يوميات مقاتل

من جنة سولو إلى جبهة تحرير مورو.. قصة المقاتل الفلبيني علي ذو الكفل

في مقاطعة سولو بجنوب الفلبين، يرصد برنامج “يوميات مقاتل” قصة حياة رجل اختار طريقه للنضال من أجل شعبه وموطنه، حيث يروي لنا رحلته من طفولة محفوفة بالتحديات حتى أصبح قائدا بجبهة تحرير مورو الوطنية.

تستعرض الحلقة التي يمكن مشاهدتها كاملة في منصة الجزيرة 360 عبر هذا الرابط، جوانب من حياة المقاتل الفلبيني علي ذو الكفل التي يستهلها بالحديث عن موطنه "بارانغي كامبينغ" تلك الجنة الصغيرة التي شكلت وجدانه وهويته.

ويقول علي "هنا مسقط رأسي، هذا المكان جنة لي"، حيث يصف بحرا زاخرا بالأسماك، وجبالا يمكن بلوغها سيرا على الأقدام، وأشجارا مثمرة توفر الغذاء حتى لمن لا يملك المال.

وينتقل بنا علي بذكريات طفولته، إذ يستحضر صورة الجسر الذي كان يركض عليه مع إخوته، متحديا خطر الانزلاق والسقوط، وتتداخل هذه الذكريات البريئة مع واقع أكثر قسوة، ويصف كيف يكسب أهل قريته رزقهم من زراعة الأعشاب البحرية وصيد الأسماك.

ويتحدث علي عن حبه العميق لوطنه، ذلك الحب الذي تجذر فيه منذ نعومة أظفاره، لكن هذا الحب يصطدم بواقع مرير من الفقر والحرمان.

من الرسم إلى الجبهة

يروي علي كيف حالت ظروفه المادية دون تحقيق حلمه في أن يصبح مهندسا معماريا، رغم موهبته في الرسم، وينتقل بالحديث عن نضاله الحالي، قائلا "إننا نحمل على كواهلنا عبء الجبهة الوطنية لتحرير مورو وتطلعاتها".

ويؤكد أنه لا يمكن أن يحيا كشخص عادي، فكلما زاد الظلم والاضطهاد، زادت مقاومته، ويضيف "نحن لا نقترف فعلا خاطئا، بل نكافح من أجل حقوقنا فحسب".

تأخذنا رحلة علي إلى أيام دراسته، حيث يتذكر الجوائز التحفيزية التي حصل عليها رغم الصعوبات الجمة التي واجهها بسبب الفقر، لكن هذه الذكريات تتداخل مع قصص مؤلمة عن إهمال الحكومة لتعليم أطفال مجتمعه، وعن صديق له تعرض للاعتقال والتعذيب العشوائي على يد الجيش.

ويصف علي معاناة شعبه من اضطهاد الجيش، حتى في أقدس لحظاتهم الدينية، مثل قصف المساجد، وقد أشعرته هذه الممارسات بأنه هو وشعبه لا قيمة لهم، ثم يضيف "سولو ملك لنا، ملك شعب التاوسوغ، لكنهم يتصرفون كما لو كانت لهم".

وتتصاعد المأساة في حياة علي مع وصفه لحادثة مقتل والده، وذلك عندما كان في الصف الثالث حين سمع أن والده أصيب بالرصاص، ويصف المشهد المؤلم الذي لا يفارق مخيلته عندما نُقل والده إلى المستشفى حيث فارق الحياة هناك.

ويربط علي بين نضال شعبه ونضال الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أوجه الشبه في المعاناة والاحتلال، حيث يكشف هذا الربط عن وعي عميق بقضايا العالم وإحساس بالتضامن مع الشعوب المضطهدة. ثم يتحدث عن استعداده للشهادة في سبيل قضيته، معبرا عن إيمانه العميق بقدسية نضاله.

حصار زامبوانغا

يستذكر تجربته المريرة في حصار زامبوانغا، واصفا إياها بحلم صعب النسيان، ويتحدث عن الإصابة التي تعرض لها، وعن فقدانه لأخيه في تلك المعركة، وكيف عمقت هذه التجربة القاسية إيمانه بقضيته وقوت عزيمته على مواصلة النضال.

وخلال الحلقة، تحدثت والدته جاما جيكيري، عن طفولة علي وكيف كان طفلا ذكيا وهادئا، ورغم الفقر وفقدانه لوالده في سن مبكرة، فإنها كانت تحرص على تربيته بقيم القوة والصبر.

أما زوجته منيزة مالك فتعبر عن فخرها بزوجها، فرغم العيش الصعب في الجبال، فإنها ترى في علي مثالا للرجل المحب والمناضل من أجل الحرية، وتحلم بأن يتبع أطفالها نفس الطريق الذي سار عليه والدهم، وتعتبر أن الكفاح من أجل الحرية هو الإرث الحقيقي الذي سيتركونه لأبنائهم.

ويعلق الدكتور جولكيبلي وادي، عميد برنامج الدراسات الإسلامية بجامعة الفلبين، على مدى تأثير التاريخ الاستعماري على حياة المسلمين في الفلبين، فالحياة في ظل الحروب أصبحت بالنسبة لشعب "مورو" جزءا من واقعهم اليومي، حيث لم يعد لديهم ما يخسرونه.

بينما تتحدث الصحفية جميلة اليندوغان عن الجرائم والمجازر التي ارتُكبت بحق المسلمين على مدى عقود، فالمسلمون في الفلبين، الذين يشكلون أقلية، يشعرون بأنهم مجبرون على حمل السلاح نتيجة اليأس وفقدان الثقة في الحكومة.

وتأسست جبهة تحرير مورو الوطنية في بداية السبعينيات على يد "نور ميسواري"، في محاولة لنيل حكم ذاتي أوسع لمنطقة "مينداناو"، لكن رغم توقيع اتفاقية سلام في 1996، لا تزال الجبهة تناضل من أجل تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل.