أولى حروب القرن

المؤتمر العربي العام

التحديات التي تواجه الأمة ومناقشة الأحزاب لها، الفلسطينيون والصمت العربي تجاه ما يحدث لهم، القرارات الدولية وإنشاء دولتين متجاورتين، أهداف زيارة ديك تشيني للمنطقة، سياسة الأحزاب العربية تجاه مرحلة أميركا الثانية لمحاربة الإرهاب، موقف الأحزاب العربية من إعلان كوبنهاغن.

مقدم الحلقة:

غسان بن جدو

ضيوف الحلقة:

د.عطا الله حنا: الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين
د. عصام العريان: قيادي بارز في حركة الإخوان المسلمين

تاريخ الحلقة:

13/03/2002

– التحديات التي تواجه الأمة ومناقشة الأحزاب لها
– الفلسطينيون والصمت العربي تجاه ما يحدث لهم

– القرارات الدولية وإنشاء دولتين متجاورتين

– أهداف زيارة ديك تشيني للمنطقة

– سياسة الأحزاب العربية تجاه مرحلة أميركا الثانية لمحاربة الإرهاب

– موقف الأحزاب العربية من إعلان كوبنهاغن

undefined
undefined
undefined

غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن)، هذه المرة على الهواء مباشرة من بيروت. مؤتمر الأحزاب العربية، المؤتمر القومي العربي، المؤتمر القومي الإسلامي، تجمعات ثلاثة يختصرها عنوان المؤتمر العربي العام، مؤتمر يُعقد يومي الأربعاء والخميس في بيروت، بهدف مراجعة أهم التحديات التي تواجه الأمة، ولتوجيه رسالة شعبية إلى القادة عشية انعقاد قمتهم في بيروت أيضًا، يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من هذا الشهر، ما هي أهم هذه التحديات؟

وما هي عناوين الرسالة أو النداء الذي سيوجهه رموز المجتمع والحركة السياسية والدينية العربية إلى القادة؟ ومع هذا وذاك أين هي هذه القيادات الشعبية وما سر ذهول الرأي العام العربي والشعب الفلسطيني يعاني ما يعاني؟

لمناقشة هذه العناوين يسعدنا أن نستضيف الأب الدكتور عطا الله حنا ( الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين) مرحبًا بيك يا سيادة الأب.

د.عطا الله حنا: شكرًا.

غسان بن جدو: وأيضًا يسعدنا أن نستضيف الدكتور عصام العريان (القيادي البارز في حركة الإخوان المسلمين)

د.عصام العريان: أهلاً وسهلاً.

التحديات التي تواجه الأمة العربية ومناقشة الأحزاب لها

غسان بن جدو: أولاً سيادة الأب مرحبًا بك وأنا علمت بأنك استطعت أن تخترق الحصار هناك من فلسطين وأن تأتي إلى بيروت كما وصفتها بمعجزة، في حديثي عن المعجزات، بعيدًا عن هذه الأوتوبيا، بعناوين إذا أردنا أن نلخص ما هي أهم التحديات التي تواجه الأمة وأنتم ستجتمعون لمناقشة هذه القضايا؟

د.عطا الله حنا: نحن وصلنا من القدس وأعتقد بأنني أنا المشارك الوحيد من الأراضي الفلسطينية، ولذلك يعني نتوقع الشيء الكثير من مثل هذه اللقاءات وهذه الاجتماعات الهادفة إلى إبراز المعاناة الفلسطينية والألم الفلسطيني والطموح الفلسطيني الهادف إلى التحرر والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. التحديات التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني هي تحديات كثيرة أهمها هو استمرارية الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا العربية الفلسطينية، والتحدي الذي نشهده اليوم هو مقاومة الشعب الفلسطيني لهذا الاحتلال، وصمود هذا الشعب الذي جعل الآلة العسكرية الاحتلالية الإسرائيلية تعيش حالة من الذهول، لا بل كل الكيان الصهيوني يعيش وضعًا حرجًا في ظل هذا الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ولذلك التحديات التي نتحدث عنها هي كثيرة ومتنوعة وفي اتجاهات متعددة أيضًا نتيجتها هي هذه الآلام، وهذه الدماء الفلسطينية التي تُنزف في كل يوم والشهداء والتضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الفلسطيني التي نأمل أن لا تذهب هباءً وسيأتي اليوم –إن شاء الله- بفضل دعم الأمة العربية لنا وصمود شعبنا أولاً وقبل كل شيء أن نحقق ما نصبوا إليه من طموحات وتطلعات وطنية.

غسان بن جدو: التصعيد الإسرائيلي أو تصعيد أرييل شارون مستمر منذ منذ فترة طويلة، ولكن بحسب ما نراجع ونرصد أن هذا الأمر ازداد بشكل مخيف بعد الحادي عشر من سبتمبر وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بقضايا أخرى وخروج الولايات المتحدة الأميركية تقريبًا من معادلة الدور الذي كانت تلعبه، الآن يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تعود ونحن في هذه الأجواء -يعني أجواء أولى حروب القرن- لماذا لا يزال هذا التصعيد الشاروني مستمر بهذا الشكل؟

د.عطا الله حنا: التصعيد الشاروني مستمر كان قبل أحداث أميركا واستمر بعدها، ولكن بعد الأحداث الأميركية أخذ منحى خطير جدًا لا سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية انهمكت في مقاومة ومواجهة ما يسمى الإرهاب وكذلك أخذت بعض الدول العربية تبرر وتسعى إلى الدفاع عن نفسها بأنها ليست دولاً ترعى أو تساند الإرهاب، وكل هذه المعطيات مجتمعة جعلت شارون يقمع.. يواصل قمعه للشعب الفلسطيني وإرهابه وتصعيده ضد هذا الشعب، وما نشهده اليوم من صمود فلسطيني يؤكد بأن هذا الشعب بالرغم من كل الضغوطات والمؤامرات التي تُحاك هنا وهناك هو متمسك بحقوقه وثوابته الشرعية الوطنية لم ولن يتنازل، وإذا ما تحدثنا عن الإرهاب يجب أولاً وقبل كل شيء نتحدث عما يحدث في الأراضي الفلسطينية، فإذا ما كان هنالك إرهاب، فهو الإرهاب الممارس من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني ولا يجوز لأي كائن كان أن يتحدث عن الإرهاب بمعزل عن السياسة الإسرائيلية الإرهابية العدوانية.

