أولى حروب القرن

كيف يفكر أسامة بن لادن؟

كيف يفكر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن؟ وما منطلقاته الفكرية التي يرى من خلالها العالم؟ وهل تتطابق رؤيته للتطورات الدولية مع رؤية حركة طالبان؟ هذه الأسئلة يجيب عليها عدد من المراقبين بعد بث كلمة بن لادن الجديدة.
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة – محمد العوضي، كاتب ومفكر كويتي
– إريك رولو، كاتب ودبلوماسي فرنسي سابق
– كريستوفر روس، مستشار بوزارة الخارجية الأميركية
تاريخ الحلقة 03/11/2001

– نص خطاب أسامة بن لادن
– الأزمة الأفغانية بين الحرب الدينية والحرب ضد الإرهاب
– الشرعية الدولية، ودور الأمم المتحدة في القضايا العربية والإسلامية
– خطاب أسامة بن لادن بين المصداقية والتضليل

undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، ونخصصها هذه المرَّة لرسالة مسجَّلة جديدة لأسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة) وصلتنا نسخة منها، وكالعادة فإن كلمات من تعتبره واشنطن المشتبه به الرئيسي في تفجيرات واشنطن ونيويورك مثيرة للجدل، وللتعليق على هذه الكلمة معنا في الأستديو السادة أيريك رولو (الكاتب الفرنسي والدبلوماسي السابق)، محمد العوضي (الكاتب والباحث الكويتي في الفكر الإسلامي)، وعبر الأقمار الاصطناعية من واشنطن السيد كريستوفر روس وهو (مستشار خاص بوزارة الخارجية الأميركية). أهلاً بكم الضيوف الثلاثة.

[فاصل إعلاني]

نص خطاب أسامة بن لادن

محمد كريشان: معنا ضيوف في الأستديو وعبر الأقمار الاصطناعية للتعليق على هذه الكلمة لنتابعها معاً.

أسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة): ..نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما بعد:

في غمرة الأحداث الهائلة، وبعد تلك الضربات العظيمة التي ضربت أميركا في أهم مقاتلها في نيويورك وواشنطن، ثارت ضجَّة إعلامية هائلة لم يسبق لها مثيل، نقلت آراء الناس حول هذه الأحداث، فانقسم الناس إلى قسمين: قسم يؤيد هذه الضربات ضد الجبروت الأميركي، وقسم آخر استنكر هذه الضربات، وبعد ذلك بقليل، بعد أن شنَّت الولايات المتحدة الأميركية تلك الحملة الظالمة على الإمارة الإسلامية في أفغانستان، انقسم الناس أيضاً إلى قسمين: قسم أيَّد هذه الحملات الظالمة، وقسم أنكرها ورفضها، وهذه الأحداث العظام التي قسمت الناس إلى قسمين تهم المسلمين بدرجة كبيرة جداً، حيث يترتب عليها من الأحكام الشيء الكثير، وهي ذات صلة قوية بالإسلام
undefinedونواقضه، لذا كان لابد على المسلمين أن يفهموا طبيعة هذا الصراع وحقيقة هذا الصراع، ليسهل عليهم أن يحددوا في أي الصفوف يكونوا، وبين يدي الحديث عن حقيقة الصراع إن استطلاعات الرأي في العالم أظهرت أن 80% وزيادة من الغربيين من النصارى في أميركا وغيرها قد حزنوا على هذه الضربات التي أصابت أميركا، وبالعكس فقد أظهرت الاستطلاعات موافقة السواد الأعظم من أبناء العالم الإسلامي وفرح هؤلاء لهذه الضربات، لأنهم يعتقدون أنها من باب رد الفعل على ذلك الإجرام الهائل الذي تمارسه إسرائيل وأميركا في فلسطين وغيرها من بلاد الإسلام، وبعد أن بدأت الضربات على أفغانستان تبادلت هذه الفئات المواقف، فالذين فرحوا بضرب أميركا حزنوا عندما ضُربت أفغانستان، والذين حزنوا بضرب أميركا فرحوا عندما ضربت أفغانستان، وهذه الفئات تعد بمئات الملايين، فالغرب بأسره –إلا ما ندر- مؤيد لهذه الحملة الظالمة الشرسة التي لم يقم دليل على إثبات ما تم في أميركا على أهل أفغانستان، وأهل أفغانستان لم يكن لهم أي شأن في هذا الأمر، ولكن الحملة متواصلة تُبيد القرويين والمدنيين من الأطفال والنساء والأبرياء بدون حق فيظهر بوضوح وجلاء من كلا الطرفين، حيث قامت مظاهرات عارمة في المشرق الإسلامي من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، من إندونيسيا، والفلبين، وبنجلاديش، والهند، وباكستان، مروراً بالعالم العربي وانتهاءً بنيجيريا وموريتانيا ،فهذا يدل بوضوح على طبيعة هذه الحرب، وعلى أن هذه الحرب هي حرب دينية في الأساس، فأهل المشرق هم المسلمون تجاوبوا وتعاطفوا مع المسلمين ضد أهل المغرب وضد أهل الغرب وهم الصليبيون.

فالذين يحاولون أن يغطوا هذه الحقيقة الواضحة الجلية التي أجمع العالم بأسره في تصرفاته على أنها حرب دينية، إنما هم يخادعون الأمة، يريدون أن يصرفوها عن حقيقة هذا الصراع، وهذه الحقيقة مثبتة في كتاب الله، سبحانه وتعالى، وفي سنة رسولنا، عليه الصلاة والسلام، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يتم تناسي هذا العداء بيننا وبين الكفار، فالعداء عقدي، فلابد من الولاء مع المؤمنين وأهل لا إله إلا الله، ويجب التبرؤ من أهل الشرك والكفر والإلحاد حسبي الله عليهم أجمعين.

قال سبحانه وتعالى: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملَّتهم)، فالمسألة مسألة مِلَّة، مسألة عقيدة، لا كما يصورها (بوش) و(بلير) على أنها حرب ضد الإرهاب، فقد أُلقي القبض –من قبل- على كثير من اللصوص ينتمون إلى هذه الأمة، لم يتحرك أحد، ولكن هذه الجماهير المتحركة من أقصى المشرق إلى المغرب لا تتحرك لأجل أسامة، وإنما تتحرك لأجل دينها، لأنها تعلم أنها على الحق وأنها تقاوم أشد وأشرس وأخطر وأعنف حملة صليبية على الإسلام منذ أن بُعث محمد عليه الصلاة والسلام.

فبعد هذا الأمر الواضح البيِّن الجلي لابد للمسلم أن يدري وأن يتعلم أين يقف من هذه الحرب، فهذا (بوش) بعد أن تكلم الساسة الأميركيون، وبعد أن طفحت الصحف والقنوات الأميركية بالحقد الصليبي الواضح الظاهر في هذه الحملة تعبئ الغرب على الإسلام وأهله، لم يترك بوش المجال للظنون وإلى اجتهادات الصحفيين، وإنما خرج على الملأ لينطق بوضوح أن هذه الحرب هي "الحرب الصليبية"، تلفَّظ بهذه الكلمة أمام العالم أجمع ليؤكد هذه الحقيقة، فأين يذهب أولئك الذين يزعمون أن هذه حرب ضد الإرهاب؟ وأيُّ إرهاب هذا الذي يتحدثون عنه في وقت تُنْحر الأمة منذ عشرات السنين ولا نسمع لهم صوت، ولا يتحرك منهم متحرك؟ فإذا قامت الضحية لتنتقم لأولئك الأطفال الأبرياء في فلسطين، والعراق، وجنوب السودان، والصومال، وفي كشمير، وفي الفلبين، قام علماء السلاطين وقام المنافقون يدافعون عن الكفر الظاهر -حسبي الله عليهم أجمعين- فالعوام قد فقهوا المسألة، وهؤلاء مازالوا يجاملون هؤلاء الذين تواطؤوا مع الكفار على تخدير الأمة عن القيام بواجب الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، فالحق الذي لا لبس فيه أن بوش قد حمل الصليب ورفع رايته عالياً، ووقف في أول الطابور، فكل من يقف خلف بوش في هذه الحملة فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام العشرة، التي أجمع أهل العلم على أن موالاة الكافرين ومظاهرة الكافرين على المؤمنين من نواقض الإسلام الكبرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولننظر هل هذه الحرب التي قامت قبل أيام على أفغانستان هي مفردة مستقلة نادرة، أم إنها.. أم أن هذه الحرب هي حلقة من سلسلة طويلة من الحروب الصليبية ضد العالم الإسلامي؟ فمنذ الحرب العالمية الأولى التي انتهت قبل أكثر من 83 عاماً، وسقط العالم الإسلامي بأسره تحت أعلام الصليب، تحت الحكومة البريطانية، وتحت الحكومة الفرنسية، وتحت الحكومة الإيطالية، تقسّموا هذا العالم بأسره، وسقطت فلسطين تحت الإنجليز، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم أكثر من 83 عاماً يُسام إخواننا وأبناؤنا وأخواتنا في فلسطين سوء العذاب، وقد قتل منهم مئات الألوف، وسجن مئات الألوف، وعُوِّق مئات الألوف.

ثم لننظر إلى الأحداث القريبة، فلننظر إلى الشيشان أمة مسلمة تَقدَّم عليها هذا الدُّب الروسي صاحب العقيدة النصرانية الأرثوذوكسية، أباد شعباً بأكمله، وشردوا إلى الجبال، وأكلتهم الثلوج والفقر والأمراض ولم يتحرك أحد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم حرب إبادة في البوسنة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، بل في قلب أوروبا، عدة سنوات يُقتل إخواننا وتنتهك أعراض نسائنا، ويذبح أطفالنا في الملاذات الآمنة للأمم المتحدة، وبعلم الأمم المتحدة، وبتعاون الأمم المتحدة.

إن الذين يُحيلون مآسينا اليوم ويريدون أن يحلّوها في الأمم المتحدة إنما هم منافقون يخادعون الله ورسوله ويخادعون الذين آمنوا، وهل مآسينا إلا من الأمم المتحدة؟! من الذي أصدر قرار التقسيم عام 47 لفلسطين؟ أباح بلاد الإسلام لليهود؟ الأمم المتحدة بقرارها في 47، فهؤلاء الذين يزعمون أنهم زعماء للعرب ومازالوا في الأمم المتحدة هم كفروا بما أنزل على محمد، عليه الصلاة والسلام، الذين يُحيلون الأمور إلى الشرعية الدولية هم كفروا بشرعية الكتاب الكريم وبسنة المصطفى، عليه الصلاة والسلام، فهذه هي الأمم المتحدة التي عانينا منها ما عانينا، فلا يذهب إليها مسلم بحال من الأحوال، ولا يذهب إليها عاقل، وإنما هي أداة من أدوات الجريمة، نُذبح في كل يوم ولا تحرك ساكناً، إخواننا في كشمير منذ أكثر من خمسين عاماً يسامون سوء العذاب، يُذبّحون، ويقتلون، ويعتدى على أعراضهم، ودمائهم، ودورهم، ولا تحرك ساكناً الأمم المتحدة، واليوم بدون أن يثبت أي دليل تسوق الأمم المتحدة القرارات المؤيدة لأميركا الظالمة الجابرة المتجبرة على هؤلاء المستضعفين الذين خرجوا من حرب ضروس على يد الاتحاد السوفيتي.

ولننظر إلى حرب الشيشان الثانية التي مازالت قائمة إلى اليوم، شعب بأكمله تعاد عليه الحروب مرة أخرى من هذا الدُّب الروسي، وتتحرك الهيئات الإنسانية حتى الأميركية تطالب الرئيس (كلينتون) بأن يوقف الدعم عن.. عن روسيا، ولكن كلينتون يقول "إن.. يقول: إن إيقاف الدعم عن روسيا لا يخدم المصالح الأميركية و(بوتين) قبل عام يطالب الصليب ويطالب اليهود أن يقفوا معه، ويقول لهم: "ينبغي عليكم أن تقفوا معنا وأن تشكرونا، لأننا نقوم بحرب ضد الأصولية الإسلامية"، بكل هذا الوضوح يتكلم الأعداء، وزعماء المنطقة يتوارون ويستحون من أن ينصروا إخوانهم، والأشد أنهم يمنعون المسلمين من نصرة إخوانهم.

ولننظر إلى موقف الغرب وإلى موقف الأمم المتحدة في أحداث إندونيسيا، عندما تحركوا لتقسيم أكبر دولة في العالم الإسلامي من حيث عدد السكان، هذا المجرم (كوفي عنان) يتكلم على الملأ، ويضغط على حكومة إندونيسيا، ويقول لها: أمامك أربعة وعشرين ساعة لقسم ولفصْل تيمور الشرقية عن إندونيسيا وإلا سوف نضطر بإدخال قوات عسكرية لفصل هذا بالقوة، وكانت القوات الصليبية الأسترالية على الشواطئ الإندونيسية، وفعلاً دخلت لفصل تيمور الشرقية جزء من بلاد العالم الإسلامي.

فينبغي أن ننظر إلى الأحداث لا على أنها حلقة مستقلة، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من المؤامرات، هي حرب إبادة بكل ما تحمل الكلمة من معنى في الصومال تحت حجَّة إعادة الأمل قتل ثلاثة عشر ألفاً من إخواننا، في جنوب السودان قُتل مئات الألوف، ولكن عندما ننتقل إلى فلسطين وإلى العراق فحدِّث ولا حرج، أكثر من مليون طفل قتلوا في العراق، ومازال القتل مستمر، وأما ما يجري في هذه الأيام في فلسطين فحسبي الله ونعم الوكيل.

إن الذي يجري لا تحتملَه.. لا تحتملُه أمةً من.. أمةٌ من الأمم، لا أقول من أمم البشر، بل من الكائنات الأخرى، من الحيوانات، لا يحتملون هذا الذي يجري، حدَّثني من أثق به أنه رأى جزاراً ينحر بعيراً أمام بعير آخر، فما كان من البعير الآخر إلا أن ثار واضطرب وهو يرى الدماء تخرج من أخيه البعير، فهاج وقضم هذا الرجل من يده، وخلع يده منه وكسرها، فكيف للأمهات المستضعفات في فلسطين أن يتحملن قتل أبنائهن أمام أعينهن من اليهود العتاولة الجلاوذة بدعم أميركي، بالطائرات الأميركية، وبالدبابات الأميركية؟

إن الذين يفرقون بين أميركا وإسرائيل هم أعداء حقيقيون للأمة، هم خونة خانوا الله ورسوله، وخانوا أمتهم، وخانوا أمانتهم، يخدرون الأمة، لا ينبغي بحال من الأحوال النظر إلى هذه المعارك على أنها معارك جزئية، بل هي جزء من حلقة من سلسلة عظيمة هي الحرب الصليبية الشديدة الشرسة الشنعاء، فينبغي على كل مسلم أن يقف تحت راية "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وأذكركم بحديث رسولنا –عليه الصلاة والسلام- لابن عباس –رضي الله عنهما- قال: "يا غلام، إني أعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجَفَّت الصحف".

وأقول للمسلمين الذين بذلوا ما يستطيعون خلال هذه الأسابيع، أقول لهم: ينبغي أن تواصلوا المسيرة، فإن وقوفكم معنا يشد من أزرنا، ويشد من أزر إخوانكم في أفغانستان، وزيدوا من البذل في مكافحة هذا الإجرام العالمي الذي لم يسبق له مثيل، فاتقوا الله أيها المسلمون، وهبُّوا لنصرة دينكم، فإن الإسلام يناديكم: واإسلاماه!! واإسلاماه!! واإسلاماه!!

ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد كريشان: إذاً كانت هذه الكلمة المسجلة لأسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة)، سيكون لها.. لنا معها وقفة تحليلية مع هذه الكلمة ومع ضيوفنا هنا في الأستديو عبر الأقمار الاصطناعية من واشنطن.

[فاصل إعلاني]

الأزمة الأفغانية بين الحرب الدينية والحرب ضد الإرهاب

محمد كريشان: نبدأ مع ضيفينا في الأستديو، وسيد إيريك رولو.

أيريك رولو: مساء الخير.

محمد كريشان: مساء الخير، وأهلاً وسهلاً بك للمرة الثانية معنا. الفكرة الأساسية في هذه الكلمة –إن صح لنا أن نخرج بفكرة أساسية- هو أن الصراع الدائر حالياً هو صراع ديني، وأن ما يجري هي حرب صليبية كما قال أسامة بن لادن.

يبدو الأمر وكأنه حوار طرشان، أسامة بن لادن يؤكد بأن الحرب دينية، والولايات المتحدة ومن يقفون معها يؤكدون بأنها ليست حرب ضد الإسلام. هل هو حوار طرشان فعلاً؟

أيريك رولو: فعلاً، بس قبل ما أجيب على سؤالك، أنا طبعاً من رأيي إنه مش حرب دينية، لكن قبل ما أعطيك.. أعطيكم رأيي، أحب أقول شيء بكل بساطة، أنا بأعاشر مسلمين بقى لي عشرات السنوات، اللي بأعرفه عن الإسلام يعني هو إنه دين تسامح ودين قائم على القيم الإنسانية، فعلى هذا الأساس عندي سؤالين بسيطة، ولكن أنا في نظري في الجوهر، قبل ما ندخل في البحث في كل الكلمات دي:

أسامة بن لادن قال لنا: إنه الضربات العظيمة التي وقعت على أميركا، هو قصده يعني الضربة على.. World Trade Center قتل في هذه الضربة آلاف الأشخاص الأبرياء، من المدنيين، من كل الجنسيات، يمكن الأميركان كانوا أقلية فيها، ما بأعرف الأرقام، لكن الأكيد كان فيه مئات من المسلمين قد قتلوا في هذه العملية. فالسؤال الأول: هل هذا يعتبر عملاً حلالاً في الإسلام؟ هذا أول سؤال. تاني سؤال أوجهه على بن لادن نفسه: ما هي شرعية أسامة بن لادن من الزاوية الدينية حتى يستطيع أن يصدر فتاوي؟ ومن فوضَّه أن يتكلم باسم الأمة الإسلامية بحالها؟ بس، هأقف إلى هذا الحد.

محمد كريشان: سيد عوض.

محمد العوضي: بسم الله الرحمن الرحيم، تساؤلات الأستاذ أيريك وجيهة، لكن قبل أن أدخل بالتفاصيل أحب أن ألمح إلى أن خطاب بن لادن الأخير هذا يختلف في سمته العامة عن الخطابات الماضية من حيث أنه كان خطاباً هادئاً ومركزاً، ومن حيث الثقة التي كان يتكلم بها أكثر، ثم اليقين على الفكرة الماضية وتعزيزها والاستمرار فيها. أحب أركز على هذا على ما نخلص من موجز الأنباء كما تريد.

محمد كريشان: شكراً جزيلاً. إذاً سيد أيريك، يعني التساؤلات يعني تعتقد بأنها يعني تساؤلات فقهية أن صح التعبير، أم تعتبرها تساؤلات سياسية بالأساس؟

أيريك رولو: هو كل كلامه سياسي في الجوهر، ولكن بيشير إلى الإسلام كأيديولوجية، كأساس كلام، فأنا بدي أعرف أيه.. أيه شرعيته؟ هل عنده شرعية إسلامية؟ هل رجال الدين بيعترفوا إنه ها الرجل له الحق أن يصدر.. الفتاوى، ويتكلم باسم الأمة الإسلامية؟ فقط ده سؤال بسيط، بدي أعرف يعني.

محمد كريشان: نعم، هو.. هو سؤال بسيط، وفي نفس الوقت سؤال يعني عميق.. وفي الجوهر، على كل هذه بداية أولية مع عناوين بارزة للنقاش الذي سنجريه الليلة حول كلمة أسامة بن لادن (زعيم تنظيم القاعدة)، وبالطبع مع ضيفينا هنا في الأستديو ومع ضيفنا في واشنطن السيد كريستوفر روس وهو (مستشار خاص بوزارة الخارجية الأميركية).

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: وننتقل بكم الآن إلى واشنطن، ومعنا من هناك كريستوفر روس وهو (مستشار خاص بوزارة الخارجية الأميركية). سيد روس، ما هو تعليقكم الأولي على كلمة أسامة بن لادن؟

كريستوفر روس: مساء الخير أستاذ محمد.

محمد كرشان: مساء الخير.

