلى القطاعات العريضة التي تأثرت.

فإذاً أحداث أيلول لم تكن هي التي.. مسببة للتباطؤ الاقتصادي، هي زادت من التباطؤ، من حدته، ولكن قاوم ذلك السياسات التي انتهجها المصرف الفيدرالي الأميركي، حيث خفض معدلات الفائدة أربع مرات منذ أيلول إلى الآن، و11 مرة منذ مطلع هذا العام، مما يدل أن نتائج عمليات 11 أيلول هي زيادة التباطؤ الاقتصادي.

نقطة أساسية حينما نتحدث عن أولى حروب القرن: هل نحن نتكلم عن الأوضاع الاقتصادية هذا العام، العام المقبل، أم لأعوام طويلة مقبلة؟ فالسؤال الأساسي هنا أن الاقتصاد هو عامل مهم جداً، والسيطرة العالمية الآن واضحة، وضوحاً كبيراً، سيطرة اقتصادية، سياسية، فكرية إذا شئنا أن نتعدى.

محمد كريشان: نعم، سيد نبيل حشاد في القاهرة، إذا كانت الصورة بهذا الشكل وستمتد ربما للأعوام قادمة، كيف تراها، خاصة وأن مثلاً صحيفة بريطانية أشارت بأنه –صحيفة "الإندبنديت"- في جملة يعني رشيقة قالت: لو تجمعت كل المصائب الاقتصادية والسياسية والمناخية على أميركا لما فعلت فيها في ساعات ما فعلت فيها تفجيرات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر؟ إذا كان ذلك في الحادي عشر الآن مع بداية العملية العسكرية هل ترى بأن المصيبة ازدادت ربما ثقلاً يعني؟

د. نبيل حشاد: بطبيعة الحال.. حدث 11 سبتمبر له انعكاسات اقتصادية كبيرة جداً، ليس على الولايات المتحدة الأميركية فحسب، ولكن يمكن على اقتصاديات دول العالم، منها الدول الأوروبية، والاقتصاد الياباني، ودول جنوب شرق آسيا، ومنطقة الشرق الأوسط بطبيعة الحال.

أنا أحب أضيف هنا في الحقيقة طبعاً أنا أتفق باللي قالته.. يعني مع اللي أشارت إليه هذه الصحيفة، يمكن يجسد هذا الحدث من ناحية الأرقام والناحية الاقتصادية ما أشار إليه تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر بالأمس.. كان يتوقع معدل النمو الاقتصادي العالمي 2.8، أمس غضوا هذا التقدير إلى 2.4 على مستوى العالم. الاقتصاد الأميركي في الحقيقة صحيح هو منذ بداية هذا العام من أواخر فترة الرئيس (كلينتون) وهو يمر بمرحلة تباطؤ اقتصادي في إطار ما يسمى بالـ Business Cycle أو دائرة التقلبات الاقتصادية، لكن حادثة 11 سبتمبر زادت هذا عمقاً كبيراً جداً، وكان هناك خسائر مباشرة وخسائر غير مباشرة، الخسائر المباشرة اللي هي نتجت عن.. تهديم مركز التجارة العالمي، الذي يعتبر رمز الاقتصاد الأميركي أو الاقتصاد العالمي بطبيعة الحال، حوالي 104 مليار دولار.

النهاردة في الحقيقة معظم الشركات الأميركية بتشن حرب أسعار.. تخفيض أسعار لأنها فقدت أسواق محلية وأسواق خارجية، وده في الحقيقة انعكس أيضاً على الاقتصاد العالمي وعلى حجم التجارة الخارجية، مما أصاب دول جنوب شرق آسيا التي تعتبر مصدر كبير للولايات المتحدة الأميركية بحالة تباطؤ اقتصادي مماثل، نفس الوضع في اليابان، نفس الوضع في دول المجموعة الأوروبية تقدير صندوق النقد الدولي ألمانيا وفرنسا معدلات النمو لهذا العام والعام القادم أقل من 1% بالنسبة لألمانيا، وحوالي 1.7% بالنسبة لفرنسا.

أعتقد أن الصورة مظلمة، وإذا كان فيه نوع من التوقع لسنة 2002م تبقى أفضل من هذا العام أعتقد يمكن آخر تقرير لمعهد التمويل الدولي أشار إلى أن التدفقات الرأسمالية التي ذهبت إلى الدول النامية هذا العام انخفضت من 167 مليار دولار إلى 1.2 مليار دولار. فأنا في تخيلي في الحقيقة أن الوقت الأسوأ مازال في الأفق عام 2002م أيضاً سيكون عام ينخفض فيه أو تنخفض فيه معدلات النمو الاقتصادي، إذا كان هذا بالنسبة للدول الأخرى فما بالك بدول منطقة الشرق الأوسط التي انخفض فيها سعر النفط الذي يمثل ما يزيد عن 50% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية؟ أعتقد نحن في الفترة القادمة سنقاسي كثيراً من جراء هذا الحادث.

محمد كريشان: نعم، سيد دركزلي، على ذكر موعد عام 2002م الذي ذكره السيد حشاد، نفقات الولايات المتحدة الدفاعية ستزيد في هذا العام، عام 2002م مما سيرفع حصة القوات المسلحة في الاقتصاد الأميركي 3.9% إلى 4.4% فقط. وهناك أيضاً موضوع عندما جاء (جورج بوش) كان أحد أهدافه تخفيف الضرائب، الآن يجد نفسه في وضع سيثقل كاهل المواطن الأميركي بالضرائب، حتى أن البعض يتحدث عن ضرورة إصلاح النظام الأمني والعسكري وغيره،وسيكون لدافع الضرائب دور. هذه النقطة بالتحديد هل تعتقد بأنها ستكون عنصر مهم في إرباك الوضع الاقتصادي الأميركي تحديداً؟

مأمون دركزلي: لا أعتقد بأن زيادة الضرائب على المواطن الأميركي ستغطي نفقات الحرب أو تساهم إلا بجزء قليل من نفقات الحرب.

محمد كريشان: حتى.. حتى في صورة وجود سندات حرب يعني هناك الكونجرس الأميركي وافق على وجود نوع..

مأمون دركزلي: نعم.. ولكن.. ولكن.

محمد كريشان: على أساس توفر 32 مليار دولار لتمويل وزارة الخزانة، رقم يبدو ضعيف ربما.