غسان بن جدو: دكتور عصام العريان 11 سبتمبر هزت العالم وغيرت العديد من المعطيات والمعادلات، الآن أنتم تجتمعون هنا في بيروت لتوجيه رسالة إلى القمة العربية، أنتم الآن قبل توجيه هذه الرسالة أو هذا النداء كيف ترون المشهد العام في المنطقة العربية والعالم والذي من أجله تعتبروا أن هذه هي التحديات الرئيسية التي ترتبونها بحسب الأولويات؟

د.عصام العريان: بسم الله الرحمن الرحيم، أشكر لك يا أستاذ غسان دعوتي لهذا البرنامج (أولى حروب القرن)..

غسان بن جدو: أهلاً بيك

د.عصام العريان: وفي هذه الحلقة من بيروت بيروت، الصمود، بيروت التي أعطت نموذجًا فذًا لتحرير الأرض دون الرضوخ للمساومات، أعطت مثالاً يجب أن نعي جيدًا أن هناك محاولات مستميتة لكي لا يتكرر هذا المثال، طليعة مقاتلة، طليعة مجاهدة، لها عقيدة استشهادية، دعم محلي وعربي كبير لها، غطاء إقليمي كبير لها، شعور عام عربي وإسلامي يدعمها، استطاعت أن تنجز إنجازًا كبيرًا ونحن على أبواب الاحتفال بأعياد التحرير للجنوب اللبناني. ودعني أيضًا البداية تحية واجبة لشعبنا في فلسطين المحتلة وأرحب بأن يكون شريكي في هذه الحلقة الأب عطا الله حنا..

د.عطا الله حنا: شكرًا.

د.عصام العريان: القادم من القدس، والذي يجسد حضوره في هذا البرنامج أن المستهدف من الغطرسة الصهيونية المدعومة أميركيًا هو الشعب العربي كله مسلميه ومسيحية، كله يراد له أن يكون مسخًا مشوهًا، كله يريد أن يُصهر في بوتقة العولمة الأميركية والهيمنة الأميركية التي تمسخ العقائد والديانات كلها على السواء.

غسان بن جدو: أين حينئذٍ في هذا الإطار ما هي الأولويات أو التحديات الأساسية التي ترونها؟

د.عصام العريان: التحديات الأساسية دعني ألخصها في ثلاث أو أربع تحديات، الأول: هو حماية الانتفاضة، ودعم صمود الشعب الفلسطيني بكل وسائل الدعم. هذا هو الواجب الأول. الأمر الثاني هو الوقوف في وجه هذه الغطرسة الأميركية التي تريد أن توسع حربها المزعومة ضد ما يسمي بالإرهاب وهي تريد به هويتنا وحضارتنا وثقافتنا، بل وديننا وعقيدتنا بعدوانها على دول أخرى، اختارت منها دولتين عربيتين وإحداهما عربية والأخرى إسلامية، العراق وإيران كمحور مزعوم للشر.

الأمر الثالث: الحقيقة هو تحرير الإرادة العربية، الإرادة العربية مكبلة، لا تستطيع أن تنجز أمل الأمة العربية في التكامل العربي، القمة العربية في انعقادها الدوري الثاني محتاجة إلى أن تجيب عن تساؤلات كثيرة في نفوس العالم العربي حول لماذا هذا العجز الرسمي، لا أقول في مواجهة السيطرة الأميركية أو مواهة الغطرسة الصهيونية، ولكن حتى في مواجهة تحقيق آمال الأمة العربية في تكامل اقتصادي، في حرية سياسية، في تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية حقيقية، في تمتع الشعوب بحقوقها في أن تكون شريكة في صنع القرار، في رشادة في منع القرار العربي؟ كل ذلك تحدي كبير جدًا، مؤجل خمسين سنة، أكثر من 55 سنة من ساعة الجامعة العربية ما أُنشئت ونحن أمام هذا العجز الرسمي الكبير، هذا شيء.

الشيء.. التحدي الأخير هو.. فإذا كان النظام العربي عاجزًا من تحقيق آمال الأمة العربية، شعوبها كلها، فليرفع الضغوط عن الشعوب، لتعبر عن حقيقة مساندتها لدعم وصمود الشعب الفلسطيني لتعبر عن تحياتها لقوافل الشهداء الأبرار الذين تتوالي يومًا بعد يوم، لتعبر عن إرادتها الحقيقية في وجه أميركا إذا كان استطلاع أميركي يقيمه معهد (جالوب) الأميركي يعبر عن حقيقة المشاعر العربية، لماذا لا يرى العالم هذه المشاعر على أرض الواقع؟

غسان بن جدو: طب أين أنتم؟ يعني هذه الأنظمة تقول الآن إنها معرضة لضغوط وضغوط أميركية حقيقية وأصبحت مُعلنة ليست.. ليست مخفية، طب أين أنتم قيادات الحركات الوطنية والإسلامية والأحزاب والنُخب والمجتمعات؟ يعني أنتم أشهر طويلة ويحصل ما يحصل في فلسطين، ويحصل ما يحصل في الأمة بعد 11 سبتمبر، طب أين أنتم..؟

د.عصام العريان: أنا أقول لك: نحن كنا في يوم 10 سبتمبر وللمفارقة العجيبة، كل رموز القوى والنخب السياسية والنقابية في مصر، تقريبًا أكثر من 200، 300 كرموز فقط في ميدان التحرير أكبر ميدان في مصر، نعبر عن رفضنا للهيمنة الأميركية، ونطالب بفتح كل أبواب الدعم للانتفاضة الفلسطينية، وقعت أحداث 11 سبتمبر لم تتوقف المظاهرات في مصر، كانت في الجامعات، كانت المنتديات في النقابات، كانت في الجامع الأزهر، حتى حدثت محاكمة عسكرية لـ 22 قيادي من الإخوان المسلمين، وكان سند الاتهام الرئيسي هو أنهم يثيرون الجماهير والطلاب ضد الحملة الأميركية ضد الإرهاب، رغم أن الإخوان وكافة العقلاء في العام أدانو ما حدث في 11 أيلول/سبتمبر في أميركا، لأنه قتل الأبرياء في كل مكان، في فلسطين كما في نيويورك، لا أقول فقط في نيويورك ولكن في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان قتل الأبرياء بدون ذنب هذه جريمة ضد الإنسانية، بعد ذلك حدث ضغوط هائلة على النظم الحاكمة في بلاد العرب أدت إلى شهر الهراوة والغليظ والمحاكمة العسكرية، إذن هذا الضغط الرهيب الأميركي على النظم التي مارست بدورها ضغطًا رهيبًا ضد الأحزاب والنقابات والقيادات السياسية أدى إلى خفوت الصوت، ولكن أنت الآن ترى الجامعات المصرية فيها مظاهرات لها الآن أكثر من أسبوع أو عشرة أيام، الجامع الأزهر شاهد محاولة لعقد مؤتمر في الجمعة الماضية، ونحن نقول أن هذا كله يجب أني كون في إطار دعم المصالح العربية المصالح العربية تقتضي عدم وجود صدام بين النظم الحاكمة وبين الشعوب العربية..

غسان بن جدو[مقاطعًا]: طب عفوًا دكتور أنت الآن قبل قليل طالبت الأنظمة العربية بأن تحرر إرادتها.. تحرر إرادتها وترفع يدها عن.. عن هذه الشعوب طيب هذه النخب أو هذه القيادات ألا ينبغي هي أيًضًا أن تحرر إرادتها؟

د.عصام العريان: هذا صحيح.

غسان بن جدو: يعني من الطبيعي أن تتعرضوا إلى ضغوط، هل.. كل نظام له ضرورات، كل نظام وله يعني ضوابط معينة، فلماذا دائمًا لا تتحدثون كأحزاب وليس كإخوان مسلمين فقط وليس كحركة إسلامية فقط؟ نحن الآن نتحدث عن مجتمع.. عن حركة المجتمع المدني في العالم العربي بشكل عام بيسارييها ويمينييها، إسلامييها وغير إسلامييها، لماذا هذه الجماعات –بشكل عام- تُصاب بحالة ذهول وإرتباك غير طبيعية، هل تشاطروني أولاً في هذا التقويم؟

د.عصام العريان: يا سيدي.. لأ هو حقيقة، لأ هذه حقيقة يجب أن نعترف بها أن هناك حال شعور بالعجز والذهول، ليس في العالم العربي فقط، ولكن في العالم الإسلامي وفي العالم كله، حتى أصدقاء أميركا الآن بدؤوا يحاولون التخفيف من غلوائها في التصعيد المستمر، هذا الذهول أصاب الجميع، لأن حجم ما حدث في 11 أيلول/سبتمبر كان شديدًا ووقعه أخرج الأجندة الأميركية الخفية أو المؤجلة من الأدراج، وبدأ تنفيذها دفعة واحدة، وهذا ما يحذر منه الجميع الآن إنه حتى لو كان أميركا تريد تحقيق مصالحها فلا يكون على حساب الآخرين، النخب العربية مطلوبة فعلاً بالتضحية، ولكن هناك –كما أقول، وكما قلت- هناك فارق بين أن نشعل النيران في بلادنا كلها وأن نكون هناك تخفيف من الضغط الرسمي لكي تشعر الشعوب بقدر من الحرية.

الفلسطينيون والصمت العربي تجاه ما يحدث لهم

غسان بن جدو: طيب سيادة الأب يعني هل يقنعك ما تسمعه من النخب العربية من هذا الصمت والذهول الموجود، يعني أنتم.. تتحدث الآن ليس باسمك الشخصي فقط وليس باسم الكنيسة فقط، ولكن تتحدث باسم الشعب الفلسطيني، هل أن الشعب الفلسطيني يقنعه ما يحصل من ذهول وإرتباك وصمت في الشارع العربي بهذا الشكل؟

د.عطا الله حنا: الشعب الفلسطيني الذي ننتمي إليه نحن أيضًا ونحن جزء لا يتجزأ من هذا الشعب الذي يناضل من أجل حريته واستقلاله وصل إلى قناعة وهذه القناعة تفيد بأن هذا الشعب هو الذي سيناضل وسيواصل كفاحه ومقاومته للاحتلال والتي ستؤدي إلى تحرير أرضه ومقدساته من الاحتلال الإسرائيلي، كل ما يُطرح على الساحة العربية من اجتماعات ومبادرات ولقاءات، هذه النخبة القومية المثقفة العربية التي سيجتمع هنا، كل هذه العناصر مجتمعً تساهم وتدعم صمود الشعب الفلسطيني، ولكن الذي سيحسم الأمور هو الشعب الذي يعيش هناك، الشعب الفلسطيني الذي يُقارع الاحتلال الإسرائيلي، نحن اليوم وصلنا كفلسطينيين إلى.. إلى مرحلة فيها نتجنب استعمال الشعارات لأن ما نراه على الأرض هو دبابات، هو سلاح، هو صواريخ، طائرات، حصار، دماء فلسطينية تُسفك في كل يوم، كفانا بيانات وشعارات، وآن لنا أن نتحرك ميدانيًا لكي ندعم هذا الشعب الفلسطيني.

غسان بن جدو: طيب ما الذي (…) عمليًا؟

د.عطا الله حنا: أنا أعتقد.. أنا أعتقد بأن النخبة العربية وكل الأطياف السياسية العربية والإسلامية وكل الشخصيات العربية التي دُعيت والتي حضرت إلى بيروت كلها آتية إلى هنا لكي تُعبر عن دعمها للشعب الفلسطيني أولاً، وثانيًا: عن استنكارها واستغرابها للدعم الأميركي وللصمت العربي، نحن نطالب القادة العرب بأن يتحركو دعمًا للشعب الفلسطيني، هنالك الرئيس الفلسطيني المحاصر، هنالك الشعب الفلسطيني كله مُحاصر، هنالك القدس المهددة بالتهويد، هنالك الكنائس والمساجد، هنالك الشخصيات الوطنية المهددة بالقتل، هنالك يعني.. هنالك اليوم.

[فاصل إعلاني]

القرارات الدولية بإنشاء دولتين متجاورتين

غسان بن جدو: سيادة الأب، كنا نتحدث عن التطورات الفلسطينية، ولكن في الفجر مجلس الأمن الدولي اتخذ قرار يتحدث فيه عن ضرورة إيجاد رؤية جديدة للشرق الأوسط، ولأول مرة يذكر دولتين متجاورتين إسرائيل وفلسطين، وحتى أشاد بالمبادرة السعودية، ما هو تعليقك؟ وما رأيك في هذه القضية؟

د.عطا الله حنا: يعني سقف الطموح الوطني الفلسطيني لا يحدده مجلس الأمن، وإن كنا شاكرين لأي دعم أو لأي موقفٍ مساند للشعب الفلسطيني سواء كان مصدر هذا الدعم هو مجلس الأمن أم غيره، ولكن تعودنا في كثير من المواقف في.. في مسيرتنا التاريخية الفلسطينية أن.. أن يكون عندنا الفيتو الأميركي، أن تكون عندنا مواقف من مجلس الأمن، ولكن أميركا تعترض على ذلك ولذلك نحن لا نتوقع شيئًا من مجلس الأمن، الشعب الفلسطيني عنده الطموح وهو الذي سيحقق هذا الطموح الوطني على الأرض، نحن نعتقد بأن الولايات المتحدة وا لزائر الآتي إلى الشرق الأوسط من قبل.

غسان بن جدو: ديك تشيني.

د.عطا الله حنا: تشيني، هدفه هو مساندة إسرائيل.. والوقوف إلى جانب إسرائيل، وما إلى ذلك، نحن كشعب فلسطيني لا نعوِّل على هذه .. على هذه الزيارات الشيء الكثير، نحن نعتقد ونؤمن بأن صمود الشعب الفلسطيني، وأنا آتٍ من معركة هذه.. هذا الصمود الأسطوري، الشعب الفلسطيني بصموده وتمسكه بثوابته القومية والوطنية هو الذي.. القادر على تحرير الأرض والمقدسات وإقامة الدولة المستقلة، نحن كل المبادرات أيًّا كان مصدرها هي مبادرات إيجابية ومبادرات جيدة يمكنها أن تساند، ويمكنها أن تساعد، ولكن العنصر الأساسي الذي يُحدد الصورة المستقبلية هو الشعب الفلسطيني الذي يعيش هناك والذي يواجه الآلة العسكرية الإسرائيلية ببسالةٍ وإيمان وإصرار.

غسان بن جدو: لكنكم تحتاجون قرارات دولية، يعني بالأساس السلطة الفلسطينية الآن تعمل من أجل استعادة المفاوضات، ومن أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، فأنتم بحاجة إلى كل هذا بالطبع.

د.عطا الله حنا: نحن بحاجة، ونحن نرحب بأي دعم سواء كان هذا من مجلس الأمن أو من أي جهة أخرى، ولكن أعود وأؤكد بأن سقف الطموح الوطني الفلسطيني لا يُحدد في مجلس الأمن، ولا يُحدد في أي مكانٍ آخر، وإنما يُحدد في القدس، وفي رام الله، وفي غزة، وعلى الأرض الفلسطينية، ومن قبل الشعب الفلسطيني المتمسك بحقه في أرضه ومقدساته.

غسان بن جدو: دكتور عصام العريان، نائب الرئيس الأميركي (ديك تشيني) في المنطقة، الأردن، وزار مصر وتحدث مع الرئيس حسني مبارك، وعقد مؤتمرًا صحفيًا، وتحدث (ديك تشيني) من جديد عن.. عن بعض القضايا التي تهم.. تهم هذا الشأن، وسمعنا أيضًا بأن في مصر بقدر ما يعني استُقبل برحابة رسمية، وهذا طبيعي بقدر ما سمعنا إن هناك بعض الاحتجاجات الشعبية، حتى هناك مطالب من بعض المحامين على ما أعتقد بأن يُحتجز (ديك تشيني).

د.عصام العريان: صحيح، حقيقة الأمر الوضع الدولي مُنحاز، أميركا منحازة تمامًا إلى الجانب الصهيوني.

د.عطا الله حنا: لا، بل داعمة له.

د.عصام العريان: داعمة له، هي التي تموله بالمال وبالسلاح، الطائرات الأباتشي والـ F16 الأميركية وغيرها من الأسلحة الأميركية هي التي تصُّب النيران على الشعب الفلسطيني، (تشيني) يرى القذى في عين غيره، ولا يرى الجزع في عينه، وهو بالتالي جاء ليُحرض العرب ضد العراق ليحصل على تاييد عربي رسمي ضد الحملة الأميركية التي تريد أن تتبناها ضد العراق، وفي نفس الوقت يغض الطرف تمامًا ولا يرى أي شيء يقع على الأرض الفلسطينية، لا يسمع.. كأنه لا يسمع عن المدابح، كأنه لا يسمع عن الدماء التي تُسال، عن الشهداء الذين أصبح كل يوم 30 شهيد، 40 شهيد، 50 شهيد فلسطيني، بينما يقول السفير الأميركي لدى العدو الصهيوني أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها، من حق هذا الكيان المغتصب المحتل أن يُدافع عن نفسه ضد الإرهاب، ولا.. وكأنه لا يرى إرهابًا آخر تقوم به هذه الدولة العنصرية!!

غسان بن جدو: إذا أردنا أن نحلل بعض الشيء -عفوًا دكتور عصام- (ديك تشيني) الآن في المنطقة، هل تعتقد بأنه جاء لإبلاغ من سيزورهم بأمرٍ ما أو بقرار ما داخل الإدارة الأميركية أم أراد أن يتشاور معهم؟

د.عصام العريان: أعتقد أنه جاء للإبلاغ بقرارات أميركية، وجاء ليطلب الصمت العربي الرسمي ضد تنفيذ هذه القرارات الأميركية.

غسان بن جدو: وهي..؟

د.عصام العريان: وهي أن هناك ضربة ستوجه إلى العراق، وأن هناك تفكيك للنظام العراقي، بكل ما سيجره ذلك من ويلات على المنطقة ومن مخاطر على الأمن القومي العربي، ومن مخاطر على دول الجوار، وبالذات إيران، وتركيا، ودول الخليج. أنا أريد أن أقف قليلاً، وأقول كما سأل الأب من قليل أن هل المطلوب من مجلس الأمن الدولي الآن أن يقول أن يجب أن يكون هناك رؤية مستقبلية للمنطقة فيها دولتان، أم أن المطلوب من مجلس أمن الدولة أن يُرسل قوات حماية تمنع المذابح اليومية؟ الطلب الفلسطيني من مجلس الأمن المتكرر منذ سنوات هو إرسال قوات لحماية الشعب الفلسطيني، وهذا حق تكفله مواثيق الأمم المتحدة، لأن هذا شعب ضد الاحتلال، وحماية الشعوب ضد الاحتلال يجب أن يتكفل بها مجلس الأمن، أين قرارات مجلس الأمن السابقة؟ مجلس الأمن من سنة 47 والأمم المتحدة من سنة 47 وهي أصدرت قرار التقسيم، لماذا يُنسى هذا القرار الآن، وكأننا الآن نفرح كثيرًا بأنه فيه قرار يقول عن رؤية للمنطقة، مجلس الأمن والأمم المتحدة أصدرت قرار عودة اللاجئين المعروف، لماذا لا يُنفذ هذا؟ الآن كما قال الأب -هو جاء من أتون المعركة- يقول أن الشعب الفلسطيني الآن فقد الثقة في كل هذه المؤسسات الدولية، وفقد الثقة في كل من خارج أرض فلسطين، لذلك هو تحمَّل قدره بنفسه، وهو لا يطلب من الآخرين إما حمايته. إلا شيء إما حمايته من المذابح أو دعمه للصمود. لا يجب أن يقف الشاب الفلسطيني برشاش كلاشنكوف أمام دبابة مركافة، يجب .. لا يجب أن يقف بقنبلة يدوية بسيطة أو عبوة ناسفة يصنعها محليًا أمام الطائرات الأباتشي والـ F16

غسان بن جدو: ما هو مطلوب؟

د.عصام العريان: المطلوب أن تقوم الدول العربية –وهذا الواجب الرسمي- أن تقوم الدول العربية بمد هذا الشعب بالسلاح، لماذا يخجل الجميع ويتبّرءون من أنهم لا.. أنهم يمدون الشعب الفلسطيني بالسلاح لمقاومة الاحتلال، هذا شعب يقاوم الاحتلال، نحن نطلب من القمة العربية في الشأن الفلسطيني شيئًا واحدًا أن تتبنى خيارًا واحدًا في الشأن الفلسطيني وهو حماية الانتفاضة، هو دعم الانتفاضة، هو دعم صمود الشعب الفلسطيني، الآن في الانتفاضة الأخيرة الشهداء الفلسطينيين ثلاثة، القتلى الصهيونيين واحد، هذه معادلة لو تحولت إلى 1:2، ثم 1:1 لتحولت هذه المعركة إلى معركة تحرير واستقلال، ولاستقلت فلسطين دون قرارات دولية ودون أي شيء، ودون جيوش عربية.

غسان بن جدو: هل أفهم من هذا أنكم تنظرون بسلبية إلى مبادرات سلمية داخل القمة العربية ومن بينها منظمة.. مبادرة الأمير عبد الله؟

د.عصام العريان: هذا ليس وقت لأي مبادرات سلمية، هذه..هذا ليس وقت أي مبادرات سلمية، واجب الوقت الآن، وقد أعلن الإخوان المسلمون ذلك في بيان، واجب الوقت هو دعم صمود الشعب الفلسطيني فقط، هو دعم خيار الانتفاضة والمقاومة دون حديث عن مبادرات لا بإيجاب ولا بسلب، الآن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى طعام، إلى غذاء، إلى مال، إلى سلاح، إلى دواء، إلى إسعاف ، يحتاج إلى قوات للحماية، هذا ما يحتاجه الشعب الفلسطيني، أما المبادرات، فهذا ليس وقتها الآن، ولا داعي للحديث عنها سلباً أو إيجاباً..

د.عطا الله حنا: أنا دعني أُضيف شيئًا، أنا أعتقد بأن الزائر الأميركي نائب

غسان بن جدو: هناك زار إيران، هناك ديك تشيني للمنطقة بكاملها ولكن (أنتوني زيني) الذي سيأتيكم.

د.عطا الله حنا: الزوار كثيرون، ولكن الهدف واحد، أنا أعتقد أنهم قادمون من أجل إنقاذ (شارون) من ورطته، والآن شارون واقع في ورطة نتيجة صمود الشعب الفلسطيني، أعتقد شارون في وقت من الأوقات بأنه قادر على ابتزاز الشعب الفلسطيني وقادر على فرض حلول على الأرض من خلال استعمال الصواريخ والدبابات والعساكر وما إلى ذلك، وتبين بشكلٍ واضح أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه في أي وقتٍ من الأوقات أن يقبل بحلولٍ تُفرض عليه بالقوة، الشعب الفلسطيني الذي ناضل لعشرات السنين هو قادر على أن يصمد لعشرات سنين قادمة، وأن تكون النتائج إيجابية، وأن تكون النتائج تعطيه حقه المشروع في إقامة دولته وفي حق العودة، نحن لسنا على عجلة من أمرنا، لا يعتقدن أحد هنا وفي أي مكان بأننا على عجلةٍ من.. من أمرنا، نحن إن أردنا حلول، نريد هذه الحلول أن تكون مُرضية وأن تكون.. أن تُعيد إلينا أرضنا السلبية المحتلة، نحن.. نحن على قناعة بأننا سنبقي صامدين إلى أن يأتي هذا اليوم الذي فيه تتحرر أرضنا وتقوم فيه دولتنا، ولا.. ولا يعتقد أحد بأن.. بأننا سنتنازل في يومٍ من الأيام أو سنتراجع في يومٍ من الأيام تحت وطأة التهديدات الأميركية والإسرائيلية.

غسان بن جدو: هو الذي..

د.عطا الله حنا: كلما ازداد التهديد وكلما ازداد الوعيد ازداد هذا الشعب الفلسطيني تمسكًا بأرضه وبحقوقه الوطنية، ولذلك يعني لا.. لا يوجد هنالك مجال للحديث عن تنازلات أو مساومات، اليوم الشعب الفلسطيني متمسك أكثر من قبل عامين أو ثلاثة أعوام بحقوقه، اليوم نحن وصلنا إلى قناعة.

غسان بن جدو: لكن.. لكن معاناة يومية تزداد يومًا بعد آخر!

د.عطا الله حنا: نحن وصلنا إلى قناعة بأن يوم الاستقلال والحرية قريب أكثر من أي وقتٍ مضى، ونحن على قناعةٍ تامة بأن إسرائيل بكل ما تملكه من عتاد عسكري ومن أسلحة أميركية وغير أميركية فشلت في فرض ما تريده على الشعب الفلسطيني، فشلت فشلاً ذريعًا، ولذلك نأتي..

غسان بن جدو[مقاطعًا]: رغم أن القوات الإسرائيلية دخلت رام الله واحتلت..

د.عطا الله حنا [مستأنفاً]: نرى بأن هذه المبادرات ونري بأن هذه الشخصيات التي تأتي من هنا وهناك لإنقاذ شارون وحكومته ودولته من هذه الورطة التي وقعوا فيها.

غسان بن جدو: رغم أن القوات الإسرائيلية الآن احتلت أجزاء كبيرة من مناطق الضفة وغزة بما فيها رام الله عاصمة السلطة الوطنية الفلسطينية وهي على بعد أمتار قليلة من مقر ياسر عرفات.

د.عطا الله حنا: كلها ضغوطات ما نراه اليوم على الأرض الفلسطينية وإن كانت الصورة قاتمة، وإن كانت الآلام كثيرة وكبيرة وعميقة، وإن كانت الجراح مؤلمة، وما نراه من حصار، وما نراه من ممارسات إرهابية قمعية، أنا أعتقد بأن كل ذلك هادف إلى الضغط وإلى الابتزاز، والشعب الفلسطيني لم ولن يتراجع عن حقوقه الوطنية في أرضه ومقدساته، كل هذه الضغوطات ستبوء إلى الفشل، لا توجد حلول عسكرية.

أهداف زيارة ديك تشيني للمنطقة

غسان بن جدو: نعم، دكتور عصام العريان تحدث قبل قليل عن أن من أهداف زيارة (ديك تشيني) إلى هنا هي إبلاغ أولي الأمر -لو صح التعبير- بأن هناك ضربة للعراق، لا أحد رسمي في العربي أشار بإيجابية إلى إمكانية ضرب العراق.. حتى وزير الخارجية الكويتي.. نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح سالم الصباح تحدث وقال نحن لا نريد أن تضرب الولايات المتحدة الأميركية العراق، ومع ذلك سيادة الأب اسمح لي في هذا لسؤال.

د. عصام العريان: صباح الأحمد أظن، نعم.

غسان بن جدو: صباح الأحمد.. نعم.. مع ذلك اسمح لي في هذا السؤال، لو ضرب العراق هل أن الملف الفلسطيني سيتنفس بعض الشيء أم العكس هو الذي سيحصل، لأن هناك من يقول إنه هناك سيتم التهدئة على الجانب الفلسطيني من أجل التفرغ للعراق، وهناك من يقول العكس.

د.عطا الله حنا: لا نخشى طبعًا.. طبعًا يعني اسمح لي وأنا قادم من الأراضي الفلسطينية ومن القدس تحديدًا أن أؤكد بأننا كفلسطينيين متضامنيين مع الشعب العراقي، وقد أثبت الشعب العراقي مرارًا وتكرارًا بالرغم من كل هذه الظروف القاسية التي يمر بها بأنه يقف بقوة وثبات إلى جانب الحق العربي الفلسطيني في القدس وفي الأراضي الفلسطينية ولذلك نحن كفلسطينيين مسلمين ومسيحيين نطالب بألا يعتدى على العراق، لا بل أكثر من ذلك نطالب بأن يفك الحصار عن العراق لكي يتمكن الشعب العربي العراقي الشقيق من أن يعيش على أرضه في وطنه.. أن يتمكن الإنسان العراقي من أن.. أن .. أن يعيش بكرامة إنسانية، ما نخشاه ما نخشاه هو أنه هنالك مؤامراة تحاك ضد العراق وضد الشعب العراقي بهدف إلهاء العالم العربي أو الوطن العربي والقادة العرب عما يرتكب في الأرض الفلسطينية من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، هذا ما نخشاه، آمل ألا يحدث هذا الأمر، آمل ألا يحدث عدوان على العراق، ونأمل أيضًا بأن تبذل جهود من قبل القادة العرب لكي لا يكون هذا العدوان، لا نريد أن يُعتدى على شعب عربي، وعلى قطر عربي، وإذا ما حدث هذا فهي مؤامرة كبرى على فلسطين وعلى الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية من محيطها إلى خليجها بهدف إجهاض الانتفاضة وإجهاض ما تمكنا من تحقيقه حتى اليوم من مكتسبات فلسطينية نتيجة هذه المقاومة وهذه الانتفاضة المستمرة.

غسان بن جدو: دكتور عصام العريان أنا ما لاحظته في الروح العامة لحديثك كأنك منذ اللحظة الأولى إلى اللحظة الأخيرة من كلامك وأنت تتمسك بعنوان عام.. اسمح لي أن أقوله .. أنت وصفته بالمقاومة ولكن هناك من يقول هذه راديكالية.. هذه تشدد إلى آخره، وكأن هذا الخطاب لا يدرك حقيقة التغيرات في العالم، قبل يومين الرئيس الأميركي ( جورج بوش) في ذكرى.. بعد ستة اشهر من أحداث (نيويورك) و(واشنطن) تحدث بأن الولايات المتحدة الأميركية بدأت مرحلة ثانية في مواجهة الإرهاب، ألا تعتقد وألا تخشى أن مثل هذا الخطاب سيجركم أكثر أنتم كحركة أو هذا التيار العام الإسلامي والوطني والقومي بشكل عام الذي تحدث وتحشرون من جديد في خانة الإرهابيين أو الداعمين للإرهاب؟

د.عصام العريان: لا أنا أعتقد إنه ليس من حق الآخرين أن يفرضوا علينا مصطلحاتهم ولا أن يفرضوا علينا أجندتهم في العمل، هذا من الخطأ الكبير جدًا جدًا، الحق المقاومة حق.. حق دفع الاحتلال والتحرير، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، هذه حقوق شرعية كفلتها الشرائع السماوية وكفلتها المواثيق الدولية وكل الحقوق القانونية، ولا يجب أبدًا أن نُخدع أو نقع أسر الغطرسة الأميركية والأجندة الأميركية، يجب أن نرد على أميركا، نحن لا نستعدي الشعب الأميركي إطلاقًا، ولكننا يجب أن نوضح للشعب الأميركي أن الإدارات الأميركية المتعاقبة هي التي غرست الكراهية في نفوس لا أقول العرب ول المسلمين فقط.. ولكن في العالم كله ضد السياسات الأميركية، وليس ضد أميركا كأفراد، ولكن ضد هذه السياسات الأميركية.

سياسية الأحزاب العربية تجاه مرحلة أميركا الثانية لمحاربة الإرهاب

غسان بن جدو: طب كيف ستتعالمون مع هذه المرحلة الثانية التي بدأتها الإدارة الأميركية في مواجهتها للإرهاب؟

د.عصام العريان: يا سيدي العزيز.. نحن ثابتون على مبادئنا، الإسلام دين الحق والعدل والسلام، الإسلام هو الذي يعترف بكل الأديان السماوية.. هو الذي أرسى حضارة قامت على التعددية الدينية في العالم كله، هو الذي احتضن المسيحية حتى هذه اللحظة في بلادنا، وهو الذي عاش اليهود تحت ظل حضارته في أمن وسلام نعموا به ولم ينعموا به في أوروبا التي تدعمهم الآن والتي أخرجتهم وآذلتهم إيذاءًا شديد.

غسان بن جدو: والرئيس جورج بوش والإدارة الأميركية لم يتحدثوا عن الإسلام. تحدثوا عن هذه الحركات.. ليس على الإسلام كدين.. تحدثوا عن هذه الحركات وعن هذه الجماعات.

د.عصام العريان: المستهدف لا.. لا يا سيدي.. المستهدف الآن ليس الحركات، المستهدف الآن التعليم الديني في المدارس، المستهدف الآن الخطاب الديني في المساجد، المستهدف الآن الثقافة التي تبثها وسائل الإعلام، المستهدف الآن ما يكتبه النخب وما يكتبه المثقفون، هذا هو المستهدف.. هذا هو المعلن أميركيًا الآن، وهو الذي تنفق عليه الأموال ونحن يجب يا أخي أن نقتدي بالآخرين، السيد (بوش) قال إنه محور الشر 3 دول: إيران والعراق وكوريا الشمالية، لما قامت مظاهرات في كوريا الجنوبية أثناء زيارته الأخيرة لها، نقال إنه لن يهاجم كوريا الجنوبية نحن نقول: لماذا لا نعلن رأي الشعوب العربية في هذه السياسة الأميركية؟ لماذا لا ترفع الضغوط؟ لقد طالب الإخوان بأمرين بسيطين، الأول أن تقوم الجهود الرسمية بتقديم الدعم الحقيقي للانتفاضة وحمايتها ودعم خيار المقاومة. يا سيدي كل ليلة أجلس أنا وزوجتي وأبنائي وبناتي لنرى حصاد اليوم الإخباري..نسمع الشهداء.. عندما نسمع عمليات استشهادية أو عمليات ضد جنود الاحتلال أو عمليات مثل التي حدثت على الحاجز أو غيرها قليل من غضبنا يتنفس قليلاً، نشعر بشيء من الراحة أن هناك جسد يقاوم، الشعب الفلسطيني الآن يعطي الأمة كلها، بل العالم كله مثال للوقوف ضد هذه الغطرسة.

غسان بن جدو: يعني لا تخشى أن يسمع هذا الكلام وتوصف بالإرهاب أيضًا.. وإنك تشير إلى

د.عصام العريان: لا يمكن.. إذا كان نضال الشعب الفلسطيني كما يسمون هم نحن نسميه مقاومة وجهادا مشروعا ولا يمكن أن.. أن أستدرج إلى أن أسميه كما يسمونه هم، إذا كان فهذا حق الجهاد، ونحن نتمنى أن نموت شهداء على أرض فلسطين، ولماذا لا تفتح الدول المحيطة الحدود لينطلق قوافل الشهداء؟ والله العظيم هناك عشرات وآلاف من الشباب العربي المسلم ويمكن المسيحي أيضًا في بلادنا كلها يريد أن ينضم لهذه القوافل ويريد أن يحقق أمله في الشهادة على أرض فلسطين الطيبة، هذه معركة حق.. هذه معركة تحرير.. هذه معركة استقلال، يا سيدي لماذا لا يُرفع الحظر المفروض بالأمر العسكري عن جمع التبرعات للفلسطينيين، وجمع التبرعات للأمور الإنسانية، الآن يهدد كل من يجمع قرش لدعم الانتفاضة في مصر دون تصريح من السلطات، وهي لم تصدر تصريحًا منذ 10 سنوات البتة، يهدد بأنه يحاكم عسكريًا، هذا شيء عجيب جداً.

غسان بن جدو: نعم، سيادة الأب.. إضافة إلى تعليقك على ما سمعت، ولكن أود أن.. أن أسألك أيضًا، أين القيادات الدينية المسيحية والإسلامية؟ نحن تحدثنا عن القيادات السياسية بشكل عام، ولكن أين هذه القيادات الدينية؟

د.عطا الله حنا: يعني في خضم هذه المعركة، وما يقال وما ينشر حول الانتفاضة وحول المقاومة وحول الوضع الفلسطيني لابد لنا أن نقول بأنه نشهد اليوم في.. في الولايات المتحدة الأميركية وفي أوروبا تعاطفًا متزايدًا على الصعيد الشعبي مع القضية الفلسطينية، لا يمر يوم إلا ونسمع بأن هنالك مسيرات ومظاهرات في عدد من العواصم الأوروبية لدعم ونصرة الشعب الفلسطيني، هذا يعني أن هنالك وعي متزايد لدى أوساط أجنبية كثيرة تجاه ما يحدث على الأرض الفلسطينية، المرجعيات الدينية في القدس وفي الأراضي الفلسطينية لا بل في الوطن العربي من محيطة إلى خليجية، ودعني أنا أتحدث عن القدس، المرجعيات الإسلامية والمسيحية دائمًا تسعى إلى إبراز هذه المعاناة، ونحن ككنائس مسيحية في القدس دائمًا نخاطب العالم ودائمًا نستقبل الوفود التي تأتينا من مشارق الأرض ومغاربها، ونقدم لهم ما يجب أن يعلموه وما يجب أن يعرفوه عما يجري على الأرض الفلسطينية، لأنه يؤسفني أن أقول لك بأنه حتى هذه الساعة لا توجد إستراتيجية إعلامية عربية لمخاطبة العالم، نحن نخاطب من خلال وسائلنا الإعلامية المميزة والرائدة، نخاطب بعضنا البعض، ولكن حتى هذه الساعة فشلنا إعلاميًا في مخاطبة العالم، ما يراه الأوروبي وما يراه الأميركي هو الصور التي تريدها إسرائيل والأبواق الإعلامية الصهيونية المغرضة التي تظهرنا كعرب وكمسلمين وكمسيحيين نعيش في هذا المشرق العربي وكأننا قتلة وإرهابيين، هذه هي الصورة التي يراها الغرب، ولذلك أنا أعتقد بأن المرجعيات الدينية أمامها واجب يجب أن تقوم به وهي تقوم بهذا الواجب وكذلك الأقطار العربية مجتمعة، وكذلك جامعة الدول العربية، اليوم الإعلام هو يلعب دور ريادي وأساسي في هذا الموضوع، أعتقد بأنه آن لنا أن تكون عندنا إستراتيجية إعلامية لكي نخاطب العالم، لا يجوز أن نقبل بأن تكون الولايات المتحدة أو الرأي العام في الولايات المتحدة أسيرًا لما تبثه أبواق إعلامية صهيونية مفروضة، حتى هذه الساعة لا توجد عندنا فضائية يعني تتحدث عن الهم العربي وعن الطموح العربي بلغات أجنبية وإنجليزية وما إلى ذلك، بينما هنالك وسائل إعلام كثيرة وبلغات أجنبية كثيرة متأثرة بالإعلام الصهيوني وما إلى ذلك.

موقف الأحزاب العربية من إعلان كوبنهاغن

غسان بن جدو: طيب.. الحديث عن الإعلام.. هذا.. هذا يستبطل بشكل أساسي وجود خطاب لدينا نحن حتى نوجهه إلى الغرب وللآخر، الآن أنا.. أنا سمعت وقرأت بأن التحالف الدولي من أجل السلام أو إعلان (كوبنهاجن) الآن بصدد تنشيط نفسه وسيعقد مؤتمر ثالث وضخم وكبير في كندا فيبدو أن هذا الطرف الذي يدعو إلى السلام لديه أيضًا استراتيجية وبدأ يتحرك، أولاً ما هو موقفكم من هذا.. من هذا الأمر؟ وأين أنتم الطرف الآخر خطابكم واستراتيجيتكم في مواجهة الآخر.. أو ليس في مواجهة معني ضد، لأ، يعني في التحدث في خطاب الآخر؟

د.عصام العريان: أولاً موقفنا من مجموعة (كوبنهاجن) هو الرافض لها.. وليس هذا موقفي كشخص أو كمنتمي لحركة أو كإخوان مسلمين فقط، ولكن كل الشعب المصري تقريبًا باستثناء عدد الأفراد المنضمين لجمعية السلام اللي هي عضو في تحالف (كوبنهاجن) كله يرفض هذه الجمعية

غسان بن جدو: يعني بما فيها المؤتمر الجديد الذي سيعقد في كندا؟

د.عصام العريان: القديم والجديد، هذا الجديد قرأنا عنه اليوم ولا ندري هل سيعقد أم لا يعقد، ولكن هي تحظى برفض كبير، ويوم أن عقدت مؤتمرًا في القاهرة حضره عدد محدود، كان هناك في المقابل مؤتمر أكبر بكثير جدًا حضره مئات ضد هذا.

