أولى حروب القرن

تغطية مراسلي الجزيرة لحرب أفغانستان

كيف كانت تغطية مراسلي قناة الجزيرة لتطورات الحرب في أفغانستان؟ ما أبرز المشكلات والعقبات التي كانت تعترضهم وكيف كانوا يتغلبون عليها؟ وإلى أي مدى نجحوا في نقل صورة قريبة وصادقة عن واقع الحرب وتداعياتها المختلفة؟
مقدم الحلقة: متغير
ضيوف الحلقة: تيسير علوني: مراسل قناة الجزيرة في العاصمة الأفغانية كابل
يوسف الشولي: موفد الجزيرة السابق إلى قندهار
ماجد عبد الهادي: مراسل الجزيرة في أفغانستان
تاريخ الحلقة: 31/12/2001

– معايشة مراسلو الجزيرة وتأثير الأحداث عليهم
– مصاعب التغطية الإعلامية وكيف تمت مواجهتها
– الهاجس الأمني وكيف تغلب عليه المراسلون
– مستقبل الحرب في أفغانستان.. إلى أين؟

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، وكل عام وأنتم بخير، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، وحلقتنا هذه المرة عائلية، حلقة نهاية السنة وبداية سنة جديدة، سنتناول فيها جوانب مختلفة من التغطية الصحفية لحرب أفغانستان، سيكون ذلك مع ثلاثة من فرسان (الجزيرة) والذين غطّوا على مراحل مختلفة هذه الحرب، إذاً ضيوفنا من نفس العائلة، بداية تيسير علّوني، أشهر من نار على علم، بدأ بتغطية كل جوانب الحرب إلى أن دخل.. دخلت قوات تحالف الشمال إلى كابول، مدير مكتبنا في كابول إذاً.

يوسف الشولي، أيضاً غطَّى جوانب عديدة من الحرب -مع لحيته التي حلقها الآن- من قندهار، وأخيراً وليس آخراً -كما يقال- ماجد عبد الهادي، غطى حرب الكهوف وحرب الجبال –إن صح التعبير- في تورا بورا، ولكن ماجد لم يكن له ذقن حتى هناك.

على كل إذاً كما قلنا هذه الحلقة سنتناول فيها جوانب مختلفة من الجوانب الإعلامية التي ربما لم يتمكن المشاهد الكريم من متابعتها، وهذه الحلقة باعتبارها حلقة خاصة سيكون بإمكان السادة المشاهدين المشاركة من خلال التليفون على الأرقام وتشاهدونها الآن، وهي: 974 مفتاح قطر، ثم 4888873، ثم أيضاً على رقم الفاكس، وتشاهدونه أيضاً معكم، مفتاح قطر ثم 4885999، وأيضاً من خلال مشاركات شبكة الإنترنت على عنوان (الجزيرة) المعروف:

www.aljazeera.net

سنفتح الخط بعد قليل لمشاركات السادة المشاهدين واستفساراتهم وبعض الجوانب الإعلامية والسياسية المتعلقة بهذه الحرب.

نبدأ بتيسير، تيسير، أنت واكبت بداية الحرب.

تيسير علّوني: نعم.

معايشة مراسلو الجزيرة للحرب وتأثير الأحداث فيهم

محمد كريشان: الآن تقريباً الحرب تضع أوزارها، ولو أن هناك اختلاف إن وضعت فعلاً أوزارها أم لا، كيف تنظر إلى تلك الفترة، فترة بداية الحرب؟ كيف تتذكرها الآن مع كل ربما الفترة الزمنية التي تفصل..؟

تيسير علّوني: حقيقة محمد يعني أنا حتى الآن.. حتى الآن لم أستوعب ما حصل، يعني –إذا جاز التعبير- يمكنني القول أن عقلي الباطن لم يهضم فعلاً ما جرى حتى الآن، طبعاً يعني كانت لحظات..

محمد كريشان: لماذا يعني؟

تيسير علّوني: أكثر ما أتذكر فيها.. لا أعرف لماذا، الحقيقة يعني أحياناً أنا أعددت منذ يومين أو ثلاثة تقرير عن حصيلة ما جرى، حقيقة حين أسترجع الصور، حين أنظر إلى الصور، يعني تتملكني مشاعر غريبة تعيدني إلى تلك اللحظات، أفكر في نفسي هنا، في وجودي هنا، ألاحظ أنني الحقيقة يعني كأنني انفصلت عن ذلك الواقع الذي عشته.. بكل جوارحي.

محمد كريشان: تشعر بالحنين إلى كابول؟

تيسير علّوني: الحقيقة والله يا أخي أشعر بالحنين إلى كابول نعم حتى الآن، وعشت هذا.. يعني تلك الفترة بكل جوارحي، فطبعاً يعني أكثر ما.. ما أستذكره هو اللحظات الأولى للقصف، القصف سبقته أيام طويلة كنا نتحسَّب فيها لما سيحصل، كنا نحاول أن نتوقع كيفية الهجوم الأميركي، كيفية.. يعني شكل وحجم وأبعاد هذا العقاب الأميركي الذي سينزل بأفغانستان، لكننا لم نستطع التوصل إلى أي شيء في هذا الصدد حينما بدأت الغارات، يعني لعلك تذكر أن حتى كلامي كان مشوشاً يعني.

محمد كريشان: على ذكر بداية الغارات تيسير، يعني فريد الجابري مخرج البرنامج إذا كان بالإمكان أن نتابع اللقطة الأولى لبداية الحرب مع تيسير، ثم.. ثم نعود إلى تيسير، اللقطة الأولى لتيسير.

تقرير/ تيسير علّوني: الغارات التي تعرضت لها العاصمة كابول خلال الليل كانت مركَّزة ومتواصلة، مناطق قريبة من حي (مكروريان) وحي (الدرخانة) تعرضت لمزيد من القصف الليلي المتواصل، فيما انطلقت المقاومات الأرضية كالعادة دون أن تصيب أي من الطائرات المغيرة. وبعد استهداف مزيد من الأحياء المدنية وسقوط كثير من القتلى والجرحى في مختلف المناطق الأفغانية، بالإضافة إلى ضرب منشآت حكومية تقع وسط الأحياء السكنية، تزايدت نقمة الشارع الأفغاني على أميركا، خصوصاً وأن الحرائق أتت على كل محتويات مخازن الصليب الأحمر الدولي، واختلطت رائحة البارود برائحة زيت الطعام والقمح والذرة والمواد المحترقة الأخرى، الأمر الذي أثار حسرة الفقراء الأفغان على هذه الخسائر.

محمد كريشان: تيسير، كيف تذكر هذه اللحظات الأولى؟

تيسير علّوني: نعم، هذا يعني هذه ليست الليلة الأولى من القصف، هذا أحد التقارير الذي أعددناه، كان تقريباً في اليوم الثامن أو التاسع من القصف لست أذكر بالضبط، لكن حقيقة كان يوماً متميزاً، كان.. كانت ليلة متميزة ويوماً متميزاً، الليل يعني تخللته غارات أميركية مكثفة ورمايات بقنابل ثقيلة جداً –الحقيقة يعني- اختلفت عن كل ما سبقها من رمايات، اليوم التالي كان هناك قصف أيضاً مكثف على مدينة كابول وعلى محيطها، فاستهدفوا في ذلك اليوم أذكر حي (مكروريان)، وهو حي سكني يعني ذي كثافة سكانية عالية، أذكر أيضاً أن الذي كان.. نحن نقول أن الذي كان يجلب المصائب لحي مكروريان هو عبارة عن هوائيات للبث الإذاعي والتليفزيون لست أذكر، لكنها هوائيات معطلة منذ أكثر من عشر سنوات، يعني منذ أيام سقوط كابول في يد حكومة الأحزاب، فهذه الهوائيات يبدو إن أحداً ما يعني أعطى إحداثياتها للطيران الأميركي أو.. الرصد الأميركي أعتقد أنها أهداف مهمة قد تستفيد منها حركة طالبان، فكان القصف عليها شديداً، وبالتالي تضرر الحي الذي تقع فيه هذه الهوائيات. ثم أذكر أيضاً أن ذلك اليوم تخلله قصف مخازن الأغذية التابعة للصليب الأحمر الدولي، وكانت هناك حرائق في ذلك اليوم، طبعاً أُحرق مخزن من خمسة، في غارة تالية أُحرقت المخازن الأربعة الباقية.

محمد كريشان: يوسف الشولي، يوسف، بين يديك دفتر، يبدو كنت تسجل يومياتك هناك؟

يوسف الشولي: نعم، هذا صحيح.

محمد كريشان: وعندما تراجعها الآن كيف تشعر؟ هل كانت.. هل تعبر بصدق عن.. عن طبيعة تلك الفترة؟ كنت.. قندهار أم.. أم اليوميات بشكل عام؟

يوسف الشولي: لأ، هو حقيقة.. يوميات قندهار فقط، لأنها كانت..

محمد كريشان: هذا عنوان جيد "يوميات قندهار" يعني وجدت.. وجدت عنوان الكتاب.

يوسف الشولي: عنوان الكتاب.. كانت تجربة أو تجربة فعلاً مثقلة بالهموم والمتاعب والمشاق، كونك غريب عن البلد، أنا أختلف عن تيسير، تيسير كان موجود هناك مقيم له بيت، يعرف الناس، أنا ذهبت لم أعرف أحد هناك، كان اللغة عائق، التعامل مع الناس كان عائق.

محمد كريشان: قبل الحديث عن هذه الظروف، كيف دخلت أصلاً، لأن يبدو أن بالنسبة للذين يذهبون إلى أفغانستان الدخول محنة والخروج محنة.

يوسف الشولي: هذا صحيح.

محمد كريشان: على الأقل كيف دخلت قبل الحديث عن الظروف..؟

يوسف الشولي: هو قد يكون الداخل.. يعني الداخل مولود والخارج مفقود أو العكس أو..!! دخلنا كانت لحركة طالبان سفارات في العالم، كان لها سفارة في إسلام آباد، من خلال سفارة إسلام آباد خدنا على.. حصلنا على تأشيرة دخول، طبعاً بعد مشقة ليست بالسهولة عندما حصلنا على هذه التأشيرة، وذهبنا إلى كويتا من إسلام آباد كويتا، ومن كويتا إلى الحدود الأفغانية، ومن الحدود الأفغانية إلى قندهار، كانت رحلة شاقة متعبة، أتعبنا فيها حقيقة عندما وصلنا إلى الحدود الأفغانية حوالي الساعة الخامسة مساءً، والحدود تُغلق أبوابها الساعة الخامسة و النصف تقريباً، يعني عند أذان المغرب.