كريستوفر روس: بالفعل أريد أن.. بالفعل أريد أن أقدم لكم وللمشاهدين في العالمين العربي والإسلامي وجهة نظر الإدارة الأميركية حول ما يجري. أذيع ونشر في الآونة الأخيرة عدد كبير من الادعاءات والاتهامات الباطلة، الحقائق مخالفة تماماً، مخالفة لهذه الادَّعاءات وهذه الاتهامات، كما أعلن الرئيس (بوش) مراراً وتكراراً فإن الحرب التي يقودها الائتلاف الدولي ليست حرباً ضد الدين الإسلامي الحنيف، وهي ليست كذلك حرباً ضد أفغانستان والشعب الأفغاني، إن.. إنها حرب ضد الإرهاب وضد من ينتمون إلى تنظيم القاعدة، هؤلاء الذين ارتكبوا جرائم الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، والجرائم التي سبقتها في شرق إفريقيا وأماكن أخرى، ألوف الأبرياء من الأميركيين وأعداد أخرى من أكثر من ثمانين دولة فقدوا أرواحهم نتيجة هذه الهجمات الإجرامية، ومئات من المسلمين من مختلف البلدان من بينها: مصر، وتركيا، ولبنان، والأردن، وباكستان، وإندونيسيا، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، دفعوا حياتهم ثمناً لهذه الأعمال الإرهابية. إن مرتكبي هذه الجرائم لا يحترمون ولا يقدرون قيمة النفس البشرية، إنهم أجرموا في حق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وسيدفعون ثمن جرائم، ولم يفلتوا من العقاب. إن الائتلاف سيمضي قدماً وسينتصر. إنها أيضاً حرب ضد فئة أفغانية متطرفة آوت المجرمين في تنظيم القاعدة، ورفضت المطالبة المتكررة لتسليمهم طوال شهرين، إن هذه الفئة المتمثلة في حركة طالبان روعت وسلبت الشعب الأفغاني، وقتلت الآلاف من المسلمين الذين لم يشاركوها آرائهم المتطرفة. الادعاء أن الولايات المتحدة تقود حرباً دينياً ضد الدين الإسلامي الحنيف يدعو إلى السخرية، ويعكس شدة اليأس والإفلاس لدى هؤلاء الذين ليس في جعبتهم شيء مفيد يقدمونه.. يقدمونه على العالم.

إن الإسلام هو إحدى الديانات السماوية العظيمة، ويتمتع باحترام الشعب الأميركي والحكومة الأميركية، وما يدعو له هؤلاء من قتل ودمار باسم الإسلام ليس فيه شيء من الإسلام، إن الولايات المتحدة دولة تحترم وتحتضن جميع الديانات، وفي الولايات المتحدة عدد متنامي من المسلمين الأميركيين وصل إلى بضعة ملايين يقيمون صلواتهم في أعداد كبيرة من المساجد، وخلافاً لمصير آخرين ممن يعيش تحت سطوة المتطرفين يعيش المسلمون في أميركا في أجواء من الأمان والتسامح، وتحرص السلطات الأميركية على ملاحقة كل من يحاول أن يعبث بحريتهم في العبادة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة طالما قادت الجهود الدولية الرامية إلى الدفاع عن المسلمين، وفي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية دعمت بقوة العديد من البلدان الإسلامية في سعيها إلى الاستقلال، وفي الماضي القريب حاربت القوات الأميركية من أجل وبجانب مسلمي الكويت والبوسنة وكوسوفو، وسعت إلى إيقاف الاقتتال بين الفئات المسلمة المتحاربة في الصومال، وتفاعلاً مع الأزمة الإنسانية في باكستان.. في أفغانستان، حيث عانى ومازال يعاني ملايين من الأبرياء من مغالاة حركة طالبان، فإن الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية الرامية لتوفير مساعدات الإغاثة، وهي أكبر دولة مساهمة في هذه المساعدات، إن هذا الدعم ليس بجديد، إذ قدمت الولايات المتحدة قبل وقوع.. وقوع تلك الهجمات الإرهابية مساعدات ضخمة للإغاثة إلى الشعب الأفغاني داخل وخارج أفغانستان، ومنذ أن بدأت العمليات العسكرية قدمت الولايات المتحدة أكثر من مليون وجبة غذائية للشعب الأفغاني، وباقتراب فصل الشتاء فإننا سنستمر في تقديم هذا الدعم، إن الولايات المتحدة مصممة على أن تبقى هي المساهم الأكبر في عمليات الإغاثة، وقد أعلن الرئيس بوش عن زيادة في الدعم قدرها 320 مليون دولار إضافية، وعلى الصعيد السياسي فإن الولايات المتحدة وشركاءها في الائتلاف يدعمون جهود الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية تضم ممثلين عن جميع الفصائل والمجموعات الأفغانية الرئيسية، وتؤدي إلى مستقبل أفضل للجميع، هؤلاء الإرهابيون يزيفون الحقائق والتاريخ، يدعون جهراً للعنف والقتل، ويصرون على جعل هذه الحرب حرباً دينية، هؤلاء ارتكبوا أبشع الجرائم الإرهابية التي أدانها العالم بأسره وجميع الهيئات المتمثلة في الأمم المتحدة، ومنظمة دول المؤتمر الإسلامية، وجامعة الدول العربية، وجميع الدول المحبة للسلام تنظيم القاعدة وقادته مازالوا يدعون إلى قتل الأبرياء ويحرضون الشعوب الإسلامية على العنف والفتنة باسم الدين، وكل من يخالفهم الرأي يصبح في عرفهم كافراً ومرتداً، إننا على قناعة بأن الدين الإسلامي الحنيف الذي علم البشرية على مدى قرون عديدة تعاليمه التي تدعو إلى المحبة والتسامح واحترام الأديان الأخرى، بريء من ذنب هؤلاء، إن إرهابيي تنظيم القاعدة قد دنسوا هذه الرسالة السماوية، إن السؤال الملح الذي يجب أن يطرح في العالم الإسلامي لا يتعلق في الواقع بحرب بين المسلمين وغير المسلمين، لأن مثل هذه الحرب من صنع الخيال والتضليل.

السؤال الحقيقي يكمن فيما إذا كانت أقوال وأفعال إرهابيي تنظيم القاعدة ودعوتهم المستمرة للعنف والقتل تمثل أغلبية المسلمين الذين يسعون إلى بناء مستقبل أفضل، إننا على يقين من أن أعضاء هذه العصابة لا يمثلون بأي حال من الأحوال الأغلبية المسلمة المسالمة، إن الشرور التي يرتكبونها ستكون في النهاية وراء إخفاقهم الذريع والأكيد، شكراً أستاذ محمد.

محمد كريشان: شكراً السفير كريستوفر روس، وقد فضل أن تكون بداية مشاركته معنا في سياق هذا البيان الذي قرأه، وهو يعبر -بطبيعة الحال- عن وجهة نظر الإدارة الأميركية.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: سيد أيريك رولو، تعيد طرح نفس السؤال يعني، أسامة بن لادن يؤكد على أنها حرب دينية، السفير روس يؤكد بأن لا علاقة لها بالإسلام، والإسلام بريء من كل ما يجرى، إذن مرة أخرى نحن في صلب هذا الموضوع المحوري.

أيريك رولو: أنا أحب بس أذكركم بأشياء معروفة، لكن مهم أن أذكرها في.. هذا السبيل، إن أثناء العشرات السنين بفترة لأن متذكر حوادث الخمسينات والستينات والسبعينات، كانت أميركا بتؤيد وفي بعض الأحيان تتحالف مع قوات إسلامية وحركات إسلامية ودول إسلامية في عدة قضايا معينة، أذكر في سبيل المثال الكفاح ضد الحركات القومية العربية، منها الناصرية أو البعثية، ونحن نتذكر أيضاً..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني عفواً، تحالفت مع بعض الدول ضد الناصرية.

أيريك رولو: أو أيدت دول إسلامية كانت ضد عبد الناصر وضد الأنظمة البعثية.

محمد كريشان: وقفت معهم الولايات المتحدة.

أيريك رولو: وقفت مع الولايات المتحدة، فالولايات المتحدة كانت حليفة المسلمين أو بعض المسلمين خلينا.. وبعض الحركات الإسلامية وكمان إحنا عارفين ومتذكرين إنه تحالفت أميركا أو أيدت القوة الإسلامية لطرد السوفيت من أفغانستان، وساعدتها بتوفير الأسلحة والخبراء العسكريين لهؤلاء المجاهدين وكان بن لادن شخصياً هو مستفيد من هذه المعونات الأميركية. أما قصة (بوسنيا) أظن..

محمد كريشان: أشار إلى البوسنة والكويت وكوسوفو والصومال أيضاً.

أيريك رولو : بس هو غلطان في قصة بوسنيا، لأنه أنا بأعرف اللي حاصل بالبوسنيا، إنه الأميركان وبشكل عام الحلفاء الغربيين ساعدوا المجاهدين إن يدخلوا البوسنيا حتى يدافعوا عن جماهير المسلمين فيها، طبعاً حصل قتل، بس المهم القتل حصل بالرغم من إرادة الغربيين أو الأمم المتحدة، فهذا.. هذه مغالطة في التاريخ أما قصة كوسوفو دي معروفة.

محمد كريشان: يعني عفواً مغالطة بالنسبة لما ذكره أسامة بن لادن على.. على.. نعم.

أيريك رولو: أيه طبعاً، هو يدعي إن.

محمد كريشان: يعني وحتى في الملاذات الآمنة قتل الأطفال والنساء.

أيريك رولو: حصل فعلاً، بس الأساس البوسينا الحقيقة هو إنه كان فيه تحالف بين الغربيين وبين المجاهدين لمحاكمة.. لحماية المسلمين في البوسنة، هذا هو الأساس، حصلت.. حصل طبعاً قتل و.. بس مش بإرادة الحلفاء الغربيين.

أما في كوسوفو كانت واضحة جداً، وكوسوفو أعضاء الحلف الأطلسي بما فيها أميركا دخلوا لحماية المسلمين من القوات العربية، والقوات الأميركية قتلت من أجل هذا آلاف من الجنود والمدنيين الصربية وهم مسيحيين.. مش مسلمين.

أما لما بيقولوا بيتهم أميركا بالظلم في فلسطين والعراق وغيرها، كتير من الغربيين متفقين معاه، فعلاً فيه ظلم، ولكن لازم تنبه الناس إن كثير من الشعوب بتشتكي من أميركا وشعوب غير إسلامية وبينساها أسامة بن لادن، شعوب في إفريقيا، شعوب في آسيا، شعوب في أميركا اللاتينية، بيتهموا الأميركان بالظلم، بالبطش وبمعاملة ظالمة، وماهماش مسلمين.

محمد كريشان: يعني الشكوي ليست دائماً عربية ومسلمة.

أيريك رولو: لا، هو يتناسى، يعني فيه ناس النهارده يمكن في نظرهم في أميركا اللاتينية أسامة بن لادن عنده شعبية في أميركا اللاتينية، أنا قاري في الجرايد ليش؟ ليش مش عشان مسلم لأن هو بيحارب أميركا يعني فيه شعوب كثيرة مش مسلمة وبتعتبر نفسها مظلومة، فأيه.. مش ممكن نقول إنه دي حرب ضد المسلمين، شعوب في إفريقيا وفي أميركا اللاتينية مسيحيين أو غير مسيحيين بيعتبروا أميركا إنها.. دولة عظيمة وظالمة لهم، وهذا دليل أنا في رأيي كل الكلام اللي قلته دلوقت إن المواجهة الآتية مش مواجهة بين الأديان، دي مواجهة بين الشعوب الضعيفة والدول العظمى، وهي يعني مواجهة سياسية بحتة، ومن الخطير إن نقلبها إلى حرب دينية وصليبية زي ما يقول.