غسان بن جدو: لكن ألا تعتقد أن هذا الإطار سيحظى بقبول دولي أكبر في ظل مواجهة الإرهاب؟

د.عصام العريان: للأسف الشديد.. أنا لا أعتقد أن هذا إلا تقسيم أدوار داخل المجتمع الصهيوني، هناك من يقتل بالآلة العسكرية، وهناك من يحاول أن يدغدغ رغبات البعض عندنا من الذين ينخدعون بشعارات السلام الصهيونية..

غسان بن جدو: نعم.

د.عصام العريان: أما مخاطبتنا للرأي العام العالمي فأنا أعتقد أننا نريد من العالم أن يحترمنا كأمة، كدين، كثقافة، أن يحترم التعددية التي يؤمن بها، هو ينادي بالتعددية وينادي بالديمقراطية، لماذا لا يحترمون وجود أمم أخرى في العالم؟ لها ثقافات.. لها حضارات..

غسان بن جدو: طيب، كيف يحترمونك إذا لم تثبت ذاتك؟ يعني هي القضية ليست أن تقول لهم احترموني، لأ، يجب أن تفرض ذاتك.

د. عصام العريان: هذا صحيح.. أنت.. أنت معك حق.. وهذه الأمة تجاهد منذ قرن من الزمان.. تحررت من الاستعمار والاحتلال العسكري وهي الآن تستمر في جهادها لتحقق استقلالها الحقيقي، لأن أنا أعتقد.. والأخوان يعتقدون أن استقلالنا الحقيقي لن يتم إلا إذا تحقق استقلالنا بتحقيق هويتنا الحضارية، هويتنا الحضارية الإسلامية والمسيحية التي عاش فيها.. عاش معها.. صنعها معنا المسيحيون.. هذه هوية هذه الأمة.. ولذلك هذا الاحترام المتبادل هو أقل ما يجب أن يكون، وهو لن يتحقق إلا إذا فرضناه نحن على الآخرين –كما تقول- ولكن في البداية لا يمنع أن نخاطبهم باللغة التي يفهمونها لكي يتحقق هذا الاحترام.

غسان بن جدو: لم يبق من وقت البرنامج سوى دقائق معدودة –بعناوين مختصرة سيادة الأب ما هي الرسالة التي تريدون توجيهها إلى القمة العربية في بيروت؟ العناوين الأساسية- ماذا تريدون منها؟

د.عطا الله حنا: رسالتنا إلى القمة العربية هي رسالة واضحة نريد موقفًا عمليًا تجاه الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع، لا يكفي البيانات ولا تكفي الكلمات آن لنا أن نتحرك ميدانياً، وآن للقادة العرب وللقمة العربية.. يعني نحن قبل.. قبل أيام عندما كنت في.. في أحد الاجتماعات في القدس سمعت من أحد الإخوان من قال لي: نحن لا نتوقع شيئاً سوى بيان يُقرأ في نهاية الاجتماع على وسائل الإعلام. أنا أعتقد بأن ما نتوقعه من قمة بيروت ليس فقط بيانات وليس فقط كلمات، نريد ما هو أكثر من ذلك وما هو أعمق من ذلك وما هو أهم من ذلك، أنا لا أقلل من قيمة البيانات ومن قيمة المواقف التي يجب أن تكون داعمة للحق الفلسطيني، ولكن وجب أن يكون هناك دعم سياسي، لقد أنعم الله علينا كأمة عربية وإسلامية بثروات كبيرة يجب أن نسخرها في خدمة قضايانا الوطنية وأهمها قضية القدس وقضية الشعب الفلسطيني.

غسان بن جدو: دكتور عصام العريان.. ما هي الرسالة التي تودون توجيهها إلى القمة العربية؟

د.عصام العريان: أنا أريد من القمة العربية أن توصِّل.

غسان بن جدو: ليس أنت.. نحن أتحدث عن النخبة عن أهداف عربية الشعبية.

غسان بن جدو: أنا أعتقد أن المؤتمر الذي سيعقد غدًا وبعد غد الخميس والجمعة في بيروت المؤتمر العربي العام والذي سيحضره من كل الدول العربية نُخب وقادة ونقابيون وسياسيون ومفكرون.. يريد من الأمة العربية أن توصل موقف الشعبي العربي الواضح إلى العالم كله وهذا الموقف يتلخص في دعم الانتفاضة والمقاومة في فلسطين على كل المستويات لكي تنتصر إرادة الشعب الفلسطيني. أيضًا التعبير عن حق الأمة في المقاومة والانتفاضة دفاعًا عن نفسها وعدم الخلط بين هذا الحق وبين ما يسمي بالإرهاب. المقاطعة الشاملة للعدو الصهيوني والمتعاملين معه، أن نقول لا للسياسة الأميركية المنحازة بكل قوة وحسم ووضوح. أن نقول لا لضرب العراق أو أي بلد سواء عربي أو إسلامي أو أي بلد في العالم في إطار الغطرسة الأميركية وهذه السياسة المنحازة. أن نقول نعم للتضامن العربي المشترك على كل المستويات وبالذات تطبيق معاهدة الدفاع العربي المشترك واتفاقيات السوق العربية المشتركة. أن نقول نعم للمصالحة الشاملة بين الأقطار العربية كلها.. كفانا خلافات..فلنركز همومنا على تحقيق دعم للشعب الفلسطيني.

غسان بن جدو: شكرًا لك يا دكتور عصام العريان (القيادي البارز في حركة الإخوان المسلمين في مصر)، شكرا لك يا سيادة الأب، عطاء الله.. الدكتور عطا الله حنا (الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية) الذي شرفنا بالحضور واخترق الحصار وجاء إلى بيروت. شكر لكم أعزاءنا المشاهدين على حسن المتابعة، أود أن أوجه تحية خاصة وخاصة جداً إلى فريق (الجزيرة) في فلسطين، الذي يعاني ليس فقط الحصار، ولكن التهديد بحياته تحية خاصة إلى كل زملائي في قناة (الجزيرة) في فلسطين، مع التحية إلى فريق الجزيرة، هنا في.. في بيروت لينا رضوان وسمير أزان، وتحية خاصة إلى المخرج المتألق في الدوحة فريد الجابري ومعد الحلقة أحمد الشولي.

شكراً لكم أعزاءنا المشاهدين على حسن المتابعة، وإلى لقاء آخر بإذن الله، في أمان الله.