مأمون دركزلي: 32 مليار دولار يبدو ضعيف جداً بالنسبة لتكاليف الحرب، يعني عندما تفكر وتشاهد على التليفزيون هذه القنابل التي تضرب كل صاروخ يكلف مليون دولار، فماذا.. فماذا تفعل 32 مليار دولار؟ هذا ثمن 32 ألف طليقة يعني مثلاً ولكن الذي يجب أن نحاول أن نذكره نحن نتكلم الآن عن الجانب الاقتصادي، ويجب أن لا ننسى الجانب السياسي بنفس الوقت. أنا أرى بأن العملية كلها أعطت أميركا الفرصة لأن تكون سيدة العالم، فعندما تكون سيدة العالم فلا أعتقد بأنها تزيد الضرائب لكي تغطي نفقات الحروب، فلديها ودائع بآلاف مليارات الدولارات من كافة دول العالم، يعني كما ذكرت مسبقاً أميركا لديها.. تمثل 40% من الاستثمار الأجنبي لديها، ولكن لا.. أنا لا أعرف بالضبط يمكن دكتور أسامة الأنصاري يعرف –ما هي المبالغ الموجودة للدول الغير أميركية في أميركا، الودائع هذه كلها، الفوائد التي تدنت إلى 3% أو 4%، يعني عندما يكون دولة لديها آلاف ملايين الدولارات موجودة لدول أخرى التي لا تسأل عن الفائدة صعدت أو نزلت، فهذا يعطي أميركا القوة لتغطية نفقات الحرب ولا تنسى عندما أعلنت أميركا الحرب هب العالم بأسره لكي يساعد أميركا، هبّ العالم بأسره ليرسل قوات، هبّ العالم بأسره، يعني بدون أي استثناء، يعني بما في ذلك حتى الدول العربية بدون استثناء هبوا لنجدة أميركا، حتى بعض الدول العربية أرسلت قوات لـ…، فمن يدفع هذه التكاليف؟ كل دولة تدفع التكاليف وتساعد أميركا بنفس الوقت. فأنا لا أجد بأن الحرب ستؤثر على أميركا من ناحية إنه والله يعني حيفلسوا الجماعة أو ما عندهم فلوس. فـ.. عفواً.

محمد كريشان: نعم.. تفضل ربما الدكتور الأنصاري ربما يحاول الإجابة على هذه النقطة بالنسبة للودائع في الولايات المتحدة، يعني هل ربما السيد دركزلي يقلل نوعاً ما من شأن الأزمة الأميركية؟ هل تعتقد بأنه هذه الودائع يمكن أن تشكل رئة حقيقية لتنفس الاقتصاد الأميركي رغم كل المصائب؟

د. أسامة الأنصاري: يعني بأعتقد أثار الأخ مأمون نقطة تتعلق بوديعة، الوديعة لا تميز بهذه أموال محلية أم أجنبية، وديعة لأصحابها عرب أم غير عرب. السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية اتجهت إلى تخفيض معدلات الفائدة لإنعاش الاقتصاد. يعني لم يكن الهدف تمويل حرب، لأنه لم يكن هناك حرباً في الأصل في مطلع هذا العام. المشكلة اللي أنا أجدها إن الولايات المتحدة الأميركية سجلت فترة رخاء هائل خلال فترتي.. فترة والولايتين للرئيس كلينتون، بدأ الاقتصاد الأميركي، وهو طبعاً اقتصاد نامي جداً كبيراً جداً، أول اقتصاد في العالم، مستوى دخل الفرد الأميركي مرتفع، القطاعات التقنية طبعاً متطورة جداً، أغلب قطاعات الاقتصاد حديث وناجح، إنما بدأ التراجع منذ مطلع هذا العام كما ذكرت، وكما ذكر الأخ نبيل.

الأرقام التي تخصنا وتعنينا إنه تأثير ما يحدث الآن عالمياً على منطقتنا، أسعار النفط تراجعت، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها دول أوبك للمحافظة على أسعار مقبولة طبعاً انحدرت الأسعار بدون 22 دولار للبرميل، ولم يتم هناك أي إجراء فاعل للمحافظة على هذا الحد الأدنى. طبعاً هناك ظروف عديدة أدت إلى ذلك.

أود أن أذكر هون أخ محمد شغلة أساسية: الولايات المتحدة تصنع ما تستخدمه في هذا الحرب، أي أنها بإمكان هذه الحرب أن تزود المصانع الأميركية مستقبلاً بفرص عمل، حيث أنها لا تستورد بل هي تنتج ما تستخدمه في هذه الحرب، يعني آلة الدمار تصنع وتحفز الاقتصاد الأميركي مستقبلاً. فأنا لا أرغب أن أحدد لحديثنا اليوم عن ما يجري الآن، يعني حتى لو أخذنا عمليات التي حصلت فلي أيلول الانتحارية أو.. التخريبية نجد أن هناك كان تباطؤاً متوفراً، الاقتصاد الأميركي يلعب حالياً دور القاطرة لكل اقتصاديات العالم، وطبعاً ثورة التقنية والمعلومات التي شهدناها خلال 15 سنة الماضية توجد أن العلاقات الاقتصادية أنك تعيش في اقتصاد واحد يتأثر ويتفاعل بشكل كبير بين الجزئيات المختلفة، يعني هناك 3 مراكز اقتصادية كبيرة: الاتحاد الأوروبي، أميركا الشمالية، وطبعاً اليابان وجنوب شرق آسيا، كلها الآن تعاني من التراجع في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية، هذه قد تكون..

استمرار الحرب وانتعاش الاقتصاد الأميركي

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني عفواً دكتور، النقطة التي أشرت، إليها على أساس أن الولايات المتحدة هي تصنع ما تستعمله الآن في هذه الحرب، بعض التحاليل الاقتصادية أشارت إلى أن التاريخ أثبت أن الاقتصاد الأميركي ينتعش دائماً بعد دوران آلة الحرب.

مأمون دركزلي: بالضبط.

محمد كريشان: مما يشجع بعض الساسة على الإصرار على استمرار الحرب كفرصة لإنعاش الاقتصاد الأميركي إذا ما أخذنا في الاعتبار.

د. أسامة الأنصاري: بالضبط يا سيدي الكريم.