محمد كريشان: يعني لديها.. لديها دوام!!

يوسف الشولي: لديها دوام، فمن الحدود إلى قندهار تأخذني المسافة حوالي ساعتين ونص إلى 3 ساعات، مع العلم إنها لا تتجاوز الـ 110 كيلو مترات فقط، لكن الطريق تعبان جداً، غير معبَّد طيلة الوقت. الأدهى من ذلك أن قوبلنا بقصف أميركي عنيف عند الساعة السادسة أو السابعة مساءً في منتصف الطريق، الغريب في الأمر أن السائق أطفأ الأنوار وبدأ يسير بسرعته المعتادة السريعة جداً، وأنا.. وأنا أقول له أين أنت ذاهب؟! خفِّض شوي.. وقف، وهو غير معتاد على مثل هذه..

محمد كريشان: عادي بالنسبة له.

يوسف الشولي: عادي بالنسبة له، ونحن نتابع الطائرات –يعني- فوقنا في الطريق.

محمد كريشان: يوسف، لاشك يعني من بين الملاحظات التي سجلتها بعض الارتسامات الإنسانية، بعض اللحظات القوية التي ستظل عالقة في ذهنك وفي ذهن أي صحفي عاش هذه الفترات، سنتابع معاً ومع السادة المشاهدين اللقطة الأولى ليوسف الشولي وفيها امرأة نتابعها معاً، ثم نترك يوسف يعلق.

تقرير/ يوسف الشولي: وبدورها تقول الطفلة (مارينا) الحزينة على زميلتها خديجة التي قتلت في القصف الأميركي، تقول: إنها تريد العودة إلى بيتها كي تنام بدفء، لا أن تبقى مُهجَّرة عارية في العراء.

ضاحية (كوماندوز) التي كانت مرشحة للعمران بسبب كونها تقع عند مدخل قندهار أصبحت الآن تعد العدة لتوسيع مقبرتها لتتسع لجثث العديد من ضحايا القصف.

يوسف الشولي – الجزيرة- من مقبرة دُوراهي – قندهار.

محمد كريشان: ليست هذه المرأة المقصودة، على كل هذه طفلة، سنعود للمرأة، ولكن ماذا عن هذه الطفلة يوسف؟

يوسف الشولي: أعتقد لا يمكن أن أنسى هذا التاريخ، هذه طفلة اسمها (مارينا)، في 27/10 اتعرضت ضاحية كوماندوز، التي تقع على مدخل مدينة قندهار بعيدة عن مطار قندهار حوالي 5 إلى 10 كيلو مترات تقريباً، هذه الضاحية تعرضت كثيراً إلى القصف، فمن كتر ما تعرضت الضاحية للقصف أحببت إني بفضولي الصحفي أن أعرف لماذا تتعرض هذه القرية إلى القصف، فذهبت إلى.. وأنا والمصور إلى..

محمد كريشان: تتعرض هي بالذات دون غيرها.

يوسف الشولي: هي بالذات دون غيرها إلى القصف اليومي الكثيف، وجدنا أن على أطراف القرية كان معسكر مهجور منذ زمن أيام الجهاد ضد السوفيت في السابق، القرية لا تتجاوز بيوتها حوالي 20 بيت من.. من الطين، هذه الطفلة مارينا حقيقة استوقفتني، لأنها كانت تبكي والآخرين أهل القرية مشغولين.. بالرحيل، فوقفت سألتها: لماذا تبكي؟ فقالت: أنا زعلانة على صديقتي خديجة، فأنا فكرت خديجة بنت كبيرة، جيت سألتها: خديجة من؟ تقول: طفلة.. ألعب أنا وياها في..

محمد كريشان: يعني بنت الحي..

يوسف الشولي: بنت الحي تلعب هي وياها، وأخذتني إلى المقبرة إلى درجة –إذا لاحظت- لم أتمكن من عمل (Speech to camera) عمل..

محمد كريشان: الخاتمة، خاتمة التقرير.

يوسف الشولي: خاتمة التقرير، لأنني كنت أبكي، لأنني وجدت يعني شاهدتني 5 قبور لأطفال من الحي من بينهم خديجة، وغدت تبكي هي على.. على القبر، كان فعلاً المنظر يعني مؤلم مؤثر جداً. هذه الحادثة وقعت في 27/10 حوالي الساعة 12 ذهبنا عندهم، عندما ذهبنا عندهم الموجودين هناك بها القرية.. كانوا يصرخون بنا: أنتم مجانين؟!! تأتون إلى هنا الساعة 12؟!!، القرية تتعرض إلى القصف يومياً الساعة 12، نحن لم نكن نعرف إنها تتعرض يومياً للقصف الساعة 12. فهذا فعلاً من المظاهر أو المشاهد التي لن تُمحى من مُخيلة أي صحفي ذهب إلى تلك المنطقة.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ماجد عبد الهادي، ربما وضعك مختلف عن بقية الزملاء، أنت ظللت في موقع واحد تقريباً، في حادث واحد، ولكنك استطعت –بامتياز الحقيقة بشهادة كثيرين من الزملاء- أن.. أن تجد زوايا مختلفة لتناول نفس الحدث، وهو حدث قصف مستمر للجبال وللكهوف، كيف عايشت هذه الفترة؟

ماجد عبد الهادي: يعني أنا لا يغيب عن بالي اليوم الأول لدخولنا المنطقة، فريق (الجزيرة) كان هو أول فريق يصل إلى منطقة جلال آباد بعد اندحار حركة طالبان عنها، يعني أحب أن أشير قبل الحديث عن مرحلة الكهوف، أحب أن أشير إلى.. إلى هذه الفترة، نحن الحقيقة كجزيرة تميزنا بأننا أول من وصل إلى منطقة جلال آباد بعد اندحار حركة طالبان، وفوجئنا لدى وصولنا إلى.. إلى مكان الإقامة بأنا.. بأننا أول عرب يتواجدون في المنطقة في هذه الفترة، لدرجة أن عشرات المقاتلين، عشرات المسلحين من أعضاء المليشيات تجمعوا ليشاهدوا هكذا كيف عاد العرب إلى جلال آباد بعد غياب حوالي شهرين، في الحقيقة هذه كانت اللحظات مرعبة بالنسبة لنا.

محمد كريشان: كيف عاد العرب كصحفيين ليس كمقاتلين؟

ماجد عبد الهادي: لأ.. لأ..

محمد كريشان: يعني.. ظنوكم مقاتلين يعني؟!!

ماجد عبد الهادي: يعني الكثيرين.. الكثيرون هناك –محمد- لا يميزون كثيراً بين أن تكون صحفي أو أن تكون مقاتل، أنت عربي، واجهناها حتى هذه مع بعض قادة الحكم المحلي في جلال آباد، كان لا يميز بين أن تكون مقاتلاً في.. في تورا بورا وبين أن تكون صحفياً عربياً جاء.. جاء لتغطية مهنية بحتة.

فيما يتعلق بفترة تورا بورا هي.. هي منطقة جبال ليس فيها أي مقومات حياة، ليس فيها أي.. أي مجال لتسكن لتعيش، لذلك في البداية كانت الطريقة التي لجأنا إليها وكل الصحفيين أننا نذهب كل يوم من.. من جلال أباد إلى تورا بورا، وهي مسافة تمتد حوالي ثمانين كيلو متر في طريق جبلي وعر، نذهب كل يوم في السادسة صباحاً ونكون في تورا بورا قبل الثامنة والنصف قبل موعد (الجزيرة هذا الصباح)، وفي المساء مع الغروب نعود إلى جلال آباد، لكن..

محمد كريشان: يومياً هذا.. هذه الوتيرة الدائمة؟

ماجد عبد الهادي: نعم، هي تستغرق بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، كما يقول تيسير، هناك المسافات لا تقاس بالكيلو مترات، المسافات تقاس بالزمن بالوقت الذي تستغرقه.

محمد كريشان: خاصةً إذا كان مسائي وبدون إضاءة يعني.

ماجد عبد الهادي: نعم، وفي المساء.. وفي المساء تزداد المخاطر بالطبع، فكنا نقطع هذا.. هذه الرحلة يومياً، وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك حاجة للمبيت في.. في المنطقة، طبعاً لا يوجد –كما قلت- أي مقومات مبيت.

محمد كريشان: كانت هناك خيام؟

ماجد عبد الهادي: استأجرنا أو اشترينا بعض الخيام، لكن الخيمة وحدها ليست مقوم حياة، أنت بحاجة..

محمد كريشان: خاصةً في تلك المنطقة برد شديد في..

ماجد عبد الهادي: نعم، بالنسبة للصحفيين الأوروبيين والغربيين، ونحن كنا أنا وزميلي المصور رياض عبود العربيين الوحيدين في المنطقة، بالنسبة للصحفيين الغربيين كانوا يتركون الخيام ليلاً ليناموا في قرى مجاورة استأجروا فيها بيوت، لكن بالنسبة لنا كنا الموضوع خطر، لا نستطيع أن نبيت في بيت في قرية، لأن.. لأن.. ربما أحدهم يتعامل معك كعربي بدون تمييز -كما أشرت- بدون تمييز بين مقاتل عربي وصحفي عربي، وهناك بعض المتعاونين مع الأميركيين، ويُبلغ الأميركيين عن وجود عرب في هذا البيت وتتعرض للقصف. لذلك نحن كنا مضطرين إما أن ننام في الخيام.. أن نبقى في الخيام، بينما الصحفيون الآخرون يذهبون إلى النوم في القرى، وإما أن نعود إلى جلال آباد والعودة إلى جلال آباد يجب أن تكون.. أن تكون فيما قبل الغروب، بعد الغروب تصبح العودة غير ممكنة إلا إذا استأجرت فريقاً كاملاً من المسلحين لحمايتك.