محمد كريشان: نعم، سيد عوضي.

محمد العوضي: بسم الله، في البداية لابد أن نفرق بين المسيحية والصليبية، بين اليهودية والصهيونية بين الإسلام وما ألصق به من سمة الإرهاب، هذا الثلاثي الموزع على الكون اليوم في قضية الإدانة وعدم الإدانة، الرضا من جانب وعدم الرضا من جانب آخر، لابد أن يكون واضحاً في هيكلية الفكر الإنساني عامة، فأنا أتعايش كمسلم يؤمن بالله -سبحانه وتعالى- مع كل الأديان، لأن الله سبحانه وتعالى -يأمرني (يا أيها الناس) ويقول في كتابه العظيم عدالة مع الآخرين: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) لاحظ ليس قضية الإقساط والعدل.. القسط والعدل، ولكن البر، والبر غاية المعاملة الحسنة والحقوقية، لمن؟ الذي لا يقاتلني، ولا يخرجني من دياري، ولا يشردني إذن التعايش هذا مطلوب بين كل الأمم، وأنا قد يكون الأستاذ روك.

محمد كريشان: السيد أيريك رولو.

محمد العوضي: أقرب إلي من حيث التعايش والتعارف والحوار من أخي الذي من بطن أمي وأبي، ليس قرباً عقائدياً، قرباً إنسانياً، فذاك قد أرفع عليه قضية ربما سرق، ربما روج مخدرات، أو يكون المواطن من نفس الدين، فيكون هذا المسيحي أو اليهودي، أو الذي لا ينتمي إلى دين في تعاملي معه إنسانياً أكثر من ذلك الذي من ديني، إذن العدالة عامة والعقيدة خاصة نأتي بعد ذلك إلى قضية أسامة وتوجيه الحرب وجهة دينية إذا تأذن ليس بس.

محمد كريشان: نعم، اتفضل.

محمد العوضي: لمحة سريعة حتى ندخل في.. لماذا يقال هذا الكلام؟ لابد أن نعرف على تحليل المسألة، في عام 1497م عندما قام (فاسكو دوجاما) بالاستعانة بالمسلم (ابن ماجد) وأراد أن يصل إلى رأس الرجاء الصالح لكي يصل شرقاً إلى الجزر الهند الشرقية، كانت رحلة جغرافية علمية، وصل إلى هناك، من ثم قال كلمته التي تصنف صليبية مشهورة تبعد البحث العلمي الخاص الجغرافي، عندما قال بمجرد وصوله عند جزر الهند الشرقية: "الآن طوقنا الإسلام، ولم يبق إلا جذب الحبل ليختنق فيموت" إذن هناك مصلحة علمية عنده ومصلحة جغرافية وتجارية، إلا أن هناك أيضاً روح صليبية، أريد أن أفرق.

محمد كريشان: يعني تعتقد الآن ما يجري يعني لها هذا النفس الصليبي كما تعتقد؟

محمد العوضي: هذا، هذا ما أريد أن أشير إليه، لما تتابعت الكشوف العلمية وجاء الاستعمار الغربي، ثم برزت بعد ذلك القوميات الأوروبية والحروب الشرسة بين القوميات الأوروبية، كان جزء من القوميات الأوروبية مشحون ضد العالم الإسلامي وتوجه إلى تجزئة العالم الإسلامي، ومن ثم جيش المبشرين كان معهم، وأيضاً بعد ذلك صارت مرحلة الاستشراق كاستخدام الدين أداه في النشر والسيطرة والتبشير.

يأتي السؤال الملح: كيف نفهم –وهذا السؤال الخاص –أن أميركا، أوروبا دول علمانية؟ توارى الدين من حياتهم العملية والخاصة، ولم يبق إلا مواسم ونتف هنا وهناك، كيف تكون علمانية وصليبية؟ هذا إشكال، نقول: نعم، علمانية صليبية لا مسيحية، الدين المسيحي توارى، لكن الروح الصليبية نشأت، من..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني.. يعني عفواً يعني، لماذلا لا نستعمل مفردات أخرى؟ السيد أيريك رولو استعمل ثنائية الدول الضعيفة والدول الكبيرة، يعني أن تكون الدول الكبيرة الآن مسيحية والدول الضعيفة إلى حد ما إجمالاً من المسلمين وغير المسلمين، أن تكون المعادلة بهذا الشكل لا يعني بالضرورة أن هذه الحرب الصليبية، يعني يمكن أن تكون حرب القوي على الضعيف، أو حرب العالم المتطور ضد العالم المتخلف، يعني لماذا نعطيها هذا الطابع؟ من أين استمديت هذه السمة؟

محمد العوضي: استمدها بأن يعني، ولذلك أريد أن أؤكد على أن كراهية المسلمين من قبل المسيحيين لا لحساب النصرانية، النصرانية بريئة، ولكن الحساب الأوروبيين المستعمرين على أنهم أعداء للإسلام، من يشرح لنا هذه الفكرة؟ (ليوبولد فايتس) النمساوي المستشرق الكبير في كتابة "الطريق إلى الإسلام" يقول: عندما احتكت مع بدايات الحروب الصليبية الرسمية احتكوا في العالم الإسلامي، أصبح التفاعل الحضاري، كان هنا مرحلة الطفولة الحضارية الأوروبية، هذه الطفولة الحضارية الأوروبية، التي تطورت علمياً وأخذوا من المسلمين العلم، ولكن ظلت الروح الصليبية، هذه الطفولة جلست في العقل الباطن، وإخراجها كان بطيئاً جداً مع تواري الدين إذن توارت المسيحية، وبقيت الصليبية فنحن لسنا ضد المسيحية ولكن الصليبية، وفلته لسان بوش أنها صليبية ثم تراجع، أنت تعرف الإنسان عندما تكون متمكن وهادئ الأعصاب يحسب كلماته ويسرب من خلال العقل ما يضبط اللسان، ولكن في لحظة الغضب يخرج ما هو مكتنز في قاع النفس وفي العقل الباطن فيقول صليبية، فيمسك منها والاستخبارات لهم علاقة بهذا الشيء ثم النسر النبيل قالوا أنه: شعار أيضاً، ثم هناك خطورة كبيرة -أستاذ محمد- أنا أريد أن أوضحها للمشاهدين عندما يقوم الصرب بعمليتهم البشعة في البوسنة يقال الصرب، الإشارة إلى القومية، عندما يقوم النازيون الألمان يقال نازية، عندما يقوم الفاشيون الإيطاليون يقال الفاشية الإيطالية، عندما تقوم أي عرق ينسب إلى عرقه، لكن إذا قام مصري أو باكستاني أو سعودي لا يقال عربي أو باكستاني أو سعودي يقال: مسلم فتختزل القومية في العقيدة، هذا فرق خطير مطروح في الساحة.

محمد كريشان: نعم، سيد أيريك رولو، يعني الجدل بالطبع مازال قائماً ولا يمكن أن يحسم هذه الليلة، ولكن يبدو أن هناك تجاذباً واضحاً في موضوع الإسلام، يعني أسامة بن لادن يتحدث باسم المسلمين، وأنت أشرت إلى من أعطاه هذه الشرعية، ولكن أيضاً في نفس الوقت الولايات المتحدة تتحدث بأن بن لادن لا يمثل الإسلام، وبالتالي أيضاً السؤال أيضاً مطروح من أعطي الولايات المتحدة شرعية أن تتحدث أن أسامة بن لادن لا يمثل الإسلام، أعتقد أن هناك محاولة لتوظيف الإسلام من.. من قبل هذا الطرف ومن قبل الطرف الآخر، يعني هل تعتقد بأن الإشكالية مطروحة بهذا الشكل؟

أيريك رولو: أنا في رأيي إنه بن لادن بيحاول بشكل واضح توظيف الإسلام، ده رأيي الشخصي، وأنا لا أقول هلس، قرأت وسمعت تصريحات كثيرة من القادة المسلمين.. قصدي القيادات الإسلامية انتقدوا بن لادن، مش معاه، فأنا أظن إنه ما عنده شرعية.

محمد كريشان: عفواً، ولو أن ابن لادن سماهم علماء السلاطين والمنافقين، يعني هو في الكلمة اعتبر بأن ربما من وقف ضد انتقام الضحية من الجلاد -كما وصفها- سماهم بالعلماء السلاطين والمنافقين، يعني هو لا يوافق حتى بعض الاتجاهات الذين تحدثوا باسم الإسلام لإدانة ما جرى على ما أعتقد، نعم تفضل.

أيريك رولو: على كل حال أنا لاحظت إنه انتقد أيضاً الأمم المتحدة، أنا مش هأدافع عن الأمم المتحدة كأمم متحدة، يعني وطبعاً لا.. لا أنكر ولا أحد ينكر أنه عيوب الأمم المتحدة كثيرة، ولكن اختلف مع كلام أسامة بن لادن في قصة إنه الأمم المتحدة جزء من القوات الصليبية -كما قالها- عيوب الأمم المتحدة ناتجة من الخلل الموجود في علاقات القوة.

محمد كريشان: يعني، نعم، لو سمحت لي فقط.

أيريك رولو: تفضل تفضل.

محمد كريشان: نقطة الأمم المتحدة أفضل أن.. أن نتركها.

أيريك رولو: تخليها طبعاً.

محمد كريشان: يعني حتى نبقى على استرسال فيما يتعلق بحقيقة الصراع مثلما قال، يعني لو نعود إلى السفير كريستوفر روس في واشنطن، وهو مستشار خاص بوزارة الخارجية الأميركية، عندما تحدث أسامة بن لادن عن حقيقة الصراع هو اعتبر بأن الصراع من جهة نظره بين الصليبيين -كما وصفهم- وبين الإسلام والمسلمين القضية أن الولايات المتحدة تكرر باستمرار بأن هذه الحرب ليست دينية وبأن هذه الحرب ليست ضد الإسلام، ومع ذلك يبدو وكأن هذا التكرار لا يؤدي المعني ولا يوجد نوع من الاقتناع، يعني هل تعتقد بأن هناك إشكال في مصداقية الولايات المتحدة والغرب عندما يتحدث بأن هذه.. هذه المعركة ليست ضد الإسلام؟

كريستوفر روس: كيف يمكن أن يكون هناك سوء فهم حول الموضوع؟ مات ألوف الأبرياء في الجرائم المرتكبة من قبل تنظيم القاعدة، أعلنا أنه لا.. على هذا المجرم.. هذا المجرم أن يعاقب، وحربنا جاءت نتيجة رفض الطالبان تسليم مرتكبي هذه الجريمة إلى.. إلينا، فمن أين أتت فكرة الحرب ضد الإسلام؟ نحن لم نذكر الإسلام مرة، ذكرنا الإرهاب والجريمة، فالحرب هي ضد مرتكبي هذه الجرائم ومرتكبي هذه الأعمال الإرهابية، فالطرف الآخر هو الذي جاء بهذه التسمية، فهي تسمية خاطئة جداً.

فعودة إلى.. إلى ما ذكر من قبل، الولايات المتحدة لا تحاول أن توظف الإسلام بشيء، طرحنا سؤال.. صحيح طرحنا سؤال: من يمثل الإسلام؟ ولكن الجواب ليس لنا، الجواب للعالم الإسلامي ككل، فطرح السؤال ليس.. لا يعادل الجواب، الجواب متروك للشعوب الإسلامية وعلمائها.

محمد كريشان: نعم، سيد روس، يعني بالنسبة لإشارة أسامة بن لادن بان زلة اللسان أو ما وصف بأنه زلة لسان للرئيس بوش كلمة صليبية ولو أن واشنطن حاولت فيما بعد أن توضح الأمر، ومثلما أشار ضيفنا السيد عوضي هنا بأن هذه الزلة ربما نكون معبرة، وأنها في الحقيقة قد لا تكون زلة لسان لأنها قد تعبر عما يختلج في ضمير الرئيس بوش ومن ورائه ربما الطبقة السياسية في الولايات المتحدة كيف يمكن أن نقدم تبرير مقنع لهذه الزلة وبالتالي لا يمكن أن نبني عليها؟

كريستوفر روس: أستاذ محمد كلمة crusader فقدت ها المعني اللي أشرتم إليه، يعني الكلمة مستعملة في أميركا لأي جهد مستمر وأيضاً في الميدان العسكري لا تنسوا أنه (أيزنهاور) لما تكلم عن تحرير أوروبا من النازية تكلم عن الـ the crusade for Europe فطبعاً في الشرق هذه الكلمة لها المعنى الأصلي يمكن، عندنا راحت.. راح.. راحت هذه المعنى فصارت كلمة عادية، وأنا أعرف جيداً إنه الرئيس بوش ما كان في نيته أبداً أن يشير إلى.. إلى البعد الديني السابق لهذه الكلمة.

محمد كريشان: نعم، سيد أيريك رولو في الأستديو، أيضاً أسامة بن لادن اعتبر ما يجري الآن في أفغانستان اعتبره أولاً لا علاقة له بأهل أفغانستان، يعني هو إلى حد ما حاول أن يفصل بين ما جرى في واشنطن ونيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر وبين أهل أفغانستان، اعتبر أن لا علاقة لهم ولا دليل، ثم أيضاً يصل بأن ما يجري الآن في أفغانستان هو حلقة من سلسلة حلقات، يعني قدم تصور معين لتسلسل التاريخ، يعني هل معني رفض مفهوم الحرب الدينية والحرب الصليبية -مثلما ذكرت- يعني أيضاً رفض لهذا المنطق بأن ما يجري الآن هو حلقة من سلسلة حلقات؟

أيريك رولو: لا أظن، لأنه الأميركان أنا مش عايز أتكلم باسمهم يعني بس حسب كلامهم إنه الطالبان مسؤولين عن هذه الحركة، لأنه بيحموا القاعدة وزعيمها بن لادن، فمنهم بيبرروا الهجوم على أفغانستان على هذا الأساس مش على أساس إنه شعب إسلامي مسلم، على الأقل أنا رأيي أظن عبرت عنه من بضعة أيام على.. على قناة (الجزيرة) المسألة في ذهني غير.. مسألة غير واضحة، لأنه حتى الآن ما سمعت ما هي الأدلة اللي في.. بين أيدي الأميركان على إن أولاً إنه بن لادن هو مسؤول عن.. عن هذه العمليات، ثانياً: لماذا رفضوا إن يقدموا هذا البراهين للطالبان، لأنهم كانوا قالوا مستعدين يسلموه على أساس إنه فيه براهين، ما فيه بلد في العالم بيسلم شخص بدون ما يكون فيه أدلة إنه هو.. إنه..

محمد كريشان: متورط فيها، نعم.

أيريك رولو: متورط فيها، فأنا عندي تساؤلات في هذا الموضوع على كل حال فيه اقتناع عام إنه هو بن لادن هو المسؤول، فيه اقتناع عام إنه الطالبان قد لم يشتركوا في العمليات، ولكن بيحموا ناس اشتركوا في عمليات إجرامية، فقامت هذه قامت هذه (القائمة)، والهدف هو قلب نظام الحكم في للطالبان، ولكن عندي تساؤلات عن هذا الموضوع، أيه الهدف الحقيقي لهذه الحرب؟ لا أعلم.

محمد كريشان: ولكن سيد عوضي إذا ما استمرت الحرب خلال شهر رمضان وهذا هو الأرجح، بغض النظر وافقنا أم لم نوافق على تسمية الحرب دينية أو صليبية –كما يسميها أسامة بن لادن- الحرب في رمضان، هل تعطي مسوغ إضافي لأسامة بن لادن ومنطق أسامة بن لادن؟

محمد العوضي: والله أنا لا أعتقد ذلك، لأن عندما سمعنا أمس الناطق الرسمي أو المستشار الملا عمر في حواره مع (الجزيرة) قال: نحن شرع الجهاد في معارك كبيرة كانت، فتح مكة كان في رمضان، معركة بدر كانت في رمضان، يقول: نحن مستعدون للجهاد، هذه واحدة.

ثانياً: متي كانت أميركا تراعي أن هذا رمضان أو ليس رمضان؟ الذي يريد أن يهتك عرض إمرأة هل يراعي أنه في شهر أو في غير شهر؟

ثالثاً: أنا لا أدري لماذا نكلم أميركا بخطاب شرعي لا تنتمي إليه ولا يلزمها بشيء؟! المسألة كلها محصورة للضرر الذي سوف يصب على.. بالدرجة الأولي على باكستان، البشتون والظروف السياسية واللوجستية.. كل هذا تخليص باكستان من الأزمة القائمة بها، إلا أنني أريد أن أزيد وأضيف: أن أميركا حتى في قضية مناصرتها للمسلمين لا تنطلق من موقف إنساني خالص، إنما تنطلق من مبدأ ذرائعي براجماتي بحت، فنحن اليوم نسمع أن مثلاً أميركا دخلت في كوسوفو، ونقلت الصور الأليمة في القنابل التي تفجرت في السوق والناس كيف تلبط في دمائها وتنزف، فكان مشهد.. لماذا تصعيد ضد الصرب؟ لمصالح لها، ولكن السؤال الكبير: لماذا لا تنقل أميركا الآن وأمس وأول أمس وهذه اللحظة، لماذا لا تنقل صور الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ يحرقون ويسحقون في بيوت طين، ويدفنون بالجملة وتدفن أسر بأكملها تحت التراب؟ لماذا لا تنقل أميركا هذا الرأي إن كانت إنسانية، وإن كانت تريد أن تفرق بين الإرهاب وبين المسلمين؟ هذا السؤال الذي يلح علينا.

محمد كريشان: ولنطرح هذا السؤال على السفير كريستوفر روس، سعادة السفير.

كريستوفر روس: أنا ما فهمت السؤال بالضبط، يعني السؤال هو: لماذا لم ننقل صور الأبرياء إلى آخره.

محمد كريشان: يعني.. نعم، السؤال يعني طالما أن هناك سقوط لأبرياء مدنيين من أطفال ونساء في أفغانستان، لماذا لا ينقلها الإعلام الأميركي، في حين أنه غطي صور لمدنيين وأطفال ونساء وغيرهم في.. في حرب البوسنة، وفي مثلاً عندما سقطت القنبلة الصربية في أحد الأسواق المزدحمة في البوسنة أظهر الإعلام الأميركي.. صور الضحايا وأشلاءهم، بينما الآن هناك توجه –كما يقول- لإخفاء هذه الحقائق في إصابة المدنيين بالنسبة للولايات المتحدة.

كريستوفر روس: أنا أؤكد لكم أنه من خلال قراءتي للصحف والمجلات الأميركية، ومن خلال مشاهدتي القنوات.. على القنوات التليفزيونية لاحظت أنه.. أن هذه الظاهرة المؤلمة واللي إحنا نتأسف عليها، هذه الظاهرة نقلت وكتب الكثير عن هذه الناحية، أنا عندي كمان سؤال: لماذا لا ينقل القنوات الأخرى غير الأميركية صور من.. من الإغاثة الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة للأفغان داخل وخارج أفغانستان براً وجواً؟ هذا.. هذا الخبر تقريباً نادر، تقريباً اختفي..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني عفواً.. عفواً.. سيادة السفير، يعني ربما.. ربما تزامن الإغاثة مع القنابل، وهي يعني ثنائية إلى حد ما غريبة أن تلقي القنبلة وتلقي كيس من الرز، ربما هذه الثنائية هي التي أهملت الجانب الإنساني حتى إذا ما أمكن وصفه بهذا.. بهذا الشكل يعني.

كريستوفر روس: في تقديري الخبرين هامين فلا يجوز ترك واحدة منهما على حساب الثانية، خلينا ننقل كل الصور، كل الأخبار.

محمد كريشان: نعم.

محمد العوضي: نعم عندي تعليق على السؤال.

محمد كريشان: نعم تفضل.

محمد العوضي: أنا أقول لأميركا لا تضربون القنابل على الناس وتشردونهم وتحرقون قراهم ومدنهم، وتضربون حتى المواضع السلمية والرسمية الدولية، كالصليب الأحمر والمستشفيات ومواقع الإغاثة، لا تضربون بالقنابل، ولا تنزلون أكل، ولا تلقوا بالأكل على الناس في صحراء ولا يستطيع أن يفعل فيها الإنسان شيئاً، ثم بعد ذلك مثل القصف الحارق للمدنيين وإلقاء الطعام، أنا أشبهه كمثل رجل يغتصب أماً أمام أطفالها، فعندما ينتهي من جريمته يوزع عليهم (كتكات) أنا هذا أفهم هكذا المشهد.

محمد كريشان: سيد أيريك رولو، لا تفهمه بهذا الشكل.

أيريك رولو: لا.. لا.. أنا موافق مع.. مع الأستاذ محمد، وفعلاً أنا اصطدمت يعني من الصورة دي إنه ترمي القنبلة، وفي نفس الوقت ترمي الرز، هذا شيء غير مقبول، حتى مش أنا الوحيد من رأيي، لأنه الـ.. المنظمات الإنسانية هي احتجت كمان على هذا، احتجت لأسباب مختلفة منها إنه الغذاء لا يوصل للأهالي، لا يوصل للأهالي يعني من الأسباب يعني، فأظن حتى في أوروبا كان رد الفعل سيئ لهذه العملية.

محمد كريشان: نعم، بالنسبة لموضوع الشرعية الدولية والأمم المتحدة.

محمد العوضي[مقاطعاً]: ممكن تأذن لي بنكتة صغيرة تتمة.. لكلام الأستاذ..

محمد كريشان: نعم.. اتفضل.. اتفضل..

محمد العوضي: سيكولوجية النكتة تختصر فيها المشاعر المجتمعية دائماً، وتوزع بسرعة اليوم على الماسيجات التليفونات تأتي لك نكتب ورسائل كثيرة، فمن الرسائل التي جاءت في قضية الطعام: يقال أن أميركا نزلت.. أنزلت ساندوتشات على الأفغانيين الجياع المشردين على الأرض، فلما مسك الأفغاني الساندوتش وقضمها كانت جافة ناشفة، فالتفت إلى الطيار الأميركي قال: أين الكاتشب يا كفرة؟! ما فيه كاتشب؟! ما فيه مايونيز ؟! ما فيه حاجة؟ ! فهذه انتشرت جداً، نسمعها من أفواه الناس وكذا.. بما لها من دلالة..

الشرعية الدولية ودور الأمم المتحدة في القضايا العربية والإسلامية

محمد كريشان: هي كان رسام الكاريكاتير المصري –أعتقد- مصطفى حسين وفكرة أحمد رجب، نعم، سيد أريك رولو، يعني بالنسبة للشرعية الدولية، ما ورد في كلمة أسامة بن لادن ونريد دائماً أن نربط نقاشنا بكلمة أسامة بن لادن والمنطق الأميركي المضاد، موضوع الشرعية الدولية عدا ما ورد في كلمة أسامة بن لادن لدي الشارع العربي والإسلامي اقتناع عريض بأن الشرعية الدولية تصلح لكل الناس إلا عندما تصبح في صالح العربي والمسلمين، هل تعتقد بأن هذه النقطة هي نقطة محورية، وتشكل نقطة ضعف رئيسية في الشرعية الدولية. مما يبرر الهجوم على الأمم المتحدة ربما؟

أيريك رولو: لأ، زي ما قلت للأمم المتحدة عيوب ما فيش شك، والشرعية الدولية في كثير من الأحيان توظف لصالح الأقوياء وضد الضعفاء، هي مسالة يعني.. مش مسألة مسلمين ومسيحيين –مرة أخرى- هي مسألة علاقات القوة داخل المجتمع الدولي، فليست كل القرارات للأمم المتحدة سلبية، وظالمة، دا مش صحيح، كان فيه قرارات إيجابية وفي صالح الشعوب الضعيفة، ونحن نعلم أن كثير من هذه القرارات كانت –في حين الأحوال- لصالح الدول النامية وعندما كانت الدول.. هذه الدول في مركز القوي، عندها كانت موازين القوة في صالحها، والشعب الفلسطيني كان من بين الشعوب التي استفادت من هذه القرارات الإيجابية صحيح أنه أغلبية هذه القرارات بالنسبة للفلسطينيين لم تنفذ، ولكن ليس هذه نتيجة إرادة أو سوء نية الأمم المتحدة، إنها لم تنفذ بسبب تحالف أميركا بدولة إسرائيل، وبأيضاً بسبب ضعف أوروبا، ضعف مجموعة الدول العربية تجاه أو أمام الولايات المتحدة، فيعني عايز أقول من كده أنه ممكن الشعوب الضعيفة تستغل الأمم المتحدة في الدفاع عن حقوقها، بس لازم يقووا أنفسهم، لازم يحسنوا مركزهم، يتحالفوا مع الدول اللي مستعدة تساعدهم، وممكن ياخدوا قرارات إيجابية.

محمد كريشان: نعم، سفير كريستوفر روس في واشنطن، ما ورد كلمة أسامة بن لادن من (كفر)، يعني بين قوسين -كفر واضح بالشرعية الدولية، حتى أنه وصف القادة العرب والمسلمين الذين يلجؤون للأمم المتحدة لحل بعض المشاكل بأنهم مخادعون لأن الشرعية الدولية -حسب تعبيره- لم تحل أي من القضايا العربية، وأن ليس هناك أمة عانت مثلما عانى العرب والمسلمون مثلما قال، وحتى في الكلمة التي تفضلتم بذكرها في البداية مكتوبة سيد روس، تحدثتم عن كل شي إلا عن المسألة الفلسطينية، وهذا ربما اليد التي تؤلم الإدارة الأميركية، كلما تتحدثون عن العدالة الدولية أو عن ضرورة تسوية النزاعات يمسككم العرب والمسلمون من اليد التي تؤلمكم وهي إسرائيل، مرة أخرى ربما الموقف الأميركي من إسرائيل ودعمها الكامل لإسرائيل في كل الأحوال هو الذي جعل منطق أسامة بن لادن في الطعن في الشرعية الدولية منطق مقبول لدى شرائح واسعة من الشارع العربي، ما رأيكم؟

كريستوفر روس: يا أستاذ محمد، القرارات الدولية ليست تلقائية في التنفيذ، عادة القرار يطلب التفاوض، ففي حالة الصراع العربي الإسرائيلي الذي هو منفصل تماماً عن الحرب ضد الإرهاب، في قضية الصراع الإسرائيلي العربي، الشرعية الدولية متمثلة في قراري الأمم المتحدة 242، 338، فالـ 242 والـ 338 تطلب من الأطراف أي أن تدخل في مفاوضات فالولايات المتحدة بالذات راعت مفاوضات على أساس هذين القرارين، وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام لعشر سنيين مضت، فلا يمكن أن يتهم.. يتهم أحد الولايات المتحدة بالتخلي عن هذا الموضوع، هل هناك أطراف دولية أخرى شاركت أو ساهمت في هذا الجهد؟ الولايات المتحدة هي اللي لعبت الدور الرئيسي في تعزيز فرص السلام في الشرق الأوسط، فرص السلام المبنية على قراري الأمم المتحدة اللذين يمثلان الشرعية الدولية بالذات.

محمد كريشان: ولكن هذان القراران سفير روس ينصان بوضوح على عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، وعندما أشرت إلى العشر سنوات من المفاوضات هذه ضد واشنطن وليست لها، يعني مثلاً (إسحاق شامير) ذكر بأنه كان يهدف إلى إطالة أمد المفاوضات لمدة عشر سنوات ولا يعطي شيئاً، هذا ما جرى في نهاية الأمر، يعني أنتم ترعون المفاوضات صحيح، ترعون ضرورة إجراء محادثات صحيح، ولكن الآن ماذا نشهد؟ نشهد عودة لاحتلال أراضي، حتى الأراضي التي توصف بأنها أراضي السلطة الوطنية، (شارون) يصول ويجول، والإدارة الأميركية توجه له لوماً خفيفاً، يعني كل هذه العناصر كأنكم تصبون الزيت على نار المنطق الذي يتحدث به بن لادن هل تشعون بأن سياستكم في الشرق الأوسط ودعمكم اللا مشروط إسرائيل إنما يغذي منطق بن لادن؟ وحتى إذا ذهب بن لادن وألقي القبض عليه، هذا المنطق سيستمر مع غيره.

كريستوفر روس: يا أستاذ محمد، الولايات المتحدة طرف مساعد.. طرف مساعد في الصراع الإسرائيلي.. في حل الصراع الإسرائيلي العربي، الأطراف المعنية مباشرة عندها مواقف متفرقة، فنحنا حاولنا منذ عشرة سنين أن نعمل نوع من التقارب في وجهات النظر وفي المواقف المختلفة هذه ليست عملية سهلة، ولا يمكن لأميركا أن تجبر أي طرف على الامتثال، لهذا السبب المطلوب هو المفاوضات بين الأطراف، فصعوبة المفاوضات ترجع أساساً إلى مواقف الأطراف المعنية مباشرة، وعلى كل حال أظن إنه خرجنا قليلاً عن الموضوع.

محمد كريشان: سيد أيريك رولو، هل تعتقد بأن خرجنا عن الموضوع أم.. أم العنصر الفلسطيني هو أساساً يعطي الكثير من الوجاهة لمنطق أسامة بن لادن؟ يعني حتى الذين لا يتفقون معه في اعتبار أن الحرب دينية أو أنها صليبية أو أنها كذا، عندما يصل إلى الموضوع الفلسطيني ربما يكسب مناصرين له، هل تعتقد ذلك؟

أيريك رولو: أعتقد هذا، لأنه فيه ناس كتير في أوروبا وبعض الحكومات الأوروبية بتعيب على الولايات المتحدة على أنها لا تريد أن تواجه الجذور السياسية للإرهاب، إحنا متفقين إنه لازم نحارب الإرهاب بس يمكن فيه خلافات بين أوروبا وبين أميركا على أيه.. ما معني هذا الإرهاب؟ ولماذا ظهر؟ فهذا عيب كبير، لأنه أنا شخصياً وكثيرين في أوروبا من رأيهم إنه لن نقضي على الإرهاب، وحتى إذا قتلوا بن لادن، هيصبح بن لادن كثيرين بعده، والإرهاب يستمر، ما دام الولايات المتحدة وأوروبا لا تحل المشاكل التي تشكني منها العرب والمسلمين، فأنا في رأيي علشان أجيب على سؤالك، إنه المشكلة الفلسطينية يمكن في قلب الموضوع..

محمد كريشان: ليس خروج عن الموضوع..

أيريك رولو: ليس خروج أبداً، بالعكس يعني لا يمكن أن نبحث في موضوع الإرهاب بدون ما نفهم غضب العرب مش من اليوم، من عشرات السنين على هذا الموقف اللي سمعناه الليلة، إحنا بنسمع الليلة أيش؟ إنه والله بيتفاوضوا وممكن بتفاوض، يعني زي ما تقول..

محمد كريشان: الله يوفقهم.. الله يوفقهم !!

أيريك رولو: ربنا يوفقهم، آه إحنا أظن مش لازم نكون ضد المفاوضة بس مش على كل شيء، المفاوضة على كيف نطبق قرارات الأمم المتحدة اللي هي بتطالب إسرائيل أن تجلو جلاءً تاماً عن الأراضي المحتلة، وهذا الأميركان ما بدهم يعترفوا بيها دي، عايزين هم.. يعني دلوقتي إسرائيل بتفاوض على مسائل خارجة عن هذا إطار الأمم المتحدة، والأميركان قبلانين فيها، فهذا خطأ تاني شيء: ناسي الأستاذ.. السفير روس إنه الولايات المتحدة دائماً تستعمل حق الفيتو، لوقف أي نقد للسياسة الإسرائيلية، حتى إذا دبحوا عشرات الأشخاص نأتي في الأمم المتحدة أو في..

محمد كريشان: مجلس الأمن..

آيريك رولو: مجلس الأمن، ونجد الفيتو الأميركي ليمنع أي condemnation-condemnation يعني أي نقد للسياسة الإسرائيلية، وهذا طبعاً إسرائيل هيستفيدوا منها، فمش ممكن إحنا تاني شيء لازم أقولها: إنه الأميركان من 30 سنة عايزين ينفردوا بالحل، يعني عملوا كل اللي ممكن يعملوه حتى يبعدوا أوروبا من عملية السلام، مع إنه أوروبا ضامنة من ضمن الدول يعني تطبيق هذا القرار، ليش الأميركان بينفردوا بعملية السلام ومش قبلانين إنه العملية دي تقوم تحت إشراف الأمم المتحدة ؟ لأنه إشراف المتحدة يكون تضمن إنه هذا القرار ينفذ، فهذا أنا عندى الحقيقة نقد شديد على السياسة الأميركية في هذا الموضوع.

محمد كريشان: نعم، سيد عوضى.

محمد العوضى: والله في البداية نرجع إلى يعنى أنا مؤيد الأستاذ ، بس نرجع إلى الأمم المتحدة، المنظمة هذه ذاتها، الأمم المتحدة الآن لا تمثل إلا مكتب فى الخارجية الأميركية، الأمم المتحدة -كما تفضل الأستاذ رولو- بأنها يعنى أميركا استخدمت أكثر من 80 حق فيتو ضد الفلسطينيين وتأييداً لإسرائيل ، أين المستضعفون وحقوقهم من هذه المنظمة؟ أين.

محمد كريشان: الإدارة.. الإدارة الأميركية تقول يعنى لا ربط بين هذا وذاك ، يعنى هذا لا يبرر الإرهاب يعنى برأيها.

محمد العوضي: نحن لا نبرر الإرهاب، لكن هذا أيضا نوع من الإرهاب في أن تتسلط وتسير منظمة دولية لصالحك.. لمصالحك الشخصية، حتى (تاتشر) في جزر (فوكلاند) عندما ذهبت أساطيلها إلى هناك ولوحوا لها بالأمم المتحدة قالت: هذا ليس لنا هذا للشرق"، انظر إلى التحيز الخطير في هذه المسألة ؟ بقي السقوط لهيئة الأمم المتحدة ، عندما توافق أميركا على التدخل في أفغانستان وقلب نظام الحكم ، هذا هو السقوط الذريع.. والجاهليون لم يسقطون في هذا الذي يسمى "شرف الخصومة" الذي سأضرب له مثلا جاهليا بعد نشرة الأخبار إذا أردت.

محمد كريشان: نعم ، هو أيضا حتى السفير كرسيتوفر روس أشار إلى الائتلاف الدولي ، وحتى البعض ربما يحاجج فى إلى أى مدى ما تقول به واشنطن الآن ولندن ربما يعتبر ائتلاف دولي ، هو ربما تحالف بين الولايات المتحدة وبريطانيا لمهمة معينة في أفغانستان ، وإلى أي مدى ربما عودة حتى المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي في سياق الحملة الحالية جعل ربما حتى حركة طالبان تصفه بأنه عميل للولايات المتحدة ، وهو تعبير -ربما للآسف- ظالم بالنسبة للسيد الأخضر الإبراهيمي ، ولكن السياق الدولي ربما الذي جعلها تقول مثل هذا الكلام .

[موجز الأنباء]

محمد كريشان: كنا مع السيد محمد العوضى يتحدث عن الأمم المتحدة ، اتفضل سيدي.

محمد العوضى: أنا بس أكمل تتميماً للحديث الذي مضى، أن الأمم المتحدة أصبحت -كما قلنا- غرفة ملحقة في الخارجية الأميركية، وضربنا الأمثلة على ذلك ويكفي الفيتو ضد الفلسطينيين، وإذا انتبهنا لآخر كلام بن لادن قال كلمة مهمة للغاية وهي شعور العالم الإسلامي -شئنا أم أبينا – لا تفريق بين أميركا وإسرائيل، وهذه جوهرية ، أنا عندما أجد أن (ديك تشينى) نائب الرئيس الأميركي لا يعتبر الاغتيالات الإسرائيلية عبر طائرات الأباتشي للفلسطينيين ما يسميه اغتيال، عندما أجد BBC تسقط مصطلح الاغتيال، عندما أجد الـ BBC تسمح لـ.. قبل شهر لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (نتنياهو) يتكلم بساعات طويلة ضد الإسلام و المسلمين ولا يسمح لصوت عربي أو مسلم أن يتكلم، يعنى العدالة مفقودة، لكن شرف الخصومة مفقودة أيضا، في الجاهلية عندنا مثل بسيط جداً –أستاذ محمد- أبو سفيان كان خصما –قبل إسلامه- للرسول ، و هزم المسلمون لمخالفتهم للرسول في معركة أحد ، عندما هزم المسلمون وانفصل الجيش عنه، قال أبو سفيان : يوم بيوم ، انتم انتصرتم في معركة بدر ، ونحن انتصرنا في معركة أحد، قال الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم: انظروا إلى أبى سفيان والمشركين هل سيركبون الخيول أم يمتطون الأباعر، لماذا قال؟ إن ركبوا الخيول ذهبوا إلى المدينة حيث النساء والأطفال والعزل يبيدونهم، وإن ركبوا العير الجمال، يعودون إلى حيث جاؤوا، فركبوا العير وعادوا، فيه شرف خصومة، فيه أبرياء انتهوا، يعنى لا دخل لهم ، بينما الذي تصنعه.. نحن ندين العمليات التي حصلت في واشنطن المخيفة، لكن أيضاً الذي تصنعه أميركا الآن تحت مظلة الأمم المتحدة المهزومة التي هي جيب أميركا هي السقوط لهذه المنظمة المنحازة مع الأقوى ومع (…).

محمد كريشان: يعنى نسأل السفير كريستوفر روس، يعني البعض وليس فقط السيد عوضي، يعني البعض، مثلاً منظمة العضو الدولية عندما أصدرت بيان بعد أحداث.. أحداث سبتمبر، طالبت بضرورة العدالة وليس الانتقام ، هل تعتقدون بأن ما يجرى الآن هو انتقام أم سعي لتحقيق العدالة ؟ والبعض يشكك كثيراً في هذه الثنائية .

كريستوفر روس: نحن قضينا شهرين ، طلبنا في هذه الشهرين تسليم مرتكبي الجريمة ، فحركة طالبان رفضت هذه المطالبة، فإجت.. جاءت العمليات العسكرية لإلقاء الٍقبض -في نهاية الأمر- عن المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت، فالعمليات العسكرية لم تأتِ في البداية ، قضينا الشهرين منتظرين جواب من طالبان، جواب لم تأتِ، ولكن أريد أن أعود إلى نقطة ذكرت من قبل، الفرق أو العلاقة بين الإرهاب والصراع الإسرائيلي- العربي ، الإرهاب الذي يحاربه.. يحاربه الائتلاف اليوم ليس منبعه أو مصدره الفلسطينيون.. الفلسطينيين، هم أبرياء من هذه التهمة، فاستغلال صاحب البيان الذي أذيع في مستهل البرنامج ، صاحب البيان يستغل القضية الفلسطينية من أجل جلب التأييد وتخفيف الضغط عليه ، تماماً مثلما فعل صدام حسين حين دخل الكويت هاي نقطة، ثم سأل أحدكم: لماذا لا تشرف الأمم المتحدة على علمية السلام؟ الجواب واضح، من يختار راعي لعملية مثل تلك، الاختيار يتم من .. من خلال الاتصالات مع الأطراف ، وهم إلى يقرروا من سيراعى العملية ، ففي سنة 90 ، 91 جاء الإجماع على إنه الولايات المتحدة ستراعي عملية السلام ، وأن الأمم المتحدة ستلعب دوراً مساعدا ، وهكذا تم.

نقطة ثالثة: الأخضر الإبراهيمي هذا الشخص أحترمه كثيراً، تعرفت عليه عندما كنت سفير الولايات المتحدة بالجزائر، فلا يجوز أن يتهم بأنه عميل لأحد.. اتفضل.

محمد كريشان: نعم، سفير روس يعني ما أشار إليه بن لادن من أن الذين خرجوا للتظاهر لم يتظاهروا دعماً لأسامة وإنما نصرة للإسلام كما قال أنا أريد أن أطرح السؤال التالي: هل تشعرون بأن ما يحظى به بن من شعبية في بعض الأوساط، خروج بعض المظاهرات، خروج بعض البيانات أو بعض حتى شعور الناس -إلى حد ما- المكبوت الولاء له، وهناك تأييد ربما واسع لأسامة بن لادن في دول الخليج وفي المغرب العربي، ولكن قد يكون هذا التأييد مكتوم، هل طرح عليكم.. هذا التأييد الشعبي هل طرح على واشنطن تساؤل صريح: لماذا يؤيد الناس بن لادن إذا كان هو متطرفاً ومجرماً وإرهابياً بالنسبة للإدارة الأميركية، لماذا يؤيده الناس يعني هناك خلال –ربما- في مصداقية الخطاب الأميركي، وهناك خلل في السياسة الأميركية جعلت الناس يقفون مع هذا الإرهابي ومع هذا المجرم، كما تعتقدون؟

كريستوفر روس: هناك ظروف تجعل الناس مستعدين لقبول نداءاته، اليأس والبؤس والفقر والإحباط، هذا كله موجود في كل أنحاء العالم، ففي الدول الإسلامية والعربية خطاب هذاك خطاب مغري، لأنه يلبس خطابه في قالب معروف، تعود الناس عليه، ولكن في النهاية هذا الخطاب مضلل والناس مضللين، لأن هذاك لا يقدم للناس أي حل حقيقي، الكلام حلو –يمكن- لبعض الناس، ولكن ليس وراء هذا الكلام شيء.

محمد كريشان: نعم، على كل يعني سنحاول مع ضيفينا هنا في الأستديو أن ننظر أي مدي فعلاً كلام بن لادن هو مجرد كلام وحلو، ولكنه في نفس الوقت مضلل.

[فاصل إعلاني]

خطاب أسامة بن لادن بين المصداقية والتضليل

محمد كريشان: السيد أيريك رولو، خطاب بن لادن خطاب مغري ولكنه مضلل، هل تشاطر هذا الرأي؟

أيريك رولو: نعم، أنا بقى لي كام يوم متجول في الخليج، وقابلت الناس الكثير المسؤولين والمثقفين والصحفيين، ووصلت إلى نتيجة إنه بشكل عام المسلمين –أنا أظن- لا يؤيدون عملية الإرهاب، أكيد إنه عملية نيويورك وواشنطن دي اصطدموا بيها، ولا هم معجبين بالطالبان، ولكن في نفس الوقت هم ضد أميركا، فاللي عجبهم في حديث بن لادن هو إنه بيتحدي أكبر.. أو الدولة العظيمة الوحيدة في العالم النهاردة، وغضب العرب والمسلمين للمسائل اللي إحنا عارفينها، وهي غضب في مشاكل مختلفة، لقوا شخص بيعبر عن هذا الغضب، أنا ده أساس إن مش إعجاب بالإرهاب، هو إعجاب بكلام، لما تيجي نشوف كلام بن لادن ونحاول نحلل أيديولوجيته، بنكشتف إنه بن لادن لم يقل شيء جديد بالنسبة لكل زعماء الحركات القومية العربية منذ 30 سنة، يعني كان نفس كلامهم، بس بلباس إسلامي يعني بيتكلم، عن فلسطين، وعن الكبت وعن الهيمنة الأميركية ده كلام Anti – imperialist يعني ضد الإمبريالية، يعني ما اكتشفش شيء جديد، بس المضلل عنده بقى، الظاهر إن هو بقى أيه يائس.. يأس طبعاً كان فيه هزائم كبيرة للحركات القومية العربية والإسلامية انهزمت، وأكبر هزيمة هي كارثة أو نكسة حرب 67، فهو يائس، الظاهر، فبيفتكر إن هو ممكن ينتصر عن طريق الإرهاب وده غلطان، لأنه هو الظاهر احتضن وسائل أنصار اللي بيسموهم كانوا في روسيا في القرن التاسع عشر أنصار مبدأ العدم nihilist أو إذا حبيتوا الفوضويين الروس.

محمد كريشان: يعني هناك منطق عدمي في كلامه

أيريك رولو: منطق عدمي بيفكرني بالمنطق الناس اللي كانوا بيعارضوا القيصر والنظام القيصري فهم كانوا قايمين بعمليات إرهابية، وفعلاً حاولو يغتالوا ناس، وقتلوا أظن قيصر، من القياصرة ولكن فشلوا الناس اللي نجحوا مش الجماعة الإرهابيين اللي كانوا ضد القيصر، الناس اللي فشلوا هم اللي عندهم حركة شعبية، منظمين يعني جماعات (البوشريك) هم اللي انتصروا ومش الإرهابيين، الإرهابيين مش ممكن ينتصروا ليه؟ بن لادن النهاردة له شعبية إلى حد ما، ما فيه شك، ولكن بينقصه شيء مهم، هي الأرضية الشعبية، هو التنظيم على الأرض، ولابد من هذا التنظيم من هذه الأرضية لانتصار كفاح الشعوب، ماحصلش إنه حركة..

محمد كريشان [مقاطعاً]: هو عنده القاعدة..

أيريك رولو: القاعدة دي منظمة فيها يعني ناس بتقول بين ألف و5 آلاف يا سيدي، قول 10 آلاف، وما لهمش أرضية..

محمد كريشان: مافيش الامتداد الشعبي يعني تقصد؟

أيريك رولو: أبداً، هم جايين من بلاد مختلفة، وأنا في نظري معزولين، وقايمين بعمليات ضد أميركا، فالناس بتنبسط على أساس أنه أيه؟ بنتتقم بس الانتقام ده برضو شعور يعني غير محترم على.. المسألة مش انتقام المسألة هو هل ممكن ينجح ويجيب نتائج في مشكلة فلسطين والعراق وغير، أم لأ، أنا في نظري هو هيفشل، لأنه ما عندوش الأرضية الوطنية أو التنظيمات الوطنية اللي ممكن تساعده على الانتصار، مثلما حدث في أوروبا وفي يعني.. بلاد أوروبية مختلفة منها أنا ذكرت روسيا كمثل، بس كان فيه حركات فوضوية في أوروبا كلها فشلت، لم تنجح، لأن من السهل كبت وقتل الإرهابيين، ولكن مش من السهل قتل وكبت الحركات الشعبية المعارضة.

محمد كريشان: نعم، سيد عوضي، هل بن لادن يمثل ما يمكن أن يوصف بالإسلام اليائس بعد أن فشل الإسلاميون المعتدلون، المتمسكون بمنطق التغيير الهادئ والسلمي؟

محمد العوضي: هو في علم الإدارة الحديث –في آخر الدراسات- يقولون: يجب في القضايا الاجتماعية أن نجنب كلمة فشل ونجعلها كلمة تجارب، فالإنسان عندما يحقق تجربته بعد عشر سنوات من تسع محاولات إخفاق، تكون هذه المحاولات الإخفاقية يعني تبصير له في تركيب الحل الأخير، فالإسلاميين يبذلون جهداً وهم شرائح متنوعة في برامجهم وفي مناهجهم في القيام بمشروع إسلامي في دولة إسلامية بن لادن طريقة أخرى، خطت لنفسها خطاً واتخذته ويخالفه الكثير، بل ربما أغلب في الخط، لكن فعلاً عندما قام بهذه الأعمال طبعاً إحنا لا.. إلى الآن أنا لست متأكد أن بن لادن هو الذي فجر واشنطن، الأدلة تحتاج إلى إثبات، وكما نعلم في علم القانون الدولي الدليل يجب أن يكون حاسماً، يجب أن يكون جازماً، يجب ألا يتخلله الشك يجب أن يقدم لصاحب.. يعني هذا كلام يقوله الدكتور محمد سليم العوا القانوني، يقوله الدكتور البوطي الشرعي يقوله كثيرون، إلى الآن المسألة بين شد وجذب وملتبسة، أقول بن لادن طرح نفسه أمة تبحث عن بطل عن منقذ، وفي مخزونها الشعوري –كما يقول مالك بن نبي صاحب كتاب "شروط النهضة"- في مخزونها الشعوري صلاح الدين يسكن، وكلما جاءت لحظة مواجهة تحرك هذا الصلاح في النفوس البشرية المسلمة طرح نفسه بطلاً، واجه أميركا أكبر قوة متسلطة عاتية قوية في الكون، فالتفت حوله الجماهير ووجدوا فيه إخلاصاً من خلال خطابه، -كما قال محمد عمارة اليوم- يعني أحسوا أن الرجل صادق وفيه صدق وبسيط، ودعنا عن عدم موافقتنا مع آلية وأفكار معينة عنده كثيرة، لكن في الحس العام التف حوله، لدرجة أن الناس بدأت تحب الأفغان بدأت تميل لهم، ليس فقط لأنهم ضربوا، ولكن لعدة ملابسات، أنا شفت message عند بعض أولاد الثانوية يقول: "كل ليل وله نهاره يمحيه، وكل زرع له غيثه ويسقيه وكل أميركي له أفغاني يربيه!! "تصور بهذا المنطق حقق بن لادن حضوراً في وعي الأمة، نحن كيف نتعامل بعيداً عن المشاعر والعواطف وبعيداً عن فقط الرمزية؟ هذا ما يحتاج إلى تبصير وإلى.. نقطة لابد أن يعني ألفت النظر لها، إحنا قلنا صليبية، لأ إحنا تحولنا الآن، أنا ودي أشير إلى كتاب الدكتور عبد الوهاب المسيري "الموسوعة اليهودية والصهيونية" الذي يشير فيها إلى أن هناك فرق بين اليهودية الحاخامية التقليدية..

محمد كريشان: نعم، هو هذا يعني القصة يعني القصة.

محمد العوضي: غير الصهيونية، الآن أميركا تحولت إلى.. تصهينت مع الغرب الأوروبي من خلال توظيف آلية الصهاينة السياسية والإعلامية.

محمد كريشان: يعني نسأل.. نسأل السفير كريستوفر روس في واشنطن، هل السياسات الأميركية يعني كمحصلة لما قاله الضيفان هنا في الأستديو، السياسة الأميركية أو السياسات الأمريكية هي التي جعلت بن لادن منقذاً وبطلاً هل تعترفون –على الأقل- بهذا؟

كريستوفر روس: حسب الأجندة الذي ينشرها من حين لآخر صاحب البيان الأول، حسب الأجندة عنده طبعاً..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني هو صاحب البيان الأول وأنت صاحب البيان الثاني يعني !! نعم.

كريستوفر روس: طبعاً عنده قضايا معينة، وبعضها تتعلق بالسياسة الأميركية، بس المهم في الموضوع أنه الذي له خلاف مع سياسة معينة عليه أن يعالج هذا الخلاف بالطرق العادية يعني اللجوء إلى الإرهاب لا مبرر له أبداً، صحيح إنه في المنطقة هناك يأس، هناك بعد، هناك إحباط، هناك خيبة أمل في بعض المواقف من خارج المنطقة ولكن اللجوء إلى الإرهاب وإلى قتل الأبرياء لحل هذه المشاكل غير.. غير مقبول.

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن سفير روس، هل.. هل تعتقدون أيضاً بأن.. هذا.. هذا.

كريستوفر روس: أنا أتساءل ..لاحظ

محمد كريشان: ربما يتطلب منكم القيام ببعض المبادرات لدعم موقف من يوصفون بالزعماء المعتدلين في المنطقة؟

كريستوفر روس: يعنى نحن حاولنا من خمسين سنة أن نساعد.. الشعوب في المنطقة من خلال.. من خلال برنامج واسع للتطوير والإغاثة و..، و.. و.. لحد الآن المشاكل لسه قائمة، ولكن أريد أن.. أن.. أن.. أقول أيضاً: صاحب البيان الأول يأتي على الشاشة التليفزيونية، يتكلم للعالم، هل يقاتل أو هل يقعد في المغارة تبعه؟

محمد كريشان: نعم، على كل نشكر ضيفنا في واشنطن السفير كريستوفر روس، وهو (مستشار خاص بوزارة الخارجية الأميركية وسفير سابق في أكثر من عاصمة عربية) وفي الأستديو نشكر ضيفينا السيد أيريك رولو وهو (كاتب بارز ودبلوماسي فرنسي سابق) وسيد محمد العوضي وهو (كاتب وباحث في الفكر الإسلامي)، وإلى أن نلتقي بكم مشاهدينا الكرام في حلقة مقبلة بإذن الله، نتاول فيها بعض التطورات المتعلقة بهذه الحرب على الإرهاب، كما تسميها واشنطن، أو بالحملة العسكرية على أفغانستان، كما يسميها آخرون على الأقل في شكلها الحالي هذا البرنامج (أولى حرب القرن) هو مخصص أساساً لرصد كل التطورات المتعلقة بالحرب الدائرة حالياً، إذن إلى أن نلتقي بحول الله، تحية طيبة، والسلام عليكم ورحمة الله.