محمد كريشان: إن الاقتصاد الأميركي كان يعاني بعض الركود والآن هناك بعض المشاكل الاقتصادية، إذا استمرت هذه العجلة في الدوران أكثر هل يمكن أن تغير هذه الصورة؟

د. أسامة الأنصاري: أنا بأعتقد أن الانتعاش الاقتصادي لن يتحقق في.. في العام المقبل 2002م، أنا بأعتقد التباطؤ هناك عناصر كبيرة اقتصادية لعبت دوراً كبيراً، لكن عمق هذا التباطؤ أو هذا التراجع خفف من الإجراءات النقدية والمالية التي قامت بها الحكومة الأميركية والسرعة، يعني اليوم طالعتنا الصحف بأنه الرئيس بوش يدعو لكونجرس الأميركي إلى إعطاء خطته للانتعاش الاقتصادي مالياً بفترة وجيزة قبل نهاية هذا العام لكي يبرز الوجه الصحيح إنه ما قمنا به عسكرياً له مردود إيجابي على الاقتصاد الوطني.

محمد كريشان: نعم، دكتور حشاد في القاهرة، بعض الخبراء يؤكدون بأن هذا الصراع هو الأكثر كلفة، خاصة مثلاً بالنسبة لبريطانيا بالمقارنة مع الحروب السابقة، سواء العراق أو صربيا أو حتى حرب الفوكلاند بالنسبة لبريطانيا. برأيك ما الذي جعل هذه الحرب تحديداً أكثر كلفة وتداعياتها أكثر اتساعاً؟ هل فقط لأنها الولايات المتحدة، أم طبيعة الاقتصاد العالمي أيضاً أصبح ربما أكثر هشاشة أو أكثر تداخل، بشكل أن أي حدث لابد أن يكون له تداعياته الدولية الواسعة؟

د. نبيل حشاد: في اعتقادي في الحقيقة إن ده ينقلنا مرة أخرى إلى المقولة اللي بيقولوها بعض الناس إن الاقتصاد الأميركي ينعش بعد الحروب، وبالتالي موضوع 11 سبتمبر ممكن إن هو نعيش الاقتصاد مرة أخرى. أنا في.. في تخلي إن هذه الحرب في الحقيقة تعتبر حرب يعني لها خاصية معينة لا يمكن أن نطبقها على باقي الحروب، لماذا؟ لأن ما حدث في أميركا وهو ضرب لمركز التجارة العالمي الذي يعتبر رمز الاقتصاد، وضرب البنتاجون اللي هو رمز الدفاع والقوة، ومحاولة ضرب البيت الأبيض اللي هو الرمز السياسي، أعتقد إن لها أبعاد كثيرة جداً من الناحية الاقتصادية. المشكلة الرئيسية في الولايات المتحدة، واللي في تخيلي إن هي هتخلي موضوع التباطؤ الاقتصادي يستمر ولن ينتعش بسرعة هو فقد ثقة المواطن الأميركي في قدرته العسكرية، وفي حماية نفسه وفي قدرته عن الدفاع عن مصالحه الاقتصادية، انطلاقاً من هذا تيجي حضرتك تشوف تبص تلتقي ما هو وضع الشركات الآن، ما هو.. أولاً مافيش إنفاق استهلاكي من جانب الأفراد، معظم الشركات معدل البطالة زاد فيها، 199 ألف عامل ثم تسريحهم، وهذه نسبة كبيرة لم تحدث من قبل. بالنسبة لبريطانيا في الحقيقة إحنا.. إحنا لما بنتكلم عن تكلفة الحرب، ليست التكلفة اللي هي المباشرة اللي هي أدوات ومعدات وطائرات إلى آخره، ولكن التكلفة المباشرة والتكلفة غير المباشرة، الأستاذ مأمون الدركزلي اللي يمكن أشار إلى إن تكلفتها 400 مليار دولار. بالنسبة برضو لبريطانيا أعتقد إن هي برضو تكلفة مرتفعة.

التكلفة الغير مباشرة في الحقيقة على السياحة، على الطيران، على التأمين، على التكنولوجيا في نفس الوقت كمان انخفضت يمكن أسعارها بنسبة 50% فأنا أعتقد في الحقيقة إن التكاليف غير المباشرة والتي ستستمر فترة كبيرة هي المكون الرئيسي لمجموع تكاليف هذه الحرب، سواء كان بالنسبة للولايات المتحدة أو بريطانيا اللي هو برضو اقتصادها بيعاني من تباطؤ اقتصادي، وعندما حدثت الأزمة ازادت تعميق هذا التباطؤ.

محمد كريشان: نعم، نذكر السادة المشاهدين بإمكانية المشاركة في هذه الحلقة كالعادة في كل الحلقات من خلال موقعنا على شبكة الإنترنت.

www.aljazeera.net

مع التركيز على موضوع الحلقة وهو: بعض الجوانب الاقتصادية من الحرب الحالية في أفغانستان، والحرب على الإرهاب كما تسمى بشكل عام.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد دركزلي، أشرنا قبل الفاصل إلى أن ربما هناك بعض الأطراف الأميركية التي تستفيد عادة من عجلة الحرب.

مأمون دركزلي: طبعاً.

محمد كريشان: الصناعة العسكرية، غيرها، وربما أشار أيضاً السيد الأنصاري إلى توفير فرص عمل. هناك أيضاً من يشير إلى أن هناك أطراف أخرى، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، وإنما أطراف أخرى أساساً الصين وأوروبا التي قد تستفيد اقتصادياً.

محمد: كيف؟

مأمون: طبعاً، أولاً: كما ذكر الدكتور اسمة إنه حيصير انتعاش بأميركا ولكن ليس في عام 2002م يمكن في عام 2003م، لأنه كما تعرف الآن أميركا استهلكت تقريباً الكثير مما لديها من أسلحة، والأسلحة كما تعرف يمكن في العالم كله تعتبر أغلى سلعة في العالم، وعندما تستهلك ما لديها يجب أن تقوم بإنتاج أسلحة جديدة لتعويضها، ولكن ربما ليس لتعويض نفس السلاح بالضبط وإنما التطوير السلاح، لأنه كما تعرف الحرب.. أميركا بحاجة إلى حرب من فترة إلى فترة لكي تجرب ما اخترعت، لكي تجرب ما أنتجت، لكي تجرب ما لديها من أسلحة، مثلاً الآن يستخدمون قنابل لأول مرة يستخدموها التي تدخل في الأسمنت المسلح، لا أردي ما إلى..

محمد كريشان: للكهوف هذه خصصت ربما..

مأمون دركزلي: لأن عندما تستنفذ هذه الأسلحة فسوف تبدأ بتشغيل المعامل لإنتاج أسلحة جديدة، وهذا يهيئ فرص لعمالها. وبنفس الوقت تنتعش معها الدول، لأنه هذا السلاح تجد منها يوجد جزء لا تنتجه أميركا، وإنما تنتجه مثلاً فرنسا أو اليابان أو.. دول ثانية، فهذا يهيئ أيضاً فرص للدول الثانية لأن تبيع هذه المنتجات لأميركا، لأن أميركا كما تعرف الدولة الأولى في تصنيع السلاح، لأن إذا أنتجت فرنسا أو ألمانيا أو أميركا أو كوريا أو اليابان السلاح، لمن ستبيع؟ ليس هناك الدول الكثيرة التي تنتج السلاح، ليس هناك دول كثيرة التي تنتج الصواريخ. والمستفيد الأول والأخير هو أميركا والدول المنتجة لعملية السلاح. فأنا يعني دائماً أقول بأن أميركا سيدة الموقف، بإمكانها أن تحرك ما تشاء وأن تقتل ما تشاء، فالخاسر بالنهاية هو الدول التي.. التي تضررت من الاقتصاد الذي نجم الآن.. الاقتصاد الأميركي.

محمد كريشان: هل تبدو الصورة.. يعني عندما نتحدث في الأمور السياسية والأمور العسكرية تبدأ كثير من الاحتمالات والتشكك ونقاط الاستفهام، يبدو من خلال الحديث، وكل الضيوف ما شاء الله من الخبراء الاقتصاديين، تبدو الصورة الاقتصادية أكثر وضوحاً، هل.. هل هذا صحيح؟

مأمون دركزلي: ماذا تعني تبدو الصورة؟ يعني هناك.. هناك.

محمد كريشان: يعني تتحدثون نبرة فيها الكثير من.. من الجزم ومن الوضوح المتعلق بحقيقة الوضع الحالي وما سيكون عليه المآل في المستقبل، بينما هذا الوضع ليس أكيداً لا على الصعيد العسكري ولا على الصعيد السياسي.

مأمون دركزلي: لأ.. حقائق It s، يعني الدورة الاقتصادية كما تعرف هي دائرة، تبدأ من الأعلى وتدور ثم تصل إلى الأسفل. التاجر عندما تكون مستودعاته مملوءة بالبضائع فعندما تنتهي هذه البضائع بحاجة إلى أن يعيد إنتاج هذه البضائع مرة ثانية. يعني أنا الذي أستغربه إنه مثلاً الآن والحرب قائمة في أفغانستان وأسعار البترول تدنت عوضاً عن أن ترتفع، لماذا؟ لأن المستفيد الأكبر هو أميركا من البترول نفكر حالياً ما هو استهلاك القوات التي أرسلتها أميركا.. للحرب فلأن أميركا الطرف الأول في هذه المعارك فلذلك نزلت أسعار البترول، بينما المنطق بيقول لك إنه إذا انطلق رصاصة في بلد من البلاد المفروض أن يرتفع سعر الذهب، سعر الدولار، سعر البترول، لماذا الآن انخفض سعر البترول؟ لأن أميركا المستفيدة..

محمد كريشان: ولكن ربما الوضع سيختلف، ولهذا نسأل الدكتور أسامة الأنصاري، البعض يقول: إذا ما اتسع نطاق الحرب ليشمل دول أخرى -ووقعت إشارة ربما للعراق بشكل خاص- فسيحصل ارتفاع من جديد في أسعار النفط، هل هذا أكيد؟

د. أسامة الأنصاري: أستاذ محمد، يعني مع احترامي لما تفضل فيه الأخ مأمون، المشكلة الرئيسية نحن نتكلم الآن يعني حرب.. مع من؟ من هو العدو؟ ما هي حجم القوات المتحاربة؟ يعني نحن لا نتكلم عن حرب تقليدية فيها قوات متجانسة، أو متقاربة بالقوة، أو في السلاح، أو في العدد، أو في العدة، يعني أنا أشعر بالخجل الواقع حينما نتكلم عن دولة عملاقة بكل تقنياتها وإمكانياتها مقابل ما حصل أو الفئة الموجودة في دولة أفغانستان، يعني بلد أنهكت بعد 20 سنة من الحروب المختلفة، مجموعة أنا في اعتقادي من.. من يعني.. من نعتبرهم الآن الطرف الآخر في المعادلة لا مجال للمقارنة بين القوات، في الماضي الحروب كانت تعني استنزاف لطاقات، لبشر، لإمكانيات، لقدر هائل، الآن أنا في اعتقادي أن كان هناك استعجاب للسرعة التي تم فيها القضاء على القوة.. على قوات طالبان في مختلف القطاعات العسكرية، نجد أن هناك.. يعني اليوم أقرأ أنه الأميركان لم يعد لديهم أماكن للقصف في أفغانستان، فإذاً كحرب أنا باعتقادي انتهت المرحلة العسكرية، الآن ما هو المستقبل، اقتصادياً بقناعتي. طبعاً دوماً نتكلم سياسة، اقتصاد، جيش.. الكل يتفاعل مع بعضه البعض، الغرب أنا في قناعتي هدفه الأول والأخير تأمين مستوى معاشي ممتاز لأفراد هذه البلاد، لا يمكن لهم أن تستمر أي حكومة في الغرب إذا لم تضمن المستوى من حياة كريمة متجددة نافعة، فلذلك القضايا الاقتصادية مهمة جداً فيما يتعلَّق في الدور السياسي لهذه الدول. الذي حصل يا سيدي الكريم إذا عدنا في الأربع سنوات الماضية الاقتصاد الأميركي كان ينمو بشكل غير طبيعي لاقتصاد.. ما يعني نامٍ بها الشكل أن يستمر في هذا الارتفاع، لقد تم استثمار مليارات ومئات المليارات من الدولارات في قطاع التقنية، في قطاع الاتصالات، لم يعد هناك إمكانية توسع في هذا القطاع على الأقل في الولايات المتحدة الأميركية في الإنفاق على هذا القطاع، الأفراد قاموا طبعاً بعد أن زادت ملكيتهم وشعورهم بالرخاء و.. وبإنفاق كبير مما كمان زاد من الاستهلاك، الإنفاق الحكومي تجد إنه آخر خمس سنوات من حكم الرئيس كلينتون كان هناك تراجعاً في الإنفاق الحكومي وفي العجز الحكومي، أدى كمان إضافة إلى ذلك إلى التقدم والرخاء في الولايات المتحدة الأميركية، كل هذه العوامل تضافرت خلال السنين الخمسة الماضية، ما نجد عليه نفسنا الآن إنه قطاع الأعمال لا ينفق، الأفراد كيف بإمكانك أن تنفق بقلب قوي وأنت غير متأكِّد بأن وظيفتك ستبقى لديك، وأنت تعلم إنه في الغرب قضية العمالة تتحرك الشركات بسرعة فائقة حينما تشعر إن هناك تباطؤ، يعني لا يأخذون وقتهم كما هو الحال في اليابان، فهذا إذاً يشكل عائق أمام الإنفاق الفردي، الإنفاق الحكومي سيزداد، لكن أنا بقناعتي لم يكون زيادته كبيرة جداً تعوِّض القطاعين الآخرين في الاقتصاد، من هذا المنطلق أقول أننا كنا نحن في.. في بيئة اقتصادية تتراجع أتت حوادث أيلول فزادت من حدة تراجعها، والآن اللي تفضلت فيه أخ محمد، طبعاً أنت رجل السياسة والثقافة إنه نحن نركز كثير على القضايا الاقتصادية.

محمد كريشان: لكن الاقتصاد لأ، الاقتصاد لأ!!

د. أسامة الأنصاري: لأ يعني تركز، لكن ما شاء الله أسئلتك كلها محددة ورائعة، لكن المشكلة الآن إنه طبعاً الموضوع نتحدث عن الطرف الاقتصادي من أول أولى حروب القرن، لكن كمان أنا لا أرغب في هذه التسمية، لأنه هاي ليست بالحرب التقليدية التي نتحدث عنها دولاً ودولاً عظمى وقواتاً وقواتٍ مشابهة، يعني نظلم القرن الجديد الذي نأمل له الرخاء، والتقدم، والأمن للجميع.

الحرب على الإرهاب وإعادة دور الدولة في النظام الاقتصادي

محمد كريشان: نعم، دكتور الأنصاري، أشرت إلى زيادة الإنفاق الحكومي، ولهذا أسأل الدكتور حشَّاد على ما ذكر في بعض التقارير الاقتصادية من أن هذه الأزمة الحالية والحرب على الإرهاب والحرب في أفغانستان خلقت وضعاً اقتصادياً دولياً دور الدولة ازداد قوة، البعض كان يتحدث عن تقلُّص وتراجع دور الدولة في النظام الاقتصادي الدولي، وفي ظل العولمة جاءت هذه الأزمة لتعيد من جديد الهيبة –إن صح التعبير- للدولة ولضرورة تدخلها، هل تشاطر مثل هذا التحليل؟

د. نبيل حشَّاد: والله في.. في الحقيقة طبعاً يعني اللي أنا عايز أقوله في الحقيقة أوقات الحروب أوقات الأزمات دي بتعتبر أوقات استثنائية، والأوقات الاستثنائية لا يمكن القياس عليها لفترات طويلة، وبالتالي دور الدولة في الاقتصاد الوطني في جميع دول العالم في الفترة الأخيرة بدأ يتقلَّص، سواء في دول رأسمالية أو حتى أصبحت الظاهرة في الدول المتقدمة ببرامج الإصلاح الاقتصادي وإلى آخره إن الدول في الحقيقة لا تتدخل في الاقتصاد بالدرجة الكبيرة، كون إن.. ما حدث في أميركا خلى فيه بعض تدخل حكومي من ناحية تنشيط الطلب الحكومي أو في بعض الدول الأخرى، هذا لا يعني أن هذا سيكون هو المنهاج في الفترات القادمة، ولكن أنا أعتقد أن ظاهرة تقلُّص دور الدولة في.. في.. في الاقتصاد في الحقيقة، دي.. يعني بتعتبر ظاهرة عالمية، وأعتقد إنها ستتنامى في الفترات القادمة، أنا في الحقيقة بس أحب يعني لو سمحت لي حضرتك أعلق في الحقيقة على اللي تفضَّل به الأستاذ مأمون الدركزلّي فيما يتعلق بأسعار البترول، وإن أسعار البترول في الحقيقة أخذت منحى مُغاير لما كان متوقعاً حيث أنه في أوقات الحروب يعني من المفروض إن أسعار البترول ترتفع مثلما حدث في أزمة الخليج سنة 90، في الحقيقة أسعار البترول في هذه الحرب لها خاصية خاصة، اتجاه أسعار النفط أو البترول في الأسواق العالمية سنة 2001 قبل حدوث الحرب أخذت في التراجع كان متوسط سعر البرميل في عام 2000 (27) دولار، أخذ في عام 2001 -في الحقيقة- في التراجع لدرجة أن منظمة الأوبك خلال هذا العام على فترات متتالية خفضت من الإنتاج 3 ونص مليون برميل يومياً، وهناك اتجاه في الوقت الحالي لتخفيضه بمقدار مليار ونص من جانب دول الأوبك، ونص مليون من جانب الدول المنتجة خارج الأوبك، وده يمكن هيتفقوا عليه في يناير اللي جاي، هو يعني مافيش أثر مباشر لهذه الحرب (الحرب الأولى في هذا القرن) على أسعار البترول، وده اللي يمكن يهمنا في الحقيقة في الدول العربية وفي دول الخليج باعتبار إن النفط والغاز بيعتبر هو المصدر الرئيسي للدخل الوطني مش في الدول دية بس، ولكن في الدول العربية.. للدول العربية مجتمعة، وبالتالي أثر هذه الحرب –في الحقيقة- كان أثراً غير مباشر، وهو أن هذه الحرب أدت إلى تعميق تباطؤ الاقتصاد العالمي، ومن ثمَّ انخفاض الطلب على النفط، ومن ثمَّ انخفاض الأسعار، وده يمكن اللي يخلينا في الحقيقة في الدول العربية لما نيجي نشوف أثر هذه الأزمة، وإيه اللي المفروض إن إحنا نعمله في الحقيقة، يبدأ.. نبدأ نفكر في الحقيقة، هل فعلاً نستمر في سياسة هذا التسعير أو إن ممكن الدول المنتجة للنفط والمصدرة ليه تتبع طريقة أخرى من طرق التعاقد الآجل، اللي هو Futures والـ Options، اللي هي المستقبليات والاختيارات، بحيث إن إحنا في الحقيقة نقدر نقلص الآثار السلبية لتقلبات أسعار النفط، وخصوصاً أنت حضرتك يمكن أشرت في البداية أن الأبعاد السياسية والاجتماعية لهذه الحرب غير واضحة زي الأبعاد الاقتصادية، لأ، أنا يمكن أقول لحضرتك حاجة في الحقيقة: هو الأبعاد الاقتصادية، وطريقة حسبتها، ومعدَّلات النمو اللي اتكلمنا عليها في الحقيقة دية دي بتخضع لسيناريوهات معينة، وممكن بتغير السيناريو تختلف الحسبة، يعني النهارده لو إن الحرب في الحقيقة لم تكتفِ بس.. بأفغانستان وانتقلت إلى إحدى دول الشرق الأوسط، ولتكن العراق في الحقيقة هيبقى لها آثارها على البترول، هتبدأ تتغير الخريطة الاقتصادية العالمية، ويبدأ برضو بعد كده يُقدَّر النمو الاقتصادي العالمي بدرجة أقل من 2.4، يمكن توصل 2 أو 1.8.