محمد كريشان: من بين اللقطات أيضاً كانت دائماً قفلات التقرير بالنسبة لماجد عبد الهادي تكون عادةً إما بخلفية دبابة أم بخلفية بعض الجنود، إحدى هذه القفلات لم تكن قفلة عادية بالنسبة لماجد عبد الهادي، نتابعها اللقطة الأولى لماجد عبد الهادي.

عدنان الشريف: إذا حصل الاقتحام يعني رغم كل ما قلت، هل يمكن أن نتصور قوات أميركية برية تشارك مع قوات التحالف أو مع قوات حكومة جلال أباد؟

ماجد عبد الهادي: يا عدنان [قذيفة دبابة تضرب في الخلفية] آه ألو، عدنان، هذا الاحتمال مستبعد تماماً، مستبعد تماماً، الأميركيون أكثر من يعرف دروس التجربة السوفيتية في المستنقع الأفغاني، وهم أعتقد لن يتورطوا في مثل هذه التجربة هم أيضاً أصحاب تجربة مماثلة في فيتنام كما تعرف، وليس لديهم حتى الآن.. لم ينزل الأميركيون قوات برية في المنطقة، أنزلوا بعض رجال الكوماندوز، وهؤلاء موجودون على ما أعتقد لتقديم الخبرة والقيادة والمشورة للقوات الأفغانية.

محمد كريشان: ماجد، كيف تذكر هذه اللقطة؟

ماجد عبد الهادي: نعم، يعني.. هو بدأ القصف أو نووا البدء في القصف قبل أن يبدأ البث المباشر مع (الجزيرة)، بدأوا بالاستعداد لإطلاق قذيفة قبل حوالي 5 دقائق، والحقيقة تمنيت لو يؤخروها 5 دقائق حتى تكون مع.. مع البث الحالي، لكنهم رفضوا يعني حاولت معهم، ولكنهم رفضوا، وأصروا أن الأوامر جاءت الآن للقصف سنقصف الآن، فقصفوا قذيفتين…

محمد كريشان[مقاطعاً]: أنا.. أنا ظنيت أنك رجوت (الجزيرة) تأجيل اللقاء، وليس من الجنود تأجيل.. تأجيل القصف، أسهل بالنسبة للجزيرة!!

ماجد عبد الهادي: ..فأطلقوا قذيفتين وتوقفوا، عندما جاء موعد.. موعد البث وقفت أنا وبدأت يعني في البث المباشر مع.. مع الزميل عدنان على الجزيرة، بعدما بدأت بحوالي دقيقة أو دقيقتين لاحظت أن الفنيين الذين يقفون قبالتي المصور، فني الصوت، كلهم هربوا، وبعضهم جلس في الأرض، ووضعوا أصابعهم في آذانهم، عرفت طبعاً أن.. عرفت ما يدور خلفي، يعني عرفت ما يدور..

محمد كريشان: ولكن هل.. هل توهمت مثلاً أن ربما يكون قصف ليس من الدبابة بالضرورة، يمكن يكون قصف من جهة أخرى؟

ماجد عبد الهادي: لأ.. لأ، من الحركة توقعت أن القصف يعني هو من الدبابة، والحقيقة يعني راودتني للحظة فكرة أن أهرب مثلهم أيضاً!! ولكن..

محمد كريشان: في هذه الحالة أنت الشجاع أم رفاقك الجبناء؟!

ماجد عبد الهادي: لا.. لا، أنا أُجبرت.. أُجبرت على الشجاعة!!

محمد كريشان: على كل كانت هذه الافتتاح الأولى لهذه الحلقة من خلال مصافحة أولية مع تيسير ويوسف وماجد، مع بث بعض اللقطات.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: إلى جانب الزملاء الذين غطوا وعادوا هناك زملاء آخرين مازالوا في.. في أفغانستان، سواء في قندهار، أو في كابول، أو في أماكن مختلفة، من بينهم زميلنا عبد الحق صداح، وهو الآن في قندهار، مساء الخير عبد الحق.

عبد الحق صداح: مساء النور محمد.

محمد كريشان: عبد الحق، كل عام وأنت بخير، في.. أولاً: كيف دخلت.. يعني يوسف قبل قليل تحدث عن صعوبة الدخول إلى قندهار، أنت كيف دخلت على الأقل؟

عبد الحق صداح: والله –محمد- هذه يمكن وصفها بـ "مغامرة حياتي" يعني بصراحة، أنت تعلم أنه عندما سقطت أو انسحبت طالبان من مدينة قندهار.. يعني وقعت مفارقة غريبة، بعدما كانت (الجزيرة) القناة الوحيدة الموجودة في أفغانستان قبل هذه المرحلة أصبحت القناة الوحيدة غير الموجودة في أفغانستان، فكان بالنسبة لي على الأقل تحدي شخصي أن.. أن تعود (الجزيرة) إلى قندهار، ويعلم الله ما بذلنا في سبيل ذلك من جهد وإنفاق أيضاً وتعرُّض لمخاطر جمة، ممكن أن أسرد لك بسرعة، يا محمد إذا شئت.

محمد كريشان: نعم، يعني عدِّدها أنت كنت عندما عُدت.. عُدت مع.. مع يوسف، أليس كذلك؟

عبد الحق صداح: أي نعم، إحنا كنا.. كانت (الجزيرة) موجودة في (سبين بولدك)، حتى الأيام الأخيرة لسقوط المدينة أو ليلة سقوط المدينة. لكن مدينة قندهار تحديداً قمنا بمحاولة يعني غريبة جداً، اتفقنا مع جماعة من المهربين على أساس مقابل مبلغ مالي معين يأخذونا بحراسة خمسة مسلحين، لكن الذي حدث في الطريق أن هؤلاء المنافقين المفروض الذين يحموننا طالبوننا.. طالبونا بأموال أكثر من التي اتفقنا عليها، فبالطبع امتنعت عن دفع هذه الأموال، لعلمي بأنه إذا دفعت ما يطلبون فأكيد أنهم سيأخذون كل ما بحوذتي، فالذي حصل أننا..

محمد كريشان: يبدو عندك.. يبدو عندك خبرة في التعامل مع المهربين عبد الحق!!!

عبد الحق صداح: لأ، يعني يبدو لي الحاجة أم الاختراع يا محمد، فالذي حصل أنهم تركوني.. أنزلوني على مشارف مدينة قندهار بأمتعتي، وكانت كثيرة، وقالوا لي: الآن تصرَّف بنفسك، وأنت عربي ومن (الجزيرة)، أكيد سيمزقونك إرباً إن وجدوك، وسيعتقدون بأنك من تنظيم القاعدة، على كل حال أخذوا المبلغ الفائض الذي كان في جيبي، وحينئذٍ من حُسن المصادفات، وربما أن الله سبحانه وتعالى ساق هؤلاء الناس إلي، كانت قافلة قادمة من "بولدك" فيها ما نائب حاكم المدينة أحمد جال وكانت قافلة من حوالي ثلاثمائة سيارة جاءوا ليهنئوا (غول أغا) حاكم مدينة قندهار بمناسبة العيد السعيد، فأخذوني بحوزتهم، لما وصلت إلى مبنى الحاكم كان علي أن أتصرف أن أتظاهر حتى ألفت الانتباه لوجودي، فأخذت الكاميرا وأخذت أصور مع أني لم أصور في حياتي من قبل!! حينئذٍ أتى أحد بروتوكول (غول أغا) من أنت؟ قلت: أنا من (الجزيرة). فأخذني أحد المسلحين من صدري، وعزلني في زاوية، وكاد يهم في فعل شيء ربما لا أدري عواقبه، لكن لحسن الحظ أن (غول أغا) انتبه للمشهد، وطلب مني الاقتراب منه، وحينئذٍ تحولت من صحفي إلى مفاوض، وكنت أفاوض باسم (الجزيرة)، وقلت له بصريح العبارة: أننا لسنا معنيين بهذه الحرب بصورة شخصية ومباشرة، ولا يهمنا فيها.. فيها المنتصر أو المنهزم، أهم الذي يهمنا هو..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني عفواً عبد الحق، يعني في إحدى المرات سألتك من خلال الهاتف، وكنا نعد لنشرة، من باب السذاجة سألتك عن الإقامة، قلت أنك تقيم مع مجموعة من الصحفيين، فسألتك: يعني تقيمون في فيلا مع.. مع بعض؟ فقلت: يعني تقصد في إسطبل مع بعض، يعني باختصار، ماذا عن ظروف الإقامة، قبل أن نمر إلى ميا بيضون ومحمد صافي وهم بالانتظار على الخط؟

عبد الحق صداح: يعني الحقيقة –محمد- إذا شئت المعتصر من مختصر القول ظروف الإقامة أقسى من القسوة بنفسها. فالحقيقة أنا الآن أقطن مع مرافقي الأمين أحد الأفغان مساعدي في عملي هنا، نقطن في غرفة مساحتها مترين على مترين، يعني بالكاد تسعنا وبالكاد تسعنا مع الأمتعة، ونُقضي الليل أنا ومرافقي نتعارك على البطانية تارة ونتعارك مع الأواني التي تحيطنا من كل جانب، ضِف إلى هذا يعني أنه المكان غير نظيف، ولكن الأخطر ما في الأمر محمد هو أنه لا يمكنك أن تخرج أنفك إلى خارج هذه البناية دون أن تصحب بحارسين وإلا سيقتل.. صراحة، لكونك فقط عربي أو من (الجزيرة).

محمد كريشان: عبد الحق صداح، نتمنى لك كل توفيق، وشكراً لتحملك لكل هذه المشاق من أجل وصول المعلومة للسادة المشاهدين.