الحرب في أفغانستان والبحث عن النفط والغاز

محمد كريشان: نعم، طالما نتحدث عن.. عن النفط، سيد دركزلّي، من الأشياء التي ترددت كثيراً مع بداية هذه الحرب حتى أصبحت شبه مسلَّمة بأن الولايات المتحدة كانت في الحقيقة تبحث عن الأعذار للذهاب إلى تلك المنطقة، وأن هذه المنطقة وأساساً بحر قزوين غني بـ.. بالنفط وغني بالغاز، ولابد من وجود أميركي هناك، بعض التحاليل التي نشرت بدأت تسفِّه.. بدأت تسفِّه تدريجياً هذا التحليل، حتى أن صحيفة "يدعوت أحرونوت" الإسرائيلية أشارت بأن أفغانستان بلد خراب ولا يوجد فيه أي شيء، وحتى بحر قزوين بعيد هناك عن تلك المنطقة، وكمية النفط والغاز ليست كمية.. كميات واضحة، ولا تستحق هذه المخاطرة، هل تعتقد بأن هذا التحليل اهتز إلى حدٍ ما؟

د. مأمون دركزلّي: قبل أن أجيبك أريد أن أجيب دكتور نبيل بكلمتين والدكتور أسامة بكلمتين أيضاً.

محمد كريشان: اتفضل.

د. مأمون دركزلّي: أشكر الأخ دكتور نبيل على شرح الملابسات التي لم تسمح لأسعار البترول بالارتفاع، ولكن أحب أن أقول له تقليدياً البترول يرتفع مباشرة عندما يحدث أي شيء مثلما حدث الآن في أفغانستان، ونحن لا نتكلم الآن عن نظريات علمية، وهذا مستغرب، وبالنسبة للدكتور أسامة يقول بأن هذه ليست حرب، نعم حرب بكل المعنى، ولكن نسي بأن الآن يوجد تكنولوجي، الصاروخ الذي يضربونه الآن لديه تأثير فعلي أكثر من 10 آلاف عسكري، فالحرب إذا قستها علمياً بالحروب السابقة فهي حرب بمعنى الكلمة، ولكن كما قال حرب على مين؟ يعني دولة أفغانستان فقط. بالنسبة لما ذكرته بالنسبة لأميركا يعني، كل يوم تسمع الآن قصة، لماذا قامت الحرب؟ هل هي مفتعلة؟ هل هي حقيقية لأسباب؟ أنا شخصياً أقول بأنه محتمل أنها تجد منافذ.. للبترول الموجود في مناطق قزوين وكازخستان، والمناطق، لأنه إذا أخذت الخريطة البترولية للمناطق التي تتكلم عنها فتجد بأن كافة أو بالأحرى.. لأ أريد أقول كافة لربما هناك شركة غير أميركية، ولكن معظم الشركات التي تقوم هناك عن التنقيب والشركات التي أوجدت البترول هناك والغاز هي شركات أميركية، وإذا ما تم لها فتح طريق من هناك فيكون هذا من الأشياء الاقتصادية الممتازة بالنسبة لأميركا، فأنا لا أستبعد بأن يكون هدف من الأهداف هو إيجاد طريق لما تنتجه الشركات الأميركية من بترول والغاز.

محمد كريشان: البعض أيضاً يشير إلى أن ربما الآن الولايات المتحدة لا.. لا تريد إعطاء أولوية واضحة لمثل هذا التوجه، لأنها في المرحلة الحالية على الأقل لا تريد إغضاب الحليف الروسي في هذه المرحلة تحديداً.

د. مأمون دركزلّي: والله أنا لا أقرأ الأفكار الأميركية أو الروسية، وإنما هذا يعني مثل ما بيقولوا بيعمل Sense يعني إنه شيء منطقي على أساس إنه الحرب كلها يعني غريبة الأطوار، يعني منذ سنوات كانت أميركا تؤيد طالبان في الحرب ضد الروس، والآن نرى بأن قوات التحالف التي أخرجوها وأخرجوا الروس معها هم الحلفاء في الوقت الحاضر، فمن البديهي ألا يعطوا الفكرة بأننا نحنا نحاول أن نجد طريق..، ولكن ممكن أن يكون لأنهم يريدون أن يعطوا.. يخلو الأمور مثلما تكون متسترة إلى حدٍ ما.

محمد كريشان: ما أشرت إليه سيد دركزلّي مع بقية الضيوف بأن هذه المرحلة قد تكون مرحلة مؤقتة، هذه الصعوبات، وهناك انتعاش منتظر قد لا يكون قريب، ولكنه منتظر، هل تعتقد بأن هذا الوضع سيخفف بالنسبة للمواطن الذي أشار إليه الدكتور الأنصاري بأن حكومات حريصة على مستوى حياة جيد؟ هل يمكن للمواطن سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا أن يُبدي قدراً من التفهُّم لهذا الوضع على أساس أن الخير جاي رغم الصعوبات الحالية؟

د. مأمون دركزلّي: كل هذا يعتمد إلى أي حدٍ الحرب ستستمر، فكما تعرف نسمع يومياً بأن فيه احتمال أن تقوم أميركا بضرب العراق لا سمح الله، أو أن أميركا تريد أن تقوم بضرب الصومال، أو أن أميركا تقوم بضرب يعني لا نعرف إذا هذا كان حقيقياً أو لا، ولكن الانتعاش سوف يبدأ عندما نعرف بأن انتهت أميركا من.. من الضربات التي تفكر بها، وتحاول أن تعطي.. تُلقي الدرس لمن يأوي الإرهاب، أو لمن يحاول أن يقف في وجه أميركا، ومن ثُمَّ تقوم أميركا والدول الأوروبية بالتركيز.

محمد كريشان: تركيز على..

د. مأمون دركزلّي: التركيز على بناء الاقتصاد وتأمين الحياة المثالية لأفرادها.

محمد كريشان: ولكن إذا امتدت الحرب أو اتسعت لا شيء مضمون على الصعيد الاقتصادي، يعني سنعيد التحليل من ناحية أخرى.

د. مأمون دركزلّي: لا شيء مضمون، وخاصة بأنك إذا أخذت.. دعنا نتكلم عن الفرد الأميركي، الفرد الأميركي فقد الثقة بحكومته، لأنه كما أذكر في اليوم الأول لحوادث سبتمبر، أحد الأميركيين كان يتكلم على التليفزيون وقال: نحنا ندفع 30 مليار دولار لـ (F.B.I)، (C.I.A)، كيف لا يعرفوا بهذا الشيء ونحن الدولة العظمى، نحن الدولة التي نبيع الحمايات للدول الأخرى، نحنا الدول التي نؤمن الحماية.. التغطية الجوية، كيف تمكن هؤلاء من ضرب أهم من أهم المنشآت وزارة الدفاع ومركز التجارة، يعني عندما تفكر بهذه الحادثة معنوياً ضربوا القلب الاقتصادي لأميركا، وضربوا القلب العسكري لأميركا، فالفرد الأميركي بيقول لك يا أخي، أنا عم بأدفع ضرائب، الحكومة بتاخد مني كل ما بدها من حق علي، فكيف تمكَّن هؤلاء من العمل؟ وخاصة أن الآن الوضع ازداد سوءاً في أميركا، يعني أصبحت دولة بوليسية الآن، يعني كل شيء مراقب، التليفونات مراقبة، الحركات مراقبة، البريد مراقب، فلا نعرف متى سيكف هذا وتعود الحياة طبيعية.

[موجز الأخبار]

الانعكاسات المحتملة على الدول العربية في ظل هذه الأزمة

محمد كريشان: بعض المشاركات من السادة المشاهدين ركَّزت على تساؤل حول الانعكاسات المحتملة على الدول العربية سواءً لجهة تسريع وتيرة السوق العربية المشتركة التي تحفظ لأصحاب الأموال ماء الوجه مثلما ذكر السيد أبو.. أبو محمد أو أبو مهنَّد من السعودية أو السيد يوسف نصري، لم يشر من أي بلد، ولكن تساءل على تأثير ما حدث على اقتصادياتنا خاصة من ناحية ضعفها وغياب الشفافية فيها، والسيد محمد أبو طلال العماقة من السعودية، تساءل عن مقدار الضرر برأيكم على الدول العربية. سيد دركزلّي، برأيك لو أخذنا هذا الجانب تحديداً، وخاصة من زاوية أن الكثير من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين وأصحاب الودائع العرب تأثروا بما.. بما جرى، كيف يمكن التعاطي الآن مع.. هذه؟

د. مأمون دركزلّي: كما يقول المثل: "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد"، يعني في بعض الدول العربية تأثرت سلبياً وبعض الدول تأثرت إيجابياً، من الناحية السلبية، فمثلاً: البلاد التي لديها دخل كبير من السياحة، ناخد مثلاً: مصر، فالسياحة لها انعدمت بالمرة، فنجد بإنه مصر تأثرت تأثيراً كبيراً اقتصادياً، لأنه الدخل اللي كان يجيها بالمليارات، بينما تجد بإن بعض الدول وعلى الأكثر الخليجية، البنوك استفادت لأنه عادت أرصدة كبيرة جداً لهذه البنوك، وكما تعرف..

محمد كريشان: غير صحيحة، يعني ليست..

د. مأمون دركزلّي: نعم، يعني أسمع بإنه البنك الفلاني جه مبلغ كذا، والبنك الفلاني جه كذا، والناس الآن أصبحت تخاف، ويعني هذا شيء يعني ما.. ما.. ما المفروض يكون إنه واحد لازم يكون عنده ثقة ببلده، لازم يكون عنده الواحد ثقة بالبنك اللي موجود ببلده بالبنك اللي موجود جنب بيته، بس مع الأسف الناس مارست.. بيقول لك: أنا إذا حطيت فلوسي بهذا البنك، كل البلد هتعرف، لإن ابن فلان بيشتغل بالبنك أو ابن فلان بيشتغل، طب يا أخي، أنا لا سارق الفلوس، ولا لي أن أخذها، أنا أحطها جنبي، فالآن رجعت، وإن كان المبالغ التي عادت قليلة جداً، ولكن هذا سوف ينعش الأسواق الاقتصادية لهذه البلاد التي عادت الأموال إليها، ولكن الآن أصبح شيء مخيف جداً أن يترك الشخص أمواله في بنوك خارجية، لأنه كل يوم تصدر قائمة جمِّدوا أموال فلان، جمِّدوا أموال فلان، يعني أنت تعرف مثلاً إنه من حوالي شهرين أنا ورد اسمي من بين الأسماء التي لي.. قالوا إن.. طبعاً مو أنا بس واحد اسمه مثلي، بس انشهرت أنا إن العالم كله صار يتصل في شو جمدوا لك؟ شو عملوا لك؟ شو حطوا لك؟ فها الحركة اللي صارت..

محمد كريشان: من أصحاب الملايين المجمَّدة!!

د. مأمون دركزلّي: ياريت!! ياريت!! فهذا يعطي الآن بعض الثقة للمواطن إنه يسحب فلوس من الأرصدة الأجنبية ويجبها ويحطها هون، يعني أنا لأ أجد سبباً.. لما بيقولوا لك إنه سرية، اليوم السرية متوفرة في كل بلاد العالم، يعني حتى هنا في العالم العربي هناك نوع من السرية، ولكن ليس ممكن السرية بالمية، ولكن موجودة السرية، والانعكاسات هي أن الدول التي تعتمد بالاستيراد والتصدير على أميركا مثلاً، هذه تأثرت البلاد التي -كما ذكرت سابقاً- لديها السياحة تأثَّرت.

محمد كريشان: دكتور أنصاري في.. في لندن، كيف ترى هذه الانعكاسات المحتملة على الدول العربية في حين أن البعض أيضاً أشار إلى جوانب سلبية.. إيجابية عفواً، على أساس مثلاً إن الأعداد الكبيرة من السياح العرب الذين كانوا يتوجهون عادةً إلى الولايات المتحدة وبريطانيا قد لا يتوجهون هذه السنة.. قد يتوجهون إلى المغرب أو تونس، أو مصر، أو لبنان ربما أيضاً بنفس التحليل أنه قد تكون الآن المؤشرات سلبية، ولكنها قد تنعكس إيجابياً على الدول العربية في المدى المتوسط أو البعيد.