معنا محمد صافي من كابول، محمد، هل تعتبر إلى حدٍ ما محظوظ، لأنك وصلت بعد انتهاء المعارك تقريباً، وربما تقيم أو بالتأكيد ربما تقيم في ظروف أفضل بكثير مما كان يرويه الآن عبد الحق؟

محمد صافي: محمد، الظروف التي مر بها الوجود العربي هنا بعد دخول قوات الجبهة المتحدة كانت ظروفاً صعباً للغاية، وجئنا في هذه الظروف التي كانت ترفض أي عربي، وتنظر إليه على أنه متعاون من القاعدة، الالتزام الذي تميزت به (الجزيرة) في السابق، طبعاً الأخ تيسير في تغطيته للأحداث من كابول خرج في ظروف معينة اضطرته للخروج، التزام (الجزيرة) بالتغطية الصحفية الملتزمة، سواء من قبل الأخ تيسير أو من قبل المراسلين الآخرين، زياراتنا للمناطق التي كان يسيطر عليها.. تسيطر عليها الجبهة المتحدة، لقاءاتنا بالأخ أحمد شاه مسعود، وبالقادة المسؤولين في الشمال، والقليل من اللغة الفارسية التي ينطقها أهل هذه البلاد مكّن من –بعد توفيق الله- مكّن من كسر الحواجز الرهيبة التي كانت موجودة هناك، يعني لا.. لا يتصور أحد أن الموجودين في كابول محظوظون في.. في حفل التنصيب كان هناك شجار إلى حدٍ ما، كانت (الجزيرة) مع أنه كان عندنا بطاقة للدخول إلى التصوير كانت (الجزيرة) القناة الوحيدة التي مُنعت من الدخول إلى حفل تنصيب الإدارة الانتقالية، بعد شد وجذب وتفتيش على القنابل والأسلحة وكذا دخلنا، ولكن مع هذا بالتعاون والتعامل والروح.. والروح التي وجدناها عند كثير من قطاعات الشعب الأفغاني هنا مازالت تكن للجزيرة احتراماً كبيراً، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، تذللت هذه الصعاب وأصبحت (الجزيرة) الآن داخل كابول، وداخل الإدارة الانتقالية، وداخل الجبهة المتحدة تُدعى لوحدها لتغطية الأحداث المتميزة ولتغطية اللقاءات التي تختص بها من غيرها فالانتقال لم يكن سهل، تطلَّب الكثير من الجهد، تطلَّب الكثير من المصداقية، وكنا حرصنا على المصداقية في نقل الأحداث، لأن.. لأن الصحفي عندنا يمالئ طرفاً معيناً، فالطرف الآخر لا يحترمه، لأنه يعرف أنه لا يقول الحقيقة، محمد.

محمد كريشان: شكراً محمد نتمنى لك التوفيق.

معنا أخيراً ميا.. ميا، ربما لم يكن من السهل بالنسبة لآنسة أو سيدة عربية أن تتجه إلى تغطية الأحداث، باختصار شديد، كيف كان التفاعل معك هناك على الصعيد الشعبي كامرأة عربية وصحفية؟

ميا بيضون: محمد، التصرف معي كان جيد جداً هنا، خاصة بالنسبة إلى المسؤولين، فهم حريصون أن يظهروا بأنهم يحترمون المرأة ويكنّون لها مكان خاص، فأنا عندما أذهب لألتقي بأي مسئول، أشعر بأن هناك معاملة خاصة لي، لأني.. لأني امرأة.

وكذلك بالنسبة للشعب فأنا دخلت بيوت الأفغان، وهنا معروف أن دخول بيوت الأفغانيين صعب جداً، خاصة إذا كانت معك كاميرا، إلا أني أظن لأني.. لأني امرأة استطعت أن أدخل بيوت الأفغانيين، واستطعت أن أصور داخل البيوت، محمد.

محمد كريشان: شكراً لكِ ميا، نتمنى لكم جميعاً التوفيق.

نعود لضيوفنا، قبل أن نعود لتيسير لنتابع هذه اللقطة الثانية من ضمن التغطيات التي قام بها تيسير، اللقطة الثانية لتيسير، فريد.

تيسير علّوني: لا نُرجِّح أن الطيران الأميركي شارك في هذه العملية. نعم، ..يعني.. كثافة الطيران التي جاءت أنا أرجِّح أنها يعني بضع طائرات قد لا يزيد عددها عن العشر أو يقل.. بالتأكيد يقل عن عشر طائرات، أرجِّح أيضاً أن بعض الصواريخ أُطلقت ضد العاصمة الأفغانية كابول، لعل مشاهدو الجزيرة الآن يستمعون إلى إطلاق النار يصدر من المضادات الأرضية لطالبان، سنوافيكم بالتطورات حال حدوثها، نحن مستعدون الآن للتغطية طوال الليل، نرجو أن يكون.. أن يقف الأمر عند هذا الحد.

محمد كريشان: نعم، تيسير، يعني يبدو ليس فقط في كابول، هناك أخبار عن أن انفجارات أيضاً سُمعت في.. في قندهار في جنوب أفغانستان، ونرجو أيضاً الصورة تكون لديك واضحة الآن فيما يتعلق بما قاله الرئيس الأميركي (جورج بوش)، وسيلقي أيضاً (توني بلير) كلمة لاشك بأنها ستصب في نفس الاتجاه بالتأكيد.. [نهاية اللقطة].

محمد كريشان: تيسير كانت ليلة شهيرة من على سطح مكتب (الجزيرة)، للأسف هذا السطح الآن تهاوى بطبيعة الحال.

تيسير علّوني: نعم.

محمد كريشان: كيف تذكر هذه الليلة الأولى؟

تيسير علّوني: الحقيقة يعني أكثر ما أذكره عن هذه الليلة يعني هو طبعاً كان مسألة الخوف أو الرعب الذي كان يعني يسكننا في.. في تلك اللحظات، وبدأ حقيقة بدأ ينقشع، طبعاً قبل هذه العملية عملية القصف التي كانت جرت للتو أثناء هذه المقابلة، سبقتها.. سبقها هجوم لطائرتي هليكوبتر هاجمتا مطار.. مطار كابول، واعتقدنا يعني الضربة الأميركية بدأت، لكن الحقيقة يعني بعد حين اكتشفنا أن هذه هي طائرتي هليكوبتر فعلتا ما فعلتا يعني من قصف محدود الأثر على مطار كابول، عادت إلينا الهواجس في الأيام التالية حول –كما قلت- حجم وكيفية الضربة الأميركية، لكن الآن أنا أتذكر يعني كنت الحقيقة لا أعرف ماذا.. يعني ماذا يجري في.. في أماكن أخرى، شكرت لك في أعماقي يعني في سري أنك أعطيتني ما يحصل في قندهار.. أن أكدت لي من خلال المؤتمر الذي كان سيعقده بلير أو.. أو بوش أن هذه فعلاً هي الضربة الأميركية، كنت أحاول أن أصف ما يجري..

محمد كريشان: يعني كنت تتابع، لكن لم تكن مستوعب بأن هي بداية الحرب حقيقة.

تيسير علوني: الحقيقة لم أكن مستوعب، وكنت أتمنى عليك يعني في سري أقول يعني لعل محمد يعطيني ما يوجد من أخبار في.. في الخارج يعني في العالم، أظن يعني كنا نياماً أو نستعد للنوم، لم نكن نتابع الأخبار حين حصل ما حصل، ففعلاً كنت أتمنى في سري أقول لعل محمد يعطيني ما يجري في الخارج، أنت أكدت لي فعلاً أنها كانت هذه يعني بداية الضربة رغم ما رأيته أنا بنفسي من غارات، من انفجارات مما حصل هناك في كابول.

محمد كريشان: تيسير، وصلتنا مجموعة من الأسئلة موجهة لك ولبقية الزملاء سنعود إليها بالتفصيل وربما أيضاً من خلال المكالمات الهاتفية، ولكن أشار قبل قليل محمد صافي إلى الدور الذي قمت به وقام به المكتب، هل تعتقد بأنك أنشأت من العلاقات هناك ما مهد الطريق لعمل الفريق، ولو أن المعطيات السياسية تغيرت؟ هل شبكة العلاقات لم تكن فقط مع الطالبان كحكومة؟ هل كانت مع –أيضاً- قطاعات واسعة من المجتمع؟

تيسير علوني: الحقيقة نعم، كانت لنا علاقات كثيرة مع كثير من مواطني كابول، يعني أنا أستطيع أن أذكر لزميلي محمد صافي أو الزميلة ميا بيضون يعني أذكر لها أماكن وأشخاص يستطيعوا يعني الذهاب إليهم والاستفادة طبعاً من.. من العلاقة الطبية التي أنشأها مكتب (الجزيرة) (…)…

محمد كريشان: يقولوا بعثنا تيسير يعني!

تيسير علوني: ممكن يعني ممكن نعم، لكن لا.. ليسوا بحاجة، ليذكروا اسم (الجزيرة) فقط. الأمر الآخر هو الحقيقة يعي كان هناك عامل سلبي أثر على.. على محمد صافي وميا بيضون وكل من يدخل يعني من (الجزيرة)، الحقيقة مسألة اغتيال القائد أحمد شاه مسعود على يد اثنين من الصحفيين العرب الحقيقة يعني عبّأ الناس ضد العرب عموماً، و (الجزيرة) معروف أنها قناة عربية، لذلك هذا أثر تأثيراً كبيراً على شبكة علاقات (الجزيرة) التي.. يعني هذه شبكة العلاقات الناس أصبحت تنظر إلى الجزيرة على أنها جزء من الكيان العربي الموجود هناك، وجزء من نفذ تلك العملية ضد القائد مسعود، فالحقيقة يعني كانت تراجعاً، لكن الزملاء في.. في كابول يبدو أنهم لم يقصروا في إعادة تأهيل –إن صح التعبير- إعادة بناء هذه الشبكة من العلاقات الطيبة سواء مع الناس أو المسؤولين في كابول.

محمد كريشان: اللقطة التي أشرنا إليها مع يوسف الشولي قبل قليل، المرأة خديجة ربما تكون جاهزة الآن نتابعها سوياً ثم يعلق عليها يوسف.

يوسف الشولي: خديجة جلبت لنا ملابس ونسخاً من المصحف الشريف وقد أكلتها النيران، ولم تنسى أشلاء زوجها التي احتفظت بها في هذه الصرة، وما أن فتحتها حتى أصيبت بنوبة صراع. خديجة لم تفقد زوجها فقط بل إخوانها الخمسة، ما حصل من خديجة حصل من آخرين لم نتمكن من رؤيتهم.

محمد كريشان: يوسف كيف تذكر هذه اللقطة.

يوسف الشولي: هذه الحقيقة كانت في مخيم يقع بين "سبين بولدك" وقندهار، ذهبنا لتصوير المخيم فيه عدد كبير جداً من اللاجئين معظمهم كانوا قادمين من منطقة قندوز بعد سقوط كابول، هذه المرأة كانت من منطقة قندوز قادمة.

محمد كريشان: اسمها.. اسمها خديجة.

يوسف الشولي: اسمها خديجة، المشكلة في خديجة أنها فقدت ليس أخوها، ليس زوجها فقط، خمسة من إخوتها وزوجها، وتعيش..

محمد كريشان: في نفس الموقع؟

يوسف الشولي: في نفس الموقع، في بيتهم، معظم العائلات في أفغانستان تسكن معظمها في بيت واحد، فيبدو أن البيت قصف فقتل الخمسة وزوجها في نفس الموقع، هي حملت أشلاء زوجها و أحضرتهم معها، وحتى بعض الأثاث لأنه ما عندهاش أثاث كثير، أطفالها الصغار كانوا موجودين معها اللي عندما شافوها في نوبة الصراع هذه أخذو بالبكاء –فعلاً- العميق.

المشكلة إنه لم يكن موجود عنهم أهقل، أي نوع من أنواع الأكل لم يكن موجود عندهم، حتى منظمات الإغاثة التي كانت بدأت في تلك الفترة بتقديم المساعدات الغذائية للاجئين لم تكن قد حصرت أسماء والعائلات أو الناس المحتاجين، فكان المصور سامي معي، وكان لحُسن الحظ يحمل بعض المواد التموينية الذي حضرناها كي نفطر بها في تلك اليوم، لأن كان الموضوع في أثناء رمضان، فأعطاها وليس هي.. هي هي لم تكن.. أعطى الأولاد كل ما يملك من المواد الغذائية التي حضرنا بها، كما أن الأفغاني الذي كان يرافقنا وهو حفظ الله، حميد حفظ الله، أيضاً كل ما كان بحوزته أعطاه إلى هذه الفتاة فعلاً أو لهذه المرأة، إلا أنه كان منظر فعلاً مؤثر جداً جداً جداً.

مصاعب التغطية الإعلامية وكيف تمت مواجهتها

محمد كريشان: مؤثر جداً، بالنسبة لتيسير وبالنسبة ليوسف نفس الشيء، يعني كانت لكم إمكانية إجراء اتصالات مع الناس، الالتقاء بالناس في الشارع، بالنسبة لماجد الوضع كان مختلف، كان معزول، لكم يكن من السهل إجراء مقابلات مع المقاتلين، ولكنه مع ذلك ماجد ابتكر طريقة طريفة إلى حدٍ ما في الاتصال بالناس ومحاولة إدماج ذلك في التقرير، نتابع هذه اللقطة الثانية لماجد عبد الهادي.

ماجد عبد الهادي: ومن جانبهم أكد رجال تنظيم القاعدة في اتصال أجرته الجزيرة معهم عبر جهاز اللاسلكي أنهم أوقعوا عدداً كبيراً من القتلى في صفوف القوات الأفغانية المهاجمة..

محمد كريشان: ماجد كيف خطرت على بالك هذه الفكرة؟

ماجد عبد الهادي: نعم، يعني مشكلة أو ثغرة التغطية الإعلامية عموماً لهذه الحرب كما كنت أراها من هناك أن مصدر المعلومات فيها هو أحد طرفيها، على الأقل فيما يتعلق بالوضع الميداني على الأرض وليس وضع القصف الجوي، فيما يتعلق بالحرب التي تشنها قوات حكام جلال آباد ضد تنظيم القاعدة على الأرض، كان هناك مصدر معلومات واحد هو قادة هذه القوات، لم تكن تتوفر معلومات من الطرف الآخر، أعني جماعة القاعدة، مع ذلك كنت أستمع في أجهزة الاتصالات التي يحملها مقاتلوا جلال آباد، المقاتلون الأفغان، أستمع أحياناً إلى بعض العبارات العربية التي تلتقط من.. من أحاديث أو من اتصالات رجال القاعدة، ففكرت بالفعل في أ أسألهم ولكني ترددت في البداية خوفاً من أن يحسب ذلك على أنه نوع من الاتصال في القاعدة، ولكني في.. في الأخيرة قررت.. قررت استخدام هذه الطريقة، طلبت من أحد المقاتلين أن يعطيني الجهاز لكي أحاول الاتصال معهم، تشكل نوع من الحماية أو الحصانة للموضوع بأنه تجمع الصحفيون الغربيون لتصوير هذه المكالمة التي أجريتها معهم، في البداية رفضوا رفضوا الحديث، رفضوا الإدلاء بتصريح، ولكن يبدو أنهم عندما تأكدوا أنني بالفعل يعني مراسل (الجزيرة).

محمد كريشان: يعني استرابو قليلاً في..

ماجد عبد الهادي: استرابو ورفضوا في البداية فأعدت الجهاز للمقاتل الأفغاني، ولكن بعد حوالي الساعة عاد لي.. عاد يركض إلىَّ ويقول: أن مقاتلي القاعدة في.. في الجبل طلبوك تحديداً، سألوا عن مراسل الجزيرة، تحدثت إليهم، كانت أحاديثهم مقتضبة وحذرة، لكني بعد ذلك يعني أصبحت هذه وسيلة اتصال يومي، وأحياناً أصبحوا هم يطلبونني من أي مقاتل موجود في المنطقة.

محمد كريشان: يعطوك المعلومات.

ماجد عبد الهادي: نريد أن نتحدث مع مراسل الجزيرة، يأتيني أي مقاتل ويعطيني الجهاز اللاسلكي لأتصل بهم.

محمد كريشان: نعم، عديد من السادة المشاهدين ينتظرون الآن، يعني لو سمحت فريد لو نبدأ بأحمد السعدون في أميركا، هل هو جاهز؟ أحمد السعدون من.. من أميركا يتفضل.

أحمد السعدون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

أحمد السعدون: أحيي إذاعة (الجزيرة) على برامجها الفاخرة وعلى شجاعة مراسلي.

محمد كريشان: سيد سعدون، لو تكرمت لو.. لو تخفض قليلاً صوت جهاز التليفزيون الذي جنبك حتى لا يؤثر على نوعية الصوت.

أحمد السعدون: آه، نعم.

محمد كريشان: تفضل سيدي.

أحمد السعدون: وأحيي أيضاً شجاعة مراسلي (الجزيرة) في أفغانستان، أريد أخبركم بأني أصبح لي تقريباً 40 سنة في أميركا وأنا يعني كل شيء متأثر بمحطة (الجزيرة) وعلى برامجها لأول مرة أشاهد مثل هذه الأخبار من الشرق الأوسط في الوقت الحاضر.

محمد كريشان: نعم، سيد.. سيد أحمد يعني عفواً يعني على المقاطعة، نشكرك على هذا المشاعر الطيبة، هل لديك سؤال محدد لأي من الزملاء، أو.. أو بشكل عام؟

أحمد السعدون: والله هو هذا كان جاي على هذا السؤال: أنه هل ممكن ندعي مراسليكم هنا إلى أميركا، ويجون يتحدثون هنا في.. في ليس فقط مع الجالية العربية بس والأميركية، وفي الجامعات، وفي المنظمات اللي صراحة لهم القابلية أنه يتكلمون ويخاطبون الشعب الأميركي على الجرائم القائمة في الشرق الأوسط وفي أفغانستان؟ وأنا بس أشاهدكم الآن وقاعد أحضر رسالة إلى محرر جريدة هنا في (هيوستن تكساس) اللي أنا عايش فيها، وهي حجمها رقم 9 في أميركا، وأحضر هذه الرسالة حتى أبعثها لهم.

محمد كريشان: نعم سيد.. سيد أحمد سعدون، شكراً جزيلاً، على كل بإمكانك استعمال رقم الفاكس الذي نظهره من حين إلى آخر حتى ترسل هذه الدعوة الكريمة وشكراً جزيلاً. سيد حميد مرسد السعودية تفضل.. سيد حميد ربما ليس جاهزاً، عمر المُلا من قطر.

عمر الملا: سيدي.

محمد كريشان: سيد عمر، تفضل.

عمر الملا: آلو، السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

عمر الملا: تحية لأبطال (الجزيرة) كلهم الموجودين عندك من..

محمد كريشان: أهلاً وسهلاً، شكراً.

عمر الملا: وحبيت أسأل سؤالين بسيطين للأخ تيسير علوني بحكم خبرته في كابول، وهو أجرى مقابلات مع بن لادن، هو أجرى بالأحرى مقابلة مع بن لادن، السؤال الأول: ما مدى مصداقية الشريط الذي عُرض من خلال القنوات الأميركية عن بن لادن؟ هل هو صحيح أم لا؟ والسؤال الثاني: في آخر شريط عُرض (للجزيرة) عن بن لادن لم يحرك يده اليسرى، هل يده يعني مصابة بشيء معين؟ بحكم خبرته هو أجرى مقابلة معاه، وشكراً.

محمد كريشان: شكراً سيد عمر، تفضل تيسير.

تيسير علوني: نعم بالنسبة لمصداقية الشريط الذي عرضته الإدارة الأميركية، أنا شخصياً لا أحد ما يمنع من كون الشريط صحيحاً لكن السؤال الذي تردد كثيراً يعني هو: ما هو هدف الإدارة الأميركية من عرض هذا الشريط إذا كانت الإدارة الأميركية قد حاكمت وأدانت وحكمت ونفذت الحكم؟ الحقيقة يعني ما أظن يعني ما.. أنا ما رأيت سبباً لنشر هذا الشريط سوى أن الإدارة الأميركية نشرته للاستهلاك الداخلي حتى تصور أسامة بن لادن على أنه يعني إنسان يقتل الناس بدم بارد. بالنسبة للشريط الأخير وعدم تحريك اليد اليسرى الحقيقة لم.. يعني لم ألاحظ هذا كثيراً، يعني قصة تحريك اليد اليسرى لم أهتم بها مطلقاً، إنما اهتممت بمحتوى الشريط، ما قاله الرجل.

محمد كريشان: نعم، من ضمن الأسئلة الموجهة إليك تيسير من خلال الإنترنت، سؤال موجه لك ولبقية الزملاء، هل كان هناك بعض الضحايا الأميركيين وتم تسجيلهم ولكن لم تبث هذه اللقطات، لأن هناك.. كانت هناك ضغوط كما يقولون في.. في استفسار أحد السادة المشاهدين.

تيسير علوني: إذن هذا يُحال على زميلي أبو حسين.. يوسف، لأنه كان في منطقة المواجهة الحقيقة، المواجهة الحقيقية في قندهار مع الأميركيين.

محمد كريشان: يوسف، يعني هل.. هل شاهدت، يعني ممكن صورت وممكن لم تصور، ولكن هل.. هل تابعت؟

يوسف الشولي: حقيقة شاهدنا آثار دماء بعد سقوط طائرتين أميركيتين في مناطق قندهار، لكن آثار الدماء لم تظهر على الكاميرا، لأنه تعرف ذهبنا بعد مرور حوالي 12 ساعة على الحادث، وكان الجو.. الأجواء الجوية لا تسمح بقاء الآثار كما هي على الأرض. من خلال الأسئلة التي طرحناها على من كانوا موجودين في تلك المناطق قالوا أن سقط قتلى من بين الأميركيين، أين الجثث؟ لا توجد جثث، لأنه هو يوجد كما المتابع يعرف أن القوات الأميركية يوجد فريق.. فرق الإنقاذ كان ما يتمركز في أوزباكستان، يتكون من 1200 جندي أميركي، هدفهم فقط الذهاب لانتشال أي طائرة أو أي جثة تقع.. عندما سألنا المسؤولين والمحللين والمختصين بهذا الموضوع قالوا: أن طائرة الهليوكوبتر عندما تسقط يكون من بين ضحاياها بين 20 إلى.. إلى 50 قتيل على الأقل، الطائرتين اللي سقطت طائرات هليوكوبتر في تلك المنطقة في قندهار، بتختلف عن الطائرة المقاتلة، الطائرة المقاتلة عندما تسقط يكون فيها قتيل واحد أو قتيلين، أو لا قتيل لأنه يجري بالمظلة، إنما الطائرات الهليوكوبتر أي خلل فني يحدث في الطائرة وهي في الجو معظم ما فيها يكونون يا إما قتلى أو جرحى بجروح مختلفة، فهذا تفسير.. هذا الحدث.

محمد كريشان: كان هذا السؤال من محمد خليل نصر الله لم يذكر من أي بلد، وأتوجه بالسؤال إلى ماجد أيضاً سنطرحه عنه..، أيضاً بعض الأسئلة تتحدث حتى كانت هناك محاولات هددت سلامة المراسلين.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ماجد، كير من أسئلة السادة المشاهدين عبر الفاكس ومن خلال الإنترنت تسأل إن كنت تعتقد بأن فعلاً معركة تورا بورا انتهت، أم هل يمكن أن تكون هناك بعض الجيوب مازالت تقاوم ولا تحظى بالتغطية الإعلامية للأزمة؟

ماجد عبد الهادي: لا تماماً، أنا أعتقد أن المعركة انتهت، لم يعد.. لم يعد هناك حتى جيوب، يعني جميع من في القاعدة إما قتلوا أو ألقي القبض عليهم جرحى، لم يستسلم أحد منهم، بعضهم ربما يكون استطاع التسلل إلى مناطق أخرى، وأشير هنا إلى السؤال المتعلق بالأميركيين لأنه مرتبط إلى حدٍ ما إجابته بهذا السؤال، الأميركيون خاضوا هذه الحرب بالقصف الجوي في المنطقة، ولم تنزل قواتهم على الأرض إلا.. إلا بعد ما تيقنوا من أن تنظيم القاعدة أو العرب الأفغان في الجبل الأبيض انتهوا، في اليوم الذي انتهى فيه تنظيم القاعدة شوهدت القوات الأميركية البرية على الأرض وهي لم تتعرض على الإطلاق لأي مواجهة، لأي إصابة، لأي.. لأي لأي معركة وجود القوات البرية ونزول الكوماندوز الأميركيين لتفتيش الكهوف في الجبل الأبيض كان مؤشراً أخيراً أو نهائي –على ما أعتقد- على انتهاء المعركة في تورا بورا.

محمد كريشان: ضمن الأسئلة التي وصلتنا والسؤال موجه إلى تيسير، وهناك مكالمات تنتظر، لكن بسرعة تيسير سؤال من وصل الجابري من المدينة المنورة يسأل عن رأيك في: هل صحيح بأن الشعب الأفغاني شعب مثقف ثقافة حربية دموية كما يشاع؟ وإلى أي مدى هذا أثر في.. في مجريات الأمور؟

تيسير علوني: الحقيقة يعني حربية دموية يعني التعبير قد يكون قاسياً قليلاً، يعني حربية دموية، الشعب تعرض للاحتلال منذ نهاية السبعينات طبعاً، وخاض –دعنا نقول- حرب تحرير ضد السوفييت ومن بعدها ضد النظام الشيوعي، بعدها وقعت الفتنة يعني بين فصائل الشعب الأفغاني، وتخلل ذلك من وقوع الشعب الأفغاني في دائرة الفقر الشديد، يعني الشعب الأفغاني منذ فترة طويلة يعيش تحت عتبة الفقر، فمسألة يعني ثقافة حربية دموية قد يكون فيها بعض القسوة، إنما هي الضرورة التي أملت على الأفغان يعني هذه الأخلاقيات التي رأيناها في الآونة الأخيرة.

محمد كريشان: تيسير، سؤالان متناقضان والاثنان عن.. عن حركة طالبان، الأول من ناصر الحريص من السعودية يسأل، للأمانة والتاريخ، يعني يسأل بالنسبة لتسير: ألا تعتقد بأن الأفغان سيندمون يوماً على التفريط في حركة طالبان؟ وسؤال آخر مختلف، ولكن للأسف لا يتضح اسم المرسل، يقول: هل تعتقد بأن طالبان تستحق ما حصل لها؟ إذن السؤال ونقيضه تقريباً. ما رأيك بسرعة تيسير؟

تيسير علوني: في الحقيقة أنا كنت أقول أن الأفغان سيبكون دماً على حركة طالبان، لأنه يعني هذا رأيي الشخصي يعني من واقع ما رأيته من انعدام الأمن بمجرد زوال حركة طالبان وانسحابها هذا الانسحاب السريع والمفاجئ من تلك المناطق، انسحابها من كل أفغانستان عملياً، وبعدها من مدينة قندهار.

بالنسبة لحركة طالبان، تستحق حركة طالبان ما حصل لها، الحقيقة يعني حركة طالبان واجهت أو بالأحرى اتخذت موقفاً كانت تعرف ما هو الثمن الذي سيترتب على هذا الموقف، صمدت وأصرت على موقفها، ودفعت الثمن، هذا ما أستطيع أن أقوله قصة أنها تستحق أولاً تستحق هذا.

محمد كريشان: ربما التاريخ هو الذي سيحكم بشكل ربما أفضل.

تيسير علوني: يحكم، نعم التاريخ سيحكم (…) إنما هي.

محمد كريشان: لأنه.. لأنه الصحفي في النهاية يظل ناقل للوقائع ويحاول قدر الإمكان أن يكون متوازناً في.. في نقله. نأخذ بعض المكالمات السيد منصوري، عبد العزيز المنصوري من الإمارات، تفضل سيدي.

عبد العزيز المنصوري: السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

عبد العزيز منصوري: الشكر لقطر وكل أهل قطر لتحمل هذه المسؤولية الكبيرة التي تتكون من جميع أنحاء العالم سواء عرب أو غير عرب يواجهون.. تواجه مشاكل بسبب قناة (الجزيرة)، والشكر لكم من يعمل في قناة (الجزيرة) من طلال الحاج ومحمد العلمي، ويوسف، وأكرم خزام وغيرهم ممن يعمل سواءً نراهم أولا نراهم.

محمد كريشان: أكرم.. أكرم خزام أيضاً معنا؟

عبد العزيز المنصوري: كل اللي في قناة (الجزيرة) وكلهم.

محمد كريشان: كلنا، يا سيدي، بارك الله.. بارك الله.

عبد العزيز المنصوري: والذين.. والذين يأتون حقاً يأتون بالقضية من كل اتجاهات، ليس كبعض القنوات العربية التي تأتي بالقضية من اتجاه واحد مما يرضي الأمراء والذين يدعمونهم مادياً، وقد رأينا كثير من قنوات تشوه في صورة الشيخ أسامة بن لادن وطالبان وغيرها من قضايا.

محمد كريشان: شكراً سيد منصوري، هل لديك سؤال لأحد الزملاء؟

عبد العزيز المنصوري: سؤال.. سؤال من شقين باختصار شديد.

محمد كريشان: نعم، تفضل.

عبد العزيز المنصوري: هل.. هل أسامة بن لادن من الناحية العسكرية هل له قادة جيدين ومناورين وجنود؟ وكم عددهم؟ ومن الناحية الاقتصادية هل له المال الكافي للمواجهة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: لو تكرمت تعيد السؤال، لم يكن واضحاً، بالنسبة للسؤال ما هو بالضبط؟

عبد العزيز المنصوري: هل الشيخ أسامة بن لادن له جنود وقادة عسكريين مناوئين؟ ولكم عدد جنوده؟ وهل لأسامة المال الكافي للمواجهة أمام الأعداء الأميركان؟ وشكراً، وكل عام وأنتم بخير.

محمد كريشان: شكراً، شكراً سيدي، كل عام وأنت بخير، السيد نفيسة أرجو، عبد الإله النفيسة من السعودية، تفضل سيدي.

عبد الإله النفيسة، السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

عبد الإله النفيسة: تحية خاصة للمجاهد البطل، لقائد الإعلام العربي الذي نقل صوت الحق الأستاذ تيسير علوني، أخبرك أنني أحبك في الله.

تيسير علوني: وهؤلاء يعني.. الله يسامحك.

محمد كريشان: يعني طلع.. طلع تيسير مجاهد وإحنا يعني طلعنا!!

عبدا لله النفسية: المجاهد العربي، نقل صوت الحق من كابول.

محمد كريشان: بارك الله فيك، تفضل سيدي.

عبد الإله النفيسة: إلى جميع المسلمين في شتى أنحاء العالم، وأتمنى أن تيسير على هذا الدرب يا أخ تيسير.