د. أسامة الأنصاري: يا سيدي الكريم، منذ السبعينات ونحن نتكلم عن الأرصدة المالية المهاجرة العربية إلى الغرب، الفكر في الماضي كان إن الغرب هو بيت الأمان، أنه هو الضمان لتوفير راحة البال أو العطاء أو العمق الاقتصادي الذي ممكن استغلال هذه الأموال أو تشغيلها بشكل ملائم، اقتصادياتنا العربية تحركت وتحررت في الأعوام الماضية، هناك العديد من القوانين الاقتصادية المحفِّزة للاستثمار، المحبِّذة لاستقطاب الأموال، طبعاً لدينا الكثير، ونحن بحاجة إلى تطوير تشريعاتنا بشكل أفضل، الجميع يتحدث عن إمكانية توسيع نطاق السوق العربية المشتركة، السوق لا تأتي بقوانين فقط، إن دمار أو تخريب الثقة في أي مجتمع من أسهل ما يمكن أن يقوم.. يتم ذلك، بناء الثقة وإعادتها يتضمن أو يتطلب وقتاً كبيراً، أنا لن أقول بأنه أموال كبيرة ستعود، لكن علينا حكومات، وشعوباً، ورجال أعمال، ورجال مصارف إنه وفر الأرضية الجيدة لاستثمار هذه الأمور لإعطاء صاحب المال الأمان، والعائد، والطمأنينة، والسيولة، والشفافية، والصراحة والصدق في التعامل، وأن نكون هناك.. أن تكون هناك أرضية تقول: نحن جزء من هذا النظام العالمي الذي يعطيك إمكانية العائد بدون الخوف لا من تأميم، أو من سيطرة حكومة، أو من.. اتخاذ إجراءات معادية، إذا لم نقم بذلك سنبقى دوماً مهددون في رؤوس أموالنا، في أعمالنا، في ثقافاتنا، في ملكيتنا أينما حللنا بالمناسبة، يعني الطمأنينة التي فكرنا أنها موجودة بأعتقد تضاءلت هذه الطمأنينة، لأن الوقت أثبت أنه بفعل فاعل قد يكون هناك وشاية، أو قد يكون هناك تصرُّف يمنعك من التحرك في رؤوس أموالك، هذا لا يعني أن النظام العالمي الجديد سيقضي على طريقة التعامل المالية والاقتصاد والمالية، أقول: يجب علينا أن نتحرك لكي.. نستقطب جزءاً من هذه الأموال، ونعطي فرصاً اقتصادية لشعوبنا، وخريجينا، وتلاميذنا، والعاملين في قطاعاتنا المختلفة، يعني هذه فرصة قد تكون ذات منفعة علينا جميعاً.

محمد كريشان: نعم، هذه الفرصة –دكتور حشَّاد في القاهرة- هل تراها فرصة حقيقية، لاسيما وأن البعض يشير إلى أن إذا كنا نطمع في عودة الأرصدة العربية إلى ديارها فعلينا أولاً أن نضمن، ليس فقط السرية والشفافية التي أشار إليها الضيفان وإنما أيضاً إلى ضرورة وجود إصلاح هيكلي، اقتصادي، مصرفي وغيره، وهذا كله بيئة غير مهيأة الآن اقتصادياً؟

د. نبيل حشَّاد: هو… هو في الحقيقة يمكن في مقولة بتقول أن المحن تحمل في طيَّاتها منح، وأنا في الحقيقة يمكن إذا هذه المحنة تحمل في طياتها منح بالنسبة للدول العربية، فأنا اعتقادي إن هذه المنح يجب أن تكون في استخلاص الدروس المستفادة وأن نترجم ما نؤمن به إلى أفعال وليس أقول مثلما تحدث أي أزمة ثم يعني يثور الكل وينادي بأشياء ثم لا نفعل شيئاً بعد ذلك في الحقيقة يمكن تأثير هذه الحرب على الاقتصاديات العربية، الأستاذ مأمون يمكن قال فيه بعض الدول استفادت إيجابياً وبعضها تأثر سلبياً، أنا أقدر أقول في الحقيقة: بصفة إجمالية أو المحصلة لجميع الدول العربية في الحقيقة تعتبر سالبة، ليه؟ لو افترضنا إن أسعار البترول بسبب هذه الأزمة انخفضت بنسبة 15% زيادة عن نص الناتج المحلي الإجمالي العربي من النفط وعوائده، 15% في هذه الـ 50% في الحقيقة بتعتبر نسبة كبيرة بتأثر بطبيعة الحال ليس على الدول العربية المنتجة للنفط فحسب، ولكن أيضاً تنعكس سلباً على العاملين العرب بهذه الدولة.. الدول وتحويلاتهم للخارج، بالإضافة بطبيعة الحال إلى تأثيرها على الموازنة العامة وجانب النفقات في ذلك وبالتالي بيتأثر الإنفاق سلبياً وتتأخر..

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نعود إلى القاهرة، الدكتور نبيل حشَّاد، تفضل سيدي.

د. نبيل حشَّاد: بالنسبة للنقطة التانية وهي النقطة الرئيسية بالنسبة للاستثمارات العربية في الخارج واللي أشار إليها الدكتور أسامة الأنصاري، يعني أنا في الحقيقة أحب أقول حاجة هي من حيث المبدأ مافيش طبعاً رقم فعلي لهذه الاستثمارات، ولكن يمكن بتقدر بحوالي من 800 مليار دولار إلى حوالي تريليون دولار، أي رقمين يعتبر يعني.. يعني قيمة كبيرة بجميع المقاييس، لكن قبل ما ندعو إلى.. إلى عودة هذه الأموال الهاربة، بدل ما نقول النازحة –إن صح التعبير- لازم نسأل نفسنا كذا سؤال، السؤال الأول: ما هو هيكل هذه الاستثمارات؟ هل هي كلها راجعة للقطاع الخاص، أو فيه منه قطاع حكومي وقطاع خاص؟ بطبيعة الحال القطاعين، بل هناك بعض من..

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، دكتور نبيل حشَّاد، شكراً جزيلاً في نهاية هذه الحلقة نشكر…