محمد كريشان: شكراً، على كل سيد نفيسة، يعني كثير من الفاكسات التي وصلت، والكثير من عبر شبكة الـ E-mail كانت تشيد بتيسير وبيوسف وبماجد، ولكن أنا يعني كنت أنانياً لم أشأ أن.. أن أستعرض هذه الأشياء كلها حتى لا يُصاب الزملاء بالغرور، ويظل موقفي..

تيسير علوني: في حقيقة أنا جيت..

محمد كريشان: يظل موقفي ضعيف أنا في هذه.. في هذه الحلقة..

تيسير علوني: نعم بهذه.. بهذه المناسبة أحببت أن أعلق على موضوع، يعني موضوع تيسير الحقيقة أنا يعني حين وصل بقية الزملاء أنا كنت قطعت شوطاً، يعني هم بدأوا.. بدأوا من الصفر، أنا بدأت من مرحلة متقدمة، مرحلة متقدمة يعني هذا يعني التعرف على المجتمع الأفغاني الذي هو مجتمع له خصوصية غريبة ونادرة أحياناً، التأقلم مع هذا المجتمع يعني يتطلب –الحقيقة- بذل جهد، فأنا بذلت هذا الجهد، تأقلمت، قطعت هذه المرحلة، بدأت بمعايشة ظروف الحرب، بينما جميع الزملاء الذين دخلوا بعدي كان عليهم أن.. أن يقطعوا هاتين المرحلتين، وبالتالي كان عليهم أن يبذلوا جهداً مضاعفاً، جهداً يفوق بكثير ما بذلته أنا من جهد، لذلك يعني يبدو أن بعض الإخوة المشاهدين يعني يقعون في هذا الخطأ، خطأ التقليل، بل تضخيم ما فعلته أنا والتقليل من شأن ما فعله زملائي، الحقيقة يعني زملائي فعلوا يعني شيئاً لا يقل أبداً وبأيَّة حال من الأحوال عما فعلته أنا، والزملاء الذين لا يزالون الآن في أفغانستان يعانون معاناة كبيرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.

محمد كريشان: هذا على كل تواضع منك تيسير يعني.

تيسير علوني: ليس تواضع أبداً، لا لا أبداً، هذا ما حصل.

الهاجس الأمني وكيف تغلب عليه المراسلون

محمد كريشان: هاجس.. هاجس الأمن الشخصي أريد أن أسأل كل واحد منكم، يعني هل شعر منكم –وهذا شعور إنساني، كل واحد لديه زوجة ولديه أطفال، ولديه مسوؤليات- هل في أي لحظة من اللحظات شعرتم بالندم أنكم في هذا الموقع، شعرتم بالخوف، شعرتم بـ حتى محاولة تقريع النفس وجلد النفس؟ يعني ما الذي أتي بي لهذه البلاد حتى أغطي الحرب؟ هذا الجانب الإنساني المشروع في.. في حياة كل إنسان كيف شعرت به تيسير؟

تيسير علوني: الحقيقة بالنسبة لهذا الشعور بالذات يعي كان –محمد- قبل الحرب، لكن بعد أن بدأت الحرب وبدأ القصف بدأ يتقلص هذا الشعور، بدأنا نتأقلم ونتكيف مع هذه الحياة، كنا أحياناً يعني ما.. لا نعرف إن كان يصح أن أقول أو لا يصح، كنا نشتاق لمنظر الطائرات الأميركية!!

محمد كريشان: بالنسبة ليوسف.

يوسف الشولي: ندم، لا يوجد ندم، جلد ذات، لم.. لم يكن هناك جلد ذات، خوف.. نعم كان الخوف خاصة عندما تسقط الطائرات.. القنابل من زنة 7 طن على المناطق المجاورة للمكاتب اللي كنا ساكنين فيها أو المكان اللي كنا نسكن فيه، القصف كان يأتي ليلاً، مخيف، مرعب فعلاً، الظلام يخيم لأنه كانت قندهار لا يوجد فيها كهرباء ابتداءً من 10/10 حتى ذهبت حتى غادرت..قبل ما غادرت بيومين أعيدت الكهرباء إلى.. يعني في أول يوم في رمضان أعيدت الكهرباء إلى المدينة. فكان فعلاً الخوف كثيراً جداً، أتذكر هنا عندما كنت أتحدث مع طفلتي الصغيرة كانت دائماً تقول لي: أرجع بابا، نريدك معنا حتى تقضي رمضان معنا على الأقل، أقول لها: سأعود إن شاء الله بعد انتهاء الحرب، فتقول: (ينعل) أبو الحرب، تعال. قبل ما تنتهي الحرب بدنا إياك تعود!!! فعلاً هذه كانت المناظر أو المواقف كثير تؤثر في.. في نفسيتي..

محمد كريشان: مؤثرة.. مؤثرة، ماجد، تقريباً قضيت كامل شهر رمضان هناك تقريباً.

ماجد عبد الهادي: نعم.. نعم.

محمد كريشان: يعني وشهر رمضان شهر عائلي يفترض أن تكون فيه العائلة، كيف تابعت هذا..؟

ماجد عبد الهادي: يعني الإحساس بالخطر، الإحساس بالخوف موجود تقريباً كان طوال كل فترة محمد، يشتد أحياناً ويتلاشى أو يتبدد في أحيان أخرى، لكنه موجود دائماً، لكنه أبداً لم يترجم إلى.. إلى.. إلى ندم على القيام بهذه المهمة.

محمد كريشان: ولكن لو استمرت المعارك يعني كان بالإمكان أن.. أن تمتد التغطية لفترة أطول بكثير، يعني هل.. هل ارتحت لانتهاء المعارك يعني إلى حد ما؟

ماجد عبد الهادي: يعني أنا الارتياح لانتهاء المعارك وليس لنتيجتها يعني.

محمد كريشان: نعم، لانتهائها وليس لنتيجتها، شكراً ماجد.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نأخذ مكالمة أخيرة، للأسف لا يمكن أن نرضي جميع السادة المشاهدين، السيد عيد الشمري من قطر، تفضل سيدي.

عيد الشمري: السلام عليكم.

محمد كريشان: وعليكم السلام.

عيد الشمري: تحية لجميع أبطال (الجزيرة) ماجد الهادي، يوسف الشولي، نخص بالشكر تيسير علوني، كل عام وأنتم بخير، لكن أنا في عجالة بأسأل أستاذ تيسير علوني. أستاذ تيسير علوني، السؤال اللي يطرح نفسه: عدم اعتراف العالم بحركة طالبان هل هو سبب رفض طالبان للعالم أو رفض العالم لهذه الحركة الوليدة في أفغانستان؟ السؤال الأخير لو سمحت: حركة طالبان يعني ما أدري هل سترجع للسيطرة مرة ثانية في.. في أفغانستان، علماً إذا.. كثير من الشعب الأفغاني يحن إلى.. إلى أيام طالبان، والدليل على ذلك رفض النساء الأفغانيات لترك. لترك البرقع و..؟

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم يعني.. هل.. هل ستعود.. هل ستعود حركة طالبان أم لا؟ شكراً سيد عيد الشمري، تيسير.

تيسير علوني: عدم اعتراف العالم بحركة طالبان يعني طبعاً يعني ممكن أقول إنه يعني الآن الحديث عن.. عن رأيي الشخصي أنا يعني، قد يكون الغرب رأي في حركة طالبان رأى الآخر، الغرب الذي يبني ثقافته، أو بالأحرى يبني مفاهيمه على.. على الثقافة اليهودية المسيحية نحن نعرف كيف تقبل الآخر، وكيف تعامل مع الآخر، وهناك أمثلة أمثلة في التاريخ كيف تعامل مع الهنود الحمر في أميركا؟ كيف تعامل مع (الأبروجونس) في أستراليا، الآن الحقيقة يعني رأي في حركة طالبان رأي الآخر، الآخر الذي كما قال البعض: "الآخر التصادمي"، الذي يصر على رأيه ويُصر على تمّيزه، ويصر على خصوصية ثقافته، فكان تعامل الغرب بهذه الطريقة أنه ألّب العالم، حتى الدول العربية والإسلامية دفعها إلى عدم الاعتراف بحركة طالبان.

محمد كريشان [مقاطعاً]: لكن حتى عفواً تيسير، لكن حتى طالبان لم تكن ترى الآخر، يعني كانت هي أيضاً أو ترفض الآخر، يعني هي تكاد تكون متقوقعة على نفسها.

تيسير علوني: بالتأكيد نعم.

محمد كريشان: يعني ربما رفض متبادل لكل.. لكلاً منها الآخر يعني.

تيسير علوني: بالتأكيد نعم هذا لا ينفي يعني ضرورة القول بأن حركة طالبان كانت تعاني من انغلاق عجيب الحقيقة، كان. يعني أثر عليها كثيراً، وبالتالي انعكس حتى على الشعب الأفغاني، ونحمل حركة طالبان مسؤولية ما انعكس على الشعب الأفغاني من تصرفاتها، هذا يعني للأمانة.

الناحية الأخرى بالنسبة لعودة حركة طالبان إلى السيطرة على الأوضاع في أفغانستان، الوضع الآن في أفغانستان –حسب تقييمي الشخصي- مفتوح على جميع الاحتمالات، كما عادت قوى كثيرة الآن إلى الظهور على الساحة يمكن أن تعود حركة طالبان بقوة، ويمكن ألا تعود أيضاً.

مستقبل الحرب في أفغانستان.. إلى أين؟

محمد كريشان: نعم، يوسف وماجد وتيسير، يعني سنحاول جركم قليلاً إلى أن تعلبوا دور المحللين السياسيين يعني في حدود الإمكان يعني، بالطبع بالنسبة لواحد غطى الحرب، الآن كي ترى مسارها؟ كيف ترى المآل؟ كيف.. هل تتوقع مفاجآت؟ كيف تتابع الحرب، لأنك بالطبع تتابعها بعين مختلفة عن أي شخص آخر يعني؟

يوسف الشولي: لا أستطيع أن أقول أن الحرب انتهت في أفغانستان، قد تكون توقفت، وقد يكون قادة طالبان أخذوا يعني استراحة المحارب فترة من الزمن. كما نعرف في البداية طالبان لم تأت إلى.. الطالبان لم تسع إلى الحكم، طالبان إذا اعتبرناها حزب في رأيي هي الحزب الوحيد في العالم الذي أعرفه أو كتبت عنه أو قرأت عنه الحزب الوحيد الذي لم يسع إلى الحكم، طالبان هي الحركة الوحيدة في العالم –حسب رأيي- لم يكن لها برنامج سياسي عند.. قبل أن تستلم السلطة، السلطة قدمت لطالبان، يعني الأفغان عندما وجدوا المآسي التي كانت تخل ببلدهم بعد فترة –التي سماها الزميل تيسير- فترة.. "فترة الفتنة"، عندما جاء المواطنون الأفغان وطلبوا من الملا عمر ومن معه من طلبة المدارس أن يستلموا الحكم، جاء كأي مختار في الدول العربية الصغيرة مختار محترم آدمي إصلاحي، دير بالك على ها القرية، ومن ثم اتسعت هذه القرية لتشمل الولاية والولايات الأخرى المجاورة، طبعاً استخدم السلاح في فترة من الفترات لبسط السيطرة على المناطق اللي سيطروا عليها. كمان أن لا يوجد في أفغانستان على مر التاريخ في أفغانستان أن سيطر حزب أو حركة أو اتجاه واحد على 95% من أو 90% من الأراضي الأفغانية خلال 4 سنوات فقط، بمعنى أن كل الاتجاهات كانت عندما تريد أن تسيطر على الأفغان تأخذ فترة طويلة من الزمن، إلا المحتل، بمعنى القوات السوفيتية أو القوات البريطانية، أفغانستان بلد أو الأفغان، أو المدن الأفغانية سهلة السقوط في أيدي القوى المعادية إذا كانت أجنبية، هذا التاريخ يقول، لكنها أيضاً سهلة الاسترداد إذا أراد أهل المنطقة أن يستردوها. فمن هنا أعتقد أن طالبان الآن قد تكون تحضر، بمعنى بعض يعني لم تكن هي حتى حركة ناضجة سياسياً على إدارة الدولة.

محمد كريشان: ولكن يوسف يعني عفواً، ألا يمكن أن يكون هذا نوعاً من التحليل بالتمني كما يراه البعض، وليس تحليل مسنود. لأن الكل تقريباً يجمع على أن الموضوع انتهى، حُسم؟

يوسف الشولي: هذا صحيح.

محمد كريشان: يعني هل.. هل نحاول أو يحاول البعض أن ينفخ في شيء أصلاً غير مستعد أن ينفخ فيه؟

يوسف الشولي: لأ.. لأ، هو ليس نفخ في قربة مقطوعة.. على الإطلاق، لأن كما تعرف طالبان القيادة السياسية في طالبان العمر الزمني.. متوسط العمر الزمني لقادة طالبان لم يكن يتجاوز الـ 35 عاماً 48 أكبر واحد الملا محمد حسن النائب الثاني للملا عمر.

محمد كريشان: الملا عمر.

يوسف الشولي: وأصغر واحد محمد طيب أنما 27 عام، فالعمر الزمن لم يكن عندهم نضح، ولم عندهم خبرة، سياسية كافية لإدارة شؤون دولة بهذا المفهوم، لذلك أعتقد أنهم الآن يحضرون قد يكونوا يحضرون بالتعاون مع الأهالي عندما يكتشفوا أن ما يقوم به التحالف الشمالي أو ما يقوم به الآن الناس في أفغانستان من سرقة ومن إجبار النساء على خلع البرقع وإلخ، قد يجبرهم على اللجوء مرة ثانية وطلبه من طالبان.

محمد كريشان: ماجد، كيف ترى سير المعارك مستقبلاً، خاصة وأن البعض مثلاً بالنسبة لتورا بورا كان يتوقع صموداً أكثر، البعض يقول هذه منطقة يعني عصية، ولن يستطيعوا السيطرة عليها، وإذا بالأمور كلها تنقلب فجأة؟ إذا المفاجآت تبقى واردة في أي تحليل سواء عسكري أو سياسي.

ماجد عبد الهادي: يعني فيما يتعلق بتورا بورا لم يحدث هناك قتال بالمعنى الكلمة، بالمعنى الحقيقي للكلمة، تنظيم القاعدة لم يصمد –بالمعنى الحقيقي للكلمة- في تورا بورا بحكم عامل وحيد أنه اتخذ قراراً بعدم قتال الأفغان، قالوا إنهم سيصمدون وسيقاتلون إذا جاء الأميركيون، إذا جاء الكوماندوز الأميريكيون إلى المنطقة، ولكن الكوماندوز الأميركيون لم يأتوا إلى.. إلى تورا بورا، وكانت المعركة بينهم وبين الأفغان، وهم كان لديهم قرار واضح بعدم قتال الأفغان.. فيما يتعلق بالحرب ككل -هذا فيما يتعلق معركة تورا بورا- فيما يتعلق بالحرب ككل، يعني أنا أعتقد أن هذا الحرب هي حرب أميركية أولاً، هي حرب أميركية بامتياز، وليست مجرد حرب أهلية أفغانية داخلية، الهدف المعلن للولايات المتحدة في هذه الحرب هو أسامة بن لادن وقيادة تنظيم القاعدة، هذا الهدف لم يحرزه الأميركيون بعد، بغض النظر قد تختلف وقد نتفق حول الأسباب، ولكنهم لم.. لم يحرزوا هذا.. هذا الهدف حتى الآن، وهذا يعني أن الحرب ستستمر على الأقل حتى تحقيق هذا الهدف، هذا فيما لو سلمنا جدلاً بأن هدف الأميركيين هو.. هو فقط أسامة بن لادن، هو فقط تنظيم القاعدة. ولكن يعني هناك رؤى استراتيجية ترى أن.. أن للولايات المتحدة مصالح تاريخية وأهداف تاريخية في المنطقة، وفي بحر قزوين، وفي أنابيب نفط تمد عبر.. عبر الأراضي الأفغانية. الأميركيون بحاجة إلى استمرار الحرب على ما أعتقد.

محمد كريشان: أقل من ثلاث دقائق على نهاية البرنامج نريد أن نأخذ من كل واحد منكم تصوره لـ.. لكيفية سير الملف الأفغاني في العام الجديد، هل تتوقع أشياء معينة؟ تيسير، ثم يوسف، ماجد.

تيسير علوني: الأمر مرتبط بـ..

محمد كريشان: نوع من التنجيم، يعني نحاول نوع من التنجيم في النهاية!!

تيسير علوني: ليس تنجيم، هو ليس تنجيم، يعني الأمر أصبح تقريباً المسار أصبح معروفاً للجميع، يعني ما ذكره ماجد ويوسف قد يُلقي الضوء على بعض ما سيحصل، لكن الأمر مرتبط بتحقيق الأميركيين –كما قال ماجد- للأهداف التي رسموها لأنفسهم، الآن الهدف الذي بقي عليهم، حكومة طالبان سقطت طبعاً، تنحَّت من الساحة، بقي عليهم.. القبض على شخصين هما: أسامة بن لادن والملا عمر، الإمعان في تفكيك شبكة القاعدة وحركة طالبان. الخطوة التالية يعني هناك سؤال كبيرة يطرح نفسه وطبعاً أنا طرحته على عدد كبير من الزملاء، حاولنا أن نجري نوع من التحليل السياسي، هل سيخرج الأميركيون إذا أنهوا.. تحقيق هذه الأهداف، أم لن يخرجوا؟ طبعاً كانت هناك آراء كثيرة تميل إلى أن الأميركيين سيخرجون، السؤال الآن: إذا خرج الأميركيون ماذا سيحصل في أفغانستان؟ الحقيقة يعني المؤشرات لا تدل على..، نتمنى للشعب الأفغاني كل خير، نتمنى له السلامة، نتمنى للأفغان وللقوى الأفغانية التي تحكم أفغانستان الآن أو تحكم هذه المناطق المتشرذمة المجزأة من أفغانستان، نتمنى عليهم أن يتحدوا في حكومة تحقق مصالح الشعب الأفغاني وعلى رأسها الأمن.

محمد كريشان: نعم، يوسف في.. في عشر ثواني وماجد في 10 ثواني.

يوسف الشولي: ما يحدث الآن في شبه القارة الهندية –الهند وباكستان تحديداً- سيؤثر سلباً أو إيجاباً على أفغانستان حسب تطوره ومساراته، لكن أعتقد أن الشعب الأفغاني شعب قادر على الخروج من مكمنه وعلى العودة إلى سيادة بلده.

محمد كريشان: ماجد.

ماجد عبد الهادي: أفغانستان الآن بحاجة –أعتقد- إلى إعادة بناء بكل معنى.. ليس إعادة بناء، إلى البدء في بنائها من جديد، إلى.. إلى بناء بلاد، توفير.. توفير وظائف، توفير عمل، توفير الخبز. للشعب الأفغاني. ما لم يتوفر الخبز للشعب الأفغاني، طالما بقى الأفغان جائعون، لن يكون لا في مقدور الولايات المتحدة ولاقي مقدور سواها أن تفرض الاستقرار في هذه المنطقة.

محمد كريشان: نعم، شكراً للزملاء الثلاثة تيسير علوني، يوسف الشولي، وماجد عبد الهادي، ثلاثتهم، سمحت لنفسي بالتعسف معهم في مسألة التوقيت باعتبارهم زملاء بطبيعة الحال، بالنسبة لبرنامج (لأولى حروب القرن) سيستمر مع البرمجة الجديدة لشهر يناير والعام الجديد، مرة أخرى كل عام وأنتم بخير، سيكون الاثنين والأربعاء والجمعة، حلقة الجمعة من واشنطن، الاثنين والأربعاء ستكون من الدوحة، ولكن التوقيت اختلف سيصبح في تمام الثامنة وعشر دقائق بتوقيت مكة المكرمة، أي الخامسة وعشر دقائق مساءً بتوقيت جرينتش.

في نهاية البرنامج.. نشكر الفريق حسن إبراهيم، أحمد الشولي، والمخرج فريد الجار.. الجابر، وإلى أن نلتقي –بحول الله- في حلقة مقبلة، تحية طبية، وفي أمان الله.

المصدر : الجزيرة